آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )           »          ارقصي عبثاً على أوتاري-قلوب غربية(47)-[حصرياً]للكاتبة::سعيدة أنير*كاملة+رابط*مميزة* (الكاتـب : سعيدة أنير - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          الزواج الملكي (109) للكاتبة: فيونا هود_ستيوارت.... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          إلى مغتصبي...بعد التحية! *مميزة ومكتملة *(2) .. سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          لوكاس...غرايس(111) للكاتبة: Caitlin Crews (ج2 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          346 - سجينة الحب - آن ميثر (الكاتـب : بلا عنوان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-05-18, 09:23 PM   #31

bobosty2005

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية bobosty2005

? العضوٌ??? » 345060
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,798
?  نُقآطِيْ » bobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond repute
افتراضي


بإنتظارك عزيزتى 🙌🙌



bobosty2005 متواجد حالياً  
قديم 05-05-18, 10:53 PM   #32

epilobe
 
الصورة الرمزية epilobe

? العضوٌ??? » 141258
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 676
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » epilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bobosty2005 مشاهدة المشاركة
بإنتظارك عزيزتى 🙌🙌
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر أبوبكر مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
تسجيل حضور منتظرينك
آسفة على التأخير ... دقائق و الفصل يكون جاهز


epilobe غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم إني أسالك بأحب الأسماء إليك وأقربها عندك، أسالك ربنا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
أن ترفع الكروب والغموم والظلم عن أمة الإسلام، وعن إخوتنا في أرض الشام وسائر بلاد المسلمين ، اللهم عجِّل بنصرك الذي وعدت، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك
قديم 05-05-18, 10:56 PM   #33

epilobe
 
الصورة الرمزية epilobe

? العضوٌ??? » 141258
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 676
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » epilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني

الفصل الثاني



تستند بكتفها على حافة النافذة المطلة على الشارع، تنظر من خلالها ساهمة عن مغازلة السماء بلونها الأبيض الرمادي لعينيها في إغراء لتنظر إليها إلا أن أفكارها بلونها القاتم كانت أشد إغراء، فتختبر الحقد للمرة الألف كما تعبث الكراهية بأوصالها للمرة الألف فتزيد أفكارها سوادا متغلبة بذلك على تجهم السماء بلونها الداكن.
لم تتخيل أن أبطال أفكارها في الساعة الأخيرة سيتحركون بهذه السرعة... عادت لذاكرتها مواجهتها مع أول أفرادهم الذي تمتم باسمه ببرود و عنفوان "يحيى ملاّك".
تأملته ببرود بقامته الطويلة وعرض منكبيه الذي تغلفه سترته الرمادية بإتقان وملامحه الجذابة، نظرت إليه ببرود متبادل وبعنفوان لا ينقصها فعلى ما يبدو يورث مع الجينات فتدعوه للجلوس قبل أن تخاطبه :
- أسمعك..
ابتسامة ساخرة هي ما اعتلت شفتيه فقط ليقول:
- ألن تدعي عدم معرفتي؟
- و لما سأفعل؟ ملاك كفيل بأن يزيح السؤال ثم سمعت عن يحيى ملاك فأنت معروف.
فتضيف بعد ثوان صمت استدراك :
- مشهور...
- إذن أنت تعرفيننا...
- و من أنتم؟
قال بزهو:
- "آل ملاك"... عائلتك...
بلامبالاة ردت:
- قلت سمعت عنك ، لا أعرفك ولا أعرفهم، صدقني أنا لا أعرف "ملاَك" إلا كاسم يكتب بعد اسمي الأول.
بنفس البرود أجابها :
- إن كنت لا تعرفين ثقل كنيتك فلا حق لك المجازفة بتزيين المجلات بها...
همست ب آه الاستدراك وأومأت برأسها لتقول بنفس هدوئها الذي زينته ابتسامة صغيرة بريئة لكنه يقسم وهو يقرأ ميلان شفتيها أنها لا تنضح إلا خبثا:
- كنت أفكر باسم شهرة بعيدا عن حروف ملاك فأنا على وشك خوض عالم التمثيل...
- أ تحاولين استفزازي يا شقيقتي؟
تذكرت كيف توترت لثوان قليلة وكلمة شقيقتي تصطدم بجدران عقلها المستوعب أن من يقف أمامها يكون شقيقها... كانت قد سمعت عن القطبين البارزين لإمبراطورية آل ملاك لكن لم تهتم فعلا بمعرفة صلتها المفصلة بهم لأنها فعلا لا تهتم لهم بقدر ما تهتم لنفسها وبما تريده الآن لذا بلهجة مستنكرة أجابته:
- أبدا... أعتقد أنني كنت أطمئنك...
ابتسم باستهزاء ناظرا لعينيها ذات اللون الأزرق اللامع فتحدث:
- أنت ملاَك... حتى لمعة عينيك وأنت تنظرين إلي فهي لمعة آل ملاَك...
ثم نظر لخصلات شعرها الذهبية وشكلها المناقض لشخص عربي:
- رغم أن شكلك يناقض ذلك لكن لا ينفي أنك ابنة ملاَك وبنات ملاَك لا يظهرن على غلاف المجلات ولا يمتهن عرض الأزياء ولا التمثيل...
رفعت تيتريت حاجبها وابتسامة سخرية قاسية ارتسمت على شفتيها فقالت:
- منذ متى؟
قست عيني "يحيى" ناظرا لها وأجابها دون التظاهر بعدم الفهم :
- منذ الآن... ابنة آل ملاَك منذ الآن..
مطت شفتيها بدلال وقالت بسخرية:
- صريح جدا لكن غير مقنع.
- لا يهم، الإقناع لمن لديه القابلية للامتثال بعد جولة حوار ليس لمن اتخذ للعناد مذهبا وما يهم الآن أنك ستنفذين.
اختفت السخرية وترعرع على عرش محياها ما اتهمها به بل ظهر بنبرتها وهي تقول:
- و من سيجبرني يا شقيقي( لتتابع وهي تشير بأصبعها نحوه) أنت؟
رد بتأكيد:
- إن اضطررت لذلك تيتريت... أنا لا أريد إجبارك على شيء لكن ما أريده أن تحترمي كنيتك التي تحملينها وقبل هذا كله أريدك هناك ببلدك بجانب عائلتك...
متأكدة هي من الإجابة إلا أن سماعها جعلت ضحكة ساخرة تتجاوز جوفها وترتسم بوجه من يطالب بها الآن بكل جبروت لا يرافق إلا أصحاب الحق وهم لم يكونوا يوما أصحاب حق... لن تنسى أبدا الغضب الذي حارب العملاق أمامها التحكم به وقد أصابت إجابتها غروره بل غرور العائلة ككل فهي لم تستطع إلا أن تقول بنبرة ساخرة:
- اعذرني لضحكي أمامك شقيقي لكن ما وجدت وصفا لما تقوله وتطالب به إلا كلمة واحدة... وقاحة...
بعد تهجيتها للكلمة عادت بظهرها تستند على ظهر كرسيها وتتحداه بنظراتها لتتحاور النظرات قبل أن يستقيم واقفا ويقول:
