عن طفلة كبرت فجأة (1)
 

بعتثُ لصديقتي..." لقد تعبتُ... أريدُ أمي"

الأمطار و البرد القارس....شيئان لطالما ندُر وجودهما في بلاد البهجة و الشمس....عروس الجنوب أكادير.... مدينة كل ما بها مرح..... ينبض بالسعادة و فجأة انقلب كل شئ.... لتغيب الشمس....و يبدأ المطر بالإنهمار.... ليبدأ مزاجي بالتقلب، لم تُفلح معي كلمات زوجي كالعادة... التي تجعلني أتقبل فراق والدتي... لم تُفلح معي قطع الشكولاطة المرة... التي تجعلني ممتنة بوجود تلك الأشياء الصغيرة، المسؤولة عن نشر السعادة في أوردتنا....

" حبيبتي... كل شئ سيكون بخير"
جملة نطق بها قريباً من أذني.... لتنهمر دموعي و تنضم للأمطار خارجاً... بكيت كما لم أبكي يوماً.... كطفلة صغيرة منبوذة كنتُ أحس.... وقف ينظر إلي بخوف.... لم يعرف كيف يتعامل مع نوبتي الجديدة.... أو ربما المسافات التي فرقتنا سابقاً.... منحت له الفرصة ألا يكون حاضراً أثناءها... كنتُ أحضن نفسي بقوة.... كنت بحاجة لمن يلملمني.... لكنني احتجتُ لحضنها هي....حضن أمي...

- " حبيبتي.... " هَمَسَتها، و زوجي يضعُ الهاتف على اذني، جعلتني أستكين.... ثم بهدوء ضغطت على الهاتف بقوة.... و أغلقت عيوني.....و كأنها بجانبي، تهدهدني كما العادة.... تضعني في حضنها و تهمسُ بكلمات تجعلني أستكين....

اسلقيت... و صوتها ما زال يصلني....
" ماذا بكِ طفلتي...." لم أكن أستطيع أن أجيبها.... و أخبرها أنني فقط اشتقت لها.....لم أستطع أن أهمس لها أنني أريدها بجانبي... فأنا لستُ بخير....لستُ بخير و أنا أعلم أن المسافات تفصلنا معاً.... لستُ بخير أبداً...

أعرف يقيناً أن عقلها أخذها لنفس الذكرى.... حدثت منذ عشر سنوات.... عندما اضطرت أن تسافر لأختي التي اصبحت أمًّا للمرة الأولى.... لم أتقبل ذلك، كيف تتركني أنا، لتذهب مئات الكيلومترات.... كيف سأستيقظ دون لمستها على جبيني.... كيف سأنام دون أن أنغرز في حضنها....و رتابة دقات قلبها كأغنية تهليل ما قبل النوم...

كنتُ فقط في الثالثة عشر... طفلة متمسكة بأم، لعبت دور الأم و الأب في حياتي..... كانت و لازالت كل شئ في حياتي.... عشقي الأول و الأخير.
في تلك الفترة اتصل المدير بعائلتي... يشتكي لهم انطوائي المفاجئ.... سكوتي الذي أزعجهم...أكثر ما أزعجهم صخبي السابق.... لم يفهموا أن بسفر أمي...أحسستُ بما لم أحس به.... لإثنى عشر سنة.... لم أُفكر أبداً أنني يتيمة الأب.... وجودها طغى على كل إحساسٍ موحش كان سيتربص بي و أنا ألتفت حولي لعلاقة الأبوة التي تربط بين صديقاتي و أبائهن....
في ذلك اليوم.... عرفتُ أنني لستُ منيعةً كما أعتقد.... أنتِ كنتِ فقط المخدر.... البلسم الذي يغطي جرحي.... و بغيابك، عرفت معنى الغياب.... معنى ألا أكون محاطةً بك....و به.

