آخر 10 مشاركات |
|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-04-18, 05:29 PM | #1 | |||||||||||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| عزلاء أمام سطوة ماله للمبدعه/ مريم غريب،مصرية (مكتملة)
التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 24-04-18 الساعة 04:02 AM | |||||||||||||||||
30-09-18, 05:16 PM | #2 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| رابط لتحميل الرواية https://www.rewity.com/forum/t426365.html#post13661583 [[ عزلاء أمام سطوة ماله ]] الشخصيات : بطلا الرواية ( عثمان البحيري / سمر حفظي ) " يحيى البحيري " والد "عثمان" " فريال المهدي " والدة "عثمان" " صفية البحيري ( صافي ) " شقيقة "عثمان" " رفعت البحيري " شقيق " يحيى " " صالح البحيري " إبن " رفعت " " هالة البحيري " إبنة " رفعت " " فادي حفظي " شقيق "سمر" " ملك حفظي " شقيقة "سمر" و البقية لاحقا ... ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 01-10-18 الساعة 01:10 AM | ||||||||
30-09-18, 05:18 PM | #3 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 1 ) : _ زفاف أسود ! _ جليم / الأسكندرية , في الواحد و الثلاثون من تشرين الأول .. إكتظت الساحة الضخمة المصممة ببراعة و حرفية علي الطراز الإيطالي ، بالمصوريين و الصحفيين من جهة ، و المدعوين من جهة أخري جميعهم جاءووا لحضور حفل الزفاف الأضخم علي الإطلاق هذا الموسم ، لنجل عين أعيان مدينة الأسكندرية ، و أحد أكبر الشخصيات التجارية و الإستثمارية بالبلد كلها "يحيى البحيري" .. في زفاف أكثر من أسطوري ، يتزوج الإبن و الوريث الأكبر لعائلة "البحيري" داخل قصرهم الفخم الذي يتألف من 322 غرفة ، و ثمانية وجهات خارجية بحدائقها الشاسعة ، من "چيچي الحداد" إبنة السياسي المعروف "رشاد الحداد" .. و بعد إتمام إحتفالات الزواج الأولية التي إستمرت لثلاثة أيام ، أقيمت الليلة مآدبة عشاء ضخمة ، ضمت أكثر من 700 شخص ، و قد وصلت تكلفة الزفاف بالمجمل إلي أكثر من عشرة ملايين جنيهاً جري الزفاف وسط حراسة أمنية مشددة سهرت علي حماية المدعوين من رجال أعمال و شخصيات دبلوماسية و سياسية ، كما شارك في إحياء السهرة العديد من الفنانين و المطربين المشهورين .. علي الجانب الأخر .. إستطاعت السيدة "فريال المهدي" التملص من حشود الضيوف ، و ذهبت لتحث إبنها في عجلة لبدء عقد القران إستجاب لها بفتور ، و قاد عروسه إلي منتصف الساحة حيث يجلس المآذون في إنتظار قدومهما ، و حالما جلس الجميع ، أرخي المآذون محرما أبيض علي يدي والد العروس و خطيبها المتعاقدتين علي القران ، و علي مرآي و مسمع الحضور ، مضي العقد عبر مكبرات الصوت المنتشرة بكل مكان .. طقس تقليدي معتاد ، شمل تعهدات واهية راح يرددها العريس وراء المآذون ، و إبتسامات العروس المصطنعة التي راحت توزعها هنا و هناك ، و بعض الأفواه المزمومة من حولهم ، لا تعرف كيف تصنفها ، حقد أم غيرة أم لامبالاه !!! -بارك الله لكما ، و عليكما ، و چمع بينكما في خير. عند نطق المآذون بها ، صدحت صفارات و صيحات صاخبة ، و قام القعود من مجالسهم مهنئين في خضم التصفيق الحار ، و إتجه الرجال نحو العريس بالمصافحة و الأحضان لتأتي أمه الرائعة من بعدهم ، و بكفيها الناعمين تكوب وجهه المشعر بلحيته الكستنائية الكثيفة ، تأملها هو بإعجاب خالص ، فكعادتها لا زالت تفاجئ الجميع بجمالها الذي لا يذبل أبدا ، و بطلتها التي تخطف الأنفاس و خاصة الليلة ، بإرتدائها فستانا طويلا بلون النيود من مجموعة ريزورت شانيل بدا منسجما مع لون بشرتها الناصعة المشربة بالحمرة ، و أكملت إطلالتها الساحرة مع حذاء بكعب عالٍ باللون الأسود من العلامة التجارية الإيطالية Le Silla ، و بعض المجوهرات القليلة البسيطة التي وضعتها .. -مبروك يا حبيبي. قالتها "فريال" برقة و همس في آذنه و هي تعانقه بسعادة ، لينحني هو و يقبل يدها أمام عيون الكاميرات المصوبة نحوهما ، فبدورها تمسح علي خصلات شعره الطويلة بحنان حضر والده في اللحظة التالية ، و أمسكه من رسغه بحزم و هو يخطو به بعيدا قليلا ، ثم يقول له بصوت خافت لا يسمعه إلا هو : -خالي بالك .. مش عايزين مشاكل ، إتصرف بعقل ، سامعني ؟ هكذا حذره بصرامة و هو يرمقه بنظرات حادة كزيادة تأكيد ، لاحظت "فريال" ما يدور بين الأب و الإبن ، فأحست بجو من التوتر بدأ يخيم فجأة إقتربت منهما ، و تساءلت بقلق : -يحيى ! في حاجة و لا إيه ؟؟ إلتفت "يحيى" إلي زوجته ، و قال بلهجة هادئة و كأن شيئا لم يكن : -مافيش حاجة يا حبيبتي اطمني .. بالعكس كل حاجة كويسة و الليلة مشيت زي ما احنا عايزين بالظبط .. ثم أدار وجهه إلي إينه ، و أكمل بنفس الهدوء و الثقة : -انا بس كنت ببارك لعثمان و بستعجله ، كفاية كده بقي السهرة طولت ، و رشاد الحداد بيقول شاليه العرسان جاهز و كله تمام .. لازم يمشوا دلوقتي ! إستطاع "يحيى" بكلمات بسيطة أن يخدع زوجته التي إبتسمت الآن و هي تسند رأسها علي صدره ، و لكن لم يستطع خداع إبنه ، ليس بعد أن علم بكل شيء !! أخيرا إنتهت ليلة العرس التي وصفت بأنها أشبه بحفل ألف ليلة و ليلة ، و غادر العريس مع عروسه في سيارة ڤيراري مكشوفة إلي إحدي الشاليهات الفارهة بضواحي المدينة الراقية .. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• كانت أضواء الشموع الحمراء العطرة ، تتراقص ظلالها علي جدار غرفة النوم الرومانسية و المفروشة كلها بالأبيض و الوردي عندما دخل "عثمان البحيري" حاملا زوجته بين ذراعيه المفتولتين ، و برقة و ضعها فوق الفراش الناعم العريض تصنعت "چيچي" الخجل أمامه و هي تسدل أهدابها المطلية بالمسكارا الداكنة ، و ترفع خصلات شعرها المتهدلة عن عينها و لكنها سرعان ما تخطت حاجز الحياء المصطنع هذا ، و رفعت بصرها إليه في بطء ، لتجده يطالعها بنظرات فاترة من خلال عينيه الناعستين دائما بصورة جذابة -في إيه يا عثمان ؟ .. تساءلت "چيچي" بإستغراب : -بتبصلي كده ليه ؟ إبتسم "عثمان" بخفة ، ثم قال و هو يدنو منها : -مافيش حاجة يا حبيبتي .. أنا بس بتآمل جمالك ، إنتي أصلك جميلة أوي يا چيچي ، خصوصا إنهاردة .. كنتي زي القمر. أدارت وجهها عنه واضعة كفها علي فمها و هي تقهقه برقة ، ثم عادت تنظر إليه من جديد ، و قالت : -إنت كمان كنت حلو أوي .. كنت Prince يا حبيبي ، أصلا فرحنا يعتبر فرح الموسم ، و هيفضل حديث الناس كلها لسنين قدام. وافقها بضحكة قصيرة ، و قال بغموض : -من ناحية هيبقي حديث الناس كلها لسنين قدام فأطمني .. أنا واثق من ده يا حبيبتي. و بدا و كأنه يقاوم ضحكة أخري ، فأحست "چيچي" بثمة شيء غير طبيعي يحدث معه ، فسألته بقلق : -مالك يا عثمان ؟ أنت كويس .. و واصلت بشك : -لا تكون واخد حاجة كده و لا كده ! أجابها ضاحكا بقوة : -يا حبيبتي ماتقلقيش أنا تمام ، كل الحكاية إني مبسوط شوية. و صعد بنظره إلي شعرها المصبوغ حديثا -تعرفي أن الشعر الأصفر لايق عليكي أوي .. قالها و هو يداعب شعرها بأنامله ثم إقترب منها أكثر إلي حد الإلتصاق ، و طبع قبلة مطولة تحت رقبتها ، أطلقت "چيچي" إثرها تنهيدة حارة متقطعة ، و تمتمت : -طيب .. مش نغير هدومنا الأول ؟ و لكنه لم يتراجع قيد أنملة ، بل واصل عمله مقربا وجهه إلي وجهها ، فإلتقت شفتاه بشفتاها ، و ببطء أدار نفسه حتي أصبح يعتليها ، أمسك وجهها بين يديه و رفعه لأعلي كي يصبح سهلا لفمه لعق رقبتها كان صوت تنفسها عاليا إلي حد الأحراج ، لكنها لم تخجل لم تهتم ، فقط كانت مستمتعة بمداعبته اللطيفة لها ، و كان قلبها يدق بشدة و يدوي دقه بصخب في آذنيها إلا أن هذا الصخب لم يمنعها من سماع ضحكات "عثمان" اللئيمة الخافتة ، فتحت عينيها علي وسعهما و قد دهشت لسماعه يضحك في وضع كهذا ! بينما نهض عنعا بالتزامن مع تصاعد موجات ضحكاته الغريبة -إيه رأيك نشوف فيلم مع بعض ؟ .. سألها بلهجة مرحة ، لترفع نفسها ، و تسند ظهرها إلي الوسادة مرددة بغرابة : -نشوف فيلم ؟ دلوقتي ؟ أومأ ببراءة : -آه .. و لا مش عايزة ؟ -لـل لأ .. خلاص ، زي ما أنت عايز ، نشوف فيلم. إلتوي ثغره بإبتسامة خبيثة شاهدتها عليه قبل أن ينهض من أمامها ، فإزداد شعورها بالريبة و التوجس ، لكنها حاولت أن تسترخي مقنعة نفسها بأن هذه هي طبيعته أصلا ماكر ، خبيث ، داهية ، مراوغ ، لا أحد يتوقع تصرافاته .. عاد إليها سريعا و هو يحمل بين يديه حاسوبه المحمول ، جلس بجوارها ، و راح يلامس محرك السهم حتي وصل إلي ملف معين و فتحه .. بدأت الشاشة المتوسطة بعرض فيلما تسجيليا ، في البداية شعرت "چيچي" بالفتور و الملل ، إلي أن رأت نفسها في أول ظهور كبطلة لهذا الفيلم ، و ما لبثت أن شاهدت حبيبها السابق يشاركها البطولة في عدة لقطات حميمية راحت تمر أمام عينيها اللقطة تلو الأخري .. ضربتها الصدمة في مقتل و هي تزيح بصرها المتجمد عن الشاشة لتنظر إليه .. سألته بلسان ثقيل : -أنت .. أنت إزاي ، إزاي صورت الحاجات دي ؟ ظهرت أسنانه الناصعة من خلف شفته حين إبتسم بشيطانية قائلا : -أنا في كل مكان يا بيبي ، في أي حتة تخصني من قريب أو من بعيد ليا عين. ثم فاجأها و قبض علي شعرها بعنف و هو يقول بغضب شديد : -و يا جبروتك يا شيخة ، رايحة تقابلي حبيب القلب قبل فرحك بإسبوع ! كنتي فاكرة أنك تقدري تستغفليني ؟ فاكراني مغفل و لا بريالة يا بت ؟ ده أنا عثمان البحيري ، محدش يقدر يلعب عليا من ورا ضهري ، محدش يقدر يأكلني الأوانطة سامعة ؟ صرخت إشتداد قبضته علي شعرها ، فرجته ببكاء : -خلاص يا عثمان سيبني ، سيبني هنتفاهم علي اللي أنت عايزه ، لو عايز تطلقني طلقتي. قهقه عاليا ، ثم قال بسخرية : -نعم يا روحي ؟ أطلقك ! ما أنا فعلا هطلقك .. بس مش بالسهولة دي ، ده أنا دافع فيكي كتير أوي ، يرضيكي أخسر ؟ ردت و هي تحاول التنصل منه : -أنا مش عايزة منك حاجة ، هتنزلك عن كل حاجة ، هبريك يا عثمان بس Please سيبني ! و تآوهت بوهن ، ليزم شفتيه في آسف مصطنع ، و يقول : -يا بيبي إنتي كده كده هتبريني غصب عنك ، مش هي دي المشكلة خالص بالنسبة لي. صرخت بنفاذ صبر : " أومال عايز إيه ؟ -هقولك يا قلبي. قالها و قام من جانبها في هدوء شديد ، بينما تنفست الصعداء عندما أطلق سراحها و حرر خصلات شعرها من عقال قبضته الفولاذية ، دلكت فروة رأسها بأصابعها ليحضر هو و يجاورها ثانيةً ، ثم يقول بإسلوبه البارد المشهور به : -خدي يا بيبي .. إمضي علي الورق ده. نظرت "چيچي" إلي مجموعة الأوراق بين يديه ، و سألته بصوت متحشرج : -ايه الورق ده ؟ -ده يا حبيبتي تنازل عن حصتك في الشركة اللي اسهها لينا ابويا و ابوكي كهدية بمناسبة جوازنا ، و معاهم كمان ورق تنازل عن كل حقوقك في الجوازة دي رغم إني صرفت علي الفرح الملوكي بتاعنا ده ملايين .. بس مش مشكلة ، ربنا يعوض عليا ، خيرها في غيرها. -إيه اللي بتقوله ده ؟ .. هتفت بإستنكار ، و أكملت : -مستحيل أعمل إللي بتقول عليه ده ، إنت إتجننت ؟ أنا هتنازلك عن حقوقي بس ، لكن حصتي في الشركة مش No Way طبعا ، مش هسمحلك تقرب منها. عثمان بضحك ساخر : -مش بمزاجك يا قطة ، غصب عنك هتتفذي كل إللي أنا عايزه. ردت بتهكم : -طب لو مانفذتش كل إللي أنت عايزه يعني .. هتعمل إيه ؟ أجابها ببساطة : -ولا حاجة .. هاخد بس الفيلم الجميل ده و هنشره في كل حتة ، و بدل ما تفضل موهبتك الفذة دي مدفونة كده ، هطلعها أنا للناس ينبهروا بيها ، و أوعدك .. بكره الصبح ، هتكوني أشهر من سكارليت چوهانسون. و عاد للضحك من جديد ، لترمقه بنظرات محتقنة و تقول : -إنت فاكر إنك بكده بتلوي دراعي ؟ بابي مش هيسيبك يا عثمان. إبتسم و أفحمها بشتيمة قذرة جحظت لها عيناها من الصدمة ، ثم عاد لسلوكه الأرعن ، و قال بحدة و هو يلقي بالأوراق في وجهها : -يلا ياختي إمضي ، مابحبش أعيد كلامي مرتين. نظرت إليه بحقد شديد ، و إنصاعت لأمره مرغمة أخذت الأوراق من يده ، و ناولها قلم بدوره .. و بعد دقيقة واحدة ، كانت قد إنتهت ، فإسترد أوراقه منها ، و بادلها نظرة البغض المنبعثة من عينيها بإبتسامة مستفزة .. ثم إنتصب بقامته الفارعة أمامها ، و قال بنعومة : -دلوقتي بس يا بيبي اقدر أقولك إنتي طالق ، طالق ، طالـــق ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• منذ فترة طويلة لم تعد "سمر" بحاجة لساعة التنبيه التي إعتادت أن تقوم بمهمة إيقاظها في كل صباح ، إذ إن صراخ "ملك" شقيقتها الصغيرة ذات العشرة أشهر كان بمثابة تنبيه ذا تآثير أقوي .. و ها هي تنتفض من غفوتها العميقة عندما بدأت الصغيرة بالبكاء ، قامت من سريرها و هي تفرك عينيها بقبضتها ، و هرولت إلي شقيقتها و هي تتخبط في كل قطعة أثاث تقابلها إنحنت صوب سريرها الصغير لتسكتها بسرعة لئلا يعلو صراخها أكثر و تزعج الجيران ، كانت تعاني منذ شهران و حتي الآن آلام و تقلصات في معدتها لا تستطيع التعبير عنعا إلا بالصراخ و خاصة في الليل حملت "سمر" الطفلة ، و راحت تهدهدها و تؤرجحها و تغني لها بعذوبة ، و تدريجيا هدأت "ملك" و عادت إلي النوم بين ذراعيّ أختها الكبيرة وضعتها "سمر" في فراشها ثانيةً ، و بحرص شديد بسطت فوق جسمها الصغير غطائها الناعم مسحت علي شعرها البندقي الأملس بحنو ، ثم إستدارت خارجا متجهة إلي دورة المياه .. أدت روتينها اليومي ، غسلت وجهها و نظفت أسنانها ، ثم صنعت فنجانا من الشاي و عادت به إلي غرفتها جلست علي الكرسي أمام الطاولة ، و راحت تقوم بحسابات المصاريف المتوجبة عليها لهذا الإسبوع و خرجت بنتيجة صعبة جدا إذ أن عليها تخفيف مصاريفها إلي أدني درجة لتتمكن من دفع أجرة الشقة التي تآويها هي و شقيقها الشاب و شقيقتها الصغيرة .. و لكن ماذا عن الطعام و الشراب ؟ ألن يآكلوا لأجل توفير المال ؟ إن "ملك" بمفردها يوميا تحتاج إلي ميزانية خاصة ، النقود كلها تكاد تكفي اللبن المجفف و الحفاضات و الآدوية الخاصة بها .. من أين ستسد باقي الحاجيات ؟ أحست "سمر" بقنوط و يأس شديد ، و فجأة تذكرت والديها .. فقط لو كانا هنا معها الآن ، لما كانت غارقة حتي أذنيها بمستنقع الهموم هذا و لكن شاء القدر أن يموتا معا في حادث سيارة قبل ثمانية أسابيع و هما في طريقهما لعيادة طبيب الأطفال المشرف علي علاج "ملك" التي ولدت بداء الصفراء ، و لحسن حظ الصغيرة ، كانت هي الناجية الوحيدة من بين جميع ركاب الحافلة ، إذ لم يصيبها خدش واحد ! لم تسنح لـ "سمر" أو لشقيقها فرصة الحداد و الحزن علي والديهما ، فقد كانت "ملك" بحاجة للإهتمام في كل لحظة .. أفاقت "سمر" من شرودها علي صوت أنين "ملك" الذي ينذر بنوبة صراخ حادة ، فأسرعت "سمر" إليها ، و أخذتها بين ذراعيها مرة أخري و ظلت تمشي و تجوب بها أرجاء الشقة كلها حتي نامت مجددا .. سمعت طرقا علي باب الشقة ، فذهبت لتفتح أمام العتبة ، وقف صاحب البناية محتقن الوجه .. فتلعثمت "سمر" و قالت في حيرة و إرتباك : -عم صابر ! أهلا آاا .. قاطعها الأخير بغلظة : -لا أهلا و لا سهلا يا ست سمر ، أنا جاي أقولك بالود و المعروف كده قدامك يومين مافيش غيرهم تلمي عزالك و تاخدي إخواتك و تدورولكوا علي سكن تاني. سمر بجزع : -ليه بس كده يا عم صابر ؟ إحنا مش مقصرين معاك انت بالذات و بندفعلك الإيجار أول بأول ! -يا ستي الله الغني عن الكام ملطوش اللي بيطلعولي منكوا ، و إن كان علي آجرة الشهر ده أنا مسامح فيها الله الغني بس تمشوا من هنا. تقلص وجه "سمر" و هي تتسائل بإنكسار : -طب بس نمشي نروح فين ؟ ده بيتنا طول عمرنا ، ماطلعناش منه أبدا و مانعرفش مطرح تاني نروحله. -و الله مش مشكلتي يا أنسة ، دبروا حالكوا ، أنا السكان إبتدوا يطفشوا من البيت بسببكوا ، ديك النهار البشمهندس علاء اللي جمبكوا جه رمالي مفتاح الشقة و مشي ، الراجل ماكنش عارف ينام من صوت الأمورة اللي علي ايدك دي ، كل يوم بتصحيه من احلاها نومة. سمر بقلة حيلة : -طب بس هعملها ايه يا عم صابر ؟ ما أنت عارف إنها عيانة من يوم ما إتولدت و مش بإيدي إللي هي فيه. أجابها "صابر" بإسلوبه الفظ : -يا ستي ربنا يشفيها و يعافيها بس بعيد عن هنا ، شوفي أنا عملت بأصلي و جيت نبهتك بالإخلا ، في ساكن جديد هيجي يشوف الشقة بعد بكره ، يا ريت تكونوا سيبتوا المطرح قبل ما أجيبه عشان في يوميها لو الراجل جه و إنتوا لسا هنا هلم صبياني و هرميلكوا عفشكوا في الشارع. -إنت إزاي بتكلمها كده يا راجل إنت ؟؟؟ هتف بها "فادي" لدي وصوله أمام باب الشقة ، و أردف بغضب : -و بعدين أنا مش نبهت عليك قبل كده ماتهوبش ناحية الشقة و أنا مش موجود ؟ إيه إللي جابك ؟ أول الشهر لسا بكره و كنت هاجيلك أنا و أديلك الإيجار زي كل مرة. صاح "صابر" للحال : -لا يا سيدي مش عايز منكوا حاجة و الله ما عايز ، أنا عايزكوا تحلوا عني بس و تشوفلكوا مطرح تاني بعيد عني أنا و السكان. نطق "فادي" بعدائية مفرطة و هو يحاول ضبط نفسه قدر الإمكان حتي لا يضربه : -و إنت مابتعرفش تتكلم بآدب يا راجل يا مهزأ إنت ؟ -الله يسامحك يا أستاذ فادي ، و أنا عشان راجل محترم مش هرد عليك .. ثم أعلن بصوت قاطع : -بس من بكره بقي هعلق ورقة علي باب البيت من تحت و هعرض الشقة للإيجار ، و أول زبون هيجي هسلمه المفتاح. أحمرّ وجه "فادي" بصورة خطرة ، و كاد يهجم عليه ، إلا أن "سمر" سارعت بإيقافه و هي تقول ممسكة بساعِده : -خلاص يا فادي خلاص .. و حولت نظرها إلي "صابر" مكملة بجمود : -ماشي يا عم صابر ، إعمل إللي أنت عايزه ، إحنا هنلم حاجاتنا و هنسيبلك الشقة بكره. إبتسم "صابر" ببرود ، و أدار ظهره و ولي تاركا الأشقاء الثلاثة دون صوت .. نظرت "سمر" في إمعان و حنان إلي وجه شقيقتها البرئ ، فأغرورقت عيناها بالدموع ، ليلمحها شقيقها و يصيح بعصبية : -إنتي بتعيطي ليه دلوقتي ؟ ماتعيطيش ، تحبي أنزل أفرجلك عليه الشارع كله دلوقتي ؟ سمر و هي تمسح دموعها بظهر يدها بسرعة : -لأ طبعا إنت إتجننت ؟ خلاص ، يلا إدخل جوا. و شدته معها إلي الداخل ، ثم سألته لتذهب به عن النقاش حول المشادة الفائتة : -قولي عملت إيه في الجامعة ؟ أجابها عابسا : -و لا حاجة .. قالولي مش هينفع تستلم الكتب إلا بعد دفع المصاريف. سمر بملامح حزينة و هي تربت علي كتف شقيقها : -معلش .. ليها حل إن شاء الله ماتقلقش. فادي بعصبية : -ليها حل إزاي يعني ؟ هنضرب الأرض تطلع فلوس ؟ إحنا بالشكل ده هنتشرد يا سمر و ملك هتموت مننا ، مافيش قدامنا حلول ، مافيش إلا هو حل واحد بس و إنتي ماعرفتيش تتصرفي. سمر بوهن : -يعني كنت عايزني أعمل إيه ؟ أنا فضلت وراهم طول الشهور إللي فاتت و ماطلعتش بأي نتيجة ، مش هيرضوا يصرفولنا المكافأة يا فادي. -ليه يعني ؟ هو مش بابا كان زيه زي أي موظف في الشركة الهباب دي ؟ طب خليهم يعملوها كده و الله لأرفع عليهم قضية و أوديهم في ستين داهية. إبتسمت بمرارة ، و قالت : -إحنا هنروح فين جمب الناس الكبار دول يا فادي ؟ مش هنعرف نعمل معاهم حاجة. -لأ بقي أنا هعرف ، و أديني نازل رايحلهم دلوقتي أهو و يا أنا يا هما. و إبتعد خطوتين ، لتلحق به "سمر" صائحة : -إستني يا فادي .. إستني ! و قبضت علي كفه ، و غمغمت بخفوت : -خلاص أنا هروح تاني. أدار عينيه قائلا بضيق : -هتروحي فين بس ؟ إنتي بترجعي زي ما بتروحي ، مابتعرفيش تتصرفي. جادلته بتصميم : -هروح .. هروح و مش هرجع إلا بنتيجة ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في قصر آل " بحيري " .. يضرب "يحيى البحيري" الطاولة بيده الغليظة و هو يصيح بغضب شديد : -الكلب مابيردش عليا ، طب بس لما أشوفك يا عثمان .. الحيوااااان ! و لفظ كلمته الأخيرة و هو يصرخ بضراوة في هاتفهه ، فتبادل أفراد الأسرة نظرات متوترة ، بينما تحركت "فريال" صوب زوجها و هي تقرل بلطف علها تهدئه : -إهدا يا يحيى ، مش كده يا حبيبي كفاية صحتك ، إهدا عشان خاطري. يحيى بصياح أشد : -ماتقوليش إهدا دي ، أهدا إزاااي ؟ أهدا إزاي بعد ما ورطنا الباشا إبنك مع رشاد الحداد ؟ ده راجل لو حب هيقعدنا كلنا في البيت ده إذا عاد لينا بيت بعد عملته السودا. -إنت بتبالغ أوي علي فكرة .. قالت "فريال" بضيق ، ثم أكملت مدافعة عن إبنها : -و بعدين إنت كنت عايزه يعمل إيه ؟ بعد إللي إنت حكيتهولي ليلة إمبارح بنفسك أنا مش شايفة إنه غلطان ، بالعكس دي أقل حاجة عملها. يحيى بإنفعال : -إنتي عايزه تجننيني إنتي كمان ؟ هتعومي علي عومه ؟ و هنا تدخل "رفعت" بهدوء : -عثمان غلط يا فريال ، ماكنش لازم يتصرف بإندفاع كده .. دلوقتي الجرايد و المجلات مالهمش سيرة غيرنا ، و رشاد الحداد فعلا مش هيسكت ، الفضيحة مسته أكتر بكتير مننا و إنتي عارفة أنه سياسي معروف و عضو مجلس شعب .. مركزه حساس. -قولها ! هتف "يحيى" بعنف من شدة حنقه ، لتنضم إليهم "صفية" في اللحظة التالية ، حيث ولجت إلي الصالون الضخم حاملة بين ذراعيها جريدة و هذا الأسد الشبل الذي ترعاه ريثما يشفي من مرضه : -صباح الخير يا جماعة ! لم يرد أحد تحيتها إلا عمها و إبنه "صالح" فقط ، فتساءلت بهدوء و هي تلوح بالجريدة : -هو صحيح إللي مكتوب في الجرايد ده ؟ تطوع "صالح" بالإجابة عليها عندما لاحظ إشتداد التوتر بالأجواء أكثر عقب سؤالها : -أيوه يا صافي ، صحيح. شهقت بصدمة : -طب ليه ؟ إيه إللي حصل ؟ يحيى و قد عاود الصراخ بعصبية مجددا : -أنا مش عايز أسمع رغي كتير ، إخرسوا كلكوا الساعة دي. أدارت "صفية" عينيها في لامبالاه ، و قالت : -طيب .. عن إذنكوا. و إنسحبت مغادرة .. فإنتظر "صالح" لدقيقة قبل أن يتنحنح و يقول : -طيب أنا هروح أدور علي عثمان ، هشوف يمكن راح علي مكتبه. و إنصرف مسرعا ليلحق بـ"صفية" .. بينما تكلم "رفعت" مخاطبا شقيقه بلهجة خفيضة : -معلش يا يحيى ، أنا مضطر أطلع علي باريس الليلة ، مقدرش أسيب هالة لوحدها هناك أكتر من كده و آاا .. قاطعه "يحيى" بعدم إهتمام : -سافر يا رفعت .. سافر. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• داخل كراچ القصر الذي حوى مجموعة سيارات خرافية .. همت "صفية" بركوب سياراتها ، و لكن أوقفها صوت "صالح" و هو يركض نحوها : -صافي .. صافي إستني ! تأففت بضيق و وقفت بمكانها إنما لم تلتفت نحوه ، فإضطر هو أن يدور حول السيارة ليصبح في مواجهتها : -إيه يا صافي ، علي فين من بدري كده ؟ .. سألها بإهتمام ، بينما نظرت للجهة الأخري و هي تجيبه بجفاف : -رايحة أودي عنتر للتطعيم. نظر "صالح" إلي ذاك الشبل الذي توسد صدر "صفية" بوداعة تتناقض مع طبيعته ، و قال بجزع : -أنا بجد مش عارف إيه سر حبك للحيوانات المفترسة ، أوكيه عارف إنك دكتورة و بتهتمي بالحيوانات كلها ، بس لسا مش قادر أفهم إشمعنا الأسود تحديدا إللي بتحبيهم أوي كده ! بتحبيهم أوي كده ليه يا صافي ؟ أجابته بإسلوب صارم : -بحبهم عشان بيحموني من إللي زيك. -إيه ده إيه ده إيه ده ! .. إنتي بتكلميني كده ليه ؟ إنتي زعلانة مني ؟ ردت بحدة : -حل عني يا صالح و أوعي من سكتي. تغيرت ملامح وجهه المنفرجة و هو يقول بجدية : -لأ ده إنتي زعلانة مني بجد بقي .. في إيه يا صافي ؟؟ قالت ماطة الأحرف بتهكم : -مش عارف في إيه ! روح إسأل البنات إللي كنت بترقص معاهم إمبارح و هما يقولولك ، أو روح لفريدة بنت طنط زيزي أحسن دي كانت لازقالك طول الفرح و ماسبتكش إلا علي الأخر. إبتسم "صالح" بفهم ، و قال و هو يغمز لها : -إنتي بتغيري يا حبيبتي ، ماتغيريش يا قلبي ده إنتي ستهم كلهم. -أنا أغير ! لأ يا حبيبي سبتلك إنت الغيرة. قهقه بخفة ، و قال : -يا صافي يا حبيبتي اطمني ، و لا واحدة منهم تقدر تملي عيني ، بدليل إني سيبتهم كلهم و إختارتك إنتي ، الكل عارف إنك خطيبتي. -و إنت عملت حساب لخطيبتك ؟ ده إنت مسحت بكرامتي الأرض. هز رأسه نفيا ، و هم بملامسة وجهها بكفه ، لتصيح بغلظة : -شيل إيدك ياض. جحظت عيناه من الصدمة ، و قال : -ياض ! إيه ياض دي ؟ إتعلمتيها فين يا بنت البحيري ؟ -إوعي من قدامي يا صالح أحسنلك ! هتفت بصرامة ، فإستند بمرفقه إلي سيارتها و قال متسليا : -و لو ماوعتش يعني هتعملي إيه ؟ -هتوعي من قدامي و لا أسيب عليك عنتر ؟ و رفعت الشبل ذا الفراء الذهبي أمام عينيه ، لينتفض مرتدا إلي الخلف من فوره و هو يقول بسرعة : -لا لا لا خلاص .. خلاص ياستي مع السلامة إنتي و عنتر. نظرت إليه بتكبر ، و وضعت الشبل في المقعد الخلفي من السيارة ، ثم إستقلت بدورها أمام المقود ، و إنطلقت بها مخلفة غبارا طار كله في وجه "صالح" ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في صبيحة ليلة عرسه .. يدخل "عثمان البحيري" شركة عائلته ، و تبدأ همسات الموظفين عليه و بخاصة الموظفات .. فواحدة تقول : -شايفين جاي رايق إزاي ؟ و لا كأنه طلق عروسته إمبارح ! فردت عليها الأخري : -يا تري طلقها ليه ؟ و في ليلة الدخلة كمان ! وبختها الثالثة : -و دي محتاجة فقاقة يا ذكية ؟ أكيد فيها حاجة ، أومال هيكون عمل كده ليه ؟ تمتمت رابعة : -خلاص بقي يا بنات الله أعلم الحقيقة فين ، ربنا يستر علينا كلنا. إلتقط "عثمان" حوارهن كله أثناء مروره من جانبهن ، ليزداد شعوره بالسرور ، فها هي خطته قد أثمرت و أصبحت القصة كالعلكة في أفواه الجميع و هذا ما أراده ، أن يفضح زوجته السابقة هي و والدها ليعاقبها علي خيانتها و يرد كرامته أيضا .. دخل "عثمان" إلي مكتبه ، و طلب سكيرتيرته الخاصة ، و أمرها بتجميع حاجياته كلها ، و بفرز الملفات المهمة بالنسبة له ، ثم كلفها بعد ذلك بإرسال كل هذا إلي مقر شركته الجديدة مع أفراد الأمن و الحراسة .. إنصرفت السكيرتيرة بعد تلقي الآوامر ، بينما رن هاتف "عثمان" ليتأفف بضجر ، إذ إنه يعلم جيدا من المتصل و رغم هذا ضفط زر الإجابة ، و رد : -ألو ! أتاه صوت والده الحانق : -إنت فين يا باشا ؟ و مابتردش عليا ليه ؟ دي عاملة تعملها يا غبي ؟! عثمان ببرود: -إهدا بس يا بابا ، مافيش حاجة حصلت ، و بالعكس أنا نفذت كل إللي إتفقنا عليه. "يحيى" بإستنكار : -تبعت البت لأبوها في إنصاص الليالي بفستان الفرح ، و تكون مصلت الصحافة عليها يستنوها عند بيت أبوها و تقولي عملت إللي إتفقنا عليه ؟ إنت فضحتنااا. تخيل "عثمان" الصورة التي رسمها والده بمخيلته ، لينفجر ضاحكا ، و يقول بغبطة: -بس إيه رأيك ؟ بذمتك مش ضربة قاضية ؟ رشاد الحداد هيلبس طرحة تداريه في مجلس الشعب من هنا و رايح. و تابع ضحكه ، ليصيح والده بغيظ : -إنت يا غبي مش مقدر حجم الكارثة إللي وقعتنا فيها ، إنت ودتنا في داهية. أهمل "عثمان" حديث والده ، و عبس فجأة حين وصل إلي سمعه أصوات عراك في الخارج أنهي مكالمته سريعا ، ثم مشي بغضب صوب الباب ، و جذب المقبض بقوة صائحا : -إيه الدوشة إللي هنا دي ؟؟؟ | ||||||||
30-09-18, 05:19 PM | #4 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 2 ) _ عرض ! _ : توهجت عيناه و هو ينظر إلي سكرتيرته في غضب مطالبا إياها بتفسير ذلك الضجيج الغريب ، لتتلعثم الأخيرة و هي تجيبه بإرتباك : -مستر عثمان ! الأنسة دي دخلت عليا فجأة ، و مصممة أنها تدخل تقابل حضرتك قولتلها ماينفعش لازم تاخدي ميعاد الأول بردو مـُصرة و مش راضية تفهم. إنتقل "عثمان" ببصره إلي تلك الضئيلة التي تقف بجانب السكرتيرة بوجه محتقن و أعين حمراء شملها بنظرة فاحصة ، حيث عاينها من أعلي إلي أسفل بمنتهي الدقة و الجرأة .. إستفزته لأقصي درجة ، فقد إجتذبه شكل وجهها الصافي المستدير ، و ملامحها الرقيقة التي تشي بالبراءة رغم تآججها ، لكنه لم يستطع رؤية المزيد منها ، بسبب ذلك الوشاح الداكن الذي إرتدته فوق رأسها كحجاب يحظر علي الناظر إليها رؤية شعرها ، و أيضا تلك الثياب الطويلة الفضفاضة التي منعته من تبين قوامها .. أثارت فضوله و غضبه معا ، فزم شفتيه في شيء من الحنق ، ثم توجه إليها بصوته الخشن : -إنتي مين يا شاطرة ؟؟ تفاجأت كثيرا من رعونته الواضحة للعيّان دون خجل ، إسلوب لا يتناسب البتة مع مظهره الراقي .. لكنها تغاضت عنه ، و أجابت بثبات : -أنا سمر حفظي ، بنت الأستاذ شريف حفظي ، والدي الله يرحمه كان موظف عندكوا هنا. -أهلا وسهلا .. رد بفظاظة ، و أكمل : -إنتي بقي جاية عايزة إيه ؟ سمر بحدة : -جاية عايزة أقابل المسؤول عن الشركة دي .. و تحولت بحديثها إلي السكرتيرة : -من فضلك تبلغي أي حد مسؤول هنا إني طالبة مقابلة مستعجلة. عثمان رافعا حاجبيه بدهشة : -و أنا مش مالي عينك و لا إيه ؟ سمر و هي تعود لترمقه بإزدراء : -إنت مين ؟! و هنا تدخلت السكرتيرة بسرعة قائلة بحرج : -مستر عثمان البحيري مدير الشركة و كمان يبقي واحد من أصحابها. -أهلا وسهلا .. قالتها "سمر" منتهجة نفس إسلوبه السابق معها حدجها بنظرات نارية ، فأدركت أنها نجحت في إغضابه ، سرها هذا ، لكنها قالت بنبرة رسمية حازمة : -حضرتك أنا بقالي حوالي شهرين باجي هنا و بحاول أوصل لأي مسؤول أكلمه في حاجة ضرورية تخص شغل بابا بس للأسف كل مرة برجع زي ما باجي ، مابطلعش بنتيجة ، فلو أمكن يعني تساعدني إنت يبقي كتر ألف خيرك. رمقها بنظرة خاوية مطولة ، ثم قال بإقتضاب : -إتفضلي. و أشار لها بالدخول إلي مكتبه .. سبقها إلي الداخل ، لتلج هي من بعده و تسمع صوت إغلاق الباب من خلفها بواسطة السكرتيرة تبعته و هي تعاين الغرفة المستديرة الحواف في فضول و إنبهار شديد ، جدرانها خشبية ، و الأرض رخامية ، و هناك في مكان قاصي قليلا ركن أشبه بالمطبخ الصغير ، وضعت به ثلاجة صغيرة و آدوات صنع الشاي و القهوة -إتفضلي أقعدي .. قالها بعد جلوسه أمامها خلف مكتبه الضخم ، فإمتثلت لطلبه و جلست من جهة اليسار في المقعدين المقابلين له عثمان متسائلا بهدوء : -خير بقي ؟ أقدر أساعدك إزاي يا أنسة ؟ سمر بهدوء مماثل متناسية موقفها العدائي تجاهه : -زي ما قلت لحضرتك أنا كان بقالي شهرين باجي هنا بسبب مشكلة تخص شغل بابا الله يرحمه عندكوا. -و إيه هي المشكلة بالظبط ؟ شرحت له "سمر" تفاصيل المشكلة .. عثمان بجدية : -بس والدك علي حسب كلامك كان فني مصاعد مش مهندس أساسي هنا في الشركة. -مش فاهمة إيه الفرق يعني ؟! تنهد "عثمان" تنهيدة طويلة ، و قال : -الفرق إن والدك عامل بالأجرة ، لو كان في عطل بيحصل في المصاعد هنا كان بيجي يصلحه و خلاص ، يعني هو و كتير من زمايله إللي هنا في نفس شغلته أسمائهم مش في سجلات التوظيف عندنا لأن ببساطة إحنا مجموعتنا إستثمارية و تجارية و مش بنحتاج كتير للنوع ده من العمال ، إحنا بنطلبهم بس بالأجرة زي ما قلتلك. سمر بصدمة : -يعني إيه ؟!! مط شفتيه بأسف ، و قال ببرود و هو ينقر بقلمه فوق سطح المكتب : -يعني للأسف والدك مالوش مكافأة نهاية خدمة عندنا لأنه مش موظف أصلا ، ممكن يكون له مستحقات ، تقدري و إنتي خارجة تسألي تحت في شئون العاملين إذا كان في باقي حساب يخصه و لا حاجة ! أصيبت "سمر" بخيبة أمل أطاحت بصوابها ، فلم تعد تسمعه و هو يكمل باقي كلماته ، بل راحت تستمع إلي سيل جارف من التساؤلات تفجر فجأة بعقلها .. كيف ستدبر حالها ؟ كيف ستواصل حياتها من دون مال ؟ و أخويها .. ماذا ستفعل بشأنهما ؟ إنهما بحاجة إلي أشياء عديدة تمثل بقاء كلا منهما ، فـ"ملك" لن تعيش إذا عجزت "سمر" عن توفير الطعام و العلاج لها ، و "فادي" سيضيع مستقبله إذا ترك دراسته ، من أين تأتي بكل هذا ؟ الأمل الوحيد الذي إتكأت عليه وضح إنه كاذب .. لا مفر من المصير البائس ، ليس لها وحدها ، و لشقيقيها أيضا بصورة تدريجية إنتصبت "سمر" واقفة دون أن تشعر رغم إرتخاء مفاصلها ، ثم راحت تردد باكية : -هعمل إيه دلوقتي ؟ هتصرف إزاي ؟ .. إخواتي هيروحوا مني .. مش هقدر أعملهم حاجة ، ملك هتموت ، و أنا .. أنا السبب .. أنا السبب. -إنتي كويسة يا أنسة ؟ .. تسائل "عثمان" بشيء من القلق ، إلا أنه لم يلق إجابة كانت الرؤية تنعدم من أمام "سمر" شيئا فشيئا ، إلي أن تلاشت تماما .. لم تعد قدماها تقدران علي حملها ، فسقطت مغشيا عليها .. وثب "عثمان" من مقعده ، و مشي ناحيتها بسرعة إنحني صوبها ، و مد يده و هزها بلطف هاتفا : -يا أنسة ! .. إنتي يا أنسة .. تململ "عثمان" بمكانه و هو يرمقها في حيرة : -أعملها إيه دي بقي ؟ .. غمغم لنفسه بخفوت ، ثم قام و توجه إلي مكتبه ضغط زر الديكتافون المتصل بمكتب سكرتيرته ، و قال بصوت ثابت مسموع : -شيري .. إطلبيلي دكتور الشركة فورا و تعاليلي بسرعة. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في مكان أخر .. حيث يستند إلي مكتبه رجل في العقد الخامس من عمره ، شعره الأبيض تتخلله بعض الشعيرات السوداء ، و يبدو عليه الهيبة و الوقار .. يستدير فجأة إلي إبنته ، و يهوي بكفه الغليظ علي صدغها ، لتصرخ متألمة ، و بسرعة تتلقاها أحضان شقيقتها الصغري .. -فضحتيني يا سافلة .. قالها "رشاد الحداد" بصراخ ، و تابع : -سيرتنا بقت علي كل لسان ، جوزك طلقك يوم فرحك و الأسباب مش محتاجين نشرحها للناس ، مستقبلي و مستقبل أختك قضيتي عليه يا ------ ، هخسر في الإنتخابات و هخسر كل حاجة بسببك يا -------- إسمي بعد ما كان في السما خلتيه في الأرض. تعالي صوت نحيبها ، بينما حاولت شقيقتها تهدئة "رشاد" بقولها : -خلاص يا بابي Please , چيچي عارفة إنها غلطت ، و إنت عارف كمان إن عثمان غدر بيها ، ماكنتش عارفة إنه هيبعت وراها صحافيين. رشاد بغضب : -إخرسي إنتي مالكيش دعوة ، أنا ليا حساب مع الكلب ده كمان بس مش قبل ما أخلص بإيدي علي الـ----- دي . چيچي ببكاء و هي لا زالت تحتمي بحضن شقيقتها : -إنت إللي غصبتني علي الجوازة دي ، أنا قولتلك مش بحبه و مش عايزاه .. ثم أكملت في تردد : -إنت السبب يا بابي ! رفع "رشاد" ذراعه ، و إجتذبها من شعرها صائحا : -أنا السبب فعلا ، أنا إللي سيبتلك السايب في السايب لحد ما فاجرتي ، و أخرتها سلمتي رقبتي لإبن يحيى البحيري. تأوهت "چيچي" بألم ، و قالت بصوت مهزوز إمتزج بدموعها : -أنا ماكنتش أعرف إنه هيصورني ، و ماخدتش بالي من أي حاجة إلا يوم الفرح ، هو فاجئني. رشاد بخشونة : -مضتيله علي التنازل ليه ؟ -هددني إنه هينشر الڤيديو. صاح بإنفعال : -إنتي غبية ، ماكنش هيقدر يعمل أي حاجة كنت هتصرف أنا معاه و لا كنا إتفضحنا زي دلوقتي كده. ثم أفلتها فجأة ، و إلتفت محدقا في الفراغ و هو يتمتم بشراسة : -ماشي يا إبن يحيى .. و الله لأكون جايبك الأرض ، مش هرحمك لا أنت و لا عيلتك ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• إستيقظت "ملك" من نومها منذ حوالي ربع ساعة ، قضت هذا الوقت كله مستلقية وحدها دون حراك ، حتي ملت من و حدتها .. فهمت بالصراخ عاليا بقدر يجذب إليها أحد أخويها ، هكذا تعلمت و حفظت الطريقة التي تستقطب بها إنتباههما وفقا لعقليتها الصغيرة و بالفعل ، لبي "فادي" ندائها ، و حضر إليها فورا .. سكتت "ملك" بمجرد رؤيته ، ليبتسم لها و يقول بلطف : -إيه يا ست ملوكة ؟ يا تري جعانة و لا صحيتي لاقيتي نفسك فاضية و قولتي أما أقرف فادي شوية ؟ هه ؟ .. ما تقوليلي ، إتكلمي .. و راح يقوم بحركات بوجهه و هو يخاطبها ، فأخذت الطفلة تضحك له و هي ترفع ذراعيها الصغيرتين نحوه و تصدر أصواتا تختلط بضحكاتها ضحك "فادي" معها ، ثم حملها و أخذ يلاعبها و يلاطفها .. كانت "ملك" تحمل ملامح مشتركة بين كلا من والدتها و أختها "سمر" .. فمثلا ورثت لون بشرتها الناصعة و لون شعرها البندقي عن والدتها أما خضرة عينيها الواسعتين ، فأخذتهما عن شقيقتها الكبيرة التي تمتاز هي الأخري بنوع خاص من الجمال يتمثل في شعرها الطويل الفاحم ، و بشرتها التي هي بلون الشوكولاتة الفاتحة ، و قوامها المتناسق الذي يحسدونها عليه جارتها و صديقاتها كلما يزورنها في بيتها .. جلس "فادي" بالصالة و أجلس "ملك" علي قدمه ، ثم راح يهزها حتي لا تعود للبكاء ، بينما يشاهد هو إحدي المبارايات علي شاشة التلفاز الصغير .. لفتت نظره "سمر" و هي تفتح باب الشقة بمفتاحها و تدخل ، فأغلق التلفاز ، و حمل "ملك" علي ذراعه و ذهب ناحيتها .. فادي بتلهف : -ها يا سمر ! عملتي إيه ؟ رفعت "سمر" وجهها و هي تجيبه بتعب واضح : -فادي هبقي أحكيلك بعدين ، أنا جاية تعبانة و مش شايفة قدامي ، محتاجة أريح شوية و بلّيل هبقي أقولك علي كل حاجة. عبس بقلق ، و سألها بلهجة هادئة : -مالك يا سمر ؟ إنتي كويسة ؟ أومأت رأسها إيجابا ، ثم قالت : -خلي بالك بس من ملك علي ما أصحي و لو جاعت أنت بتعرف تأكلها ، ممكن تصحيني بس علي ميعاد الدوا بتعها أنا أبقي أقوم أديهولها. و تركته متجهة إلي غرفتها .. و أخيرا إختلت بنفسها ، أغلقت باب الغرفة ، و للحال نزعت حجابها و هي تتنفس بعمق ثم تحرر شعرها من مشبك الرأس ، لينسدل بنعومة و إنسيابيه علي طول ظهرها ألقت بنفسها فوق السرير ، و حدقت بالسقف ، لتعود لها ذكري نصف اللقاء الفائت ... °°°°°°°°°°°°°°°°°°°° وجدته واقفا أمامها عندما فتحت عيناها ، كان يخاطب رجلا قصير القامة في منتصف عمره ، بدا شيء لا يذكر بجانبه .. لم تسنح لها الفرصة لإستكشاف الكثير من الأمور ، إذ هبت من مكانها كقطة مذعورة و هي تقول بلهجة ناعسة متداخلة الأحرف : -أنا فين ؟ إيه إللي حصلي ؟ طمئنها "عثمان" بإبتسامة : -إطمني يا أنسة إنتي بخير ، ماتقلقيش جت سليمة أغم عليكي بس و دكتور حسين فوقك. الدكتور حسين بلطف و لباقة : -حمدلله علي سلامتك يا أنسة ، عايزك ماتقلقيش إنتي كويسة خالص ، بس ناقصة تغذية ، إنتي ضعيفة أوي و محتاجة تاخدي بالك من أكلك و شربك أكتر عشان ماتحصلكيش إغماءة تانية. كانت "شيري" سكرتيرة المكتب واقفة بجوارها ، فإنحنت صوبها لتعطيها كأس عصير ، قبلته "سمر" بإمتنان و هي تشعر برأسها يلف بينما إنصرف الطبيب "حسين" بعد أن جمـّع آدواته داخل حقيبته ، و بدوره أصرف "عثمان" سكرتيرته لتباشر عملها في الخارج .. سمر و هي تحاول القيام : -أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي علي إللي عملته معايا ! عثمان بجدية : -خليكي مكانك يا أنسة ، إنتي لسا دايخة ، ماتقوميش دلوقتي. -لازم أمشي .. إتأخرت علي إخواتي. -طب بس أصبري ، أنا عايزك في موضوع. سمر بإستغراب : -موضوع ! موضوع إيه يافندم ؟؟ سحب "عثمان" مقعد قريب ، و جلس فوقه مادا جسده نحوها ، ثم قال بهدوء : -أنا حاسس إنك واقعة في مشكلة .. ممكن تقوليلي لو تحبي ، أنا أقدر أساعدك. سمر بشك : -تساعدني إزاي يعني ؟! هز كتفيه مجيبا : -أساعدك يعني أساعدك .. قوليلي بس إيه مشكلتك ؟ سمر بصمت و قد إنعقد لسانها ، لا تعرف بما تجيبه ! -فلوس ؟ .. قالها بتساؤل ، و تابع : -إنتي خريجة أيه يا أنسة ؟ سمر مجيبة بلسان ثقيل : -تسويق و تجارة إلكترونية. عثمان بإعجاب : -حلو .. حلو أوي .. ثم أردف بحماسة زائفة : -شوفي أنا هفتتح شركة جديدة خاصة بيا كمان كام يوم ، إخترت الموظفين خلاص بس لسا ماخترتش سكرتيرة .. تحبي تتقدمي للوظيفة دي ؟ حملقت فيه بعدم تصديق ، و سألته ببلاهة : -بجد ؟!! عثمان بضحك : -أه طبعا بجد .. ثم سألها مبتسما : -إنتي عندك كام سنة ؟ قصدي يعني بقالك كام سنة متخرجة ؟ سمر بتوتر طفيف : -أنا عندي 24 سنة و بقالي سنتين و نص متخرجة. -هممم .. لأ مدة مش بعيدة ، طب قولتي إيه ! موافقة تشتغلي عندي ؟؟ سمر بدون تردد : -طبعا موافقة .. لكنها تراجعت : -بس أنا ماعرفش حاجة عن شغلة السكرتاريا. عثمان بثقة : -ماتقلقيش هتتعلمي .. دي شغلانة بسيطة خالص. أشرق وجهها بإبتسامة رقيقة ، بينما مد يده إلي جيب بنطاله ، و أخرج جزدانه سحب بعض الأوراق النقدية ، ثم مد يده لها قائلا : -إتفضلي يا أنسة سمر. نظرت ليده الممدودة بالنقود ، ثم له ،و سألته متجهمة : -إيه ده حضرتك ؟؟ أجابها بإبتسامة : -أنا عارف إنك محتاجة فلوس ، من فضلك خديهم. سمر برفض مهذب : - لحضرتك .. أنا معايا الحمدلله. عثمان بإصرار و لطف : -خديهم بس يا أنسة سمر ، أعتبريهم سلفة و إبقي رديهم من أول مرتب. تخضبت وجنتاها بحمرة قانية ، و كم وجدت صعوبة في ذلك ، لكنها مدت يدها و أخذت منه النقود .. سمر و هي تقف علي قدميها و تختبر درجة ثباتها : -إستأذن أنا بقي. نهض هو الأخر ، و قال لها : -تمام ، و إنتي خارجة إبقي سيبي إسمك و عنوانك و رقم تليفونك لشيري ، و ماتنسيش بعد بكره ، هخلي شيري تتصل بيكي و تديكي كل المعلومات عن الشركة. أومأت "سمر" دون أن تنظر في عينيه ، ثم غادرت مكتبه في هدوء ... °°°°°°°°°°°°°°°° خرجت "سمر" من الذكري و هي تشعر بضيق شديد ، فمنذ خروجها من هذه الشركة لم تكف عن توبيخ نفسها لأنها أخذت منه النقود و مرات عدة و هي في طريقها إلي البيت فكرت أن تعود و ترجع إليه ماله ، لكنها تذكرت "ملك" و "فادي" .. فإستسلمت لحكم الواقع و أكملت طريقها بفم مطبق .. أرهقها التفكير لهذا الحد ، فأوقفت كل شيء ، و إستسلمت للنوم الذي بدأ يداعب أجفانها ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في ليل الإسكندرية الساحر ، يقود "صالح البحيري" سيارته الفارهة مارا بالكورنيش المطل علي الساحل ، و المضاء بالأعمدة التي تعكس نورها علي ماء البحر الحالك ، فيبدو و كأنه اللؤلؤ الأسود في ندرته .. يصل "صالح" إلي ذلك الملهي الشهير ، و يدخل باحثا بعينيه عن إبن عمه ليجده هناك ، جالسا عند بنش البار ، تحاوطه المنكرات من كل صوب و هو يتجاوب معها بفتوره المعتاد .. -إيه يابني فينك ؟ قال "صالح" و هو يجلس بجانبه أمام البار ، و أكمل : -لازم أتحايل عليك يعني عشان ترضي تقولي إنت فين ؟ أبوك قالب عليك الدنيا. عثمان بضيق : -عارف. -طب مارجعتش البيت ليه لحد دلوقتي ؟؟ -مش مستعد لإستجواب يحيى بيه ، و مش ناقص قرف. صالح بصراحة : -إنت طينت الدنيا الصراحة ، أنا أعرف أنك شيطان يابن عمي بس ماتخيلتش تفكيرك يوصل لكده أبدا ! عثمان ضاحكا و هو يتناول بعض المقبلات : -يمكن عشان مابتعرفش تفكر يا صالح. -لأ بجد ، أنت إبليس ذات نفسه يصقفلك علي عملتك دي. عثمان بتفاخر : -يابني أنا مش أي حد ، أنا عثمان البحيري ، يعني الفهلوة و الجبروت كله ، و متنساش إني إسكندراني كمان. -لأ من ناحية الجبروت فأنا متأكد من دي أكتر .. ثم سأله بإستذكار : -صحيح عملت إيه في حوار شركتك ؟ خلاص كلها بقت بتاعتك. شرب "عثمان" ما تبقي من كأسه ، و أجابه و قد بدأت الثمالة تنطقه بما لا يريد نطقه : -إسكت ماتفكرنيش بالشغل خالص .. إنهاردة وقعت مع حتة بت كانت هتخرجني عن شعوري ، تصور إستهزأت بيا أنا ؟! صالح بضحكة مرحة : -يا خبر ! دي كده لعبت في عداد عمرها. عثمان بوعيد : -إنت بتقول فيها ؟ .. و حياة أمي لأسود عيشتها !!!!! | ||||||||
30-09-18, 05:20 PM | #5 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 3 ) _ حادث مدبر ! _ : صباح يوم جديد .. إستيقظت "سمر" من نومها عندما شعرت بشعاع حار يضرب في وجهها و يلسع جلدها الرقيق لسعات متواصلة بلا توقف ، فتحت عيناها بتثاقل و إنزعاج ، لتكتشف إنها الشمس تسللت خيوطها الذهبية عبر شباك غرفتها الموارب لتوقظها ، و عندما لم تستجيب لسعتها بآشعتها الحارقة لتعاقبها .. تثاءبت "سمر" بكسل و هي تتحرك في الفراش بعيدا عن آشعة الشمس ، و عقدت حاجبيها فجأة بإستغراب ، لقد نبهت "فادي" البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي "ملك" بنفسها جرعة دوائها .. لماذا لم يفعل ؟ لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت ؟ لا يمكن أن يكون قد نسي !! قامت "سمر" من فراشها ، و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا وجدت "فادي" بالصالة ، يقف هناك حاملا "ملك" التي كانت تبكي و تصرخ بشدة ، و يحاول أن يجعلها تهدأ .. -في إيه يا فادي ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه "ملك" .. أجاب "فادي" حائرا و هو يناولها الطفلة : -مش عارف مالها ، أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها ، دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني ، شكلها لسا جعانة .. ثم أكمل بغضب : -بس أكلها خلص. سمر بإستغراب : -إنت مش بتقول أكلتها ؟ يعني شبعت ! فادي بضيق : -لأ .. علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير. زمت شفتيها بتفهم ، ثم قالت : -طب إستني. و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها ، لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة : -خد ، إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات. نظر "فادي" إلي النقود ، ثم لأخته و هو يقول بدهشة : -جبتي الفلوس دي منين يا سمر ؟ .. و أردف بإبتسامة واسعة : -معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح ؟؟ سمر بفتور : -لأ طبعا. فادي بتعجب : -أومال إيه دول كلهم ؟ جبتيهم منين ؟! سمر بكدر : -ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي. -علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح ، مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا ، بس إنتي إللي مارضتيش تقومي ، قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا .. ثم سألها بإهتمام : -قوليلي بقي إيه إللي حصل ؟؟؟ تنفست "سمر" بعمق ، ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد .. -إيه ده ؟ إزاي يعني ؟ .. قال "فادي" بعدم فهم ، و تابع : -يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة ؟!! سمر شارحة له : -لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة ، قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان ، أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك ، فهمت ؟ عبس "فادي" قائلا : -فهمت .. و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني ؟؟ سمر بتأكيد : -أيوه طبعا ، إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك ، و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا ، هشتغل و أجيب فلوس بجهدي ، إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي ؟ .. ثم صاحت بإستذكار : -و أه كنت هنسي أقولك .. إحنا مش هنسيب البيت ، أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه ، و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني. صمت "فادي" قليلا ، ثم قال بعدم إرتياح : -أنا مش مطمن يا سمر .. مش عارف ، في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي ! سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه : -ماتقلقش يا فادي .. و اطمن ، كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في قصر آل "بحيري" .. داخل حجرة الطعام الفاخرة يجلس "يحيى البحيري" علي رأس المائدة ، تجاوره "فريال" من جهة اليمين ، أما في الجهة الأخري ، جلس جنبا إلي جنب كلا من "صالح" و "صفية" تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا ، و "صالح" الذي يأس من مراضاة "صفية" ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه الغير مرئية في عصبية مفرطة .. لاحظت "فريال" توقف زوجها عن تناول الطعام ، فسألته بقلق : -إيه يا يحيى مالك ؟ بطلت تاكل ليه ؟؟ يحيى بضيق : -ماليش نفس يا فريال. فريال بحزن : -ليه بس ؟ طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية ؟؟ -لأ مش عايز. فريال بإنزعاج : -في إيه بس يا يحيى ؟ كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !! يحيى بإنفعال و هو يضرب بيده علي المائدة : -هو إبنك خلاني عايز أي حاجة ؟ عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي ، البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي. فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا : -مايقدرش يا يحيى ، إنت أبوه ، عثمان بيحترمك و الله ، هو بس آا .. يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع : -بلا بيحترمني بلا نيلة بقي ، أنا ماعرفتش أربيه أصلا ، طالع سافل و قليل الأدب محدش بيهمه .. ثم أكمل بوعيد : -بس و الله لأفرجه ، يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه ! -علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح .. قالها "صالح" ببرود و هو يرفع فنجان قهوته إلي فمه ليلتفت له "يحيى" متسائلا بصوته الخشن : -عرفت إزاي ؟ إنت شوفته و هو راجع ؟ -أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر. حدجه "يحيى" بغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شرا مؤذيا ، لكنه فشل في ضبط نفسه ، فوثب من مجلسه ، و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه .. لحقت به "فريال" بسرعة ، بينما قالت "صفية" و هي ترمق "صالح" بنظرات محتقنة : -إيه إللي إنت عملته ده ؟؟؟ صالح ببراءة مصطنعة : -عملت إيه ؟! °°°°°°°°°°°°°°°°° في الطابق الثالث من القصر ، و الذي تقع به غرفة "عثمان" حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا .. تركض "فريال" وراء "يحيى" و تترجاه بصوت خائف : -عشان خاطري يا يحيى ، بالراحة عليه ، إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط ، أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده. توقف "يحيى" بمنتصف الردهة الطويلة ، و إستدار لزوجته ، و صاح بها : -إمشي يا فريال ، إنزلي تحت دلوقتي. "فريال" برفض : -لأ .. مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي. "يحيى" بعصبية : -يعني هعمل فيه إيه ؟ هضربه بالنار ؟ ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان .. ثم زفر بحنق ، و قال بشيء من الهدوء : -إطمني يا ستي ، مش هعمله حاجة .. مابقاش عيّل صغير عشان أعاقبه يعني ، أنا هتكلم معاه بس. نظرت إليه في تردد ، لكنها أذعنت لرغبته في الأخير ، و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة "عثمان" بمفرده .. فتح "يحيى" باب غرفة إبنه ، ليجدها غارقة في الظلام إبتسم بسخرية ، ثم إتجه نحو الشرفة العريضة ، و أزاح الستائر عنها ، ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق ، و يزعج "عثمان" المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم .. تململ "عثمان" مطقطقا عضلات ظهره العاري ، ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا تآفف "عثمان" بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة ، سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا ، فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة .. -صباح الخير يا بابا .. قالها "عثمان" بلهجة ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه ليرد "يحيى" بغلظة : -صباح الزفت علي دماغك. عثمان بإبتسامة هادئة و هو يومئ برأسه : -ماشي يا بابا .. إتفضل حضرتك قول دلوقتي كل إللي إنت عايزه ، أنا جاهز لكلامك. يحيى ببغض : -يا بجاحتك يا أخي .. نفسي أعرف جايب البرود ده كله منين ؟! عثمان بسخرية : -و عايزني أتكدر ليه ؟ أنا عامل حاجة لا سمح الله ؟! يحيى بلهجة حانقة : -بعد كل إللي عملته ده و بتسأل ؟ أنا يا غبي مش إتفقت معاك و قلتلك كفاية تمضيها علي التنازل بس و بعدين تبقي تطلقها بعد فترة صغيرة ؟ إيه إللي خلاك تتصرف من دماغك ؟؟ عثمان و قد إنتابه الغضب : -كنت عايزني أبقي ---- ؟ كنت عايزني ماخدش حقي و أرد كرامتي ؟ مش أنا إللي تيجي بت ----- زي دي و تعلم عليا ، أحمد ربنا إني إلتزمت بنص إتفاقنا و ماشربتش من دمها ، و الله لولا جيتلي إنت قبل ما أخدها و إمشي بعد الفرح و نبهت عليا لكنت دبحتها بإيدي و ماكنتش هاخد فيها يوم. -و تضيع و توسخ إيدك ليه أصلا ؟ ماتستهلش. عثمان و هو ينتفض بعصبية : -لأ تستاهل .. لما تبقي مخطوبة لعثمان البحيري و تفتكر إنها إستغفلته و تروح تتـ---- علي كيفها تبقي تستاهل الدبح و الحرق كمان. صمت "يحيى" بعد إفراغ "عثمان" شحنة غضبه الحبيسة ، و قد إلتمس له العذر الآن فقط ، إذ أدرك أن إبنه مجروح في صميم كرامته و كبريائه ، فلم يعد ليجادله مجددا .. يحيى بهدوء : -طيب يا عثمان .. و أديك خلاص عملت إللي إنت عايزه و إرتحت ، يا ريت بقي ماتتهورش تاني و كفاية كده. عثمان و هو يلوي ثغره بسخرية : -أنا عايزك تعرف بس إنها و لا حاجة بالنسبة لي ، أنا وافقت علي الجوازة بس عشانك إنت ، قولتلي نفوذ أبوها و بتاع ، و أهو دلوقتي أبوها بقي لا عنده نفوذ و لا نيلة بعد الفضيحة .. يعني مابقناش محتاجينه. أومأ له "يحيى" ثم قال : -ماشي .. قوم بقي خدلك حمام و ألبس هدومك و إنزل عشان نفطر سوا ، أنا لسا مافطرتش. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في منزل "رشاد الحداد" .. يجلس أمامه في المكتب هذا الشاب المذعور ، الذي يرتجف خوفا بين الحين و الأخر يشمله "رشاد" بنظره تقييم مشمئزة ، ثم ينطق بصوت غليظ : -إنت غلطت غلطة عمرك لما فكرت تقرب من بنتي. إزدرد الشاب ريقه بتوتر ، و قال بإرتباك و هو يتردد في النظر إلي عينيه الحادتين : -و الله يا رشاد باشا أنا .. آا أنا بـ بحب چيچي ، بحبها بجد و عمري ما فكرت آذيها و آ .. -إخرس .. قاطعه "رشاد" بغضب ، و أردف بحدة : -إسمع ياض .. إنت هتتجوزها. أومأ الشاب بسرعة : -أتجوزها يا باشا. رشاد بتهكم مرير : -لحسن حظك إني عايز ألم الموضوع و أغطي عالفضيحة .. إنما في أي حالة تانية إنت ماكنتش هتبقي بالنسبة لي أكتر من كلب أقل واحد من إللي شاغلين عندي يضربك برصاصة واحدة في قلبك. أقشعر بدن الأخير ، ببنما أكمل "رشاد" بلهجة أمر : -تجيلي بكره الساعة 8 بالظبط عشان نتمم الموضوع و نعمل خطوبة. -أنا تحت أمرك يا باشا. رشاد بتوعد : -عارف لو ماجتش ! الشاب و هو يقسم بإضطراب : -هـ هاجي و رحمة أمي هاجي. -إوعي يعني عقلك يوزك تخلع أو تهرب .. هتلاقيني جايبك من قفاك حتي لو طلعت سابع سما ، بس ساعتها بقي يا ويلك مني. الشاب مؤكدا : -ماتقلقش يا باشا ، أنا هاجي بكره في الميعاد. رشاد بصرامة : -أنا مش قلقان يا حبيبي .. إنت إللي لازم تقلق. و هنا سمع طرق علي باب مكتبه ، فآذن بالدخول ليدخل رجل ضخم الجثة يرتدي حلة سوداء ، و تبدو علي وجهه ملامح الإجرام .. أصرف "رشاد" الشاب زوج إبنته المستقبلي و حبيبها السابق الذي تسبب في طلاقها ليلة زفافها .. -اهلا عباس .. ها طمني ! عملت إيه ؟ عباس بصوته العميق : -كله تمام يا باشا .. زي ما قلت لسيادتك كل حاجة بتمشي بالفلوس. -يعني عملتها بنفسك ؟؟ -عملتها بإيديا الأتنين ، ماتقلقش. رشاد بإبتسامة واسعة : -يعني إنهاردة هسمع أخبار كويسة ؟! -إن شاء الله .. إطمن حضرتك. تنهد "رشاد" تنهيدة طويلة و هو يسترخي فوق مقعده و يتمتم لنفسه : " إن شاالله أجي أعزيك بنفسي بكره يا يحيى ، أومال إيه ؟ مش كنا نسايب ! " و رفع رأسه مطلقا ضحكة مجلجلة .. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في غرفة "صالح" .. كان يخاطب والده عبر الهاتف ، عندما تلقي إنذار بمكالمة جديدة .. أبعد الهاتف عن أذنه ، و وضعه أمام عينيه ، ليري أسمها يضيء الشاشة إنتفض من الفرحة ، و أستأذن من والده و أغلق معه سريعا ، ثم أجاب إتصالها .. صالح بسعادة : -صافي ! مش مصدق نفسي و الله ، هتشل من الفرحة ، إنتي بتكلميني فعلا ؟ صفية بفتور : -صالح .. -عيون صالح .. قالها بغزل ، لترد بحدة : -هتتكلم عدل و لا أقفل في وشك ؟ قال بسرعة : -لا لا لا خلاص خلاص ده أنا ما صدقت .. ثم سألها بإستغراب : -بس إنتي بتكلميني بالموبايل ليه ؟ ما إحنا في نفس البيت يا حبيبتي ما تيجي ، و لا أجيلك أنا. قال أخر كلماته بخبث حاول إخفاؤه ، لتقول هي : -لأ ياخويا لا تجيلي و لا أجيلك ، أنا بس كنت عايزة منك خدمة هتعملها مش هتعملها بردو . صالح بإهتمام : -خدمة إيه يا صافي ؟ أنا أعملك كل إللي إنتي عايزاه طبعا ، قوليلي عايزه إيه ؟؟ -كنت عايزاك تروح المستشفي تجيبلي عنتر من هناك ، خلاص هو خلص تطعيم و المفروض يرجع بس أنا حاسة إني داخلة علي دور برد و مش قادرة أتحرك من السرير ، فـ Please تروح إنت ؟ صالح و قد تقهقر عن موقفه الشهم : -عنتر ؟ .. عايزاني أنا أروح أجيبلك عنتر ؟ ماتقوليها أسهل يا صافي ، قولي إنك عايزه تخلصي مني ، أخرتها هتخلي حتة شبل يستفرض بيا و أكون العشا بتاع جنابه الليلة دي ! -ما تسترجل شوية يا صالح ، أديك قولتها بنفسك ، حتة شبل هيعملك إيه ؟ ده لسا بيبي أولا ، ثانيا هما في المستشفي هيسلموهلك بالقفص بتاعه يعني ماتقلقش مش هيتعشي بيك الليلة دي. صالح بتردد : -مش عارف .. مش مطمنلك يا صافي ! صفية بتآفف : -أنت جبان أووي يا صالح. أثارته بنعتها له بـ" الجبان" فقال : -جبان ؟ .. طيـــب ، أنا هوريكي الجبان ده ، هاتي العنوان. أخذ منها عنوان المشفي ، ثم إندفع للخارج قاصدا غرفة "عثمان" إلا إنه قابله أعلي الدرج ، كان "عثمان" سينزل عندما إستوقفه صوت "صالح" إلتفت له ، فقال الأخير و هو يقترب منه : -عثمان .. إديني مفتاح عربيتك ؟ عثمان بإستغراب : -مفتاح عربيتي ! إشمعنا ؟ -إنت ناسي إننا جينا مع بعض إمبارح بعربيتك. -طيب .. أيه يعني !! -هو إيه إللي يعني ؟ عربيتي سايبها هناك من إمبارح. عثمان و هو يهز كتفاه بعدم إكتراث : -أعملك إيه يعني ؟! صالح بصبر : -محتاج عربيتك نص ساعة ، هروح بيها مشوار و هرجع علطول. -طب ما تروح بتاكسي يابني ! -يرضيك يعني صالح البحيري يركب تاكسي. -أه و فيها إيه عادي ، بتحصل في أحسن العائلات. صالح بضحكة صفراء : -خفة .. إنجز يا عثمان ، بقولك عندي مشوار مهم. عثمان بجدية : -ماينفعش يا صالح أنا خارج دلوقتي. صالح بفضول : -رايح فين ؟؟ -مالكش دعوة. -طب هات المفتاح بقي ، خليك جدع ، مش هتأخر و الله هي نص ساعة. تنهد "عثمان" ثم قال بضيق : -نص ساعة ، عارف لو إتأخرت ؟ -يا سيدي ماتخافش هي نص ساعة. أعطاه "عثمان" مفتاح سيارته و هو يسأله : -هتروح فين بقي ؟؟ صالح مستعملا نفس جملته السابقة : -مالكش دعوة. و هبط الدرج مسرعا ، بينما صاح "عثمان" بإبتسامة فاترة : -مااااشي .. ليك يوم يابن عمي. °°°°°°°°°°°°°°°°° ينزل "صالح" إلي الكراچ ، و يعثر علي سيارة "عثمان" بسهولة .. إذ تعد سيارته من أحدث و أغلي السيارات التي تم إنتاجها لهذا العام ، و هي لامبورچيني بسرعة 350 ميل/س ، و هي أيضا بمثابة طلقة نارية تشق الأجواء لدي الإنطلاق بها .. إستقل "صالح" في كرسي القيادة ، شغل السيارة ، ثم تحرك بها بروية حتي خرج من الكراچ أطلق بوقا تلو الأخر لتنفتح له بوابة القصر الضخمة التي تعمل إلكترونيا و في الطريق ، مشي علي الوصفة التي أعطته إياها "صفية" إلا أنه نسي نصف العنوان تقريبا فقلل من سرعة السيارة ريثما يخرج هاتفهه و يحدثها ، و لكن السيارة لم تستجب له ، بل إزادت من سرعتها حاول "صالح" مرة ثانية ، و ثالثة ، و رابعة .. دون جدوي .. لتصدر الإطارات صريخ إحتكاكها بالأسفلت ، عندما إنحرف "صالح" يمينا ليتفادي سيارة أخري ، بينما يدخل هو في الإتجاه المعاكس ، و بصورة سريعة يحدث الإصطدام بينه و بين تلك السيارة التي ظهرت أمامه فجأه !!!!! يتبـــع ... — | ||||||||
30-09-18, 05:21 PM | #6 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 4 ) _ صدفة ! _ في الثامنة صباحا بتوقيت "باريس" .. تجلس فتاة في الثانية و العشرين من عمرها داخل غرفتها كانت تتصفح أخبار الموضة و المجتمع عبر حاسوبها الخاص ، عندما دلف والدها حاملا صنية الفطور .. "رفعت " بإبتسامة هادئة و هو يقترب من سريرها : -لولا حبيبتي .. يلا سيبي إللي في إيدك ده و تعالي نفطر سوا. إعتدلت "هالة" في جلستها ، ثم قالت و هي تبادله الإبتسامة : -إيه ده يا بابي ! أنت إللي عامل الفطار بنفسك كمان ؟ أنا كنت فكراك نايم ، طب ليه ماقولتليش كنت حضرته بدال حضرتك ! -يعني أنا سيبتك لوحدك إسبوع بحاله محتاسة ، قلت أعوضك بقي بالفطار الملوكي ده .. و أعطاها كأس العصير مكملا : -بس ماتاخديش علي كده ماشي ؟ هالة ضاحكة بسرور : -ماشي يا بابي .. ربنا يخليك ليا يا حبيبي. -ها بقي .. قوليلي عملتي إيه في غيابي ؟؟ هزت كتفيها بخفة قائلة : -و لا حاجة ، كنت بروح الجامعة كل يوم الصبح ، و كنت برجع أطبخ و أكل و أنام .. بس ، علي كده طول الإسبوع إللي سيبتني فيه. -مش عارف بس مارضتيش تيجي معايا ليه ؟ رغم كل المصايب إللي حصلت ، بس كنتي هتغيري جو. هالة و قد عاودها السرور بشدة ، فسألته بحماسة : -قولي يا بابي .. هو صحيح عثمان طلق چيچي خلاص ، يعني طلقها بجد ؟! -أيوه يا بنتي طلقها ، بقولك كانت فضيحة ، إنتي ماشفتيش الأخبار علي البتاع إللي في إيدك ده ؟ .. و أشار إلي حاسوبها ، لتجيبه بفرح : -لأ شفت .. شفتها كلها يا بابي. رفعت بنظرة شك : -إنتي مالك مبسوطة كده ليه يا هالة ؟ .. لا تكوني لسا حاطة عثمان في دماغك. رمقته في صمت و لم ترد ، ليتابع هو بصرامة : -عموما لو كنتي بتفكري فيه فأنا بقي بقولك لأ مش هينفع ، بعد كل إللي عمله ده مستحيل أوافقك. هالة بإنفعال مدافعة : -ليه بس يا بابي ؟ هو كان عمل إيه يعني ؟ عثمان ماغلطش في حاجة ، رد فعله كان طبيعي جدا. رفعت بحدة : -عثمان إتجبّـر يا هالة .. شم نفسه و مابقاش يهمه حد ، إوعي تكوني لسا فكراه إبن عمك الطيب الظريف ، لأ ، ده إتغير و بطريقة بشعة .. صدقيني ، عثمان ماينفعكيش و لا ينفع أي واحدة غيرك كمان. -بس أنا بحبه يا بابي .. قالتها بشرود دون وعي منها ، فزم "رفعت" شفتيه في أسف ، و قال : -و هو ماعندوش إستعداد يحبك زي ما تحبيه .. مانتي كنتي قدامه يا حبيبتي .. و توقف فجأة عندما لمح بوادر دموعها .. كوب وجهها بكفيه ، ثم قال بحنان أبوي : -إنتي تستاهلي أحسن منه يا هالة ! و مسح علي شعرها برفق ، ثم تنهد بعمق قائلا : -يلا بقي كملي فطارك و أنا هروح أشتغل في مكتبي شوية. أومأت له و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة لتكبت دموعها ، لكنه حالما خرج من الغرفة أطلقت لنفسها العنان و راحت تنتحب بمرارة في صمت .. حتي رأت من وسط غيمة الدموع التي غشيت عيناها صورة أخيها تظهر فجأة علي الحاسوب كانت صورة عادية ، إلتقطت له بإحدي المناسبات و هو يضحك بعفويته المعهودة ، لكنها إعتصرت جفناها بقوة لتري بوضوح الخبر الذي نـُشر علي صفحة المجتمع المصرية .. " أحد أبناء عائلة البحيري يتعرض أمس لحادث سير عنيف جدا أثناء قيادته لسيارة فائقة السرعة إنحرف بها في الإتجاه المعاكس من الطريق السريع ، ترى هل الحادث مدبر ؟ أم أنه قضاء و قدر ؟ " لم تعط لنفسها فرصة لتُصدم ، و صرخت بأعلي صوتها : -صــــــــــاااااااااااااا ااااالح ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• عودة للأسكندرية ... كان "عثمان" يجلس هناك علي بعد أمتار من غرفة العمليات وجهه واجما ، مبهم التعابير ، لطالما كان بارعا في إخفاء مشاعره و إنفعالاته ، تلك ميزة يحسده عليها كل من عرفه و تعامل معه طوال حياته .. كان يفكر في الحادث الذي تعرض له "صالح" و هو يقود سيارته الخاصة .. تساءل في نفسه .. تري من فعلها ؟ الإجابة لم تأخذ منه تفكيرا طويلا ، إذ أن المسألة واضحة تمام الوضوح ، ليس هناك غيره .. "رشاد الحداد" يريد أن ينتقم منه .. كز علي أسنانه في غضب جم ، و تمتم لنفسه : -بتحرجم علي إيه يا رشاد يا حداد ؟ .. لسا في كارت في إيدي ، أقسم بالله لأندمك .. بس أعرف الأول مين إللي دخل بيتي و فكلي الفرامل. إنتبه "عثمان" لصوت جلبة بأخر الممر ، فأدار رأسه ليري والديه و شقيقته يهرعون نحوه و الفزع باديا علي وجوههم .. قام من مكانه ، و تحضر لإستقبالهم بفتوره المعتاد -في إيه عثمان ؟ ماله إبن عمك ؟ .. قالها "يحيى" بتساؤل ، و أردف : -إحنا لسا شايفين الخبر في الجرايد ، و الصحافيين واقفين برا أد كده ، إنت إزاي ماتقولناش حاجة زي دي ؟ إزاي نعرف من الغرب ؟؟؟ نطق أخر كلماته بغضب ، ليرد "عثمان" بهدوء شديد لا يتناسب إطلاقا مع الموقف : -ماحبتش أخضكوا ، عموما ماتقلقوش حالته مستقرة لحد دلوقتي. -إيه يا أخي البرود إللي إنت فيه ده ؟ .. صرخت فيه "صفيه" و أكملت ببكاء : -فين صالح ؟ رد عليا هو فين ؟ أنا السبب في إللي حصله .. لو ماكنتش طلبت منه يروح بدالي المستشفي إمبارح ! و إنهارت أكثر ، لتحاول "فريال" أن تهدئها ضمتها إلي صدرها ، و أخذت تمسد علي شعرها و ظهرها بحنو ، بينما أخذ "يحيى" إبنه من يده و وقفا بعيدا ليتحدثا بسرية .. يحيى بلهجة خافتة : -عمل الحادثة بعربيتك .. إنت المقصود مش هو ! عثمان بنظرات غامضة : -عارف .. و عارف كمان مين إللي وز عليا ، بس مش هسكت. أحمـّر الأخير غضبا و هو يغمغم بإنفعال مكبوت : -إنت مش هتعمل أي حاجة ، إحنا مش ناقصين ، كفايانا فضايح. عثمان بغلظة و قد علا صوته : -يعني إيه ؟ عايزني أطرمخ عالموضوع ؟ عايزني أسيب حقنا كلنا ؟ بلاش إحنا .. حق صالح المرمي جوا ده ! يحيى و هو يرمقه بنظرات محتقنة : -أنا ماقلتش هنسيب حقه .. في حاجة إسمها قانون و إحنا مش قليلين في البلد. أطلق "عثمان" زفرات حانقة و هو يشيح بوجهه عن أبيه ، بينما وضع "يحيى" يده علي كتف إبنه ، و ضغط بخفة و هو يقول بحزم : -عايزك تهدا شوية و ماتتهورش ، نطمن بس علي إبن عمك و بعدين هنتصرف. -أستاذ يحيى البحيري ؟! إلتفت "يحيى" وراءه ليرد علي محدثه : -أيوه أنا ! كان شرطيا وقف أمامه و خاطبه بلهجة رسمية مهذبة : -أسف يافندم عارف إن مش وقته بس معلش لازم نفتح محضر بالحادثة دلوقتي .. و وزع نظراته بينه و بين "عثمان" مكملا : -هما شوية أسئلة لحضرتك و لعثمان بيه. أومأ "يحيى" بتفهم و قال : -إحنا تحت أمرك يا حضرة الظابط. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في منزل "سمر" ... إنه اليوم المنشود .. منذ بزوغ النهار ، كانت في إنتظار مكالمة العمل التي وعدها بها "عثمان البحيري" إستيقظت مبكرا قبل أخويها لأجل هذا ، و لكن كم هي محبطة الآن .. لم يدق جرس هاتفهها أبدا ، لم تصلها رسالة حتي .. ماذا يعني هذا ؟ ألن يفي السيد "عثمان" بوعده لها ؟ ألن يعطها المنصب الذي أشار إليه ؟ هل كان يقول ذلك عبثا ؟ كان يتسلي ؟ حتما كان يتسلي .. إبتسمت "سمر" بسخرية ، و حدثت نفسها بخفوت : " كنتي فاكرة إيه يعني يا غبية ؟ معقول هيقبل يشغلك عنده في وظيفة زي دي ؟ .. كان بيضحك عليكي يا هبلة ، هو إتجنن يوظف سكرتيرة مش مدربة و معهاش شهادة خبرة ؟ كان بيقولك كده و خلاص .. إكتفي بإنه ساعدك بالمبلغ إللي خدتيه منه ، قال يحسن عليكي يعني ، عمره ما كان هيعمل أكتر من كده طبعا .. فوووقي ! " عادت "سمر" لأرض الواقع عندما دق جرس هاتفهها ، إنتفضت في مكانها غير مصدقة ، و بيد مرتعشة إلتقطت الهاتف من فوق الطاولة أمامها لكنها أصيبت بخيبة أمل كالعادة ، إذ كان المتصل ليس سوا شقيقها .. -ألو يا فادي ! .. أجابت بلهجة فاترة متعبة ، ليأتيها صوت "فادي" من وسط ضجيج زحام و عدة أصوات متداخلة : -أيووه يا سمر ! هاا طمنيني .. الناس بتوع الشركة دول كلموكي ؟ سمر و هي تحاول سماعه بوضوح : -الناس بتوع الشركة ؟ .. لأ لسا محدش كلمني ، إيه يا فادي الدوشة دي ؟ إنت فين يابني ؟؟؟ أجابها بصعوبة : -أنا دلوقتي داخل أستلم الكتب. -داخل تستلم الكتب ؟ و هي الكتب عليها الإقبال شديد أوي كده ؟! فادي متهكما : -إقبال ؟ إقبال إيه يا حبيبتي ، ده في عركة هنا .. ثم قال بجدية : -المهم قوليلي لسا محدش كلمك يعني ؟؟ سمر بحزن : -قولتلك لسا ! -خلاص يا بنتي ماتزعليش ، أصلا الحمدلله كويس إنهم ماتصالوش أنا ماكنتش مرتاح للموضوع ده ، بكره أنا هدور علي شغل و مش هنحتاج لحد إن شاء الله. -إن شاء الله. -ملوكة عاملة إيه ؟ -كويسة أهيه نايمة في أوضتي. -طيب مش عايزين حاجة أجيبها و أنا راجع ؟! -لأ يا حبيبي ترجع .. و تبادلا السلام ، ثم أغلقا معا .. تنهدت "سمر" تنهيدة مطولة مثقلة بالحزن و العجز اللذين تشعر بهما منذ وقت طويل ، و أخذت تفكر في سبيل جديد تسعي إليه لسداد إحتياجات كلا من "ملك" و "فادي" حيث أنهما أغلي ما تملك في الحياة ، و من أجلهما هي علي أتم الإستعداد بأن تلقي بنفسها في نار السعير ، لم تعد تفكر في حالها كما في السابق قبل أن يتوفا والديها لقد زهدت حياتها و أوهبتها كلها لرعاية شقيقيها ، لم تعد تفكر في الإرتباط أو الزواج ، ببساطة لأن إمكانياتها محدودة إن لم تكن معدومة ! لتوفر المال لأخيها و أختها .. هما بحاجة إليه أكثر منها ، لتضحي لأجل سعادتهما ، حتما ستحصد نتائج مرضية بالنهاية و لن تندم .. هذا كان تفكيرها في البادئ و ما رتبت عليه مخططاتها المستقبلية أيضا ، "ملك" و "فادي" أولا ، ثم نفسها ، و لكن حتي نفسها تأخذ منها بحدود معينة و لا تجور يوما علي حقوق أخويها .. صدح فجأة صراخ "ملك" مدويا بالأجواء ، فقامت "سمر" و هرعت إليها بسرعة كانت الطفلة تبكي بصراخ متألم و هي تتلوي في سريرها الصغير ، بينما إنحنت "سمر" فوقها لتري ما بها مسحت علي شعرها القصير الأملس في لطف ، و تمتمت بعذوبة : -إيه يا لوكا .. مالك يا حبيبتي ؟ بتعيطي جامد كده ليه ؟ .. إنتي جعانة ؟ ها ! أحضرلك أكلك ؟ أزادت "ملك" من وتيرة بكائها ، لتعبس "سمر" بضيق و هي تمسح لها دموعها ، ثم تحملها بين ذراعيها راحت تهدئها و تؤرجحها و هي تقبل وجنتها الحمراء المكتنرة بخفة .. فإنتبهت بذعر لدرجة حرارتها المرتفعة عندما لامست بشرتها الملتهبة بشفتيها .. أمسكتها بإحكام و هي تضعها بين صدرها و ذراعها الملتف حولها ، ثم رفعت ذراعها الأخر و تحسست وجهها الصغير بكفها .. -يا خبر ! .. همست "سمر" في هلع ، و تابعت : -حرارتك عليت كده إزاي و ليه ؟ فيكي إيه بس يا ملك ؟ كل شوية بتتعبي ! و عادت بها إلي الصالة حيث تركت هاتفهها هناك ، أجرت الإتصال بـ"فادي" مرة ، إثنان ، ثلاث .. لكنه لم يرد .. فلم تجد أمامها حلا أخر ، إرتدت ملابسها بسرعة ، و أخذت شقيقتها و نزلت من البيت متجهة إلي المشفي .. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• -يعني إيه عنده حصانة و محدش يقدر يقرب منه ؟ .. قالها "عثمان" بعصبية و هو يجادل الشرطي الواقف أمامه ليرد الأخير بهدوء : -عثمان بيه إنت سيد العارفين .. رشاد الحداد عضو مجلس شعب و عليه حماية مش من السهل يتوجهله إتهامات. عثمان و هو يصيح بغضب شديد : -يعني إيه ؟ بقولك هو السبب في الحادثة ، هو إللي بعت كلابه يفكولي فرامل عربيتي و لو كنت ركبتها قبل صالح كان زماني مكانه دلوقتي ! -حضرتك عندك دليل علي كلامك ده ؟ عثمان بإنفعال : -واحد عضو مجلس شعب زي ما بتقول بيني و بينه عداوة عشان فضحته هو و بنته و طلقتها ليلة الدخلة ، في أدلة أكتر من كده ؟ في أسباب أقوي من دي تخليه عايز يقتلني ؟؟؟ آتي "يحيى" الذي كان يتحدث في هاتفهه بعيدا ، تدخل مهدئا إبنه و هو يقول : -خلاص يا عثمان ، إهدا هنشوف حل .. ثم توجه إلي الشرطي بصوته الخشن : -طب إحنا دلوقتي مابنتهمش حد غيره يا حضرة الظابط ، إيه العمل بقي ؟ هتقفلوا القضية عشان عنده حصانة و عليه حماية ؟؟؟ هز الشرطي كتفيه قائلا في حيرة : -في الحالة دي الموضوع أكبر مني أنا .. الباشا رئيس النيابة ممكن يتدخل و يطلع أمر رسمي بإحضاره للإستجواب ، لكن أنا أو بقية زمايلي محدش فينا يقدر يهوب ناحيته. يحيى بإقتضاب : -طيب .. يا حضرة الظابط ، أقفل المحضر بتاعك بقي علي كده و أنا بنفسي هطلع بكره علي النيابة. و بعد ذهاب الشرطي ، وقف "يحيى" أمام "عثمان" الثائر الملامح و قال له : -عمك عرف ! عثمان هو يسأله بإهتمام : -و قالك إيه ؟؟ -حجز علي أول طيارة طبعا و زمانه جاي هو و هالة .. كان بيكلمني و هو حالته صعبة أوي و قالي ننقل صالح لمستشفي خصوصي. عثمان بتأفف : - مش لما يفوق الأول ! هننقله دلوقتي إزاي ؟ هو أي كلام و خلاص ! -يابني مش أي كلام و لا حاجة ، هو أب و خايف علي إبنه. رمقه "عثمان" بنظرة عابثة ، ثم تجاوزه و مضي بطريقه .. -رايح فين ؟ .. صاح "يحيى"متسائلا ، ليجيبه بجمود دون أن يلتفت : -رايح أشم شوية هوا لو حصل حاجة إبقي كلمني. °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°° أخذ "عثمان" المصعد و هبط إلي الطابق الأول ، مر علي قسم الطوارئ ، و كاد يخرج لكن صوت شخص ما إستوقفه .. -يعني إيه ماعندكوش مكان ليها ؟ أنا داخلة مستشفي حكومية مش خاصة ! بقولك أختي حرارتها عالية لو فضلت كده هتموت. -الصوت ده أنا عارفه ! .. قالها "عثمان" لنفسه ، ثم إلتفت ليتأكد مش شكوكه .. حملق فيها بدهشة و في هذه الطفلة الباكية التي إحتضنتها بقوة ، و راقب كيف هددت عاملة الإستقبال بنفس الحدة التي إستعملتها معه من قبل : -إنتي لو مادخلتنيش أنا و هي دلوقتي حالا أنا هوديكي في ستين داهية و مش إنتي لوحدك ، إنتي و كل المسؤولين عن الهبابة دي. -أنسة سمر ؟! يتبـــع .. | ||||||||
30-09-18, 05:22 PM | #7 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 5 ) _ الوجه الأخر للثعبان ! _ إلتفتت "سمر" وراءها بوجه عاصف لتري الشخص الذي نادي بإسمها لتتسمر بمكانها فجأة و تتبدل ملامحها الثائرة إلي أخري ذاهلة .. -أسـ أستاذ عـ عثمان ! .. قالتها بشيء من الإضطراب و قد أربكها ظهوره المفاجئ أمامها ، ثم أردفت بإستغراب : -حضرتك إيه إللي جابك هنا ؟ عثمان و هو يجيبها بإسلوبه اللبق الذي نادرا ما يستخدمه في تعاملاته مع الآخرين : -إبن عمي عامل حادثة و كل العيلة هنا .. إنتي بقي إيه إللي جابك هنا ؟؟! إنتبهت "سمر" إثر سؤاله للسبب الرئيسي الذي جاءت من أجله إلي هنا ، فشددت ذراعيها الملتفين حول شقيقتها و أجابته : -أختي حرارتها عليت فجأة ماعرفش ليه ! فخدتها و جريت بيها علي هنا .. ثم أطرقت رأسها في تخاذل ، و أكملت : -بس بيقولولي مالهاش مكان ! عثمان عاقدا حاجبيه في إستنكار : -مين إللي قالولك ؟؟؟ -الأنسة دي .. و أشارت له برأسها نحو موظفة الإستقبال ليتجاوزها "عثمان" و يتوجه إلي الموظفة بصوته الغليظ : -لو سمحتي يا أنسة ، معانا طفلة هنا حرارتها عالية ، محتاجين دكتور ، يا ريت تطلبيلنا حد دلوقتي حالا. الموظفة بهدوء مستفز : -أسفة يافندم ، الأماكن هنا كلها مشغولة و الدكاترة كمان مشغولين. عثمان و هو يتبجح برعونة مستهجنة : -يعني إيه حضرتك ؟ بقولك البنت حرارتها عالية و إنتي ملزومة تدخلينا و تستدعيلنا دكتور يشوفها كمان. الموظفة ببرود : -و الله أنا ليا في إللي في شايفاه قدامي ، مافيش أماكن فاضية و مافيش دكاترة متوفرين حاليا ، أديك حضرتك شايف قسم الطوارئ و المستشفي كلها زاحمة إزاي ! إرتعشت شفتيه المزمومتين من الغضب ، ليستدير في اللحظة التالية نحو "سمر" قائلا بإقتضاب آمر : -إتفضلي معايا يا أنسة سمر ، هنروح مستشفي تانية .. ثم عاد ينظر إلي الموظفة ثانيةً ، و قال بحدة شديدة : -إحنا ماشيين يا أنسة ، بس أوعدك الموقف ده مش هيعدي علي خير أبدا ، و بالذات عليكي إنتي. و غادر "عثمان" المشفي كلها بخطواته المتغطرسة مصطحبا في إثره "سمر" و أختها الصغيرة .. بينما أتت موظفة الإستقبال الثانية ، و سألت زميلتها : -في إيه يا بنتي ؟ كنتي بتتخانقي مع مين ؟؟ الموظفة الأولي بعدم إهتمام : -ماكنتش بتخانق و لا حاجة .. أهو ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم سايبين العيادات و مستخسرين ڤزيتة الدكتور و جايينلنا إحنا هنا يقرفونا عشان مستشفي زفت حكومية. الموظقة الثانية و هي تشهق بصدمة : -ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم إيه يا مجنونة ؟ إللي إنتي وقفتي تقاوحي فيه ده عثمان البحيري إبن يحيى بيه البحيري الشاب إللي عمل الحادثة و جالنا إمبارح يبقي واحد من عيلتهم. الموظفة الأولي بإستخفاف : -مين الناس دول يعني ؟ صحاب المستشفي مثلا ؟! الموظفة الثانية بإستنكار : -ماتعرفيش عيلة البحيري ؟ و بتتريقي كمان ؟ دول يشتروكي و يشتروا المستشفي باللي فيها ، محدش في إسكندرية مايعرفهمش و إللي برا إسكندرية كمان ، ناس كبار و إيديهم طايلة و أقدم عيلة هنا. هزت الأخيرة كتفاها بلا إكتراث قائلة : -كبار و إيديهم طايلة علي نفسهم .. و علي كل حال الدنيا مش سايبة. -إدعي ربنا بس مايحطكيش في دماغه و ينسي إللي حصل ، عثمان البحيري ده مش سهل أبدا ، أكتر واحد شراني في عيلته و محدش بيهمه لسا مطلق مراته بنت رشاد الحداد نايب الأنفوشي يوم فرحهم و ماهمتوش الفضايح. -شراني علي نفسه بردو ، و يلا بقي علي شغلك و سيبيني أشوف شغلي أنا كمان .. قالت الفتاة في لامبالاة ، إلا أنها لم تنكر القلق الذي أخذ يتسرب بأعماقها .. -ربنا يستر .. تمتمت لنفسها ، ثم عادت إلي العمل مجددا .. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في مطار القاهرة ... تصل الرحلة القادمة من مطار "باريس" و تهبط الطائرة تدريجيا علي الأراضي المصرية الموّقرة .. تنفتح البوابة ، لينزل منها "رفعت البحيري" و معه إبنته "هالة" التي لم تكف عن البكاء منذ علمت بخبر الحادث الذي وقع لأخيها يقطعا تذكرتان إلي الأسكندرية ، و فورا يكونا علي متن رحلة أخري ، ليصلا في زمن قياسي جدا .. بعد نصف ساعة فقط ، كانا خارج ساحة مطار الأسكندرية ، ركبا سيارة فخمة شيعت مخصوصا بسائقها لأجل إستقبالهما بأمر من "يحيى البحيري" وصل بهما السائق أمام بوابة المشفي في غضون خمسة عشر دقيقة ، صعدا إلي الطابق الثالث حيث "صالح" هناك بغرفة العمليات .. كان "يحيى" واقفا بمنتصف الردهة جامد الوجه ، متوتر الجسد عندما هرول نحوه "رفعت" هاتفا بلهجة مختلجة : -إبني ماله يا يحيى ؟ صالح جراله إيه ؟؟؟ إعتدل "يحيى" في وقفته و إستعد لمواجهة شقيقه .. -إبني فين يا يحيى .. تساءل "رفعت" بحدة ، ليرد الأخير بهدوء حذر : -إهدا يا رفعت .. ماتقلقش صالح بخير. رفعت بإنفعال : -بخير ! بخير إزاي و هو بقاله 12 ساعة في العمليات ؟ إنت شايفني عبيط قدامك ؟!! يحيى و هو يجيبه بسرعة : - لأ لأ خلاص هيخرج دلوقتي الدكتور لسا مطمنـ آا .. -إسمع يا يحيى .. صاح "رفعت" مقاطعا ، ثم تابع بعنف شديد : -إبني لو حصله حاجة مش هسامحك ، إبني لو ماخرجش من هنا علي رجليه لا إنت أخويا و لا أعرفك. عبس "يحيى" في حزن ، و قال : -ماتخافش يا رفعت .. إبنك هيخرج من هنا إن شاء الله ! و هنا ، فـُتح باب غرفة العمليات ، ليخرج الطبيب أولا ، ثم "صالح" خلفه ملقي فوق التورللي ، ملفوفا بالشاش و الجبس في معظم أجزاء جسده .. ركضت نساء العائلة صوبه في الحال ، بينما توجه كلا من "رفعت" و "يحيى" نحو الطبيب .. -طمني يا دكتور أرجوك .. قالها "رفعت" برجاء ، و أردف : -إبني عامل إيه ؟ بقي كويس صح ؟؟؟ الطبيب بأرق و هو يخلع الكمامة المعقمة عن وجهه : -إطمن يافندم .. إبن حضرتك بخير ، أنا خرجت من شوية و طمنت يحيى بيه .. هو بلغ حضرتك باللي قولتهوله ؟! نظر "رفعت" بريبة إلي شقيقه الذي تلعثم قليلا هو يقول بإرتباك : -آا ي دكتور أنا بـ برجح إن حضرتك تشرحله بنفسك أحسن ! تنفس الطبيب بعمق ، ثم قال بلهجته العذبة المنمقة : -طيب .. شوف يافندم ، هي معجزة إننا قدرنا ننقذه ، إبن حضرتك إنكتبله عمر جديد بفضل الله ، طبعا مافيش شك إن الحادثة كانت قاسية جدا .. عشان كده للأسف حصلتله شوية مضاعفات ! تجمدت ملامح "رفعت" و جف حلقه فجأة ، فإزدرد ريقه بصعوبة ، ثم سأله بصعوبة بصوت مبحوح : -مضاعفات ؟ .. مش فاهم يا دكتور !! عض الطبيب علي شفته ، و إستغرق منه الأمر لحظات قبل أن يجد طريقة ملائمة ليخبره بما حل بإبنه .. الطبيب بتمهل و لطف : -شوف حضرتك .. بصراحة إبنك إتعرض لشرخ بسيط في عموده الفقري ، الشرخ ده هسيببله إعاقة لفترة معينة ! بـُهت "رفعت" و قد ألجمت الصدمة لسانه .. لكنه نطق بثقل : -يعني إيه يا دكتور ؟ .. تقصد إنه .. إتشل ؟؟؟ -مش بالظبط كده .. قال الطبيب بحيرة ، ثم تنهد و أكمل : -هو فعلا مش هيعرف يمشي في الأول بس في علاج طبيعي هنتابعه لما يقوم . -و العلاج ده هيجيب نتيجة ؟؟ -أه طبعا هيجيب .. بس ! يحيى بوهن : -بس إيه ؟ أجاب الطبيب و هو يتهرب من النظر في عينيه : -جايز الفترة تطول .. كله بأمر ربنا ! .. ثم إستأذن بسرعة ليذهب : -عن إذنكوا هروح أشوف المريض. ظل "رفعت" واقفا بمكانه كما هو ، تماما كالصنم ، حتي توجه "يحيى" إليه بالقول : -رفعت .. إطمن ، و الله هيبقي كويس. أدار "رفعت" رأسه و أخذ يرمقه بنظرات حاقدة ، ليجفل "يحيى" بتوتر و يزم شفتيه في ضيق ، لكنه عاد يقول و هو يحتضنه بأخوّة : -إن شاء الله هيبقي كويس. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في إحدي العيادات الخاصة ، و المتخصصة لعلاج الأطفال .. فرغ الطبيب المسن من الكشف علي "ملك" ثم نزع سماعته الطبية و هو يداعب ذقنها بلطف قائلا : -سلامتك يا جميلة ، إنتي زي الفل ، إضحكي بقي و ماتكشريش تاني خالص. إستجابت الصغيرة لمداعبته التحببية ، و راحت تكرر بصوتها الطفولي الرنان ، لتبتسم "سمر" و هي تعدل لها ملابسها ، بينما يقف "عثمان" وسطهم يراقب ما يحدث بإبتسامته الفاترة الدائمة .. جلس الطبيب الوقور خلف مكتبه ، لتحمل"سمر" أختها ، و تعود ثانيةً لتجلس أمامه ، و تسمعه و هو يقول بجدية : -شوفي حضرتك .. مبدئيا الأعراض إللي عند أختك عادية جدا بالنسبة للأطفال إللي في سنها ، التقلصات المعوية حاجة شائعة جدا في الفترة دي بالنسبة لها ، لكن السخونة و الكحة إللي بتشتكي منهم دول حاجات محتاجين نعمل عليهم تحاليل ، و علي حسب بقي لو قالت التحاليل هتخف بالعلاج يبقي خير و بركة ، إنما لو حاجة تانية لا قدر الله هنشوف ساعتها ممكن نعالجها إزاي ! سمر بصدمة : -قصدك إيه يا دكتور ؟ هي ممكن يكون عندها إيه ؟! -أنا مش عايزك تتخضي .. بصي هي بوادر إلتهاب رئوي بس هنحاول نعالجها قبل ما الموضوع يتطور أكتر .. ثم شرع في كتابة روشتة و هو يتابع : -أنا هكتبلها علي أدوية مهمة و هكتبلك إنتي مواعيد كل دوا ، و هاخد منها عينة دم دلوقتي و إن شاء الله أشوفها الأسبوع الجاي زي إنهاردة. إنتهت جلسة الكشف بعد أن أخذ الطبيب عينة من دم "ملك" لتخرج "سمر" من البناية الراقية برفقة "عثمان" و هي تحمل شقيقتها غير قادرة علي محو علامات الوجوم المرتسمة علي وجهها .. أعادها صوت "عثمان" إلي أرض الواقع حين سألها بلطف : -أنسة سمر ! .. إنتي كويسة ؟! إنتبهت إليه قائلة : -هه ! أه .. شـ أوي يا عثمان بيه ، بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي علي كل إللي عملته معايا أنا بقيت مديونالك بكتير أوي. عثمان بعتاب مصطنع : -عيب كده يا أنسة سمر ، أنا ماعملتش أي حاجة ، و بعدين دي حاجات بسيطة جدا. سمر بإبتسامة رقيقة : -حاجات بسيطة إيه بس ؟ دي الڤزيتا لوحدها بتاعة الدكتور ده أكتر من المبلغ إللي أخدته من حضرتك قبل كده ، أنا بإذن الله هردلك كل ده قريب بس عمري ما هقدر أردلك لطفك و كرمك معايا. عثمان و هو يعبس بضيق : -بجد هزعل منك يا أنسة سمر ، أختك زي أختي بالظبط أنا قمت بواجب طبيعي .. ثم قال بخبث : -و لو إن الدكتور فوق إفتكرها بنتي .. أنا ماحبتش أصلحله الغلط لإني بجد حبيت ملوكة أوووي و من هنا و رايح خلاص هعتبرها فعلا زي بنتي. و مد يده و ربت علي خد الصغيرة بلطف ، لتحمـّر "سمر" خجلا و هي تقول : -حضرتك كل شوية بتكسفني بكرم أخلاقك أكتر .. مش عارفة أقولك إيه !! عثمان بإبتسامته الجذابة : -ماتقوليش حاجة .. أنا إتبسطت لما شوفت ملك إنهاردة ، و إن شاء الله في معاد الإستشارة الجاية هاجي معاكوا تاني. سمر ضاحكة بخفة : -لأ إستشارة جاية إيه ! مافيش الكلام ده ، كفاية أوي كده علي حضرتك ، أنا هبقي أخدها أوديها لدكتور تاني تكون الفزيتا بتاعته أقل شوية. -كلام إيه ده يا أنسة سمر ! ماينفعش تسيبي دكتور خلاص شخـَّص حالة أختك و تروحي لواحد غيره لسا هيشخص من أول و جديد ، ماينفعش. -بس آا .. -مافيش بس .. قاطعها بصرامة ، و أكمل : -الأسبوع الجاي زي إنهاردة هجيبكوا بنفسي لحد هنا و هحضر الإستشارة كمان. إبتسمت "سمر" و قالت بإستسلام : -خلاص .. إللي تشوفه حضرتك ! رد لها الإبتسامة و هو يقول : -أيوه كده .. و يا ريت ماتنسيش معاد شغلك من بكره ، و بعتذرلك تاني بالنيابة عن شيري ، إحنا كنا ملخومين في إبن عمي زي ماقلتلك و كل حاجة عندنا واقفة من إمبارح. -لا أبدا مافيش حاجة ربنا يقومه . -أمين .. طيب ، يلا بقي عشان أوصلكوا. سمر بحرج : -يا خبر .. كمان ! عثمان بإصرار : -أيوه .. إنتي ساكنة فين ؟؟؟ -عند محطة الرمل كده ! أومأ مرارا و هو يقول مبتسما : -تمام ، إتفضلي بقي .. و أشار لها لتتقدمه نحو سيارته المصفوفة أمامهم ففعلت ذلك علي إستحياء ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• -ما أنا مشغل معايا شوية أغبية ! .. قالها "رشاد الحداد" بصياح غاضب دوي عاليا بأرجاء حجرة مكتبه ، ليرد عليه أحد رجاله بحذر شديد : -طب و إحنا ذنبنا إيه بس يا رشاد باشا ؟ مافيش حاجة بتخفي عن الصحافة ، و بعدين كل المعلومات إللي إتنشرت دي خدوها من المستشفي. رشاد بإنفعال : -ما إنتوا لو رجالة عدلين ماكنتوش سمحتوا لشوية كلاب تعلي صوتها علينا .. ثم إلتفت إلي المدعو "عباس" الذي كلفه بمهمة إغتيال "عثمان" بدلا من "صالح" : -و إنت يا عباس بيه .. فين نتايج خطتك إللي ماتخرش المايه ؟ بجد خيبت أملي فيك ! عباس عاقدا حاجبيه في إنزعاج : -أنا ماليش ذنب يا باشا ، أنا عملت المطلوب و لو ماكتش إبن عمه هو إللي طلع بالعربية كنت هتسمع خبره زي أمرت. رشاد بتهكم : -طيب و ليه ماسمعتش خبر إبن عمه لحد دلوقتي يا مستر عباس ؟ ده كمان في ناس كلموني و قالوا إنه خرج من العمليات و بقي زي الفل. بـُهت "عباس" و ما عاد للكلام جدوي أمام تصريحات "رشاد" الأكيدة .. -إخفوا من قدامي .. هتف "رشاد" بحدة ، و تابع : -مش عايز أشوف واحد فيكوا لحد ما الموضوع ده ينتهي ، أنا أسف إني إعتمدت عليكوا. أطرقوا رؤوسهم جميعا و هم ينسحبون الواحد تلو الأخر من مكتبه ، بينما إستدار هو بعنف ، و ضرب الطاولة بقبضته المضمومة و هو يتمتم من بين أسنانه : -فلت من إيدي المرة دي يابن يحيى .. بس و الله ما هسيبك ! يتبـــع ... | ||||||||
30-09-18, 05:24 PM | #8 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 6 ) _ تهديد ! _ وصلت "سمر" إلي بيتها أخيرا بعد أن أطمئنت علي "ملك" و تعرفت علي أسباب علتها .. أمسكت "ملك" بيد ، و باليد الأخري أدارت المفتاح في القفل ، ثم دفعت الباب و دخلت و هي تتنفس بصورة غير منتظمة بسبب درجات السلم الكثيرة التي صعدتها .. أغلقت الباب بروية ، و أستدارت لتنظر في عمق الصالة بالطبع .. كان "فادي" هناك ، واقفا في محاذاة الحائط قبالتها ، في الظل وراء باب النافذة المفتوحة .. كان ينظر إليها صامتا ، وجهه جامد قاسٍ و جسده متوتر لم يصعب عليها كثيرا فهم أنه شاهدها من خلال النافذة و هي تترجل من سيارة "عثمان" هذا بدا واضحا جدا من نظرات العنف و الإتهام المنطلقة كالأسهم من عينيه .. إنقبضت في إنتظار السيل الجارف من اللوم و الإهانات لكنه لم يأت بحرف ، بقي متفرسا في وجهها ، توقعت أنه لا يقو علي الكلام من شدة الغضب ، فباشرت هي بتبرير ما قامت به .. سمر و هي تقول بإبتسامة مرتبكة : -فادي ! .. إنت رجعت يا حبيبي ؟ أنا إتصلت بيك كذا مرة قبل ما أنزل عشان أقولك إن ملك سخنت فجأة بس إنت ماكنتش بترد ، فإضطريت أخدها أنا علي المستشفي .. و ألقت نظرة نحو الطاولة في الوسط حيث نسيت هاتفهها ، و تابعت : -بس نسيت الموبايل هنا .. أسفة ، أكيد إنت إتصلت بيا كتير ! سمعت صدي حشرجة في حنجرته ، لكن بقيت ملامحه علي حالها ، إلي أن تحرك أخيرا و قال بهدوء شديد يختبئ ورائه غضب عظيم : -سمر .. يا ريت من فضلك تشرحيلي دلوقتي حالا مين الشخص إللي جابك لحد البيت بعربيته ده ؟ و إيه هي علاقتك بيه بالظبط ؟؟؟ أخذت تتنفس بسرعة ، بينما إتسعت عيناه و كانتا باردتان و قاسيتان جدا .. -علاقة إيه و زفت أيه ؟ .. صاحت بصوت عالٍ ، و أردفت بغضب : -هو أنا لاقية آكل و لا آكلوكوا لما هروح أعمل علاقات ؟ إنت إتجننت ؟؟! فادي بعصبية و هو يقترب منها : -أومال تفسري إللي لسا شايفه بعنيا ده بإيه ؟ تفسري بإيه ركوبك عربية زي دي مع واحد زي ده ؟ و بعدين مين ده أصلا ؟ عرفتيه منين ؟؟؟ -ده يبقي صاحب الشغل يا مجنون .. أجابت بصراخ ثائر : -ده يبقي عثمان بيه إللي حكيت لسيادتك عنه ، ده يبقي الإنسان الوحيد إللي وقف جمبنا و ساعدنا بعد ما كل الناس جم علينا و ظلمونا ، و شوف كمان .. و رفعت كيس الآدوية التي أوصي بها الطبيب لشقيقتها ، و أكملت : -أصر إنه يشتري الدوا لملك رغم إنه دفع حق الكشف عند أكبر دكتور أطفال هنا في إسكندرية ! فادي متسائلا بحدة : -و هو إيه إللي يخليه يعمل معانا كل كده أساسا ؟ عاشقنا في الضلمة !! .. نطق جملته الأخيرة بتهكم لاذع ، ثم قطب بإستغراب مكملا : -و بعدين تعالي هنا ؟ إنتوا إتقابلتوا إزاي ؟ لما هو ماكلمكيش عشان تروحي تستلمي الوظيفة إللي قالك عليها ! شوفتيه إزاي ؟؟!! تنهدت "سمر" بضيق ، لكنها حكت له كل ما حدث ، بدءاً من عراكه مع موظفة الإستقبال بالمشفي ، و حتي عودتها إلي هنا بعد أن قام بتوصيلها .. -أنا بردو مش مقتنع ! .. قالها "فادي" بعدم إقتناع ، و أردف بشك : -بيعمل معاكي إنتي بالذات كده ليه ؟ .. إشمعنا إنتي يعني ما المحتاجين كتير !! سمر بسخرية : -و إنت إيش عرفك إنه مش بيعمل كده مع ناس كتير ؟ عمرك ما شفت حد بيعمل خير مع ناس كتير ؟!! لم يرد و ظل ينظر إليها في عدم إقتناع .. فأدارت عيناها بضيق و هي تطلق زفرة حانقة ، ثم إختفت من أمامه بسرعة متجهة إلي غرفتها ، و أخذت "ملك" معها ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في مستشفي الأسكندرية العام .. يعود "عثمان" إلي هناك و يصعد للطابق الثالث ، ليخبره المسؤول عن الدور بأنه تم نقل "صالح" إلي غرفة عادية لإستكمال العناية به .. ذهب "عثمان" إلي غرفة رقم (407) حيث أرشده المسؤول ، ليجد أنها ليست غرفة بالمعني الحرفي ، و إنما هي مجرد عنبر كبير إكتظ بالمرضي بمختلف أنواعهم رجال ، نساء ، و أطفال .. وقف مشدوها للحظات يحدق في كمية الإهمال و المناظر المريعة الممتدة أمام ناظريه ، لكنه ما لبث أن راح يبحث بعيناه عن أفراد عائلته وسط هذا الكم الهائل من الناس وجدهم بصعوبة .. هناك ، جمعيهم يقفون بركن قاصي من العنبر ملتفين حول سرير معين .. لابد أنه السرير الذي يرقد عليه "صالح" .. -مساء الخير يا جماعة ! .. قالها "عثمان" و هو يقترب بخطوات واسعة ثم يقف بجوار والده الذي ما أن رآه حتي صاح به : -إنت كنت فين يا بني آدم من الصبح ؟ و بكلمك قافل تليفونك ليه ؟ إزاي تسيبنا في موقف زي ده ؟؟؟ عثمان بفتوره المعتاد : -كان ورايا مشوار مهم خلصته و رجعت علطول أهو .. ثم توجه بالنظر نحو عمه و "هالة" و قال : -حمدلله علي السلامة يا عمي ، حمدلله علي السلامة يا هالة. تجاهله "رفعت" متعمدا و أدار وجهه للجهة الأخري ، لكن "هالة" لم تفعل .. هالة بصوتها الرقيق و المغلف بالحزن : -الله يسلمك يا عثمان .. إزيك ؟ -تمام الحمدلله .. قالها بإبتسامة قصيرة ، ثم عاد إلي والده و قال و هو يصوب نظره نحو "صالح" الموارى تحت طبقات من الجبس و الشاش : -إنتوا إزاي لسا مستنين هنا ؟ إزاي ما طلبتوش نقله لمستشفي خاصة ؟؟! "يحيى" بنظرة عابثة : -و إحنا كنا مستنين رأيك مثلا ؟ عملنا كده يا حبيبي ، حجزناله أوضة في أحسن مستشفي و خلاص عربية الإسعاف علي وصول. أومأ "عثمان" متجاوزا رنة الإستهزاء في نبرة والده ، ثم إستأذن منهم لدقيقة و خرج أمام العنبر ليجري مكالمة خاصة .. ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في منزل "رشاد الحداد" .. داخل حجرة الطعام يترأس المائدة كعادته بوقاره و هيبته الطاغية ، إبنتيه تجلسان معه ، الكبيرة علي يمينه ، و الصغيرة علي شماله .. يتم الغداء في جو صامت متوتر ، لا يُسمع خلاله سوي أصوات الملعاق و بقية آدوات الطعام و هي تحتك بالصحون و الأطباق .. يرن هاتفهه فجأة ، فيخرجه من جيب سترته و ينظر إلي إسم المتصل ... "عثمان البحيري" !!! تصلبت عيناه عند رؤيته للإسم ، و لاحظت إبنتيه جمود تعابير وجهه لكنه أعطي أمر بالتحفز لجميع حواسه ، و أجاب بنبرة تحدٍ : -أهلا بالغالي ! صمت قصير علي الطرف الأخر ، ثم جاء صوت "عثمان" الناعم كجلد الأفعي : -إزيك يا رشاد بيه .. إنشالله تكون كويس ! -كويس جدااا يا عثمان. إنتفضت "چيچي" إثر سماع إسمه ، و مضغت الطعام بصورة خاطئة مما تسبب لها في نوبة سعال حادة .. جاءتها أختها بكأس من الماء ، بينما تابع "رشاد" مكالمته : -فيك الخير و الله يا عثمان .. بتتصل عشان تسأل ؟ بجد العيش و الملح مابيهونوش. عثمان بضحكة مجلجلة سمعتها "چيچي" جيدا منبعثة من سماعة الهاتف : -هو أنا أه ممكن أتصل أسأل عليك بس المرة دي أنا إتصلت عشان حاجة تانية. -خير يا عثمان ؟؟ .. تساءل "رشاد" ببرود ، ليرد "عثمان" و قد تحولت نبرته تماما من اللين إلي الغضب الشديد : -إسمعني كويس يا رشاد يا حداد .. إبن عمي في المستشفي دلوقتي بسببك ، أنا عارف إنك كنت قاصدني أنا ، بس خليني أقولك لو صالح ماقمش زي ما كان ، أنا همحيك إنت و بناتك من علي وش الأرض ده طبعا بعد ما أنشر الفضيحة التانية إللي لسا شايلهالك عندي. رشاد بخشونة : -فضيحة إيه ؟؟؟ -الفيلم الساخن بتاع بنتك المصونة .. قالها "عثمان" بصوته الخبيث ، و إستطاع "رشاد" أن يري الإبتسامة الشيطانية التي إرتسمت علي شفتيه الآن دون أن يراه .. تابع "عثمان" بإسلوبه المنحرف الماكر : -أنا لسا محتفظ بيه .. بصراحة لو تشوفوا هتفتخر ببنتك أوي ، ما شاء الله يعني مخلف ------- محترفة ، عارف لو كنت إتجوزتها أكيد كنت هتبسط معاها أوووي ، چيچي في نظري كانت أنسب بنت ، جميلة و بنت .. بنت عيلة ، بس نقول إيه بقي هي إللي إستعجلت و مشيت شمال ، و علي رأي المثل .. يا خسارة الجمال لما يمشي شمال .. ثم تنهد بخفة و قال : -يلا بقي أنا مضطر أقفل دلوقتي ، بس يا ريت متنساش كلامي هه ! إفتكر كويس إني حذرتك يا رشاد بيه ، قبل ما تفكر تعمل أي حاجة تمسني أو تمس حد يخصني إفتكر الفضيحة بتاعة المرة الجاية و قدر حجمها كده هيكون أد إيه ... سلام يا باشا ، و إبقي سلملي علي چيچي ، قولها عثمان باعتلك سلام خصوصي أووووي. و أغلق "عثمان" الخط و هو يضحك بشدة ، بينما جرش "رشاد" بأسنانه و إزدادت حمرة وجهه الغليظ .. دوي فجأة صوت إنفجار علبة الصودا المغلقة التي كانت بين أصابعه ، فإنتشر السائل في كل مكان و بلل كلا من "چيچي" و أختها .. لم تجرؤ واحدة منهما علي سؤال "رشاد" ماذا قال له "عثمان" ؟! فآثرتا الصمت ، بينما غمغم "رشاد" و هو يشتعل غضبا و غيظا : -بتعجزني يابن الـ--- .. ماشي ، ماشي يا عثمان ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في منزل "سمر" ... كانت بغرفتها تغير لـ"ملك" ملابسها ، عندما ولج "فادي" في هدوء ممسكا في كلتا يداه كوبان من الشاي الأحمر .. إقترب ببطء من السرير ، ثم مد يده إلي "سمر" قائلا : -إتفضلي يا ستي ، عملتلك معايا كوباية شاي إنما إيه هتروقك عالأخر. تطلعت "سمر" إليه في شك ، و لكنه بدا طبيعيا للغاية ، و كأن لم يحدث شجارا بينهما اليوم .. أخذت منه كوب الشاي و لم تستطع إخفاء تعجبها ، فضحك بخفة و هو يسألها : -إيه يا بنتي مالك ؟ مذبهلة كده ليه ؟! سمر و هي تضع "ملك" في حجرها : -أصل إللي يشوفك دلوقتي مايشوفكش لما كنت بتزعق و عصبي من شوية ! فادي بإبتسامة : -و أنا يعني إتعصبت و زعقت ليه ؟ أكيد إنتي عارفة إني خايف عليكي .. صح ؟ سمر و هي ترد له الإبتسامة : -طبعا عارفة يا حبيبي .. بس لازم يكون عندك ثقة شوية في أختك الكبيرة ، أنا دلوقتي يا فادي بقيت مكان ماما و بابا بالظبط ، إنت و ملك مسؤولين مني و واخدين كل وقتي ، يعني إطمن .. مافيش حاجة ممكن تشغلني عنكوا لا راجل و لا غيره ، أنا ماعدتش بفكر في مواضيع الإرتباط دي أساسا. -طب أولا إنتي غلطانة .. لأن إنتي و ملك إللي مسؤولين مني أنا ، أنا هنا راجل البيت .. قالها بإسلوب مسرحي أضحكه و أضحكها معه ، و أكمل : -ثانيا أنا واثق فيكي جدا جدا كمان ، لكن مش واثق في إللي حواليكي يا سمر ، ثالثا بقي و ده الأهم ليه يا حبيبتي مش بتفكري في الإرتباط ؟ لا تكوني عايزة تقعدي في أرابيزي ! لأ يا ماما ده أنا هزقك بدري بدري عشان أفوق لملوكة عمري أنا دي. و راح يداعب أخته الصغيرة و يدغدغها من بطنها و أسفل إبطها فيجعلها تضحك بهستريا محببة لديه .. -يا سيدي قول يا باسط .. قالتها "سمر" بإبتسامة باهتة ، ليرد "فادي" بحسه الفكاهي : -يا باسط ياستي ، عايزاني أقول حاجة تاني ؟ ده إنتي قمر يا بت و بكره العرسان هيبقوا طوابير مش هلاحق عليهم يروح واحد يجوا عشرة لحد ما ألاقيلك الزوج إللي هو ، إللي عليه العين و النية. ضحكت "سمر" من قلبها ، و قالت : -يخرب عقلك يا فادي .. ضحكتني ، عرسان إيه إللي هيبقوا بالطوابير دول ؟ هيجوا علي إيه يا حسرة !! -شوفي يا سمر يا حبيبتي ، إحنا مش أه معانا فلوس ، بس الحمدلله ربنا معوضنا بحاجات تانية. سمر و هي تسأله بدهشة : -ربنا معوضنا بإيه يا فادي ؟؟ أجابها و هو يأخذ منها "ملك" و يجلسها علي حضنه : -أقولك ياستي .. مثلا ملك ، معوضها بينا إحنا الإتنين لما بابا و ماما ماتوا أنا و إنتي بقينا مكانهم بالنسبة لها يعني مش هتحس باليتم ، و أنا .. أنا بدرس الحمدلله و باقيلي السنة دي و هتخرج و هبقي مهندس زي ما كنت طول عمري بحلم باللقب ده .. و إنتي يا سمر ، إنتي أغني مني أنا و ملك. سمر بفم مفتوح : -هه ! غنية ؟ .. إزاي ؟!! -ربنا مديكي وش جميل ، إنتي جميلة يا سمر ، و رأس مالك في جمالك .. أي راجل غني و معاه فلوس يتمناكي .. و رفع إصبعه السبابة مكملا بشرط : -بس تعززي نفسك .. إوعي تحسسي إللي قدامك بحاجتك للفلوس ، ماتخليش حد يعرف نقطة ضعفك ، ده إللي أنا طول الوقت بحاول أوصلهولك ، لازم تستقوي شوية و ماتبقيش سهلة أبدا ، الكل بيحوم حواليكي و أنا علي أد ما بقدر بوقفهم عند حدهم ، لكن خوفي بقي من الناس إللي بتتعاملي معاهم برا .. مش عارف هتتصرفي إزاي لوحدك ! سمر بعد صمت طويل حاولت خلاله إحتواء حديث "فادي" كله داخل عقلها : -إنت خيالك واسع أوي يا فادي .. أنا مش جميلة الجميلات علي فكرة ، و بعدين أنا مابشوفش حد بيحوم حواليا ! فادي مشددا علي كلامه بصرامة : -عشان أنا موقف الكل عند حده زي ما قلتلك .. محدش هنا يقدر يهوب ناحيتك و أنا موجود. رمقته بنظرات ساهمة و قد حلت علي ذاكرتها جميع المواقف ذات الدلالة علي كلامه مثلا تذكرت مجيئ عم "صابر" مالك الشقة إلي هنا منذ أيام ، تذكرت كيف إرتبك عندما وجد "فادي" بوجهه و كيف أنه حاول إخفاء إرتباكه بكلماته اللاذعة و تذكرت أيضا "كرم" شقيق الجارة "عطيات" التي تسكن فوقها ، كثيرا ما يدق بابها أثناء غياب "فادي" بحجة أشياء قام بإسقاطها رغما عنه من الشرفة بالأعلي فتدخل هي بحسن نية و تجلب إليه أشياؤه بإبتسامة رقيقة و "مصطفي" الشاب الذي يملك محل كوي الثياب الرجالي ، هو الأخر يأتي بطلب ملابس "فادي" و لكن في غيابه طبعا ، و غيره و غيره .. فهمت "سمر" معني كلام أخيها الآن عندما تجلت أمامها الأمور ، أحست و كأنها أخذت صفعة علي وجهها ، و لكن الصفعة مفيدة و جاءت بوقتها ، فقد أفاقت و أزداد وعيها بما يدور من حولها .. -إيييه ياينتي ! روحتي فين ؟ .. قال "فادي" بتساؤل عندما أطالت في شرودها بينما إنتبهت إليه "سمر" و قالت : -أنا معاك أهو ! تمطي "فادي" بكسل و هو يقول : -لا معايا إيه ، أنا هستأذنك بقي و هروح أنام مش قادر .. خدي الأميرة الصغيرة دي و نايميها هي كمان شكلها نعسانة. و ناولها "ملك" ثم قام و مشي في إتجاه الباب .. و لكن صوتها إستوقفه قبل أن يخرج : -فادي ! فادي و هو يلتفت ثانيةً : -في حاجة يا سمر ؟! -أه .. كنت عايزة أقولك إني هبدأ الشغل من بكره. -من بكره ؟ .. قال بدهشة ، و أردف بضيق : -و عثمان بيه هو إللي قالك كده ؟ -أيوه. زم شفتيه في إستسلام ، ثم قال : -طيب يا سمر .. بس ملك مين هياخد باله منها ؟؟! سمر و هي تطمئنه بثقة : -ماتقلقش أنا إتفقت مع الحاجة زينب مرات عم صابر هسيبهلها الكام ساعة بتوع الشغل و هي هتاخد بالها منها ، ماتخافش يا فادي .. الحاجة زينب بتحب ملك و بتحب الأطفال عموما عشان إتحرمت منهم. أومأ "فادي" بتفهم و قال : -ماشي .. بس أوعديني ، خلي بالك من نفسك. سمر بإبتسامة : -ماتقلقش يا حبيبي .. أنا هبقي كويسة إن شاء الله ! يتبـــع ... | ||||||||
30-09-18, 05:25 PM | #9 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 7 ) _ أول يوم عمل ! _ صباح يوم جديد ... تستيقظ "سمر" كالعادة علي صوت زقزقة العصافير و أيضا علي صوت بكاء "ملك" الذي ينذر بإستيقاظها .. تترك "سمر" فراشها بسرعة تسد أي ثغرة ينفذ منها شعور النعاس و العودة للنوم ، تذهب نحو سرير أختها ، تحملها و تؤرجحها بين ذراعيها قليلا ثم تعد لها وجبة سريعة _ اللبن المجفف خاصتها _ يستيقظ "فادي" في هذه الأثناء ، لتسلمه "سمر" الطفلة ، ثم تتجه هي نحو الحمام أدت روتينها اليومي و أغتسلت ، ثم عادت إلي غرفتها فتحت خزانتها تستعرض الثياب المعلقة بها ، كلها قديمة و رثة ، لكن لا يهم ، هي لم تهتم يوما بالمظاهر ، و بما أنها ذاهبة للعمل فهذا الهدف سيكون أهم من أي شيء تتطلع إليه يجب أن تكد و تعمل بجهد حتي تثبت لـ"عثمان" أنه لم يخطئ حين أختارها لهذه الوظيفة ، يجب أن تثبت إليه أنها تستطيع القيام بهذا العمل الذي ستمارسه لأول مرة و ليس هكذا فقط ، ينبغي أن تجعله ينبهر بقدراتها أيضا و بالنتائج التي ستحصدها ، لما لا ؟ .. فهي ذكية و تملك عقل نبيه و ستتعلم بسرعة .. إختارت "سمر" ثوب طويل باللون الأزرق إرتدت عليه حجاب أبيض اللون أبرز سمرة وجهها الناعمة الجذابة و عزز لون عيناها الممزوجتان بالأخضر و العسلي إنتعلت حذائها البالي في الأخير ، ثم أخذت حقيبتها الصغيرة و خرجت إلي الصالة ، حيث "فادي" هناك يمشي طولا و عرضا بـ"ملك" التي لا تكف عن الصراخ كعادتها .. توقف "فادي" عن الحركة لحظة ظهور "سمر" ثم قال و هو يشملها من بعيد بنظرة فاحصة : -إيه ! خلاص ماشية يا سمر ؟ سمر بإبتسامة هادئة : -أيوه يا فادي .. قبل ماتروح إنت بقي علي كليتك ماتنساش تلم حاجات ملك و تديهم كلهم للحاجة زينب و إن شاء الله مش هتأخر. -هتروحي نفس الشركة ؟! -لأ .. ما أنا قلتلك ، هو أسس شركة جديدة لنفسه قرر يشتغل لوحده يعني و لغي حفلة الإفتتاح عشان إللي حصل لإبن عمه ، فالشغل هيبدأ عادي من إنهاردة منغير أي حاجة. فادي و هو يهز رأسه بتفهم : -ماشي يا سمر .. ثم أوصاها مؤكدا : -سمر .. خلي بالك من نفسك ! تنهدت بشئ من الضيق و قالت : -حاضر .. حاضر يا فادي دي المرة المليون تقولي نفس الكلمة من إمبارح ، و الله هاخد باللي من نفسي ماتقلقش. حدجها بنظرات مترددة ، لكنها إستأذنته بسرعة قبل أن يفه بكلمة أخري : -يلا بقي أنا لازم أمشي دلوقتي عشان ماتأخرش مش معقول أتأخر من أول يوم كده .. يلا باي ! و هرولت إلي خارج المنزل تاركة إياه في حالة عدم رضا و عجز عن الرفض في آن ، فهم بحاجة إلي المال قبل كل شيء ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��••••••••••••• في قصر آل "بحيري" ... يصحو "عثمان" من نومه إثر رنين جرس التنبيه المنبعث من هاتفهه مد يده و أخذ الهاتف و أسكت ذلك الدوي المزعج ، ثم فرك عينه و هو يزفر بكسل .. قام من سريره الوثير علي مضض ، ثم دلف إلي حمامه الفخم أخذ دوشا ساخنا ليرخي عضلات جسده و يتخلص من رواسب اليوم الفائت .. فرغ من إستحمامه بعد ثلث ساعة تقريبا ، ثم خرج و هو يلف المنشفة حول وسطه توجه مبتل الخطي نحو غرفة الثياب الفاخرة الملحقة بغرفته إنتقي بذلة سوداء اللون عصرية و بدون ربطة عنق من العلامة التجارية (چي كرو ) و أرفق معها ساعة يد مصنوعة من البلاتين الخالص ، ثم إختار حذاء أسود لامع علي جوارب بنفس اللون إرتدي ملابسه كلها، ثم وقف أمام المرآة الضخمة ، قام بتمشيط خصيلات شعره الكستنائية الطويلة ، و مشط لحيته الكثيفة بعناية أيضا .. نثر عطره الثقيل الجذاب علي وجهه و حول عنقه ، و أخيرا إنتهي .. ألقي علي نفسه نظرة مغترة واثقة ، و عدل من هندامه للمرة الأخيرة ، ثم أخذ مفاتيحه و هاتفهه و غادر غرفته .. إصطدم بـ"هالة" أثناء هبوطه الدرج ، فوقف و قال بإبتسامة إعتذار : -هالة ! معلش خبطك ، ماخدتش بالي. هالة بإبتسامة متيمة : -و لا يهمك يا عثمان .. محصلش حاجة. عثمان و قد لاحظ طريقتها الناعمة التي يعرفها جيدا : -هو مافيش حد في البيت و لا إيه ؟؟ -لأ كلهم راحوا من شوية لصالح ، أصل إمبارح صافي أصرت تبات معاه في المستشفي و قالت مش هتروح إلا أما يجي حد يقعد معاه بدالها. -أه .. طب و إنتي ماروحتيش معاهم ليه ؟ -بابي قالي خليكي دلوقتي عشان أستريح من السفر يعني ، و بعدين هيبقي يبعتلي السواق يوديني علي بليل كده .. ثم قالت بإبتسامة خجل : -إنت رايح الشغل صح ؟ تحب أحضرلك الفطار طيب ؟؟ عثمان بعذوبة : - يا هالة ، إنتي عارفة أنا فطاري فنجان قهوة مافيش غيره و ده هاخده في الشركة. عبست بضيق قائلة : -فنجان قهوة بس ؟ إنت لسا بردو متمسك بالعادة دي ؟ و الله هتقع من طولك يا عثمان و أبقي قول هالة قالت. عثمان ضاحكا بخفة : -ماتقلقيش يا لولا يا حبيبتي ، إبن عمك جاامد أوي .. و غمز لها بعينه ، فأغرمت أكثر بتفاصيله الساحرة .. بينما إنحني "عثمان" قليلا و طبع قبلة سطحية بريئة علي شعرها من جهة أذنها ، و قال : -يلا بقي أنا ماشي ، عايزة حاجة ؟ هالة بأنفاس متلاحقة : -لا ! تجاوزها و يلوي ثغره بإبتسامة جانبية ، فيما هي لا زالت علي حالها ، ساكنة بمكانها ، مأخوذة ، مسرورة ، تتنفس بقية ذرات الهواء المعبقة بعطره ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في المستشفي الخصوصي التي نقل إليها "صالح" مساء أمس .. داخل هذا الجناح الواسع النظيف و المزود بأحدث الأجهزة الطبية ، يرقد "صالح" فوق ذلك السرير الأبيض بينما "صفية" غافية علي كرسي بجواره ، ملقية برأسها علي كتفه السليمة .. فتح "صالح" عيناه بتثاقل ، و أطلق تآوها متألما إنتفضت "صفية" علي إثره مستيقظة .. -صالح ! .. قالتها "صفية" بتلهف و هي تعتدل في جلستها بسرعة ، و تابعت : -إنت كويس يا حبيبي ؟ حاسس بإيه ؟ أندهلك الدكتور ؟؟؟ حرك "صالح" رأسه للجهتين و هو يعصر جفناه من الألم ، ثم قال بصعوبة : -تعبآاان .. مش قآاادر .. جسمي كله قايد نار .. آاااه. صفية بعينان دامعتان : -معلش يا صالح .. هتبقي كويس إن شاء الله ، هتقوم يا حبيبي .. ثم أرتمت علي صدره المضمد و هي تجهش بالبكاء و تقول من بين دموعها : -أنا أسفة .. سامحني أنا السبب ، أنا إللي طلبت منك تنزل يومها ، لو ماكنتش نزلت ماكنش كل ده حصل .. سامحني يا صالح .. سامحني ! -صآا في ! .. قالها بخفوت شديد لعدم مقدرته علي الكلام ، و أكمل بوهن : -صفـ ية . من فضلك .. خلاص . كفاية . إنتي كده بتتعبيني زيادة. إبتعدت عنه و هي تمسح دموعها بسرعة ، ثم قالت : -خلاص .. مش هتعبك ، أنا سكت أهو. إبتسم بجهد ، و كم أراد أن يرفع يده ليربت علي شعرها ، لكن جسده خانه ، رافض كل أمر منه بالحركة ، فقط الآلم هو المسيطر الآن حريق مستعر لا نهائي ، يمضي زاحفا بأصابع من لهب علي كافة أنحاء جسده و خاصة عظامه .. -هو إيه إللي حصل بالظبط ؟ .. سألها بصوت متحشرج -إنت مش فاكر أي حاجة ؟! صالح بإستذكار : -أنا كل إللي فاكره . إني كنت سايق بسرعة .. و فجأة نسيت عنوان المستشفي إللي خدته منك . قلت أتصل بيكي أخده منك تاني و قللت السرعة .. بس .. بس السرعة ماقلتش . زادت .. زادت أوي ، و كنت هخبط في عربية ، فدخلت في الطريق المعاكس .. و فجأة طلعت عربية تانية في وشي .. و مش فاكر أيه إللي حصل بعد كده ! أمسكت بيده و ضغطت برفق و هي تقول : -حبيبي إنت كويس إطمن .. إن شاء الله مش هطول هنا. -الدكتور قال إيه ؟ صفية و قد إنتابها التوتر : -الدكتور ! .. الدكتور قال إنك كويس ، بس لازم تتعالج هنا فترة الأول. عبس بغرابة ، بينما خشت أن يستفسر أكثر ، فقالت بشئ من الإرتباك : -بقولك إيه إنت مش جعان ؟ أخليهم يجبولك إيه ؟؟! صالح برفض : -لأ مش عايز. صفية بحزن : -ليه بس يا صالح ؟ إنت بقالك يومين فاقد الوعي و عايش علي المحاليل .. إيه ماجعتش ؟!! -لأ .. قالها بكدر و هو يشيح بوجهه عنها ، فعضت علي شفتها بإستياء لكنها عادت تقول بدلال و هي تمد يدها و تدير وجهه إليها ثانيةً : -عشان خاطري يا صلَّوحي .. Please .. وحياتي ! صالح و هو يبتسم رغما عنه : -إنتي عارفة إني بضعف قدام السهوكة بتاعتك دي .. ماهي مش بالساهل ، طول عمرك مطلعة عيني و منشفة ريقي. ضحكت بغنج ، ثم قالت بمزاح : -و إنت طول عمرك بارد و رخم و مابتنزليش من زور .. مش عارفة هتجوزك إزاي !!! -بقي كده ؟ مااشي ، خليكي بقي فاكرة كلامك ده و لما أخرجلك من هنا. -هتعملي إيه يعني ؟ .. إستوضحت بحدة مصطنعة ، ليرد متقهقرا : -مش هعمل حاجة يا حبيبتي .. هو أنا مجنون ، ده إنتي تسيبي عليا عنتر فيها. -أيوه كده إتعدل. في هذه اللحظة فـُتح باب الغرفة ، ليدخل "رفعت البحيري" و معه كلا من "يحيى" و "فريال" .. وجدوا أن "صالح" قد أفاق من غيبويته ، فهرع إليه والده و جثي علي ركبتيه بجوار سريره و أخذ يبكي و يعانقه و يقول : -يا حبيبي .. حمدلله علي سلامتك يا حبيبي ، الحمدلله .. إنت كويس يابني ؟؟؟ أجابه "صالح" بإبتسامة بسيطة تطمئنه : -أنا كويس يا بابا الحمدلله .. ماتقلقش. جال "رفعت" بنظره علي إبنه يتأكد بنفسه ، ثم إقترب منه أكثر و راح يقبل كتفيه و يتشممه متمتما بعاطفة أبوية : -ألف حمدلله علي سلامتك يا صالح .. ألف حمدلله علي سلامتك. -حمدلله علي السلامة يا صالح .. قالها "يحيى" بإبتسامة ، ليرد "صالح" إبتسامته قائلا : -الله يسلمك يا عمو. فريال بإبتسامة رقيقة هي الأخري : -حمدلله علي سلامتك يا صالح. -الله يسلمك يا طنط فريال. -شد حيلك بقي عشان تقوم و ترجع البيت معانا. إبتسم "صالح" و هو يهز رأسه قائلا : -إن شاء الله .. ثم تساءل بإهتمام : -أومال فين عثمان صحيح ؟؟ أجاب يحيى : -عثمان يا سيدي في شركته الجديدة .. راح يفتتحها ، بس قال إنه هيخلص و هيجي علي هنا علطول. صالح بتفهم : -ربنا يعينه ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• أمام مؤسسة ( البحيري للتسويق و التجارة ) .. تترجل "سمر" من سيارة الآجرة و أخيرا وصلت بعد معاناة في الطريق ، حيث الإزدحام سائد و العثور علي أي وسيلة مواصلات صعب .. توجهت إلي الداخل و هي تري المناظر البديعة ممتدة علي طول بصرها و تشم الروائح الطيبة منتشرة في كل المكان تلك إمارات الثراء .. قالت في نفسها ، ثم إتجهت نحو الإستقبال ، حيث هناك تجمهر بسيط و فتاة في مقتبل العمر تقف و تتكلم عبر ( المايك) المكبر للصوت : -من فضلكوا يا أساتذة . الكل يلزم مكانه ، دقايق بالظبط و مستر عثمان البحيري هيكون معانا ، هيقول كلمته و يسمعكم تعليماته و بعدين الكل هايروح علي شغله .. من فضلكوا نلتزم الصمت و ناخد أماكنا بهدوء ! يتبــــع ... | ||||||||
30-09-18, 05:26 PM | #10 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( 8 ) _ مدير صارم ! _ طالت مدة الإنتظار ، و مضت عدة دقائق طويلة و "سمر" تقف ككل الموظفين ، في إنتظار طلة المدير البهية .. و أخير آتي .. لمحته من علي بـُعد ، و هو يأخذ مكان موظفة الإستقبال و يتناول (المايك) ثم يضعه في مستوي فمه و يبدأ .. عثمان بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه ملامح الصرامة المطلقة : -صباح الخير .. رد الجميع تحيته ، ليتابع بسرعة : -أهلا بيكوا في مؤسسة البحيري للتسويق و التجارة ، طبعا كلكوا أكيد عارفين إن الشركة دي منفصلة عن بقية مجموعات عيلتي ، بمعني أدق يعني عارفين إنها تخصني أنا لوحدي .. مش هخوض في تفاصيل كتير عشان مانضيعش الوقت و إحنا لسا في أول يوم بس هقول كلمة ، كلمة واحدة و ملهاش تاني .. أنا ماعنديش هزار في الشغل .. إللي هيشتغل بجد في الشركة دي أهلا و سهلا هيشوف كل خير . أما إللي مش عايز يشتغل مع السلامة و الباب يفوت جمل ، الشركات المنافسة كلها ماشية بنظام قديم . نظام تقليدي و عقيم . ماشية بالبركة يعني . لكن شركتي مستحيل تبقي في المستوي ده ، عشان كده كل موظف هنا مكانه مهدد بالسحب . يعني كل 3 شهور هنصفي موظفين . هنشوف مين إللي كفاءاته عالية هنخليه . أما إللي هنشوفه مش بيضيفلنا حاجة هنقوله مع السلامة .. اليوم هنا 8 ساعات .. في إستراحة طبعا لكن باقي الوقت شغل يعني شغل ، مش عايز أسمع مشاكل ، مش عايز أشوف تدني في مستوي العمل ، مش عايز كسل في الشغل ، و الأهم من ده كله مش عايز نفر يتأخر عن معاد شغله ، كلكوا تبقوا هنا قبلي ، و طبعا في جزي للي ممكن يتأخر و ممكن توصل للرفد ! صمت "عثمان" قليلا ، يمرر نظره علي وجوه الموظفين التي شحبت تدريجيا إثر كلامه الشديد الحازم ، ثم أكمل بلهجة فاترة : -زي ما في شدة و حزم في الشغل في كمان ترفيهات و حاجات كتير كويسة ، أنا عمري ما ببخل أبدا علي موظفيني . و أظن معظمكوا عارف كده .. أشوف بس التقدم بعيني ، ساعتها المرتبات هتزيد و العلاوات و الحوافز هتبقي الضِعف. دوي التصفيق الحار فجأة بعد أن أنهي جملته ، ليهز رأسه بإبتسامة رزينة يشكرهم ، ثم عاد و قال : -يلا بقي كل واحد علي شغله من فضلكوا ! تفرق الحشد من أمامه شيئا فشيء ، لتقع عيناه عليها و يلتقطها من بين الجميع .. كانت مرتبكة ، متوترة .. واقفة لا تعرف ماذا تفعل أو أين تذهب ، فنادي هو عليها دون أن يستخدم (المايك) : -أنسة سمر ! نظرت إليه فورا ، بينما أشار لها بيده لتأتي له فعلت ذلك في الحال و مضت إليه مهرولة .. -صباح الخير يا أنسة سمر .. قالها بإبتسامته الجذابة و قد تخلي عن جديته السابقة تماما ، لترد بصوت مبحوح : - يا عثمان بيه ! -جاهزة للشغل ؟ سمر و هي تهز رأسها بشيء من التوتر : -جاهزة حضرتك. -طيب إتفضلي .. قال و هو يمد لها يده بحقيبته الخاصة أخذتها منه في إضطراب ، لكنها تساءلت : -أعمل بيها حضرتك ؟ عثمان و قد عاد لجديته ثانيةً : -إنتي مش بقيتي سكرتيرتي ؟ أومأت بالإيجاب ، ليرد : -يبقي كل حاجة تخصني من إنهاردة تحت مسؤوليتك .. ثم قال بلهجة آمرة : -إتفضلي هاتي الشنطة و تعالي ورايا. تبعته "سمر" و هي تكاد تتعثر من وسع خطواته ، إلي أن إستقلا المصعد أخيرا إلتقطت أنفاسها .. أُغلق الباب علي كليهما و ضغط "عثمان" زر الطابق الثالث لم يحاول أن ينظر لها إطلاقا خلال تلك الثوان القصيرة ، بل أظهر برودا بالغا في تصرفاته و بقي متحفظا في شخصيته الواثقة و المغرورة في آن .. وصل المصعد إلي الطابق المنشود ، ليخطي "عثمان" إلي الخارج أولا و يتجه إلي غرفة مكتبه مباشرةً دون أن يلتفت خلفه لحقته "سمر" و هي تلهث قليلا ، بينما ينزع هو سترته و يستدير و يعطيها إليها قائلا : -خدي الچاكيتة دي علقيها هناك .. و أشار إلي المشجب المستقيم علي بعد مترين من جهة يمين المكتب أخذتها منه بإضطراب أشد و فعلت ما قاله ثم عادت إليه مرة أخري .. كان قد جلس مسترخيا وراء مكتبه ، أخذ يحدق فيها لوقت من الزمن ، نظراته فارغة غير مقروؤة ، فعبست "سمر" متساءلة : -في حاجة حضرتك ؟ لم يجيبها في الحال ، صمت لبرهة ، ثم قال : -و لا حاجة يا سمر .. ببصلك بس ، تعرفي إن شكلك حلو أوي ! توردت خجلا إثر جملته الأخيرة ، و أطرقت رأسها بسرعة و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة .. -إنتي إتكسفتي مني و لا إيه ؟ .. قالها بتساؤل ، و أردف : -الجمال مابيكسفش صاحبه بالعكس . لازم تتباهي بيه ! سمر بتلعثم و هي لا زالت مخفضة رأسها : -حـ حضرتك .. أنا . مش متعودة حد . يقولي كده ! عثمان ببراءة متكلفة : -إتضايقتي يعني ؟ .. عموما أنا ماقصدتش أضايقك ، كل الحكاية إن هي دي طريقتي في التعبير ، طول عمري متعود أقول رأيي بصراحة .. ثم أضاف بحزن مصطنع و هو يشيح بوجهه للجهة الأخري : -أنا آسف لو ضايقتك. سمر و هي ترفع رأسها بسرعة : -لا أبدا .. أنا مش مضايقة ، بس . زي ما قلت لحضرتك .. مش متعودة حد يقولي كلام زي ده. -مش متعودة حد يقولك إنك حلوة ؟ أومأت له ، فضحك بخفة و قال : -إزاي إللي حواليكي مش مقدرين جمالك ؟ أكيد ناس عندهم مشاكل ! .. ثم أكمل و هو ينظر بفضول إلي ذلك الوشاح الذي يحجب عنه رؤية شعرها : -بس هتبقي أحلي أكيد لو شيلتي الإشارب ده ! سمر بحدة و هي تضع يدها علي رأسها : -إيه ؟ لأ طبعا . مستحيل في يوم أقلع الحجاب . مستحيل ! عثمان بإبتسامة مرتبكة : -إيه إيه مالك بس ؟ إهدي أنا ماقولتلكيش إقلعيه . إنتي حرة طبعا . ده كان مجرد رأي مش أكتر. عكفت حاجبيها بشيء من الضيق ، بينما قال "عثمان" بجدية و هو يهم بمباشرة أعماله : -طيب .. إتفضلي إنتي علي مكتبك دلوقتي و يا ريت تبدأي شغلك فورا . إتأخرنا في الإفتتاح و بالتالي شغلنا إتأخر . شوفي شغلك بقي و أي رسايل مبعوتة من برا إطبعيلي منها نسخة و هاتيهالي علطول. سمر بلهجة رسمية : -حاضر يافندم. و خرجت مسرعة ، لتتوقف حركة "عثمان" لحظة أغلاق الباب ، ثم يطلق زفرة حارة و هو يتمتم لنفسه : -إنتي هتتعبيني و لا إيه ؟؟؟ و لو أنا حاطتك في دماغي خلاص ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في المستشفي .. أمام غرفة "صالح وقف الطبيب المسؤول عن حالته ، يتحدث إلي أفراد العائلة و يناقشهم بخصوص خطة العلاج .. الطبيب بنبرة هادئة : -يا جماعة آجلا أم عاجلا لازم هيعرف . بس مش لازم نتأخر إحنا في العلاج بالذات العلاج الطبيعي . في أجزاء في جسمه لازم نتعامل معاها بسرعة . ماينفعش الكسور إللي ضهره تلحم علي بعضها كده خطر ! رفعت بصوت واهن : -أنا أكيد مش معارض يا دكتور .. أنا بس خايف عليه من الصدمة. الطبيب بإبتسامة : -ماتخافش حضرتك أنا بنفسي هقعد معاه و هشرحله وضعه و كل حاجة بخصوص حالته و هو أكيد هيفهم و هيساعدني كمان. و هنا تدخلت "صفية" : -طيب يا دكتور بعد أذنك .. بلاش نكلمه في حاجة إنهاردة ، هو لسا فايق . بلاش عشان مايتصدمش زي ما قال عمي . ينفع بكره مثلا ؟! زم الطبيب شفتيه بتفكير ، ثم قال : -ماشي يا أنسة ، حل معقول بردو .. خلاص . يبقي بكره الصبح إن شاء الله هاجيله و أشرحله كل حاجة عشان نبدأ في العلاج بأسرع وقت. و تركهم بعد أن إتفقوا علي هذا الحل .. بينما مال "رفعت" علي الحائط و هو يردد محزونا : -بدري عليك يا صالح .. و الله بدري عليك العجز يابني ! يحيى صائحا بإنزعاج : -في إيه يا رفعت ؟ هتعدد زي الستات و لا إيه ؟! رفعت و هو يحدجه بعدائية : -إنت ماتتكلمش معايا خالص .. ليك عين تتكلم و إنت السبب في إللي حصل لأبني ! يحيى بحدة : -إنت إتجننت صح ؟ أنا السبب أزاي يعني ؟ شكل زعلك علي إبنك لسا مأثر عليك. -إنت السبب ! .. هتف "رفعت" بإنفعال ، و تابع : -إنت و إبنك السبب في إللي حصل لأبني . إنتوا الإتنين السبب في رميته دي . بس و رحمة أبوك و أمك ياخويا ، لو إبني ماقمش و وقف علي رجليه من تاني هـ آا .. -هتعمل إيه ؟ .. قاطعه "يحيى" بغضب و قد إتقدت عيناه بلهب مستعر : -هتعمل إيه يا رفعت ؟ قول .. و شرع في الإقتراب منه ، لتقف "فريال" بوجهه و تقبض علي ذراعه قائلة : -يحيى ! .. من فضلك خلاص .. ثم إلتفتت إلي "رفعت" و قالت : -و إنت يا رفعت .. إهدا ، صالح هيبقي كويس ماتقلقش. و أضافت "صفية" بسأم ممزوج بالدهشة : -يعني بجد مش وقتكوا خالص .. صالح جوا تعبان و إنتوا واقفين هنا بتتخانقوا ؟ بجد مش مصدقاكوا !! و تآففت بضيق و هي تتجه إلي غرفة "صالح" بينما وقفا الأخوين يحدقان ببعضهما في غضبٍ و تحد ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في مكان أخر .. تحديدا في ( كاڤيتريا ) الجامعة يجلس "فادي" مع رفاقه علي طاولة في الوسط ، كان شارد منذ جلوسه معهم ، إلي أن أنتشله صوت أحدهم : -إييييه ياعم فاادي ؟ فينك من الصبح !! إنتبه "فادي" لصديقه ، و أدار وجهه قائلا : -إيه يا كيمو .. أنا معاكوا أهو يا معلم ، كنتوا بتقولوا إيه ؟؟؟ صديق ثانٍ : -معانا إيه يابني ! إنت من ساعة ما جيت و إنت سرحان ، مالك يا فادي إنت كويس ؟ رد عليه الأول : -ياعم ما هو قدامك زي الفل أهو .. تلاقي بس في حب جديد و لا حاجة ! فادي بضيق : -حب إيه ياخويا إنت كمان . أنا فاضي أهرش في راسي ؟! -أومال مالك طيب ؟؟! فادي و هو يفرك عينه بأرق : -مافيش بس حاسس إني مرهق شوية .. يمكن من السهر و المذاكرة .. ثم قام فجأة ، ليسألونه رفاقه : -رايح فين ؟؟؟ فادي و هو يخرج هاتفهه من جيب بنطاله الخلفي : -هعمل مكالمة بس. صديقه المشاكس : -أيوه ياعم . و عملنا فيها برئ. فادي بتهكم : -أنا هتصل أطمن علي أختي يا ذكي زمانك. -أختك ؟ ماااشي .. إبقي سلملي عليها بقي. فادي بحدة : -إنت هتستعبط ياض ؟! ضحك الأخير بإرتباك و قال : -ياعم بهزر إيه ! رماه "فادي" بنظرة غاضبة ، ثم إستدار مبتعدا ليجري مكالمته ... ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• عند "صالح" و "صفية" .. -بردو مش عايزة تقوليلي في إيه ؟ .. قالها بتساؤل و إلحاح ، لترد "صفية" بشيء من الضيق : -قولتلك مافيش حاجة يا صالح . لو في حاجة أكيد هقولك هخبي عليك ليه يعني ؟! صالح و هو يرمقها بشك : -أنا كنت سامع بابا عمو يحيى زي ما يكونوا بيتخانقوا .. قوليلي يا صافي حصل إيه ؟ عثمان عمل حاجة تاني ؟؟! تنهدت "صفية" تنهيدة طويلة ، ثم أمسكت بيده و ضغطت بحنان قائلة : -صالح . حبيبي .. إطمن ، مافيش حاجة حصلت . كله تمام صدقني. صالح متسائلا بحيرة : -طيب كانوا بيزعقوا ليه ؟؟؟ -ما إنت عارفهم ساعات بيشدوا مع بعض لأسباب تافهة . الإتنين عصبيين ، مش أول مرة يتعصبوا علي بعض يعني. رمقها بعدم إقتناع و كاد يتكلم مجددا ، فسبقته قائلة بإبتسامة رقيقة : -قولتلك إطمن .. مافيش حاجة تقلق ، صدقني ! ••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••• في مؤسسة ( البحيري للتسويق و التجارة ) .. إستلمت "سمر" مكتبها مرفق بمكتب "عثمان" مباشرةً و لكن من الخارج كانت منخرطة في إستكشاف تفاصيل عملها الجديد و التعرف علي كل صغيرة و كبيرة ، و إنهمكت أيضا في إعداد الرسائل التي طلبها "عثمان" و طباعة بعض الأخر المرسل منها .. سمعت رنين هاتفهها ، فتناولته و نظرت لأسم المتصل إبتسمت بخفة ، ثم أجابت : -ألو يا حبيبي ! رد "فادي" : -إيه يا سمر . مش قلتلك إبقي إتصلي طمنيني عليكي ؟! -كنت هخلص الشغل إللي في إيدي ده و كنت هكلمك و الله. -إيه الشغل لحق يرف فوق دماغك ؟!! ضحكت "سمر" بمرح ، و قالت : -الله أكبر في عينك ياخويا هتحسدني ! فادي بحدة : -وطي صوت ضحكتك دي . فاكرة نفسك في البيت و لا إيه ؟! -حاضر ياسيدي مش هضحك خالص أهو . ممكن تقفل دلوقتي بقي عشان ألحق أخلص الحاجات إللي في إيدي ؟ مديري عايزهم بسرعة. فادي بضيق : -طيب هترجعي إمتي ؟ -علي الساعة 4 أو 5 بالكتير. -ماشي .. خلي بالك من نفسك. سمر بحب : -ماشي يا حبيبي .. يلا باي ! و أغلقت معه و ما كادت تعود لمتابعة عملها ، إلا آتاها هذا الصوت الرجولي الجذاب : -لو سمحتي يا أنسة ! يتبــــع ... — | ||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|