- وقاحة أم لا ما يهم أنك استلمت الرسالة والآن الكرة بملعبك تيتريت.. سنفعل هذا على طريقتك فأحسني الاختيار يا حبيبة شقيقك...
تذكرت بغل النبرة السلطوية التي نطق به كلماته وكذلك التفافه وتقدمه منها بكل ثقة مقبلا رأسها قبل أن ينصرف بكل عنجهية وعنفوان بينما ظلت جامدة بمكانها لبرهة قبل أن تنتفض بجنون وقد تسلل البرود الذي غلفت نفسها بعيدا كاشفا عن عري مشاعر لم تتحدد وقد امتزجت وتمازجت بين غضب مستعر وحقد دفين وألم موجع وأنين مكتوم...
أغلقت نافذة ذكرياتها وقد استدعتها يد مليكة التي حطت على كتفها لتعود لحاضرها ناظرة لعيني شقيقتها القلقتين والعاصفتين غضبا... فابتسمت بوجهها والحنان ينبض مرافقا لدقات قلبها المتشبع حبا للماثلة أمامها فغمرها التأثر وهي تتذكر تصادم مليكة ويحيى بباب المكتب فتدلف معتذرة وقد تتبعته عينيها بتوجس لتلتفت أخيرا لشقيقتها وتلاحظ ملامحها التي تحمل من الحقد والكره الكثير فتسأل بخفة:
- من هذا؟
لفظت اسمه بنبرة حملت الكثير مما يظهر على ملامحها لتلتفت "مليكة" على عاقبيها وقد احتدم الغضب مطلا بعينيها اللتان عصفتا سخطا فتتبعت خطواته لتجده وقد انصرف لتعود وغضبها لم يتراجع بل تتأجج وقد لاحظت انغلاق "تيتريت" على نفسها مسترجعة ذكرياتها...
فتبتسم الآن وهي تلاحظ بعد مرور ساعات على الحادث السخط الذي لم يغادر عيني شقيقتها لتقول وقد أبح صوتها الحب الذي عبأ فؤادها حتى كاد ينشق عابرا ضلوعها ليعبر عن حب من تقف أمامها:
- أنا لم أعرف معنى الأخوة إلا معك ومع عادل... أنا لا أزهو إلا بكما ومعكما... لا أشعر بالأمان إلا وأنا مزروعة بصدر أبي صالح... لم أعرف كلمة حنان ولم أذق نكهته إلا وأنا أُغمر بحضن ماما ناديا... أنا تربيت أن الأهل معان قبل أن تكون كلمة... أن الأهل قبل أن تجمعهم الكنية يجمعهم الحب... أن الأهل سند وشد للأزر... أن الأهل عزوة ولا عزوة لي غيركم...
لم تزد كلمات "تيتريت" "مليكة" إلا تعلقا بغضبها وتأججا لحقدها على عائلة تتغنى بالقيم والتحفظ وكانوا مثالا للعكس وقد تخلوا عن ابنتهم فاقتربت أكثر لتقول بقوة أمام وجه "تيتريت":
- ونحن أهلك وهم (لتشير للباب باشمئزاز حيث اصطدمت بيحيى وتتابع) لم يكونوا يوما (ثم تضرب بأصبعها بقوة على صدرها وتضيف) وأنا شقيقتك وهو لم يكن يوما كذلك!!
ابتسمت "تيتريت" وقسمات وجهها تنشرح للمرح وقد لامست بغض شقيقتها لعائلة ملاك فقالت بدعابة:
- أظن أن حقدي لتلك العائلة انتقل لكل من حولي.
لتهز مليكة كتفيها بلامبالاة مضحكة وتجيبها:
- لا... أنا فقط من أتشارك معك كل شيء حتى العقوبة وإن كنت غير مذنبة ونصيبك من السكاكر وحتى في حقدك عليهم (ثم تتابع بسخرية مرحة رافعة عينيها للسقف فوقها) وأتوقع أن أشاركك مضطرة حياتك الشائكة القادمة...
انفجرت "تيتريت" ضاحكة وقد داهمتها ذكريات طفولة أنقذت قبل أن تتوه بين أمواج الضياع... تتذكر شقاوة لا يدركها شخص تكمن تحت شكلهما الهادئ الناعم حتى وشعر شقيقتها المتفجر حمرة ما كان إلا منبها لما يداري تحته من خطط ترسم وشيطنة تتضاعف... لا تنكر أنها كانت تماثل "مليكة" شقاوة إلا أنها كانت أكثر تعقلا مع مرور السنوات بعكس "مليكة" التي ما كانت السنوات تزيدها إلا شقاوة... نظرت لـ"مليكة" الضاحكة وقد تشاطرا لحظة من الذاكرة كما تتشاركا كل شيء فتقول بمرح رافعة يديها للسماء:
- فلأحمد الله إذن أن الشقيقتان لا يتشاطرا الزوج وإلا كنت فعلت هذا كذلك!!
رفعت "مليكة" حاجبا لـ"تيتريت" بإغاظة قبل أن تقول مترفعة بدلال محبب:
- لا حبيبتي... طبعا لا فذوقك في الرجال غير مستحب بالنسبة لي... أبدا!!
تعالت الضحكات وتطايرت الذكريات واستمرت الإغاظة بينهما... دفء ذاك الذي فاض بالأجواء ظافرا فمجبرا صقيع البعد والمسافات وزمهرير الحقد والحسابات على التقهقر مبعدا كما العادة الآهات...
**************