أبي... الذي كان كلحن ملعون، مُنع عزفه في منزلنا.... في السنوات قبل سفركِ....لم نكن نتحدث عنه....و لم أكن فضوليةً تجاهه.... لكن بعد سفرك، كنتُ شغوفةً به.... أردتُ أن أعلم عنه الكثير.... أن أعزفه.... ليملأ لحنه الحزين منزلنا.... أردتُ أن أحزنه.....و أبكيه....أن أُقيم له جنازةً.... كنت رضيعةً عندما تمت إقامتها.... أردتُ....و أردتُ.
كلها رغبات خلفها غيابك يا أمي.... و كأنك سورٌ عظيم....كان يحميني من برودة الوحدة....و صقيع الحزن.... و يمنعُ عني رياح الشوق.... لإنسان لا أحمل من ذكراه إلا دمه في عروقي....و ملامح وجهه.
في كل فترة.... تراودني فكرة أنني وحيدة.... و الآن في هذا الشتاء القارس..... و الجو المكفهر.... لم أفكر إلا في حضنكِ يا أمي...

دفعت الذكرى بعيداً.... و أنا أحس به يحضنني بقوة.... و صوت أمي ينساب لأذني...." حبيبتي... كل شئ سيكون بخير.... الإمتحانات ستمر.... و ستكونين رائعة كما العادة.... "

كنت أحرك رأسي.... و جسدي المتيبس في وضعية الجنين.... يسترخي... و أنا أهمسُ لنفسي " دعيها تعتقد أنها رهبة الإمتحانات فقط.... فربما طيبة قلبها.... لن تجعلها تفهمني... "

همس في أذني " إبكِ.... لا تتركي الأفكار تقودكِ.... إجعليها تندفعُ مع دموعكِ"

و كأن العبارة كانت كل ما أحتاجه....لأندس أكثر بين أضلعه.... و أبكي كما لم أبكِ يوم سفرت أمي....

رغم أن الجو الكئيب لم يتغير بعد.... و لا مزاجي العكر الذي يصاحبه....
إلا أنني أحسست فجأة أنني بخير....



[/center]

بالفعل.... لا نستطيع الإستغناء عن الحنان و الإحتواء ❤

ﺃﻧﺖِ ﻛﻨﺖِ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭ .... ﺍﻟﺒﻠﺴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻄﻲ ﺟﺮﺣﻲ .... ﻭ ﺑﻐﻴﺎﺑﻚ، ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ .... ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻻ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﺤﺎﻃﺔً ﺑﻚ .... ﻭ به


ﻛﺄﻧﻚ ﺳﻮﺭٌ ﻋﻈﻴﻢ .... ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﺮﻭﺩﺓ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ .... ﻭ ﺻﻘﻴﻊ ﺍﻟﺤﺰﻥ .... ﻭ ﻳﻤﻨﻊُ ﻋﻨﻲ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﺸﻮﻕ .... ﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﺃﺣﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﺍﻩ ﺇﻻ ﺩﻣﻪ ﻓﻲ ﻋﺮﻭﻗﻲ .... ﻭ ﻣﻼﻣﺢ ﻭﺟﻬﻪ .
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺘﺮﺓ .... ﺗﺮﺍﻭﺩﻧﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻧﻨﻲ ﻭﺣﻴﺪﺓ .... ﻭ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺭﺱ ..... ﻭ ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﻤﻜﻔﻬﺮ



.... ﻟﻢ ﺃﻓﻜﺮ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺣﻀﻨﻚِ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ..
اه كم اوجعتني كلماتك الفراق صعب والاصعب فراق الام نبع الحنان والحب الخالص والعطاء. الغير مشروط ولا المحدود ف
كيف بمن كانت لها الام والاب
ورغم كم الالم ولكن رحمة الله رزقها بسند لها
الحمد لله
اسلوبك جميل جدا ومؤثر لامستي الحزن فينا احييك اتمني لك دوام التوفيق والتالق
رحم الله امي وامهات المسلمين
وبارك ف امهات المسلمين يارب ورزقهم الجنه

سعيدة أن كلماتي راقت لك ❤
شكراً لتشجيعك و حفظ الله لك كل غالٍ❤❤

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.... ر مني أفضلها ❤

ألام ماهي الحياة بدون أمي وجعتيني اشتقت لأمي كتير
والزوج هو الاحتواء تسلم ايدك ملوكة دائماً متألقة بقلمك حبي