آخر 10 مشاركات
طريقة صنع البخور الملكي (الكاتـب : حبيبة حسن - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          في بلاط الماركيز(71)-غربية-للكاتبة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[حصرياً]كاملة بالرابط -مميز (الكاتـب : منى لطفي - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          436 - سراب - كارول مارينيللي ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          للحب, الشرف والخيانة (101) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة* (الكاتـب : سما مصر - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          صراع الحب (32) للكاتبة الرائعة: زاهرة *كاملهـ[مميزة]ــ* (الكاتـب : واثقة الخطى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree306Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-04-18, 02:32 PM   #521

انجوانا

مشرفة منتدى الصور وتسالي مصوره وعضو مميز في القسم الطبي والنفسي ونبض متألق في القسم الأدبي وفراشة الروايات المنقولةوبطلة اتقابلنا فين ؟ومشاركة بمسابقة الرد الأول ومشارك في puzzle star ومحررة بالجر

 
الصورة الرمزية انجوانا

? العضوٌ??? » 359808
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 11,533
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » انجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sandynor مشاهدة المشاركة
وكلما مر يوم زادني إليهم حنينا
أتوق لملامسة ما بداخلهم فرحا كان أو أنينا
وأتوجع وأنا أراهم يتألمون يتمزقون بصمت
وأنا أمد لهم يدي فأناشدهم الصمود حينا بعد حينَ


وبالفصل الحادي عشر

وضج قلبها صخبا صخبا .. وضاعت بشفتيه .. والدرس الأول .. قبلة شفاه .. حارة .. محترقة .. وحارقة .. وضااااعت بشفتيه.

وأخيراااا .. أنا .. وهى .. وشفتاها ... ونصف الوعد...

قبلة بمذاق العشق .. مختلفة .. ومخالفة .. لجميع تخيلات الإشتياق ..

قبلة بمذاق الدنيا .. متقلبة .. وقالبة .. معك .. وعليك ..

قبلة بمذاق الذهب .. منصهر .. وصاهر .. لقلوب طامعة ..

نعم .. قبلة بمذاق – الطمع - .. والطمع فيها عشق ...

كفاه تحت خصلات شعرها .. إبهاميه تضغط وجنتيها المخضبتين بالحمرة القانية ..

يا إلهي .. ما أشهاه وجهها شديد الإحمرار .. هل هو – الخجل – أخيرا ؟!

شفتاه تبتعد ببطء ثقيل يلهث متنفسا هواءها وبلا وعي تنساب الهمسات :

" رباااااه .... كم انتظرتكِ لسنوات وسنوات .... من أين أتيت أنا بكل ذلك الصبر ؟! "

" كلمة واحدة .. كلمة أحترق لأسمعها وأحترق لأقلها وستحرقينني إن قلتها "

" يا رب العالمين صبرني .... لن أقلها حتى تقوليها "

كلمة !! .. أي كلمة ؟! .. أين شفتيكَ الآن ؟!.

كرمال شاطئ ندية أمواجه تداعب روحها قبل جسدها .. كيف انتقل بها المكان ؟!.

السماء صافية بآشعة شمس مشرقة .. وزقزقة عصافير الصباح الباكر تملأ أذنيها .. كيف انتقل بها الوقت ؟!.

أصابع يدها ترتفع تمس شفتيها من بعيد خوفا أن تكون شفتيه لا زالت هنا ..

نعم .. هنا .. مكمن السر .. مكمن السحر .. هنا يتبدل الوقت والمكان..

عيناها مغمضتان وخلفهما ألوان قوس قزح وتسمع صوته الهامس :

" قولي شيئا .... أريد أن أسمع صوتكِ "

وسقطت يدها بهمس كيانها المصعوق :

" أنت ... أنت أبعدت ... شفتيك ... أليس كذلك ؟ "
قمر وحمزه ..😍😍😍😍😍😍
واخيرا الخجل ...انا نفسي خجلت هههههههههه
😉😉😉😉
يا مسكين يا حمزه حلم وتحقق ...
ناطرينك بشوووق


انجوانا غير متواجد حالياً  
التوقيع





مع الله تضيقُ فجوات الوجع، ويخفت صوت الألم ويعلو الأمل، مع الله تُنار لك الدروب، وينجلي الظٌّلم والظلام الحياة مع الله سعاده وأمان .
رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 05:44 PM   #522

ام فارس طويل

? العضوٌ??? » 327605
?  التسِجيلٌ » Oct 2014
? مشَارَ?اتْي » 318
?  نُقآطِيْ » ام فارس طويل is on a distinguished road
افتراضي

بداية موفقه احب الغموض دائم في الروايات

ام فارس طويل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 06:03 PM   #523

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تسجيل حضوووور للفصل

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 06:09 PM   #524

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

أن شاء الله الفصل النهارده منتظرة على نار

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 09:42 PM   #525

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

هى الساعة هتيجى ٩امتى

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 09:55 PM   #526

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

مساء الورد
بداية العقد الثاني للرواية
لن تجدوا إجابات جميع الاسئلة ولكن بعضها فقط
اتمنى لكم قراءة ممتعة 💖💖


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 09:58 PM   #527

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الفصل الحادي عشر

نهاية الأسبوع التالي .. منزل سليمان العامري

غطى منديل أبيض حريري على طرفه حرفي – القاف والحاء – يد حمزة الموضوعة بيد عمه الحاج سليمان ..
تعلو يد المأذون له بإتمام عقد القران فوق المنديل وهما يرددان خلفه ما يقول حتى انتهيا ليخطف أحد أصدقاء حمزة المنديل ثم تعلو الزغاريد لحظات طويلة ..
حتى يسمع الجميع صوت الشيخ الجليل في دعاء للزوجين ثم حمد الله – سبحانه - والصلاة على خير الخلق رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
فتعلو الزغاريد مجددا وتصم الآذان عما سواها فتبدو وكأنها لن تتوقف ..
ووسط ذلك الرنين الآخاذ تجلس قمر بفستانها السكري ذو النقوش – الهلالية - الحمراء المنتشرة على عنقه وجانب خصره وذيله ...
نصف قمر .. بل هلال .. هكذا كانت منطفأة أو نصف مضيئة .
إنطفاء يحاكي روحها التي خمدت في الأرض بعد أن رفعت قدميها قليلا وكانت على وشك تجربة مذاق التحليق .
التدريب متوقف منذ أسبوعين .. أو هى التي أوقفته بعد مكالمتها لأكمل فعرفت أن حلمها بات مستحيلا .
فصارت جدران غرفتها كـ - سجن – فرضته هى بنفسها على نفسها منذ أسبوعين ..
أسبوعان لم تتمرد فيهم سوى برفض موعد عقد القران الذي اقترحته شاهندا وتحمس له حمزة ثم الجميع إلا هى .
كرغبة منها لتأجيل المحتوم .. وما فائدة التأجيل الآن بعد أن عادت للصفر ؟!.
واستسلمت .. ووافقت .. وماذا عاد لديها في الحياة سوى .. حمزة ؟!
استسلام صارت تستسهله مؤخرا حتى في إختيار شمس لفستان عقد قرانها المغلق للعنق بأكمامه الطويلة الدانتيل .
رائعا كان عليها ينسدل محددا رشاقتها إلا أنه لا يحمل روح التمرد بداخلها .. هادئ بارد مثل شمس رغم – الآهلة – الحمراء المتوهجة عليه ..
إلا أنه ليس من إختيارها وهذا بحد ذاته يجعل منه بشعا وإن كان أجمل فستان بالعالم .
- ضيفة - جالسة كالمدعوين على الكرسي بجوار والدها لا تشعر سوى بنظرات حمزة المشتعلة ثم طلب المأذون توقيعها في مكان ما فوضعت اسمها بلا شعور .
يبدو أنه قد انتهى كل شئ !! .
ونهض الحاج سليمان يقربها إليه .. جمودها في حضنه الآن يجعلها راغبة بالبكاء ..
تبكي على نفسها .. على طموحها .. على أحلامها .. على حياتها التي خرجت من التعليم لتُرمَى في ما يسمونه القفص الذهبي ..
ولكنه فقط .. قفص .


ها هى النظرات النارية تقترب منها فيختفي العالم في لحظات بضجيجه وبريقه ويشب - حريق - صامت يكاد يلتهمها إلتهاما في هذه اللحظة ..
موجة حارة تلفها لفا فتحيل الرؤية كلها - لضباب - كثيف يخترقه ذلك الحريق المتمثل بكيان أصبحت تنتمي إليه ..
واقترب .. وابتسم .. فأشرقت آشعة الشمس النارية لمروجه الخضراء المشتعلة ..
وسيما أكثر مما يحتمل قلبها في يومٍ كهذا في حلته السوداء وربطة عنقه الحمراء ..
إبتسامة – تملك - ذائبة في إشتياق طااااال حبسه لتتهدم اليوم أسوارا عالية وتتقاذف شهبا حولها تحمل – أصفادا – بلون عشق لم تدركه بعد..
إبتسامة خاصة .. ونظرة أكثر خصوصية .. تشملها كلها فكأنما تتنقل بحرية ما بين المادي والمعنوي بها بسلاسة خبيرة بمكنوناتها ..
قلبها .. عقلها .. روحها .. كيانها .. و .... جسدها
وشعرها الأحمر المستفز المفرود على ظهرها ناعما لامعا .. وفستانها الخلاب الذي أطاح بتخيلاته .. وعيناها بنظرة التوهان الساكنة بهما .. ووو... شفتاها ....
وتتوقف كل لحظة .. لحظة ...
لحظة فقط دعوني معها وحدنا ....
أنا .. وهى .. وشفتاها ...
آشعة قمرية .. والليلة هلالية .. لمَ كل فساتينها تبدو وكأنها فُصِلَت لها ؟!
إبتسامة أكثر إتساعا وصدر يفيض بما يفيض وقبلة جبهة دافئة وأنفاس حارة لاهبة وغمضة عين ساهرة وهمسة ندية ناعمة :

" مبارك قمري "

وانتهى كل شئ !!.