epilobe غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم إني أسالك بأحب الأسماء إليك وأقربها عندك، أسالك ربنا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
أن ترفع الكروب والغموم والظلم عن أمة الإسلام، وعن إخوتنا في أرض الشام وسائر بلاد المسلمين ، اللهم عجِّل بنصرك الذي وعدت، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك
قديم 05-05-18, 10:57 PM   #34

epilobe
 
الصورة الرمزية epilobe

? العضوٌ??? » 141258
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 676
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » epilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond repute
افتراضي

مسترخ أمام الموقد يحدق باللهب السابح بالفضاء بجبروت فيلامس المنظر ذاكرته مسترجعا بكل عذاب لهبا آخر كان موقده عينيها... شقيقته التي ما إن وقعت عينيه عليها حتى تذوق التأثر بشكل مختلف واختبر الألم بشكل متضارب فتعثر فؤاده فعلا بين حنان متدفق وندم مهيمن ثم شجن متعاظم وقد أحرقته ألسنة لهب حقدها واحتقارها الممتزجان بتوهج عينيها...
كان ما زاده وجعا نظرة الاستهزاء التي وجهتها له وقد رفع عينيه لها مصدوما ما إن دعته بأمازيغية متقنة للجلوس فيلتهم الألم أحشاءه بوحشية ويتضخم هناك بأعماقه شعور قرف يستصغرهم جميعا فيزيد اشمئزازه أكثر ويكبر فضوله الغير المشبع ومن أجل ذلك كلف متحر خاص ليزوده بتفاصيل أكثر دقة إلا أن صبره خانه وتريثه لم يسعفه ليهرع لها ما إن حطت قدميه بباريس...
عادت ألسنة اللهب أمامه تذكره بلمعة عينيها التي طفحت رفضا توقعه إلا أنه كان ينتظر رفضا متفجرا وكرها مشتعلا وكلمات لائمة وربما عنيفة ومعنِّفة لتفاجئه ببرود استفز لهفته فجعله يخفي ببراعته المعهودة ما يعتمل بصدره ويتصنع برودا مماثلا ليوازيها بتصرفاتها... التوت شفتيه عن ابتسامة باهتة وقد تذكر كيف كانت بارعة جدا بمحاورته وماهرة جدا في الانتقاص من قدر "آل ملاّك" وحاذقة بامتياز في اهانتهم بدون همسة مسيئة...
يسبح في حوارهم متذكرا كلماتها الخفية المتدثرة بين كلماتها المنطوقة والتي انهالت عليه نافية هدنة قريبة ومعلنة عن حقد دفين... لم يكن ليلومها وهو يعلم أحقيتها في كل ما قالته ولا حق له هو أو عائلته بمطالبتها بمصافحة ذكرياتها التي تشملهم فقط بالتخلي عنها مسامحة... ما كان عليه فقط إلا أن يضيف ثقلا آخر على عاتق ضميره بابتزاز خفي وضعه أمامها وتأكد أنها استلمته قبل أن يغادر... كان الابتزاز الوسيلة الوحيدة التي ستجعلها تذعن لما يريد وهناك بين العائلة سيهادنها ويصالحها ويحاول جعلها تنسى ما فعله...
يزفر وقد اختنق صدره الرازح تحت الهموم فيعدل جلسته وبخفة يهز رأسه نافضا أفكاره لكن ما تلبث تعود فتغمره الذكريات وتكتظ الأفكار بزوايا عقله فيترنح بين توجس وحدس وبين ألم وحنان معتم وبين لهفة وذنب متضخم فيعود ليغرق نفسه بالأريكة متثاقلا ويستسلم لأمواج مشاعره المتلاطمة لعل وعسى أن يرحمه التعب فيأتي بالنوم مجبرا أفكاره أن تستكين ويزيح همومه بعيدا حتى عن أحلامه فيغيّب وعيه الذي لا ينفك يقذفه بإثمه صافعا إياه كل الوقت...
نغمة هاتفه العالية كانت هي من سحبته من على الأريكة كما توهت أفكاره فيبادر بـ"نعم" واهنة بنبرة أبهتت الحزن ملامحها ويقابله على الطرف الآخر صوت شقيقه الهادئ متسائلا بكلمة واحدة كذلك:
- إذن؟
اعتلت شفتي "يحيى" ابتسامة ساخرة تتهكم على مطالبهم وتحفزهم وهو أولهم ليجيب بنبرة تزخر بسخرية لاذعة :
- ماذا كنت تظن؟ أن تبكي فرحا وقد عرفتني ثم بهجة وقد قررنا أخيرا الاعتراف بها؟
تريث "أسامة" ثوان قليلة مفسحا لهما معا برهة تخفيف واستيعاب قبل أن يقول بنفس اللهجة الهادئة:
- لم أكن أسأل عن ردة فعل متوقعة كنت أسأل عما فعلته أنت؟
انفجر "يحيى" ضاحكا وقد تذكر لقاؤه بشقيقته فيضحك نزيف قلب وغرور عائلة ويضحك والقهر يملأه ويضحك ما يفعله وما هو مجبر على فعله ثم يضحك والحزن ينخر حشاشة فؤاده ويضحك أخيرا وقاحة لم تكن إلا أفضل النعوت التي يمكن أن يتصف به ما يفعلونه... ما كانت إلا ضحكة من منبع الألم... ما كانت إلا ثقل مضاف لقلب معذب يغمره الندم... فيجيب وقد تراجعت ضحكاته بعد أن نحتت على ملامحه خطوط الوجع:
- مخطئ يا شقيقي... مخطئ يا أسامة إن انتظرت المتوقع... فلم تكن لتتوقع استقبالها إياي ببرود وما كنت لتتوقع مخاطبتها إياي بلغتنا... أكنت تنتظر منها أن تتكلم أمازيغية متقنة إتقان من حضنتها جبال الأطلس منذ ولادتها؟؟... أكنت تتوقعها محاورة ممتازة وقد أشعرتني بحقارتنا دون أن تتفوه بكلمة مسيئة فتسخر من الاسم الذي استخسره جدك بها فتعرض ببساطة التخلي عنه؟؟... بخلاصة يا أخي إنها ترفضنا برقي لم نتصف به فتعلنها بدون كلمة...
أعلنت نبرة أسامة عن قلة صبره متجاوزا ما قاله "يحيى" ليصدح صوته:
- وأكرر سؤالي "يحيى" ماذا فعلت أنت؟
ليهتف يحيى بقوة محررا غضبا لم يكن موجها إلا لنفسه وحقدا كان عليهم :
- ما كان متوقعا مني... ما ستكرهني عليه لبقية حياتها... هل ارتحت؟؟... أم هل ارتحتم؟
ما كان يحيى يتوقع أن يتشبع قلبه حنانا يخنقه وهو يقابلها... توقع ذنبا يطغى... إثما يتفشى لكنه وقف عاجزا أمام قلبه الذي هفا عطفا ومودة... وهذا ما زاده إصرارا على ضمها لهم وما ضاعف نقمته على عائلته وما ضخم غضبه على نفسه وعليهم...
فأتى تصريح "أسامة" مخففا من معاناة شقيقه وقد استنبط مصدوما ما تختلج به دواخل "يحيى"... شقيقه الذي لم يكن يوما ضعيفا أمام مشاعره بل كان دوما يحوّر مشاعره بما يناسبه:
- ليس هناك سبيل آخر يا يحيى، أنت تعلم هذا وهي ستعلم بالنهاية أنك كنت مضطرا...
تقهقر الغضب وقد تلبسه الوهن فأطاح به ليعود يحيى لمكانه متعبا ويصرح بنبرة متخاذلة:
- ربما ستعلم إلا أنها لن تتفهم...
- ستفعل يا يحيى... ستفعل صدقني...
هز "يحيى" رأسه بخفة واسترجع ملامحها النافرة استهجانا لما يطلبه ولمعة عينيها المتحدية له ليجيب شقيقه:
- لا أريد إحباطك يا أسامة... لكن ما سأنصحك به ألا تحصر نفسك بما هو متوقع من فتاة تخلت عنها عائلتها وعادت لتطالب بها... بل تجاوز ذلك لما هو أكثر فهي حاقدة وكارهة وتمقت اسمها لكنها محيرة ببرودها... مريبة بما يحيطها...
أجابه "أسامة" المتنبه وقد فهم ما يرمي له شقيقه:
- وأنت يشغلك عدم فهمك لها ولردود أفعالها لكن تذكر انك لا تعرفها فمن الممكن جدا أن تكون تلك طبيعتها و...
ليقاطعه "يحيى" نافيا:
- لا... أنا أشعر أنها غامضة (فيتابع بابتسامة رسمها حنان غير اعتيادي ينسل تحت جلده) قوية والعنفوان لا ينقصها... شامخة كجبال الأطلس... لكن هناك ما هو خفي ولم أضع أصابعي عليه... إنها غامضة بروعة...
أطلق "أسامة" ضحكة بخرت صور "تيتريت" الأخيرة بذاكرة يحيى ليقول بنبرة مستمتعة:
- لا تضعف يا شقيقي فواضح أن شقيقتي الصغرى ألهبت قلبك إعجابا بها...
لمع الإصرار بعيني "يحيى" واتسعت ابتسامته وأجاب شقيقه:
- إنها تثير الإعجاب فعلا فيلتهب قلبي حنانا كلما تذكرتها ثم فخرا وأنا أستلذ كلمة شقيقتي... لكن اطمئن هذا لا يزيدني إلا إصرارا على ضمها لنا وأنت تعرفني عنيد جدا لأحصل على ما أريد...
فيصله صوت شقيقه بنبرة غريبة فقدت استمتاعها متسائلا:
- لهذه الدرجة؟
- إنها رائعة... ستراها قريبا...
وبذلك الإقرار ودع الشقيق شقيقه تاركين للأفكار مساحة لتطفو بين ذاكرة وأحداث... بين ماضي ومستقبل... بين توجس وتخطيط... فالقادم يملأه الاحتياج لأكثر المشاعر مشقة... تفهم وصبر...
****************

