23-01-18, 08:03 PM | #1 | |||||||
نجم روايتي وكاتبةوقاصةوعضو الموسوعة الماسية لقصص من وحي الأعضاء وحكواتي روايتي و شاعرة متألقة ونشيطة في المنتدى الأدبيومدققة بقسم قصر الكتابة الخيالية
| جدار برلين *مميزة* بسم الله الرحمن الرحيم جدار برلين باعدَ بين قدميه ليجعلَ جسدهُ أكثرَ ثباتًا أمامَ اهتزازِ الحافلةِ القاسي. كان السائقُ يتعمّدُ أَرجحةَ مَركبتهِ وكأنّهُ يستمتعُ بانزياحِ أجسادِ راكبيهِ ذاتِ اليمين وذاتِ الشّمال. لم يكنْ في مزاجٍ مناسبٍ ليشاركَ الرَاكبيِنَ تذمّرَهم وامتعاضَهم. وبدلًا من ذلك شدَّ يَدهُ على المقبضِ المطّاطيّ المُعلَّقِ في السّقف، بينما وضعَ كفّهُ الأخرى في عُبِّهِ، خوفًا من اتهامه بالتحرش بإحدى الراكبات. ثم أطلَقَ العنان لأفكارهِ مُستذكِرًا ما جرى قبل سويعات: مُديرُ المؤسسةِ يدعوهُ إلى مكتبهِ في حادثةٍ نادرةٍ غريبة. يمدحُ -على غير العادة- جُهدهُ المَسكوبَ على تلك الآلاتِ الصّدئةِ وتَعبهُ المبذولَ لاستمرارِ عملِها في فترةِ غيابهِ وسفره. يأمُرُهُ بالجلوسِ على الكرسيّ الجلديّ الوثيرِ بوجهٍ مُنفَرِدِ الأساريرِ وابتسامةٍ مقدودةٍ في صخرِ وجهِه. ثم يستطردُ حاكيًا عن مجرياتِ رحلته إلى ألمانيا؛ الماكيناتِ الجديدةِ التي يَهُمُّ باستيرادِها، الفنيّين والخُبراء الذين سيقابلهم، ثم وبدون أيّ مغزى أو ارتباط، البلداتِ التي زارها، والطبيعةِ الخلابةِ، والمتاحف الأخَّاذة، ثم جدارِ برلينَ المُتناثرِ إلى أشلاءَ أمامَ رغبةِ البشرِ في الحرّية والبقاء. يَنْتَشي المُدير العام بحديثهِ المتوهجِ فيضغطُ -وبحركةٍ غيرَ مسبوقةٍ- على الزرِّ الجانبيّ من مكتبه، ويطلبُ له كأسَ شاي. ويستمرُ في روايته المُنبهرة عن الحضارةِ والعمرانِ والإرادةِ وقيمةِ الإنسان. يزدرِدُ رِيقَهُ فجأةً ثم يسعلُ بِحدَّةٍ ويُكمل بعدَها شارِحًا ذهولَ الألمانِ من مُنجزاتِ شركتهِ وانبهارَهم بقيادتهِ ورغبتهم في التّعاونِ التّامِ مع سيادته كشريكٍ ونِدّ. يُومِئُ برأسهِ مُوافقًا مُنافقًا، ثم يحاولُ الانصرافَ هاربًا مُتعلِّلًا بالعمل. فيزدادُ وجهُ المُديرِ سرورًا وحبورًا ويُثني عليه أشدّ الثناء، ويُلقي عليه أنبلَ الصّفاتِ، ثم يمدُّ يدَهُ المُباركةَ إلى دُرجٍ قريبٍ فيسحبُ منه مكافأةً يَدُسُّهَا بإلحاحٍ في يده.! يتذكّرُ فورًا تلكَ الخيبةَ التي مُنِيَ بها حين استشعرَ برودةَ القطعةِ البلاستيكيةِ في كَفِّهِ المُشَحَّمَة. استغرقَهُ فترةً من الوقتِ لِيُدْرِكَ أنّها علبةٌ شفافةٌ تحوي داخِلَها قطعةً تذكاريةً من جدارِ برلين. رُسِمَ عليها بلونٍ ذهبيٍّ دقيقٍ خريطة مدينتهم المُقسَّمةَ الزائلةَ وبِخَطٍّ أصغرَ حجمًا كُتِبَ على العلبةِ ثَمَنَها النّفيس. أَخرَجَ يَدَهُ من عُبِّهِ بسرعةٍ باحثًا عن مكافَأَتِهِ المُخَيِّبَةِ، فوجدَها