تقف شمس بفستانها الكحلي وشعرها المرفوع تراقب ما يحدث بعين شاردة ..
هى وقمر في خصام صامت منذ يوم السباق منذ أسبوعين .. صحيح أنه لم يحدث شئ بعد كذبتها الرهيبة ولم يفتح أحد موضوع ' أكمل الفايد ' مجددا إلا أن قمر لابد أن تدرك فداحة ما فعلت ..
بدايةً من التدبير من ورائهم والتعرف على ذلك الشخص ..
وحتى تلك الدناءة التي جعلتها تلقي بها في مواجهة الموقف والتي أخذت الكثير مما يحمل قلب شمس وما تكنه لقمر أختها .
وحين أبلغتها والدتها بموعد عقد القران وبعد أن حاولت قمر تأجيله أكثر بحجة الفستان كانت شمس تخبرها أنها ستنتقيه لها ..
ولم تنطق قمر بحرف وهى تنظر لها بتحذير صامت بعد كل ما حدث .
تعترف الآن أن جزء منها ارتاح بعد أن أصبحت قمر على ذمة حمزة عسى أن تتعقل ويخفت جنونها .
حتى رأت والدها يقترب ليعانق قمر مباركا لها
فتتذكر للمرة الثانية متى آخر مرة أخذها والدها بين أحضانه ؟!
نعم .. كان يوم .. زفافها
ثم قبلة حمزة على جبهة قمر والتي طالت لتدفع الذكريات بالتكالب عليها واعتصارها ألما .
فستان أبيض يملأ المكان حولها ويضوي تحت اللمعان الزائف كان يغطي وجهها الواجم وعيناها القاتمتان الباردتان ..
ووالدها يسلمها لـ ' عبد الخالق '
تغمض عينيها وهو يقترب ليقبلها على جبهتها هامسا بإبتسامة بعاطفة مشبعة بحنانه المعتاد معها :

" وأخيرا الشمس بين يدي "

وانعقد حاجباها بشدة .. فتحت عينيها تتجرع كؤوس الذنب وهى ترى حب عينيه لها ..
عيناه السوداء المضاءة دائما بإعجابه بملامحها الجميلة ..
لم يكن ذنبه ..
الشمس قلبها كان مجروحا فقالت .. نعم ..
الشمس كرامتها ذُبحَت فقالت .. نعم ..
نعم أذتها ورمتها في بئر لا نهاية له وهى تعود جرا من شعرها بيده إلي بيت والدها .. يوم صباحيتها .

" شمس "

تبعثرت أفكارها كلها فانتفض جسدها برياح ذكرياتها العاصفة وعيناها تتسعان بشدة وهى تحدق بوجه منصور ..
يعود استيعابها في الحال فتتأفف وهى تستجير بالخالق :

" يا الله "

حاجبا منصور انعقدا بشدة وهو يقول بغضب حاول كتمه :

" لهذه الدرجة يا شمس لا تطيقين رؤيتي ؟! "

أشاحت شمس بوجهها وتحركت لتبتعد عن الجمع المنشغل بتهنئة حمزة وقمر قائلة بحنق :

" منصور لا ينقصني كلامك الآن "

تحرك منصور ليقف أمامها يمنعها التقدم قائلا بعينين تلمعان ونبرة لا تخطئ معناها الخاص :

" منصور فداءٌ لشفتيكِ وأنتِ تنطقين اسمي يا شمس "

نظراته كانت تتحرك صعودا وهبوطا فتتوتر يداه وتنبعث الشحنات بوضوح حولها من جسده ..
فتشمئز نفسها وتقسو عيناها بتلك النظرة التي ترهبه قائلة بجمود صارم :

" احترم نفسك وإلا أقسم بالله سأخبر أبي "

عدلت يده السلسلة الفضية بعنقه ثم ياقة قميصه الأبيض وهو يبتلع ريقه بتوجس نظرتها قائلا بإسترضاء :

" سأذهب إليه وأكرر طلبي .. لا مانع عندي أن أتحمل الإهانة والتوبيخ من أجلكِ ولكن فقط تكونين لي هذه المرة ... أحتاج موافقتكِ فقط يا شمس "

رغما عنها تمتعض ملامحها لا تتقبل شكله ولا طريقة كلامه فتقول وهى تحاول تجاوزه :

" قلت لك سابقا أن طلبك مرفوض لآخر عمري "

ثورة صغيرة كانت تندلع بأعماقه وهو يقول بحدة :

" هل ستعيشين راهبة ولن تتزوجِ بحياتكِ ؟ .. أفيقي .. أنتِ أرملة ولستِ بنت بنوت لتُملِ شروطكِ "

أظافرها كانت تجرح باطن يديها وهى تتقبض بشدة فتدعو بغل من قلبها :

" ادعو الله أن تأتِ مصيبة تنهي جميع الرجال "

تجاوزته بنظرة كره أسود ليتقدم تلك الخطوة قائلا بوعدٍ شرس :

" حسنا .. سأنتظر .. ولكن إن علمت أنكِ ستتزوجين غيري في يومٍ ما .. صدقيني لن تتوقعِ ردة فعلي "

خطوة دارين فصلت بينهما وهى تقول بنبرة تبدو عفوية هادئة :

" كيف حالك منصور ؟ "

كان يرنو بنظراته نحو شمس الواقفة بجوارها ترفض النظر لوجهه بينما يرد على دارين بقوة نبرته :

" بخير دارين .. ودائما سأظل بخير ولن انكسر أبدا "

استدار ليرحل بخطوات واسعة غاضبة فتلتفت دارين لشمس قائلة بإبتسامة ناعمة وهى تلاحظ جمودها :

" وكم مر علينا .. إن وضعنا كل شئ في رأسنا فلن نتقدم أبدا .. كيف حال رسالة الماچستير دكتورة شمس ؟ "

بإشارة منها لما يجب الإهتمام به حقا وترك باقي الأمور خلف ظهورنا فلا نثقل عقلنا بأشلاء أفكار تعبث بنا ..
إبتسامة صغيرة بلا روح كانت تُرسَل ببطء لدارين وشمس تقول :

" شكرا على الإنقاذ دارين "

إبتسامة دارين أصبحت ضحكة خافتة وعقلها رغما عنه يتشبث بـ .. أشلاء فكرة .



..........


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 10:11 PM   #528

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

فتحت قمر عينيها على الإضاءة التي أنارت المكان حولها فبدا كل ما كان – وكأنه - حلم ..
حين شعرت بيد حمزة على معصمها يسحبها خلفه بخطوات واسعة - وكأنه - يطير ..
وقفت في منتصف البهو تتلفت حولها وتتذكر – وكأنها – مغيبة عن كل شئ ..
إنها حتى لا تدرك ما تشعره وما تراه - وكأنها - ضُرِبَت على رأسها بمطرقة وضعتها بين شقىّ رحى تُطحَن بصمت ...
مسحت على وجهها غير مبالية بزينته الهادئة على غير العادة في مناسبات كهذه وهى تسأل بتعب :

" لماذا جئنا هنا الآن ؟! ... ألم نتفق على تناول العشاء بالخارج ؟ "

أنار حمزة باقي الأضواء حتى سمع سؤالها وتوقف مغمضا عينيه ...
تلك السعادة تتخمه فيشعرها تفيض من كل جوانحه .. ترجف قلبه فترتجف حواسه فيرتجف جسده ..
غريبٌ ذلك - الحب - بسطوته علينا محتلا كياننا فيشل التفكير ويُعجِز الأفعال ...
جميلٌ ذلك – الإستسلام – حين يفقدنا إرادتنا طواعية فيحركنا كـ بيادق منتشية برائحة العشق ...
مميزٌ ذلك – النصف الآخر – الذي نعتقد أننا اخترناه بينما هو مقدر لنا قبل ولادتنا فيكملنا وكأنه يعرفنا أيضا .. قبل ولادتنا .
فتح حمزة عينيه يستوعب فيض مشاعره وأفكاره واستدار إليها مقتربا ببطء ..
جميلة .. الليلة تبدو جميلة بهذا الفستان الذي يحدد قوامها بسلاسة
يزين عنقها سلسال طاقم الذهب الأصفر المطعم بالذهب الأبيض الذي أحضره كـ شبكتها الفعلية فألبسه لها اليوم ..
نجمة ذهبية على قمر يلمع ذهبه الأبيض كالماس .. سلسال يشبهها .. كالنجمة التي يتوق ليرها على كتفها ..
وخلف شعرها الأحمر يختفي القرطان فيود لو يرفع شعرها ليقبل أذنيها ..
وعلى معصمها السوار الخلخالي .. نجوم ذهبية وأقمار لامعة كالماس تصدر رنات مثيرة كلما حركت يدها .
خطوة وراء خطوة وأنفاسه تعلو .. خطوة وراء خطوة وعيناه تحتد ..
خطوة ... وكان أمامها يسألها همسا أربك مشاعرها :

" خائفة ؟ "

الليلة .. الآن ... بدت عيناه أجمل .. بدت ... ملكها ..
منذ وقت طويل لم تتأمل ملامحه بهدوء .. بلا غضب .. بلا عناد ..
خطوط جبينه المختفية عرضيا رسمت ملامحه التي تغلبها العصبية سريعا .. حاجباه الكثيفان المقتربان من عينيه الضيقتين بإنحناءة صقرية تزيد جمالهما .. أنفه المحدد بكبريائه .. ذقنه الحاد بلحيته الخفيفة النامية بعبث مشذب .. وفمه المتلاعب بجاذبية شقية ..
وصفر .. لا إحساس يضاهي إحساس أنك صفر في خانة مهملة على اليسار ..
وصفر .. لا أقسى من أن تعود من سقف أحلامك رميا على أرض صلبة لا تملك سوى .. صفر ..
لا تملك سوى صفر و.... ملامح حمزة .
حتى الحب عاندها ولم تحصل سوى على - تملك - حمزة لها !.
إبتسامة صغيرة مريرة تنظر لعينيه وهى تقول بإستسلام قليل الحيلة :

" منك ؟!! ... لا .... قدماىّ على أرض الواقع الآن ... الذي يقول أن هذا بيتنا الذي سنسكن به ... وأنت ... الآن ..... "

وتوقفت .. هو الآن ماذا ؟!.
سؤال بداخلها وداخله .. بمشاعرها ومشاعره .. بإحتراقها وإحتراقه..
كلمة صعبة النطق .. كلمة خرجت خافتة مرتعشة :

" زوجي "

ما أجملها من كلمة .. قلبه يضخ يضخ دماءه حمما من بين ضلوعه المحترقة ببركان مشاعره ..
صوت الأنين يشوش على العقل .. أنين يصرخ من جسده مطالبا بحق الوفاء ...
الوفاء – بوعد – قطعه على نفسه ..
كالطوفان .... ' ' تلك الليلة .. سأبتلعكِ
وعد محتوم التأجيل حتى تأتِ تلك الليلة .. ولكن فقط ... ليُهدئ ذلك الأنين ..
لأول مرة تشعر أن قرب حمزة خطر عليها حين همس :

" ما كان عليكِ أن تقولِ ذلك الآن يا قمر "