كلمات يحيى كانت تنتزع من دقات قلبه قوتها وباستغراب يشعر بشوقه للقائها ينمو فيتفشى الذنب بصدره مطورا غضبا لا يعلم لمن يوجهه... حائر بين شعور لا يفهمه وبين واجب للحفاظ على اسم العائلة اللامع وصورتها التي لا تشوبها شائبة وبين تقاليد رافضة لما حصل يجد نفسه يطالب بها بجانبهم لا يهم السبب الذي من أجله بقي ساهرا متخبطا ولا يهم السبيل لتحقيق مآربهم ما يهم فقط النتيجة...
عاد بذاكرته لأسبوع مضى... أسبوع تغير به الكثير فتزايد الاستغراب الذي حل على الجميع وأضاف الترقب توجسا على الجو... الكل ينتظر حتى الجد الذي أذعن مجبرا بعد التفكير بكلمات عمر فينتظر سارحا إلى ما ستؤول إليه الأمور... والدته تنتظر بتوتر وخشية تداريها تحت ابتسامتها المرتعشة وهي تعد كل شيء للوافدة القادمة... أباه ينتظر بغموض لا يخلو من توقعات غالبا ستخيب... عمته وعمه وعائلته بعد أن زال عدم التصديق الذي لزمهم لأيام ينتظرون القادمة باستغراب لم يزُل... وشقيقه أيمن الذي علم بالموضوع حديثا تقبل الموضوع بهيجان وغضب لم يفهم أحد سببه لينتظر كذلك كالجميع لكن يغلف ترقبه بلامبالاة مغيظة ثم هناك عمه، أب عمر، الوحيد الذي ينتظر بحماس وشوق تثير استغراب الجميع...
أعاد هاتفه لجيبه وتابع خطواته بين الأشجار بالمزرعة لربما يستمد شيئا من الصفاء الذي يميز جو القرية فيغزو خلاياه طاردا غموض مشاعره التي تؤرقه وزادته كلمات "يحيى" لكنه بحكم عمله السابق تعلَم ألا يتوقع شيئا إلا كل ملموس لذلك فهو ينتظرها غير متوقع لشيء سوى شيء واحد فقط زوبعات حضورها لن تقتصر على ما حدث من شجارات بينه وبين يحيى والجد، حدسه ينبئه بالكثير... الكثير مما يفوق ما حدث... الكثير مما سيتغير... ببساطة الكثير مما لن يتوقعه أحد...
****************


epilobe غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم إني أسالك بأحب الأسماء إليك وأقربها عندك، أسالك ربنا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
أن ترفع الكروب والغموم والظلم عن أمة الإسلام، وعن إخوتنا في أرض الشام وسائر بلاد المسلمين ، اللهم عجِّل بنصرك الذي وعدت، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك
قديم 05-05-18, 10:58 PM   #35

epilobe
 
الصورة الرمزية epilobe

? العضوٌ??? » 141258
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 676
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » epilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond repute
افتراضي

