آخر 10 مشاركات
حياتي احترقت - فيفيان لي - ع.ج ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : عروس القمر - )           »          32 - ليلة ثم النسيان - باني جوردان عبير الجديدة (كتابة /كاملة **) (الكاتـب : dalia cool - )           »          202- لن تعيده الاشواق - لي ويلكنسون (الكاتـب : Gege86 - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          سارق قلبي (51) -رواية غربية- للكاتبتين: وجع الكلمات & ولقد أنقذني روميو *مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          سيدة القصر- سلسلة زواج لأجل الإرث -نوفيلا غربية زائرة-بقلم الجميلة روما-(مكتملة) (الكاتـب : ريهام ماجد جادالله - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          ندوب من الماضي ~زائرة~ || ج2 من وعاد من جديد || للكاتبة: shekinia *كاملة (الكاتـب : shekinia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree20Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-05-18, 10:18 AM   #61

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل العاشر

" الماضي القريب "

بعد أن عاد كريم الي المنزل .. وجد نور بأنتظاره .. انها اليله الثالثه التي يقضيها معها علي التوالي .. لا يطيق العودة الي مني متحججا بالعمل ... وجد أروي نائمة في هذا الوقت .. لقد رآها علي الغداء تركض وتلعب .. تقف وتقع .. تجلس وتحبو .. رآها ولم يشعر بأي تأثر نحوها .. هو يقبلها ويحتضنها ويلاطفها الا أن الأحساس تجاهها معدوم .. كان ما يفعله جزء من مسرحيته التي أوشكت علي الانتهاء ..
بادرته قائلة
" لقد رأيت مني اليوم .."
تسمر مكانه .. كان يهم بخلع سترته .. تجمد مكانه قائلا بغموض
" أين ؟"
قالت وهي تبتسم بقوة
" في السوق "
أكمل نزع سترته ليواجهها مضيقا عينيه قائلا
" سوقها يبعد عن السوق خاصتنا أميال .. أنت بمكان وهي بمكان آخر .. واليوم كنت بالعمل .. كيف رأيتها نور ؟.."
قالت وهي تستمتع باللعب بأعصابه
" لقد استأذنت من عملي .. وذهبت .. هذا كل ما في الأمر "
" هل فضولك ما دفعك لذلك ..؟ "
" نعم .. أردت أن أراها .. هل هي كما وصفتها لي أم كنت تكذب ..! "
أنتظر ليستمع للمزيد .. فاستطردت نور
" انها بدينه ..جدااااا .."
ابتسمت بزهو من فعلتها .. لا تنكر نور غيرتها من مني .. رغم بدانتها الا أنها أجمل منها .. فنور بها عيب بأحدي عينيها نتيجة لجرح قديم .. ليس منفرا وانما غريب لمن ينظر اليها لأول مرة .. وهذا الأمر ما كان يشعرها بالنقص قبلا .. كانت تستعيض عن ذلك بأدوات التجميل .. و ثيابها المنسقه المهندمة .. هي تعمل بصرح حكومي ولابد أن تهتم بمظهرها.
أكملت
" لقد رأيتها تشتري خضروات فاسده .. أهذا ما تطعمه لأبنائك كريم .. لا أتعجب من مرضهم ببكتريا المعدة دوما .. لهم الله .."
اذا فقد ذهبت .. تغلبت نور علي مخاوفها من زوجته الأولي وذهبت اليها .. هل كانت تريد محادثتها .. أو أخبارها بأمر زواجهم .. هيا نور .. اثقلي ميزانك أكثر وأكثر .. فيوم الحساب أقترب ..نظر اليها وابتسم قائلا
" هل شعرت بالتحسن الآن .. هل تشعرين بالرضا عن ذاتك الآن .. هل تخبريني أنك قد تصلي لزوجتي وأبنائي بهذه السهوله ..من أين علمت العنوان وكيف تعرفت عليها من الاصل ؟ "
قالت نور بثقه
" أمر العنوان أبسط مما تتخيل .. هو مدون ببطاقتك الشخصية زوجي العزيز ..وعن تعرفي عليها لقد ذهبت حتي البيت وشاهدتها تخرج بصحبة ابنك الأصغر يشبهك كثيرا ..و أما عن حديثك عن وصولي لزوجتك وابنائك .. لا .. ليس فقط .. بل لوالدك أيضا .."
التمعت شرارات الغضب بعينيه.. والده .. لا لا .. هذا آخر ما يريد .. والده من استأجر متجرا خاصا له .. يراه يوميا قد يطعمة .. قد يعطيه مالا .. هل سيخسر كل هذا لأجل تهور هذه البلهاء .. لا .. الا هذا .. كانت نور تثير غضبه وحنقه عليها دون أن تقصد .. كانت تزيد من اشتعال مافي صدره أكثر وأكثر .. تجعله يشتد اصرارا علي ما يعزم علي فعله ...قال غاضبا
" اياك والاقتراب من والدي نور .. أبي هو السبب في ما نحيا به الآن .. المتجر ما ينفق عليكما سواء .. سنخسر معا ان علم أبي بأمر زواجنا .. أنتبهي لأفكارك نور وما قد تلقينا فيه بجموح أفعالك .."
ثم تركها ملتقطا سترته التي نزعها للتو.. مغادرا البيت بأكمله ..
هي لا تعلم لم فعلت كل ذلك .. الأمر بينها وبين كريم مستقر .. بل قام بدفع الايجار بالأمس القريب .. لا تعلم لما تريد دوما أن تجعله غير آمن نحوها .. تريده دوما يخشاها .. أن يخاف من أفكارها وأفعالها ...حقا لقد تفوقت علي نفسها .. بعد أن حصلت علي العنوان .. بدأت بمراقبتها ولحسن حظها خرجت مني للسوق ..هي بنفس وصف سما وكريم لها .. بجلبابها المتسع .. بحجمها الكبير .. لم تمنع نفسها من اكمال تلصصها فوجدت نفسها تسير خلفها متخفيه في نقاب يخفي ملامحها .. كان الشارع مزدحم بالناس .. والسوق مكتظ .. الا انها لم تغفل عنها للحظة .. تراقب سكناتها وصياحها .. وشرودها ايضا .. رأت معاذ يبتعد عنها لكنها انتبهت اليه أخيرا .. معاذ يشبه كريم كثيرا .. ببشرته السمراء وعيونه المماثلة سمرة .. بشعره الاسود الداكن الناعم .. ابتسمت فأروي أيضا ورثت شعره الناعم ونفس أتساع العين ولونها .. أنتهت عند هذه الأفكار ولملمت نفسها عائده لغرفة نومها .. كانت نور تسترجع ما حدث وتحلله بعقلها .. تعلم أن كريم يخشي زوجته .. ويخشي والده .. ويحب سما ويأتمر بأمرها .. هي ستهدأ قليلا من غيرتها .. ستحاول أن تهدأ .. فليس هناك عذرا لشن حرب علي كريم طالما ينفذ ما تريد

---------------------------

قبل رأس صغاره وهو يجلس بينهم .. سأل أحمد
" كيف حالك .. ؟ "
ثم التفت الي معاذ قائلا
" وأنت يا صغير .."
حمد أبناءه الله .. وقد أقترب معاذ ليجلس علي فخذ كريم بينما أحمد يجلس جواره .. هكذا قرر قضاء ليلته بين صغاره ..بعيدا عن نور وعقلها الذي لا ينضب أفكارا تهدد حياتهما معا .. كانت مني بالمطبخ تعد العشاء .. لم يهتم لها فلتتأخر كيفما شائت ..أو الأفضل الا تأتي .. كلما نظر اليها تذكر أنها السبب لما هو فيه الآن .. هي السبب في زواجه من أخري .. يرتمي بين أحضانها لنسيان ما فعلته هي بحقه ..ظل يتذكر نقاشهما المدمي منذ أيام .. وهو يعطيها مالا لتشتري حفاضا لعادتها .. فهي للآن تستخدم فوط قطنية لعادتها الشهرية .. هو يكره ذلك .. بل يمقته .. وهي تخبره أن هذا أوفر له فأخبرها
" ليس لك شأن بالمال .. أنا أطلب منك هذا .. أرجوك أمتثلي لأمري .."
كان جوابها أن أشترت بالمال جوربا تدفئ به قدميها .. هل زوجته لديها عقل .. هل تستوعب ما يرغب حقا .. هل هي تعانده مثلا .. لا .. لا .. هذا هو عقلها .. الذي ينساق خلف كل ما هو قديم وعتيق ومقزز .. هو لم يعد يهتم لهذه أو لتلك .. يبدو أنها لعنه تطارده بين نساءه .. لعنة عدم الراحة التي علي ما يبدو لن ينالها أبدا ... ترك الصغار وذهب للمطبخ ليخبرها أنه سيذهب للنوم ... فرآها .. تلتقط آنية اسفل حوض المطبخ دون أن تغمرها بالمياة قبلا .. أخذتها هكذا لتضع بها بصل وفلفل وأخذت تقلبه .. ثم وضعت عليها كبد الدجاج لتقوم بطهيها ووضعت التوابل .. أخذ يراقب المشهد وهو في قمة تقززه .. هل هذه الآنية نظيفه .. لقد رآها بعينه تحتاج لجرعة ماء تزيل عنها الوسخ .. فعلت ذلك مع الآنية .. ما بالها الكبدة اذا .. هل غسلتها .. هل طهرتها .. هل ..هل .. ؟ أولاها ظهره قائلا ..
" لن آكل .. سأخلد الي النوم. ."
ثم تركها وذهب ..
بعد أن تناولت طعامها وأبنائها .. قالت لمعاذ دون أن يغسل يديه
" تعال معاذ حبيبي هيا الي النوم .."
استمع معاذ لها فقد تعب طوال النهار من الركض بالشارع خلف أصدقائه .. حتي اتسخت ملابسه التي لازال يرتديها للآن ..
بعد أن أنهكت طوال اليوم وتناولت طعامها وتأكدت من نوم أحمد هو الآخر .. خلدت للنوم جواره .. كانت تعبق برائحة الثوم والطهي العالقة بثيابها والخارجة من فمها.. لقد كان نائما .. تبا .. بحق الله لقد كان نائما .. لماذا لم تنم جوار ولديها .. تقلب كريم معطيا اياها ظهره قائلا
" مني حبيبتي .. رائحتك ثوم .. هلا أغتسلتي حبيبتي قبل النوم .."
عانقته قائلة
" أشعر بالتعب كريم .. غدا ان شاء الله .. "
كانت هذه كلماتها تلاها صوت شخير كان خافتا ثم بدأ يعلو .. قال محدثا نفسه
" غدا .. غدا ان شاء الله حبيبتي .."
ثم قام مغادرا غرفته .. مستلقيا بغرفة أطفاله .. آخذا معاذ بين ذراعيه وهو نائم قائلا
" لن أنعم بالدفئ سوي هنا .. "
ثم غط في نوم عميق لم يهنأ به منذ فترة طويلة

------------------------------

" لا تقلق أبي .. سيعود ثانية "
كانت كلمات كريم يلقيها علي مسامع والده الذي رد قائلا
" لا بأس ولدي.. سيعلم أننا الأقل سعرا "
مسح كريم المكان بعينيه فموقع المتجر حيوي للغاية .. كما أنه الآن بدأ في بناء أسما ولو بسيط بين المتاجر الكبيرة .. كانت الفكرة بدايتها لأجل رحيق زوجة عمه رحمه الله . . فالمتجر ملكها .. فقرر والده أن يستأجره منها فهو يدفع لها الآن ايجار متجرها دون مماطله كما كان المستأجر القديم يفعل .. سعد كريم بالمكان وبالأسم الذي بدا ينمو شيئا فشئ .

سمع والده يقول
" ما رأيك أن تجلب لنا طعام .. أنا جائع .. أعرف مطعما هنا طعامه جيد خذ .. أحضر لنا وجبتين .."
أعطاه والده المال .. توجه كريم لجلب الطعام تاركا والده بالمتجر لحين عودته ..عند وصوله للمطعم .. انتظر تحضيره .. قرر أن يتحدث الي سما ليطمئن عليها .. وبالفعل هاتفها .. ولم تجب كعادتها معه بعد ما حدث.. قد تجيب مرة أمام عشرون مرة تجاهل .. سما حبيبة قلبه .. مهما أجتهد في التمثيل .. هي تكشفه .. مهما أبتعد هي تنتظره .. هي بجواره دوما حتي وأن قللت من كلامها معه .. هي تذكره دوما بوالدته .. كم كانت طيبه القلب مثل سما ... أخته الجميلة .. بشعرها الناعم وعينيها الواسعة وانفها الصغير .. برقتها وجمال روحها .. لماذا لم يحظ بزوجه واما لاطفاله مثل سما .. لقد ربت سما حقا .. اطفالها ليسوا كأطفاله .. في تعليمهم أو تربيتهم أو نظافتهم .. رغم أنه ماديا أفضل من عصام بكثير .. لكنه لا يعلم ما الفرق .. هل الفارق سما نفسها .. أم هو نفسه لا يشبه عصام بشئ.. أم أن العيب في الاختيار من الأصل .. هو لا يعلم وأنما يعلم شيئا واحدا .. أن سما وزوجها هما الأفضل .. وصغارهم هم الأفضل .. بل عندما تزوجت انفق والده عليها أكثر منه .. دوما سما هي الأفضل .

انتبه لصوت العامل
" تفضل سيدي .."
أخذ طلبه وأعطي العامل حقه.. ثم عاد لوالده ليتناولا الطعام ...والده .. والده هو أهم من الزوجتين ..الآن .. سعيد بما حققه .. وسعيد بما يناله من والده .. تذكر كلمات نور له .. بأنها قد تصل لأبيه .. هو يخشي ذلك .. وبذات الوقت سيكون الأمر كما الصاعقه لوالده .. هو ليس متزوجا فقط .. بل متزوجا ولديه طفله تخطت العام بقليل.. ظل يفكر في أثر ذلك علي والده .. ستقوم الدنيا ولن تقعد .. و بذات الوقت .. نور لن تهدأ ..هو يعلم ذلك .. لذا عليه أن ينفذ انتقامه منها بأقرب وقت .. ربما .. ربما الليله

------------------

ظلت تنظر اليه بقوة قائلة
" انتظرتك بالأمس .. لم تأت .."
أجاب مسرعا وهو يجلس علي السرير
" معاذ كان مريض .."
خفضت بصرها قائلة
" سلامته ..! "
أنتهي من تبديل ملابسه ..وأستلقي فقالت
" أعد العشا ؟ .."
أدار ظهره لها قائلا
" لا أكلت بالمحل .."
همت بمغادرة الغرفة .. فقال بهدوء
" أقبلي .. "
كانت نبرة صوته مغوية .. رغم حنقها .. لقد تركها يومها ولم تره الا بالعمل في اليوم التالي ..الا أنها تريده .. ما أن صعدت جواره حتي سمعت صوت صراخ أروي فقالت معتذره
" آسفة أروي.."
أشار بيده اليها أن تذهب .. هرعت الي ابنتها .. حاولت أن تجعلها تعاود نومها لم تستطع .. فذهبت بها اليه .. ناولته ابنته قائله
" سأعد لها طعاما .. أعتن بها كريم .."
أخذ يلاطفها .. يعبث بشعرها .. يخبئ وجهه بين كفيه في محاوله لأخافتها .. وهي تضحك كما لم تضحك من قبل .. أخذ يرفعها عاليا وهي تضحك .. حتي عادت نور اليهم ..جلست جوارهم وهي سعيدة .. سعادة حقيقية يخفق لها قلبها .. هي تحب علاقته بأبنته ..تحب تعلق أروي به .. هو الآن تغير بحق .. ينفق .. يهتم .. يعطيها كافة حقوقها .. بدأ في استعادة ثقتها به..
أخذت منه الصغيرة وبدأت باطعامها .. أروي لم ترغب بالنوم حتي ارهقتهما .. فقالت نور
" هل نتركها جوارنا الليلة .."
اومأ برأسه بنعم ثم أغلق الأضاءة ..لم تستغرق نور كثيرا حتي نامت أولا .. فقد تعبت بالعمل وتستيقظ باكرا .. وأيضا تهتم بأروي .. واليوم أرهقتها بحق ..

كان يراقبها مضيقا عينية ليحسن رؤيته في هذا الظلام فالضوء الذي يتسلل من الخارج بسيط .. تغمض عينيها ثم تهدهد أروي بين يديها .. حتي تركتها أروي لتذهب لأحضانه هو .. ضمها الي صدره .. لا يشعر بشئ ..لا يشعر بدفئها .. ولا بأبوتها .. ظلت تداعب ذقنه بيديها الصغيرتين .. وتضع يديها علي فمه .. ومنها الي عينيه .. أخذت تتحرك من بين ذراعية وتصل لرأسه تنام عليها بحجمها الصغير .. تعبث بشعره .. وتشده أيضا.. ثم قبلت راسه تلتها ضربة علي عينيه .
أمسكها ووضعها جواره .. أخذت تضحك قائلة
" بابا .."
ظل يهدهدها .. الي أن هدأت قليلا وبدأت في النوم بين يديه .. تفرس وجهها .. أهدابها الطويلة ..هو لا يملك هذه الأهداب أو هذه العين .. يراها لا تشبهه .. فمن تشبه اذا .. ظل يردد في ذهنه ..

"من والدك .. من والدك .. أمك ..أنا.. لم أكن الأول بحياتها .. كذبت علي .. ظنتي من الغباء بمكان حتي لا أكشف خيانتها .. أنا أراقب محادثاتها مع زملائنا بالعمل .. أري تقربها من الرجال .. أستمع الي همسات من حولي بالعمل ..والدتك خلقت مني شبحا من نسج يديها .. مسخا لا يستطيع أن يفرق بين حلال وحرام ..منذ جئت للدنيا وقد تغير كل شئ .. بدلا من دعمها لي .. بدأت تبحث عن المال .. تريد ان تأخذ فقط بعد أن كانت تعطي .. هي لم تعد تحبني كالسابق .. ومن حولي للأسف بدأوا بمعايرتي والتهامس حول رجولتي .. من أنت.. ! ابنة من ! أقسم أن أحرق قلبها عليك أروي .. أقسم أني سأذيقها من كأس المرارة .. لتتجرعه عن آخره ..أقسم أن أعلمها كيف تسخر مني وتجعلني أضحوكة للجميع .. جعلت أختي تنبذني وتبتعد عني .. وفي النهاية تود أخبار والدي عنك..كي أعاني بلامال .. بلا طعام .. بلا طموح أو أسم .. لننه الأمر بهدوء أروي .. ساعديني يا صغيرة"
وبيده العارية أخذ يكتم انفاسها .. يده الكبيرة علي فمها وأنفها حتي لا تصرخ وتوقظ زوجته .. أخذت تتحرك بين يديه أستجلابا للهواء .. لم يعطها فرصه .. ظلت تحاول لتحظي بفرصه للحياة لكن يده كانت أقوي من طفولتها البريئة التي أنتهكها وأنتهك حياتها...