قابعةً في جَيْبِ سُتْرَتِهِ بينما اختفتِ العُملةُ الورقيّةُ اليَتيمَةُ التي كان قد أعدَّها لشراءِ احتياجاتِ أُسْرَتِهِ المنزليّة. ابتسمَ بمرارةٍ، فحتى النّشالَ لم تَستَهوهِ العلبةُ البرّاقة. ترجّلَ بأسًى بعد محاولاتٍ عِدّةٍ بين صُراخٍ في السّائقٍ ودَفْعٍ للرُكّاب. ثم أَكمَلَ مَسيرَهُ المُرهقَ نحو منزلهِ الخَاوي الطَّاوي. شَعَرَ بالخَدَرِ يتسلَّقُ قَدميهِ. فأسندَ كفَّهُ الخَشنةَ على جَسَدِ عامودِ الإنارةِ المائل. رَفَعَ العلبةَ ثانيةً من جَيبهِ تحتَ أشعةِ الشّمس. فمَدَّتْ لِسانَها تُغيظُهُ بِسِعْرِهَا: ستة يورو. ضَرَبَ السِّتةَ بقيمَةِ عُملَتِهِ المَحلّيَّة، قَسَّمَ النَّاتِجَ على احتياجاتِهِ اليَوميّة، ثم أَضافَها إلى دَفْتَرِ خَيباتِهِ بعد أن ابتلع الحَسْرَةَ على الثَّمَنِ المَهدور. أليستْ السِّتة يورو أكثرُ جدوًى من هذه القِطعةِ الحجريّة؟! ماذا لو كَافأهُ بِعُشْرِ هذا المبلغِ أو حتى ببضعِ أرغفةٍ؟ ألم يكن هذا ليجعلَ مَعِدَةَ أَولادهِ أكثرَ امتلاءً وابتهاجًا؟! رَفَعَ رَأسَهُ نَحوَ الأَعلى فرأى عامودَ الإنارةِ قَدْ بَصَقَ مِصبَاحَهُ الوَحيدَ زاهدًا به بينما تَعَلَّقَ المِصبَاحُ بِسِلْكٍ كَهربائِيِّ واهٍ مُنْذِرٍ بالانقطاعِ في أيّ لحظةٍ. جَمَّدَتْهُ المُفاجأةُ فأيُّ الرِّسَالَتين عليهِ أنْ يَتَلَقَّفَ؟ رسالةَ المِصْبَاحِ المُسْتَمِيتْ في تَشَبُّثِهِ وانْتِمَائِهِ، أمْ رِسَالةَ العمودِ اللامُبالي الدَّافِعِ بِمِصبَاحِهِ إلى حافةِ الهُروبِ والتَّخَلِّي؟! شَدَّ أَصابعه على القِطعةِ الحَجريَّةِ البَائِسةِ ثم رَمَى مُكافَأَتَهُ الوَحيدة في القمامة. انتهى التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 28-06-18 الساعة 11:42 AM | |||||||
23-01-18, 08:26 PM | #2 | |||||||
نجم ر وايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| رااااائعة ما شاء الله تبارك الله اكثر ما يعجبني في قصصك أنها ببساطة "مختصر مفيد" تجذبنا من اول حرف حتى اخر نقطة سلمت اناملك | |||||||
23-01-18, 08:33 PM | #3 | ||||||||
نجم روايتي وكاتبةوقاصةوعضو الموسوعة الماسية لقصص من وحي الأعضاء وحكواتي روايتي و شاعرة متألقة ونشيطة في المنتدى الأدبيومدققة بقسم قصر الكتابة الخيالية
| اقتباس:
شكرا لتواجدك المبهج زيزو <3 | ||||||||
24-01-18, 03:19 AM | #4 | |||||||||||
مراقبة،مشرفة عالمي..خيالي,الوثائقية،البحوث والمعلومات،روايتي كافيه،(قاصة ولؤلؤة ألتراس،لغوية،حارسة السراديب، راوي)،نشيطة،تسالي،متألقةومحررة جريدة الأدبي، صحافية فلفل حار،كاتبة عبير
