آخر 10 مشاركات
الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          497- وحدها مع العدو - أبي غرين -روايات احلام جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          الرزق على الله .. للكاتبه :هاردلك يا قلب×كامله× (الكاتـب : بحر الندى - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree49Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-18, 06:33 PM   #371

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام سليم المراعبه مشاهدة المشاركة
مبارك التميز كاتبتنا 😘😘
بنتضارك على خير في نزول الفصل القادم
شكرا حبيبتي أتمني ينال اعجابك


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-18, 06:41 PM   #372

ميمي 80

? العضوٌ??? » 406639
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » ميمي 80 is on a distinguished road
افتراضي

عزيزتي ملك تسلم ايدك ع كلماتك الجميله وسردك الرائع عندي سؤال وياريت تجاوبيني متى تكملين رواية انين الجراح متشوقه اعرف شو صار مع ايلودي وانير وياقي الابطال منتظرة التكملة ع ناااار ودمتي بصحه وعافيه 🌺🌺🌺🌺

ميمي 80 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-18, 10:28 PM   #373

حوريه77
 
الصورة الرمزية حوريه77

? العضوٌ??? » 404842
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,487
?  نُقآطِيْ » حوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond repute
افتراضي

سيرين دى مش بلعاها خالص لابجد مش قبلها😒
قصتهاا فيهاا تضادات كتيره مش مقبوله 😒
فلك ياروحى عليهااا قصتها بتبكينى 🙊
وقاسم اعتقد انه فى طريقه لنسديد ديوانه
تسلم ايدك ملوكه فصل روعه سلمت يمناكى


حوريه77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 12:27 AM   #374

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني عشر والاخير


عيد العشاق

حبيبتي اشربي شيئاً من الحلم معي
اشربي شيئاً من الوهم معي
و اشربي شيئاً من الفوضى معي
و اتركي الباقي عليَّ


***
بعد ستة شهور:

- " ربما لو توقفت عن التسلل لمكتبي في كل مرة ...لن يكتشف أحد سرك القذر" همهمت فاطمة دون أن تلتفت نحوه...و هي تدقق بعض الأوراق بين يديها
- " القذر؟!" تساءل بعدم فهم... لتضع الأوراق على المكتب، و تكثف ذراعيها في حركة دفاعية... و تنظر إليه نظرات حاولت أن تسبغ عليها الصرامة....رغم الضعف الذي يتسلل لقلبها في كل مرة تراه...
- " الأشياء القذرة هي الشئ الوحيد الذي يخشى المرء ان يعرفها عنه الآخرون...ماذا تفعل هنا فارس؟!" سألته بقوة...رغم ارتجافة نبرتها و رغم أنها تعرف الإجابة...و هذا يقتلها...يقتل كل جميل تخيلته سيكون بينهما يوما...وهي تترك أبواب حصونها مفتوحة على مصرعيها لأجله....و يا ليتها لم تفعل!!
- " أردتُ رؤيتك....اش..." بعجزٍ أجابها لتُقاطعه... و هي تلتفت حول المكتب...وتضعه بينهما...
- " فارس... أنا تعمدت عدم الإختلاط بكم هذه الأيام...لأنني لم أكون أريد رؤيتك"
- " ماذا تعنين؟! "
- " احتجت للتفكير بعيداً عن تأثيرك... أردتُ أن أجد طريقي بعيداً عنك..."
أراد أن ينطق و يقول شيئًا... لكنه لا يعرف ماذا يقول...يُحبها نعم....لكنه لا يستطيع أن يتقدم أكثر في علاقتهم...لكنه لا يستطيع أيضا ألا يمر وقت دون أن يراها...التردد الظاهر في ملامحه استفزها لتقول بغضب ... سلاميتها ابيضت من ضغطها على المكتب
- " أنا لا أحتاج لجبانٍ في حياتي....يخشى الأقاويل فقط لأنه يحب رئيسته...."
- " فاطمة؟!" قال بهمس " تعلمين أنني أحتاج للوقت.. "
- " أرجوك فارس....توقف فقط عن قول ذلك...لأنني لا أعرف ما المطلوب حقًّا مني...هل تريدني كعشيقة خلف الأبواب... تلبي احتياجاتك؟! ... لأنني لست ذلك النوع فارس....لن أُرخص نفسي....و لو من أجل الحب..." اعطته ظهرها....لتستطرد تنظر من النافذة أمامها " و الحل الآخر أن اتخلى عن مهنتي من أجل أن أكون معك...انساه فارس ...لأنه لن يتحقق ".... تمنع دموعها من الإنهمار... لكنها دافعت عن قناعاتها، لا شئ يستحق أن ترخص نفسها من أجله....هي لم تربيها والدتها لتسلم لأي رجل و لو كانت تهيم به عشقًا دون رابط شرعي... " غادر فارس..." همست بصوتٍ مخنوق....لتستسلم للبكاء و هي تسمع صوت الباب يُغلق....و فارس يُغادر.
منذ اختيارها لمهنة دُمغت في العقول أنها مهنة الرجال و هي تتقبل برحابة صدر استهجان البعض....من الجنسين، فيبدو أن الصورة النمطية للمرأة الحامل ربة المنزل لم تعشش فقط في عقول الرجال... بل حتى النساء كن ضد فكرة أن تكون إطفائية....لكنها لم تستسلم، لم تفقد هويتها كأنثى و لن تتنازل عن حلمها.... حلم نافست فيه أضخم و أقوى الرجال...لتُصبح ما عليها الآن...لترفع رأس والدتها التي غرست فيها معنى الإستقلال و الإعتماد على النفس.
- " ألو..." رفعت هاتفها الخاص....و مع سماع همسة والدتها كانت تبكي...كطفلة صغيرة تحتاج والدتها الآن....صديقتها الوحيدة...
- " هل أخبرته فاطمة؟!" همست والدتها بحزن على طفلتها
- " ن..نعم..." أجابتها لتبدأ بالإنتحاب أكثر..
- " ابنتي... " همست بقلة حيلة... تجربتها جعلتها تساند ابنتها على ألا تتخلى عن حلمها... و تسعى إليه بكل طاقتها....و الأهم ألا تتنازل عنه أبداً مهما كانت الغنائم... لكن حال ابنتها الآن يجعلها تُفكر كأمٍّ و ليس كامرأة طُعنت في صميم أنوثتها و هي تكتشف خيانة زوجها مع امرأة اجمل و بمستوى ثقافي أكبر منها.... ليتركها حامل و هي التي أوقفت حياتها، دراستها من أجله... ساعدته لينجح و يرتقي في دراسته....ليتركها في نهاية المطاف... بدعوى أنها لا ترقى لمستواه الإجتماعي... " فاطمة... ربما عليك التنازل قليلاً... فربما هو ليس كوا..."
- " لا أمي....لن أتنازل....إن كان يُحبني سيتقبلني مثلما أنا...لن أغير من نفسي لأرقى لغروره الرجالي..." صمتٌ طويل امتد بينهما... لتستطرد فاطمة " أمي....أفكر أن أقبل عرض حُذيفة....عالأقل سيُمكنني أن أكون بجانبك..."
- " فاطمة....لا تُفكري في الأمر الآن... أنت غاضبة... و لا يجب أن تتخدي أي قرار الآن...دعي الموضوع للعطلة القادمة....عندما تأتين لزيازتي سنتحدث فيه طويلا...و ندرسه من كل الجوانب.... عديني أنك لن تتسرعي؟!"
- " أعدكِ أمي..." همست فاطمة.