------------------------

ما ان أغلق وليد باب المنزل حتي استمع الي سارة تهتف خلف ظهره قائلة
" رحيق ..."
كانت صامته طوال طريق عودتهم سجينه لأفكارها .. لازالت مبهوته مما حدث اليوم
التفت اليها متعجبا
" ماذا بها رحيق ؟"
قالت ساخرة
" حبيبة القلب .."
خفض بصره ليضع مفاتيح سيارته علي الطاولة قائلا
" ماذا تعنين سارة ..؟ "
قالت بغضب لا مثيل له
" رحيق .. كنت تعلم بوجودها من صديقك .. كنت تعلم أنها ستكون هناك .. اليس كذلك ..؟ "
ردد من بين أنفاسه
" ومن سيخبرني بوجودها .. عصام لا يعلم شيئا عن الأمر .. وأنا أيضا لم أكن أعلم أنها قريبة زوجة عصام لقد أخبرني بعد مغادرتهم .. "
أنهي كلماته متوجها لغرفة نومه .. أقتربت مسرعة خلفه وهي تقول صارخة
" أنا لا أصدقك وليد .. أنت لم تتغير ولن تتغير .. لم يغيرك اختطاف ابنتنا .. لم يغيرك بعدها عنا .. أنا لا أنفك عن التفكير بها .. وأنت تدور حول نفسك لتحيي ما كان بينك وبينها .. ألا تعلم أنها تزوجت ؟.. ألا تعلم أنها تحب زوجها ؟.. ألا تغلق هذا الأمر فلا ينقصنا أبوابا أخري تفتح حتي تزيد الفجوة بيننا ..؟ أود أن يكون مولودنا القادم أسعد من جودي .. أود أن يتربي بين والدين متفاهمين .. ألم تكن هذه كلماتك منذ ايام .. ! تبا لك وليد .."
لم تتمالك نفسها والعبرات تنحدر أنهارا علي وجنتيها..
هو لم يكديفرح بطفل جديد لهم حتي نبش الماضي القريب الآن.. سارة لن تصدقه ... أبدا لن تفعل.. أمسك كتفيها بيديه قائلا بصدق
" أقسم أني لم أعلم بحضورها سوي عند رؤيتي زوجها .. وان كنت لا تعلمين .. لقد أتت بصحبة زوجها .. الذي كان سببا في تورم وجهي من ذي قبل لو تذكرين .. وسببا في ضياع هاتفي فقد أخذه أيضا معه ..كيف سأواعدها هناك أمامه ؟ "
أنتبهت الي حديثه عن الهاتف فقالت
" ولماذا يأخذ زوجها هاتفك ...؟"
وجد نفسه يجيب دون تفكير
" لقد صورتها دون حجاب متخففة من ملابسها .. وقد علم زوجها بالأمر .."
جلست علي السرير مصدومة .. بعد أن أنتهي صراخها ومواجهتها الي غرفتهم فقالت
" وكيف علم زوجها؟ "
كان قد بدأ كلامه معها بصراحة متناهيه هو نفسه تعجب منها فأكمل قائلا بأنفعال
"أنا .. أنا من صورها دون حجاب ومتخففه من ملابسها .. أنا من أرسلت الفيديو لزوجها .. أنا من لكمني زوجها في نفس اليوم لأستلامه الفيديو .. واستولي أيضا علي هاتفي ليتخلص من التسجيل .. ولتعلمي أنه هددني اليوم ان رآني ثانية سأكمل ما تبقي من حياتي علي كرسي متحرك .. هل يكفيك هذا الآن ؟"
كانت في حالة صدمه .. متسعة العينين .. هو .. وليد ... زوجها يفعل كل ذلك .. هو غير مؤتمن أو مسؤول لهذه الدرجة .. وأين كانت هي .. تراه منشغل عنها ومتباعد ولم تهتم أن تعيده اليها !.. لم تهتم الا بالمال والمستقبل ظنا منها انها ستفقده عاجلا ام آجلا..وليد الذي تجده ينظر للنساء بلا رادع .. يتفحص أجسادهن .. هو يحب ذلك هي تعلم ... لكن أن يصل به الأمر لهذه الدرجة .. أن يغرر بامرأة ..نظرت للمرآه قبالتها .. أين كانت .. حقا أين كانت ؟.. الهذه الدرجة انشغلت عن بيتها .. ألم يكن هو حبيبها .. ألم تحلم معه بالبيت الذي يجمعهم ويكون لهم أطفال يحملون نفس ملامحهه ..؟ ألم يرسما اسماء اطفالهم في مخيلاتهم ؟.. ان كانت بنت سيسمونها جودي وان كان ولد سيسمونه زيد .. لا .. زيد .. زياد .. أي أسم سيذكرها برحيق من قريب أو من بعيد لن تقترب منه ألم يكن هذا أسم أحد أطفالها ..نظرت لدموعها بالمرآه .. انتبهت لصمته .. كان جالسا امامها علي اريكة صغيرة بغرفة النوم .. مناظرة للسرير .. هي تراه .. تري تغير ملامحه ..وليد الآن يحاسب نفسه .. يخرج ما في جوفه مرة واحده رغبة منه في ازاله الألم .. هل يود بذلك بدء صفحة جديده معها ... أم يطهر ذاته من آثامه ..لم يكن اهتمامها بتسجيل فيديو خاص برحيق لأجلها بل لمستوي التدني الأخلاقي الذي وصل اليه زوجها .. وما يدريها لعله يصور لحظاتهم الخاصه أيضا .. هي تخشاه ..الآن تخشي زوجها ..أزمة ابنتهم واختفائها قرب بينهم من جديد .. جعلتهم يتحدا لايجادها .. جعلهم يتآزرا لتخطي الأمر .. لكن في الحقيقة .. نفوسهم خاوية .. فارغة .. لا تحمل لبعضهما الا كل جفاء ... وخواء...
قالت تمسح عنها دموعها بقوة قائلة بألم
" ولماذا أرسلت الفيديو لزوجها .. هل أردت استعادتها ؟ "
قال وهو علي نفس جلسته الشاردة مرددا كلمات ماجد أمامها
" لا .. بل لأني جبان ..غير مؤتمن ..بل للأمانة لم أكن رجلا "
صدمة أخري تلقتها منه بأعترافه لها .. هل تصرخ الآن بوجهه لما فعل .. أم تتعاطف معه وهي تراه يجلد ذاته ..قالت شاردة ودموعها تجف تدريجيا
" من أنت ؟ .. أنت من احببت .. من تزوجت .. من أنجبت منه جودي قرة عيننا ...أم انت وليد ... الخائن .. الماكر .. الذي لا أعرفه ..أنا أخشي علي حياتنا الخاصة معا ..أصدقني قولا وليد من انت ؟.."
أجاب شاردا
" لاهذا ولا ذاك ..أنا وليد جديد .. يخجل مما فعل بحياته ..منذ انجابك لجودي تباعدت كثيرا عني .. بت لا أراك .. اما معها أو نائمة .. لا تهتمين بي أو ببيتك ..ومن ثم عملك .. لا أعرف هل ألومك أم الوم نفسي .. للآن لم أضع يدي علي سببا للمشكلة .. يبدو أنها لن تحل الآن سارة .. علينا ان نهدأ قليلا .. ونبدأ من جديد .. علينا نسيان ما مضي .. والبدء بحياة جديدة مع طفل جديد .."
قاطعته قائلة
" والطفلة القديمة .. هل سننساها في خضم حياتنا الجديدة .."
نظر اليها قائلا
" لا .. جودي لن ننساها ابدا .. لقد ذهبت للشرطة وقدمت بيانات عن سفر تلك المرأة وزوجها الي كوريا .. وأخبرتهم بما حدث هناك .."
اتسعت عينيها قائلة بسرعة
" وما الذي حدث هناك وليد ؟ "
تفاجئ من سؤالها .. هو للآن لم يخبرها .. قال لها أنه بحث ولم يجد شيئا .. لكنه لم يخبرها عن أمر الفندق والحجز الوهمي ..أخبرها الآن بكل شئ ..وكأنه جدد الأحزان .. ما باله وليد اليوم يريد أن يضنيها ... عاودت البكاء ثانية فأقترب منها ليحتوي غضبها ضاما اياها لصدره قائلا
" لا تبك سارة .. اهدأي لأجل طفلك القادم .. لا تودين فقد جنينك .."
عضت علي شفتيها متألمة مستسلمة لعناقه ... قائلة
" اااه .. لقد تعبت .. ابنتي مفقودة .. وأنت .. أنت وليد .. لا أشعر معك بالأمان .."
انتزعته كلماتها من دفئ عناقه .. تصلب جسده .. وكأنه مسمار جديد في نعش حياتهم .. هو يود الاستمرار .. لكن علي ما يبدو سارة لا تريد ..هل حقا ما فهم أنها تخشي أن يصور لحظاتهم الخاصه .. لا أبدا لن يفعل .. لقد سجل لرحيق تسجيلا مرئيا لأنه يعلم أنها ستمتنع عن فعل ما فعلت مجددا .. أراد توثيقا لصورتها كي يراها وقتما شاء .. لم يكن يخطط لما حدث كله .. حقا لم يكن يخطط .. بل هي خطوة تبعتها عدة خطوات غير محسوب لها...زلة .. تبعتها عده زلات تلتها مشكلات لها وله ليس لها آخر علي ما يبدو ...

هو يود بناء حياة جديدة بصدق .. هو لا يخدعها .. تأثر اليوم بتمسك ماجد بزوجته ..هل حقا سيجعله يجلس علي كرسي متحرك .. هو لم ينس بعد قبضة ماجد الفولاذية التي دعمها الغضب .. بل وأيضا عنصر المفاجأة فلم يتخيل وليد ان يأت اليه ماجد بنفس اليوم .. ولم يتخيل ايضا أخذه للهاتف .. لقد عاني كثيرا في استرداد أرقام موكليه ..وتغيير أرقامه علي لافتة مكتبه .. تبا لك ماجد ..
ورغم ذلك هو لا يكرهه الآن .. فقد كان سيفعل المثل لو أقترب أحدا من زوجته .. سارة .. التي هي بين ذراعيه الآن .. ولا تثق به..

أشتم شعرها بعد أن نزعت حجابها بعد أن عادوا من الخارج ..اخذ يملأ رئتيه من رائحة الورد التي يعبق بها شعرها .. سارة .. لقد كانت حقا سارة علي حياته .. جعلتها كلها سعيده هو لا ينكر .. فمع زواجه منها افتتح مكتبه الصغير .. بدأ اسمه يتداول في عالم المحاماة .. رزقه الله بطفلتهم الاولي جودي دون تأخير ولو لشهر واحد .. فقد حملت بها سارة سريعا...
يحتاج لبعض الوقت لاستعادة ثقته بها كأم .. ويحتاج للكثير من الوقت ليثبت لها تغيره .. سمعها تقول
" أنا خائفة ... "
وبدأت بالانتفاض بين يديه أبعد رأسها عن صدره لينظر الي عينيها متفحصا
" سارة .. هل انت بخير ؟ .."
" أشعر بالبرد "
أغمضت عينيها والدموع تسيل منها دون توقف .. .. وجهها شاحب قليلا .. ساعدها في الاستلقاء علي السرير .. دثرها بالأغطية ..ذهب الي المطبخ ليحضر كوبا دافئا من الحليب .. ثم عاد اليها ليجلسها ويقرب الكوب من شفتيها .. جعلها تشربه رغما عنها ..أعادها كما كانت وتأكد من غطائها .. ذهب الي لمطبخ ليعد لها طعاما خفيفا حسبما يعلم ..

ظلت مستلقية شاردة فيما حدث اليوم ..تحاول ترتيب أفكارها .. مصارحة وليد لها تنم عن صدقه في توبته .. وعن رغبة حقيقية في السير علي الطريق المستقيم .. لقد ركض خلف ابنته خارجا من وطنه ليعود بها لم يبخل بوقته وماله .. لقد ركض خلف أمل زائف وتحمل الكثر في رحلته .. هل حقا مختطفي ابنتها خططوا لما وصل اليه وليد..الأمر يدبر منذ وقت وهي غافلة عما يدور .. هل حقا وليد علم بأمر الحجز الوهمي هذا .. كيف واجهه ؟.. لابد أنه تألم كثيرا .. حين يظن أنه أقترب من ابنته .. وفي النهاية يصدم بالسراب .. يكفيه ذاك العقاب .. لماذا لا تستمع لحديث العقل اذا ؟.. لماذا لا تتخطي الأمر وتبدأ معه من جديد ..رحيق تزوجت ويبدو أن زوجها متمسك بها .. فلماذا تهدم هي بيتها .. لقد انتهي الماضي اذا .. ولنبدأ من جديد.

انتبهت علي صوت ضوضاء آتية من المطبخ .. علمت أنه سيفسد شيئا .. تحاملت علي نفسها لتنهض ...وعندما اقتربت من المطبخ وجدته بحالة مزرية ...شعره الأسود أصبح ابيضا .. رموشة أيضا بيضاء .. وجهه وثيابه .. يا الهي من هذا ؟.. رآها تقترب .. رفع يديه وبوجه آسف قال
" كنت أود المساعدة.. لقد سقط علي كيس الطحين .. لم تضعينه عاليا هكذا ..."
لم تتمالك سارة نفسها من الضحك .. أخذت تضحك بقوة وهو ينظر اليها متعجبا ..
يا الهي .. ما أجملها .. زوجته تضحك .. ضحكتها ضيقت من عينيها الواسعة لترسمهما بشكل خفق له قلبه .. أنفها الأحمر من أثر البكاء كبر قليلا مع ارتفاع خديها .. كانت جميلة .. جميلة جدا.. قال
" ما الذي يضحكك هكذا "
التقطت أنفاسها وهي تمسك موضع جنينها .. وتسحب كرسي من أمام طاولة مطبخها الواسع وتجلس قائلة
" أولا .. ماذا كنت ستصنع بالطحين .. ؟ "
رد وهو ينفض عنه أثر الطحين .. بدأ برأسه .. ثم قميصه .. وحاول مسحه عن وجهه .. قائلا
" كنت أود صنع شطيرة جبن مثلما كنت أراك تصنعيها سابقا .. وثانيا ؟"
اخذت تلوح بكفيها لتبعد الطحين الهائج بالهواء عن أنفها قائلة
" هل هذا طعاما خفيفا تقوم بالعجن والخبز .. كان يكفيني بيض أو مربي .. ثانيا .. هذا ليس طحين .. هذا من مواد البناء .. ولهذا أضعة عاليا بعيدا عن استخداماتي ...كنت ستصنع لنا شطيرة من الاسمنت وليد .."
ثم أكملت ضحكها .. لم يقاطعها ولو بكلمة .. سحب كرسيا هو الآخر وجلس قبالتها .. ظل يتأماها ..بعد أن التقط شعرها بعضا من الاسمنت بالهواء ... ابتسم قليلا .. ثم علت ضحكاته حتي أدمعت عيناه ...بعد أن هدءا .. جذب كرسيه الي جانبها مقتربا من أذنيها قائلا
" ما رأيك ان نأخذ حماما دافئا سويا .. لنزيح أثر الاسمنت عن أجسادنا ..."
كان يهمس بأذنيها .. يتابع مع كلماته لمس خصلات شعرها التي طالها غبار الاسمنت ...فوجئ بها تهمس هي الأخري بأذنه قائلة
" موافقة ..."

----------------------------

فتحت باب الغرفه .. وجدته يجلس أمام النافذة ..الجو بارد .. كان يجلس بثيابه ذاتها .. لم يبدلها هو الآخر الا أنه تخلي عن معطفه .. أقتربت من النافذة لتغلقها .. أمسك بيديها قائلا بصوت علي هاوية الانفجار
" أتركيه .."
جاوبته بهدوء زائف
" الجو باردا .. ستمرض .."
قال ضاغطا علي أسنانه مشددا قبضته علي يديها ... يكاد يكسر أصابعها
" وما شأنك أنت !.. أمرض .. أموت .. لا شأن لك بي .."
ثم نفض يدها بقوة .. موليا اياها ظهره .. تشعر بتسارع أنفاسه غضبا .. تري الغضب بعينيه .. تخشي أن يصفعها مجددا .. تخشي التحدث اليه ..تخشي الهمس جواره فيصرخ بوجهها .. هي بأختصار تخشاه .. طال صمته .. تعلم أن الأفكار تعصف برأسه .. لا تعلم ماذا يتوجب عليها فعله الآن ..وجدت نفسها تقول بقوة
" طلقني ..."
ارتعادة جسده لم تكن أبدا ما توقعته .. جسده انتفض لثانية .. لكن انتفاضته لم تفتها .. اقتربت منه محتضنة ظهره قائلة
" طلقني ما دمت لا تثق بي ... طلقني طالما لم تشعر بي للآن .. أنا احبك ..طلقني لأني أحبك ماجد من كل قلبي ..أرغب بك .. أود بقربك .. أود أن أنام بين ذراعيك ولو لليله وبعدها ... طلقني .."
كانت تتبع كلماتها بلمسات بسيطة علي صدره .. بعد أن اقتربت منه تعانقه من ظهره ولا زالت يديها تتحرك علي صدره في حركات ناعمة .. تهمس
" أحبك ولن أحب أحدا بعدك .. وتوصلت الي أني لم أحب أحدا قبلك .. أحترمتني .. واحتويتني .. أئتمنتني علي بيتك وعلي ولدك .. وأقسم أني لم أخنك أبدا .. أقسم أني بريئة من ظنونك وشكوكك ..أقسم أني لم افرط في شئ من جسدي .. لقد حدث هذا بالخطأ لم أقصد أن يظهر ما شاهدت .. أقسم لك.."
كانت تشهد علي تسارع أنفاسه .. تشهد علي زيادة ضربات قلبه تحت يديها.. هي لم تر وجهه لكنها تشعر بكل خلجاته .. استمعت لمقاطعته لها قائلا
" أصمتي ..."
هو علي الأقل لم يبعدها عنه .. لم يدفعها عنه ..هو مستمتع بقربها .. تري هل يصدقها .. تري هل يشعر بها .. هل يشعر بمدي حبها له .. هل .. هل سيطلقها ..
التفت اليها ببطئ ..تتحول يديها من صدره الي ظهره لم تفلته.. لازالت بنفس القرب .. تود لو تهمس بأذنيه أحبك .. لكنه يفوقها طولا ... وجدته يحملها الي ان وصلا للسرير .. هامسا هو بأذنيها ..
" ولم لا انعم بما قد ينعم به غيري ..ألم يكن اليوم من المخطط أن تري وليد .. ربما تجلسوا .. تتحدثوا سويا .. ربما وددت لو لامسك هكذا .."
وبدأ بملامسات جريئة لجسدها مكملا
" وربما وددت ما هو أكثر رحيق .."
ثم زاد من ملامساته لها ..وهي تبكي .. .. هكذا هو يراها .. عاهرة له ولغيره ..هل يظن أنها كانت علي موعد مع وليد بمنزل عصام .. ولماذا تأخذه معها اذا ؟.. لماذا تأخذ اطفالها .. ؟هل يحمل عقلا .. أم أن الغيرة أعمت عينه عن رؤية الحقائق ..هل تلتمس له العذر وهو ينتهك جسدها .. هو لم يقربها منذ فترة طويلة .. والآن بماذا تصف قربه منها .. ألم تكن ترغب في ذلك منذ لحظات .. ألم تفكر في طفل يجمع بينهما .. ألم تكن ترغب بهدنه من القتال اليومي بينهما ؟..نعم حلمت بكل ذلك لكن ليس بهكذا طريقة .. ماجد الآن يسطر الأحرف الأخيرة بروايتهم .. فهي لن تقبل أن تحيا مع زوجها الذي تحبه .. عاهرة .. يأخذ حقوقة منها مقابل اطعامها .. واطعام أطفالها .. لا .. لن تقبل أبدا .
أنهي أخيرا ما بدأه .. مستلقيا جوارها ..تستمع لأنفاسه الغاضبة ..دثرت نفسها بالغطاء لتوليه ظهرها قائلة بقوة
" طلقني ..."

