آخر 10 مشاركات
وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree306Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-10-18, 10:00 PM   #1801

ام سليم المراعبه

? العضوٌ??? » 342138
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 568
?  نُقآطِيْ » ام سليم المراعبه is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضورررر 😘

ام سليم المراعبه متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 10:06 PM   #1802

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووور... بانتظار ابداعك بكل شوق يعطيكي العافية وربي يسعدك قد ماانتي ملتزمة معانا بمواعيد الفصول وواثقين فيكي للاخر...

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 10:22 PM   #1803

amira bacha

? العضوٌ??? » 395233
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 282
?  نُقآطِيْ » amira bacha is on a distinguished road
افتراضي

تسجيييل الحضووووور..........لسقي مشاعرنا الجافة

amira bacha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 10:51 PM   #1804

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضور وينك ساندي

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 11:06 PM   #1805

r_501

? العضوٌ??? » 327960
?  التسِجيلٌ » Oct 2014
? مشَارَ?اتْي » 557
?  نُقآطِيْ » r_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond reputer_501 has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيييييييل حضووووووووووووووور

r_501 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 11:19 PM   #1806

kokokeke
 
الصورة الرمزية kokokeke

? العضوٌ??? » 415811
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » kokokeke is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظاااااااااارك

kokokeke غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 11:55 PM   #1807

lovemanga
 
الصورة الرمزية lovemanga

? العضوٌ??? » 129001
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 496
?  نُقآطِيْ » lovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيييييييل حضووووووووووووووور

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 90 ( الأعضاء 51 والزوار 39) ‏lovemanga, ‏مليكة النجوم, ‏nes2013, ‏Chaimaalb, ‏MS_1993, ‏miss u both, ‏بيون نانا, ‏وعد الحر دين, ‏طوطه, ‏aya taha, ‏métallurgier, ‏mimi39, ‏نور نورسين, ‏مارينا جمال, ‏Raghad3060, ‏SOL@RA, ‏jassminflower73, ‏نوراني, ‏غفران1983, ‏ياسمينة اشرف, ‏aa elkordi, ‏k_meri, ‏Time Out, ‏أم الريان, ‏wiamrima, ‏noof11, ‏naddou, ‏هبه صلاح, ‏samam1, ‏kokokeke, ‏yara nanita, ‏Ghufrank, ‏الروح الهائمه, ‏Raheeek, ‏r_501, ‏لامار جودت, ‏تالا الاموره, ‏شموسه3, ‏زهرةالكون, ‏لمار الحلوة, ‏رودينا ابراهيم, ‏Acaars, ‏الذهب, ‏بنت ابووووووها, ‏ayaammar, ‏نور كان بيروت, ‏زنبقة الماء 22, ‏ام سليم المراعبه, ‏mira maram, ‏Kawther18, ‏محمد ثابت


lovemanga غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-18, 12:00 AM   #1808

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
Elk

مساء الخير

اليوم بداية العقد الثالث من الرواية .. لكني لا اعرف ان كان عقدا أم أقل
لكن اليوم بدأنا العد التنازلي للختام .. لا اعرف سيكون من 10 أم 7 أم 5 حتى يصل لصفر الخاتمة

لكني اشكر من قلبي كل مَن مر هنا .. كل مَن قرأ لي .. كل مَن قال لي كلمة جميلة أو نقد بناء
شكرا لوقتكم ودعمكم

( يفضل قراءة اخر مشهدين من الفصل السابق حتى تستعيدوا احساسكم بليلة الابطال الصاخبة )


شكرا انجوانا



شكرا نسرين









التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 16-10-18 الساعة 12:42 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 16-10-18, 12:12 AM   #1809

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الفصل الحادي والثلاثون


لحظته هو كانت غضبا خالصا امتزج بجنون مهول ونيران الجحيم تتراقص أمام عينيه النارية ..
لحظته حملت سيفا شق جسده نصفين .. نصف يتمزق ألما .. ونصف يعربد وحشا .. وحش أراد امتصاص روحها هذه اللحظة ..
وحش دخل ذاك الجحيم ثم خرج منه مغطى بقذائف النيران وكانت تنطلق بوجهيهما معا ..
وبكل هذا التوحش كان يبعد هذا الضخم عنها ليكيل له اللكمات دون أن يبصر .. لم يكن يرى ملامحه ولا يهتم .. الدماء المتفجرة من أنفه وفمه ترضيه وتزيده توقا لمزيد من الدماء ..
همجية تسري بدمائه فيتضخم جسده عنفا وتزيد قوة قبضتيه والشاب لا يستطيع إيقافه ..
تتراجع قمر منكمشة على السرير تشهق باكية تضم جسدها بذراعيها وهى أكثر من ممتنة لوصوله بهذا التوقيت .. دائما حمزة هنا .. حولها .. قدرها ولا تدرك الآن ما القادم معه ؟..
تسمع أنفاسه الثائرة وصدره يضخها ضربا بزمجرته الشرسة والشاب يترنح بين يديه فاقدا الوعي وهو لا زال يضربه ..
بنظرة لوجهه الأحمر والغضب العاصف به تزداد دموعها وهو سيقتله لا محالة .. غضبا مجنونا لم تره يوما وكل عروقه تنفر وعضلاته تزداد حجما ..
وهى .. هى تبكي متكومة على نفسها تلعن مَن أتت بها إلي هنا غافلة
أنها هى مَن استجابت إليها بكل حمق الدنيا ..
ألقى حمزة جسد الشاب أرضا بعد أن اختفت ملامحه تماما بدمائه وهو لا يدرك فقدانه الوعي فيركله بشراسة صارخا باهتياج فيختض جسدها بحرقة البكاء ..
حتى التفت ينظر إليها لاهثا فتبدو الدماء ستتفجر من وجهه .. كان وحشا .. وحشا بعينيه مهولتي الهذيان الأسود يزأر لكرامته وكل غضب الأيام السابقة بكفة وغضبه اليوم بما رأى بكفة وكان يأخذ بحق الكفتين ..
لا تعلم كيف مال قابضا على شعرها وما أدركت سوى صراخها وهو يصفعها بلا وعي ..
صفعة والثانية والثالثة وووو... وما تسمع سوى صراخها الممتزج بصرخاته الوحشية التي ميزتها شتائم لم تسمع مثلها يوما ..
وما شعرت سوى بالدوار يلفها والدموع تعمي عينيها .. كانت تتلاشى بين يديه .. أنفاسها تهدأ وشهقاتها المخيفة تخبو وتغمض عينيها بوجعها الرهيب ..
يداه الخشنة بكل العنف تضربها تمزق من لحمها حتى شعرت بخيط من الدماء يسيل من شفتها السفلى .. وكانت راضية .. راضية أن يفعل بها ما يشاء فلا تجد كبرياء يتمنع ولا كرامة تئن ..
تتحمل الألم بكل جسدها فلا تصرخ لأنها سمعت أنينه هو بصرخاته البدائية .. لأول مرة أرادته أن يأخذ حقه فيها .. أرادته أن يرتاح إن كان موتها على يديه سيريحه ..
بعد كل ما فعلت به كانت تدرك أنه يأخذ ثمن كل شئ .. ولا زال يصفعها حتى تورم وجهها الأحمر ودموعها تحرقها على سخونته الملتهبة ..
اختفت ملامحها بشعرها الملتصق على وجهها بالدموع والدماء ..
وبعدها لم تدرك سوى أنه يجرها من شعرها خلفه فيتخطى بها جموع الواقفين تشاهد عند باب الغرفة ولا أحد يتدخل .. تنزل معه الدرج فتسقط وتجرح ركبتيها لتزداد قبضته عنفا على شعرها حتى شعرت ببعضه يقتلع في يديه وهو يسحبها كما صرخ بشتمها تماما

" حيواااااانة "

حتى أدخلها سيارته يكومها كالخرقة البالية.



بعد ساعة .. منزل سليمان العامري

تنظر له شمس باستجداء للتفهم بعد أن تناولوا العشاء لكنه يمتنع عن النظر إليها بعد قوله المقتضب حين دخل من الحديقة غاضبا

" لنا كلام في بيتنا "

لا تعرف ماذا ستشرح له وكيف ستقولها ؟.. لما قبل هذه الدقائق كان يظن أنه حبها الأول فكيف تخيب أمله الذي يتصبر به أنه ليس زوجها الأول ؟..
تشعر به حين يكون معها يجعلها تنظر لعينيه هو فينسيها ما كان قبله يوما بعيدا .. كأنه بتلك النظرة الفريدة يتأكد أنها لا تتذكر سوى لمسته هو .. صوته هو .. رائحته هو .. وأنفاسه هو ..
يتداخل فيها ومعها وهى لا تعرف كيف تخبرها له صريحة أنها بالفعل لم تعد تتذكر ما كان .. لكنها بحدس الأنثى تخبره وهو يفهم ..
والآن .. أتقولها بوجهه ؟ .. لست حبي الأول وأحببت قبلك ذاك الذي رأيته يعتذر لي نادما.
تتكسر أفكارها بالطرقات العنيفة على باب المنزل فيهب الجميع واقفين حتى اندفع أكمل يفتح الباب متحفزا ..
يتراجع خطوة متسع العينين وحمزة يدخل هائجا قابضا على قمر من شعرها لا يبصر أمامه بالضجيج الصاخب برأسه يبحث عن عمه بعينيه حتى وجده فيلقيها أمامه وسليمان يهتف مذهولا مهتاجا بصوته الجهوري الصارم

