آخر 10 مشاركات
216 - قيود من رماد - ليز فيلدينغ -أحلام جديدة (الكاتـب : monaaa - )           »          206- العائدة - كاي ثورب - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          ليلة بلا قمر - آن ميثر (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          عطر القسوة- قلوب احلام الزائرة- للكاتبة المبدعة :داليا الكومي *مكتملة مع الروابط (الكاتـب : دالياالكومى - )           »          418 - خطوة خارج الزمن - ميراندا لي (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          زوجة اليوناني المشتراه (7) للكاتبة: Helen Bianchin..*كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-18, 08:38 PM   #41

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الثامن والثلاثون


اقتربت دنيا ببطء تحمل بيدها كأساً من الليمون المثلج وضعته برفق بجوار الفراش الذي جلست عليه نيرة وهي تحيط ركبتيها بذراعيها وتستند بذقنها فوقهما وقد غابت في تفكير عميق.. هي على تلك الوضعية منذ الليلة الماضية.. فبعدما ألقى مازن كلمته الأخيرة ورحل يلعق جراحه بعيداً, تجمدت نيرة تماماً.. تكاد تقسم دنيا أنها تحولت إلى تمثالِ شمعي, حتى تنفسها كاد أن يكون ملحوظاً..
لم تستطع دنيا تركها ترحل وهي على تلك الحالة الذاهلة, فاصطحبتها إلى إحدى غرف الضيوف بالفيلا.. وانقادت نيرة معها تحركها دنيا كدمية بلا حياة.. ومنذ تلك اللحظة غرقت نيرة في حالة من الجمود والاستسلام التام.. فقط تحدق بعينيها للمجهول.. وتردد كل فترة..
"انتهى.. انتهى"..
اقتربت دنيا بهدوء لتجاورها على الفراش وتناولها العصير البارد, لترتشفه نيرة بشرود وتردد متسائلة:
ـ كده خلاص كل شيء انتهى!..
ربتت دنيا على كتفها وهي بعقلها تدور فكرة واحدة..
"ما يحدث هو التعريف الوحيد للجنون.. فها هي تواسي غريمتها.. ضرتها السابقة.. مَن حطمت كيان الرجل الوحيد الذي أحبته"...
تنهدت دنيا بصوت عالٍ قبل أن تواجه نيرة:
ـ هو ايه اللي انتهى؟.. حب مازن ليكي؟.. ولا حبك انتهى لمجرد أنه قرر ينهي جوازكوا؟
سألتها نيرة بمرارة:
ـ حبه ليا!!.. هو اللي عمله ده حب!.. يطلقني و...
غصت بدموع جامدة فلم تستطع الكلام فتنهدت دنيا مرة أخرى:
ـ صدقيني لو قلت لك هو طلقك لأنه لسه بيحبك..
رمقتها نيرة بنظرة عدم تصديق فأكملت:
ـ أنا مش عارفة تفاصيل المشاكل اللي بينكوا.. بس كل اللي اقدر أقوله أن مازن قرر ينهي علاقتكوا الزوجية عشان يحافظ على حبه ليكي.. ما تستغربيش.. يمكن لو فهمتِ مازن صح..
قاطعتها نيرة باتهام:
ـ هترجعي له مش كده؟..
ابتسمت دنيا بمرارة وتجاهلت الرد على سؤالها:
ـ نيرة.. أنتِ دلوقتِ قدامك فرصة من دهب عشان تعملي حاجة في حياتك.. يمكن احنا مش أصحاب.. وصعب نكون.. بس ليَّ ملاحظة واحدة يا ريت تتقبليها مني..
أومأت نيرة برأسها في صمت لتكمل دنيا:
ـ خلي عندك هدف يا نيرة, واسعي ورا الهدف ده.. مش شرط يكون الحب هو الهدف.. خلي أفقك أوسع وأحلامك أكبر.. حطي النجاح نفسه هدف.. هتلاقي الحب قابلك في الطريق وممكن يكون مكافأة وصولك لهدفك.. أنتِ قوية جداً.. عندك صبر ومثابرة بس للأسف دايماً بتزهقي في نص السكة وما تكمليش للآخر.. وشغلك أبسط مثال.. ارجعي شغلك.. أو ابدئي شغل جديد بتحبيه.. اتحركي.. اتقدمي.. اثبتي لمازن أنك أهل لحبه وأن مشاعرك له تستحق فرصة تانية.. لأنك اتغيرتِ عشان نفسك مش عشانه هو..
أخذت نيرة تتأملها للحظات.. تريد أن تصرخ بوجهها.. كلماتها قد تكون صحيحة ولكنها مؤلمة.. والأكثر وجعاً أنها تأتي منها هي بالذات.. ربما ذلك ما يجعلها ذات معنى.. ربما لأنها مرت بنفس موقفها سابقاً..
خرجت الكلمات متعثرة من بين شفتي نيرة:
ـ بس.. أنا.. أنا اتغيرت كتير عشان أرضيه.. و..
تحركت دنيا لتجلس بمواجهتها:
ـ وايه يا نيرة؟.. لو التغيير للأحسن يبقى أنتِ اللي كسبانة.. صح؟.. بصي.. أنتِ محتاجة تقعدي مع نفسك.. تراجعي حسابتك.. وتحددي أولوياتك بالظبط.. أنا عارفة أن خسارتك لمازن جامدة.. بس بيقولوا الضربة اللي ما تكسرش بتقوي..
رمشت نيرة عدة مرات قبل أن تسألها بإلحاح:
ـ أنتِ ما جاوبتيش سؤالي.. هترجعي له؟..
تنهدت دنيا مرة أخرى:
ـ نيرة.. بلاش تدخلي الغيرة في الموضوع.. أنا مش هرجع لمازن.. احنا اللي بيننا دلوقت حاجة أكبر من حب ومشاعر وغيرة..
أخيراً استطاعت دموعها الهروب من بين جفنيها للتساقط على وجنتيها لتهمس:
ـ بينكوا عشق..
في تلك اللحظة دخلت المربية تحمل "عشق" على كتفها وهي تغمغم بحرج:
ـ آسفة يا مدام دنيا.. بس عشق بتعيط جامد وعايزة حضرتك..
ارتمت الفتاة الباكية بين أحضان أمها التي احتضنتها بلهفة شديدة وهي تمسح دموعها متمتمة:
ـ حبيبة ماما بتعيط ليه بس؟!..
ثم منحتها قبلة عميقة فأطلفت "عشق" ضحكاتها الطفولية سعيدة بوجودها بين أحضان والدتها..
راقبت نيرة ذلك المشهد بملامح يعلوها حنين مؤلم.. توالت الدمعات على وجنتيها تحكي قصة ندم طويلة.. ألم فقدان وخسارة لا تعرفها سوى مَن فرطت في أمومتها متعمدة.. والآن.. الآن لو يمكنها دفع عمرها, بل روحها لتتبادل الأماكن مع دنيا, فهي تتحمل خسارة حبه فقط لأنه حصلت على ابنته.. آه لو يعود الزمان للوراء.. آه لو يعوض الندم عما راح.. هطلت دموعها بلا توقف وهي تراقب الصغيرة الفاتنة.. وبأعماقها يتردد.. آه لو كُتبت الحياة لطفلي لكان في سن عشق الآن.. أو ربما أكبر قليلاً.. لكان مازن بجوارها الآن يحمل طفلهما ويلاعبه مثلما رأته مع عشق.. لكان وجد قبس ضعيف من نور ليستمر بعلاقتهما المضطربة من الأساس...