___________________

انتهي الفصل التاسع والعاشر قراءة ممتعة .. موعدنا مع فصلين آخرين ان شاء الله يوم الاربع .. 😍

noor elhuda likes this.

هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 06-05-18, 11:01 PM   #62

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف مبروك نزول قلوب اثمة ولو انى جيت متاخرة
احسن من بلاش
جارى القراية وراجعة


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 06-05-18, 11:05 PM   #63

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 3 والزوار 0)
‏قمر الليالى44, ‏shoter1, ‏نهى حسام


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 07-05-18, 01:59 PM   #64

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف مبروك نزول قلوب اثمة ولو انى جيت متاخرة
احسن من بلاش
جارى القراية وراجعة
الله يبارك فيكي حبيبتي .. تنوريني يا قمر ♥

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 3 والزوار 0)
‏قمر الليالى44, ‏shoter1, ‏نهى حسام
شكرا يا قمراية


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 07-05-18, 02:04 PM   #65

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة memogoog مشاهدة المشاركة
💐💐💐💐💐😍😍😍😍😍💐💐💐💐💐💐😍😍😍😍😍
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥ شكرااااا


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 07-05-18, 08:59 PM   #66

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سورى ما لحقت اعلق
فالمنتدى سكر فى وجهى
صراحة يا هالة اول ما دخلت روايتك
قريت الفصول كلها مرة واحدة
حبيت اسلوبك فى سردها وكتابتها
وليد وسارة
وليد فى الاول كان انانى وخدع رحيق وابتزها رغم انه متزوج وليده ابنة من سارة
وجودى ابنة وليد وسارة اختطفت على يد مجنوين الله يستر منهما
واختفاء جودى جعل وليد وسارة يندمان على انانيتهما فى الماضي
حسيت وليد نادم بصدق على ما بدر منه تجاه رحيق
رحيق التى تزوجت الارمل ماجد
الذى صدم برؤية الفيديو الخاص بها
وثقته بها اهتزت
رغم انها ندمت وبشدة فى لحظة ضعف مع وليد
فهل سيطلقها بطلب منها ؟؟؟؟؟؟
كريم المتزوج من تنتين نور ومنى
واخته سما العالقة بينهن ومحاولاتها الصلح بينه وبينهم
جميلة هالفصول اللى استمتعت بقراءتها
بانتظار القادم
متابعة لكى
تحياتى


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 07-05-18, 11:53 PM   #67

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سورى ما لحقت اعلق
فالمنتدى سكر فى وجهى
صراحة يا هالة اول ما دخلت روايتك
قريت الفصول كلها مرة واحدة
حبيت اسلوبك فى سردها وكتابتها
وليد وسارة
وليد فى الاول كان انانى وخدع رحيق وابتزها رغم انه متزوج وليده ابنة من سارة
وجودى ابنة وليد وسارة اختطفت على يد مجنوين الله يستر منهما
واختفاء جودى جعل وليد وسارة يندمان على انانيتهما فى الماضي
حسيت وليد نادم بصدق على ما بدر منه تجاه رحيق
رحيق التى تزوجت الارمل ماجد
الذى صدم برؤية الفيديو الخاص بها
وثقته بها اهتزت
رغم انها ندمت وبشدة فى لحظة ضعف مع وليد
فهل سيطلقها بطلب منها ؟؟؟؟؟؟
كريم المتزوج من تنتين نور ومنى
واخته سما العالقة بينهن ومحاولاتها الصلح بينه وبينهم
جميلة هالفصول اللى استمتعت بقراءتها
بانتظار القادم
متابعة لكى
تحياتى
يا جمال تعليقك يا قمر .. معلش المنتدي بيعملها مع الكل .. بس الحمد لله انك قريتي الفصول كلها .. اتبسطت جدا من متاابعتك ومن تعليقك .. شكرا حبيبتي ربا يبارك فيكي ♥♥


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 09-05-18, 01:12 PM   #68

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي عشر



" بداية و نهاية "



السماء مليئة بالسحب البيضاء التي تخفي النجوم فوقها .. القمر يظهر من خلفها بهالته الضوئية وليس بدائرته البيضاء ... الرياح شديدة .. ليله تتنافي كثيرا مع نهارها الحار .. ليله مخيفه من ليال شهر مارس .. النهار حار وكأنه الصيف .. و مع حلول الليل تتبدل الاحوال ... ظلت نور تنظر عبر نافذتها الي السماء والدموع تذرف من عينيها بلا توقف .. انه الاسبوع الثاني بعد فراق ابنتها أروي ...

أروي التي استيقظت يومها لتجدها نائمة جوارها وجوار كريم ... أخذت تمسح عن عينيها آثار النوم .. وتتثاءب .. أبعدت الغطاء قليلا لتعتدل من نومها لتصبح بقرب أروي .. قبلتها وأخذت تداعب شعرها .. حركت أنفها علي وجنتة ابنتها عابثة لتوقظها ... موعد العمل قد حان .. موعد حضانتها قد حان .. نظرت الي كريم المستغرق في النوم جوارهن ... كان موليا اياها ظهره وأنفاسه منتظمة ... أخذت تداعب أروي ثانية لم تستجب .. تعجبت كثيرا فمن المعتاد أن توقظها أروي لا العكس... تصعد علي رأسها .. ثم تتوالي بالضربات علي وجهها لتستيقظ نور متأففة من هذه الطريقه ...كانت تقلبها يمينا ويسارا قائلة
" هيا أروي أستيقظي حبيبتي ..."
ثم بدأت توقظ كريم أيضا بيدها الأخري قائلة
" كريم ... هيا لقد تأخرنا ..."
استجاب كريم اليها ملتفتا قائلا
" صباح الخير نور ...لقد أفقت . .."
ثم أزاح عنه الأغطية يهم بالقيام ...قائلا
" سأذهب للحمام وأعد نفسي للعمل .."
دفعت عنها الغطاء تماما وهي تحاول ايقاظ أروي مجددا قائلة
" أروي لا تستيقظ كريم .. لا أعرف ما الأمر ..؟ "
التفت اليها وملامح القلق تبدو علي وجهه .. أمسك بأبنته وأخذ يرفعها قائلا
" هيا يا صغيرة .. تأخرنا .."
لم تستجب أروي .. وجهها شاحبا .. لا نفس يدخل أو يخرج ..هزها بقوة لكنها لا تستجب ... تركها كريم علي السرير جالسا جوارها .. واضعا وجهه بين كفيه متألما... نظرت اليه نور بعدم فهم ...اقتربت من ابنتها جالسه علي ركبتيها أمامها ...اخذت تحركها بعنف علها تستيقظ... اخذت تشد جسدها بقوة علها تفيق .. لكن .. بلا جواب .. بلا حراك ...بلا جدوي ... قالت صارخه
" أروي ...."
ثم توالت اللطمات علي وجهها .. شقت جيدها .. لطمت خديها حتي تورما ... قائلة
" كيف ذلك .. ؟ كيف حدث ذلك ؟ .. لا .. لا أصدق .."

دموع لا تتوقف .. حزن لا ينتهي .. حرقة لا تهدأ .. ثم أظلمت الدنيا حولها .. لم تعد تري .. لم تعد تسمع .. لم تعد تعي وهي تغيب عن الوعي أمام عينيه .. وهو ينظر اليها بألم
ظلت نسمات الهواء تضرب وجنتيها .. برودته تتغلغل داخل أنفاسها بقوة ..ترطب قليلا بعضا من نارها المشتعله من فراق ابنتها ..أقتربت أكثر من النافذة تمسك اطارها بيدها لتعود لذكرياتها...
لم تنس في اليوم الثالث علي فراق أروي ... حيث كانت تتلقي العزاء في ابنتها لم يأت للعزاء الكثير .. جاء زملاؤها في العمل المشتركون بينها وبين كريم ..سما .. التي لم ترها منذ ان تقدمت مع أخيها اليها .. سما لم تر أروي ولو لمرة واحده .. شاهدتها عبر الصور فقط .. والآن جاءت لتقدم العزاء فيها . اخوتها الذين يملؤون المنزل .. و أولادهم .. .. دنيا ابنة أخيها وحافظة أسرارها جوارها ليل نهار لا تكل ولا تمل من الجلوس معها رغم صمتها الدائم ونحيبها الدائم.. كريم أيضا لم يتركها ظل جوارها يهدهدها يعتني بها .. لم يتركها ولو لثانية ..حصل علي اجازة من العمل له ولها .. طوال الثلاثة ايام لم يفارقها حتي ولو بأجراء مكالمة هاتفية لزوجته الأولي .. كانت دنيا خير رفيق في صمتها ... وجدتها يومها تقترب منها قائلة
" اريد التحدث معك عمتي قليلا... دون ان يسمعنا أحد.."
امتثلت لطلب دنيا بسهوله فقد أصبحت كالدمية تنتظر من يحركها ..بلا ارادة .. وبلا حياة ... دخلا سويا الي غرفة أروي ليحظين ببعض الخصوصية ..وجدت دنيا تخرج شيئا من جيبها بعد أن جلستا متقابلتين علي أريكة واسعة بالغرفة وتعطيها اياه .. قائلة
" لم يعد لك الآن سوي عمي كريم .. لا أريد تشويه صورته الآن أمامك عمتي فلم يتبق لك سواه .. أقسم أني لم أسرقهم .. لقد استعرتهم فقط .. كنت ذاهبة لعيد ميلاد ورغبت في التحلي بهذا .."
ثم رفعت اليها خاتما علي شكل ثعبان مرصع بالفصوص اللامعة .. التقطت نفسا عميقا ثم استطردت
" وهذا .."
ثم أمسكت بالخاتم الآخر بين اصبعيها .. خاتم ذهبي ثقيل ملئ بالفصوص التي تحيط بورده ناعمة بالمنتصف مردفة
"أعجبني كثيرا وودت أن أريه لصديقتي فقط .. .. أقسم أني لم أرتده .. وكنت سأعيده بنفس اليوم الا أنك اتهمت عمي كريم وقد أصبح أمر اعادته مستحيلا .."
كانت نور متسعة العينين .. لم تبك .. فقد جفت دموعها ... كانت تري كل شئ حولها صغير ولا قيمة له بعد فراق ابنتها .. ليت دنيا تأخذ كل شئ وتعيد لها ابنتها ...أمسكت نور يد دنيا تغلقها علي الخاتمين قائلة
" هما لك دنيا .. خذيهم لك ..."
ثم وقفت في محاولة للمغادرة مردفة وهي في طريقها للخروج من الغرفة
" لكن بشرط ... أعيدي الي أروي ..."

ثم غادرت تاركة دنيا لعذاب ضميرها ..
رفعت دنيا رأسها تتابع مغادرة عمتها الغرفة .. ثم عادات بنظرها تنظر الي الخاتمين بيديها وهي تعلم أنها غير قادرة علي اعادة أروي الي الحياة .. وتعلم أيضا أنها فقدت فردا مهما بعائلتها .. فردا يحمل أسرارها وتحمل أسراره .. فقدت عمتها التي لن تغفر لها ... لن تغفر لها حقدها علي كريم في ذلك الوقت وهي تشكوه اليها .. كانت عمتها لا تري شيئا سوي سرقة كريم لها التي أرقت عليها حياتها معه .. كانت تراها تعاني ولم تستطع أن تبرر ..فهي لن تغفر لها أبدا فعلتها ..ولم تستطع أن تعيد الخواتم .. ففي المرتين كان كريم هو المتهم .. وهي أبدا لن تخسر عمتها لهذا الأمر في حينها .. فتكتمت علي الأمر وخبأت الخواتم واستمرت في كذبتها ..الا أن عذاب ضميرها بعد وفاة أروي .. بعد أن رأت معاناة أشد وأقوي .. وهي تراها بهذا الضعف ..قررت أن تجعلها تسترد ثقتها بزوجها كاشفه اليها حقيقه اختفاء حليها .. ظلت تنظر اليهم بيديها ثم ذهبت لتعيدهم للمكان الذي أخذتهم منه .. وعندما عادت الي نور بالخارج أخبرتها قائلة
" لقد أعدتهم الي مكانهم .. أنا قطعا لن أستطع أن أعيد أروي فمن يستطيع .. لكني أيضا آسفه لما فعلت .. لم أستطع الكتمان أكثر من ذلك .. أعلم ما قد يكلفني ذلك .. الا أنني لن استطع أن أحيا بعذاب الضمير مدي الحياة .. آسفة .. حقا أنا آسفة"
هي حقا لم تنتوي السرقة .. كانت ستعيدهم ..الا أن المشكلات كانت تتوالي علي حياة عمتها تباعا.. حاولت دنيا اختلاق الأعذار لنفسها غافله عن أن .. الذنب يكمن في العذر
نسمات الهواء تشتد .. وتشتد .. و هي تقف صامدة لا تملك الا الذكريات الآن فبعد مرور أسبوع واحد من وفاة صغيرتها انفض الناس من حولها .. وعاد كلا الي حياته .. هو فقط من بقي .. هو فقط من اعتني بها .. كريم .. حبيبها .. لكم تحبه .. كم ندمت الآن علي أيام ضاعت في الفراق والغضب ...زوجها الذي دعم حزنها رغم حزنه هو الآخر فهي ابنته أيضا ..
تنهدت مفرغة قليلا مما يعتمل به صدرها ..انتبهت للباب يفتح ليدخل كريم الي المنزل .. لحسن الحظ كان يرتدي معطفا طويلا يتناسب مع برودة الليل ..فقد أصبحت تخشي عليه من أي شئ .. أكثر مما تخاف علي حياتها ...فلم يتبق الآن لها الا هو ....عند دخوله اقترب منها يقبل وجنتيها قائلا
" حبيبتي ... كيف حالك ... ؟ الطقس قارص البرودة .. "
ثم انتبه الي النافذة المفتوحة .. فقام بأغلاقها وهي لم تعترض ..نور الآن بين يديه كالعجين .. عليه اعادة تشكيلها .. بعد أن حقق انتقامه منها وتخلص من ابنتها .. عليه الآن أن يجعلها كالخاتم بأصبعه ..
خاصة بعد أن اقتربت منه ذات ليله لتخبره أنها عثرت علي الخواتم التي فقدتها قبلا ..الأمر الذي أعلي من شأنه أمامها دون أن يخطط لذلك .. مقبلة رأسه قائلة
" انا آسفة كريم ..لا أعرف كيف ظلمتك ..حقا آسفة لو كنا بظرف مناسب لطلبت منك أي شئ أفعله لأجلك كي تسامحني .. أما الآن .. فلا أستطيع سوي الاعتذار .."
واتبعت كلامها بدموع حارقة تلهب وجنتيها علي فراق ابنتها ... ما كان منه الا أن احتضنها قائلا
" لا تهتمي حبيبتي .. الأمر بسيط "
ومنذ وقتها وهي تتودد اليه .. دوما تختبئ بين ذراعيه .. وهو لا يمل .. بل يسعد كثيرا بذلك .. هي لم تعد للعمل منذ فراق ابنتها .. لم تمسك هاتفها حتي لتتابع الرسائل علي مواقع التواصل الاجتماعي .. هي بين ذكرياتها الآن .. هو يشعر بالامتنان لها لأنها برأته من السرقة .. لم يسأل كيف عثرت عليهم .. لم يهتم كثيرا بالأمر .. ففضيحته بالعمل لن يمحوها أي شئ فقد انتهي الأمر بوصمته الدائمة بأنه سارق و عديم الرجوله أو النخوة .. يكفيه انتقامه .
لف ذراعيه حولها ليتحرك بها بعيدا عن نافذة الصالة الكبيرة الباردة .. ليأخذها الي غرفة النوم .. هنا سحب ذراعه من حولها ليبدل ملابسه قائلا
"كيف كان يومك ..؟ "
قالت باقتضاب
" بخير .."
لولا كلمات كريم عندما استفاقت من غيبوبتها بعد أن سقطت متأثرة بفراق ابنتها لما كانت قامت لها قائمة ..عندما عادت للدنيا كانت مستلقية علي سرير أروي بغرفتها بعد أن نقلها كريم هناك بعيدا عن جسد ابنتها .. كانت متخشبة الجسد والعقل .. دموع تسقط من عينيها بلا سيطرة منها أو توقف .. تنظر لأعلي صامتة .. هو جاثيا علي الأرض جوارها قريبا من وجهها يده تعبث بشعرها هامسا بأذنها
" نور .. حبيبتي .. اهدأي ..هذا قدرها .. هذا موعد رحيلها .. سيعوضنا الله عنها حبيبتي .. أرض بقضاء الله ليس لنا في انفسنا شئ .. ستكون سببا في دخولك الجنة .. ابك كيفما شئت لكن لا تنوحي لا تشقي جيدك نور .. هذا يؤذيك حبيبتي .. أصبري .. أصبري حبيبتي "
ظل يردد الكلمة بأذنيها حتي أغمضت عينيها ظنها نامت .. ابتعد عنها ليمسك هاتفه ليتصل بأخوتها ليحضروا .. وطلب منهم كفن واشياء تستلزم الغسل .. فقد غسلها بيده ..بعد أن عادت الي الدنيا وانتبهت لما حولها أخبروها أن كريم من غسلها وكفنها بيده .. وغادر بصحبة أخويها الي المسجد للصلاة عليها ثم دفنها
قامت لتعد له الطعام فأمسكها قائلا
" لا ترهقي نفسك نور .. لا بأس سأتدبر الامر "
عادت الي جلستها .. أقترب جوارها بعد أن بدل ثيابه .. هو يحب نظافة بيته .. يحب أهتمامها به .. يحب أن يكون وحده في عالمها بلا شريك .. الآن ليس هناك تهديد من جانبها .. لو أرادت أن تخبر والده بأمر زواجهم فالأمر الآن أخف وطئا.. فلا يوجد طفله تنسبها اليه .... الآن قد يطلقها .. قد يتركها هكذا جواره بلا حول ولا قوة .. الآن هي له بمالها وكيانها .. لن تطلب منه ايجارا أو مصاريف للحضانه ..الآن هي كالدمية بين يديه بلا قوة ولا صوت



" كيف حال زوجتك النظيفة بني ؟ "
نظر كريم الي والده قائلا
" بخير أبي .. الأولاد مرضي .. بكتريا المعده كالمعتاد.. حمدا لله "
ابتسم الأب بسخرية قائلا
" هذا أقل شئ يصيبهم من قذارة والدتهم .. هي لا تهتم بالنظافه في أيا من نواحي حياتها .. البيت .. الطعام .. الملابس .. ألم أكن أري بنفسي ؟.."
هكذا دوما والده .. فمنذ زواجه بمني وهو لا يحبها .. خاصة بعد أن مكث عنده أسبوعا كاملا الي أن ينتهي من تجديد شقته .. من وقتها وهو لا يحبها .. رأي قلة نظافتها بكل شئ .. حتي هو نفسه عاني من الآم معدته في ذلك الأسبوع ..ومن هنا الوقت استشعر معاناة ولده مع زوجته .. فهي بلا عقل لا تجيد الحديث .. لا تفقه شيئا بالحياة سوي أسعار الخضروات .. أو النميمة والغيبة علي جيرانها و عائلتها ..
ظهر الامتعاض علي وجه والده الذي يجلس أمامه بالمتجر .. فعلم كريم أنه يتذكر شيئا خاصا بزوجته ..