وضج قلبها صخبا صخبا .. وضاعت بشفتيه .. والدرس الأول .. قبلة شفاه .. حارة .. محترقة .. وحارقة .. وضااااعت بشفتيه.
وأخيراااا .. أنا .. وهى .. وشفتاها ... ونصف الوعد...
قبلة بمذاق العشق .. مختلفة .. ومخالفة .. لجميع تخيلات الإشتياق ..
قبلة بمذاق الدنيا .. متقلبة .. وقالبة .. معك .. وعليك ..
قبلة بمذاق الذهب .. منصهر .. وصاهر .. لقلوب طامعة ..
نعم .. قبلة بمذاق – الطمع - .. والطمع فيها عشق ...
كفاه تحت خصلات شعرها .. إبهاميه تضغط وجنتيها المخضبتين بالحمرة القانية ..
يا إلهي .. ما أشهاه وجهها شديد الإحمرار .. هل هو – الخجل – أخيرا ؟!
شفتيه تبتعد ببطء ثقيل يلهث متنفسا هواءها وبلا وعي تنساب الهمسات :

" رباااااه .... كم انتظرتكِ لسنوات وسنوات .... من أين أتيت أنا بكل ذلك الصبر ؟! "

" كلمة واحدة .. كلمة أحترق لأسمعها وأحترق لأقلها وستحرقينني إن قلتها "

" يا رب العالمين صبرني .... لن أقلها حتى تقوليها يا قمر "

كلمة !! .. أي كلمة ؟! .. أين شفتيكَ الآن ؟!.
كرمال شاطئ ندية أمواجه تداعب روحها قبل جسدها .. كيف انتقل بها المكان ؟!.
السماء صافية بآشعة شمس مشرقة .. وزقزقة عصافير الصباح الباكر تملأ أذنيها .. كيف انتقل بها الوقت ؟!.
أصابع يدها ترتفع تمس شفتيها من بعيد خوفا أن تكون شفتاه لا زالت هنا ..
نعم .. هنا .. مكمن السر .. مكمن السحر .. هنا يتبدل الوقت والمكان..
عيناها مغمضتان وخلفهما ألوان قوس قزح وتسمع صوته الهامس :

" قمر ....... قولي شيئا .... أريد أن أسمع صوتكِ "

وسقطت يدها بهمس كيانها المصعوق :

" أنت ... أنت أبعدت ... شفتيك ... أليس كذلك ؟ "

يتابع حمزة ملامحها الضائعة بشغف وإبتسامة تشرق ببطء على غابات عينيه الداكنة وصوتها مرتعشا يأتي من خلف جفنيها المغمضين :

" إنهما لا زالا هنا ..... على شفتىّ "

نعم .. هنا .. على شفتيها المهلكتين كغصن جسدها الرقيق بين يديه .. مجددا ...
بذهول .. بصدمة .. تدرك قمر الترابط بينها وبين حمزة ..
ليس ترابط العامرية ...
ليس وليد اللحظة .. ليس وليد قبلة ..
هو القدر كما كُتِبَ لها منذ مولدها ...
بتمني قديم .. بولع شغوف .. تدرك قمر معنى غزو شفتيها ..
ليست قبلة .. ولمسته ليست لمسة ..
بشفتيه ضجر البراري .. بيديه حيرة العشاق ..
وبقلبيهما صهيل الخيول .
وتلاشت – فيه - حين ضمها إلي صدره .. ذراعاه لا تحتضنها .. ذراعاه تغطيها وتغلفها - به -.
وما أجمل التلاشي فيه !.

ابتعد حمزة قليلا ينظر إلي وجهها المطرق فيلفت نظره صدرها الذي ينافس صدره صعودا وهبوطا بقوة لهاث أنفاسهما ..
فمد سبابته وإبهامه يرفع وجهها قائلا بخفوت :

" " لا أصدق أنكِ بين يدىّ .... لا أصدق أنكِ أصبحتِ ....

بتردد جديد على مشاعرها رفعت عيناها لعينيه .. ويا ليتها ما فعلت ...
عيناه المشتعلتان ببركان مشاعر يقذف حمم رغبته على ملامحه السمراء ..
الرغبة .. حالة طارئة تستنفر فيها غريزة البقاء كل الحواس لتسارع الإنقاذ ..
الرغبة .. حافة بئر يجب أن تتشبث بها حتى لا تسقط .. فتغرق .
وكل الحالات – غرق - ... إقترابها وإبتعادها .. غرق .
وهناك كلمات في حد ذاتها .. غرق ..
فيخفت صوته ببهجة لم يستطع تحملها :

" زوجتي .... امرأتي "

أصابعه تدور ببطء شديد على وجهها ثم يغطي عينيها بكفه مبتسما هامسا :

" امرأتي "

ما أجملها من كلمة حين تأخذ أخيرا ما اختاره قلبك بلا مبررات ..
ببطء كفه كانت تنزل عن عينيها فيميل ليقبل وجنتها اليمنى قبلة طويلة ساكنة فقط ليستشعر بها سخونة وجهها ثم همس في أذنها :

" امرأتي "

الكلمة تنساب لداخلها فيرتعش قلبها لتنس كل ما قد يعوق هذه اللحظة مع كفيه وهى تنساب حول خصرها وتصعد على ظهرها ببطء حارق له ولها فيرتعش جسدها وهو يميل ليقبل وجنتها اليسرى قبلة أطول من سابقتها ..
ثم يهمس في أذنها الأخرى وكأنه يزرع الكلمة بيديه بها :

" امرأتي "

وقعها غريب على نفسها ما بين غمرة الإنتماء .. لوطن .. وما بين همسة في أذنها اليمنى ليغلق القيد على يدها اليمنى ..
وهمسة في أذنها اليسرى ليغلق القيد على يدها اليسرى .. إنها الأغلال متمثلة في قبلتين دافئتين !.

يشع وجهها حرارة التأثر برجولته ..
أخيرا يا قمر .. أخيرا بدت إستجابة أريدها منكِ ..
راحتيه حاوطت وجهها فيشعر بتلك الحرارة ملموسة تحت يديه ..
لم تحتمل قمر ما رأته بعينيه فالتفتت لتغادر ولم تخطو سوى خطوة واحدة حين أنّ مرفقها بقبضته وذراعه الأخرى كانت ترفعها عن الأرض فيدور بها .. وهى تغرق ..

" أين تهربين الآن ؟! .... بداخلي شوق بقدر هذا التوهان بعينيكِ "

قالها حمزة قاصدا كل حرف بها .. قالها بذلك الشوق بداخله .. قالها بنبرة لم تسمعها منه يوما .. قالها وهو ينزلها أرضا ليلتقط نظرة عينيها التائهة ..
ثم أخفض نظراته ليتمالك مشاعره التي بعثرت مشاعرها حتى تتمالك هى جسدها المرتجف بين يديه .. حتى تهدأ وتخفت إرتعاشة شفتيها ..
قمر خائفة .. خائفة منه .. خائفة من مشاعرها .. لن تحتمل إن قطف أكثر من زهر شفتيها ..
رفع حمزة عينيه وأمسك يديها قائلا :

" هل أنتِ بخير ؟ "

تومئ قمر بإرتعاش بعد لحظات إستيعاب للسؤال البسيط فتشعر بحالة غباء ضربت عقلها فجأة ..
فيقول هو بإرتعاش قلبه :

" منذ ذلك اليوم الذي أصبتِ فيه بالإغماء بسبب إنخفاض ضغطكِ وأنا لا أحتمل حتى تكونِ أمام عيني .. لا أحتمل أن تصابِ ولو بخدش صغير "

عيناها تتوه وهى تحدق بعينيه الحنونتين المبتسمتين بصدمة القبلتين وما أثار بها من مشاعر تصول وتجول بحرية داخلها تتحداها أن توقفها ..
فيتابع حمزة وهو يبتسم واعيا لتأثيره عليها :

" العشاء هنا ... أول عشاء بعد زواجنا لابد أن يكون ببيتنا ... هيا قبل أن أتعشى بكِ "

ممتع هو هذا الإستسلام بها وهى تنتظر أمامه خطوته التالية .. إن كان يكره رؤيتها منطفأة .. فهو يروق له هذا السكون المستسلم – له - .
سار بها حتى غرفة السفرة حيث وجدت العشاء على الطاولة المستطيلة العسلية فأجلسها وجلس جوارها متابعا صمتها المرتبك بنشوة فرح لا يسيطر عليها .
ثم يقول بإهتمام وهو ينظر لعينيها :

" لابد أن تأكلِ جيدا .. الطبيب قال أن جسدكِ ضعيف "

يلتقط قطعة لحم صغيرة بشوكته مضيفا بعبث :

" لا يعرف كم أحبه "

تنظر إليه فتتسائل عيناها بلا وعي وحالة غبائها تزداد فتعاود عيناه الإشتعال وصوته يخفت حارا .. حارا :

" جسدكِ وليس الطبيب "

وحين وجدت الشوكة أمام فمها بدأ وعيها يعود للواقع على ضحكته الماكرة فتلتقط الطعام من يده وهى تخفض عينيها ووجهها يشتعل عفويا ثم يقول بحيوية تزينها إبتسامته :

" أجريت تعديلات كثيرة على المنزل منذ آخر مرة أتيتِ يوم وضع الأثاث .. انتظرت إنتهاء امتحاناتكِ لأريها لكِ ولكن فضلت أن تريها بعد عقد القران "

تتناول قمر الطعام بصمت بينما يضيف حمزة بنبرة عابثة :

" لم أكن لأضمن ما يمكن أن يحدث حين يُغلَق علينا بابا واحدا ... وما حسبته وجدته اليوم "

ظلت قمر صامتة تبتلع ريقها بتشنج محاولة تناول لقيمات بسيطة من الطعام وفجأة قبضت يد حمزة على يدها تمنع وصولها لفمها بالطعام وقال بنبرة خطرة مهلكة بجديتها الحارقة :

" ولولا وعدي لنفسي بأجمل ليلة زفاف لكِ لكنت أخذتكِ في هذه اللحظة وأصبحتِ امرأتي قولا وفعلا "

فورة تلك المشاعر ألقتها بعيدا فأخفضت بصرها سريعا بصمت مرتبك أثار دهشته .. منذ متى قمر تخجل ؟!.
لن يصدق أبدا أنه خجل .. ذلك الصمت وراءه كارثة ربما !
وتظل هى بذلك الصمت ويراودها ... إحساس الصفر .. مجددا .
والآن تملك .. صفرا .. وملامح حمزة .. وبضعة قبلات وعناقا !!.

