آخر 10 مشاركات
وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )           »          17 - مندلا - مارغريت واي - ق.ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : Gege86 - )           »          [تحميل] عبثاً تحاول ، للكاتبة/ حنان | atch (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          9-وعود ابليس - فيوليت وينسبير "ق"* (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-10-18, 10:03 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




{ منذ / قبل ساعة ونصف من الآن }
كانت واقفة امام المرايا الطويلة المتعدد وجودها في الصالة بكل مُكان
وفي كل جزء من الغرفة يضم مجموعة من الخريجات يتسرحون أمامه
أخذت عباءتها الزرقاء الموافقة لموديل عبايات التخرج المعتادة الى نصف ساقها
منفوخة الكتفين
قصة واسعة من تحت الصدر
اغلقت الزر الوحيد بعباءتها باعلاءها
مدت كفيها حتى تأخذ القبعة
وضعتها على رأسها بهدوء حتى لا تعدم تسريحة شعرها البسيطة
في ظل تركيزها بالمرآيا
زاحم انعكاسها الوحيد
انعكاس عاشرته خمس سنين بالغربة
بين طيات شوارع باريس
بين فصول الجامعة
قاسمتها في ليالي مِلاح سرير نومها ومخدتها
كان انعكاس رغد !
رغد اللي من بعد سفرتها مع زميلها ناصر الى آنسي
وأخبرت ريناد خطيبها معاذ بالحقيقة ( انها لم تسكن معها يومًا قط وهي الآن مع رفقة رجل آخر في مدينة اخرى ) بعد مافكرت بكلام كسار جيدًا ، لم ترأها ابدًا
لفت ريناد ببطء وهي ترى رغد تقترب بعباءة سوداء مبتغاها الستر وليس عباءة زرقاء مثلهم مبتغاها فرحة التخرج
كانت تضع طرحة تغطي بها شعرها مبتغاها الحشمة وليس قبعة مثلهم مبتغاها رميهًا عاليًا معلنين انتهى شقاء رحلة طالت ظ،ظ§ سنة
رغم انها خريجة مثلهم
اقتربت رغد حتى باتت امام ريناد
لفت رغد ببطء وهي تتفحصهم بدايةً من وجوه زميلاتها وهم ينظرون اليها بإستغراب مستنكر الى أطراف اقدامهم اللتي ترتدي الاحذية العالية وتبتعد عنها خطوتين للخلف بقلق من شكلها الشاحب ونظراتها الباردة
عادت برأسها لريناد ببرود بالعربية :
تعمدت آجل رحلتي الى اليوم اللي تشرفين فيه باريس ياسنيورة
خبرك بعد عملتي عملتك القذرة وانحشتي السعودية
فهمت ريناد انها تقصد إخبارها خطيبها معاذ قاطعتها بإندفاع :
اني قلت لزوجك الصدق بعد مانشب لي بشقتي ثلاث ساعات بسببك ، عملة قذرة
اجل اللي سويتيه لما سافرتي وش يكون ؟
رفعت رغد حاجبها بحدة :
سافرت مثل ماكل شخص بالدنيا يسافر
وش دخلك ؟
عقدت ريناد حاجبها بدهشة من سؤالها :
الحين انا وش دخلني ؟ لما خمس سنين تخليني يوم ورا يوم اكذب على زوجك ماقلتي وش دخلني . لما خمس سنين تخليني بتأنيب ضمير بسبب كذبي وأقول معليش عشان مستقبلها ماعليه ماقلتي وش دخلني . لما خمس سنين ما ارجع بالإجازة للسعودية عشان اهلك مايدرون من اهلي ان عندنا اجازة وانك مارجعتي ماقلتي وش دخلني ؟
مدت رغد سبابتها وهي تضربها بكتف ريناد ب غضب ساخر وهي تريد ان تطفئ شيء من غضبها بها :
محد طقك على يدي قالك طيعيني كنتي مثل الكلبة لأوامري وش اسوي لك ؟
صرخت ريناد وهي تدف يدها بقوة ودمعة تعلقت برمشها ؛ هلّتها بمجرد ماسمعت : كلبة
شدت أنظار البنات وهم ينظرون لهم باستغراب جاهل لأنهم لا يعرفون العربية :
انتي جاحدة
سويت لك كل اللي تبين بأسم انك صديقتي
ماصادقت غيرك
مافكرت يوم بعيوبك كل ماجاني شيء قلت اخت دنيا تمون وأنسى
دفعت عنك ايجار شقتك وأقساط سيارتك ونص مصاريف الجامعة وكل ماتروحين السوق تاخذيني معك بحجة ماتحبين تروح لحالك وانا ادري عشان ادفع عنك بس كنت اطوفها اقول صديقتي مابخلي في خاطرها شيء
وكل مرة اقول ماعليه هذه صديقتي مابينا فلوس ، وش الفلوس اصلا ؟ كله عشان ماتضايقين اهلك ماديا ومايخلونك تكملين دراستك
صرت الحين انا الكلبة والقذرة ؟ وانتي المظلومة وانتي اللي مستغلتني لمصلحتك
صرخت رغد بحرقة وهي تضرب رأس ريناد بشنطتها بكل ماؤتيت من قوة حتى سقطت قبعتها :
لا تذليني بكم قرش سديتي فم اهلي فيني وانتي فتحتي عيون خطيبي علي
اليوم كان المفروض أكون معكم خريجة
سحبت عباية ريناد بقوة وهي تحاول ان تمزقها : بس بسببك الحين انا وحدة مطلقة في العدة
بدل ما استلم وثيقة تخرجي
بستلم عقد فسخ نكاحي اخواني جو من السعودية يأخذوني بعد ماقالهم معاذ : ترا خذوا نتيجة تربيتكم
سحبت شعر ريناد بقوة وهي تضربها في المرايا :
اذا انا ماحضرت حفل تخرجي حرام انتي اصلا تعيشين
فتحت ريناد عيونها بصدمة دون ان تشعر بالآلم ورأسها النازف من الخلف نتيجة تكسر المرايا وجرحتها في فروة رأسها وهي تسمع خبر طلاق صديقتها
توقعت ان تكبر الأمور بسبب طينية معاذ ولكن ان تتطلق بهذه السرعة !
تراكضوا البنات المنتشرات بالغرفة وهم يحاولون ان يبعدون رغد قبل ان تذبح ريناد المستسلمة كليًّا
صرخت فيهم رغد بالفرنسية وطرحتها التي كانت تستر شعرها تمردت وسقطت على عنقها :
انها تستحق الموت ! فرقت بيني وبين زوجي
جعلت عائلتي يمنعوني من إكمال بعثتي وحضور استلام شهادتي
واليوم انا عائدة الى وطني كأني لم افعل شيء طيلة الخمس سنوات بسببها
هي من تلفقت علي بالتهم الشنيعة
وظن زوجي اني زانية
فتاة فرنسية كانت ممسكة بيد رغد التي تشد شعر ريناد وبمجرد ما انتهت رغد من جملتها
رمت يدها على ريناد بإشمئزاز حتى تكمل ما بدئته وهي تنظر فيها من اعلى للأسفل :
انتي حقيرة فعلا !
لم يكرهونك الطلاب عبثا بسبب أموالك وأنك ثرية فقط
كانت لديهم نظرة مستقبلية بخبثك
فتاة أمريكية اخرى مثل حال ريناد ورغد أتت لبعثة خارجية حتى تكمل دراستها
كانت تحتضن ريناد بعيدا عن يد رغد وبمجرد ماسمعتها
ابعدتها بعنف وهي تنظر لريناد بدهشة :
حتى صديقتك الوحيدة التي رضت ان تصاحبك لم تسلم من شرك
هل هذه أخلاقكم يالمسلمين التي طالما قلتوها لنا " قابل السيئة بالحسنة " ؟
قاطعتها فرنسية مسلمة بغضب وهي تنظر لريناد بطرف عين :
رجاءا تريزا نحن لسنا في نقاش الديانات . هذه تمثل نفسها لا تمثل الاسلام ولا المسلمين حتى انا في ديننا حرص الرسول الكريم بمعناه ب إن ليس منا من افسد على امرئ زوجته
شعرت ريناد بإنها لوهلة امتصت كل حزن فرد في باريس حتى امتلئ صدرها بإفراط من هول حزنها
صدمتها في صديقتها
نظرات الزميلات وكُرههم لها من اول بدون سبب والآن صار لهم سبب ؛ ياشماتتهم بها
كانت كفيلة ان تهدم فرحة تخرجها وتنسيها اصلا لماذا هي هنا اليوم
لم يوجد الا شخص واحد تريد ان ترأه الآن
شخص واحد هو من اجبرها على فعله
ستسأله هي صح او خطأ ؟
هل كان فعلًا صادق برأيه اما تعمد ان يغرر بها حتى يهدم حتى صداقتها بسبب علاقتهم السيئة
فقط كسار قادر ان يجيب أسئلتها
/

\
كان يجلس كسار على الكرسي مقابل لطاولة متوسطة الحجم
مربعة وفوق رأسه الحارس ب زيه الرسمي مُكتفين كفوفه بوقفة رسمية يداه مكلبشة بالحدائد وموضوعة على الطاولة مازال ب لبس السجن الرسمي بنطلون وقميص باللون البرتقالي وبجانبه محامي الحكومة ب بدلة رسمية مكوية نصف كيّ
اول ثلاث أزرار من قميصه مخلوعة من كثر الغسيل
لون البدلة ليس بالاسود ولا الرمادي نتيجة الصابون السيء
شنطته الموضوعة على الطاولة لو كان يستخدم كيس بلاستيكي لأفاده اكثر
ناظره كسار بإشمئزاز بنفسه :
ما ودي احلف انه مروج او قصاب كان ناسته اكثر ، هذه هيئة محامي حكومة ؟
كانت عيناه تنتقل تارة الى التليفون المعلق بالجدار بإنتظار اتصال يشفي غليل قلقه
والساعة التي فوقه تارة يتمنى ان تشلّ xxxxبها قبل ان تأتي جلسته
وعيناه تارة على الباب الذي يرّن بصرير كل مافتحه احد وفز ظنًا منه انه دخول سياف بالمحامي
تبقى على أخذ إفادته ربع ساعة ولا لسياف آثر
رن الهاتف الأحمر وفز كسار ب لهفة
تقدم الحارس ورفع السماعة
رفع رأسه وهو يأشر لكسار بإن يقترب
أخذ كسار السماعة من إذنه ب لهفة وهو متاكد انه لا أحد غيره : وصلت ؟
مسح سياف وجهه ب كفوفه بخيبة آمل :
من الصبح احاول أدور رحلة مالقيت كل الرحلات الدولية بالليل
واذا لقيت ، لقيت فيها محطة انتظار مو اقل من ثلاث ساعات ثم الى باريس
بتفوتني جلستك مابعد وصلت
ارتخت عظام كسار المشدودة من اليوم
وامله المعلق بسياف و ولد بالمهد بعد مكالمته الصبح
هاهو الآن يزفه ب تابوت الى قبره وهو لم يكمل ظ¢ظ¤ ساعة وبهمس :
يعني ؟
ناظر سيّاف ساعته وهو يحاول ان يحسب كم باقي هل يسعفه الوقت او لا ؟ :
خوال عيالي في باريس بتصل عليهم . علاقاتهم كثيرة ابسط الإيمان يتواصلون مع السفارة توفر بس محامي
اكمل وهو يحاول ان يطمن كسار بأنه لم يخسر شيء :
انا حتى لو جيت ؛ جيتي ما منها فايدة ما ادّل محامين عليهم السمعة بباريس
لو تسألني عن عنوان الشانزلزيه ولا متحف اللوع¤ر يجيني هبوط بالضغط لاني ما ما اعرف
سكر كسار في وجهه السماعة وهو لا يطيق ان يسمع حرف آخر منه هذا اسوء شعور عاشه بحياته كله
لف على الحارس بقلّ حيلة :
هل أستطيع تأجيل إفادتي الى الغد بالكثير ؟ لا املك محامي شخصي وبإنتظار أصدقائي ان ياتوا بمحامي - اردف مترجيًا وهو يرى ملامح الرخا في وجه الضابط الذي دخل بمنتصف كلامه - الى الغد فقط وبعدها حتى لو لم املك محامي لا بأس بمحامي من الحكومة
عقد الضابط حاجبه بإستفهام :
لا تملك محامي شخصي ؟ ولكن
قاطع الضابط
دخول محامي فرنسي طويل القامة
ب هِندام ينافي تمامًا هِندام محامي الحكومة
بدلة رسمية كُحلية ب ربطة عنق من نفس اللون . وقميص ابيض وفي يديه اليمنى شنطة سوداء واليسرى تحمل ملف
رفع صوته الجهوري وهو يرفع عيناه من الملف بإبتسامة واثقة :
انا محامي الاستاذ كسار
رفع كسار رأسه بصدمة
وهو ينتظر ان يدخل سياف بعده ويقول كانت هذه مزحة
غمض عيناه وفتحها مرة ب قوة وهو يظن انه يحلم
وعقله الباطن صور له المشهد الذي يتمناه ولكن كان كل شيء مثل ماهو
اتسعت ابتسامته وهو يضع شنطته على الطاولة ويفتحها بإستعجال ولم يكلف على نفسه ان يرأهم :
الآن استبيحكم عذرًا
اريد ان انفرد بموكلي حتى أتأكد ان حالته الصحية والنفسية تهيئ له تقديم أفادة سليمة خالية من تأثيرات عقلية او نفسية
في ثواني معدودة خلت الغرفة ولم يتبقى بها غيرهم
جلس المحامي دون ان يتكرم عليه بنظرة وهو يقلب في صفحات ملفه بعجلة وبيده الاخرى يراجع حججه :
سنحتاج في الجلسة الاخرى الى السائق
وسأحضر اشرطة المراقبة حتى تبريئك من هذه التهمة
ثم سأرفع قضية عليهم تعويض سوا ماديًا او اي شكل من الاشكال على الاذى الجسدي
والنفسي بالسجن دون جمع الأدلة الكافية لإدانتك
وعدم توفير الرعاية الصحية الكافية
قاطعه كسار باستغراب وهو يتحسس لسانه :
ولكن الآن انا بصحة جيدة
لم يكن هناك تقصير من مستشفى السجن
أليس هذا ظلم تو ممكن ان تنقلب القضية ضدنا ؟
رفع المحامي حاجبه بآستنكار من انه قطع عمله :
عفوًا ماغرضي اذا ؟ انا هنا حتى أخرجك بريئ ولذلك انا استلم أتعاب الجلسة ليست وظيفتي ارى أين الحق واتبّعه فأنا لست القاضي لو تقتل امامي لقلت ان يدّك هي من قتلت انت بريئ من افعالها
قاطعه كسار وهو لم يريده حتى يسمع من الغرض من وظيفته :
انا لم اكلفك ، من كلّفك بقضيتي ؟
زمّ المحامي شفتيه من ازعاج كسار المتتابع ، وب كذا لن ينهي شغله وهو من استلم ملفه قبل قليل بعد ان جمعه مساعده في غصون ساعات
رفع راسه بإبتسامة مجاملة :
انا محامي اعمال السيد ذعار الكسار بفرنسا . كلفتني السيدة الصغيرة ريناد . هل هناك اسئلة اخرى او أستطيع متابعة عملي ؟
/
*
\
أغلق خلفه الباب وهو يدخل مفاتيحه في جيبه
ضحك بقهقهة وهو يرى غنى تفتح ذراعيها بقوة بمجرد ان لمحته وهي في حضن صمود
جلس ذياب على ركبته اليسرى واستند على اليمنى وهو يفتح ذراعيه بنفس حركاته :
تعالي تعالي
قفزت من حضن صمود وركضت نحوه بخطوات غير متزنة
تارة تنحي لليمين وتارة للشمال حتى اصطدم جسدها في حضنه وهي تضحك
ضحك على ضحكتها وهو يحملها ويقف
توجه الى ابيه الجالس بصدر الصالة وأمامه طاولة تحمل اوراقه وجهاز التحكم
قبل ذياب رأسه وهو يضع كفه على كتفه حتى لا ينهض :
خلك يا ابو ذياب مستريح ، وش اخبارك ؟
هز خالد رأسه بإمتنان :
يا رب لك الحمد بخير وعافية
لف ذياب بإبتسامة حنونة وهو يصافح صمود متعمدًا ان ينرفزها :
وش اخبارج عميمة ؟
ضربت صمود كتفه ب حرّة بوجه عابس ب عتب :
ملاقة ذيابوه !
اشرت بحجم صغير على سبابتها وهي تردف : انا هالكبينةِ وتقول لي عميمة ؟
ابتسم ذياب بمجاملة وهو لا يطيق ان ينبس ب بنت شفة
كل محاولاته قبل قليل بإن يظهر بمظهر طبيعي أمامهم ويتجاوز حزنه بائت بالفشل وبانت على مُحياه
جلس وفي حضنه غنى وهو يمرر ظهر سبابته على خدها ب رقة
ابتسمت صمود بشاعرية مصحوبة بتنهيدة وكفيها تحت خدها :
الله يجيب اليوم اللي اشوف معك ولدك خلودي
ابتسم ذياب دون ان يرفع رأسه على هالطاري
الذي يقتحم قلبه بشعور من الـلذة الذي لا يعرف عنها الا اسمها وبعضًا منها من غنى ابنة اخته
يتخيل لو عاشها حقيقةً ؟ لا يعلم ولكن يتوقع لن تسعه الارض بما رحبت من سعادته
ويؤمن من تجربة ضليلة بسويعات معدودة مع غنى ان لو جردوه من منصبه
من شهاداته
من ومن ومن كل شيء لكفاه شرف انه ( أب )
ترك خالد الأوراق من يده وهو ينظر بعمق لذياب وأمنيات صمود فتحت عينيه :
وش ناقصك يا ذياب ماتعزم وتفتح لك بيت وتكمل نص دينك ؟
ضحك ذياب بدهشة من الطاري المفاجئ !
ظ¢ظ© عامًا من حياته لم يفتح له طاري الزواج بجدية
واذا انفتح أغلقته شادن بعنفوان غاضب
حتى في طفولته ماقد سمع " جعلني اشوفك عريس ، تدخل علي بعيالك " الا من خالته ندى اذا دخل عليها من صلاة الجمعة مع سياف
ماقد سمعها قط من امه !
ماكنت تريد ان يكبر وتكبر معه وتموت تلك الفتاة المراهقة فيها .
مستعد يحلف بأغلط الإيمان ان فكرة أنجابه هو وشادن كان أمر خارج الحسبان وبالخطأ !
قبّل خد غنى لما اخذتها صمود من حضنه بسخرية :
اذا وافقت شادن ماعندي مانع
ضحكت صمود وهي متوجه الى الأعلى تارك اخوها وابنه على راحتهم :
عز الله ما اعرست اذا كان الموضوع بيدها
عقد خالد حاجبه بإستنكار :
وشادن وش دخلها ؟
هاهي عند زوجها ولها بيتها وبنتها ما اشوفها قالت اخوي اذا ماوافق مالي مزاج بالعرس
ضحك ذياب وهو يمسح بكفوفه وجهه المرهق :
للاسف لو اني مو موافق وب رضاي ماكانت اعرست والحين صارت أم
ما صابت معك يا يبه ، هذه علاقة طردية / احتياج اللي بيني وبين شادن مالها الا انا ومالي الا هي
طول عمري وانا لها ب غمضة عين اصير لاهي في حرمة وعيال عنها ؟ عز الله وقف قلبها
لف خالد بجسده كله تجاهه بجدية :
وانا ابوك العمر يركض ، استغل شبابك بتربية الأبناء ماهو لا كبرت توك تفكر
يكبرون وانت مالك شدة عليهم
انا يوم كنت كبرك كنت انت وشادن على كتوفي
ابتسم ذياب ابتسامة حقيقة وهو يضع كفه تحت خده :
اذا انت معزم تعرس معي ، اعرست ويصير عرسنا ب ليلة وحدة
ضحك خالد على طاري الزواج الملغي نهائيًا من قائمة اولوياته بعد غزل :
كان يوقف قلب اختك صدق
همس ذياب وهو ينظر الى تقاسيم وجه ابوه التي تغيرت بمجرد موضوع زواجه
حتى وان ابتسمت لم يستطيع ان يسيطر عليها :
الى الحين واثق من رجعة امي ؟ وانها لو رجعت ، بترجع لك
تكلم خالد بإقتباض وهذا الموضوع يأخذ من صحته ، من سنين عمره بذكرياته المرة من 12 سنة قضاها بحل وترحال ، وكل مارجع شم ريحتها بعياله . كأنه يدور على حرّق دمه :
من قالك ابيها ترجع ؟ امك اذا رجعت ماهي براجعة لي . هي ما انحاشت الا عايفتني
ابتسم ذياب على الموضوع الذي لاول مرة من 12 سنة يفتحه ابوه ، ويفتح معه قلبه له :
تحبها ؟
أخذ خالد الأوراق الى حضنه ، وبعصبية مصطنعة يحاول ان يكتم بها ضحكتها على شكل ذياب :
اقول قم انت ماتنعطى وجه الهيتيني عن شغلي
نقز ذياب من مكانه ، الى جانب ابوه وهو يمسك ذراعه مبعدها عن الأوراق بترجي :
طلبتك يبه قول لي ، ماقد سولفت معك وانبسطت كثر الحين
رفع خالد رأسه الى ذياب ، وندوب الحنين الذي حاول ان يخفيها جاهدًا تعرت :
مافيه واحد بيعيش مع وحدة وهو مايهتويها ، امك حتى يوم باعتني انا مازلت شاريها بماي عيني
امك وانا عايش معها كانت تخطي خطايا هالكبر - وسع ذراعيه بشكل كبير وهو يكمل - وماكنت اشوفها شيء ، كنت اقول طفلة تكبر بكرة وتعقل - رفع رأسه ونبرة حرّقة اشتعلت في حنجرته وهو يردف جملته الاخيرة - ويوم كبرت راحت من يديني
ضوق ذياب عيناها وهو يرى حياة ابوه للمرة الثانية على التوالي تتكرر امامه عينه :
اجل شادن وسياف ماهم بعيدين عنكم ، التاريخ يعيد نفسه
رفع خالد رأسه بقوة وهو يهيزه بالنفي :
سياف يشبهني يمكن ، اما شادن غير !
امك ماكانت تحبني ، كانت تحب حبي لها
اما شادن طاري سياف لوحده يأخذ نفس صدرها كله ب لحظة ولا يرده ، شلون بسيّاف نفسه ؟
ضحك ذياب بإنبهار وهو يضرب كفيه ب بعض ، ويأشر بسبابته تجاه ابوه :
هاه يبه شفت ! حتى انت تدري ومؤمن بقرارة نفسك بحب سياف لشادن ولا ماكان رضيت تشبهه بنفسك وبحياتك
ضحك خالد وهو ينظر لحركات ذياب المنتصرة بطرف عين :
لو ما ادري ومقتنع ماكانت هي للحين على ذمته . ولو ما ادري ومقتنع ماكنت شلوطته ب عقالي بكل مرة لا قرب عند بيتنا
مسك ذياب رأسه بقهقهة وهو يتذكر معاناة سياف وابوه في طفولته :
ياويلك من الله يا يبه ! انا متأكد كل اللي انت فيه هو حوبة سياف فيك . من يدخل شارع يلقاك واقف عند الباب ب عقالك ان قرب جلدته وان لمحته هاوشته
وكل ماشفناك بعد الصلاة واقف مع خالي سلطان درينا انك تشتكي له سياف
ضحك خالد وهو يتذكر تلك الأيام ، الذي كان فيها اكبر همه ان يتعلق سياف بشادن او العكس
وهو لا يضمن ظروف الأيام :
كان من يلمحني سلمت وقمت من الصف الاول الى سلطان
حتى لو كان في الركعة الاخيرة يقطع صلاته ولو كان مسلم معنا يحذف نعاله وبكل الحالات يركض لبيت ندى . يحتمي بها لا جاء سلطان يجلده
ناظر خالد ذياب وهو يتأمل شنبه الذي خط في سن المراهقة ، ودقنه الذي يصاحبه شعيرات بيضاء قليلة من ضغوط العمل و النفسية ، صار ينافس بطوله . طول ابوه . اصبح في بيت مستقل ب شهادة وعمل . اصبح يفتخر به كل مادخل صدر مجلس " هذا ولدي وأول فرحتي الدكتور ذياب "
ماعاد ذلك الفتى الصغير برفقة سياف وجلوي . يرأهم وهو عاد من عمله في مقدمة الشارع يلعبون كرة مع أبناء الحارة . وينهرهم حتى يستعدون للصلاة بعد ما تجاهلوا اذان صلاة المغرب حتى ينتهون من الشوط الثاني ويحسمون النتيجة ولكن كان خالد في نظرهم " هادم اللذات "
وسياف لم يعد ذلك المراهق الذي يتعمد ان تكون جمعتهم في بيت خالد حتى يرى شادن . كان يعلم بالعواقب لهذه الجمعة ستنتهي ب توبيخ خالد ان شادن كبرت ولعبهم سويا الآن لا يليق وضرب سلطان لانه يفشله مع نسيبه . ومع ذلك يتحمل المخاطر مطبقا " لأجل عين ، تكرم مدينة " بحذاريفها
والآن اصبح زوج ابنته ، وأب حفيدته . ورجلًا على مشارف الثلاثين
لم يبقى شيء كما كان . الا خالد الذي مازال ينتظر غزل على الاطلال
قطع خالد الصمت وهو يردف بتفكير عميق :
اقولك شيء ولا يطلع برا هالصالة عشان ما احش لسانك
ضحك ذياب وهو يأشر على فمه بسبابته بمعنى الصمت
رفع خالد الأوراق من الطاولة وهو يرتبها بإبتسامة حنين للأيام الخوالي :
من مسمي شادن ؟
هز ذياب كتوفه بلا مبالاه وبتخمين بديهي :
يا انت يا امي مايبي لها
ضحك خالد وهو يهز رأسه بالنفي :
ايّام حمل امك كان جلوي وسياف عندنا في بيتنا ، انتم تلعبون بالحوش وانا مع امك فوق وطنقرت على جية سياف لمنا ودخلت غرفتها زعلانة :

( قبل 24 سنة من الآن - في شقة خالد & غزل )
دخل سياف ذو الخمس سنين من الخارج وهو ينظر بإستنكار الى عمته الصغيرة التي وقفت غاضبة متوجه الى غرفتها دون ان تلقي له بال مثل عمته ندى التي مجرد ماتشوفهم مقبلين تركض لهم بما لذ وطاب
وجهه أنظاره الى خالد الذي كان يتنهد بهمّ وهو يمسح بكفوفه وجهه
ابتسم بمجاملة وهو يرى سياف ينظر لهم باستغراب :
تبغى شيء ؟
عقد سياف حاجبيه :
خالي خالد عمتي غزل زعلانة عشانا عندكم ؟
ضحك خالد على سياف الذي يشابه ابنه ذياب وعقولهم تسبق سنهم :
هي تعبانة عشان في بطنها اخت ذياب مو منكم رح العب مع عيال عماتك
هز سياف رأسه بالنفي بحنية نضجت فيه من صغره :
ما اروح لين تسامحني عمتي
تنهد خالد وهو يسحب جريدة من جانبه مهملة لسياف بتصريفة رغم انه مايعرف القراءة لصغر سنه :
عمتك زعلانة مالقت اسم
انت دور اسم وانا اعلمها وبتستانس
رفع سياف رأسه دون ان ينظر للجريدة بعفوية طفل :
عمتي ندى تقول الأولاد نمور والبنات غزلان . سموها غزال
ضحك خالد وهو يسايره :
مايصلح نسميها بأسم حيوانات بعدين غزال اسم كبير وهي بنت صغيرة لازم اسم صغير
جلس سياف جانبه بإصرار متذاكي :
خلاص سموها زي بنت الغزال ، سموها شادن ! )