استمرت الدموع وازدات غزارتها حتى بدأت شهقاتها تتعالى وقد شعرت بحجم خسارتها.. الابن والزوج الحبيب.. لم يبقَ شيء.. لم يبقَ لها شيء لتحارب من أجله.. لا شيء..
شهقت بقوة وهي ترتمي على وسادتها مرددة:
ـ خسرت كل حاجة.. كل حاجة...
أُسقط في يد دنيا وهي تشهد ذلك الانهيار العنيف من نيرة, وبدأت عشق بالصراخ خوفاً من بكاء نيرة الذي تتعالى وتيرته ولم تفلح محاولات دنيا في تهدئتها.. أخيراً استدعت دنيا طبيبها الخاص ليقرر أنها في حالة صدمة شديدة.. وقام بحقنها بأحد المهدئات مخبراً دنيا أنها ستكون في حالة أفضل بعدما ترتاح قليلاً...
بعد رحيل الطبيب هاتفت دنيا صبا لتخبرها بكلمات موجزة ما أصاب نيرة, فلابد أن تعلم عائلتها بالأزمة التي تمر بها.. فإن كانت نيرة أقوى مما تبدو ولكن خسارتها تلك المرة أكبر مما تحتمل.. ودنيا خير مَن يعرف.. فخسارتهما واحدة.. ومازن تلك المرة كان حاسماً.. ولا مجال للعودة.. إطلاقاً...
*************
أغلقت صبا الهاتف مع دنيا وهي تتوعد مازن بشتى وسائل التعذيب.. فهي منذ تحسنت علاقتها بأختها وهي ترقب محاولات نيرة المستميتة لارضائه وتجاهله المستمر لتلك المحاولات.. والآن.. يتجرأ على اهانتها ويرحل تاركاً اياها في منزل غريمتها.. تباً له.. بل تباً للرجال جميعاً.. وخاصة ذلك الذي حرم عينيها النوم.. وجملته تتردد بداخلها بلا توقف..
"أنتِ اللي زماني صالحني بيكي"..
ضربت على رأسها بأصابعها بعنف وهي تهتف بحنق..
"اخرج من عقلي"..
لترتسم ابتسامة بلهاء على شفتيها وهي تتذكر نظراته, همسه, غزله المدغدغ لأنوثتها رغماً عنها.. والأهم صراحته.. بقدر سعادتها بتلك الصراحة بقدر ما تخشاها...
حملت حقيبتها وتحركت مسرعة لتصل لأختها في أسرع وقت لتأسرها عينيه وهو يجالس والدها ببهو الفيلا محتضناً طفلته بين ذراعيه وهامساً لها بضعة كلمات جعلتها تنطلق بضحكات بريئة وهي تتأمله وكأنه البطل المغوار..
لتحدث صبا نفسها.. بالطبع تراه بطلها.. فهي مجرد طفلة وهو والد جيد.. جيد جداً.. حقيقة لا يمكنها انكارها كما لا يمكنها انكار تأثيره الطاغي عليها فهي أمام نظراته الحنونة تكاد تنسى خصامها الدائم لقصص الحب والغرام..
تكاد أن تكسر ذلك العهد الذي قطعته على نفسها منذ أعوام عديدة ألا تتورط في الحب مطلقاً..
ظلت عينيها معلقة بعينيه لدقائق طويلة لمح فيهما الصراع الدائر بأعماقها قبل أن تحسم الصراع وتظهر علامات القسوة بنظراتها وهي تتوجه نحوه بغضب هائل استجمعته من كلمات دنيا عما أصاب نيرة.. وهتفت بغضب هائل:
ـ معقولة اللي بيعمله مازن ده!.. يرضي مين الظلم ده؟.. هاااه.. يرضي مين...
قاطع حسن كلماتها الغاضبة وهو ينهض ليواجهها متسائلاً بهدوء غاضب:
ـ صبا.. من فضلك.. اتكلمي كلام واضح.. أنا مش فاهم بتقولي ايه!..
هتفت بغضب وهي تقترب منه وترفع نفسها على أطراف أصابعها لتقاربه طولاً.. ولكنها لم تصل حتى لمستوى كتفه مما أثار غيظها أكثر فوكزته بإصبعها بصدره وهي تصرخ:
ـ أخوك.. مازن بيه..
صرخ بدوره:
ـ ماله؟..
استمرت بوكزه وهي تقول من بين أسنانها:
ـ طلق نيرة بعد ما..
برقت عيناه بشدة ليحذرها من الاستمرار في الكلام بينما التفت إلى والدها الذي لم يستطع التحرك منذ أن بدأت بإطلاق قذائفها بوجه حسن..
تحرك حسن ليقترب من الرجل الأكبر سناً متسائلاً بقلق:
ـ عمي.. حضرتك كويس..
حرك عامر رأسه ببطء مخبراً حسن بتعثر:
ـ أنا كويس.. ما تقلقش عليَّ.. المهم نيرة..
ثم رفع عينيه نحو ابنته:
ـ حقيقي الكلام ده يا صبا؟.. أختك اتطلقت؟..
عُقد لسان صبا ولم تعرف بم تجبه.. فهي اندفعت تصرخ بوجه حسن رغبةً منها في الخروج من حصاره لها وغفلت تماماً ما قد تفعله كلماتها بوالدها..
ـ بابا.. أنا..
قاطعها حسن بحسم لينهي الحوار الشائك:
ـ أنتِ رايحة لنيرة دلوقتِ؟..
أومأت برأسها موافقة ولم تتفوه بكلمة حتى لا تضطر لاخبار والدها بوجود نيرة في منزل دنيا.. غريمتها..
التفت حسن لعامر واستئذنه بكلمات موجزة حتى يصطحب صبا إلى شقيقتها.. وافق الرجل مضطراً.. فصبا هي الآن الأقرب لنيرة.. وصلت معها لعلاقة طيبة وودية لم يقربها هو يوماً..
دقائق وكانت صبا تجاوره في سيارته وهي تحمل منى على ركبتيها والفتاة تمارس هوايتها المفضلة بجذب خصلاتها الطويلة والعبث بها..
وضعت كل تركيزها على الطفلة محاولة تجاهله لتسمعه يتمتم بغضب:
ـ طلقها امتى؟.. امتى.. أنا كنت معاه من ساعتين وما قالش ولا كلمة..
قطب حاجبيه يحاول استعادة لقائه بشقيقه في مقر الشركة.. لقد بدا هادئاً على غير العادة.. حزيناً وصامتاً بشدة.. ولكن حسن أرجع ذلك لمشاكله التي لا تنتهي مع نيرة.. ولكن أن يطلقها هكذا!.. بدون حتى أن يخبره.. وكأن ما حدث هو أمر اعتيادي وبسيط.. ويمكن اغفاله!!.. كيف؟.. كيف استطاع أن يخفي عنه أمراً كهذا؟..
ترجم أفكاره بغضب:
ـ ازاي؟.. ازاي ما يقولش؟...
أثارت كلماته غيظها فاندفعت تهتف به:
ـ ده كل اللي يهمك؟.. أنه ما قالش وخبى عليك؟.. ما فكرتش في تأثير اللي حصل ده على نيرة.. على..
أوقف السيارة مرة واحدة ليقاطعها:
ـ أياً كان اللي حصل بينهم, مالوش تأثير علينا.. واضح؟..
رمشت بعينيها بخوف وهي تسمع نبرته الحازمة.. أول مرة ترى منه ذلك الوجه.. حتى عندما غضب ظناً منه أنها تعبث مع إياد لم يكن غاضباً هكذا..
استجمعت شجاعتها لتهمس بتردد:
ـ ما فيش حاجة اسمها احنا..
اقترب برأسه منها ليهمس بثقة:
ـ بس هيكون في.. وقريب قوي.. واحنا.. مالناش أي علاقة بالجنون اللي بين مازن ونيرة.. طلقها.. رجعها.. قتلها حتى ما يخصناش.. أنا مش ناوي أخسرك بسبب تهور مازن ولا أنانية نيرة..
رفعت نظراتها له لتواجهه:
ـ بس نيرة اتغيرت.. مش هي نيرة بتاعة زمان.. هتفاجئك..
ابتسم وهو يجبها:
ـ حتى لو اتغيرت.. تغييرها لنفسها.. ما يهمنيش في حاجة..
أغمضت عينيها وهي تسأله:
ـ حتى لو كانت الصفات اللي بتكرهها فيها اختفت؟..
اقترب ليرفع ذقنها ويأمرها بهمس:
ـ افتحي عينيكِ.. افتحيهم يا صبا..
فتحت عينيها على مضض ليفاجئها بسؤاله:
ـ كلامك ده معناه أنك بتفكري في ارتباطنا وقلقانة على مشاعر نيرة؟.. ولا..
همست ورائه كالمخدرة:
ـ ولا ايه؟..
أجابها بتوق:
ـ ولا غيرة من ذكرى أنثى مرت في حياتي..
أبعدت وجهها عنه وكأنها استفاقت من حلم ناعم لتهمس بارتباك:
ـ غيرة!.. وأنا هغير ليه؟..
أجابها برقة:
ـ ليه!.. عشان أنتِ الست الوحيدة اللي مسموح لها تغير عليَّ.. وتسألني.. وتطالب بأجوبة.. وأنا هجاوب بكل طاعة وسعادة كمان..
رمشت بعينيها تحاول كسر شرنقة الغزل التي يلفها بها إلا أنه لم يمنحها الفرصة وأكمل بنبرة أكثر حسماً:
ـ نيرة كانت بالنسبة لي حبيبة أخويا ومراته..
رددت بحيرة:
ـ كانت؟..
أومأ موافقاً وهو يغمزها:
ـ أيوه.. دلوقتِ بقيت أخت حبيبتي.. اللي هتبقى قريب قوي حبيبتي ومراتي..
أبعدت وجهها الذي تورد خجلاً وتجاهلت الرد عليه فهي لم تعرف ما عليها قوله أو فعله.. فهو يفهمها بشدة.. يستوعب مخاوفها ويفتتها بكلماته.. وما يزعجها أنها تدرك صدقه..
ابتلعت لعابها بصعوبة ووجنتيها تزدادان احمراراً والتفتت لتنظر من النافذة المجاورة لها وهي تشير له بارتباك:
ـ دور العربية بس خلينا نروح لها بسرعة.. آه.. هي في فيلا دنيا.. مش في بيت مازن..
ظهر ذهول حسن بهتاف عالٍ:
ـ فيلا دنيا!!!.. ازاي..
جمعت صبا ذراعيها حول منى التي بدأت تنزعج من الصوت العالي وأخبرته وقد عاودها حنقها على مازن:
ـ ما اعرفش ازاي.. اهو ده اللي حصل.. عارف الطريق ولا أوصفهولك.. شكلك هتوهنا والله..
ابتسم بمداعبة وهو يفتح باب السيارة:
ـ ما تتفضلي أنتِ تسوقي وأنا هقعد جنبك زي التلميذ الشاطر المؤدب..
احتقن وجهها وهي تخبره بهمس:
ـ أنا ما بعرفش أسوق..
هتف بعجب:
ـ بجد!.. في حاجة ما بتعرفيش تعمليها..
لتجبه بطريقة طفولية لم تخلُ من الدلال:
ـ مش غلطتي طبعاً.. بس امتحان السواقة ده غبي.. ازاي يعني متوقعين أني أمر بين الــ كونز من غير ما توقع.. ده ولا السحر..
ابتسم لها بعبث:
ـ وأنتِ أروع ساحرة قابلتها..
أشارت له بحنق حتى لا يبدأ في الغزل:
ـ اطلع بينا على بيت دنيا.. اتأخرت قووي....
اتسعت ابتسامته ليهمس:
ـ عندك حق.. اتأخرتِ عليَّ قووووي
***********
وقفت صبا بنافذة غرفتها تراقب فريدة وهي تلعب مع منى الصغيرة.. تلك الصغيرة سلبت عقولهم جميعاً وهي أول من فُتن بها.. وإن كانت تحاول اخفاء ذلك بلا جدوى.. فلا يكن أمامها سوى محاولة الابتعاد عنها وتجنبها.. تتفادى نظرات فريدة المتسائلة وأسئلة والدها الصريحة.. فهي غير قادرة على مصارحتهما بأن سبب عشقها للفتاة هو نفسه سبب تجنبها لها.. فهي ببساطة قطعة من أبيها.. حتى بكل شقرتها وفتنتها الأوروبية إلا أن عينيه التي ورثتهما تأسران قلبها بجدارة.. دلالها الطفولي يلقي في عقلها بصور متتابعة له وهو يلاعب طفلته ويقص عليها قصصاً طفولية تجعلها تتمنى للحظات أن تتبادل معها المواقع.. حتى أنه لاحظ نظراتها في إحدى المرات فاقترب منها هامساً برقة..
ـ أنا مستعد لألف حدوتة كل ليلة.. بس شهرزاد مغلباني!..
أجابته يومها بعناد:
ـ بس شهرزاد هي اللي بتحكي..
ليعاود همسه:
ـ شهرزادي أنا تؤمر وعليَّ التنفيذ..
يلقي تلك الكلمات التي تحطم دروع مقاومتها ويذهب إلى ابنته الصغيرة التي أصرت فريدة على مجالستها يومياً بينما هو يذهب إلى مقر الشركات مع شقيقه ليقوم بما يعلمه الله فهو لم يستقر على عمل بعد.. وما يثير حيرتها أنه يعاملها أحياناً كما يعامل طفلته فأصبح يأتي لها بقطعٍ من الشيكولا في زيارته اليومية..
التفتت لتتأمل المعرض الذي تقيمه لألواح الشيكولا خاصته.. لقد جلب كل الأنواع حتى علم من ابتسامة حمقاء ارتسمت على وجهها بنوعها المفضل فأصبح يأتي بها صباحاً ومساءً وهو يصطحب منى.. أنه يعاملها كطفلة ثم يعود ليطلب من والدها محادثتها على انفراد كما فعل ليلة أمس ولا زال حوارهما يدور بذهنها.. فهي استجابت لطلب والدها بموافاة حسن بحديقة الفيلا.. لتجده يقدم لها علبة كاملة من الشيكولا ومعها باقة مذهلة من زهور الأوركيد جعلتها تقف مسمرة أمامه ببلاهة وهي تدفن رأسها بين الزهور لتسمع همسه أخيراً:
ـ صبا.. من فضلك اقعدي.. محتاج اتكلم معاكِ..
لا تدري لم أصابتها كلماته بالرعب وهي تتخيله يسحب طلبه بالزواج منها.. فهي ماطلت بما فيه الكفاية لتجلب السأم والحنق لأكثر العشاق صبراً.. ولكنها خائفة.. فقط خائفة.. تستمع لكلماته المغازلة والمطمئنة فتكاد تهتف بموافقتها الفورية.. ثم يبتعد عن عينيها فتعاودها هواجسها وأشباحها التي تلازمها منذ طفولتها.. حتى وصول فريدة ومحاولتها دفعها للكلام وفتح قلبها لم تفلح معها.. تحيا حالة مستمرة من التردد والقلق... ولا شيء قادر على تبديدهما..