***
-" هناك إشاعات أنك تحوم حول الرئيسة...أو بالأحرى هي من تحوم حولك فارس"
قال كريم و هو يستند على الحائط بجانب فارس..رغم أنهم ليسوا أصدقاء بالمعنى الحرفي للكلمة
-" أنت قُلتها ...مجرد إشاعات لا أصل لها " أجابه فارس و عقله بعيدٌ بآلاف الأميال ... يُفكر في كلماتها
-" فكرتُ في نفس الشئ...لن أُنكر حبك الشديد لفلك...و فكرت أنك ربما تبحث عن مغامرةً شيقة تُنسيك حبك القديم.." قال كريم بلامبالاة مستفزا فارس...لينظر إليه هذا الأخير بصدمة...لم يهتم كريم وهو يستطرد " أنا أعرف فارس العاشق... و ما لمحته في كل مرة تلمح فاطمة ...لم يكن عشقًا فارس...بل كان شيئًا آخر...."
-" ماذا كان.." سأله فارس و كأن خلاصه في كلمات كريم
-" كان تحديًّا...أنك تستطيع الوصول لأي أنثى أنت تريدها...و لو كانت رئيستك و تكبرك بخمس سنوات "أجابه كريم... ليستطرد و هو يستقيم مغادرا " أنا اعرف فارس العاشق...و هناك لم تكن عاشقًا..."
عيونه متسعة...و فاهه فاغر ... مصدوم من كلمات كريم...و كأنه دلو ماء بارد سُكب عليه و هو في أعمق سباته....ذكريات الستة الأشهر تمر عليه كشريطٍ سريع ...لكنه واضح المعالم.... كيف لمحها...ليزدريها ثم يحترمها وهي تفرض وجودها بينهم....ثم يفرض عليها وجودها بنظرات, و تدخلاته ... و كأنثى لانت ...ليلين معها قلبها... لكنه لم يكن مُستعدا ليخطو الخطوة التي كانت تنتظرها...ليس لأنها رئيسته أو أنها أكبر منه...بل لأنها لم تستطع أن تحتل مكانة فلك داخله!
***
-"مرحبا سيرين" همس حمزة و هو يدلف للغرفة
-" ما الذي تفعله هنا حمزة ؟"
سألت سيرين دون أن تلتفت باتجاهه وهي تجمع الملفات الموضوعة على طاولة الإجتماعات في الشركة الخاصة التي أصبحت تشتغل بها..." تعلم ان هذا المكان لا يليق ببذلتك الباهضة الثمن!"
-" أنظري إلي و ستعلمين أنني لا أرتدي بذلتي سيرين !..." أجابها مازحًا... التفتت تنظر باتجاهه...يرتدي سروال جينز و قميص أبيض و فوقه معطفه...كان في أبسط حالاته...ملامحه مُسترخية عن آخر مرة رأته بها...التي مرت عليها كالأمس دحجه بنظرات صارمة...محاولةً أن تتخطاه و هي تحمل الملفات الكثيرة...لكنه منعها وهو ينسلها من بين ذراعيها
-" لا يجب أن تحمليها...ثم ألا يجب أن ترتاحي أو شئ من هذا القبيل" قال مُشيرا برأسه لبطنها المنتفخة ..
-" هذا ليس من شأنك اللعين" أجابته وهي تُحاول تخطيه
-" بلى...لأنك زوجتي...و حامل بطفلتي... بالمناسبة طبيبتك تُرسل سلامها و تُخبرك أن تعودي للمنزل الآن ..."
-" وهل أنت الذي ستُجبرني على العودة ؟؟" أجابته باستهزاء
سكت محدقًا في ملامحها الباردة ليقول بجدية
-" لماذا لا تريدين استلام المال ... هو بالتأكيد ليس لك...بل لزهرة و اختها"
-" نعم زهرة التي حاولت بيعها لتشتري راحة ضميرك اللعين.." دفعت كتفه في محاولة لزحزحته من طريقها...لكنه بالكاد تحرك..
-" سيرين أرجوك...ظروفي.." قاطعته و هي تضرب ذراعه هذه المرة لتسقط الملفات أرضًا... كانت غاضبة بشدة ليس فقط لأنه وجدها فقد كانت مسألة وقت قبل أن يظهر مجددا في حياتها...بل لكل ما يُمثله حمزة في حياتها..
-" لا تتحدث معي عن الظروف...فلم تمر من جزء مما ممرتُ به ... من ذلك اليوم اللعين الذي تعرفت عليك و انا أعاني... أعاني من الدفاع عن نفسي...بينما أنت لم تكترث إلا لإغراقي....ثم انا حامل بطفل و ليس طفلة ... و سأسميه قاسم بالمناسبة"
أمسك بذقنها يضغط عليه...ليهمس بفحيح غاضب
-" لا تجرؤي بذكر اسمه بهذه البساطة..." ضغط أكثر وهو يتذكر ما فعلته من أجل ذلك القاسم الذي أصبح كل ما يمقثه " سأقتلع لسانك قبل أن تفعلي...أتفهمين؟...ثم الدكتورة جوهرة بعثت لي بكل تقاريرك و متأكد انها فتاة....فلا تلعبي ألعابا أنت لست ملمّة بقوانينها... " أكمل وهو يُطبطب على خذها باستهزاء
-" يا إلهي...كم أكرهك" همست بقهر...كيف يأتي بذه البساطة و كأن شيئًا لم يحدث
-" و أنا أيضًا أحبكِ جميلتي.." همس وهو يدنو منها ليخطف قبلةً سريعة من شفتيها...ثم يتجه للخارج دون أن يُشير لها بما أحضره فعلا لمقر عملها...التفتت حولها ألا يكون أحدا قد رأى المنظر...حمدت الله أن غرفة الإجتماعات فارغة إلا منهما...نغزة بظهرها جعلتها تئن و هي تجلس ارضا تجمع الملفات .

طوال الثلاث الساعات اللاحقة كانت تُحس بانقباض في معدتها...و ظهرها يجعلها تئنّ وجعًا...قلبها منقبضٌ من رُؤياه...و أخيرا الساعة الخامسة مساءً وقت العودة للمنزل... بعد ان نزلت الدرجات العشرون... وقفت تُمسد ظهرها بانزعاج... لتُحس بألم أسفل بطنها...استندت على الحائط بيدها و بالآخر تُمسك ببطنها وهي تهمس
-" ليس الآن...أحتاج لساعة أخرى ثم سأرتاح...أعدكِ"
تتنفس بعمق عسى الوجع يختفي...و الذي حذرتها منه الطبيبة سابقا لأن عملها يجعلها تقف طوال الوقت...فهذا ما يتطلبه عملها كمساعدة مساعدة المحامي...و مهمتها غالبا تتمثل في إحضار الملفات و تجهيز قاعة الإجتماعات...ثم إغلاق المكتب بعد مغادرة الموظفين الخمسة....مهنة لا بأس بها مقارنةً بدراستها لكنها تحتاجها... " أرجوك..." همست و الألم لم يمنحها فرصة لتتحرك باتجاه باب البناية ... ضغطت بشدة على شفتها السفلى تتحرك بصعوبة ناحية الباب... يجب عليها التحرك باتجاه موقف الحافلات...لتُحضر زهرة من الحضانة...ثم تعودا سيراً على الأقدام لميلين آخرين باتجاه المنزل!
-" سيرين !!!" همس حمزة وهو يدخل من الباب ليتسمر وهو يراها...شاحبة جدًا ... حبيبات العرق تظهر على جبينها..
-" حمزة... " همست باستنجاد " ساعدني... " أسرع إليها يسندها برقة ليُعيدها للوراء و يُجلسها على درجة السلم ...رغم وجعها تذكرت المرة التي كانت تستنجد وهي في قمة وجعها ...ليُنجدها!
-"هل أنتِ بخير...لماذا لا تتقيدين بأوامر الطبيبة بما و ترتاحي ....لكنكِ كالعادة عنيدة كالبغل" نبرة صوته تفضح قلقه الشديد عليها... أبعد شعرها القصير جدا من على وجهها ليقول بنبرة مغايرة لسابقتها " سيرين هل أنت بخير؟ ..." مرر راحة يده على خدها، لتفتح عيونها تنظر إليه ... نظرات قتلته من الصميم
-" لقد عُدتُ تلك الليلة ...لكنك لم تهتم..." همست لتبدأ بالبكاء..
-" أعرف..." استوى ليجلس القرفصاء أمامها..." لماذا تُفكرين في الموضوع الآن ؟"
-" كل ليلة تهاجمني الهواجس أنني السبب.."
-"...أنت لم تكوني السبب سيرين... هي اتخذت قرارها بكامل إرادتها...لم تكوني السبب حبيبتي..." وضع جبنيها على جبينها...ينظر إليها بقلق...أنفاسها تضرب وجهه و عيونها الدامعة تنظر إليه في تأنيب ضمير و اتهام
-" لكنك جعلتني أشعرُ بذلك... نبذتني هناك ... أحسستُ أنني...أنني..." لم تستطع ان تُكمل جملتها و دموعها تخنقها
-" ششش...هل تعتقدين أن جدي كان سيسمحُ لك بالخروج من هناك لو لم أفعل ما فعلته؟...لم تكوني لتري زهرة يومًا...كنتُ مضطرا حبيبتي..."
أخفى وجهها المتعب في عنقه...لتبدأ بالإنتحاب أكثر... وهو يُمسد على شعرها يُهدِؤها!
-" أقسم لم أقصد ما حدث..."
-" أعرف...كل شئ سيكون بخبر.."
-" زهرة..." همست وهي تبتعد عن حضنه... لينهض رافعا إياها بين ذراعيه و يتجه بها نحو سيارته.
-" سأوصلك للمنزل و أذهب لإحضارها ثم..."
-" لاا..." قاطعته ...رغما عنها فهي لا تستطيع السيطرة على الرعب الذي تملكها و هي تتخيل أنه ربما سياخذها بعيدا عنها مجددا.
أشار بحسنا وهو يقود بمهل باتجاه حضانة زهرة....و لا يستطيع أن يلومها و قد كان السبب في انعدام ثقتها به!

