آخر 10 مشاركات
328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إحساس جديد *متميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول) > قلوب خيالية زائرة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-02-18, 08:10 PM   #1

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
Rewitysmile26 الحمض الرقمي - رواية زائرة - بقلم::منارة - كاملة


السلام عليكم، أحب أن أشارك معكم رواية قصيرة كنت قد كتبتها منذ فترة طويلة و نشرتها على الأنترنت أيضاً وقد نالت حين أذ أقبال شديد لهذا اود أعادة أحيائها معكم مرة أخرى




الفصل الأول

الوقت الآن هو خمس سنوات قبل عصرنا الحالي، أمسكت مذيعة الإخبار الميكرفون و رفعت عينتيها للمخرج الذي أعطاها إشارة بإصبعيه، فالتفتت للكاميرا و بدأت بالكلام:
- نحن ألان نقف إمام الفيلا رقم 306 في حي الأبراج و التي قد شهد العديد من السكان عن رؤيتهم لضوء ابيض شديد و سماع طلق ناري و بعد وصول الشرطة تم اكتشاف جثة أستاذ الهلال واختفاء زوجته و ابنته و لمن لا يعرفه هو المحامي الذي استطاع بمهارة فريدة وضع أشهر المجرمين في السجن و قد كان حاليا يعمل على قضية قتل و سرقة الأعضاء البشرية.
تحركت المذيعة نحو السكان المجتمعين حول المكان و وجهت المايكروفون اتجاه امرأة مسنة قائلتا:
- سيدتي أنت جارتهم بالبيت المجاور صحيح؟ هلا أخبرتينا برأيك.
نظرت السيدة بحزن إلى و وجه المذيعة قائلتا:
- آه المساكين لطالما قلت له إن تحقيقاته ستنقلب عليه و ألان و بعد أن اقترب من كشف الشخص خلف جرائم سرقة الأعضاء ...
و انخرطت في البكاء، نظرت المذيعة بأسى إليها و التفتت للكاميرا قائلتا:
- للأسف كما سمعتم كان قريبا جدا من كشف الأدلة التي تثبت الجاني خلف تلك الجرائم النكراء...

في تلك اللحظة و بينما الجميع منتبهون للكاميرا، ظهر ظل شخص صغير خلف إحدى نوافذ الطابق الثاني و كأنه يراقب ما يحدث.

ألان الوقت هو وقتنا الحالي، ركبت "كارمن" الحافلة المتجهة إلى القاهرة لبدء السنة الأولى من الدراسة في كلية حقوق، جلست بجانب النافذة و راحت تتأمل المحطة و الناس تسرع بحقائبها الثقيلة إلي الحافلات الأخرى و الباعة الجائلين يستعرضون بضاعتهم ، ثم أخرجت كتاب عن القانون الجنائي و ما أن بدأت بقراءته حتى جلست سيدة بجانبه وبدأت بالحديث معها قائلتا:
- كيف حالك يا ابنتي؟ الطريق طويل للقاهرة صحيح؟
نظرت إليها" كارمن" و ابتسمت ابتسامة خفيفة، ثم أعادت نظرها للكتاب. نظرت السيدة إلى الكتاب بفضول و أكملت:
- أنت طالبة إذا، في ماذا ؟ كلية حقوق ؟ أنها صعبة كان الله في عونك.
مرة أخرى ابتسمت لها و أكملت قراءة الكتاب، نظرت السيدة حولها ثم عادت لتسأل مجددا:
- من ينتظرك هناك ام انك تقيمين في مسكن؟
نظرت إليها "كارمن" و قالت في نفسها لو إن ضابط يحقق معها لما سألها عن كل تلك الأسئلة، ثم ابتسمت قائلتا:
نعم سأقيم في مسكن قريب من الجامعة في حي الأبراج.

اتسعت عيني السيدة في دهشة و أحنت جسدها اتجاهها ووضعت يدها قرب فمها و قالت بصوت منخفض:
- نصيحة مني يا ابنتي ابتعدي عن الفيلا رقم 306 ، حدثت بها جريمة قتل منذ خمس سنوات و المالك الحالي للمكان لا يريد السكن فيها بسبب الضوضاء التي نحدث فيها ليلا لهذا يؤجرها غرفها للطلاب أمثالك و يقال أيضا أن القاتل ليزال يحوم حول المكان.

هزت "كارمن" رأسه و نظرت إلى السماء من النافذة ثم التفتت للسيدة و قالت بصوت هادئ :
- لا تقلقي يا سيدتي ثم إني ادرس الحقوق حتى أصير محامية جنائية و اقبض على أمثال مرتكب تلك الجريمة و من يدري ربما امسكه شخصيا .

بعد رحلة طويلة و سماع قصة حياة السيدة و صلت أخيرا إلى حي الأبراج و سارت و هي تحمل حقيبتها الكبيرة حتى و صلت إلى الفيلا رقم 306 ، تأملتها و هي تفكر: لماذا تم قتل تلك العائلة أكان بغرض السرقة ؟ ربما كان للأب أعداء كثر في مجال عمله أيا كان هذا المجال.

في تلك اللحظة فتح باب الفيلا شاب وراح يركض باتجاهها قائلا بصوت عالي:

-أنا أسف، هل انتظرتني إمام البيت كثيرا.


تفحصته بنظرها و فكرت في نفسها: أنا لم اقرع الجرس أصلا.
مد يده ليأخذ حقيبتها ، فأبعدت الحقيبة عنه قائلتا :
- لا شكرا أنا سأحملها بنفسي.
تسمر الشاب للحظة و هو ينظر إليها ثم هز رأسه مفكرا : ماذا بي ، نظرت "كارمن" إلى وجه و قالت :
- أنا افترض انك قائد المسكن صحيح؟
نظر إليها بدهشة قائلا:
- مدهش جميلة و ذكية أيضا......... و توقف ناظرا إليها
تفحصته "كارمن" مجددا و قالت بهدوء :
- سأفترض أيضا انك تقول هذا للجميع
ضحك الشاب بصوت عال ليخفي خجله ثم تابع:
- أكيد طبعا، آه نسيت تعريف نفسي ، اسمي "سامي ناظم" طالب في السنة الرابعة في كلية حقوق
ابتسمت "كارمن" ثم قالت:
- و أنا "كارمن" في السنة الاولى من كلية حقوق أيضا.
ظهرت ابتسامة كبيرة قائلا بفرحة شديدة:
- رائع شيء مشتركا ، إذا احتجت لأي شيء اطلب مني .... ثم أشار بيده و استرد قائلا صحيح تفضلي من هنا لنذهب إلى السكن.
تأملت "كارمن" الردهة التي بدت في غاية الفخامة رغم جو الوحدة و الظلمة التي تحيط بها و كان الجدران لازالت تبكي على أصحابها القدامى.
توقف "سامي" عند باب كبير مزخرف و نظر إلى "كارمن" قائلا:
- هذا هو الجناح الذي ستعشين فيه و هنا أيضا تعيش لميس عويس شريكتك في السكن و تذكري ان احتجت أي شيء سأكون موجود.
ثم ادخل يده في جيبه و اخرج مفتاح و أكمل قائلا:
- هذا هو مفتاح الباب.
ابتسمت "كارمن" و أخذت المفتاح و فتحت البات ثم دخلت و أغلقته خلفها، تابعها "سامي" ثم هز كتفه و ابتسم بشدة قائلا لنفسه :
- نعم كنت رائع اليوم كالعادة ..مم نعم كالعادة.
ثم راح يتمشى بسعادة بين الممرات ثم توقف متسائلا ما به لكنه هو كتفه بلا مبالاة و تابع السير.

في هذه الإثناء تنهدت "كارمن" وهي تتأمل الجناح الصغير المكون من صالة صغيرة و مطبخ صغير مفتوح ثم ردهة صغيرة تحتوي علي غرفتين و حمام، همت لتدخل لكنها داست بقدمها على شيء صلب صغير فحركت بنظرها للأسفل و رفعت قدمها لترى مسمار صغير لولبي فحملته في يدها و وضعته جانبا و أكملت طريقها.

تلفتت حولها فبدا المكان خاليا ففكرت ربما تكون "لميس" في الخارج، في تلك اللحظة فُتحت أحدى أبواب الغرف لتخرج فتاة تبدو كالباحث الذي قضي عمره كله في مختبر دون ان يخرج منه مطلقا ، انطلقت بسرعة خلال الممر و توقفت متفاجئة ب"كارمن" و صرخت:
- يا ألهي ....شبح؟
نظرت لها كارمن بتعجب متسائلة من الشبح هنا، حركت الفتاة نظارتها بطرف أصبعها و اقتربت برأسها اتجاهه ثم أكملت:

- لا اعتقد ... ثم استردت قائلة .. أنت "كارمن" صحيح؟ أنا "لميس عويس" من كلية هندسة قسم الكترونيات.

التفت "لميس" من حولها و اتجهت إلى الباب و راحت تبحث عن شيء على الأرض ثم أضافت :

- الم تري المسمار الذي كان هنا؟.

رفعت "كارمن" إحدى حاجبيها بتعجب و قالت متسائلة:

- لم أكن أتصور أن أحدا وضعه عن قصد هنا، عموما لقد وضعته هناك على تلك الطاولة.

نظرت "لميس" لها بغضب و رفعت رأسها للأعلى قائلة بصوت تحاول كبت فضبها فيه:

- قضيت الليل كله في تجهيز مغنطيس مبرمج لجذب شيء واحد فقط و اعتقد ان التجربة فشلت لكن كل هذا لأنكي أبعدتي المسمار عن نطاق المغنطيس، لهذا لم أرد زميلة في السكن .

اقتربت منها "كارمن" و قالت بأسف:

- اعتذر لم أكن اعلم، سأضعه مكانه الآن.

أخفضت " لميس" رأسها و قالت بعصبية شديدة:

- أنسي الأمر فقط لا تلمسي أشيائي، لا أريد أعادة تجاربي دائما و ...

قاطعهما صوت قادم من المطبخ، كأن احدهم يطرق على الخشب ، التفت كلاهما و نظرا إلي أنجاه الصوت و هدأ المكان تماما لبضع دقائق و الاثنان يحدقان في المطبخ إلى أن قاطع الهدوء الصوت مجددا.
التفتت "كارمن" إلى "لميس" و سألتها بصوت منخفض :

- هل هناك أحدا غيرك هنا أو حيوان أليف.

التفتت "لميس" إليها و هي ترتجف :

لا هذه أول مرة أسمع أصوات هنا، هل حقا المكان مسكون و أنا لم أشعر بهذا؟

حدقت الفتاتين في أنجاه الصوت الذي استمر في الصدور ...طق طق طق.

اقتربتا بحذر اتجاه المطبخ و الصوت يستمر في الصدور ، تسألت "لميس" بصوت عال :

- ما هذا ما هذا ... فأر؟ ...لا لم أرى واحدا من قبل ... ما هذا.

وصلتا أخيرا إلى المطبخ و بدأ أن الصوت يعلوا شيئا فشيئا مع اقترابهم، قالت "كارمن" بصوت من خفض و هي تشير إلى خزانة خشبية صغيرة في أسفل طرف المطبخ:

- يبدو أن الصوت قادم من هناك... ماذا يوجد هنا؟

اتسعت عيني "لميس" و هي تتمعن في الخزانة و قالت بصوت مرتجف:

- لا أعلم حاولت فتحها عدة مرات لكنها لم تفتح أبدا حتى "سامي" حاول كسر المقبض لكن بلا فائدة لم ينكسر.

نظرت "كارمن" بهدوء إلى الخزانة و هي تستمع إليها و أضافت :

- لا بأس قد يكون ان الخشب يتمدد أو شيء من هذا القبيل.

نزلت "كارمن" على ركبتيها و أمسكت بالمقبض و جذبته ليفتح معها بسهولة شديدة ، فتحت "لميس" فمها من شدة الدهشة و نزلت لترى ما بالداخل أيضا فرأتا جهاز يصدر أضواء صغيرة ، مدت "كارمن" يدها و حملته ، تأملته قليلا ، بدا كالهاتف المحمول بيضاوي الشكل قليلا و اصغر قليلا من راحة كف اليد و شاشة تكاد تكون حجمه تقريبا و بعض الأزرار.

راحت تقلبه بيدها ثم نظرت إلى "لميس" و سألتها:

- ما هذا ؟
أخذته منها و لكنه بدأ بالاهتزاز و قفز من يدها فجأة ليعود إلى يد " كارمن " مجددا، صرخت " لميس" و قفزت للخلف و صاحت :

- ما هذا؟

تأملته ":كارمن" ثم قالت بهدوء شديد:

- بالتأكيد ليس هاتف محمول.

نظرت لها "لميس" و قالت بصوت منخفض:

- باردة.

لم تلتفت إليها "كارمن" و أضافت:

- أتساءل ماذا تفعل تلك الأزرار؟

نظرت "لميس" إلى الأزرار و أمدت إصبعها و ضغطت علي احدهم و هي تقول:

- من خبرتي الهندسية أعتقد أن هذا سيفتحه.

و فعلا أنارت الشاشة و ظهر اسم عليها ، قربته " كارمن" من عينيها و قرأته بصوت عال:

- سما الهلال.

فجأة أضأت الشاشة بشدة و خرج ضوء منها و ظهرت أماهم فتاه تبدو في العاشرة من عمرها ، رفعت رأسها و نظرت حولها و استقرت عيناها على الفتاتين ، أمسكت "لميس" بذراع " كارمن" بشدة ، ابتسمت الفتاة و اتجهت إليهم و لكن " لميس" بدأت بالتراجع و هي تشد " كارمن" معها و عيناهم مثبتة عليها، و الفتاة تقترب أكثر فأكثر، أنزلت " كارمن" يد "لميس" من على زراعها و سألت الفتاة:

- ما أسمك؟

نظرت " لميس" إلى "كارمن" بدهشة و قالت بغيظ:

- ما هذا السؤال؟ .... السؤال هو ماذا تكونين؟ ...شبح؟

ضحكت و الفتاة و أجابت:

- أسمي "سما الهلال" و أنا لست شبح لأني لم أمت أصلا.

أقترب كلا منهما منها و سألته "لميس" :

- أذا ماذا حدث؟

نظرت "سما" إلى الأعلى و ردت :

- كل ما أتذكر أن هناك شخص قالت أمي لي انه شخص شرير أتى إلى بيتنا و تشاجر مع أبي ثم أخذتني أمي إلى غرفة أخرى و هي تمسك بهذا الجهاز ثم سدت إذني بيدها و بعد قليل دخل هذا الرجل ثم.... هذا ما أتذكره.


هزت "كارمن" رأسها بأسف و قالت :

- وبعدها أصبحت شبح.

ضربت "سما" الأرض بقدمها و قالت و هي تضغط على أسنانها:

- قلت أني لست...

قاطعها صوت طرق على الباب، التفت الجميع اتجاهه، و وضعت "كارمن" الجهاز في جيبها و اتجهت إلى الباب و فتحته لتجد "سامي" و قد انقطعت أنفاسه من الركض ويسند بيده على الحائط، نظر إليها و قال وهو يلتقط أنفاسه:

- ما الأمر سمعت أحدهم يصرخ؟

ردت " كارمن" بهدوء:

- لا شيء.

تنهد "سامي " الصعداء بينما هو يعدل وقفته قائلا:

- اه حسنا.

جاء صوت من خلفه يقول بحزم:

- أنت دائما ما تكبر الأمور.

وضع "سامي" يده خلف رأسه بينما هو ينظر إلى مصدر الصوت و ضحك ثم نظر إلى "كارمن" و قال:

- أعرفكم أخي الأكبر" د.فؤاد" هو صاحب الفيلا و جراح أيضا.

ابتسمت "كارمن" فأبتسم هو بدوره أبتسامه خفيفة و اتسعت عيناه قليلا و قال في شيء من توتر:

- حسنا أراكم لاحقا.

و سرعان ما اختفي من أمامهم، تابعه " سامي" بنظره متعجبا منه ، بينما نظرت "كارمن" خلفها لترى ان كانت "سما" تقف خلفها لكنها لم ترى سوى "لميس" ، فنظرت إليها "كارمن" و أشارت بعينها حيث كانت تقف "سما" فأشارت " لميس" إلي جيب "كارمن" حيث تضع الجهاز، فهزت "كارمن" رأسها و التفتت مجددا إلى "سامي" الذي كان لازال سارحا في أفكاره ، فقاطعت "كارمن" أفكاره قائلتا:

- حسنا إلى إلقاء.

فأجاب "سامي" بطريقته المرحة:

- حسنا أراكم لاحقا و تذكري أن احتجتني في شيء لا ترددي في طلبي.

ثم بدأ بالمشي و توقف و نظر إلى الخلف و أضاف يصوت جاد:

- توخي الحذر.

و تابع سيره، بينما تابعته بعينها متعجبة منه و هزت كتفها ثم أغلقت الباب.

سار "د.فؤاد" بسرعة خارج الفيلا و دخل سيارته و بينما كان يغلق بابها بعنف نظر إلى الفيلا و قال بتوتر:

- كيف هذا؟ أنا متأكد أنها ماتت هناك، تأكد من هذا بنفسي.

امسك المقود بشدة ثم ضحك بينما هو يمسح بيده على شعره و أضاف:

- يا لغبائي لابد أنها "كارمن" هذا البعد.

ثم أخرج خنجر من جيبه و في مقبضه شاشة الكترونية و أخرجه من غمضه ثم أمعن النظر فيه و تساءل:

- ترى هل تمتلك نفس الطاقة السلبية أيضا.

أدخله في غمضه مجددا و أدار سيارته و قاده إلى أن وصل الى فيلا كبيرة في احد أرقى أحياء القاهرة و استقبله حشد الخدم و توقف بسيارته ففتح أحد الخد بابها ونزل منها و أعطى المفاتيح له بينما فتح الأخر باب المنزل له، دخل عبر ممراته الفخمة إلى أن وصل إلى أحد غرفه الكبيرة و جلس على مكتب عريق ثم فتح أحد الأدراج و أخرج صورة تجمعه مع "سامي" و امرأة ، ظهرت على شفتيه بسمة صغيرة و لمس بأطراف أصابعه و أعادها مجددا وهو يقول:

- لا مزيد من الألم لمن يستحقون و المزيد من الألم لمن لا يستحقون.

في الجهة الأخرى عند الفيلا رقم 306 و قف الثلاث فتيات يحدقن في الجهاز في يد "كارمن" في صمت شديد و أخيرا قاطعت "لميس" الصمت و هي تساءل "سما" :

- اذا... ما هذا؟ هل تعلمين عنه شيئا.

هزت "سما" رأسها ومدت شفتيها و هي تفكر ثم قالت:

- اه صحيح.

ثم ركضت في اتجاه المطبخ و عادت و معها دفتر ملاحظات صغير و ناولته ل"لميس" فأخذته منها بينما تسأل:

- أين كان هذا لم أره من قبل.