" حمزة !! .. ماذا يحدث ؟! .. كيف تفعل هذا ؟ "

صرخ حمزة بأعلى صوته

" ها هى ابنتك .. أحضرتها من بين أحضان رجل آخر "

سكون بغيض حل على الجميع والصدمة تلجمهم كأن على رؤوسهم الطير..
تتسع أعينهم والصرخة تمزقهم بالعار وشر الفضيحة ..
نجوى ضغطها يرتفع شاعرة برأسها سينفجر وصوتها لا يخرج حتى بالعويل ..
صدر سليمان يتقطع بسكاكين والدماء تندفع في عروقه حارة حتى النخاع والذكرى تلسع عقله .. شمس التي شاهدها بمثل هذا الموقف يوم صباحيتها .. لكنه وقف لا يستطيع الحراك وجسده بحالة شلل تامة ..
تشهق شمس تغطي فمها بيدها عجزا وهى تحدق بقمر المنهارة أرضا بحالتها المزرية تختض ببكائها الصامت ..
آثار الصفعات واضحة على وجهها وعلامات أصابعه على ذراعيها المكشوفين من بلوزتها الزرقاء .. تعرف حمزة حين يغضب لا يرى أمامه فيُلغي عقله ويتصرف بعنف يديه ..
لا تقدر على سؤال نفسها .. أيمكن ما يقوله ؟..
بينما ظل أكمل في وقفته عند الباب المفتوح عاقدا حاجبيه ينظر للصدمة التي تراءت على وجوه الجميع ..
ينظر لقمر بهذا الذل أمامه فيتذكر قولها أول لقاء بينهما ..
لا أحد يجبر قمر العامري على ما لا تريده ..
وبطريقة ما يشعر أنه أخذ حقه تماما !.. لا يهمه كثيرا ما سيحدث لها .. كل ما يهمه بالأمر صدمة شمس ودموعها الغالية ..
ولا يمكن لأحد أن يلوم هذا الجانب منه .. شمس نفسها تعلم أن كرامته أغلى عنده من أي شخص بالعالم .. ولن ينسَ يوما أن قمر تلاعبت به ..
للحظة تأخذ أخرى مكان قمر فيتخيلها هنا تبكي ندما .. تُرَى كيف كان رد فعلها حين سمعت أن ( صبي القهوة ) صار صاحب شركة من أهم شركات الدعاية والاعلان بالبلد ؟!.. وماذا كان رد فعل والدتها التي قالت عنه هذا ؟!.. ربما ذبحة صدرية أو إصابة بمرض السكري قهرا تكفيه !!.
أما حمزة فقد اكتفى من حفظ العائلة وسمعتها كما سبق .. لكن الفضيحة بقدر ما شفت غليله بقدر ما أشعلت به نيران أخرى يستعر بها ..
واقفا همجيا قاسيا شرسا ينظر لها لا يصدق أنها فعلت به هذا ..
يرى حبه كله يسقط جوارها في هوة سوداء بلا أعماق .. وتلك النار المتقدة به تحرق كل ذلك الحب الذي حفظه لها ..
النهاية ترفرف حولهما تحجبها عنه وتحجبه عنها .. تئد أنفاسه وتمزق ذلك الفؤاد المتلوع بالخيانة ..
بكل ازدراء الدنيا تطلق شفتاه رصاصا على كل ما بينهما

" أنتِ طالق .. طالق "

وسط الضياع تشعر بمخالبه انتزعت قلبها من صدرها واعتصره بقبضته ..
بكاؤها يتوقف وشفتاها تفترق بالموت البطئ الذي يذبح عمرها فتشهق نفسا طويلا وهى تشعر به يغادر ..
يقترب أكمل من شمس المصدومة مكانها فيمد لها يده قائلا بحزم

" هيا يا شمس "

لحظات تمر والقلوب تنبض هلعا مشدوها ثم أدارت رأسها ببطء تنظر لكفه الممدودة إليها ثم ترفع عينيها إليه ..
عاجزة خائفة تقابل عينيه فتلين ملامحه قليلا مع صوته

" هيا "

تدير شمس وجهها تنظر لوالديها الصامتين المفجوعين بالمصيبة فتكاد قدماها الانهيار لا تعرف ماذا تفعل ؟..
عقلها يتوقف عن التفكير بلحظة ما نظرت لكف أكمل مجددا قبل أن ترفع يدها ببطء تضعها به فيطبق عليها برفق ليأخذها ويرحل ..
وتظل قمر روحها تُسحَب منها ورأسها يبدأ بالاهتزاز هيستيريا وهى تفيق فجأة من كل التخبط فتنطق شفتاها مكررة

" لا .. لا .. لا "

تكررها وتكررها وجسدها يختض بردا وخوفا ودوارا وعيناها تموتان حتى وقفت على قدميها فجأة بتعثر لتركض خارجة من المنزل تتلفت حولها بحثا عنه ..
لا ترى أمامها وسط الظلام وعيناها المشوشة بالدموع الحارقة فتخطو بارتعاش وهى ما زالت تكرر أنين اللا ..
حرفان يخرجان من مكنون صدرها وقلبها ينادي حبيبا ضاع منها فلا يخرج لها صوتا سوى التأوه ..
وما إن رأته لا زال واقفا بجوار سيارته حتى صرخت بكل ما تبقى من صوتها المبحوح

" حمزة "

واقفا ينظر للسيارة الحمراء كشعرها وجسده يرتجف انفعالا لا يستطيع القيادة .. هو الذي تعود شق الطرقات السريعة بمهارته لأول مرة كان يشعر .. بالعجز ..
وسط النيران ورغبته بالصراخ لأول مرة بحياته يريد أن .. أن يبكي ..
يبكي قلبه على حبيبة هربت منه وخانته .. أحضرها من بين أحضان آخر ..
وجع يشطر هذا القلب وشظايا النيران تجرح صدره بضربات مباغتة ..
يسمع صرختها باسمه فتتجمد ملامحه بقسوة وهى تركض نحوه تعرج بساقها المتألمة إثر وقعتها على الدرج حتى وصلت إليه فتهتف بحرقة

" أقسم لك كان يتهجم عليّ .. اسمعني حمزة "

ينظر لملامحها المتوجعة بصفعاته والدماء الجافة على ذقنها فيشعر برغبته لصفعها مجددا وهى تقول بألم الدنيا

" عاقبني على أي شئ .. عاقبني على هروبي وكل أفعالي لكن لا تعاقبني على شئ لم أفعله "

يدها تتشبث بذراعه وهى تواصل كلامها بهدير أنفاسها اللاهث هذيانا محموما بالألم

" أنا غبية وأنانية وجاحدة ولا أستحقك لكني لم أخنك أبدا أقسم بالله "

لا يطيق حمزة لمستها فيدفعها بعنف لتقع أرضا تحت قدميه وحينها تحررت دموع الفراق وهى تتشبث بساقه تقول من بين شهقات البكاء الممزقة لصدرها

" أنا أحبك حمزة .. أعشق التراب الذي تسير عليه "

جاءت متأخرة للغاية .. أجمل حلم وأغلى احساس يقف أمام طلقة رصاص وتحية وداع ..
ذلك الحلم أن تكون له .. منه وفيه .. بنهاية كل ليلة تنام بين ذراعيه .. ببداية كل صباح يفتح عينيه فيراها ..
لا يعرف لماذا شعر أنها المرة الأخيرة التي سيراها بها ؟..
ربما هو الوداع الأخير لحب ما وصفه يوما .. حررها وتحرر معها تلك التي اعتبرها من المسلمات بحياته ..
تقسو عيناه الخضراء وهى تتوقد بخصلاتها النارية المنكبة على حذائه فيقول بكل قسوته

" لكِ إجابة عندي أجلتها طويلا لكن اليوم سأقولها لكِ وأنتِ تذللين لي تحت قدميّ هكذا عسى أن تتحسرِ طوال عمركِ "

كيانه كله هو المتحسر على ما بناه لها وبالنهاية .. خذلته بفجيعة كبرى ..
يشعر أنه خاسر مهزوم .. ما عاد قلبه بمكانه ولا يعلم أين رحل وتركه هنا مطعونا ..
ملامحه تتجمد بالغضب وهو يتابع كلامه بشراسة الخذلان

" سألتني يوم خطبتنا كم تعطي لنفسك في الإخلاص من عشرة ... والإجابة هى عشرة .. منذ أحببتكِ وأنا لم أرد سواكِ "

أنينها يرتفع وشهقاتها تتفجر وهى تتشبث بساقه أكثر تتوسله غفرانا تعرف أنه محال المنال ..
أمامه مكسورة مذلولة وبكل غضبه يدفعها بعيدا بحذائه قائلا بتوحش ملامحه

" اليوم لا أريد أن أرى وجهكِ مجددا "

يلتف حول سيارته فيركبها منطلقا بها بجنون سرعته وتتجسد أمام عينيها حياتهما الطويلة فما يتوقف البكاء ..
وهل يكفيها بكاء لرجل رأى فيها بريق الياقوت وتذوق بها طعم التوت ؟..
رجل استنشق منها رائحة الجوري وهى ليست سوى كتلة من الأنانية والعقد النفسية .. كيف رأى فيها إزهارا وحياة ؟..
ذلك الذي رباها وحظى بها بالقمر .. وهى باعت بالرخيص ..
ما عاد ينفعها ندما .. ولا تستحق رحمة ..
يرتفع ساقاها لصدرها على الأرض الصلبة للحديقة وهى تمد أناملها تلمس خدها الساخن حيث صفعات يده ..
ها هى تخلصت منه أخيرا .. فلتفرح .. فلتفرح .. فلتفرح ..
صرخات روحها تزامنت مع صرخة نجوى المفجوعة من داخل البيت

" سليماااااااان "


................................