***
تجلس على السرير المهترئ ...بينما حمزة يقف قرب الموقد الصغير ينتظر غليان الحليب الخاص بزهرة...التي كانت تستلقي بجوار والدتها تنتظر وجبتها... بينما تنظران إليه...كل شئٍ به ينطق عكس محيطه في هذه الغرفة...رغم بساطة ملابسه إلا أنها تعلم أنها تُساوي إيجار هذه الغرفة لعام كامل إن لم تجزم انه أكثر...! بحركة خاطئة كان قد ادرق الحليب الدافئ على ملابسه...
-" اللعنة.." همس بخفوت
-" هل أنت بخير ؟... " سألته سيرين باهتمام.
-" للأسف لم يتبقى إلا القليل.." قال بخجل وهو يرفع كأس الحليب" سأغير ملابسي و أحضر المزيد ...اضطرابه جعلها تبتسم في سرها...و كأنه لم يُتمم مهمته الصعبة كما يجب.. تقدم نحوها ثم مد يده لها " تفضلي..."
قدم لها كأس الحليب المُتبقي...لتنظر بغرابة ليده الممدودة ... فالحليب في الشهور الأخيرة ثروة يجب أن تحتفظ بها فقط لزهرة...لأنه بالكاد يكفيها ..
-" لا بأس...فلتقدمه فقط لزهرة ...أنا بخير"
-" لقد نامت..." قال وهو يُشير لزهرة التي غرقت في نوم عميق "أنظري لنفسك سيرين...شهور و فقدت أغلب وزنك...يجب أن تهتمي بنفسك أكثر" عيونها المتهمة ما زالت تُحدق به تُظللها غمامة دموع " انا آسف...فقط اشربي...سأطلب العشاء"
استلقت بجانب ابنتها...و عيونها تتبع خروجه من الغرفة...لا تعرف هل تحزن أم تفرح لوجوده... رغم أنه يُمثل لها كما أصبحت تُمثل له مصدر كل آلامه إلا أنها ترتاح لوجوده قربها...دقائق فقط ما مر على خروجه ليعود حاملا ملابس نظيفة...أرادت النهوض لكن آلام ظهرها منعتها لتُعاود الإستلقاء..
-" أين أستطيع تغيير ملابسي؟" همس و هو يرفع الملابس المطوية بعناية بين يديه...بعد ان وضع مشتريات البقالة أرضا.
-" تغيير ملابسك ؟" همست بصدمة و استفسار...احتلت ملامحه نظرة احمرت لها سيرين خجلا ليبتسم بإغواء... و هو يقترب منها ببطئ ...صدرها يعلو و ينخفض بترقب... فلن تنكر أنها اشتاقت إليه...فلتلم الهمونات أو أي كان...لكنها اشتاقت فعلا !
دنا منها...ليهمس قريبًا جداً
-" ليس لأنني أرفض ان أقدم لك عرضًا ...لكن تعرفين..." استقام مبتعدًا " زهرة قد تستفيق في أي لحظة"
-" ألا تخجل...؟" همست وهي تبتلع ريقها
-" و لما سأخجل...و سابقًا..."سكت و يُعاود الإنحناء...ينظر في عيونها التي أظلمت و شفتيها المنفرجة تلفحه أنفاسها القوية...و كأنها تنتظر قبلته ... أفكارهما قادتهما للحفل منذ ستة أشهر ... كانا هناك جامحين و كأنهما في حربٍ ...من يستطيع إجبار الآخر على الإعتراف بعشقه للآخر...رغم أن مشاعرهما تجاوزت أي كلمات...كان تواصلا آخر لم يختبره يوما في حياته...و بالنسبة لها كان ذكرى لأول مرة لها بين ذراعيه... كل همسة منه و لمسة كانت تعدها الكثير... جعلها تشع بأنوثتها و انه يعشقها...
حركت رأسها تُبعد الأفكار .. لتقول بهمس خافت حاولت ألا يُظهر تأثرها بالذكرى ..
-" ما قصدته لماذا تحمل ملابسك معك في السيارة؟؟"
ابتسمت و امتعاض ملامحه أخبرها بإحباطه و أنها أنزلته قسرا من ذكريات...كانت مُعينه الوحيد طوال الأشهر السابقة...ليُخيل إليه أنها مجرد أحلام من نسج خياله ... كانت من الروعة أن تكون واقعية..
سيرين...كانت كمخذر كلما اعتقد انه أخذ كفايته منه...كان جسده و روحه يطلبان المزيد!
-" الأمر يستحق المحاولة..." همس بخفوت و هو يمرر يده على شعره...يُحاول السيطرة على ارتباكه..
-" نعم ؟؟؟.."
-" لا شئ.." غمغم ليدنو يحمل ملابسه التي وقعت أرضا ... نظر إليها مطولا قبل أن يستدير نحو سيرين و يقول بهدوء " لقد تركت منزل أهلي...خيروني بينكِ و بينهم ...و اخترتكِ" شهقت بعدم تصديق...لم تعتقد أنه سيأتي ذلك اليوم حيث تكون من أولويات شخصٍ ما
-" ألا تملك مكانا آخر للذهاب" نطقت بأغبى شئ يمكن ان يسمعه شخص ما يعرف من هو حمزة العياشي ...ابتسم و هو يجلس قريبا منها...لتحمر خجلا و هي تستطرد " عندما هربت من خالي ثم منك...كانت الحقيقة الوحيدة أنني لا أملك مكانا للذهاب ... لكن من أكون أمام حفيد عزالدين العياشي"
-" لا أريد مكانا آخر لا تتواجدين به" همس يُبعد شعرها الأسود عن عيونها.
هذه المرة...كانت من تُفاجئه مقبلةً إياه.
-" أنا آسفة عما حدث مع عائلتك" امالت خدها...تريد ان تستشعر لمسته أكثر
-" أنا لستُ كذلك...أنتِ تحتاجينني أكثر منهم...وجودي من عدمه سيان هناك...لكن هنا...وجودي حياة" رفع وجهها لتتلاقى نظراتهما " لم أشعر أنني حي إلا بدخولكِ لحياتي سيرين...في كل مرة لا أستطيع الإقتراب منك كنت أهرع حيث زهرة...جزء منك الذي يحمل رقتك و حنانك...و لا أنام إلا و هي بين ذراعي" مسح دموعها " لا تبكي..." همس و هو يحضنها..
أبعدها دون أن أن يفلتها...ليقول
-" هيا ... كفانا من الدراما...يجب أن نرتاح لأن غدا سنحتاج لكل قوتنا للبحث عن منزل للعيش...فلا أعتقد أن هذه الغرفة صالحة للعيش."
أجابته وهي تلتفت حولها...رغم أن الغرفة قديمة و كذلك أثاتها إلا أنها أفضل ما استطاعت تدبره بذلك الراتب الضئيل
-" هي جيدة مقارنةً براتبي ... "
-" سيرين أنتِ لن تذهبي لذلك العمل بعد اليوم..."
-" لكن ..." أحاط بوجهها بيديه و هو يقاطعها قائلًا
-" اسمعيني جيدا سيرين...انتِ و زهرة مسؤوليتي منذ اليوم...رغم أن جدي قد جمد أرصدتي ...إلا أنني أملك ما يجعل بدايتنا معا مريحة"
-" ماذا تقصد..."
-" سنبحث عن مكان جيد للعيش و كذلك سيكون كمكتب لنا"
-" مكتب ؟"
-" نعم مكتب صغير للإستشارات القانونية...لأن بظل المنافسة السرشة لن نستطيع الحصول على مؤكلين بهذه السرعة ...و أغلب الشركات تُمثلها شركتنا...أقصد شركة العياشي ..."
-" حسنا "
***
بعد يومين