ضحك ذياب بصدمة وهو يسمع القصة لاول مرة بحياته من ابيه :
توني ادري ان من سمى شادن سياف !
وقف خالد وهو يمسح بكفوفه وجهه بعد ان تأخر عن موعد نومه ، وأخذته السواليف مع ولده بإستنكار وهو يتذكر لحظة ولادة شادن :
كانت امك تبي تسميها اسم ما انزل الله به من سلطان مدري من لاعب عليها فيه ، واصريت مانسميها الا شادن عشان خاطره
اردف ذياب بتردد وهو الى الآن مازال يفكر بموضوع ابوه بإلانتقام لخواله ، بعد فعلتهم بشادن :
يبه
لف عليه خالد بإستغراب :
سمّ ؟
وقف معه ذياب وهو يقترب معه الى الدرج :
سم الله عدوك ، سؤال افكر فيه من يوم علمتني عن اللي سويته . انت ماخليت احد بحاله الا سياف ؟ وش معنى ؟ مع انه مفروض هو الوحيد اللي مايسلم لو كنت تبي تعاقب احد على حزن بنتك !
وقف خالد وهو يسمع سؤال ذياب دون ان يلتفت ، ماكانت الإجابة صعبة بالنسبة له ك أب ولكن صعبة على ذياب ان يستوعبها وهو عازب :
لا ضريت وأذيت سياف ، كأني ضريت وأذيت شادن ، كأني ضريت حفيدتي
ويدي ماتطاوعني ان ألكا جراح بنتي على حساب ابّوتي !
انا ابوها صح ، ولكن بعد هو ابو بنتها - همس وهو يخشى ان يصارح نفسه بغيرة اب فطرية على ابنته - وتحبه . اذا اوجعته بتحس بأضعاف وجعه
تركت اول العالمين
عشاني ما أقوى اضحك بوجه بنتي وانا موجعها
اكمل خالد وهو لم يسمع اي رد من ذياب وكأنه غير مقتنع ولكن لن يلومه مازال لم يصبح اب حتى يفهم مايقوله :
تصبح على خير وانا ابوك
همس ذياب وهو يتوجه الى الباب الخارجي بتفكير بكلام ابوه :
وانت من اهله يا ابو ذياب .
/
*
\
اتسعت عيناه بصدمة أقرب للدهشة وهو يسمع اسمها على لسانه
لم تكن امه ولا ابيه ولم تكن سفارة دولته المكفولة بسلامته ولم يكن عمه ولا اخوه من كانوا بمثابة ذراعيه
كانت من ترأه ألد اعدائها هي من تولت آمر قضيته
بيوم من الأيام جرح جبينها واليوم هي تخيط جرح كرامته
ان يتقبل شيء من ريناد هكذا المحامي آمر صعب عليه
وقف بقوة حتى سقط الكرسي من خلفه وهو يتوجه الى الباب تاركا المحامي على الطاولة :
اذهب واخبر سيدتك الصغيرة اني لست بحاجة لأحدًا
عقد المحامي حاجبيه بشك :
هل انت متاكد ؟
وقف وهو يجمع اوراقه بلا مبالاه في شنطته خرج ومن خلفه كسار
وقف المحامي بإستنكار وهو يرأها على الكرسي بجانب غرفة التحقيق :
سيدتي ماذا تفعلين هنا ؟
لف كسار بقوة من وجهه الشرطي الذي كان يكبل يديه بالأصفاد وهو يسمع المحامي
سقطت عيناه عليها وهي جالسة ب عبايتها الزرقاء وقبعة تخرجها في حضنها
وآثار الكحل السائل كمن امتد من بيروت الى الصين وهو يرأها سائلًا من طرف عيناها الى نص خدها
وارنبة انفها تلونت بالإحمرار كلون شفتيها والفرق بينهم ان شفتيها من آثار مسحوق التجميل اما انفها من شدة البكاء
لم يخطر على باله وهي هكذا الا ان الجامعة احترقت وهي تبكي على عدم إقامة حفل تخرجهم
لأنه يعرف بأن ريناد تافه
قاطع حديث عقله اقتراب ريناد بخطوات غير مبالية بقعبتها التي سقطت على الارض حتى تقف امام وصدرها تارة ينخفض ويرتفع من شهقاتها
همست ريناد وهي تُمسح عيناها والحروف تخرج بصعوبة من بين شفتيها المرتجفة :
انا وش سويت لك عشان تأذيني فيهم ؟ المرة الاولى خسرت مشعل بسببك والمرة الثانية خسرت رغد واحترام زملائي كلهم بسببك
انت كيف تنام الليل بدون ماتخاف اني ادعي عليك ؟
عقد كسار حاجبيه وهو لم يفهم شيئًا من كلامها :
ما اخاف لأني ماسويت شيء غلط
فتحت ريناد عيونها بدهشة كانت تدري بإن كسار وقح ولكن الآن تيقنت :
سويت اللي انت قلته علمت معاذ - صرخت بحرقة - بس طلقها بسببي خمس سنين وانا قادرة احافظ على بيتها ولما جيت انت انهدم على رؤوسنا
وتقول ماسويت شيء غلط ؟
قدر كسار ان يمسك بمربط الفرس ان السبب هو موضوع رغد ولكن لا يعلم التفاصيل وسؤال ريناد في حالاتها هذه خطر
رفع حاجبه مستنكرًا :
الطلاق شرع من شرعية ربي
لا هو عيب ولا حرام ولا غلط
حاله حال الزواج
لا انا ولا انتي لنا دخل هو شاف انها ماتناسبه وانفصلوا بالحسنى
اردف بغضب وهو يرى الجميع ينظر لهم بإستنكار والشرطي ينهره بالفرنسية بسبب صراخ ريناد وهو من المخالفات :
انتي صح وهي غلط وش قاعدة تبكين عليه ؟
بلعت ريناد ريقها وكلام كسار مثل ماء بارد
جرف معها دموعها المُنسابة لتحاول تجفيفها وهي تنتظم بأنفاسها



وهي تسمعه يجيبها قبل ان تسألها :
انا مو قاعدة ابكي عشانها انا قاعدة ابكي على نفسي
اني مغفلة مو طيبة وأنها خبيثة مو صديقة
قاطعها كسار بجدية وهو الى الآن لم يفهم ماذا تريد منه :
ريناد ليش جيتي لي ؟
رفعت ريناد رأسها تائه بقل حيلة وهي ترى في وجه كسار ظآلتها :
انا ماعرفت اروح لمين
مشعل تزعزت علاقتي معه من بعدك رغد طلعت حقيرة أكثر منك
اهلي ينتظروني في قاعة تركتها وجيتك ومو قادرة ارجع أحط عيني في عينهم ولا وحدة من ناس عشت معهم خمس سنين لقيتها تطبطب على كتفي بعد كلام رغد
سقطت عيناها في عينه بعد ان ذرفت دمعة حالت بين وضوح الرؤيا بينهم وهي تنتهد :
ليش كل أشيائي السيئة قاعدة تصير بسببك ؟
انحنى كسار بيديها المصفدة بالحدائد
وهو يحمل قبعتها من الارض ويضعها على رأسه بهدوء :
هذه المرة الأخيرة اللي ابيك فيها تسمعين كلامي وماراح تندمين
ابتسم بضحكة :
ولا راح تصير أشياء سيئة بسببي بعد
اردف بجدية وهو يبتعد بعد ان وضعها بالشكل الصحيح :
روحي حفل تخرجك
استلمي آخر شيء تذكرين فيه باريس بالخير
روحي اذا مو عشاني عشان ديرتك اللي تبيك ترجعين رافعة رأسها بعيالها عشان امك وأبوك
عشان خاطر كل ميل قطعوه لعيونك
هم مايستاهلون تحرمينهم شوفتك تستلمين شهادتك عشان انسانة ماثمرت فيها تكون صديقتك
لو انها عملت بآصلك كان كسبتك ولكن عملت بآصلها وخسرتك
بكل الحالات انتي الرابحة !
ناظر الساعة المُعلقة وتكريم الخريجين لم يتبقى عليه الا خمس دقايق :
روحي ياريناد روحي
شيئًا ما بداخلها استقيظ لن تكون " طيرا شكا من قفص وبكى في سجنه وانتحبا ثم لما فتحوا الباب لهُ قائلين اخرج من الأسر أبى "
وان كان كسار كريه ولكن كلامه سليم
مسكت قبعتها على رأسها بيدها وركضت من باب المخفر متجهه الى جامعتها مبتسمة رافعةً رأسها تنظر بإمتنان الى امها وأبيها قائلًا : صح انا بنت وحدة ، ولكن كل شيء تمنيتوه على عشر بنات صار فيني
ان كان هناك شيئا سيسترد حقها من رغد باستثناء المحكمة لان القانون لا يحمي المغفلين سيكون بحضور شيئًا لم تستطع ان تعيشه فقط ترأه بأحلامها
وتسمع صدى اسمها على منصة الحفل من جدران شفتيها
وتستلم شهادتها عندما استلمت رغد تذكرة طائرتها المتوجه الى ديارها
/

\
وقف ذعار بغضب وهو يرى ان مضت على التكريم عشر دقائق :
مشينا
وقف جلوي برفض وعيناه على الباب الذين دخلوا منه الطلاب بطول صبر :
يبه صبرنا الحفل كله ماراح تصبر دقيقتين ؟ متاكد بتجي والله بتجي بس اصبر
رمقهّ ذعار بحدّة وهو ينظر الى ساعته :
صبرت الحفل كله مابقى شيء وينتهي وأختك مابينت
الظاهر اختكم ماينفع فيها المعروف لما ظنيت انها صارت آدمية وبتترك الاستهتار وبتحس بالمسوؤلية كنت غلطان
حاربت كل من تكلم فيني بالمجالس ليش تارك بنتي في ديرة غرب
واقول تجي بكرة بالشهادة رافعة رأسي وأسد بها حلوقهم
مسكت ندى كف ذعار بترجي وهي تنظر لطلاب بتفحص ، لعل ريناد بينهم ولم يرؤوها :
تكفى ياذعار طالبتك انت تعرف بنتك اكيد متاخرة في الصالون ولا راح عليها الوقت
اصبر الله يهديك
قاطع ترجيهم وخيبة أمل ذعار بهذا المشهد الذي يخطط له منذ 5 سنوات ان يرى ابنته الوحيدة تحمل الشهادة الجامعية بجامعة احلامه امام عيناه ولكن أغُلق الباب قبل ان يرأه يخرج من ذلك الدرج الطويل الى المسرح مستلمًا شهادته
صوت شادن بدهشة :
ريناد
رفع ذعار رأسه بقوة وهو يرأها تخرج من الباب لوحدها
بإبتسامة هادئة وكأنها تمشي على غيم السماء من رقة خطواتها
تنظر تارة لليمين بإبتسامة واثقة وتارة لليسار بفخر
هدئت الأصوات الى ان اختفت
وصمتت مقدمة الحفل
وتارة حتى تعالت تصفيق الايدي بحرارة
وهم يرؤون فتاة تخرج لوحدها بعبايتها الزرقاء مودعة خلفها سهر وشقاء 5 سنين قضتها بين رائحة الأوراق وحبر الاقلام
اعادت مقدمة الحفل اسمها عندما اقتربت ريناد من المسرح
وقفت الدكتورة من كرسيه حتى تسلمها شهادتها
صافحتها بإبتسامة على مكر ريناد في ظنها :
آه منك إيتها الشقية
كنت تريدين ان تكوني لوحدك حتى تتميزين مثل ماكنتي دومًا
ضحكت ريناد وهي تهز كتفيها بلا مبالاه مصنطعة وبنفسها " والله ماتدرين " :
ماذا افعل اذ كنت خُلقت ماكرة ؟
لفت برأسها للمصور وهو يلتقط لهم الصورة الاخيرة بين زوايا هذه الجامعة
وقفت ريناد امام كرسيها وهي تعد مع زملائها بصوت مرتفع :
1
2
3
صرخوًا جميعها وهم يرمون بقبعاتهم للأعلى لتصطدم بالسقف الذي شهد جميع أيامهم بضحكهم جميعًا في سويعات الصباح المتأخرة بعد طردهم متأخرين
بغضبهم من اسئلة تفيق قدراتهم
بمزاحهم مع اساتذة كانوا لهم الام الحنون
بتحضيرهم لمسيرة تخرجهم
بمراجعتهم الاخيرة قبل دقائق الاختبار
كل سر كتموه ؛ استمع له
وكل خبر تناقلوه ؛ تشربه
وهاهو اليوم تصطدم قبعاتهم به
ليودعهم
مودعين معه 17 سنة ذهبت في سبيل العلم لينالوا به رفعه
سقطت القباعات عليهم مجددا بعد ان رد لهم السقف امانتهم
أخذت قبعتها ونزلت من المسرح وهي تبحث بعيناها عن اَهلها في عراك الازدحام
لفت بقوة وهي تسمع صراخ ذعار وندى أطفال اخيها يهتفون بأسماءها وهم على كتفي مقرن حتى تراهم ريناد
ضحكت وهي تركض بخطوات سريعة ثقيلة من آثار حذاءها العالي
حضنت امها وهي تقبل رأسها وتمسح بكفيها دموعها :
يمه تكفين وش يصيح الحين ؟
ابتسمت لابوها وهي تقبل رأسه بفخر وسندت رأسها على كتفه :
اتمنى ان هديتي جاهزة
ابتسم ذعار وهو يمسح على شعرها :
كانت بتكون على رأسك لو تأخرتيدقيقة زيادة
صافحت مقرن بإمتنان على مباركته الهادئة كعادته
وربى التي مدت لها كيس هديتها مع باقة من ورد البوربون باللون الأصفر التي تفضله ريناد وهي تشم رائحته المميزة بحُب :
الله يبارك فيكم نردها لكم في تخرج ندو
رفعت شادن يدها للسماء بقهر مصطنع :
لك الله يا بنيتي
ضحكت ريناد وهي تضم شادن بقوة ماكانت الا ثواني حتى انهارت ريناد في حضنها وهي تبكي بحرّقة
رفعها جلوي من حضن شادن بقوة مستغربًا :
وش فيك صاير شيء ؟
عقد مقرن حاجبيه بشك من شدة بكاءها :
احد قايل لك شيء ؟
مسحت ندى طرف عيناها بخوف ان ريناد تبكي من كلام ذعار :
يمه ابوك ماكان يقصد يمزح معك !
وان تاخرتي وش صار قامت الدنيا ؟ الله واكبر ينتظر حفلهم لين تشرف بنتي ولا ماله قيمة
ضحكت ريناد وهي تدفن رأسها في عنق امها :
مافيني شيء
خزها ذعار بنظراته المعتادة حتى اعتادتها ريناد ولم تصبح تراها مخيفة بل سمة من سماته :
واللي مافيه شيء يصيح كأن ميت له احد ؟
ابتسمت ريناد وهي تشوفهم حولها بيوم مهم مثل هذا اليوم
خوفهم الذي رأته في عيونهم قبل ان تنطبق به حناجرهم
تخيلت لو انها لم تطع كسار ولم تأتي !
لندمت طول عمرها انها فوتت ليلة من اجمل ليالي عمرها
كذاب من يقول ان ليلة العمر هي ليلة الزفاف
لو تجرء ان تحلف لا حلفت انه لم يذق لذة ليلة التخرج :
انا ابكي لأني احبكم
انا ابكي على حسن حظي أنكم اهلي
ضرب جلوي رأسها بكفه بإبتسامة :
ماكذبت يوم قلت ام دميعة
ابتسمت شادن وهي ترأهم جميعًا
هي بنظرهم فرد من أفراد هذه العائلة
لو تحلف ان كأس الماء يصل شفتيها قبل ان تقول " عطشت "
لم ينقصها شيء طول ماهي تحت جناحهم
لو تملك عائلتها كاملة الآن بوجود امها وأبوها تحت سقف واحد ولذياب غرفة تجمعه معهم وليست شقة مستقلة
ماقدروا يسعدونها مثل عائلة ندى
ولكن شعور هادم للذتها يقتحم قلبها في كل مناسبة
شعور بإنها غريبة بينهم ولم تنتمي يومًا لهذه العائلة
وان عاشت بينهم ظ،ظ¢ سنة آخرى
لن تتجرد من هذا الشعور
آمنت بإنها الحقيقة
وليس شعور يراودها
مجرد ماترى لحظاتهم سويًا
حتى ان خالطها هدوء مقرن وبرود ذعار وسخرية جلوي
الا انها لذيذة! تلتزم الصمت
تتمنى لو انها الآن بين امها وأبوها
هل بتشعر بأحساس آخر ؟ اكيد ولكن لا تعلم ماهو
تجهل احساس العائلة تسمعه فقط من شفتي ريناد
احساس ماشعرت به الا لما جعلت سياف وغنى عائلتها من كم شهر
شعرت بإن مكانها هنا
هذه عائلتها
رغم نار سيّاف الا انه راحتها
ورغم جنة اهلها الا انه سبب حزنها
حالها يشابه " سجين يحب سجانه خسر حريته لكن لقاها وسط زنزانته "
ابتعدت بهدوء عنهم وخرجت بعيدًا عن الإزعاج وهي تبحث بجوالها عن رقم سياف !
/
*
\
دخلت غرفتها بعد ان تسللت من جمعة اَهلها بعد العشاء على القهوة كعادتهم
اغلقت الباب خلفها بالمفتاح مرتين حتى تضمن ان لا احد يقتحم خصوصيتها
تحسست يدها بعد ان فكت جبيرتها بنفسها قبل موعد الطبيب المحدد بإبتسامة انتصار
جلست على سريرها بعد ان فتحت شاشة لابتوب لمى وهي تفتح صفحة محادثاتها مع المجهول
تأففت بضجر وهي ترى ان مرت ايّام ولم تستلم منه اي رد على سؤالها :
وش تبغى مني ؟
المعلنة به رآية استسلامها
فزت من مكانها برعب
وهي ترا المحادثة تنير ب رسالة جديدة رغم انها لم ترى انه كان يكتب
فجاءة اجابة لسؤالها بالوقت الذي كانت تنتظره وكأنه يشعر بها :
" اكثر من اللي تبغينه "
كان جوابه مبهم بالنسبة لها
ولكن فضولها أقوى
لتكتب باندفاع مندهش على لوحة المفاتيح بسرعة وكأنها تخشى اختفاءه مرة اخرى من المحادثة :
وش دراك باللي ابغاه ؟
تجاهل سؤالها وهو يرد بسؤال آخر :
وش كنتي تبين توصلين له من حسابك ؟ تبنين لك مستقبل ؟ شهرة ؟ اثارة جدل ؟ ولا إذنك كل ما صب فيها كلام خرّته في مواقع التواصل الاجتماعي ؟
بعيدًا عن رسالته
تعجبت افنان من سرعته بالكتابة وكأن اسئلته جاهزة وعارف إجابتها !
كتبت بعفوية :
مقصدي شريف ، اشرف من فعلتك فيني كنت ابي اطهر الوسط الإعلامي من قذراتهم!
كالعادة في لمح البصر جاء افنان جوابه :
شفتي هدفنا مشترك انا ايضًا ابي اطهر الوسط الإعلامي
ولكن انا اطمح لاكثر منك
ضحكت افنان بسخرية اذا هدفه شريف مثل هدفي
وش الفائدة من التشهير فيني والتفضيح ؟ هذا يتوقع انه يتفق مع طفلة بخمس سنين يلعب / يكذب عليها بكلامه ؟
سألت أفنان بتهكم ساخر متوقعة اجابة تقليدية منه :
عفوًا! تطهره من مين ؟
جاءت الإجابة سريعة تنافس سرعة الضوء
ولكن لم تكن سريعة لتظهر على الشاشة فقط
لا ، سريعة كفاية حتى تغلق افنان شاشة الكومبيتر بكل ماؤتيت من قوة وهي تلهث في مكانها!
لم تركض
لم تبذل مجهود
ولكن حروفه كانت اشبه بماراثون خطف انفاسها
كانت إجابته ماتشكل حتى جملة ؛ ولكن كفيلة بإن ترعبها
كانت إجابته :
" منك انتي! "
انا ؟ ليش انا! وش سويت لهم ؟
وقفت من سريرها وهي تتوجه بعرج دون ان تشعر للخلف حتى اصطدمت بسرير لمى وسقطت عليه
وهي تنظر للجهاز الموضوع بعيدًا على سريرها وكأنه قنبلة مؤقتة ستنفجر
و وضعت في متناول الأطفال
مسكت رأسها بكفوفها بآلم مرعوبة الى هنا وكفاية
بأي متاهة أقحمت نفسها ؟
لازم تعيد ترتيب هذه اللعبة وتعرف هي في اي وسط
من خصمها ومن رفيقها ؟
ماهي غنائمها وماهي خسائرها ؟
ولكن لا بأس
جيتوني في وقت انا انسانة فارغة لكم تمامًا .
/

\
مازال واقفًا في مكانه وهو ينظر لها تركض بعباءتها وحذاءها في يد وقبعتها على رأسها
متشبثة فيها بيد
عبرت ريناد بوابة القسم وهي تسترق النظر تارة له وتارة لطريقها
لف كسار على الشرطي الذي امسكه مع ذراعه متوجه الى غرفة التحقيق
تاركًا المحامي خلفه ينظر لهم بدون اي ردة فعل . مصرّ على رأيه
انه لن يحتاج لمعروف من ريناد
لن يسمح بأن تتغلب عليه بإحسانها بينما يبدو هو الارذل الخسيس
وهي تعلم بداخلها جيدًا ومقرة بذلك
حتى في ذروة حزنها ضربت المثل بحقارة رغد فيه
دخل غرفة التحقيق
وهو يجلس على كرسيه وعيناه تنتقل الى الأشخاص الذين كانوا جميعًا في انتظاره
- سائق التاكسي
- محققين
- شرطي يمسك به
- وكرسي فارغ! كان المفترض ان يكون لمحاميه
ولكن خسره بنفسه وهو يدري انه الخاسر الأكبر بهذه القضية بعدم وجود المحامي ولكن يكفيه ان يكون رابحًا بحق كرامته
ولكن يتمنى ان يفيده وجود سائق التاكسي
ويشهد وينتهي من هذه المعاناة
ويتكفل ربه بأمره وهو متوكل عليه حق توكله متيقنًا ب " من توكل على الله كفاه "
وهو يتذكر امه بكل لحظة يشيل هم شيئًا ما
تردد على مسامعه بغضب حديث نبيّه بعد ان تنهره بغضب :
" وش فائدتكم مسلمين تصلون وتصومون ؟
اذا ماحسيتوا بوجود الله في قلوبكم في همكم في فرحكم ، اذا ماحسيتوه معاكم في سركم وقدام الناس وش الفائده ؟
وانتم قاعدين تناقضون إيمانكم بإن الله يرأنا في السر والعلانية
هو مايشوفنا بس عشان نذنب ولا عشان تفعل صالح
هو يشوفك بعد لا طحت وضاقت بك الدنيا ويشوفك لا فرحت وماشالتك الارض من وسعها !
ياوليدي كل ماحسيت انك فقدت الشعور
تذكر الرسول صل الله عليه وسلم : لو انكم تتوكلون على الله حق توكله ، لا رزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا "
ابتسم بهدوء وهو لم يشعر بوجود الله فقط بجانبه بينما تفصل بينهم سبع سماوات
يشعر بوجود امه ايضًا بينما تفصل بينهم كيلومترات ودوّل وقارات
يشعر بها تستودعه الله وتدعي له ان يغلبه على أعداءه واعداء دينه
رفع مسار رأسه وهو يسمع المحقق يفتح كاميرا الع¤يديو ليسجل اعتراف كسار
لأن اعترافه سيتم القرار اما ان يفرج عنه او ان تتحول قضيتهم للمحكمة لإصدار عدد سنوات العقوبة بالفرنسية :
اسمك كسار عبدالله الجامح
تبلغ من العمر 27 عامًا
تقر لنا بأن تم اعترافك وانت بكامل قواك العقلية والصحية
وبعدم وجود محامي وتنازلك عن حق الدولة لك بإن تكفل لك محامي ؟
هز كسار رأسه بإيجابية
فاتحا شفتيه حتى يلفظ إقراره ولكن الباب الذي اندفع بقوة ليدخل محامي ريناد بعجلة وهو يدخل جواله في جيبه الجانبي بإبتسامة :
اعتذر عن التأخير
اتمنى ان لم تبدأ من دوني ياحضرة المحقق
لف كسار بغضب اليه واصرار المحامي الذي يشابه ريناد وكأنهم خلقوا من دماء واحدة وصل به ان يشعر بحرارة الغضب
في جيوبه الأنفية حتى يطرده
قاطعه المحامي وهو يسحب الكرسي جالسًا . هامسا في أذنه :
اتأني اتصالًا من السيد جلوي
آمرني بإن ارى امرك بالطلب من السيد سيّاف
لا علاقة للسيدة الصغيرة
تنفس كسار بإرتياح وكل الغضب قبل قليل تبخر بمجرد ماسمع اسم كسار
لا يهمه من يكفله من كان المهم ان لا يكون ريناد
تأفف المحقق بغضب وهو يعيد التسجيل من جديد
وعيناه تتجنب كسار حتى لا يقتل بيداه هذا العربي المتغطرس!
/

