شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   خانني من أجلك(2) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة بين قلبي و عقلي (https://www.rewity.com/forum/t410036.html)

نغم 25-04-18 07:03 PM

الفصل الثاني



تأملت الرجل العابس الواقف أمامها بملامحه التي بدت مألوفة لعينيها المتفحصتين . ازدادت نظراتها حدة و هي تتذكره أخيرا :
المعدم شقيق المعدمة !
هذا ما كان ينقصها في هذه اللحظة ، ما الذي يفعله هنا ؟ ألا يكفي أن أخته الصغرى دائمة التواجد حتى يأتي هو أيضا و يحتل بيت ابن خالتها.
هنيئا لهم ، يحق لهم هم من قضوا عمرهم محرومين من مباهج الحياة ، يحق لهم أن يرتموا في أحضان نعيمه و خيراته ، هو من فتح أبواب بيته على مصراعيه أمام أطماعهم و وصوليتهم.
واجهت العداء في نظراته بعداء أكبر و لم تنس أن تضيف إليه جرعة قاتلة من الاحتقار و الاستصغار .
لثوان طويلة ظلت المباراة قائمة بين عينيه و عينيها ، مباراة صامتة من الكلام متفجرة بالمشاعر الغير منطوقة .
و أخيرا حين لم تعد تستطيع الاكتفاء بالنظرات لوت شفتيها باشمئزاز بينما راقب هو ردة فعلها دون تعبير في وجهه ، فقط رفع حاجبه الأيسر قليلا في تساؤل بارد ثم عادت ملامحه إلى جمودها قبل أن يلتفت إلى الخلف و ينادي بصوت حازم :
- ياسمين تأخرنا

ياسمين ، اسم جديد انضم لقافلة الجوعى مقتنصي الفرص .
تظاهرت بفعل شيء ما بهاتفها حتى ترضي فضولها بشأن هذه الياسمين ، سمعت صوت كعبها العالي الرخيص يعلن عن قدومها ثم ظهرت في آخر قاعة الاستقبال تسرع بخطاها ، تلبي نداء سيدها بينما كل شيء فيها يرتجف : رموشها ، ابتسامتها و صوتها الناعم و هي تقول :
- آسفة حبيبي ، اعذرني ، أخذني الكلام مع ليلى فلم أنتبه إلى الوقت.

حبيبي ؟ إذن صاحبة الوجه الجديد تكون المعدمة زوجة المعدم شقيق المعدمة. زمت شفتيها بضيق و هي تلاحظ بعينيها الخبيرتين أن حذاءها ماركة معروفة و حقيبتها الصغيرة كذلك و حذاءه هو أيضا للأسف .
و لكن ما فائدة الماركات إن تزينت بها أجساد لا تليق إلا بالخرق.
رأت الفتاة تتوقف حائرة أمامهما ، تنتظر ربما أن يقوم بتعريفهما إلى بعضهما البعض .
" فقط في أحلامك عزيزتي يكون لك الشرف في أن تتعرفي إلى من هي مثلي " ، فكرت في ترفع و هي تتخيل بسخرية ماذا عساه يقول كجملة تعريفية :
" زوجتي المعدمة أعرفك على شاهيندا بنت الأكابر التي رفضها ابن خالتها ليتزوج أختي المعدمة و شكرا "
أخيرا أنهى هو الإحراج حين خطى خارج الباب و خارج أفكارها الغاضبة ، تبعته جاريته في تردد و هي تلتفت إليها أكثر من مرة بنظرات اعتادتها من بنات جنسها ، نظرات تتراوح بين الانبهار و الحسد و الغيرة الواضحة .
أشارت بيدها بحركة خالية من المعنى بعد اختفائهما ثم تنفست بعمق و أسرعت إلى خالتها .
قابلتها في منتصف المسافة و هي تبحث عنها بدورها.
- ما الذي أخرك يا شاهي ، بادرتها بقلق لم تحاول إخفاءه
- لا تخافي خالتي لم أقابلها ، قالت و هي تتطلع إليها بعتاب حزين ، تأخرت لأن شقيقها و زوجته اعترضا طريقي عند دخولي
- عصام أتى ؟

رفعت السيدة ثريا حاجبيها في استغراب أنيق ثم أضافت و هي تتقدمها إلى الغرفة المنزوية :
- و تلك خطيبته بالمناسبة ، لم يتزوجا بعد
" زوجته ، خطيبته ، زفتته و كأني أهتم " ، تمتمت في سرها قبل أن تتنهد بعمق و تلقي حقيبتها بلا مبالاة على الأريكة الجلدية الداكنة و تجلس على طرفها بتوتر.
- ما الخبر يا شاهي ؟ سألتها خالتها و هي تجلس بجانبها و تشاركها التنهد
- خبران يا خالتي
- اِبْدَئِي بالخبر السيء
- كلاهما سيئ
- أمرنا لله ، تمتمت بهدوء ، اِبْدَئِي بالأسوأ
- فسخت خطوبتي
- مرة أخرى ! قالتها دون اندهاش كبير ، و الخبر الثاني ؟
- منذ أيام و أنا أشك بأن أبي يخون أمي و اليوم تأكدت
- مرة أخرى ، قالتها دون أي اندهاش هذه المرة لكن باستسلام.

