شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   قلبُكَ وطني (1) سلسلة قلوب مغتربة * مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t410498.html)

Shammosah 30-04-18 11:55 PM

قلبُكَ وطني (1) سلسلة قلوب مغتربة * مميزة ومكتملة *
 


https://upload.rewity.com/upfiles/1S055155.gifhttps://upload.rewity.com/upfiles/3xY55155.gif




بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على رسول الله
أبدأ بإذن الله انشر أول كتاباتي هنا في هذا الجمع الرائع
أرجو أنكم تشجعوني وتدعموني


رواية قلبُكَ وطني
.

سأقدم رواية طويلة على فصول
نوع الرواية رومانسية إجتماعية


تنبيه هام : هذه الرواية حصرية بمنتديات روايتي ولااحلل نقلها الى اي منتدى اخر باذني او بدون اذني ....
ومن يفعل ذلك سيقع تحت المساءلة القانونية





https://d.top4top.net/p_939epccy1.jpg









https://a.top4top.net/p_951j17eb1.jpg

موعد التنزيل يوم الاحد من كل اسبوع في الساعة العاشرة مساء بتوقيت القاهرة ( ما عدا أول فصلين هيكونوا يوم الثلاثاء أول مايو الواحدة ليلا ) .
بعد كدة هننتظم في موعد نزول الرواية ان شاء الله.
.
قبل ما أتكلم على الرواية أحبك أشكر شخصيتين هنا في المنتدى .. شجعوني بطريقة غير مباشرة أني أخد هذه الخطوة .. وأكتب ما يدور في مخيلتي منذ سنوات طوال ..
وأنا كسولة .. ومشغولة .. وخائفة أني أكتب .

الشخصية الأولى هي الكاتبة تميمة نبيل

الحقيقة كانت أول حد أقرأله هنا في المنتدى قرأت جميع روايتها التي كتبتها

وبعدها عرفت الكاتبة الجميلة استاذتنا كاردينيا 73 وقرأت ليها حوالي 13 رواية حتى الأن

طبعا أنا لسة بتعرف على الكاتبات الجميلات هنا في المنتدى تباعا وناوية أقرأ للكل لأنكم حمستوني بجد للكتابة برواياتكم الجميلة الرومانسية .

عشان كدة شكرا تميمة
شكرا كاردينيا
على الكتابات الحلوة التي تفتح لنفس والي بتعيشنا في عالم جميل موازي .

وشكرا لأنكم شجعتوني بطريقة غير مباشرة على أني أتخذ خطوة مأجلاها من زمان
.

نيجي بقى للرواية .

أنا ليه أختارت أبدأ بكتابة الرواية دي بالذات ؟؟؟؟؟

لأن حبيت أبدأ بحاجة دافئة حميمية فيها كل أنواع الحب
سينفونية مشاعر بين البشر وبعض
فيها حب الوطن
فيها الصداقة
فيها الأخوة
وفيها الحب الرومانسي اللي لا يعرف وطن ولا فروق ..
الحب الي بيقوينا بيرفعنا .. بيغيرنا للأفضل
الي لو كنا محظوظين هنبقى أسعد ناس
ولو مش محظوظين هنبقى أتعس ناس

وهنتكلم فيها عن وجع الغربة عن الوطن .. ووجع الغربة عن الأهل
هنتكلم فيها نتاج الحروب الظالمة
.
الرواية 7 شخصيات رئيسية 3 بنات و 4 شباب
هيتجمعوا في رحلة حب وصداقة وأخوة .

وفي تنويه مهم
الرواية بتدور أحادثها في البلد الرئيسية مسرح احداث الرواية وبعض المشاهد من بلد أخرى عربية تنتمي إليها الشخصية الرئيسية في الرواية .

والبلدين لا يقصد بيهم بلاد معينة من الدول العربية
ولا يشار لجنسية عربية معينة

واي تشابه بينها وبين الواقع هو محض خيال لا أكثر من الكاتبة .

مع تأكيدنا على كامل إحترامنا وتقديرنا لكل الدول والشعوب العربية فالوطن واحد والجرح واحد .
وسيبقى الوطن العربي الأكبر دون حواجز هو الحلم الأكبر والأعظم لكل الأجيال
.

أرجو أن تدعموني
وتشجعوني

وتنتظروني بعد حوالي ساتين ونصف مع أول فصلين من رواية

قلبي وطنك

وشكرا لكل المارين
والمتابعين
والمعلقين
والمنتقدين
شكرا مقدما






تصميم الغلاف الرسمي : كاردينيا73

تصميم قالب الصفحات الداخلية للكتاب الالكتروني (عند تصميمه) : كاردينيا73

تصميم الفواصل ووسام التفاعل المميز : كاردينيا73

تصميم البنر الاعلاني: Dr Fati






روابط الفصول

الفصل الأول ..... بالأسفل
الفصل الثاني
الفصل الثالث والرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون جزء اول
الفصل الخامس والعشرون ج2
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون جزء أول
الفصل الثامن والعشرون جزء ثاني
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادي والثلاثون ج1
الفصل الحادي و الثلاثون ج2
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون
الفصل الأربعون
الفصل الحادي والأربعون
الفصل الأخير
الخاتمة

*****************



مشهدان اضافيان ليسا ضمن الرواية


مشهد إضافي رقم (1) من رواية قلبك وطني

مشهد إضافي رقم ( 2 ) من رواية قلبك وطني




يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
رابط مقسم الى اربع اجزاء

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي







قصص من وحي الاعضاء 01-05-18 01:28 AM

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html

واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، ebti )

اشراف وحي الاعضاء



modyblue 01-05-18 01:37 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

modyblue 01-05-18 01:44 AM

حبيبتي عودي إلىَ قَلْبُكْ فأنا قلبي وَطَنُكْ وَوَطُنكْ يُمَزِقَهُ الحَنينْ طاقتْ أُذُني لِصَوْتُكْ أشتاقت عَيني لِوَجْهُكْ وَفؤادي يَسْكِنَهُ الآنينْ أرْقُصُ بأنغامِ نَبْضُكْ يداي تُداعِبُ شَعْر.

modyblue 01-05-18 01:45 AM

قلبي وطنك.. لك في قلبي وطن. يا أمير القمر الحيران. لك في قلبي وطن. يا حبي الطاهر الولهان. لك في قلبي وطن. يا شارد العينان. لك في قلبي وطن. فلا تستسلم للأحزان. لك في قلبي وطن. إن خانك الأقران. لك في قلبي وطن. إن ضاع منك العنوان. لك في قلبي وطن. حين تتنكر لك الأوطان. لك في قلبي وطن. يا أروع إنسان.