ضحكت "سما" و أجابت :

- كان في الخزانة في المطبخ، رأيته عندما جئت إلى هنا.

فتحته لميس وبدأت تقرأ :

- أكتب هذا الدفتر في حالة حدوث شيء لنا ، و بما أنك استطعت فتح الخزانة فهذا يعني انكي غالبا "كارمن" ، أن كان تخميني صحيحا فانتبهي إلى ما سأكتبه الآن ، هذا الجهاز هو "الديجيتال دي أن أيه" أو" الديجي دي" كاختصار، أداه يجب أن لا تقع في اليد الخطأ لأنها قد تتحول إلى سلاح أسوأ من النووي، أما عن طريقة عمله فكل ما أعلمه أنه يتم تحميل بيانات الحمض النووي لشخص فيه عن طريق و ضع شعرة على شاشة الجهاز ليظهر طيف شبيه بهذا الشخص يحمل نفس ذكرياته و بالتالي شخصيته و كل طيف له قدرته الخاصة.

صمتت "لميس" و نظرت إلى "سما" ثم أكملت:

- و بالطيع جهاز بقدراته يسعى دائما احدا خلفه لهذا أحذري لأن الطريقة الوحيدة لأبعاد الجهاز عنك هي بقتلك......
أغلقت " لميس" الدفتر بينما تقول:

- هذا فقط المكتوب هنا .. ماذا الذي تنوين فعله؟

نظرت " كارمن" للأسفل قليلا ثم أعادت نظرها إليها و هي تقول:

- لا بأس ٍٍسأحرص على أن لا يقع في اليد الخطأ.

اتسعت عيني "لميس" و قالت بعصبية:

- هل جننت قد تقتلين.

ردت بهدوء:

- لا خيار أخر لا يمكن أن أتركه.

وضعت "كارمن" الجهاز على الطاولة و ابتعدت عنه قليلا فطار عائدا إليها في وسط دهشة "لميس" ثم أضافت "كارمن":

- و أيضا مثل ما قلت أنا أطمح أن أكون محامية و أريد هذا لأدافع عن حقوق الأخرين و بما أن هذا " الديجي دي" قد يؤذي أحدهم لا يمكن أن أتركه بعيدا عن نظري.

حدقت " لميس" قليلا فيها ثم قالت بعصبية:

- كما تردين لكن لا أريد أن يزعجني أحدا ، بعد أذنكم سأكمل أبحاثي.

ثم دخلت إلى غرفتها و أغلقت الباب خلفها.

حدقت "كارمن" في الباب بدهشة فقفزت "سما" أمامها و قالت و البسمة تعلو وجهها:

- أنها قلقة فحسب، كانت تفكر أنها اكبر منك لهذا عليها الاعتناء بك و لا تعلم أن كانت تستطيع.

ابتسمت "كارمن" و ربتت على شعر "سما" و هي تقول:

- ماذا هل تقرئين الأفكار.

ردت وهي تضحك :
- نعم.

توقفت "كارمن" و أنزلت يدها و ظهر عليها بعض التوتر ثم نظرت حولها وهي تقول :

- حقا... حسنا ... الدراسة ستبدأ غدا.. سأذهب للتحضير.

ثم انطلقت إلى غرفتها و تبعتها "سما" و هي تتذمر:

- ماذا بهذه السرعة لقد آتيتي اليوم فقط.




أشرقت شمس اليوم التالي و ازدحمت الشوارع مع بدء المدارس و الجامعات و الأطفال و الكبار يبدو عليهم النعاس بحد سواء، ألا أن لا أحد ينتبه إلى تلك الظلال التي تتحرك من حولهم .

خرجت "كارمن" من بوابة الفيلا و معها " سامي" ثم توقف و أشار إلي طريق و هو يقول بصوت جاد:

- من هنا توجد محطة المترو ، خذيها و ستصلبن إلى الجامعة مباشرة.

ثم نظر إلى الأرض و بدا الحزن عليه قال بصوت منخفض:

- لماذا لا توجد لدي محاضرات اليوم ، كانت لتكون عندي حجة للذهاب معها.

تركته "كارمن" دون أن تنطق بكلمة، فبدا عليه الحزن أكثر:

- باردة.

وصلت " كارمن" إلى محطة المترو و نظرت حولها و هي تتساءل عن مكان شباك التذاكر حينها لمحت شيء أسود يتحرك ببطء حول الناس دون أن ينتبه إليه أحد يبدو كشخص يرتدي عباءة سوداء و تغطي وجه قلنسوة سوداء أيضا و يحيط به دخان أسود به بعض خيوط ذهبية .

امتدت منه شيء بدت كاليد لكن مكونة من الدخان و امسك رقبة رجل من الخلف و ظهرت خطوط ذهبية تخرج من رقبة الرجل إلى الكائن.

خرجت " لميس" من" الديجي دي" و أمسكت بيد " كارمن" فنظرت إليها بدورها فقالت "سما" بصوت مرتعش:

- ما هذا الكائن أنه يؤذي الرجل؟ أفكاره تقول أنه يشعر بتعب شديد و أنه قد بدأ بفقد الوعي ، علينا فعل شيء فنحن الوحيدين الذين نراه.

أومأت " كارمن" برأسها، و لمن في تلك اللحظة نظر إليها الكائن و ترك الرجل الذي أنهار على الأرض، و بدأ بالطيران في اتجاههم و سرعته في تزايد، اتسعت عيناه "كارمن" وهمت لتركض لكنه أمسك برقيتها فصدمت بالحائط خلفها و أصدرت أنين من الألم و أمسكت بيده محولة الإفلات منه لكنها شعرت أنها تمسك حديد، و بدأت تشعر بتعب شديد ، تشبثت به " لميس" و هي تصرخ:

- اتركها.

تجمع الناس حول "كارمن" و تعلو وجوهم نظرات الاستغراب فاقترب منها فتى يبدو كطالب في مرحلة الثانوية و سألها:

- هل أنتي بخير؟

نظرت "كارمن" إليه بطرف عينيها و مدت يدها و أمسكت بشعره و جذبت بعض الشعيرات في يدها، فأمسك الفتى رأسه و ابتعد عنها ثم أخرجت بيدها الأخرى "الديجي دي" و بصعوبة شديدة وضعت الشعيرات علي شاشة الجهاز،فأخرج ضوء شديد منه فأنزعج الكائن و تركها ووضع يده اتجاه وجهه تحت القلنسوة بينما أمسكت "كارمن" برقبتها و نظرت إلى الجهاز ، في تلك اللحظة ظهر من الضوء طيف في هيئة الفتى و يرتدي ملابس الفرسان العرب القدامى و يمسك بسيف طويل و ومنحني كالسيوف العربية القديمة و شعره الأسود الطويل يسدل من تحت عمامته.هز الكائن رأسه بعنف و تبادل النظرات مع الفارس لبرهة ثم بدأ بالطيران بسرعة أتجاهه و مد يده إليه فصدها الفارس ببراعة بسيفه.

راقبت "كارمن" المشهد بينما جذبتها "سما" من يدها و هي تقول :

- لنذهب من هنا بسرعة.

و ركضت و هي تسحب "كارمن" معها ، بينما لازالت الأخيرة تراقب الموقف و الفارس يلوح بسيفه ببراعة أمام الكائن و لكن الفارس توقف فجأة ثم اختفى. فنظر الكائن إلى الرجل الذي كان ممسكا به قبل قليل و بدأ بالطيران إليه.
توقفت "كارمن" و هي تقول :

- علينا أن نعود ، لقد اختفى الفارس.

توقفت "سما" و نظرت إلى الكائن ، بينما أخرجت "كارمن" جهاز "الديجي دي" و نظرت إلى شاشته فوجدت قائمة بها أسم "سما" و تحتها "شداد" فضغطت على الاسم بأصبعها فظهر أمامها الفارس الذي نظر إليها بقلق و هو يقول:

- هل أنتي بخير لقد فقدت طاقتي فجأة.

أومأت "كارمن" برأسها و قالت:

نعم.. أعتقد لأني أبتعد بالجهاز عنك لهذا أاختفيت .

ثم أشارت بأصبعها إلى الكائن و تابعت:

لنسرع.

ركض الثلاثة في اتجاه الكائن فأنتبه لهم و ترك الرجل و طار إليهم وهو يمد يده فأسرع الفارس و سبق الفتاتين و صد الكائن مجددا ثم التف من حوله و سدد سيفه إليه و لكن الكائن باغته و ضربه فتراجع الفارس للخلف قليلا بينما سقط سيفه منه فمد يده لإمساكه و لكن الكائن لم يعطه فرصة و عاود الهجوم عليه فأمسك الفارس بيد الكائن و لفه في الهواء و تركه ليطير مسافة و يصدم بالحائط فركض الفارس اتجاهه و ركضت معه " كارمن" و أمسكت السيف و قذفته إليها فامسكه الفارس في الهواء و طعن الكائن فتحول إلى دخان و تبخر بالهواء.


ألتفت الفارس إليهن و أبتسم قائلا:

- انتهى الأمر، هل أنتن بخير؟

أومأت "كارمن" برأسها بينما تابعت "سما" الدخان الخافت بفم مفتوح، فتقدم إليهم و مد يده ليصافح " كارمن" و هو يقول:

- أسمي "شداد" و أنتم؟

صافحته " كارمن" و قفزت "لميس" و أمسكت بزراعه بيديها الاثنتين و هي تبتسم قائلة:

- أنا "سما" و هي " كارمن"، تبدو رائعا خصوصا زى الفرسان.

أبتسم و تطلع على نفسه و هو يقول باستغراب:

- صحيح من أين جاء كل هذا و السيف أيضا.

و راح يقلب السيف في يده ، فردت عليه "كارمن":

- أنت طيف لست حقيقي.
انتفضت "سما" و قالت بصوت منخفض:

- أنتي صريحة جدا.

نظر لها "شداد" باستغراب، فأكملت:

- لهذا اختفيت قليلا بينما كنت تقاتل الوحش.

قاطعها "شداد" قائلا :

- لكني كنت ذاهبا إلى المدرسة منذ قليل و أنتي جذبتي شعري عندما ذهبت لأرى ما بك لأنك كنت تتصرفين باستغراب و..

قاطعته "سما" و هي تسأل بصوت عال:

- أتقصد أنك لم ترى الوحش حينها؟

فكر "شداد" قيلا ثم قال:

- لا لم أره حينها و لا أنتي أيضا.

نظرت "سما" إلى "كارمن" و تساءلت:

- أذا كيف تراني "لميس" ؟

فكرت "كارمن" قليلا ثم رفعت "الديجي دي" قريبا من وجهها و هي تقول:

- ربما لأنها أمسكت بهذا.

أومأت "سما" برأسها بينما تفحص "شداد" الجهاز و تسأل:

- ما هذا؟

ردت "كارمن" بهدوئها المعتاد:

- أسمه "الديجي دي" ، لقد جذبت شعرة من أنت الحقيقي و وضعتها هنا فظهرت أنت طيف "شداد" الحقيقي مع قدرات ليست عند الحقيقي.

أغلق "شداد" عينيه و جمع أفكاره ثم فتح عينيه مجددا و نظر إلى السيف قائلا بصوت حازم:

- حسنا فهمت، لطالما تمنيت أن أكون محاربا و اعتقد أنها تحققت إلى حد ما .

ثم نظر إلى حيث كان الكائن و أبتسم و بدأ بالاختفاء تدريجيا إلى إن اختفى تماما.

في تلك الإثناء بعيدا عن تلك الأحداث، جلس الدكتور "فؤاد" في مكتبه على مقعد من الجلد الفخم و فتح اللاب توب و تفحص الإخبار و ابتسم باستهزاء و هو يقول:

- لا توجد أي أخبار عن الموضوع بتاتا هل لأن لا أحد يهتم بهم أم لأن الضحايا لأن لا أهل لهم ليسألوا عنهم ؟

ثم نظر بطرف عينيه إلى يمينه إلى مكان ذو إضاءة ضعيفة و هو يقول :

- صحيح؟

ظهر من العتمة شاب يبدو في أوائل العشرينات و يرتدي الأسود فقط و انحي رأسه قليلا هو يقول :

- نعم سيدي.

أبتسم مجددا و فتح درج بمكتبه و أخرج صورة يظهر فيها "كارمن" و" سامي" و هو وامرأة أخرى تمسك بزراعه و تبتسم ، لمس وجهها و ظهرت ابتسامة حزينة على وجه سرعان ما اختفت وهو ينظر إلى "كارمن".

أعاد الصورة مجددا إلى درج المكتب و توقف ليفكر قليلا ثم نظر إلى الشاب و قال بحزم:

- سنحتاج لنراقبها تحسبا لأي شيء ، لأنها قد تخترع "الديجي دي" كما فعلت "كارمن" الأخرى و لا أريد الانتظار حتى تصبح قوية مثل الأخرى .

ثم فكر قليلا و تابع:

- عموما هذا الاحتمال ضعيف لأنها في كلية حقوق هذه المرة و لكن تابعها و أن أحسست بشيء تخلص منها فورا.

أحنى الشاب راسه مجددا قائلا:

- حاضر يا سيدي.

أطلق "الدكتور فؤاد" ضحكة عالية و أضاف:

- صحيح ستكون هذه المرة الثانية لك أذا قتلتها هنا أيضا لكن ستكون أسهل بكثير.

رفع الشاب وجه الخالي من التعبير و قال:

- و هذه المرة سأحرص على أن أحضر لك "الديجي دي" يا سيدي.

الفصل الثاني

دقت ساعة الجامعة العاشرة صباحا بينما أسرعت "كارمن" بالدخول عبر البوابة و هي تنظر إلى الساعة و تتمتم:

- لقد تأخرت .

توقفت فجاءه و راحت تلتفت حولها فوقفت "سما" بجانبها و نظرت لها وهي تسأل:

- ما الأمر؟

أجابت بينما لاتزال تتلفت حولها:

- لا أعرف أين الكلية.

نظرت "سما" حولها و أضافت:

- لما الجامعة كبيرة هكذا؟ أنها ليست كمدرستي، أسالي أحدهم.

بحثت "كارمن" حولها فوجدت شاب يقف قريبا منها فاقتربت منه بسرعة تاركتاً "سما" خلفها فاختفت بدورها و سألته :

- أين كلية حقوق.

ألتفت الشاب أليها و تفحصها قليلا و رد بابتسامة صغيرة على وجهه:

- أتبعيني أنا في طريقي إلى هناك.

أدار ظهره لها و بدأ في السير فتبعته "كارمن" بينما ظلت "سما" داخل الجهاز ، لكن ما لم تعلمه "كارمن" أنها تمشي خلف الزراع الأيمن للدكتور "فؤاد" أو بالأحرى قاتل شبيهتها من البعد الأخر.

سار الاثنين في طرق الجامعة و الطلاب يجلسون في حدائق الجامعة الخلابة بينما آخرون يركضون متأخرين و "كارمن" تتأمل المكان بينما يسير الشاب أمامها دون أن يلتفت لأي من هذا ، و أخيرا وصلوا إلى مبني الكلية الذي كان خاليا من أي أحد نتيجة لبدء المحاضرات ، فأدار الشاب نفسه إلى اتجاهها ، فتوقفت و نظرت إليه فرفع يده مشيرا إلى الحائط قائلا:

- هناك توجد الجداول أبحثي عن مكان محضرتك من هناك.

أومأت برأسها و تركته متجهة إلى حيث أشار، بينما تابعها هو بنظرة حادة و هو يقول بصوت منخفض:

- شخصيتهما واحدة .

تفحصت "كارمن" الجدول بعينيها حتى وجدت أسمها فهزت رأسها و هي تقول:

- حسنا لنبحث الآن عن مكان هذا المدرج.

في تلك اللحظة خرجت "سما" من "الديجي دي" و هي تبدوا متضايقة ثم نظرت حولها وهي تقول:

- لقد ذهب صحيح؟ لا أعلم لماذا أنا لا أرتاح لهذا الشخص خصوصا إني لا أستطيع الوصول لأفكاره.

ابتسمت " كارمن" و قالت بهدوء:

- لا بأس لن نراه مجددا على أي حال.
و لكن ما أن فتحت "كارمن" باب المدرج حتى وجدته يجلس و ينظر لها دون أي تعبير فأسرعت "سما" بالدخول إلى الجهاز و هي تتمتم :

- لا ليس هو.

نظرت "كارمن" إلية ثم إلى المكان الفارغ علي طرف الصف بجانبه و لكن المحاضرة بدأت بالفعل و الأستاذ ينظر لها و لا وقت للتفكير طويلا فالأستاذ ينظر لها و نظرنه تأمرها بالإسراع فدخلت بخطوات سريعة و جلست بجانبه دون أن تنظر إليه بينما هو تابعها بنظره في كل خطوة كالمطارد .

انتهت المحاضرة أخيرا و خرجت "كارمن" من المدرج و أخذت نفس عميق و أمسكت بمعدتها و فكرت:

- لم أكل منذ الصباح .

راحت تتمشي في أنحاء الجامعة باحثة عن مكان للأكل فوجدت كشك عليه الكثير من الطلبة مما يدل على أفضليته فاتجهت إليه و وقفت أمامه تنظر إلى قائمة الطعام الموجودة أمامه و في تلك اللحظة وقف الشاب بجانبها ينظر أيضا إلى القائمة و هو يقول:

- هل بإمكاني أن أقترح؟ نحن زملاء الآن صحيح؟ .

نظرت له "كارمن" بوجه خالي من التعبير و هي تفكر:

- أذا هذا ما أخبرتني به أمي عن الجامعة و الشباب الذين يلعبون بالفتيات.

التفتت إلى الاتجاه الأخر و مشت بعيدا عنه دون أن تنطق بكلمة ، فنظر إلى الأسفل و تتمتم قائلا:

- أخبرت الدكتور إني لا أحب التعامل مع البشر .

و ما أن أنهى عبارته حتى أسرع بأتباعها.

في تلك اللحظة، جلست "كارمن" على مقعد خشبي و بدا عليها التضايق وهي تنظر إلى الطريق التي أتت منه فجأة قاطعها صوت أحدهم من جانبها و هو يقول بصوت عال:

- لا أصدق.

التفتت إلى مصدر الصوت فوجدته "سامي" و السعادة تملأ وجهه، فابتسمت و شعرت بقليل من الارتياح، بينما راقب الشاب الموقف من بعيد و عض على شفتيه و اختفى تاركا خلفه دخان أسود.

ناول "سامي" "كارمن" ساندويتش كان معه بينما راح يشرب عصير ، حدقت "كارمن" في وجهه و ظهر عليها الجد الشديد فتوتر و سألها:

- ما ..الأمر؟

فردت عليه دون أن تغير تعبيرها:

- هل تتلاعب بالفتيات أنت أيضا هنا في الجامعة؟

منع "سامي" نفسه بصعوبة من أن يبصق العصير و نظر لها بدهشة و عينيه متسعتان و قال :

- بالطبع لا ، كيف يخطر هذا على بالك أصلا.