تقف أمام الباب الزجاجي للشرفة بغرفة نومهما وجهها شاحب وملامحها منطفئة تشعر بالدوار وهى تهمس بصدمة

" هل سمعت ما قاله ؟ "

يتحرك أكمل خلفها دون أن يرد يقترب منها مشفقا عليها رغم حريق صدره المشتعل وهى تهمس مجددا ودموعها تسيل بلا توقف

" يا إلهي .. هل سمعت ؟! "

تضم جسدها بذراعيها وهى تطرق برأسها مرتجفة فتقول بخوف

" أنا ... أنا اشعر بالبرد "

معدتها تؤلمها ومفاصل جسدها مفككة فتشعر أنها ستهوي بأي لحظة ثم تحدث نفسها بلا وعي

" كـ .. كيف تركتهم ؟! .... لابد أن أكون معهم "

تستعيد استيعابها لما حدث فترفع رأسها نحوه وهو يقف جوارها جامدا صامتا تتسائل بأنفاس مختنقة

" كيف جعلتني أتركهم ؟ "

لم تكن تدرك رغبتها بالانسحاب وهو يمد لها يده فانتزعها من هوة الصدمة .. لأول مرة تشعر أنها أنانية ولا تريد وجودها معهم ..
لا تريد هذا الشعور القاتل بالكارثة التي حلت عليهم .. ولمَ تحل عليها بعد كل ما عانته وقمر تعيش حياتها ؟!..
فلتتحملها قمر تماما جزاءا لها وتعاني الآن وهى .. تعيش حياتها معه .. هنا تعيش بمنتهى السعادة تعطيه كل ما بوسعها .. فلتكن أنانية مرة واحدة وتفضل نفسها على الآخرين ..
ورغم كل ما تشعر به التفتت تقول من بين بكائها

" سأذهب إليهم "

يمنعها أكمل بذراعه فتنظر إلي عينيه العاصفتين بالسؤال

" مَن هذا الذي قابلتِه بالحديقة ؟ .. ماذا يعني أنه مدين لكِ باعتذار وكنتِ تعلمين حاجته وقتها ؟ "

تمسح شمس دموعها تضيق عيناها مذهولة وقلبها يطرق صخبا وهى تسأله بصوت مرتفع

" أنا في ماذا وأنت في ماذا ؟! .. ألا ترى ما نحن فيه ؟ "

يعلو صوته فوق صوتها قابضا على ذراعها يهزها هادرا

" أجيبيني "

أجفلت شمس ناظرة لملامحه الغاضبة تعود أفكارها لما كانت قبل ما حدث فيتجمع كل ما رأته اليوم منذ رأت جلال لتصيح فجأة

" أختي عادت مطلقة والله اعلم بحالة أبي وأمي الآن وأنت فيمَ تسأل ؟ "

لكن الحريق يستعر والقلب يشتعل وهو يتسائل عن ماهية الحاجة التي كانت تعلمها عن ابن السائق .. ماذا كان بينهما ليتكلم معها هكذا ؟..
لولا أنه علم بالصدفة من والدتها أن ابن فتحي هذا عاد من سفره فخرج ليرها حتى لا تكون وحدها معهما لما كان سمع ما دار بينهما ..
يتعكر وجهه فتطفو سيطرته وغروره وقسوته وهو يصرخ فيها

" كنتِ تحبينه .. لست أول زوج بحياتكِ .. ولست أول مَن امتلك قلبكِ "

صراخه يمتزج بتزلزل القلب الغافل أنه ليس الأول وأصابعه تنغرس في أعلى ذراعها حتى تركت أثرا آلمها ..
شعورا بغيضا يطول كرامته أنها .. أنها استغفلته .. كره شعوره وكرهها لحظة ثم عاد قلبه يدق مذبوحا في هواها ..
صامدة أمامه لا تعرف بمَ يفكر بها خاصة بعد ما رآه من قمر منذ قليل فيعاود أكمل قوله بفقدان سيطرة مجنون

" كنتِ تحبينه "

تشعر أن سعادتها تنسل من يدها فيتكالب عليها ألما وهزيمة وهى تفجر كل هذا بوجهه ناظرة لأعماق عينيه الهادرة

" نعم أحببته .. أحببته "

لم يكن بعد ما قالته تراجع فتقسو عيناها بما كان بينهما الأسبوع الماضي قائلة بلا اهتمام بارد قاس

" أحببته منذ سنوات وانتهى الأمر علام تحاسبني ؟ .. أنت أيضا تزوجت قبلي وأحببت قبلي ... كلانا متساويان "

تنظر له بتحد فيقابل نظرتها بملامح متهورة الغضب وذلك البريق بعينيه يخيفها ..
تسمع هدير أنفاسه الرعدية وهو يحاول تمالك أعصابه فتشتد قبضته على ذراعها متسائلا بتصلب شرس

" أحببتِه ؟ "

ترد شمس بنبرة لاذعة وهى تتذكر تلك الشقراء فتمعن بتعذيبه أكثر

" نعم أحببته بكل ما كنت أملك من عاطفة في ذلك الوقت "

عيناه برقتا كالجليد بظلام محيط انسدل الليل عليه فيتصاعد جنونه وهو يغرس أصابعه أكثر فتتأوه شمس وهى تسمع سؤاله من بين أسنانه بشراسة

" لماذا لم تخبرينى ؟ "

تتألم ملامحها وهى تخلص ذراعها من يده فلا تستطيع ثم ترد ساخرة بقوله السابق

" صفحة وانطوت "

أنفاسها تحتد وهى تراه ليس بحالته الطبيعية لكنها أيضا لم تكن بحالتها بعدما حدث اليوم ..
يده تبعد عن ذراعها بإرادة كبريائه المتباعد فتشعر بصقيع عينيه لكنها تتهكم بقسوة الغيرة

" أنت أيضا لم تكن ستخبرني لولا أنها قالت بنفسها أمامي أنها كانت زوجتك .. ليس من حقك أن تحاسبني على الماضي "

لكنه لم يكن يحاسبها .. لم يكن يفكر إلا أن المرأة الوحيدة التي أحبها لهذه الدرجة لم يكن أول مَن وصل إليها في أي شئ .. جميعهم أخذ منها بداية من والدها وحتى حبيب سابق ثم زوج سابق ثم طفل سابق ..
عيناه بعينيها بغضبه وجنون تشبثه ورغبته بمحو الماضي وغيرتها وقسوتها وصدمتها برؤية جلال وقمر ..
تومض بداخله أحاسيس الخيبة والرفض بضراوة .. إن كان تقبل أن غيره امتلكها بدعوى موته فلا يعرف إن كان سيتقبل وجود حبيبها السابق على قيد الحياة..
هكذا هو ولا يستطيع منع هذا الاحساس .. رغبته أن يكون الأول بكل شئ .. مصدره كبرياءه أو غروره لا يهم ..
لكن احساسا آخر يومض بلهب أكثر توسعا والعشق يمزق من شرايينه لتتناثر دمائه الحاملة اسمها وحدها ولا جامع لها سواها ..
تشتد شفتاه كوتر حاد قبل أن يهمس كاتما انفعاله

" أحببتِه ؟ "

استدارت تواجه الشرفة وظلام الليل أمامها فترد بقوة هجومية مفاجئة شوشت أعماقها

" أحببته وكأن الكون كله متوقف على هذا الحب "

عاد يمسك ذراعها يحفر في لحمها وهو يقول بخشونة مهتاجة رغم انخفاض صوته

" اخرسي "

عقلها يفلت منها في ذكريات قديمة تعبر بها بوابة جحيمها السابق بين خضوع لحب وانتقام لكرامة بهروب شنيع ..
تغيم عيناها البنيتان بالظلام أمامها والبرودة تعاود جسدها فتقول بخفوت متألم

" انتهى الموضوع ... لا تعذب نفسك بالاسئلة "

العذاب كان تلك الإرادة بداخله أن يعرف .. يقتحم تلك الأسرار ويفتح قلبها على مصراعيه وبعدها يأمره ألا يدق بحب سوى حبه ..
هى الجنون الذي قلب حياته الجليدية لموقد نيران .. الآن قلبه يحتضر يشعرها تشققه وما قالت له أحبك .. قالتها لغيره ..
وهو ما له سوى اعترافات كثيرة ضمن قصة حبهما الكبيرة .. كل القصص في حياته كانت عابرة .. وما توقف إلا عندها هى .. محطته الأخيرة ..
يعرف أن ماضيها ملكها وهو رضى لكن .. أمنية القلب ضاعت سدى ..
يعيد كلامهما ويده تبعد عنها في قبضة متشنجة تركت علاماتها على راحتها يستنتج بما سمعه