استسلام تحول إلي شيء من الأسى و هي ترى دموع ابنة أختها تغدرها و تفضح تماسكها الزائف
و تسيل في صمت أبلغ من ألاف الكلمات .
ضمتها إليها بلطف بينما أصابعها تتخلل شعرها الناعم في حركة رتيبة ، تحاول أن تمتص قليلا من غضبها ، من ثورتها و خاصة من ألمها.
هكذا اعتادت أن تفعل معها منذ تجاوزت الفتاة أعتاب طفولتها لتغرق فورا في مستنقع أبيها القذر و تبدأ بفهم معنى ألفاظ مشتقة من قاموس الخيانة و العشيقات.
كلمات كبيرة على فتاة في تلك السن و معاناة أكبر و أثقل .
لذلك حملت بشدة على عاتقها مهمة حمايتها و احتوائها و الحمد لله أنها فعلت فلولا وجودها لكانت البنت ضاعت تماما خاصة و أن أختها شمس انشغلت عن ابنتها بمحاولاتها الفاشلة لإصلاح ما لا يمكن إصلاحه : أخلاق زوجها.
كان دورا صعبا بالفعل و لكن من قال أنها ثريا خلقت لتعيش حياة سهلة ، هي تعرف أن الله لم يخلقها و يهبها كل ما تتميز به عن سواها لتنظر و تصمت بل لتتكلم و تقول رأيها بصراحة دون اعتبار لتلك الآراء التافهة التي تقول " لا تتدخل فيما لا يعنيك فتسمع ما لا يرضيك " ، كلا هي تتدخل بل و تسمعهم ما لا يرضيهم أيضا ، لن تصبح شيطانا أخرسا لأجل خاطرهم .
و لطالما قالت بصراحة لأختها ، قالت و أعادت عليها مرارا تكرارا أنها كانت ستضيع ابنتها تماما بإهمالها و بتفكيرها الصبياني الضيق .
خاصة و أن و البنت جميلة بل جميلة جدا في الواقع . و رغم انها كأم تحب ابنتيها أكثر من ابنة أختها بالطبع إلا أنها تعترف أن شاهيندا تتفوق جمالا عليهما ، أصلا هي الوحيدة بين البنات التي ورثت جمالها و جمال أختها شمس لكنها للأسف الأسوأ حظا بينهن كذلك .
لهذا السبب حاولت بشدة أن تغير هذا الحظ السيء الملازم للفتاة المسكينة .
تنهدت و هي تتذكر كيف سعت بكل جهدها أن تزوجها من ماهر ابنها بعد تَرَمُّلِه لأنه حسب رأيها حينها كان الوحيد المناسب لها .
و لأنها تثق في أخلاق ابنها ، تؤمن أنه أبدا لن يخون زوجته ليس و هو تربية يديها و يدي ممدوح . ماهر رجل يخشى ربه ليس مثل أولئك الأنجاس ، ليس مثل زوج أختها .
كان أكثر ما تمنته في ذلك الوقت هو أن تضم ابنة أختها إلى عائلتها و يهنأ بالها و فكرها من ناحيتها .
و لكن كان للقدر تصاريف مختلفة و لابنها ماهر رأي آخر ، إلى الآن تتذكر الاستنكار على ملامحه عندما طرحت عليه الموضوع لأول مرة .
- شاهيندا من التي تريدين مني الزواج منها يا أمي ؟ شاهيندا التي تصغرني بخمسة عشر سنة ، هل سأتزوجها أم سأتبناها ؟

و لكنها لم تبالي حينها و استمرت متشبثة بمحاولة إقناعه و استمر هو عنيدا صلبا في رفضه.
و الآن بعد ثلاث سنوات تعترف أنه كان محقا ، الآن فقط عرفت أن ما يبحث عنه ماهر لا تملكه شاهيندا .
شاهيندا غاضبة ثائرة تحتاج إلى من يروضها ، إلى من يمتص منها ألمها و تعبها و ماهر لن يفعل هذا من أجلها ، ماهر سبق و أن خاض حروبه الخاصة و يحتاج إلى مرفأ ليرسي سفينة حياته عليه.
و ليلى التي اختارها له القدر و اقتنع هو نفسه بها ، كانت له المرفأ و الحضن الدافئ .
ليلى هي من تحتمل منه دائما نوبات بروده و تباعده و بحنانها و حبها تعيده إليها في كل مرة . نعم عليها أن تعترف بهذا و لو مكرهة .
نظرت إلى وجه ابنة أختها الشاحب و إلى الدموع الملتمعة في عينيها و تأكدت أن شاهيندا لم تكن لتتصرف بتلك الطريقة معه ، شاهيندا تفهم الجفاء و البرود بشكل واحد لا بديل له ، تفهمه على أنه مقدمة لخيانة لها .
تنهدت مرة أخرى و هي تدعو لها من قلبها و عيناها تلتمعان بدموع أكبر سنا : " يا رب اجبر بخاطرها يا رب ، يا جابر الخواطر يا رب "
هي أكثر من يعرف أن وراء الواجهة المغرورة الباردة ، فتاة مكسورة إلى آلاف القطع.
و كأن شاهيندا قرأت أفكارها فهمست بحزن في نفس اللحظة :
- أشعر بأن قلبي مكسور يا خالتي
أشعر أني أضيع رغم أن المفروض أني كبرت على الضياع
- لا أحد يكبر على الضياع يا بنتي ، لا أحد
إلا من يتشبث بالحق و الله هو الحق
- و نعم بالله يا خالتي ، و نعم بالله

غمرتهما السكينة لدقائق احترمت فيها المرأة الأكبر سنا صمت الشابة التي أخفت وجهها بين كفيها حتى سمعت ضحكتها الخافتة تقطعه ، ثم سمعتها تقول بصوت بلا روح :
- أذكر و أنا طفلة أني كنت مرة مع أبي في أحد المحلات و انحنت امرأة تقبلني و تخبرني كم أنا جميلة و كل ذلك الهراء ، هل تدرين ماذا قال لها ؟
- ماذا قال عديم الأخلاق ؟
- قال لها : على فكرة البذور التي أنتجتها مازالت موجودة ، تصوري يا خالتي
- طوال عمره و هو سافل يا ابنتي