\
هدئت سرعته تدريجيا منذ ان دخلت سيارته الحارة و وقفت تمامًا امام منزلهم
سقطت عينه على المرآة وهو يرى بها انعكاس يوسف الذي يجلس بالمرتبة الخلفية بعد ان اصرت امه ان لن تخرج حتى يكون معهم
فلن تطمئن وهي تاركته لوحده عند لدن و وهاد
وكان من نصيب سياف حتى يتفرغون لتفريغ غرفة والدتهم بدون يوسف
فتح شنطة السيارة وأطفئها وسحب مفاتيحه
ولكن سرعان مارماه في حضنه وهو يمسك كف امه بقوة بعد مافتحت الباب قبل ان تترجل
لفت عليه ترف بإستنكار من ابنها الذي اعتصر معصمها في كفه :
وش فيك ؟
ابتسم سياف أبتسامة صفراء يشعر انها غير مستعدة تمامًا ان تنزل من السيارة وتنصدم بخبر ضرّة تنتظرها بالبيت!
لف فيها الرياض كلها من العصر الى الآن بعد العشاء ومازال يود ان لا تدخل أمه البيت ابدًا
خفف من قبضته وهو يتزن بنبرته :
وش رأيك نحجز لنا يومين بفندق ؟ قريب من جامعة وهاد ومنها نغير جو
نفضت ترف يدها بقوة من يده :
ابعد بس وانا امك ما انت بصاحي وش يودينا فندق وبيتنا موجود يا رب لك الحمد
نزل سياف بسرعة حتى وقف امام بابها قبل ان تنزل وانحنى لها ويده تمسح على ركبتيها بتدليل :
ما انكتمي من البيت ؟ فكري في البنات ينرحمون! ودهم يطلعون ودهم يجون زي بنات اخواني من بعد ماسفر ابوي السواق وانا مو بكل يوم فاضي لهم
ضحكت ترف من اصرار سياف ان يصبّ برّه كله اليوم :
انت توك تذكر ان لك اهل يوم سافرت حرمتك ؟
اردفت بجدية وهي تأخذ شنطتها واكياسها :
لا وانا امك ماقصرت اليوم مابقى شيء في خاطري ولا احتجته الا جبته رح بيتك ريّح ولا تعال غرفتك فوق عندنا
قاطع كلامهم سيارة اخرى توقفت خلف سيارة سياف
عقدت ترف حاجبيها وهو ترى سلطان زوجها
ينزل من مكانه بسرعة خفيفة لا يركض بها آبن 14 عامًا للباب الآخر
حتى يفتح الباب مبتسما متجاهلا ابناءه و زوجته الذي ينظرون اليه
ضاقت عيناها وهي تحاول ان ترى من تلك المرأة التي ترجلت من سيارة زوجها تتمخطر تمخطرًا لم يتمخطره ابنتيها ذوات الـ ظ¢ظ¤ ربيعًا
وبحسن نية وهي تتوجه الى سلطان مستنكرة :
من هذه ياسلطان ؟ اول مرة توصل بنفسك وحدة من حفيداتك لنا! زين ماسويت سياف يقول البنات ضائقة صدورهم
لف عليها سلطان بجمود وحسن نيتها أعتصرت قلب سياف قبل ان تعتصره :
لا ماهي حفيدتك!
شهقت وهي تضع يدها على صدرها
وتهز رأسها بالنفي وعيناها تتفحص الأنثى المتغنجة بدهشة :
اجل خادمة
اقول ابعدها من بيتي ياسلطان ! عندي وحدة وتكفيني
بعدين هذه صغيرة وانا في بيتي رجاجيل مالنا حاجة فيها
رجعها من مكان ماجبتها
رفع سلطان عيونه بدهشة
وهو يتفحص اعين ترف يريد ان يعرف هل هي تنفي الصدمة ؟ او لم تستوعب الوضع الى الآن ؟
سقطت عيناه على سياف الذي نظر له بنظرة لأول مرة يرأها بحياته من ابناءه
نظرة تميل للإشمئزاز تنطق ب : انت ماتستاهل امي
وتميل للاستحقار لتنطق ب : كثيرة امي عليك
مسك سياف ذراع ترف
وهو يشعر بإنه يتجرع علقم بكل مرة يبلع ريقه حتى يبلله لتخرج الكلمات سليمة من حنجرته
ابعد عيناه عن ابيه حتى لا يستأثم بعقه اكثر بنظراته التي تنظر له غصبًا عنه وهو ينظر لها :
وقفتنا بالشارع قدام القاصي والداني مو زينة لك ولا لنا يا يمه! كيف عاد وانا نتكلم بأمورنا العائلية ؟ ادخلوا وتناقشوا جوا
دخلت امرأة ابيه بنفس مشيتها التي نزلت بها من باب السيارة ومن خلفها يوسف ثم امه ثم هو وأبيه سويًا
خلعت ترف طرحتها بقوة وهي ترميها بعبايتها على كنب الصالة لتلف بغضب على سلطان لتنهي موضوع هذه المرأة الدخيلة!
انتبهت لأبنتها وهاد وهي تبكي بحرّقة امام لدن
عقدت حاجبيها بخوف :
فيكم شيء وش فيك تبكين ؟
وقفت وهاد بغضب وهي تأشر على ابيها وملح عيناها على خدها يرُى بوضوح :
انتي اللي فيك شيء يايمه ماهو انا
انا ابكي من حرقتي عليك
ابكي قهر وخيبة أمل في من قهرك عشان وحدة ماتسوى طرف ظفر رجلك!
صرخ سلطان وهو ينهرها بغضب
لم يتخيل ان تكون هذه ردة فعل ابنته
لو كانت من زوجته لتفهم موقفها :
وهاد و قص ! حشيمتها من حشيمتي
الا اذا مالي قدر وحشيمة عندك - نزل عقاله من على رأسه ليهدد وهاد بمنظره وهو يلوح به عند محاذاة كتفه - هذه يبي لها كلام ثاني
لف سياف بصدمة وهو ينظر لعقال ابيه الذي نزل من رأسه لأول مرة على خواته
ياما علّم هذا العقال على ظهره وظهور اخوانه من قبله
ولكن وهاد ولدن ماقد تجرأ ابوه يلمس طرف خصلة من شعورهم حتى مايعورهم
والحين بعد 24 سنة
بعد ماصاروا حريم وكل وحدة فيهم طوله
يرفع على بناته ظهره وقطعة من قلبه عقاله عشان وحدة مايربطهم الا عقد زواج :
لا والله يايبه
خواتي ما انضربوا تحت عيني وأنا مابعد خط شنبي
ماتلمسهم وانا شاد ظهري وهو عزوتهم!
قاطعتهم ترف بصرخة وهي تحاول ان تكذب ماحاول ان يربطه عقلها من احداث سويًا ماتفوهت به وهاد ومارأته عيناها وماشعرت به يقبض قلبها
كلها ستكذبه فقط ان سمعت من سلطان : لا لتصمت صوت عقلها فوق صوت ابناءها
بوجه ابيهم :
ببببسسس ! - بلعت ريقها وهي تقترب من سلطان بعدم تصديق - وش قاعدين يقولون عيالك ؟ من قاهرني ؟ ليش تبكي بنتي علي ؟ ليش تبي تضربها وانت من كنت تمسح دمعتها قبل تطيح على خدها ؟
رفع سلطان رأسه وكل غضبه قبل قليل تلاشى أمامها ليتكلم بأرق طبقات صوته وكأنه كتف حنون يمسح عليها :
ترف انتي العاقل
انتي اللي تحكمين الأمور بعقلك ماهو بقلبك
وانتي اخبر في الشرع والدين مني
وانتي تعرفين ان الله احلّ لي بدال الوحدة
قاطعته ترف وعيناها متعلقة بالأنثى التي رفعت طرحتها عن وجهها بإبتسامة ماكرة من هذه الأجواء " الدرامية " بنظرها
وحسنها الذي سلب عقل ابناءها خلفها بدهشة بعد ان سلب عقل زوجها أمامها حتى باتت على ذمته . سحب طبقة صوتها لتتحدث بهمس :
اربع ! الشرع احل لك اربع
ادري ماهو انت اللي تعلمني بشرع الله
عادت باعينها لسلطان بإبتسامة صفراء :
كفيتك انا طول عمرك !
ويوم ضاع عمري لك ولعيالك
ويوم انكسر عودك
وراحت سنين مراهقتك وشبابك - صرخت - وشبابي ياسلطان شبابي حطيت على راسي شريكة ؟
ليش ماحطيتها وانا أنثى بأول عمري ؟
ليش ماحطيتها قبل يروح جسمي وعمري ورا 7 عيال من صلبك ؟
ليش ماحطيتها قبل يشيب شعري عشان أشيب قلبك بعيالك
وانا من أنفذ شرع الله وقتها واتحرر منك بطلاقي واشوف واحد غيرك ؟
تنام وبقلبك حرّقة لا دريت اني في حضن واحد غيرك
ليش يوم كبرت ؟
ليش يوم صاروا حفيداتك - آشرت عليها بكُره - بطولها
ليش خليتها تشاركني إياك ؟
وش بقى بك عشان تاخذه مني ؟
رفع سلطان رأسه ببرود ، عكس داخله الذي شعر لوهلة بأنه دنيئ من عتابها :
عشان ولدك اللي انشغلتي به عني
عشان هالسبعة ماعاد يكفوني
ابي لي عزوة يشيلون اسمي بعد !
أبغى لي بنات ، وبطنك ماعطاني الا ثنتين
وش اسوي بهم ؟
قاطعت لدن امها بهدوء ، عكس انفعال وهاد ، عكس انهيار امها . كانت ترى الموضوع خاص بأمها وأبيها مادام لم يصل للأنفصال
ولكن لو وصل الموضوع الى الأبناء هي احق من تتكلم :
العيال عذر من لا عذر له . ما أكذبك يا يبه ومحشوم
ولكن ولدها اللي انشغلت فيه عنك ، تراه ولدك امانة حتى في رقبتك ماهو لامي لحالها ولا لحالك
يوسف مسؤوليتنا كلنا
والعيال ماهو مهم هم سبعة ولا عشرة ولا مليون!
العيال ماهم بكثرتهم ، هم ببركتهم
ياما بيوت فيها عشرين ولا واحد فيهم نفع والدينه ، وياما بيوت فيها واحد شافوا والدينه جنه الدنيا معه
وأزيدك يايبه ماهو بطن امي من عطاك انا و وهاد . هذه عطية الله لك الا اذا كان ماهي عاجبتك رفع يدك للسماء وقل يا رب
ترف ماهي من كتبت رزقك
رفع سلطان كفيه بعد ان الجمه كلام لدن الرزين وهو يصفق بسخرية :
احسنتي ! الاولى تصرخ بوجهي والثاني يهددني
والثالثة تراددني
وقف بوجه ترف بغضب :
ماهو ابي عيال زيادة عدد
ابي عيال متربين ماهم مثل هذه التربية يا محترمة يامربية !
استقامت وهاد من طولها حتى تجاوب ابيها
ولكن كف امها الذي ارتفعت بالهواء حتى تصمت ، اسكتتها بهدوء :
لا ياوهاد يكفي مو تربية ترف اللي معلمتكم تراددون أبوكم
اللي الظاهر نسى انهم عياله بعد وتربيته ماهم عيالي لحالي!
تكلمت ليصمتوا جميعًا ، ويتناظرون فيما بينهم من أين أتى هذا الصوت الجديد ؟ لتسقط عيناهم عليها وهي تسند بكفها خصرها بإرهاق مصطنع :
سلطان ، انا تعبت من الوقفة . ورأسي بدا يعورني من الإزعاج . ابي ارتاح في - نطقت كلمتها الاخيرة ، وشددّت بعدما شعرت ان ترف لم تدري بالمصيبة الاخرى التي رفضتها هي على سلطان - جناحي!
قاطعتها ترف بتهكم وهي تحاول ان تتزن بنبرتها لا تبكي امام ضرّتها التي بعمر بناتها :
ماعندنا زود اجنحة ، عندك غرفة الضيوف ولا - نطقت بسخرية - زوجنا ماحسب حسابك في - لتنطق بتشديد على كلمتها الاخيرة - بيتي ؟
ضحكت امرأة سلطان الجديدة ( عَرِيبّْ ) وهي ترفع حاجبها :
ودي اعلمك انا في بيتك ، ولكن اخاف يوقف قلبك
تدخل سيّاف وهو يحاول ان ينهي هذه المهزلة :
يمه خلك الليلة في بيتي هنا ولا في شقتي ، كلهم تحت امرك
فهمت ترف نوعية عريب ، تشابه امرأة ابنها " شادن " ، جميعهم داخلين حياتها لهدف واحد " التملك "
بحرب الضروس ، رافعين الرآيات ولا يأبهون ان يرآها احد ، ولا يخشون بها لؤمة لائم
لا يكتفون بشيء واحد! ان لم يكونون يملكون رجالهم والأرض بما عليها . لا يهنئ لهم بال!
ولكن هيهات ان تسمح لها
هذه ليست زوجة ابنها مجرد مايغلق عليهم باب تنساها ، هذه شريكتها!
العين بالعين ، والسن بالسن ، وانتي البادية ايتها الغريبة!
رفعت ترف رأسها عاليًا ، لتأخذ من اسمها نصيب وتترف بنفسها وتبقى شامخة :
لا يا ابوي سياف خيرك سابق !
بيتك وشقتك وبيتي والأرض اللي تمشون عليها تحت أمري ، ما انتظر احد يأذن لي انا من آذن من يوطئ عليها
وكلكم هنا برضاي ، وان مارضيت عاد ياويلكم وانا زعلي شين ياسياف شييييين
مشت متوجه الى الدرج ، وهي تنسلخ من الدقيقة التي تسلحت بها بعزة وقوة شخصية ، لتتركها على الدرج يتعثرون من هم بالأسفل بها . وتذهب للأعلى تاركتها لتفرغ حزنها على راحتها بعيدًا عن الأنظار .
/

\
رفعت جوالها ليعانق إذنها
وهي تغلق جاكيتها الذي يصل الى نصف ساقها على جسدها لتحميه من قسوة شتاء باريس الحنونة!
لعل هذه عواقب البرد ، جعلها تتأخذ اجرء / اخطر قرار وهو ان تتصل على سياف لسبب عاطفي دون ان تفكر لوهلة ان كان هذا يليق بكبريائها او سخرية سياف
سطوة قلبها قوية ولكن ليست أقوى من فخامة صوته التي أتاها من الطرف الآخر بهدوء يليق به عندما يغضب :
ماطاعني عقلي اصدق عيني وش قاعدة تشوف ! بنت ابوها اللي ماترد حتى على لابّاس العمامة ؛ داقة علينا
ضحكت شادن من قلب على تهكمه ، وهي تميل بشفتيها بخجل :
ياحظك
ابتسم سياف وهو يرمي نفسها على سريره في بيته ، بهدوء :
الحمدلله على السلامة
ابتسمت شادن وهي تشعر بإبتسامته من صوته :
الله يسلمك
مرت لحظة صمت طويلة
تخللها أصوات بوق السيارات
وبائع الورد الذي يحاول ان يحرج على آخر وردة يملكها لليوم
وعازف الناي الذي يتجول في الشارع الأمامي وأمامه قارورة ماء يجمع بها ثمن عزفه للشارع من السواح
ولفحة هواء بارد لامست خد شادن ، وتمكنت بإن تشعر بها من الداخل لتشد بجاكيتها أقوى
لتحمي عواطفها من الانهيار امام هذا الصمت اللذيذ
همس سياف وهي تحسس مخدتها التي بجانبه بفكاهه :
ودي اقول وش اخبارك ؟ بس توني شايفك الصبح مافيك الا العافية ليش المجاملات ؟
ضحكت شادن ولوهلة شعرت يا أن سياف يملك حس كوميدي ولم تكتشفه
او انها ترى جميع سخرياته مضحكة لانها سعيدة به ، لتصمت ثواني وتردف بجدية :
بس انا ماودي اقول كيفك ، لأنك بتكذب علي وبتقول بخير وانا مؤقنة انك كذاب ومافيك من الخير شيء!
تنهد سياف وهو يمسح على وجه بكفيه بإرهاق وظن ان لدن أخبرتها بالسالفة ولكن استمر ينكر :
أفا ، ماعاش من يكذب عليك
قاطعته شادن بجدية :
لا تدعي على نفسك!
سياف اذا انا مو قدامك مو معناه ما افهم صوتك او ان في شيء صاير! - لتردف بخوف - لا يكون بنتي فيها شيء ؟
عقد سياف حاجبيه :
وش معنى بنتك هي اللي فيها شيء ؟
هزت شادن كتفيها بعفوية :
لان هي اللي تركتها
هز سياف راسه بخيبة آمل وهو يحتضن مخدتها :
بس هي اللي تركتيها ورحتي ؟ عجيب
فهمت شادن جيدًا انه متضايق ، والى ابعد درجة ايضًا
ماتبي تكون هي سببًا يزيده . وبيدها ان تخفف عنه قليلًا مايستاهل سياف وهو من بالامس لم ينام حتى برئ جِراحها !
همست بعد ان طال صمتهم مجددًا :
والله مو غنى لحالها
لكن يمكن هي الوحيدة اللي ترضى تطمن قلبي عليها! مو لا سألتها خذت سؤالي عنها بطنازة
قاطعتها سياف
وهو يشعر انه السماوات دفنت في حنجرته حتى بات يختنق . مجرى التنفس لم يعد يتسع لجريان الهواء
بات يستنثق همًا ويزفِّر ألمًا :
وش تبغيني اقولك شادن ؟ تبغين أقول لزوجتي بكل فخر تراهم قهروني بأمي وقلبي يفرّك موجوع على امي وعجزااان مابيدي حيلة ؟ كأنها بطولة ؟ انا بموت ياشادن بموت وماضنتي بذوق وجع أقوى من حرقتي على امي! تنام مضيّومة وانا اتفرج على شيء ما اقدر أنكره لأنه لا هو عيب ولا حرام بس عيبه انه هالشيء يوجعها وصار يوجعني من وجعها عليه!
خواتي ضايقة فيهم الوسيعة وانا مابيدي حيلة
حتى ما اقدر اواسيهم وش اقول ؟ الموضوع عادي بس عليهم فجيعة!
مسك جبينه بكفه من الصداع الذي داهمه بحدّة ، ليهمس بألم :
ما اعرف للبنات والله ما اعرف ، فوقه عندي موعد محكمة مارحت له وصرت اماطل فيه بسبة ظروفي!
ورأسي يا يذبحني يا اذبحه وادري من قل النوم بس عيني جافية النوم غصيبة مو برضاي
من الصبح على رجلي ماقدرت اجلس ، شلون يبيني انام ؟
وش اقول وش اخلي ؟ حياتي من وين ما أطقها عوجة . وان ماطقيتها ؛ طقتني
أخذ شمعة بجانبه تستقر على الكوميدينة ليرميها بالجدار بماؤتي من قوة . ليفرغ بها غضبه وهمه
كانت شادن صامتة وهي تسمعه بهدوء . حتى وصل له صوت ارتطام الزجاج بالجدار لتغمض عيناها بفزع
لا كتفها قريبة يستند عليها
ولا كفها قريبة حتى تمسح على جبينها وتقول هذا الوقت سيمضي
فقط تملك ان تكون مستمعة جيدة له
لعله يكفيه بسبب ظروفهم الشحيحة
همست شادن وهي تنظر للعمائر المضيئة وكأنهم في شوارع نيو يورك الصاخبة
بطرازها العمراني القديم منذ الستينات وكأنهم في مدريد
بطولها حتى باتت ناطحات السحب وكأنهم في هونق كونق
مظاهر عواصم تجمعت في عاصمة! يالعظمة باريس :
سياف امك مايلومك احد تشيل همها احد ولكن هي شالت همها قبلكم
ماهي اول مصيبة ولا حزن تمر فيه تعرف تتدبر امر حزنها افضل مني ومنك!
ولكن لا تزيد الطين بلّة وتحرقها عليك لا شافتك مهموم
الشيء الوحيد اللي بيفيدها انك تحسسها انت وإخوانك انكم جمبها وان كل اللي صار خيرة يوريها انها يوم طاحت ؛ ماتطيح وعندها عيالها يسندونها حتى قبل تنحني
ومواعيد المحكمة الله اكبر عاد! الموعد يجي بداله مليون موعد
والجلسة ماتوقف على قاضي واحد
مايسوى تضيق صدرك عشانه
ونمّ ياسياف نمّ! ولنفسك عليك حق ترا حتى امس بالليل مانمت الا بعد الفجر وصحيت بدري ياويلك من الله بنفسك
وخواتك مافيه ابسط من انك تبسطهم الموضوع مايبي له طبيب ولا خبير
لما تسأل عنهم أول بأول
يدك تمسح دمعتها قبل تطيح مو مهم تتكلم وتواسي يكفيهم انك تسمعهم والله يكفيهم ياسياف كتف حنون يسندون رأسهم عليه
اعظم من مواساة الدنيا بما فيها . أساسًا مايحتاج تسوي شيء هو بأنفسهم مؤقنين انهم محظوظين فيك!
قاطعها سياف هامسًا :
وانتي ؟
عقدت شادن حاجبيها :
وش فيني ؟
سياف :
محظوظة فيني ؟
ابتسمت شادن :
ياشينك تستغل المواقف لصالحك!
عمّ الصمت مجددًا ، ليهمس سياف بجدية وهو يتمنى ان تفهم ان موعد المحكمة التي تراه هين هو جلسة طلاق شريكتها :
لو ترجعين ويقولون لك سياف متزوج عليك وحاط على رأسك شريكة
وش بتسوين ياشادن ؟
أتاها سؤاله قاسيًا ، عقد لسانها واغلق مجرى تنفسها
يالجراءته يسألني ببرود







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 10:03 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



{ منذ / قبل ساعة ونصف من الآن }
كانت واقفة امام المرايا الطويلة المتعدد وجودها في الصالة بكل مُكان
وفي كل جزء من الغرفة يضم مجموعة من الخريجات يتسرحون أمامه
أخذت عباءتها الزرقاء الموافقة لموديل عبايات التخرج المعتادة الى نصف ساقها
منفوخة الكتفين
قصة واسعة من تحت الصدر
اغلقت الزر الوحيد بعباءتها باعلاءها
مدت كفيها حتى تأخذ القبعة
وضعتها على رأسها بهدوء حتى لا تعدم تسريحة شعرها البسيطة
في ظل تركيزها بالمرآيا
زاحم انعكاسها الوحيد
انعكاس عاشرته خمس سنين بالغربة
بين طيات شوارع باريس
بين فصول الجامعة
قاسمتها في ليالي مِلاح سرير نومها ومخدتها
كان انعكاس رغد !
رغد اللي من بعد سفرتها مع زميلها ناصر الى آنسي
وأخبرت ريناد خطيبها معاذ بالحقيقة ( انها لم تسكن معها يومًا قط وهي الآن مع رفقة رجل آخر في مدينة اخرى ) بعد مافكرت بكلام كسار جيدًا ، لم ترأها ابدًا
لفت ريناد ببطء وهي ترى رغد تقترب بعباءة سوداء مبتغاها الستر وليس عباءة زرقاء مثلهم مبتغاها فرحة التخرج
كانت تضع طرحة تغطي بها شعرها مبتغاها الحشمة وليس قبعة مثلهم مبتغاها رميهًا عاليًا معلنين انتهى شقاء رحلة طالت ظ،ظ§ سنة
رغم انها خريجة مثلهم
اقتربت رغد حتى باتت امام ريناد
لفت رغد ببطء وهي تتفحصهم بدايةً من وجوه زميلاتها وهم ينظرون اليها بإستغراب مستنكر الى أطراف اقدامهم اللتي ترتدي الاحذية العالية وتبتعد عنها خطوتين للخلف بقلق من شكلها الشاحب ونظراتها الباردة
عادت برأسها لريناد ببرود بالعربية :
تعمدت آجل رحلتي الى اليوم اللي تشرفين فيه باريس ياسنيورة
خبرك بعد عملتي عملتك القذرة وانحشتي السعودية
فهمت ريناد انها تقصد إخبارها خطيبها معاذ قاطعتها بإندفاع :
اني قلت لزوجك الصدق بعد مانشب لي بشقتي ثلاث ساعات بسببك ، عملة قذرة
اجل اللي سويتيه لما سافرتي وش يكون ؟
رفعت رغد حاجبها بحدة :
سافرت مثل ماكل شخص بالدنيا يسافر
وش دخلك ؟
عقدت ريناد حاجبها بدهشة من سؤالها :
الحين انا وش دخلني ؟ لما خمس سنين تخليني يوم ورا يوم اكذب على زوجك ماقلتي وش دخلني . لما خمس سنين تخليني بتأنيب ضمير بسبب كذبي وأقول معليش عشان مستقبلها ماعليه ماقلتي وش دخلني . لما خمس سنين ما ارجع بالإجازة للسعودية عشان اهلك مايدرون من اهلي ان عندنا اجازة وانك مارجعتي ماقلتي وش دخلني ؟
مدت رغد سبابتها وهي تضربها بكتف ريناد ب غضب ساخر وهي تريد ان تطفئ شيء من غضبها بها :
محد طقك على يدي قالك طيعيني كنتي مثل الكلبة لأوامري وش اسوي لك ؟
صرخت ريناد وهي تدف يدها بقوة ودمعة تعلقت برمشها ؛ هلّتها بمجرد ماسمعت : كلبة
شدت أنظار البنات وهم ينظرون لهم باستغراب جاهل لأنهم لا يعرفون العربية :
انتي جاحدة
سويت لك كل اللي تبين بأسم انك صديقتي
ماصادقت غيرك
مافكرت يوم بعيوبك كل ماجاني شيء قلت اخت دنيا تمون وأنسى
دفعت عنك ايجار شقتك وأقساط سيارتك ونص مصاريف الجامعة وكل ماتروحين السوق تاخذيني معك بحجة ماتحبين تروح لحالك وانا ادري عشان ادفع عنك بس كنت اطوفها اقول صديقتي مابخلي في خاطرها شيء
وكل مرة اقول ماعليه هذه صديقتي مابينا فلوس ، وش الفلوس اصلا ؟ كله عشان ماتضايقين اهلك ماديا ومايخلونك تكملين دراستك
صرت الحين انا الكلبة والقذرة ؟ وانتي المظلومة وانتي اللي مستغلتني لمصلحتك
صرخت رغد بحرقة وهي تضرب رأس ريناد بشنطتها بكل ماؤتيت من قوة حتى سقطت قبعتها :
لا تذليني بكم قرش سديتي فم اهلي فيني وانتي فتحتي عيون خطيبي علي
اليوم كان المفروض أكون معكم خريجة
سحبت عباية ريناد بقوة وهي تحاول ان تمزقها : بس بسببك الحين انا وحدة مطلقة في العدة
بدل ما استلم وثيقة تخرجي
بستلم عقد فسخ نكاحي اخواني جو من السعودية يأخذوني بعد ماقالهم معاذ : ترا خذوا نتيجة تربيتكم
سحبت شعر ريناد بقوة وهي تضربها في المرايا :
اذا انا ماحضرت حفل تخرجي حرام انتي اصلا تعيشين
فتحت ريناد عيونها بصدمة دون ان تشعر بالآلم ورأسها النازف من الخلف نتيجة تكسر المرايا وجرحتها في فروة رأسها وهي تسمع خبر طلاق صديقتها
توقعت ان تكبر الأمور بسبب طينية معاذ ولكن ان تتطلق بهذه السرعة !
تراكضوا البنات المنتشرات بالغرفة وهم يحاولون ان يبعدون رغد قبل ان تذبح ريناد المستسلمة كليًّا
صرخت فيهم رغد بالفرنسية وطرحتها التي كانت تستر شعرها تمردت وسقطت على عنقها :
انها تستحق الموت ! فرقت بيني وبين زوجي
جعلت عائلتي يمنعوني من إكمال بعثتي وحضور استلام شهادتي
واليوم انا عائدة الى وطني كأني لم افعل شيء طيلة الخمس سنوات بسببها
هي من تلفقت علي بالتهم الشنيعة
وظن زوجي اني زانية
فتاة فرنسية كانت ممسكة بيد رغد التي تشد شعر ريناد وبمجرد ما انتهت رغد من جملتها
رمت يدها على ريناد بإشمئزاز حتى تكمل ما بدئته وهي تنظر فيها من اعلى للأسفل :
انتي حقيرة فعلا !
لم يكرهونك الطلاب عبثا بسبب أموالك وأنك ثرية فقط
كانت لديهم نظرة مستقبلية بخبثك
فتاة أمريكية اخرى مثل حال ريناد ورغد أتت لبعثة خارجية حتى تكمل دراستها
كانت تحتضن ريناد بعيدا عن يد رغد وبمجرد ماسمعتها
ابعدتها بعنف وهي تنظر لريناد بدهشة :
حتى صديقتك الوحيدة التي رضت ان تصاحبك لم تسلم من شرك
هل هذه أخلاقكم يالمسلمين التي طالما قلتوها لنا " قابل السيئة بالحسنة " ؟
قاطعتها فرنسية مسلمة بغضب وهي تنظر لريناد بطرف عين :
رجاءا تريزا نحن لسنا في نقاش الديانات . هذه تمثل نفسها لا تمثل الاسلام ولا المسلمين حتى انا في ديننا حرص الرسول الكريم بمعناه ب إن ليس منا من افسد على امرئ زوجته
شعرت ريناد بإنها لوهلة امتصت كل حزن فرد في باريس حتى امتلئ صدرها بإفراط من هول حزنها
صدمتها في صديقتها
نظرات الزميلات وكُرههم لها من اول بدون سبب والآن صار لهم سبب ؛ ياشماتتهم بها
كانت كفيلة ان تهدم فرحة تخرجها وتنسيها اصلا لماذا هي هنا اليوم
لم يوجد الا شخص واحد تريد ان ترأه الآن
شخص واحد هو من اجبرها على فعله
ستسأله هي صح او خطأ ؟
هل كان فعلًا صادق برأيه اما تعمد ان يغرر بها حتى يهدم حتى صداقتها بسبب علاقتهم السيئة
فقط كسار قادر ان يجيب أسئلتها
/

