آخر 10 مشاركات
ودارتـــــــــ الأيـــــــــــــام .... " مكتملة " (الكاتـب : أناناسة - )           »          عــــيــــنـــاك عــــذابــي ... مكتملة (الكاتـب : dew - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          309 - نهر الذكريات - مارى ويبرلى - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree306Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-03-18, 01:23 AM   #481

ميريزااد

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية ميريزااد

? العضوٌ??? » 341336
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,005
?  نُقآطِيْ » ميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sandynor مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام شهرزادي 😘😘

😂😂😂😂 حخلي حمزة يطلبها في بيت الطاعة 😂

هى اول ما لقت طار اكمل لبستها في شمس وقالت احافظ على حمزة

يا قلبي حاسة بمشاعرك 😂😂
حتلبس متقلقيش 😋😋 ويجي حمزة يلبسها اكتر او العكس 😉😉😉😂😂😂😂

حبيبتي 💖💖💖💖💖
😂😂😂😂😂😂😂 حمزة يغضب ويتعصب وبعدين قلب يحن اصل الواااد حبيب وقلبو رهيف 😃😃


ميريزااد غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 11:58 AM   #482

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

واخيرا سقطت قمر من نظر الجميع
اكمل كشف كدبها وخدعها واعتقد انها بتفكره بحد كان في حياته قبل كدا وممكن يكون خدعه برضه لتعاقب الانفعالات عليه قبل كشفه لخدعتها بصراحه شمتانه فيها تستاهل بعد التجوزات اللي سمحتله بيها بس هل حمزة هيصدقها في محاولتها انها تخرج نفسها من الموقف بكل نداله وتنسبه لشمس اللي انصدمت فيها
مأساة رائد اتوضحت بموت ليلي وسبب دخوله السجن صدمتين في وقت واحد وابوه دلوقتي بيحي الذكريات في عقله بادعائة نفس مرض ليلي علشان يخرجه من حالة الموت الاختياري اللي وضع نفسه فيها بس هل دارين فاهمه لعبة زهران وهتساعده
فصل دسم وجميل جدا وتعليقي لا يليق بجمال الفصل عذرا ياجميلة الروح والكلمات بصراحه كلماتك وتعبيراتك سااااااااحرة وفي انتظارك النهاردة ان شاء الله


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 02:59 PM   #483

شموسه3

? العضوٌ??? » 137672
?  التسِجيلٌ » Aug 2010
? مشَارَ?اتْي » 633
?  نُقآطِيْ » شموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond reputeشموسه3 has a reputation beyond repute
افتراضي

مبرووووك و أتمنى لكي التوفيق

شموسه3 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:06 PM   #484

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الفصل العاشر

"' هل '"
'" تستطيعين '"
'" القيادة ؟ '"

سؤال برنة مباغتة مميزة لصورة أكثر تميزا قفزت إليها على شاشة هاتفها ..
استندت لمياء لظهر كرسي الصالون الذي تجلس عليه واضعة ساقا فوق الأخرى وتسللت ابتسامة بطيئة إلي شفتيها وهى تفتح الصورة بلهفة ترقب وكتبت

"' لا '"

فيأتيها الرد يشعرها بمرح صاحبه

'" أنا مجنون سيارات '"

ثم يضيف ضياء الدين بتلقائية

'" لقد جعلت زوجتي تطير بالسيارة في عدة أشهر '"

تغيم نظرات لمياء بحسرة أكبر من أن يفهمها أحد سواها فتكرر

'" أنا لا أعرف القيادة '"

بعد لحظات تأتيها الرسالة التالية فتقرأ

'" أتعلمين .. أنا مهندس معماري كما هو مكتوب على صفحتي الشخصية بالفيس بوك .. عملت فترة بإحدى الشركات لكن من شدة حبي للسيارات توقفت وفتحت معرض للسيارات والآن المعرض أصبح اثنين "'

تبتسم لمياء بلا شعور معين وعيناها تتنقلان بين الهاتف والتلفاز المفتوح على فيلم هندي حديث ثم تكتب

'" من الرائع أن تعمل ما تحب "'

فتراه يكتب قليلا ثم تُرسل الرسالة فتقرأ

'" وأنتِ ماذا تحبين لمياء ؟ .. هل تحبين ركوب الدراجات مثلا ؟! "'

ثم أرسل لها وجهين ضاحكين فتتحول إبتسامة لمياء لمرارة طافحة وهى تكتب بلا وعي ربما

'" أنا لم أركب دراجة بحياتي ... لم أسبح ... لم أذهب في أي رحلة من رحلات المدرسة وليس لي أصدقاء أيضا .. فقط صديقة واحدة ... إن سألتني عن أي شئ أستطيع فعله فستكون إجابتي دوما وبلا فخر ... لا "'

الندم على ما كتبته حاوطها فبعث برغبة بكاء كتمتها في صدرها بقوة ..
رغبة تكبتها ضمن رغبات كثيرة مكبوتة حتى أصبح الكبت عنوانها ..
ظل لحظات توقعت فيها أنه يقرأ ويتعجب ثم أرسل لها عدة وجوه مصدومة ذات وجنات محمرة مميزة ثم كتب متعجبا حتى إنها شعرت بتعجبه

'" كيف تعيشين هكذا ؟! "'

تعيش !! ... هل هى حقا تعيش ؟!
وسط شجارات والديها التي لا تنتهي .. وسط الضيق المالي الذي تتعثر فيه حياتهم فتجعلها منعزلة عن كل نشاطات العالم كما كتبت له ..
راضية وقانعة وتعطي ألف عذر لوالدها الذي انقلب حاله المتيسر للنقيض ..
ولكنها الوحدة .. الوحدة التي تحياها ليل نهار..
هى فتاة كأي فتاة حلمت بعشق فارس الأحلام .. زميل الثانوية .. زميل الجامعة .. معيد الجامعة ..
ومرت الثانوية .. ومرت الجامعة .. وتمر بما بعد الجامعة .. ولم يأت زميل ولا معيد ..
ومر أحمد .. مر كما لم يكن يوما بحياتها .. والحزن على أطلاله ليس من صفاتها ..
لم يقربها أحد .. لم تسمع ' أحبكِ ' ولو عابثة .. لم ينظر إليها أحد بنظرة جريئة .
فهل سيصدقها أحد إن قالت أنها – عذراء – قلبا وقالبا ؟!!
عذراء العينين واليدين والأنفاس والأحاسيس وحتى التفكير
فتقف أمام المرآة تحدق بشكلها وتبتسم ..
وجهها المستدير بغمازة خدها الأيمن المميزة حين تبتسم بشفتيها الناعمتين الصغيرتين وعيناها السوداوتين المشبعتين دفئا وحنانا لم يهتم به أحد ..
تتغاضى عن أنفها الكبير لأنه يليق بها فتحمد الله على كل حال ..
ويكفي شعرها الأسود الناعم الواصل لخصرها فتتمايل به في غرفتها دون أن يلمحها به أحد وهى التي ارتدت حجابها مبكرا ..
عادية نعم ... لكن أجمل من فتيات كثيرات ينعمون بالحب ..
تستغفر لمياء الله من الوساوس الشيطانية التي تنتابها وتحمده برضا ثم تكتب بإبتسامة هادئة

'" أعيش في هدوء ... لا أحتاج لصخب هوايات ونشاطات تضج بعقلي فتجعلني مشتتة التفكير عن روحي الحقيقية الهادئة ... أحب العزلة .. أحبها لدرجة الإدمان .. فيلقبني الجميع بالإنطوائية ... ولكن لا بأس .. أنا حقا إنطوائية '"

كانت تحاول إقناع نفسها بما تكتبه عن مثالية الفتاة الخجولة الهادئة .. تحاول إقناع نفسها حتى لا تنفجر..
لحظات طويلة مرت لم يرسل شيئا حتى ظنت أنه لن يفعل ثم فاجئتها رسالته التالية

'" أنا حقا معجب بتصالحكِ مع نفسكِ هذا ... الإنطوائية ليست عيبا في الشخص بقدر ما هى طبعا ترسخ فيه منذ الصغر ... علينا تغييره قليلا نعم ... حتى نتمتع ببعض الإجتماعية التي تساعدنا في الحياة بداخل مجتمع ممتلئ بأهلنا وأقاربنا ومعارفنا ... ولكن علينا أن نحافظ على طبعنا الحقيقي حتى لا ننسى أنفسنا '"

يشبهها !! .. ربما صدق حدسها وهو بطريقة ما .. يشبهها
فترد لمياء بفرحة ربما استشعرها هو

'" نعم أستاذ ضياء ... مؤكد معك حق '"

ثم يرسل رسالته التالية بسؤال

'" إذن أخبريني ما هواياتكِ ؟ "'

تفكر لمياء قليلا محاولة إنتقاء كلماتها – بحرص – وكأنها تهدف لشئ ما !!
ثم تقرر أن تكتب حقيقتها بلا تزيين