" رحل وترككِ .. لذلك قلتِ ما قلتِه لابنته "

تغمض عينيها بوجيعة كرامتها الذابلة التي شعرتها اليوم تتنفس بندم عينيه وهو يعتذر لها بينما تسمع سؤال أكمل المجروح

" بماذا شعرتِ عندما رحل ؟ "

تشعر بالانهاك راغبة بالنوم الطويل هروبا ونسيانا فترد بكآبة

" كل هذا انتهى أكمل "

تتألم لتلك الخيبة التي تنضح من جسده الضخم جوارها شررا وهو كعادته يريد أن يقبض على كل شئ فيعيد سؤاله هادرا بغضب بالمعرفة

" بماذا شعرتِ حين تركك ؟ "

ينتفض جسدها وهو يحاصرها بغضبه فلا تجد سبيلا سوى أن تعيد الذكرى .. تكررها لذهنها فترتفع يداها تغطي أذنيها وصوت بكائها ليلة رحيله يمزقها ..
يا إلهي .. كم أحبته وتعذبت وتمزقت .. كم تخلت عن كرامتها لأجله ..
صوتها يسقط ضائعا معذبا مطاردا به هو الذي تتمنى الآن لو تختبئ بحضنه

" عذاب ... عذبني وأحرق قلبي لوعة .. عرفت ألم الفراق كيف يكون ... طوال الوقت بعدها وأنا أكره نفسي وألومها على ما فعلته بكرامتي وكبريائي وأنا أسقطهم تحت قدميه ليدهسهم بقسوته .. كنت أتوسله ألا يرحل .. ليبقى معي .... "

يقاطعها أكمل صارخا بجنون كلماتها وهو يديرها نحوه

" كفى "

لكنها كانت سيلا موجوعا وفُتِحَ حاجزه ليطلق وجعه الأخير على مَن يستمع لها دائما ..
لم تشعر بدموعها على نفسها فتتعذب بما كان وتحترق وهى تصرخ باكية

" انتقمت من نفسي ووافقت على عبد الخالق بعدها بعقلي ... كنت انتقم لكرامتي من نفسي ... من نفسي .... أنا قاسية وحمقاء يا أكمل .. أنا وقمر ... أنا وقمر انتقمنا من أنفسنا .. لم نجد ما نفعله سوى أن نؤذي أنفسنا "

ترى قمر ذليلة أمامها وحمزة يجرها من شعرها يرميها أرضا فتتذكر نفسها .. كم تلف الدنيا لتصير قمر مثلها باتهام مهين في الشرف ..
كلاهما كان يؤذي نفسه بلا إدراك سوى الخلاص الأحمق وبدلا من أن يسعوا لإنقاذ نفسيهما وبناء كيانهما كل منهما هربت بطريقتها ..
كلاهما عقلهما متجمد متعنت لا يعرف كيف يواجه ..
كلاهما متشابهتان حد الهلاك والدموع التي تغرق وجهيهما معا هذه اللحظة ..
بضع خصلات من شعرها تتهدل على جانبي وجهها وهى تتشبث بذراعيه بيديها فتقول بكل الشوق واللهفة

" أنا أحبك أكمل .. أحبك كما لم أعرف الحب يوما .. أنت رجلي الأول والأخير .. أنت فقط .. شعرت بكرامتي وكبريائي أمام نفسي أخيرا معك ... لا تفعل بنا هذا "

كانت تسقط من بين يديه أرضا بركبتيها المرتعشتين وبكائها المتزايد لولا أن حاوطها لصدره المتدفق نبضا مجنونا ..
قالتها اخيرا .. بكل الاشتياق وهى تلجأ لحضنه فتشعر أن الكون لا يساوي سوى هذه اللحظات الذائبة فيه ..
بكل الفراغ بداخلها وهى تشعر أنها تمتلئ به وحده فتتشبث به بوجع ..
وتخفت غيرته الحارقة التي تمزقه كالخناجر وهو يفكر كيف أحبته .. هل لمسها .. كيف كان يصافحها .. كيف كان ينظر إليها .. كيف كانت نظرتها إليه .. كيف كيف ؟..
ذراعاه تشتد حولها حتى شعر بعظامها وهو يدفن وجهه بعنقها يؤكد لنفسه إنها ملكه .. ملكه .. ملكه ..
متعبة بحضنه تتفجر بداخلها المشاعر بدوي عنيف كأن مشاعرها كلها تتحد هذه اللحظة فتصنع مزيجا من الجرح والكره والحب والشوق والغضب ...
لكنها أرادت أن تجمع مشاعرها فتعيد تنظيمها لتعطيه هو ما يستحقه .. لم تعرف وسط كل ما تشعره من تشتت كيف تفعلها ..
لكن صدرها كان مشحونا بما تشعره نحوه دائما فتخبره لمَ تحبه كما لم تعرف الحب يوما

" لن تفهمني أبدا .... لن تفهم ما وصلت إليه معك .... هنا في صدري هذا قلب ظننته مات منذ زمن ... منذ مات ابني أغلقته بقفل مفتاحه ضاع مني ... حتى أتيت أنت .... ولا اعلم أين وجدت مفتاحي الضائع ... ولكن هنا في قلبي مكان لم يُفتَح إلا لك .... ذقت معك ما لم أذقه بحياتي ... كنت قد رضيت بوحدتي وبانتظار خلاصي لألحق بابني .... ولكن أنت .... أنت ... جعلت وحدتي تحتاجك "

تتغضن ملامحها بالألم وهى تبتعد قليلا فتنظر للوجه الذي ما تمل منه مهما أطالت النظر إليه ..
العينان الزرقاوتان الدافئتان ما ترغب بغيرهما وتنسى كل مَن سواه على أبواب عشقه ..
دموعها تسيل بسمائه وصوتها مهتزا تواصل بخيبة أمل

" أبي ... لطالما كان سندي ... بدون قصد منه وبإدعاء الحفاظ عليّ ... شعرت بسندي تهاوى ... رغما عني لم أعد أشعره سندي ... جميع البنات تتمنى أن تتزوج رجل مثل أبيها ... إلا أنا .... لم أتمنى ذلك أبدا "

يحيط أكمل وجهها بكفيه كلما سالت دمعة اختفت بأصابعه وهى تتابع كلامها بعذاب عقوقها الذي حدث رغما عنها

" وتحققت أمنيتي ... أنت النقيض له ... أنت .... أنت أصبحت ... "

تتقطع كلماتها وهى تشعر الكلمة المحفورة داخلها قبل أن تقولها

" أنت السند "

ينظر للشفتين المرتعشتين باحمرارهما بقدر ما أراد تقبيلهما بقدر ما تمزق متذكرا أن شفتيه وصلت إليهما متأخرة ..
الأمر الذي سيطر عليه بغروره سابقا يخرج عن سيطرته باعتذار سخيف قدمه لها مَن تركها قبلا فتعصف الأفكار بعقله تطعنه .. ماذا إن .. إن غلبتها لحظة حنين .. إليه ؟.. ماذا إن تمنت لو كانت تلك الطفلة .. ابنتها ؟..
يده تتحرك من وجهها فتقبض على شعرها بتملك وهى تستطرد بضعف تؤكد له أنها .. له

" أنت الظهر الذي استندت إليه ... لم أستطع منع قلبي أن يجد فيك أمانه .. لم أستطع منع نفسي أن تحتمي فيك .... أنت .... أنت .... أنت ملأتني خوفا بعد أن كنت لا أخاف ولا يفرق معي شئ ... ملأتني خوفا عليك "

شهقة عالية أفلتت منها وهى تشعر بخوفها عليه هذه اللحظة يعلو باحساس قبض قلبها .. أتخاف فراقا ؟!.. ما هذا الاحساس ؟!.. شيئا ما سيحدث ويأخذه منها .. تشعر بذلك منذ مدة طويلة وتكذب احساسها لكن اليوم ..
يأخذها أكمل بحضنه فتعانقه بملء روحها كأنه عناقهما الأخير .. يا إلهي .. لماذا ينقبض قلبها هكذا ؟!..
تصعقه وتزلزل كيانه والقلب عاق لكبرياء يقف هناك حائلا بينهما ..
كبرياءه هو حيث رجولة لا ترضى إلا بالشمس بكل وهجها وآشعتها وجراحها .. تتسائل عن .. عن لمسات غيره لها ..
وكبرياءها هى الخامد باعتراف سند أبيها المتهاوي وغضبها الذي لن يخبو مهما مر العمر ..
هناك فارق كبير بين رجل كـ زوج .. ورجل كـ وطن .. تعرف أنها وطنه ..
لذلك قالتها تحفرها على صدره كما تحفر جسدها

" أنت وطني يا أكمل ... وطني الذي شردت وعدت تائهة فاحتواني وكأني أغلى ما يملك ... معك فقط عرفت قيمتي ... غالية أنا يا أكمل ... غالية "

أغمض أكمل عينيه المعذَبتين يبتلع ريقه بالحجر العالق بحلقه فيقول بكل عشقه لهذه الأنثى

" نعم شمس .. أنتِ الأغلى ... أنتِ الشمس .... نوري ودفئي "