عادت قمر لتناول طعامها بعد أن سحبت يدها من يده فنظر إليها حمزة ولا يزال يشعر بغرابتها .. ولا يعرف سر هذه الغرابة .
لم تتكلم الليلة كثيرا والصمت المستسلم هذا يطغى عليها ..
وكأن تلك الحالة التي تلبستها منذ صفعته تأبى مغادرتها فترفع حاجزا بينه وبينها ..
لكنه لن يتكلم أبدا عن ذلك اليوم .. هى اخطأت ولا لوم عليه فيما فعله ..
ولكن ذلك الأثر سيمحيه حتى يعود القمر الذي أظلم .. منيرا .
تناول القليل من الطعام بصمت وشحنات غضب الذكرى تزاحم فرحة اليوم للمرور فيمنعها بكل قوة ..
حتى انتهيا ليسحبها من يدها ويريها البيت بنظرة جديدة ..
بيت أنيق ليس كبيرا ولكنه حميمي دافئ .. طابق واحد يمكن البناء فوقه لربما قام حمزة بتوسيعه أو بناء امبراطورية صغيرة لأولاده .. أمامه حديقة صغيرة تحتاج لمَن يعتني بها شخصيا وهى ليست أهلا لهذه المهمة !..
الغرف فيه عصرية بألوان شاركته في إختيارها .. لا زالت تتذكر يوم نزلت معه ومع نجوى لشراء الأثاث .. كانت تتنقل وسط معارض الأثاث تدير كل شئ بحرفية أنثى متملكة لقلب رجل ..
ورغم غضبها منه في تلك الفترة إلا أن بيتها ملكها وهى لا تسمح لأحد باختيار ما يخصها ..
كانت تختار الأحلى والأغلى ..
وهو كان .. يرضى .
كان قد مر سنة على ذلك اليوم استطاع فيها أن يسامحها محاولا إقناع نفسه بمبرراتها الواهية أنها صغيرة لم توضع في موقف مشابه من قبل ولم تعرف ماذا تفعل .

يقفا في غرفة السفرة التي تعبق برائحة ما لذ وطاب من الطعام على طاولتها العسلية ..
كراسيها الست الملونة بين السكري والأزرق والزيتي والشمسي والأسود والأخضر على سجادة تركية سكرية .. كل كرسي بلونه المختلف يعطي روح للغرفة ..
تعديلات أنيقة تضفي جوا ساحرا على المنزل .. هنا مرآة مستديرة فضية الأحرف معلقة على الجدار .. وهنا على الطاولة جرة بلون الزرع الأخضر بها زهر الياسمين ..
ثم يسحبها خارجا بها إلي البهو حيث الصالون بألوانه الرمادية الفاتحة والداكنة المتداخلة مع الأسود الأنيق .. على طاولته أواني بيضاء ذات عنق طويل تبدو كتحف جاذبة ..
لا زال يريها ما أضافه من لمسات
هنا .. أعمدة رخامية بأشكال مزخرفة تنتصب بفخامة ورقي ..
وهنا .. أضواء ملونة كدوائر منثورة في كل مكان بالسقف ..
وهنا .. أرفف عليها بعض الأواني القديمة الشبيهة بالآثار ..
وهنا لوحات معلقة استنتجت أنها ذوق دارين برقتها وبساطة ألوانها ..
حتى في بيتها أيضا تجد دارين !.
يدخل بها كل غرفة مشددا على يدها البيضاء الصغيرة في كفه الأسمر يشرح لها مشيرا بيده لكل إضافة زادت رونق البيت ..
وهنا حيث غرفة المعيشة بأريكتها الكبيرة المشمشية على شكل حرف اللام مع وسائدها الصغيرة بألوانها المتعددة .. يقابلها التلفاز الواسع معلق على الجدار المطبع أسفله بزهور على دهانه السكري ..
هنا أواني سوداء بكل الأركان تحمل أشجار صناعية خضراء تعطي المكان بهجة خاصة ..
ثم غرفة نومها باللون الرمادي الممتزج بالأرجواني ..
أثاثها بلونه العاجي الذي اختارته بنفسها يحاكي راحة نفسية لعينيها قبل أن .. تهديها دارين ثلاث لوحات مستطيلة طويلة لزهور تتكامل مع بعضها في الثلاث لوحات ..
لوحات غاية في الرقة والجمال .. من أجمل ما أبدعت دارين .. ليعلقهم حمزة بجوار بعضهم فيصبحوا شكل متكامل فوق السرير .. فوق عينيها !.

وقفت قمر تحدق باللوحات أمامها وخلفها حمزة يستنشق عطر شعرها الأحمر ويحدق بالسرير .. أمامه .
تتلوى أحشاؤه بإضطراب حارق فيشعر برغبة الخروج من هنا في الحال ..
وهى كانت في واديها المظلم حتى شع نور ضرب جنبات صدرها حين تسللت كفا حمزة لجانبىّ خصرها دافئة .. حميمية ..
فتقافز قلبها كعصفور يرفرف بجناحيه وصوته هامسا بأذنها يدغدغ أوصالها :

" أخيرا .. تبقى الزفاف وتصبحين معي دائما في هذا البيت "

كفاه تشتدان وتنحدران ببطء حارق لأسفل قليلا فيتصلب جسده ويرتجف جسدها استجابة لشئ أرادت تجربته منذ مراهقتها ..
ثم تشعر بصوته كهمس الأوتار المشدودة :

" كان من المفترض أن يكون منذ وقت طويل يا قمر ... أتعرفين لماذا فضل عمي ألا يكون هناك عقد قران ولا حتى خطبة رسمية إلا بعد أن تنهي دراستكِ ؟ "

وكلما نست للحظة وتاهت .. جاء ما يذكرها بكل ما تعاني
تجمدت ملامح قمر ونست كفيه اللذين انحدرا أكثر فتقسو عيناها وتعود للواقع وهى تقول بقسوة غير ملحوظة :

" لأن بعد ما حدث لشمس خاف أن يكون الأمر رسميا حتى إذا حدث شئ بيني وبينك يمنعني عن التعليم كما منعها ليضغط علىّ للعودة .. ولذلك فضل أن أكون قد أكملت دراستي حتى لا يجد ما يلوي ذراعي به كما فعل مع شمس "

وانحدرت كفاه أكثر وعيناه تشتعلان وهى تصور كل جزء منها – لمسا - فيتدحرج قلبه متراقصا وملمسها تحت يديه يشل إدراكه .. رقيقا .. ممتلئا .. ومؤكد ناعما.
حتى سمع صوت كلماتها جامدا فتوقفت عيناه عند نقطة ما للحظات طويلة وابتلع ريقه محاولا التركيز .. ثم ارتفعت ببطء .. وكفاه تنسحبان أكثر بطئا بعد أن لمست ما أرادت بدون – شبع - ..
فقط لمسات يؤجج بها ناره – متعمدا - إشعال الحريق به حتى إذا جاء يوم – ختم - ملكيته لها يحرقها معه ..
استدار حمزة ينظر لعمق عينيها السوداء الواسعة .. يرى فيها ظلام لا ينتهي .. سكون أسود .. وبرود صلب ..
فيضيق عينيه وهو يسأل بخفوت :

" تقصدين أنه تعلم الدرس وشعر بالذنب أليس كذلك ؟ "

الصمت أحيانا جواب شافي ولحظات مهادنة بين اثنين تتحادث أعينهما سهاما لا كلمات ..
خير الكلام ما قلّ ودلّ .. و حين يكون الصمت يضج بين جوانبه بالحكايا .. فهذا يكفي
فيبتسم حمزة إبتسامة صغيرة باهتة قائلا :

" لا يا قمر ... الرجال تُربَط بكلمة ... وعمي سليمان عندما أعطاني كلمته بالموافقة و قرأ الفاتحة معنا كان يعلم جيدا أن الأمر أصبح رسميا "

يظل صمت قمر جوابا لما يريد معرفته فيقول بهدوء وهو يطرق بنظراته أرضا ثم يرفعها إليها :

" ما حدث أن عمي سليمان يعرفني حقا .. يعرف كم أحافظ على بناته .. لذلك ظلت الفاتحة خمس سنوات كاملة حتى تنهي دراستكِ لأنه يعلم أني لن أتجاوز حدودي يوما رغم علمي أنكِ لي .. لكن إن حصلت خطبة أو عقد قران كان يعرف أن الحدود رُفِعَت وسأتصرف على راحتي معكِ .. حينها سنخرج وندخل معا وهو لا يحب كلام الناس "

نظراته تعمقت على ملامحها فتجذبه شفتاها وهو يشعر بهما لا زالا بين شفتيه وهو يقول بعشقٍ لم تدركه :

" أعترف أني تجاوزت هذه الحدود يوم عيد ميلاد دارين ولكن ها أنتِ أصبحتِ ملكي "

تحاول الإلتفات فتشعر بكفيه على كتفيها يديرانها لتنظر إليه فتفكر قمر

( لا يحب كلام الناس .. أنت تفهمه حقا لأنك تشبهه )

وقالتها .. قالتها ببرود نبرة صوتها رغما عنها وضيقها يتأرجح قربا وبعدا :

" أنت نسخة من أبي "

يداه تقربها إليه أكثر فتتداخل مروجه الخضراء الدافئة مع ليل عينيها في سحرٍ مظلم يرجفها ويرجفه ..
فيقول معترفا :

" بي الكثير منه نعم ... وأظن هذا من المفترض أن يروقكِ .. كل فتاة تتمنى زوجها مثل أبيها ... أليس كذلك ؟ "

نظرتها الغريبة كانت كفيلة بالرد ..
كانت كفيلة بأن يضمها إلي صدره وذراعاه تعتصرها حرفيا فيسمع آنة خافتة للغاية من نفسٍ حاد مرتعش ..
فيهمس في أذنها بنبرة غريبة راغبا ألا تنسى هذه الكلمات وهو يدرك غضبها الخفي من والدها منذ ما حدث لشمس :

" لم يكن يريدكِ أن تتزوجِ إلا بعدما تنهين دراستكِ حتى يطمئن عليكِ تعليما ثم زواجا .. والآن عقدنا القران فقط وأجّل الزفاف قليلا حتى تعتادِ الوضع الجديد "

أيفكر والدها حقا مثل ما يقول حمزة ؟! .. ما هذا الذي فعله بها إذن وهو يكسر لها ضلع لينمو لها أضعافه ؟! .
ما هذا الذي فعله بشمس ليجبرها على العودة لعبد الخالق ؟!.
ما هذا التحكم بهما وكأنهما دميتان تشتد كل واحدة بخمسة خيوط تلتف حول أصابع كفيه ؟! .
وما زالت تتخبط في إحساس بالذنب .. بالصفر .. بالقهر .. بشظايا الحلم تدمي قدميها ..
حتى همست وهى تحاول إبعاده :

" أريد أن أعد للبيت "

أبعدها قليلا يتأمل ملامحها المتقلبة .. أنفها الصغير يقبله فتطرق برأسها .. ذقنها طرىّ بين إصبعيه وهو يرفع وجهها فتفترق شفتيها بأنفاس تطالب بشئ واحد وهى ترمق فمه المتلاعب ..
إبهامه يضغط على شفتيها فيهمس همسا حارا جريئا نافذا الصبر بكل جيوش مشاعره المنتظرة أمرا ببدء – حرب - :