'" أحب القراءة .. والرسم ... والكتابة أيضا .. أنت تقرأ خواطري '"

فيرد عليها مباشرة

'" نعم ... اقرأها واتابعها باستمرار ... أنتِ قلم مرهف الحس شديد العذوبة .. وهذا يدل على جمال روحكِ '"


وبرسالة منفصلة كان يداعبها كاتبا

'" وربما شكلكِ أيضا '"

أرسل لها وجوها ضاحكة فضحكت لمياء ببراءة وهى تكتب

'" شكرا لك .. ليس لهذه الدرجة ... أنت أيضا قلم راقي للغاية وجميل المعاني "'

فتصلها رسالته

'" شكرا لمياء ... أخبريني الآن مَن هو مطربكِ المفضل ؟ '"

ابتسمت لمياء شاعرة باهتمامه ينضح في اسئلته فتجيب برسالة فاجئتها هى

'" لن تعرفه ... ولكن سأرسل إليك أغنية من أغانيه '"
'" سأغلق الآن .... سلام '"

وبعد قليل كانت ترسل له أكثر أغنية تحبها لمطربها المفضل ...
والأغنية صارت اثنين .. ثم ثلاث ... وتعطشها للاهتمام يزداد .. أرفقتهم برسالة

'" هذه الأغاني أكثر ما أحبه واستمع إليه .. استمع إليهم وأخبرني برأيك '"




غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:11 PM   #485

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

غرفة قمر

تصرخ شمس بكل الغضب الذي يملأها :

" هذا المجال خطر .. خطر .. أنا ظننت أنكِ تمزحين .. لم أتخيل أنكِ تخططين وتدبرين من وراءنا جميعا ثم تدفعينني للتورط معكِ "

تقف أمامها قمر وقد سيطرت عليها اللا مبالاة بعدما حدث .
فأخبرت شمس أنها بالفعل تقدمت لتشترك في عرض أزياء ' حسان الورداني ' القادم والمسئول عنه ' أكمل الفايد ' مما جعل شمس مصدومة في بادئ الأمر حتى أدركت ما يحدث بغضب .
متناسية عمدا كل التفاصيل التي جمعتها بأكمل وطريقة لقاءهما وسعيها ورائه وخروجهما معا .
والآن تقف تكاد تجزم أنها تشعر بشظايا حلمها المتكسر تدمي قدميها
خسرت أكمل .. خسرت حلمها
والسبب .. حمزة
تقسو عيناها وهى تقول بهدوء مغيظ :

"" لن يحدث شئ .. قلت لكِ لن يحدث شئ

تتسع عينا شمس بغيظ وصدرها يعلو ويهبط بعنف فتمتلكها رغبة لجذب قمر من شعرها الأحمر المستفز ..
تضرب على جانبيها بحدة وأنفاسها تخرج سريعة وهى تهدر بالقول :

" وحمزة الذي يظن الآن أن هناك شيئا بيني وبين أكمل الحقير هذا .. كيف تفعلين بي ذلك ؟! .. لقد جاريتكِ وقلت لحمزة أن كلامكِ صحيح فقط لأني خفت من المشكلة التي يمكن أن تحدث لو علم أحد بما تفعلينه .. خاصة الآن وأنتِ مخطوبة له رسميا "

تستدير قمر بحدة فيتناثر شعرها بعنفوان وهى تقول بقسوة :

" " أنا لا أريد هذه الخطبة وأنتِ تعلمين

تتجه شمس إليها فتديرها بحدة قائلة :

" لا تريدين الخطبة ولا تريدين حمزة ولا تريدين أهلكِ ولا بيتكِ .. ماذا تريدين بالضبط ؟ "

نفضت قمر ذراعها منها بقوة فتلهث أنفاسها ويشيع شعرها الفوضى حولها وهى تقول بصوتها المرتفع المختنق :

" أريد أن أعش .. هل تفهمين ؟ .. أريد أن يكون لي حياتي واسمي .. حياتي أنا واسمي أنا .. وليس تحصيل حاصل من أبيكِ ومن حمزة "

بدت شمس متجمدة الملامح وهى تؤنبها بالقول :

" احمدي ربك .. غيركِ يعيشون في الشوارع بلا بيت ولا أهل .. كل أمنيتهم فقط مأوى ليستر عرضهم بين أربعة جدران "

نفخت قمر ملوحة بيدها قائلة بسخرية قاسية :

" توقفي عن هذه الفلسفة التي لا تليق بكِ .. الجميع يرى تمثيلكِ ويسكت خوفا من نبش الماضي .. لكن أنا لا أخاف شمس "

بهتت شمس وعيناها تتسعان بقسوة .. لا تصدق أن قمر تصل لهذه المرحلة فتكرر بخفوت :

" " تمثيلى !

الندم .. يلح على الضمير طارقا الأبواب فنطرده بقوة كي لا نمر بلحظة ضعف أو نرى نظرة شفقة .
ندم في هذه اللحظة .. وندم في تلك اللحظة .. حين أدركت أنها خسرت أكمل عندما نطق بسؤاله ..
كيف ذهبت ورائه ناسية أنها ترتدي خاتم خطبتها ؟!
حين علقت في المنتصف بين أكمل الذي خسرته وحمزة الذي توشك على خسارته ..
حتى جاءت شمس واخترقتها آشعتها .. وحينها تهاوى كل شئ وعقلها يتخفى وراء قطرة نذالة بها لتخرج بأقل الخسائر ..
ويا ليتها أقل الخسائر .. أكمل خسارة العمر .. وحلمها خسارة الكيان والذات ..
وإلي الآن لا تعرف حقا كيف خطرت على بالها الإجابة ؟!
تتمادى قمر فتبعد أي إحساس بالذنب ولا زالت الشظايا تؤلمها مؤكدة بنبرة قاتلة :

" نعم تمثيل .. كل ما تفعلينه تمثيل .. أنتِ أكثر واحدة تضررت من أبي وتفكيره .. والآن تدعين القوة والصبر والصمود "

جمدت شمس وعيناها تتوشحان بالقسوة أكثر فيتقلب قلبها كجمرة مشتعلة بداخلها ..
ولا إراديا كانت تشمخ بذقنها وهى تتراجع خطوة فتهدأ أنفاسها العميقة ثم تقول بيقين بعد لحظات وقد أسكنتها ذكرى ما :

" لو يحمل قلبكِ إيمانا كالذي أحمله في قلبي لعرفتِ أن قوتي هى إيمان بالقضاء والقدر .. صبري هو مفتاحي الذي اعلم أنه سيفتح لي أبواب الفرج .. وصمودي هو عصاىّ السحرية التي سأرحل بها عن هذه الدنيا وأنا في قمة سعادتي "

انقبض قلب قمر وآخر جملة تنغزها بسكين في صميم قلبها المتحجر
فيخفت صوتها وتذوب ملامحها إختناقا قائلة برجاء :

" أنتِ تعلمين ما أشعر به .. ظننتكِ الوحيدة التي ستساعدني على تحقيق حلمي .. ألم تقولي لي حققي حلمكِ واكبري أكثر واحلمي أكثر ؟ .. أنا مجهولة الهوية يا شمس .. لا أشعر بذاتي ولا أعرف مَن أنا .. افهميني "

شعورها البغيض بقلة القيمة يتفاقم فترفض صغر سنها .. وكلما اخطأت تختبئ خلف ذلك الشعور بالصغر ..
وكأن عمرها توقف في مدرستها حين كانت طفلة ذات جديلة سوداء حرة .. ولكنها هى التي لم تكن حرة ..
مدرستها وجامعتها الخاصة التي اختارها لها ايضا والدها .. تجربتها الوحيدة في التحرر والتعامل مع البشر ..
فعلام يلومونها ؟!
كتفت شمس ذراعيها ويرتفع حاجباها وهى تسأل بنبرة ذات مغزى :

" وستعرفينها مع أكمل الفايد ؟!! "

تتلهف ملامح قمر وتقترب من شمس فتقول بكل ما تحمل من أمل :

" أكمل رآني .. رأى قمر .. جعلني نجمة العرض "

شعرت شمس بالإشمئزاز من الحوار كله فتقول بإستهانة :

" أكمل هذا لن ينظر في وجهكِ مجددا .. وساعتها قولي شمس قالت "

تمردت ملامح قمر فترفض كل الكلام إلا ما تصدقه قائلة بإندفاع رغم يقينها أنها خسرته :

" أكمل يحبني "

فاجئتها الكلمة كما فاجئت شمس فسخر منها هاتف بداخلها أنها كاذبة ..
اتسعت عينا شمس وهى تدرك خطورة الأمر لأول مرة فأنزلت ذراعيها وأمسكت مرفق قمر تهزها بقوة وهى تصيح فيها :

" هل جننتِ ؟ "

تتمرد عينا قمر أكثر فتشد شمس قبضتها على مرفقها وهى تهتف بغضب عارم :