تراقب من بعيد شقيقتها ترمي بنفسها على عازف الأكورديون العجوز الذي طوقها بذراعه بسعادة فائقة لتعلو ضحكاتها تعانق السماء... هزت رأسها بخفة مبتسمة وعينيها مسمرة على مليكة التي تناكف العجوز فتتغزل تارة وتعاتب أخرى...
لا طالما كانت شقيقتها مجنونة بتصرفاتها، لا تحسب خطواتها... عفوية بطريقة مغيظة... متهورة بجنون مضحك إلا أنها تشعر بها منطلقة... تعيش... تحيا ... ببساطة الصهباء تنبض بالحياة فيتصاعد شعورها الذي تعودت مجابهته... تحارب القيود الذي تقيد ساعديها لما مضى،فتُنْهك أفكارها وتُرْهق عزيمتها...
زفرت بتعب واستندت على السور خلفها لتتكفل الرياح بتأكيد نظريتها وقد حملت لها كلمات الأغنية " La Vie En Rose "التي تغنت بها شوارع باريس وجدرانها بصوت شقيقتها وعزف العجوز... التوت شفتيها بسخرية مريرة والكلمات تحملها على بساط الذاكرة لأيام طفولتها... حيث كان تصدح أركان البيت بهذه الأغنية وفي ركن هناك كانت تُسكب الكلمات ملحا على الجرح فتنهمر الدمعات على حلم لم يكتمل وتظلل الحسرة الجفون على معاني أغنية لن تحرك فؤاد الباكية بهجة فالأغنية لم تكن تعنيها لأنها ببساطة كانت المهجورة...
في سنوات عمرها الأولى لم تكن تفهم ما يدور حولها فتسأل وفضولها يظل منبها يرن بعقلها لكن خالتها التي كانت لها الوالدة والحاضنة كانت تسمي ما يحصل تأثرا فتتراجع أسئلتها خلف جدران جهل الكلمة وكبر معانيها لكن وسنوات عمرها تزيد باتت كبيرة بما يكفي لتفهم ما تعني الكلمات لتتفهم ما كانت تفعله ببيتهم أنذاك...
انتفضت ويد "مليكة" تهز ذراعها لتلتفت لها بحدة فأعادت شرائط ذكرياتها للرفوف وابتسمت لتخفف قلق شقيقتها الوامض بعينيها فبادرتها وصوتها الأجش يضاعف الغضب الكامن بأعماقها:
- هل انتهيت؟
تركزت نظرات "مليكة" عليها تدرسها للحظات قبل أن تتنهد بدورها وتقول هامسة:
- نعم... هل نذهب؟
كانت جد ممتنة لشقيقتها التي كانت تعرفها بما يكفي لتتجاوز الموقف وتخمد فضولها فتتابعا سيرهما... غموض المستقبل يثير بداخلها التناقضات ولا تنفي أن التوجس يجد منفذا لها وكلمات والدتها ووالدها يقرعان كل ليلة على باب أفكارها بضجة تكاد تفقدها عقلها...
هائمة بين الدروب المتشعبة لذاكرتها وبين سبل الخلاص المرسومة بغموض بعقلها تاهت الرؤيا أمامها لتضيع بأفكارها غير منتبهة لما حولها فتعيدها للواقع صرخة شقيقتها ونفير سيارة مرتفع وصرخات خفيفة ثم يد ضخمة تجذبها فتفقد توازنها وتسندها يدين حتى جلست على الأرض مشتتة لا تعلم ماهية الضجة حولها... تحتل صورة شقيقتها المكان أمامها بملامحها المرعوبة لتبادر بالسؤال بصوت مرتجف يحمل من الرعب ما يحمله محياها الذي بات شاحبا:
- هل أنت بخير؟ هل... هل تشـعرين بألم ما ؟ ماذا...
قاطعتها "تيتريت" متشتتة وضجيج الناس من حولها يزيدها توترا:
- ماذا حصل؟
صمتت "مليكة" للحظات وقد ومض لون عينيها الأخضر الجيشي باهتياج قبل أن تشيح بعينيها بعيدا وتمد يدها لتيتريت تساعدها الوقوف وتجيبها بهدوء لا تشعر به وسخرية تداري خلفها غضبها المشتعل:
- لم يحصل الكثير كدت تقتلين نفسك فقط وأنت ترمين بنفسك أمام السيارة والإشارة خضراء ولولا الرجل الذي لم أعرف كيف وصل إليك لكنت الآن تلفظين أنفاسك الأخيرة تحت عجلة السيارة...
نظرت لها "تيتريت" للحظة قبل أن تلتفت للناس المتسائلة مطمئنة وشاكرة قبل أن تسير مع مليكة التي حثتها على الجلوس بجمود على سور الحديقة التي تجاوزاها قبل أن تجاورها جالسة فتحيد بنظراتها عنها تراقب المارة...
تنهدت "تيتريت" وظلت للحظات تنظر للمارة أيضا قبل أن توجه نظراتها لشقيقتها الصامتة فتقول بمرح وهدوء محاولة تخطي ما حصل:
- ألن نتابع سيرنا؟ فأمامنا الكثير مما خططت له...
التفت لها "مليكة" وحطت بنظراتها على ملامحها لثوان لتقول ببرود وهدوء يصارع فرض سيطرته على غضب متقد بأعماقها:
- لا... من الأفضل أن نذهب للبيت...
زفرت "تيتريت" وأغمضت عينيها للحظات قبل أن تعلق بملل :
- هيا "مليكة" إنه مجرد حادث... لا تضخمي الأمور...
تبخر هدوء "مليكة" معتقا غضبها لتقوم بعنف من جانب تيتريت فتقابلها هاتفة بحدة:
- أضخم الأمور... أنا من أفعل؟ أ أنا من أظل سارحة بأفكاري متباعدة عن الجميع؟ أ أنا من أسير هائمة أرمي بنفسي أمام السيارات أم ربما أنا من أولي أهمية لشيء غير مهم و لمن لا أهمية لهم؟
حاولت "تيتريت" مقاطعة "مليكة" التي علا صوتها جاذبا بعض النظرات لهما لكن مليكة لم تهتم لا لها ولا لهم فتابعت حانقة:
- أنا لم اعد أفهمك... لماذا تفعلين بنفسك هذا؟ إنهم لا يستحقون حتى مجرد المرور بذاكرتك... لماذا تفكرين بالموضوع جديا؟... (فتقترب منها منحنية لتهمس لها من بين أسنانها) لماذا تمنحين لهم فرصة التأثير بك فتفتحين نافذة بينك وبينهم لا تدرين ما يمكن أن تحمله؟
فرت "تيتريت" بعينيها من عيني شقيقتها واستقامت مولية لها ظهرها لتنظر للحديقة والتزمت الصمت بينما تابعت "مليكة" التي جذبتها لتنظر لها مرة أخرى وتضيف بقسوة:
- لماذا تحبين تعذيب نفسك؟ ستقتلين نفسك بما تفعلينه!!
ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتي "تيتريت" ورفعت نظراتها لمليكة التي توترت ما إن رأت الألم المرتسم بعيني شقيقتها والتي همست:
- لن أكون الأولى..
تراجع التوتر ولمعت عيني "مليكة" بجنون فأمسكت بذراع "تيتريت" تهزها وصدح صوتها مرتفعا:
- لقد جننت... لقد فقدت عقلك منذ زيارة ذلك الأبله الذي تذكر أخيرا أن له شقيقة... ألا تستعملين عقلك الفذ ذاك في التفكير لماذا الآن؟ لماذا بعد كل هاته المدة (فتنطقها ساخرة) الطويلة جدا؟... الآن فقط يريدون لم الشقيقة التائهة للعائلة... الآن بعد إعلانك الذي سيجعل الناس تتساءل عن القرابة بينك وبين عائلة ملاّك العريقة... ألم تشكي للحظة أن هذا هو السبب... فقط لحفظ ماء وجههم لتلميع صورتهـ...
توقفت كلمات "مليكة" وهي تنظر بعيني شقيقتها التي تومض بقوة فتتراجع خطوتين وعينيها تتسعان بصدمة استيعاب متأخرة فتتحدث باختناق:
- أنت... أنت... أنت من... هل قـ...
فتزم شفتيها صامتة... غاضبة... مصدومة... وعينيها مثبتة بعيني "تيتريت" الواقفة بصمود... ثوان هي تلك التي تقابلت فيها عينيهما بقوة لتهتف مليكة متهمة بقسوة:
- أنت غير معقولة!!... أنت تتخبطين بين تناقضات رغباتك... ترتجّين بمكان، ما كان يجب إلا أن تكونين فيه ثابتة... أنا حقيقة لا أفهمك ولا أستطيع فهم أو استيعاب ما تحاولين فعله!!
فتغمض عينيها والغضب مازال يرتجف له أطرافها فتقول هامسة قبل أن تلتفت:
- أنا أشعر... أشعر... أنا فقط لا أستطيع النظر إليك الآن...
لتنصرف بعدها من أمام تيتريت المتجمدة والتي تصلبت العبرات بعينيها لتعود بوهن للخلف وترتمي على السور فتمسح بيديها على وجهها بإعياء ويجتاحها ذاك الحزن المرير الذي بات يكثر زيارتها منذ زيارة المدعو شقيقها... "مليكة" تلومها على انسياب الأسى من جوانبها لكنها لا تستوعب فعلا أن ذاكرتها تتشبث بما رأت وشعرت فتأبى تركه لذا تعلمت كيف تتعايش معه لكن مجيء يحيى زعزع ما كان كامنا لسنوات ليبزغ الألم بحدته من شقوق الأيام والأعوام وهذا ما يحضها أكثر على الاستمرار لتخمد الألم وتطفئ قبس الشجن بأعماقها...
منهكة وقد خارت قواها لكنها أجبرت نفسها على التحرك فاستقامت واقفة تنوي الذهاب للبيت لعلها تفسح المجال لإراحة أفكارها من تخمين متعب وموجع... ومع أول خطواتها استوقفتها السيارة التي توقفت أمامها مباشرة لتتفاجئ بيحيى الذي ارتجل وسار نحوها مسرعا وبادر بالسؤال:
- هل أنت بخير؟
منذ لمحته يترجل وهي تتذرع لله قوة تشحذ بها حواسها فألم الذكريات يخذلها الآن مستضعفا همتها وزحف الأسئلة يلهيها... كان القلق بعينيه وقد أعاد السؤال ما أثار الشك بداخلها فضاقت عينيها عليه وقد حامت عينيه عليها يتفحصها قبل أن يقابل عينيها مقتربا ليزيد شكها بسؤال ثان:
- هل تأذيت؟ هل تتألمين؟
زمت شفتيها حنقا وضيقت عينيها أكثر لتسأله بدورها:
- هل تراقبني؟
- لما لا تسمينها اطمئنان... فنحن نطمئن عليك...
جذبت الكلمات نظراتها للغريب الذي أجاب مقتربا بدوره لينظر لها عن كثب... كان بطول يحيى لكنه أعرض المنكبين... الشبه بين الاثنين واضح لذلك لم تتفاجئ عندما تحدث يحيى مقدما إياه:
- أسامة.. شقيقك.
ضيقت عينيها تنظر له عن كثب... كان يضاهي شقيقه وسامة وخشونة إلا أن هناك جموحا ينفر من عينيه وشدة ترسم ملامحه... نقلت عينيها بين الاثنين بعدم اهتمام لتقول بعدها بسخرية لاذعة:
- وبعد هذا التعارف العائلي... المتأخر... ماذا تريدان؟
اشتدت شفتي أسامة بينما ابتسم "يحيى" بتسامح فاجئها وقال:
- لما لا ندعوك للغذاء... ونتحدث؟
رفعت حاجبها ترمق "يحيى" بتهكم حفز حواس الواقف بجانبه فتكورت قبضته وزاد ضغطه على شفتيه لتتحدث بنبرة ساخرة مستفزة وقد لاحظت ردة فعله:
- لما لا تتحدثان بما تريدان دون المواراة خلف مجاملات مضحكة بسخافتها كما لم تعد لائقة بحالتنا هاته؟
التزم "يحيى" الصمت محدقا لكن "أسامة" الذي لم تكن مخطئة في نظرتها فلقد اشتعل الغضب بعينيه واقترب قائلا بجمود وتصلب:
- حسنا... إن كنت تفضلين ذلك...
ليتابع متسائلا:
- ماذا قررت إذن؟
رفعت حاجبيها لثوان قبل أن تفتر شفتيها عن ضحكة صغيرة لم تكن إلا استهزاء بالسؤال فتتسع أكثر وهي ترى تأجج الغضب بعيني شقيقها لتقول ببساطة وهدوء موجهة حديثها للاثنين معا:
- كنت أظنكما من الذكاء بحيث ستختصران عليكما هذا الموقف بما يحمله من رفض و... إهانة!!
بجوابها كانت تعلم أنها تستفزهم لكنها لن تمنع نفسها عن التخفيف عن صدرها درأ همومه تحت استمتاع وبهجة جعلهم يرون أنفسهم كما تراهم لذا فقد التوت شفتيها بسخرية وقد خطا المدعو شقيقها نحوها ليستوقفه يحيى الهادئ ممسكا بذراعه متمتما له ليعلو صوت الآخر بغضب وقد ثبت عينيه عليها :
- لم يعد يهم... ستأتي معنا حتى لو أجبرتها على ذلك!!
صوت يحمل من العنفوان الكثير والتحدي أكثر، أطرب مسامعها وأرقص حواسها سعادة خاصة ودوامة الذكريات مازالت أثارها تعارك البرود الذي غلفتها به ، كان من أجابه:
- فلترينا إذن كيف ستجبرها... أيها القوي...