زمت شاهيندا شفتيها بمرارة ثم قالت و هي تطرق برأسها :
- تعبت يا خالتي ، تعبت و احترت
…………………………………

نغم 25-04-18 07:08 PM

بعد أيام كانت السيدة جميلة تنظر بتجهم إلى ابنها الأوسط و هو يجول كأسد غاضب محاصر في غرفة الاستقبال التي بدت صغيرة عليه رغم حجمها الذي يفوق المتوسط .
- احترت في أمري معكم ، قال بحدة و هو يكاد يقتلع السجاد بخطواته الثائرة ، بالفعل احترت يا أمي
- عصام بني ، اهدأ ، اهدأ و فكر في مصلحة فرح
- آسف لكني لا أستطيع التفكير الآن سوى في كرامتها و كرامتنا جميعا.
ثم أية مصلحة يا أمي ؟ أنا أخبرتك أنهم وافقوا بل رحبوا في الشركة عندي أن تقضي فترة تدريبها لدينا .
- بني ، ليلى تقول..

قاطعها بغضب رغم محاولته التماسك :
- ليلى تقول ، ليلى تقول ، طبعا يحق لها أن تقول و يُسمع قولها مادامت حرم الباشا الذي لا ترد له كلمة.
- اهدأ بني و اسمعني للآخر ، أختك ليلى تقول أن قضاء فترة تدريبها في الشركة التي يديرها زوجها هي فرصة يحلم بها الكثيرون و ستكون مرحلة مهمة في سيرتها الشخصية .
- الذاتية يا ماما ، تكلمت فرح أخيرا

التفت إليها شقيقها و هو يقول بصوت فيه برود يناقض السخط في نظراته :
- و حضرتك طبعا تكادين تطيرين فرحة بعرض الباشا الكريم .
- شركته من أكبر الشركات في مجال الاستثمار المباشر في البلاد ، ردت عليه بهدوء
- و الشركة حيث أعمل لها نفس الأهمية تقريبا .
- لكنه هو رئيس مجلس الإدارة في شركته .
- طبعا ، قال بلهجة لاذعة ، بينما أنا مجرد رئيس قسم ، كيف يستوي الأمران ؟
- أبوك قال كلمته في الموضوع يا عصام ، قالت أمه في محاولة أخيرة لقطع النقاش العديم الجدوى.
- أبي قال كلمته لأنه لم ير كيف ينظرون إلينا ، لم يشعر بالاحتقار الذي في داخلهم تجاهنا يا أمي ، قال و هو يشيح بوجهه
- من ذا الذي يحتقر من ؟ تعالى صوت أمه باستهجان ، ما بك بني ؟ من أين لك كل هذا الإحساس بالنقص ؟
- ليس إحساسا يا أمي بل هو واقع ، منذ أيام حين كنت أحضر ياسمين من بيت زوج ليلى ، رأيت تلك الفتاة ابنة خالته أو ابنة عمته و لا أستطيع أن أصف لك كيف كانت تنظر إلي ، اسودت نظراته و هو يزفر بقوة .
- و أنت بني تريد أن تحرم أختك من فرصة العمر بسبب نظرات تلك الرخيصة التي لا تسوى ؟!!
بني حبيبي من الطبيعي أن تنظر إليك هكذا و من الطبيعي أن تكره كل ما يتعلق بأختك ليلى فعقلها المريض يصور لها أنها أخذت منها ما هو حقها.
و الآن اهدأ بني ، فكر في مصلحة أختك الصغرى و اذكر الله .
- أستغفر الله و لا إله إلا الله يا أمي ، حسنا سأرضخ لكم هذه المرة ، سأرضخ من وراء قلبي و لكن..

التفت إلى فرح و هو يواصل بهدوء صارم :
- تنتهي فترتك التدريبية و تنسين كل شيء عن ذلك المكان ، إياك ثم إياك أن أسمعك تقولين أنك ارتحت هناك و تريدين الاستمرار بالعمل تحت إمرة الباشا.

صمت قليلا إزاء صمتها ثم توجه إلى الباب و هو يقول بتحفز :
- و اعلمي أني أنا من سيُقِلُّك و يعيدك يوميا ، مفهوم
- مفهوم ، أجابته بهمس ضاع في صوت إغلاقه للباب بعنف.

………………….
بعد أسبوع كان عصام يركن سيارته كالعادة في شارع جانبي بجوار الشركة بينما يسألها بآلية كعادته كل يوم عما إذا كانت تحتاج إلى شيء. و كعادتها فتحت فرح الباب و خرجت و هي تقول له بابتسامة عرفان :
- لا أحتاج أي شيء شكرا يا عصام ، أرجوك انتبه لنفسك
هز رأسه و هو ينظر في المرآة الجانبية ثم قال بهدوء :
- إن شاء الله ، سأنتظر اتصالك عندما تنهين دوامك
- حاضر
أعطته ظهرها و استدارت تستقبل الصباح الوليد الذي بدأت العاصمة النشيطة بتلويثه دون رحمة .
سارعت في خطاها ، ابتسامتها تغادر شفتيها تدريجيا و هي تفكر في وضع أخيها معها منذ رفضت عرضه .
طوال هذه الأيام الأخيرة و هو مُصِرٌّ أن يخصها ببروده ، مُصِرٌّ أن يتجاهلها تماما و لا يسألها و لو بطريقة عارضة عن سير تدريبها في شركة ماهر .
هو في العادة حنون جدا لا تنكر بل الأكثر حنانا بين أشقائها الثلاثة لكن يا ويله من يأتي على عزة نفسه . وهو يرى الآن أنها أخذت خطوة لا تغتفر بتفضيلها عليه زوج أختها رغم أنه لا علاقة للتفضيل بالأمر.
وصلت إلى باب الشركة و قبل أن تدخل التفتت إليه تراقبه بحنان تخالطه بعض الحيرة ، كان قد أصبح في الشارع الرئيسي الذي تشرف عليه الشركة ، تركزت أنظارها على وجهه الوسيم و هو يفحص الطريق بعينيه الحادتين ينتظر الفرصة المناسبة أو ربما لحظة غفلة من سائق آخر ليشق عباب بحر السيارات التي لا تنتهي .
استقلت المصعد و هي تتمنى أن تقنعه بأن يرحم نفسه من هذا العذاب اليومي و يتركها تعتمد على نفسها و تستقل وسائل المواصلات مثل بقية الملايين الكادحة ، لكنها تدرك كما يدرك كل من يعرف شقيقها أنه لا فائدة في التكلم معه في موضوع أخذ فيه قراره فعصام لا يهزم عزة نفسه إلا صلابة دماغه .
استغلت خلو المصعد من أحد سواها لتتفقد مظهرها في مرآته التي كسى أطرافها بعض الضباب . استدارت بسرعة و هي تسمع الرنة التي تسبق فتح الباب ، عادت إلى الخلف قليلا و هي تفسح المجال للمرأة و الرجلين الذين لم ترهم من قبل و رفعت رأسها دون إرادة منها لتغرق عيناها داخل عيني الرجل الذي كانت في أعماقها تنتظر رؤيته منذ أسبوع .