" هل هذا ما كان يفعله معكِ .. هل هذا ما كان يوهمكِ به .. هذا هو العمل الذي تفخرين به .. ماذا فعل لكِ انطقي ؟ "

أبعدت قمر ذراعها واستدارت متجهة لشرفتها قائلة بأنفة كاذبة :

" لم يوهمني بشئ .. لم يقلها لي .. أراها في نظرات عينيه .. أرى إعجابه بي "

تتفجر شرايين شمس بالغيظ والرعب وهى تتقدم منها فتهتف بقلق متفاقم :

" أيتها المعتوهة .. ألم تفهمِ قصد تلك النظرات التي تفضح إعجابه ؟ .. إنها تفضحه هو شخصيا ولكن أنتِ لا تريدين الرؤية "

أمسكت قمر إطار باب شرفتها وغامت ملامحها بالعجز فتعترف بضعف :

" أنا عاجزة .. قليلة الحيلة .. ليس بيدي شئ إلا هذا .. يعتقدونني مجنونة متهورة لكن أنتِ تعرفينني جيدا .. لماذا لا تفهمينني ؟ "

تنظر شمس إليها بذهول غاضب .. إنها حقا لا تدرك هول ما ارتكبت ..
كل ما يهمها نفسها وحلمها الغبي التافه مثلها .
بينما تقف قمر تفكر في أكمل وإن كانت قد خسرته بالفعل أم .. أن هناك ما قد يعيده إليها !!..
ضربتها شمس في كتفها بحنق فتحاول إفهامها بحدة :

" أفهم ماذا يا غبية ؟! .. أنتِ لا تريدين رؤية نيته الواضحة وترفضين مجرد إفتراض أن يضمر لكِ شرا .. تضعين عُصابة سوداء على عينيكِ وتظنينها بألوان قوس قزح والمسمى أنكِ تحققين حلمكِ "

أعادت شمس ضربها غيظا بقبضتها في كتفها وهى تقول بإزدراء لكل هذا :

" لعن الله الأحلام إن ألقت بصاحبها إلي التهلكة "

ظلت قمر صامتة واجمة ولا زالت تفكر بأكمل فقالت شمس بنبرة تحذير جدية :

" كل ما قلتِه لا يهمني بشئ .. ستنهين كل علاقة لكِ بهذا العمل والحلم التافه وأكمل الحقير ذاك ... ومثلما دفعتينني بكل نذالة لأتورط معكِ عليكِ أن تخرجيني من كل هذا وإلا ... سأخبر حمزة بنفسي .. وبعده سأخبر أبي "

التفتت قمر إليها فترتعش شفتاها متسائلة بخفوت مصدوم :

" تفعلينها يا شمس ؟! "

حينها قست عينا شمس أكثر وأكثر وتصلبت ملامحها وبدت من ماضٍ قديم ولى فقالت بتأكيد :

" أفعلها يا قمر .. أنتِ بدأتِ وبعتِ أختكِ رخيصة .. والبادئ أظلم "

واستدارت لتغادر الغرفة بجمود لغرفتها حامدة الله أن والدها في عمله ووالدتها في زيارة لإحدى أقاربهم .




.......

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:18 PM   #486

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

مساءا

أتى حمزة لغرفة دارين مختنقا بالقلق .. والشك
قص عليها ما حدث اليوم منذ رأى قمر مع هذا الرجل ثم تأكيد شمس أنه كان يريدها هى !.
الأمر كله لا يريحه ولا يجد له منطقا يبرره
شمس .. وأكمل الفايد !! ... إنها لا تتراكب معه بأي صورة من الصور .
وإن كان كذلك فما معنى سؤال أكمل الفايد عن خاتمه ؟!
وإن كان يريد شمس فلماذا رحل سريعا حين جاءت شمس ؟!
وإن كان كذلك لمَ كانت قمر مرتبكة وما إن رأته بكت وكأنه أمسكها بالـ ... ؟!.
تقول أن سبب بكائها فزعها من نظرة الشك في عينيه .. فهل يصدقها ؟!!
ورغما عنه تذكر مجددا ذلك اليوم الذي صفعها به .. ونظرة عينيها حينها .. لم تنزل دمعة واحدة من عينيها ..
فقط تحجرت عيناها وتصلب جسدها بجواره في السيارة ونظرت أمامها وكأنها تمثال قسوة حية .. وكأنها لم تكن مخطئة ..
حتى أعادها إلي بيتها ليدرك بعدها أن قمر تاهت منه في مكانٍ ما .. تلك القمر التي كانتها قبل الصفعة ..
مغرورة بنفسها .. ومغرورة به ..
ينتظرها أمام دروسها الخاصة في الثانوية العامة فتخرج مع صديقاتها تتجه إليه تتعلق بذراعه وهو ينظر لها بإستغراب جرأتها ..
فيلاحظ تهامس صديقاتها بنظرات حسد يرمقونها بها يدرك مغزاها ..
ابتسامتها كانت رائعة .. مغترة وهى تنظر إلي عينيه فيتوه في ملامحها التي أصبح يراها بنظرة مختلفة عن نظرته الأخوية ..
جميلة كانت منذ صغرها .. نضجت فتنتها مبكرا ولكنها لا تزال صغيرته التي كانت تنام طفلة في حضن طفولته ..
لذلك مهما حدث منها يغفر لها سقطات لسانها رغم أنها تلقي كلاما كالرصاص أحيانا .. صغيرة نعم ..
ورجولته تحب حمايتها والحفاظ على صغرها هذا حتى تكبر بين يديه ..
فلم يكن يهتم بأنه وسيلة تباهٍ لها أمام صديقاتها .. ولمَ لا ؟! .. جميلة .. ويحق لها التباهي وقد سرقت قلب رجل مثله ..
فكان يضحك على طفولتها تلك وهى تطالبه بالذهاب هنا وهناك وكأنها تريد أن ترى كل الدنيا معه ..
كانت سعيدة .. سعيدة بقراءة فاتحتها عليه بتألق دون خجل فكانت مزيجا مبهرا لعينيه ..
وهى تنظر له أنه رجلها الأول فتمنحه شعورا عارما بالرضا .. حتى تلك اللحظة الخاطفة ..
قاسية .. لم تسامح وهى المخطئة .. لم تنس بعد ثلاث سنوات كاملة فصارت جامدة باردة .. متمردة ..
وتمردها يدفعه للإقدام .. للاقتحام .. للمحاصرة .. وبيده سيبعد هذا القمر ليعيد الآخر لتُضبَط الصورة مجددا.

تركت دارين لوحة الألوان جانبا واستدارت لحمزة على كرسيها المستدير فتتعجب هى أيضا :

" شمس على علاقة بأكمل الفايد .... غريبة !! "

أعادته من ذكرياته لأحداث اليوم فانتبه إليها ثم اتجه ليجلس على كرسي هزاز موضوع بالزاوية ووضع ساقا فوق الأخرى قائلا :

" شمس هى مَن أكدت لي كلام قمر ... لكن ... "

شردت عيناه فتزايد قلقه لتحثه دارين للمتابعة بالسؤال :

" لكن ماذا ؟ "

بدا حمزة متحيرا وهو يفسر بضيق ويده الحرة تتفاعل حركاتها مع كلماته :

" كلنا نعلم ما حدث لشمس يا دارين ... شمس أبدا لن تكون على علاقة برجل مثل أكمل الفايد .. هذا الموضوع فيه شئ لا يريحني "

تنهدت دارين وهى تستدير مجددا فتنظر للوحتها التي بدأت بها اليوم ..
لوحة غريبة لا يبدو بها معالم سوى خطوط عشوائية .. سوداء ورمادية .. وكأنها تريد استخدام الألوان فقط لا أكثر .. أو تريد الرسم ولا تجد فكرة في بالها !.
عادت تتنهد تكاد تضحك على لوحتها الخرقاء ثم تقول بعجب :

" أنا حقا لا أجد لها تفسيرا .. شمس من الأصل لا تذهب للنادي .. فأين عرفته ؟! "

ثم استدارت لحمزة وقالت بإستدراك وهى تعقد حاجبيها :

" لكن ... قد يكون لها تفسيرا "

أراد حمزة أي سبب يريح عقله من شتات تفكيره فيسأل :

" ماذا ؟ "

تحاول دارين أن تكون منطقية لأبعد حد وهى تقول ما تعتقده :

" الجميع يعرف أكمل الفايد يا حمزة .. إنه رجل نظرة منه تؤثر في أي أنثى .. وشمس عانت كثيرا ولذلك من الممكن أن يكون بينه وبين شمس مشروع .. مبدئي .. بدليل إنه يحاول توسيط قمر بينهما "

عند ذكر قمر تلاشى المنطق فيريد تصديق أي مما يقال له ليسأل مجددا :

" هل تعتقدِ أننا سنسمع خبر زواج قريب ؟! "