هزت رأسها باستنكار و هي تقول بصوت منخفض:

- حقا؟

اتسعت عيناه أكثر و رد بصوت أعلى:

- طبعا.

ردت عليه بهدوء :

- أذا ما الذي أحضرك هنا ؟

- عندي محاضرة .

- حسنا ، علي الذهاب إلى المحاضرة الأخرى الآن.

و وقفت و رحلت تاركتا خلفها "سامي" و هو لا يزال في صدمة.

انتهت المحاضرة سريعا و همت بالخروج لكن باغتها الشاب ووقف إمامها قائلا:

- أعتذر عما بدر مني ، أنتي حتى لا تعرفي اسمي ، اسمي "شهاب".

تفحصت "كارمن" وجهه وهي تفكر :

" عادة أستطيع فهم الناس بالنظر إلى الهالة حولهم، لكن كما لا تستطيع "سما" قراءة أفكاره لا أستطيع قرأته كما أن هذا الصوت بداخلي يستمر بتحذيري منه".

ساد الجو الهدوء لدقيقة إلى أن قاطع الهدوء صوت عالي يقول:

- لا أصدق ها نحن نتقابل مجددا.

نظر الاثنان إلى مصدر الصوت فلم يكن ألا "سامي" مجددا، أشاح "شهاب" بنظره إلى "كارمن" فوجدها لا تنظر إليه فتراجع بهدوء و هو يضغط على أسنانه من التعصب و اختفى وسط دخان أسود ، نظرت "كارمن" خلفها و رفعت حاجبها بينما ابتسم "سامي" وهو يقول:

- هل انتهت محضراتك؟ اذا كان الأمر كذلك فلنذهب للسكن معا، و لنأكل فشار من عم فشار خارجا.

ظهرت قليلا من الدهشة عليها و هي تقول:

- عم فشار؟

هز كتفه و هو يقول:

- لأني لا أعرف أسمه، هيا لنذهب.

وصل الاثنان خارج الجامعة ، فراح "سامي" يبحث بنظره من حوله بلهفه و لكن سرعان ما تبدد ابتسامته و قال بخيبة أمل:

- عجبا، أين ذهب.

فردت "كارمن" بهدوء :

- ربما عاد إلى منزله.

توقف "سامي" عن البحث و نظر للأرض بحزن و هو يقول:

- لا أعتقد هذا، لقد أخبرني أنه فقد عائلته عندما كان شابا صغيرا بعد أن انفجرت أنبوبة الغاز الخاصة بعربة الفشار في منزلهم بينما أصاب هو بجروح خطيرة، كان حينها والده من كان يبيع الفشار و يحبه الطلبة لأنه يستمع لمشاكلهم و يعطيهم نصائح ، فوقف الطلبة بجانبه حتى عاد للوقوف على قدميه حينها بجان فأصبح يعتبر الطلبة هنا عائلته و لا يعود للمنزل إلا بعد إغلاق الجامعة .

أومأت "كارمن" برأسها بأسى ، ثم قالت:

- ربما لم يشعر أنه بخير و ذهب لمنزله.

هز رأسه معبرا عن عدم اقتناعه وبدأ في المشي اتجاه محطة المترو بينما لازال بفحص المكان حيث أعتاد أن يقف بائع الفشار.

ركب الاثنان المترو ووصلا أخيرا إلى محطتهم فنزلا من العربة ، في تلك اللحظة اهتز "الديجي دي" و خرج "شداد" و بدا عليه الجد الشديد و هو يتفحص المكان ، اتسعت عينا "كارمن" من الدهشة بينما لم يظهر على وجه "سامي" إي تعبير، فهمست لشداد:

- ما الأمر؟

تعاقدت حاجبيه و هو يقول:

- أشم رائحة دماء.

ثم أشار بيده إلى زاوية مظلمة و ركض إليها بينما تبعنه "كارمن" دون أن تنطق بكلمة، حينها أنتبه "سامي" فتبعها و هو يقول:

- ما الأمر ، انتظريني.

دخل "شداد" إلى الزاوية فهمت "كارمن" للدخول خلفه لكن خرج "شداد" مسرعا و وقف أمامها و هو يقول:

- لا تدخلي و أتصلي بالشرطة.

لكن "سامي" لم يتوقف و نظر إلى الداخل ليرى كيس أسود كبير و تخرج منه يد و الدماء تناثر حوله، فوضع يده على فمه و خرج من الزاوية و هو يلهث و نظر إلى "كارمن" بخوف ، فنظرت " كارمن" إلى "شداد" و أخرجت هاتفها و اتصلت بالشرطة.

وصلت الشرطة مع الإسعاف و سرعان ما تحوط المكان بالأشرطة ، وقف ضابط مع "كارمن " يأخذ أقوالها بينما تابع "سامي" رجال الإسعاف و هم يضعون الكيس الأسود في السيارة ، و لكن بينما هم يرفعون الكيس، انقطع جزء من الكيس و استطاع "سامي" أن يرى وجهها ، فاتسعت عيناه و صرخ:

- عم فشااار.

التفت له احد الضباط و سأله:

- هل تعرف الضحية.

أومأ "سامي" رأسه ببطء و قال بصوت مرتعش:

- أنه بائع فشار يقف أمام الجامعة.

أضاف الشرطي:

- أذا هل تعلم شيء عن عائلته أقصد احد يمكن الاتصال به؟

هز "سامي" رأسه وهو يقول:

- لا أحد له، لقد فقدهم جميعا.

أومأ الشرطي رأسه و كتب شيئا في دفتره وهو يهمس:

- مجددا، ضحية لا عائلة لها، أتسأل أن كانت سرقة أعضاء مجددا.

نظر "سامي" إليه و عقد حاجبيه ثم أشاح نظره إلى الأسفل و راح يفكر لكن قاطعته "كارمن" وهي تقول:

-هيا، لقد سمحوا لنا بالذهاب.

حاول "سامي " الابتسام و هو يقول:

- نعم هيا بنا.

في هذه الإثناء عاد" شهاب" إلى الدكتور" فؤاد" حاملا معه الخنجر ذو الشاشة الإلكترونية، انحنى انحناءة بسيطة و ناوله الخنجر، ووقف بعيدا.
نظر "د.فؤاد" إلى شاشته و ضغط عليها ، فظهر له صورة بائع الفشار و بجانبها معلومات ، قراءها بتمعن و أومأ رأسه ثم نظر إلى شهاب و أبتسم قائلا:

- ليس سيئا، انه يحمل الكثير من الطاقة السلبية، ربما تعرض لمأساة ما، لكنه من مستوى منخفض.

نظر "شهاب" إلى الأرض و قال بصوت منخفض:

- أعتذر، لكنى فقط كنت أنفذ عن نفسي.

ضحك "د. فؤاد" بينما كان يضع الخنجر في صندوق خشبي مزخرف بالذهب، ثم توقف و فكر قليلا و التفت إليه و سأله:

- ماذا عن "كارمن"؟

نظر إليه "شهاب" ثم عاد للنظر إلى و قال:

- لم تظهر إيه دلالات على امتلاكها لجهاز " الديجي دي" لكني اقترح أن نحفزها قليلا كنوع من الاختبار.
أومأ الدكتور يرأسه و قال:

- موافق، هل عندك اقتراح؟

أشاح بنظره إلى مكان الخنجر قائلا:

- الطاقة السلبية التي أمسكتها الآن يسهل التحكم فيها.

نظر الدكتور إلى الصندوق بدوره و ابتسم.


الفصل الثالث

اتسعت عيني "لميس" في دهشة و هي تصرخ:

- ماذا رأيتي؟.

نظرت "كارمن" إلى الأرض و قد بدا عليها قليلا من الشرود، فتنهدت " لميس" و تراجعت للخلف قليلا و نظرت إلى "سما" التي نظرت إليها بدورها و همست "سما":

- ماذا سنفعل.

أمسكت " لميس" يديهما و جذبتهما وهي تقول:

- لنخرج و نتمشى قليلا.

فتحت الباب فوجدت " سامي" و قد رفع يده استعدادا للطرق على الباب ، فنظر ثلاثتهم إليه، فارتبك قليلا و هو يقول:

- كنت.. أريد الاطمئنان على "كارمن".

ردت عليه "كارمن" :

- أنا بخير ، لكن تلك الجرائم تغضبني و تجعلني أصر أكثر على دراستي لأسرع و أقدم المجرين للحكم العادل.

نظرت لها "لميس" بدهشة و هي تقول:

- لم أرها غاضبة هكذا من قبل.

ابتسم "سامي" و قال:

- سيكون هذا أمراً رائعا، لكن إلى أين تذهبون؟

ردت عليه "لميس" :

- سنتمشى قليلاً

رد "سامي" بلهفة:

-سآتي معكم.

همست "كارمن" :

- بتاع بنات.

رد عليها يتذمر:

- لست كذلك ، لا يمكن أن أترككم تتمشون في الليل و حدكم.

في وسط هدوء الحي و ظلام الليل ، الصوت الوحيد الذي يمكن سماعه هو خطواتهم، سرت قشعريرة في جسد "سما" و قالت بصوت مرتعش:

- الجو هادئ جداً، علمت لماذا أصر "سامي" على المجيء معنا.
أومأت "لميس" برأسها ثم مالت على "كارمن" و همست:

- هل لاحظتي أنه كان يحدثنا بصيغة الجمع و ليس المثنى ، هل تعقدين أنه يرى "سما"؟

فكرت "كارمن" قليلا و أجابت :

- ربما.

توقف "سامي" فجأة و نظر إليهما ، فقفزتا في مكانهما و نظرا إليه ، عقد حاجبيه و اتجه إليهم و قال بصوت حازم:

- لنبتعد من هنا.

ما أن انتهى من كلامه حتى ظهر من خلفه شخص من وسط الظلام، يمسك بسيف طويل و يرتدي زى جنرال حرب، يخطو ببطء اتجاههم و عيناه ثابتة على "كارمن".

أمسكت "لميس" بيدي "كارمن" و "سما" و هي تقول:

- عيناه لا تبشر بخير، لنذهب من هنا.

التفت الجميع استعدادا للركض لكن كان هو أسرع منهما ، و في أقل من ثانية أخرج سيفه من غمده وظهر أمام " كارمن" رافعاً إياه، دفعها "سامي" فهوى السيف على الأرض محدثاً شرارة أنارت المكان من حولها.

أضاق " سامي" عينيه و هو ينظر إلى وجه الجنرال و قال بصوت منخفض:

- مستحيل.

صرخت " لميس" فيه:

- ماذا تريد؟

قالت "سما":

- لقد قرأت أفكاره، كلها تدور حول القضاء على "كارمن".

ألتفت الجنرال اتجاههم و بدأ بالتحرك مجدداً ووجه خال من أي تعبير، فقفز "سامي" على ظهر، فأمسكه الجنرال من ذراعه و ألقاه على الأرض ، فأرتطم ظهره بشدة ، تأوه من شدة الألم و ما أن فتح عينيه وجد سيف يهوي عليه فوضع يده أمام وجهه بتلقائية، لكنه سمع صوت ارتطام معدن، ففتح عينيه ببطء ووجد فارس أمامه يصد سيف الجنرال.

قال "سامي" بصوت مضطرب:

- من هذا؟

ركضت الفتيات اتجاهه و سحبنه بعيداً عن القتال، ثم سألته "كارمن":

- هل أنت بخير.

وقف ببطء و أومأ برأسه بينما عيناه مثبتتا على "شداد" و الجنرال و دقق مجددا في وجه الجنرال ثم نظر إلى "كارمن" و قال صوت عال:
- أنه عم فشار.

عقدت حابيها و هي تقول:

- ماذا ؟ الم يمت؟

قاطعتهما "لميس" و هي تقول:

- لنذهب من هنا بسرعة

ردت عليها "كارمن" :

- اذهبوا انتم بسرعة.

أمسكت "لميس" بيدها و جذبتها و هي تقول:

- ماذا تقولين هيا بنا.

نزعت "كارمن" يدها و هي تقول:

- أذا ابتعدت عن "شداد" الآن فسوف يختفي لأنه طيف متصل لجهاز الديجي دي ...

قاطعتهم صرخة "سما" ، فنظر ثلاثتهم إليها ، فأشارت إلى "شداد" فأشاح الجميع بنظرهم إليه بدورهم ، ليجدوا سيف الجنرال قد أخترق كتف "شداد"، و الأخير على ركبتيه على الأرض، ثم سحب الجنرال السيف بعنف و بدأ يخرج من مكانه دخان أزرق يضئ، رفع السيف عاليا ليسدد له ضربة قاضية لكن "شداد" صدها بسيفه رغم الألم فركله الجنرال في بطنه ففقد توازنه و سقط على ظهره ، هوى الجنرال سيفه عموديا عليه لكن "شداد" تفاداه فغرس السيف في الأرض.

قفزت "لميس" في مكانها و قالت بصوت مضطرب:

- علينا فعل شيء .

ثم نظرت إلى الجهاز في يد "كارمن" و قالت في نفسها:

- لن أخسر شيء.

ثم أخذت شعرة رأسها و مدت يدها لتضعها في الجهاز لكن في لحظات صدتها يد "سامي" فنظرت له بتعجب فحرك رأسه حركة النفي قائلاً:

- لا تتهوري.

ثم وضع شعر من يده في شاشة الجهاز.

عقدت" لميس" حاجبيها و قالت:

- أنت كيف ....

قاطعها ضوء مبهر خرج من الجهاز درع فضية مزخرفة برموز قديمة ، التقطها "سامي" و ركض اتجاه "شداد" و قذفها إليه ، أمسكها و صد بها ضربة شديدة من سيف الجنرال ثم بسيفه ضرب جنب الجنرال ففادى الضربة لكنه أصيب بخدش راح يطلع من دخان أسود بنفسجي اللون فنظر إلى جرحه و بدا عليه الغضب.

نظر "شداد" إلى الدرع بإعجاب شديد ثم قال ل"سامي" و هو يلوح به:

- شكرا لك.
ابتسم "سامي" لكن "كارمن" و "لميس" ظهرا من خلفه و عليهم نظرات الشك ، التفت إليهما "سامي" فأنتفض من مكانه من شدة نظراتهما و قال :

- حسناً .. الأمر هو ..

قاطعه صوت ارتطام معادن شديد ، فلقد كان الجنرال يوجه ضربات شديدة إلى "شداد" بينما هو يصدها بالدرع و قد بدأت قدماه تهزان من شدة عنف الضربات و أخيرا ركله الجنرال مجددا ، فطار "شداد" و سقط و الدرع بجانبه ، لكن هذه المرة التفت الجنرال إلى "كارمن" و الآخرين و في أقل من ثانية اختفى و ظهر أمامهم و رفع سيفه أمامهم، تجمد الجميع في مكانه و لكن "سامي" وقف أمامهم و فتح يديه بينما يقول بصوت حازم:

- الدرع.

فجأة أنارت الدرع بجانب "شداد" و تحولت إلى شعاع ضوء طار إلى حيث يقف "سامي" وغلف الجميع بجدار شفاف يلمع باللون الفضي، نظر الجميع حولهم بدهشة ثم نظروا إلى "سامي" الذي لم يبعد نظره عن الجنرال، لم يهتم الأخير بالأمر و أكمل ضربته فارتطم السيف بالحاجز فلم ينكسر مما زاد من غضب الجنرال و أعاد الكره لكن لم ينكسر فبدأ يزيد من مستوى ضرباته.

نظرت "كارمن" إلى وجه "سامى" فوجدت عليه تعبير الألم واضحا و قد بدأ يضغط على أسنانه ثم بدأت تظهر فجأة خدوش على ذراعه .

فوجئت "كارمن" بالأمر و قالت في نفسها:

- يبدو أن جسده متصل بالدرع و تلك الضربات تؤذي جسده.

في تلك اللحظة ، صرخ "شداد" من خلف الجنرال :

أنت! انظر هنا.

توقف الجنرال و التفت إليه لكن "شداد" باغته بركله جعلته يرتطم في الجدار ثم طعنه بسيفه، فتحول الجنرال إلى دخان أسود بنفسجي كثيف اختفى بهدوء، تمعن "سامي" في الدخان و تهيأ له أنه قد رأى عم فشار، فهز رأسه بشدة ثم نظر مجدد فلم يجد شيئاً.

ابتسم شداد و قال:

- ههه ليس من شيم الفرسان ضرب الظهر.

ثم أمسك بذراعه و قال هذا مؤلم، على التدرب أكثر.

ثم اختفى و عاد إلى الجهاز.

توجهت أنظار الجميع إلى "سامي" الذي لم يجد ما يفعله سوى الابتسام.



الفصل الرابع

ضحك "د.فؤاد" ضحكة هستيرية بينما وقف "شهاب" ينظر إليه دون أي تعبير على وجه ، ثم ضرب الحائط و قد تحول وجه إلى الغضب و قال و هو يضغط على أسنانه:

- مضيت سنين أبحث عن مكان "الديجي دي ان أيه" ، و في النهاية يسقط في يدها بتلك السهولة.

ثم نفخ الهواء من فمه حتى يهد أ و قال:

- هل أنت متأكد أنها قد وجدته منذ فترة قصيرة.

رد عليه قائلا:

- نعم ، استطعت أن أرى قائمة الأطياف عندما كانت تستدعي فارسها، لم يكن هناك سوى أسم طيفين فيها.

ثم صمت قليلاً و أضاف :

- أمر أخر، "سامي" كان هناك.

تفاجأ "د. فؤاد" للحظة ثم قال بصوت منخفض:

- حتى في هذا البعد تقابلا معاً ؟ يا لها من سخرية

فكر "شهاب" قليلاً ثم قال:

- هل أتخلص منها ثم أحضر الجهاز لك، سيدي؟

تفحص "د.فؤاد" درج مكتبه و أخرج الصورة التي تجمعه مع " سامي" و امرأة أخرى و راح يتأمل فيها.

نعود مجددا إلى الآخرين وقد عادوا مجددا إلى الفيلا و جلسوا حول طاولة السفرة في صالون كبير في الدور الأرضي وسط جو من التساؤلات و الشكوك.

كسرت "سما" الصمت و قالت محاولتاً تخفيف الجو:

- لتبدأ المحاكمة.

نظرت "لميس" إلى عيني "سامي" مباشرة وقالت :

- كيف عرفت طريقة تشغيل "الديجي دي" و لماذا منعتني من استخدامه؟

نظر "سامي" إلى "كارمن" التي كانت تركز نظارتها عليه أيضاً ثم تنهد و قال:

- لا أعرف.

قامت "لميس" من مقعدها و قربت وجهها منه أكثر و قالت في نبرة تهديد:

- هذا ليس ما أريد أن أسمعه، لا يزال لدي الكثير من الاختراعات أريد تجربتها و لن يعجبك الأمر صدقني .

تراجع "سامي" و الزق ظهره بالكرسي من قولها و قال:

- لا شكرا لا أريدك أن تجربيها.