.............................
تمَّ

نغم 26-04-18 09:15 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

و لكم أن تتخيلوا أعزائي ما الذي يفعله التجاهل بالهمة مهما كانت مرتفعة.
بجد حاجه صعبه جدا ان الكاتب يشوف عدد المتابعين بيزيد و رغم كده ما فيش حتى لايك
كمية سلبية لا يعلى عليها
بتصفح المنتدى من كام يوم لقيت كذا رواية مغلقة مع إنها كان فيها روايات تحمل فكره جديده أو مكتوبه بلغه حلوه أو فيها نوع من العمق الجميل و السبب هو قلة المشاركات أو انعدامها عشان نكون حقانيين ، ليه كده ؟؟
فيه طبعا السبب الي بيتقال على طول : احنا كقراء بقينا بنخاف من الكاتبات غير الملتزمات و ما بنحبش نتابعهم عشان ممكن يبطلوا كتابة الروايه في أي لحظه ، ما هو برضه تصرفكو بالشكل ده و بالتجاهل ده هيخلي أي كاتبه مبتدئه ما تلتزمش ، هيكون ايه دافعها عشان تلتزم و هي لا عندها لا مقابل مادي و لا مقابل معنوي .

الفصل التالت هيكون النهارده إن شاء الله الساعه 6 بتوقيت جرينيتش

Diego Sando 26-04-18 10:03 AM

حبيبتى الروايه باين عليها حلوه وانا ابتديت اتابعاها أن شاء الله المتابعين ليها يزيدوا وربنا يوفقك فيها بالنسبه للتعليق انا كنت مستنيه كمان كام فصل عشان اقدر الم بالاحداث شويه واقدر اقول رايى فى ابطال الروايه وموفقة

حروف ضائعة 26-04-18 11:30 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عزيزتي نغم

اولا احب ان اثني على ابداعك

ثانيا لا تدعي الاخرين مصدر لسعادتك او احباطك

ثالثا كثير من القراء مثلي من خلف الكوليس

رابعا صبرا جميل والله المستعان

هههه اصبري علينا الرواية في البداية مع الوقت والاحداث ستجدين العديد والعديد من الردود

للامام دائما غاليتي



حروف ضائعة

um soso 26-04-18 11:48 AM

صباح الخيرات
شاهنده اما غبيه او غبيه
تتحسر على واحد اكبر منها 15 سنه وارمل واحتمال كبير عنده اطفال
ثم ماهذا الانف اليابس وهذا التكبر على الناس
اشم رائحة نية ربط بين شاهنده وعصام
المغروره والمتكبره مع عزيز النفس وعالي الكبرياء
لكن المشكله بياسمين
يبدوا انها مسالمه وايضا حالتها الماديه جيده ولا يوجد سبب لتركها .. مجرد توقع مستقبلي يمكن يصيب او يخيب
فرح تتدرب بشركة ماهر
ياترى من الذي تنتظره من اسبوع
غرقها في عينيه يدل على معرفتها الشخصيه به
ياترى من هو
هل يمكن ان يكون اخو شاهنده باعتبار ان الشركه لابن خالته

على فكره كلام اخو شاهنده معها على الهاتف لم يعجبني وكانه مستعد لعرضها ولا يهمه موضوع الشرف خصوصا عندما يستهزأ بها ويقول ها انت رابعه العدويه ... عندي عليه علامات استفهام كثيره .. فهو ارتبط بمن تعرض الكثير من جسدها ولكن لم يهتم لانه يريد الصعود باسرع الطرق
شعاره الغايه تبرر الوسيله .. هذا النوع انا لااطيقه

المهم الان شاهنده ببيت ماهر ياترى هل ستلتقي بالزوجين او ستاخذ خالتها وترحل
اما الاب الخائن هذا يحتاج بانزين وكبريت
لانزال بالبدايه وينتظرها الكثير اكييييييييييد

واخيرا لاتزعلي حبيبتي انت لسه بالبدايه
ثم الا يكفيكي ام سوسو تتابعك

https://lh3.googleusercontent.com/-g...826-WA0013.jpg

ومعلومه صغيره عني انا اتواجد صباحا فقط ماعدا ايام الجمعه والعطل والاعياد
يعني فصلك القادم ساقرأه يوم السبت صباحا
الى اللقاء