رفعت دارين حاجبيها وهى تهز ساقها بحركة رتيبة قائلة :

" شمس وأكمل الفايد ! ... سيكون حدث العام "

رفعت شاهندا يدها عن مقبض باب غرفة دارين ولم تدخل لتتحدث معها كما أرادت حين سمعت سؤال حمزة الذي أتت عنده ثم إجابة دارين .. الواضحة ..
وغادرت بفرحة طاغية وهى تدعو أن يتمم الله موضوع شمس على خير لتُعوَض أخيرا عما مرت به .
نهضت دارين تجلس على سريرها واضعة ساقا فوق الأخرى متسائلة مجددا :

" ولكن هل قالت لك شمس أنه حقا يريد الزواج منها وهى موافقة ؟ .. أم ماذا قالت بالضبط ؟ "

مال حمزة للأمام يمنع الكرسي عن الإهتزاز مستندا بمرفقه على ركبته بينما ذراعه الآخر لا زال في جبيرته منذ ثلاثة أسابيع قائلا بنبرة لا زالت قلقة إن لم يكن على قمر .. فعلى شمس :

" قالت أنه يريد فتح باب للكلام معها وهى ترفض لذلك يوسط قمر لأنها تذهب للنادي دائما .. فقط هذا "

مطت دارين شفتيها للجانب وهى تشعر بحدسها أن الأمر أكبر من هذا ولكنها قالت بتعقل :

" إذن شمس ليست على علاقة به وحتى إن كان سيتقدم لها أم لا فنحن لا نريد أن نروج إشاعة كاذبة عنها .. تعلم كم هى حساسة "

اومأ حمزة برأسه متمتما بخفوت :

" نعم "

ثم بدا أنه يتذكر باقي ما أتى لدارين لأجله فيبدأ بمراوغة من حديثها السابق :

" ثم تعالي هنا ... هل أنا أخ أم رجل كرسي أمامكِ ؟! ... كيف تقولين عنه أنه رجل يؤثر في أي أنثى ؟! "

ضحكت دارين بصفاء سريرتها وقد بدت حقا في حاجة لـ .. تضحك !.
وبعد لحظات تألقت عيناها وهى تقول بنظرة حب حقيقي :

" أنت أحلى أخ .. وألطف صديق .. وأحسن حبيب .. بوجودك لا أحتاج أحد بجواري مثل باقي الفتيات "

أطلق حمزة نفسا طويلا عميقا ثم سأل بحذر ماكر :

" على ذكر الرجال والنظرات وجواركِ ... هل كنت أتخيل اليوم أنكِ ذهبتِ مع .... رائد زهران ؟! "

أسبلت دارين أهدابها وكأنها تحمي أفكارها وردت مؤكدة :

" لا .. لم تتخيل "

نفخ حمزة وعصبيته تغلبه فيقول بعنف حاول كتمانه :

" كدت ألحق بكما وأفتك به ' خريج السجون ' هذا لولا ثقتي بكِ "

رفعت دارين نظراتها إليه مندهشة ومالت بجسدها تستند بمرفقها على المفرش الأبيض الناصع وهى لا زالت واضعة ساقها فوق الأخرى فتتسائل بدهشتها :

" لماذا ؟! "

اعتدل حمزة في جلسته فاهتز الكرسي به بحركات منتظمة وهو يجيبها بدهشة من عدم معرفتها الجواب :

" لماذا ؟! ... لأنه تجرأ ليأتِ اليوم أمام الجميع .. لأنه تجرأ من الأصل وطلب يد ' دارين العامري ' للزواج .. هل أنتِ قليلة يا فتاة ؟! .. أنتِ أخت ' حمزة العامري ' وابنة ' كامل العامري ' "

ضحكت دارين ضحكة عالية ثم قالت بشقاوة :

" أعشقه أنا مَن يغار على أخته هكذا "

الحزم بدأ يطل من عيني حمزة وهو يقول :

" دارين ... لا تتهربي ... أين ذهبتما ؟ "

عادت دارين ترخي جفنيها رافعة حاجبيها ببراءة ماكرة وهى تقول :

" والده انخفض ضغطه وفقد الوعي وتم نقله للمشفى فذهبت معه لاطمأن عليه .. لقد جاء ليبارك لي وهذا واجب وخاصة أني عرفت فلم أستطع تجاهل الأمر "

ضيق حمزة عينيه وبدت له الإجابة طويلة أكثر من اللازم فيقرر الكلام صراحةً :

" لا تقولي أنكِ تفكرين بالموضوع هذه المرة ... أنا وضعت رائد بقائمة الرفض منذ أخبرني أبي بالأمر ولذلك لم أتحدث معكِ بشأنه "

نظرت دارين إليه فتبتسم وهى تقول بهدوء :

" أرح نفسك يا حمزة .. لا يوجد موضوع من الأساس "

عقد حمزة حاجبيه بشك ومال رأسه للأسفل قليلا سائلا :

" كيف هذا ؟! "

هزت دارين كتفها بلا مبالاة وترد بكلمة :

" هكذا "

بدت كتومة للغاية مما أثار غيظ حمزة ليقول :

" يا خوفي من غموضكِ هذا .. دائما يكون ورائه قرار صاعق ولكننا نتقبله صامتين .. ولكن هذه المرة ... "

تركزت نظرات دارين عليه فيقول حمزة بكل الجدية وما يعرفه عن أخته وتفكيرها :

" القرار مصيري دارين .. قد تفكرين أن رائد حالة مختلفة غريبة .. ليس مجرد ' العريس ' التقليدي المناسب ... قد تفكرين أنه بعد محنته التي دامت لسنوات ربما هو الآن بحاجة إلي أنثى تحتوي حزنه ... "

تنبهت دارين بكل حواسها لكلامه فبدت ملامحها شديدة التركيز وعيناها تضيق قليلا وكلماته تلمس وترا موجودا بالفعل بتفكيرها .
فيكمل حمزة كلامه بما يراه في رائد :

" لكن كل هذا قشرة خارجية .. المهم هو ما بداخل القلب .. وقلبه رأى الكثير حتى أظلم .. مرض وموت وحرمان وسجن .. فضلا عن الأسر الروحي الذي يتذوقه في غياب معشوقته التي يعلم الجميع كم كان يحبها ... جدران قلبه تصدعت .. غطاها الغبار حتى صارت الرؤية بالداخل .. ضباب "

حاجباها ينعقدان بلمحة طفيفة وهى تستمر بصمتها المفكر المنتبه وجسدها يشتد وكأنه يشاركها الإستماع بتركيز .
تومض في عقلها لحظات قليلة كانت بها مع رائد .. ولكنه لم يكن معها
سابقا .. وقاحته وصلفه وهو يقول لها أنه طلب والده وليس طلبه
واليوم .. تاه منها وهو يشرد بعيدا في كل ركن مر عليه في النادي متذكرا .. ليلى .
فيتابع حمزة بفخر ملأ نبرة صوته وهو منتبه لتركيزها في كلماته :

" وأنتِ فتاة في منتهى الخفة والحيوية .. واضحة رغم غموضكِ وهدوئكِ .. فتاة ملونة تعشق الحرية والنور .. لا يمكنها أن تعش في الضباب "

يطرق قلب دارين بأجراس تستحوذ عليها بالكامل وعقلها يتشتت من فكرة لأخرى ..
فتراه اليوم في لمحة أخرى كان فيها شديد التباعد كاد بها أن يصدم رجلا بسيارته ...
ثم تنتبه لنظرة لن تنسها يوما في عينيه .. نظرته - الخائفة – تمزق القلب بضعفها في لحظة عابرة رفضها سريعا لتعود ملامحه لجمودها الغاضب .
تقسم أنه كان غارقا بتذكر يوم الحادث الذي دهس به رجلا ودخل بعده السجن لعامين بعد وفاة زوجته .
سمعت أن زوجته كانت معه يومها في السيارة وقد فارقت الحياة فلم يعي رائد شيئا حوله وهو يحاول عبثا الوصول للمشفى لإنقاذها .
يتداخل صوت حمزة بنبرته الشجية الجدية مع أفكارها فيوازنها وهو يضيف المزيد بصبر ويقين :

" رجلكِ يجب أن يكن رجلا يعشق ألوانكِ .. يتحرك بخفة فوق أوتاركِ فيعزفها حرة منيرة تخصكِ وحدكِ "

تتزايد الأفكار برأسها كأوراق تتناثر هنا وهناك فيحمل بعضها رياح عابرة ويسقط بعضها أرضا بلا قيمة ..
وحمزة يواصل ما يملأ روحها :

" بلا ظلام .. بلا ضباب .. بإبتسامات تملأ حياتكِ سعادة فقط .. بألوان تجعلكِ تحلقين فوق قوس قزح لوحاتكِ "