modyblue 01-05-18 01:45 AM

لقد قلت أنت عندي الوطن وأن أصابك الحزن فأقول وطنك هنا.................. .................. هنا في قلبي. أنت عندي نبضات أنت عندي بسمات فأنا بلا الأولى ميت وبلا الثانية غير حي أنت عندي الوطن. فانت أكبر من أن ألم بك. فأنا أنتمي إليك. فلا طالما أحسست. أنني جزء منك. فأنت عندي الوطن. أمشي في ترابك. لا غيره فأنا في كنفه. لا أتنفس إلا هواك.

modyblue 01-05-18 01:46 AM

فأهرب منها... وأكتب إليك.... على الريح... فأي الرياح.... رياحك... وأي الأوطان... وطنك... إذا لم يكن.... وطنك قلبي....

Shammosah 01-05-18 02:00 AM

ا
الفصل الاول

" لا يوجد لدينا وظائف شاغرة " قالها الرجل السمين الاربعيني بامتعاض وهو يرمقه بنظره متفحصه .

فبادره بإلحاح " أي وظيفة سيدي .. استطيع ان افعل اي شيء حمل اشياء .. التنظيف .. محاسبة الزبائن .. اي شيء فقط جربني "

رمقه بنظرة ساخرة ثم سحب نفسا عميقا من الشيشة واستدار ونفثها نحوه بامتعاض " قلت لا يوجد لدينا وظائف ولا نوظف اللاجئين .. لن تخفى على لهجتك التي تحاول تعديلها لتبدو مواطنا .. أعلم انك منهم .. ألا يكفيكم محاربتنا في أرزقنا .. هيا انصرف "

ثم هدر صوته بقوة مناديا شخصا ما من داخل المحل " أنت يا ولد .. تعال رش الماء الجو نار .. اللهم الطف بنا "

انسحب الشاب باحباط مبتعدا في خطوات يائسة ومرهقة .. العرق يتصبب من جبينه .. والحر شديد .. الصيف هنا اكثر حرارة قليلا من بلده والشتاء هنا ادفى قليلا من بلده ولا تسقط الثلوج ..

الثلوج ..

تنهد في اشتياق للوطن يتذكر فرحته كل سنة عند سقوط الثلج أول الشتاء .. ينتظره كل عام بقلب طفل متلهف . ..

شد أكمام القميص جيداً ليدراي منتصف كفيه متجنبا حرارة الشمس .. يكفيه الحروق التي تسببها الشمس لتملأ وجهه وتلهب بشرته للحد الذي يخفي معالم وجهه تقريبا.. لكنه لم يحاول معالجتها..

ولن يفعل ..
فهو يحتاج لتلك الحروق للتمويه ! .. ليتخفى وراءها!..

أين يذهب ؟ ..
عليه الحصول على أي وظيفة فمدخراته من العمل السابق قاربت على النفاذ .. وايجار السكن الذي يقطنه لم يدُفع بعد .. والست نرجس لن تصبر اكثر من هذا.

بدون تفكير استقل سيارة اجرة جماعية غير مهتم إلى أين .. فهو نفسه لا يعلم الى أين .. فقط عليه البحث عن عمل .

أسند رأسه على زجاج النافذة يتأمل الشوارع المزدحمة بأناس تختلف ملامحهم وتتباين هيئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية ..
بعد مايقرب من عامين قاسيين في هذا البلد اقتنع بما كان يقوله له والده دوما .. " الناس هم الناس في كل مكان في كل بقاع الأرض .. فيهم الصالح وفيهم الطالح فلا تعمم ولا تحكم عليهم بعاطفة غير موضوعية "

قاوم الاجهاد كما يقاوم اليأس بذكرى كلمات أبيه في وجدانه .. كلما تشتد عليه المحنة تشبث بذكريات الوطن ..

بكلمات أبيه ..

تشبث بحلم العودة يوما...
ربما ..
ربما يجدهم أحياء !

سينفذ وصيتهم ويحى بكرامة ..
في أرض غير الأرض..
مع أناس يشبهون أو لا يشبهون أناس ..

بالرغم الوضع القاسي الذي يعيشه هو و الكثير من اللاجئين من بلده الا أن عددا لابأس به ممن أتوا بأموالهم .. استطاعوا التأقلم السريع هنا وفتح مشاريع تجارية مربحة وأوضاعهم لا تختلف كثيرا عن أوضاعهم في بلدهم .

أما الفقراء ممن لا يملكون شيئا - مثله - فالرحلة قاسية جدا ..

ومازالت . ..

" اخر المشوار يا استاذ ... هل نمت .. وصلنا الى آخر الرحلة هل ستعود معي؟ "

استفاق ليجد نفسه في منطقة هادئة نسبيا وصوت سائق الاجرة يهدر بنزق .. ترجل من سيارة الأجرة الجماعية في ارتباك يسير بلا هدى يبحث عن أي مكان يسأل فيه عن وظيفة ..

لا يطمع بالكثير فشهادته الجامعية ليست معه .. ولم يقنن وضعه في هذه البلد حتى الآن ..ولن يستطيع .. لديه سببا قويا لذلك ولا يعلم الى متى سيظل هكذا .. عليه فقط أن يجد وظيفة بعيده عن من يطلبون اوراق رسمية او هويات شخصية ..

وأيضا .. بعيدا عن الشرطة المحلية !..

تجول بعينيه في المنطقة التي تبدو بعيدة نسبيا عن الزحام المعتاد .. الصحراء تمتد على جانبي الطريق ولا يوجد سوى مبان متفرقة على مستوى النظر بينهما مساحات شاسعة فارغة ..

تملك منه الخوف .. يفضل الزحام برغم أنه خانق رطب لكنه يشعره بالأمان .. الصخب يشعره بالونس يشغله عن وحوش الخوف والوحدة التي تقتات على روحه .

اقترب من سيارة حديثة ترابط بجانب الطريق الهادئ وشاب متذمر يتحدث في الهاتف بعصبية يشكو من عطل السيارة ..ويتهم الطرف الاخر بالتأخير .. تتخللها شتائم استطاع تمييز معنى بعضا منها وهي بالطبع خارجة عن النص وجهل البعض الاخر ..