- " لا يجب أن تدخلي إلى هنا...الرائحة قوية جدا... " صاح حمزة من فوق السلم الحديدي...وهو يقوم بطلاء الجزء الأعلى من الحائط....في المكان الفسيح الذي قررا استغلاله كمكتب ... كانا محظوظان ان يجدا شقة فسيحة مكونة من شقين منفصلان ... و يتصلان بباب جانبي ...أحدهما سيستغلانه كشقة صغيرة و الجزء الفسيح كمكتب للإستشارات القانونية.
- " أحضرتُ لك الغذاء.. " أجابته وهي ترفع ما تحمله في يدها... " فقط أنا و أنت...زهرة نائمة بعمق..." نزل حمزة بمهل يُحدق بها ترتدي سروال من الجينز الأزرق يبدو قديما و فضفاضا عليها...و قميصا ابيض ضيقا يُظهر بطنها المنتفخة... و شعرها القصير بالكاد يُلامس كتفيها...و حذاءًا رياضيا بسيطا....كانت جميلة... بابتسامة جذابة لعيونها كان يقترب منها...
- " كنتُ أتمنى لو استقبلتك كما تستحقين... لكنني أخشى افساد طلتك الجميلة.... "
- " اللعنة على الطلة التي ستمنعني من معانقة زوجي الوسيم..." رفع حاجبه بتعجب
- " الوسيم؟!... لنرى... لم تكن هذه الصفة التي كنت تستعملينها سابقًا... "
- " نعم... فقد كنت كالشوكة في خاصرتي... رغم أنها مؤلمة إلا أنها الوحيدة التي تُذكرني أنني اشعر و أحس... تعالى " تعلقت في عنقه تجره للأسفل عندها
- " رائحتك جميلة.... دافئة...مثلك تماما" قال و هو يستنشق رائحتها أكثر....التي لن يكتفي يوما منها" لو تعرفين كم اشتقت إليك...." همس وهو يتخلص من قفزيه و يُدخل يديه اسفل قميصها.... يستشعر نعومة جلدها... و هو يتلقف شفتيها في قبلة حارة... بعنف لم يستطع التحكم به....كان يتجه لأزرار قميصها يفتحها بلهفة بينما هي تحاول تخليصه من قميصه
- " عالأقل... إن كنتما تريدان الإنفراد بنفسيكما تأكدا من إغلاق الأبواب...." شهقت سيرين بفزع و هي تسمع صوت رجل قادم خلفها....و بسرعة كان حمزة يُعيدها للخلف يُغطي عريها.... تمسكت به لترفع نفسها تُحدق بالرجل الذي قاطع تواصلهما...أظافرها انغرزت في لحمه عندما تعرفت على والدها.. التفت حمزة باتجاهها أجبرها أن تقطع تواصل عيونها مع والدها...و هو يساعدها على اغلاق ازرار قميصها المتبقية... ليربت على وجنتها
- " كل شئ سيكون بخير.. " طبع قبلةً على جبينها...و هو يهمس " اذهبي أنتِ للمنزل... سآتي قريباً "
- " أنت لم تُخبرها أليس كذلك...." قال والدها وهو ينظر إلى استدارة بطنها الواضح... بحمائية كانت تضع يديها على بطنها....رفع نظراته ينظر إليها ليزداد احمرار وجنتيها...لتنغرز أكثر في حمزة....وهي تسأله بهمس خافس
-" ماذا يريد حمزة؟" احاطها أكثر يطمئنها...وهو يُجيبه
-" تعرف شعورها من تواجدك حولها "
-" تعرف أن لا حل آخر لدي...حرية ابني أهم من كل هذه الخلافات"قال و هو يقترب منهما
-" ماذا يحدث هنا؟ حمزة أخبرني ماذا يُريد؟! "
-" سامي في السجن..." أجابها بهدوء حمزة و عيونه ما زالت مُحدقة في عيو والدها
-" ماذا ؟"
صاحت بعدم تصديق وهي تسحب الملف من يد والدها...تصفحته لثواني لتشهق بغضب...و هي ترمي الملف لتتناثر الأوراق بجانب حذاء والدها...
-" توسلتكم أن ترحموني...أن تأووني و طفلتي ...لكنكم لم تفعلوا....و الآن تريدون مني اخراج طفلكم المدلل من السجن....عجبا و الجريمة.... محاولة اغتصاب قاصر...." أحاطها حمزة لكنه تنصلت من ذراعه بعنف وهي تصرخ بوجع " هل تعلمون ماذا يجعلني الأمر أعتقد....أنكم لم تكونوا فعلا أبوين جيدين في الأخير.... و هذا يجعلني ارتاح انني من الشعور أنني خذلتكم.... و لكن في الواقع انتم من خذلوني..... و طلبكم مرفوض." بمجرد أن أكملت كلماتها كانت تُغادر المكان غاضبة.
***
بمجرد دخوله كانت سيرين تنتظره على مقعد بجانب الحاجز الرخامي للمطبخ...ترتدي قميص نوم احمر ...( ما قصتها مع الاحمر ..اعني يا رب) تمتم و هو يضع معطف بدلته على الاريكة...ليجلس على حافتها بتعب و عيونها تراقبه بسخط
-" إذن لقد أخرجته..."
-" تعلمين أنني سأفعل سيرين...لماذا لا تختصرين كلماتك و تدعيني أستريح...فأنا مُتعبٌ جدًا"
- " من أعطاك الحق لإخراجه..." صاحت وهي تنهض مقتربة منه..استقام يُواجهها " ليس من حقك " كررت وهي تلكزه في صدره بأصبعها بعنف
-" سيرين...سامي ليس له ذنب في طريقة معاملة عائلتك لك...ما زال مراهقا في التاسعة عشر ...هل تُريدين تدمير حياته" لم تهتم لكلماته و هي تضرب صدره بعنف...الموضوع جلب لعقلها كل المشاعر و التخبط الذي عاشته طوال فترة نبذ عائلتها لها...كيف كانوا يُعاملونها و كأنها شخص معصوم من الخطأ...ليس من حقه ان يُخطئ... مشاعر الكره عادت لتستوطنها...و تتدفق كبركان اعتقدت أنها أحكمت سيطرتها عليه...كانت غاضبة...و الأكثر مجروحة.
"كلكم تستحقون ان تتعفنوا في ذلك السجن.... و كأن كونكم رجالا يعطيكم كل الحق ان تغلطوا فيستقبلكم الكل بالأحضان...."
ابتعدت ... و كأنها تذكرت فجأة أنه السبب في كل مصابها...و كان واحدا منهم...لتنظر إليه بألم.. " غلطة....فقط غلطة...كلفتني كل حياتي....مستقبلي و ماضيي ....طفلتي سيعلق على جبينها أنها بذرة زنا.... ستنظر إلي بكره دائما" اقترب منها يمدّ يده ناحيتها...لكنها صدتها بعنفٍ...لتجلس بتعب و هي تُكرر بهمس قاتل " ستكرهني...و تتمنى لو لم تولد أبدا..لو لم أكن والدتها...ستكرهني"
جلسها بجانبها يحضنها بقوة.... ليقول
- " اقسم لن ادعها تكرهك... أخبريها أنني أجبرتك...أو أنني اغتصبتك...اقسم حبيبتي سأفعل أي شئ كيلا تكرهك يوما"
جلست بتعب ليجلس بجانبها يُسندها لصدره وهو يسمع همستها ... التي أخذتها للحظات عرفت المعنى الحقيقي للوحدة...." بعد أن هربت من خالي الذي كان يسجنني في علية...جوعني و ضربني و كل ذلك كي أُسقط حملي ... و يدفن البذرة السيئة قبل أن تتفتح...لكنه غفل أن البذرة و لو زُرعت في أرضٍ سيئة ستُزهر... قبل هروبي ...سمعته يتحدث مع والدتي...ترجوه أن يرأف بي...أن يُعيدني إليها و سوف تهتم بي... أتعلم بما أجابها...أنه لا يتلقى الأوامر من النساء.." إلتفتت تنظر إليه...عيونها تُظللها دموع حبيسة لتهمس بشعور قاتل لكينونتها كإبنة ..." امره إن لم يستطع تخليصي من الجنين...أن يقتلني" عيونه تُحدق في عيونها بصدمة...التي غادرتها دمعةٌ يتيمة ...تبعتها عيون حمزة حتى اختفت بين شفتيها المنفرجة..." أمره أن يقتلني... و القاتل لي أنني كنتُ صدقت أنني أستحق... هل تعتقد أنني لم أحاول قتل نفسي...لكنني لم أستطع ... لأن روحا كانت تسكن داخلي...ليس من حقي أن أسلبها حياةً تشبثت بها في أحلك الظروف "
تنهدت بقوة و هي تعود بنظرها للأرضية العارية...الباردة كبرود مشاعرها المتلبدة الآن " طوال الأشهر ... رغم قسوتهم معي كنت أظن أنني أستحق... أتيت بشئ لن يغفروه لأي شخص ... ليس الشخص من يهم بل الفعل! لكن بعد ما فعله سامي ...و تقبلوه بصدرٍ رحب لم أعد أعرف كيف أشعر؟ كيف يجب أن أشعر؟؟!!! ... الموضوع لا علاقة له بسمعتهم...بل بكونهم لم يحسبوني يوما ابنتهم...و تستحق العفو كابنهم تماما"
-" لا سيرين...لا تذهبي بعقلك بعيدا...والدتك تُحبك ... ووالدك..."
قاطعته بحرقة...و هي تستند على يدها لتنهض متجهةً نحو غرفة نومها
-" أنت لا تختلف عنه في شئ حمزة...أنت لست إلا نُسخةً أخرى منه...و أنا لن أسامحك على ذلك"
عيونه تُحدق بها في صدمة...ليستفيق و هي تُغلق الباب بشئٍ من العنف...أعلمه أنه غير مرغوب فيه في غرفتها الليلة...أو ربما في كل الليالي القادمة..
اتجهت أنظاره للغرفة الصغيرة التي المخصصة لزهرة...و التي أخذت اهتمامه أكثر...يُريد أن تكون مطابقة لغرفتها في منزل اخته و التي لم تدخر جهدا لتكون غرفةً جميلة لطفلة بروعة زهرة...كانت تنام بوداعة... جلس ينظر إليها يتذكر في كل مرة يهرع إليها عندما يسأم من الصراعات التي يزخر بها عالم الكبار...كان ينسى نفسه و هو يُلاعبها...فتحت عيونها لتهمس
-" با.."
قبلها بفخر أبوي في جبينها وهو يضحك رغم كل شئٍ...
-" لا تُعيديها حبيبتي أمام والدتك...سأطرد من المنزل إن سمعت أول كلمة تنطقينها"
تنظر إليه بعيون كبيرة كعسلٍ صافٍ... كعيونه بالضبط.... تتلاعب بأصبعه بين أصابعها المكتنزة.... رفعها ليجلس على الأرض يحضنها بقوة...
-" أعلم أنني لستُ الأب الذي تتمتين الحصول عليه... لكنك للأسف ملتصقة بي للأبد...أعدك أن أتعلم كيف أكون الأب الذي تتمنين الحصول عليه يومًا...و الزوج الذي يستحق والدتكِ... هي أكثر من رائعة...تُذكرني بوالدتي...لم أخبرها يوما بهذا...لكنني فخور جدا بها...بكل ما فعلته من أجلك لتوصلك لبر الآمان...هي من المقاتلات التي تجعل الرجل يقينا أنه مهما سقط فستكون هناك تلم شتاته..." سكت قليلا يُمسد شعرها..." رغم كا شئ حدث معنا إلا أنني أعتبرها بيتي ... حضنها يجعلني أحس أن كل شئ سيكون بخير...لطالما هي معي ...فسأكون بخير...أمك وطني حبيبتي...أو ما تبقى منه على الأقل! ولن أدعها تلفظني بعيدا...لأنني سأضيع! " انزل عيونه لزهرة التي عادت للنوم..." نامي جميلتي.." همس و هو يرفعها و يُعيد وضعها في مهدها...ثم جلس على الأريكة الوردية و لم تمر سوى ثواني حتى سقط نائما من شدة التعب..
أظهرت نفسها حيث تختفي...تستمع لهمساته لزهرة...لتتجه حيث ينام و تضع عليه غطاءاً طفوليا ...ثم أطفأت الإنارة عائدةً لغرفتها.
****
-" فلك..."
همس قاسم و هو يقف أمامها...تجلس في أحد الكراسي القريبة من البُحيرة... في المصحة النفسية التابعة لمستشفى " العالمي" الخاص... شهور و كل ما يفعله هو النظر إليها من بعيد...ترسم أو تقرأ ...أو تتحدث مع طبيبتها النفسية...كانت ترفض رؤيته...و كأنها أخيرًا أخبرته أنه الوقت لدفع الثمن على كل ما اقترفه في حقها...قد حان.. " الطبيبة أخبرتني أنكِ مستعدة لرؤيتي..." همسته تلاها صمتٌ طويل من جهتها...رفع نظراته حيث الممرضة المسؤولة عنها في الكرسي القريب منهم لتبتسم له مشجعةً... خطى الخطوات التي تفصله عنها ليجلس قريبًا بعيدًا عنها ...يجمعهما نفس المقعد لكن تفصلهما أبعد مسافة ممكنة!
دقائق مرت...و كل ما يفعلانه هو التحديق بعيدا...لكنه لم يكن يشعر بالرعب كتلك المرات التي كان يزورها في ذلك المشفى الحكومي... زقزقة العصافير، الهواء العليل الذي يحمل رائحة شعرها العطرة إليه...كلها أشياء تجعله ممتنا ...و أن بدايته هذه المرة صحيحة.
-" مريم أخبرتني أنني لم أواجه يومًا.. قاطعت استفزازها لي بشراسة و أنا أخبرها أنني أُواجه...و كل ما فعلته أن قدمت لي هذه المذكرة... ثم تركتني لأفكر و أكتب عن كل مواجهة خُضتها للدفاع عن نفسي...أوتعلم ؟" رفعت المذكرة بجانبها ..." لم أجد...في كل حياتي الخامسة و العشرين لم أجري و لو حديثا عميقا عن حياتي ...لم أدافع يوما عن قراري ...لم ... "
-" فلك..." همس لتُقاطعه وهي تنهض تنظر إليه من عُلو
-" لا تستعمل هذه النبرة معي مجددًا..." أصبعها المتحدي قريب من وجهه...صدرها يرتفع و ينزل بوتيرة سريعة...كانت غاضبة...منه و من نفسها " لم يكن من حقك أن تُخفي عني خبر موته...لم يكن قرارك لتتخذه قاسم...أنت سلبت مني فرصة وداعه"
-" أوتعلمين كم كان قرارا صعبًا لأتخذه؟...ككل قرارٍ لعين اتخذته في حياتي...لم يكن يجدر بي أن أدخلك في متاهتي من اليوم الأول..."
تراجعت بصدمة...الألم يحتل ملامحها
-" هل تقصد زواجك مني كان غلطة؟"
-" لا...زواجي منك كان اجمل قرار اتخذته يومًا...ربما التوقيت فقط هو الخطأ..كان يجب علي ان أجمع شتاتي قبل أن أطلب يدكِ"
-" شتاتك ؟؟؟ " ضحكت بألم و استهزاء" شتاتك!!... أتقصد في المرة التي توسلتُ كريم و عمر للبحث عنك؟ ليجدوك محاط برفقة السوء يُحاولون تَسكِنة آلامك بعرضهم للمخدرات عليك...أم ربما عندما تعرضت للضرب من طرف صديق إحداهن كنت تُحاول الوصول لسروالها...أو في كل ليلة لعينة و أنا أجلس أقضم أظافري و أنا اتساءل ماذا عسى حدث معك ؟!!...أوه مهلا ...أنت لا تذكر أي من هذا لأنك كنت غائبا تحت تأثيران الكحول..." لم يرها يوما بهذا الشكل...لكنه سرّه جدا...فقد كانت قوية ...حتى انها أرعبته " اسمعني قاسم جيدًا أنت أبدا لم تكن تستطيع جمع شتاتك ذلك بدوني....هل تسمع بدوني أنت لا شئ.."
جفل من قوة كلماتها...أحس بنفسه صغيرا أمامها...مذنبا و هي تُسلط الضوء على زلاته تجاهها...و التي تظهر بشعة ...أبشع مما يتخيل و هو يُكررها داخله دون ان يستطيع التفوه بها ... و الآن صداها يتردد داخله بصوتها هي... و هي تُواجهه بما اقترفه...وقفَ و قد كان في موضع ضعف...
-" سامحيني فلك..." سكنت ملامحها...لتعود تلك الفلك التي يعرفها...ضعيفة و نفحة هواء يمكن أن تجرحها.
-" أسامحك قاسم ؟... و ماذا عني؟!! هل سأسامح نفسي و أنا..." دموعها خنقتها...لكنها مسحتها بقوة بكم فستانها لتنظر إليه بقوة...و كأنها ترفض أن تعود فلك الضعيفة المسكينة " و انا أتذكر في كل مرة ألمح طفلتي أنني كنتُ سأقتلها؟.."
حضنها بقوة...غم ممانعتها إلا أنه لم يفلتحها ... دقائق مرت تبكي لتستكين بتعب...همس بخفوت
-" لا تُسامحيني فلك...لكن أرجوك لا تقسي على نفسك...لم تكوني بوعيك "
لكن فلك لم تكن تستمع لهمسته ....لأنها كانت فاقدةً لوعيها..." سأخبرك أمرًا قاسم...أنا أحببتك من كل أعماقي.... و حبي لك أعماني لكي أرى معدنك....أنت مجرد شخص ضعيف اتكالي.... في كل مرة تُنسب أغلاطك لغيرك... تعتقد أن الكون يدور حولك فقط... و أنا كالغبية في كل مرة أنظر إليك لأرى ذلك الطفل اليتيم الذي تُرك وحيدًا...أو تعلم شيئا قاسم...أنت لم تعد ذلك الطفل...أنت الآن رجل ناضج يجب أن يتحمل ثمن أغلاطه..." في ثانية تغيرت تعابير وجهها لأسى...و حزن عميق وهي تضغط على على قلبها " هل تعرف ما جعلتني خيانتك أشعر به تُجاه نفسي...أنني امرأة لا تستحق الحب...غير جديرة أن تُعشق...كممسحة أرجل......عالأقل هذه الممسحة تقوم بدورها"
-"فلك" لم تسمعع همسته وهي تستطرد ناضرةً إليه
-" ...أنت جعلت تقديري لذاتي يتلاشى...في كل لحظة وضعتُ مصلحتك فوق مصلحتي...ليس لأجلك بل لأنني أؤمن انني لا أستحق...جعلتني أمقث نفسي... في كل مرة أصر على خدمتك..كنتُ أسعى لسد تلك الثقوب التي تتوسع داخلي.. لكن أتعلم مالذي حدث؟
كانت الثقوب تتوسع و تتوسع حتى ابتلعتني...أنت قتلتني قاسم...قتلت كل شئ جميل داخلي...و لا أظن أنه سيحيى يوما...لهذا لن أستطيع أن أُسامحك...الآن على الأقل...لم يعد في قلبي ذرة مغفرة لأمنحها لك"
ينظر إليها تتجه نحو البناية البيضاء و ممرضتها خلفها...تُحاول أن تتبادل معها أطراف الحديث...لكنها كانت صامتة...في عالم آخر.
****
دخلت فاطمة ليعم الصمت المكان....الرجال كانوا يُثرثرون حول آخر عملهم و يلقون النكات حول الموضوع... الأنظار متجهة نحوها...أنيقة كعادتها في سروالها الأزرق و قميص أبيض...ترفع شعرها البني كذيل حصان طويل.... كانت جميلة جداً...
- " التقرير لم يجهز بعد...كما ترين بالكاد وصلنا من العمل الحقيقي... و ليس الجلوس على مؤخراتنا طوال اليوم و نُطلق على أنفسنا..."
- " عبد الرحمن. .." قاطعه فارس بتحذير....لينظر إليه بسخط... " نعم....و كأنني أهتم إن كانت تُدفئ فراشك ليلا لكي تُدافع عنها...." بغضبٍ اتجه فارس إليه يُمسكه من ياقته....يريد أن يمحي نظرة الإستخفاف من عيونه... و تلك الإبتسامة المقرفة.
واقفة دون حراك....كلماته شنجتها....لتجعل أطرافها باردة من الخزي....رفعت نظراتها للفريق...الكل ينظر إليها بشماتة او بشفقة.... لكنها ليست فاطمة من ترضى على نفسها الذل....هي وُلدت جاهزة....
- " توقفا..." صاحت بقوة و هي تقترب باتجاههما.... لتنظر بحقدٍ لعبد الرحمن " إن كان فارس قد دافع عني فلأنه رجل كفاية ليفعل....و إن كنت تعتبر نفسك أكثر أهمية مني فقط لمجرد أنك لم تولد بهيئة أنثى....فأنا أتحداك الآن في نزال....و لنرى إن لم أجعلك تبكي كالنساء اللاتي من الظاهر أنك تمقتهن...." فتح عبد الرحمن فمه ليقول شيئًا لكنها قاطعته...." إعفني من الشعارات....أنا رجلٌ لا يضرب النساء.... لأنني لا أراك كذلك" عيونها تُحدق به.... باردة و مصرة...رغم أنه أطول منها بقليل إلا أنه لم يجعلها ذلك تحس بأي تفوق من جهته...جسده المرتبك كان ظاهرا لها و لكل الرجال حولهما....الفاغرين فاههم من كلماتها و كأنها تُوجهها لهم... و تصفعهم أن ما ظنوه يوما تفوقًا... تلاشى و هي تُهاجم زميلهم بضراوة...." ما جوابك عبدالرحمن..؟! هل نتواجه أم تعتذر عما نطقت به للتو؟!"
ساد صمت طويل بينهما.... عيونهما لم تفقد مواجهتها.... لينطق أخيراً
- " أنا أعتذر...."
- " نعم؟!..." قالت باستفزاز...." بالكاد سمعته....ليسمعه زملاؤك "
- " أنا أعتذر منك و من فارس عما بذر مني...." دون أن تحيد نظراتها عن قالت
- " جيد....و الآن أنا أنتظركم في الباحة....هناك ما أنوي إخباركم به...." و التفتت مغادرة....رافعة رأسها...و رغما عنهم كانوا ينظرون إليها بتقدير.
- " اليوم أنا أجمعكم لأن هناك أخبار سعيدة لأغلبكم....رغم أنني استمتعت جدا بالأشهر القليلة التي امضيت معكم...لكنني سأنتقل من هذا المركز و من المدينة كلها...." وجهت نظراتها حيث يقف فارس... ملامحه غير مقروءة " في آخر عطلة أخذتها.... " رفعت يدها حيث يقبع خاتما ذهبيا بسيطا... " تزوجت و استعملت حقي في الإلتحاق بالزوج لمدينتي الأصلية ..." ابتسمت بحزن وهي تستطرد " رغم أن أغلب الأوقات لم تتقبلوني كامرأة تخبركم ما يجب أن تفعلوه....إلا أنني و بكل مهنية أخبركم أنكم من أفضل الفرق التي عملت معها....أتمنَى لكم كل التوفيق"
***