جلست "لميس" مجددا بينما تنهد "سامي" وأكمل:

- حقاً لا أعرف، منذ ستة سنوات ، قبل حادثة هذا المكان بدأت اشعر كان أحداً ما بداخلي يحدثني ، لكن ما يحيرني أنه صوتي.

صمت "سامي" ليتفحص وجوههم و قد علت عليها نظرات التعجب ألا "كارمن" التي حافظت على برودها و قالت في هدوء:

- أليس هذا صوت تفكيرك؟

انتفض "سامي" في مكانه و قال بصوت عال مدافعاً عن نفسه:

-لا ليس صحيحاً، لو كان صوت تفكيري كان سيقول أشياء أعرفها و ليست أشياء غريبة .

هزت الفتيات رؤؤسهم موافقين على ما قاله ، ثم سألته "سما" :

- أشياء مثل ماذا؟

نظر "سامي" إلى الأعلى و فكر قليلا ثم قال:

- لنبدأ بجهاز الديجي دي ، عندما رأيته أول مرة خطر في بالي أنه يستدعي أطياف رقمية عن طريق قراءة الذاكرة المخزنة في الحمض النووي الخاص بالبشر و أن تلك الأطياف تحمل ذكريات صاحبها و تمتلك قدرات تختلف في نوعها و قوتها من شخص إلى أخر.

قاطعته "كارمن" بسؤالها:

- أذا لماذا طيفك كان عبارة عن درع و ليس شخص مثل "شداد" و "سما" ؟

رفع "سامي" حاجبه بتعجب و قال:

- "سما" طيف؟؟، كنت أعتقد أنها قريبة إحداكن؟

ضحكت "سما" و أشارت إلى نفسها و قالت:

- نعم و استطيع قراءة الأفكار أيضاً.

سألتها "لميس":

- أذا قولي لنا فيما يفكر الآن.

ابتسمت وقالت ببراءة:

- كل ما فكر فيه قاله.

هزت "كارمن" رأسها و قالت:

- حسنا، هلا أجبت عن سؤالي؟.

أستجمع "سامي" أفكاره و قال:

- حين همت "لميس" لتضع شعرتها على الجهاز، اخبرني ذلك الصوت بأن أمنعها ثم أخبرني لاحقاً ، أنه ليس شرطا أن يكون الطيف بهيئة بشر كما أعتقد البعض منا و لكن قد يكون أسلحة أخرى مثل الدرع الخاصة بي و التي تؤذي صاحب الطيف الحقيقي.

أخرجت سما الجهاز من جيبها و تأملته و هي تقول:

- كان من الممكن أن أؤذي "شداد" الحقيقي.

أومأ "سامي" برأسه موافقاً على ما قالته ثم تابعت "كارمن" وهي تشير إلى الجهاز:

- هل تعلم شيئاً عنه.

، اتجهت جميع الأنظار إليه في فضول بينما فكر "سامي" قليلا و قال:

- تم صنعه في بعد أخر يشبه إلى حد ما هذا البعد على يد مجموعة من العلماء .

صمت "سامي" للحظة و ظهرت عليه علامات الدهشة و قال بصوت عال:

- حقا؟؟؟

عقدت "لميس" حاجبيها و قالت بنبرة غاضبة:

- ما هو الحقاً ؟ لا تحدث نفسك و نحن هنا.

ضحكت "سما" على تعليقها بينما لم ترفع "كارمن" عينها من عليه محاولة فهمه.

هز "سامي" رأسه و تابع:

- أسف، صاحب الصوت هو واحد من مخترعي الجهاز.

ظهر على الجميع علامات الدهشة حتى "كارمن" اتسعت عيناها قليلاً بينما صرخت "لميس":

- حقا؟؟؟؟

ضحكت "سما" مجددا أومأ "سامي" برأسه و تابع:

- نعم، بعد أن عرف مجموعة العلماء هذه مخاطر قوة الجهاز قرروا تدميره حتى لا يقع في الأيدي الخطأ و لكن في نفس اليوم أحد ما عرف بأمر الجهاز و أرسل عليهم أحداً كأنه قاتل مأجور ثم ...

ظهرت عليه تعبير الحزن و أكمل:

- بينما كان صاحب الصوت يعمل في معمله على طريقة لتدميره ظهر هذا الشخص من خلفه و طعنه في ظهره ثم لم يدري صاحب الصوت ما حدث بعد ذلك.

نظرت علامات الأسى عليهم بينما غمغمت "سما":

- مسكين.

مرت لحظات من الهدوء و الصمت ، إلى أن قطعتها "لميس" التي قامت من مكانها و قالت بغضب محاولةً أخفاء مشاعرها:

- ما كل هذا ؟ لهذا لا أحب التعامل مع البشر ، الآلات أكثر راحة، سأذهب إلى غرفتي .

و مشت في خطوات سريعة و صعدت السلالم بخطوات مسموعة ، و تابعها الجميع بنظراتهم إلى أن اختفت ، فألتفت "سامي" إلي "كارمن" و قال بصوت جاد:

- كوني حذرة ، فلدى شعور بأن من سعى خلف الجهاز في البعد الأخر يسعى خلفه الآن أيضاً.

أومأت "كارمن" برأسها و قالت في هدوء:

- هل تعلم لماذا الجهاز يلتصق بي دائماً أو لماذا اختارني؟

تردد "سامي" قليلا في الإجابة ثم قال:

- كانت رئيسة فريق العلماء في البعد الأخر تشبهك تماماً، غالباً نسختك من هناك ، وهي من ساهمت أكثر من أي شخص في اختراعه ، و لكني لا أعلم ما حدث لها ، فقد كانت بخير إلى أن تم طعن صاحب الصوت.

عقدت "كارمن" حاجبيها ثم قالت:

- هكذا أذا، شكرا.

ابتسم "سامي" و قال في استنكار:

- هذا أكثر تعبير عندك؟

نظرت له ببرود ثم قامت بدورها من مكانها و هي تقول:

- سأذهب للنوم الآن.

ثم التفتت إلى "سما" و هي تقول :

- هل ستأتي؟

ابتسمت "سما" كعادتها و أجابت:

- لا سأبقى هنا قليلاً.

تركتها "كارمن" و ذهبت إلى غرفتها بينما نظر "سامي" لسما باستعجاب و سألها:

- لماذا لم تختفي عندما ابتعدت عنك "كارمن"؟

هزت "سما" كتفها و قالت:

- لا أعلم.

ثم تثاءبت وهي تقول:

أريد أن أنام أيضاً و لكني لازلت خائفة قليلا.

اتسعت عيني "سامي" و هو يقول:

- هل تنامين أيضا؟

أومأت "سما" برأسها و أضافت:

- وأشعر بالبرد أو الحر و الألم و أكل و أشرب أيضاً.

فكر "سامي" و قال في نفسه:
- أنها ليست طيف عادي.

فجأة رن جرس الباب ، فترك "سامي" أفكاره و أتجه إلى الباب و فتحه ثم ارتسمت على وجهه السعادة و في الناحية الأخرى وقف الدكتور "فؤاد" و قد أبتسم بدوره أيضاً.


الفصل الخامس

دخل "د.فؤاد" البيت بعد ترحيب شديد من أخيه الذي لا يعلم شيئاً عن أهدافه الخبيثة ، رغم أن من داخله كان دائماً يشعر بشيء مريب و لكنه سرعان ما تتلاشى الشكوك بحديث أخيه المعسول.

وصلوا أخيراً إلى الصالون حيث تجلس "سما" و ما أن وقعت عيني "د.فؤاد" عليها حتى سرت قي جسده قشعريرة ، تأمل وجهها لبرهة فالتفتت إليه لكنه أشاح بوجه بعيداً متفادياً النظر في عينيها و فكر في نفسه:

- كيف هذا؟ أليست تلك "سما الهلال" ابنة ذلك المحامي المزعج و لكن لما هي صغيرة هكذا.

في تلك اللحظة نظر "سامي" إليه ثم إلى "سما" و تسأل :

- هل يستطيع رؤيتها.

لكن "د. فؤاد" أستجمع نفسه و أبتسم و هو يقول:

- أعتقد أني نسيت ساعتي عندما أتيت المرة السابقة ، هل من الممكن أن تحضرها لي من الأعلى.

ابتسم "سامي" و انطلق ليحضرها له بينما جلس هو على أحد مقاعد الصالون و هو لا يزال يتظاهر بأنه لا يراها و راح يفكر:

- بما أن "سامي" لم يعرفني عليها ، هذا يعني أنها طيف و هو يعتقد إني لا أراها.

سألته "سما" له فجأة ببراءة:

- لماذا تتظاهر أنك لا تراني ؟ هل أنت خائف؟

رمشت عينيه كحركة عصبية و نظر لها بحدة و هو يقول:

- كيف عرفتي؟

تراجعت "سما" قليلاً و قالت :

- لقد قلت للتو في أفكارك أني طيف.

عقد حاجبيه و فكر في نفسه:

- لقد فكرت في والدها هل ..

قبل أن يكمل تفكيره تدارك أنها قرأت ما فكر فيه للتو ، و فعلاً ظهر عليها علامات الاضطراب و هي تقول:

- هل تعلم والدي؟

ثم اتسعت عيناها وبدت كأنها قرأت شيئا أخر ثم قالت:

- ماذا فعلت به؟

تعصب "د.فؤاد" و قال بصوت حاد:

- "شهاب"

ظهر من خلفه دخان أسود و من وسطه خرج "شهاب" و هو يقول:
- أمرك سيدي

قال "د.فؤاد" بصوت حازم و هو يشير إلى "سما" :

خذها.

انطلق "شهاب" اتجاهها و في سرعة البرق و قبل أن تنطق بكلمة كان قد أمسك بها و أختفي وسط الدخان الأسود.

بعد هذا ، سند "د. فؤاد" ظهره على ظهر مقعد الكرسي الذي يجلس عليه و قال في نفسه:

- على أن أعلم ما حدث و هل تعلم تلك الفتاة شيئاً عما حدث منذ خمس سنوات.

عاد "سامي" وقد بدت عليه الحيرة و هو يقول:

- لقد بحثت في كل مكان و لكن لم أجدها.

أبتسم "د.فؤاد" و قال و هو يقوم من على مقعده:

- يبدو أني لم أتركها هنا أتسأل أين وضعتها؟

ثم أتجه إلى باب الخروج و قال:

- أراك لاحقاً

ثم فتح الباب و خرج بينما وقف "سامي" قي مكانه و قال:

- لما هو مستعجل؟

ثم هز كتفيه غير مبالي ثم نظر حوله وهو يتساءل:

- أين ذهبت "سما"؟ ربما ذهبت إلى "كارمن".

في صباح اليوم التالي، نزلت "كارمن" السلالم و هي تركض و راحت تقول بصوت منخفض:

- لقد تأخرت على الجامعة

فتحت باب الفيلا بسرعة و انطلقت دون أن تنتبه على عدم وجود "سما" وشقت طريقها إلى المترو حتى وصلت إلى المحطة حيث التقت "شداد" أول مرة و وقفت في انتظار المترو.

هنا فقط أمسكت بالجهاز و هي تسأل:

- لماذا لم تخرج "سما"؟

لكن لم يكن أسمها موجود هناك ، أنتفض قلبها في مكانه و نظرت حولها لكن دون أثر لها ، فركضت إلى باب الخروج و العديد من الأفكار تتوالى إليها ، ماذا يمكن أن يحث لها لقد كانت معها ليلة أمس ، هل يمكن أن تكون اختفت فقط بهذه البساطة.

أخذت نفساً عميقاً و استعادت هدوئها و هي تقول لنفسها:

- لا تفزعي هذا لن يفيد و لنفكر في حل.

نظرت حولها و هي تفكر ، و وقعت عيناها على كلب فرفعت حاجبها و همست:

- لم لا؟

أخرجت ساندويتش من حقيبتها و مشت اتجاهه ببطء هي تصدر أصوات من فمها منادية عليه، فأنتبه إليها الكلب و هز ذيله بشدة و اقترب منها و أخد الساندويتش ، فباغتته و شدت شعرة منه و لكن الكلب نظر إليها دون اهتمام و تابع طعامه.

أغلقت أحدى عينيها و هي تضعها على الديجي دي و ما أن لمست الشعرة الشاشة حتى أضاء بشدة وخرج منه طيف على هيئة كلب أزرق يضئ بضوء أبيض خافت و حجمه كبير مثل الحصان و شعر ذيله طويل يبدو كأنه يطير في الهواء.

تأملته "كارمن" بانبهار ثم اقتربت منه و هي تمد يدها اليمنى إليه ، شمها الكلب قليلاً ثم لعقها ، فابتسمت "كارمن" و قالت:

- لا أعلم أن كنت تفهمني و لكنى أبحث عن طيف.

ثم مدت ذراعها الشمال و أكملت:

- ليلة أمس كانت خائفة من الجنرال و أمسكت بي من ملابسي هنا.

شمها الكلب ثم رفع أنفه في الهواء و راح يشمه قليلاً ثم نبح و نزل بجسده أمامها و نبح لها مجدداً ، فقفزت و ركبته مثل الحصان و تمسكت برقبته و هي تقول:

- هل هذا يعني أنك قد وجدتها؟

نبح مجدداً ثم قام و ركض بسرعة رهيبة ، و أنطلق في شوارع المدينة و هو يقفز بخفة متفادياً الناس و باقي الأشياء، نظرت "كارمن" حولها لترى ردة فعل الناس لكن يبدو أن لا أحد يراها ، فتنفست الصعداء .

في هذه الأثناء و عند فيلا "د.فؤاد" الفخمة وقف هو و "شهاب" أمام " سما" التي أجلسوها على كرسي دون أن يقيدوها و لكنها كانت فاقدة للوعي.

قال "د.فؤاد" و هو يتأملها:

- هل ستبقى فاقدة للوعي هكذا؟

قال "شهاب":

- لما لا نتخلص منها ؟

رد عليه بعصبية:

- أريد أن أعرف مكان والدتها.

لكن في الحقيقة "سما" بكامل وعيها و لكنها فقط تتظاهر بالإغماء لتكسب بعض الوقت و تذكرت موقف كانت فيه "كارمن" تذاكر و هي تلعب حولها فقالت لها "كارمن" :

- هل تعلمين ماذا على ضحية الخطف أن تفعل؟
هزت "سما" رأسها بالنفي فأكملت "كارمن" :

- أن تتظاهر بالإغماء .

فسألتها "سما" :

- و لم لا تصرخ؟ ليأتي الناس إليها؟

فردت عليها:

- لأن الخاطف غالبا ما يستمتع باستنجاد ضحيته و صريخها و قد يؤذيها أكثر ليسمع المزيد.

انتهت "سما" من استرجاع الموقف و هي تأمل أن يتركوها و يرحلوا و لكن "شهاب" أقترب منها و تفحص وجهها ، فلاحظ تحرك بؤبؤ العين ، فأبتسم بخبث و خرج من الغرفة ثم عاد و أزاح رقبتها و وضع شيئاً في قفاها.

قفزت "سما" من مكانها و هي تصرخ:

- بارد.

و بسرعة أخرجت قطعة ثلج كبيرة من تحت ملابسها و ألقتها على الأرض، و لكن سرعان ما أن انتبهت على أنها قد كشفت نفسها.

ضحك "د.فؤاد" و قال لشهاب:

- غطي عينيها ، فأنا لا اعتقد أنها ستقرأ أفكاري أن فعلنا هذا.

تراجعت "سما" للخلف وقالت و هي تنظر لشهاب:

- أنت ذلك الشاب الذي التقينا به في الجامعة و ...

قبل أن تكمل كلامها كان قد ربط قطعة قماش حول عينيها وهمس لها:

- لا تحاولي فعل إي شيء ، لأني لن أضمن سلامتك

ثم تراجع جانبا مفسحاً الطريق للدكتور "فؤاد" ، الذي تفحصها قليلاً قبل أن يقول:

- أين والدتك.

أجابت بصوت مرتعش:

- لا أعلم.

عقد حاجبيه و سألها بصوت صارم:

- كيف لا تعلمين، ألم تكن هي من استدعاكي؟

هزت رأسها بالنفي و قالت:

- كل ما أتذكره هو أمي لي انه شخص شرير أتى إلى بيتنا و تشاجر مع أبي ثم أخذتني أمي إلى غرفة أخرى و هي تمسك بالديجي دي ثم سدت إذني بيدها و بعد قليل دخل هذا الرجل ثم... لا أعلم ما حدث بعد هذا.

أقترب منها "د. فؤاد" و سألها :

- هل تتذكرين وجه ذلك الرجل.

أجابته "سما" :

- لا لم أره ، كنت مع أمي طوال الوقت.

أقترب "شهاب" من "د. فؤاد" و قال بصوت منخفض:

- يبدو أن لا نفع منها.

فكر "د.فؤاد" قليلاً ثم قال:

- تخلص منها ، سينفعنا هذا أيضاً في زيادة مستوى الطاقة السلبية عند "كارمن".

استغربت "سما" من جملته الأخيرة و لكنها فطنت أن "شهاب" يتجه إليها بينما ، فأزاحت قطعة القماش عن عينيها فوجدت "شهاب" مصوب مسدس أتجاهها.

الفصل السادس

وصلت "كارمن" إلى فيلا الدكتور فؤاد أخيراً و فحصت المكان بعينيها فوجدت عدد كبير من الأمن و كاميرات المراقبة و العديد من معدات الأمن الأخرى ، ففكرت في نفسها:

- هل هذا منزل وزير الداخلية أم ماذا؟

ثم همست للكلب:

- هيا لندخل فلا أعتقد أن يمكنهم رؤيتنا يا...

وقفت و فكرت قليلا ثم أخرجت الديجي دي و نظرت إلى قائمة الأسماء و أكملت:

- برق

ركض "برق" بسرعة هائلة ثم قفز من فوق البوابة دون أن يشعر الأمن بشيء سوى نسمة هواء مرت من خلالهم ، وتابع الركض عبر الحديقة إلى أن وقفوا إمام باب الفيلا .

تأملت "كارمن" الباب المصنوع من الخشب الفاخر قبل أن تفكر:

- كيف سندخل؟

ثم وقعت عيناها على جرس الباب ، ففكرت قليلاً و جعلت"برق" يقترب منه ثم ضغطت عليه ، فرن الجرس في أنحاء المكان و بعد فترة وجيزة من الزمن فتحت أحد العاملات الباب ، فانطلق "برق" إلى الداخل بسرعة رهيبة.

و أخيرا و صلا أمام باب الغرفة حيت تحتجز "سما" ، فالتفت "كارمن" حولها و تأكدت أن لا يوجد أحد ثم نزلت من فوق "برق" و أمسكت بمقبض الباب و فتحته ببطء ودخلت بهدوء و لكن أمام عينيها كانت "سما" ممدة على الأرض و في صدرها جرح رصاصة يخرج منه دخان أزرق مضيء.