اقترب قليلا من الشاب الذي أنهى مكالمته للتو ليكمل باقي السباب لاناس غير مرئيين وهو يضرب بقبضته تارة على مقدمة السيارة بغطاءها الأمامي المفتوح .. وتارة اخرى بقدمه لجانب السيارة وكأنه يعاقبها ! ..

هل يتحدث مع السيارة ويوجه لها هذا السباب ام يقارع الهواء ! .

بدى صاحب السيارة في بداية الثلاثينيات أنيق بشكل جذاب بل ومفتعل قليلا .. ببنطال جينز أسود وبلوزة رمادية بنصف كم يظهر منها ذراعان عضليان بفخر مستفز .. بشرته سمراء لامعة تحت وهج الشمس ونظارة شمية داكنة ربما من ماركة شهيرة تغطي وجهه ..

طوله الفارع ونحول جسده بجاذبية عضلية ملفته يذكره بابطال السباحة ..

ترى من هذا المدلل الحانق من سيارة معطلة !....

هل يعيش دور نجم سنيمائي ليكون بهذه الهيئة الملفته ؟ ..

حاول البحث السريع في جوجل ذاكرته اذا ما شاهد مدعي النجومية هذا في عالم الميديا من قبل ..

استمر الشاب في الافعال العصبية يضرب جانب السيارة بغيظ بقدمه ثم فجأة تأوه وهو يمسك ركبته ...

ماذا الان ! ماهذا الحمق ! ..هل يتقمص دورا سنيمائياً ؟..

إلا أن علامات ألم حقيقية لاحت على وجه السيد المتذمر وقد إنحنى ليضع الركبة السليمة على الارض ويمسك بالركبة الي ضربها للتو في السيارة..

لم يشعر بنسفه الا وهو يندفع نحوه فوجده ينكس رأسه في ألم وخصلة شعر سخيفة طويلة تركت مكانها من قمة رأسه لتسقط الى الامام باستفزاز ..

همس في سره " كيف لهذه الخصلة أن تطول هكذا وهو قصير الشعر من الخلف ! ..

تذكر أنور وجدي في الافلام القديمة بمجرد أن يتحرك تتطاير خصلة شعر طويلة من مقدمة شعره ..
قاوم الابتسام لهذا التشبيه واقترب بحذر من السيد المتذمر .

" هل انت بخير .. هل استطيع المساعدة ؟ " قالها بتردد بعد أن بات قريبا منه

لم يتلق ردا فهتف " يا استاذ هل انت بخير ؟ "

لم يرفع الشاب الاسمر وجهه ولكنه قال من بين اسنانه " اذهب من هنا " .

تفاجأ برد الفعل الفظ .. فتراجع خطوتين للخلف بهدوء وهو يرفع جانب شفته اليمين لأعلى في استهجان وغمغم " كنت اود المساعدة ليس ألا .. فلتقدم قليلا من الذوق لله.. نحن بشر مثلك حتى لو كنا نجوب معظم نهارنا سيرا على الاقدام ولا نملك سيارة فارهة نضربها عندما نغضب "
ثم أكمل في سره " او لنملكا طلة أمير البحار بخصلة منفلتة !"

رفع الشاب الاسمر رأسه وسهام الشرر تتطاير من عينين بنيتين في محيط أحمر غالبا من الألم ثم استقام فجأة وبدي فرق الطول بينهما واضحا ومتناقضا ..

ارتد الى الخلف أكثر واتسعت عيناه وهو يحدق في السيد المتذمر وقد خفق قلبه من الخوف ولام نفسه على لسانه .. فوضع قبضة يده تلقائيا على فمه وكأنه يسكت لسانه لعدم ارتكاب المزيد من الحماقات ...
قال الشاب الأسمر وهو يكز على أسنانه " سأعطيك خمس ثوان لتغرب عن وجهي والا لا تلومن إلا نفسك "

جحظت عيناه في رعب وتراجع ثم اسرع للابتعاد عن هذا الذي يتعارك مع الهواء .


يتبع

Shammosah 01-05-18 02:15 AM

بعد عدة دقائق .. لاح له بناء ضخم من بعيد وصوت عمال .. اقترب منهم ليتبين انها ورشة خشب ضخمة ... عمال كثيرون يحملون اخشابا الى الداخل .. المكان يعج بالصياح والهمة ..

حاول البحث عن كبيرهم او السؤال عن عمل .. سأل اكثر من شخص لكن لم يعطيه احد اي التفاته الكل مشغول في نقل الاخشاب وبعض الصياح من العمال الشباب يتبادلون اتهامات فيما بينهم بالتقاعص عن العمل .. لا أحد ينتبه له او يعير اهتماما لتساؤلاته ..

لوهلة قرر تركهم والرحيل .. لكنه باصرار عاد وشارك بعضهم حمل بعض الالواح .. الالواح ثقيلة جدا وخشنة وجسده ضعيف لا يقوى على ذلك .. لكن عليه ان يستمر ..

انتبه البعض لوجوده وعلت وجوههم علامات استفهام لكنهم سرعان ما انشغلوا بحمل باقي الالواح دونما اهتمام ..

استطاع تمييز صوتا يأتي من بعيد .. تتبعه ليجد رجلا في الخمسينات من العمر يقف يحثهم بصوته العالي للاسراع .. يبدو كأنه رئيسهم في العمل .

بعد حوالي ساعة هدأت الحركة نسبيا وقد دخلت معظم الالواح للمخازن .. ا

قترب من الرجل الخمسيني بتردد والذي سمع العمال ينادونه (عم عبد الحليم ) وسأله أن كان يستطيع الحصول على اي وظيفة هنا في الورشة او المصنع لا يستطيع التحديد فهو مكان ضخم مخصص للموبيليا على ما يبدو من الخارج ..

بدى عم عبد الحليم رجلا شهما طيبا واثنى على تطوعه للمساعدة قبل حتى ان يسأل عن وظيفة واخبره ان ينتظر الحاج ابراهيم سماحه او ابنه المهندس أحمد سماحة ووعده سيتوسط له عندهم ليلحقه بالعمل ..

ابتهج وغمرته الفرحه وردد في سره " يارب .. ساعدني يا رب .. أفرجها انت أعلم بحالي "
واتخذ ركنا في ساحة الورشة يتنظر ..

سينتظر حتى لو أنتظر أياما ..

