11-12-18, 04:00 AM | #468 | |||||||
| الفصل العشرون تراجع "يحيى" للخلف بهدوء يدقق بنظراته الغامضة بشريفة المرتجفة التي تلونت بشرتها بلون زهري يعبر عن مزيج مشاعرها التي لم تتبين منها سوى الخجل .... كانت تشعر بمشاعر غريبة ومتضاربة جعلتها تحدق به بذهول و بضياع ... تعدى الارتجاف فؤادها ليحتل أطرافها كما ضاعت الكلمات بين خضم مشاعرها. بحنو اقترب "يحيى" نحوها ليوجهها نحو الأريكة و يجلسها ... فيحاذيها دون أن تترك عينيه التدقيق بملامحها ومشاعرها المتعاقبة التي اعتلت صفحة وجهها ... بينما "شريفة" فكانت تصارع مشاعرها ... تنازل خفقات قلبها المشتاقة لهذا التقارب ... تحارب لتجد ذاتها التي سلبها إياها بقبلته ... لكن ما كانت أكيدة منه أن علاقتهما بعد هذا التقارب لن تعود لما كانت عليه. في ظل إدراكها هذا رفعت عينيها اللتان تحملان الكثير من القلق و عدم اليقين و الذي جعل "يحيى" يزيح يديه من على ذراعيه مبتعدا قبل أن ينهض من مكانه مبتعدا للطرف الآخر من الغرفة قبل أن يقول بصوت هادئ . .. : - آسف ... أعلم أن لعلاقتنا حدودا أنت من وضعها و باختيارك فيضيف ملوحا بين يديه : - و أنا بالفعل يا شريفة تعبت من الأمور المعلقة بحياتي ... فيما يخص شقيقتي و فيما يخصك أيضا ... أنا وأنت نعلم أن علاقتنا لم تعد كما كانت ... علاقة لم أكن راض عنها لكنني تحملت لأجلك ... لأنني كنت موقنا أنك لن تتحملي إجبارا آخر بعد كل ما عشته و أنا لا ألومك فتنهد مغمض العينين و هو يلاحظ حوم حدقتيها بالمكان متهربة من ملاحقة عينيه لها : - وأنا لست من يفرض نفسه على امرأة لذا فأنا للمرة الثانية يا شريفة أضع الاختيار أمامك ... هل تريدين لهذه العلاقة أن تأخذ مجراها الطبيعي أم ..... لا كانت كلمته الأخيرة التي نطقها بجمود ما جعل عينيها تعود لتتطلع بعينيه بتوجس و توتر فيتابع بنفس الهدوء الذي دثر ما يخالجه من مشاعر : - الأمر ببساطة يا شريفة ... أنني أريدك .... أريدك بحياتي .... و ما كانت عليه علاقتنا متعب ... متعب جدا و بات غير محتمل. *************************** تعثرت "تيتريت" بين الجمع المتدافع الذي هلع عندما سمع فرقعات قوية من جانب قريب من حيث وقوفها ... سارت مع الكم المندفع مبتعدة عن المكان حيث كانت تقف عندما شعرت بأنفاس على رقبتها وبحرارة جسد آخر تلفها قبل أن يصل لمسامعها صوت أنفاس لاهثة. قطبت منفعلة وحاولت الالتفات لكن التدافع حال دون التفاتها. خطوات بعدها شعرت بتدافع قوي خلفها و بأصوات متعالية قبل أن يخف الزحام وقد انتشر الجمع بالمساحة بين الألعاب. توقفت تتبين ما حصل بعبوس وحيرة قبل أن يصل لها "أيمن" القلق و الذي هتف بها مستفسرا : - هل أنت بخير ؟ هل أصبت ؟ هزت "تيتريت" رأسها نافية و قالت بحيرة : - ـأنا بخير ... لكن ما الذي حدث ؟ لم أدرك ما حصل . لف "أيمن" ذراعه حولها زافرا بارتياح قبل أن يقول بنفس حيرتها : - لا أعلم ... فلقد كنت أبحث عنك بين الجمع الذي ظهر من اللاشيء أومأت "تيتريت" و سارت برفقته ... يتبادلان التساؤلات حول ما حصل قبل أن يسأل "أيمن" الرئيس الأمني الذي كان في طريقهما .... فأجابهما مقطبا أن الأمر ربما لا يتجاوز شقاوة مراهقين افتعلوا الأمر غير مدركين خطورته. تقبلت "تيتريت" الأمر باستهجان بينما أيمن التزم الصمت مقطبا ينصت لكلمات تيتريت المستنكرة لمثل هذه الأفعال ... رافق "أيمن" تيتريت" للبيت بنية الحديث مع "عمر" و الذي وجده بمكتبه يولي ظهره لباب المكتب ... أقفل "أيمن" الباب بهدوء قبل أن يسأل بصوت جامد : - ما الذي تفعله بالضبط يا عمر ؟ التفت "عمر" لأيمن الذي أذهله الغضب الطافح من عيني ابن عمه و الذي قال مكتف اليدين بنبرة ساخرة ... قاسية : - الآن بالضبط كنت أتساءل مدى غباءك الذي دفعك لترك شقيقتك وحيدة بمكان يضم جماهير غفيرة ... ومختلطة أومأ "أيمن" مبتسما بسخرية قبل أن يرفع عينيه و يقول مصرحا : - إذن فالأمر كما تكهنت تماما .... فرجالك من كانوا يلازموننا كل الوقت . ابتسم "عمر" بتهكم و سار ليجلس بكرسي مكتبه و علق على كلمات أيكن بكلمتين ساخرتين : - ذكي جدا أراح ظهره على مسند كرسيه و رفع عينيه ليدقق بأيمن الذي تقدم نحو المكتب و اسند يديه عليه مقتربا من عمر وقال : - ما الغرض من الحراسة يا عمر ؟ ميل "عمر" شفتيه بملل ولم يكلف نفسه عناء إجابة أيمن بل قال بنفس سخريته القاسية : - غرض كل حراسة يا أيمن .... سؤالك يحمل الإجابة . بفقدان صبر ضرب "أيمن" على المكتب و صاح متسائلا : - أنت تعلم قصدي ... لماذا بحق الله تحتاج تيتريت لحماية ؟ ما الذي يجري بحياة شقيقتي و نحن لا نعلمه . راقب "عمر" بهدوء مغيظ المكان حيث ضرب أيمن قبل أن يرفع عينيه بتمهل نحو "أيمن" الذي برز التوجس و القلق واضحا من بين طيات الغضب فقال عمر مركزا نظراته عليه : - الكثير .... الكثير هو ما حصل يا أيمن فيرفع يده مستوقفا "أيمن" الذي هم بالحديث و يتابع مركزا على كلماته : - ألا زلت تسأل ما الذي حصل ؟ ارتجفت العضلة بخد "أيمن" توتر ... وهذا لم يفت "عمر" الذي تقدم للأمام بجلسته ليقول مدثرا ذاك الألم الذي ينهشه و بهدوء : - أتعلم يا أيمن هناك أسئلة تفقد معناها مع الزمن ... تفقد أهميتها ... أتساءل هل معرفة ما حصل سيغير شيئا بالنسبة لها ... هل سيكون لها بلسما لجروحها ... أم ربما سيكون لها ترياقا للنسيان ... لا أظن يا صديقي ... فأحيانا يكون كتمان الشيء أقل ضررا بجمود سأل أيمن : - أقل ضررا لمن بالضبط ؟ لمعت عيني "عمر" بغرابة قبل يقول بجزم : - لها .... ومن أجلها على وجه الخصوص . - ما يعني أنني لن أحصل على إجابة لسؤالي عاد "عمر" ليسند ظهره على مسند كرسيه وقال مزيحا عينيه عن أيمن و متصفحا الملف أمامه : - بل العكس .... لقد حصلت على إجابتك إلا انك كنت أقل تركيزا لتستوعبها . تنهد "أيمن" ... وانسحب مثقلا بألمه و أفكاره المتطايرة ليسمع صوت "عمر" قائلا : - لن أستطيع منعها من مغادرة المنزل .... لكن احرص ابتعادها عن الأماكن المكتظة أغمض أيمن عينيه متنهدا ... فوضى أفكاره وكلمات ابن عمه لم تمنحه المساحة الكافية للاستيعاب ... أو إدراك حيثيات الحديث و ما يخفيه فغادر مثقلا أكثر مما دلف بينما "عمر" فأبقى رأسه منخفضا نحو الأوراق للحظات بعد خروج "أيمن" قبل أن يزيح الملف من أمامه بغضب هاتفا : - تبا لك يا "أيمن" ... تبا لك ... فإغفالك عنها لثوان جعله يقترب لدرجة لم أكن أعتقد أنه سيفعلها . **************************** | |||||||
11-12-18, 04:01 AM | #469 | |||||||