كان كريم يبيع هاتفا .. سمع والده يقول
" اهتم بصحتك كريم .. وزنك ينخفض بشكل ملحوظ بني .."
ابتسم كريم قائلا لنفسه
" مما أعيش فيه .. "
قال لأبيه
" سأقوم ببعض التحاليل بمعامل تابعة للشركة .. أنا أيضا أشعر بالتعب قليلا .."
قال والده
" كيف حال سما .. أتراها .."
تشاغل بأكسسوارات أمامه..فقد كانت آخر مرة يري سما في عزاء ابنته .. كانت تأتي يوميا خلال الثلاث أيام .. أجابه بعدم أكتراث
" لا أراها كثيرا بسبب انشغالي معك .. لكني اهاتفها يوميا لأطمئن عليها وعلي صغارها "
هز والده رأسه علامة استحسان ما يقوله كريم .. ربت علي كتفه قائلا
" بارك الله لي بكم انتما الاثنان .."
ظل مع والده حتي نهاية اليوم ..تناولا العشاء سويا تلاه الحلوي ثم أعطاه والده المال وهو مغادرا ليشتري لصغاره ما يحتاجون.. أغلق المتجر .. معلنا انتهاء العمل لهذا اليوم..
هذه الليلة عليه أن يذهب لمني .. فهو مقصر في حقها كثيرا .. رغم أنه يسد فاها بالمال .. الا أنه لا يريدها أن تشك بشئ ..فهو يعلم أن زوجة أخيها لا تترك أذنيها فتقذف فيها بالسموم .. وأيضا والدها الذي بدأ يعبث خلفه ليجد دليلا حول زواجة ..فيسأل هذا وذاك من أصدقائه .. فيخبروه أصدقائه ليأخذ حذره ..

هو لا يريد أن يغلق النار من ناحية .. فتفتح عليه من ناحية أخري..ليهنأ بالهدوء ولو قليلا في حياته
ما ان دلف الي المنزل حتي شعر بالأرهاق .. شعر بالدنيا تميد به .. وآخر ما شعر به ارتطام وجهه بالأرض بقوة .
حاول أن يفتح عينيه فلا يري سوي خيالات .. عاد لاغلاقها وفتحها ثانية بقوة .. وجد أمامه مني وسما وزوجها عصام .. نظر حوله وجد محلولا يسير عبر أنبوب دقيق متصل بذراعه ..عقد حاجبيه قائلا
" ما الذي حدث ؟ "
اقتربت منه مني باكية وهي تقول
" لماذا لم تخبرنا أنك مريض سكر كريم ..؟ "
تلقي الصدمة فاتحا فمه ليقول بأستغراب
" ماذا .. سكر ..! انا لم أشكو منه من قبل .."
قالت سما بحزن وهي تجلس علي كرسي جواره
" الطبيب أخبرنا أنك أصبت بغيبوبة سكر نتيجه لارتفاعه .. أخبر مني أن عليه نقلك للمشفي ..تحتاج لعقاقير و تحاليل .. اتصلت بي مني علي الفور وحضرت انا وعصام .. حمد لله علي سلامتك كريم .."
لازال لا يفهم .. هو مريض سكر .. كيف .. هو لم يعان من أي شئ من قبل ولا حتي شعر بالغثيان مره أو بألم في أي جزء منه .. رأي الطبيب يقترب منهم قائلا
" كيف حالك سيد كريم الآن ؟ "
سأل الطبيب متعجبا
" أنا مريض بالسكر .. كيف ؟.."
سأله الطبيب عن بعض الأعراض التي لم ينتبه اليها من قبل .. كان يظن أن الأمر عاديا .. كثرة دخوله للحمام .. نقص وزنه .. احتياجه الدائم للسكر .. ثم تذكر أنه قبل أن يسقط شعر بالارهاق والغثيان أيضا
اقتنع بما قاله الطبيب في النهاية.. لكن مع صدمته من الأمر .. استمع الي الكلام الطبي الذي استرسل به الطبيب محدثا سما وعصام .. ثم التفت اليه قائلا ..
" ماحدث اليوم كان نتيجة تناولك جرعة زائده من السكريات .. عليك أن توازن بين طعامك .. الخضروات أهم الاطعمة .. أنتبه للخبز والارز .."
بعد أن فرغت محاليله التي تحوي الدواء .. قام مع أخته وزوجها ومني مغادرا الي بيته .. القت عليه سما التحية مغادرة تعده بأنها ستزوره غدا ثم همست له
" سأخبر نور بالأمر حتي لا تقلق "
ثم ربتت علي كتفه مغادرة



كانت توقظه كل يوم ليذهب الي عمله .. تقترب من خده تطبع قبله دافئة هامسة بأذنه
" هيا وليد .. استيقظ .. ستتأخر علي عملك .."
ثم تذهب لتعد له افطاره .. كم مر من الوقت وهو يستيقظ وحده .. بل ويفطر خارجا بعد أن تكون هي اما بعملها أو لم تستيقظ بعد .. أما الآن فهو يستمتع بهذا الوقت من الصباح .. يستمتع بأقترابها منه ليشتم رائحة الورد من شعرها القصير ..
رغم حملها الذي تجاوز الثلاثة اشهر الآن .. الا انها لا تقصر بشئ ..يعود من عمله الصباحي .. يجد الغداء معدا ليتناولوه سويا .. هي لم تعد تعمل .. اهتمامها اليومي به وببيتها فقط .. جودي لم تنساها .. بل تخبره كل ليلة قبل نومها أنها تحدثت اليها .. و أخبرتها أنها اشتاقت لها وتختتم كلماتها قائلة
" تري .. هل سنجدها وليد ..؟ "
وتكون اجابته دوما
" نعم "
هو الآن بطريقه الي المكتب .. بعد أن تناول غداءه بصحبتها التي لم يعد يمل منها .. لم يعد ينظر للنساء كذي قبل وانما أقل ليكون صادقا.. فهو يسعي الي أن يكون رجلا لامرأة واحدة .. فقد عاد قلبه الي حب سارة مجددا بعد أن نفض التراب عن قلبه أخيرا .. وتوصل الي أنها تذوب بين أنسجة قلبه الآن .. تخطو نحوه لتحظي به كاملا كما السابق..

وصل الي المكتب .. الذي جلب له سكرتيرا لتسلم القضايا في غيابه .. المكتب استعاد سمعته بعد انهياره أثناء غيابه عنه في وقت بحثه عن جودي ومن قبلها تعلقه برحيق .. هو الآن لا يهتم الا ببيته وزوجته وبناء ذاته ليؤمن لأسرته حياة طيبة.. وليد لا يقبل الا قضايا حقيقية .. يناصر المظلوم .. لا يقبل قضايا المخدرات .. لا يقبل قضايا يشك بكنها ..مع بضعة قضايا تتعلق بأنهاء أوراق أو قضايا غير جنائية ...يري الكثير في مهنته .. يري من يطلقها زوجها ويأخذ صغارها منها في حين أنه سكير .. عربيد ولا يهتم لأمر اطفاله من الأصل .. يري الخائنة المتبجحة التي تريد كل شئ الزوج والمال والأطفال ..يري الأطفال المشردة بين أحقاد وضغائن الوالدين .. يري زوج يقتل زوجته بسبب غياب عقله بالمخدر .. يري الكثير والكثير مما جعله يحمد الله علي ما هو فيه ...جلس علي مكتبه ينظر الي ملف لقضية أمامه .. ولا زال ذهنه شاردا .. رغم فقده لجودي الا أن الله رد له زوجته .. رد لها عقلها .. رغم فقده لجودي الا أن الله أعطاه جنينا آخر ينمو الآن داخل رحم سارة .. رغم أنه انتهك عرض امرأة .. الا أن الله من عليه بالعمل و ازدهر أسم مكتبه .. ظل يفكر .. هكذا هو الله يعطي .. ونحن نعصي ..يكرم ..ونحن نبخل .. يغفر .. ونحن نأثم .. لا نكترث بعقابه .. الا أنه يرحم ..
ارتسمت ابتسامة رضا علي وجهه يستقبل بها عمله يحمل الأمل في كرم وعطاء الله أن يتم نعمته برؤية ابنته جودي ثانية.. لقد مر أربعة أشهر الآن .. ابنته الآن أتمت عامها الأول .. هل تكلمت الآن ؟ .. ما صوتها .. هل بدأت في المشي .. هل أكملت طاقم أسنانها ..؟ ابتسم وليد رغما عنه لتذكره أسنانها الصغيره التي رآها ذات مرة .... هو يشتاق لسماع كلمة بابا من بين شفتيها بصوتها الذي لا يعلمه ..يشتاق لضمها بين ذراعية لينعم بدفئ جسدها الصغير ... لم تعد ذكراها مؤلمة كما كانت .. تغير كل شئ حوله منحه احساسا بالرضا بقضاء الله .. بل ويمنحه الأمل .. ويصر علي أن يصبر ويثق بربه ..لم يعد الشعور مؤلما .. بل آملا ..

فكر قليلا كيف يمكنه أن يهنأ قليلا بصحبة سارة بعيدا عن العمل والأفكار والآلآم .. أخذ يفكر ويفكر .. الي أن توصل الي مفاجأة ستسعد بها ...
مساءا
بعد أن عاد وليد من مكتبه .. وجدها نائمة .. اقترب منها ليوقظها .. لكنهاكانت تغط في نوم عميق ...قرر عدم مفاجأتها اليوم .. ليكن غدا بعد أن يعد للأمر جيدا .. حظي بحمام دافئا واستلقي جوارها في هدوء.

استيقظ صباحا كعادته علي قبلتها ..كانت تهم بالمغادرة لتعد الافطار .. أمسك كفها لتعود جواره ثم اضاءت نورا ضعيفا جوارها ..ابتسمت قائلة
" ما الأمر .. ؟ استيقظت اليوم بسرعة .."
اعتدل ساندا رأسه الي وسادته وما زال يمسك بيدها قائلا
" لا أطيق صبرا لأخبرك .. سأذهب اليوم الي عملي ثم أحصل علي عطلة يومين ..ويومي والجمعة والسبت عطلة رسمية بطبيعة الحال .. ما رأيك أن نسافر بعيدا ..نهنأ براحة وهدوء .. لقد ضجرت من ضغوط العمل ما رأيك ..؟"
كان جوابها أن سقطت بين ذراعيه ..تحتضنه بشده قائلة
" أحتاج لذلك حقا ... شكرا لك وليد .. شكرا لك .."
نسمات الورد هاجمته مجددا.. ماذا تضع زوجته بشعرها لتنعم بهذه الرائحة .. لماذا لم يكن يشتمها من قبل .. أزاحها عن صدره لينظر الي عينيها الواسعة قائلا وهو يملأ عينيه برؤيتها
" ماذا تضعين بشعرك سارة ..؟ رائحة الورد هذه تلهب مشاعري .. تجعلني أريدك كل يوم .. بل كل ثانية .. بل الآن .."
جذبها اليه ثانية فأخذت تضحك قائلة
" لا ليس الآن .. الآن عمل ..سنبدأ اجازتنا غدا وليد .. هيا .."
ثم تركته لتعد الافطار .. بينما هو يزيح الغطاء متأففا وهو يكتم رغبته بها.
عاد من عمله ثم بدل ثيابه متجها نحو مائدة الطعام حيث أعدت له غداء فخما يليق بخبر الاجازة .. جلست جواره وهو يتفرس في شعرها القصير المرفوع من احدي جانبيه ..والي شفتيها الوردية .. تناول كوب العصير مقربا اياه من شفتيها قائلا
" اشربي .. "
كانت تري نظراته لها .. وتعرف ما يريد .. فوليد بطبيعته واضح لا يستطيع اخفاء رغبته بشئ .. قالت
" سأشرب من كأسي "
قال متلهفا
" لا .. من نفس كأسي سارة .. حتي أتلمس موضع شفتيك "
قرب اليها الكوب .. لم تكد تأخذ رشفتها حتي قربه من فمة قائلا
" كم هو مغوي أن ألمس موضع شفاهك أريدك أن تتغلغلي بشرايني سارة .. أحبك .. غاب عنا الكثير في خضم الحياة وأمتلائها بالمتاعب .. لكني حقا أحبك ..تجددي بداخلي مشاعر قديمة لم تكن الا لك .. حبيبتي .. زوجتي .. أميرة قلبي و رفيقتي.. أحبك .."
ابتسمت له متعجبة من هذا الكائن الحساس أمامها .. ابتسمت لرقة تعلم نهايتها جيدا .. سمعته يقول
" هل ننام قليلا .. ؟"
أمسك يديها ليحثها علي القيام فقالت
" ألن نأكل .. ؟ "
حملها عندما عاندته قائلا
" الطعام سينتظر .. أما أنا فلا "
هل محنة اختفاء جودي خلقت منهم أشخاصا جدد ؟.. هل قربتهم من بعضهم البعض بدلا من ابعادهم .. ؟هل رققت مشاعرهم لهذا الحد .. ؟ هو لم ينتظر جوابا لأسئلتها .. حملها مسرعا الي غرفتهم .. ليسأل هو أسئلة أخري تليق بيوم ملئ بالشوق والحب ..
كانت تجلس جواره بالسيارة متجهين الي شرم الشيخ ... هذا الوقت من العام ممتع كثيرا ..ليس باردا ولا حارا .. أمسك يديها وهو يقود ليشعر معها بالمعني الحقيقي للاحتواء والتلاحم الجسدي في كل وقت .. المسافة بعيدة من العاصمة الي شرم الشيخ .. الا أنه أصر أن يسافر بسيارته .. بعد مرور الوقت شعر بتعبها فأرخي كرسي السيارة قليلا .. مرجعا اياه الي الخلف .. قائلا
" استريحي قليلا ...."

اومأت موافقه .. مستسلمة للنوم .. عله يقلل من وقت الرحلة .. .. ظل منتبها للطريق .. لا زال في أوله .. صحراء حوله من كل صوب طريق سريع طويل أرغمه علي الشرود بأفكاره حول الأمس القريب ..حول محبوبته التي ملئت قلبه حبا و عشقا .. شرد حول نعومتها ورائحة الورد التي تفوح منها فتسكره .. الي أن مرت بجواره سيارة مسرعه جذبت انتباهه لشدة سرعتها .. نظر جواره ...لا .. لا .. هو لا يصدق نفسه .. اليسوا هؤلاء جيرانهم .. من اختطفوا جودي .. يا الهي .. أليست هذه جودي ابنته .. مها كبرت ستظل ملامحها ثابتة.. نعم هي ابنته .. انها جودي .. لازال يري السيارة رغم سرعتها وابتعادها عنه .. زاد من سرعة سيارته ليلحق بها .. لم يأبه بسارة النائمة جواره .. لم يهتم بالسرعة الزائدة ..لم يهتم بمن حوله علي الطريق .. لم يهتم الا بأبنته التي خطفت قلبه في أقل من الثانية وعليه أن يستردها بأي شكل كان ليزرعها بين اضلعه



صباحا

بعد ان غادر ماجد الي عمله و أوصلت صغارها الي المدرسة ...قامت بلملمة أغراضها هي وأطفالها .. بل وأغراض زياد أيضا .. هي لن تتركه خلفها وحده علي كل حال ..كان زياد يلعب بغرفته ...لم ير ما تفعل الا عندما عادت لغرفته لتعد أغراضه ...اعتدل قائلا
" ماذا تفعلين امي ..؟ "
تركت ما بيدها لتجلس أمامه .. تحتوي وجهه بين كفيها .. قائلة
" سنمكث قليلا في بيتي زياد .. ألا ترغب في رؤيته ..؟"
ابتسم زياد قائلا
" وأبي .."
قالت مسرعة
" سيلحق بنا ..لا تقلق .."
ثم عادت لتكمل ما بدأته وعند انتهائها طلبت سيارة أجرة لتنقل أغراضها الي بيتها .
دلف أربعتهم الي منزلها بعد أن جلبت صغارها من مدرستهم .. حمدت ربها أنها تعطي المفتاح لسيدة أمينة لتنظف لها المنزل بصفه دورية .. لكانت الآن منشغله بالتنظيف والترتيب... استغرب ولديها كثيرا فسأل أحمد
" ما الأمر أمي .. لما نحن هنا ؟ "
أحتضنته قائله
" سنمكث هنا قليلا .. أنا بحاجة لترتيب أفكاري .."
تركتهم ليبدلو ثيابهم ... وذهبت لتعد لهم الطعام ...
جلس أحمد جوار أخيه بعد أن بدل ثيابه بغرفتهم ... الغرفة تجمع ألعابهم .. تحتوي علي سريرين منفصلين .. لا تحوي أثاثا وانما غرفه للعبهم ونومهم فقط ..فمنزلهم يصغر منزل زياد الواسع بغرفه الثلاثة وصالته الكبيرة ..كان زياد بصحبتهم يلهو بالهاتف عندما سمع أحمد يقول
" يبدو أن هناك خلاف بين والدك وأمي زياد "
ترك زياد الهاتف قائلا
" لقد أخبرتني أمي أن أبي سيلحق بنا "
ابتسم محمد مقتربا من زياد ليأخذ الهاتف من يده قائلا
" يبدو أنك لا تعرف أمي بعد .."
اتصل برقم من هاتف زياد .. وما ان أتاه الرد حتي قال
" مرحبا أبي ..وددت أن أخبرك أننا بشقتنا القديمة .. لقد عدنا اليها "
ثم صمت قليلا .. بعدها أجاب ..
" أمي بالمطبخ تعد لنا الغداء .. وزياد هنا أمامي تريده "
ناول محمد الهاتف الي زياد .. استمع زياد لوالده ثم أجاب
" حاضر يا أبي "
ثم أغلق الهاتف .. كانت تقترب لتخبرهم بأنها أنهت اعداد الطعام ..فأستمعت لما يقولون .. وشاهدت متلصصة ما يفعلون .. اذا فلقد أخبروه أنها بمنزلها .. فوتوا عليها متعة تشتيته في البحث عنهم .. لقد كانت تنتوي أن تغلق هاتفها ..وهاتف زياد .. لكن لا بأس .. لقد علم وانته الأمر .. عليها أن تواجة الأمر .. وتطرق علي الحديد وهو ساخن .