من بعيد وقف عاملان يتفحصان هذا الشاب الغريب بهيئته الضعيفة بالرغم من عرض كتفيه قليلا إلا أنه يبدو طرياً ناعماً لا يناسب عملا بدنيا أبدا .. أما ملابسه فلا تتناسب مع حرارة الطقس ..

قال احدهما للاخر " ما حكايته يا صابر ؟"

اندفع صابر وهو يلتهم شطيرة فول من ورقة جريدة ملفوفة فوق حجره ليتحدث وفتات الخبر تتطاير من فمه " هذا الشاب يريد العمل .. والحاج عبد الحليم وعده بالمساعدة .. اعتقد انه ليس من هنا برغم انه يتقن اللهجة لكني أكاد اجزم بأنه من اللائجين ."

إلتهم قطعة أخرى من الشطيرة ثم استطرد بفخر وابتسامه برائحة الفول والبصل " اخي تزوج منهم وبت استطيع تبين ملامحهم ولكنتهم الي يخفونها لكنها تظهر في التشديد على بعض الحروف "

فقال الاخر وقد بدت ملامح الغيظ على وجه " وهل نحن نوفر وظائف لابناء البلد حتى نسمح للاجئين بالعمل .. مرتباتنا لا تكفينا والوضع في البلد لا يسر عدو ولا حبيب "

نظر اليه صابر بعينين عاتبتين " لا تقل هذا يا فرج فالحاج سماحه لا يبخل علينا بشيئ وبرغم الظروف التي تمر بها البلد منذ سنوات الا انه لم يسرح احدا من عماله وبيوتنا مفتوحه من خيره "

تذمر فرج وقال بغيظ " يرفض ان يعيد اخي للعمل مع اني توسلت اليه ولابنه الغاضب المتذمر دائما "

فرد صابر " انت تعلم ما فعله اخاك وبرغم من اني لا اطيق المهندس أحمد الا انه لم يظلم اخاك هذه المرة "

استقام فرج بغضب وهو يقول " ومع هذا فإن كان اخي لن يستطيع العمل هنا فلن يستطيع احد "

واتجه نحو الشاب الذي استقبلهم بنظرات متوجسة يتبعه صابر بشطائر الفول والبصل .

جلسا بجانب الشاب الذي بدى متحفزا .. وتولى فرج الحديث قائلا " انت من اللائجين اليس كذلك ؟ "

تطلع اليهم بتساؤل فاسترسل فرج محاولا طمأنته بعد أن لاحت على ملامحه علامات الترقب " انظر يا اخ .. انت تبدو عليك ملامح الاصل الطيب الصالح "

فردد صابر بالفول والبصل " اي والله "

فاكمل فرج " ملعونة الحروب التي تقتل البشر وتجعل شاب مثلك يتضطر للعمل في هذا المكان "

فردد صابر " اي والله "

ثم اكمل فرج " لقد احببتك بدون سبب.. فأنا اتعاطف مع اخواننا اللائجين ولهذا أردت أن أحذرك فيما انت مقدم عليه ابتغاء لمرضات الله "

فردد صابر " اي والله "

اكمل فرج " انصحك أن تذهب من هنا ولا تأتي مرة اخرى أهرب بجلدك يا أخي "

تسأل الشاب بتوجس وحذر " لماذا ؟ "

اعتدل فرج في جلسته وهو يخفض صوته كأنه يفشي سرا " ابن الحاج سماحه شخص لا يطاق لن تستطيع تحمله .. مُتعِب.. كثير الغضب والصراخ لا يعجبه شيء ولا تسمع منه سوى التقريع .. لن يمر يوم دون ينالك غضبه وحذلقته وغروره وعصبيته .. بالرغم من انه لا يفعل شيئا مهما سوى ذلك طيلة النهار "

انتظر فرج صوت صابر ليؤكد كلامه لكنه لم يحصل على شيء فالتفت له ليجده فاغر الفم يتدلى الطعام منه يحدق امامه بنظرات جاحظة فزكه بحركة غير ملحوظة وقال من بين اسنانه " أليس كذلك "

نقل صابر نظره بينهما ثم أومأ برأسه دون كلام ..

فتنحنح الشاب قليلا ثم قال " شكرا لك على تحذيرك لكن لا تخشى علي لقد مررت بالكثير منذ قيام الحرب ولا املك خيارا سوى التحمل "

رد عليه فرج بعصبية " يا اخي لا تجبرني على قول المزيد كان الله حليما ستارا "

لكنه ابدى عدم استعداده لتغيير رأيه ..

فاندفع فرج قائلا " اذن لم تترك لي خيارا سوى اخبارك بالحقيقة "

وتلفت يمينا وشمالا يتأكد من عدم وجود أحدا واقترب برأسه للشاب الذي ارجع رأسه للخلف متحفظا واكمل فرج " أحمد سماحه ابن الحاج " وتمهل قليلا وهو يستغفر الله " انه ... انه غير طبيعي "

رفع الشاب حاجبا وقال متفها " بالطبع ليس طبيعيا مادام يتصرف بهذا الغرور والنزق والعصبية مع العمال "

فقاطعه فرج بغيظ " يا اخ افهم .. انه ليس طبيعيا .. انه .. انه شاذ .. لا ينظر للنساء ولكن الرجال هل فهمت ام اوضح اكثر "

انتفض واقفا يلف ذراعيه حول نفسه بحركة بدت غير منطقية للعاملين كرد فعل ..
بينما سعل صابر سعالا شديدا ملقيا مافي فمه فتناثر الفول بالبصل والخبز على الارض وفرج يضرب بقبضته على ظهره حتى لا يختنق ثم استدار ليرفع رأسه للشاب الذاهل الذي يحضن نفسه مستفيضا " للاسف اخي المسكين كان احد ضحايا هذا الوغد .. انه .. انه ضعيف الهيئة مثلك .. أبيض البشرة مثلك .. عيناه جميلتان مثلك .. ولم يحتمل هذا القرف والتحرشات من ابن الحاج فقرر ترك العمل"

ارتد قليلا الى الخلف واطبق مقدمة القبعة الرياضية على جبينه لتداري عينيه وقد اقشعر بدنه لا إراديا بينما استمر صابر بالسعال اكثر واكثر وفرج يضرب على ظهره ثم استدار موجها كلامه للشاب "انظر إن صابر لا يستطيع استيعاب الامر ويتلوى حزنا على اخي .. هيا يا صابر قم لاعطيك قليلا من الماء سوف تختنق "

ابتعد العاملان وظل فرج يراقب الشاب من بعيد الذي بدى مرتبكا ذاهلا ومترددا ...ثم ابتسم وظهرت اسنانه الصفراء حين رآه يخرج من ساحة الورشة عبر البوابة الكبيرة ويتجه نحو الطريق الرئيسي .