\
كان يجلس كسار على الكرسي مقابل لطاولة متوسطة الحجم
مربعة وفوق رأسه الحارس ب زيه الرسمي مُكتفين كفوفه بوقفة رسمية يداه مكلبشة بالحدائد وموضوعة على الطاولة مازال ب لبس السجن الرسمي بنطلون وقميص باللون البرتقالي وبجانبه محامي الحكومة ب بدلة رسمية مكوية نصف كيّ
اول ثلاث أزرار من قميصه مخلوعة من كثر الغسيل
لون البدلة ليس بالاسود ولا الرمادي نتيجة الصابون السيء
شنطته الموضوعة على الطاولة لو كان يستخدم كيس بلاستيكي لأفاده اكثر
ناظره كسار بإشمئزاز بنفسه :
ما ودي احلف انه مروج او قصاب كان ناسته اكثر ، هذه هيئة محامي حكومة ؟
كانت عيناه تنتقل تارة الى التليفون المعلق بالجدار بإنتظار اتصال يشفي غليل قلقه
والساعة التي فوقه تارة يتمنى ان تشلّ xxxxبها قبل ان تأتي جلسته
وعيناه تارة على الباب الذي يرّن بصرير كل مافتحه احد وفز ظنًا منه انه دخول سياف بالمحامي
تبقى على أخذ إفادته ربع ساعة ولا لسياف آثر
رن الهاتف الأحمر وفز كسار ب لهفة
تقدم الحارس ورفع السماعة
رفع رأسه وهو يأشر لكسار بإن يقترب
أخذ كسار السماعة من إذنه ب لهفة وهو متاكد انه لا أحد غيره : وصلت ؟
مسح سياف وجهه ب كفوفه بخيبة آمل :
من الصبح احاول أدور رحلة مالقيت كل الرحلات الدولية بالليل
واذا لقيت ، لقيت فيها محطة انتظار مو اقل من ثلاث ساعات ثم الى باريس
بتفوتني جلستك مابعد وصلت
ارتخت عظام كسار المشدودة من اليوم
وامله المعلق بسياف و ولد بالمهد بعد مكالمته الصبح
هاهو الآن يزفه ب تابوت الى قبره وهو لم يكمل ظ¢ظ¤ ساعة وبهمس :
يعني ؟
ناظر سيّاف ساعته وهو يحاول ان يحسب كم باقي هل يسعفه الوقت او لا ؟ :
خوال عيالي في باريس بتصل عليهم . علاقاتهم كثيرة ابسط الإيمان يتواصلون مع السفارة توفر بس محامي
اكمل وهو يحاول ان يطمن كسار بأنه لم يخسر شيء :
انا حتى لو جيت ؛ جيتي ما منها فايدة ما ادّل محامين عليهم السمعة بباريس
لو تسألني عن عنوان الشانزلزيه ولا متحف اللوع¤ر يجيني هبوط بالضغط لاني ما ما اعرف
سكر كسار في وجهه السماعة وهو لا يطيق ان يسمع حرف آخر منه هذا اسوء شعور عاشه بحياته كله
لف على الحارس بقلّ حيلة :
هل أستطيع تأجيل إفادتي الى الغد بالكثير ؟ لا املك محامي شخصي وبإنتظار أصدقائي ان ياتوا بمحامي - اردف مترجيًا وهو يرى ملامح الرخا في وجه الضابط الذي دخل بمنتصف كلامه - الى الغد فقط وبعدها حتى لو لم املك محامي لا بأس بمحامي من الحكومة
عقد الضابط حاجبه بإستفهام :
لا تملك محامي شخصي ؟ ولكن
قاطع الضابط
دخول محامي فرنسي طويل القامة
ب هِندام ينافي تمامًا هِندام محامي الحكومة
بدلة رسمية كُحلية ب ربطة عنق من نفس اللون . وقميص ابيض وفي يديه اليمنى شنطة سوداء واليسرى تحمل ملف
رفع صوته الجهوري وهو يرفع عيناه من الملف بإبتسامة واثقة :
انا محامي الاستاذ كسار
رفع كسار رأسه بصدمة
وهو ينتظر ان يدخل سياف بعده ويقول كانت هذه مزحة
غمض عيناه وفتحها مرة ب قوة وهو يظن انه يحلم
وعقله الباطن صور له المشهد الذي يتمناه ولكن كان كل شيء مثل ماهو
اتسعت ابتسامته وهو يضع شنطته على الطاولة ويفتحها بإستعجال ولم يكلف على نفسه ان يرأهم :
الآن استبيحكم عذرًا
اريد ان انفرد بموكلي حتى أتأكد ان حالته الصحية والنفسية تهيئ له تقديم أفادة سليمة خالية من تأثيرات عقلية او نفسية
في ثواني معدودة خلت الغرفة ولم يتبقى بها غيرهم
جلس المحامي دون ان يتكرم عليه بنظرة وهو يقلب في صفحات ملفه بعجلة وبيده الاخرى يراجع حججه :
سنحتاج في الجلسة الاخرى الى السائق
وسأحضر اشرطة المراقبة حتى تبريئك من هذه التهمة
ثم سأرفع قضية عليهم تعويض سوا ماديًا او اي شكل من الاشكال على الاذى الجسدي
والنفسي بالسجن دون جمع الأدلة الكافية لإدانتك
وعدم توفير الرعاية الصحية الكافية
قاطعه كسار باستغراب وهو يتحسس لسانه :
ولكن الآن انا بصحة جيدة
لم يكن هناك تقصير من مستشفى السجن
أليس هذا ظلم تو ممكن ان تنقلب القضية ضدنا ؟
رفع المحامي حاجبه بآستنكار من انه قطع عمله :
عفوًا ماغرضي اذا ؟ انا هنا حتى أخرجك بريئ ولذلك انا استلم أتعاب الجلسة ليست وظيفتي ارى أين الحق واتبّعه فأنا لست القاضي لو تقتل امامي لقلت ان يدّك هي من قتلت انت بريئ من افعالها
قاطعه كسار وهو لم يريده حتى يسمع من الغرض من وظيفته :
انا لم اكلفك ، من كلّفك بقضيتي ؟
زمّ المحامي شفتيه من ازعاج كسار المتتابع ، وب كذا لن ينهي شغله وهو من استلم ملفه قبل قليل بعد ان جمعه مساعده في غصون ساعات
رفع راسه بإبتسامة مجاملة :
انا محامي اعمال السيد ذعار الكسار بفرنسا . كلفتني السيدة الصغيرة ريناد . هل هناك اسئلة اخرى او أستطيع متابعة عملي ؟
/
*
\
أغلق خلفه الباب وهو يدخل مفاتيحه في جيبه
ضحك بقهقهة وهو يرى غنى تفتح ذراعيها بقوة بمجرد ان لمحته وهي في حضن صمود
جلس ذياب على ركبته اليسرى واستند على اليمنى وهو يفتح ذراعيه بنفس حركاته :
تعالي تعالي
قفزت من حضن صمود وركضت نحوه بخطوات غير متزنة
تارة تنحي لليمين وتارة للشمال حتى اصطدم جسدها في حضنه وهي تضحك
ضحك على ضحكتها وهو يحملها ويقف
توجه الى ابيه الجالس بصدر الصالة وأمامه طاولة تحمل اوراقه وجهاز التحكم
قبل ذياب رأسه وهو يضع كفه على كتفه حتى لا ينهض :
خلك يا ابو ذياب مستريح ، وش اخبارك ؟
هز خالد رأسه بإمتنان :
يا رب لك الحمد بخير وعافية
لف ذياب بإبتسامة حنونة وهو يصافح صمود متعمدًا ان ينرفزها :
وش اخبارج عميمة ؟
ضربت صمود كتفه ب حرّة بوجه عابس ب عتب :
ملاقة ذيابوه !
اشرت بحجم صغير على سبابتها وهي تردف : انا هالكبينةِ وتقول لي عميمة ؟
ابتسم ذياب بمجاملة وهو لا يطيق ان ينبس ب بنت شفة
كل محاولاته قبل قليل بإن يظهر بمظهر طبيعي أمامهم ويتجاوز حزنه بائت بالفشل وبانت على مُحياه
جلس وفي حضنه غنى وهو يمرر ظهر سبابته على خدها ب رقة
ابتسمت صمود بشاعرية مصحوبة بتنهيدة وكفيها تحت خدها :
الله يجيب اليوم اللي اشوف معك ولدك خلودي
ابتسم ذياب دون ان يرفع رأسه على هالطاري
الذي يقتحم قلبه بشعور من الـلذة الذي لا يعرف عنها الا اسمها وبعضًا منها من غنى ابنة اخته
يتخيل لو عاشها حقيقةً ؟ لا يعلم ولكن يتوقع لن تسعه الارض بما رحبت من سعادته
ويؤمن من تجربة ضليلة بسويعات معدودة مع غنى ان لو جردوه من منصبه
من شهاداته
من ومن ومن كل شيء لكفاه شرف انه ( أب )
ترك خالد الأوراق من يده وهو ينظر بعمق لذياب وأمنيات صمود فتحت عينيه :
وش ناقصك يا ذياب ماتعزم وتفتح لك بيت وتكمل نص دينك ؟
ضحك ذياب بدهشة من الطاري المفاجئ !
ظ¢ظ© عامًا من حياته لم يفتح له طاري الزواج بجدية
واذا انفتح أغلقته شادن بعنفوان غاضب
حتى في طفولته ماقد سمع " جعلني اشوفك عريس ، تدخل علي بعيالك " الا من خالته ندى اذا دخل عليها من صلاة الجمعة مع سياف
ماقد سمعها قط من امه !
ماكنت تريد ان يكبر وتكبر معه وتموت تلك الفتاة المراهقة فيها .
مستعد يحلف بأغلط الإيمان ان فكرة أنجابه هو وشادن كان أمر خارج الحسبان وبالخطأ !
قبّل خد غنى لما اخذتها صمود من حضنه بسخرية :
اذا وافقت شادن ماعندي مانع
ضحكت صمود وهي متوجه الى الأعلى تارك اخوها وابنه على راحتهم :
عز الله ما اعرست اذا كان الموضوع بيدها
عقد خالد حاجبه بإستنكار :
وشادن وش دخلها ؟
هاهي عند زوجها ولها بيتها وبنتها ما اشوفها قالت اخوي اذا ماوافق مالي مزاج بالعرس
ضحك ذياب وهو يمسح بكفوفه وجهه المرهق :
للاسف لو اني مو موافق وب رضاي ماكانت اعرست والحين صارت أم
ما صابت معك يا يبه ، هذه علاقة طردية / احتياج اللي بيني وبين شادن مالها الا انا ومالي الا هي
طول عمري وانا لها ب غمضة عين اصير لاهي في حرمة وعيال عنها ؟ عز الله وقف قلبها
لف خالد بجسده كله تجاهه بجدية :
وانا ابوك العمر يركض ، استغل شبابك بتربية الأبناء ماهو لا كبرت توك تفكر
يكبرون وانت مالك شدة عليهم
انا يوم كنت كبرك كنت انت وشادن على كتوفي
ابتسم ذياب ابتسامة حقيقة وهو يضع كفه تحت خده :
اذا انت معزم تعرس معي ، اعرست ويصير عرسنا ب ليلة وحدة
ضحك خالد على طاري الزواج الملغي نهائيًا من قائمة اولوياته بعد غزل :
كان يوقف قلب اختك صدق
همس ذياب وهو ينظر الى تقاسيم وجه ابوه التي تغيرت بمجرد موضوع زواجه
حتى وان ابتسمت لم يستطيع ان يسيطر عليها :
الى الحين واثق من رجعة امي ؟ وانها لو رجعت ، بترجع لك
تكلم خالد بإقتباض وهذا الموضوع يأخذ من صحته ، من سنين عمره بذكرياته المرة من 12 سنة قضاها بحل وترحال ، وكل مارجع شم ريحتها بعياله . كأنه يدور على حرّق دمه :
من قالك ابيها ترجع ؟ امك اذا رجعت ماهي براجعة لي . هي ما انحاشت الا عايفتني
ابتسم ذياب على الموضوع الذي لاول مرة من 12 سنة يفتحه ابوه ، ويفتح معه قلبه له :
تحبها ؟
أخذ خالد الأوراق الى حضنه ، وبعصبية مصطنعة يحاول ان يكتم بها ضحكتها على شكل ذياب :
اقول قم انت ماتنعطى وجه الهيتيني عن شغلي
نقز ذياب من مكانه ، الى جانب ابوه وهو يمسك ذراعه مبعدها عن الأوراق بترجي :
طلبتك يبه قول لي ، ماقد سولفت معك وانبسطت كثر الحين
رفع خالد رأسه الى ذياب ، وندوب الحنين الذي حاول ان يخفيها جاهدًا تعرت :
مافيه واحد بيعيش مع وحدة وهو مايهتويها ، امك حتى يوم باعتني انا مازلت شاريها بماي عيني
امك وانا عايش معها كانت تخطي خطايا هالكبر - وسع ذراعيه بشكل كبير وهو يكمل - وماكنت اشوفها شيء ، كنت اقول طفلة تكبر بكرة وتعقل - رفع رأسه ونبرة حرّقة اشتعلت في حنجرته وهو يردف جملته الاخيرة - ويوم كبرت راحت من يديني
ضوق ذياب عيناها وهو يرى حياة ابوه للمرة الثانية على التوالي تتكرر امامه عينه :
اجل شادن وسياف ماهم بعيدين عنكم ، التاريخ يعيد نفسه
رفع خالد رأسه بقوة وهو يهيزه بالنفي :
سياف يشبهني يمكن ، اما شادن غير !
امك ماكانت تحبني ، كانت تحب حبي لها
اما شادن طاري سياف لوحده يأخذ نفس صدرها كله ب لحظة ولا يرده ، شلون بسيّاف نفسه ؟
ضحك ذياب بإنبهار وهو يضرب كفيه ب بعض ، ويأشر بسبابته تجاه ابوه :
هاه يبه شفت ! حتى انت تدري ومؤمن بقرارة نفسك بحب سياف لشادن ولا ماكان رضيت تشبهه بنفسك وبحياتك
ضحك خالد وهو ينظر لحركات ذياب المنتصرة بطرف عين :
لو ما ادري ومقتنع ماكانت هي للحين على ذمته . ولو ما ادري ومقتنع ماكنت شلوطته ب عقالي بكل مرة لا قرب عند بيتنا
مسك ذياب رأسه بقهقهة وهو يتذكر معاناة سياف وابوه في طفولته :
ياويلك من الله يا يبه ! انا متأكد كل اللي انت فيه هو حوبة سياف فيك . من يدخل شارع يلقاك واقف عند الباب ب عقالك ان قرب جلدته وان لمحته هاوشته
وكل ماشفناك بعد الصلاة واقف مع خالي سلطان درينا انك تشتكي له سياف
ضحك خالد وهو يتذكر تلك الأيام ، الذي كان فيها اكبر همه ان يتعلق سياف بشادن او العكس
وهو لا يضمن ظروف الأيام :
كان من يلمحني سلمت وقمت من الصف الاول الى سلطان
حتى لو كان في الركعة الاخيرة يقطع صلاته ولو كان مسلم معنا يحذف نعاله وبكل الحالات يركض لبيت ندى . يحتمي بها لا جاء سلطان يجلده
ناظر خالد ذياب وهو يتأمل شنبه الذي خط في سن المراهقة ، ودقنه الذي يصاحبه شعيرات بيضاء قليلة من ضغوط العمل و النفسية ، صار ينافس بطوله . طول ابوه . اصبح في بيت مستقل ب شهادة وعمل . اصبح يفتخر به كل مادخل صدر مجلس " هذا ولدي وأول فرحتي الدكتور ذياب "
ماعاد ذلك الفتى الصغير برفقة سياف وجلوي . يرأهم وهو عاد من عمله في مقدمة الشارع يلعبون كرة مع أبناء الحارة . وينهرهم حتى يستعدون للصلاة بعد ما تجاهلوا اذان صلاة المغرب حتى ينتهون من الشوط الثاني ويحسمون النتيجة ولكن كان خالد في نظرهم " هادم اللذات "
وسياف لم يعد ذلك المراهق الذي يتعمد ان تكون جمعتهم في بيت خالد حتى يرى شادن . كان يعلم بالعواقب لهذه الجمعة ستنتهي ب توبيخ خالد ان شادن كبرت ولعبهم سويا الآن لا يليق وضرب سلطان لانه يفشله مع نسيبه . ومع ذلك يتحمل المخاطر مطبقا " لأجل عين ، تكرم مدينة " بحذاريفها
والآن اصبح زوج ابنته ، وأب حفيدته . ورجلًا على مشارف الثلاثين
لم يبقى شيء كما كان . الا خالد الذي مازال ينتظر غزل على الاطلال
قطع خالد الصمت وهو يردف بتفكير عميق :
اقولك شيء ولا يطلع برا هالصالة عشان ما احش لسانك
ضحك ذياب وهو يأشر على فمه بسبابته بمعنى الصمت
رفع خالد الأوراق من الطاولة وهو يرتبها بإبتسامة حنين للأيام الخوالي :
من مسمي شادن ؟
هز ذياب كتوفه بلا مبالاه وبتخمين بديهي :
يا انت يا امي مايبي لها
ضحك خالد وهو يهز رأسه بالنفي :
ايّام حمل امك كان جلوي وسياف عندنا في بيتنا ، انتم تلعبون بالحوش وانا مع امك فوق وطنقرت على جية سياف لمنا ودخلت غرفتها زعلانة :

( قبل 24 سنة من الآن - في شقة خالد & غزل )
دخل سياف ذو الخمس سنين من الخارج وهو ينظر بإستنكار الى عمته الصغيرة التي وقفت غاضبة متوجه الى غرفتها دون ان تلقي له بال مثل عمته ندى التي مجرد ماتشوفهم مقبلين تركض لهم بما لذ وطاب
وجهه أنظاره الى خالد الذي كان يتنهد بهمّ وهو يمسح بكفوفه وجهه
ابتسم بمجاملة وهو يرى سياف ينظر لهم باستغراب :
تبغى شيء ؟
عقد سياف حاجبيه :
خالي خالد عمتي غزل زعلانة عشانا عندكم ؟
ضحك خالد على سياف الذي يشابه ابنه ذياب وعقولهم تسبق سنهم :
هي تعبانة عشان في بطنها اخت ذياب مو منكم رح العب مع عيال عماتك
هز سياف رأسه بالنفي بحنية نضجت فيه من صغره :
ما اروح لين تسامحني عمتي
تنهد خالد وهو يسحب جريدة من جانبه مهملة لسياف بتصريفة رغم انه مايعرف القراءة لصغر سنه :
عمتك زعلانة مالقت اسم
انت دور اسم وانا اعلمها وبتستانس
رفع سياف رأسه دون ان ينظر للجريدة بعفوية طفل :
عمتي ندى تقول الأولاد نمور والبنات غزلان . سموها غزال
ضحك خالد وهو يسايره :
مايصلح نسميها بأسم حيوانات بعدين غزال اسم كبير وهي بنت صغيرة لازم اسم صغير
جلس سياف جانبه بإصرار متذاكي :
خلاص سموها زي بنت الغزال ، سموها شادن ! )

ضحك ذياب بصدمة وهو يسمع القصة لاول مرة بحياته من ابيه :
توني ادري ان من سمى شادن سياف !
وقف خالد وهو يمسح بكفوفه وجهه بعد ان تأخر عن موعد نومه ، وأخذته السواليف مع ولده بإستنكار وهو يتذكر لحظة ولادة شادن :
كانت امك تبي تسميها اسم ما انزل الله به من سلطان مدري من لاعب عليها فيه ، واصريت مانسميها الا شادن عشان خاطره
اردف ذياب بتردد وهو الى الآن مازال يفكر بموضوع ابوه بإلانتقام لخواله ، بعد فعلتهم بشادن :
يبه
لف عليه خالد بإستغراب :
سمّ ؟
وقف معه ذياب وهو يقترب معه الى الدرج :
سم الله عدوك ، سؤال افكر فيه من يوم علمتني عن اللي سويته . انت ماخليت احد بحاله الا سياف ؟ وش معنى ؟ مع انه مفروض هو الوحيد اللي مايسلم لو كنت تبي تعاقب احد على حزن بنتك !
وقف خالد وهو يسمع سؤال ذياب دون ان يلتفت ، ماكانت الإجابة صعبة بالنسبة له ك أب ولكن صعبة على ذياب ان يستوعبها وهو عازب :
لا ضريت وأذيت سياف ، كأني ضريت وأذيت شادن ، كأني ضريت حفيدتي
ويدي ماتطاوعني ان ألكا جراح بنتي على حساب ابّوتي !
انا ابوها صح ، ولكن بعد هو ابو بنتها - همس وهو يخشى ان يصارح نفسه بغيرة اب فطرية على ابنته - وتحبه . اذا اوجعته بتحس بأضعاف وجعه
تركت اول العالمين
عشاني ما أقوى اضحك بوجه بنتي وانا موجعها
اكمل خالد وهو لم يسمع اي رد من ذياب وكأنه غير مقتنع ولكن لن يلومه مازال لم يصبح اب حتى يفهم مايقوله :
تصبح على خير وانا ابوك
همس ذياب وهو يتوجه الى الباب الخارجي بتفكير بكلام ابوه :
وانت من اهله يا ابو ذياب .
/
*
\
اتسعت عيناه بصدمة أقرب للدهشة وهو يسمع اسمها على لسانه
لم تكن امه ولا ابيه ولم تكن سفارة دولته المكفولة بسلامته ولم يكن عمه ولا اخوه من كانوا بمثابة ذراعيه
كانت من ترأه ألد اعدائها هي من تولت آمر قضيته
بيوم من الأيام جرح جبينها واليوم هي تخيط جرح كرامته
ان يتقبل شيء من ريناد هكذا المحامي آمر صعب عليه
وقف بقوة حتى سقط الكرسي من خلفه وهو يتوجه الى الباب تاركا المحامي على الطاولة :
اذهب واخبر سيدتك الصغيرة اني لست بحاجة لأحدًا
عقد المحامي حاجبيه بشك :
هل انت متاكد ؟
وقف وهو يجمع اوراقه بلا مبالاه في شنطته خرج ومن خلفه كسار
وقف المحامي بإستنكار وهو يرأها على الكرسي بجانب غرفة التحقيق :
سيدتي ماذا تفعلين هنا ؟
لف كسار بقوة من وجهه الشرطي الذي كان يكبل يديه بالأصفاد وهو يسمع المحامي
سقطت عيناه عليها وهي جالسة ب عبايتها الزرقاء وقبعة تخرجها في حضنها
وآثار الكحل السائل كمن امتد من بيروت الى الصين وهو يرأها سائلًا من طرف عيناها الى نص خدها
وارنبة انفها تلونت بالإحمرار كلون شفتيها والفرق بينهم ان شفتيها من آثار مسحوق التجميل اما انفها من شدة البكاء
لم يخطر على باله وهي هكذا الا ان الجامعة احترقت وهي تبكي على عدم إقامة حفل تخرجهم
لأنه يعرف بأن ريناد تافه
قاطع حديث عقله اقتراب ريناد بخطوات غير مبالية بقعبتها التي سقطت على الارض حتى تقف امام وصدرها تارة ينخفض ويرتفع من شهقاتها
همست ريناد وهي تُمسح عيناها والحروف تخرج بصعوبة من بين شفتيها المرتجفة :
انا وش سويت لك عشان تأذيني فيهم ؟ المرة الاولى خسرت مشعل بسببك والمرة الثانية خسرت رغد واحترام زملائي كلهم بسببك
انت كيف تنام الليل بدون ماتخاف اني ادعي عليك ؟
عقد كسار حاجبيه وهو لم يفهم شيئًا من كلامها :
ما اخاف لأني ماسويت شيء غلط
فتحت ريناد عيونها بدهشة كانت تدري بإن كسار وقح ولكن الآن تيقنت :
سويت اللي انت قلته علمت معاذ - صرخت بحرقة - بس طلقها بسببي خمس سنين وانا قادرة احافظ على بيتها ولما جيت انت انهدم على رؤوسنا
وتقول ماسويت شيء غلط ؟
قدر كسار ان يمسك بمربط الفرس ان السبب هو موضوع رغد ولكن لا يعلم التفاصيل وسؤال ريناد في حالاتها هذه خطر
رفع حاجبه مستنكرًا :
الطلاق شرع من شرعية ربي
لا هو عيب ولا حرام ولا غلط
حاله حال الزواج
لا انا ولا انتي لنا دخل هو شاف انها ماتناسبه وانفصلوا بالحسنى
اردف بغضب وهو يرى الجميع ينظر لهم بإستنكار والشرطي ينهره بالفرنسية بسبب صراخ ريناد وهو من المخالفات :
انتي صح وهي غلط وش قاعدة تبكين عليه ؟
بلعت ريناد ريقها وكلام كسار مثل ماء بارد
جرف معها دموعها المُنسابة لتحاول تجفيفها وهي تنتظم بأنفاسها



وهي تسمعه يجيبها قبل ان تسألها :
انا مو قاعدة ابكي عشانها انا قاعدة ابكي على نفسي
اني مغفلة مو طيبة وأنها خبيثة مو صديقة
قاطعها كسار بجدية وهو الى الآن لم يفهم ماذا تريد منه :
ريناد ليش جيتي لي ؟
رفعت ريناد رأسها تائه بقل حيلة وهي ترى في وجه كسار ظآلتها :
انا ماعرفت اروح لمين
مشعل تزعزت علاقتي معه من بعدك رغد طلعت حقيرة أكثر منك
اهلي ينتظروني في قاعة تركتها وجيتك ومو قادرة ارجع أحط عيني في عينهم ولا وحدة من ناس عشت معهم خمس سنين لقيتها تطبطب على كتفي بعد كلام رغد
سقطت عيناها في عينه بعد ان ذرفت دمعة حالت بين وضوح الرؤيا بينهم وهي تنتهد :
ليش كل أشيائي السيئة قاعدة تصير بسببك ؟
انحنى كسار بيديها المصفدة بالحدائد
وهو يحمل قبعتها من الارض ويضعها على رأسه بهدوء :
هذه المرة الأخيرة اللي ابيك فيها تسمعين كلامي وماراح تندمين
ابتسم بضحكة :
ولا راح تصير أشياء سيئة بسببي بعد
اردف بجدية وهو يبتعد بعد ان وضعها بالشكل الصحيح :
روحي حفل تخرجك
استلمي آخر شيء تذكرين فيه باريس بالخير
روحي اذا مو عشاني عشان ديرتك اللي تبيك ترجعين رافعة رأسها بعيالها عشان امك وأبوك
عشان خاطر كل ميل قطعوه لعيونك
هم مايستاهلون تحرمينهم شوفتك تستلمين شهادتك عشان انسانة ماثمرت فيها تكون صديقتك
لو انها عملت بآصلك كان كسبتك ولكن عملت بآصلها وخسرتك
بكل الحالات انتي الرابحة !
ناظر الساعة المُعلقة وتكريم الخريجين لم يتبقى عليه الا خمس دقايق :
روحي ياريناد روحي
شيئًا ما بداخلها استقيظ لن تكون " طيرا شكا من قفص وبكى في سجنه وانتحبا ثم لما فتحوا الباب لهُ قائلين اخرج من الأسر أبى "
وان كان كسار كريه ولكن كلامه سليم
مسكت قبعتها على رأسها بيدها وركضت من باب المخفر متجهه الى جامعتها مبتسمة رافعةً رأسها تنظر بإمتنان الى امها وأبيها قائلًا : صح انا بنت وحدة ، ولكن كل شيء تمنيتوه على عشر بنات صار فيني
ان كان هناك شيئا سيسترد حقها من رغد باستثناء المحكمة لان القانون لا يحمي المغفلين سيكون بحضور شيئًا لم تستطع ان تعيشه فقط ترأه بأحلامها
وتسمع صدى اسمها على منصة الحفل من جدران شفتيها
وتستلم شهادتها عندما استلمت رغد تذكرة طائرتها المتوجه الى ديارها
/

\
وقف ذعار بغضب وهو يرى ان مضت على التكريم عشر دقائق :
مشينا
وقف جلوي برفض وعيناه على الباب الذين دخلوا منه الطلاب بطول صبر :
يبه صبرنا الحفل كله ماراح تصبر دقيقتين ؟ متاكد بتجي والله بتجي بس اصبر
رمقهّ ذعار بحدّة وهو ينظر الى ساعته :
صبرت الحفل كله مابقى شيء وينتهي وأختك مابينت
الظاهر اختكم ماينفع فيها المعروف لما ظنيت انها صارت آدمية وبتترك الاستهتار وبتحس بالمسوؤلية كنت غلطان
حاربت كل من تكلم فيني بالمجالس ليش تارك بنتي في ديرة غرب
واقول تجي بكرة بالشهادة رافعة رأسي وأسد بها حلوقهم
مسكت ندى كف ذعار بترجي وهي تنظر لطلاب بتفحص ، لعل ريناد بينهم ولم يرؤوها :
تكفى ياذعار طالبتك انت تعرف بنتك اكيد متاخرة في الصالون ولا راح عليها الوقت
اصبر الله يهديك
قاطع ترجيهم وخيبة أمل ذعار بهذا المشهد الذي يخطط له منذ 5 سنوات ان يرى ابنته الوحيدة تحمل الشهادة الجامعية بجامعة احلامه امام عيناه ولكن أغُلق الباب قبل ان يرأه يخرج من ذلك الدرج الطويل الى المسرح مستلمًا شهادته
صوت شادن بدهشة :
ريناد
رفع ذعار رأسه بقوة وهو يرأها تخرج من الباب لوحدها
بإبتسامة هادئة وكأنها تمشي على غيم السماء من رقة خطواتها
تنظر تارة لليمين بإبتسامة واثقة وتارة لليسار بفخر
هدئت الأصوات الى ان اختفت
وصمتت مقدمة الحفل
وتارة حتى تعالت تصفيق الايدي بحرارة
وهم يرؤون فتاة تخرج لوحدها بعبايتها الزرقاء مودعة خلفها سهر وشقاء 5 سنين قضتها بين رائحة الأوراق وحبر الاقلام
اعادت مقدمة الحفل اسمها عندما اقتربت ريناد من المسرح
وقفت الدكتورة من كرسيه حتى تسلمها شهادتها
صافحتها بإبتسامة على مكر ريناد في ظنها :
آه منك إيتها الشقية
كنت تريدين ان تكوني لوحدك حتى تتميزين مثل ماكنتي دومًا
ضحكت ريناد وهي تهز كتفيها بلا مبالاه مصنطعة وبنفسها " والله ماتدرين " :
ماذا افعل اذ كنت خُلقت ماكرة ؟
لفت برأسها للمصور وهو يلتقط لهم الصورة الاخيرة بين زوايا هذه الجامعة
وقفت ريناد امام كرسيها وهي تعد مع زملائها بصوت مرتفع :
1
2
3
صرخوًا جميعها وهم يرمون بقبعاتهم للأعلى لتصطدم بالسقف الذي شهد جميع أيامهم بضحكهم جميعًا في سويعات الصباح المتأخرة بعد طردهم متأخرين
بغضبهم من اسئلة تفيق قدراتهم
بمزاحهم مع اساتذة كانوا لهم الام الحنون
بتحضيرهم لمسيرة تخرجهم
بمراجعتهم الاخيرة قبل دقائق الاختبار
كل سر كتموه ؛ استمع له
وكل خبر تناقلوه ؛ تشربه
وهاهو اليوم تصطدم قبعاتهم به
ليودعهم
مودعين معه 17 سنة ذهبت في سبيل العلم لينالوا به رفعه
سقطت القباعات عليهم مجددا بعد ان رد لهم السقف امانتهم
أخذت قبعتها ونزلت من المسرح وهي تبحث بعيناها عن اَهلها في عراك الازدحام
لفت بقوة وهي تسمع صراخ ذعار وندى أطفال اخيها يهتفون بأسماءها وهم على كتفي مقرن حتى تراهم ريناد
ضحكت وهي تركض بخطوات سريعة ثقيلة من آثار حذاءها العالي
حضنت امها وهي تقبل رأسها وتمسح بكفيها دموعها :
يمه تكفين وش يصيح الحين ؟
ابتسمت لابوها وهي تقبل رأسه بفخر وسندت رأسها على كتفه :
اتمنى ان هديتي جاهزة
ابتسم ذعار وهو يمسح على شعرها :
كانت بتكون على رأسك لو تأخرتيدقيقة زيادة
صافحت مقرن بإمتنان على مباركته الهادئة كعادته
وربى التي مدت لها كيس هديتها مع باقة من ورد البوربون باللون الأصفر التي تفضله ريناد وهي تشم رائحته المميزة بحُب :
الله يبارك فيكم نردها لكم في تخرج ندو
رفعت شادن يدها للسماء بقهر مصطنع :
لك الله يا بنيتي
ضحكت ريناد وهي تضم شادن بقوة ماكانت الا ثواني حتى انهارت ريناد في حضنها وهي تبكي بحرّقة
رفعها جلوي من حضن شادن بقوة مستغربًا :
وش فيك صاير شيء ؟
عقد مقرن حاجبيه بشك من شدة بكاءها :
احد قايل لك شيء ؟
مسحت ندى طرف عيناها بخوف ان ريناد تبكي من كلام ذعار :
يمه ابوك ماكان يقصد يمزح معك !
وان تاخرتي وش صار قامت الدنيا ؟ الله واكبر ينتظر حفلهم لين تشرف بنتي ولا ماله قيمة
ضحكت ريناد وهي تدفن رأسها في عنق امها :
مافيني شيء
خزها ذعار بنظراته المعتادة حتى اعتادتها ريناد ولم تصبح تراها مخيفة بل سمة من سماته :
واللي مافيه شيء يصيح كأن ميت له احد ؟
ابتسمت ريناد وهي تشوفهم حولها بيوم مهم مثل هذا اليوم
خوفهم الذي رأته في عيونهم قبل ان تنطبق به حناجرهم
تخيلت لو انها لم تطع كسار ولم تأتي !
لندمت طول عمرها انها فوتت ليلة من اجمل ليالي عمرها
كذاب من يقول ان ليلة العمر هي ليلة الزفاف
لو تجرء ان تحلف لا حلفت انه لم يذق لذة ليلة التخرج :
انا ابكي لأني احبكم
انا ابكي على حسن حظي أنكم اهلي
ضرب جلوي رأسها بكفه بإبتسامة :
ماكذبت يوم قلت ام دميعة
ابتسمت شادن وهي ترأهم جميعًا
هي بنظرهم فرد من أفراد هذه العائلة
لو تحلف ان كأس الماء يصل شفتيها قبل ان تقول " عطشت "
لم ينقصها شيء طول ماهي تحت جناحهم
لو تملك عائلتها كاملة الآن بوجود امها وأبوها تحت سقف واحد ولذياب غرفة تجمعه معهم وليست شقة مستقلة
ماقدروا يسعدونها مثل عائلة ندى
ولكن شعور هادم للذتها يقتحم قلبها في كل مناسبة
شعور بإنها غريبة بينهم ولم تنتمي يومًا لهذه العائلة
وان عاشت بينهم ظ،ظ¢ سنة آخرى
لن تتجرد من هذا الشعور
آمنت بإنها الحقيقة
وليس شعور يراودها
مجرد ماترى لحظاتهم سويًا
حتى ان خالطها هدوء مقرن وبرود ذعار وسخرية جلوي
الا انها لذيذة! تلتزم الصمت
تتمنى لو انها الآن بين امها وأبوها
هل بتشعر بأحساس آخر ؟ اكيد ولكن لا تعلم ماهو
تجهل احساس العائلة تسمعه فقط من شفتي ريناد
احساس ماشعرت به الا لما جعلت سياف وغنى عائلتها من كم شهر
شعرت بإن مكانها هنا
هذه عائلتها
رغم نار سيّاف الا انه راحتها
ورغم جنة اهلها الا انه سبب حزنها
حالها يشابه " سجين يحب سجانه خسر حريته لكن لقاها وسط زنزانته "
ابتعدت بهدوء عنهم وخرجت بعيدًا عن الإزعاج وهي تبحث بجوالها عن رقم سياف !
/
*
\
دخلت غرفتها بعد ان تسللت من جمعة اَهلها بعد العشاء على القهوة كعادتهم
اغلقت الباب خلفها بالمفتاح مرتين حتى تضمن ان لا احد يقتحم خصوصيتها
تحسست يدها بعد ان فكت جبيرتها بنفسها قبل موعد الطبيب المحدد بإبتسامة انتصار
جلست على سريرها بعد ان فتحت شاشة لابتوب لمى وهي تفتح صفحة محادثاتها مع المجهول
تأففت بضجر وهي ترى ان مرت ايّام ولم تستلم منه اي رد على سؤالها :
وش تبغى مني ؟
المعلنة به رآية استسلامها
فزت من مكانها برعب
وهي ترا المحادثة تنير ب رسالة جديدة رغم انها لم ترى انه كان يكتب
فجاءة اجابة لسؤالها بالوقت الذي كانت تنتظره وكأنه يشعر بها :
" اكثر من اللي تبغينه "
كان جوابه مبهم بالنسبة لها
ولكن فضولها أقوى
لتكتب باندفاع مندهش على لوحة المفاتيح بسرعة وكأنها تخشى اختفاءه مرة اخرى من المحادثة :
وش دراك باللي ابغاه ؟
تجاهل سؤالها وهو يرد بسؤال آخر :
وش كنتي تبين توصلين له من حسابك ؟ تبنين لك مستقبل ؟ شهرة ؟ اثارة جدل ؟ ولا إذنك كل ما صب فيها كلام خرّته في مواقع التواصل الاجتماعي ؟
بعيدًا عن رسالته
تعجبت افنان من سرعته بالكتابة وكأن اسئلته جاهزة وعارف إجابتها !
كتبت بعفوية :
مقصدي شريف ، اشرف من فعلتك فيني كنت ابي اطهر الوسط الإعلامي من قذراتهم!
كالعادة في لمح البصر جاء افنان جوابه :
شفتي هدفنا مشترك انا ايضًا ابي اطهر الوسط الإعلامي
ولكن انا اطمح لاكثر منك
ضحكت افنان بسخرية اذا هدفه شريف مثل هدفي
وش الفائدة من التشهير فيني والتفضيح ؟ هذا يتوقع انه يتفق مع طفلة بخمس سنين يلعب / يكذب عليها بكلامه ؟
سألت أفنان بتهكم ساخر متوقعة اجابة تقليدية منه :
عفوًا! تطهره من مين ؟
جاءت الإجابة سريعة تنافس سرعة الضوء
ولكن لم تكن سريعة لتظهر على الشاشة فقط
لا ، سريعة كفاية حتى تغلق افنان شاشة الكومبيتر بكل ماؤتيت من قوة وهي تلهث في مكانها!
لم تركض
لم تبذل مجهود
ولكن حروفه كانت اشبه بماراثون خطف انفاسها
كانت إجابته ماتشكل حتى جملة ؛ ولكن كفيلة بإن ترعبها
كانت إجابته :
" منك انتي! "
انا ؟ ليش انا! وش سويت لهم ؟
وقفت من سريرها وهي تتوجه بعرج دون ان تشعر للخلف حتى اصطدمت بسرير لمى وسقطت عليه
وهي تنظر للجهاز الموضوع بعيدًا على سريرها وكأنه قنبلة مؤقتة ستنفجر
و وضعت في متناول الأطفال
مسكت رأسها بكفوفها بآلم مرعوبة الى هنا وكفاية
بأي متاهة أقحمت نفسها ؟
لازم تعيد ترتيب هذه اللعبة وتعرف هي في اي وسط
من خصمها ومن رفيقها ؟
ماهي غنائمها وماهي خسائرها ؟
ولكن لا بأس
جيتوني في وقت انا انسانة فارغة لكم تمامًا .
/