" وأنا أريدها ... أريد شفتيك ..... قوليها "

يتخضب وجهها حمرة خجل ورغبة تتقاذفها بشعور ما أرادت تجربته .. معه هو .. منذ ذلك اليوم في المصيف وهى تلمس يده ..
فتدب الحرارة بكليهما ثم تهمس بإرتعاش وأنفاسها توشك على الضياع :

" أقول .. ماذا ؟ "

وجهيهما قريبان يكادا تلامساً وشيكا فيهمس حمزة محترقا :

" أن أقبلكِ .... قوليها "

تضيع وتضيع ولا تجد منقذ منه ولا من مشاعرها الغارقة
فقدت كل سيطرة على كيانها فترتفع يداها على ذراعاه هامسة بتشتت :

" قبـلـ ..... أريد أن ... أعد ... للبيت "

ما كان لينتظر تتمتها وشفتيه لمست شفتيها بالفعل .. حتى قطعت كلمتها فقطع قبلته ..
خطوة واسعة كان يتباعد بها قائلا بهدوء محاولا السيطرة على كل ما يتفكك به وبها :

" حسنا هيا بنا "

مرير هو الإحساس بخيبة الأمل .. تتمنى الآن لو لم تقطع تلك الكلمة ..
تتمنى لو ضاعت مرة أخرى بين شفتيه .. تتمنى لو قالتها صريحة ..
وها هو يقودها حتى باب البيت بهدوئه ذاك
عليها أن تتعلم كيف تتجاوب معه .. لا يريد استجابتها سكونا وإستسلاما بلا عطاء ..
يريدها ذائبة به ومعه .. يريد أن تتحرك شفتيها بتناغم مع شفتيه ..
إنها تأخذ .. تأخذ فقط
ولكنها لا زالت – برعم - صغير وستتفتح – زهرة – بين يديه
فقط شئ بداخله جعله يبتعد لأنه شعر للحظة أنها – تعرف – كيف تستجيب بحق ..
لكنها هى التي – لا تريد -

" حمزة "

توقف مكانه إثر همستها المرتعشة أمام باب البيت فتصلبت يده على المقبض كما تصلب جسده وهو يمنع نفسه عن - فعل ما - بأقسى الطرق ..
قلبه يهدر كقلبها الفتىّ وهى تشد يدها من يده الأخرى فتتشبث بذراعه هامسة بتشوش :

" قـ ... قـبـلـني "

سمعت صوت أنفاسه الخشنة مزمجرا وهو يسحبها خطفا من ورائه لترتطم بالباب فتبتلع شفتاه تأوهها ..
وتبدأ حرب شفتيه غازية شفتيها بعنف الطمع .. ليست رقيقة ناعمة كالأولى ..
ولا بضجر البراري كالثانية .. بل كوعده لنفسه
? طوفان يمتلك .. يكتسح .. يبتلع .. كما أراد
أصابعه تشد شعرها خوفا من رحلة تريد أن تنطلقها في جسدها أمام جسده ..
ملتصق بها بقوة .. يطالبها بالعطاء فأين الإستجابة ؟
وجاءت الإستجابة .. بشفتيها وهى تتناغم أخيرا معه لتصنع ألحان التمرد ليده الأخرى وهى تتلمس جسدها ببرية ..
فتضيع الإستجابة سريعا كما جاءت .. تضيع خوفا .. وتنسحب شفتاها بمحاولات واهية حتى نجحت في الأخيرة لتهمس بإضطراب شديد وهى تبعد يده المتمردة :

" هيا نعود .. هيا "

وعلى وجهها كان يستند بوجهه ويغمض عينيه يومئ برأسه .. وترتفع كفاه على الباب حولها محاولا السيطرة على أعصابه الفائرة .




............

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 10:21 PM   #529

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

غيرت فستانها الكحلي بعد مغادرة المدعويين وجلست أمام حاسوبها وبعد ساعتين ناداها والدها لتنزل من غرفتها ..
تتجه إليه بمنامتها البنفسجية في غرفة الصالون حيث وجدته جالسا بإنتظارها بجلبابه الأبيض وبالناحية الأخرى تجلس والدتها بعبائتها القرنفلية ..
تتوجس كثيرا من إجتماعاتهم العائلية .. فغالبا ما تكون فتحا لجراحٍ ما زالت دامية .. أو يكون وراؤها خبرا كارثيا ..

" اجلسي يا شمس "

قالها الحاج سليمان فتوجست أكثر وهى تجلس أمامه على الأريكة فيقول بصوته الوقور :

" اسمعيني جيدا يا ابنتي "

ها هو مدخل القلق بحنان كلمة ' ابنتي ' الغير معتاد ..
الحاج سليمان مشاعره تجاه ابنتيه تظهر جلية في الغضب .. في الأمر .. في النهي ..
لكن الحنان أو الفخر لا يظهرا سوى بعينيه السوداوين .
وحين بدأ حديثه كانت كلماته عن المعاني الراسخة والمبادئ التي يسير بها في تربيته لبناته وفق معايير جودة – مجتمعية – أصيلة :

" طوال عمري وأنا أسعى جاهدا في تربيتكِ أنتِ وقمر ... حافظت عليكما كالجواهر حتى لا يمسكما أذى من شئ أو بشر والله هو الحافظ ... فعلت ما بوسعي لتظلا مكرمتين وتتعلما أحسن تعليم .. وحاولت أن أمنع عنكما أي فعل قد يعرضكما لأي مشقة .. كنت أتمنى أن يكون لكما أخا تستندا عليه بعد موتي لكن قدر الله وما شاء فعل .. والحمد لله رضيت بقسمة الله ودعوته أن يحييني لأستركما في بيتىّ زوجيكما "

غام صوته حزنا بتمنيه لحياة عامر صغيره فنغز قلب نجوى لتقول بخفوت :

" لا حرمنا الله منك يا حاج "

أطرقت شمس برأسها ورائحة الألم تتسلل من وراء الكلمات لتحيي ذكرى موت آخر أكثر ألما ..
ثم تتذكر كلمات قمر السابقة .. النقيض لما يقوله والدها الآن .. ورغما عنها تعترف أن قمر على حق رغم حسن نوايا والدها..
ما يعتبره حماية كان – عزلا – لدرجة السذاجة التي أصابتهم وإنعدام الخبرة في هذا العمر ..
ما يعتبره حفظا للجواهر كان – خوفا – بغيضا أصاب نفوسهم بالعتمة والنذالة التي تخفت قمر خلفها ..
ليته تركهما تجربان وتفشلان فتتعلمان .. لكنه منع عنهما حق التجربة بدعوى – الستر - .
بنظراته التي تفيض بمشاعره رغم ثبات محياه وقارا كان اطمئنان بما آل إليه حال قمر يلمع في مقلتيه وهو يقول بثبات :

" يعلم الله فرحتي عندما طلب حمزة يد أختكِ قمر .. حمزة ولدي الذي لم أنجبه .. رجل سيحفظها ويصونها .. وما إن وافقت قمر حتى قرأت الفاتحة مع عمكِ مباشرة والآن هى تزوجت وقريبا سيكون الزفاف واطمئن أني سلمت أمانتها لزوجها "

نظرت شمس إليه فلا تستطيع لومه لأنه لا يعلم ..
لا يعلم مقدار الضرر النفسي الذي أصاب قمر وهى تحاول البحث عن هويتها فتتخبط هنا وهنا حتى فعلت آخر كوارثها ..
لا يعلم مقدار ضررها هى حين رمت كرامتها تحت قدمين باردتين بسبب سذاجتها وحمقها ..
ثم رمتها مرة أخرى وهى توافق على ' عبد الخالق ' بعدها مباشرة ..
وفي بيته بدأت تحافظ على كرامتها – المُهانة – بيديه .. بالكتمان ..
بألا يعلم إهانتها سواها ..
مُعتقدة أنه حفاظ على أشلاء هذه الكرامة دون أن تدرك أنها قسوة تمد جذورها لأعماقها ..
لا يعلم أي شئ سوى أنه أحسن تربيتهما حين عزلهما عن العالم .
فظلت صامتة قاسية باردة وهى تراه يطرق برأسه لحظات وذنب قديم يلون ملامحه فيحمد الله على كل ما كان ..
بينما تصارع شمس رغبتها في النهوض لما تعلم أنه سيكون الكلام التالي له ..
وصدقت بغصة مسننة في حلقها الجاف حين وجدته يقول بهدوء وقور :

" أما أنتِ يا شمس .. حينما تقدم إليكِ عبد الخالق كان مناسبا من كل النواحي "

تسارعت أنفاسها بغتة فلا تعرف كيف تشعر بالإختناق مع معدل تنفسها العال وهى تهمس بإنزعاج :

" أبي أرجوك .. قلت من قبل هذا الموضوع لا تُفتَح سيرته "

بنظرة جامدة كان يواجهها ويجعلها تواجه الأمر الذي أمرت بدفن سيرته منذ أربع سنوات ..
في بداية عقدها الثاني الذي استقبلت أول عام به بـ .. عبد الخالق
فانتهى العام الرابع منه وهى منتهية معه .. روحا وقلبا وجسدا
دمعت عينا نجوى وهى تنقل بصرها بينهما فتشعر- بجزء - من ألم شمس
كان صوت الحاج داحضا لكل مقاومتها للاستماع وهى جالسة أمامه تتقبض يداها على حواف الأريكة جوارها وعيناها تقسو لتنم عن امرأة مختلفة..
فيتابع والدها بنبرة حازمة :

" اسمعيني للنهاية يا شمس لأني لن أكرر قولي .. عبد الخالق كان محاميا له مستقبل يكبركِ بستة أعوام فقط ومن عائلة محترمة ... أنا وافقت عليه حينها لأنه كان أنسب مَن تقدم لكِ خاصة بعد رفضي طلب ذلك الأرعن منصور بالزواج منكِ ... عبد الخالق كان خلوقا وما فعله ليس بيده .... "

مشاعرها تتأجج بالرفض وتعلو وتيرة تنفسها أكثر وهى تنظر له فتكرر في نفسها ..
لا يعلم .. لا يعلم أي شئ .. لم يعلم يوما عنا أي شئ
عيناها لمعت بقسوتها فقالت هازئة مشددة على كلماتها بكره :

" نعم .. خلوقا .. لذلك أجبرتني على العودة إليه بعد الطلاق .. بعد كل ما حدث "

اتساع صارم في عينىّ الحاج وهو يتفاجئ بحالة شمس التي تظهر كل حين عصيب ..
فيما تناست هى أنها تخاطب والدها والألم يدق الحجر الأسود بصدرها بمطارق تصم أذنيها بنبضات الطنين ..
ليوقظها منها صوت والدها الصارم :