أخرجها صوته من شرودها ليطلب منها ثانية:
ـ اقعدي يا صبا.. محتاج اتكلم معاكِ..
جلست وهي تبتلع لعابها بصعوبة.. لتسمعه يتكلم:
ـ كنت محتاج أتناقش معاكِ في موضوعين.. أول حاجة: شغلي.. الحمد لله أنا معايا حالياً ثروة مش بطالة.. ممكن أني أبدأ مشروع خاص بيَّ.. أقصد مكتب هندسي طبعاً.. وده هياخد وقته على ما يكبر ويعمل اسم.. أو ممكن أوافق على عرض بابا ومازن وأرجع للشركة تاني.. بس بصراحة مازن عامل شغل حلو قوي فيها.. وحاسس أنه حرام أدخل عليه كده وأستغل المجهود اللي عمله..
رمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تسأله بذهول:
ـ أنت بتسألني أنا!!..
اقترب ليمسك كفها ويشبك أصابعهما معاً:
ـ أكيد.. أنتِ هتكوني شريكتي في كل قراراتي.. وده قرار مصيري..
هزت رأسها برفض وهي تهتف باختناق:
ـ بس أنا لسه ما وافقتش..
ـ وأنا مش هستعجلك.. خدي كل وقتك.. وزي ما قلت لك.. قلبك مش هيرضى بعذابي..
وأحنى رأسه ليقبل يدها برقة مبعثراً كل كلمات الرفض التي انتوت الصراخ بها لتعود لتلعثمها المعتاد أمامه:
ـ أنا..
ابتسم وكأنه سعيد بقدرته على قهر رفضها:
ـ ايوه.. رأيك ايه بقى؟..
هزت رأسها لتستفيق من حالة النشوى الغبية التي تمر بها وتسأله:
ـ ايه هو الموضوع التاني؟..
سكت قليلاً وكأنه يفكر في كلماته:
ـ محتاج أنك تيجي معايا نختار بيت..
همست بذهول:
ـ بيت!!..
أومأ موافقاً:
ـ أيوه.. أنا بقى لي أكتر من شهرين قاعد في أوتيل.. ومدام فريدة كتر خيرها بتراعي منى.. لازم نبدأ نجهز بيتنا..
رددت:
ـ بيتنا!!..
تنهد بقوة وكأنه يحاول التحكم في انفعالاته:
ـ زي ما قلت لك.. مش هستعجلك.. بس ده مش معناه أني ما أقنعكيش..
ابتلعت ريقها بقوة قبل أن تقول:
ـ بالنسبة للشغل.. أعتقد أنه الأفضل تمشي في الاتجاهين خليك مع مازن.. بس فعلاً هو تعب جداً في الشركة.. خليك وراه مش لازم جنبه.. وفي نفس الوقت اعمل اسمك وشغلك الخاص..
ابتسم ابتسامة واسعة برغم غيظه لتجاهلها لكلماته ولطلبه منها اختيار منزل.. إلا أنه أعجب بوجهة نظرها وما أسعده أكثر تطابق رأيهما بشأن عمله..
سألها بمشاغبة:
ـ وبيتنا؟..
لتجبه بتوسل:
ـ أنت قلت مش هتستعجلني..
نهض ليداعب وجنتها بلطف هامساً:
ـ ليكي كل الوقت اللي في الدنيا يا مدللتي..
ثم رحل سالباً معه راحة بالها لتأتي زيارة نيرة بعد رحيله بساعة لتصيبها بحيرة بالغة.. فبعد انهيار نيرة بمنزل دنيا.. وذهاب صبا إليها رفضت رفضاً مطلقاً العودة إلى منزل والدها بل أنها رحبت بدعوة دنيا للبقاء في منزلها عدة أيام..
أيام تحسنت فيهم نفسية نيرة بطريقة ملحوظة مما أثار حيرة صبا ولكن ما جعل ذهولها يبلغ أشده هو تلك العلاقة الغريبة التي جمعت بين الغريمتين..
علاقة أشبه بالصديق اللدود.. فالاثنتان تتشاجران معظم الأوقات للتتحولان في ثوانٍ إلى أعز أصدقاء.. مما جعل صبا تغمغم مرة..
"مازن صانع معجزات.. جمع النقيضين على كرهه"..
لتهتفا معاً..
"لا.. جمعنا على حبه"..
وأخيراً قررت نيرة ترك بيت دنيا ولكنها كانت نيرة أخرى تختلف عن تلك التي دخلته لتفقد زوجها وكبريائها في لحظة واحدة.. كانت نيرة قوية حتى وإن كانت تتصنع تلك القوة أحياناً.. ولكنها كانت من العِند لتصر على المكوث في بيتها.. ولا تعود لبيت والدها.. وها هي أمامها في زيارة غريبة ومفاجئة لم تعرف صبا بعد الغرض منها.. ولكن نيرة سرعان ما أخبرتها بطريقة مباشرة:
ـ حسن اتقدم لك فعلاً يا صبا؟..
أومأت صبا بذهول وهي حائرة من معرفة نيرة لذلك.. فعاودت نيرة السؤال:
ـ اتقدم بنفسه.. مش اتفاق بين بابا وعمي حاتم؟..
عادت صبا لتومئ مرة أخرى وقد عجز لسانها عن الكلام.. فأمامها تقف نيرة.. وهي ثاني أسباب حيرتها ومماطلتها في اعطاء الموافقة.. لتثير نيرة ذهولها بتنهيدة حارة وهي تتهالك جالسة على المقعد الذي كان يشغله حسن للتو وهي تهتف:
ـ الحمد لله طمنتيني.. ما فيش داعي نعيد المآساة تاني..
سألتها صبا:
ـ يعني ايه!.. أنتِ موافقة؟..
ابتسمت نيرة بهدوء:
ـ مش مهم أنا.. المهم أنتِ توافقي!..
تلعثمت صبا لتردد:
ـ أيوه.. بس أنتِ بتحـــ..
قاطعتها نيرة:
ـ بحب مازن.. يمكن بحبه على طريقة نيرة.. بس حسن انتهى من حياتي من زمان.. يمكن للصدق باقي خدش بسيط لكبريائي.. بس ده ما يمنعكيش من الموافقة..
سكتت للحظة ثم رفعت عينيها لصبا لتخبرها بصراحة:
ـ زمان أما حسن قرر يتجوز منى حسيت بجرح جامد.. مش عارفة إذا كان قلبي ولا كرامتي.. بس جه بعدها مازن واكتسح معاه كل حاجة.. سيطر على كل تفاصيلي.. كل نفس كل همسة كل لمسة كانت له.. بس كنت غبية ما فهمتش ده عشان كده غضبت أيام جوازه من لورا.. مش زعل عليه.. ولا حتى على كرامتي.. كان مجرد أنانية وغضب مني أنه قادر يعيش ويستمر وأنا مش عارفة أخرج من دوامة وهمي به..
سألتها صبا بتردد:
ـ وهم؟!..
ـ ايوه يا صبا وهم.. حسن كان وهم وأنا خدعت نفسي به عشان استخبى من الحب الحقيقي.. هربت من مازن بحسن.. زي ما أنتِ مصرة تهربي من حسن دلوقتِ..
لفهما الصمت عدة لحظات قبل أن تعاود صبا السؤال بتردد:
ـ بس أنتِ ومازن...
أجابتها نيرة على الفور:
ـ مازن اتجوزني من غير ما يلتفت لأي حد.. ده لأنه حبني فعلاً..
ارتعش صوتها قليلاً وهي تكمل:
ـ عايزة أقولك.. أنه الأهم هو وجود علاقة تحاربي عشانها...
همست صبا بانبهار:
ـ أنتِ مين!.. نيرة.. أنتِ حصلك ايه!!
استعادت نيرة قناع قوتها لتغمز لصبا:
ـ نيولوك.. بس من جوه.. تأثير دنيا الذري..
صمتت قليلاً قبل أن تكمل:
ـ أنا قدامي أيام على العدة ما تنتهي.. بعدها هسافر رحلة طويلة.. محتاجة أبعد شوية وأفكر في حاجات كتيرة قوي وأرتب حياتي..
نهضت وهي تحتضنها بقوة وتهمس لها بشقاوة وإن شاب لهجتها الحزن:
ـ اوعي تعملي الفرح إلا أما أرجع.. لوعي ابن العدوي شوية..
بادلتها صبا العناق وهي تدرك أن نيرة بحاجة إلى وقت مستقطع مع نفسها.. ولكنها لم تقاوم السؤال:
ـ عرفتِ ازاي؟..
ضحكت نيرة وهي تخبرها:
ـ نادية بنت علياء.. البنت مغرمة بجوزك المستقبلي.. وبتقول حسن هيتجوز صبا ويتجوزني معاها...
ابتسمت صبا بخجل قبل أن تعاود معانقة شقيقتها بقوة وكأنها تحاول استمداد القوة لاتخاذ قرارها المصيري...
قرار ظلت تفكر به طوال الليلة الماضية.. لحظة يتحكم بها قلبها ويدفعها دفعاً للموافقة.. ثم تعاودها مخاوفها مرة أخرى فتتراجع مستنكرة كل نبضة قلب تتوسلها الرحمة به..
يهتف بها عقلها صارخاً..
"ناوية تكرري المآساة!"..
ليهمس القلب متوسلاً..
"حسن مختلف.. بيحبك فعلاً"..
يسخر عقلها..
"وهو باباكِ مش بيحب فريدة!.. وهي كمان بتحبه.. والنتيجة ايه.. أسرة مشتتة.. نيرة.. نفسيتها مدمرة.. ناوية تحولي منى لنيرة جديدة.. وأنتِ تهربي زيي فريدة"..
هزت رأسها برفض مجنون وقلبها يردد بتوسل حزين..
"حسن بيحبك.. حسن أقوى.. حسن بيحبك"..
تساقطت دموعها وهي تسحب حقيبة يدها لتتوجه سريعاً لمقر الشركة حيث يوجد حسن.. فذلك الجنون الذي بدأه يجب وضع حد نهائي له..
*********
تعالت ضحكات الفرسان الثلاثة في جلسة ودية عادت بهم لسنوات مضت.. سنوات غيرت بهم الكثير والكثير.. فمنهم من هذب جنونه وشطحاته.. ومنهم من طوع هذا الجنون محاولاً نيل آخر ما تقدمه له الدنيا من سعادة.. وأخيراً الفارس المُدعِي.. مازن مَن يدعي راحة وهدوء بال هو أبعد ما يكون عنهما.. فمنذ انفصاله عن نيرة وهو يعيش حالة غريبة من الانفصال عن الواقع.. يفني ساعات نهاره بالعمل في المجموعة حتى أنه أنهى مشروعات وصفقات في وقت قياسي.. ليعود ليلاً ويلقي بنفسه بين أحضان آخر زوجة وافقت على الارتباط به تحت ظل شروطه العجيبة.. وذلك تحديداً ما كان يناقشه الثلاثة..
فأبدى حسن غضب مستتر يحاول السيطرة عليه:
ـ مازن.. اللي بتعمله ده اسمه جنون.. ده حتى ما ينفعش أقول عليه جواز..
رفع مازن كتف لامبالي:
ـ دي حرية شخصية..
هتف حسن بغضب:
ـ حرية ايه.. ده تدمير واضح لحياتك..
زمجر مازن:
ـ حسن.. خليك في حالك.. أنا عديت سن الرشد من زمان ومش محتاج وصي على تصرفاتي..
تحرك يزيد بسرعة ليفصل بينهما كعادته دائماً.. وهو يلتفت لمازن:
ـ يا بني احنا عايزين مصلحتك.. ايه مالك قفشت فجأة.. احنا لسه كنا بنضحك.. بس هو سؤال واحد.. جوازاتك دي آخرها ايه... خلاص.. أنت ونيرة وخلصنا.. يبقى ايه الهدف؟..
رمقه مازن بتساؤل.. فأجاب يزيد:
ـ أيوه.. نيرة حكيت لعلياء على اللي حصل.. أنت عارف هما أصحاب..
أكمل له مازن:
ـ وطبعاً مراتك قالت لك الحق مازن المجنون بيتجوز أربعة مرة واحدة..
ضحك يزيد وهو يخبره:
ـ تقريباً كده.. بس المفاجأة بقى أنه نيرة طلبت مني أتدخل عشان أحميك من نفسك..
ابتسم مازن بمرارة وهو يتمتم:
ـ قلبها طيب.. كتر خيرها..
تكلم حسن بحيادية:
ـ الحق يقال.. أنها اتغيرت فعلاً.. ده كلام صبا..
سخر مازن:
ـ طبعاً.. مين يشهد للعروسة!..
رد يزيد:
ـ مازن.. انهي المهزلة اللي أنت عايش فيها دي..
أجابه مازن بهدوء:
ـ حالياً ما فيش على ذمتي غير زوجة واحدة بس..
أكمل قبل أن يتكلم أحدهما:
ـ ما فيش حد فيكوا يعرفها.. الجوازات اللي فاتت كانت كلها حبر على ورق.. كنت بعاقب نيرة.. بعاقب نفسي معاها.. مش عارف عقاب على الحب أو الفشل.. بس كنت محتاج.. محتاج..
هز رأسه بحيرة:
ـ مش عارف بالظبط الوصف.. يمكن محتاج انفصل عن الواقع..
التفت لحسن:
ـ أكيد أنت فاهم قصدي يا حسن..
غامت عيون حسن بذكريات مزعجة ومازن يشير لمرحلة انعدام الاتزان التي مر بها بعد وفاة منى.. ولكن مازن استرسل بكلماته وكأنه يريد ابعاد أشباح الألم عن أعماقه:
ـ دلوقتِ بس أنا فهمت تصرف حسن.. في وقت بيكون الوجع أكبر من أنك تتغلب عليه.. وأنا.. أنا كنت تعبان وموجوع قوي.. يأس من كل حاجة..
قاطعه يزيد:
ـ بس هي بتحبك...
التفت مازن:
ـ حبنا مريض.. بيسبب الألم أكتر من السعادة.. الحب بيخلي العاشق يسمو بتصرفاته عشان يحمي حبيبه.. بس احنا كنا بندمر بعض.. يمكن الانفصال يحمي أي مشاعر حلوة باقية جوانا..
غمغم حسن بألم:
ـ لكن يا مازن..
قاطعه مازن وهو يربت على كتفه:
ـ اطمن يا حسن.. وما تقلقش.. زي ما قلت لك.. هي زوجة واحدة حالياً.. واحنا مريحين بعض.. لا حب ولا مشاعر.. ولا غيرة ولا وجع..
صفق يزيد بكفيه بعجب:
ـ ودي مين بقى ولقيتها فين؟..
ابتسم مازن بسخرية:
ـ عادي مش لازم تعرف اسمها.. كلها يومين وغيرها تحل محلها..
وقبل أن يجبه أي منهما على كلماته الوقحة اقتحمت صبا عليهم غرفة المكتب وهتفت موجهة كلماتها لحسن:
ـ حسن.. أنا وصلت لقرار.. أنا مش موافقة على عرضك....