\
مازال واقفًا في مكانه وهو ينظر لها تركض بعباءتها وحذاءها في يد وقبعتها على رأسها
متشبثة فيها بيد
عبرت ريناد بوابة القسم وهي تسترق النظر تارة له وتارة لطريقها
لف كسار على الشرطي الذي امسكه مع ذراعه متوجه الى غرفة التحقيق
تاركًا المحامي خلفه ينظر لهم بدون اي ردة فعل . مصرّ على رأيه
انه لن يحتاج لمعروف من ريناد
لن يسمح بأن تتغلب عليه بإحسانها بينما يبدو هو الارذل الخسيس
وهي تعلم بداخلها جيدًا ومقرة بذلك
حتى في ذروة حزنها ضربت المثل بحقارة رغد فيه
دخل غرفة التحقيق
وهو يجلس على كرسيه وعيناه تنتقل الى الأشخاص الذين كانوا جميعًا في انتظاره
- سائق التاكسي
- محققين
- شرطي يمسك به
- وكرسي فارغ! كان المفترض ان يكون لمحاميه
ولكن خسره بنفسه وهو يدري انه الخاسر الأكبر بهذه القضية بعدم وجود المحامي ولكن يكفيه ان يكون رابحًا بحق كرامته
ولكن يتمنى ان يفيده وجود سائق التاكسي
ويشهد وينتهي من هذه المعاناة
ويتكفل ربه بأمره وهو متوكل عليه حق توكله متيقنًا ب " من توكل على الله كفاه "
وهو يتذكر امه بكل لحظة يشيل هم شيئًا ما
تردد على مسامعه بغضب حديث نبيّه بعد ان تنهره بغضب :
" وش فائدتكم مسلمين تصلون وتصومون ؟
اذا ماحسيتوا بوجود الله في قلوبكم في همكم في فرحكم ، اذا ماحسيتوه معاكم في سركم وقدام الناس وش الفائده ؟
وانتم قاعدين تناقضون إيمانكم بإن الله يرأنا في السر والعلانية
هو مايشوفنا بس عشان نذنب ولا عشان تفعل صالح
هو يشوفك بعد لا طحت وضاقت بك الدنيا ويشوفك لا فرحت وماشالتك الارض من وسعها !
ياوليدي كل ماحسيت انك فقدت الشعور
تذكر الرسول صل الله عليه وسلم : لو انكم تتوكلون على الله حق توكله ، لا رزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا "
ابتسم بهدوء وهو لم يشعر بوجود الله فقط بجانبه بينما تفصل بينهم سبع سماوات
يشعر بوجود امه ايضًا بينما تفصل بينهم كيلومترات ودوّل وقارات
يشعر بها تستودعه الله وتدعي له ان يغلبه على أعداءه واعداء دينه
رفع مسار رأسه وهو يسمع المحقق يفتح كاميرا الع¤يديو ليسجل اعتراف كسار
لأن اعترافه سيتم القرار اما ان يفرج عنه او ان تتحول قضيتهم للمحكمة لإصدار عدد سنوات العقوبة بالفرنسية :
اسمك كسار عبدالله الجامح
تبلغ من العمر 27 عامًا
تقر لنا بأن تم اعترافك وانت بكامل قواك العقلية والصحية
وبعدم وجود محامي وتنازلك عن حق الدولة لك بإن تكفل لك محامي ؟
هز كسار رأسه بإيجابية
فاتحا شفتيه حتى يلفظ إقراره ولكن الباب الذي اندفع بقوة ليدخل محامي ريناد بعجلة وهو يدخل جواله في جيبه الجانبي بإبتسامة :
اعتذر عن التأخير
اتمنى ان لم تبدأ من دوني ياحضرة المحقق
لف كسار بغضب اليه واصرار المحامي الذي يشابه ريناد وكأنهم خلقوا من دماء واحدة وصل به ان يشعر بحرارة الغضب
في جيوبه الأنفية حتى يطرده
قاطعه المحامي وهو يسحب الكرسي جالسًا . هامسا في أذنه :
اتأني اتصالًا من السيد جلوي
آمرني بإن ارى امرك بالطلب من السيد سيّاف
لا علاقة للسيدة الصغيرة
تنفس كسار بإرتياح وكل الغضب قبل قليل تبخر بمجرد ماسمع اسم كسار
لا يهمه من يكفله من كان المهم ان لا يكون ريناد
تأفف المحقق بغضب وهو يعيد التسجيل من جديد
وعيناه تتجنب كسار حتى لا يقتل بيداه هذا العربي المتغطرس!
/

\
هدئت سرعته تدريجيا منذ ان دخلت سيارته الحارة و وقفت تمامًا امام منزلهم
سقطت عينه على المرآة وهو يرى بها انعكاس يوسف الذي يجلس بالمرتبة الخلفية بعد ان اصرت امه ان لن تخرج حتى يكون معهم
فلن تطمئن وهي تاركته لوحده عند لدن و وهاد
وكان من نصيب سياف حتى يتفرغون لتفريغ غرفة والدتهم بدون يوسف
فتح شنطة السيارة وأطفئها وسحب مفاتيحه
ولكن سرعان مارماه في حضنه وهو يمسك كف امه بقوة بعد مافتحت الباب قبل ان تترجل
لفت عليه ترف بإستنكار من ابنها الذي اعتصر معصمها في كفه :
وش فيك ؟
ابتسم سياف أبتسامة صفراء يشعر انها غير مستعدة تمامًا ان تنزل من السيارة وتنصدم بخبر ضرّة تنتظرها بالبيت!
لف فيها الرياض كلها من العصر الى الآن بعد العشاء ومازال يود ان لا تدخل أمه البيت ابدًا
خفف من قبضته وهو يتزن بنبرته :
وش رأيك نحجز لنا يومين بفندق ؟ قريب من جامعة وهاد ومنها نغير جو
نفضت ترف يدها بقوة من يده :
ابعد بس وانا امك ما انت بصاحي وش يودينا فندق وبيتنا موجود يا رب لك الحمد
نزل سياف بسرعة حتى وقف امام بابها قبل ان تنزل وانحنى لها ويده تمسح على ركبتيها بتدليل :
ما انكتمي من البيت ؟ فكري في البنات ينرحمون! ودهم يطلعون ودهم يجون زي بنات اخواني من بعد ماسفر ابوي السواق وانا مو بكل يوم فاضي لهم
ضحكت ترف من اصرار سياف ان يصبّ برّه كله اليوم :
انت توك تذكر ان لك اهل يوم سافرت حرمتك ؟
اردفت بجدية وهي تأخذ شنطتها واكياسها :
لا وانا امك ماقصرت اليوم مابقى شيء في خاطري ولا احتجته الا جبته رح بيتك ريّح ولا تعال غرفتك فوق عندنا
قاطع كلامهم سيارة اخرى توقفت خلف سيارة سياف
عقدت ترف حاجبيها وهو ترى سلطان زوجها
ينزل من مكانه بسرعة خفيفة لا يركض بها آبن 14 عامًا للباب الآخر
حتى يفتح الباب مبتسما متجاهلا ابناءه و زوجته الذي ينظرون اليه
ضاقت عيناها وهي تحاول ان ترى من تلك المرأة التي ترجلت من سيارة زوجها تتمخطر تمخطرًا لم يتمخطره ابنتيها ذوات الـ ظ¢ظ¤ ربيعًا
وبحسن نية وهي تتوجه الى سلطان مستنكرة :
من هذه ياسلطان ؟ اول مرة توصل بنفسك وحدة من حفيداتك لنا! زين ماسويت سياف يقول البنات ضائقة صدورهم
لف عليها سلطان بجمود وحسن نيتها أعتصرت قلب سياف قبل ان تعتصره :
لا ماهي حفيدتك!
شهقت وهي تضع يدها على صدرها
وتهز رأسها بالنفي وعيناها تتفحص الأنثى المتغنجة بدهشة :
اجل خادمة
اقول ابعدها من بيتي ياسلطان ! عندي وحدة وتكفيني
بعدين هذه صغيرة وانا في بيتي رجاجيل مالنا حاجة فيها
رجعها من مكان ماجبتها
رفع سلطان عيونه بدهشة
وهو يتفحص اعين ترف يريد ان يعرف هل هي تنفي الصدمة ؟ او لم تستوعب الوضع الى الآن ؟
سقطت عيناه على سياف الذي نظر له بنظرة لأول مرة يرأها بحياته من ابناءه
نظرة تميل للإشمئزاز تنطق ب : انت ماتستاهل امي
وتميل للاستحقار لتنطق ب : كثيرة امي عليك
مسك سياف ذراع ترف
وهو يشعر بإنه يتجرع علقم بكل مرة يبلع ريقه حتى يبلله لتخرج الكلمات سليمة من حنجرته
ابعد عيناه عن ابيه حتى لا يستأثم بعقه اكثر بنظراته التي تنظر له غصبًا عنه وهو ينظر لها :
وقفتنا بالشارع قدام القاصي والداني مو زينة لك ولا لنا يا يمه! كيف عاد وانا نتكلم بأمورنا العائلية ؟ ادخلوا وتناقشوا جوا
دخلت امرأة ابيه بنفس مشيتها التي نزلت بها من باب السيارة ومن خلفها يوسف ثم امه ثم هو وأبيه سويًا
خلعت ترف طرحتها بقوة وهي ترميها بعبايتها على كنب الصالة لتلف بغضب على سلطان لتنهي موضوع هذه المرأة الدخيلة!
انتبهت لأبنتها وهاد وهي تبكي بحرّقة امام لدن
عقدت حاجبيها بخوف :
فيكم شيء وش فيك تبكين ؟
وقفت وهاد بغضب وهي تأشر على ابيها وملح عيناها على خدها يرُى بوضوح :
انتي اللي فيك شيء يايمه ماهو انا
انا ابكي من حرقتي عليك
ابكي قهر وخيبة أمل في من قهرك عشان وحدة ماتسوى طرف ظفر رجلك!
صرخ سلطان وهو ينهرها بغضب
لم يتخيل ان تكون هذه ردة فعل ابنته
لو كانت من زوجته لتفهم موقفها :
وهاد و قص ! حشيمتها من حشيمتي
الا اذا مالي قدر وحشيمة عندك - نزل عقاله من على رأسه ليهدد وهاد بمنظره وهو يلوح به عند محاذاة كتفه - هذه يبي لها كلام ثاني
لف سياف بصدمة وهو ينظر لعقال ابيه الذي نزل من رأسه لأول مرة على خواته
ياما علّم هذا العقال على ظهره وظهور اخوانه من قبله
ولكن وهاد ولدن ماقد تجرأ ابوه يلمس طرف خصلة من شعورهم حتى مايعورهم
والحين بعد 24 سنة
بعد ماصاروا حريم وكل وحدة فيهم طوله
يرفع على بناته ظهره وقطعة من قلبه عقاله عشان وحدة مايربطهم الا عقد زواج :
لا والله يايبه
خواتي ما انضربوا تحت عيني وأنا مابعد خط شنبي
ماتلمسهم وانا شاد ظهري وهو عزوتهم!
قاطعتهم ترف بصرخة وهي تحاول ان تكذب ماحاول ان يربطه عقلها من احداث سويًا ماتفوهت به وهاد ومارأته عيناها وماشعرت به يقبض قلبها
كلها ستكذبه فقط ان سمعت من سلطان : لا لتصمت صوت عقلها فوق صوت ابناءها
بوجه ابيهم :
ببببسسس ! - بلعت ريقها وهي تقترب من سلطان بعدم تصديق - وش قاعدين يقولون عيالك ؟ من قاهرني ؟ ليش تبكي بنتي علي ؟ ليش تبي تضربها وانت من كنت تمسح دمعتها قبل تطيح على خدها ؟
رفع سلطان رأسه وكل غضبه قبل قليل تلاشى أمامها ليتكلم بأرق طبقات صوته وكأنه كتف حنون يمسح عليها :
ترف انتي العاقل
انتي اللي تحكمين الأمور بعقلك ماهو بقلبك
وانتي اخبر في الشرع والدين مني
وانتي تعرفين ان الله احلّ لي بدال الوحدة
قاطعته ترف وعيناها متعلقة بالأنثى التي رفعت طرحتها عن وجهها بإبتسامة ماكرة من هذه الأجواء " الدرامية " بنظرها
وحسنها الذي سلب عقل ابناءها خلفها بدهشة بعد ان سلب عقل زوجها أمامها حتى باتت على ذمته . سحب طبقة صوتها لتتحدث بهمس :
اربع ! الشرع احل لك اربع
ادري ماهو انت اللي تعلمني بشرع الله
عادت باعينها لسلطان بإبتسامة صفراء :
كفيتك انا طول عمرك !
ويوم ضاع عمري لك ولعيالك
ويوم انكسر عودك
وراحت سنين مراهقتك وشبابك - صرخت - وشبابي ياسلطان شبابي حطيت على راسي شريكة ؟
ليش ماحطيتها وانا أنثى بأول عمري ؟
ليش ماحطيتها قبل يروح جسمي وعمري ورا 7 عيال من صلبك ؟
ليش ماحطيتها قبل يشيب شعري عشان أشيب قلبك بعيالك
وانا من أنفذ شرع الله وقتها واتحرر منك بطلاقي واشوف واحد غيرك ؟
تنام وبقلبك حرّقة لا دريت اني في حضن واحد غيرك
ليش يوم كبرت ؟
ليش يوم صاروا حفيداتك - آشرت عليها بكُره - بطولها
ليش خليتها تشاركني إياك ؟
وش بقى بك عشان تاخذه مني ؟
رفع سلطان رأسه ببرود ، عكس داخله الذي شعر لوهلة بأنه دنيئ من عتابها :
عشان ولدك اللي انشغلتي به عني
عشان هالسبعة ماعاد يكفوني
ابي لي عزوة يشيلون اسمي بعد !
أبغى لي بنات ، وبطنك ماعطاني الا ثنتين
وش اسوي بهم ؟
قاطعت لدن امها بهدوء ، عكس انفعال وهاد ، عكس انهيار امها . كانت ترى الموضوع خاص بأمها وأبيها مادام لم يصل للأنفصال
ولكن لو وصل الموضوع الى الأبناء هي احق من تتكلم :
العيال عذر من لا عذر له . ما أكذبك يا يبه ومحشوم
ولكن ولدها اللي انشغلت فيه عنك ، تراه ولدك امانة حتى في رقبتك ماهو لامي لحالها ولا لحالك
يوسف مسؤوليتنا كلنا
والعيال ماهو مهم هم سبعة ولا عشرة ولا مليون!
العيال ماهم بكثرتهم ، هم ببركتهم
ياما بيوت فيها عشرين ولا واحد فيهم نفع والدينه ، وياما بيوت فيها واحد شافوا والدينه جنه الدنيا معه
وأزيدك يايبه ماهو بطن امي من عطاك انا و وهاد . هذه عطية الله لك الا اذا كان ماهي عاجبتك رفع يدك للسماء وقل يا رب
ترف ماهي من كتبت رزقك
رفع سلطان كفيه بعد ان الجمه كلام لدن الرزين وهو يصفق بسخرية :
احسنتي ! الاولى تصرخ بوجهي والثاني يهددني
والثالثة تراددني
وقف بوجه ترف بغضب :
ماهو ابي عيال زيادة عدد
ابي عيال متربين ماهم مثل هذه التربية يا محترمة يامربية !
استقامت وهاد من طولها حتى تجاوب ابيها
ولكن كف امها الذي ارتفعت بالهواء حتى تصمت ، اسكتتها بهدوء :
لا ياوهاد يكفي مو تربية ترف اللي معلمتكم تراددون أبوكم
اللي الظاهر نسى انهم عياله بعد وتربيته ماهم عيالي لحالي!
تكلمت ليصمتوا جميعًا ، ويتناظرون فيما بينهم من أين أتى هذا الصوت الجديد ؟ لتسقط عيناهم عليها وهي تسند بكفها خصرها بإرهاق مصطنع :
سلطان ، انا تعبت من الوقفة . ورأسي بدا يعورني من الإزعاج . ابي ارتاح في - نطقت كلمتها الاخيرة ، وشددّت بعدما شعرت ان ترف لم تدري بالمصيبة الاخرى التي رفضتها هي على سلطان - جناحي!
قاطعتها ترف بتهكم وهي تحاول ان تتزن بنبرتها لا تبكي امام ضرّتها التي بعمر بناتها :
ماعندنا زود اجنحة ، عندك غرفة الضيوف ولا - نطقت بسخرية - زوجنا ماحسب حسابك في - لتنطق بتشديد على كلمتها الاخيرة - بيتي ؟
ضحكت امرأة سلطان الجديدة ( عَرِيبّْ ) وهي ترفع حاجبها :
ودي اعلمك انا في بيتك ، ولكن اخاف يوقف قلبك
تدخل سيّاف وهو يحاول ان ينهي هذه المهزلة :
يمه خلك الليلة في بيتي هنا ولا في شقتي ، كلهم تحت امرك
فهمت ترف نوعية عريب ، تشابه امرأة ابنها " شادن " ، جميعهم داخلين حياتها لهدف واحد " التملك "
بحرب الضروس ، رافعين الرآيات ولا يأبهون ان يرآها احد ، ولا يخشون بها لؤمة لائم
لا يكتفون بشيء واحد! ان لم يكونون يملكون رجالهم والأرض بما عليها . لا يهنئ لهم بال!
ولكن هيهات ان تسمح لها
هذه ليست زوجة ابنها مجرد مايغلق عليهم باب تنساها ، هذه شريكتها!
العين بالعين ، والسن بالسن ، وانتي البادية ايتها الغريبة!
رفعت ترف رأسها عاليًا ، لتأخذ من اسمها نصيب وتترف بنفسها وتبقى شامخة :
لا يا ابوي سياف خيرك سابق !
بيتك وشقتك وبيتي والأرض اللي تمشون عليها تحت أمري ، ما انتظر احد يأذن لي انا من آذن من يوطئ عليها
وكلكم هنا برضاي ، وان مارضيت عاد ياويلكم وانا زعلي شين ياسياف شييييين
مشت متوجه الى الدرج ، وهي تنسلخ من الدقيقة التي تسلحت بها بعزة وقوة شخصية ، لتتركها على الدرج يتعثرون من هم بالأسفل بها . وتذهب للأعلى تاركتها لتفرغ حزنها على راحتها بعيدًا عن الأنظار .
/

\
رفعت جوالها ليعانق إذنها
وهي تغلق جاكيتها الذي يصل الى نصف ساقها على جسدها لتحميه من قسوة شتاء باريس الحنونة!
لعل هذه عواقب البرد ، جعلها تتأخذ اجرء / اخطر قرار وهو ان تتصل على سياف لسبب عاطفي دون ان تفكر لوهلة ان كان هذا يليق بكبريائها او سخرية سياف
سطوة قلبها قوية ولكن ليست أقوى من فخامة صوته التي أتاها من الطرف الآخر بهدوء يليق به عندما يغضب :
ماطاعني عقلي اصدق عيني وش قاعدة تشوف ! بنت ابوها اللي ماترد حتى على لابّاس العمامة ؛ داقة علينا
ضحكت شادن من قلب على تهكمه ، وهي تميل بشفتيها بخجل :
ياحظك
ابتسم سياف وهو يرمي نفسها على سريره في بيته ، بهدوء :
الحمدلله على السلامة
ابتسمت شادن وهي تشعر بإبتسامته من صوته :
الله يسلمك
مرت لحظة صمت طويلة
تخللها أصوات بوق السيارات
وبائع الورد الذي يحاول ان يحرج على آخر وردة يملكها لليوم
وعازف الناي الذي يتجول في الشارع الأمامي وأمامه قارورة ماء يجمع بها ثمن عزفه للشارع من السواح
ولفحة هواء بارد لامست خد شادن ، وتمكنت بإن تشعر بها من الداخل لتشد بجاكيتها أقوى
لتحمي عواطفها من الانهيار امام هذا الصمت اللذيذ
همس سياف وهي تحسس مخدتها التي بجانبه بفكاهه :
ودي اقول وش اخبارك ؟ بس توني شايفك الصبح مافيك الا العافية ليش المجاملات ؟
ضحكت شادن ولوهلة شعرت يا أن سياف يملك حس كوميدي ولم تكتشفه
او انها ترى جميع سخرياته مضحكة لانها سعيدة به ، لتصمت ثواني وتردف بجدية :
بس انا ماودي اقول كيفك ، لأنك بتكذب علي وبتقول بخير وانا مؤقنة انك كذاب ومافيك من الخير شيء!
تنهد سياف وهو يمسح على وجه بكفيه بإرهاق وظن ان لدن أخبرتها بالسالفة ولكن استمر ينكر :
أفا ، ماعاش من يكذب عليك
قاطعته شادن بجدية :
لا تدعي على نفسك!
سياف اذا انا مو قدامك مو معناه ما افهم صوتك او ان في شيء صاير! - لتردف بخوف - لا يكون بنتي فيها شيء ؟
عقد سياف حاجبيه :
وش معنى بنتك هي اللي فيها شيء ؟
هزت شادن كتفيها بعفوية :
لان هي اللي تركتها
هز سياف راسه بخيبة آمل وهو يحتضن مخدتها :
بس هي اللي تركتيها ورحتي ؟ عجيب
فهمت شادن جيدًا انه متضايق ، والى ابعد درجة ايضًا
ماتبي تكون هي سببًا يزيده . وبيدها ان تخفف عنه قليلًا مايستاهل سياف وهو من بالامس لم ينام حتى برئ جِراحها !
همست بعد ان طال صمتهم مجددًا :
والله مو غنى لحالها
لكن يمكن هي الوحيدة اللي ترضى تطمن قلبي عليها! مو لا سألتها خذت سؤالي عنها بطنازة
قاطعتها سياف
وهو يشعر انه السماوات دفنت في حنجرته حتى بات يختنق . مجرى التنفس لم يعد يتسع لجريان الهواء
بات يستنثق همًا ويزفِّر ألمًا :
وش تبغيني اقولك شادن ؟ تبغين أقول لزوجتي بكل فخر تراهم قهروني بأمي وقلبي يفرّك موجوع على امي وعجزااان مابيدي حيلة ؟ كأنها بطولة ؟ انا بموت ياشادن بموت وماضنتي بذوق وجع أقوى من حرقتي على امي! تنام مضيّومة وانا اتفرج على شيء ما اقدر أنكره لأنه لا هو عيب ولا حرام بس عيبه انه هالشيء يوجعها وصار يوجعني من وجعها عليه!
خواتي ضايقة فيهم الوسيعة وانا مابيدي حيلة
حتى ما اقدر اواسيهم وش اقول ؟ الموضوع عادي بس عليهم فجيعة!
مسك جبينه بكفه من الصداع الذي داهمه بحدّة ، ليهمس بألم :
ما اعرف للبنات والله ما اعرف ، فوقه عندي موعد محكمة مارحت له وصرت اماطل فيه بسبة ظروفي!
ورأسي يا يذبحني يا اذبحه وادري من قل النوم بس عيني جافية النوم غصيبة مو برضاي
من الصبح على رجلي ماقدرت اجلس ، شلون يبيني انام ؟
وش اقول وش اخلي ؟ حياتي من وين ما أطقها عوجة . وان ماطقيتها ؛ طقتني
أخذ شمعة بجانبه تستقر على الكوميدينة ليرميها بالجدار بماؤتي من قوة . ليفرغ بها غضبه وهمه
كانت شادن صامتة وهي تسمعه بهدوء . حتى وصل له صوت ارتطام الزجاج بالجدار لتغمض عيناها بفزع
لا كتفها قريبة يستند عليها
ولا كفها قريبة حتى تمسح على جبينها وتقول هذا الوقت سيمضي
فقط تملك ان تكون مستمعة جيدة له
لعله يكفيه بسبب ظروفهم الشحيحة
همست شادن وهي تنظر للعمائر المضيئة وكأنهم في شوارع نيو يورك الصاخبة
بطرازها العمراني القديم منذ الستينات وكأنهم في مدريد
بطولها حتى باتت ناطحات السحب وكأنهم في هونق كونق
مظاهر عواصم تجمعت في عاصمة! يالعظمة باريس :
سياف امك مايلومك احد تشيل همها احد ولكن هي شالت همها قبلكم
ماهي اول مصيبة ولا حزن تمر فيه تعرف تتدبر امر حزنها افضل مني ومنك!
ولكن لا تزيد الطين بلّة وتحرقها عليك لا شافتك مهموم
الشيء الوحيد اللي بيفيدها انك تحسسها انت وإخوانك انكم جمبها وان كل اللي صار خيرة يوريها انها يوم طاحت ؛ ماتطيح وعندها عيالها يسندونها حتى قبل تنحني
ومواعيد المحكمة الله اكبر عاد! الموعد يجي بداله مليون موعد
والجلسة ماتوقف على قاضي واحد
مايسوى تضيق صدرك عشانه
ونمّ ياسياف نمّ! ولنفسك عليك حق ترا حتى امس بالليل مانمت الا بعد الفجر وصحيت بدري ياويلك من الله بنفسك
وخواتك مافيه ابسط من انك تبسطهم الموضوع مايبي له طبيب ولا خبير
لما تسأل عنهم أول بأول
يدك تمسح دمعتها قبل تطيح مو مهم تتكلم وتواسي يكفيهم انك تسمعهم والله يكفيهم ياسياف كتف حنون يسندون رأسهم عليه
اعظم من مواساة الدنيا بما فيها . أساسًا مايحتاج تسوي شيء هو بأنفسهم مؤقنين انهم محظوظين فيك!
قاطعها سياف هامسًا :
وانتي ؟
عقدت شادن حاجبيها :
وش فيني ؟
سياف :
محظوظة فيني ؟
ابتسمت شادن :
ياشينك تستغل المواقف لصالحك!
عمّ الصمت مجددًا ، ليهمس سياف بجدية وهو يتمنى ان تفهم ان موعد المحكمة التي تراه هين هو جلسة طلاق شريكتها :
لو ترجعين ويقولون لك سياف متزوج عليك وحاط على رأسك شريكة
وش بتسوين ياشادن ؟
أتاها سؤاله قاسيًا ، عقد لسانها واغلق مجرى تنفسها
يالجراءته يسألني ببرود