...



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 03-08-18 الساعة 11:00 AM
ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 12:29 AM   #375

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

قبل ستة أشهر:
في الحفل
صدره يعلو بمشاعر أكبر من ان يلجمها و قبلتها تهز بكيانه...أغلق عيونه يغرق أكثر في رقة شفاهها على شفاهه...كان يُريد أن يستشعر احساسه بها بكل ذرة في كيانه...ليفتح عيونه برعب و برود إبتعادها يُجمده...ينظر إليها تفتح قفل باب الحمام دون أن يستطيع منعها...وقفت على عتبت الباب تلتفت نحوه...و بعبون دامعة أحس أنها تُودعه... لم يستطع ان يوقفها...شئٌ في نظراتها أعلمه أنها لن ترضى البقاء...أغلقت الباب...آخذةً معها كل الهواء الموجود حوله...كان يختنق...بكل ما للكلمة من معنى!
تشبث بالمغسلة خلفه...يُحاول إجبار صدره على الإتيان بحركته الإعتيادية...( شهيق...زفير...) يُكرر داخله...يحاول أن يوصل لعقله أنه بخير...و الآلة التي تُساعده على ذلك كانت بعيدة عن مُتناوله...( شهيق...زفير...أنت بخير حمزة...أنت لا تختنق...أنت لست وحيدا...نورا معك....زهرة كذلك ...انت لست وحيدا....فقط تنفس ) يهمس لنفسه كلمات لطالما ساعدته في محنته...التي لازمته منذ حادثة موت والديه...التي قلبت حياته رأسا على عقب...و هو يجد نفسه الخليفة لجده بعد والده...أغمض عيونه و همسات والدته تتوغل إليه بينما خلفها صوت والده المصر أن يتحركا الآن...فهو الوقت المناسب للهرب! ...
-" سنعود حبيبي...سنعود من أجلك و نورا...أنتما في مأمن هنا...لن يستطيع أن يؤذيكما...اهتم ينورا بني...فأنت الآن رجلٌ كبير" لتدنو عليه تُقبل جبهتها و دموعها تغسل وجهه... كان فقط بالكاد وصل لارابعة عشر...و اخته في السابعة..ليُخبره جده في الصباح انهما لقيا حتفهما ...إثر سقوط سيارتهما في منحدر...لتتوقف رئتاه عن العمل كالآن...لكن الأطباء أخبروه أنها مجرد أوهام يُصورها له عقله...جلسات خاضها لتختفي ... لكنها عادت يوم وجد اخته في المستشفى بين الحياة و الموت...نوباته كانت تظهر كلما استشعر فراقا...كالآن ... احساسه يُخبره أنها تُودعه!