" وهل تظنينني أرضى بجلوس ابنتي جواري وهى تحمل لقب مطلقة ؟ .. الناس لا ترحم في زمننا هذا .. كان علىّ أن ألملم الموضوع حتى يُنقَذ ما يمكن إنقاذه "

بدت شمس في حالة هائجة عنيفة وهذا الحوار يدور بينهما للمرة الأولى ..
كلماته تهيجها أكثر فتصب غضبها صبا مجروحا في كلماتها الحادة وهى تقف ويرتفع صوتها :

" وهل أنقذت ما يمكن إنقاذه ؟ .. سلمت الأمانة لزوجها أليس كذلك ؟! .. بعد أن أجبرتني حرفيا إما العودة إليه إما حرماني من عامي الأخير في الكلية "

عينا الحاج تتسع أكثر وهو يراها بهذه الوقاحة أمامه فيهدر بقوله المرتفع :

" اجلسي يا بنت .. أنتِ وافقتِ عليه ورضيتِ بالزواج ثم تأتينني مطلقة بعد عدة أشهر "

يرتفع صوتها أكثر ويداها تكشفان غضبها في حركاتهما :

" بعد عدة أشهر بإرادتي أنا .. لكن أنت نسيت أنه طلقني يوم صباحيتي وأيضا قبلت بعودتي إليه .. وربما تناسيت "

وضعت نجوى يدها على فمها فتسيل دموعها وتحاول الكلام فيسبقها الحاج ..
لا زال في جلسته المهيبة على الكرسي وعيناه فقط تكشف غضبا يحاول التحكم به حتى لا يزيد عليها .
يعلم أنها عانت وخاصة بعد إجبارها على العودة
لكنه لا يعلم – تفاصيل - تلك المعاناة .. فقط يعرف الظاهر منها كما يعرفه الجميع ..
لكن التفاصيل خاصة بها وحدها .. لا يعلمها إلا خالقها
وماذا ستستفيد إن علمها أحد ؟ .. كلمة شفقة لا تريدها
بهيبة الرجال المترسخة به كان يقول منطق آخر مترسخ بالمجتمع - إلا ما رحم الله سبحانه - :

" البنت التي تخرج من بيتي لبيت زوجها لا تعود إلىّ ... تخرج إلي المقابر مباشرة "

شهقت نجوى وهى تضرب صدرها و تهتف بجزع :

" بعيد الشر عنها .. ربي احميها من كل سوء هى وأختها "

وبحيرة متألمة كانت تقول محاولة إيقاف سيل الكلمات النازفة :

" ما فائدة هذا الكلام الآن يا حاج ؟ ... لقد مر أربع سنوات وهدأت نارنا "

التفتت رأس شمس إلي والدتها وعيناها تشتعلان بتلك النار داخلها
أي نار تلك التي هدأت ؟!
أتتكلم عن نفسها أم عنها ؟!
النار لا تنطفئ ووقودها الحزن الساكن بالعينين
التفتت رأسها مرة أخرى لوالدها وهو يقول مستنكرا :

" ابنتكِ تتهمني بإجبارها وأنا كنت أنقذ سمعتها "

الهيجان يزداد كلما تكلم والدها فتصبح نسخة من قمر وهى تقول بنبرة أكثر إستنكارا وصوتها يعلو أكثر :

" سمعتي ! .. هل تسوء سمعتي لمجرد أني مطلقة ؟ "

إلي هنا ومال الحاج سليمان للأمام قليلا وهو يحذرها بسبابته بصرامة :

" اخفضي صوتكِ يا بنت ... أنتِ وافقتِ عليه من البداية "

ضربة مباغتة بمنتصف صدرها شعرت بها حية بين ضلوعها وهى تتفتت ..
فجلست متهاوية للأريكة وهى تقول بنبرة ميتة :

" نعم وافقت "

تظلم عيناها حتى يصل الظلام أعماق كيانها وهى تنظر لنقطة محددة في البهو بالخارج فترى نفسها ملقاة هناك يوم صباحيتها وحزام والدها يلسعها لسعا ليدمِ جسدها ..
فتقول بخيبة أمل :

" ثم طلبت الطلاق بإرادتي وأنت أجبرتني على العودة إليه وكأني رخيصة لا بيت يأويني "

تتذكر وتقتلها الذكريات قتلا بطيئا منذ خمس سنوات ونصف

كاد جمود محياها يشقق وجهها ويخفي ملامحها وهى أقرب شبها لأبيها في لحظة الغضب تلك ..
غضبها يتأجج وتضاف عليه أعواد ثقاب مشتعلة تحرقها حرقا بطيئا وهى تنتظر الحكم النهائي في غرفتها ..
عبد الخالق جالسا بالأسفل بأدبه – الجم – وهيئته – العاقلة – ووسامته التي أصبحت تنفر منها ..
أمام والدها يعترف بخطئه ويطالبه بعودتها لعصمته ..
والدها يوبخه بالكلام – الغير مباشر – حفاظا على أواصر النسب بينهما ..
يهينه – بمعسول – الكلمات معرفا إياه - قدر - ابنته الكبرى وبنفس الوقت يجعل الباب – مواربا – للعودة ..
كأي أب يسعى لصلحٍ بين ابنته وزوجها ظنا أنه الخير طالما ابنته رفضت إبداء أسباب ..
دقائق طالت وأصبحت ساعات وغادر عبد الخالق وهى لا زالت بغرفتها التي اشتاقتها منذ عدة شهور زواجها ..
وجاء الحكم أخيرا .. بهيبته دخل غرفتها وبلين الكلام كان يقول :

" لقد جاءني واعترف بخطئه في تسرعه لطلاقكِ .. كان غاضبا في لحظة شيطان فقد فيها أعصابه بعد أن ضغطتِ عليه .. لقد عرفته قيمتكِ جيدا ولن يجرؤ أن يخطئ في حقكِ مجددا .. ستعودين إليه يا شمس "

اتسعت عينا شمس وهى تقف ودوارا يلف الدنيا حولها فتهمس بلا تصديق :

" انا تعبت أبي ... تعبت ... أنت لا تعلم ماذا يحدث ؟.. لا تعلم .. تريدني أن أعود له مرة ثانية .. ألا كرامة لي ؟ "

اقترب منها فتتراجع خطوة تلقائيا والخوف يحاوطها من قرار العودة وهو يقول بحزم :
" المرة الأولى كانت رغما عنه وعنا جميعا .. أما هذه المرة فبسبب إلحاحكِ الغبي عليه "

لم تجد كلمات تسعفها فتتشبث بما حدث قبل ستة أشهر قائلة بصدمة خائفة :

" إلحاحي الغبي ! ... تريدني أن أعود مرة أخرى ليهينني أكثر من إهانته لي بعد عودتي المرة الأولى وكأن لا أهل لي ... هل تريدني أن أخبرك ماذا يقول لي ؟ "

بكف يده كان يوقف كلامها وهو يرد بجدية حازمة :
" أنتِ لم تبدِ أسبابكِ للطلاق في البداية .. الآن وقد اعترف الرجل بخطئه فإن أسرار بيتكِ تحفظينها أنتِ وزوجكِ ... لن أقبل بطلاقكِ هذا أبدا شمس .. إنها الطلقة الثانية .. يكفي ... ستعودين إليه "

هزت شمس رأسها لترد بقوة داخلية رغم همسها :

" لن أعود "

اكتست نظرات الحاج سليمان صرامة كعادته ليقول بعد لحظات حكمه :

" إما أن تعودِ إليه إما أن تُحبَسِ في المنزل وتنسِ الجامعة وتظلِ مطلقة وجاهلة طوال عمركِ "

بهتت شمس والدوار يتكاثر حولها فتسودّ الدنيا وتطن أذنيها وتضيع في دوامات الظلم وهو يتابع برفق حازم :

" سأخبره أن يردكِ لعصمته لتعودِ معه إلي بيتكِ ... أنا اعلم بمصلحتكِ يا ابنتي ... لا تجعلي غضبكِ في لحظة شيطان يدمر باقي عمركِ "

وبعودة لوقتها الحالي .. تدمَر باقي العمر .. ها هى اليوم تحترق ..
الوقت مر ولم يمر .. والخذلان يتزايد مرة بعد مرة وآخرهم نذالة قمر معها ..
وها هى أضحت في السابعة والعشرين محملة بقلب مكلوم .. ودموع ..

الكلمات كانت ككرات نارية يقذفها إليها لتحرقها فتعيدها إليه لتحترق أبوته ألما على حال ابنته ..
ولكن صرامته لا زالت طاغية على صوته وهو يسحبها عنوة من ذكرياتها :

" كيف تتحدثين معي هكذا ؟ "

تراقب نجوى الوضع بقلب جزع متألم ولا تعرف لماذا تحدث معها في هذا الموضوع اليوم بعد فرحتهم بقمر ؟!
لماذا يتحدث فيه من الأساس فيخرجها عن طورها الهادئ المتقبل لكل ما مرت به ؟!
صمتت شمس وأطرقت برأسها .. والدها يدخل عامه الخامس والستين .. وما حدث قد حدث .
فهل سيريحها لو تأذى والدها بفعل كلماتها الآن ؟
صمتت ونهضت لتغادر .. ولكنها صُدِمَت حين سمعته يقول :

" انتظري .. المهم الآن ... هناك مَن تقدم للزواج بكِ "

توقفت خطواتها واستدار رأسها بغتة تنظر إليه بإتساع عينيها التي تشبه عينيه تماما حين تغضب أو يتملكها صرامة .
فتهمس بصدمتها وهى تستدير إليه :

" يا إلهي "

ولكن والدها تابع بصوت لان قليلا ونبرته تمتلئ حمدا :

" إنها رحمة الله تترفق بشيبتي فأرسل مَن لم أتوقع أن يطلب أرملة مثلكِ "

منذ أربع سنوات وهى أمرت أمرا جادا بعدم فتح الموضوع أو أيا من تفاصيله ..
تعيش حالة من الهدوء – الواعي – المتجمد وترضى بها
إلا حين يخالفون أمرها فيأتون على ذكر الموضوع .. سواء كلمة غير مقصودة من والدتها أو مقصودة بجدية من والدها .. أو جرح بالغ الأثر في النفس من قمر ..
فينشق الجمود ويُفتَح أخدود لثورة نار حية غاضبة لا تهتم إن أحرقت أحدا ..
واليوم لم تكن مستعدة لخوض هذا النقاش العصيب لأول مرة معه منذ الأربعة سنوات ومن البداية أرادت أن تسأله لم يحدثها بهذا الشأن ؟!.
فثارت وارتفع صوتها على غير عادتها مع والدها
والآن فقط فهمت .. وشحب وجهها .. كان عليها أن تتوقع
ولكنها قالت لا أحد سيجرؤ ..
وفي هذه اللحظة تدرك أن والدها لا يمتلك حتى ثقافة – الحوار –
حين أراد فتح هذا الموضوع فتح الجراح القديمة أولا وكأنه يدميها ثم يرش عليها الملح كـ لمسة قاتلة نهائية ..
قلبها يغور لأسفل وهى تتمتم بشبه ذهول :