| له له كده من ورايا ما تفقناش على كده رائعة كعادتك ندو بقلمك المبدع الذى يصول ويجول فى الفكر والروح حمدا لله أنك لم تجعلى المصباح يقع على أم رأسه ويسبب له العمى او يصاب بماس كهربائى من العمود هذا فى حد ذاته انجاز تبدو سوداوية نعم ظاهريا يا جماعة الخير لنبدأ مع بطلنا طبيعى جدا وضعه “نجد ان الانسان يحس بالغربة فى كون يتجرد من الأوهام والضوضاء” ― ألبير كامو, أسطورة سيزيف هنا نجد اللاجدوى متمثلة فى أوضح صورة ماله هو ومال سور برلين وتحقق الحرية والاتحاد للألمان هل سيسد جوع أطفاله لو حصل لكان شعربالسعادة بل ولوصل لقمتها لوا ستطاع بيع القطعة التذكارية بقيمتها التى تعنى لفقير مثله الكثيرلكن لا جدوى ، لحظة لنتذكر معا أن كلا السعادة واللاجدوى ولدان لنفس الأرض مسكين هو ذكرنى باسطورة سيزيف لألبير كامو وسيزيف هو الفانى الذى حكمت الآلهةعليه بأن يدحرج بلا انقطاع إلى قمة الجبل صخرة تعود لتهوي إلى الأسفل بسبب ثقلها. فقد ظنوا، ولسبب معقول، أنه ليس هناك عقاب أبشع من العمل التافه والذي لا أمل منه. إن كانت هذه الأسطورة مأسوية، فلأن بطلها يدركها. وإلا ما الذي يعنيه ألمه، لو لم يكن الأمل بالنجاح يرافقه في كل خطوة؟هو كبطلنا ينجز عمله اليومى، وفي كل يومٍ من أيام حياته، نفس المهام، ومصيره لا يقلُّ عنه عبثيةً. وهذا المصير لا يكون مأسويًا إلا حين يدرك. وهكذا، فإن سيزيف، هو بروليتاري الآلهة العاجز والمتمرد، ذلك الذي يدرك البعد الكامل لوضعه التعيس: والذي به يفكر أثناء نزوله. والاستبصار الذي من المفترض أن يؤرقه يستهلك في الوقت نفسه انتصاره. لو اتبع رسالة العمود وتخلى عن مسئولياته وترك كل شئ مندفعا وراء شغفه بهذه الحياة،تلك التجربة قد تسبب له عذاب رهيب والذي أدى لأن يكرس كل كيانه في سبيل الهرب منه . فهذا هو الثمن الذي يجب أن ندفعه مقابل أهواء هذه الأرض واما لو اتبع رسالة المصباح لكن مثل سيزيف وتكرار التجربة مع الصخرة كل مرة وتكرار الألم ليصبح هو نفسه كالصخرة! تخيلوا هذا العامل كإنسان يعاود النزول بخطى ثابتة ومثقلة نحو ذلك العذاب الذي لا نهاية له. لأن هذه الساعة التي تشبه المتنفَس، والتي تعود بالتأكيد مع عودة العذاب، هي ساعة الإدراك. لأن كلَّ لحظة من تلك اللحظات التي يغادر فيها القمم ويتجه هابطًا نحو عرين الآلهة، تجعله أسمى من مصيره، وأقوى من صخرته. ولنترك سيزيف عند أسفل الجبل! لأننا دائمًا نلتقي بعبئه. لكن سيزيف يعلِّمنا الأمانة الأسمى التي ترفض الآلهة وترفع الصخور. وهو أيضًا يعتقد أن كل شيء جيد. فهذا العالم الذي أضحى بلا سيد لا يبدو له عقيمًا ولا تافهًا. لأن كل ذرَّة من هذا الحجر، كل نثرة معدنية من ذلك الجبل الذي يملأه الليل، تؤلف عالمًا بحدِّ ذاته. والنضال بحد ذاته من أجل بلوغ القمم يكفي لكي يجعل قلب الإنسان ممتلئًا. لأنه علينا أن نتخيل سيزيف سعيدً الآن عليه هو أن يختارالرسالة شفتى بطاطس رد اطول من القصة ودائما وأبدا شكرا للنور الذى يلمع وسط عتمة السطور أجمل الكتابابات هى السوداوية المضيئةمو قلت لك إن من البيان لسحرا بالمعنى المحمود والله هههههه | |||||||||||