خرج عائدا من حيث أتى يجر اذيال الخيبة والإحباط.. هذا كثير ولن يعيد الموقف مرة اخرى كما حدث معه منذ عامين في اول وظيفة له في هذا البلد .. في صالون الحلاقة الفخم الذي وافق صاحبه ان يوظفه دون حتى ان يسأله عن هويته .. فقط اظهر له وطنيته وتعاطفه مع اللاجئين .. وكم كان سعيدا في سرعة إلتحاقه بعمل يستطيع به أن يعيش في هذا البلد الغريب لكن الفرحة لم تدُم .

فقد بدأ يشعر بأمورٍ ونظراتٍ ورسائل من جانب صاحب العمل ليست طبيعية بالمرة فقرر الرحيل وخاصة عندما عرض عليه صاحب الصالون انه يستطيع الانتقال للسكن معه في شقته الفخمة انسانيةً منه ! .. لن ينسى مدى صدمته في أدراك الحقيقة .. لكنه تغلب عليها سريعا حينما استرجع جملة والده ( البشر هم البشر في كل زمان ومكان .. فيهم الصالح وفيهم الطالح فلا تعمم واحكم بموضوعية دون عواطف ) .

لكن ان يتعرض لهذا الأمر مجدد خلال عامين فهذا كثير .. كثيرا جدا ... استغفر الله في سره .. وقرر السير قليلا يبحث عن سيارة أجرة جماعية تعيده للزحام مرة اخرى ..

الشمس حارقة والبثور في وجهه تحترق خاصا والعرق المالح يتصبب عليها فيكويها ..

لاحت من بعيد سيارة شرطة تقترب ببطئ .. ضربات قلبه قفزت في صدره والادرنالين يضخ الدم حتى رأسه وبات جسده يختض من الخوف .. لم يبقى الا الشرطة ليكتمل هذا اليوم المحبط ..

غريزة البقاء انتصرت بداخله على حروق وجهه وجسده المشتعل بفعل حرارة الطقس ..ليطلق ساقيه للرياح الساخنة على جمر الأسفلت .

يتبع

Shammosah 01-05-18 02:51 AM

استقام أحمد في وقفته بدون صبر يشتم للمرة الالف خلال الساعة الماضية .. اخرج منديلا ونفض الغبار من على ملابسه الثمينة .. ثم انحنى ينظف حذاوه اللامع ذو الماركة الشهيرة .. لكنه تاوه من ألم ركبته اليمنى.. فاستقام مجددا ليرفع قدمه على السيارة المركونة على الطريق ويكمل تنظيف حذاوه .. النظيف.

وجه كلامه بعصبية للشخص المنحني بتركيز على مقدمة السيارة المفتوحة أمامه" اسرع يا سيد .. الجو حار وملابسي اتسخت .. وانا هنا تحت هذه الشمس الحارقة منذ اكثر من ساعتين "

لكنه لم يتلق ردا فاشتعلت اعصابه اكثر وهدر قائلا " سيد .. انت لا تعرف كيف اشعر الان فلا تطلق الوحوش بداخلي "

رفع سيد رأسه فبدى شعره البني أكثر توهجاً تحت الشمس مشيرا بشيئ معدني بيده كان يتعامل به لاصلاح السيارة وقد بدت عينيه الزيتونتين خضارا تحت ضوء الشمس ..

توجه بنظرات باردة لصاحبه ثم عنفه" قلت لك اذهب انت وسأنتهي منها واحضرها للورشة .. ليس هناك داع لوقوفك هنا فلن اسيئ التعامل مع سيارتك المدللة .. تستطيع اخذ سيارتي "واشار لسيارته الحديثة المركونة بالقرب من سيارة أحمد واكمل " وان كان الامر لا يستدعي السيارة فالمسافة قريبة جدا "

وضع أحمد يديه في جيبه ومط جزعه الى الخلف قليلا بتعال" لن استطيع السير كل هذه المسافة في الحر وركبتي لن تتركني بحالي "

شتم سيد من بين اسنانه ثم همس بصوت مسموع " تباًلك ولركبتك ! "

فصاح أحمد قائلا بغضب " عمرو يصلحهــــا اسرع منــــك وهذا ( .... ) هاتفته مرارا ولم يرد ثم ارسلت اليه رسالة على هاتفه فشاهدها ولم يرد "

تحرك سيد بغضب نحوه ملوحا بالشيء المعدني وحبات العرق تتدلى على جبينه .. وقد ظهرت علامات الحر الشديد على بشرته البيضاء وهتف وهو يكظم غيظه" عفوا سيدي الكونت .. عمرو لديه اجتماعا مهما بالشركة ولم يستطع الرد على عظمتك .. وارسل لي رسالة نصية يخبرني بأن اذهب اليك ثم تلقيت اتصالا من عظمتك يوقظني من نومي.. بعدها قرأت رسالة عمرو فأتيت على عجل ألبي نداء فخامتك .. بالرغم من أني لم أنم الا بعد شروق الشمس .. فاحذرني وانا في هذه الحالة قبل ان اقتلك انت ووحوشك وسيارتك اللعينة التي حذرتك من هذه الماركة قبل شرائها "

استدار ليقف امام السيارة مرة اخرى فتحرك أحمد نحوه غامزا بخبث " هل كانت سهرة الأمس تستحق النوم بعد شروق الشمس"

لاحت ابتسامه عابثة على وجه سيد وغمز له " كانت سهرة ساخنة وماجنة يا صديقي .. مليئة بالحلوى والقشدة والفاكهة الذيذة من كل ما لذ وطاب "

ثم استطرد ضاحكا " فاتتك السهرة بحق .. لما فوتها ؟.. الشيخ عمرو وقد فقدت الأمل فيه أما انت صديق السهرات القديمة .. تفلت فرص عظيمة لترويض وحوشك.. تستطيع اطلاقها للتمتع بما لذ وطاب "

ثم أكمل مدعياً الحسرة " وحده عزيزي وائل الذي يشاركني في مغامراتي النسائية "