" هل تريد فعلها بي مرة أخرى ؟ ... هل تريد إجباري مرة ثانية ؟ "

كلمة – إجبار – تشعل غضبه فلا يعرف ما الخطأ فيما فعله وهو ينقذ ابنته من براثن مجتمع لا يرى للمطلقة حق – الحياة - .
فيحاول التحكم في غضبه ولكن تخرج نبرته حازمة بمعنى عينيه العاصفتين غضبا :

" أنا لم أجبركِ في المرة الأولى .. ولكن عند الطلاق نعم أجبركِ وألف نعم ... وهذه المرة أيضا ... نحن في مجتمع لا يرحم مطلقة أو أرملة ولا يرأف بمسكينة كسيرة الجناح .... هذه المرة نعم سأجبركِ على الزواج "

الصدمة تغرقها كموجٍ عال تصارع طياته حتى تعبت وهى تحاول القول

( أنا لست مسكينة .. أنا لست كسيرة الجناح)

فلا يخرج صوتها وكأنها في كابوس تختنق بكلماتها .. سكنت تماما عدا ذلك التوسع الرهيب في عينيها السوداء المخيفة في هذه اللحظة ..
يترفق صوت والدها قليلا فيحاول إفهامها بما يعتقد أنه دواء لحالتها :

" إنه ليس رجلا كبيرا بالسن ولا متزوجا ... إنه شاب يافع سألت عنه وعرفت عنه ما يسر النفس ويريح البال .. وغدا سأعطيه كلمتي وتقابلينه .. قابليه أولا ثم نرى "

هزت شمس رأسها بحركة رتيبة فتقول بلا وعي :

" مثلما أعطيت كلمتك لعبد الخالق وجعلتني أقابله "

أطبق الحاج سليمان شفتيه بقوة يمنع نفسه من القول الغاضب
وماذا يفعل وأبوته تحكمه بعجز الإتيان عن حماية ابنته إلا حقا – بالإجبار – على زواجها ..
عاجزٌ حتى وهو يجبرها .. البنات عار يجب ستره كما قال له العامري الكبير..
وابنته لم تعد بنتا .. بل أصبحت أرملة يخاف عليها – النبذ -
ابنته تألمت بما يكبر عمرها بمراحل ولا يعرف ماذا يفعل من أجلها ؟
سأل عنه وعرف ما حمد عليه الله رغم تعجبه من هذا الشاب الذي يطلب أرملة ولا يريد – بكراً -..
بينه وبين نفسه يعتبرها فرصة شمس التي يجب إغتنامها قبل فوات الآوان .
لذلك كان كمَن ينطق بحكم نهائي لا يستدعي الغضب بل كانت نبرة صوته هادئة حازمة وهو يرد على تهكمها :

" لا ... أنا لم أعط كلمتي لعبد الخالق إلا بعدما سمعت منكِ كلمة موافقة بأذني .. المرة السابقة كانت بإختياركِ وأنتِ صغيرة في عامكِ الثالث من الجامعة .... لكن هذه المرة وأنتِ أرملة وبعد ثلاث سنوات ستبلغين الثلاثين .... فهى إجبار يا شمس "

طرفت شمس بعينها تجاهه .. شبح – الثلاثين - يخيم فوق الجميع بدءا من صغير المجتمع لكبيره ..
شبح يخنق لمياء ووالدتها تذكرها به في كل وقت حتى أصبحت الكلمات سهلة متداولة على لسانها وكأنها اقتنعت بالفكرة أو سلمت بها ..
ولا يزال والدها يظهر تعجبه ولكن بما يعتقد أنه سيجعلها تتفهم :

" أنا لا أصدق إلي الآن أن شابا مثله طلبكِ أنتِ .. لقد صليت شكرا لله على رحمته ولن أرفض النعمة التي أنعمها علىّ "

نعمة !! .. ذلك الشاب هو نعمة عليهم
علت أنفاس شمس كمَن استفاق فجأة وهى تضرب صدرها بكفها وتقول بحدة :

" لولا رحمة الله بي أنا وموت عبد الخالق في ذلك الحادث لكنت الآن اشهد نفس الذل والإهانة "

عبس الحاج سليمان غضبا بينما اقتربت شمس وهى تسأله علّ الذنب يذكره :

" والآن هل تريدني أن أكرر غلطتي وأوافق ؟ .... هل تعرف ماذا كان يقول لي ؟ "

مالت قليلا تزرع نظراتها السوداء الغائمة بدموع تأبى النزول بعينيه وصوتها يأتيه عميقا مليئا بالحقد والغل الداكن بها :

" يقول أنني معيبة .. وبعد أن كان يلقبني بالفاجرة أصبحت بنت بنوت ناقصة "

نهض الحاج سليمان وغضبه جليا على وجهه من الألم الذي ثار بداخله ..
عيناه تتسعان بصدمة ما يسمعه .. لم يكن يظن أن عبد الخالق سيظل يعيّر شمس بما صار ..
فتتراجع شمس خطوة غريزيا وهو يهدر بصوته :

" ما هذا الذي تقولينه ؟ "

لكن شمس شعرت بأتون نيران يغلي بداخلها وفارت حممه فكان لابد من قذفها وهى تقول بحدة أشد وصوتها يملأ أرجاء الغرفة :

" هل رضيت بحالي الآن وما حصلت عليه من ألقاب ؟ .... ابنتك كانت فاجرة ثم معيبة .. وعندما أصبحت مطلقة .. صارت أرملة "

بلحظة كانت يد الحاج ترتفع لتهوِ على وجه شمس وهو يقترب تلك الخطوة التي تفصلهما ..
وبنفس اللحظة كانت شمس تغمض عينيها لتنزل دمعتيها وهى تستعد لتستقبل ما جربته صغيرة ويوما ما حين كانت كبيرة .. زوجة ..
زوجة أهانها زوجها – بتخلف – بدون برهان ليصدقه والدها فيحمل عبء ذنب ظلمه لابنته فوق كتفيه ..
وبنفس اللحظة كانت نجوى تنهض تمسك يده عن صفعها وتقول بصوتٍ باك :

" أدامك الله يا حاج اتركها الآن "

كان الموقف لا يحتمل كلمة زائدة ..
الأعصاب كلها مشدودة كالأوتار التالفة تعطي أنغاما شاذة مزعجة ..
العيون تتألم بما لا يخفى على أحد سوى .. عينيها
عينا شمس فقط رأت الكثير مما خُفِى ..
عينا الحاج متألمة بصدمة ما سمعه .. هل كان عبد الخالق ينعت ابنته بهذه الأوصاف القذرة ؟..
وهو أين كان ؟! .. وهى لمَ أخفت ؟!
لهذا طلبت الطلاق بنفسها .. في المرة الثانية
عينا نجوى فاضت دمع قلة الحيلة على ابنتها وهى تسمع لأول مرة أيضا ما تقوله شمس ..
قلبها يتوجع وهى تلتفت برأسها تنظر لشمس ويدها لا زالت تمسك كف زوجها في الهواء ..
فتتوجع أكثر وأكثر وهى ترى دموع ابنتها الكبرى تنزل ربما بلا وعي منها ثم تنظر لعينيها ..
عيناها المتجمدتان بدموع ألم – شاب - حتى ابيضّ شعره فزادها عمرا فوق العمر ..
ونظرتها التي يسكنها حقدٌ لم تستطع السيطرة عليه وهى تنظر لوالدها فتحمله – لوما – لكل ما حدث ..
عذر .. بل ألف عذر لها ونجوى نفسها تحمل سليمان عتابا قاسيا ..
لو لم يجبرها على العودة لعبد الخالق في المرة الثانية لزال الكثير من الألم ..
لزال الجزء الاكبر .. الجزء – الذابح – لقلب ابنتها
وفي نفس سليمان .. كان قلبه يتساقط أشلاءا .. الأبوة مريرة حين نظن أننا نفعل الصواب ونحن نرمي بأولادنا إلي التهلكة ..
لماذا لم تخبره بكل ما رأته .. بكل ما كان يقوله لها .. ولو يعرف الجواب لأدرك أن الجواب من – صلبه – كما هى منه ..
عيناها الآن ترد على سؤاله .. وجوابها كان
كرامتها .. كرامتها أبت أن يعرف أحد ولو الأقربين إليها ما تسمعه بأذنيها ..
كرامتها أغلى من أن يشاع ذلها أمام مخلوق واحد ..
كرامة ' شمس العامري ' من كرامة ' سليمان العامري '
سلسال يملك الكرامة في عنقه فلا يخلعها مهما ارتدى من أثواب
الآن لابد أن يخبرها أنه كان مخطئا حين لم يستمع إليها وظن الموضوع لا يستحق طلاقا ..
الآن هو مدين لها بإعتذار .. وأي إعتذار قد يجعلها تغفر.. وإي إعتذار قد يأتي بالعوض ..
نغزات شعر بها في صدره وهو يحمل إعتذاره بين طيات كلامه قائلا بجمود قبل أن يصعد لغرفته :

" لن تتزوجيه "

تنهيدة ألم شقت صدر شمس وهى تغمض عينيها بألم جديد
لقد بترت جزءا من كرامتها .. حين أخبرته .. حين آذت كرامة والدها .. في ابنته .





..........