عويشة 26-04-18 01:23 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

نغم 26-04-18 03:30 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربنا يجبر بخاطركو يا رب
حصل تغيير في الخطه و هنزل الفصل دلوقتي عشان عندنا خروجه مفاجئه
هرد على التعليقات بالليل إن شاء الله

نغم 26-04-18 03:33 PM

الفصل الثالث


شادي !
خفق قلبها بعنف و هي لا تستطيع إبعاد عينيها عن ملامحه المألوفة التي غربتها سنتان و نصف من الفراق.
شادي الذي رحل دون أن ينظر إلى الخلف .
شادي الذي أشعرها أنها عابرة سبيل في حياته المكتظة بغيرها .
ترك أثره على أيامها رغم أنها متأكدة أن مكانها لم يظل شاغرا و لو للحظة في حياته و الأرجح أنه لم يكن لها أصلا مكان لديه .
- فرح ، سمعته يقول بصوت خفيض بعد أن أطرقت برأسها أخيرا عندما اقترب منها ، كيف حالك ؟
- الحمد لله و أنت ؟
- بخير شكرا

بهذه الكلمات المختصرة و بعض الأفكار المرتبكة وصلا إلى الطابق السادس حيث توجد مكاتب الشركة ، توقفا في المساحة الفاصلة بين المصعدين المتقابلين و هما يتبادلان بعض الصمت المتوتر .
- أنا أقضي فترتي التدريبية هنا ، تكلمت أخيرا ، تجيبه على سؤاله الذي شعرت أنه لن يسأله .
- امم ، جيد ، جيد ، قال بعد أن سرح حنجرته قليلا ، لكن المفروض أنك تخرجت منذ سنتين أليس كذلك ؟