كان الوقت متأخرا ..أطفالها جميعهم امتثلوا الي النوم .. تركتهم جميعهم بغرفه واحده .. ونامت بمفردها في غرفتها القديمة .. لقد بدلت الكثير من الأثاث فلم تعد شقة الزوجية القديمة.. فبدت جديده لا تحوي ذكريات لزوجها السابق ..
كان زواجها منه تقليديا .. لم يجمع بينهم حب أو مشاعر ملتهبه .. تزوجت وأنجبت سريعا .. وانتقل هو بنظام عمله الي المساء .. وأحيانا ما كان يبيت بعمله .. ويأتي نهارا ليحظي بالنوم والراحة .. وكأن الله يرتب لها تحمل المسؤلية حتي وهي متزوجة .. كانت مسؤلة عن كل شئ .. حتي تعب ولديها ليلا .. كانت هي من تذهب بهم الي لطبيب و ان كان الوقت متأخرا..لم يساعدها بتربيتهم أحد .. لا بوجود زوجها ولا بعد وفاته .. ظلت الذكريات تهاجمها ..وهي مستلقيه تنتظر النوم..
تذكرت يوم أجازاته .. كانوا يذهبون برفقته الي بيت عائلته .. وتلقي عذابا في التنظيف والترتيب بحكم صغر سنها .. فلن يخدمها الكبار سواء أخته .. أو زوجة أخيه ..كان ينالها التقريع اذا ما قصرت بشئ أو ان أبدت تعبها من كثرة العمل .. لا تنس أبدا كلمات أخت زوجها
" تتدللين رحيق .. لقد حملنا أثقالا تفوق أعبائك .. فليشتد عودك صغيرتي .. هيا .. أطباق كثيرة تنتظرك بالمطبخ .."
كانت والدة زوجها هي الرحيمه بها .. دوما تدللها .. وتنهر ابنتها لأجلها .. لكنها لم تمكث طويلا فقد توفاها الله سريعا .. لقد تزوجت وبحوزتها مال كثير فهي من عائلة ثريه ..كان لديها ذهبها ومالها الخاص ومحلها الذي ورثته عن أبيها ...تملك شقتها التي هي بها الآن ...لديها كل شئ .. الا الحب .. لا تذكر يوما أنها القت همومها علي زوجها يوما.. أو تذكر له كلمة شكر علي اعتنائها بالصغار .. كان دوما مشغول بين عمله وارضاء عائلته

أما ماجد .. شئ آخر ..تذكرت يوم خرجا سويا مع الصغار .. يوم اهتم بها وأحضر لها مثلجات مثلهم .. تتذكر يوم زواجهم ومنحه لها الحب كما يجب .. حب لم تتعلمه الا علي يديه .. كم كان حنونا معها..وهل تستطيع نسيان صدره ودفئ ذراعيه !.. تذكرت احتوائه لأطفالها وتفهمه لصغر سنهم ..تذكرت يوم حضر أهل زوجها السابق لزيارة ولديها .. تذكرت اهتمامه بها أمامهم.. تذكرت نظرة الحقد بين عيني عمتهم .. وكأنها تستكثر عليها حياة هنيئة.. استمعت لنقر خفيف علي باب شقتها .. قامت مرتديه روبا ثقيلا ليستر جسدها من البرد .. نظرت عبر عينا بالباب .. وجدته.. انه هو .. ماجد.. هل خرج من بين أفكارها .. فتحت الباب مستقبلة اياة برباطة جأش.. فاجأها وهو يمسك بحقيبة كانت خلف ظهره .. نظرت اليه منتظره قوله .. هو أيضا يتفرس ملامحها مضيقا عينيه ..قائلا
" هل لي أن أدخل ؟"
أفسحت له الطريق .. فدخل وأغلق الباب خلفه قائلا
" خرجت من بيتي دون أذن .. حزمت حقائبك .. وحقائب الصغار .. دون أن تهتمي لرأيي ..؟ "
قالت من فوق كتفيها وهي توليه ظهرها
" وما رأيك ..؟ "
جلس علي أقرب كرسي واجهه قائلا
" لماذا لم تحزمي امتعتي معكم ..؟ "
التفتت اليه متعجبة من سخريته قائلة
" هل جئت لتعبث معي .. أنا أريد الطلاق .. وكيف أحزم أمتعتك وأنا أنتوي هجرك ! "
رفع نظره اليها .. قائلا ببرود
" ستهجريني ومعك طفلي .. هل ستقاضيني أيضا لتضمي اليك حضانته رحيق .."
فهمت ما يرمي اليه .. كلماته مقتضبة لكنها تحمل بين طياتها السخرية .. هو يشير الي عدم أحقيتها بزياد ...اذا فلتكشف الأوراق الآن
قالت وهي تتخذ مقعدا يواجهه .. هي الآن لا تخشاه .. هي الآن تحبه ..ولأنها تحبه وجب الطلاق .. لن تحتمل كلمة أخري تحمل معني تفريطها بشرفها وعرضها ..أو تلميحا بسيطا يرمز لزلتها .. هو لا يعلم كم ندمت علي الأمر .. هي من تمسكت بحجابها منذ أن وجب عليها أن ترتديه .. هو لا يعلم كيف تؤنب نفسها كل ليلة علي ما فعلت .. حجابها عفتها الذي لم تتخل عنه يوما ... ندمت كثيرا .. كثيرا جدا ..

ظلت تناظرة قوة وغضبا .. فغضبها منه لم يهدأ بعد .. هو يعاملها كفتاة ليل لا يأبه بما يجتلج قلبها به .. لا يأبه بمشاعرها .. كل ما يريده الأنتقام .. اذا فلتبدأ المعركة
قالت
" ما الذي تحتم علي فعله عندما أود مغادرة منزلك ماجد .. هل أترك زياد بالمنزل وحده .. ام آتي اليك بالعمل وأتركه لك .. أم كان يتوجب علي أن انتظرك حتي تأتي لأخبرك أني سأترك بيتك وأنتقل الي شقتي حتي تطردني أنت بنفسك .. أخبرني بأي الحلول كنت سترضي ...ام آخذه معي وتأتي انت لتسترده ولأعطيك رأيا أخيرا فيما يتعلق بنا وتعطيني ما أرغب.."
استمع لكلماتها بجديه قائلا
" وما رأيك بحياتنا سيدة رحيق..؟"
أجابت بقوة دون مواربه وهي تنظر بعينية .. وعرقا برقبتها يتضخم
" رأيي انها حياة بائسة .. يشك كلا منا في الآخر .."
هل ما سمعته ضحكاته .. نعم هو يضحك .. يجلس أمامها رأسه منسابة الي الخلف من شدة ضحكه .. يا الهي .. هل اخيرا يضحك..و بموقف كهذا .. غمازة وجنته ظهرت .. عينيه تلمع .. أسنانه النظيفة الصغيرة تظهر من بين شفتيه .. شفتيه .. لعقت شفتيها تكتم شوقها اليه .. نظرت الي اللأرض في محاولة لأستعادة سيطرتها قائلة
" نعم .. أنا أيضا أشك بك ماجد .. لماذا تذهب الي هويدا .. لماذا تهتم بها .. تقتطع الوقت من أسرتك لأجلها .. أتظنني لا أري .. أتظنني لا أشعر ..."
ازدادت ضحكاته ..أمسك صدره ليلتقط أنفاسه .. هل هي حقا تشك به .. هو لم يفعل شيئا مشينا مع هويدا .. لا أمامها ولا من خلف ظهرها ..لم يلامسها .. لم يعانقها .. لم يقبلها كمان كان يفعل في صغرهما ..هدأت ضحكاته ثم أخذ يحرك رأسه يمينا ويسارا ليسترد جديته .. تنحنح قائلا
" أبي سيصل غدا الي بيتي .. أنت تعلمين أنه كان مسافرا مع أختي .. هي للعمل .. وهو ليعتني بها ..هما آتون الينا في اجازة .. وكي يباركوا لنا زواجنا .. أظن من الغباء أن أخبرهم بأن حياتنا علي المحك .. ونحن مقبلين علي الطلاق .."
انتبهت لما يرمي اليه .. فقالت
" اذا أنت تريدني أمثل أمام عائلتك اننا زوجان سعيدان .. ينقصنا عصافير ترفرف فوق رؤسنا بسعادة .."
قال بأقتضاب وقد قام واقفا يتجول بالمنزل
" نعم .. هذا ما أريد .."
" وما الذي يضمن لي عدم اقترابك مني ؟ "
" أقسم أني لن اقربك رحيق "
جلست تفكر في الأم قليلا
" موافقة بشرط واحد "
" ستنالين طلبك .. الطلاق "
انتفضت لسماعها الكلمة بصوته المحبب .. تجرعت حزنها في صمت قائلة
" ولم أنت هنا بحقيبة ملابسك ؟ "
كان قد وصل لغرفة الاطفال فتحها ليطمئن عليهم .. ألقي نظرة خاطفه .. نظرة سعيدة و هو يجد زياد ينام بين ولديها والاثنان يحتضنونه .. أغلق الباب بهدوء ملتفتا اليها وما زالت تجلس مكانها
" أنا هنا بحقيبتي لأنني سأترك شقتي لأبي وأختي لينعموا بالخصوصية .."
ثم غمز بعينيه لها في نظرة أذابت عظامها
" وكذلك نحن .. "
ابتلعت ريقها .. ما باله اليوم رقيق هكذا .. ماباله اليوم يبدو كمن يريد اللهو .. وهل ستتنازل هي عن طلبها للطلاق لمجرد ضحكة .. أو رقة معاملته .. أو لأجل غمازته .. قطعا لا لقد أهانها وأهدر كرامتها .. ألم يقسم منذ قليل أنه لن يقربها ؟
أمسك حقيبته متجها نحو غرفة نومها .. وجد حقيبتها بركن بالغرفة يبدو أنها لم تفرغ متاعها للآن .. أقترب من خزانة الملابس ليرتب ملابسه فقالت عابسة
" هل أعد لك طعاما ..؟ "
قال وهو يرتب ثيابه
" لا .. فالمسرحية لم تبدأ بعد .. انتظري للغد وأبدعي في التمثيل رحيق .."
اذا هو يريدها أن تمثل .. فليكن .. لتنعم قليلا بقربه قبل أن تنفصل عنه .. هي تحب .. تحب كل جزء من وجهه .. من جسده .. تحب التفاتته .. تحب صوته ..لكن الفراق محتوم ماجد .. الفراق محتوم ..
" لقد اطمئننت علي الصغار نهارا .. لقد أخبرني محمد بوجودكم هنا "
انتهي من ترتيب ثيابه في الخزانة مقتربا منها
" تفكرين بالهرب مني ومعك ولدي .. يؤثرني ذكائك رحيق "
" بم أخبرت زياد عندما تحدثت اليه ؟ "
علم أنها استمعت لحديث الصغار فقال هامسا بأذنيها
" أستمع الي كلام ماما أنا آت اليكم "
ثم ابتعد عنها ليعد نفسه للنوم
احتارت بين سخريته وبين همسه .. أنفاسه الدافئة قرب أذنيها اججت شوقها له .. ابتلعت ريقها ثم توجهت الي سريرها لتنهي هذا اليوم الشاق
نام جوارها مبتعدا عنها .. فهو لا يحتمل لهيب جسدها ..هي بالنسبة اليه نارا .. ان اقترب منها احترق .. وان ابتعد عنها مات بردا...
ظل يفكر بعودة والده .. هو لم يره منذ آخر اجازة له منذ ما يقرب من عامين ..قبل وفاة حنان .. هو لم يحضر للعزاء .. لم يحضر عند زواجه من رحيق .. بل تلقي اتصالا هاتفيا منه بكلمات مقتضبه
" البقاء لله "
" مبارك الزواج "
الأولي عند وفاة حنان .. والثانية عند زواجه برحق ...بين الحنان والرحيق ضاع عمره ..بين رقة حنان ونعومتها ..بين قوة رحيق وجرأتها ..شتان بين الاثنتين ..كيف يقارن بينهن ..ولم يقارن من الاساس ! .. لكلا منهما كيان مختلف عن الأخري ..رحيق تشده اليها بطريقة مختلفه هو لا يعلمها .. يؤلمه ما فعلت .. يؤرق عليه نومه .. لكنه لا يستطيع الابتعاد عنها فعندما واجهته برغبتها في الطلاق أظلمت الدنيا أمامه .. أراد أن يدمغها بختمه حتي لا تضيع منه .. كان أعمي في غضبة .. لم يستطع السيطرة علي ذاته وخاصة بعد مواجة وليد .. لقد انهكته هذه المواجهة حقا .. صامدة اذا رحيق وقبلتي بالعرض .. اذا فلنمرح قليلا.. فلتريني صمودك أمام والدي ..فلنر رحيق .. كيف ستجابهين جفاء أبي


noor elhuda likes this.

هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 09-05-18, 01:18 PM   #69

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني عشر



" عمل و جزاء "



الشمس تتوسط السماء .. الطقس دافئ .. وقف خارجا في المطار ينتظر والده وأخته ..اليوم موعد وصولهم الي القاهرة وعليه استقبالهم .. أتفق مع رحيق أن تذهب الي منزله لتعد طعام يليق بأستقبال والده ..

والده الذي لا يعجبه شئ .. ولا يرضي عن أي شئ .. و أخته التي قررت السفر بعد زواجه من حنان .. بعد أن شعرت بضرورة سفرها الي السعودية مثل صديقاتها ففرص العمل لها هناك أفضل .. كانت تشهد علي نجاحهن فأرادت أن تكون مثلهن .. وهكذا أقنعت والدها بالسفر وهي تعده أن جل راتبها الشهري سيكون بين يديه .. فوافق والدها علي الفور .
سافرا سويا ... ومر عليهم وقت طويل هناك .. كان يرسل الصور لأخته بأنتظام لتتابع مراحل نمو زياد .. وقت وفاة حنان أعربت أخته عن انشغالها بينما والده لم يهتم بالتبرير .. فهو لا يهتم الا بنفسه والمال فقط .

لمح وجه أخته سمر من بعيد .. رآها تقترب مع والده بنفس ملامحها البريئة .. لم تتغير ابتسامتها الشقية .. وجنتيها الناعمتين الورديتين دون تزيين .. حجابها الأنيق دوما تجيد أختيار الألوان .. ابتسم لها بسعادة ما ان التحمت عيناهما سويا .. رآها تركض سريعا الي أن أصبحت بين يديه فرفعها عن الأرض وأخذ يدور بها قائلا بمرح
" اشتقت اليك حبيبتي .."
أنهي لفته الخامسة ربما ..ثم أنزلها أرضا ملتفتا الي والده .. بتعابير مختلفه .. بملامح أكثر رصانة مصافحا اياه قائلا
" مرحبا أبي .."
هكذا دون عناق .. دون قبلات .. سلام جاف وكأنه كان ملاصقا له طوال السنوات الماضية..جفاء متبادل من الطرفين .. ثم أشار ماجد الي الأمام قائلا
" تفضلا.."
هبطوا جميعهم من السيارة الأجرة أمام البناية التي يقطن بها ماجد ..أحاط سمر بذراعيه قائلا
" أعلم أنك تضورين جوعا .. ستحظين اليوم بطعام لم تأكلي مثله في حياتك.."
قالت وهي تمشي جواره ..
" ألا زلت تسكن بالخامس ماجد .. يبدو أن صعودي لمنزلك هو ما سيتسبب بجوعي.."
بدأوا بالصعود .. الي أن وصلوا الي الشقة .. فتح الباب .. كان بأستقباله الأطفال .. أحمد أعتلي صدره ومحمد أمسك قدمه اليسري .. وزياد بالقدم الأخري..