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-18, 08:40 PM   #42

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الخاتمة


أغلق حسن باب غرفة الاجتماعات الملحقة بمكتبه بكل ما أمكنه من هدوء وهو يلتفت لصبا التي وقفت أمامه بعدما ألقت بقنبلتها المدوية على مسمع من مازن ويزيد اللذين استئذنا وتركا لهما الغرفة ليناقشا أمورهما على انفراد..
رفع رأسه ليخاطبها بهدوء:
ـ ممكن أفهم ايه اللي حصل؟..
هزت رأسها بعناد:
ـ ولا أي حاجة.. أنت عرضت عليَّ الجواز وأنا برفض..
سأل بغضب مكبوت:
ـ ليه؟..
هتفت:
ـ عشان... عشان..
قاطعها:
ـ عشان أنتِ خايفة يا صبا؟..
رفعت ذقنها بكبرياء:
ـ قلت لك قبل كده أنا مش بخاف من حاجة...
اقترب حسن منها ليتمسك بكتفيها ليواجهها بحزم:
ـ اسألي السؤال اللي بيعذبك يا صبا..
حاولت التملص من بين يديه هاتفة:
ـ ما عنديش أسئلة.. ما فيش حاجة جوايا بتعذبني..
ضغط بقبضتيه على كتفيها وهو يكرر:
ـ اسألي يا صبا..
هتفت بغضب:
ـ ابعد عني..
كرر بصوت أعلى:
ـ صبا...
لتهتف هي بصوت مخنوق:
ـ لسه بتحبها؟..
ترك كتفيها ليضمها لصدره بحنان وتركها تفرغ كل انفعالتها على صدره وهو يملس على خصلاتها برقة كأنه يهدئ طفلته الصغيرة عندما تصرخ فزعة من نومها..
انتظر حتى هدأت تماماً ليبعدها قليلاً ويمسح دموعها بأنامله وهو يسألها:
ـ أحسن دلوقتِ؟..
ابتعدت عنه لتمسح وجهها بظاهر يدها وهي تهمس:
ـ جاوب على السؤال..
اقترب ليرفع ذقنها لتواجهه عيناها:
ـ أنتِ شايفة ايه؟..
نفضت وجهها من يده لتهتف:
ـ أنا مش عارفة حاجة.. قولي أنت..
ثم تهدج صوتها لتهمس:
ـ قول يا حسن..
سحبها من يدها ليجلس على أقرب أريكة وظل متمسكاً بيدها وتنهد بقوة قائلاً:
ـ حبيت منى؟.. أيوه حبيتها.. حبيتها بكل قوة شاب في بداية حياته.. اتحديت كل الظروف عشان تكون ليَّ.. حسن اللي حب منى هو حسن الشاب الصغير اللي بيحلم بدنيا وردية مع حبيبته.. منى هتفضل جزء من تكويني.. ذكرى حلوة جوايا.. ذكرى أخدت حجمها الطبيعي جوايا لما حبيتك.. مش أني نسيتها أو أنها كانت نزوة.. لا.. لأن حسن اللي حبك وبيحبك دلوقتِ بكل كيانه هو راجل الظروف والزمن سابوا علامات وجروح كتير عليه.. جروح حسيت بس أنها طابت لما قلبي رجع يدق.. بيدق ليكي يا صبا..
التقطت أنفاسها لتهمس:
ـ وبكره يدق لغيري..
ضغط على كفها بقوة:
ـ تفتكري القلب اللي مات سنين.. ما فيش واحدة قدرت حتى تقرب منه.. واللي دق ليكي قبل ما يعرفك ممكن يكون خاين بالطريقة دي..
رفع ذقنها بأنامله:
ـ صبا.. لو أنتِ خايفة.. أنا مرعوب..
توسعت عيناها بذهول:
ـ مرعوب!..
أومأ برأسه:
ـ مرعوب أنك تبعدي.. أنك ترفضي.. أني ما اقدرش أقنعك بقوة حبي..
همست بألم:
ـ أنا خايفة..
ـ أنا عارف.. قوليلي بس اعمل ايه عشان أطمنك.. صبا.. أنا بدلت كل حياتي عشان أكون معاكِ.. عشان أكون جدير بيكي.. أنا بدأت كل حاجة من الصفر هنا عشان ما اغربكيش عن حياتك..
رمقته بعينين حائرتين تلتمع بهما دموع حبيسة فهمس لها ليواجهها بآخر شكوكها:
ـ حبيبتي.. صدقيني اللي حصل بين والدك ووالدتك أنا مش هسمح أنه يتكرر.. مش هسمح أنك تبعدي.. أنا حاربت كل أشباحي وانتصرت عليهم.. اسمحي لي أحارب أشباحك معاكِ.. ثقي فيَّ يا صبا.. ثقي في حبي...
************
بعد مرور خمسة أشهر وفي فندق من أكبر فنادق العاصمة...
جلست صبا أمام المرآة لتضع اللمسات الأخيرة على زينتها, وبجوارها علياء تحاول السيطرة على حالة القلق التي أصابت صبا لتأخر وصول نيرة...
هتفت علياء بغضب:
ـ صبا.. اهدي شوية.. مش كل خمس دقايق هنظبط الميك آب..
أجابتها صبا بنزق:
ـ كله من صاحبتك.. شوفتِ اتأخرت قد ايه!..
هزت علياء كتفيها وهي تخبرها بخبث:
ـ والله اللي اعرفه أن الفرح كان لسه قدامه سبع شهور.. فجأة بقوا سبع أيام..
برمت صبا شفتيها وهي تتذكر مسايرة حسن لها لتكون فترة الخطبة سنة كاملة حتى تطمئن هي تماماً.. يومها وافقها قائلاً:
ـ هجهز البيت والمكتب وبعدها نتجوز..
وهي لحماقتها ظنت أن تلك موافقة على سنة الخطبة.. لتفاجئ أنه أنهى كل شيء في أربعة أشهر فقط ومنحها شهر واحد لتستعد للزفاف.. وهي للحقيقة لم تمانع.. فهو طوال الأربعة أشهر وحتى من قبلهم وهو يسعى جاهداً ليثبت لها قوة مشاعره.. رغم بخلها عليه حتى بكلمة تطمئنه وتريح قلبه.. فكانت أحياناً تنفعل عليه..
"أنت قلت أنك مش هتستعجلني.. في جوايا كلام كتير لكن أنا مش بعرف أعبر عن نفسي"...
فكان يطمئنها دائماً..
"أنا شايف الحب في عينيكِ.. وهصبر لحد ما شفايفك تنطق به"..
قطع ذكرياتها دخول نيرة العاصف كعادتها بثوب طويل لامع.. وبالطبع أحمر اللون إلا أنه كان قاتماً نوعاً ما.. يضم جسدها بحميمية ليوضح كمال قدها ومنحنياتها الأنثوية.. يبدو محتشماً للغاية وهو يغطي ذراعيها وصدرها وعنقها ولكن ليكشف عن ظهرها بأكمله تقريباً..
رمت صبا نفسها بين ذراعي أختها وهي تهتف بها:
ـ اتأخرتِ...
ضحكت نيرة:
ـ أنا اتأخرت ولا أنتِ اللي اتجوزتِ مجنون..
ابتسمت صبا بخجل وسألت نيرة بتوتر:
ـ شوفتِ مازن؟..
هزت نيرة رأسها وهي تجبها:
ـ شوفته من بعيد.. تقريباً كان بيغازل واحدة من الجرسونات.. وهو شافني وبعت لي تحية على الماشي كده..
هزت صبا رأسها بأسف:
ـ يا خسارة.. كان نفسي..
هزت نيرة رأسها وهي تردد:
ـ كان.. كان وكان..
دخلت دنيا في تلك اللحظة ترافقها فريدة لتخبرهن جميعاً أن العريس نفذ صبره ويهدد فعلياً باختطاف عروسه والهرب بها...
وفي بلد آخر.. بل قارة أخرى..
انطلقت صرخات رضيع لم يتعدَ عمره شهور قليلة قليلة وهو يطالب بوجبته من الحليب الخاص.. لتحمله والدته برقة وهي تهمس:
ـ الصبر.. الصبر عزيزي جيري.. ثوانٍ وستأتي مدام سميث بزجاجة الحليب..
اقتربت منها سيدة عجوز تحمل ملامح غاربة لجمال ارستقراطي بارد وهي تسألها بهدوء يخفي ورائه غضب شديد:
ـ لورا.. هل ما زلتِ مُصرة على اخفاء الطفل عن أبيه؟..
همست لورا بغضب:
ـ جيرارد لا أب له.. هو جيرارد ستيفينز فقط..
أجابتها السيدة العجوز بحكمة:
ـ لا يمكنك اخفاء انسان ومحو هويته من الوجود.. تلك جريمة بحق ابنك قبل أن يكون انتقام أحمق من زوجك السابق..
صرخت لورا بعتاب:
ـ جدتي.. ماذا تقولين؟..
هزت العجوز رأسها:
ـ أخبرك الحقائق عزيزتي..
لتهز لورا رأسها بعناد واصرار:
ـ كلا.. جيرارد هو ابني أنا فقط.. ولن يعلم حسن عنه أبداً.. أبداً..
**************
عودة ثانية إلى حفل الزفاف المنتظر..
وفي إحدى أركان قاعة الاحتفال كانت عينا مازن تتابع تلك النادلة الفاتنة وهي تتحرك برشاقة بين الموائد.. تلبي طلب هذا.. وتجيب على سؤال تلك.. كانت فاتنة بحق بخصلات بلون العسل يبدو أنها تقاوم تلك الربطة التي جمعتها بها لتنطلق متموجة ثائرة كما خلقها ربها.. عينين رقيقتين أو ربما عابثتين بلون الذهب المصهور.. ووجنتين تتوسطهما غمازتين صغيرتين.. كل ذلك يصاحبه خصر أنحف من خاتم زواجه والذي لم يخلعه للآن برغم مرور شهور على طلاقه.. ظلت عيناه تتبعانها بإلحاح.. فقد كانت فاتنة.. و.. سارقة..
فالنادلة الجميلة كانت تسحب بخفة الهاتف الخاص بأحد المدعوين وهي تسحره بغمازتيها البريئتين... انتظر حتى اقتربت منه وترك هاتفه في متناولها.. وهي لم تستطع مقاومة الاقتراب منه.. فالهاتف أثمن من أن تتركه يفلت من بين يديها..
اقتربت حتى وقفت بجوار مائدته لتسأله بحلاوة:
ـ أجيب لحضرتك.. حاجة.. قهوة مثلاً..
رفع حاجباً متعجباً:
ـ قهوة!.. مش ده فرح.. يعني المفروض توزعوا شربات..
أجابته برقة وهي تبتسم له لتظهر غمازتيها:
ـ بس حضرتك شكلك مرهق.. ممكن صداع؟.. أو..
بادلها الابتسام وهو يلمح أناملها التي تزحف نحو هاتفه وتساءل:
ـ فعلاً.. مصدع جداً.. عرفتِ ازاي؟..