رفعت عينيها إليها بنظرة سريعة حائرة قبل أن تعود لخفضهما من جديد ، هل مازال يذكر ، هل مازال يهتم أصلا ؟
- بالفعل لكني بصدد إكمال دراستي العليا ، شرحت له و أصابعها تشتد على مقبض حقيبتها ، تحصلت على الماجستير في المحاسبة و أبحث عن أطروحة مناسبة لأبدأ رسالة الدكتوراه .
- جيد ، جيد ، قال ثانية قبل أن يضيف مبتسما : أتمنى لك إذن قضاء فترة تدريب موفقة لدينا .
- شكرا لك ، أستأذن منك الآن ، قالتها بصوت رسمي ككلماته و ابتسامته ثم استدارت تبتعد قبل أن يجيبها و قبل أن يبدأ بالتحرك ، فلتكن هي من يبدأ بالرحيل هذه المرة كرد اعتبار بسيط على رحيله في آخر مرة .
توجهت بخطوات سريعة إلى مكتب السيدة مروة التي تشرف عليها هذه المدة ، جلست على مكتبها و هي تستنشق ببطء هواء الغرفة النائم .
بآلية شغلت الجهاز ، دخلت على البرنامج و فتحت ملف عملها الذي قامت بحفظه بالأمس.
تجولت عيناها عليه بنظرات غير مستوعبة تماما بينما ذكرياتها تجرها رغما عنها إلى ذلك اليوم ، إلى آخر لقاء بينها و بين شادي ، تلك اللحظات التي تتمنى أن تمسحها من عمرها ، تلك اللحظات التي غادر بعدها و لم يعد .
و رغم ذلك هي ممتنة له ، ممتنة له أكثر من أي شخص آخر في هذا العالم فلأول مرة تتعلم درسا حقيقيا في حياتها التي أمضتها بلا اختبارات.
لا أحد يفهم معنى أن تكون الأصغر في عائلة شاسعة ، معناه ببساطة أن شخصيتك ستضيع بينهم ، الكل يتوقع أن يغرس فيك ما تعلمه من هذه الحياة دون أي جهد منك ، الكل يخاف عليك إلى درجة المرض ، الكل يريد منك أن تكون مثله أو أن تكون عكسه .
في وقت ما أحست بالضياع التام ، الضياع الكامل و لم تعد تعرف نفسها ، لم تعد لديها أفكارها الخاصة لأنه لم يكن مسموحا لها أن تكون نفسها ، أن تتخذ قراراتها .
في وقت ما شعرت أنها أصبحت إسفنجة تمتص كل ما يمر عليها ، الجيد و السيء .
و كما الضغط الكبير يولد الانفجار فإن الحماية المشددة تؤدي إلى الانفلات .
و هذا تقريبا ما حصل معها . فجأة في مواجهة أول إغراء حقيقي وجدت نفسها ضعيفة ، ضعيفة جدا في مبادئها ، في قناعاتها و خاصة في مقاومتها .
ربما لأنهم لم يسمحوا لها أن تتعمق ، لم يسمحوا لها أن تجرب أن تقع و تنهض .
و الإنسان الذي لا يتدرب على مصارعة الحياة لا يستطيع أبدا أن يواجه مغرياتها .
الصفعة التي لا يتلقاها المرء على خده لا تستطيع أن تؤلمه و لن يتعلم كيف يتجنب أمثالها في المستقبل.
و هم كانوا دائما يأمرونها بالابتعاد عن كل ما قد يؤذيها : إياك أن تفعلي هذا يا فرح ، ابتعدي عن هذا الطريق يا أختي ، اسمعي كلامي و إلا سوف ، خذيها نصيحة مني فأنا أدرى بمصلحتك أكثر منك ، و و و…
و هكذا تعودت أن لا تتكلم إلا نادرا ، طوال الوقت تسمع و توافق حتى لو هي رافضة.
و في انعزالها عنهم تعلمت أن الأفكار الصامتة أخطر بكثير من الأفكار المنطوقة .
في انعزالها عنهم وجدت نفسها تود أن تجرب ما تجربه غيرها من الفتيات ، أن تتذوق ما يتذوقنه و ما الضرر ؟ أقنعت نفسها حينها ، ستخطئ قليلا ثم تتوب كما يفعل الجميع .
و هكذا انهارت مقاومتها في ذلك اللقاء و تذوقت ما سعت إلى تذوقه و لكن مذاق المهانة و الرخص الذي تلاه كان أشد و أعمق أثرا بكثير ، بكثير.
النقطة المضيئة الوحيدة من تلك التجربة المظلمة أنها في هذه السنوات القصيرة ازدادت نضجا بوضوح و الدليل أنها لم تخطئ بعدها أبدا و الدليل كذلك أن غضبها منه اختفى تماما فلم يكن هو الملام ، لم يكن ليأخذ لو لم تكن هي مستعدة لتعطي ، اللوم كل اللوم يقع عليها وحدها .
و مع ذلك جزء صغير منها مازال يكرهه ، جزء صغير بائس لأنه أشعرها بأنها لم ترتق لما يتطلع إليه و لكن الجزء الأكبر يحفظ له الجميل لأنه أنقذها من نفسها و أوهامها و عرفها قدرها عند من كان مثله . شادي شفاها تماما من غرورها السابق.
بعد فراقه لها لم يكن أصعب شيء هو مشاهدتها لكرامتها تُهْدَرُ و تسقط عند قدميه كلا الأصعب كان أن تشاهد تلك الصورة المثالية التي رسمتها له في عقلها و وجدانها تُكسَر أمامها بقسوة و عنف .
عرفت حينها أن أختها ليلى كانت على حق عندما أخبرتها أن طريقه يوصل إلى مكان واحد . شادي كان بالفعل مجرد نذل آخر ، محاها ببساطة من حياته و أفكاره و وضعها بسهولة في خانة الذكريات المهملة المنسية .
تأكدت من هذا اليوم و هي ترى تلك النظرة الغير مصدقة داخل عينيه " كيف يعقل أنها مازالت موجودة ؟ غريب مع أني متأكد أني قمت بحذفها "
يا ليتها تستطيع هي الأخرى حذفه و حذف موقعه من فوق خريطة قلبها لكن المشكلة أن تقنية الحذف هي على ما يبدو حق حصري للرجال .
و المشكلة أنه بقبلة واحدة يتيمة جعلها هي بأحلامها و بمشاعرها حقا حصريا له دون غيره و أصبح هو الرجل الوحيد الذي تحلم أن تكون بين ذراعيه.
كان حرفيا أول و آخر رجل يلمسها في حياتها و إلى هذه اللحظة لا تستطيع أن تنسى تلك العاطفة القوية التي رأتها داخل عينيه .
هل كانت تلك النار المتقدة في نظراته هي ما يسمونه الرغبة ؟
هل كان كل ذلك الدفء الذي شعرت به يأسر قلبها مجرد أثر لحاجة جسدية عابرة منه ؟
أيعقل أن تظل تحتفظ له بمكانة خاصة في كيانها من أجل وهم زائل ؟
يعقل جدا بالطبع عندما يكون الإنسان رخيصا و نذلا مثلها لكن يا ترى هل الأنذال تؤلمهم قلوبهم كما يؤلمها قلبها الآن .
تنهدت بحزن و هي تحرك أصابعها بعد سكون طويل توقظ بلمسة خفيفة الجهاز النائم .
نظرت إلى الشاشة قليلا ثم أغمضت عينيها و هي تسمح لنفسها بفكرة واحدة أخيرة . خفق قلبها و هي تتذكر اللمعة الواضحة في عينيه عندما رآها لأول وهلة قبل أن يحتلهما ذلك التعبير البارد المهذب ، ازداد الخفقان سرعة و هي تستحضر نظرته الخاطفة إلى أصابع يدها اليسرى الخالية .
" إلى متى يا قلب ؟ إلى متى تحفظ عهد من لم يحفظ عهدك " ، تمتمت أخيرا ببطء و هي تبدأ بالاستغراق تدريجيا في روتينها اليومي .
……………………….
بعد ساعات طويلة تراوحت بين التركيز و بعض الملل انزوت برفقة أعصابها المشدودة في مكانها المعتاد عند السلم في نهاية الطابق ، وقفت قرب النافذة الزجاجية الواسعة تتأمل من خلالها عاصمتهم القديمة الحديثة و هي تنفض عنها رداء النهار لتستعد بعد قليل لاستقبال ليلة أخرى ، ليلة غير نائمة ، فهي مثل كل عواصم العالم على ما يبدو مصابة بأرق دائم.
استندت على الجدار خلفها و أخرجت مرآتها الدائرية الصغيرة من حقيبتها تتأمل فيها وجهها الذي خلا تماما من نضارته الصباحية و بدأت تكسوه علامات الإرهاق بوضوح . تأففت و هي تتصل للمرة الثالثة بأخيها تسأله عن سبب تأخره كل هذا الوقت.
- ماذا تريدين الآن يا فرح ، أجاب عصام بغضب و هو يميل بوجهه للمرة المائة ينظر بقنوت لصف السيارات الذي لا ينتهي .
وصله سيل عباراتها المتذمرة فصرخ يقاطعها بأعلى صوته :
- أخبرتك أني عالق في الزحام ألا تفهمين ؟ و الآن الزمي مكانك و لا تتصلي بي ثانية و إلا سأصب غضب اليوم كله على رأسك عندما أراك ، مفهوم ؟
أقفل المكالمة و نزع السماعات من أذنيه بعنف و قال للمرأة التي بجانبه دون أن يلتفت :
- أغلقي الهاتف يا ياسمين
نفذت ياسمين الأمر بهدوء تام ثم قالت له بلطف :
- حبيبي أقدر غضبك و لكنك تعرف أن الزحام هو قدرنا في هذا البلد و لا دخل لأختك فرح فيه .
ضرب المقود بقبضته و قال من بين أسنانه :
- لو كانت قبلت أن تقضي فترتها التدريبية في الشركة عندي لما اضطررت للمرور بهذا الجحيم يوميا و لكن طبعا حضراتكن لا تشعرن بشيء ، حضراتكن تركبن و تنزلن كالأميرات و نحن الذين يجب أن نكون دائما و أبدا في الخدمة و نتحمل مثل الحمير .
- حبيبي ! قالت تستنكر بدلال ، لا تقل هذا عن نفسك ، أنت تاج رأسي يا عمري .