ظل يمشي هكذا متجها الي الداخل قائلا بصوت مرتفع
" رحيق .. أين أنتي ؟ ...تفضلي سمر .. تفضل أبي .."
خرجت رحيق من المطبخ بوجه مزين بنعومة .. شعر مرتب مرفوع كذيل حصان يبرز وجنتيها الناعمتين .. ويزيد عينيها اتساعا .. ترتدي عباءة طويلة بأكمام ضيقة حتي الكوع و تنتهي باتساع.. جلبابا مطرزا ناعما باللون الاحمر .. مطرزا بالخرز الاخضر والازق .. عباءة تظهر تناسق جسدها الجميل الذي لم يتأثر بولادة طفلين من قبل ...نظر اليها نظرة مطولة .. يملأعينيه من جمالها .. رآها تتقدم الي سمر تحييها وتقبل وجنتيها مرحبه بها قائله
" أهلا سمر .. شرفت برؤيتك .. ماجد ظلمك بوصفه لك .. أنت أحلي بكثير .."
أستمع ماجد الي كلمات رحيق محدثا نفسه ساخرا
" أنا وصفت لها سمر .. هي لم تعرف أسمها الا اليوم صباحا .. هل ستصبح صديقة لسمر علي حسابي .."
جلس ثم بدأ في ازاحة الأطفال عنه ..
تقدمت رحيق لتحيي والده .. والده المنشغل بالنظر الي الأطفال .. لا يعرف أيا منهم زياد..ذهبت رحيق الي والده وهي تمد يديها لترحب به سمعته يقول
" متي أنجبت هؤلاء ماجد ...؟ "
تنحنحت رحيق لتلفت انتباهه لها قائلة
" انهم أطفالي أنا عمي .. أحمد ومحمد .. مرحبا بك .."
نظر ليدها الممدودة .. ولوجهها البشوش .. ابتسامتها تصل لأذنيها حدث نفسه
" من هذه البلهاء التي ابتلانا بها ابنه ..؟ "
بعد وقت مد والد ماجد يده ليصافحها قائلا وهو ينظر لعينيها في تحد واضح
" لم تخبرنا أن زوجتك لديها اطفال..!"
توجه ماجد نحو والده بصحبة الأطفال الثلاثة ...منحنيا الي والده حيث يجلس قائلا
" هل تعرف أيا منهم زياد .. ابني .. ؟"
تلعثم والده مشيرا الي أحدهم قائلا
" هذا ..."
ابتسم ماجد بسخرية معتدلا في وقفته وهو يقول
" أقترب يا زياد .. رحب بجدك .."
أقترب منه طفل آخر غير الذي أشار اليه ..أخذ يقبل وجنته في هدوء قائلا
" مرحبا جدي .."
ثم غادر سريعا بصحبة الأطفال .. نظر ماجد وسمر الي زياد الذي أختفي .. ثم انتقلا بأنظارهم الي والدهم ..قال ماجد
" ما دمت لا تفرق بين ابني من غيره .. فلتعتبرهم كلهم أطفالي أبي .. رحيق أعدي الغداء .. أستأذنكم سأصلي العصر وألحق بكم ..البيت بيتكم"
وقبل أن يغادر أقترب من سمر قائلا
" اذهبي اليه سمر اغمريه بحنانك قليلا .. هو بحاجة اليك.."
تأثرت سمر كثيرا بكلمات ماجد .. زياد ابن أخيها يحتاجها .. وأين كانت هي عندما توفت والدته .. هي تذكر جيدا كلمات والدها
" لن تترك عملك هنا لتذهبي اليه .. أخيك رجل شارف الأربعين .. عليه تحمل مسؤولياته .. أنتم أيضا توفت والدتكم .. ماذا فعلت .. تحملت مسؤوليتكم واهتتمت بكم .. لن أسمح لكي بترك عملك للنزول الي العاصمة .. فقطعا شركتك لن تسمح لك بأجازة كبيرة تتطلب وجودك جوار ابن أخيك .."
وامتثلت لأمر والدها .. رغم الفارق فوالدتها توفت وهم كبار لم يكونو بعمر الصغير زياد .. كان يمكنها الاعتراض لكنها كانت بين خيارين كلاهما مر .. اما أن تذهب للعاصمة وتفصل من عملها .. أو أن تظل هنا بعيده عن أخيها .. وعن زياد الذي يحتاجها مقابل العمل والمال.. في النهاية وجدت كلام والدها هو الأصوب .. وهكذا فعلت ..لكن الآن بعد أن رأت زياد الآن .. حيا .. ليس صوره تتلقاها بأنتظام من أخيها .. قد لا يلتفت اليها والدها ليراها..شعرت بأنه قد فاتها الكثير
سمعت رحيق كلمات ماجد .. شعرت بحنقه علي والده ..هي أيضا لم تشعر بالراحة لهذا الرجل .. رجل جاف .. نوعية لم تمر عليها من قبل .. كيف تتحمله سمر .. بعد مغادرة ماجد جذبت رحيق سمر من يديها متوجهه لغرفة الصغار حيث تجمعهم .. عرفتها بأولادها .. وجعلتها تتجاذب أطراف الحديث مع زياد قائلة
" زيزو حبيبي .. هذه عمتك سمر الجميلة .. "
ثم همست بأذنه
" ألا تراها جميلة ! "
أومأ زياد مجيببا بنعم فقالت رحيق
" ألا تستحق قبله كبيرة وعناقا حارا .. لقد أتت خصيصا لتراك ؟ "
استمع زياد لكلمات رحيق فذهب الي سمر التي تفتح ذراعيها مبتسمة لتتلقفه بحب .. أخذت تقبله .. وتدغدغه .. وتلاطفه .. حتي هجم عليها محمد وأحمد ليتناوبوا عليها .. تركتهم رحيق مغادرة لتعد السفرة .. كانت في طريقها الي المطبخ حتي أستوقفها والد ماجد قائلا
" أنتظري .."
التفتت اليه رحيق بأبتسامة لم تفارق وجهها
" تحتاج الي شئ عمي ..! "
ابتسم بسخرية متفحصا اياها في نظرات تعلو وتهبط تقليلا من شأنها قائلا
" كيف أختارك ماجد ..؟ "
أجابت دون أن تخفت ابتسامتها
" عليك بسؤاله هو ؟ ..أستميحك عذرا .. لابد أنك جائع .. أنت آت من سفر طويل و ماجد علي وشك الصعود .. سأحضر المائدة .."
ثم تركته لتذهب الي المطبخ .. خللت أصابعها بين خصلات شعرها المرفوع في علامة علي تضجرها .. أخذت تفرغ محتويات الأواني في الصحون .. وتخرج الي المائدة لتضعها .. ثم تعود مجددا وهكذا .. تبقي آخر صحن همت بالخروج لتضعه فوجدته أمامها ..فقالت من بين أسنانها
" والدك لا يطاق .. يسألني عن تعارفنا .. خذ.. ضع هذا خارجا ..سأحضر الماء.."
تناول منها الصحن قائلا
" لا تنسي اتفاقنا سيدة رحيق..! اهدأي قليلا"
خرجا سويا .. هي بالماء وهو يحمل باقي الطعام ..لم يسلم من نقد والده اللاذع
" هل تغسل الأطباق أيضا ماجد ..؟ "
أجاب ماجد وهو يضع الصحن علي المائدة .. ويسحب كرسيا لرحيق كي تجلس جواره قائلا
" بل أغسل .. وأمسح .. أنت لم تر شيئا بعد "
كان يرد لوالده كلماته .. وكأن بينهم ثأر هي لا تعلمه.. صاح ماجد بصوت مرتفع ينادي علي سمر والاطفال .. جلس الجميع حول الطعام .. الطعام شهي .. يكفي أسرة أخري معهم ..
لم ينبس أحدهم بكلمة أثناء الغداء .. كان غداءا باردا جافا .. لا يحمل أيا من العواطف الاسرية .. والده فرض سطوته علي البيت منذ دخوله .. ظل ماجد ينظر الي سمر التي تجلس جواره من اليسار .. يغمز لها حينا .. يبتسم لها حينا آخر .. يقرب منها الطعام .. بينما رحيق تجلس علي يمينه .. تأكل بحياء .. تهتم بالصغار جوارها .. داعب ماجد شعرها مقبلا يدها .. بعد ن انتهوا من غدائهم .. قامت سمر مع رحيق لتساعدها الا أن رحيق أصرت علي أنها قادمة من سفر ولا يليق ما تفعل ..كانت لا تزال سمر بحجابها وثيابها وهكذا والده ..

بعد أن انتهت من أعمال المنزل وترتيب السفرة والمطبخ .. خرجت رحيق وقد أرتدت حجابها قائلة
" علينا المغادرة ماجد .. لنتركهم يرتاحوا قليلا .. ستزورونا غدا .. الغداء عندنا ان شاء الله"
قام ماجد قائلا
" البيت بيتكم كما تعلمون .. سنغادر الي شقة رحيق أنا و الصغار لتأخذوا راحتكم .. سأمر عليكم غدا لأصطحبكم الي بيت رحيق للغداء.. طالما الأميرة أمرت .. لا راد لأمرها .. "
كان يتحدث وهو ينظر الي عمق عينيها برقة خلابة .. ثم أقترب من سمر مقبلا رأسها قائلا
" ان احجتجت لشئ .. هاتفيني .. الي اللقاء"
ترك الأولاد ينهالوا علي سمر بالقبلات بينما سلموا علي والده بجفاء .. كما عاملهم بجفاء .
غادر المنزل مع أسرته متوجهين الي منزل رحيق..
ما ان انفردا ببعضهما بغرفتهم .. بدأت بنزع حجابها .. سمعته يقول
" أبليت حسنا اليوم "
قالت دون أن تنظر اليه
" أدعو الله أن أكمل دوري علي خير .. والدك غريب الاطوار .."
ابتسم وهو يري تأففها من أول يوم لها في مواجهة والده .. حدث نفسه قائلا
" تتأففي و لم يمر سوي يوم واحد .."
تركها تبدل ثيابها وهو ينظر اليها .. يستمتع بالنظر اليها حقا كان جالسا علي السرير بثيابه التي لم يبدلها بعد .. يراقب نزع حجابها بكسل .. راقب انسدال شعرها..شاهدها وهي تنزع جلبابها وترتدي آخر يناسب النوم ابتلع ريقه عندما رآها تنهي ما تفعل .. توجهت الي السرير قائلة
" كان يوما شاقا .. لم أعد لوليمة كهذه من زمن .."
قال وهو ينزع قميصه
" منذ متي ؟ "
أخذت ترتب الغطاء حولها ..قائلة
" منذ وفاة والدة زوجي السابق .. كنت مسئولة عن كل شئ .. فالصغير دوما من يخدم الكبير .. وقد كنت نعم الخادمة .."
استشعر المرارة في صوتها .. هل كانت تقوم بدور الخادمة !أنهي ارتدائة لملابس النوم ..أقترب من السرير ..جلس جوارها بينما مددت هي جسدها في تعب .. سمعها تقول
" والدك حاد الطباع .. أشعر بشئ بينكما .. هل ..؟ "
قاطعها قائلا
" نامي رحيق.."
قالت مسرعة بغضب
" سأنام .. لكن غدا لا أريد أي مساس جسدي بيني وبينك .. لا تلمسني .. لا تضع يدك علي شعري .. أرجوك ساعدني حتي ننه الأمر بهدوء"
ثم امتثلت لأمره في أقل من دقيقه .. فقد تعبت اليوم حقا .. ذهبت بالاولاد الي المدرسة ..ثم ذهبت الي السوق لتحضير لوازم الوليمة هي وزياد صباحا .. ثم أخذت تعد الاصناف واحدا تلو الآخر ..حتي حان موعد جلب ولديها من المدرسة .. لتعود بهم الي المنزل وتكمل ما بدأت من اعداد الطعام .. ثم لملمة الاطباق وغسيلها كلها .. لتترك المطبخ لامعا لسمر ..

تهادي الي سمعة صوت أنين ناعم من بين شفتيها .. لم يستطع منع يده من الأقتراب من شعرها ..ناعم هو .. ينافس الليل في سواده .. مرر يده علي وجنتيها التي تماثل شعرها نعومة ..طالما ستمنع لمسه لها وهي مستيقظة .. اذا لا مانع من لمسه الآن.. يعلم أنها تعبت اليوم كثيرا ..هل ما فعلته اليوم من اجل مسرحيتهم .. أم من أجله هو.. ؟ نعم .. هي تحبه .. يعلم ذلك .. لقد اعترفت له بحبها قبلا .. لم تقلها مرة .. بل ظلت ترددها علي مسامعة مرارا .. كان يشعر بها .. يشعر بأقترابها منه .. يشعر بتوددها اليه .. تهتم بالبيت ونظافته .. تهتم بأطفالها ودراستهم .. بل وتهتم به هو أيضا .. والأهم من هذا كله .. تهتم بزياد ..

لا يمكن أن يفرط بها .. لقد تعلق قلب الصغير بها .. من أين سيحصل علي أما كرحيق لولده الذي أحبها من كل قلبه .. هي من أحتوت مرضه .. أحتوت ألمه .. هي من نطق ولده أخيرا علي يديها .. لن يخاطر بأستقرار حياة زياد أبدا من أجل أي شئ .. حتي لو كان هذا الشئ تخليها عن بعضا من مبادئها .. لا يستطيع أن يغفر لها حقا .. هو رجل يغار بشده علي ما يخصه ... سأل نفسه " وهل رحيق تخصك ؟ "
" نعم أليست زوجتي .. ؟ "
رآها تغير وضعية نومها .. ظل ينظر اليها .. لم يطفئ النور بعد .. ما ان طلب منها النوم حتي نامت .. وكأنه القي عليها تعويذة فأغمضت عينيها علي الفور ..
انتقل بتفكيره الي والده .. والده الذي كان سببا في كرهه لذاته و للزواج وهو بالخامسة والعشرون من عمره .. فقد أحب أخت صديقه .. وبدأ في الحديث معها دون علم أخيها .. كان يعدها بالزواج وقد كان صادقا .. وعندما اخبر والده برغبته في الزواج كان رده
" من هذه الفتاه .. ابنة من .. ماذا تملك .. أخت صديقك العاطل الذي تبحثان سويا عن عمل .. من أين ستنفق عليها .. متي ستجد عملا لك ؟ .. ان رزقكك الله بطفل كيف ستربيه .. ؟ .."
هو لا ينكر أن مع والده كل الحق في رأيه لكن ما فعله هو ما دمر كل شئ ..هاتف والده صديقه مخبرا اياه بما يحدث خلف ظهره .. أخبره أن ولده يحب أخته و أنهم يتواعدا سرا و أن ولده يصادقه لأجل أخته ..فما كان من صديقة الا أن قطع علاقته به ثم عنف أخته وقام بضربها لأنها خانت ثقته بها وثقه والديها فيها .

لم يهتم والده لسمعة الفتاة .. لم يهتم لكذبه الذي تسبب في اهانة أخيها لها ..لم يهتم بضرب الفتاة .. هو لم يهتم لاي شئ ..ومنذ ذلك الوقت أدرك ماجد صفات والده جيدا .. هو يبحث عن المادة .. والمظاهر التي تخدع كثيرا .
أغلق الضوء .. مستلقيا جوار رحيق .. مستسلما للنوم هو الآخر .
في اليوم التالي
عندما عاد من عمله ذهب الي منزله ليحضر والده واخته سمر ليتناولوا الطعام معهم... ما ان دلفوا الي شقة رحيق حتي سمع والده يقول له
" كم ايجار شقة كهذه ماجد ؟ "
أجاب ماجد وهو يعلم ما يرمي اليه والده
" هي ملك رحيق أبي .. ليست ايجار .."
لمعت عيني والده طمعا وابتسامة واسعة تعلو ثغره
بعد أن تناولو الغداء انتبهو الي رنين الجرس .. قامت رحيق لتفتح الباب .. أشار اليها ماجد بالتوقف قائلا
" أنا سأفتح.."
ذهبت لترتدي حجابها .. لابد أنه والد سما .. عم أولادها .. اتصل بها منذ قليل يخبرها أنه قادم ليعطيها ايجار متجرها.. فاعتذرت بسبب انشغالها مع أهل ماجد .. فأصر علي القدوم ليرحب بهم
سمعت ماجد يرحب به مفسحا له الطريق قائلا
" تفضل عمي .."
رغم صغر سن رحيق وزوجها رحمه الله .. الا أن أخ زوجها كبير .. والد سما تعدي الستون بقليل .. كان يجب احترامه فهي تلقبه مثل ولديها بعمي ..
قالت مرحبة ..
" اهلا عمي تفضل "
رحب والد سما بالجميع .. بينما أحمد ومحمد اعتلوا قدميه بحب .. حتي زياد فعل مثلهم .. و والد سما يداعبهم بسعادة معطيا اياهم حلواهم المفضلة ..راقب ماجد المشهد مبتسما .. بينما يفكر لماذا لم يفعل زياد مع والده المثل .. هو يعلم جيدا قدر جفاء والده .. فهو نفسه لم يحظ بالتدليل الكافي في طفولته.. وازداد تباعدهم في شبابه بعد حبه لأخت صديقه .. وصار التباعد أكثر بعد وفاة والدته فقد باتت الصدامات وقتها مباشرة بلا وسيط لتهدئتهم .. مسح وجهه بيده ..منهيا أفكاره التي لا رادع لها .

أخرج والد سما ظرفا به مال مقدما اياه الي رحيق قائلا
" تفضلي ابنتي .. ايجار متجرك .. لقد كان فاتحة خير علي وعلي ولدي .."
أخذت منه رحيق المال بخجل قائلة
" المكان مكانك عمي .. شكرا لك .."
ابتسم والد سما وبعد أن أنهي قهوته سلم علي الجميع مغادرا .
ظل والد ماجد ينظر اليها بنظرات متفحصة مهتمة .. لم ينس ما سمعه بالامس من ماجد عن ذهابهم الي منزل رحيق .. ظل طوال الليل يفكر هل هي ملكها أم تستأجرها .. اليوم علم أنها ملكها .. وعلم أن لديها متجرا تأخذ ايجاره شهريا .. ظل يفكر ..ماذا تملكين أيضا رحيق
لم يفت ماجد نظرات والده .. هو يعلم الآن بما يفكر فيه والده .. وهو بأنتظار أن يفصح عن أفكاره ليتلاقاها هو .. بل ويحطمها...





" طمئنيني سما .. هل هو بخير حقا ..؟ "
صوت نور المتلهف أربكها فأخبرتها بما حدث لكريم بداية منذ سقوطة نهاية الي وصوله لبيته بسلام .. صوت نور كان مختلفا كثيرا عن محادثتهم العادية .. قبلا كانت واثقه من ذاتها تتحدث بحدود ومسافات.. بعد وفاة أروي حين ذهبت للعزاء شعرت بالحدود تزداد بينهما والمسافات تتسع .. الآن صوت نور يلغي كل المسافات والحدود وهي تترجاها طلبا لمعرفة حقيقة ما حدث لكريم .. استشعرت بصوتها حبا تكنه لأخيها .. استشعرت جرح نور العميق بفقدانها ابنتها .. فقد تحول كل اهتمامها وحبها الي كريم .. خشيت عليها سما .. صارت تهدئها مخبرة اياها أن الأمر بسيط مع الاهتمام بالدواء والعناية بطعامه لن يتكررما حدث ثانية ...هدأت نور كثيرا بعد محادثة سما ..
بعد أن أغلقت الهاتف ظلت نور تفكر .. هل تهاتفه .. هل تطمئن عليه .. لقد حذرها منذ زواجهم بألا تتصل به أبدا وهو ببيت مني .. ظلت ممسكة بهاتفها تفكر .. حسمت أمرها و تركت الهاتف أخيرا .. ستعود لعملها غدا .. ربما تلقاه .