تبتعد شمس قليلا فتتأمل ملامحه الغير مقروءة قائلة

" دعنا ننسى كل ما فات ونبدأ من جديد .. أريد أن أعيش معك .. ولك "

ظل ينظر إليها لحظات فيزيد انقباض قلبها حتى نطق بهدوء شديد

" أريد أن أظل وحدي قليلا يا شمس "

الخوف من كل شئ يمنحها مزيدا من التيه فتقول برجاء

" لا .. لا تتركني .. ليس الليلة .. أنا خائفة .. خائفة .. خائفة مما قد يفعلونه بقمر "

صمت أكمل يشعر بذلك الخوف الحي غريبا بها فيأخذ نفسا طويلا ليخرجه وهو يبتعد إلي سريرهما يجلس عليه مفكرا..
لا زال الغضب هنا والحريق انتهى مخلفا رمادا لاسعا .. يحتاج وقتا ليتقبل أنه الأخير ..
لن يفهم شعوره إلا عاشق تعذَب حتى وصل لما أراده ليجد انه .. انه وصل متأخرا ..
يفك أزرار قميصه السماوي ببطء ثم يخلعه يضعه بنهاية السرير ويرفع ساقيه ببنطاله الجينز ليستند على ظهر السرير والأفكار تلف وتدور تشوش عقله بالاسئلة الخانقة ..
يدير وجهه للجهة الأخرى يتنفس بانتظام مريب وهى تتجه لخزانة ملابسها فتفتحها لتتخفى خلفها تغير ثيابها والخوف يأكلها على قمر لكن .. لن تضعف .. فليحترق منزل سليمان العامري بما سيفعلوه بها لكنها الليلة ستأخذ لنفسها بعضا من أنانية قمر ولن تهتم .. ولن تتصل ..
بطرف عينه يلمحها تنزع وشاحها الفهدي عن عنقها ثم تخلع قميصها العسلي ثم تتحشرج أنفاسه راغبة وبنطالها الجينز ينهار تحت قدميها فتنحني لتأخذه ترتبه في الخزانة ثم ينسدل على جسدها قميصا ناعما بلون الزرع فتتقبض يده على شرشف السرير لايعرف بمَ يرغب تحديدا ..
رغبة بها تناقض رغبة ابتعاد تعلم أنها ستؤذيها بعنف ما يجيش بصدره هذه اللحظة ..
تغلق شمس الخزانة ثم تستدير تتجه للمرآة فتحرر الضفيرة التي صنعها لها قبل خروجهما وهى تفكر كيف فسد اليوم تماما بعد أن ظنت أن لا شئ بالعالم قد يفسده عليهما ..
تتضايق ملامحها فتنظر لحقيبتها على الكرسي الصغير أمامها تفكر لو اخذت هاتفها لتتصل بهم لكن ... هى أيضا كانت في مثل هذا الموقف يوما وقمر ما فعلت لها شيئا سوى منحها سخطا مضاعفا لنفسها وهى تؤنبها كيف سمحت لوالدهما أن يعيدها إلي عبد الخالق بعدما فعله ؟ .. لم تواسيها قمر بكلمة وهى تنعتها بالضعيفة الخَنوع ..ثم تأتي إليها معتذرة ببرود ..
اليوم وقد دارت الأيام هل تكون هى الأفضل لتقف جوارها أم تكون أنانية مثلها ؟!.. حسنا .. فلتكن الأفضل لكن .. غدا ..
فلتمر الليلة بتعبها وإرهاقها النفسي وغدا تذهب إليهم .. على الأقل قمر أقوى منها لكن هى .. لا تتحمل كل هذا بليلة واحدة ..
تحرر شعرها على ظهرها ثم تتجه لزر الضوء فتطفئه لتتجه جوار السرير فتضئ الضوء الخافت ناحية أكمل ثم تلتف حول السرير لتصعد عليه صامتة وتقترب منه تضع رأسها على صدره العاري وخوفها يرجف جسدها لكن ما آلمها أنه ما أحاطها وما أتى بحركة واحدة تطمئن خوفها.


بعد نصف ساعة .. وسط الفوضى التي يشيعها بها يغتالها من كل جهة فتغرق فيه غرقا عاتيا .. حرارته ترتفع وجسده يمارس احتلالا عنيفا فتشهق شمس تحاول إبعاد ثقله عنها

" أكمل ... آآه "

يفيض غضبا يجلدها بقبلات محمومة في منهاج عشق جارف فيتألم جسدها تناديه مرة أخرى برفق لينتبه

" أكمــل "

يده تريد انتزاع قلبها كما تنتزع شفتاه شهقات الغرام بكل العطش .. بكل الجوع .. بكل الشوق يهذي بجنون بأذنها

" قوليها مجددا .. قولي أني الرجل الأول بحياتكِ .. قولي أني رجلكِ الأول والأخير "

كانت تدرك بخشونته أن الغضب يحركه فتمسح بيديها على ظهره هامسة

" أكمل اهدأ "

يداه تشتد وشفتاه تترك آثارها بضراوة ما يشعره فيهمس بهدير أنفاسه

" قووولي "

تتأوه شمس وهى تدفعه قليلا فيعود جاثما على صدرها هامسا باشتعال منفلت

" قولي أنه لم يركِ غيري .. لم يلمسكِ غيري "

مزاجه الحاد المتفرد صعب الإرضاء يستعر وهى تدرك غضبه وغيرته واحتراقه فتهمس له باستكانة مباغتة

" أكمل أنا أختنق "

بلحظة كان يبتعد لاهثا يشد شعره بعنف يغمض عينيه ضاغطا على أسنانه حتى كاد تحطيمها ..
في جحيم كان متخيلا لمسة عابرة لها أو نظرة راغبة لمفاتنها أو كلمة جريئة قالها لها .. يعيش شخص آخر على وجه هذه الدنيا وصل إلي ذلك القلب الذي عبر هو إليه بعد عناء الاشتياق ..
ظلت شمس تلتقط أنفاسها إلي أن نهضت تضع يدها على كتفه فتشعر بتصلب جسده حتى قال بصوت خافت حاد

" قولي أنكِ لم تكونِ هكذا .... معه "

ليس بقول فقط .. بل هى حقا لا تتذكر أي شئ مما فات .. بعد أن اعتاد جسدها الالتحاف بأوراقه والتقيد بأغصانه والارتواء بجذوره ..
ما عادت أوراق الخريف التي سقطت في غمرة الرياح أرضا تعنيها ..
بكل صدقها وعشقها تنطقها وهى تغطي جسدها قابضة على الغطاء عند مفترق صدرها النابض

" لم أكن يوما هكذا في حياتي كلها "

ينظر لوجهها فترى عذاب ملامحه بأفكاره وهو يمنحها نظرات غريبة تلمس ملامحها ومعالم أنوثتها ويده الأخرى تتقبض على شرشف السرير حتى دفع يدها عن كتفه بحدة ثم ينهض ليرتدي ملابسه قائلا بخشونة

" قلت لكِ اتركيني وحدي "

آلمها وهى تطرق برأسها لأول مرة يشعرها أنها امرأة الدرجة الثانية التي خافت دوما أن يرها .. لن ينس أنه ليس الأول .. وليس بحالته الطبيعية المتفهمة ربما لأن عبد الخالق مات لكن جلال .. حي اعتذر لها منذ ساعات قليلة ..
لكنها تدرك ما يمر به وهو يشعر أنه بعدما اشتاق وصال قلبها عرف أن غيره امتلكه وعذبه وأحرقه ومضى ..
هو جاء عابرا فوق الحطام والقلب المتفحم لكنه لم يره لنهايته .. لا يكفيه أنه أحياه وأزهره من جديد بل أراد امتلاك ما لم يملكه غيره يوما ..
وهى ما بها شيئا لم يمتلكه غيره يوما .. كل مَن مر بحياتها امتلك فيها ورحل ..
والآن يدب الرعب بكيانها أن .. أن ... يرحل.
يرن جرس الباب فجأة فتنتفض شمس هاتفة وهى تنظر نحو باب الغرفة

" قمر "

لا تعرف كيف استنتجتها وهى تحدق بالساعة المشيرة للعاشرة مساءا لكنها أعادت عينيها إليه تترجاه

" لأجل خاطري يا أكمل لا تقل لها شيئا .. أريد أن أفهم أنا منها "

يغلق أكمل زرين من قميصه وهو ينظر لها متنفسا بعنف ثم يخرج من الغرفة فتنهض شمس ترتدي قميصها الأخضر مسرعة وفوقه مبذلها الثقيل وتغلقه جيدا لتخرج ورائه ..
خطواتها تتسمر بالبهو والصوت الخافت يأتيها بإغواء نظرة

" مرحبا حبيبي "

أشعلت فتيلا بها تندلع به شرارة نار تحرقها والشعر الأشقر سحابة فتنة مغوية لأي رجل ..
يحدق أكمل بها مذهولا بوجودها الفج أمامه فيتسائل بكل ما يتجمع به من غضب

" ما الذي أحضركِ هنا ؟ "

تتأمل وجدان ملامحه الخشنة الثائرة فتلمع عيناها مدركة ما كان يفعل .. تعرف تلك الثورة والأنفاس المحمومة والعينين المتوهجتين انتشاءا بالجموح المسيطر ..
تنخفض عيناها لصدره الظاهر من قميصه فيوخزها جسدها بشدة ..
بقدر غيرتها بقدر رغبتها به فيتورد وجهها اشتهاءا وهى تنظر لعينيه الغاضبتين تقول بصوت صلب ماكر