ابتسمت دارين بفخرٍ به يوازي فخره بها .. بتفهم لكل كلمة من عباراته .. بتشبع بصوته القوي الحنون ..
ها هو حمزة أخاها الذكي المتفهم .. ها هى كلماته تترسخ بقوة في ذهنها بنقوش روحية صعبة الزوال ..
دوما كانت كلمات حمزة لها هذا التأثير الفريد عليها .. كما يقول عنها ' مروحة قلبه ' حين تخفف عنه فيصف كلماتها بالبلسم الشافِ ..
فإن حمزة إليها هو صوت - المنطق الروحي –
هو العقل بلا تزمت ولا تخلف ولا رجعية رغم – شرقيته – المتأصلة بدمه ..
هو وجه - منطقي عاقل - من عدة وجوه يملكها حمزة .. منها العابث .. الجرئ .. الشجاع .. المتحكم .. الغيور .. والعصبي المتهور .
وبذكر رأي العقل تذكرت رأي القلب أو .. الإنسانية .. فعبرت عنه بنبرة غريبة :

" وقد يكون .... في حاجة ماسة لأحد يأخذ بيده ليخرجه من ضبابه ... يرسم على ذلك الضباب ألوانا حتى ينقشع وتتضح الرؤية .... ينفخ ذلك الغبار حتى يحظَ بنسمة حرة حيوية تنعش الجدران التي تصدعت وتعيد إليها رونقها .... بصيص نور قد ينير الظلام "

أشار حمزة بيده موافقا وهو يقول بمنطقية :

" حسنا .. وإن يكن .. هل أنتِ مستعدة لتعيشِ عمركِ كله أسيرة لحظات عطف وإشفاق ؟! "

رفع أحد حاجبيه وملامحه تنظر إليها بتساؤل أو بتقرير .. أنه محق .
اعتدلت دارين في جلستها وعادت تسبل أهدابها وتتنفس بعمق مفكرة بسؤاله الأخير فقال حمزة بثقة :

" أيا كان قراركِ ... فأنا أثق بكِ دارين "

نهضت دارين تعود لتجلس على الكرسي المستدير أمام لوحتها قائلة بهدوء :

" الموضوع انتهى يا حمزة .. بل لم يكن موجودا من الأصل "

لسبب ما شعرها حمزة تنهي نقاشها معه وتغرق بتفكيرها المستقل فقال وهو يتجه للباب منهيا النقاش بخلاصة القول الحانِ الحازم :

" المهم لا تنسي .. مهما غلب الطبع التطبع .. سيظل التطبع له أثرا أكبر مما قد نتخيل "

غادر حمزة الغرفة فأمسكت دارين لوحة الألوان وأخذت تضع خطوطا خرقاء جديدة بنفس اللونين .. الرمادي .. والأسود .
ووسط الخطوط الرمادية السوداء وجدت خطا باللون .. الوردي !
نظرت للوحة الألوان بإستغراب فتجد الألوان .. الأسود والرمادي والوردي .. بجوار بعضهم ..
ثم نظرت للفرشاة في يدها الآخرى فتجد أنها قد غمستها باللون الوردي .. بالخطأ !.


اتجه حمزة إلي غرفته بتثاقل يلقي جسده على السرير فيعود عقله لكل ما حدث اليوم ليرتعش قلبه رغما عنه متلوعا بالهمس الحارق :

" أتمنى أن يكون كل هذا صحيح قمر ... قلبي لم يعد يحتمل منكِ جراح "




.......

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:22 PM   #487

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

تجلس قمر على سريرها بإنهيار تام .. دموعها تجري على خديها كمَن فقد عزيزا ..
لا تعلم كيف تتصرف لكي تنقذ أي شئ ؟ ... وهل تبقى هناك شئ ؟!.
بإرتعاش تمسك هاتفها مجددا تحاول الإتصال به ثم تترك الهاتف مثلما تفعل منذ وقت طويل ..
أغمضت عينيها فيضئ وجه أكمل أمامها وتتجسد نظرته المتوحشة الأخيرة التي ألقاها عليها ثم تتردد كلمته الأخيرة كسوط مرة بعد مرة ..
براڤو .. براڤو .. براڤو
إحتقاره لها ينضح من صوته وهو يهنئها بنذالتها متهكما
لتنساب دموعها أكثر ويختض جسدها بشهقات بكاء عنيفة وهى تميل بجسدها لتدفن وجهها في وسادتها .
بعد دقائق كانت نوبة البكاء تتراجع وتعتدل جالسة وتقرر الإتصال ..
الإعتذار .. المداهنة .. المحايلة .. أي شئ .. فقط يعود حلمها !.
على رقمه الشخصي كانت تضغط .. وتنتظر
لأول مرة تدرك كم هو قاتل الإنتظار
رنات الهاتف تبدو بلا نهاية ويدها تعتصر الهاتف على أذنها خوفا أن يقع من عدم سيطرتها على شئ بها ..
قلبها دقاته عانقت قمر السماء
جسدها يرتجف .. يحترق ..
أكمل .. أكمل هو نور شمسها .. وها هو يوشك على .. المغيب
أخيرا فُتِح الخط على آخر رنة وبلا كلمة كانت تسمع ثورة أنفاسه فتهمس اسمه برجاء محترق :

" أكمل "

لأول مرة تحتاج سماع صوته .. لأول مرة لا تخاف سوى .. من فقدانه ..
لأول مرة تشعر أنها .. أنها .. تريده
ثورة أنفاسه تشتد فتعاود النداء بجزع ودموعها تعود للإنسياب :

" أكمل .. اسمعني أرجوك "

بنفس نبرة صوته في آخر كلمة كان الرعد يعود في أذنها بشراسة :

" ستدفعين الثمن غاليا يا قمر "

انشطر قلبها بضربة سكين خاطفة فاختنقت أنفاسها لحظات ثم تقول بصوت متقطع باك :

" أكمل .. أنا لم أخدعك .. اسمعني فقط .... أنا أحتاج إليك "

على الجانب الآخر كانت عينا أكمل تبرق برقا حقيقيا وهو يقول بإزدراء عنيف :

" لم تخدعينى ! .. خدعتِ خطيبكِ وبعتِ أختكِ .. أنتِ الخداع نفسه "

هو الذي كان يسويها على مهل .. جاء أحدهم وسرقها سرقا أو إنها كانت مملوكة من الاصل .
استشاط غضبا أكثر فتخرج أنفاسه لاهبة ويقول بقسوة مُهينة :

" وجهكِ الجميل بنظرة عينيكِ البريئة تخفي خلفها مكرا وخبثا كحية ملعونة "

شهقات بكائها علت فتصله بوضوح لتشعره بالإنتشاء ولذة إنتقام .. أولية.
لحظات صمت فيها يستمتع بصوت شهقات بكائها النادم كما استمتع من قبل ببكائها الخائف ثم يضيف المزيد بإحتقار :

" كان علىّ توقع كل هذا حين رأيتكِ أمام سيارتي .. ولكن اؤكد لكِ أنكِ تلاعبتِ هذه المرة مع الشخص الخطأ "

يعلو بكاء قمر بطريقة هستيرية عاجزة عن النطق فينهي أكمل المكالمة بوعدٍ شرس :

" ستتجرعين الندم قطرة قطرة ... وبيدي أنا "

سقط الهاتف من يدها وهى تبكي بحرقة .. لأول مرة تدرك حرقة البكاء ..
وكأنها لم تبكِ من قبل ..
قهرها .. ذاتها .. روحها .. كبرياؤها .. غرورها .. إهانتها ..
وتتعدد أسباب بكائها .. تجري الدموع مدرارا تغسل وجهها ولا تغسل إهانتها ..
فتقف على قدميها تكاد لا تحملها ساقيها لتحاول الوصول حتى تقف تحت المياه تطفئ هذا الإحتراق بها ..
والدموع تحرقها أكثر .. وتحترق .. وتحترق
وتغيم الدنيا .. وتتلاشى .. وتختفي ..
وتسقط وسط غرفتها جسدٌ هامد .. فاقدة للوعي .




.......

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:28 PM   #488

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

في ظلمة غرفة المكتب في منزله كانت يده تتمسك بغل بزر إضاءة خافتة على المكتب ..
يطفئ النور الخافت ويشعله .. يطفئ ويشعل
ويشتعل معه
الظلال الحالكة تنعكس على وجهه فيبدو مخيفا وهو يجلس خلف مكتبه كالصياد المنتظِر..
عيناه الزرقاوان تجمدت كجليد مظلم في محيط داكن ولكنها لا زالت تبرق بوهج مشتعل في أعماقها ..
الخيانة .. الخداع .. وهو يفكر بطريقتها المخادعة منذ البداية وهو الذي ظنها متهورة وهاجة ..
لم يخنه ذكاءه في البداية .. لم يخنه في كل لقاءاتهم وهو متأكدا بإنجذابها إليه وتأثيره عليها ..
ولكنه خانه في لحظة قرر بها التفكير فيها بشكل مختلف وأنها ليست بالضرورة سيئة ..