لمح أناملها وهي تقبض على الهاتف فاقترب منها فجأة ليقبض على يدها وبها الهاتف وهو يهمس بفحيح بينما هي تتوسع عيناها برعب:
ـ اخترتِ أسوأ ضحية في القاعة دي كلها.. ما تعرفيش أني أخو العريس و..
توسلته مقاطعه:
ـ أرجوك.. أرجوك.. بلاش تفضحني.. موبايلك معاك وما حصلش حاجة..
هتف بهمس عابث:
ـ ما حصلش حاجة ازاي!.. والموبايلات اللي اخدتيها قبل كده..
رمقته بذهول وهو يكمل:
ـ ايوه.. أنا مراقبك من أول ما بدأتِ توزعي ابتسامات.. ووعود..
شهقت مستنكرة:
ـ وعود!!..
سألها مغيراً الموضوع:
ـ اسمك ايه؟..
أجابته بتوجس:
ـ بتسأل ليه؟..
ضغط على يدها بقوة:
ـ أنا بس اللي اسأل.. اسمك ايه؟..
أجابت وملامح التمرد تبدو على ملامحها:
ـ سراب..
كرر اسمها بعجب:
ـ سراب!.. اسم غريب.. بس عجبني..
صمت لحظة ليكمل:
ـ بصي يا سراب.. أنا عندي حل للمشكل البسيط اللي احنا فيه دلوقتِ..
سألته بشك:
ـ حل ايه؟!..
ردد ببساطة:
ـ نتجوز.. أنا أصلي سيبت مراتي الأخيرة من خمس أيام.. يعني بقى لي خمس أيام عازب.. وده كتير.. كتير قوي الحقيقة..
هتفت بغضب:
ـ أنت وقح وسافل و..
قاطعها:
ـ وأنتِ حرامية..
سحبت يدها بغضب من تحت يده وهي تخبره من بين أسنانها:
ـ كدب.. ما حصلش..
تركزت عيناه على فتحة قميصها والتي أظهرت نعومة بشرتها وهو يخبرها بعبث:
ـ ممكن نطلب مدير القاعة وهو يحكم بيننا.. وخصوصاً أني عارف مكان المسروقات..
وغمز لها وهو يشير إلى فتحة صدرها لتكتف ذراعيها وترفع ذقنها بكبرياء وهي تخبره:
ـ ماشي.. يبقى بلاغ قصاد بلاغ..
قطب حاجبيه متسائلاً:
ـ قصدك ايه؟..
هزت كتفيها:
ـ أنا كمان هبلغه أن أخو العريس بيتحرش بيَّ من أول الحفلة.. ولما رفضت.. قرر يدبر لي مشكلة..
أخذا يتبادلا نظرات التحدي لعدة لحظات ثم فجأة ارتفعت ضحكات مازن المستمتعة وهو يهمس لها:
ـ اسمي.. مازن.. مازن العدوي.. عشان يكون البلاغ كامل..
ثم ابتعد عنها قليلاً وهو يخبرها:
ـ الموبايل هدية مني..
بركن هادئ في القاعة..
جلست فريدة أخيراً لتريح قدميها قليلاً بعدما اطمأنت على وجود صبا برفقة نيرة لتفاجئ بيد تربت على كتفها بمودة..
فالتفتت لتجد نفسها وجهاً لوجه مع همسة الجارحي التي أتت برفقة سيف زوجها مما أثار عجب فريدة ولكنها كتمت دهشتها ببراعة وهي تحتضن همسة بمودة:
ـ همسة.. حبيبتي وحشتيني جداً..
بادلتها همسة الابتسام وهي تردد بحبور:
ـ ازيك يا فريدة عاملة ايه؟.. وازي إياد؟.. فين هو؟.. معقولة ما يحضرش فرح بنت أخته!..
ضحكت فريدة بتوتر وهي تلمح اقتراب إياد منهما:
ـ معقولة برضه.. اهو إياد موجود طبعاً..
والتفتت لأخيها ترمقه بحذر:
ـ إياد.. طبعاً فاكر همسة..
ثم عادت توجه كلماتها لهمسة:
ـ اومال فين سيف؟.. أنا شوفته داخل معاكِ..
فهم إياد على الفور ما تود شقيقته قوله فألقى على همسة تحية عابرة وابتعد يراقبها من بعيد كما اعتاد دائماً وعلى وجهه ترتسم معالم عشق مجروح.. بينما همسة كانت تجيب فريدة بهزة كتف لامبالية:
ـ سيف راح يوقف مع أونكل عامر.. عارفة في بينهم شغل.. وده أهم حاجة عنده طبعاً..
رمقتها فريدة بحذر:
ـ همسة.. أنتوا.. يعني.. أنا..
اجابت همسة بمرارة:
ـ رجعنا لبعض؟؟..
هزت فريدة رأسها موافقة فأكملت همسة:
ـ احنا في عذاب.. البعد عذاب.. والقرب عذاب أكبر..
ثم هزت رأسها وأكملت:
ـ مش عارفة هنقدر نكمل.. ولا أصمم على طلب الطلاق.. مش عارفة يا فريدة..
ربتت فريدة على كتفها مواسية وهي تلمح نظرات التوق بعيني إياد واصراره على الابتعاد تماماً عن طريق همسة.. وبداخلها تتساءل هل يمكن أن يُمنح إياد فرصة ليعوض عن تعاسة وشقاء سنوات؟.. هل يمكن؟..
وفي مكان آخر بالقاعة..
اقتربت علياء لتتعلق بذراع يزيد وهي تلمح ريناد التي وصلت منذ قليل.. لتسأله بغيرة:
ـ مين اللي عزم ريناد؟..
التفت لها وأحاطها بذراعه ليقربها منه هامساً:
ـ غيرة دي؟
هزت كتفيها وهي تتملص منه:
ـ لا.. أبداً.. فضول بس..
أحاطها بذراعه ثانية وهو يخبرها:
ـ هي جت مع جوزها.. جوزها هو اللي المعزوم.. شاكر الأيوبي.. صاحب عمو حاتم من زمان..
شهقت بتعجب ولكنه دفعها لأحدى الممرات الجانبية هامساً:
ـ ما تشغليش بالك بالحكاية دي.. قوليلي ايه رأيك في اللي اتكلمنا فيه امبارح؟..
دفعته علياء بدلال:
ـ أنت اتجننت.. حمل تاني.. لا خلاص كفاية كده..
دفن رأسه بعنقها يتشممها بتوق:
ـ عايز بنوتة.. يرضيكِ نادية ما يكونش لها أخت..
حاولت دفعه ثانية ولكنها لم تفلح لتسمعه يكمل وهو غائب بين خصلاتها الناعمة:
ـ هسميها علياء.. عشان تبقى علياء يزيد.. ويفضل اسمك مرتبط باسمي طول العمر..
همست بذوبان:
ـ يا ربي.. اعمل ايه.. بحبك يا يزيد..
ليقاطعهما صوت نيرة النزق:
ـ الأخ روميو والأخت جولييت.. العروسة هتدخل حالاً...
صدحت الموسيقى عالية لتنبه المدعويين لوصول العروس التي وقفت على باب القاعة وتأبط والدها ذراعها وهي تخطو برقة وثقة نحو زوجها الوسيم الذي وقف بنهاية الممر يتأمل اقترابها منه بلهفة وبداخله يود لو يتمكن من الطيران ليختطفها ويهرب بها بعيداً عن عيون الموجدين جميعاً.. ولكنه انتظر بصبر اقترابها وهو يتأملها بثوبها المطرز بخيوط من ذهب تختال برقة تقارب الحوريات جمالاً والجنيات خفة.. حوريته الذهبية تبتسم له بثقة وهي تلتحم بنظراتها معه تخبره بعيونها بقصة عشقها له كما اعتادت دائماً.. وهو في انتظار لحظتها السحرية التي تحل عقدة لسانها ليسمع اعترافها واضحاً وصريحاً كما اعترف لها بحبه عشرات المرات.. ولم يعلم كم كان قريباً من تحقيق حلمه حين اقتربت منه بخجل فمد يده ليتسلمها من والدها ويقبل رأسها ويديها برقة مطمئناً والدها لحسن رعايته للأمانة التي تسلمها للتو..
تغيرت الموسيقى لتصدح نغمات ناعمة فاصطحب حسن عروسه ليرقصا رقصتهما الأولى كعروسين وهو يضمها لصدره برقة كأنها كنزه الثمين هامساً:
ـ مبروك..
أخفضت رأسها خجلاً لتغمغم:
ـ ميرسي.. الله يبارك فيك..
قربها أكثر ليريح وجنتها على ذقنه وهو يهمس:
ـ بحبك...
رفعت عينيها له وبعينيها تتماوج مشاعر عاصفة.. مشاعر يتمنى لو تفرج عنها ولو بكلمة واحدة ولكنها كالعادة عادت تخفضهما سريعاً بارتباك.. فزاد من اقترابه ليهمس:
ـ كلمة واحدة بس يا صبا.. كلمة واحدة تريحني..
أراحت رأسها على كتفه وهي تحيط عنقه بذراعيها وتستمر الرقصة على الأنغام الناعمة.. ويعود هو ليهمس:
ـ وعدتك مش هستعجلك.. وأنا عند وعدي.. كفاية بشوف الحب في عينيكِ..
في تلك اللحظة حسمت أمرها وأشارت برأسها لنيرة التي فهمت إشارتها على الفور فتوجهت نحو الفرقة الموسيقية لتهمس في أذن قائدها ببضعة كلمات تغيرت بعدها الموسيقى.. وتناولت صبا الميكرفون الذي أتت به نيرة لتهمس بتردد سرعان ما تبدل لثقة بحب جارف..
ع بالي حبيبي على بالي حبيبي
أغمرك ما تركك أسرق ما أرجعك
أحبسك ما طلعك من قلبي ولا يوم
أخطفلك نظرات ضحكاتك حركاتك
علقهم بغرفتي نيمهم على فرشتي
أحلمهم بغفوتي تا يحلي بعيني النوم
ع بالي حبيبي
ليلة ألبسلك الأبيض
وصير ملكك والدنيا تشهد
وجيب منك أنت طفلك أنت مثلك أنت
ع بالي حبيبي
عيش حتى عمر أو أكتر
وحبي يكبر كل ما نكبر
وشــيب لمى تشيب عمري يغيب لمى تغيب
ع بالي حبيبي
ع بالي تكملني واسمك تحملني
بقلبك تخبيني من الدنيا تحميني
وتمحي من سنيني كل لحظة عشتها بلاك
ع بالي تجرحني لحتى تصالحني
بلمسة حنونه بغمره مجنونه
وما غمض عيوني إلا أنا وياك
ع بالي حبيبي
ليلة ألبسلك الأبيض
وصير ملكك والدنيا تشهد
وجيب منك أنت طفلك أنت مثلك أنت
ع بالي حبيبي
عيش حتى عمر أو أكتر
وحبي يكبر كل ما نكبر
وشــيب لمى تشيب عمري يغيب لمى تغيب
ع بالي حبيبي
انتهت الأغنية ليرفع حسن صبا لأعلى ويرفع إحدى طبقات طرحتها ليختفيا تحتها ويغيبا معاً في أولى قبلاتهما...