" يوما ما قلت لي أنها أعجبتك ... جئت لأراك بعد أن حققت انتقامك منها ... هل رأيتها بعينيك كما أردت ؟ "

الفتيل يحترق ويحترق بصدمة ما تستنتج ورائحة الكلمات تفوح برياح تدفعها لتسقط لكنها تتشبث بالأرض بمحاولة واهية للتماسك ..
ووجدان تضع القواعد بلعبتها ناظرة إليها خلف كتفه

" هو مَن قال لي أن افعلها "

احترقت بانفجار هائل دوى بكيانها حتى رأت بعين روحها الحطام الحاد وهو يمزقها تمزيقا وهى تحاول النطق .. لا يمكن .. هذا لا يمكن ..
قلبها يعاود الانقباض بخوفه وهى تدرك أخيرا لمَ كل هذا الخوف زارها الليلة ؟ .. شعور لا واع بها خاف أن يكون له يد فيما حدث ..
تنظر وجدان إلي ' العروس ' المصدومة أمامها فتبتسم ساخرة وهى تستمتع باللعبة قائلة

" أعجبته وجعلها نجمة عرض الأزياء ثم .... طارت من يده وتزوجت ابن عمها ... فتزوج هو أختها "

عيناها الآثمتين بعينيه بذهوله الغاضب المتصاعد تعرف أنه غير مأمون هذه اللحظة لكنها .. تلعب لعبة ببضعة توقعات لا تعرف ستصيب أم ستخيب مستغلة نقاط محددة لمصلحتها ..
عيون وضعتها على قمر أكدت لها أن ' أكمل الفايد ' خرج من منزل ' سليمان العامري ' بعد دخول قمر وحمزة بدقائق .. عيون أخبرتها كيف كان حمزة ثائرا مجنونا وهو يرفض زوجته ويغادر .. لا تعرف سيطلقها أم لا ؟!..
لكن الظروف خدمتها الليلة وأكمل وشمس في زيارة هناك دون أن تفعل شيئا فأخذت نقطة أخرى لصالحها ..
ما تدركه أن أكمل عرف قمر قبل شمس ولذلك ليس صعبا تلفيق كذبة الزواج بأختها لأجلها خاصة وأنه أخبرها يوما أنها أعجبته بالفعل ..
أما هو فقدحت عيناه شررا وهو يدرك ما يُدَبر له لكنه لم يتحرك راغبا في المعرفة .. غضب فوق غضب يشعله والليلة يشعر إنه قاتلا أو مقتولا ..
ووجدان تبتعد قليلا لتدخل المنزل تبعد خطوات عن مرمى يديه حتى لا يصيبها طيش يده وتواصل ما يريد معرفته وهى تنظر لشمس

" الفكرة كانت أن تأتِ قمر إليّ لتكون عارضة في عرض أزياء ستتبناه شركة والدي .. ثم نفتعل لها فضيحة ليرها زوجها بعينيه وهى مع غيره .. فيطلقها ... كنت أحتاج لعدة ساعات لا أكثر ليُنفَذ كل هذا .. لكن قمر فاجئتني حين جاءت إليّ تطلب مكانا للإقامة أيضا "

تعيد عينيها إليه فيلمع بها الخبث بريقا شيطانيا وهى تقول بدهائها الماكر

" بالنهاية نجحت لأحقق له ما أراد كعادتي "

تنظر إليه نظرة خاصة وقحة تذكره بما كان بينهما في أكثر أوقاتهما حميمية .. ابتسامة شفتيها المهلكتين بالأحمر الصارخ تخبره أنها نوت انتقاما منه لتركها ..
تعيد وجدان عينيها إلي شمس .. إلي عمق عينيها اللامعتين بدموع حبيسة في وقفتها البعيدة المنهارة ..
تشعر بنشوة ظافرة وهى أمامها مختنقة الأنفاس مُعذَبة الفؤاد مطعونة الكبد فتقول بنبرة مستفزة جارحة

" لمَ أنتِ مصدومة هكذا ؟! ... أتتعجبين من مكر زوجكِ وكيف يرتب لكل شئ حتى تصل قمر وزوجها في نفس وقت وجودكما هناك ليرها بعينيه مذلولة ؟! "

كانت الطعنة الأخيرة والنصل الحاد ينغرس فيها أكثر .. لم تعلم أن طعنة أخرى تنتظرها قتلا من بين شفتيّ وجدان

" آه .. بالمناسبة يا حبيبي ... أنا حامل "


..........................


يقف كامل جوار باب غرفة الطوارئ بالمشفى القريب الذي أسعفوا سليمان إليه ينتظر خروج الطبيب منذ ساعة ..
نظره يمر بين نجوى الباكية المتظاهرة بالتماسك وبين قمر المنهارة التي تفاجأ برؤيتها حين أتى .. لم تكن هى قمر ابنة أخيه التي ما تخبو نظرة التمرد بعينيها .. كانت فتاة ضعيفة ملتهبة ببكائها العنيف وشهقاتها الممزقة ..
ملابسها مجعدة مرتدية سترة سوداء طويلة تضم جسدها المرتجف بها وتخشى النظر لعينيه .. نظرة واحدة نظرتها له ففاض من عينيها الذنب مختلطا بالاشتياق قبل أن تخفض نظرها منكمشة خوفا ..
لا يعلم ماذا حدث لها لتبدو بهذه الهيئة المزرية ورغم غضبه منها بما فعلته بحمزة إلا أنه عازما على شئ ما حين ينهض سليمان بالسلامة ..
يحتاج فقط أن يعرف كيف عادت وهل يعلم حمزة بعودتها وما الذي حدث لتدعو عليها نجوى كل بضع دقائق وهل لها علاقة بما حدث لسليمان ؟!!..
اسئلة لا تنتهي بلا إجابة يقطعها الطبيب بخروجه بملامح عملية فيهرع إليه كامل متسائلا

" ماذا حدث له ؟ "

يرد الطبيب بشبه أسف تعود عليه مما يراه يوميا

" أزمة قلبية حادة .. ادع له "

يهتز جسد نجوى بكاءا مكتوما في وقفتها بينما تعض قمر شفتها بحرقة بكاء الندم والذنب .. ها هى ستقضي عليه .. كل مَن تمردت عليه يضيع منها اليوم .. ضياع حلم وحب وأب وحياة ..
لم تكن استوعبت تلك الفضيحة بوجود شمس وأكمل إلا منذ قليل .. لا تعرف إن علم عمها أم لا .. لكن هى موقنة في خلال ساعات ستكون منبوذة من الجميع ..
يتقطع جسدها منها إربا بشهقاتها المكتومة وهى تسمع سؤال عمها

" ما مدى الخطورة عليه ؟ "

يجيبه الطبيب بلهجة عملية معتادة

" تم علاج الأمر بالأدوية وسنرى مفعولها لكن إذا لم تأتِ بالنتيجة المطلوبة سنضطر لإجراء الأمر جراحيا وعمل قسطرة قلبية لتوسيع الشرايين "

أطبق كامل شفتيه لحظات يرمقهما بقلق ثم يسمعا سؤاله المتماسك

" هل سيحتمل قسطرة ؟ "

أجابه الطبيب ناظرا لحالة زوجته وابنته المنهارة

" الأعمار بيد الله ... هو كبير بالسن والأمر مؤكد خطر عليه للغاية .. قد يحدث نزيف أو جلطة لا قدر الله لكن علينا فعل ما بيدنا والباقي على الله "

اومأ كامل والخوف يقبض قلبه فيستعين بالله قائلا

" افعل ما تراه مناسبا "

يلتفت الطبيب مغادرا وهو يقول

" بإذن الله "

ترتمي نجوى جالسة جوار قمر تضرب على فخذيها وصوتها يتحشرج خوفا

" أين اختبأ لنا كل هذا ؟ ... يا رب .. يا رب خذ بيده يا رب "

لو بيدها تذبحها جوارها بما جلبته لهم من عار وهى لا تفهم ما حدث إلي الآن فتدعو عليها مجددا

" أخذكِ الله وأرحنا منكِ .. حسبي الله ونعم الوكيل .. أخذكِ الله يا قمر "

بكاؤها يرتفع وهى تغطي أذنيها عن دعوات أمها الغاضبة بينما يقترب كامل قائلا لنجوى

" سيكون بخير "

من قلبها المفجوع تهتف

" يا رب "

يتجه ليجلس جوار قمر من الناحية الأخرى فيقول بحزم

" توقفي عن البكاء وادعِ له "

بدون أن تنظر إليه بوجهها الأحمر المنتفخ تهمس بصوت بالكاد خرج أنينا

" أنا آسفة "

لم يدرك لمَ تعتذر وهى أيضا لم تدرك سببا .. لما فعلته بحمزة أم إحساسا بذنبها في حق عمها أم ذنبها في حق أبيها ..
تشعر إنها كتلة من الخطأ والذنوب لن يغفرها بقلوبهم سوى موتها .. تشعر بالضعف يكاد يبتر أطرافها لتظل عاجزة طوال عمرها القادم ..
تشعر أنها .. أنها تكره نفسها بحقدها وأنانيتها .. وهل بعد كل هذا لها أن تنل الصفح الذي لن تعطيه هى من نفسها لنفسها ؟..
صمت كامل لحظات ثم قال بنفس النبرة الحازمة جديا

" لنا حديث طويل معا حين يقوم سليمان بالسلامة إن شاء الله "



....................