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-18, 10:03 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



{ منذ / قبل ساعة ونصف من الآن }
كانت واقفة امام المرايا الطويلة المتعدد وجودها في الصالة بكل مُكان
وفي كل جزء من الغرفة يضم مجموعة من الخريجات يتسرحون أمامه
أخذت عباءتها الزرقاء الموافقة لموديل عبايات التخرج المعتادة الى نصف ساقها
منفوخة الكتفين
قصة واسعة من تحت الصدر
اغلقت الزر الوحيد بعباءتها باعلاءها
مدت كفيها حتى تأخذ القبعة
وضعتها على رأسها بهدوء حتى لا تعدم تسريحة شعرها البسيطة
في ظل تركيزها بالمرآيا
زاحم انعكاسها الوحيد
انعكاس عاشرته خمس سنين بالغربة
بين طيات شوارع باريس
بين فصول الجامعة
قاسمتها في ليالي مِلاح سرير نومها ومخدتها
كان انعكاس رغد !
رغد اللي من بعد سفرتها مع زميلها ناصر الى آنسي
وأخبرت ريناد خطيبها معاذ بالحقيقة ( انها لم تسكن معها يومًا قط وهي الآن مع رفقة رجل آخر في مدينة اخرى ) بعد مافكرت بكلام كسار جيدًا ، لم ترأها ابدًا
لفت ريناد ببطء وهي ترى رغد تقترب بعباءة سوداء مبتغاها الستر وليس عباءة زرقاء مثلهم مبتغاها فرحة التخرج
كانت تضع طرحة تغطي بها شعرها مبتغاها الحشمة وليس قبعة مثلهم مبتغاها رميهًا عاليًا معلنين انتهى شقاء رحلة طالت ظ،ظ§ سنة
رغم انها خريجة مثلهم
اقتربت رغد حتى باتت امام ريناد
لفت رغد ببطء وهي تتفحصهم بدايةً من وجوه زميلاتها وهم ينظرون اليها بإستغراب مستنكر الى أطراف اقدامهم اللتي ترتدي الاحذية العالية وتبتعد عنها خطوتين للخلف بقلق من شكلها الشاحب ونظراتها الباردة
عادت برأسها لريناد ببرود بالعربية :
تعمدت آجل رحلتي الى اليوم اللي تشرفين فيه باريس ياسنيورة
خبرك بعد عملتي عملتك القذرة وانحشتي السعودية
فهمت ريناد انها تقصد إخبارها خطيبها معاذ قاطعتها بإندفاع :
اني قلت لزوجك الصدق بعد مانشب لي بشقتي ثلاث ساعات بسببك ، عملة قذرة
اجل اللي سويتيه لما سافرتي وش يكون ؟
رفعت رغد حاجبها بحدة :
سافرت مثل ماكل شخص بالدنيا يسافر
وش دخلك ؟
عقدت ريناد حاجبها بدهشة من سؤالها :
الحين انا وش دخلني ؟ لما خمس سنين تخليني يوم ورا يوم اكذب على زوجك ماقلتي وش دخلني . لما خمس سنين تخليني بتأنيب ضمير بسبب كذبي وأقول معليش عشان مستقبلها ماعليه ماقلتي وش دخلني . لما خمس سنين ما ارجع بالإجازة للسعودية عشان اهلك مايدرون من اهلي ان عندنا اجازة وانك مارجعتي ماقلتي وش دخلني ؟
مدت رغد سبابتها وهي تضربها بكتف ريناد ب غضب ساخر وهي تريد ان تطفئ شيء من غضبها بها :
محد طقك على يدي قالك طيعيني كنتي مثل الكلبة لأوامري وش اسوي لك ؟
صرخت ريناد وهي تدف يدها بقوة ودمعة تعلقت برمشها ؛ هلّتها بمجرد ماسمعت : كلبة
شدت أنظار البنات وهم ينظرون لهم باستغراب جاهل لأنهم لا يعرفون العربية :
انتي جاحدة
سويت لك كل اللي تبين بأسم انك صديقتي
ماصادقت غيرك
مافكرت يوم بعيوبك كل ماجاني شيء قلت اخت دنيا تمون وأنسى
دفعت عنك ايجار شقتك وأقساط سيارتك ونص مصاريف الجامعة وكل ماتروحين السوق تاخذيني معك بحجة ماتحبين تروح لحالك وانا ادري عشان ادفع عنك بس كنت اطوفها اقول صديقتي مابخلي في خاطرها شيء
وكل مرة اقول ماعليه هذه صديقتي مابينا فلوس ، وش الفلوس اصلا ؟ كله عشان ماتضايقين اهلك ماديا ومايخلونك تكملين دراستك
صرت الحين انا الكلبة والقذرة ؟ وانتي المظلومة وانتي اللي مستغلتني لمصلحتك
صرخت رغد بحرقة وهي تضرب رأس ريناد بشنطتها بكل ماؤتيت من قوة حتى سقطت قبعتها :
لا تذليني بكم قرش سديتي فم اهلي فيني وانتي فتحتي عيون خطيبي علي
اليوم كان المفروض أكون معكم خريجة
سحبت عباية ريناد بقوة وهي تحاول ان تمزقها : بس بسببك الحين انا وحدة مطلقة في العدة
بدل ما استلم وثيقة تخرجي
بستلم عقد فسخ نكاحي اخواني جو من السعودية يأخذوني بعد ماقالهم معاذ : ترا خذوا نتيجة تربيتكم
سحبت شعر ريناد بقوة وهي تضربها في المرايا :
اذا انا ماحضرت حفل تخرجي حرام انتي اصلا تعيشين
فتحت ريناد عيونها بصدمة دون ان تشعر بالآلم ورأسها النازف من الخلف نتيجة تكسر المرايا وجرحتها في فروة رأسها وهي تسمع خبر طلاق صديقتها
توقعت ان تكبر الأمور بسبب طينية معاذ ولكن ان تتطلق بهذه السرعة !
تراكضوا البنات المنتشرات بالغرفة وهم يحاولون ان يبعدون رغد قبل ان تذبح ريناد المستسلمة كليًّا
صرخت فيهم رغد بالفرنسية وطرحتها التي كانت تستر شعرها تمردت وسقطت على عنقها :
انها تستحق الموت ! فرقت بيني وبين زوجي
جعلت عائلتي يمنعوني من إكمال بعثتي وحضور استلام شهادتي
واليوم انا عائدة الى وطني كأني لم افعل شيء طيلة الخمس سنوات بسببها
هي من تلفقت علي بالتهم الشنيعة
وظن زوجي اني زانية
فتاة فرنسية كانت ممسكة بيد رغد التي تشد شعر ريناد وبمجرد ما انتهت رغد من جملتها
رمت يدها على ريناد بإشمئزاز حتى تكمل ما بدئته وهي تنظر فيها من اعلى للأسفل :
انتي حقيرة فعلا !
لم يكرهونك الطلاب عبثا بسبب أموالك وأنك ثرية فقط
كانت لديهم نظرة مستقبلية بخبثك
فتاة أمريكية اخرى مثل حال ريناد ورغد أتت لبعثة خارجية حتى تكمل دراستها
كانت تحتضن ريناد بعيدا عن يد رغد وبمجرد ماسمعتها
ابعدتها بعنف وهي تنظر لريناد بدهشة :
حتى صديقتك الوحيدة التي رضت ان تصاحبك لم تسلم من شرك
هل هذه أخلاقكم يالمسلمين التي طالما قلتوها لنا " قابل السيئة بالحسنة " ؟
قاطعتها فرنسية مسلمة بغضب وهي تنظر لريناد بطرف عين :
رجاءا تريزا نحن لسنا في نقاش الديانات . هذه تمثل نفسها لا تمثل الاسلام ولا المسلمين حتى انا في ديننا حرص الرسول الكريم بمعناه ب إن ليس منا من افسد على امرئ زوجته
شعرت ريناد بإنها لوهلة امتصت كل حزن فرد في باريس حتى امتلئ صدرها بإفراط من هول حزنها
صدمتها في صديقتها
نظرات الزميلات وكُرههم لها من اول بدون سبب والآن صار لهم سبب ؛ ياشماتتهم بها
كانت كفيلة ان تهدم فرحة تخرجها وتنسيها اصلا لماذا هي هنا اليوم
لم يوجد الا شخص واحد تريد ان ترأه الآن
شخص واحد هو من اجبرها على فعله
ستسأله هي صح او خطأ ؟
هل كان فعلًا صادق برأيه اما تعمد ان يغرر بها حتى يهدم حتى صداقتها بسبب علاقتهم السيئة
فقط كسار قادر ان يجيب أسئلتها
/

\
كان يجلس كسار على الكرسي مقابل لطاولة متوسطة الحجم
مربعة وفوق رأسه الحارس ب زيه الرسمي مُكتفين كفوفه بوقفة رسمية يداه مكلبشة بالحدائد وموضوعة على الطاولة مازال ب لبس السجن الرسمي بنطلون وقميص باللون البرتقالي وبجانبه محامي الحكومة ب بدلة رسمية مكوية نصف كيّ
اول ثلاث أزرار من قميصه مخلوعة من كثر الغسيل
لون البدلة ليس بالاسود ولا الرمادي نتيجة الصابون السيء
شنطته الموضوعة على الطاولة لو كان يستخدم كيس بلاستيكي لأفاده اكثر
ناظره كسار بإشمئزاز بنفسه :
ما ودي احلف انه مروج او قصاب كان ناسته اكثر ، هذه هيئة محامي حكومة ؟
كانت عيناه تنتقل تارة الى التليفون المعلق بالجدار بإنتظار اتصال يشفي غليل قلقه
والساعة التي فوقه تارة يتمنى ان تشلّ xxxxبها قبل ان تأتي جلسته
وعيناه تارة على الباب الذي يرّن بصرير كل مافتحه احد وفز ظنًا منه انه دخول سياف بالمحامي
تبقى على أخذ إفادته ربع ساعة ولا لسياف آثر
رن الهاتف الأحمر وفز كسار ب لهفة
تقدم الحارس ورفع السماعة
رفع رأسه وهو يأشر لكسار بإن يقترب
أخذ كسار السماعة من إذنه ب لهفة وهو متاكد انه لا أحد غيره : وصلت ؟
مسح سياف وجهه ب كفوفه بخيبة آمل :
من الصبح احاول أدور رحلة مالقيت كل الرحلات الدولية بالليل
واذا لقيت ، لقيت فيها محطة انتظار مو اقل من ثلاث ساعات ثم الى باريس
بتفوتني جلستك مابعد وصلت
ارتخت عظام كسار المشدودة من اليوم
وامله المعلق بسياف و ولد بالمهد بعد مكالمته الصبح
هاهو الآن يزفه ب تابوت الى قبره وهو لم يكمل ظ¢ظ¤ ساعة وبهمس :
يعني ؟
ناظر سيّاف ساعته وهو يحاول ان يحسب كم باقي هل يسعفه الوقت او لا ؟ :
خوال عيالي في باريس بتصل عليهم . علاقاتهم كثيرة ابسط الإيمان يتواصلون مع السفارة توفر بس محامي
اكمل وهو يحاول ان يطمن كسار بأنه لم يخسر شيء :
انا حتى لو جيت ؛ جيتي ما منها فايدة ما ادّل محامين عليهم السمعة بباريس
لو تسألني عن عنوان الشانزلزيه ولا متحف اللوع¤ر يجيني هبوط بالضغط لاني ما ما اعرف
سكر كسار في وجهه السماعة وهو لا يطيق ان يسمع حرف آخر منه هذا اسوء شعور عاشه بحياته كله
لف على الحارس بقلّ حيلة :
هل أستطيع تأجيل إفادتي الى الغد بالكثير ؟ لا املك محامي شخصي وبإنتظار أصدقائي ان ياتوا بمحامي - اردف مترجيًا وهو يرى ملامح الرخا في وجه الضابط الذي دخل بمنتصف كلامه - الى الغد فقط وبعدها حتى لو لم املك محامي لا بأس بمحامي من الحكومة
عقد الضابط حاجبه بإستفهام :
لا تملك محامي شخصي ؟ ولكن
قاطع الضابط
دخول محامي فرنسي طويل القامة
ب هِندام ينافي تمامًا هِندام محامي الحكومة
بدلة رسمية كُحلية ب ربطة عنق من نفس اللون . وقميص ابيض وفي يديه اليمنى شنطة سوداء واليسرى تحمل ملف
رفع صوته الجهوري وهو يرفع عيناه من الملف بإبتسامة واثقة :
انا محامي الاستاذ كسار
رفع كسار رأسه بصدمة
وهو ينتظر ان يدخل سياف بعده ويقول كانت هذه مزحة
غمض عيناه وفتحها مرة ب قوة وهو يظن انه يحلم
وعقله الباطن صور له المشهد الذي يتمناه ولكن كان كل شيء مثل ماهو
اتسعت ابتسامته وهو يضع شنطته على الطاولة ويفتحها بإستعجال ولم يكلف على نفسه ان يرأهم :
الآن استبيحكم عذرًا
اريد ان انفرد بموكلي حتى أتأكد ان حالته الصحية والنفسية تهيئ له تقديم أفادة سليمة خالية من تأثيرات عقلية او نفسية
في ثواني معدودة خلت الغرفة ولم يتبقى بها غيرهم
جلس المحامي دون ان يتكرم عليه بنظرة وهو يقلب في صفحات ملفه بعجلة وبيده الاخرى يراجع حججه :
سنحتاج في الجلسة الاخرى الى السائق
وسأحضر اشرطة المراقبة حتى تبريئك من هذه التهمة
ثم سأرفع قضية عليهم تعويض سوا ماديًا او اي شكل من الاشكال على الاذى الجسدي
والنفسي بالسجن دون جمع الأدلة الكافية لإدانتك
وعدم توفير الرعاية الصحية الكافية
قاطعه كسار باستغراب وهو يتحسس لسانه :
ولكن الآن انا بصحة جيدة
لم يكن هناك تقصير من مستشفى السجن
أليس هذا ظلم تو ممكن ان تنقلب القضية ضدنا ؟
رفع المحامي حاجبه بآستنكار من انه قطع عمله :
عفوًا ماغرضي اذا ؟ انا هنا حتى أخرجك بريئ ولذلك انا استلم أتعاب الجلسة ليست وظيفتي ارى أين الحق واتبّعه فأنا لست القاضي لو تقتل امامي لقلت ان يدّك هي من قتلت انت بريئ من افعالها
قاطعه كسار وهو لم يريده حتى يسمع من الغرض من وظيفته :
انا لم اكلفك ، من كلّفك بقضيتي ؟
زمّ المحامي شفتيه من ازعاج كسار المتتابع ، وب كذا لن ينهي شغله وهو من استلم ملفه قبل قليل بعد ان جمعه مساعده في غصون ساعات
رفع راسه بإبتسامة مجاملة :
انا محامي اعمال السيد ذعار الكسار بفرنسا . كلفتني السيدة الصغيرة ريناد . هل هناك اسئلة اخرى او أستطيع متابعة عملي ؟
/
*
\
أغلق خلفه الباب وهو يدخل مفاتيحه في جيبه
ضحك بقهقهة وهو يرى غنى تفتح ذراعيها بقوة بمجرد ان لمحته وهي في حضن صمود
جلس ذياب على ركبته اليسرى واستند على اليمنى وهو يفتح ذراعيه بنفس حركاته :
تعالي تعالي
قفزت من حضن صمود وركضت نحوه بخطوات غير متزنة
تارة تنحي لليمين وتارة للشمال حتى اصطدم جسدها في حضنه وهي تضحك
ضحك على ضحكتها وهو يحملها ويقف
توجه الى ابيه الجالس بصدر الصالة وأمامه طاولة تحمل اوراقه وجهاز التحكم
قبل ذياب رأسه وهو يضع كفه على كتفه حتى لا ينهض :
خلك يا ابو ذياب مستريح ، وش اخبارك ؟
هز خالد رأسه بإمتنان :
يا رب لك الحمد بخير وعافية
لف ذياب بإبتسامة حنونة وهو يصافح صمود متعمدًا ان ينرفزها :
وش اخبارج عميمة ؟
ضربت صمود كتفه ب حرّة بوجه عابس ب عتب :
ملاقة ذيابوه !
اشرت بحجم صغير على سبابتها وهي تردف : انا هالكبينةِ وتقول لي عميمة ؟
ابتسم ذياب بمجاملة وهو لا يطيق ان ينبس ب بنت شفة
كل محاولاته قبل قليل بإن يظهر بمظهر طبيعي أمامهم ويتجاوز حزنه بائت بالفشل وبانت على مُحياه
جلس وفي حضنه غنى وهو يمرر ظهر سبابته على خدها ب رقة
ابتسمت صمود بشاعرية مصحوبة بتنهيدة وكفيها تحت خدها :
الله يجيب اليوم اللي اشوف معك ولدك خلودي
ابتسم ذياب دون ان يرفع رأسه على هالطاري
الذي يقتحم قلبه بشعور من الـلذة الذي لا يعرف عنها الا اسمها وبعضًا منها من غنى ابنة اخته
يتخيل لو عاشها حقيقةً ؟ لا يعلم ولكن يتوقع لن تسعه الارض بما رحبت من سعادته
ويؤمن من تجربة ضليلة بسويعات معدودة مع غنى ان لو جردوه من منصبه
من شهاداته
من ومن ومن كل شيء لكفاه شرف انه ( أب )
ترك خالد الأوراق من يده وهو ينظر بعمق لذياب وأمنيات صمود فتحت عينيه :
وش ناقصك يا ذياب ماتعزم وتفتح لك بيت وتكمل نص دينك ؟
ضحك ذياب بدهشة من الطاري المفاجئ !
ظ¢ظ© عامًا من حياته لم يفتح له طاري الزواج بجدية
واذا انفتح أغلقته شادن بعنفوان غاضب
حتى في طفولته ماقد سمع " جعلني اشوفك عريس ، تدخل علي بعيالك " الا من خالته ندى اذا دخل عليها من صلاة الجمعة مع سياف
ماقد سمعها قط من امه !
ماكنت تريد ان يكبر وتكبر معه وتموت تلك الفتاة المراهقة فيها .
مستعد يحلف بأغلط الإيمان ان فكرة أنجابه هو وشادن كان أمر خارج الحسبان وبالخطأ !
قبّل خد غنى لما اخذتها صمود من حضنه بسخرية :
اذا وافقت شادن ماعندي مانع
ضحكت صمود وهي متوجه الى الأعلى تارك اخوها وابنه على راحتهم :
عز الله ما اعرست اذا كان الموضوع بيدها
عقد خالد حاجبه بإستنكار :
وشادن وش دخلها ؟
هاهي عند زوجها ولها بيتها وبنتها ما اشوفها قالت اخوي اذا ماوافق مالي مزاج بالعرس
ضحك ذياب وهو يمسح بكفوفه وجهه المرهق :
للاسف لو اني مو موافق وب رضاي ماكانت اعرست والحين صارت أم
ما صابت معك يا يبه ، هذه علاقة طردية / احتياج اللي بيني وبين شادن مالها الا انا ومالي الا هي
طول عمري وانا لها ب غمضة عين اصير لاهي في حرمة وعيال عنها ؟ عز الله وقف قلبها
لف خالد بجسده كله تجاهه بجدية :
وانا ابوك العمر يركض ، استغل شبابك بتربية الأبناء ماهو لا كبرت توك تفكر
يكبرون وانت مالك شدة عليهم
انا يوم كنت كبرك كنت انت وشادن على كتوفي
ابتسم ذياب ابتسامة حقيقة وهو يضع كفه تحت خده :
اذا انت معزم تعرس معي ، اعرست ويصير عرسنا ب ليلة وحدة
ضحك خالد على طاري الزواج الملغي نهائيًا من قائمة اولوياته بعد غزل :
كان يوقف قلب اختك صدق
همس ذياب وهو ينظر الى تقاسيم وجه ابوه التي تغيرت بمجرد موضوع زواجه
حتى وان ابتسمت لم يستطيع ان يسيطر عليها :
الى الحين واثق من رجعة امي ؟ وانها لو رجعت ، بترجع لك
تكلم خالد بإقتباض وهذا الموضوع يأخذ من صحته ، من سنين عمره بذكرياته المرة من 12 سنة قضاها بحل وترحال ، وكل مارجع شم ريحتها بعياله . كأنه يدور على حرّق دمه :
من قالك ابيها ترجع ؟ امك اذا رجعت ماهي براجعة لي . هي ما انحاشت الا عايفتني
ابتسم ذياب على الموضوع الذي لاول مرة من 12 سنة يفتحه ابوه ، ويفتح معه قلبه له :
تحبها ؟
أخذ خالد الأوراق الى حضنه ، وبعصبية مصطنعة يحاول ان يكتم بها ضحكتها على شكل ذياب :
اقول قم انت ماتنعطى وجه الهيتيني عن شغلي
نقز ذياب من مكانه ، الى جانب ابوه وهو يمسك ذراعه مبعدها عن الأوراق بترجي :
طلبتك يبه قول لي ، ماقد سولفت معك وانبسطت كثر الحين
رفع خالد رأسه الى ذياب ، وندوب الحنين الذي حاول ان يخفيها جاهدًا تعرت :
مافيه واحد بيعيش مع وحدة وهو مايهتويها ، امك حتى يوم باعتني انا مازلت شاريها بماي عيني
امك وانا عايش معها كانت تخطي خطايا هالكبر - وسع ذراعيه بشكل كبير وهو يكمل - وماكنت اشوفها شيء ، كنت اقول طفلة تكبر بكرة وتعقل - رفع رأسه ونبرة حرّقة اشتعلت في حنجرته وهو يردف جملته الاخيرة - ويوم كبرت راحت من يديني
ضوق ذياب عيناها وهو يرى حياة ابوه للمرة الثانية على التوالي تتكرر امامه عينه :
اجل شادن وسياف ماهم بعيدين عنكم ، التاريخ يعيد نفسه
رفع خالد رأسه بقوة وهو يهيزه بالنفي :
سياف يشبهني يمكن ، اما شادن غير !
امك ماكانت تحبني ، كانت تحب حبي لها
اما شادن طاري سياف لوحده يأخذ نفس صدرها كله ب لحظة ولا يرده ، شلون بسيّاف نفسه ؟
ضحك ذياب بإنبهار وهو يضرب كفيه ب بعض ، ويأشر بسبابته تجاه ابوه :
هاه يبه شفت ! حتى انت تدري ومؤمن بقرارة نفسك بحب سياف لشادن ولا ماكان رضيت تشبهه بنفسك وبحياتك
ضحك خالد وهو ينظر لحركات ذياب المنتصرة بطرف عين :
لو ما ادري ومقتنع ماكانت هي للحين على ذمته . ولو ما ادري ومقتنع ماكنت شلوطته ب عقالي بكل مرة لا قرب عند بيتنا
مسك ذياب رأسه بقهقهة وهو يتذكر معاناة سياف وابوه في طفولته :
ياويلك من الله يا يبه ! انا متأكد كل اللي انت فيه هو حوبة سياف فيك . من يدخل شارع يلقاك واقف عند الباب ب عقالك ان قرب جلدته وان لمحته هاوشته
وكل ماشفناك بعد الصلاة واقف مع خالي سلطان درينا انك تشتكي له سياف
ضحك خالد وهو يتذكر تلك الأيام ، الذي كان فيها اكبر همه ان يتعلق سياف بشادن او العكس
وهو لا يضمن ظروف الأيام :
كان من يلمحني سلمت وقمت من الصف الاول الى سلطان
حتى لو كان في الركعة الاخيرة يقطع صلاته ولو كان مسلم معنا يحذف نعاله وبكل الحالات يركض لبيت ندى . يحتمي بها لا جاء سلطان يجلده
ناظر خالد ذياب وهو يتأمل شنبه الذي خط في سن المراهقة ، ودقنه الذي يصاحبه شعيرات بيضاء قليلة من ضغوط العمل و النفسية ، صار ينافس بطوله . طول ابوه . اصبح في بيت مستقل ب شهادة وعمل . اصبح يفتخر به كل مادخل صدر مجلس " هذا ولدي وأول فرحتي الدكتور ذياب "
ماعاد ذلك الفتى الصغير برفقة سياف وجلوي . يرأهم وهو عاد من عمله في مقدمة الشارع يلعبون كرة مع أبناء الحارة . وينهرهم حتى يستعدون للصلاة بعد ما تجاهلوا اذان صلاة المغرب حتى ينتهون من الشوط الثاني ويحسمون النتيجة ولكن كان خالد في نظرهم " هادم اللذات "
وسياف لم يعد ذلك المراهق الذي يتعمد ان تكون جمعتهم في بيت خالد حتى يرى شادن . كان يعلم بالعواقب لهذه الجمعة ستنتهي ب توبيخ خالد ان شادن كبرت ولعبهم سويا الآن لا يليق وضرب سلطان لانه يفشله مع نسيبه . ومع ذلك يتحمل المخاطر مطبقا " لأجل عين ، تكرم مدينة " بحذاريفها
والآن اصبح زوج ابنته ، وأب حفيدته . ورجلًا على مشارف الثلاثين
لم يبقى شيء كما كان . الا خالد الذي مازال ينتظر غزل على الاطلال
قطع خالد الصمت وهو يردف بتفكير عميق :
اقولك شيء ولا يطلع برا هالصالة عشان ما احش لسانك
ضحك ذياب وهو يأشر على فمه بسبابته بمعنى الصمت
رفع خالد الأوراق من الطاولة وهو يرتبها بإبتسامة حنين للأيام الخوالي :
من مسمي شادن ؟
هز ذياب كتوفه بلا مبالاه وبتخمين بديهي :
يا انت يا امي مايبي لها
ضحك خالد وهو يهز رأسه بالنفي :
ايّام حمل امك كان جلوي وسياف عندنا في بيتنا ، انتم تلعبون بالحوش وانا مع امك فوق وطنقرت على جية سياف لمنا ودخلت غرفتها زعلانة :

( قبل 24 سنة من الآن - في شقة خالد & غزل )
دخل سياف ذو الخمس سنين من الخارج وهو ينظر بإستنكار الى عمته الصغيرة التي وقفت غاضبة متوجه الى غرفتها دون ان تلقي له بال مثل عمته ندى التي مجرد ماتشوفهم مقبلين تركض لهم بما لذ وطاب
وجهه أنظاره الى خالد الذي كان يتنهد بهمّ وهو يمسح بكفوفه وجهه
ابتسم بمجاملة وهو يرى سياف ينظر لهم باستغراب :
تبغى شيء ؟
عقد سياف حاجبيه :
خالي خالد عمتي غزل زعلانة عشانا عندكم ؟
ضحك خالد على سياف الذي يشابه ابنه ذياب وعقولهم تسبق سنهم :
هي تعبانة عشان في بطنها اخت ذياب مو منكم رح العب مع عيال عماتك
هز سياف رأسه بالنفي بحنية نضجت فيه من صغره :
ما اروح لين تسامحني عمتي
تنهد خالد وهو يسحب جريدة من جانبه مهملة لسياف بتصريفة رغم انه مايعرف القراءة لصغر سنه :
عمتك زعلانة مالقت اسم
انت دور اسم وانا اعلمها وبتستانس
رفع سياف رأسه دون ان ينظر للجريدة بعفوية طفل :
عمتي ندى تقول الأولاد نمور والبنات غزلان . سموها غزال
ضحك خالد وهو يسايره :
مايصلح نسميها بأسم حيوانات بعدين غزال اسم كبير وهي بنت صغيرة لازم اسم صغير
جلس سياف جانبه بإصرار متذاكي :
خلاص سموها زي بنت الغزال ، سموها شادن ! )