شهقت "كارمن" و أسرعت إليها وبدأت تهز فيها و لكنها لم تفق ، فبدأت يدها بالارتعاش رغم محاولتها للحفاظ على هدوئها ، ثم أخرجت الديجي دي و قربته منها و لكنها لم تعود إليه فحملتها و ركضت إلى "برق" و ضعتها عليه ثم ركبت خلفها و أمسكت بها و هي تقول بصوت مرتعش:

- لنسرع من هنا .

في هذه اللحظة امتلأت الغرفة بكائنات سوداء مثل الذي قابلته في المترو من قبل و قد أحاطوا بهم ، فتراجع "برق" للخلف قليلا ًثم راح يزمجر فيهم ، و لكنهم بدأو يتمسكون به من أقدامه حتى أصبح غير قادر على الحركة و بعضهم بدأ بمحاولة أمساك "كارمن" و "سما" .

ركلتهم "كارمن" برجلها و هي تضغط على أسم "شداد" في الديجي دي ، فخرج في وسط هذه الأطياف ثم التفت حوله و هو يقول:

- ما كل هذا؟

ردت عليه "كارمن" :

- حاول أن تفتح لنا طريق

أومأ برأسه و ضرب بسيفه الكائنات التي تحيط بهم فتحرر "برق" منهم أخيراً و بدأ بالركض و تبعه "شداد" و هو يضرب يميناً و يساراً حتى سبقه ليفتح له الطريق.

و لكن مع كل خطوة ازدادت أعداد تلك الكائنات حتى سدوا الطريق أمامهم تماما و كلما أنهى "شداد" على بعضهم ظهر المزيد منهم.

التفتت " كارمن" حولها باحثة عن مخرج منهم و لكن أحدهم سحبها من قدمها و أسقطها بعنف على الأرض و هو ليزال ممسكاً بها فركلته بقدمها الأخرى و أسرعت بالوقوف و في تلك اللحظة انطلقت صفارة الأنذار في كل أنحاء المنزل، فحين سقطت من على " برق" أصبحت مرئية فاستطاعت كاميرات المراقبة التقاطها.

انتبهت "كارمن" إلى الكاميرا و همت للركوب مجدداً على برق و لكنها لاحظت أن الكائنات التفت أكثر حولها ، فقالت لنفسها:

- يبدو أن الكائنات تهتم بي أنا و لا تبقي بالاً لسما.

ثم نظرت إلى "سما" فوجدتها قد بدأت تصبح شفافة قليلاً، فاتسعت عينيها و قالت:

- "برق" أسرع أنت و سآتي خلفك لكن لا تبتعد كثيراً حتى لا تختفي.

فنظر لها "شداد" باستغراب بينما لا يزال يلوح بسيفه ، قالت له "كارمن":

- سنركض نحن خلف "برق" على أمل أن تنجذب لي تلك الكائنات و يصبح الطريق مفتوح له ، فأنا أخاف أن تؤذي "سما" و هي تحاول الإمساك بي من على "برق".

أبتسم "شداد" و قال:

- لا تقلقي سأحميك بسيفي.

ابتسمت "كارمن" و هي تحاول أخفاء قلقها و قالت لنفسها:

- فلنأمل أن لا يأتي الحراس سريعاً.

أنطلق "برق" حاملاً "سما" و خلفه "كارمن" و "شداد" و فعلاً لم تلقي الكائنات السوداء أي اهتمام ببرق و لكن زاد تركيزها على الإمساك "بكارمن" فبطئت حركتهم .

فجأة و من وسط زحام الكائنات أمسكت يد بمعصم "كارمن" فالتفتت لتضرب من يمسكها لكنها فوجئت بأنه ليس أحد تلك الكائنات بل رجل يرتدي بذلة سوداء و يضع سماعات على أذنه يبدوا كأحد حراس المنزل.

جذبها بشدة و هو يقول:

- ماذا تفعلين هنا .

نظرت له دون أن تنطق بكلمة و الكائنات السوداء تحوم حوله و تخترقه دون أن يهتم ، فأيقنت أنه لا يراهم ، و لكنهم بداو بالإمساك بقدمها ، وراحت تفقد توازنها.

أطاح "شداد" بالكائنات من حوله و أنطلق ليخلصها من الحارس و لكن "كارمن" أشارت له بالوقوف و هي تقول:

- أهتم "بسما" .

قال الحارس بصوت حازم :

- ما الذي تقولينه؟

التفتت له "كارمن" بدون أي تعبير في وجهها ، فأنتفض الحارس في مكانه ، ثم بسرعة بيدها الأخرى أمسكت بشعره فترك يدها التي كان ممسكاً بها ليخلص نفسه ، فأسرعت بإخراج الديجي دي و قبل أن يتمكن الحارس من الإمساك بها مجدداً وضعت شعرة على شاشة الجهاز.


أضاء المكان بشدة و خرج من الجهاز طيف الحارس و هو يرتدي ملابس مغنين الروك ان رول و يمسك بجيتار الكتروني ولديه تسريحة شعر معاصرة ، التفت حوله متأملاً المكان ثم نظر بذهول إلى الحارس الحقيقي الذي لم يدرك بعد ما حدث ثم إلى الكائنات السوداء .

قالت "كارمن" :

- هل تستطيع مساعدتنا؟ سأشرح لك كل شيء لاحقاً.

فكر العازف قليلاً ثم صرخ في حماس:

- رووووك أن رووول

عزف على أوتار جيتاره فخرجت موجات صوتية مرئية عالية التردد حتى اضطر "شداد" و" كارمن " أن يسدوا أذنيهم بينما خفض "برق" رأسه.

و بسبب تلك الموجة تفرقع الكثير من الكائنات السوداء و تحولت إلى دخان بينما سد الحارس أذنيه ، فاغتنمت "كارمن" هذه الفرصة وانطلقت نحو "برق" و قفزت فوقه و هي تقول للعازف:

- هلا فتحت الطريق أمامنا.

رد عليها بصوت حماسي:

- بالتأكيد.

وجه جيتاره إلى الأمام و بدأ بالعزف فتفرعت الكائنات وأصبح الطريق مفتوحاً أمامهم وهنا أنطلق "برق" بأقصى سرعته و يتبعه "شداد" إلى باب الخروج و لكن فجاة بدأت "كارمن" تشعر بالدوار و لم تعد قادرة على فتح عينيها فزت رأسها و تمسكت ببرق وهي تقول لنفسها :

لا أعرف ما بي و لكن علي الصمود حتى نخرج .

في هذه الأثناء، أخذ "د.فؤاد" يراقب كل شيء و هو يجلس على كرسي مريح في غرفة المراقبة بينما و قف "شهاب" خلفه.

ابتسم "د.فؤاد" و هو يقول:

- حقاً شخصيتها تماماً مثل "كارمن" الأخرى، و لهذا سيكون مصيرهم واحد.

أومأ "شهاب" برأسه و هو يقول:

- أنهم يوشكون على الهرب سيدي، هل أذهب و أنهي الأمر بنفسي.

رد "د.فؤاد" دون أن ينظر إليه:

- أذهب لا نريد أن تخبرهم "سما" بأي شيء

أنحنى "شهاب" انحناءة بسيطة و هو يقول:

- حاضر سيدي.

و بدأ بالاختفاء في الدخان الأسود و لكن "د.فؤاد" و هو يقول:

- أنتظر

ظهر "شهاب" مجددا و على وجهه تعبير الاستغراب، فأشار الدكتور إلى الشاشة و هو يقول في عصبية:

- ما الذي جاء بسامي هنا؟

نظر "شهاب" إلى الشاشة التي يشير إليها فوجد فعلا "سامي" يقف عند باب الفيلا و قد فتح له أحد الخدم، ثم أشاح بنظره إلى شاشة أخرى فوجد "كارمن" قد وصلت إلى الباب الخلفي و خرجت منه.

قام "د.فؤاد" من مكانه بعصبية و هو يقول :

- سأذهب لاستقباله الآن ثم سأخبرك لاحقاً بما سنفعله.

أومأ "شهاب" برأسه بينما خرج الدكتور و أغلق الباب خلفه بعصبية أكثر.

و أخيراً قفز "برق" من فوق سور المكان و هبط بسلاسة على الأرض و ورائه "شداد" و العازف الجديد و لكن فجأة أختل توازن "كارمن" و بدأت تميل فأسرع العازف بسندها و هي يقول:

- هاي هل أنتي بخير يا أميرة؟ لم يحن موعد النوم بعد.

دفعته بيدها دون أن تنطق بكلمة بينما سألها "شداد" في قلق:

- هل أنتي بخير؟

أومأت برأها و قالت في هدوء:

- لا وقت لدينا لنسرع للبيت و نطلب من "سامي" المساعدة.

أنطلق الجميع في طريقهم للبيت و لكن ما لم يعلموه أنهم تركوا "سامي" خلفهم.


الفصل السابع

وصلت "كارمن" أخيراً إلى المنزل و هي على متن "برق" ثم نزلت ن عليه و دخلت مسرعة وهي تحمل "سما" في يدها و قد أصبحت قدماها شفافتان تماما حتى وصلت إلى الجناح حيث تسكن و أخيرا إلى غرفتها ثم وضعتها على سريرها بهدوء بعد ذلك لم تقف لتلتقط أنفاسها و أسرعت تبحث عن "سامي" و هي لا تعلم أنه في الحقيقة عند أخوه.

راحت "كارمن" تجوب أنحاء المنزل بين ممراته و من خلال أبوابه و لكن بلا فائدة ، في هذه الأثناء أحست "لميس" بها و هي تروح و تأتي ، فخرجت من غرفتها و هي منزعجة و قالت لها بعصبية:

- لا أستطيع التركيز ما...

توقفت الكلمات في حلقها عندما نظرت إلى وجه "كارمن" فهي أول مرة ترى الدموع في عينيها و التعب يكاد يقتلها.

ركضت إلى "كارمن" و قالت صوت ملهوف:

- ما الأمر ؟ ماذا حدث؟

ردت عليها "كارمن" بصوت مخنوق :

- أين "سامي" ؟

ردت عليها في قلق:

- لقد خرج منذ قليل.

صعقت "كارمن" بما سمعته و لكن سرعان ما استجمعت أفكارها و قالت:

- أنا لا أملك رقم هاتفه ، هل هو معك؟

أخرجت "لميس" الهاتف و راحت تبحث في الأرقام حتى أخرجت رقمه ثم اتصلت به و ناولت الهاتف إلى "كارمن".

في الجهة الأخرى ، ناول "سامي" أخوه "د. فؤاد" ساعة و هو يقول:

- لقد وجدتها، أليست تلك التي كنت تبحث عنها المرة السابقة.

أبتسم "د. فؤاد" و هو يأخذها منه و قال:

- جيد ، صحيح لدي شيء أريد أن ..

قاطعه صوت رنين هاتف "سامي" ، فأخرجه "سامي" من جيبه و هو يقول:

- أعذرني لحظة

أومأ "د.فؤاد" برأسه ، فأبتسم "سامي" و رد على الهاتف و هو يقول:

- "لميس" ما ... "كارمن"؟

تأمل "د.فؤاد" تعبير وجه "سامي" و هو يبتسم بخبث لأنه يعلم ما يحدث بينما الأخر أصبح وجهه جاد و هو يستمع إلى مكالمة "كارمن".

أغلق "سامي" الهاتف و قال محاولاً أخفاء قلقه:

- سأذهب الآن.

و أنطلق خارجاً من الغرفة بخطوات سريعة حتى اختفى من نظر "د.فؤاد" ، فظهر "شهاب" أمام "د.فؤاد" و قال:

- سأذهب خلفه لأتأكد من أن "سما" قد ماتت

قام "د.فؤاد" من مقعده و قال له بحزم:

- حسناً و لكن أن حدثت معجزة و بقت على قيد الحياة فعندي لك مهمة أخرى.

أومأ "شهاب" برأسه و أختفى ليلحق بسامي.

بعد برهة قليلة، وصل "سامي" إلى البيت و دخل مسرعاً و أنفاسه تكاد تنقطع و طلع السلالم راكضاً حتى وصل إلى سكن الفتيات ثم فتح باب غرفة "كارمن" بيد مرتعشة ، ليجد "كارمن" جالسة على طرف السرير و هي تنظر إلى الأرض و "لميس" تحضنها و تهمس لها .

اتسعت عيني "سامي" وقال بصوت مضطرب:

- ماذا حدث؟ أين "سما"؟.

نظرت له "كارمن " بعين مكسورة بينما قالت "لميس" بصوت مخنوق:

- لقد اختفت.

نزلت تلك الكلمات كالصاعقة عليه ، و صاد الصمت لبضعة دقائق حتى كسرته "لميس" و هي تقول بغضب:

- الموقف الآن صعب بل قاتل لنا نحن الثلاثة و لكن أقل ما يمكن أن نفعله لها هو أن نقتحم بيت المجرم الذي فعل بها هذا و نعطيه جزاءه.

أومأت "كارمن" برأسها بينما ، ضغط "سامي" على أسنانه و هو يقول:

- لن أتركه حراً أيا كان.

(الانتقام لا يعطي ألا المزيد من الانتقام)

أنطلقت هذه الكلمات من عند باب الغرفة ، فالتفت الجميع إلى مصدر الصوت ليجدوا فتاة في الخامسة عشر من عمرها.

تجمد الجميع في أماكنهم وهم ينظرون إليها فهي تبدوا مألوفة لهم ، فابتسمت الفتاة ببراءة و هي تقول:

- أنه أنا.

عقدت "كارمن" حاجبيها و هي تقول:

- "سما"؟

نظر كلاً من "سامي" و لميس" لكارمن بتعجب ثم إلى "سما" مجدداً ، فقالت "سما":

- لقد عد إنسانة مجدداً.

قفزت "لميس" و"كارمن" عليها و احتضنوها بشدة بينما تنفس "سامي" الصعداء و جلس على الأرض فلم تعد قدماه تحتملانه.

أمسكت "لميس" بوجه "سما" بين يديها و قالت :

- أذا أنتي لست ميتة.

أشارت "سما" إلى الباب و قالت:

- لقد استيقظت في الغرفة حيث اختبأنا أنا و أمي حين هجم علينا أناس غراب منذ خمس سنوات و وجدت جسدي قد أصبح متناسب مع عمري الحقيقي.

قال "ٍسامي" و قد تغيرت نبرة صوته قليلاً:

- لقد اندمجت مع طيفك ، ربما هذه قدرة عند طيفك مثل الدرع الخاصة بي.

ابتسمت "كارمن" و قالت بصوت هادئ:

- لا يهم المهم أنها معنا الآن.

ثم أغمضت عينيها و ألقت بثقلها على السرير حيث كانت تجلس ، هرع الجميع إليها و تفحصتها "لميس" بقلق و لكنها و جدتها تبتسم فتنهدت و هي تقول:

- أنها نائمة فقط.

تنفس الجميع الصعداء و لكن "سما" نقلت بصرها بين "سامي" و بين "كارمن" ، كم تتمنى لو توقظها و تخبرها أن شقيق "سامي" هو من يطاردها لكن في نفس الوقت سيحزن "سامي" أن سمع هذا .

في صباح اليوم التالي ، أغلق "سامي" الجريدة و هو يقول في انزعاج:

- ما قصة حوادث قتل و سرقة أعضاء الشحاذين هذه الأيام ؟ .

ثم نظر إلى الدرج و هو يقول:

- هل أصعد و أطمئن على "كارمن"؟

ثم تخيل وجهها الخال من التعبير و هي تنظر إليه و تقول أنه "بتاع بنات" ، فهز رأسه ليمسح هذه الصورة ثم نظر مجددا إلى الدرج و هو لا يزال يريد الصعود.

في هذه اللحظة ، قطع صوت جرس الباب أفكاره ، فقام مسرعاً و فتح الباب و قال و هو يبتسم:

- أه .. لقد أخبرني أخي "فؤاد" أنك قادم لتسكن معنا هنا في السكن... أنا "سامي".

أبتسم "شهاب" و هو يقول:

- سررت بك .. أنا "شهاب".

أدخله "سامي" و هو لا يدري حقيقته و رحب به ترحيباً شديداً و هو لا يدري ما فعله بسما و كارمن.

في تلك اللحظة ، وقف "سما" على سلم المنزل و قد تجمدت الدماء في عروقها و هي تنظر إلى "شهاب" و الأخر نظر إليها بدوره بدهشة و لكن سرعان ما استجمع افكاره ثم أبتسم و وضع أصبعه على فمه مشيراً لها بالصمت.

الفصل الثامن

تبع "شهاب" "سامي" و هو يريه أنحاء لمنزل بخطوات واثقة و خلفهم" سما" تنظر إلى "شهاب" في قلق و حيرة و ما يغضبها أكثر هو تلك الابتسامة البريئة التي يرسمها على وجهه.

و أخيراً جلس الاثنان على أريكة في الحديقة و جلست "سما" على مقعد قريب منهما، التفت "سامي" على "شهاب" هو يقول:

- أذاً أنت قريب أخي "فؤاد.

أبتسم "شهاب" و قال :

- نعم أنا أبن خالته.

هز "سامي" رأسه ، بينما سألته "سما" :

- كيف لا تعرفه أليس المفروض انه أبن خالتك أيضاً؟

ضحك "سامي" و هو يقول:

- لا .. "فؤاد" في الحقيقة شقيقي من الأب.

ثم نظر إلى الأرض وأكمل:

- لقد توفت والدته و هو صغير ، فقد كانت تحتاج إلى عملية زرع قلب و لكن الأطباء لم يجدوا واحداً في الوقت المناسب و بعدها بفترة تزوج من أمي .

و مرت لحظات من الصمت و أخيرا وقف "سامي" و هو يقول لشهاب:

- لا أرتاح في جو الكآبة هذا ... تعال سأريك غرفتك.

انتفضت "سما" و هي تقول:

- ماذا؟

رد عليها "شهاب" في هدوء:

- نعم سأسكن في هذا السكن ابتدأً من اليوم.

أبتسم "سامي" ببراءة و هو يقول:

- نعم و غرفته بجانب جناحكم أيضا.

ثم صمت قليلا و فكر في نفسه:

( أليس هذا معناه أنه سيكون قريباً من "كارمن" ... ماذا لو أعجبت به ... يا للغباء... لحظة ما الذي أقوله.)

في هذه اللحظة اقتربت "سما" من "شهاب" و همست له:

- لما أنت هنا؟



نظر لها بطرف عينيه و هو يقول:

- لأتأكد أنك لن تفتحي فمك إلى أن أنتهي مما أفعل.

عقدت حاجبيها و هي تفكر فيما يقول بينما أكمل هو :

- أنا أؤكد عليكي فقط أن لا تخبري أحداً بما حدث ليلة أمس.

توقفت "سما" في مكانها بينما تابع "شهاب" سيره مع "سامي" و يتفحص المكان جيداً كاللص الذي يتفقد منزلاً قبل سرقته ، وأخراً بعد فترة من الوقت توقف "سامي" و قال:

- انتهينا .. سأعرفك على الباقين بعد أن يستيقظوا .