24-01-18, 08:28 PM | #5 | ||||||||
نجم روايتي وكاتبةوقاصةوعضو الموسوعة الماسية لقصص من وحي الأعضاء وحكواتي روايتي و شاعرة متألقة ونشيطة في المنتدى الأدبيومدققة بقسم قصر الكتابة الخيالية
| اقتباس:
تشبيهك البطل بسيزيف وجدليته المثيرة للتساؤلات البحث عن الأمل وسط قصته الناضحة بالألم رائع يسعدني ان القصة أوحت لك بهذا يا شيخة حنّي علينا بقصة وبلاش تكبّر على الغلابة اللي زينا سعيدة بك سوفتي | ||||||||
25-01-18, 08:22 PM | #6 | |||||||||||
مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب
| جميلة هالقصةالمختصرة وحكايتها عن السائق الفقير الذى يتعب ويشقي لايجاد مال من عمله والمكافاة التى تلقاها لم تنفعه ابدعتى ياانشودة | |||||||||||
25-01-18, 10:37 PM | #7 | |||||||||||
نجم روايتي وكاتبة في مكتبة روايتي وعضوة في فريق التصميم ومصممة بمنتدى وحي الخيال وموهوبة في مسابقة فطورنا يا محلاه
| والله حلوة القصة احيانا الواحد بدو يكتب رد يعبر فيه بس ما بيقدر وصلتينا احساس الرجل بطريقة جميلة وصلتينا الوضع الصعب وصلتيلنا ازدراء بعض المدراء وهو كلام وبلاش اثر فية انه ما طلبله كباية شاي بتعرفي ,, ما بعرف اذا كنتي قاصدتيها ولا لاء استهتار المدير حتى بتغليف الهدية وشيل السعر عموما البركة من الله ^_^ ابدعتي عنجد | |||||||||||
25-01-18, 10:45 PM | #8 | ||||
نجم روايتي
| فأيُّ الرِّسَالَتين عليهِ أنْ يَتَلَقَّفَ؟ رسالةَ المِصْبَاحِ المُسْتَمِيتْ في تَشَبُّثِهِ وانْتِمَائِهِ، أمْ رِسَالةَ العمودِ اللامُبالي الدَّافِعِ بِمِصبَاحِهِ إلى حافةِ الهُروبِ والتَّخَلِّي؟! شَدَّ أَصابعه على القِطعةِ الحَجريَّةِ البَائِسةِ ثم رَمَى مُكافَأَتَهُ الوَحيدة في القمامة. جميييييييييييييلة قوية اللفظ واللغة والتاثير انجزتي فاوجزتي هكذا هي الحياة وكما قال اسماعيا ياسين ف مونولوجه في ناس بتتعب ولا تكسبش وناس بتكسب ولا تتعبش رمز سور برلين لا يفيد لمن لايملك قوت يومه اهداه الهدية ال لامعقولة بجد روعة وبليغة اعجز عن التعبير كما يقول نزار الصمت في حرم الجمال جمال وفقك الله ودمتي مبدعة | ||||
25-01-18, 10:47 PM | #9 | |||||
نجم روايتي
| اقتباس:
اجمل تعليق من اجمل ثوفة سلمت اناملك | |||||
26-01-18, 01:30 PM | #10 | ||||||||
نجم روايتي وكاتبةوقاصةوعضو الموسوعة الماسية لقصص من وحي الأعضاء وحكواتي روايتي و شاعرة متألقة ونشيطة في المنتدى الأدبيومدققة بقسم قصر الكتابة الخيالية
| اقتباس:
شكرا لك | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|