يديه ثقيلة و هو يمدهما ليغسل وجهه بالماء البارد...وجهه شاحب و بأصابع مرتجفة كان يخرج بحثًا عنها..

***
-" أحمد خُذني من هنا...أرجوك! "
تمسكت بعضده و تكاد يغشى عليها ... ليُمسك بها و يُجلسها ببطئ و يرفع كأس العصير لفمها ...لتُبعد وجهها فقد لمحت سابقًا الخمور تُقدم...لكنه همس مُطمئناً
-" هذا فقط عصير الليمون...فأنا سأقود عائداً...اشربي...تبدو حالتكِ..." سكت و هو يلمح آثار تملكٍ على كتفها..." إذن فلقد وجدكِ الحقير..."
رفعت عيونه باتجاهها ...لتتململ بعدم راحة و هي تُحاول تغطية الظاهر من كتفها..وهي تهمس بخجل
-" إذن فلنتحرك...لأنني ألمحه الآن ... و يبدو أنه مُصرٌّ على إيجادكِ"
قدمت له الكأس الفارغة...لتنهض بتثاقل و هو يسندها ...خارجا بها من المنزل و من المزرعة ككل !
-" ألن تُخبرينني ما الذي يحدث؟...لماذا أنا من يرافقك للحفل و يُعيدكِ منه و ليس زوجك"
قال أحمد يقطع الهدوء الذي يلف السيارة...و قد نصف المسافة باتجاه المدينة..
لكنها لم تتفوه بكلمة و كل ما تُحدق به كانت أعمدة الإنارة المصطفة على طول الطريق...التي تُنير الطريق مُعطيةً للغابات خلفها هالةً مرعبة...تُحاول التركيز في كل شئ غير رائحته مازالت تحتلها و همساته التي تأبى مُفارقتها !
رحبت بكلماتك أحمد التي انتشلتها من الغوص مرةً في ذكرى ما حدث منذ دقائق...و مشاعرٌ تهاجمها بضراوة و هو يهمسُ لها حاجته لها...و أنها تُعطي قيمةً لحياته...و حياتها لا قيمة لها بدون زهرة...على هذه الفكرة التفتت لأحمد المركز على القيادة
-" أنتِ تعلمين أنك تستطيعين الثقة بي...أليس كذلك؟"
اعادت نظراتها للأمام و هي تُجيبه بنبرة ميتة
-" فقدتُ الثقة حتى في نفسي...لذا لا... أنا لا أثق بك"
أحست بنظراته المصدومة تُحدق بها..ليهمس بعدم تصديق
-" ما الذي فعله ليكسركِ لهذه الدرجة؟"
-" بل ماذا فعلوا.."أجابته وهي تُحدق في أصابعها المتشابكة..." و كل ما فعله هو أن جعلني أعشقه لدرجة أن أفكر أن أتخلى عن انتقامي ..." صمتت قليلا لتستطرد " كي أكون معه !"
-" مالذي فعلوه؟.." همس بخفوت
-" أخذوا طفلتي...و أعطوها لنورا...كبديل عن طفلها " أجابته و هي ترفعُ نظراتها تجاهه..
كانا يُحدقان في بعضهما البعض...و كأنه ينتظرها أن تُخبره أنها مجرد مزحة سمجة...لكنه قرأ الإجابة في عيونها...وهي تُبعدها و هي تمسحها من الدموع التي انهمرت...لم تفطن أنه أوقف محرك السيارة إلا عندما خرج مندفعًا و هو يلعن مرارا و يضرب الإطار بعنف...بعد مرور دقائق عاد ليجلس مكانه و يُشغل المحرك ... تحركت السيارة و الهدوء عاد ليلفهما من جديد... أضواء المدينة بدت كالعودة للواقع بالنسبة لها...ستعود لشقتها تبكي ابنتها التي لن تراها يوما...
-" ساعدني.." همست... لم يأتي بحركة حتى اعتقدت أنه لم يسمعها " س..."
قاطعها صارخًا بغضب...
-" لقد سمعتك...اللعنة سيرين ...أنت لا تعرفين ما ورطتِ به نفسكِ ... هذه العائلة كالمافيا...بكلمة فقط ستدفنكِ ألا تعلمين ؟؟؟؟..."
-" دعني فقط أراها... ولو من بعيد أرجوك"
لم يُجبها لدقائق...لكنها تنفستِ الصعداء و هو يأخذ طريقًا جانبيا ... حبست أنفاسها...و هي تُركز في كل إشارة...كل لافتة و كل اسم شارع...كانت تقتنص كل معلومة ستحتاجها قريبًا...نبضها توقف و السيارة تتوقف في حي راقٍ... أمام منزل صغير...في صف من منازل تحمل نفس الشكل ...بحديقة أمامية ... نزلت بمهلٍ لكن أحمد وقف أمامها...
-" فقط سألقي نظرة أقسم لك..." همست تترجاه ليخطو بعيدا عن طريقها...دفعت البوابة الحديدية و خطت للداخل...المنزل من الداخل غارق في سكون...بجانب الباب كان هناك كرسي هزاز ...و بجانبه ألعاب أطفالٍ...حملت إحداها تستنشقها...كانت تلك اللعبة التي اشترتها لها عند مولدها...لم تُفارقها أبدا....أقسمت أن رائحة زهرة توغلت داخلها...لم تُفلتها ...و قبل أن تستدير راجعة ... وضعت أصابعها تتحسس الباب الذي يفصل بينهما... و كأنه جدارٌ حديدي مسنن...لتهمس
-" انتظريني زهرة...سأعود طفلتي...أقسم لك سأعود"
لتُغادر و لُعبة طفلتها مازالت تضغط عليها على قلبها...عساه يهدأ ...فقريبا تستبدلها بصاحبها.
لم تبادلا أطراف الحديث... لم يسألها ...و هذا أراحها ..
وصلت لشقتها ... وقبل أن تنزل قالت له بنبرة عملية
-" غدا سأعرض أسهمي للبيع... أخبرتك كيلا تتفاجأ ... "
-" لن أتفاجأ بالتأكيد...لأنني أنوي شراءها منكِ...و طرد ذلك الحقير من شركتي" أجابها بهدوء
-" اشتري حصتي ثم أطلق عليها شركتك... و لأنني ممتنة لك سأبيعها لك بأقل ثمنٍ تُقدمه...و فوقها شقتي كهدية" من صدمته لم يعرف كيف يُجيبها ...لتبتسم و هي تقول
-" غدا أنتظرك في منزلي...لا تتأخر"
***
بالكاد أوصلها للسيارة قبل أن يُسقطها أو يسقطا معا...رجليه تبدو له ثقيلة جدا و جسده يرتعد برعب أن يفقدها و قد استعادها...
- " لا أعرف مالذي حدث فجأة سقطت دون مقدمات...."
- " أرجوك سيدتي... فقط اهتمي بروح... سآخذ فلك للمستشفى... "
- " لا تقلق سأهتم بها..."
ضغطها منخفض جدا.... و جرح الولادة القيسرية ملتهب قليلل....لكن ما يقلقني أنها لا تتوقف عن البكاء.... و تهذي بكلمات عن كونها السبب.... هل هناك شئ تريد اخبارني به سيد قاسم... لأن المريضة هناك لم يجب من الأول أن تكون في المنزل بدون رعاية نفسية... "
- " مرت بانتكاسة....و أخرجتها من المستشفى ابن سينا من ايام.... هي متعبة و تحتاج فقط للراحة"
- " سيد قاسم... بالرغم أنني أعلم ظروف ذلك المستشفى... لكن من واجبي أن أكون صريحة معك....زوجتك تحتاج لعناية خاصة... أو ستكون خطرا على نفسها و على المحيطين بها..."
- " اللعنة...." صرخ ضاربا الحائط بجانبه " أتعتقدين أنني لا أعلم.... لكنني اقسم لن اجعلها تعود لذلك المكان... حتى لو اضطررت لعزلها في غرفة...."
سكتت تنظر إليه لثواني لتقول
- " لو كنت مكانك... لخرجت الآن للبحث عن احسن مصحة.... فحالها يزداد من سئ لأسوء... " قدمت له عدة منشورات " هذه لأهم المصحات الموجودة في المدينة....لكن هذه أفضلها....ستنام قرير العين و هي بين أيديهم... "
لم يهتم لباقي المنشورات....بل التقط الأخيرة.... ينظر للخدمات التي يقدمونها...
- " شكراً لك..." خرج مهرولا وهو ينسل هاتفه...يتصل بصديقه
-"مرحبا كريم... هل مازلت تريد سيارتي؟!"
- " هل تنوي بيع سيارتك؟! "
- " و المنزل كذلك...."
- " لكن... "
- " فلك تحتاج للعلاج كريم....لا أستطيع أن أشاهدها وهي تدوي هكذا...لم تعد تتحدث...كل ما تفعله النظر للحائط أمامها و البكاء ...تلك الإستجابة السابقة اختفت....هذه المرة سأخسرها إن لم تتعالج بطريقة سليمة"
- " سأرى ما أستطيع فعله...."
- " لكن أرجوك...اسرع....فأنا حقا احتاج للمال....و لا وقت لدي.. "
نظر حوله ...بعض الشباب الذين عملوا معه الليلة الماضية مازالوا مُستغرقين في النوم... كلمات صديقه تتردد في أذنه... كيف سيحصل على مُشتري لمنزله بهذه السرعة...و بالكاد يملك ما يُقرض صديقه.. كان يرتدي ملابسه عندما ... تبادرت لعقله فكرة...أسرع يتصفح هاتفه...ليبتسم بانتصار و هو يجد رقمها مُسجلا.... كان يعلم أنه سيأتي الوقت الذي سيحتاجه به...