استقبلها زملاؤها استقبالا حافلا ليهونوا عنها مصابها .. ظلت تبحث عنه بين وجوههم ..وجة كريم المحبب بسماحة وجهه وطوله الفارع وأناقة ملبسه .. لم تجده.. لم يحضر اليوم الي العمل .. ظلت صامته متألمة مازال جرح فقدانها أروي رطبا كي تجرح بآخر .. كريم مريض بالسكر .. مرض مزمن .. لا يشفي منه أحد.. يتطلب الانتظام بكل شئ .. وكريم لا يحب الانتظام علي أي شئ .. ظلت تفكر .. هل تهتم به مني .. هل أعطته دواءه في وقته .. هل أعدت له طعاما يتناسب مع حالته ؟ .. ظلت تفكر طوال وقت العمل .. حتي انتهي بها اليوم بشقتها وحيدة .. بلا ابنه ... ولا زوج .
بعد أن عاد اليها ليلا استقبلته بالعناق والقبلات واضعه يديها عي صدره قائلة
" كيف حالك الآن .."
" بخير حمدا لله .."
قالت وهي تملأ عينيها من رؤيته
" كدت أجن كريم .. أنا هنا مكتفة الأيدي .. لا أعرف عنك شئ .. لولا سما طمئنتني قليلا لكنت أتيت اليك بنفسي"
انزعج من كلماتها فقال غاضبا
" تأتين الي أين .. لا تفكري هكذا ثانية .. مهما حدث في النهاية سآتي اليك .."
ضمته اليها قائلة
" أنا أحبك كريم .."
قبلت رأسه مكملة
" لم يعد لي سواك .. كن بصحة جيدة لأجلي "
أغمض عينيه مبتسما وهو يقول
" سأحافظ علي نفسي لأجلك .. لأجلك فقط .."
ذهبت لتعد له عشاء صحيا .. وهي تشعر بالخوف المرضي عليه .. رفض تناول الطعام فهو بحاجة الي النوم .. فقط النوم ...
استيقظت مني اثر سماعها همهمات .. وهذيان قريب من أذنيها .. يا الهي .. انه كريم .. أقتربت منه لامست جبينه ..وجدت حرارته مرتفعه .. قامت بسرعة لتوقظه وتعطيه خافض للحرارة ..لاحظت طفح جلدي أسفل رقبته .. عقدت حاجبيها وهي تجهل ما الأمر ..أيقظته مناوله اياه الدواء .. لامست هذا الطفح بيديها وهي تقول له
" ماهذا كريم ..؟ "
لم يفهم ما تعني وهو يشعر بصداع يكاد يقضي علي ما تبقي من حياته .. ما الذي يحدث له .. وضع يده حيث أشارت قائلا بتعب
" لا أدري .."
قالت بقلق ..
" علينا مراجعة الطبيب .."
عادت من العمل بعد نصف يوم بعد ان حصلت علي اجازة له بسبب مرضه .
في المساء كانت معه أمام الطبيب .. الذي أخذ يكشف علي صدره و يفتح فمه و يسأله عدة اسئلة ليشخص أخيرا مرضه قائلا
" ما تعاني منه كتشخيص مبدأي سيد كريم مرض السيلان ..أنا بحاجة لبعض التحاليل للتشخيص بدقة "
ثم نظر الي زوجته التي هي بصحة جيده أمامه فالتفت اليه قائلا
"هذا المرض ينتقل عبر الأتصال الجنسي .. .. وقد ينتقل عبر الجنس الشرجي ..قد ينتقل عبر استخدام أشياء خاصة لشخص يحمل المرض اعراضه كما تشعر أنت الآن صداع طفح جلدي.. وايضا ضيق بالتنفس .. الدواء سيحد من الأعراض قليلا وانا بانتظار نتائج التحاليل .."
أجاب كريم ولا زال علي سرير الفحص
" شكرا لك .. "
بعد أن انتهي الكشف ..خرجا ليقوم بعمل التحاليل بمعمل جوار عيادة الطبيب .. لم تهتم نور كثيرا بالاسباب .. ولم تنتبه لما قاله الطبيب من لفظ الجنس الشرجي أو العدوي الجنسية .. ما يهمها الآن أن تهتم بكريم .. كريم مريض بالسكر .. والسيلان ..يا الهي ..
سمعته يقول وهو يتعرق كثيرا..
" علي العودة الي مني .. الآن .."
بدأت حرارته بالارتفاع مجددا .. أشارت الي سيارة أجرة .. لم تناقشه .. بل توجهت الي منزلها .. ساعدها سائق السيارة في الصعود الي المنزل فلم يكن حارس البناية هناك .. شكرته كثيرا ونقدته أجرته ثم انصرف...
ذهبت اليه وهو يهذي بغرفة النوم متدثرا بالغطاء .. طلبت الدواء بالهاتف من الصيدليه ... وطلبت فتاة من الصيدليه لتعطيه الحقن التي نصح بها الطبيب لحالته .. وهي تترجي الصيدلي بأن يسرع ...
جلست جواره ..سمعته يهذي ..
" مني .. أولادي .. نور .. أنا قتلت ...قتلت .."
ثم يصمت ليئن تعبا قائلا
" أروي .. قتلتها ..آاه ..نور"
أروي .. ما الذي يهذي به .. هل قتل أروي ... لا لا مستحيل ... سمعت جرس الباب .. لقد كانت ممرضة صغيره الحجم والسن بحوزتها الدواء فدعتها الي الدخول لتعطيه الدواء... في حين هاتفت سما لتخبرها بما حدث .. وطلبت منها اخبار زوجته الأولي بأي عذر .. لن يستطيع العودة اليوم اليها ...
صعقت سما مما سمعته قائلة
" سيلان .. أم سكر .. الأثنين نور.."
أجابتها نور متألمة ..
" الأثنين سما .. هو يهذي الآن .. لا يعي بما حوله .. سأخبرك بتطور حالته .. سأغلق الآن هناك ممرضة تعطيه دواءه علي المغادرة ..الي اللقاء.."
اغلقت الهاتف .. سمعت الممرضة من خلفها تقول
" لقد انتهيت .."
بعد مغادرة الفتاة عادت نور الي الداخل .. جلست علي كرسي أمام طاولة الطعام .. أمسكت رأسها .. هل تصدق هذيانه ..أم حقا فعل ؟.. هل قتل أروي !.. كيف . . كيف قتلها ..؟ هل قتلها واستلقي جوارها هكذا بدم بارد .. هل قتل ابنته .. لحمه .. دمه ..لا لا .. هو يهذي ..لابد أنه يهذي .. لابد أنه يقصد قتلها بتباعده أو بأنشغاله عنها .. لابد أنه يقصد ذلك ..سمعته يصيح بعتب
" نوور .."
قامت مسرعة اليه .. جلست أمامه علي السرير ..ظلت تنظر اليه ..هل تتحدث أم تصمت .. هل تواجهه أم تنسي الأمر .. هي قطعا لن تحاسبه علي هذيان ..لكنها لم تستطع أن تصمت فقالت بحذر
" هل قتلت أروي ..؟ "
اتسعت عيناه عن آخرهما .. بدأ الشك يدب في أوصالها .. كررت تساؤلها
" هل قتلت ابنتي ..؟ "
صمته وارتباكه جعلها ترتبك هي الأخري .. شعرت بالدموع تحرق عينيها .. وضعت يدها علي فمها تكتم شهقاتها ...
" كيف .. أخبرني كيف قتلتها ..؟ "
سمعته يقول بتعب
" خنقتها.."
شهقت برعب ... لو كان أنكر لكانت صدقته .. لو كان صمت لكانت تاهت بين الأجوبه .. لكن يعترف بفعلته .. قتلها بيديه العاريتين .. ابنته .. ازهق روحها ونام جوارها .. آآه .. أروي .. ابنتي .. قطعة من قلبي .. بل قلبي كله .. قالت من بين دموعها
" قتلت ابنتك .."
قال بأنهاك
" ليست ابنتي نور .. أنت تعلمين ..؟ "
صرخت بوجهه بقوه ..
" اصمت .. كيف تجرؤ .. هل جننت؟ "
حاول أن يعتدل في جلسته لم يستطع .. صداع ينخر في رأسه .. تعرق شديد .. قطرات من العرق تتساقط علي جبينه .. ظل كما هو مستلق أمامها بلا حول ولا قوة..قال
" أنسيت يوم زفافنا .. أنسيت بعدها عندما كذبت علي حتي أغفل عن أمر بكارتك .. هل نسيت كذبك بشأن أنه انفجر لمجرد أنني دفعتك الي السرير .. هل نسيت محادثاتك مع أصدقائنا بالعمل .. وتوددهم اليك ..كنت أري كل شئ .. كنت أقرأ كل شئ .. كنت أعرف كل شئ نور .. أروي لم تكن ابنتي .."
ثم ابتسم بسخرية مكملا رغم مرضه
" اصدقيني قولا ..من والدها نور ..هه .. من ؟ أتعلمين لقد كتمت أنفاسها بيدي هذي .. لم أحتج للأخري .. ظللت أكتم أنفاسها وهي تتحرك مطالبة بالهواء.. وأنا متمسك بأزهاق روحها .. كنت أعلم أن أطفال كثيرة تموت اختناقا فسأسلم من الناحية القانوية طالما ليس هناك مبرر أو دافع .. وهل يقتل أحد ابناءه .. بموتها سيرتاح الجميع .. لقد طهرتك من ذنبك .. وانتقمت لشرفي .. وانتهي كل شئ ."
كلماته وحرقة قلبها لم يتركا لها ذرة من تعقل أقتربت منه واضعة يديها علي فمه وأنفه هامسة بأذنه
" هل أخبرك أحدا أنك مريض .. لأخبرك سرا .. ستموت الآن بنفس طريقة موت ابنتك ...."
ظل يقاوم ليتلقي الهواء .. صدره يؤلمه بسبب مرضه .. وهي تمنع عنه الهواء ..أكملت قائلة
" استرخ كريم ..لا تقاوم .. استمتع بالموت .. أعدك أنك ستلقي ابنتك بعد أن أطهرك أنا من ذنوبك .. وهل بعد قتل النفس ذنب .."
احمر وجهه وهي تمنع عنه الهواء بقوة .. ستقتله الآن وحينها فقط سينتهي كل شئ .. استجمع قواه رغم انهاكه دافعا اياها عنه لتسقط أرضا ...
ثم قامت مسرعة تواجهه
" أنصت الي جيدا كي يحترق فؤادك ان كنت تملك واحدا.. لقد فقدت عذريتي علي يد صديقك بالشركة .. وعدني بالزواج واعطيته كل ما طلب .. لقد فض بكارتي قبلك .. تمتع بكل شئ قبلك .. أتعلم لو عاد بي الزمن لفعلتها مجددا كي أري ما يعتلي وجهك الآن .. أنا أكرهك كما لم أكرهه هو .. ليتني عدت اليه كما طلب مني اثناء شجارنا .. لكانت ابنتي معي الآن "
أخذت تبكي بقوة وهي تستطرد صارخة
" ليحترق فؤادك كريم .. أروي ابنتك أنت .. لقد كانت تشبهك حبا في الله .. لقد كانت سببا في تمسكي بك .. قتلت ابنتك .. "
قاطعها قائلا بأنهاك كاد يقضي عليه وهو يلتقط انفاسه بصعوبه
" ليست ابنتي .."
كانت تشرف عليه قائلة بحقد
" بل ابنتك .. لن أتركك تهنأ ما حييت .. ستعيش بجحيم يليق بشيطان مثلك .. سأجعلك تتمني الموت ولن تدركه..."
ثم غادرت الغرفه .. اتصلت بحارس البناية ..صعد اليها فقالت له
" أريدك أن تستأجر سيارة .. سأعطيك النقود والعنوان لايصال سيد كريم لمنزله .."
لحظات وعاد اليها الحارس مخبرا اياها بوصول السيارة .. أمرته أن يساعد كريم علي النزول .. وايصاله حتي باب منزله .. ما ان غادر منزلها حتي تنهدت بحرقه .. أمسكت بهاتفها تنظر للرقم الذي أخذته للتو من هاتفه .. رقم والده





أوصله حارس البناية الي سريره .. بعدها سألت مني عما أصابه .. أخبرها الحارس أنه لا يعرف شيئا ..بعد مغادرته ذهبت اليه صعدت جواره تتدثر جواره بالغطاء الخفيف .. ليتناسب مع هذا الطقس المتقلب.. قالت
" ما الأمر كريم .. مابك .. غيبوبة سكر أخري ..؟ "
أخذ يسعل قائلا
" لا بل سيلان .."
اتسعت عيناها عن آخرهما .. مردده
" سيلان"
أجاب بتعب
" نعم ..سيلان .. بسبب ممارسة الجنس الشرجي مني .."
تسارعت أنفاسه مبتسما ..ليستطرد
" غالبا أنت الأخري مصابة .. الا أنني لا اري عليك نفس الأعراض .."
قالت بتعب
" أشعر بالاعياء كريم .. لا أظن أنه ..! "
قاطعها قائلا
" لا .. بل أنه ..هو .. أنت مريضه به ...هيا اذهبي للطبيب الآن .. علينا معالجة الامر"
قامت مسرعة لتتوجه الي الطبيب .. تاركة ولديها نائمين .. بصحبة والدهم المريض ...لأفكاره .. وآلآمه.
بعد مرور الوقت
فتح عينيه لا يعلم هل الآن ليل أم نهار ..! لا يشعر بأولاده .. لا أحد جواره..هل عادت مني من الخارج أم لا .. ! يشعر بآلآم تنتشر بجميع أنحاء جسده .. الصداع يؤلمه .. أنفاسه متسارعة .. العرق بكل مكان علي وسادته .. ألم .. ألم ..ظل يتأوه بشده..
رأي طيف من بعيد يقترب منه .. انها أروي .. ابنته ..ترتدي ملابس الموت .. الكفن الابيض الصغير الذي يتناسب مع جسدها الأصغر .. طفلته بعمر العام ..العام فقط .. أخذ يتذكر كل شئ مر به منذ بداية زواجه .. استدراجها له .. توددها اليه .. تخطيطها لكي توقع به زوجا لها .. لكنه أخفي كل ما يتعلق به .. ماذا عنه هو .. ألم يحبها .. ألم يعشق التراب الذي تبعثره بقدميها ..؟ ألم يطلب هو منها مرار لمسه أو كلمة تثير أحاسيسه ؟ .. ألم يكن يذوب شوقا ليجمعهما مكانا واحدا ..؟

ألم يسعد بكل ما فعلته وقرر بملئ ارادته ان يتزوجها ..؟ هي خططت وهو نفذ بأرادته .. الم يكن بأستطاعته قول لا؟ ..نعم كان بيده .. اذا هو من اختار .. لماذا يلقي بكل اللوم عليها ..لقد لامسها غيره .. انتهك جسدها غيره .. يبدو انه عاقب نفسه بموت ابنته .. لم يعاقبها هي .. أخذ يمسح عن جبينه العرق .. لازال يري أروي تقترب منه بكفنها .. بملامحها البريئة .. اخذت تقترب وتقترب الي أن أصبحت أمامه .. تبدلت ملامحها .. عيناها أصبحت أوسع .. شفتاها أخذت تتحرك كما الكبار .. سمعها تتحدث قائلة
" سأقتلك كما قتلتني .. سأعذبك .. أبي.."
آخر كلمة سمعها تخرج من فمها بقوة مع اقترابها وهي تلف يديها حول عنقه .. أخذ يحرك رقبته يمينا ويسارا ليتفادي يديها .. أخذ يبعد يديها عنه الا أنه لم يجد شئ .. لا يد ..لا موت .. لا أروي ..اذا لماذا يشعر بالأختناق وكأن يديها لازالت ملتفه حول عنقه..

اعتدل جالسا من نومه .. حاول أن يقف .. لم يستطع .. دواءه بحوزة نور .. لم تعطه شئ .. طردته من بيتها بلا دواء .. بلا ملابس .. بلا شئ ..خرج من عندها صفر اليدين.. أخذ يصرخ ..
" مني .. مني .. أين أنت ؟ .."
أخذ يسعل بقوة .. وما من مجيب ..هل سيموت الآن ..هل انتهي أجله بعد كل ما فعل .. هو لم يستغفر بعد علي أي من ذنوبه .. حاول أن يستغفر الآن .. لا يستطيع .. حقا لا يستطيع ...عاد الي نومه .. أغمض عينيه منتظرا الموت بخوف .. بمنتهي الخوف




كانت سمر تقضي معظم وقتها بصحبة رحيق .. الاطفال بالمدرسة صباحا وسمر تذهب الي رحيق مبكرا لتقضي وقت ممتع معها وزياد .. ظلت تتقرب منه .. علمت منه أنه يحب رحيق جدا .. هي بالنسبة له الأم .. والحنان .. والحزم والقوة .
بينما رحيق تعد الافطار .. أو تعد أشياء للضيافة تتحدث سمر الي ابن أخيها .. سعدت كثيرا بحبه لرحيق .. وشعرت قليلا بالغيرة منها .. فقد كانت تتمني لو تحتل هي مكانها وتصبح ذات أهمية في حياة زياد الصغير ..
خرجت رحيق من المطبخ بعد أن أعدت الأفطار و نظمت المائدة .. دعت زياد وسمر اليها .. التفوا حول الطعام ...قالت رحيق
" هل عمي مازال نائما سمر .. لماذا لا يأت يوما للأفطار معنا ؟ .."
قالت سمر وهي تتناول الخبز بيديها
" أبي لا يستيقظ قبل الظهر رحيق .. هو يحب السهر .. هي عادته..و أنا بطبيعة الحال أستيقظ مبكرا لعملي .."
ثم شردت سمر قليلا
" أخبرك سرا .. لقد اشتقت الي ماجد كثيرا .. كنا نملأ الدنيا ضحكا ونحن صغار .. قبل أن ننام كانت عادتنا أن نلعب سويا الورق ..ثم علمني الدومينو .. بكل أنواعها .. العادية .. والأمريكية .."
قاطعها زياد قائلا بحماس
" أريد دومينو امي .."
قالت رحيق مبتسمة
" لا أعرف كيف العبها زياد .."
قال والحماس يزداد بصوته
" أبي سيعلمنا .. "
كيف تخبره أن موعد رحيلها قد حان .. كيف تخبر طفلا صغيرا تعلق بها لهذا الحد أنها ستغادر حياته بأكملها ..فمع سفر سمر ..هي أيضا سترحل .. لكن ليس لبلد اخري .. وانما بعيدا عنه وعن دفئ أحضانه ..سترحل وهي معه بنفس الوطن ..
قالت سمر
" وددت لو علمتها اياك .. الا أنك تعلم بسفري بعد غد ..وتعلم أني أريد أن أقابل صديقاتي المتبقيات هنا .. وأود الذهاب لعمتي..اشتقت لهويدا .. أحمل ضغوطا كثيرة من الزيارات زيزو .."
قال زياد
" أبي سيدعو خالتي هويدا كي تراك .. هو أخبرني بالأمس .."
فطنت سمر الي ان أحلامها بلقاء صديقاتها تبخرت ..لاحظت اختفاء ابتسامة رحيق .. لاحظت تصلب جسدها .. فقالت
" لقد اشتقت اليها و الي عمتي ..أبي أيضا سيسعد بذلك ..هو لا يريد أن يتحرك منذ وصولنا للعاصمة حتي اصدقائه لم يتحدث اليهم للآن..يأكل ويسهر فقط .. لا يهتم لشئ آخر "
والدها لم يهتم برؤية زياد كما تهتم هي .. فهو لم يره منذ أن عادا للوطن سوي أول يومين .. بعدها كانت هي من تزوره .. وماجد قد يمر عليهم ليسهر قليلا معها ومع والده ..