سمع صوت نفسا مذبوحا دخل صدرها فيتردد بصدره لهيبا .. نفسا كصرخة شقت السكون ..
تنظر إليهما بعينين دامعتين متسعتين ذهولا وصدمة ووجعا ..
الخيوط بيده تتجمع في عقد عصية حتى إذا أتمت وجدان قولها قطع الخطوات التي تفصلهما مذهولا وقبضت أصابعه على ذراعها متسائلا

" ما اللعبة التي تلعبينها الآن ؟"

ترد وجدان بنبرة انتقامية خافتة

" اللعبة التي بدأتها أنت "

غضبه يستعر عيناه بعينيها ونظراته تضخ كل تناقض مشاعره بين غضب ونفور وضراوة الوجه الآخر به فيقول باهتياج

" أنا اتفقت معكِ يا رخيصة يا وقحة ؟.. تأتين لبيتي بقدميكِ .. أنسيتِ مَن أنا ؟ "

صوته يرعد رعدا في قلب شمس وهى ترى النسخة الحية الأخرى له .. كان غاضبا لأجله بثورة عارمة كيف يتجرأ أحد عليه ؟ ..
لم ينظر نحوها نظرة واحدة فتتراجع خطواتها وهى تشعر أنها على الهامش بينهما .. الجمود يكسو محياها كأنها هى أيضا تتلبس أخرى غيرها منذ سمعت الكلمة التي اخترقتها اختراقا ..
حامل .. حامل منه .. مشاعرها تحتدم لتدخل بصراع دائر بين تصديقه وتكذيبها .. مشتتة التركيز بين صدمتين أهونهما سيفرقهما لا محالة ..
إنه .. إنه السبب .
ما زالا يقفان أمامها متشابهان بمواجهتهما العنيفة الصارخة بالبرية لامرأة ما تحمل قيما تحفظها ورجل قد يصير له ألف وجه حين يريد ..
وجعها الجامد يزداد ووجدان ترد عليه بتشف واضح

" لا تنسى نفسك يا أكمل .. أنت مَن نسى مَن أنا .. مَن تقول عنها رخيصة ستكون أم ابنك "

لم تدرك بتراجعها أنها استندت على الجدار حتى لا تسقط بخضم ما تسمعه وأكمل يهتاج أكثر صارخا شاتما وهو يجرها من ذراعها نحو الباب

" حامل مني أنا يا بنت الـ... ؟ "

يده تعتصر لحم ذراعها فتتأوه وجدان هاتفة بألم

" آآه اتركني "

جسده يرتجف انفعالا كتقطع أنفاسه العنيف بضع لحظات ثم وجدته يهدأ هدوءا مريبا وهو يصل بها لباب المنزل يقول بنبرة قوية

" تعرفين أنكِ ستدفعين الثمن ولن أرحمك .. لا تلومي إلا نفسك "

يميل رأس وجدان مبتسمة باستفزاز وهى تناوره بتحد

" إذا لم تكن تخاف عليّ خاف على ابنك "

هدوؤه المريب يتسم بنظراته المخيفة فتدرك أنه يستعيد سيطرته على غضبه حتى يحكم سيطرته على الأمور كعادته حتى قال بنبرة تعكس تلك النظرات الخطرة

" دَبّور وزنّ على خراب عُشه "

ابتلعت ريقها خوفا بتلك النظرة بعينيه لكن سرعان ما تلاشى الخوف رافضة أن يرهبها .. يده تجرها مجددا حتى فتح الباب ودفعها خارجه بعنف حتى تعثرت تكاد الوقوع ..
أغلق أكمل الباب لا يصدق ما يصير به الليلة وظل مستندا عليه قليلا تنتظم أنفاسه حتى قال بنبرة مريبة

" لا تقولي أنكِ صدقتِها "

ارتعش جسدها خوفا بصوته وعيناها ترمشان تمنعان انفجارا آخر للدموع ..
قلبها كان يحتضر وهى تتألم مكانها دون أن تجد وصفا لهذا الألم .. ترتفع يدها تقبضها على صدرها ورئتاها تحاولان .. فقط تحاولان التنفس باعتيادية ..
هو السبب بما حدث بقمر .. ربما ..
وجدان حامل منه .. ربما ..
لكن .. لكن ما رأته منه يجعلها .. خائفة .. خائفة منه ..
يلتفت أكمل ينظر إليها في وقفتها الصامتة فينقبض قلبها أكثر بهذا الألم الغريب .. لم يكن هو .. لم يكن هو الذي أحبته أبدا ..
لم تتشكل أي كلمة على لسانها وهى تحدق به فتتحطم نظرة عينيها بوجع رهيب وهى تقول أخيرا ما استطاعته بتشنج

" طلقني "

جسده يرتجف من هول انفعاله ومحاولاته للسيطرة على غضبه هذه اللحظات ..
يتحول أكمل لشعلة باستعداد أن تقذف نيرانها بأيا كان وهو لا يحتمل كلمة زائدة الليلة فيقول بنبرة قاطعة

" لولا أني اعلم أني سأؤذيكِ لكنت رددت عليكِ كما يجب "

خوفها منه ملموسا حقيقيا يفجر الدموع من عينيها فتسيل بقوة وهى تستدير نحو غرفتهما تتجه لخزانتها تفتحها وتأخذ بنطالا أسود وبلوزة بيضاء لترتديهما كيفما اتفق .. لا بد أن تكون بجوارهم الآن بعد أن علمت أن الأمر مكيدة ..
لا تعرف كيف طاوعها قلبها على تركهم ؟! .. لا تعرف كيف تملكتها الأنانية بهذا الشكل لتمضي وتترك كل شئ خلفها بل وتعترف له بحب ضائع كما ضاعت معه بغمرة الأشواق قبل أن تحل عليهما الكارثة ..
تشعر بدخوله الغرفة وهى تجمع شعرها عشوائيا بذيل حصان منخفض فتمسح دموعها لتعاودها حالة الجمود المتألم ..
تبرق عينا أكمل بقسوة جليدية يريد تحطيم أي شئ وهو يسأل بتحفز

" أين تذهبين ؟ "

تتحرك شمس لتضع ما تحتاجه في حقيبة يدها العملية وهى تدعي التماسك الصلب فتقول بخيبة أمل

" أنت دمرت حياة قمر "

نظراته فاضت خشونة بتلك القسوة والاهتياج بأعماقه يشعر أنه سيجن منذ رآها مع ذلك الرجل وبما عرفه وحتى هذه اللحظة يشتعل الجنون يلغي عقله بشراسة ..
بعنف يقاوم الاقتراب منها ويقاوم لمسها بينما يتمتم بتصلب شرس

" لا أصدق أنكِ تقولين لي أنا هذا ! "

تتوقف يداها المرتعشة تتشبث بالحقيبة أمام المرآة وقلبها ينزف قبل لسانها

" حتى لو كانت كاذبة لولاك لما عرفتها وجدان ولا وصلت إليها "

يبتسم أكمل ابتسامة باردة مقيتة وهو يتهكم بنفس النبرة الشرسة

" وقمر البريئة التي خطفتها وجدان قسرا ؟! "

التفتت شمس إليه فجأة بسماعها لاسمها منه فتصرخ رغم اختناقها المتوجع

" إنها حامل منك "

ظل صامتا لحظات قبل أن يرد عليها ببرود لا مبال

" ليس مني "

يمتقع وجهها والدماء تفور بعروقها تحترق بغيرتها وتحترق بظنونها فتقترب منه تضرب صدره بقبضتيها صارخة

" بل منك .. هذا هو ثمن الخمس والعشرين بالمائة الأخيرة من الشركة "

شعر كأنها صفعته تماما وهى تحول دفة الأمر ليتشابك بهذه الطريقة ..
كلاهما يحدقان ببعضهما بنظرات جريحة متمردة .. خائبة .. خيبة كبرى تشق صدريهما معا ..
والأمل واهيا لأول مرة وعشقهما يقف بالمنتصف عالقا ..
هى تشك به .. وهو لا زال بشعور استغفالها له بقلبها الذي ما كان الأول إليه .. والأمر يقارب الشك ماذا إن كانت تخفي أسرارا أخرى ؟..
يكاد يجزم أن هذا شعورها نحوه أيضا والشك يتفاقم لعدم ثقة بطباعه ذاتها ..
ربما هى مشاعر مؤقتة محتدمة وكلاهما يعاني صدمات متوالية حتى توقف العقل عن تفكيره السليم وصارت العواطف .. عواصف ..
لكن ما يشعره كان فوق احتماله وشرارات تتصادم بداخله وهى تتجاوزه لتغادر الغرفة فما شعر بنفسه وهو يقبض على شعرها بعنف متسائلا بنبرة ما سمعتها يوما سوى منذ لحظات وهو يشتم تلك المخلوقة الشقراء

" أين تذهبين .. مَن سمح لكِ بالخروج ؟ "

شهقت شمس متوجعة فترفع يدها على رأسها بقولها

" آآه ... مـ .. "