براڤو .. براڤو يا مَن تصغريني باثني عشر عاما

لعبتها بإمتياز وكأنها .. محترفة .

يشتعل صدره بالغضب ثورة على كرامته التي تلاعبت بها طفلة ..
وجه برئ حزين بجمال فريد .. بل بغيض على نفسه
أمسك الهاتف مقلبا في صوره حتى ضغط على صورة معينة ليضئ وجهها أمامه ..

' زيــنــة '

كم مر على لقائهم الأخير .. أربعة عشر عاما ربما .. منذ عامه الجامعي الثالث ..
حين كسرت حبها المزعوم له على صخرة شقائه
حين خجلت منه ومن وضعه فاعتذرت ببكاء كاذب أنها لن تستطع الاستمرار ..
حب الصبا والمراهقة التي لم يذقها فكان رجلا منذ عمره الخامس عشر ولم يدرك معنى مراهقا ..
كانت النسمة الزينة الوحيدة في بؤس كل ما حوله
وتركها له جمد قلبه وأظلم أعماقه

زينة .. ذات الوجه البرئ ذو الجمال الفريد
لذلك كان هناك شيئا ما يراه في وجه قمر حاول تجاهله .. تشبهها كثيرا..
نفس العينين ربما .. الشفتين .. الشق في شفتها السفلى .. ولكن شعرها كان أسود ..
يحدق أكمل في الصورة وشفتاه تنطبقان بقسوة فيتذكر أنه كان سيغير لون شعر قمر للأسود..
كان يريدها نسخة جديدة منها .. ولم يدرك ذلك إلا حين عانقته ببكائها الخائف ..

ووقتها تذكر عناق زينة وهى تبكي على صدره فيحاول إبعادها حفاظا عليها ولكنها تتشبث به ووقتها ذراعاه كانا .. يترددان .. في ضمها إليه ..
قيد زينة كسره منذ وقت طويل .. منذ دهست كرامته بقدميها وهى تستدير وترحل لآخر مرة ..
ولكنه الطعم المر الصدئ في حلقه .. لم ينتقم .. لم ينتقم منها لأنه لم يستطع أذيتها ..
تركها ترحل في سلام باقيا هو بكرامة مُهدَرة وقلب مات مبكرا

ذلك الوقت كان أشد الأوقات الصعبة في حياته فلم يستطع اعتبارها تجربة ومرت ..
كل حياته كانت متوقفة على هذا الحب .. كل شقائه كان يهون بنظرة عينيها وهى ...
كسرته
ولم يفعل شيئا
لم يعتد أن يترك حقه .. يأخذ ما يريده .. ولكنه معها تركه ولم يأخذ شيئا
ولن يسامح .

ومرة أخرى تخدعه .. زينة
لن يترك قمر ترحل بسلام مثلما فعل سابقا .. اسمه الآن يدفعه لأن يدافع عن ذلك الاسم ضد مَن يتلاعب معه ..
وسيكون إنتقامه مضاعفا
حتى وإن كان سيحرق قلب قمر .. وزينة معا .

حذف الصورة التي ظلت مؤرقة له طوال هذه السنوات .. وكأنها أول خطوة ..

ثم طلب رقما ونهض وهو يتحدث في هاتفه بسيطرة تامة :

" نعم بخير .. أريد منك شيئا "

يستمع لصوت محدثه ثم يقول بتصلب قاس :

" لا .. لا داعي لأن تأتِ بنفسك "

عيناه كالمحيط المظلم المتجمد في ملامحه الجامدة بغضب أهوج وصوته يعد بوعد لن يخلفه آمرا بنبرة تقشعر لها الأبدان :

" سأرسل لك بيانات فتاة .. أريد كل ما يخصها ويخص عائلتها فردا فردا على وجه الدنيا "

جولة إنتقام .. وإعادة بعض من ' أكمل الفايد ' الماضِ .. ولكن بإمكانيات الوقت الحالي .

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:40 PM   #489

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

رن الهاتف الأرضي فاتجهت نجوى بجلبابها الأخضر الفاتح المطَبع بالورود الملونة لتجلس على أريكة الصالون البنية وترفع السماعة وهى تلقي السلام فتجيبه شاهندا بصوتها الناعم ثم تسأل بإهتمام :

" نجوى كيف حالكِ ؟ "

تبتسم نجوى إبتسامة صغيرة وترد السؤال بمودة :

" بخير الحمد لله .. وأنتِ كيف حالكِ شاهندا ؟ "

تدخل شاهندا فيما تريد قوله فتقول بجدية :

" بخير .. كنت أود أخذ رأيك في موضوعٍ ما "

عدلت نجوى السماعة على أذنها الأخرى فتقول بإصغاء :

" خير إن شاء الله "

تعتدل شاهندا على الكرسي الأبيض في شرفة غرفتها وهى تقول بتأن ممسكة بسماعة الهاتف الأرضي الحرة بدون أسلاك :

" حمزة سيفك الجبيرة منتصف الأسبوع القادم .. ما رأيك لو عقدنا القران نهاية الأسبوع .. أريد أن أفرح بحمزة ومؤكد أنتِ أيضا تريدين الفرح بقمر "

استمعت نجوى لكلامها وهى تتوجس من رد فعل قمر فتقول بمماطلة :

" أنا ليس لدي مانع .. ولكن يجب أن نأخذ كلمة الحاج ورأي حمزة وقمر .. هل سيستطيع حمزة أن يُحضّر لكل شئ في يومين فقط ؟! ... وقمر أيضا .. مؤكد ستريد اختيار فستانها وستأخذ وقتا "

تطمئنها شاهندا بالقول المتحمس :

" صدقيني كل هذا يتدبر .. أنا أريد شيئا آخر أيضا "

تتوجس نجوى أكثر وملامحها ترتبك وهى تسأل :

" ماذا ؟ "

فتقول شاهندا بإهتمام :

" سمعت بالصدفة حديث دارين وحمزة أن أكمل الفايد تقدم للزواج من شمس وهى وافقت "

سكنت نجوى بدون رد فتكمل شاهندا كلامها بصدق :

" مؤكد الموضوع لا زال في أوله لأنه ليس رسميا بعد .. ولكن إذا الموضوع موجود بالفعل فلمَ التأخير ؟! .. طالما أن الجميع موافقون .. أريد منكِ أن تعجلِ الأمر .. اجعلي شمس تكلم أكمل وكلمي الحاج ولنجعل خطبة شمس وأكمل مع عقد قران حمزة وقمر .. تعلمين كم أن شمس غالية علىّ ... ستكون الفرحة فرحتين يا نجوى .. أنا أريد الفرح بشمس .. إنها ابنتي الكبرى "

صدمة ألجمت لسان نجوى
صدق خالص مسته نجوى في كلامها ولكنها لم تعرف بمَ ترد وهى تخبرها أن حمزة ودارين يعلمان بالأمر ..
ياللهول .. إنه الخبر الأسود لو كانت شمس على علاقة بأحد متلاعب من ورائهم ..
ولكم تتمنى لو يكون الموضوع صحيحا .. لو يكون ذلك الرجل جادا بطلبه شمس !..
بهدوء شديد كانت ترد بلا إجابة :

" اعلم كم تحبينها يا شاهندا .. عذرا سأغلق الآن لأن الحاج وصل "

أغلقت نجوى الهاتف وظلت مكانها لا تعرف صدق من كذب الخبر ..
الخبر في بيتهم كاذب فلا أحد تقدم للزواج من شمس ..
ولكن خارج البيت .. أيعقل أن تفعلها شمس وحدها
أيعقل أن تكون والدتها وتعرف من الغريب ؟!.