تنهد أحمد بحسرة واضعا يديه بجيبي بنطاله " انت تعلم اني وعدت الحاج سماحه منذ بعض سنوات بتركي لشيئين السياسة والعلاقات النسائية المحرمة .. ولن استطيع ان اخلف وعدي معه "

ثم استدار له غامزا " لكن بعض اللهو لن يضير .. ربما آتي معك المرة القادمة بدلا من الساعات التي أقضيها في الملاكمة فوق سطح البيت أصارع وحوشي الغاضبة"

ضحك الاثنين بمرح ثم اكمل أحمد " لا أصدق أن زفافك بعد ايام "

فهتف سيد مدعيا البراءة "أنا فقط اودع حياة العزوبية .. صدقني "

ابتسم أحمد بخبث "أجل أجل مثل وائل المتزوج ويشاركك مغامراتك حتى الآن "

رد سيد بتعاطف "انت تعلم ظروف وائل جيدا "

قبل أن يستطرد إنتبه الرجلين لحركة خلفهما فاستدارا لمصدر الصوت ليفاجاءا بشاب يهرول باتجاهم .. وقبل أن يدركا ما يحدث... كان الشاب يفتح باب سيارة أحمد ليجلس بجوار مقعد السائق ينهت دون أن ينظر اليهم ..

تحفز كلا منهما وتبادلا النظرات في صمت ثم اعتدلا بحركة واحدة مكشرة عن أنيابها .. وقد لمعت عيونهم بتسلية واضحة ..

حرك أحمد رقبته يمطها بانحناءة نحو كتفيه يمينا ويسارا مستمتعا بصوت طرقعة عضلات رقبته وضم قبضتاه متحفزا كأسد متلذذ وجد فاراً وقع بالمصيدة ..

أما سيد فقد أخرج مِطواة من جيب بنطاله بسعاده وتشفي محدثاً صاحبه في همس وهو يراقب الشاب الجالس أمامهم في السيارة " حصُلت على الاصطباحة يا أحمد.. وجبرت "

رد عليه أحمد هامسا دون أن يحيد عينيه هو الأخر عن الشاب الجالس في السيارة يتمتم بصوت غير مسموع " أسف يا صاحبي .. انه لي حتى اغذي شياطيني الجائعة "

ثم تحرك نحو باب السيارة وفتحه بعنف فانتفض الشاب واغمض عينيه بخوف وهو يتمتم بصوت غير مسموع .. امسك أحمد بقميصه غير عابئ بجسد الشاب الذي يختض تحت كفه صائحا به ليخرج من السيارة .

فتح الشاب عينيه وتحدث برعب " اعتذر سيدي .. اعلم انك تعارك ذباب وجهك .. اقصد.. اقصد انك تكره المجتمع والناس .. لكنك بالتأكيد شهم .. اتركني فقط معكم بعض دقائق "

جحظت عينا أحمد في ذهول مرددا "اصارع ذباب وجهي !"

سمع صوت سيد وهو يكتم ضحكته فاستشاط غضبا وأمسك الشاب من ذراعه بقوة فتألم الشاب.. ولكنه تمسك بجانبي معقد السيارة تحته هاتفا برعب " أتوسل اليك بضع دقائق وسأنصرف بعد أن تبتعد سيارة الشرطة "..

إلتفت كِلاهما ليجدا سيارة شرطة وقفت على بعد امتار منهم وترجل منها أمين شرطة يتجه اليهم .. فاستدار أحمد يواجه الشاب وهو يصيح باستنكار " ماذا فعلت لتتعقبك الشرطة ؟.. أجب "

رد الشاب وهو يشاهد أمين الشرطة الذي يقترب وهتــــــف بجــــزع "اقسم بالله لم افعل شيئا سيدي .. . انا فقط لاجئ واوراق اقامتي منتهية ليس إلا .. ارجوك "

رفع أحمد الخصلة الطويلة التي سقطت على عينيه ثم أدار وجه نحو سيد يستقرئ رأيه .. ليجد سيد يشير اليه بأن يتركه وعلامات التعاطف تملأ وجهه .. فتأمله مرة أخرى محاولا تقصي صدقه .

لفتت نظره عينا الشاب التي يحبس بها دموعاً خلف رموش كثيفة كستنائية تعارض لون شعره الاسود بشكل متناقض ! ... ليس هذا فقط ما يبدو متناقضا فعيناه مرسومة بشكل طبيعي مستفز ... لا يليق برجل ذكر ابدا ..

استفاق أحمد من شروده على صوت أمين الشرطة يقول بعنجهية " ماذا يحدث هنا "

ترك ذراع الشاب واغلق باب السيارة ملتفتا هو وسيد لامين الشرطة .. فبادره سيد ببشاشة مصطنعة مرحبا به مادا يده يصافحه .. وما ان تعرف عليهما امين الشرطة حتى سقطت عنجهيته ارضا يعتلي وجهه التهليل والبشاشة قائلا بلزوجة " سيد باشا والباسمهندس أحمد سماحه .. ماهذا النور .. هل نساعد بشئ"

غير ان سيد طمأنه بأن سيارة أحمد سماحة قد تعطلت وهما يصلحانها وليس هناك شيأ اخر .. فاستعد أمين الشرطة للمغادرة .. فبادره سيد باخراج ورقة نقدية ناوله إياها .. فتصنع الأمين الرفض متمتما بأن الحاج سماحة خيره على الجميع ... لكنه اخدها بابتسامه جذلة يخبئها بجيبه قبل ان يستدير نحو السيارة ليتأكد ان الضابط لم يراه ..

استدار الامين مرة اخرى ينظر بداخل السيارة للشاب الجالس فيها يقلب في بعض الاوراق باهتمام ثم رفع نظره الى أحمد سماحة بنظرته الجادة المتحفزة واستدار ليغادر ببساطه مؤكدا للضابط ان كل شيئ على مايرام .

بعد ابتعاد سيارة الشرطة تنفس الشاب الصعداء تاركا الاوراق الي التقطها من المقعد الخلفي ليتظاهر بقراءتها امام امين الشرطة .. ليفاجأ بالباب جانبه يفتح بعنف ويد السيد الاسمر الوسيم .. الذي يصارع ذباب وجهه .. تقبض على ذراعه لتخرجه من السيارة فتألم وصوت أحمد يهدر "اخرج من سيارتي فورا" ..