تمت بحمد الله

نهى طلبة
وإلى لقاء قريب
في الجزء الثاني
أحببت.. بلا أملِ
مع تحيات فريق شخابيط وردية
() .........*....•♫•......*........ ()


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-18, 04:57 PM   #43

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-03-19, 11:20 PM   #44

تمام1234

? العضوٌ??? » 438515
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 93
?  نُقآطِيْ » تمام1234 is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك انتي فعلا كاتبة مبدعة احسنتي

تمام1234 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-06-19, 05:28 PM   #45

lilyan lilyan

? العضوٌ??? » 437520
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 128
?  نُقآطِيْ » lilyan lilyan is on a distinguished road
افتراضي

شكراااااااااااا لكم
:7r_008:


lilyan lilyan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-19, 09:21 PM   #46

lilyan lilyan

? العضوٌ??? » 437520
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 128
?  نُقآطِيْ » lilyan lilyan is on a distinguished road
افتراضي

موقع رائع جدا أشكركم


lilyan lilyan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-19, 04:43 PM   #47

Shadow_4B

? العضوٌ??? » 431241
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 206
?  نُقآطِيْ » Shadow_4B is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر

Shadow_4B غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-20, 11:23 PM   #48

Frah1

? العضوٌ??? » 425654
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 173
?  نُقآطِيْ » Frah1 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
بدّي رابط الرواية ميديافايير
لو سمحتم


Frah1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-20, 03:10 PM   #49

عطر القمر

? العضوٌ??? » 447848
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » عطر القمر is on a distinguished road
افتراضي

وااااتتااووووووووووووتيني نؤتؤتؤبت

عطر القمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-05-20, 02:07 AM   #50

Gehad ameen

? العضوٌ??? » 466988
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » Gehad ameen is on a distinguished road
افتراضي

💝😆💞
😊😇😘
😃🙌💞😆
😁😀🌷💝
🤗↗⬆😂😷


Gehad ameen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.