| تردد "أسامة" في الحديث وهو ينظر لـ"مليكة" المنحنية على العقد الذي جهزه لعملها معه ... كانت نفسه تحثه على سؤالها ... لكن توجسه ينازعه و يحبط محاولاته ... الأمر يحتاج فقط لكلمات من مصدر ما ليتأكد فهو كما شقيقيه على يقين أن المكتوم بحياتها .... أشد قتامة وأشد ألما .... منهك هذا التخبط بين الشك و اليقين ... منهك لدرجة الوجع ... اسماه وجع لأنه لم يستطيع إيجاد وصف آخر له ... ربما هو شيء آخر ....ربما شعور مختلط بين الألم و الذعر ... ربما خوف ... ربما ذنب ... لكن ما توصل إليه أنه بالإعراض عن الخوض بالموضوع و البحث عن الحقيقة يوهم نفسه أن لا شيء حصل ... بينما كل شيء حصل . كان تائها بأفكاره بحيث لم ينتبه لمليكة التي أتمت ما تفعله و رفعت عينيها تتفحص ملامحه ... كان متباعدا ... الألم الطافح من عينيه و التيه المتغلغل بروحه جعل قلبها يهفو لحاله ... فهي ما شاهدته قبلا إلا جبارا ... متسلطا ... لاذع اللسان. نادت باسمه للفت انتباهه لكن أفكاره كانت قوية بحيث حجبت عنه صوتها فامتدت يدها ليده تنبهه لوجودها. عاد من أفكاره على لمسة خفيفة على يده جعلته ينظر لعينين باللون الأخضر الباهت ... متسائلتين . ترجمت مليكة سؤالها كلمات و ربتت على يده تحثه على البوح ليفاجئها كما فاجئ نفسه بضم كفها بين قبضته بحنو قبل أن يتحدث : - أعلم أن الانتظار مؤرق .... كما أعلم جيدا أن الإنسان يفقد شيئا من نفسه في لحظات الانتظار . عندما كنت في الطيران الحربي و تعرضت للحادث ... و خلال انتظار النتائج التي كانت ستحسم مستقبل عملي ... تعلمت شيئا بخصوص الانتظار وهو أنه يسقيك من كأس التوجس والقلق وأنت ملهوف للاطمئنان ... في الانتظار يا مليكة محنة ... فهل انتظرت كثيرا ؟؟ كانت "مليكة" تحاول استيعاب مقصده من الكلمات ليأتي سؤاله الأخير يحمل مفاتيح كلماته الغامضة ... فتصلبت بجلستها و حاذت بعينها عن الرجاء بعينيه ... لكنها عادت لتنظر له بقسوة وقد عادت ذكريات عذاب شقيقتها لتتجسد أمامها : - ربما ... عندما كانت أصغر من تعي ما يحصل ... لكن إن كنت تسألني هل انتظرت شيئا منكم فأنا لا أعرف فرغم ذلك آمال الإنسان تظل مدفونة بأعماقه لكنني ما أعلمه و أستطيع أن أكده لك أنها كانت تعلمت ألا تنتظر شيئا منكم ... ببساطة كانت أكيدة لا تتشارك و إياكم سوى الاسم ... فقط أومأ وقد بلع ريقه بصعوبة وقال بسخرية و الابتسامة التي ارتسمت على شفتيه تحمل من المرارة ما جعلها تشفق لحاله : - كلاهما عذاب يا مليكة .... الانتظار .... و التوقف عن الانتظار ... كلاهما يؤلم . هزت كتفيها ونحت الشفقة التي باتت تحتل قلبها نحوه ... لتقول بقسوة : - صدقني "تيتريت" تعلمت منذ طفولتها ألا تنتظر أحدا ... و تعلمت بعد ذلك أن الحياة أقصر من أن تغرق نفسها بالشفقة على النفس ... تعلمت أن تحور آلامها لما يجعلها أقوى ... أنصت "أسامة" لكلمات "مليكة" بقلب خافق ليصمت بصمتها ... قبل أن يقرر فيترجم الكلمات سؤالا وجهه بنبرة خفيضة ... أثقلها هم الإجابة : - وما الذي حصل بالضبط يا مليكة ؟ ارتجفت حدقتي "مليكة لجزء من الثانية كانت كفيلة بأن تجيب "أسامة" عن الكثير مما يحيط بسؤاله ... أزاحت عينيها عنه قبل أن تنسحب من أمامه و وتقول تحت نظراته المتفحصة : - لما تسألني أنا يا "أسامة" ؟ أليس الأجدر سؤالها ؟ ضحك "أسامة" بمرارة و توتر قبل أن يمسح وجهه بكفيه و يقول معيدا نظراته نحوها : - كنت فعلتها لو وجدت الجرأة يا مليكة .... لكن ما فعلناه بها أفقدنا جرأة السؤال و الحق فيه. لم تجادله مليكة في ذلك فكان قوله سديدا ... حقيقيا ... كما لم تجد في نفسها القدرة على مؤازرته ... هي تعلم أنه عند تخلي والده عن تيتريت لم يكن أسامة سوى طفل لا يفقه ما يحصل لكن كلما استحضرت صور شقيقتها بمحنتها مع باتريك إلا و تجدد الحقد عليهم جميعا .... و حتى على نفسها. - ها ستسامحنا يوما ؟ جذبها السؤال الهامس بالنبرة المرهقة لأسامة لتقول متنهدة وهي نفسها صارت متخبطة في تحديد جواب لهذا السؤال : - من يدري ؟ ربما يوما ما ؟ حاول ....وانتظر. | |||||||