التزم عصام صمتا واجما و هو ينظر بجانب عينه إلى يدها التي تمررها صعودا و نزولا على ذراعه ، لاحظت تجمد ملامحه و نظراته الحادة فسحبت يدها بحرج .

نغم 26-04-18 03:40 PM

تنفس عصام بصوت مسموع و هو يغرق في أفكاره الخاصة ، يشعر بضيق كبير في صدره من تصرفاتها المتبسطة معه بطريقة زائدة عن الحد مع أنه أوضح لها أكثر من مرة من قبل أن هناك حدودا لعلاقتهما و أنه مضطر لإيصالها معه فقط لأنه لا يرضى لها زحام المواصلات و ما يحصل فيها و ليس ليتيح لها الفرصة لتتقرب منه بذلك الشكل الذي يثيره طبعا كرجل و في ذات الوقت يثير شكوكه فيها أكثر.
يكاد يقسم أحيانا أنه لو مال عليها قليلا فقط لاستسلمت له دون مقاومة فكل حركاتها فيها دعوة واضحة له ليقترب و يجرب .
تنفس بعمق و هو يستعيذ من الشيطان ، لا يريد أن يظلمها ، من الممكن جدا أن تكون مجرد فتاة متحمسة لتجربتها الأولى و هي ترى أنه لا بأس بالأمر مادام قرانهما سيعقد قريبا .
لكنه من واجبه كرجل أن يحافظ عليها من نفسه و حتى من نفسها ، ذلك عهد أخذه على نفسه منذ فترة طويلة و الحمد لله أنه استطاع الحفاظ عليه.
تنفس بارتياح و هو يرى بداية الانفراج أخيرا في الطريق الذي اختنق طويلا بشاغليه.
ركز في القيادة و لم يحاول أن يفتح حوارا من أي نوع مع خطيبته بدل ذلك شغل عقله بالتفكير في برنامجه ليوم الغد.
التزمت ياسمين هي الأخرى الصمت و اكتفت بإلقاء بعض النظرات الحائرة إليه من حين لآخر بينما تفكر في ذلك الأمر الذي يشغل بالها منذ مدة و الذي كانت تستجمع شجاعتها لتطلب منه أن يسعى معها فيه .
و لكن الآن و هي ترى مدى غضبه من أخته بسبب قرارها الأخير أصبحت ترى أنه من الأفضل عدم مصارحته .
هي تحترم عصام كرجل رصين متحكم في حياته ، تحترمه و تحبه فوق الوصف و لكن لديها مشكلة مع بعض الجوانب في طبعه و خاصة مع عزة نفسه التي ليس لها حل .
عزة النفس مطلوبة في العلاقات العادية بين البشر أما في المجالات الأخرى فهي غير مطلوبة بتاتا و لكن عصام للأسف لن يتفهم أبدا هذا الاختلاف في وجهات النظر بينها و بينه لذلك ستضطر في النهاية إلى أن تتصرف بنفسها و طبعا دون علمه .

……………………………

بعد ساعة تقريبا دخل عصام أخيرا إلى البيت و اتجه فورا ليأخذ حماما يسترجع به بعضا من انتعاش جسده و هدوء أعصابه أما فرح فبعد سلام سريع لأمها أوت إلى غرفتها و استلقت على سريرها ثم اتصلت بأختها ليلى كالعادة لتعطيها تقريرا مفصلا عن يومها في الشركة .
- كان يوما كغيره من الأيام ، قالت بعد قليل منهية تقريرها و هي تجاهد تثاؤباتها ، تصبحين على خير يا أختي
- تصبحين على خير يا حبيبتي

أغلقت ليلى الخط و قلق خفيف يتسلل إلى قلبها ، تشعر بنبرة غريبة في صوت أختها ، نوع من الحزن ربما أو الإحباط و لكن أليس هذا ما أرادته لها ، ألم تسعى هي بنفسها لإقناع الجميع بالموافقة على قضاء فرح لفترة تدريبها في شركة ماهر لتضعها أمام الأمر الواقع ، لتجعلها ترى عديم الشخصية و الرجولة ذاك و قد استمر في حياته و مضى في طريقه بدونها كما كان ينوي أن يفعل منذ البداية.
أرادتها أن تعود لسابق عهدها ، تعود لضحكتها و استخفافها بالحياة لأن فرح السابقة بتفاهتها و سطحيتها أفضل كثيرا من هذه الفتاة الغريبة عنهم ، الهادئة إلى حد الانطواء .
أغمضت عينيها قليلا و هي تتنهد باستسلام ثم عادت إلى الشاشة أمامها توليها ما تبقى من اهتمامها.
بعد فترة توقفت فجأة و هي تركز نظرها على الشاشة الأخرى التي تنقل لها ما تصوره كاميرا المراقبة . خفق قلبها بقوة و هي تشاهد البوابة الخارجية تفتح و تظهر سيارته أخيرا .
قفزت من مكانها و هي تنسى البرمجة و كل شيء آخر سواها فلا مكان و لا دور للعقل الان و قلبها بنبضاته المجنونة يحتل كامل المشهد .
ماهر يعود إليها بعد غياب ثلاثة أيام بلياليها .
فتحت الباب بلهفة لتجري إليه تسابق أشواقها ، تعلقت برقبته بكل قوتها ما إن وصلت إليه .
- اشتقت إليك حبيبي ، جدا
- اشتياقك سيحطم لي رقبتي ذات يوم ، قطب جبينه قليلا و هو يدعي الألم