استقام الشاب خارجا من السيارة معدلا ملابسه بغيظ ثم تحرك يتخطى أحمد بعد ان ارتطم بكتفه بتعمد وداس على حذاوه... ثم توجه ليقف بجانب سيد يمسد الألم في ذراعه ويقول بهدوء مصطنع " شكرا لشهامتكم يا سادة"

أخذ أحمد يشتم بعصبية رافعا قدمه على السيارة قائـــلا بغيـــظ " حذائي يا غبي "

فهتف الشاب ببراءة واضعا يده على فمه يتظاهر بالجذع " يا الهي اعتذر سيدي .. هل آذيت الحذاء "

استشاط أحمد غضبا بينما ضحك سيد مستمتعا وهو يراقبهما ..

استمر أحمد يشتم ويلعن وهو يواصل تنظيف الحذاء بينما الشاب يتأمله بنظرات متفحصة وقال بجدية موجها الكلام لسيد " هل جربتم التكبيرفي اذنه ؟ .. صدقني عندنا تؤتي بنتائج مُرضية مع بعض الحالات "

انفجر سيد في الضحك مائلا بجزعه للأمام وشاركه الشاب المزحة بابتسامه رقيقه كشفت عن اسنانه البيضاء المتراصة بشكل جمالي ملفت ..

بعد ان انتهى سيد من الضحك رد وهو يكتم المزيد منه " جربنا كل شيئ صدقني .. التكبير .. الزار .. الأعمال السحرية .. ذهبنا لشيوخ واطباء وجلسات اخراج الجان.. ولم يفلح شيى في مصالحته على ذباب وجهه "

ابتسم الشاب هذه المرة واضعا يده على فمه واستطرد متأملا أحمد من بعيد بعينين نصف مفتوحة وكأنه يفكر في حل معضلة"ربما لو جربتم الضرب "

ثم استدار لسيد الذي انفجر ضاحكا من جديد يشرح له ويلوح بذراعيه كيفيه التنفيذ بكل الجدية" صدقني قد يؤتي بنتيجة .. ضعوه ارضا ثم يتجمع الناس حوله يضربوه بالعصى يخرجون كل شياطينه "

رد سيد وقد دمعت عيناه من الضحك " هو يقول انها (وحوش) لكني اعتقد أن ( شياطين ) تعبير اكثر دقه "

ثم استقام مادا يده مصافحا " سيد صبرة .. وهذا المهندس أحمد .."

قاطعه الشاب ليكمل " المهندس أحمد الذي يصارع ذباب وجه "

ضحك سيد مجددا " وأنت ؟ "

رد الشاب بتردد " رامز ... رامز الخازن "

أتاهم صوت أحمد يقول "ماذا يقول هذا المستفز وتضحكا عليه ؟ " ..

فاشار سيد بيده قائلا "لاشيى .. انه يعرفني بنفسه رامز الخازن "

رد أحمد بسخرية واضعا يديه في جيبي بنطاله يشد جزعه الى الخلف قليلا بعنجهية " وماذا يفعل هذا الرامز هنا في هذا الطقس وفي هذا المكان شبه الخالي .. بخلاف استفزازي وتلويث سيارتي وحذائي ؟"

فاعتدل رامز مقلدا هيئة أحمد المتعالية واضعا يديه في جيبي بنطاله مائلا بجزعه للخلف قليلا " بالطبع لست اخذ حمام شمس .. ولست ألعب عسكر وحرامية مع الشرطة يا ذكي "

ثم استدار نحو سيد الذي يراقبهما باستمتاع وقال بنبرة حزينة "ابحث عن عمل .. انا بحاجة للعمل .. وظروفي لا تسمح باي وظيفة .. هل لديكم عمل ؟"

سأله سيد باهتمام " هل لديك شهادة جامعية ؟ "

فأطرق رامز رأسه وقال بحزن " كنت في أخر سنة دراسية بالكلية حينما اندلعت الحرب فتركت كل شيئ واتيت الى هنا وليس معي اي اوراق ولا شهادات .. لكني استطيع ان اعمل اي شيئ صدقني .. فقط لادبر اموري بالحلال "

رد سيد بتفهم "انتظر حتى اصلح السيارة لأحمد وسنري ان كان لدى أحمد عملا بالورشة او اخذك للعمل لدي لا تقلق "

تهللت اسارير رامز بالفرحة واخذ في النصف ساعة التي تلت يساعد سيد في اصلاح السيارة بينما يراقبهما أحمد باهتمام فهذا (الرامز) يثير غيظه ويستفز الفضول بداخله بهيئته الغريبة.. يقف بقامه قصيرة تصل عند كتف سيد .. يرتدي بنطالا من الجيز واسعا فضفاضا يثير الضحك وبلوزة بيضاء طويلة الأكمام وبرقبه طويلة تغطي رقبته فوقها بلوزة اخرى بنيه طويلة نسبيا وفوقها قميص مفتوح مطوي عند الساعدين وطويل بشكل مضحك ومستفز حتى نصف فخذه .. حذاء رياضي يبدو قديما ومهترئا وشعر اسود قصير ناعم تغطي بعض الخصل اذنه الي تبدو بيضاء صغيرة وفوق شعره قبعة رياضية ينزلها لتغطي جبينه بحركة متكررة وكأنه يريد الاختباء ورائها ووجه من المفترض انه ابيض غير ان البثور وحروق الشمس تغطي معظمه ويتعمد تغطية فمه عند الضحك .. شيئا ما يستفزه في هذا الشاب غير لسانه الطويل .

بعد ساعة دخلت سيارة المهندس أحمد من بوابة الورشة الضخمة تلتها سيارة سيد صبرة وبجانبه رامز .. ترجل الجميع من السيارات غير ان رامز بدى عليه التردد والصدمة .. فهتف متراجعا " هل تقصد هذا المكان .. شكرا لا اريد العمل هنا لا اريد "

رفع أحمد حاجبه باستنكار وتحفز ولكن سيد حاول ان يطمئن رامز بانه يستطيع ايجاد عمل له هنا لكن رامز اصر على الرفض وشكر الرجلين متجها نحو البوابة باحباط اثار فضول واستغراب الشابين فأصر سيد ان يعرف سبب رفضه للعمل في الورشة .. ليلتفت رامز اليهما وقد بدا عليه الارتباك واشتد احمرار وجهه قائلا " لا اريد العمل هنا .. ولكني سانصحكما بما انكم ساعدتماني .. ابتعدا عن ابن صاحب هذا المكان "

رفع أحمد حاجبا مستنكرا بينما رمقه سيد بنظرة متسلية ليعود لرامز يسأله عن السبب .. فحوقل رامز واستغفر ثم قال " حذروني من أحمد سماحة هذا .. انه ... انه شاذ .. ينجذب للرجال وليس النساء .. ويضايق العاملين .. وقد يتحرش بي انا ايضا".