11-12-18, 04:02 AM | #470 | |||||||
| تفننت "تيتريت" تجنب الجميع لبقية اليوم ... لتلجأ ساعة نومهم للأشجار بحديقة عمها. لقد عاد الأرق ليحتل لياليها فيجعلها تنبش بذكرياتها .... كانت تكره هذا الاجترار للذكريات وما يحمله من رعب و خوف وألم . تحتاج لفعل شيء يلهي ذهنها عن البحث بصندوق الذكريات الذي فتح ... تحتاج للانشغال بشيء ما يجذب أفكارها بعيدا ... تألقت بذهنها فكرة العودة لمكتبها بباريس لكنها تعلم سلفا أنها أباها لن يقبل حتى مناقشة الفكرة لذلك عليها إيجاد ما تفعله بعيدا عن مشاكل الجمعية التي باتت تزيد فتح غرف الأسرار بذاكرتها. - تيتريت النداء باسمها جعلها تلتف حول نفسها مستطلعة هوية المنادي و الذي لم يكن سوى ابن عمها الذي صار يجد في نفسها قبولا لم تعهده في نفسها نحو غريب .... غريب ... اقترب "عمر" بملامح لا تقرأ حتى استطاع النظر لملامحها مستعينا بضوء القمر المنير و تحدث متسائلا : - هل أنت بخير ؟ ماذا تفعلين خارجا بهذا الوقت ؟ هزت كتفيها باستسلام قبل أن ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها و تجيبه ببساطة : - حسنا لقد عينني الليل حارسة على النيام ألست "تيتريت" و مرجعا للسيارة ابتسم بحنو قبل أن يسير بعينيه على ملامحها و يقول بهمس : - نعم ... "تيتريت" ... ممتن لليل إذن أنا كما الكثيرون . - لماذا ؟ لمعت عينيه وهمس وميل شفتيه بابتسامة ماكرة : - لأن الإنسان يحتاج لنجمة بسمائه و يضيف غير متيح لها فرصة التأمل بكلماته : - تعالي .... سنسير . عبست مقتربة نحوه قائلة باستفسار : - ألا عمل لديك غدا ؟ - هيا "تيتريت" .... أ تكرهين مرافقتي لك . هزت كتفيها وتجاوزته غافلة عن نظراته التي لمعت بما يحمله لها قبل أن يدثرها و يجاورها في سيرها .... سارا في ظلمة الليل و صمته ليفاجئها بالسؤال : - ما الذي يؤرقك يا تيتريت ؟ لم تماطله بالإجابة ... فكانت الإجابة كلمة واحدة اختصرت الكثير : - الخوف أغمض عينيه لبرهة ... وضم كفيه المخفيتين بجيوب سترته الصوفية و سأل بهدوء لا يعكس ما يعتمر بداخله : - مما ؟ بزفرة ساخرة أجابته : - من لا شيء ومن كل شيء ... كان بنهاية الطريق حيث سارا جدع مركون أشار لها الجلوس عليه ليتخذ مكانا بجانبها و يقول : - ولما لا؟ فهذا طبيعي مادمت إنسانا .... لكن لا تجعليه يحكمك ... و يقيدك فيصير مرضا سيكون التخلص منه أرهق من الإصابة به. - كيف؟ ابتسم ملتفتا نحوها ليقول وشفتيه تميلان بمكر : - كيف تحتاج للبوح والبوح يحتاج للثقة .... فهل أنت مستعدة لذلك ؟ ميلت رأسها بعيدا عن عينيه مغمضة العينين ... تخفي المرارة التي لمعت بعينيها ... فالبوح بالنسبة لها باب مشرع للذاكرة ... باب لعودة الآلام فهل تستطيع فعل ذلك و رفقة أحد أفراد آل ملاك ... فهمست بنبرة ألبستها السخرية وهي تنطوي على الترح : - بعض البوح يا ابن عمي سيحزن الآخرين دون أن يخفف من أحزان البائح - ربما .... وربما تقاسم الأحزان يخفف عن حاملها ... ربنا لا تحتاجين لأذن لتنصت فقط ... تحتاجين لترميم الأشياء المعطوبة بداخلك ... تحتاجين للبوح الشفاف لمن يكون تذكرة عودة لك .... و ليصمت بعدها رافعا رأسه للمساء المضيئة بالنجوم بجمال أخاذ لتقول هي ملتفتة نحوه بحاجب مرفوع : - و ؟ ..... ماذا ؟ نظر لها مبتسما بغرابة و لمعة تحاكي غرابة ابتسامته ليقول بصوت مبحوح : - لم يحن وقتها ... ضحكت "تيتريت" باستمتاع لتقول معدلة جلستها لتنظر له : - أنت غريب ... مستعصي القراءة ... تشبه العم جلال و لا تشبهه ... أنت غامض ضحك "عمر" وهو ينصت لها تحاول وصف ما هو عليه باستمتاع ليقول بعدها بتسلية : - هذا جيد ... هذا يجعل منا اثنين ... ويتابع وهو يلاحظ علامات عدم استيعابها لمقصده : - أقصد أن هذا يجعل كلا منا مثيرا لفضول الآخر .... وهذا المقصود بالبوح الشفاف ... ربما سنعرف أحدنا الآخر أكثر. ابتسمت دون أن تجيبه ليقول بعد لحظات متجنبا الضغط عليها : - كنت أتساءل .... كيف دفعت عائشة للخروج ؟ عادت للالتفات نحوه تحكي له ما فعلت لتدفع عائشة للخروج من شرنقتها المظلمة ... الحماس الذي تلت به كلماتها كان كفيلا بأن ينير قسمات وجهها و البهجة بنبرتها جعلت عينيه تجدان صعوبة في الابتعاد عنها ... وبهذا استمرا تسامرهما لوقت طويل لم يدركاه . ************************************ كان الليل قد انتصف عندما خطت شريفة بتردد لغرفة يحيى الخالية بجناحها .... كان صدى كلماته ما تزال تسكن مسامعها ... لا طالما علمت أنها تستغل شهامته لتبتعد عن عائلتها و لا طالما علمت أنها ليست ملائمة له . ابتعدت عن طريقه مستكثرة إياه على نفسها و غير قادرة على استغلال شهامته أكثر لكنها الآن وهي تحبه وهو يريدها لن تستطيع مقاومة تلك الحاجة ليكون لها أكثر .... لن تستطيع الابتعاد سارت لسريره تنظر له بتوجس مجهول المعالم و توتر قبل أن تتقدم لتستلقي بمكانه ... متلمسة بأناملها الوسادة التي تحمل عطره المسكي النفاذ ... قبل أن تغرق بنوم عميق محتضنة وسادته. بينما "يحيى" فبعد التسليم من صلاته اعتدل بجلسته على السجادة .... همس للخالق بما يؤلمه ... بما يؤلمها .... بما يبعدهم ... فالبوح له .... صدى لا يضيع . عاش ضعفه بين يدي خالقه ... و بكى بحضوره وحده ... و شكا منهم ... خفف من حمله الثقيل و اهتدى لخطواته المقبلة. غادر غرفة مكتبه و سار بخطوات ثقيلة نحو جناحه ـ... توقف للحظات ينظر لغرفة "شريفة" قبل أن يعود لهز رأسه و يتوجه نحو غرفته حيث كانت تفاجا وهو ينظر للجسم المتكور بمكانه و المحتضن لوسادته بقوة ... كان الأمر مفاجئا مما جعل خطواته تتوقف لدقيقة و عينيه تتطلع عليها بتفحص ذكوري قبل أن يتقدم نحوها و يجلس بجوارها. رفع أنامله يتحسس وجنتيها ... و رموشها ... ابتسم ملاحظا انزعاجه التي عبرت عنه بزمجرة خفيفة ثم ابتعادها عن مسار أنامله ليعود مزعجا إياها بلمساته فينحني نحوها هامسا ما غن فتحت عينيها لتصطدم بعينيه : - إنك تنامين مكاني . رمشت "شريفة" بعينيها تطرد النعاس عنها وتحاول استيعاب ما يحصل تحت نظرات "يحيى" المتسلية و الذي انضم لها مستلقيا بجانبها يضم جسدها لجسده وكاتما كلماتها بشفتيه .... ليستهلا الزوجين علاقتهما التي تأجلت كثيرا . ***************************** | |||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
عطر،حواء،عطر حواء، epilobe |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|