لذلك نهضت بوجه صارم حتى صعدت الدرج المؤدي لغرفة شمس لتفتح الباب وتدخل بقوة هاتفة باسمها :

" شـــمــس "

كانت جالسة أمام الحاسوب المحمول على سريرها تنجز عدة أبحاث للرسالة عليه وعيناها تتركزان على الشاشة المضيئة بنظارتها الطبية التي ترتديها أمام التلفاز والحاسوب فقط رغم تنبيه الطبيب أن ترتديها دوما إلا أنها لم تعد تهتم بعينيها منذ فترة .
تعدل وضع نظارتها على أنفها بحركة آلية وهى ترد بإنتباه على الشاشة :

" نعم "

تقدمت نجوى خطوات وهى تسأل بنبرة تحمل إتهاما :

" مَن أكمل الفايد هذا ؟ "

ما هذا اليوم !!!
كم مرة ستسمع هذا الاسم اليوم ؟!!
بعد أن هدأت قليلا أو بمعنى أدق أصابتها اللا مبالاة هى الأخرى لكل ما حدث نهارا ..
قمر تعيش تلك اللا مبالاة بجدارة رغم الكارثة التي فعلتها وهى التي ستنفجر غضبا ..
فلماذا لا تكون مثلها على الأقل قليلا ؟!!.
توقفت أصابع شمس على لوحة المفاتيح وسكنت وضاع تركيزها إلا في سؤال والدتها .. الغريب .. فتنظر إلي والدتها وترد بسؤال يعكس إستغرابها :

" أين سمعتِ هذا الاسم ؟! "

مال رأس نجوى وملامحها تتأسى فجأة فتقول بجزع :

" إذن الاسم ليس غريبا عليكِ وتعرفينه جيدا "

اتسعت عينا شمس قليلا وجمدت خلف زجاج نظارتها ذات الإطار الأسود فتقول :

" لا .. لا أعرفه ... إنه أحد أعضاء النادي وصاحب شركة إعلانات كبيرة لذلك اسمه معروف لا أكثر "

بدا الشك على ملامح نجوى وهى تعقد حاجبيها ثم تسألها وكفيها يتوتران :

" هل طلبكِ للزواج حقا وأنتِ وافقتِ ؟! "

صدمة ملامح شمس وجدتها نجوى مشابهة لصدمتها مع شاهندا فتستغرب وشمس تسأل بذهول :

" ماذا ؟! .. ما هذا الذي تقولينه ؟! "

ردت نجوى بطيبة نية :

" " هذا ما وصلني

كانت أعصاب شمس قد وصلت للذروة بعد كل ما حدث اليوم فاحتدت على والدتها بالقول :

" وصلكِ ؟! .. مَن تجرأ وتكلم عني أنا نصف كلمة ؟ .. هذا الكلام كذب وقائله كاذب مدعٍ "

خافت والدتها عليها من ثورة قد تنتابها الآن فتروي لها ما سمعت :

" شاهندا قالت لي أنها سمعت حمزة ودارين يتحدثون عن زواجكما المرتقب "

هزت شمس رأسها وهى تتسائل كيف تم تحوير كلامها لهذا الشكل .. كيف فعلها حمزة ؟! ..
فتقول بتوتر غاضب :

" " لا ... مؤكد هناك شيئا خاطئا أو سوء فهم

تألمت ملامح نجوى فاقتربت تجلس على حافة السرير مقابل شمس وهى تقول برجاء :

" أصدقيني القول يا شمس .. أنا لم أعرف بماذا أجيب على شاهندا وهى تطلب مني أن اجعل خطبتكِ وعقد قران قمر في يوم واحد "

تضايقت شمس من تلك النظرة بعيني أمها .. نظرة بغيضة مليئة بالحسرة والشفقة ..
مليئة بالتمني حتى وإن كانت حزينة ظاهريا إلا أن القلب يرقص بأمل واهٍ ..
لكن شمس دحضت كل الآمال وهى تخلع نظارتها قائلة بجمود :

" لا يوجد شيئا من هذا "

تنهدت نجوى بخيبة أمل وهى تقول بخفوت :

حسنا يا شمس " "

ثم خرجت من غرفة شمس تاركة إياها تحدق في الفراغ وشعور البغض تجاه المسمى ' أكمل ' بما فعله مع قمر يملأ قلبها فيزيده قتامة .

بعد ثوان قصيرة كانت نجوى تصرخ عاليا :

" الحقيني يا شمس "

فزعت شمس ونهضت ركضا لتخرج من غرفتها ترى ماذا حدث حين ميزت صوت الصراخ من غرفة قمر فاتجهت إليها ..
وعند باب الغرفة تسمرت قدماها واتسعت عيناها عن اخرهما ليهو قلبها وهى ترى جسد قمر ممدد أمامها في منتصف الغرفة .. بلا حراك .



.......

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 10:48 PM   #490

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي


" متى أحببتني رائد ؟ "
" منذ يوم ولدتني أمي رحمها الله "
" لا تمزح أخبرني .. من يوم الحفل أم بعدها ؟ "
" من يوم الحفل .. وبعدها .. والآن .. ولآخر عمري "
" تخيل أن أي شئ حدث لي .. ماذا ستفعل بعدي ؟ "
" ليلى "
" لا تغضب .. إذن تخيل أني لم آتِ إليك وأخبرك أني صاحبة القناع .. هل كنت ستنسى أم تواصل بحثك ؟ "
" ما بكِ اليوم ؟ "
" لا شئ .. أريد أن أعرف "
" حسنا .. كنت سأنسى بعد فترة .. لا يمكن أن أظل حياتي كلها أبحث عن مجهول "
" حقا ؟! "
" ليلى .. أريد رؤية قميص النوم الأسود الذي أحبه .. الآن .. حالا .. وفورا .. وبشكل عاجل للغاااااااية "



سبات عميق سحبه عنوة ليغلق عينيه بعد لحظات تذكر عصيبة
منهكا حد الإعياء وخارت قواه كليا بعد عودته من المقابر فارتمى على سريره بملابسه وراح في النوم .
لا يعلم ما به ؟ .. ما ذنبه ؟!! .. ما دخله هو ؟!!
قلبه يحبها .. يحبها ويأبى نسيانها .. يأبى الحياة بعدها
روحه اندمجت فيها اتصالا قويا في حياتها .. وتلاشت معها بعد موتها
جسده يرفض أن تلمسه أنثى مهما تاقت رجولته لغريزة طبيعية
لا يعلم كيف أصابه كل هذا ؟! .. لا يعلم كيف أحب لهذه الدرجة ؟!
كان الساخر الصامت في عالمه الخاص الغامض
كان ' رائد زهران ' اسم – رجل - يفخر به ويتفاخر
فماذا أصبح الآن سوى اسم بلا رجل ؟
ما هذا الحب اللعين الذي يشطر القلب ويسلب العقل ؟!
ماذا يفعل ليبرأ منه ؟! .. ماذا يفعل ؟! .
ولكن هل يريد حقا أن يبرأ منه ؟!
دوامات يغرق فيها .. يغرق لأسفل فلا يجد قاع .. تقذفه دوامة لدوامة أخرى .
يا إلهي إنها تبكي !
اقترب منها كثيرا وكأنه يقود الدوامة .. اقترب منها ومد ذراعه يضع يده على كتفها .. اقترب منها والتفتت إليه ..
اقترب منهـ .... إنها ليست هى !! ... بل هو !
هو يبكي جالسا على حافة شئ ما مخيف .. يكاد يشعر بخوفه ملموسا
وفجأة طلت رأس والده أمامه من ذلك الشئ المخيف ثم .. رآها
مَن ؟! .. هل هى ' دارين ' حقا ؟!
تمسك بندقية وتصوب نحوه ! .. توقف بكاؤه ورفع ذراعيه يحمي وجهه ثم .. دوت الطلقة .
وانحسر الشئ المخيف أمام ناظريه بعد تصويبة منها له
ولكن ما أرعبه حقا .. أن الدماء نُثرَت عليه
أنين خافت يصدر منه وعيناه تُفتَح فجأة نافضا الغطاء الخفيف عنه بعنف.
واستيقظ .. انتفض جسده جاحظ العينين لثوانٍ طالت حتى استوعب وجوده في غرفته .
ثم أسند رأسه للخلف يحدق بالسقف وصدره يعلو ويهبط .. يعلو ويهبط
كوابيسه تنتهي كلها بالدماء ..
نفخ رائد بتعب وعيناه تدور في الغرفة .. هل هى السبب ؟!
وجوده في نفس الغرفة .. بنفس الرائحة ونفس الأثاث ونفس .. الذكريات .

صباح اليوم التالي

واجما مرهقا يسير في رواق المشفى المؤدي لغرفة الطبيب صالح .. طرق الباب ودخل فاستقبله الدكتور صالح برسمية .
جلس رائد أمام مكتبه ليسأله عن حال والده وإن كان بإمكانه الخروج اليوم فيجيبه صالح بإرتباك :

" والدك ... طلب مني ألا أخبرك ... لكن واجبي أن أصارحك "

عقد رائد حاجبيه وهو يسأله بقلق نافذ الصبر :

" تصارحني بماذا ؟ "

أطرق صالح وهو يشتم زهران في سره ثم رفع رأسه وحاول أن يتحدث بمهنية :

" بعد التحاليل التي أجريناها اكتشفنا أن ... والدك مريض .... بسرطان الكبد "

وقفت الدنيا عن الدوران .. وقف قلبه عن النبض .. وقفت أنفاسه عن الخروج ...
همد جسده فجأة ولم يشعر بشفتيه وهى ترسم حروف

" سرطان "

يعود للوراء خمس سنوات في جلسة أخرى مع طبيب آخر يحدثه بنبرة عادية :

" زوجتك لديها كتلة سرطانية بالرحم .... آسف سيد رائد ولكن علينا التصرف بسرعة .. الورم خبيث وهذا هو سبب عدم الحمل وقد مر عام منذ زواجكما "

غابت الشمس .. وأظلمت الدنيا .. اسودّ كل ما حوله .. وهوى قلبه في عمق الظلام ..
وتضائل كل الكلام متلاشيا بعد أول جملة لتدمع عيناه بلا وعي

كما الآن تماما
أطرق برأسه وأول دمعة تهطل بلا إستئذان .. تهبط – بحياء - الحزن الصامت و - غلو - دمع الرجال ..
ولا يدري أيبكي والده أم يبكيها ؟..
أم تداخل البكاءان ليصنعا مزيجا متفردا من ألمٍ خاص به وحده ؟
ألم شق ملامحه وذبح شباب وجهه ورسم تجاعيد ماضٍ وحاضر ومستقبل مجهول ..
وبإدراك للنهاية التي سبق وشهدها
نهض .. نهض واقفا ساقاه تكاد تهوي به وتتوسله ليمت ويرتاح من الدنيا قبل أن يخطُ أي خطوة مبهمة بهما .
اليأس يملأ قلبه وكل مَن يحب يسقط حوله بنفس المرض ..
وداخله يريد إخراج الصراااخ الذي يصدح بكيانه
لماذااااااااا ؟!!!!
لماذا أنا ؟!
لماذا ليلى ؟!!!! ...... لماذا أبي ؟!!!!