انفجر سيد في الضحك حتى سقط على ركبتيه .. بينما اندفع أحمد وقد جن جنونه يمسك بمقدمة قميص رامز الذي ارتسمت على وجهه علامات الهلع " ماذا قلت ؟ .. من منهم قال لك هذا .. من منهم ؟؟؟!!! "

انتفض رامز مخلصا نفسه من يد أحمد غير ان الغضب قد سيطر على الاخير وهدر فيه بقوة " هيا معي دلني من منهم قال هذا الهراء "

جذبه من قمصيه مجددا ثم دفعه امامه بوحشية ليقع رامز ارضا .. غير انه استقام سريعا على قدميه يمسك بحجر كبير بيديه وهو يرتد للخلف ينتفض رعبا لهيئة أحمد الشيطانية البادية أمامه وعروق رقبته التي برزت ونظراته النارية ..

هدر أحمد بعنف وقد بدا ان شياطينه تتراقص امامه فعلا" ستريني من قال لك هذا الكلام .. والا لا تلومن الا نفسك "

اخذ خطوة للامام لينقض على رامز .. الذي يدعي الشجاعة وقلبه يطرق كطبول الحرب بعنف في صدره وتراجع الى الخلف ليجد الجدار يلتصق بظهره يمنعه من التراجع اكثر ..

استشعر سيد رعب رامز وخطورة مزاج أحمد فسيطر على حالة الضحك الهستيري وطوق ذراعيه حول أحمد من الخلف يمنعه من التقدم نحو رامز اكثر وأحمد يقاوم تكبيله بكل شراسة راغبا في سحق هذا الرامز .

هدر سيد بجدية " اهدأ يا أحمد الفتى سيموت رعباً .. اهدأ وسأحدثه انا "

انتبه أحمد وبدأ عقله يستوعب هيئة رامز الملتصق بالجدار يدعي الشجاعة وهو يرفع الحجر بين يديه مدافعا عن نفسه بينما عينيه المرسومة باستفزاز تسجن دموعا تأبى ان تسقط .

سرعان ما تسربت نظرة الرعب في عيني هذا الشاب إلى إدراك أحمد وقلبه بينما صورة اهتزاز الحجر بيده اشعرته بشفقة وشيئا اخر لم يدركه .. فهدأت تشنجاته ومقاومته لسيد .. ليترك سيد تكبيله ويتقدم نحو رامز يرفع كفيه امامه مستسلما يطمئنه .. ويطلب منه ترك الحجر جانبا ..

حرك رامز عينيه بين الشابين الماثلين امامه يقدر الوضع.. فتلقى من وجه سيد رسائل مطمئنة وشعر ببعض الثقة وهو ينظر لأحمد المتحفز .. ثم انهار بجسده جالسا على الرصيف ينظر اليهم بتحفز وقد وضع الحجر في حجره يسألهم بصوت بذل مجهودا حتى لا يخنقه البكاء " ماذا تريدان مني .. دعوني اذهب "

قال سيد بهدوء حذر وهو يناوله زجاجه مياة أحضرها من السيارة " اهدأ .. نحن لا نريد أن نؤذيك .. فقط اخبرنا من قال لك هذه المزحة القبيحة .. أحمد من حقه ان يعرف "

انتبه رامز للاسم وجحظت عيناه في هلع وهو يمرر نظره على هيئة أحمد طولا وعرضا مرددا اسمه في صدمه وكأنه استوعب الموضوع للتو ثم استدار نحو سيد الذي يجلس القرفصاء امامه وقال ليتـــــأكد " هذا أحمد سماحه ؟ " واشار باصبعه للورشة في استفهام .

فضحك سيد وأومأ برأسه " اجل .. انه أحمد سماحة ابن صاحب هذا البناء الضخم .. وانا زوجته ... اقصد صديقه "

لكن رامز لم يلتفت لدعابة سيد واعاد النظر الفاحص بريبة وعينين متسعتين في عدم تصديق لأحمد الواقف ويديه في جيبي بنطاله رافعا حاجبا مستفزا لرامز ويهز ساقه بعصبية .

قاطع سيد تأملاته هو يقاوم الضحك من جديد " يا اخ رامز .. من حق أحمد ان يعرف من اخبرك بهذه المزحة القبيحة .. انا صديقه منذ قرون واعرف كل بلاياه .. واؤكد لك انه طبيعي تماما.. يسيل لعابه مثل الذئب وتدور عينيه في محجريها حين يرى او يستشعر كل ما له صلة بتاء التأنيث...فقط اخبرنا حتى نلملم شرف الرجل الذي تبعثر في التراب " قالها وهو ينظر لأحمد بتسلية فبادله الاخر بنظرة مشتعلة محذرة .

بعد نصف ساعة كان سيد يقف مع رامز يهنئه بالحصول على عمل بالورشة فقد اعلن أحمد منذ قليل آمرا ان يعمل رامز بالورشة نكاية في فرج الذي يأتي صوته الأن من داخل من احد الغرف وهو يستنجد ويصيح متأوها مثل كلب اجرب يتم تعذيبه .. واصواتا اخرى تتداخل لاشياء تتحطم وزمجرة أحمد الغاضبة وسبابا لا يتوقف .. التفت رامز لسيد وجسده يرتجف قليلا بخوف مما يحدث بالداخل" هل ستتركه ... المجنون سيقتله "

طمأنه سيد بهدوء .. " لا تقلق .. فما فعله هذا العامل استوجب استحضار فريق شياطين ابن سماحة كاملا .. سأتدخل بعد قليل قبل ان يتطور الوضع .. هيا اذهب الى عم عبد الحليم واستلم عملك .. ولا تتردد بالاتصال بي اذا احتجت شيئا او تنمر عليك ابن سماحه .. رقم هاتفي سهل (..............) "

شكره رامز بامتنان وهو يخبره بأنه لا يمتلك هاتفا شخصيا لكنه سيحتفظ بالرقم في ذاكرته ولوح له مودعا

يتبع


الساعة الآن 08:30 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.