***
الساعة التاسعة و النصف صباحا
تكاد تلتهم كل أظافرها وهي تنتظر اتصال أحمد...لم تستطع النوم و لا لثانية وهي تتأرجح بين شعورين...شعور اللهفة أنها و أخيرًا عرفت مكان طفلتها...و شعور الرعب أن يعرف آل العياشي بخطتها تجاههم... حدقت بلعبة زهرة التي لم تُفارقها منذ اللحظة التي حصلت عليها...لتترك الشعور الأول يتفوق على شعورها بالرعب...لثواني فقط كانت تتخيل شعورها و زهرة تندس في حضنها...لكن رنين الهاتف الذي بدا لها مزعجًا جدا...كدوي رصاص ثقب أذنيها...لتسرع إليها تُحدق في الرقم الذي ظهر غير مسجل لديها...بين أن تُجيب لتتلقى أخبارا سيئة...و أن يكون أحمد من يتصل في رقم آخر درءا للشبهات...ابتلعت ريقها و استجمعت قوتها لتهمس بصوتٍ خافت بالكاد وصل للطرف الآخر من الخط
-" ألو ؟"
-" سيرين؟!! "
وصلها اسمها من صوتٍ بدا خجلا و مألوفًا لكنها لا تستطيع التعرف عليه...و حالتها النفسية الىن تجعلها لا تستطيع تذكر أين سمعته... فطنت أنها لم تُجب السائل
-" نعم...من معي؟"
-" أنا كريم...صديق قا...كريم الأحمدي...تذكرينني ؟" أجابها بارتباك و تخبط
-" آه كريم...زميل قاسم ... بالطبع أذكرك ...كيف أستطيع مساعدتك؟"
السهولة التي نطقت به اسم قاسم أعلمه أنه صار من الماضي كما هي بالنسبة لقاسم...ليجيبها بهدوء أكثر
-" أحتاج لمساعدتك..."
-" بالطبع كريم..." أجابته بترحيب
-" كنتُ سأطلب رؤيتك لكنني في العمل الآن و الموضوع لا يحتمل التأجيل..." تنفست الصعداء و هي تُجيبه أن لا مشكلة ..." قاسم يحتاج للمال لإدخال زوجته لمصحة نفسية خاصة...و تكاليفها جد مرتفة لم تصل لربع ما استطعت جمعه...فربما ستُحبين أن تُساعدينني ...أقسم سأرد لك المال لآخر مليم ..." قلبها انقبض و هي تسأله
-" هل انتكست مجددا؟ ...مالذي حدث؟"
-" والدها توفي...انا أفعل هذا كيلا يبيع قاسم سيارته و منزله..."
-" لا داعي لتُبرر لي كريم...لطالما كنت نعم الأخ له...ابعث لي الحساب البنكي و سأتكفل بالباقي..."
-" شكرا سيرين...لن أنسى معروفك أبدا"
و قبل أن تقطع الإتصال ....همست بصدق
-" أرجوك كريم اهتم به..."
ابتسمت...تُحاول تذكر ذكرياتها مع قاسم و أصدقائه ...لكنها كانت مشوشة و كأن دهراً مر عليها... نغمة استلام الرسالة أيقظتها من مُحاولة احياء الماضي... و مع تحققها أنها من كريم...كان جرس بابها يدق...فتحت ليدلف أحمد و معه محامي الذي قدم لها الأوراق التي ستُوقعها...و معها الشيك ثمنا لكل املاكها... حدقت به برهبة...كان مُكونا من رقم من ثمانية أرقام...
-" المحامي سيتكفل بكل الأوراق الأخرى..."
-" شكرا أحمد...شُقتك ستكون لك اليوم مساءً..."

"ليس هناك أجمل من أن يدق حمزة الباب مُتوقعا وجهك الجميل ليُفتح على وجهي...منظر ملامحها ستكون أروع مشهدٍ سأراه يوما..." اغتصبت ابتسامة...لتتغير ملامحه و نبرته و هو يستطرد " فقط كوني بخير...و لا تنسي أنني دائما لجانبكِ...و الشقة تحت تصرفك ..."
ليتفت مغادرا خلف المحامي الآخر... خرجت مهرولة خلفه وهي تُناديه وضع يده يمنع انغلاق المصعد عليهما المصعد عليهما...
-" لا تُعلن عن العملية قبل الغد أرجوك...أُريد ان أبتعد أولا..."
أشار برأسه موافقا...و هو يُبعد يده عن الباب ...الذي أُوصدَ على نظراته إليها...و كأنه يُخبرها أن تتراجع عما تنويه... لكنه مجرد رجل...و ما أدراه عن معنى أن تكون أمًّا !
***
جمعت كل ما تحتاجه من ملابس...حولت ربع المبلغ للحساب البنكي الذي أرسله كريم سابقًا... قامت بكراء سيارة...فعلت كل ما اختاجت القيام به و ما زالت الساعة تُشير للسادسة مساءً.
تأكدت أن كل شئ في مكانه...ثم اتجهت لغرفتها تنظر للملابس التي وضعتها على السرير ...سروال ضيق أسود لا يمنع تحركها...مع قميص يثماثلها لونا...بحمالات عريضة و سُترة جلدية... ثم اتجهت للحمام...طول استحمامها تمنع نفسها من النظر لآثار الليلة الماضية على جسدها...و كأنها تخشى أن تُذكرها بما تشاطراه...لتُسرع تُحيط جسدها بالمنشفة و تهرب بعيدا عن المرآة الضخمة في الحمام...
رفعت شعرها كذيل حصان...لتبتسم بإصرار...فهي جدا مُستعدة...!

منذ نصف ساعة وهي تقف أمام المنزل المنشود.. تُحاول تسكنة نبضات قلبها الهلعة و لعبة طفلتها بين أصابعها تضغط عليها بشدة...و كأنها تُفرغ الشُحنات السالبة التي تُهاجمها من كل صوب أنها ستفشل...بمجرد ما ستخرخ من هذه السيارة ... صفارات الإنذار ستنطلق و ستجد نفسها مُكبلة...و إن كان حظها جيدا ستصل الشرطة قبل عائلة زوجها..
لكنها لا تهتم...لم تعد تهتم...و قد ذاقت الويل بعيدا عن زهرة...هل هناك عذابٌ أقسى من ذالك... أغلقت سُترتها و هي تتأكد أن الشيك في جيبها...
لتدلف ... و قبل أن تطرق الباب ... تناهى لمسامعها صوتٌ من الغرفة الجانبية المفتوحة يبدو عليه التعب و الإهتمام
-" أرجوك لطيفة...ابحثي جيدا فهي لن تستطيع النوم بدون لعبة الزرافة خاصتها..."
ليُجيبها صوتٌ آخر يبدو انه للمسماة لطيفة
-" المكان الوحيد الذي لم أبحث عنه هو الحديقة الخارجية...فالبارحة غفت هناك ...سأذهب الآن للبحث هناك..."
تراجعت سيرين لمدخل الحديقة...بمجرد ان فُتح الباب كانت تنسل هاتفها ...هاتفةً بدلال
-" نعم حبيبي لقد وصلت...لا يبدو أنها مازالت لم تنم بعد...بالطبع ستستقبلني و لن أضطر للقيادة عائدةً للمزرعة...بلغ جدي سلامه"
أبعدت الهاتف تبتسم بتكلف و نظرة علوٍّ تحتل ملامحها للمرأة العشرينية المحدقة بها
-" أنا سيرين العياشي ...زوجة حمزة العياشي..."
-" مرحبا سيدتي...سأنادي نورا تفضلي" همست لطيفة برهبة... لتظهر امرأة تصرخ بسرعة
-" لا لطيفة...لا تدعيها تدخل"
ارتبكت كل من سيرين و لطيفة اللتان حدقتا في بعضهما بصدمة... و قبل أن تستدير لطيفة مُغلقةً الباب...كانت ارتباك سيرين وصل بها لأقصاه...لترفع الخزفية على الطاولة بجانب الباب و تضرب بها مؤخرة رأس لطيفة...و تسقط جثةً هامدة امام رجليها
-" يا إلهي ماذا فعلت..." همست سيرين برعب ...ثواني وهي مسمرة بعدم إدراك...صوت بكاء انطلق من مكان ما في المنزل جعلها تنزل و تتفحص نبضها الذي كان ضعيفا...
أسرعت تتبع الصوت الذي يعلو كلما تقدمت للأمام... لتجد المسماة نورا ترتدي ملابس منزلية مريحة و تُحيط رأسها بوشاح ...تهمس لزهرة أن تهدأ و هاتفها في أذنها...لتهمس و كأنها تم إنقاذها للتو
-" حمزة إنها هنا.. هنا ....ستأخذ الطفلة ... تعالى أرجوك"
زاد غضب سيرين و هي تسمع استنجادها بحمزة....و الذي أخبرها أن تنسى وجود زهرة...تقدمت نحوها سيرين بغضب... لتصفعها بقوة
-" أيتها السارقة الوضيعة...إن كنتِ لا تستطيعين تقبل فقدانك لطفلك فهذا من شأنك...لكن ان تأجذي ابنتي أنا...هذا ما لن أسمح لك به..."
بدت نورا هشة للغاية...لم تستطع الدفاع عن نفسها... وهي تُمسك بخذها بألم و تبكي...
لم تهتم سيرين لنحيبها و هي تدنو تُقدم لزهرة لعبتها... حاولت حملها لكن نورا دفعتها بعيدًا... ليزداد غضب سيرين وهي تدفعها أكثر...و تسقط على ألعاب كثيرة مكدسة في الزاوية... الدماء نزلت من انفها و الوشاح انزاح من رأسها...ليظهر خاليا من الشعر... ثواني أخذتها سيرين لتفهم أن نورا مريضة... اقتربت منها تُساعدها على النهوض... لتجلس بتعب
-" هل أنتِ بخير؟...لم أكن اعرف انك مريضة ...آسفة" لم تهتم نورا لإجابتها على السؤال...لتهمس لها برجاء وهي تمسح الدماء من على انفها
-" أرجوك لا تأخذيها ...أتوسل إليك "
نظرت سيرين لابنتها التي تلعب بدميتها....ثم لنورا...لكنها وقفت ... وقد سئمت من التنازلات التي قامت بها على حساب نفسها...أخرجت الشيك من جيبها لتمدها لها
-" أخبري أخاك أننا مُتعادلان....و ألا يبحث عنا..." و عندما لم تُمسكه وضعته على المنضدة بجانب السرير... ثم حملت زهرة و اتجهت نحة الباب تصمُّ أذانها عن صراخ نورا... لمحت لطيفة...جالسة تستند على الحائط و تُمسك برأسها بيدها...
-" آسفة لم أقصد...كنت عثرة في طريقي كان يجب إبعادها"
ثم خرجت من الباب...لا تُريد تحليل مشاعرها الآن فهي مُستنزفة جدا...
وضعت زهرة في المقعد الخلفي للسيارة... ثم سلكت الإتجاه المُعاكس ...باتجاه المجهول.