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-18, 10:26 PM   #530

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

وضعت لمياء الأدوية المطلوبة في الكيس وأخذت النقود من أحد زبائن الصيدلية قبل أن يغادر قائلا بإمتنان :

" شكرا دكتورة "

ابتسمت لمياء بمهنية وهى تراقبه يخرج ثم اتجهت لتجلس خلف المكتب الصغير الخشبي وتضع النقود في أحد أدراجه .
لم تذهب لعقد قران قمر لأنها لم تستطع أخذ إجازة وهى لم تكمل شهرا في عملها .. عملها الذي يشعرها بالإمتنان ..
الحقيقة أنها هى الممتنة لكل مَن يدخل هنا ويناديها " دكتورة " .
منذ ثلاثة أسابيع بدأت العمل في الصيدلية فعرفت الكثير عن الأدوية بشكل عملي وشعرت بذاتها ولو – جزئيا –.
ولكن شعور كئيب يلازمها دائما فيكاد يعصرها عصرا وهى تنام كل ليلة باكية وحدتها ..
أحمد حقا مر سريعا كما توقعت بالحزن ووجع القلب حتى باتت لا تفكر به ولا تتذكر شكله خاصة وهى تتجنب رؤيته فتطرق برأسها حتى لا تلمح وجهه إذا صادفته في الكلية ..
وكأن عقلها يصنع حاجزا بينها وبين أي فكرة قد تؤدي بالنهاية لتذكره .
ربما هو حاجز ليمنع عنها الألم ..
وربما أن مشاعرها تجاهه لم تصل للعمق الذي يؤلم روحها بفقدانه ..
وربما لأنها مزاجية متقلبة الأهواء لا تثبت على إحساس واحد تجاه أي أحد ..
وربما لأنها لم تحبه من الأساس لأنها لا تعرف ما يسمى – بالحب –
هى لا تدرك سببا محددا ولكن ما تدركه جيدا أنها لا تفهم نفسها ..
والدتها مسرورة بعملها هنا لأنه – باب لأولاد الحلال – لعلها تفرح بها قريبا .
تمتعض لمياء من السبب الذي تراه تافها – ظاهريا – ولكن في داخلها تتمنى لو يكون حقا – باباً - .
ولا تزال تكرر السؤال .. ما الخطب بها حتى لا يأتيها مَن يريدونها مثل باقي الفتيات ؟!.
عريسان فقط ..
طوال سنوات عمرها السبعة والعشرين لم تحظ سوى باثنين فقط ..
الأخير كان من طرف جيرانهم وفشل الموضوع قبل حتى أن تره لمياء .
وكل يوم ترى صور صديقاتها على مواقع التواصل الإجتماعي .. مَن خُطِبَت .. ومَن تزوجت .. ومَن أنجبت .
فتحاول التفكير ما العيب بها ؟! .. ألأنها منعزلة عن العالم فلا أصدقاء لديها سوى شمس ؟! .. وهل يجب أن تخالط مَن لا تشعر بنفسها وسطهم حتى يرها أحد ؟!.
أم ربما لأنها تبحث عن شئ خيالي غير موجود ؟! .. شئ – حالم - يتشابه معها لدرجة التطابق .. ولكنها تدرك أن الإختلاف بين الطرفين يجعل كل منهما يكمل الآخر .
أم ربما لأنها ليست جميلة لدرجة الفتنة ؟! ..
وجهها حلو وشفتاها ناعمتان بلون الورد .. جمالها هادئ يراه الكثيرون فتكون ردة فعلهم " ما شاء الله " ...
إذن ما الخطب بها ؟!.
تنظر لأرفف الأدوية حولها فتنهض لترتب أحدهم محاولة إبعاد أفكارها التي تسير بها في درب من جنون ..
والدها أكثر سرورا بعملها لأن ابنته تُلَقب – بالدكتورة – فيمر عليها بعد إنهاء عمله ليطمئن أنها بخير فترى الفخر بها واضحا في عينيه خاصة إذا وجد عندها أحد الزبائن وهى تصف له دواءا معينا فيظل يستمع إليها يكاد يبكي فرحته بها .
تعدل وضع بلوزتها الواصلة لركبتيها وهى تستطيل على أصابعها في حذائها الرياضي لتصل للرف العلوي ..
علبة أقراص تقع من يدها مع انتفاضتها الداخلية ورنة - ماسنچر- تأتيها من هاتفها شاعرة أنها ليست من شمس .
تناولت لمياء العلبة الواقعة فوضعتها مكانها بهدوء تحاول إخفاء لهفتها ثم اتجهت للمكتب فتتناول هاتفها تفتحه لتجدها .. الصورة المميزة .

''' ما هذه الأغاني الرائعة ؟ '''
''' هل هناك مَن يستمع إلي العربية الفصحى والقصائد الآن ؟ '''
''' كم هو مميز ذوقكِ '''

قرأت لمياء الرسائل المتتابعة وابتسمت بشعلة صغيرة من الفرح تنير داخلها ببطء ثم تكتب

''' حمدا لله على السلامة '''

أرسل ضياء الدين عدة وجوه مبتسمة ثم كتب سؤالا أتبعه بإجابته

''' هل لاحظتِ غيابي ؟! '''
''' كنت في سفر مفاجئ لأجل العمل .. لم أجد وقتا لفتح الفيسبوك وأول ما فعلت عند عودتي هو رؤية رسائلكِ والإستماع للأغاني '''

فترد لمياء بنوع من الفخر بذوقها

''' واضح أنها أعجبتك '''

بلحظات كانت رسالته مرسلة إليها

''' أعجبتني جدا لدرجة أني بحثت عن أغاني ذلك المطرب واستمعت إلي معظمها '''

ترسل لمياء وجوها باسمة وهى تلف حول المكتب لتجلس ثم تكتب بشقاوة

''' أي خدعة '''

فيبادلها رسالتها بالوجوه الضاحكة ثم يسأل

''' نسيت أن اسألكِ .. هل تعملين لمياء؟ '''

تكتب لمياء بعفوية وداخلها يشعر بحاجة – للرد – أو بحاجة لأن يسألها أحد – أي أحد – فتجيب

''' نعم .. اعمل في صيدلية '''

عدة لحظات مرت ثم تقرأ رسالته

''' دكتورة إذن ... قرأت على صفحتكِ أنكِ تخرجتِ من كلية عملية '''

اعتدلت لمياء على الكرسي وهى تكتب

''' نعم .. هو ليس مجالي .. أنا مجالي تصنيع الأدوية نفسها ولكن إلي الآن لم أستطع العمل في أي من شركات الأدوية ولذلك اعمل هنا مؤقتا '''

بدا أنه يقرأ رسالتها أكثر من مرة ثم كتب بعد لحظات

''' كما قرأت على صفحتكِ أن عمركِ سبعة وعشرين عاما .. أيعقل خمس سنوات منذ تخرجتِ ولم تجدِ عملا مناسبا ؟!!!! '''

تنبهت لمياء لأحد الزبائن فتركت الهاتف لتتجه إليه فتقرأ ورقة الوصفة الطبية التي مدها لها وتحضر الأدوية من الأرفف بمهارة اعتادتها ثم تناوله الدواء وتأخذ النقود ليغادرها شاكرا كالعادة .
تتجه مرة أخرى للهاتف فتقرأ آخر رسالة مجددا ثم ترد عليها

''' عملت من قبل في مركز للتحاليل الطبية ولم يعجبني العمل لأن المرضى كانوا قليلين جدا والراتب أيضا قليل فتركته .. كان غير مجديا على الإطلاق '''

لحظات طويلة مرت والرسالة لم تُقرَأ فانشغلت بتصفح مجموعات شعرية حتى أجفلتها الرنة بالرسالة

''' قلتِ لي سابقا ليس لديكِ أصدقاء أليس كذلك ؟ '''

تتعجب لمياء من تبدل الحوار فجأة ولكنها تكتب بتلقائية

''' نعم .. واحدة فقط منذ الصغر '''

فيفاجئها ضياء بسؤاله

''' أتعتقدين أنها صدفة أنكِ لا تملكين أصدقاء ولا تملكين عملا مناسبا ؟!! '''

بدت لمياء مشتتة متحيرة عاجزة عن الرد وفي نفس الوقت بكامل تركيزها معه .. وبعد لحظات كانت تكتب ببراءة

''' لم أفهم '''

ربما كان ينتظر منها هذا الرد ولذلك بدت إجابته التالية جاهزة ليصعقها تماما

''' أقصد أن الأمر بات واضحا الآن... أنتِ إنطوائية للغاية كما قلتِ سابقا وهذا يؤثر على حياتكِ بأكملها .. أنتِ تشعرين بقيود حولكِ حتى مع الحرية التي تتوهمين وجودها ... تخشين المواجهة وإقتحام الصفوف لإثبات ذاتكِ وتكتفين بمجرد المتاح بدعوى الرضا ... أكاد أقسم أن لديكِ ( رهبة الجمهور ) أيضا '''

اتسعت عينا لمياء وهى تقرأ الخمس رسائل المتتابعة فتجمد وهي تحدق فى الهاتف ..
أنفاسها تختنق وكأنه معها يقبض عليها والعباءة السوداء الشريرة يبدأ طرفها بالظهور فوقها ! ..
منذ متى يعرفها حتى يفهمها هكذا ؟! .. إنها لم تكن سوى مرتين وهذه الثالثة للحديث معه كما يتحادث – الأصدقاء – .
نعم .. هما صديقان جمعتهما هوايات مشتركة في حب الشعر وكتابة الخواطر .. وبهذه الفكرة كانت تكتب شبه مصدومة

''' هل كل هذا .. أنا ؟!!! '''
''' ونعم بالفعل .. أنا لدي رهبة من الجمهور فأخاف لدرجة الرعب وأرتجف كليا إذا طلب مني أحدهم عرض شئ أو التكلم أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص '''

بعد لحظات كان ضياء يرسل لها كلماته بخبرة الرجل الأربعيني به

''' استنتجت ذلك ... فتاة مثلك هواياتها الرسم والقراءة والكتابة ولا تملك سوى صديقة واحدة وليست مرتبطة ولم تحصل على عمل مناسب إلي الآن ... وفوق كل هذا .... تستمع لقصائد شعرية في أغاني قليل مَن يسمعها '''
''' لقد عرفت أي نوع من الفتيات أنتِ ؟ '''
''' برغم عيوبها التي قد نعتبرها طباعا في شخصيتها رغما عنها ... إلا أنها ذات قلب نادر الوجود هذه الأيام '''

كانت مرتبكة ومصدومة من فهمه لها وكأنه يراها من مكانه البعيد .. غائبا حاضرا ..
تشعر بطيفه يحاوطها يتشمم رائحتها عله يصل لأعماق إختلاجاتها وأكثر مشاعرها إحتجابا ..
وفي نفس الوقت حزينة متضايقة منزعجة لأنها فقدت غموضها الطاغي في ذلك العالم الافتراضي ..
عالم بدت فيه ساحرة غامضة ترتدي عباءة سوداء تتلاعب بالكلمات فتسمو ? – ملكة – يتمنى الجميع منها كلمة ..
ولا يعلمون أنها الضعيفة الخائفة متنازعة الأسرة ومغلقة التربية حتى كادت تختنق في جدران أربع .
ولعل شعورها الأخير هو الذي غلبها الآن فجعلها تكتب

"' آسفة مضطرة لأغلق الآن "'

أو ربما شعورها بتوجس غريب مقلق غير مريح بـ - مجهول – قادم يرتدي نفس العباءة السوداء ولكن ليس غموضا ..
بل شـراً .
بعد لحظات طالت كانت كلمتان فقط ما زادا توجسها وقد أدركت أنه ينسحب بناءا على رغبتها

"' اعتني بنفسكِ "'





.....يتبع بالصفحة التالية

https://www.rewity.com/forum/t400173...l#post13216157.....


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.