ظلت رحيق تستمع لحوارهم الممل .. ما ان اتوا علي ذكر هويدا .. هي لا تحبها .. تشعر بالغيره تجاهها ..هي تحب ماجد .. الأمر الذي لا تستطيع أن تنكره ..وتغار عليه من هويدا ومن تقربها اليه .. لكن .. طالما الطلاق هو ضريبة هذا الحب .. فلا بأس من تحمل هويدا مرة أخيرة قبل رحيلها من عالمه ..
بعد أن انتهوا من تناول الطعام لملمت الاطباق .. انفردت قليلا بنفسها بالمطبخ .. ظلت تنظف كل شئ حولها وعقلها شارد .. الي أن سمعت سمر من خلفها وهي تتقدم لملئ ابريق الشاي بالماء .. وتعد الأكواب ..قالت رحيق تتجاذب أطراف الحديث مع سمر
" أري أن علاقة والدك مع ماجد دائما نديه .. كلا منهما يود أن ينتصر علي الآخر في أي شئ .. حتي لو مجرد حوار سياسي بسيط ..ما الأمر؟"
تنهدت سمر وهي تقص علي مسامعها ما فعله والدها مع أول فتاة خفق قلب ماجد لها ..وكيف شوه صورته أمام صديقه رغم أنه أحب الفتاة بصدق ..تعجبت رحيق كثيرا ..ماجد كان يحب ..هل لديه مشاعر مثلها ..هل يمكن أن يحب ..نعم ولم لا .. لقد شاهدت رسائله مع زوجته .. وشاهدت تأثره بموتها .. لماذا لم يحبها هي اذا .. رغم توددها اليه .. رغم اهتمامها ببيته وولده .. ألا يري فيها أما .. ربة منزل .. ؟ ألا يهنأ بطعامها الشهي .. ألا تدفئ له سريره بحبها ..؟ أمن الممكن ان يكون أحبها .. ؟ ابتسمت ..هل يمكن ان يكون احبها حقا ؟ ..لا ..مستحيل .. لو أحبها لما ظلمها بابتعاده عنها..لكان غفر لها .. لكان رفض طلبها للطلاق ..لكنه وافق بشرط أن يمضي هذا الأسبوع فقط .. وبعد سفر والده وأخته سيلبي لها ما طلبت .. لقد وعدها بذلك .

" فيم شرودك رحيق .."
وجدت نفسها تقول دون تفكير
" ماجد .."
" يبدو أنك تحبينه .."
تلعثمت رحيق قائلة ..
" نعم .. أحبه .."
ولم لا تخبر سمر بذلك .. هل تخجل .. ألم تخبره هو بنفسه أنها تحبه .. استمعت الي سمر التي قالت
" وهو أيضا يحبك رحيق .."
احمرت وجنتاها قائلة بأندفاع
" حقا ..! "
تعجبت سمر مما يحدث .. ألم يخبرها أخيها أنه يحبها للآن .. متزوج منذ وقت ليس بالقليل ولم يخبر زوجته بحبه لها .. هل تنتظر رحيق منها أن تؤكد لها مدي حب زوجها ؟.. هناك أمر خفي لا تفهمه سمر .. قالت بهدوء
" نعم .. لقد أخبرني عن زياد في مرحلة تأثره بفقدان حنان رحمها الله ..أخبرني عن رفضه للحديث بدافع نفسي .. وأخبرني عن دعمك له .. وعن تمهلك في التعامل معه..وعن سعادتك عندما تحدث .. و أول ما قال أحبك أمي .."
ثم ابتسمت مردفة
" وأخبرني يوم وصولي أنك تعدين أجمل طعام يمكن أن أتناوله بحياتي .."
اتسعت ابتسامة رحيق قائلة
" لا تبالغي سمر ..."
هل يخبر أخته بكل شئ .. هل أخبرها أنه يحبها حقا ..هل تعطي لقلبها فرصه .. هل تظل تتقرب منه وهو يعاملها بجفاء .. أم تصر علي الطلاق .. ماذا تفعل .. لقد حير أفكارها و أربك حياتها .
انتهت سمر من اعداد الشاي .. خرجن من المطبخ معا ..وجدن زياد يشاهد التلفاز ..جلسن بالصالة حيث قالت سمر
" افتحي لي قلبك رحيق .. ما الأمر .. ألم يخبرك زوجك بحبه للآن ..! أشعر بشئ ما بينكما .."
التقطت رحيق شايها بأرتباك ..هي تحب سمر .. متواضعة .. جميلة .. لبقة .. تمتلئ بالدفئ والحب ..تشعر بالقرب منها .. ربما سيكونا صديقتين مقربتين بعد طلاقها من أخيها .. قالت
" أنا وماجد نمر بمنعطف هام بحياتنا سمر .. علينا التغلب عليه .. أو عليه ابتلاعنا .."
شعرت سمر أن رحيق لا تود التحدث ..فقالت
" أتعلمين .. أري أن البيت عندما ينجح يكون ذلك بسبب المرأة .. نحن نعلم جيدا كيف نعالج الأمور .. قدرتنا علي تربية اطفال بعقل صغير بحاجة دائما لتصغير المعلومة لعقولهم .. بحاجة الي طول البال .. بحاجة للصبر للتعامل مع غضبهم وثورتهم وشجارهم اذا نحن نستطيع أن نتعامل مع من هم أكبر منهم حجما .. لكني أري أن عقولهم الصغيره تتشابه .."
تلت كلماتها بضحكة مجلجله مستطردة
" لو تعلمين كيف أتعامل مع أبي .. لو لم أتعامل معه بنفس الطريقة لتركت له البلد بأكملها .."
شاركتها رحيق الضحك قائلة
" سأستمع لنصيحتك سمر .. أعدك بذلك .."
انتهوا من تناول الشاي .. قاما ليستعدا للذهاب لأحضار ولدي رحيق .. و تعود سمر لوالدها .. علي وعد باللقاء في اليوم التالي .. حيث الغداء مع هويدا ووالدتها .. ووالدها الذي أصبحت لا تطيق التواجد معه بمكان واحد بعد ما علمت من سمر بشأن الفتاة التي أحبها ماجد .. لقد حطم قلبه الحالم .

عصرا بعد عودته من العمل .. تناول الغداء بصحبتها و الصغار .. ثم ذهب الي والده وسمر قليلا .. وعندما عاد في المساء .. كان الاطفال نائمون .. وهي تجلس أمام التلفاز .. تتنقل بين كل قناه واخري ..كانت لا تري شيئا مما يعرض فقد كانت تفكر بالغد .. بمقابلة هويدا .. هو لم يخبرها للآن .. لقد علمت من زياد .. جلس جوارها قائلا
" سنذهب غدا الي سمر .. هويدا وعمتي سيحضرن ..سمر تود أن نتشارك اليوم معهم .. ما رأيك..؟ "
كانت جالسه علي الأريكة تثني قدميها تحتها ..اعتدلت لتفردهم قائلة
" سأعد نفسي غدا .. بأمكاني اعطاء الاطفال اجازة غدا نهاية الأسبوع..سأذهب مبكرا لمساعدة سمر .."
بدا مندهشا لأنها لم تناقشه ..لم تسأله عن شئ .. لم تبد اعتراضها فقال
" هكذا ببساطة.."
قالت
" نعم هكذا ببساطة .. لقد اقترب موعد رحيلي ماجد ..لابد أن أؤدي دوري علي أكمل وجه ..سأذهب للنوم .. تصبح علي خير.."
مرت من أمامه مخلفة فراغا ورائها ..هل حقا يريدها أن ترحل .. لقد اعتاد تواجدها .. اعتاد اهتمامها ..زياد هل سيستطيع العيش دونها ..سند رأسه علي الأريكة ينظر لتبدل الصور علي شاشة التلفاز .. هو أيضا لا يري شيئا .. شاردا يفكر بحياته .. يجب عليه اتخاذ قرارا الآن .. هل سيتغاضي عما فعلت ويهنأ بالعيش معها ..ام هل سيظل يتذكر ما فعلت ويجلدها بسياط الغضب .. اشتاق الي احتضانها ظهره .. اشتاق لقربها منه اثناء النوم فقد كان يشعر بها .. يشعر بأقترابها منه .. منذ أن طلبت الطلاق ابتعدت عنه بمشاعرها .. منذ اخبرته بحبها ازدادت في الابتعاد .. وكأنها تنافي القول بالفعل .. منذ أن اعلنت له حبها ومنذ طلبها للطلاق .. منذ تهجم عليها آخر ليلة جمعتهم سويا وهي مبتعدة بعواطفها الرقيقة عنه..فقد أفتقد قربها الذي كان ينعم به .
أمسك رأسه قائما ليلحق بها عل الأفكار تتوقف ..عندما دلف الي غرفتها أضاء نورا خفيفا حتي لا يزعجها ..وجد شعرها مفروشا حولها علي الوساده ..بسواده وطوله وثقله .. هل تتعب في تصفيفه ..كم يتمني أن يساعدها يوما في تصفيفه .. اقترب منها و أخذ يلامسه ..يجمعه حول وجهها ثم يفرده ثانية.. قالت من نومها
" توقف ماجد .. أنت تشد شعري .."
ارتبك عندما شعرت به فقال ..
" يأخذ مساحة علي الوسادة .. لا استطيع النوم هكذا ..اجمعيه بعيدا عني .."
أمسكت شعرها من نعاسها وجمعته حول كتفها ظل ينظر اليها .. جميلة هي زوجته .. لامس بأصبعه شفتيها برقه .. فبدر عنها اشارة توحي بأن ذبابة تضايقها فتقوم بأبعادها عنها..ابتسم ماجد لما تفعل .. هي نائمة ..لا تشعر بشئ ..قام ليبدل ملابسه ليعود جوارها ويهنأ ببعضا من لحظات السعادة .. فاللعب معها وهي نائمة أفضل بكثير من صحوها ..

بعد ان أستلقي جوارها شاعرا بدفئ جسدها توقف مزاجة عن المرح .. هو يريدها الآن .. لقد عبثت هي بمشاعره قبل ان يكمل عبثه بشعرها ..اقترب منها .. أكثر فأكثر .. أخذ يلامس أنفها بنعومة .. ممررا يديه علي وجنتيها .. قلبه يدق بقوة.. أفكاره الحسية والعصبية تتمحور حول شئ واحد .. هو قطعا لن يوقظها الآن بعد أن طلبت الطلاق ووعدها به ليطلب منها أن ....
هو قطعا لن يحاول أن يقربها وهي نائمة فتصحو من غفوتها لتصفعه وتنعته بالمتوحش الذي لا يهتم سوي برغباته
اذا فالحل الآن .. هو الماء .. والماء البارد .. عله يطفئ لهيب جسده المشتاق اليها ..




ظل وليد يزرع الغرفة جيئة وذهابا .. سارة نائمة ..ما ان وصلا الي منزل صديقه الذي سيقيم به اثناء عطلتهم بشرم الشيخ حتي استلقت نائمة .. عناء السفر أرهقها .. هي لم تعتد السفر وحملها يزيدها تعبا وارهاقا .

استغل نومها بالسيارة ليسرع خلف سيارة جيرانه الذين لم يلاحظوا تتبعهم من قبل سيارة وليد .. لكن لسوء حظه ...كانت سيارة سياحية كبيره تسبقه وما ان تفاداها حتي وجد أخري بطريقه .. ظل بينهما لايري السيارة التي يتبعها .. أخذ يسب ويصرخ عاليا .. الي أن استيقظت سارة قائلة
" ما الأمر وليد ..؟"
حاول السيطرة علي كلماته وقد ظهرت عروق رفيعة حول عينيه غضبا .. هو لن يخبرها الآن بما حدث .. الآن بالذات .. وخاصة بعد أن خرجت السيارة التي يتبعها عن نطاق رؤيته .. ظل يتنفس بقوة .. لاعنا الطرق والزحام ... لقد كان الطريق فارغا منذ لحظات يا الهي .. هل هي لعنات تطارده بسوء الحظ .. أجابها بهدوء ظاهري
" لاشئ سارة .. لا تهتمي حبيبتي .. فقط سيارة لم انتبه لظهورها كدت أصطدم بها .."
هدأت قليلا لكنها لم تستطع النوم ثانية .. ظلت تنظر الي وليد الذي تعكر مزاجه لأمر ما لا تعلمه .. هل تلقي اتصالا ضايقه ..هي لا تعلم لقد كانت نائمة..عدلت من وضعيه كرسيها لتعيده الي وضعه المعد للجلوس .. التقطت حقيبة يدها مخرجه منها علبتين من العصير .. ناولت احداها لوليد ... الذي أشار لها أنه لا يريد ..فتحت علبتها وما ان انهتها حتي غطت في النوم ثانية .. ..
بعد أن تفادي وليد السيارتين الكبيرتين حوله .. ظل ينظر علي الطريق عله يري السيارة فلم يجدها .. لقد قاب قوسين أو أدني من ابنته .. من انتزاعها من بين يدي مختطفيها .. يا الهي .. أخذ يضرب علي مقود السيارة الي أن استيقظت سارة مجددا ...لكن هذه المرة لم تسل .. فوليد يبدو عليه التوتر .. من الممكن لأنه تولي القيادة لوقت طويل ..
بعد وصولهم الي المنزل الساحلي .. كان معدا مسبقا .. نظيف مرتب ..طلب منها وليد أن ترتاح قليلا رغم راحتها طوال اليوم في السيارة ونومها معظم الوقت .. الا انه بحاجة لترتيب الأفكار برأسه..

بعد أن نامت سارة ربما للمرة الرابعة .. استل هاتفه متصلا بأحد اصدقائه .. أملاه رقما قائلا
" أرغب بمعرفة كافة البيانات عن رقم هذه السيارة .. حسنا .. أنا في الانتظار "
بعد أن أنهي مكالمته هاتف عصام قائلا
" عصام .. لقد وجدت جودي .. رأيتها بعيني بسيارة تمر جواري اثناء السفر .. أريدك جواري الآن .."
قال عصام بجديه ..

" ساعتين علي الأكثر وأكون أمامك .. أعطني عنوانك .."
بعد أن أملاه وليد العنوان قال عصام مؤازرا صديقه
" لا تقلق صديقي .. لقد غزوت كوريا سابقا يا رجل ..علي الأقل هي بموطنك الآن الذي تعرفه جحرا جحرا .. سنجدها ان شاء الله .. الأمر أصبح أسهل بكثير من ذي قبل .."
ثم أغلق الهاتف .. وظل يجئ بالغرفه ذهابا وايابا منتظرا اتصال صديقه ليخبره أي شئ من المرور ..

رأي سارة تخرج من الغرفة التي تقابل غرفته .. وجدها تبكي .. ما ان وصلت اليه حتي أمسك كتفيها قائلا
" هل تعاني شيئا سارة ؟"
قالت باكية
" خائفة .. أخاف أن أفرح فتفشل مساعينا .. لن أتحمل اخفاقا آخرا وليد .."
فطن الي سماعها حديثه .. فقال
" لهذا لم أخبرك سارة .."
عانقها بقوة ..قوة من فرط حماسه .. هو قلق لكنه سعيد ..هو خائف لكنه علي أمل .. هو مترقب مرتب الأفكار .. سمعها تقول
" كيف هي وليد أخبرني .."
لم يترك عناقها قائلا
" كبرت قليلا .. كانت تضحك وتلعب .. رأيتها تصفق بيديها وكأنها تستمع لأغنية .. "
ثم أبعدها قليلا ممسكا وجهها بين كفيه .. قائلا
" لقد كانت جميله .. تضع رابطة شعر علي شكل ميني ... شعرها قصير لكنه يلامس عينيها .. لم أر الكثير سارة الا أنها جميلة.."
كان يتبع كل كلمه بحركة من يده علي شعرها .. ثم علي عينيها مشيرا لملامسة شعر جودي لعينيها .. كانت مغمضة لعينيها لترسم صورة ابنتها بمخيلتها ..والدموع تتساقط منها ... قبل خديها وهو مازال ممسكا وجهها ..

" هذه المرة .. أعدك أنني ساعيدها ..ولو كان هذا آخر شئ أفعله في حياتي .."
عانقته هي بشده .. هي تخشي أن يصيبه أذي .. وتخشي أن يكون وعده كاذب كذي قبل .. وتموت شوقا لرؤيتة ابنتها .. لقد رآها وليد وهي لا..هي لا تعرف الحكمة من وراء ذلك .. هل كانت ستتعذب من رؤياها أكثر من الآن .. هل يمنحها الله سلاما كي لا تتذكر ملامحها الحديثة عندما لا يعثر عليها وليد .. هل كان رحمة من الله كي لا تزداد حزنا وخوفا .. وهل هناك خوفا أشد مما تشعر به الآن .. هل يجب عليها أن تتمني وتحلم بأستعادة ابنتها .. هل يجب عليها ان تحلم بضمها ثانية الي قلبها .. اخذ الأمل يتسلل لقلبها شيئا فشيئا .. اخذت تدعو الله سرا أن يردها اليها سالمه ..انتبها الي صوت هاتفه .. كان المتصل صديقه .. الذي قال
" السيارة مسجلة بمرور شرم الشيخ .. "
قال وليد بقوة وقد ابتعد قليلا عن سارة ..
" أعطني العنوان .."
بعد أن حصل علي العنوان التقط مفتاح سيارته توجه نحو الباب.. رغم محاولات سارة للحاق به الا أنها لم تصل اليه.. أغلق باب السيارة منطلقا لوجهته محدثا عصام الذي قال
" قدم بلاغا بشرم أولا حتي يكون الأمر قانونيا وليد..."
قال وليد من بين أسنانه
" تريدني أن أنتظر الشرطة .. ماذا فعلت لي عندما أخبرتها "
" أنا آت اليك .. فقط انتظرني "
" ليس لدي وقت "
" اذا أعطني عنوانه وسألحق بك "
أعطاه وليد العنوان وبعدها أغلق هاتفه .. متوجها نحو حلمه الذي طال انتظاره .. ضاغطا علي دواسة الوقود لتسجل سيارته أقصي سرعة

انتهي الفصل الحادي عشر والثاني عشر قراءة ممتعة.. موعدنا مع آخر فصلين الاحد القادم وكل عام انتم بخير




هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 09-05-18, 01:45 PM   #70

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
انا قرأت اول فصول من فتره وكنت انوي ان اعلق عند انتهائي من الفصول التي نزلت
الروايه اعجبتني جدا
ولولا ضيق وقتي لاني اتواجد فقط صباحا
واستعدادي وانشغالي بالتحضير لمسابقه رمضان اكيد كنت سانهيها
ان شاء الله اكملها
بالتوفيق

عزيزات likes this.

um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:55 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.