ضحك ذياب بصدمة وهو يسمع القصة لاول مرة بحياته من ابيه :
توني ادري ان من سمى شادن سياف !
وقف خالد وهو يمسح بكفوفه وجهه بعد ان تأخر عن موعد نومه ، وأخذته السواليف مع ولده بإستنكار وهو يتذكر لحظة ولادة شادن :
كانت امك تبي تسميها اسم ما انزل الله به من سلطان مدري من لاعب عليها فيه ، واصريت مانسميها الا شادن عشان خاطره
اردف ذياب بتردد وهو الى الآن مازال يفكر بموضوع ابوه بإلانتقام لخواله ، بعد فعلتهم بشادن :
يبه
لف عليه خالد بإستغراب :
سمّ ؟
وقف معه ذياب وهو يقترب معه الى الدرج :
سم الله عدوك ، سؤال افكر فيه من يوم علمتني عن اللي سويته . انت ماخليت احد بحاله الا سياف ؟ وش معنى ؟ مع انه مفروض هو الوحيد اللي مايسلم لو كنت تبي تعاقب احد على حزن بنتك !
وقف خالد وهو يسمع سؤال ذياب دون ان يلتفت ، ماكانت الإجابة صعبة بالنسبة له ك أب ولكن صعبة على ذياب ان يستوعبها وهو عازب :
لا ضريت وأذيت سياف ، كأني ضريت وأذيت شادن ، كأني ضريت حفيدتي
ويدي ماتطاوعني ان ألكا جراح بنتي على حساب ابّوتي !
انا ابوها صح ، ولكن بعد هو ابو بنتها - همس وهو يخشى ان يصارح نفسه بغيرة اب فطرية على ابنته - وتحبه . اذا اوجعته بتحس بأضعاف وجعه
تركت اول العالمين
عشاني ما أقوى اضحك بوجه بنتي وانا موجعها
اكمل خالد وهو لم يسمع اي رد من ذياب وكأنه غير مقتنع ولكن لن يلومه مازال لم يصبح اب حتى يفهم مايقوله :
تصبح على خير وانا ابوك
همس ذياب وهو يتوجه الى الباب الخارجي بتفكير بكلام ابوه :
وانت من اهله يا ابو ذياب .
/
*
\
اتسعت عيناه بصدمة أقرب للدهشة وهو يسمع اسمها على لسانه
لم تكن امه ولا ابيه ولم تكن سفارة دولته المكفولة بسلامته ولم يكن عمه ولا اخوه من كانوا بمثابة ذراعيه
كانت من ترأه ألد اعدائها هي من تولت آمر قضيته
بيوم من الأيام جرح جبينها واليوم هي تخيط جرح كرامته
ان يتقبل شيء من ريناد هكذا المحامي آمر صعب عليه
وقف بقوة حتى سقط الكرسي من خلفه وهو يتوجه الى الباب تاركا المحامي على الطاولة :
اذهب واخبر سيدتك الصغيرة اني لست بحاجة لأحدًا
عقد المحامي حاجبيه بشك :
هل انت متاكد ؟
وقف وهو يجمع اوراقه بلا مبالاه في شنطته خرج ومن خلفه كسار
وقف المحامي بإستنكار وهو يرأها على الكرسي بجانب غرفة التحقيق :
سيدتي ماذا تفعلين هنا ؟
لف كسار بقوة من وجهه الشرطي الذي كان يكبل يديه بالأصفاد وهو يسمع المحامي
سقطت عيناه عليها وهي جالسة ب عبايتها الزرقاء وقبعة تخرجها في حضنها
وآثار الكحل السائل كمن امتد من بيروت الى الصين وهو يرأها سائلًا من طرف عيناها الى نص خدها
وارنبة انفها تلونت بالإحمرار كلون شفتيها والفرق بينهم ان شفتيها من آثار مسحوق التجميل اما انفها من شدة البكاء
لم يخطر على باله وهي هكذا الا ان الجامعة احترقت وهي تبكي على عدم إقامة حفل تخرجهم
لأنه يعرف بأن ريناد تافه
قاطع حديث عقله اقتراب ريناد بخطوات غير مبالية بقعبتها التي سقطت على الارض حتى تقف امام وصدرها تارة ينخفض ويرتفع من شهقاتها
همست ريناد وهي تُمسح عيناها والحروف تخرج بصعوبة من بين شفتيها المرتجفة :
انا وش سويت لك عشان تأذيني فيهم ؟ المرة الاولى خسرت مشعل بسببك والمرة الثانية خسرت رغد واحترام زملائي كلهم بسببك
انت كيف تنام الليل بدون ماتخاف اني ادعي عليك ؟
عقد كسار حاجبيه وهو لم يفهم شيئًا من كلامها :
ما اخاف لأني ماسويت شيء غلط
فتحت ريناد عيونها بدهشة كانت تدري بإن كسار وقح ولكن الآن تيقنت :
سويت اللي انت قلته علمت معاذ - صرخت بحرقة - بس طلقها بسببي خمس سنين وانا قادرة احافظ على بيتها ولما جيت انت انهدم على رؤوسنا
وتقول ماسويت شيء غلط ؟
قدر كسار ان يمسك بمربط الفرس ان السبب هو موضوع رغد ولكن لا يعلم التفاصيل وسؤال ريناد في حالاتها هذه خطر
رفع حاجبه مستنكرًا :
الطلاق شرع من شرعية ربي
لا هو عيب ولا حرام ولا غلط
حاله حال الزواج
لا انا ولا انتي لنا دخل هو شاف انها ماتناسبه وانفصلوا بالحسنى
اردف بغضب وهو يرى الجميع ينظر لهم بإستنكار والشرطي ينهره بالفرنسية بسبب صراخ ريناد وهو من المخالفات :
انتي صح وهي غلط وش قاعدة تبكين عليه ؟
بلعت ريناد ريقها وكلام كسار مثل ماء بارد
جرف معها دموعها المُنسابة لتحاول تجفيفها وهي تنتظم بأنفاسها



وهي تسمعه يجيبها قبل ان تسألها :
انا مو قاعدة ابكي عشانها انا قاعدة ابكي على نفسي
اني مغفلة مو طيبة وأنها خبيثة مو صديقة
قاطعها كسار بجدية وهو الى الآن لم يفهم ماذا تريد منه :
ريناد ليش جيتي لي ؟
رفعت ريناد رأسها تائه بقل حيلة وهي ترى في وجه كسار ظآلتها :
انا ماعرفت اروح لمين
مشعل تزعزت علاقتي معه من بعدك رغد طلعت حقيرة أكثر منك
اهلي ينتظروني في قاعة تركتها وجيتك ومو قادرة ارجع أحط عيني في عينهم ولا وحدة من ناس عشت معهم خمس سنين لقيتها تطبطب على كتفي بعد كلام رغد
سقطت عيناها في عينه بعد ان ذرفت دمعة حالت بين وضوح الرؤيا بينهم وهي تنتهد :
ليش كل أشيائي السيئة قاعدة تصير بسببك ؟
انحنى كسار بيديها المصفدة بالحدائد
وهو يحمل قبعتها من الارض ويضعها على رأسه بهدوء :
هذه المرة الأخيرة اللي ابيك فيها تسمعين كلامي وماراح تندمين
ابتسم بضحكة :
ولا راح تصير أشياء سيئة بسببي بعد
اردف بجدية وهو يبتعد بعد ان وضعها بالشكل الصحيح :
روحي حفل تخرجك
استلمي آخر شيء تذكرين فيه باريس بالخير
روحي اذا مو عشاني عشان ديرتك اللي تبيك ترجعين رافعة رأسها بعيالها عشان امك وأبوك
عشان خاطر كل ميل قطعوه لعيونك
هم مايستاهلون تحرمينهم شوفتك تستلمين شهادتك عشان انسانة ماثمرت فيها تكون صديقتك
لو انها عملت بآصلك كان كسبتك ولكن عملت بآصلها وخسرتك
بكل الحالات انتي الرابحة !
ناظر الساعة المُعلقة وتكريم الخريجين لم يتبقى عليه الا خمس دقايق :
روحي ياريناد روحي
شيئًا ما بداخلها استقيظ لن تكون " طيرا شكا من قفص وبكى في سجنه وانتحبا ثم لما فتحوا الباب لهُ قائلين اخرج من الأسر أبى "
وان كان كسار كريه ولكن كلامه سليم
مسكت قبعتها على رأسها بيدها وركضت من باب المخفر متجهه الى جامعتها مبتسمة رافعةً رأسها تنظر بإمتنان الى امها وأبيها قائلًا : صح انا بنت وحدة ، ولكن كل شيء تمنيتوه على عشر بنات صار فيني
ان كان هناك شيئا سيسترد حقها من رغد باستثناء المحكمة لان القانون لا يحمي المغفلين سيكون بحضور شيئًا لم تستطع ان تعيشه فقط ترأه بأحلامها
وتسمع صدى اسمها على منصة الحفل من جدران شفتيها
وتستلم شهادتها عندما استلمت رغد تذكرة طائرتها المتوجه الى ديارها
/

\
وقف ذعار بغضب وهو يرى ان مضت على التكريم عشر دقائق :
مشينا
وقف جلوي برفض وعيناه على الباب الذين دخلوا منه الطلاب بطول صبر :
يبه صبرنا الحفل كله ماراح تصبر دقيقتين ؟ متاكد بتجي والله بتجي بس اصبر
رمقهّ ذعار بحدّة وهو ينظر الى ساعته :
صبرت الحفل كله مابقى شيء وينتهي وأختك مابينت
الظاهر اختكم ماينفع فيها المعروف لما ظنيت انها صارت آدمية وبتترك الاستهتار وبتحس بالمسوؤلية كنت غلطان
حاربت كل من تكلم فيني بالمجالس ليش تارك بنتي في ديرة غرب
واقول تجي بكرة بالشهادة رافعة رأسي وأسد بها حلوقهم
مسكت ندى كف ذعار بترجي وهي تنظر لطلاب بتفحص ، لعل ريناد بينهم ولم يرؤوها :
تكفى ياذعار طالبتك انت تعرف بنتك اكيد متاخرة في الصالون ولا راح عليها الوقت
اصبر الله يهديك
قاطع ترجيهم وخيبة أمل ذعار بهذا المشهد الذي يخطط له منذ 5 سنوات ان يرى ابنته الوحيدة تحمل الشهادة الجامعية بجامعة احلامه امام عيناه ولكن أغُلق الباب قبل ان يرأه يخرج من ذلك الدرج الطويل الى المسرح مستلمًا شهادته
صوت شادن بدهشة :
ريناد
رفع ذعار رأسه بقوة وهو يرأها تخرج من الباب لوحدها
بإبتسامة هادئة وكأنها تمشي على غيم السماء من رقة خطواتها
تنظر تارة لليمين بإبتسامة واثقة وتارة لليسار بفخر
هدئت الأصوات الى ان اختفت
وصمتت مقدمة الحفل
وتارة حتى تعالت تصفيق الايدي بحرارة
وهم يرؤون فتاة تخرج لوحدها بعبايتها الزرقاء مودعة خلفها سهر وشقاء 5 سنين قضتها بين رائحة الأوراق وحبر الاقلام
اعادت مقدمة الحفل اسمها عندما اقتربت ريناد من المسرح
وقفت الدكتورة من كرسيه حتى تسلمها شهادتها
صافحتها بإبتسامة على مكر ريناد في ظنها :
آه منك إيتها الشقية
كنت تريدين ان تكوني لوحدك حتى تتميزين مثل ماكنتي دومًا
ضحكت ريناد وهي تهز كتفيها بلا مبالاه مصنطعة وبنفسها " والله ماتدرين " :
ماذا افعل اذ كنت خُلقت ماكرة ؟
لفت برأسها للمصور وهو يلتقط لهم الصورة الاخيرة بين زوايا هذه الجامعة
وقفت ريناد امام كرسيها وهي تعد مع زملائها بصوت مرتفع :
1
2
3
صرخوًا جميعها وهم يرمون بقبعاتهم للأعلى لتصطدم بالسقف الذي شهد جميع أيامهم بضحكهم جميعًا في سويعات الصباح المتأخرة بعد طردهم متأخرين
بغضبهم من اسئلة تفيق قدراتهم
بمزاحهم مع اساتذة كانوا لهم الام الحنون
بتحضيرهم لمسيرة تخرجهم
بمراجعتهم الاخيرة قبل دقائق الاختبار
كل سر كتموه ؛ استمع له
وكل خبر تناقلوه ؛ تشربه
وهاهو اليوم تصطدم قبعاتهم به
ليودعهم
مودعين معه 17 سنة ذهبت في سبيل العلم لينالوا به رفعه
سقطت القباعات عليهم مجددا بعد ان رد لهم السقف امانتهم
أخذت قبعتها ونزلت من المسرح وهي تبحث بعيناها عن اَهلها في عراك الازدحام
لفت بقوة وهي تسمع صراخ ذعار وندى أطفال اخيها يهتفون بأسماءها وهم على كتفي مقرن حتى تراهم ريناد
ضحكت وهي تركض بخطوات سريعة ثقيلة من آثار حذاءها العالي
حضنت امها وهي تقبل رأسها وتمسح بكفيها دموعها :
يمه تكفين وش يصيح الحين ؟
ابتسمت لابوها وهي تقبل رأسه بفخر وسندت رأسها على كتفه :
اتمنى ان هديتي جاهزة
ابتسم ذعار وهو يمسح على شعرها :
كانت بتكون على رأسك لو تأخرتيدقيقة زيادة
صافحت مقرن بإمتنان على مباركته الهادئة كعادته
وربى التي مدت لها كيس هديتها مع باقة من ورد البوربون باللون الأصفر التي تفضله ريناد وهي تشم رائحته المميزة بحُب :
الله يبارك فيكم نردها لكم في تخرج ندو
رفعت شادن يدها للسماء بقهر مصطنع :
لك الله يا بنيتي
ضحكت ريناد وهي تضم شادن بقوة ماكانت الا ثواني حتى انهارت ريناد في حضنها وهي تبكي بحرّقة
رفعها جلوي من حضن شادن بقوة مستغربًا :
وش فيك صاير شيء ؟
عقد مقرن حاجبيه بشك من شدة بكاءها :
احد قايل لك شيء ؟
مسحت ندى طرف عيناها بخوف ان ريناد تبكي من كلام ذعار :
يمه ابوك ماكان يقصد يمزح معك !
وان تاخرتي وش صار قامت الدنيا ؟ الله واكبر ينتظر حفلهم لين تشرف بنتي ولا ماله قيمة
ضحكت ريناد وهي تدفن رأسها في عنق امها :
مافيني شيء
خزها ذعار بنظراته المعتادة حتى اعتادتها ريناد ولم تصبح تراها مخيفة بل سمة من سماته :
واللي مافيه شيء يصيح كأن ميت له احد ؟
ابتسمت ريناد وهي تشوفهم حولها بيوم مهم مثل هذا اليوم
خوفهم الذي رأته في عيونهم قبل ان تنطبق به حناجرهم
تخيلت لو انها لم تطع كسار ولم تأتي !
لندمت طول عمرها انها فوتت ليلة من اجمل ليالي عمرها
كذاب من يقول ان ليلة العمر هي ليلة الزفاف
لو تجرء ان تحلف لا حلفت انه لم يذق لذة ليلة التخرج :
انا ابكي لأني احبكم
انا ابكي على حسن حظي أنكم اهلي
ضرب جلوي رأسها بكفه بإبتسامة :
ماكذبت يوم قلت ام دميعة
ابتسمت شادن وهي ترأهم جميعًا
هي بنظرهم فرد من أفراد هذه العائلة
لو تحلف ان كأس الماء يصل شفتيها قبل ان تقول " عطشت "
لم ينقصها شيء طول ماهي تحت جناحهم
لو تملك عائلتها كاملة الآن بوجود امها وأبوها تحت سقف واحد ولذياب غرفة تجمعه معهم وليست شقة مستقلة
ماقدروا يسعدونها مثل عائلة ندى
ولكن شعور هادم للذتها يقتحم قلبها في كل مناسبة
شعور بإنها غريبة بينهم ولم تنتمي يومًا لهذه العائلة
وان عاشت بينهم ظ،ظ¢ سنة آخرى
لن تتجرد من هذا الشعور
آمنت بإنها الحقيقة
وليس شعور يراودها
مجرد ماترى لحظاتهم سويًا
حتى ان خالطها هدوء مقرن وبرود ذعار وسخرية جلوي
الا انها لذيذة! تلتزم الصمت
تتمنى لو انها الآن بين امها وأبوها
هل بتشعر بأحساس آخر ؟ اكيد ولكن لا تعلم ماهو
تجهل احساس العائلة تسمعه فقط من شفتي ريناد
احساس ماشعرت به الا لما جعلت سياف وغنى عائلتها من كم شهر
شعرت بإن مكانها هنا
هذه عائلتها
رغم نار سيّاف الا انه راحتها
ورغم جنة اهلها الا انه سبب حزنها
حالها يشابه " سجين يحب سجانه خسر حريته لكن لقاها وسط زنزانته "
ابتعدت بهدوء عنهم وخرجت بعيدًا عن الإزعاج وهي تبحث بجوالها عن رقم سياف !
/
*
\
دخلت غرفتها بعد ان تسللت من جمعة اَهلها بعد العشاء على القهوة كعادتهم
اغلقت الباب خلفها بالمفتاح مرتين حتى تضمن ان لا احد يقتحم خصوصيتها
تحسست يدها بعد ان فكت جبيرتها بنفسها قبل موعد الطبيب المحدد بإبتسامة انتصار
جلست على سريرها بعد ان فتحت شاشة لابتوب لمى وهي تفتح صفحة محادثاتها مع المجهول
تأففت بضجر وهي ترى ان مرت ايّام ولم تستلم منه اي رد على سؤالها :
وش تبغى مني ؟
المعلنة به رآية استسلامها
فزت من مكانها برعب
وهي ترا المحادثة تنير ب رسالة جديدة رغم انها لم ترى انه كان يكتب
فجاءة اجابة لسؤالها بالوقت الذي كانت تنتظره وكأنه يشعر بها :
" اكثر من اللي تبغينه "
كان جوابه مبهم بالنسبة لها
ولكن فضولها أقوى
لتكتب باندفاع مندهش على لوحة المفاتيح بسرعة وكأنها تخشى اختفاءه مرة اخرى من المحادثة :
وش دراك باللي ابغاه ؟
تجاهل سؤالها وهو يرد بسؤال آخر :
وش كنتي تبين توصلين له من حسابك ؟ تبنين لك مستقبل ؟ شهرة ؟ اثارة جدل ؟ ولا إذنك كل ما صب فيها كلام خرّته في مواقع التواصل الاجتماعي ؟
بعيدًا عن رسالته
تعجبت افنان من سرعته بالكتابة وكأن اسئلته جاهزة وعارف إجابتها !
كتبت بعفوية :
مقصدي شريف ، اشرف من فعلتك فيني كنت ابي اطهر الوسط الإعلامي من قذراتهم!
كالعادة في لمح البصر جاء افنان جوابه :
شفتي هدفنا مشترك انا ايضًا ابي اطهر الوسط الإعلامي
ولكن انا اطمح لاكثر منك
ضحكت افنان بسخرية اذا هدفه شريف مثل هدفي
وش الفائدة من التشهير فيني والتفضيح ؟ هذا يتوقع انه يتفق مع طفلة بخمس سنين يلعب / يكذب عليها بكلامه ؟
سألت أفنان بتهكم ساخر متوقعة اجابة تقليدية منه :
عفوًا! تطهره من مين ؟
جاءت الإجابة سريعة تنافس سرعة الضوء
ولكن لم تكن سريعة لتظهر على الشاشة فقط
لا ، سريعة كفاية حتى تغلق افنان شاشة الكومبيتر بكل ماؤتيت من قوة وهي تلهث في مكانها!
لم تركض
لم تبذل مجهود
ولكن حروفه كانت اشبه بماراثون خطف انفاسها
كانت إجابته ماتشكل حتى جملة ؛ ولكن كفيلة بإن ترعبها
كانت إجابته :
" منك انتي! "
انا ؟ ليش انا! وش سويت لهم ؟
وقفت من سريرها وهي تتوجه بعرج دون ان تشعر للخلف حتى اصطدمت بسرير لمى وسقطت عليه
وهي تنظر للجهاز الموضوع بعيدًا على سريرها وكأنه قنبلة مؤقتة ستنفجر
و وضعت في متناول الأطفال
مسكت رأسها بكفوفها بآلم مرعوبة الى هنا وكفاية
بأي متاهة أقحمت نفسها ؟
لازم تعيد ترتيب هذه اللعبة وتعرف هي في اي وسط
من خصمها ومن رفيقها ؟
ماهي غنائمها وماهي خسائرها ؟
ولكن لا بأس
جيتوني في وقت انا انسانة فارغة لكم تمامًا .
/

\
مازال واقفًا في مكانه وهو ينظر لها تركض بعباءتها وحذاءها في يد وقبعتها على رأسها
متشبثة فيها بيد
عبرت ريناد بوابة القسم وهي تسترق النظر تارة له وتارة لطريقها
لف كسار على الشرطي الذي امسكه مع ذراعه متوجه الى غرفة التحقيق
تاركًا المحامي خلفه ينظر لهم بدون اي ردة فعل . مصرّ على رأيه
انه لن يحتاج لمعروف من ريناد
لن يسمح بأن تتغلب عليه بإحسانها بينما يبدو هو الارذل الخسيس
وهي تعلم بداخلها جيدًا ومقرة بذلك
حتى في ذروة حزنها ضربت المثل بحقارة رغد فيه
دخل غرفة التحقيق
وهو يجلس على كرسيه وعيناه تنتقل الى الأشخاص الذين كانوا جميعًا في انتظاره
- سائق التاكسي
- محققين
- شرطي يمسك به
- وكرسي فارغ! كان المفترض ان يكون لمحاميه
ولكن خسره بنفسه وهو يدري انه الخاسر الأكبر بهذه القضية بعدم وجود المحامي ولكن يكفيه ان يكون رابحًا بحق كرامته
ولكن يتمنى ان يفيده وجود سائق التاكسي
ويشهد وينتهي من هذه المعاناة
ويتكفل ربه بأمره وهو متوكل عليه حق توكله متيقنًا ب " من توكل على الله كفاه "
وهو يتذكر امه بكل لحظة يشيل هم شيئًا ما
تردد على مسامعه بغضب حديث نبيّه بعد ان تنهره بغضب :
" وش فائدتكم مسلمين تصلون وتصومون ؟
اذا ماحسيتوا بوجود الله في قلوبكم في همكم في فرحكم ، اذا ماحسيتوه معاكم في سركم وقدام الناس وش الفائده ؟
وانتم قاعدين تناقضون إيمانكم بإن الله يرأنا في السر والعلانية
هو مايشوفنا بس عشان نذنب ولا عشان تفعل صالح
هو يشوفك بعد لا طحت وضاقت بك الدنيا ويشوفك لا فرحت وماشالتك الارض من وسعها !
ياوليدي كل ماحسيت انك فقدت الشعور
تذكر الرسول صل الله عليه وسلم : لو انكم تتوكلون على الله حق توكله ، لا رزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا "
ابتسم بهدوء وهو لم يشعر بوجود الله فقط بجانبه بينما تفصل بينهم سبع سماوات
يشعر بوجود امه ايضًا بينما تفصل بينهم كيلومترات ودوّل وقارات
يشعر بها تستودعه الله وتدعي له ان يغلبه على أعداءه واعداء دينه
رفع مسار رأسه وهو يسمع المحقق يفتح كاميرا الع¤يديو ليسجل اعتراف كسار
لأن اعترافه سيتم القرار اما ان يفرج عنه او ان تتحول قضيتهم للمحكمة لإصدار عدد سنوات العقوبة بالفرنسية :
اسمك كسار عبدالله الجامح
تبلغ من العمر 27 عامًا
تقر لنا بأن تم اعترافك وانت بكامل قواك العقلية والصحية
وبعدم وجود محامي وتنازلك عن حق الدولة لك بإن تكفل لك محامي ؟
هز كسار رأسه بإيجابية
فاتحا شفتيه حتى يلفظ إقراره ولكن الباب الذي اندفع بقوة ليدخل محامي ريناد بعجلة وهو يدخل جواله في جيبه الجانبي بإبتسامة :
اعتذر عن التأخير
اتمنى ان لم تبدأ من دوني ياحضرة المحقق
لف كسار بغضب اليه واصرار المحامي الذي يشابه ريناد وكأنهم خلقوا من دماء واحدة وصل به ان يشعر بحرارة الغضب
في جيوبه الأنفية حتى يطرده
قاطعه المحامي وهو يسحب الكرسي جالسًا . هامسا في أذنه :
اتأني اتصالًا من السيد جلوي
آمرني بإن ارى امرك بالطلب من السيد سيّاف
لا علاقة للسيدة الصغيرة
تنفس كسار بإرتياح وكل الغضب قبل قليل تبخر بمجرد ماسمع اسم كسار
لا يهمه من يكفله من كان المهم ان لا يكون ريناد
تأفف المحقق بغضب وهو يعيد التسجيل من جديد
وعيناه تتجنب كسار حتى لا يقتل بيداه هذا العربي المتغطرس!
/