أبتسم "شهاب" و هو يقول:

- حسناً أذا سأذهب إلى غرفتي.

صعد "شهاب" الدرج بخطوات هادئة و لكن ما أن وصل إلى أعلاها حتى أصطدم بأحدهم و تناثرت قطع معدنية على الأرض ،فوازن "ِشهاب"نفسه حتى لا يسقط من أعلى الدرج بينما سقط الطرف الأخر على الأرض.

لم تكن ألا "لميس" و قد كانت تحمل اختراعا كانت تعمل عليه من أجل كليتها و عليها تقديمه غداً، تفحصت اختراعها إلى أصبح قطع متناثرة في الأرض في ذهول ، بينما لم يهتم "شهاب" و تابع سيره .

صرخت "لميس" فيه بأعلى صوتها:

- توقف عندك ، هل نسيت عينك في بيتك؟

توقف "شهاب" و التفت إليها و هو يفكر:

( ما بها أنا لم أقتل لها أحدا .... الآن على الأقل).

أكملت "لميس":

- على الأقل أعتذر أو ساعدني في تجميع هذه القطع ثم من أنت أصلاً.

هز "شهاب" كتفه بل مبالاة و أكمل طريقه ، بينما اتسعت عينيها في ذهول من تصرفه و قال بصوت عال:

- لهذا أكره التعامل مع البشر.

أوقفت تلك العبارة "شهاب" و فكر:

( أنها نفس عبارتي) .

حينها و لأول مرة ظهر على وجه بعض الذهول و أقترب منها و هو ينظر مباشرة في عينيها فتراجعت قليلا و هي تقول في توتر:

- م.. ماذا؟

رد عليها:

- أنا أيضاً لا أطيقهم ... ففي كل لحظة يتغير مزاجهم.

أومأت برأسها بحماس و قالت:

- و كلامهم أيضا ، على الأقل الأجهزة مخلصة و صادقة.

صمت الاثنان للحظة ثم انفجرا في الضحك بصوت عال ، فجأة أدرك "شهاب" ما يفعل فتوقف و التفت بعيدا عنها وهو يفكر:

( ما هذا الذي أفعله أو بالأحرى لم أشعر بهذا من قبل ... الضحك هكذا).

تذكرت "لميس" اختراعها فنظرت إليه بأسى و هي تقول:

- ماذا سأفعل الآن؟

فكر "شهاب" و هو ينظر إليها:

( ما الذي يفعله البشر في هذا الموقف .... يعتذرون؟)

أبتسم ببراءة و هو يقول:

- أنا أسف.

ثم التفت ليكمل طريقه ، ولم ينتبه على أنه قد داس على شريحة الكترونية صغيرة ، فأصدرت صوت كرقعة نبهت "لميس" إليها ، فتفحصتها بعينيها ثم أدركت أنها الشريحة الأم لجهازها التي تحمل البيانات الأساسية، فصرخت بعصبية :

- لااااااا

نظر "شهاب " إليها باستغراب و فكر:

( يبدو أنه لم يكن الاعتذار ..... أذاً التكبر؟)

أقترب منها قليلاًً و نظر إليها ببرود و هو يقول:

- أغربي عن وجهي أنتي و خردتك هذه.

نظرت له "لميس" بذهول بينما هو نظر إلى السلم وهو يقول :

- سأذهب الأن

ثم مشى بعيداً عنها عبر الطرقة ، تابعته "لميس" بنظراتها الحارقة و قد أقسمت على الانتقام منه.

لكن لم ينتبه أحد على ما يفعله "شهاب "في أثناء تجوله في المنزل ، فقد راح يخبئ كرات سوداء مكونة من دخان تحيط به خطوط ذهبية كتلك الأطياف السوداء التي تواجههم في كل إنحاء المنزل.

و أخيراً وصل إلى الجناح الذي تقيم قيه "كارمن" و وقف أمام الباب و لكنه أنفتح فجأة و خرجت من "كارمن" و قد بدا عليها الإرهاق الشديد ، و تلاقت أعينهم و مرت لحظة من الصمت إلى أن قاطعها "سامي الذي قفز بينهما وهو يقول بصوت عال:

- أذا لقد تقابلتم.

ثم أشار إلى "شهاب" و هو يقول:

- هذا "شهاب" سيعيش معنا الأن في السكن و ....

قاطعته "كارمن" و هي تقول بهدوء:

- نعم أعرفه.

صدم "سامي" و قال في تعجب:

- ماااااذا ؟ كيف؟

أشارت إلى "شهاب" و هي تقول :

- أنه زميلي في الجامعة.

نزلت تلك الكلمات كالصاعقة عليه و أخذ يفكر:

( لم يكن علي أن أعطيه الغرفة المجاورة..... غبي... قد يذهب معها إلى الجامعة الآن و يصبحوا أصدقاء و غداً ... لااااا)

ترك الاثنان "سامي" و هو غارق في أحلام يقظته ، و راح شهاب يتفحص مدخل الجناح الذي تسكن فيه "كارمن" و الباقين و يفكر كيف يدخله دون أن يثير الشبهات .

ففي الحقيقة أرسله "د.فؤاد" إلى البيت لكي يتخلص من "كارمن" و كل من له علاقة بالموضوع و حتى و أن أضطر إلى التخلص من "سامي" نفسه.


الفصل التاسع

في صباح احد الأيام و بعد أن مر وقت على بقاء "شهاب" معهم ، أعدت "لميس" الشاي في المطبخ و التفتت لتعود إلى غرفتها و لكنها اصطدمت بشهاب الذي كان يقف خلفها و سكبت الشاي المغلي على قميصه.

صرخت "لميس":

- يا ألهى.

أمسك "شهاب" بطرف قميصه و راح يبعده عن جلده و هو يرفرفه ليبرد ثم قال بغضب:

- ما قصتك؟ هذه عاشر مرة أو أكثر تتسببين في حادث لي.

ردت عليه"لميس" بعصبية:

- أنت هادئ جداً لدرجة أني لا أشعر بوجودك.

حدق الاثنان في عيني بعضهما لبرهة ثم ابتعدت كلا منهم في طريقه، و راح "شهاب" يتمتم لنفسه بينما يخطو بغضب :

- أنتي هي أول ضحاياي أقسم بهذا.

رن هاتفه فأخرجه من جيبه و نظر إلى أسم المتصل ثم رد بصوت هادئ:

- ما الأمر؟.... هل ظهرت أخيراً......حسناً سنبدأ الليلة.

ثم انتبه إلى صوت خطوات خلفه ، فأعاد الهاتف إلى جيبه بسرعة و التفت إلى من يقف خلفه و كأنه لم يكن يفعل شيئاً فوجد "لميس" أمامه وهي تمسك بعلبة إسعافات أوليه و تتفادى النظر إليه ثم قالت وهي تحاول ألا تبدي إي تعبير:

- خذ ، لا بد إنك قد حرقت.

أندهش "شهاب" لجزء من الثانية و أخذ منها العلبة و هو يفكر:

( هل هذا هو الاهتمام؟ .....ماذا تكون ردت فعل البشر حينها؟)

أبتسم ببراءة و هو يقول:

- شكراً لك.

أحمرت وجنتاها وركضت بعيداً عنه و هي تمتم:

- لهذا اكره البشر ... ياله من إحراج.

تابعها و هو يضحك باستخفاف ثم نظر إلى أحد الكرات ألتي خبأها و وضع يده عليها ثم أغمض عينيه ، فبدأت الكرة تكبر و تبعتها باقي الكرات بالتتابع.

و أخيراً حل الليل ، تفقد "شهاب" مواقع الشباب فوجد أنهم متفرقين في أنحاء المنزل ، فأبتسم و أخرج هاتفه و كتب رسالة :

- لنبدأ.

و على الفور كبر حجم الكرات المنتشرة حول المنزل و انشقت في المنتصف ثم خرجت منها الأطياف السوداء و لكن تلك المرة بهم شيء مختلف و كأن مستواهم أعلى من سابقيهم و بعضهم حتى يحمل أسلحة ، و راحوا ينتشروا في كل مكان بين الظلال.

في هذه اللحظة ظهرت "سما" من خلف "شهاب" و هي تقول بتعصب:

- ما الذي تفعله؟

أبتسم بخبث بينما كان يلتفت إليها و قال:

- هل كشرت الطفلة البريئة عن أنيابها أخيراً ؟

ردت عليه:

- أنا لست طفلة و لست بريئة مع أمثالك.

أومأ برأسه و هو يقول:

- صحيح... بالمناسبة أحداً ما قادم لأجلك.

رفعت حاجبها باستغراب و همت لتسأله و لكنه اختفى فجأة وسط الدخان.

و من جهة أخرى، جلست "لميس" وسط من كومة الخردة و هي ممسكة بالمفك في يد و أوراق في يد أخرى ، فجأة أحست بحركة خلفها ثم يد بردة تمسك بكتفها فأسرعت بأبعادها و هي تقفز لتقف على قدميها ثم نظرت إلى مكان جلوسها بأنفاس متسارعة، فوجدت طيف أسود يتحرك ببطء و عيناه مثبتة عليها و الأسوأ أنه يقف بينها و بين الباب.

رفعت يدها التي تمسك بها المفك اتجاهه كتهديد و لكن يد باردة أخرى أمسكت بقدمها و أخرى بيدها الأخرى فالتفتت حولها فوجدت نفسها محاطة بتلك الأطياف و أحدهم قد رفع سيفه إلى الأعلى مستهدفاً رأسها .

صرخت "لميس" و هي تلوح بيدها لتضربهم و لكنها اخترقتهم مثل الضباب فعلى الرغم من أنها تستطيع رؤيتهم لكنها لا تستطيع لمسهم على عكس "كارمن" ، فألقت بثقلها بعيدا عن الطيف الممسك بالسيف فضرب الطيف الممسك بقدمها بدلا منها ثم جذبت نفسها من الذي كان يمسك بيدها و اندفعت نحو الباب متفادية الواقف أمامه و خرجت أخيراً و لكن اتسعت عيناها عندما رأت أمامها جيش منهم .

انقطعت الكهرباء عن المنزل و لم يعد ينيره شيئاً ألا ضوء القمر المكتمل عبر الزجاج ، و راحت أعين الأطياف تضيء و هي تعكس الضوء في شكل مرعب.

وقف "سامي" خلف طاولة المطبخ و الأطياف تحوم حولها محاولة الإمساك به ، فراح يراوغهم يميناً و يسارا حتى أنزلق من فوق الطاولة بخفة وركض خارج المطبخ و هو ينادي:

- يا شباب أين أنتم؟

أمسك أحد الأطياف بيده و بدأ يشعر بالضعف و فجأة قال الصوت بداخله:

( أحذر أنه يمتص طاقتك.... أبتعد عنه)

جاوبه "سامي" و هو يحاول تحرير نفسه:

- أنا أحاول و لكن يدي الأخرى تخترقه.

صمت الصوت قليلاً ثم أكمل:

(على الرغم من أن يدك تخترقهم ألا أنه يمسك بك...... هذا يعني أن الأمر كما يريد الطيف)

توقف "سامي" عن المقاومة و فكر قليلاًً في كلامه ثم نظر إلى يد الطيف الممسكة به و ضربها بيده الأخرى بكل قوته و لكن يده اخترقتها و ضربت يده الأخرى فتحرر من قبضة الطيف.

أنتهز "سامي" الفرصة و ركض و هو يقول بسعادة:

- لقد جعل نفسه غير مادي حتى لا يأخذ الضربة فتحررت منه .... أذا فنقطة ضعفهم هي عندما يمسكون بنا.

رد عليه الصوت:

( مثلما يترك الصياد نفسه مفتوحاً عندما ينقض على فريسته).

أومأ "سامي" برأسه وأنطلق ليبحث عن الآخرين.

في هذه الأثناء ، تسمرت "سما" في مكانها حين انقطعت الكهرباء و أدركت أن "شهاب" خلف هذا ، فامتلأت عيناها بالدموع و هي تنظر حولها في خوف ، ثم نادت بصوت خافت:

- "كارمن" أين أنت؟

أحست بحركة حولها ، فأمسكت بطرف قميصها في خوف و قالت و هي تغالب دموعها:

- من ...؟

و لكن بدلاً من أن تسمع رداً ، أحتضنها شيئا ما بقوة ، فأغلقت عينيها من الرعب و ارتعش جسدها و لكن لم يكن الحضن بارداً بل دافئاً بل و مألوفاً أيضاً ثم شعرت بقطرات ساخنة على خدها كأنها دموع فالتفتت برأسها ببطء و هي تقول:

- "كارمن"؟

رد عليها صوت امرأة مرتعش :

- "سما" ... أنه أنا.

اتسعت عينا "سما" و قالت بحماس:

- أمي؟

ردت عليها بصوت حنون :

- نعم.

لفت "سما" ذراعها شدة حول والدتها و راح الاثنان يبكيان من السعادة و والدتها تقول:

- ظننت إني فقدتك و لكن ها أنتي هنا.

و ما أن أنهت عبارتها، انتفضت في مكانها ثم أمسكت "بسما" من يدها و جذبتها للخلف و وقفت أمامها و هي تحدث أحدهم بحدة:

- ماذا تريد؟

ظهر "شهاب" من الظلمة في ضوء قمر المنبعث من النافذة و قال بسخرية:

- أحاول أن أجعل قلبي يتقطع من المشهد....... لكن لا فائدة.

ثم لمعت عينيه في الظلام و حوله الأطياف تحوم في المكان.


الفصل العاشر

امتلأ البيت بالأطياف التي تتزايد أعدادها في كل لحظة ، و قد حاصرت الجميع، حتى "لميس" تسمرت أمام غرفتها و هي تمتم:

- أين "كارمن" ؟

و ما أن أكملت عبارتها، قفز عليها مجموعة من الأطياف ، فصرخت و وضعت يدها أمامها في وضعية دفاع، و أغمضت عينيها و لكنها فجأة سمعت صوت موسيقى عال جداً أطاح بالأطياف ، جعلها تسد أذنها بيدها ، ثم فتحت عينها ببطء فوجدت شخص يقف أمامها ومعه جيتار كهربائي .

التفت إليها و قال بابتسامة عريضة:

- أيه يا قمر ؟ أيه الأخبار؟

رفعت "لميس" حاجبها باستغراب و هي تقول:

- من أنت ؟

أشار الطيف العازف إلى نفسه و هو يقول بفخر:

- أنا أسمي "دي كيه" العازف الكوول.

ثم عزف على أوتار الجيتار ، و أصدر نغمة عالية أخرى أطاحت بالمزيد من الأطياف و أكمل:

- متقلقيش طول ما أنتي معايا.

صرخت فيه:

- سأصبح صماء أذا بقيت معك.

في هذه الأثناء ، وصل "سامي" إلى غرفة "كارمن" و فتح الباب و دخل مسرعاً و لكن بدل من أن يجدها وجد شخص أخر غريب يقف و يرمقه بنظرات غريبة ، وقف الاثنان يحدقان في بعضهما البعض قليلاً حتى قال "سامي":

- من أنت؟ أين "كارمن"؟

هز كتفه وقال ببرود :

- لا أدري.

حينها قال الصوت في داخل "سامي" فجأة:

( لدي شعور غريب اتجاهه .... أبتعد عنه أنه طيف )

تراجع "سامي" للخلف بهدوء دون أن يرفع عينه من عليه ، فأبتسم الطيف باستهزاء و هو يقول :

- أسف و لكن مهمتي هي أن أبقيك معي فهذا ما يريده الزعيم.

أندهش "سامي" من قوله و لكن قبل أن ينطق بكلمة ، اختفى الطيف و ظهر أمامه في غمضة عين و أمسك بذراعه بشدة وهو يقول بسخرية:

- أنا حقاً لا أفهم، في البعد الأخر أمرني أن أتخلص منك و هنا يريدني أن أبقي عليك.

تألم "سامي" من عنف مسكته و قال:

- ماذا؟

أكمل الطيف:

- أتحدث عن شبيهك من البعد الأخر، كم أنت جاهل.

تذكر "سامي" قاله الصوت من قبل، فقال له :

- هل كنت تعرف شبيهي هناك.

ضحك الطيف بصوت عال قال بسخرية:

- لقد كان سهلا جداً ، طعنه من الخلف و هو يعمل ... و لكن الأمر المؤسف أن الجهاز لم يكن معه حينها كان مع "كارمن".

عقد "سامي" حاجبيه و قال للصوت:

- ألم تكن أنت من طعن من الخلف.

رد عليه بأسف:

( نعم أنت هو أنا من هذا البعد )

لم يتوقع "سامي" هذا و شعر بصدمة شديدة و لكنه أستجمع تفكيره و قال بصوت حاد للطيف:

- و ماذا حدث له ؟هل مات؟

هز الطيف رأسه بالنفي :

- كلا ، لقد فقد الوعي و الآن هو في غيبوبة.

فكر "سامي" :

( ألهذا أستطيع التواصل معه؟ )

ثم عاد و سأل الطيف :

- و ماذا عن "كارمن".

أجابه باستهزاء:

- لا أعلم ، تلك كانت مهمة "شهاب".

اتسعت عينا "سامي و هو يتسأل هل هو نفس "شهاب" الموجود الآن معهم ؟.و لكن أذا كان هو فعلا ، أليس شقيقه هو من أرسله؟


بالحديث عنه، نعود مجدداً إلى حيث هو ، أخرج "شهاب" مسدسه و هو يقول بهدوئه المخيف:

- كنت في انتظارك سيدتي.

قالت والدة "سما" و هي تضغط على أسنانها:

- لماذا؟ لأني أعلم سر سيدك.

نعود للخلف حين حررت "كارمن" "سما" من عند "د.فؤاد" ، و بعد أن رحل "سامي" من عندهم مسرعًاً ، ظهر "شهاب" أمام "د.فؤاد" و هو يقول:

- سأسبقه و أتخلص من الفتيات.

رد عليه :

- لا ، لقد فكرت في شيء مهم ، والدة "سما" قد استخدمت الجهاز قبل "كارمن" تلك ، لهذا يوجد طيف لسما و هي صغيرة.

عقد "شهاب" حاجبيه و هو يقول:

- "كارمن" حصلت على الجهاز للتو ، هذا يعني أنها لو كانت هي من استدعت "سما" لكانت ستكون في عمر أكبر.

أومأ "د.فؤاد" برأسه و أكمل:

- سأدخلك بيتهم و أنتظر حتى تظهر والدتها ، فأنا متأكد أنها لازالت تحوم حول المكان هي تبحث عن "سما"، و أذا ظهرت تخلص منهم جميعاً حتى "سامي" أذا لزم الأمر.

و الآن عودة إلى الحاضر، صوب "شهاب" المسدس اتجاههم و ضغط على الزناد ، أغلقت "سما" عينيها و هي تمسك بكتف أمها و لاحت تجربتها السابقة أمامها لكن تلك المرة سمعت صوت ارتطام معادن ، ففتحت عينيها ببطء و ارتسمت بسمة على وجهها حين رأت "كارمن" بجانبها و أمامهم "شداد" و قد صد الرصاصة بسيفه.