نظرت له بلوم ضاحك ثم نزعت عنه سترته ما إن أصبحا داخل البيت .
- المدام مستعجلة جدا على ما يبدو ، قال مداعبا
- ماهر ، أرجوك لا تفعل هذا بي

رفع يديه باعتراض و هو يقول بتسلية :
- أنا لا أفعل أي شيء على الإطلاق ، بالعكس أنا مستسلم تماما لك

ابتسمت دون كلام و هي تأخذ منه حقيبته و تضعها على الطاولة في ركن الغرفة بينما جلس هو يتأمل باشتياق و استمتاع حمرة الخجل على خديها . خفض عينيه يغوص داخل عينيها عندما انضمت إليه لتجلس بقربه ، غلفهما صمت دافئ أفعمته أشواق لم تذبل مع السنوات .
تململت أخيرا بين ذراعيه تبتعد قليلا عن أسره الجميل لتقول برقة بينما أصابعها تتجول على خده :
- كيف كانت رحلتك حبيبي ؟
- الحمد لله مرت بسلام و عدت إليك كما ترين
- و الجو العام ؟
- لا بأس به
- و المضيفات ؟ سألت و هي تضم شفتيها .
- جميلات كالعادة
لكن ليس جدا ، أكمل و هو يرى الشرر في نظراتها
- يعني نظرت إليهن
- لا حول و لا قوة بالله ، قال و هو يضرب كفا بكف ، هل تعرفين ما الذي سأفعله في المرة القادمة : سأستدعي طاقم الطائرة و أقول لهم لا تكتفوا بتقييدي إلى الكرسي يا جماعة بل قوموا بوضع رباط على عيني كذلك حتى ترتاح زوجتي و تهدأ شكوكها.
- أنت تستهزئ بي ، قالت و هي تدعي الغضب ، لأنك لا تعرف نار الغيرة التي أشعر بها و أنا أتصورك تنظر لغيري و تعجب بها .
- حبيبتي ، قال و هو يرفع ذقنها إليه ، أنا أنظر إلى غيرك لأنهن يكن في مجال نظري للأسف لكني صدقيني لا أرى سواك ، لن أستطيع حتى لو أردت يا بنت.
- أصدقك يا باشا ، همست و هي تغمض عينيها
ولم يتبقى بينهما مكان لأية كلمات أخرى ...

………………………………….

- سلام ، قالت شاهيندا كلمتها الأخيرة قبل أن تنهي المكالمة و تقف تتأفف في ملل ، كان النادي لا يزال خاليا تقريبا في هذا الوقت من الصباح إلا من الرياضيين بمختلف أنواعهم . تركت الكافيتريا وراء ظهرها و تمشت بصمت في الطريق الطويل الذي ينحني عليه صفان من الأشجار الواهنة حتى أوصلتها قدماها دون قصد منها إلى ملعب كرة القدم الضخم .
جالت بعينيها فيما حولها بنظرة ينعدم فيها الاهتمام حتى لفت انتباهها رجل يوليها ظهره ، يقف مباعدا ما بين رجليه ، طويلا واثقا كأن الملعب بأكمله ملك للسيد الوالد.
رغما عنها اعترفت في قرارة نفسها أنه يحق لمن يمتلك جسدا كهذا أن تكون له كل هذه الثقة .
أشاحت بوجهها قليلا لتنفلت منها عيناها مرة أخرى و تعودا لتحطا على عضلات ذراعيه القوية التي تصارع قماش قميصه القطني الأبيض ، تركتهما مستسلمة تسرحان في سماره الذهبي الدافئ لتستقرا أخيرا على ظهره العريض .
كتمت أنفاسها بعد دقائق و هي تشاهده يكمل عرضه السحري بشرب نصف الزجاجة التي في يده ثم سكب بقية محتواها على رأسه ليزداد لون شعره سوادا تحت ضوء شمس صباحهم الحارقة و ليزداد نبضها سرعة .
و مع أنها طوال عمرها تفضل الشعر الأفتح درجتين أو ثلاثا من درجة لون شعره لكنها لا تنكر أنه في هذه اللحظة أعجبها بكل تفاصيله.
أرغمت عينيها على الابتعاد عنه لتراقب من وراء عدسات نظارتها الشمسية تعبير الافتتان الواضح على وجوه الفتيات الأربع حولها .
تافهات .
نطقتها في سرها و هي تحمد الله أن وجهها ليس من تلك الوجوه الشفافة الفاضحة لما يدور في أعماق أصحابها .
و على ذكر الوجوه تساءلت كيف هو يا تُرى وجهه ؟
هل سيكون في كمال جسده أم سيكون منهيا لإعجابها به ؟
نعم هي سطحية ، تعترف بذلك دون تردد لكن هل تُلام هي بالذات لأنها تحكم على الناس من خلال مظهرهم ؟ أليس هذا بالضبط ما يفعلونه هم معها طوال الوقت ، هل قابلت يوما أحدا اهتم لما أبعد من بضع إنشات من الواجهة الجميلة ؟
- عصام ، تعالى الصوت المألوف فجأة ينزعها من أفكارها و لم تعرف هي إلى من نظرت أولا ، إليه هو و قد التفت أخيرا أم إليها و هي تظهر في آخر مكان تتوقعها فيه ؟

كل ما عرفته أنها ظلت تنقل نظراتها بينهما بصدمة .


الساعة الآن 10:31 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.