****
-" نورا...انا لا أفهم...من الذي سياخذ الطفلة؟" تساءل حمزة وهو ينهض من أمام مكتب جده في المزرعة حيث يُناقشان عائدات الصادرات لهذا العام...لم تُجبه نورا...ليقلق أكثر و هو يسمع صوتًا لن يغفله و لو بين آلاف الأصوات...ارتكب و ملامحه تبهث بشدة...ما جعل جده ينظر إليه بتركيز
-" سأذهب لرؤية سير " استدرك بسرعة "..أقصد نورا لا تبدو بخير"
-" ربما تُهددك فقط لتوقف العلاج مرةً أخرى...ماذا سيكون الثمن هذه المرة ان تشتري لها زوجًا؟" قال عز الدين بتهكم..
-" جدي...هي مريضة جدا...أبعدها عن حساباتك أرجوك..." قال حمزة يُخفي امتعاضه من كلام جده
-" و كأنني أهتم...هي لا تنفع لشئ أصلا...تُشبه والديك "
-" جدي لقد سئمت من سماع نفس الأسطوانة...أرجوك..."
نظر إليه عز الدين بعيون كالصقر... لينهض و هو يقول
-" قلبك الضعيف من سيقودنا للهاوية...على ما يبدو سئمت من الطفلة و تريد لعبةً جديدة... خطئي أنني وكلتُ لك تربيتها...لتغدو جبانة و اتكالية ..."
وصل لمنزلها... ليجده في حالةٍ يُرثى لها ... سيارة الإسعاف تقف أمام الباب... ليخرجوا حاملين نورا الغائبة... وقف يقطع طريقها ... كاد يُجن و هو يراها مغمضة العينين ...شاحبة و كأنها .... ميتة !
-" ما الذي حدث؟" تساءل و الرعب يشل لسانه
-" محاولة انتحار..." قال له أحد المسعفين و هو يُبعده ليرفعوا الحاملة التي ترقد عليها نورا بدون حولٍ و لا قوة لسيارة الإسعاف... أسرع حمزة يجلس بجانبها و يُمسك بيدها الباردة... و كا ما يسمعه همسة والدته تُخبره ان يهتم بأخته لحين عودتهما لأجلهما.
طوال سنوات عمره لم يعرف اتجاهًا للقبلة... ولكن الآن كل ما يُردده هو الدعاء لله أن تكون بخير... ان يحميها فهي الوحيدة المتبقية له من عائلته و التي يتحمل كل شئ لأجلها...
-" لمُستشفى العالمي أرجوك ..." همس للمسعف المقابل له...الذي بدوره أخبر السائق... ليُخرج هاتفه يتصل بأحد معارفه هناك " محمد العالمي" يُخبره بقدومه.
****
نظرت للطفلة النائمة في مقعدها...لتتذكر نورا... قلبها آلمها و هي تستذكر الكلمات التي نطقت بها في وجهها... كانت جارحة و فقط أم مثلها من يستطيع الشعور بها...
كانت قد ابتعدت كثيرا...عندما استدارت عائدة...
وصلت لنفس المنزل الذي غادرته منذ ساعتين... لتجد نفس السكون يُحيط به...زهرة النائمة على كتفها تسندها بذراع....و باليد الأخرى ضغط على جرس الباب...لتفتح لطيفة و شرشف طبي يُحيط برأسها... لتُهاجمها قبل أن تتراجع وهي تلمح زهرة النائمة في سلام...
-" انا ...عُدت لأعيدها...لم أستطع اخذها بعيدا"
لكن عدائية لطيفة لم تخف وهي تقول بصوتٍ خانق بالدموع ...
-" بعد ماذا؟؟ بعد أن أرسلتي نورا للمستعجلات...أقسم إن حدث لها شئ لن أعتبر أمر حمزة ... و سوف أريك مقامك يا قاتلة"
الفكلاة جعلتها تنصدم...نورا لم يحدث لها شئ... كانت بخير عندما تركتها...لم تشعر أنها نطقت بالأمر...إلا عندما أجابتها لطيفة بكل حقد
-" بسببك ابتلعت دواءها...عندما أخذتِ منها الطفلة...اخذتِ منها الامل الوحيد الذي جعلها تُحارب مرضها من أجله..."
-" في أي مستشفى..." حاولت لطيفة إغلاق الباب ...لتهمس برجاء " أتوسل إليك..."
-" المستشفى العالمي الخاص.."
أغلقت سيرين عيونها بقوة و لطيفة تُغلق الباب في وجهها بقوة...غير مراعية لزهرة التي استيقظت مفزوعة.
***
ساعات و هو يجلس لا يفعل سوى التحديق في حذاءه... ليهتز هاتفه ... رفعه لأذنه دون أن يهتم بتبين من المتصل
-"أين هي؟ ..." صاح جده بغضب هادر
-" ما زالت في العناية .." أجابه بهدوء
-" أنا لا أسأل عن تلك الجبانة...بل عن زوجتك سيرين...تلك الوضيعة باعت حصتها لأحمد لمرابط...و غدا سيدعو لانعقاد مجلس الإدارة...و حتما سيطردنا"
-" نورا في خطر...و كل تفكيرك في المكز اللعين.."أجابه بحدة لم يستطع ان يبقى على بروده الذي تعلمه غصبا عنه...فالتي لأجلها تنازل كثيرا بين الحياة و الموت...و لن ينالها بطش جده...كبح نفسها من أن يُجيبه بوقاحة و هو يسمعه يقول مُتوعدا
-" سأجد تلك الحقيرة...و ستتمنى لو لم تولد ..." قطع عليه حمزة الإتصال... وهو يعلم أنها غادرت منذ ساعات ... و لن يستطيع الوصول إليها... الآن على الأقل..
عاد للمقعد في غرفة الإنتظار...ينتظر خروج احدهم ليُخبره أنها بخير...ابنته كما يُسميها بخير... هي فقط إحدى نوباتها الطفولية التي تستغلها ضده كلما رفض لها طلب...رفع عيونه...ينظر لأحد موكليه و والد صاحب المشفى...الذي وضع يده على كتفه يضغط عليها بحنية مواسيًا...و قبل حتى أن ينطقها كان قلبه قد عرف...نورا ماتت...ينظر لشفاه محمد العالمي تتحرك ...لكنه لا يصله صوتها...كل ما يُفكر به أن آخر أفراد عائلته قد مات...
تقف خلف الطبيب مباشرةً و هو يخبره أن جسدها كان ضعيفا ... بسبب المرض و العلاج الكيماوي و لم يستطع أن يتحمل ... لقد قتلتها...
-" حمزة " همست...ليتلفتا اتجاهها...ينظران لبعضهما...و كأنهما في عالم لوحدهما فقط...لم يفطنا لاستئذان الطبيب... ولا لاستيقاظ زهرة و بكاءها...كلما تُريده أن يُخبرها أنها ليست السبب في موتها...و كل ما يُريده أن يُعانقها حد الإختناق ليسلبها روحها...فيُغادره هذا الوجع...و يقتص من موت أخته منها...قطع تواصلهما و عيونه تتجه لزهرة... دون أن يهتم لاهتزاز هاتفه في جيبه كان يقول
-" أخبرتُك أن تنسي أمرها...لكنك لم تفعلي...الآن أنتِ انتقمتِ...سلبتِ مني اختي و شركتي..." رفع يديه و صفق " هنيئا لك...أخبرتني مرة أنك ستنتقمين ... لكن عشقي لك أعماني" بلع ريقه " و الآن اذهبي ...لا أريد أن أراك...أو انني سأتصل بالشرطة و لن تري ابنتك مهما حييت ..."
-" أرجوك..." همست و دموعها تجري دون ان تستطيع التحكم بها...لكنه لم يهتم و هو يتركها...تُراقب ظهره المُتيبس يبتعد عنها...و علمت أن انتقامها...قد ارتد عليها ...و جعلها تخسر نفسها قبل أن تخسره.





..


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 12:34 AM   #376

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حوريه77 مشاهدة المشاركة
سيرين دى مش بلعاها خالص لابجد مش قبلها😒
قصتهاا فيهاا تضادات كتيره مش مقبوله 😒
فلك ياروحى عليهااا قصتها بتبكينى 🙊
وقاسم اعتقد انه فى طريقه لنسديد ديوانه
تسلم ايدك ملوكه فصل روعه سلمت يمناكى
سيرين غلطت مرة وندمت يجب علينا مسامحتها ...و فلك صعبانة جدا علي


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 12:36 AM   #377

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميمي 80 مشاهدة المشاركة
عزيزتي ملك تسلم ايدك ع كلماتك الجميله وسردك الرائع عندي سؤال وياريت تجاوبيني متى تكملين رواية انين الجراح متشوقه اعرف شو صار مع ايلودي وانير وياقي الابطال منتظرة التكملة ع ناااار ودمتي بصحه وعافيه 🌺🌺🌺🌺
بعد انتهاء هذه الرواية قمت باستفتاء في صفحتي أي الروايتين أنزل بعدها و الأغلبية صوت للجزء الثاني لمداواة جراح...و بعدها إن شاء الله يأتي دور أنين الجراح
شكرا لمرورك حبيبتي


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 02:45 PM   #378

jojolove95

? العضوٌ??? » 373148
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 330
?  نُقآطِيْ » jojolove95 is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل ولكن هل هو الاخير ام ماذا

jojolove95 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 02:47 PM   #379

jojolove95

? العضوٌ??? » 373148
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 330
?  نُقآطِيْ » jojolove95 is on a distinguished road
افتراضي

الا يوجد اي خاتمه

jojolove95 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-18, 03:26 PM   #380

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل خطيير جداا ولكن كنت محتاجة اكثر وخصوصا قاسم وفلك

Malak assl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.