الفصل الحادي عشر

وقف "شداد" حامياً للجميع خلفه ، بينما اتجهت "كارمن" إلى "سما" و فحصتها بعينها في قلق و هي تقول:

- هل أنتي بخير؟

أومأت "سما" برأسها في سرور أما والدتها فلم تستطيع أخفاء دهشتها و اقتربت من "كارمن" و قالت:

- أنكما نسخة متطابقة .

رفعت "كارمن" حاجبها في استغراب، فشرحت "سما":

- أنها والدتي .

حيتها "كارمن" ثم سألتها :

- أنتي من خبأ الجهاز، صحيح؟ كيف حصلتِ عليه.

لم يختفي تعبير الاستغراب من عليها و هي تقول:

- فتاة تشبهك أعطته لي و لكن....

ظهر تعبير التضايق على "شهاب" وهو يقول في غضب:

- يا امرأة يكفي، لقد تتحدثي كثيرا.ً

ثم صوب مسدسه أنجاهم و أطلق عدة طلقات ، صدها "شداد" بسيفه و في لحظتها أنطلق اتجاه "شداد" و ضربه بسيفه لكن الأخر صده بمسدسه ودوى صوت ارتطام المعادن بشدة ثم أرتد "شداد" إلى الخلف و عاود المهاجمة عليه فركله "شهاب" بقدمه و لكن أمسكها "شداد" و التف بقوة و ألقى "شهاب" بعيداً فأرتطم بالحائط بقوة جعلته ينزل على ركبتيه.

أبتسم "شداد" مزهواً بنفسه و هو ينظر إلى "شهاب" و لكن سرعان ما عاد على قدميه و قال ببرود:

- أنت فرح بهذا ؟ أنا لم أبدأ بعد.

و ما أن أنهى عبارته ، بدأ الأطياف السوداء تتحول إلى كرات من الدخان ثم رفع "شهاب" مسدسه إلى الأعلى و راح مسدسه يجذب تلك الكرات كالمغنطيس ثم يمتصها و بعدها صوبه "شهاب" على و قال بهدوء:

- وداعاً

و انطلقت منه طلقات أسرع من سابقتها و تحيط بها خيوط ضوئية تنير بلون ذهبي رائع، كانت سريعة جداً لدرجة أن "شداد" لم يستطع صدها جميعاً فمرت بعضها من جانبه في اتجاه "كارمن" فانبطحت عل الأرض و ارتطمت الطلقات في الحائط مخلفة فوهات عميقة.

التفت إليهم في فزع فأشارت له "كارمن" أنهم بخير و لكن "شهاب" لم يعطهم فرصة ليتنفسوا و أكمل أطلاق النار بلا هوادة و "شداد" يبذل أقصى جهده لصدها و لكن في النهاية بدأت يداه بالارتعاش من أثر ارتطام الطلقات بسيفه.

بدأ "شهاب" بالاقتراب منه أكثر فأكثر إلى أن وصل إليه و توقف عن أطلاق النار ثم بمهارة شديدة ركل السيف من يد "شداد" ثم أمسكه و قلبهُ على الأرض و صوب مسدسه إلى رأسه و دوى صوت النار في المكان.

لكن فجأة ارتدت الطلقة في الاتجاه المعاكس فتفاداها "شهاب" و قفز للخلف و هو يقول لكارمن:

- أذا لم يكن "شداد" الطيف الوحيد الذي قمتي باستدعائه؟

ابتسمت "كارمن" بسخرية ، و ظهرت "لميس" و معها " دي كيه" من وسط الظلام و قد ظهر عليها الغضب ثم ركضت إلى اتجاه "كارمن" و "سما" وقفت معهم ثم قالت:

- ما الذي يحدث؟

ردت عليها:

- أتضح أن "شهاب" طيف.

قالت "لميس" باستنكار:

- كيف؟ الم يكن معك في الجامعة؟ أقصد أن بإمكان الناس رؤيته.

أبتسم "شهاب" في سخرية و هو يقول:

- أنها أحد قدراتي.

شعرت "لميس" بالحنق و أن أحدهم يضغط على قلبها و لكنها لم تفهم هذا الشعور فلقد بقت معظم عمرها مع الآلات و الالكترونيات و أخيراً قالت في ضيق:

- لهذا أكره التعامل مع الآخرين.

و لكن اكتفى "شهاب" بالنظر إليها بطرف عينه ببرود ، ثم التفت إلى "شداد" و "دي كيه" و ظهر في يده الأخرى مسدس أخر و قال بهدوء:

- سأنتهي منهم أولاً.

أبتسم "دي كيه" بحماس و قال لشداد:

- ماشي ، مستعد يا أخ؟

نظر له "شداد" باستنكار فهو عكسه تماما حيث أن "شداد" يمثل فرسان العرب و التقاليد بينما الأخر الفن الحديث.

و انطلق الاثنان يهجمان على "شهاب" و الذي بدوره أطلق عليهم بلا رحمة فصدها "دي كيه" بحاجز من موجات الصوت المنبعثة من جيتاره بينما أغتنم "شداد" الفرصة و وجه إليه ضربة من سيفه فصدها "شهاب" بمسدسيه ثم دفعه بعيداً عنه.

في هذه الأثناء ، وقف "سامي" خلف باب الغرفة يستمع إلى كل تلك الجلبة و قلبه يكاد يتوقف من سرعة دقاته و الطيف يقف خلفه يتثاءب من الملل و لكن فجأة سمع "سامي" صوت خطوات سريعة تقترب من الباب بسرعة فائقة ، فأبتعد "سامي" بتلقائية عن الباب و فعلا أرتطم شيء ما بالباب فطار و سقط على الأرض و دخل "برق" ينظر حوله ف الغرفة.

فتح "سامي" فمه بذهول و لكن لم يمهله "برق" لحظة و أمسكه بفمه بسرعة و وضعه على ظهره و أنطلق قبل أن يمسكه الطيف.

تابعهم الطيف بعينه و قال بصوت متضايق:

- يا له من ملل، و الآن علي الإمساك به من جديد.

ثم أنطلق خلفهم.

و أخيرا وصلوا إلى حيث الآخرين و لاتزال المعركة مستمرة و تحول بينهم و بين "كارمن" و الأخريات ، فزاد "برق" من سرعته و قفز من فوق رأس "شهاب" بخفة ، مما جعله يتشتت للحظة فأستغل "شداد" الأمر و وجه إليه ضربة سريعة حاول "شهاب" تفاديها و لكن طعن السيف كتفه و في نفس اللحظة أطلق "دي كيه" نغمة عالية عليه فطار و أرتطم بعنف بالحائط و سقط على الأرض.

وقف "برق" عند "كارمن" و أمسك مجدداً بسامي و وضعه أمامها ، فابتسمت "كارمن" و ربتت على رأسه و هي تقول:

- أحسنت.

ترنح "سامي" قليلاً من أثر سرعته و لكنه لاحظ "كارمن" فوقف باعتدال و قال بصوت عال:

- "كارمن" كنت أبحث عنك.

في هذه الأثناء ، وقف الطيف الأخر من بعيد يراقب ما يحدث ثم عض على شفتيه و همس:

- الأمر يبدو سيئاً ، سأبلغ الرئيس.

و اختفى بهدوء وسط الدخان البنفسجي.

و من جهة أخرى، قفز "برق" على "شهاب" و ثبته على الأرض و انطلق " شداد" ليقضي عليه و لكن قال "سامي" بصوت عال:

- أنظر.

توقف "شداد" و نظر له باستغراب ، فتابع "سامي":

- لنستجوبه أولا.

قام "شداد" بربطه في كرسي ثم وقف بجانبه ليضمن عدم محاولته للهرب ، أقترب منه "سامي" و قال في حذر:

- هل أرسلك أخي ؟

انتفضت "سما" و نظرت لكارمن التي بدت متضايقة .

ضحك "شهاب" في سخرية دون أن يجيب و نظر في اتجاه أخر و لكن أقترب و الدة "سما" من "سامي" و قالت بهدوء:

- ربما يجب أن تجلس أولاً .... لدي شيء أخبرك به بخصوص أخوك.

الفصل الثاني عشر

التف الجميع حول والدة "سما" و هم جالسين على منضدة الصالون الكبيرة ، و ساد الهدوء في البيت مجددا بعد الهجوم الذي أجتاحه ، و أخيراً بدأت "كارمن" بالسؤال:

- سيدتي.. كيف وصل الديجي دي إليك؟

تنهدت بحرقة و قالت:

- بدأ كل شيء عندما بدأت حوادث قتل و سرقة الأعضاء تنتشر و كان زوجي يعمل على أحدى القضايا المتعلقة بهذا الموضوع و ....

نعود الآن خمس سنوات للوراء و لكن في نفس المكان، عاد "هلال"(والد "سما" ) إلى البيت و هو سعيد و يقول بصوت عالي:

- لقد حصلت عليه.

ركضت إليه "سلمى" (والدة "سما" ) و سألته بلهفة:

- وجدت الدليل؟

أخرج "هلال" هاتفه من جيبه و هو يقول:

- لقد سجلت له محادثة و سأعرضها الأسبوع القادم في المحكمة و سيقبضون عليه بلا شك.

ضحك الاثنان معاً و لكن فجأة أنار المكان ضوء باهر و سمعوا صوت ارتطام في الأعلى ، فنظرا إلى بعضهما باستغراب و ركضوا إلى مصدر الصوت و فتحوا باب غرفة و القوا نظرة سريعة فوجدوا أحداً ملقى على الأرض.

ركضت "سلمى" إليه و لكنها كانت امرأة و بالتحديد شبيهة "كارمن" من البعد الأخر، تفحصتها "سلمى" فوجدت عندها جرح عميق في بطنها فضغطت عليه و هي تقول:

- "هلال" أطلب الإسعاف.

خرج "هلال" مسرعاً خارج الغرفة ، بينما قالت "سلمى" لها:

- ما الذي حدث؟

فتحت "كارمن" عينيها بصعوبة ثم مدت يدها إليها أمام "سلمى" و فتحتها و هي تقول بما تبقى من قواها:

- أحمي.... هذا.

نظرت لها "سلمى" باستغراب فتابعت "كارمن" :

- الحمض الرقمي .... يتحول لأطياف.

و أخيراً و صلت الإسعاف و لكن الأوان قد فات و ماتت متأثرة بجروحها و بعدها قام الزوجان بالبحث عن أهلها باستخدام بطاقة كانوا قد وجدوها معها تحوي على أسمها بالكامل وظيفتها ولكنهم بالطبع لم يجدوا مكان العمل فهو ليس موجود في هذا البعد.

و في النهاية أوصلتهم الشرطة إلى مكان "كارمن" من هذا البعد و تعجبوا عندما رأوها نتيجة الشبه الكبير بينهم ولكن مع اختلاف كبير في السن فأدركوا أن لا علاقة بينهم و أنه مجرد تشابه في الأسماء.

دخلت "سلمى" الغرفة حيث وجدت "كارمن" الأخرى لتحضر بعض الأشياء و لكنها لاحظت دفتراً ملقى على الأرض فأمسكت به و فتحته فوجدت رسم لجهاز الديجي دي و بعدها وصف عن كيفية استخدامه لاستدعاء الأطياف و أن لا أحد يستطيع أخده من مالكه الحالي ألا عندما يموت المالك و أخر ما كتب أن أحد الأطياف في لديه القدرة على فتح بوابة بين الأبعاد و لكن لم يتم تجربة هذا بعد.

رفعت "سلمى" حاجبيها عندما قرأت السطر الأخير و فجأة فتح باب الغرفة خلفها فأنتفضت في فزع و لكنها لم تكن ألا "سما" ، فابتسمت و هي تقول:

- ما الأمر؟

أشارت "سما" إلى الخلف و هي تقول:

- جاءنا ضيف أنه مع أبي الآن.

خرجت لتستقبله و لكن لم يكن ألا الدكتور" فؤاد" نفسه ، عدت حاجبيها و هي تنظر إليه و أمسكت بذراع زوجها بقوة و هي تقول بصوت منخفض:

- ما الذي أتى به ؟

حاول " هلال" أخفاء توتره و هو يقول:

- جلسة المحكمة غداً.

ثم أبعدها عنه بهدوء و تابع:

- أذهبي أنتي إلى الداخل و دعي الأمر لي.

أومأت برأسها و دخلت إلى حيث "سما" و سرعان ما أحدت النقاش بينهما و في النهاية سمعت صوت أطلاق نار ، اتسعت عيناها من الفزع و همت لتخرج إليه و لكنها لم تستطع ترك "سما" و فجأة أنفتح الباب و ظهر الدكتور "فؤاد" و يداه متلطختان بالدماء و ينظر إليهما بوحشية.

لم تستطع "سلمى" التفكير في شيء سوى إنقاذ أبنتها ، حينها انتبهت إلى أن الديجي دي لا يزال معها و بدون تفكير شدت شعرة من أبنتها و وضعته على الشاشة على أمل أنه قد يحميها ، فأنطلق ضوء شديد و اختفت "سما".

فزعت "سلمى" حين لم تجدها و راحت تبحث حولها بينما وضع الدكتور "فؤاد" يديه على عينيه من شدة الضوء فسقط المسدس منه ، حينها انتبهت "سلمى" إلى الأمر ، فركلت المسدس بعيداً و ركضت إلى الخارج و هي تنظر إلى الجهاز فوجدت أسم "سما" و لكن قبل أن تضغط عليه سمعت "فؤاد" يركض خلفها وهو يقول:

- أين وجدتي هذا؟ أعطيني إياه.

تعجبت "سلمى" من قوله و لكنها استجمعت أفكارها و حين وصلت إلى المطبخ أغلقت الباب خلفها بمفتاح و أخرجت دفتراً من الدرج و كتبت فيه شيئاً و وخبأته مع الديجي دي في الخزانة و أغلقت عليهم و هي تقول:

- أمل أن يكون استنتاجي صحيحاً بخصوص "كارمن" الصغيرة التي رأيناها.

ثم نظرت إلي الخزانة في حزن و تابعت:

- سأعود لأخذك.

في هذه الأثناء راح "فؤاد" يخبط على الباب شدة و في النهاية حطمه بكتفه و دخل و لكنه لم يجد أحد فقد كانت قد هربت من النافذة ، فركل الباب بقدمه بغضب و هو يقول:

- تباً ، كيف وصل إليها؟

و بعدها سمع صفارات الشرطة فلاذ بالفرار و بعدها قام بشراء البيت من مالكه الذي كان يؤجره للزوجين و كتبه باسم "سامي" ليبعد الشبهات عنه و ينتظر عودة "سلمى" مجدداً.

انتهت "سلمى" من حديثها و صاد الصمت التام ، و قامت "سما" بوضع رأسها على كتف أمها و هي تغالب دموعها فربتت على رأسها بحنان ، بينما نظرت "كارمن" إلى "سامي" الذي كان في صدمة شديدة فقالت له بهدوء:

- هل أنت بخير؟.

و لكن نزلت دمعة من عينه اليمنى فاجأتها و حتى هو تفاجأ أكثر و هو يقول:

- ما الأمر؟

فجأة تغيرت نبرة صوته و تابع:

- أه فهمت .... لقد كانت "كارمن" الأخرى ..... زوجة شبيهي في البعض الأخر و هو لم يعلم أنها قد ... ماتت.

صدم الجميع عندما سمعوه حتى "كارمن" التي تكون باردة في العادة لم تعد قادرة على التفكير في شيء، و "سامي" نفسه سكت وهو ينظر إليها فهو الآن أدرك حقيقة شعوره اتجاهها و الغيرة من الآخرين بل و قد زاد قلقه عليها فهو لا يريد أن يخسرها أيضاً و لكن عقله الباطني لا يزال يرفض أن يكون "فؤاد" الذي في قصتها هو نفسه شقيقه الذي يحبه كثيراً.

و لكن في هذه اللحظة ، وقف أحدهم أمام المنزل أدخل المفتاح و دخل كأنه بيته ، نعم لقد قرر الدكتور" فؤاد" أن ينهي تلك القصة بيده.

الفصل الثالث عشر

جلس الجميع في حيرة من أمرهم ، ولم يعد أحدهم قادراً على النظر إلى الأخر و خصوصاً "كارمن" و سامي" و لكن في تلك اللحظة دوى صوت غلق باب في أنحاء المنزل، فأنتفض الجميع من أماكنهم و نظروا في قلق حولهم فمن المفترض أن لا أحد هنا غيرهم و "شهاب" لا يزال مربوطاً معهم ، هل هو هجوم جديد؟

قام "سامي" من مكانه و هو يقول بحزم:

- لا تتحركوا سأذهب لأرى ما الأمر.

ثم أتجه إلى باب الخروج و في الطريق لاحظ خيال في وسط الظلام لشخص ما قادم باتجاهه فتوقف في مكانه و قال بصوت عال:

- من هناك؟

لكن لم يجبه و راح يتقدم أكثر باتجاهه فأخرج "سامي" هاتفه و فتح الكشاف و سلطه عليه لتكن المفاجأة ، أنه شقيقه "فؤاد".

كاد أن يسقط الهاتف منه من الصدمة و لكنه تماسك نفسه و قال و هو يحاول أن يتظاهر الهدوء:

- أه "فؤاد" ... لقد انقطعت الكهرباء و لم أشعر بدخولك و ....

قاطعه "فؤاد" بحزم:

- أنا أعلم أنك تعلم كل شيء.

نظر "سامي" إلى الأرض بحزن و قال :

- آه .. هكذا أذاً.

ثم ساد جو من الصمت ، و أكمل "فؤاد" سيره إلى أن تخطى "سامي" في برود شديد دخل كالخنجر في قلب "سامي" ، و لكنه ألتفت و قال له في حرقة :

- أذاً لماذا؟ لطالما كنت لطيفاً و الآن أنت قا...تل.

و لكن تابع "فؤاد" سيره دون أن يلتفت إليه حتى، فزاد الأمر من غضب "سامي" و قال :

- هل هو بسبب والدتك؟

و في هذه المرة توقف "فؤاد" و أبتسم ثم التفت إليه و قال:

- هذا جزء منه فقط.

لم يفهم "سامي" شيئاً ، و في هذه اللحظة جاء "كارمن" و الآخرين بعد أن سمعوا أصواتهم و لكنهم تجمدوا في مكانهم عندما وجدوا "فؤاد".

قالت "سلمى" في عصبية:

- أيها الوغد، تجرأت و أتيت هنا.

أبتسم "فؤاد" باستهزاء و قال في سخرية :

- لقد اشتريت هذا المنزل لهذا أرى أن لا مشكلة.

همت "سلمى" لتضربه من العصبية و لكن "سما" أمسكت بها و هي تقول:

- لا تجعليه يستفزك.