ترتعد أوصالها بذاك الخوف وهى تشعر حالته الغريبة المشتعلة وهو يسحبها إليه من شعرها فيقاطع قولها بقوله في أذنها بنبرة مخيفة

" لا قمر ولا مَن مثلها يستحقون دقيقة من وقتي أفكر فيها في انتقام منهم .. لكن ما لا تعرفينه أن أختك كانت تشبه زينة بدرجة لا تتصورينها .. أردت أن اصنع نسخة جديدة منها.. نسخة اتسلى بها ثم أحرق قلبها عندما يقع في قبضتي .. كان بإمكاني أن أسرق قلبها واخطفها خطفا من حمزة لكنني لم أفعلها لأنها لا تستحق عناء التفكير "

تتنفس شمس بشهقات قصيرة حادة مشدوهة بما تسمعه وهو يؤكد لها بطريقته أنه ما اتفق مع وجدان بمخططها الانتقامي ..
قطرة عرق تسيل على رقبتها باردة أو ساخنة لا تشعر سوى بأنفاسه الحارة وهو يتابع بنفس النبرة البغيضة

" لكن صدقيني بإمكاني أن اتحول بأي لحظة لذلك المنتقم الوضيع إن تطلب الأمر "

تشعر أن عينيها يتخضبان بالضباب وهى لا تعي ما يحدث له تحديدا فتهمس بنبرة أقرب للتوسل أن يهدأ قليلا

" اتركني يا أكمل "

تشعر بأنفه يتحرك على أذنها لكن ما لمستها شفتاه وهو يرد عليها بخشونة مرعبة

" قلت لكِ إن تركتِني سأقتلكِ وأنا أعني ما أقول "

تجحظ عيناها بذهول ثم ينعقد حاجباها كلسانها وهى تسمع قوله من قلب الجحيم المختلط فيه

" شياطين الدنيا كلها أمامي الآن فأفضل لكِ لو تجلسِ صامتة وتمررِ ليلتك على خير "

أطبقت شفتيها تلقائيا برفض أعماقها وعيناها تتجمدان بما تشعره من هوان ..
لأول مرة يحدثها هكذا .. بتلك الطريقة وتلك النبرة كأنه رجل آخر ما عرفته يوما .. وإن كان صُدم اليوم فيها ثم أتت وجدان بكارثة عليه حلها لأجل سمعته وإثبات أن الطفل .... هى حتى لا تعرف مَن تصدق ؟..
هى أيضا كان لها نصيبها من الصدمات منذ رأت جلال وحتى جاءت وجدان منذ قليل لتنتهي بصدمتها المؤلمة فيه ..
يرن هاتفها في حقيبتها فتتراخى يده حتى ترك شعرها لتبتعد شمس خطوة بتوجس ناظرة إليه عتابا موجوعا ..
تفتح الحقيبة لتأخذ الهاتف تنظر لشاشته فتفتح الخط مباشرة قائلة بلهفة

" أمي هل .. قمر .. بخير ؟ "

يأتيها صوت نجوى باكيا

" اسمعيني يا شمس "

ظلت تستمع لها لحظات .. عيناها تتسعان تغيمان بغلالة دمعية وهى تعض شفتها السفلى باختناق .. حتى أنزلت الهاتف عن أذنها ونظرت إليه تخرج نفسا ساخنا ثم تقول بخوف

" أبي في المشفى ... أُصيب بأزمة قلبية "

تلين ملامح أكمل قليلا وهو يزرر باقي أزرار قميصه وتستدير هى لتغادر ذاهبة للمشفى .. عند باب المنزل تشعر بخطواته فتلتفت قائلة بحدة

" لا تأتي معي "

تغلق شمس الباب خلفها فيظل مكانه ونفس الغضب يعصف بصدره مدركا أن الليلة فتحت جرحا غائرا بينهما .



بعد ساعة وصلت شمس المشفى تسرع خطواتها في الرواق الواسع حتى وصلت لغرفة العناية المركزة التي نقلوا سليمان إليها فتجد عمها كامل واقفا عند الباب ووالدتها جالسة منحنية على أحد الكراسي .. وقمر منزوية على كرسي بعيد حالتها تثير شفقة أي إنسان لا يعلم ما فعلت ..
تسرع شمس نحو والدتها التي رفعت وجهها الأحمر الباكِ إليها فتحتضن رأسها لجسدها وتنهمر دموعها برؤيتها قائلة

" اهدئي أمي سيكون بخير بإذن الله "

تتشبث نجوى بيدها تتمتم كلمات غير مفهومة بين دعاء له وخوف من القادم ودعاء على قمر ..
بعد لحظات تترك نجوى لتتجه لعمها فتمسح دموعها تسأله بتماسك الابنة الكبرى

" كيف حالته الآن ؟ "

رد كامل بصلابته المعهودة

" سننتظر تأثير الأدوية الساعات القادمة وإن لم يكن فعالا سيتم توسيع الشرايين جراحيا "

تومئ شمس بشعور غريب من الذنب لغضبها منه الذي لا يختفي .. هى تعايشت مع ذلك الغضب وانتهى الأمر .. الآن وهو على فراش المرض تحتاج أن تقبل يده وتخبره أنها سامحته من أعماق قلبها ..
تحيد عيناها نحو قمر وهى تتخيل هذه اللحظة .. قمر أيضا بحاجة أن تسامحه وتتذكر له نيته الطيبة في حمايتهما ..
لكن هل سيسامحها هو بعد ما صار أمامه ؟..
تقترب من قمر فتجلس على كرسي جوارها تسمع نشيجها المعذَب المصدوم .. نظرتها تائهة للأرض تخجل من النظر بعيون أحد ..
بكل ما بها من تماسك تسأل شمس بخفوت

" اعلم إنه ليس وقته .. لكن أحتاج أن أعرف ما حدث حتى أعرف ماذا سأقول لأبي حين يفيق ... وأقول لأمي هذه شئ يصبرها "

التفت رأس قمر بحركة بطيئة وبارقة أمل تنير نقطة صغيرة بقلبها المكلوم كأنها لا تصدق أن أحد يريد السمع منها ..
صوتها عكس حالتها الضائعة لكنها سردت كل شئ ربما خوفا من أن تتراجع شمس وتنهض غير راغبة في الاستماع إليها فتقول بانكسار

" كنت أقيم في المبنى السكني للمغتربين في شركة وجدان شريكة أكمل .. لا أعرف أتعرفينها أم لا .. كنت أظن أن هناك عرض أزياء وحين عرفت أنهم خدعوني قررت الرحيل .. فجأة وجدت حارس المبنى يتهجم عليّ ... ثم .. ثم وجدت حمزة أمامي ... لا أعرف كيف عرف غرفتي وكيف دخل الشركة حتى المبنى السكني ... ظن .. ظن أني أخونه "

يعاود بكاؤها متزايدا ونشيجها شهقات جريحة وجسدها لا زال يؤلمها من ضربه المبرح لها .. لكن قلبها يؤلمها أكثر والسكاكين تطعنه بألم الفراق ..
لا تعرف كيف ستعيش أيامها القادمة دونه .. هذا إن قبل بها أحد من أهلها بعد ما فعلت ..
فيما تفكر شمس جوارها أتصدقه هذه المرة أم تصدق وجدان .. حتى لو كان لم يفعلها فبسببه فعلتها وجدان .. هل تحمله الذنب أم لا ؟..
رفعت عيناها نحو لافتة العناية المركزة فتتلاشى كل مشاعرها عدا لذلك الراقد هناك بين الحياة .. والموت ..
بين الخوف والتشتت والرعب من فقدان .. الأب .. تدرك أن انقسامهم الآن سيهدم بيت ' سليمان العامري ' الراسخ منذ زمن طويل ..
وبوعد لأبيها الراقد بضعفه تأخذ على عاتقها إصلاح ما حدث .. هى أيضا يجب أن تتحمل معه الخطأ .. أليس زوجها ؟.. إن أراد حمزة أن يعاقب قمر فليعاقبها على كل شئ ..لكن ليس لخيانة لم تحدث ..
تعب اليوم كله يحل عليها وهى لا تعرف ماذا ستفعل لكن تنتظر ما سيحدث لوالدها فتقول بوجوم ما لم تفهمه قمر

" أنتِ اخطأتِ .. لكن هذا لا يمنع أنها استغلت خطأكِ .. أنتِ ظالمة ومظلومة يا قمر "


يرن هاتف كامل فيخرجه من جيبه ينظر لشاشته فيعقد حاجبيه لاتصال من محامي الشركة في هذا الوقت .. ينظر للساعة في الشاشة الحادية عشر والنصف ثم يفتح الخط باستغراب مبتعدا عنهم ..
بارتباك يحدثه المحامي يمهد له ما يريد قوله فيقول كامل بانزعاج

" أستاذ سعد حدثني في وقت لاحق .. أنا مشغول الآن "

يرد عليه المحامي مباشرة

" يا سيد كامل أنا بقسم الشرطة مع حمزة ... حمزة متهم في جريمة قتل "




انتهى


غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 16-10-18, 12:14 AM   #1810

نورا بدران

? العضوٌ??? » 411408
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 246
?  نُقآطِيْ » نورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond reputeنورا بدران has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووووور بانتظار ابداعك المميز

نورا بدران غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:14 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.