نسى .. نسى أنها رحمة الله – سبحانه - بنا حتى في أشد الإبتلاءات ..
نسى أنها حكمة المولى – عز وجل – فيما تقتضيه الأمور حتى تسير في نصابها الصحيح .
نسى .. وبين نسيان وآخر يتمكن منه الحزن كسكين يذبح قلبه حتى وصل للمنتصف وها هو يتابع نزوله .. يتابع الذبح ..
لحظة فارقة قد تغير كل شئ .. لحظة لابد أن نقبض عليها لنمحها من أنفسنا فيتلاشى تأثيرها ..
لنعود للمواجهة وبقوة .. لا نخش شيئا سواه – سبحانه – راجين العفو عن تلك اللحظة .. لحظة النسيان .

لم ينتبه لنداء الدكتور صالح :

" رائد .. رائد بني اجلس "

كان يسير .. يسير هائما حتى خرج من الغرفة بلا وجهة محددة ..
وصالح يردد في سره
' منك لله يا زهران .. أحرقت قلب الولد أكثر ما هو محروق '

على ضوء شمس الصباح كان يخرج من المشفى ... ويتابع سيره
يتلاشى كذرات الغبار في الجو أمامه .. تلمع تحت آشعة الشمس وتتناثر متراقصة رقصة – الذبيح – قبل الموت ..
ثم تختفي .
هكذا يشعر .. أو هكذا – مات – شعوره .. أو بالأدق – ذُبِحَ - .


بعد ساعات .. بعد صلاة العصر

دخل رائد غرفة والده في المشفى مغلقا الباب خلفه بلا صوت حين لاحظه نائما .
تقدم حتى وصل لحافة السرير فظل ينظر لوالده النائم بصمت قاتم ..
هادئ نسبيا بعد الصلاة .. صلاة الجماعة شفاء للروح العليلة حين تقف وسط جموع الناس خلف إمامٍ يتلو آيات الله بتدبر جميل الوقع على النفس ..
لحظات كان تائها بها قبل أن يسوقه قلبه وخطاه نحو المسجد حين سمع آذان العصر .
ثم أدرك ما قاله له صالح ليشعر بالموت البطئ يتسلل إليه ..
الإستسلام أصبح بمنتهى السهولة منذ فترة طويلة .. ما عليه سوى ترك الأمور وهى تسير .
فتح زهران عينيه ببطء بعد دقائق وابتسم إبتسامة صغيرة قائلا بضعف :

" تأخرت علىّ اليوم ... تبدو مرهقا "

ظل رائد صامتا لعدة ثوان تفترق بها شفتاه لتقل أي كلمة ثم تنغلق بلا حياة .
حتى جمع عدة كلمات خرجت في جملة يتيمة بنبرة ميتة :

" كنت تريده ألا يخبرني "

عقد زهران حاجبيه متسائلا بقلق :

" ماذا .. مَن .. و يخبرك بماذا ؟! "

بداخل صدره شيئا يتوجع بشدة لكن لا يعرف ما هو !!! .. أيعقل أنه .. قلب ؟!! .
قلبه مات وشبع موتا منذ أربع سنوات بعد موتها ..
لا .. تحديدا منذ خمس سنوات حين علم بمرضها ليبدآ رحلة علاج كيميائي طويلة دامت لسنة ولم تسفر عن نجاح يُذكَر ..
قبل معرفة مرضها بسنة فقط كان موعده معها في حفل الأقنعة الصامتة ثم تزوجها ليقض سنة مَن أجمل سنوات عمره ..
سنة كان فيها الفائز بسباق الخيل بفرسه الأسود الجامح كما دأب على الفوز منذ كان عمره ثلاث وعشرين عاما ..
ليقابلها في السابعة والعشرين وتغير حياته الجامحة المشرقة إلي حزن وألم ..
ولا زال يحبها .. يعشقها رغما عنه .. ولا يعرف ماذا يفعل بنفسه ؟!
ست سنوات غيرت حياته .. سنة سعادة .. سنة مرض .. وسنتان سجن .. وها هو بعد سنتين من خروجه يشعر أنه لا زال أسيرا لتصبح سنتين حرمان وألم وغضب ..
ست فقط .. بالرغم من قلتها إلا أنها تبدو الآن دهرا طويلا مليئا وهو يقف أمام والده يهمس بلا حياة :

" هل كنت تعلم من قبل ؟ "

يتصنع زهران الجهل وهو يلاحظ مشاعر رائد مدركا ما يمر به مجددا فيسأل وكأنه يضغط عليه للمواجهة :

" اعلم بماذا ؟ "

حينها لم يحتمل رائد لينفجر غضبا حتى إن زهران انتفض فعلا من صراخه :

" لا تفعل هذا .. لقد عرفت .. عرفت .. كم تبقى لك .. كم ؟ "

تشنجت أصابعه وهو يقبض بها على ظهر السرير الحديدي بينما يرد زهران بألم :

" لماذا أخبرك ؟ ... قلت له أنك ستتألم ... قلت له أنك جربته مرة فلن اجعلك تجربه ثانية "

استدار رائد بعنف يمرر أصابعه بخشونة في شعره رافعا رأسه متنهدا بعمق ..
بدت تنهيدته كحمم جديدة في صدره فتابع صراخه كمَن لا يشعر :

" ماذا افعل الآن ... ماذاااا .. تقول أنك تريد أن تعيد للبيت الحياة ... أي بيت ... أي حياة ؟! ... الحياة انتهت بالنسبة إلينا ''

جسده ينضح بشحنات غضب فائر وهو يتابع صراخه ضاربا نفس الكرسي المسكين مجددا بقدمه ليوقعه أرضا :

" نحن جميعا موتى ننتظر قتلا بنفس المرض "

أغمض زهران عينيه يستدعي هدوءا في نفسه متألما لحاله ولا بيده إجبارا أقوى من هذا ..
رائد لابد أن يخرج من كل هذا بالقوة الجبرية .
فتح عينيه ونطق بتأكيد :

" لا زلنا أحياءا رائد .. لا زلت عند كلمتي .. سأعيد للبيت الحياة قبل رحيلي .. سأعيدك أنت للحياة "

اقترب رائد من جدار الغرفة فأسند جبهته عليه هامسا بتعب وألم وحزن :

" أي حياااااة .... أنا ميت .. ميت "

بدا زهران في أشد حالات الأبوة توهجا وهو ينتشل فلذة كبده بخطوة أولى فيقول بحزم حنون :

" ستدخل للبيت عروس تنيره .. سيستنشق نسائم الأمل بألوان الربيع "

رأس رائد كقذيفة وهو يلتفت إليه بحدة وعيناه تتوحشان بشراسة ملامحه ..
فيتابع زهران بخفوت متوجسا متشبثا بآخر أمل :

" إنها وصيتي رائد ... كما أوصيتها أمس بأن تقبل إذا طلبتها "

تدمع عيناه بسبب الوضع كله وتطغى نبرة توسل على صوته وهو يضيف :

" طلبي الأخير .... هلا فعلتها من أجلي ؟ "

وبلمحات خاطفة كان رائد ولده يطفو ويغرق محاولا التحكم في أعصابه وموازنة الأمر بشكل عاجل بما يملك من أي ذرة سيطرة على النفس ..
قتله ذلك التوسل في صوت الرجل الذي اعتاده شامخا صلبا مجابها له وبقوة ..
حتى همس بلحظة طفو .. بنبرة مقتولة .. مذبوحة :

" حاضر .... أبي "
ولم يعرف زهران معنى تنهيدة الراحة في عمره كله .. إلا الآن .




.....الصفحة التالية ...... وهذا رابطها https://www.rewity.com/forum/t400173-50.html

غلا فاطمة likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 27-03-18 الساعة 12:58 PM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.