اقتربت "كارمن" أكثر و قالت وهي تحاول الحفاظ على هدوئها:

- ماذا تريد؟

أخرج "فؤاد" خنجره من غمده و قال :

- ثلاثة أشياء، "الديجي دي" ، دليل إدانتي و مساعدي المفضل.

و ما أن أنهى عبارته ، خرجت أطياف كثيرة من الخنجر بعضها من الأطياف السوداء و أخرى من التي على هيئة بشر مثل "شهاب" و هي مسرعة في اتجاههم و لكن "كارمن" لم تمهلهم لحظة و أخرجت هي أيضاً أطيافها و بدأت المعركة .

و لكن وسط تلك المعمعة تقدم "فؤاد" اتجاه "كارمن" و الخنجر في يده و عينيه فيها نظرة مخيفة و "كارمن" ليست منتبهة له على الإطلاق فهي مركزة في الأطياف و حماية الآخرين ، و لكن لاحظ "سامي" الأمر فهو لم يرفع عينه لحظة عن شقيقه ، فأتجه مسرعاً إليها و أخيراً و قف بينها و بين "فؤاد" و قال بصوت عال:

- الدرع.

خرجت الدرع الفضية من الجهاز في يد "كارمن" و أحاطت بهم جميعاً كما حدث من قبل، و لكن "فؤاد" لم يبطئ حركته بل زاد منها و أخيراُ غرس الخنجر في الدرع ، و كالمرة السابقة شعر "سامي" بكل شيء فأغمض عينيه من الألم.

لاحظت "كارمن" الأمر و قالت ف قلق:

- يكفي ستؤذي نفسك.

فتح "سامي" أحد عينيه و قال هو يحاول أن يغالب ألمه:

- لا بأس.

( لا أريد أن أخسرك أنتي أيضاً)

كانت تلك العبارة كل ما يدور في ذهنه الآن و معها نسي ألامه.

و لكن الخنجر أنار فجأة و راح يسحب الطاقة من الدرع ، فبدأت تخفت شيئا فشيئاً و معها شعر "سامي" يشعر بضعف شديد حتى لم تعد قدماه تحملانه و أخيراً نزل على ركبته فأسرعت "كارمن" و أسندته و هي تشعر بقلق شديد و تنظر حولها و لكن أطيافها مشغلون تماما في قتالهم مع الأطياف السوداء.

و فعلاً أمتص الخنجر كل الدرع و فقد "سامي" الوعي بين يديها و حينها و لأول مرة شعرت بغضب عامر و صرخت في "فؤاد":

- كيف تفعل هذا في شقيقك؟؟؟

نظر لها ببرود دون أن يجيب و رفع خنجره و لكن فجأة قفزت "لميس" و تعلقت بذراعه و هي تقول:

- أنت أفسدت حياتهم تماما ، تباً لك.

سحب ذراعه منها بعنف و قال بغضب:

- و ماذا تعرفين أنتي عن أفساد الحياة.

تسمر الجميع في أمكانهم فهم لم يتوقعوا ردة الفعل تلك ، و لكنه تابع:

- لقد كانت تحتاج إلي عملية زراعة قلب و لكن كل هذا بسبب أن أحداً أخر مهم .

ثم صمت قليلاً ليهدأ من نفسه و تابع:

- هم ليسوا لديهم أحد ليحزن عليهم و حياتهم بائسة فلماذا لا أخلصهم منها و أعطي حياة لشخص أخر.

قالت "سلمى" في دهشة:

- ألهذا تسرق أعضاء المساكين الذين يعيشون في الشارع؟ هل تعتقد أن حقاً لن يحزن عليهم أحد؟

أسندت "كارمن" "سامي" على الأرض بهدوء و هي تقول:

- و ما أدراك هذا؟ ليس لأن ليست لديهم عائلة لن يحزن عليهم أحد .

ثم وقفت على قدميها و تابعت:

- هناك دائماً شخص يحبك و حتى أن كنت لا تراه.

أبتسم "فؤاد" باستنكار لكنها أكملت:

- لقد كان "سامي" يهتم لأمر بائع الفشار الذي قتلته مؤخراً.

اختفت الابتسامة من على وجه و قال بحدة:

- هل تعلمين كيف يعمل هذا الخنجر؟

رفعه أمامها ثم تابع:

- عن طريق امتصاص الطاقة السلبية للإنسان فيظهر طيف أسود عادي و حين يطعن أحد يظهر طيفه مثل جهازك تماما.

و فجأة تقدم بسرعة اتجاهها و هو يقول بحدة:

- و لطالما أرد الحصول على طيفك.

صرخت "لميس" :

- أحذري.

قالت "كارمن" بحزم:

- أذا كنت تريده فلتقابله.

ثم وضعت شعرتها على الجهاز و أضاء المكان بشدة غير معتادة أوقفت الجميع في أمكانهم.
الفصل الرابع عشر

أغلق الجميع عينيه أمام هذا الضوء الباهر حتى الأطياف السوداء تلاشت معه و تراجعت الأخرى التي تشبه البشر ، حتى "فؤاد" توقف في مكانه و لكن هذه المرة و مثلما حدث مع "سامي" ، لم يظهر طيف بل ظهرت حولها أسلحة متنوعة من السيوف و الخناجر و الرماح و أخرى ، تطوف حولها في الهواء.

و في وسط دهشة الجميع ، مدت "كارمن" يدها و أمسكت بعصا مزخرفة و في نهايتها جوهرة كبيرة زرقاء ، ثم لوحت في حركة شبه دائرية فوق "سامي" ، فبدأت جروحه بالاختفاء و فتح عينيه ببطء.

ابتسمت "كارمن" بإشراق و هي تقول له:

- هل أنت بخير؟

أومأ برأسه بهدوء و أشار لها بعلامة النصر ، فاطمأنت ثم التفتت إلى "فؤاد" و قد تغير تعبير وجهها إلى الجدية مجدداً أما هو فقد أزداد غضباً و هو يقول:

- فتاة بائسة هل تعتقدين أنك الوحيدة التي تستطيع استعمال طيفها؟

ثم أحكم بقبضته على الخنجر و تابع:

- لقد ظل هذا الخنجر يمتص طاقتي السلبية منذ أن اخترعته و لا أعلم مدى القوة التي سيخرجها الآن.

تأهب الجميع و هم يراقبون الدخان البنفسجي الكثيف الذي خرج من الخنجر و راح يحيط بجسده كلياً حتى لم يعد يظهر منه شيء و في أقل من دقيقة أنقشع الدخان و ظهر من ورائه "فؤاد" و قد أصبحت عليه درع سوداء تشبه دروع القرون الوسطى و قد تحول الخنجر إلى سيف طويل مرعب.

هزت "لميس" رأسها و قالت بسخرية:

- أنها مجرد درع و سيف ، "كارمن" لها أفضلية هنا.

رمقها "فؤاد" بنظرة مخيفة جعلها تشعر بقشعريرة في عمودها الفقري كله ، فقالت في خوف :

- لكنه أكثر رعباً.

التفت "فؤاد" إلى "كارمن" و أشار إليها بسيفه ، فمدت يديها و أمسكت برمح طويل ، فعقد "فؤاد" حاجبيه و قال:

- أذا أنتي تعلمين أن للرمح أفضلية عن السيف؟

ثم أنطلق بسرعة رهيبة اتجاهها و أكمل:

- لكن هذا في الألعاب فقط.

و ضرب بسيفه عليها و لكنها صدته بالرمح و هي تقول:

- هل أنت حقاً من هذا البُعد؟

قفز "فؤاد" للخلف دون أن يجيبها ، بينما قال "سامي" باستغراب:

- ماذا تقصدين؟ أنا أعرفه طوال عمري

أجابته "كارمن":

- أذا كانت هناك شبيهة لي فلما لا يكون هذا شبيه شقيقك؟

في هذه اللحظة تذكر "سامي" حين أخبره الطيف الذي كان يحبسه بأنه هو قد هاجم شبيه هناك و أن "شهاب" هو من هاجم "كارمن" الأخرى و كلهم أتباع "فؤاد" الذي أمامه ، فالتفت إليه و هو يقول بعصبية:

- هل هذا صحيح؟

و لكنه لم يجبه و عاود الهجوم على "كارمن" بضربة جانبية ، فصدتها مجدداً ، و لكن و بسرعة شديدة أخرج "فؤاد" من يده الأخرى كرة من الدخان البنفسجي و ضربها في جنبها الأخر ، فطارت بعنف و سقطت على الأرض و في لحظة قفز "فؤاد" عليها بسيفه ليجهز عليها و لكن وقف "سامي" أمامه بدرعه .

شعر "سامي" بشدة الضربة و لكنه أستجمع قوته و قال بصعوبة:

- أين هو شقيقي؟

نظر له "فؤاد" ببرود و قال:

- أبتعد لا تجعلني أؤذيك.

قامت "كارمن" من على الأرض و هي تمسك بجنبها و قالت :

- لا بأس يا "سامي" دعني أمتص غضبه.

نظر لها باستغراب و هو يسأل:

- ماذا؟ ما الذي تقولينه؟

تابعت تقدمها ببطء و هي تقول:

- لقد سيطر عليه غضبه و امتلأ بالطاقة السلبية ... سأخلصه منها.

أبتسم و قال:

- سنخلصه معاً.

أومأت برأسها و التفت الاثنان إلى "فؤاد" الذي بدت عليه العصبية و هو يقول:

- حسناً لقد حذرتك يا "سامي".

ثم ضرب بسيفه في الهواء عدة ضربات انطلقت منها أشعة سوداء سريعة مثل الرصاص ، فصدها "سامي" بدرعه بينما انطلقت "كارمن" من خلفه و ضربت برمحها فصدها بسيفه ، و لكنها مدت يدها الأخرى و أمسكت بعصا العلاج و لوحت بها أمامه .

خرجت خيوط سوداء من سيف "فؤاد" امتصتها العصا ، فتراجع "فؤاد" وقد شعر بأن قوته نقصت فنظر إلى السيف بحنق و تابع الهجوم و لكن صده "سامي" بدرعه بينما أشارت "كارمن" إلى "فؤاد" بالعصا و هي تمتص طاقته السلبية.

و أخيرا شعر "فؤاد" بضعف شديد فقال "سامي":

- الآن يا "كارمن" دمري درعه.
و فعلا مدت يدها إلى أسلحتها و أمسكت بسيف ثم وجهت ضربة شديدة إلى "فؤاد" في صدره ، فتحطمت الدرع و تحولت إلى دخان اختفى في الهواء و سقط " فؤاد" على الأرض و اختفت جميع أطيافه من المكان.

نظرت "لميس" إلى المكان حيث "شهاب" و لكنها لم تجده ، فنظرت بحزن لم تفهمه و أيقنت أنه قد أختفى مع باقي اطياف "فؤاد".

ركضت "سما" إلى "كارمن" و هي تقول:

- هل انتي بخير؟

أومأت "كارمن" برأسها و هي تبتسم في إرهاق واضح ، بينما ركض "سامي" إلى "فؤاد" و امسك به و هو يقول:

- أين شقيقي؟

نظر له "فؤاد" بعين شبه مفتوحة و قال بهدوء:

- أنه أنا أيها الصغير.

أشرق وجه "سامي" و هو يقول:

- أنه حقاً أنت.

ثم حضنه بشدة ، فقال "فؤاد":

- هذا مؤلم.

تركه "سامي" و هو يقول:

- أسف و لكن ما الذي حدث؟

أعتدل "فؤاد" و نظر إلى الخنجر و قد صار حطاماً و قال:

- كنت أجلس في عيادتي في يوم ذكرى رحيل والدتي و..

نعود بالزمن خمسة سنوات للخلف.

ظهر دخان أمام "فؤاد" فجأة و خرج منه "فؤاد الأخر" ، قفز "فؤاد" من مقعده و هو يقول في خوف:

- من أنت.

نظر له الأخر ببرود و قال:

- ألا تريد الانتقام لها؟

نظر له باستغراب و قال :

- ماذا تقصد؟ من أنت؟

أجابه الأخر بهدوء:

- أنا شبيهك من بعد أخر و لكن للسخرية كلاً منا فقد شخصاً عزيزاً عليه بنفس الطريقة، أنا فقد زوجتي و أنت والدتك.

تراجع "فؤاد " للخلف و هو يقول:

- لا أريد أن أؤذي أحداً.

فكر الأخر قليلا ثم قال:

- إذا أنت لا تترك لي خياراً أخر.

ثم أخرج خنجره و تابع:

- لا أستطيع البقاء طويلاً هنا و أحتاج للبحث عن " كارمن" لهذا سأستعير جسدك.

لم يعطي "فؤاد" فرصة و بسرعة طعنه و تحول إلى دخان بدأ بالدخول من الخنجر إلى جسده و أخيراً بدأ "فؤاد" يشعر بفقدان الوعي ولكن قفزت صورة "سامي" في ذهنه فجأة فقال بأخر قوة متبقية لديه:

- لكن ....أرجوك لا تؤذي "سامي".

قال الأخر:

- لا تقلق ... في النهاية لدي شقيق مثله أذيته و لا أريد أذيته مجدداً ... الأمر مؤلم أكثر مما تتخيل.

وهكذا لم يعد لفؤاد الحقيقي أي سيطرة على نفسه و صار الأخر يفعل ما يهواه.


الفصل الخامس عشر

و أخيراً عاد الهدوء إلى المكان و أنارت الأضواء مجدداً و لكن لازال الجميع يستوعب ما حدث و أن الخطر قد زال أخيراً.

ضحك "سامي" بصوت عال في محاولة لتخفيف الجو و هو يقول:

- لقد انتصرنا ... يمكننا الاستراحة الآن.

أبتسم الجميع و جلست "لميس" و قالت وهي تتنفس الصعداء:

- نعم لنرتاح الآن.

قفزت "سما" بجانبها و سندت رأسها على كتفها و هي تقول:

- دعيني أنام قليلاً

ربتت "لميس" على رأسها وهي تقول:

- نعم لقد عانيتي كثيراً يا عزيزتي.

نظر لهما "د.فؤاد" بحزن ثم قال لسلمي:

- أنا لا يمكن أن أعوضكما عن ما سببتهما لكما و لكن أرجو أن تسامحيني.

أشاحت بنظرها بعيدا عنه و قالت:

- رغم أن هذا صعب حالياً، أعلم أنه ليس خطئك لهذا سأسامحك في وقت قريب.

أومأ برأسه ايجابيا و هو يقول:

- شكراً لكي.

أقترب "سامي" من "كارمن" و أشار إلى "الديجي دي" و هو يقول:

- ماذا ستفعلين بهذا؟

فكرت قليلاً و أجابت بجدية:

- أنا لا أعلم ، أريد التخلص منه و لكن..

نظرت إلى "شداد" و البقية ثم أكملت:

- لقد ارتبطت بهؤلاء الأطياف و لا أستطيع تركهم لهذا سأحتفظ به في الوقت الحالي.

رفع "سامي" قبضته و قال :

- لا تقلقي أن حاول حدهم أن يأخذه مني فعليه مواجهتي أولاً.

و ضحك الاثنان معاً بينما فكر "د.فؤاد" و هو يشاهدهم معاً:

( كيف أستطاع "فؤاد" الأخر سلب ضحكاتهم في البعد الأخر و تحويلها إلى جروح لا دواء لها.)

توقفت "كارمن" و قالت :

- ماذا عن "سامي" الأخر.

توقف "سامي" أيضاً و فكر قليلاً ثم قال بجدية:

- صحيح أنا لا أستطيع سماعه الآن.

في هذه الأثناء في البعد الأخر و بالتحديد في أحد المستشفيات ، فتح "سامي" عينيه التي كانت تنزل منها الدموع و مسحها بكمه ثم ألقى نظره حوله و قال:

- اه... لقد استيقظت

ركض إليه شاب يرتدي كعالم و قال في لهفة:

- "د.سامي" أنا سعيد أنك بخير

أبتسم "سامي" و قال :

- ما الأخبار؟

ظهر الحزن على الشاب و هو يقول:

- أنا أسف ، لقد اختفت "د.كارمن" و "د.فؤاد" و معهما "الديجي دي".

قال "سامي":

- أعلم هذا.

نظر له الشاب باستغراب و هو يتمتم:

- كيف عرف؟

وهكذا خرج "سامي" من المستشفى ليبدأ حياة محاولاً أن ينسى الأحزان فهو بطبيعته متفائل كما أنه سعيد لشبيهه من البعد الأخر الذي أستطاع أن يحمي من يحب.

أما عن الآخرين ، فقد قررت "سما" البقاء مع والدتها و تركا الفيلا معا ليعيشوا في مكان قريب منهم ، و راحت تزورهم بين الحين و الأخر.

بينما تابعت "لميس" دراستها في هدوء أخيراً و قد أصبحت الآن لا تكره التعامل مع الناس و صار لها أصدقاء كثر ولكنها لم تعلم أن هناك من يراقبها طيلة الوقت و هو "شهاب" الذي لم يختفي مثل باقي أطياف "د.فؤاد" ، ربما لأنه حصل على بعض الطاقة الايجابية منها ، على أية حال لقد تعلق بلميس بشدة الآن و صار يتبعها دون أن يدري لماذا لأنه في النهاية من المفترض أنه يتكون من الطاقة السلبية التي لا تعرف المشاعر و لكن يبدو أنه بدأ يتغير و لعلهم سيتقابلون في وقت قريب.

و بالطبع لم يترك "سامي" "كارمن" و راح يرافقها أينما ذهبوا و أخيراً تقدم لخطبتها و وافقت بعد إصرار مرير منه.

و أخيرا ، فتح "د. فؤاد" مركز طبي خيري للفقراء و صار أكثر شهرة في مجاله.

و حل الهدوء بعد العاصفة و انتهت القصة.







أتمنى أنها تكون أعجبتكم





التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 12-06-19 الساعة 02:33 AM
منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-18, 12:42 AM   #2

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتك سعيدة... سيتم نقل روايتك لمنتدى قصر الكتابة الخيالية لان هناك مكانها الصحيح...

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 31-12-19, 04:08 AM   #3

ABOOD.GH

? العضوٌ??? » 460168
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 8
?  نُقآطِيْ » ABOOD.GH is on a distinguished road
افتراضي

اعجبنييييييييييييييييي

ABOOD.GH غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-19, 08:21 AM   #4

ABOOD.GH

? العضوٌ??? » 460168
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 8
?  نُقآطِيْ » ABOOD.GH is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ABOOD.GH مشاهدة المشاركة
اعجبنييييييييييييييييي
snaptube telegram web


ABOOD.GH غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 07:44 PM   #5

علياء عابدة

? العضوٌ??? » 489426
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 172
?  نُقآطِيْ » علياء عابدة is on a distinguished road
افتراضي

شكراً على مجهودك

علياء عابدة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-07-21, 02:20 AM   #6

شوشو سعد

? العضوٌ??? » 463989
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 572
?  نُقآطِيْ » شوشو سعد is on a distinguished road
افتراضي

شكرا على هذه الروايه الجميله

شوشو سعد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحمض،الرقمي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.