epilobe غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم إني أسالك بأحب الأسماء إليك وأقربها عندك، أسالك ربنا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
أن ترفع الكروب والغموم والظلم عن أمة الإسلام، وعن إخوتنا في أرض الشام وسائر بلاد المسلمين ، اللهم عجِّل بنصرك الذي وعدت، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك
قديم 05-05-18, 10:59 PM   #36

epilobe
 
الصورة الرمزية epilobe

? العضوٌ??? » 141258
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 676
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » epilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond repute
افتراضي

تم الفصل
قراءة ممتعة



epilobe غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم إني أسالك بأحب الأسماء إليك وأقربها عندك، أسالك ربنا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
أن ترفع الكروب والغموم والظلم عن أمة الإسلام، وعن إخوتنا في أرض الشام وسائر بلاد المسلمين ، اللهم عجِّل بنصرك الذي وعدت، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك
قديم 06-05-18, 11:25 AM   #37

عمر أبوبكر
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 129334
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 79
?  نُقآطِيْ » عمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم ايدك فصل ممتع

عمر أبوبكر غير متواجد حالياً  
قديم 06-05-18, 03:44 PM   #38

lolo ahmed

? العضوٌ??? » 317107
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 738
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » lolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond reputelolo ahmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اسلوبك مشوق جدا وممتع ومتحمسه لمتابعه الروايه معاكى موفقه دائما

lolo ahmed غير متواجد حالياً  
قديم 12-05-18, 11:59 PM   #39

عمر أبوبكر
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 129334
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 79
?  نُقآطِيْ » عمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond reputeعمر أبوبكر has a reputation beyond repute
افتراضي

منتظرين فصل الْيَوْمَ

عمر أبوبكر غير متواجد حالياً  
قديم 13-05-18, 12:03 AM   #40

سحرمجدي

? العضوٌ??? » 351107
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 870
?  نُقآطِيْ » سحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond reputeسحرمجدي has a reputation beyond repute
افتراضي

waiytinggggggggggggggggggggggggggg

سحرمجدي غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
عطر،حواء،عطر حواء، epilobe

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.