\
هدئت سرعته تدريجيا منذ ان دخلت سيارته الحارة و وقفت تمامًا امام منزلهم
سقطت عينه على المرآة وهو يرى بها انعكاس يوسف الذي يجلس بالمرتبة الخلفية بعد ان اصرت امه ان لن تخرج حتى يكون معهم
فلن تطمئن وهي تاركته لوحده عند لدن و وهاد
وكان من نصيب سياف حتى يتفرغون لتفريغ غرفة والدتهم بدون يوسف
فتح شنطة السيارة وأطفئها وسحب مفاتيحه
ولكن سرعان مارماه في حضنه وهو يمسك كف امه بقوة بعد مافتحت الباب قبل ان تترجل
لفت عليه ترف بإستنكار من ابنها الذي اعتصر معصمها في كفه :
وش فيك ؟
ابتسم سياف أبتسامة صفراء يشعر انها غير مستعدة تمامًا ان تنزل من السيارة وتنصدم بخبر ضرّة تنتظرها بالبيت!
لف فيها الرياض كلها من العصر الى الآن بعد العشاء ومازال يود ان لا تدخل أمه البيت ابدًا
خفف من قبضته وهو يتزن بنبرته :
وش رأيك نحجز لنا يومين بفندق ؟ قريب من جامعة وهاد ومنها نغير جو
نفضت ترف يدها بقوة من يده :
ابعد بس وانا امك ما انت بصاحي وش يودينا فندق وبيتنا موجود يا رب لك الحمد
نزل سياف بسرعة حتى وقف امام بابها قبل ان تنزل وانحنى لها ويده تمسح على ركبتيها بتدليل :
ما انكتمي من البيت ؟ فكري في البنات ينرحمون! ودهم يطلعون ودهم يجون زي بنات اخواني من بعد ماسفر ابوي السواق وانا مو بكل يوم فاضي لهم
ضحكت ترف من اصرار سياف ان يصبّ برّه كله اليوم :
انت توك تذكر ان لك اهل يوم سافرت حرمتك ؟
اردفت بجدية وهي تأخذ شنطتها واكياسها :
لا وانا امك ماقصرت اليوم مابقى شيء في خاطري ولا احتجته الا جبته رح بيتك ريّح ولا تعال غرفتك فوق عندنا
قاطع كلامهم سيارة اخرى توقفت خلف سيارة سياف
عقدت ترف حاجبيها وهو ترى سلطان زوجها
ينزل من مكانه بسرعة خفيفة لا يركض بها آبن 14 عامًا للباب الآخر
حتى يفتح الباب مبتسما متجاهلا ابناءه و زوجته الذي ينظرون اليه
ضاقت عيناها وهي تحاول ان ترى من تلك المرأة التي ترجلت من سيارة زوجها تتمخطر تمخطرًا لم يتمخطره ابنتيها ذوات الـ ظ¢ظ¤ ربيعًا
وبحسن نية وهي تتوجه الى سلطان مستنكرة :
من هذه ياسلطان ؟ اول مرة توصل بنفسك وحدة من حفيداتك لنا! زين ماسويت سياف يقول البنات ضائقة صدورهم
لف عليها سلطان بجمود وحسن نيتها أعتصرت قلب سياف قبل ان تعتصره :
لا ماهي حفيدتك!
شهقت وهي تضع يدها على صدرها
وتهز رأسها بالنفي وعيناها تتفحص الأنثى المتغنجة بدهشة :
اجل خادمة
اقول ابعدها من بيتي ياسلطان ! عندي وحدة وتكفيني
بعدين هذه صغيرة وانا في بيتي رجاجيل مالنا حاجة فيها
رجعها من مكان ماجبتها
رفع سلطان عيونه بدهشة
وهو يتفحص اعين ترف يريد ان يعرف هل هي تنفي الصدمة ؟ او لم تستوعب الوضع الى الآن ؟
سقطت عيناه على سياف الذي نظر له بنظرة لأول مرة يرأها بحياته من ابناءه
نظرة تميل للإشمئزاز تنطق ب : انت ماتستاهل امي
وتميل للاستحقار لتنطق ب : كثيرة امي عليك
مسك سياف ذراع ترف
وهو يشعر بإنه يتجرع علقم بكل مرة يبلع ريقه حتى يبلله لتخرج الكلمات سليمة من حنجرته
ابعد عيناه عن ابيه حتى لا يستأثم بعقه اكثر بنظراته التي تنظر له غصبًا عنه وهو ينظر لها :
وقفتنا بالشارع قدام القاصي والداني مو زينة لك ولا لنا يا يمه! كيف عاد وانا نتكلم بأمورنا العائلية ؟ ادخلوا وتناقشوا جوا
دخلت امرأة ابيه بنفس مشيتها التي نزلت بها من باب السيارة ومن خلفها يوسف ثم امه ثم هو وأبيه سويًا
خلعت ترف طرحتها بقوة وهي ترميها بعبايتها على كنب الصالة لتلف بغضب على سلطان لتنهي موضوع هذه المرأة الدخيلة!
انتبهت لأبنتها وهاد وهي تبكي بحرّقة امام لدن
عقدت حاجبيها بخوف :
فيكم شيء وش فيك تبكين ؟
وقفت وهاد بغضب وهي تأشر على ابيها وملح عيناها على خدها يرُى بوضوح :
انتي اللي فيك شيء يايمه ماهو انا
انا ابكي من حرقتي عليك
ابكي قهر وخيبة أمل في من قهرك عشان وحدة ماتسوى طرف ظفر رجلك!
صرخ سلطان وهو ينهرها بغضب
لم يتخيل ان تكون هذه ردة فعل ابنته
لو كانت من زوجته لتفهم موقفها :
وهاد و قص ! حشيمتها من حشيمتي
الا اذا مالي قدر وحشيمة عندك - نزل عقاله من على رأسه ليهدد وهاد بمنظره وهو يلوح به عند محاذاة كتفه - هذه يبي لها كلام ثاني
لف سياف بصدمة وهو ينظر لعقال ابيه الذي نزل من رأسه لأول مرة على خواته
ياما علّم هذا العقال على ظهره وظهور اخوانه من قبله
ولكن وهاد ولدن ماقد تجرأ ابوه يلمس طرف خصلة من شعورهم حتى مايعورهم
والحين بعد 24 سنة
بعد ماصاروا حريم وكل وحدة فيهم طوله
يرفع على بناته ظهره وقطعة من قلبه عقاله عشان وحدة مايربطهم الا عقد زواج :
لا والله يايبه
خواتي ما انضربوا تحت عيني وأنا مابعد خط شنبي
ماتلمسهم وانا شاد ظهري وهو عزوتهم!
قاطعتهم ترف بصرخة وهي تحاول ان تكذب ماحاول ان يربطه عقلها من احداث سويًا ماتفوهت به وهاد ومارأته عيناها وماشعرت به يقبض قلبها
كلها ستكذبه فقط ان سمعت من سلطان : لا لتصمت صوت عقلها فوق صوت ابناءها
بوجه ابيهم :
ببببسسس ! - بلعت ريقها وهي تقترب من سلطان بعدم تصديق - وش قاعدين يقولون عيالك ؟ من قاهرني ؟ ليش تبكي بنتي علي ؟ ليش تبي تضربها وانت من كنت تمسح دمعتها قبل تطيح على خدها ؟
رفع سلطان رأسه وكل غضبه قبل قليل تلاشى أمامها ليتكلم بأرق طبقات صوته وكأنه كتف حنون يمسح عليها :
ترف انتي العاقل
انتي اللي تحكمين الأمور بعقلك ماهو بقلبك
وانتي اخبر في الشرع والدين مني
وانتي تعرفين ان الله احلّ لي بدال الوحدة
قاطعته ترف وعيناها متعلقة بالأنثى التي رفعت طرحتها عن وجهها بإبتسامة ماكرة من هذه الأجواء " الدرامية " بنظرها
وحسنها الذي سلب عقل ابناءها خلفها بدهشة بعد ان سلب عقل زوجها أمامها حتى باتت على ذمته . سحب طبقة صوتها لتتحدث بهمس :
اربع ! الشرع احل لك اربع
ادري ماهو انت اللي تعلمني بشرع الله
عادت باعينها لسلطان بإبتسامة صفراء :
كفيتك انا طول عمرك !
ويوم ضاع عمري لك ولعيالك
ويوم انكسر عودك
وراحت سنين مراهقتك وشبابك - صرخت - وشبابي ياسلطان شبابي حطيت على راسي شريكة ؟
ليش ماحطيتها وانا أنثى بأول عمري ؟
ليش ماحطيتها قبل يروح جسمي وعمري ورا 7 عيال من صلبك ؟
ليش ماحطيتها قبل يشيب شعري عشان أشيب قلبك بعيالك
وانا من أنفذ شرع الله وقتها واتحرر منك بطلاقي واشوف واحد غيرك ؟
تنام وبقلبك حرّقة لا دريت اني في حضن واحد غيرك
ليش يوم كبرت ؟
ليش يوم صاروا حفيداتك - آشرت عليها بكُره - بطولها
ليش خليتها تشاركني إياك ؟
وش بقى بك عشان تاخذه مني ؟
رفع سلطان رأسه ببرود ، عكس داخله الذي شعر لوهلة بأنه دنيئ من عتابها :
عشان ولدك اللي انشغلتي به عني
عشان هالسبعة ماعاد يكفوني
ابي لي عزوة يشيلون اسمي بعد !
أبغى لي بنات ، وبطنك ماعطاني الا ثنتين
وش اسوي بهم ؟
قاطعت لدن امها بهدوء ، عكس انفعال وهاد ، عكس انهيار امها . كانت ترى الموضوع خاص بأمها وأبيها مادام لم يصل للأنفصال
ولكن لو وصل الموضوع الى الأبناء هي احق من تتكلم :
العيال عذر من لا عذر له . ما أكذبك يا يبه ومحشوم
ولكن ولدها اللي انشغلت فيه عنك ، تراه ولدك امانة حتى في رقبتك ماهو لامي لحالها ولا لحالك
يوسف مسؤوليتنا كلنا
والعيال ماهو مهم هم سبعة ولا عشرة ولا مليون!
العيال ماهم بكثرتهم ، هم ببركتهم
ياما بيوت فيها عشرين ولا واحد فيهم نفع والدينه ، وياما بيوت فيها واحد شافوا والدينه جنه الدنيا معه
وأزيدك يايبه ماهو بطن امي من عطاك انا و وهاد . هذه عطية الله لك الا اذا كان ماهي عاجبتك رفع يدك للسماء وقل يا رب
ترف ماهي من كتبت رزقك
رفع سلطان كفيه بعد ان الجمه كلام لدن الرزين وهو يصفق بسخرية :
احسنتي ! الاولى تصرخ بوجهي والثاني يهددني
والثالثة تراددني
وقف بوجه ترف بغضب :
ماهو ابي عيال زيادة عدد
ابي عيال متربين ماهم مثل هذه التربية يا محترمة يامربية !
استقامت وهاد من طولها حتى تجاوب ابيها
ولكن كف امها الذي ارتفعت بالهواء حتى تصمت ، اسكتتها بهدوء :
لا ياوهاد يكفي مو تربية ترف اللي معلمتكم تراددون أبوكم
اللي الظاهر نسى انهم عياله بعد وتربيته ماهم عيالي لحالي!
تكلمت ليصمتوا جميعًا ، ويتناظرون فيما بينهم من أين أتى هذا الصوت الجديد ؟ لتسقط عيناهم عليها وهي تسند بكفها خصرها بإرهاق مصطنع :
سلطان ، انا تعبت من الوقفة . ورأسي بدا يعورني من الإزعاج . ابي ارتاح في - نطقت كلمتها الاخيرة ، وشددّت بعدما شعرت ان ترف لم تدري بالمصيبة الاخرى التي رفضتها هي على سلطان - جناحي!
قاطعتها ترف بتهكم وهي تحاول ان تتزن بنبرتها لا تبكي امام ضرّتها التي بعمر بناتها :
ماعندنا زود اجنحة ، عندك غرفة الضيوف ولا - نطقت بسخرية - زوجنا ماحسب حسابك في - لتنطق بتشديد على كلمتها الاخيرة - بيتي ؟
ضحكت امرأة سلطان الجديدة ( عَرِيبّْ ) وهي ترفع حاجبها :
ودي اعلمك انا في بيتك ، ولكن اخاف يوقف قلبك
تدخل سيّاف وهو يحاول ان ينهي هذه المهزلة :
يمه خلك الليلة في بيتي هنا ولا في شقتي ، كلهم تحت امرك
فهمت ترف نوعية عريب ، تشابه امرأة ابنها " شادن " ، جميعهم داخلين حياتها لهدف واحد " التملك "
بحرب الضروس ، رافعين الرآيات ولا يأبهون ان يرآها احد ، ولا يخشون بها لؤمة لائم
لا يكتفون بشيء واحد! ان لم يكونون يملكون رجالهم والأرض بما عليها . لا يهنئ لهم بال!
ولكن هيهات ان تسمح لها
هذه ليست زوجة ابنها مجرد مايغلق عليهم باب تنساها ، هذه شريكتها!
العين بالعين ، والسن بالسن ، وانتي البادية ايتها الغريبة!
رفعت ترف رأسها عاليًا ، لتأخذ من اسمها نصيب وتترف بنفسها وتبقى شامخة :
لا يا ابوي سياف خيرك سابق !
بيتك وشقتك وبيتي والأرض اللي تمشون عليها تحت أمري ، ما انتظر احد يأذن لي انا من آذن من يوطئ عليها
وكلكم هنا برضاي ، وان مارضيت عاد ياويلكم وانا زعلي شين ياسياف شييييين
مشت متوجه الى الدرج ، وهي تنسلخ من الدقيقة التي تسلحت بها بعزة وقوة شخصية ، لتتركها على الدرج يتعثرون من هم بالأسفل بها . وتذهب للأعلى تاركتها لتفرغ حزنها على راحتها بعيدًا عن الأنظار .
/

\
رفعت جوالها ليعانق إذنها
وهي تغلق جاكيتها الذي يصل الى نصف ساقها على جسدها لتحميه من قسوة شتاء باريس الحنونة!
لعل هذه عواقب البرد ، جعلها تتأخذ اجرء / اخطر قرار وهو ان تتصل على سياف لسبب عاطفي دون ان تفكر لوهلة ان كان هذا يليق بكبريائها او سخرية سياف
سطوة قلبها قوية ولكن ليست أقوى من فخامة صوته التي أتاها من الطرف الآخر بهدوء يليق به عندما يغضب :
ماطاعني عقلي اصدق عيني وش قاعدة تشوف ! بنت ابوها اللي ماترد حتى على لابّاس العمامة ؛ داقة علينا
ضحكت شادن من قلب على تهكمه ، وهي تميل بشفتيها بخجل :
ياحظك
ابتسم سياف وهو يرمي نفسها على سريره في بيته ، بهدوء :
الحمدلله على السلامة
ابتسمت شادن وهي تشعر بإبتسامته من صوته :
الله يسلمك
مرت لحظة صمت طويلة
تخللها أصوات بوق السيارات
وبائع الورد الذي يحاول ان يحرج على آخر وردة يملكها لليوم
وعازف الناي الذي يتجول في الشارع الأمامي وأمامه قارورة ماء يجمع بها ثمن عزفه للشارع من السواح
ولفحة هواء بارد لامست خد شادن ، وتمكنت بإن تشعر بها من الداخل لتشد بجاكيتها أقوى
لتحمي عواطفها من الانهيار امام هذا الصمت اللذيذ
همس سياف وهي تحسس مخدتها التي بجانبه بفكاهه :
ودي اقول وش اخبارك ؟ بس توني شايفك الصبح مافيك الا العافية ليش المجاملات ؟
ضحكت شادن ولوهلة شعرت يا أن سياف يملك حس كوميدي ولم تكتشفه
او انها ترى جميع سخرياته مضحكة لانها سعيدة به ، لتصمت ثواني وتردف بجدية :
بس انا ماودي اقول كيفك ، لأنك بتكذب علي وبتقول بخير وانا مؤقنة انك كذاب ومافيك من الخير شيء!
تنهد سياف وهو يمسح على وجه بكفيه بإرهاق وظن ان لدن أخبرتها بالسالفة ولكن استمر ينكر :
أفا ، ماعاش من يكذب عليك
قاطعته شادن بجدية :
لا تدعي على نفسك!
سياف اذا انا مو قدامك مو معناه ما افهم صوتك او ان في شيء صاير! - لتردف بخوف - لا يكون بنتي فيها شيء ؟
عقد سياف حاجبيه :
وش معنى بنتك هي اللي فيها شيء ؟
هزت شادن كتفيها بعفوية :
لان هي اللي تركتها
هز سياف راسه بخيبة آمل وهو يحتضن مخدتها :
بس هي اللي تركتيها ورحتي ؟ عجيب
فهمت شادن جيدًا انه متضايق ، والى ابعد درجة ايضًا
ماتبي تكون هي سببًا يزيده . وبيدها ان تخفف عنه قليلًا مايستاهل سياف وهو من بالامس لم ينام حتى برئ جِراحها !
همست بعد ان طال صمتهم مجددًا :
والله مو غنى لحالها
لكن يمكن هي الوحيدة اللي ترضى تطمن قلبي عليها! مو لا سألتها خذت سؤالي عنها بطنازة
قاطعتها سياف
وهو يشعر انه السماوات دفنت في حنجرته حتى بات يختنق . مجرى التنفس لم يعد يتسع لجريان الهواء
بات يستنثق همًا ويزفِّر ألمًا :
وش تبغيني اقولك شادن ؟ تبغين أقول لزوجتي بكل فخر تراهم قهروني بأمي وقلبي يفرّك موجوع على امي وعجزااان مابيدي حيلة ؟ كأنها بطولة ؟ انا بموت ياشادن بموت وماضنتي بذوق وجع أقوى من حرقتي على امي! تنام مضيّومة وانا اتفرج على شيء ما اقدر أنكره لأنه لا هو عيب ولا حرام بس عيبه انه هالشيء يوجعها وصار يوجعني من وجعها عليه!
خواتي ضايقة فيهم الوسيعة وانا مابيدي حيلة
حتى ما اقدر اواسيهم وش اقول ؟ الموضوع عادي بس عليهم فجيعة!
مسك جبينه بكفه من الصداع الذي داهمه بحدّة ، ليهمس بألم :
ما اعرف للبنات والله ما اعرف ، فوقه عندي موعد محكمة مارحت له وصرت اماطل فيه بسبة ظروفي!
ورأسي يا يذبحني يا اذبحه وادري من قل النوم بس عيني جافية النوم غصيبة مو برضاي
من الصبح على رجلي ماقدرت اجلس ، شلون يبيني انام ؟
وش اقول وش اخلي ؟ حياتي من وين ما أطقها عوجة . وان ماطقيتها ؛ طقتني
أخذ شمعة بجانبه تستقر على الكوميدينة ليرميها بالجدار بماؤتي من قوة . ليفرغ بها غضبه وهمه
كانت شادن صامتة وهي تسمعه بهدوء . حتى وصل له صوت ارتطام الزجاج بالجدار لتغمض عيناها بفزع
لا كتفها قريبة يستند عليها
ولا كفها قريبة حتى تمسح على جبينها وتقول هذا الوقت سيمضي
فقط تملك ان تكون مستمعة جيدة له
لعله يكفيه بسبب ظروفهم الشحيحة
همست شادن وهي تنظر للعمائر المضيئة وكأنهم في شوارع نيو يورك الصاخبة
بطرازها العمراني القديم منذ الستينات وكأنهم في مدريد
بطولها حتى باتت ناطحات السحب وكأنهم في هونق كونق
مظاهر عواصم تجمعت في عاصمة! يالعظمة باريس :
سياف امك مايلومك احد تشيل همها احد ولكن هي شالت همها قبلكم
ماهي اول مصيبة ولا حزن تمر فيه تعرف تتدبر امر حزنها افضل مني ومنك!
ولكن لا تزيد الطين بلّة وتحرقها عليك لا شافتك مهموم
الشيء الوحيد اللي بيفيدها انك تحسسها انت وإخوانك انكم جمبها وان كل اللي صار خيرة يوريها انها يوم طاحت ؛ ماتطيح وعندها عيالها يسندونها حتى قبل تنحني
ومواعيد المحكمة الله اكبر عاد! الموعد يجي بداله مليون موعد
والجلسة ماتوقف على قاضي واحد
مايسوى تضيق صدرك عشانه
ونمّ ياسياف نمّ! ولنفسك عليك حق ترا حتى امس بالليل مانمت الا بعد الفجر وصحيت بدري ياويلك من الله بنفسك
وخواتك مافيه ابسط من انك تبسطهم الموضوع مايبي له طبيب ولا خبير
لما تسأل عنهم أول بأول
يدك تمسح دمعتها قبل تطيح مو مهم تتكلم وتواسي يكفيهم انك تسمعهم والله يكفيهم ياسياف كتف حنون يسندون رأسهم عليه
اعظم من مواساة الدنيا بما فيها . أساسًا مايحتاج تسوي شيء هو بأنفسهم مؤقنين انهم محظوظين فيك!
قاطعها سياف هامسًا :
وانتي ؟
عقدت شادن حاجبيها :
وش فيني ؟
سياف :
محظوظة فيني ؟
ابتسمت شادن :
ياشينك تستغل المواقف لصالحك!
عمّ الصمت مجددًا ، ليهمس سياف بجدية وهو يتمنى ان تفهم ان موعد المحكمة التي تراه هين هو جلسة طلاق شريكتها :
لو ترجعين ويقولون لك سياف متزوج عليك وحاط على رأسك شريكة
وش بتسوين ياشادن ؟
أتاها سؤاله قاسيًا ، عقد لسانها واغلق مجرى تنفسها
يالجراءته يسألني ببرود





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-18, 11:57 AM   #24

رفعت حسن

? العضوٌ??? » 430298
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 151
?  نُقآطِيْ » رفعت حسن is on a distinguished road
افتراضي

انت بعدك ما بتعرف شادن لسه حتوريك النجوم الضهر لو عرفت صح انك متزوج سياف اعتقد شادن حتتصدم من الكل الكل يعرف بزواجه غيرها صدمه الله يعينهم منها 😓

رفعت حسن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-11-18, 08:18 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



يسألني ببرود عن همٍ أرَّق عيناي التفكير فيه وانا في صبأ شبابي!
في اللحظة الذي كانت يفصلنا مليون سبب للزعل
ومية الف ميل بين بيتي وبيتك
وثلاث قارات بين قلبي وقلبك
كانت مجرد التفكير بأنه ممكن ترتبط بغيري وتحظى به انثى اخرى
تستمع بشيء أملكه / ملكي ولكن لم اشعر به يومًا
تنام في حضنُ اقرُ بوجوده
ولكن لم اعرف احداثياته
رجل في اعين الأخريات " أمنية " ولكن طريقها معروف
وهو حليلها وأب قطعة من أحشاءها ولكن طريقه وعر وملئ بالأشواك ونصفه مجهول
لم تكن يومًا صورة عرفتها عدستي ياسياف
انت صورة جمعت أشعتها وكونتها من ألسنة عائلتي!
كنت اعرف انك رجل وان نصف دينك واحتياجاتك تكمل بأمراءة
ولن يكون من الغريب ان تتزوج في ظل غيابي
بل من الغريب ان تخلص لي!
ولكن قلبي لا يجرأ ؛ اثق بك ولكن لا اضمنك
صعب علي ياسياف ان أسلمك على طبق من ذهب لامرأة اخرى
اهون علي ان اخنقك بحزني
وضروس عتابي تنهش جسدك
وذنبي يلبسك الكفن ولا تنام في سرير انثى اخرى!
والآن تسألني ماشعوري ؟ ما أقبح سؤالك!
كان يسمع اضطراب انفاسها بوضوح
صمتها طال
وكأن لها بالصمت اجابة وافية لأولي الالباب وعلى رأسهم سياف
كانت ردة فعلها متوقعة ولكن صمتها لم يعد يُطاق
حتى انه كان كفيل بإنه يقف :
معي ؟
بلعت شادن ريقها والحروف تخرج بقوة من سور شفتيها المحكم الاغلاق بعد ان عُتق من حشرجة حنجرتها :
ما اقدر اقول لك شيء ماعشته
صعب والموضوع بحد ذاته اصعب!
هز سياف كتفيه وهو يشعر بالبداية انه فتح على نفسه باب
وهذا الباب سيجرها الى أشياء اخرى وتفتح عيناها عليها
ولكن تارة شعر بإن سؤاله غنيمة يعرف بها ردة فعلها :
انت حرمة مافهمتي شعور امي
شلون بفهمه انا ؟
تنفست بإرتياح وكأن الحرب شدت أوزارها من صدرها
فهمت ان فكرة الارتباط ليست في بال سياف ولا تلميح من نوع آخر
هذا هو الموضوع الذي يؤرقه
فهمت سبب حزنه الذي كانت متحفظة بأن لا تسأله لانه لو يرغب سيقول من نفسه :
مهما قلت
مستحيل اوصف لك من شعورها قطرة
غير انه أساسًا انا غير وخالتي ترف غير!
وردة افعالنا مختلفة بس ممكن اثر الموضوع واحد
عقد سياف حاجبيه وهو يمسك بمربط الفرس :
ليش انتي غير ؟
رفعت شادن كفيها وهي تشرح وكأنه يرأها بعفوية :
ظروف زواجنا مختلفة
انا وانت غير! على ذمتك بس ما تشوفني زوجة
يجمعنا كرت عائلة ولا قدر يجمعنا بيت
متزوجين من 12 سنة ولا قدرنا نحصد ذكرى حلوة من حياتنا!
عدينا من عمرنا عمر ولا قدرنا نعدي من علاقتنا شيء
ابتسم سياف وهو ينظر الى التسريحة وأغراضها المصطفة ب بعثرة
لم يلمس رف الطاولة منذ ان ذهبت لاهلها من اسبوع وأكثر . ترك كل شيء يحتفظ بلمسته الاخيرة منها :
ماتلاحظين أسالك عن نفسك وتجاوبيني عن نفسي ؟
ضحكت شادن وهي تستوعب
اكمل سياف وهو يعقد حاجبيه بإستنكار :
بعدين عرفت الحين وش ذا اللي قالبك ظ،ظ¨ظ درجة قلت احد مأثر عليها
طلعتي انتي مو مقصرة مع نفسك!
تحكمين عني وتصدرين الأحكام وانا ياغافلين لكم الله
قاطعته شادن بإنفعال جاد :
لان هذا الصدق لا تجاملني انا مو عميانة
قاطعها سياف بجدية :
لا مو الصدق
بعدين قد شكيت لك الحال ؟ هذه المصيبة! انتي مو عميانة ومو قادرة تشوفين اللي قدامك
مو قادرة تشوفين كيف قاعد اشوفك . لا تخربين على نفسك ياشادن باوهام ما انزل الله بها من سلطان
تنهد بهمّ وهو يسمح بكفوفه وجهه :
اجل ما اشوفك زوجتي حلوة ذي
ابتسمت شادن لن تطيل معه الجدال هو لا ينقصها :
ان شاء الله
تحسس سياف جيوبه وهو يبحث عن كرتون سجائره
تأفف بغضب وهو يتذكر ان شادن تخلصت منه الصبح
أخذ مفاتح سيارته وهو يخرج الى الشارع من باب منزله
قاطع صوت شادن
جلوي من خلفها وهو ينفخ في كفيه ويفركهم سويه بعد ان تجمد بالخارج وهو يبحث عن شادن بنبرة معاتبة :
ياويلك من الله! انا تيبس الدم بعروقي من البرد وانتي قاعدة تكلمين ؟
ضحكت شادن بحنية وهي ترى شكله
خارج لها بدون جاكيته
فقط ب بنطلونه الاسود بخامة رسمية للحفلات
وقميص ابيض يختبئ طرفه اليسار في جزء من بنطاله . والايمن يستند على حزامه
اطلالة فرنسية ، لا ينقصها من الآناقة ذرة
ويتنافض في مكانه يفرك كفيه تارة وينفث عليها تارة :
بسم الله عليك
ركب سياف في مقعد السائق
وهو يفتح الدرج امام مقعد الراكب يبحث عن كرتون اخر تركه لوقت الحاجة
لقاه تحت بعثرة اوراقه وكراتين المناديل
سحبه
واخرج سيجارة وهو يثبتها بين شفتيه واخرج الولاعة من جيبه
ثبت الجوال على كتفه وشيّد عليه برأسه
وأصبح كف يحمل ولاعته
والكف الآخر يحمي رأس السيجارة من تيار هواء يمنع اشتعالها
عقد حاجبيه وهو يسمع تسميتها على جلوي !
مرة الاولى تنزل من مقامها السامي
وترضخ له حتى تطلبه يشارك ذياب همه
والآن يكاد يتشقق صوتها من فرط فرحتها بجلوي من دون سبب
قبل قليل لوهلة تدفقت فرحته على قلبه ولم تعد تسعه الارض
عندما استشعر اهتمامها به ولكن استوعب ماخصه اهتمامه لانه سياف بحد ذاته
بلّ هذه طبعها معه او مع غيره
رمى ولاعته بقوة في زجاج سيارته الأمامي يالله كم ماشعر بتحسن وتقدم خطوة
يعود الى خط البداية
تنهدت شادن بهمّ وهي ترأ جلوي يبتعد عنها حتى تلحق به وتسمع صوت الولاعة :
صدق والله ؟ أرميه الصبح عشان تطلع لك واحدالحين
لم تسمع اجابة لسؤالها تعمد يتجاهلها لانه لا يريد ان يتحدث بهذا الموضوع
احترمت رغبته وهي تهم بإغلاق السماعة بتنهيدة قلقة عليه :
الله يصلح قلبك ويهديك
رمى رأسه على الدركسون وهو ينفث بهدوء دخان سيجارته
ودعوة شادن فكت حصار همومه لتخرج مع جزئيات دخانه وهو يسمعها تضع الله بينهم ، موكلته أمره :
ادعي لي ياشادن - اردف بإصرار - ادعي لي!
فتحت شادن باب السيارة وهي تركب بجانب ريناد
ابتسمت لها وهي تغلق الباب خلفها :
ان شاء الله
تصبح على خير
همس سياف وهو يغلق السماعة :
وانتِ من اهله
رمى جواله بجانبه وهو يفتح مسجل سيارته ترك اول محطة صادفت طرف سبابته
المهم شيء آخر يشاركه وحدانية هذه السيارة
لا يريد ان يختلي به الصمت وتستفرد به الوحدة و تعتقله الأفكار وتنقله الى حبل المشنقة
ابتسم وهو يسمع صوت حسين من عذوبة كلمات البدر ، تهم على مسامعه :
وعينٍ ماتمل الذبح كأن احبابها عداها !
سند سياف رأسه على مرتبته وسبابته والوسطى تعانق سيجارته وهو يردد بهمس :
وقلبٍ ما يعرف الصفح ، صخر والا الصخر مثله ؟
قاطعه صوت إشعار صادرًا من جواله ، اخذه بلا مبالاه ( عشان خاطر غنى انتبه على نفسك ووسع صدرك )
وسرعان ما تحولت الى ابتسامة متغذية حبًا! وهو يقرأ الرسالة الجديدة التي أتت بعدها بسرعة ( وعشان ام غنى بعد )
غمض عيونه وهو يقصر على الصوت لينفرد بإفكاره معلنًا استسلامه
هل كل الأغاني والقصايد والمُدن تذكره بشادن ؟
او كل الأغاني لحنت ، والقصايد كتبت ، والمدن عُمرت لأجل الشادن!
حتى أدباء مصر لهم حق من جحيم الشادن
مرر لسانه على شفتيه وهو يتذكر بيت من شعر محمود البارودي
" ياويحُ نفسي من هوى شادنِ ، غازل قلبي لحظة ؛ فأنهتك ! "
ضم شفتيه المبتسمة وهو يسمع شطر " عينٍ ماتمل الذبح " من الاغنية يُعاد من جديد
ويربطه بتكملة شعر محمود " ذي نظرة كالسحر ، لو صادفت غمزتُها ؛ ليث ، وغى ما فتك "
اخ والله النظرة صادفت عبد من عُبَّاد الله ماهو . والله عتق الليث منها واعتقلتني!
فتح باب سيارته وهو يرمي سيجارته على الارض ويطفئها بطرف قدمه الذي تسللت من مقعده وهو مازال جالس
لف على البكت حتى يأخذ السيجارة الاخرى ولكن قيد يشعر به ولا يرأه ؛ كبل يده
وأذنه ترن بدعوة شادن من استنجدت بالله عندما يأست منه
أشمئز من نفسه لوهلة وهو يستشعر بإن الله يرأه
عندما حزن لجئ للجميع حتى الجمادات من سيجارة الى تكسير شمعته الى الاغاني وترك الله خياره الأخير حتى لم يضعه بالقائمة !
حتى لما لجئت لله شادن تحت مسامعه لم يتحرك به ذرة
أغلق المسجل بقوة وهو يرمي البكت بالاسفل بقهر :
استغفرلله العظيم وأتوب اليه
اغلق الباب وشغل سيارته متوجهًا الى المسجد خلف مسجدهم
حتى يتؤضى ويصلي العشاء التي خرجوا منها الجماعة منذ ساعة ونصف
وهو يردد بحسرة على نفسه : اذا هان عليك ربك وفرضك وش بعده يعز عليك ؟
/
*
\
*
/
كانت مستلقية على الأريكة التي امام التلفزيون فوقها اضاءة الابجورة الخافتة
وبجانبها جهاز التحكم . كاتمة الصوت ومغلقة الإضاءة ومكتفية بالمشاهدة بصمت ويدها تحت خدها
سقطت عيناها على الساعة التي تشير الى 9 مساءًا
نامت جنى مستعدة لمدرستها صباحًا و وصال معتكفة في غرفتها تذاكر كعادتها
وشذى! اخ من هذه البنت فيها شيء ما ادري عنه
وحاتم في دوامه الجديد
الذي صار يطول الى ساعات متأخرة من الليل حتى يثبت نفسه ويتأقلم
ابتسمت رنا وهي تعتدل بجلستها
وتبعد المخدة التي كانت في حضنها وهي ترى وصال تدخل عليها وبيدها كتبها وشعرها كله رفع الى الأعلى وخلف إذنها قلم الرصاص :
عسى ماشر جاية بكتبك ؟ عتقتي مكتبك لوجه الله ؟
ابتسمت وصال وهي تجلس بجانبها :
طفشت من مكتبي قلت بذاكر عندك بما ان مافيه صوت
همست رنا وهي تسند رأسها من جديد على ظهر الأريكة :
الله يوفقك
أخذت وصال نفسًا عميقًا لم تزفره
كتمته في صدرها ليتشعب ويتكون رويدًا رويدًا على هيئة دموع في عيناها
الى الآن وكلام امها " انا بصدقك لإنك بنتي يعني تربيتي . وانا تربيتي ماعلمتهم يكذبون .
بس لا تنسين اني ربيتك ياوصال على انك الكبيرة يعني الأم الثانية لخواتك " يجلد ضميرها كالسوط
لم تكذب بحياتها على ابيها او امها
ليس لأني مثالية او اخاف الله بحق واستغفرلله على تقصيري
بل لأني لم اضطر يومًا على ان اكذب عليهم ، لم يكن ابي حاتم فرعونيًا / متجبرًا حتى اعقد له الاكاذيب كذبة كذبة
ولم تكن امي عسِرة / صلبة حتى اخشى ان أصب كل مافي قلبي في وعاء قلبها
كانوا متفهمين جدًا للخطأ قبل الصواب ، كانت يدهم تُمسح على كتفي بخطأي قبل ان افعل الصواب
حتى أصبحت لا اعرف شيء اسمه كذب او كيف اكذب
لفت برأسها على امها وهي تغلق كتابها بهدوء :
يمه تذكرين ليلة عزيمة شادن مرت عمي ؟
عقدت رنا حاجبيها وهي تتذكر احداث تلك الليلة الصاخبة :
وش فيها ؟
بلعت وصال ريقها وهي تنظر الى اعين امها ، وهي تتطلبها السماح :
سألتيني عن شذى ، وقلت لك ما آدري عنها شيء بس انا ادري
تذكرين لما راحت الكاع¤يه تقابل صديقاتها ؟
هزت رنا رأسها بالإيجاب ، وكلها آذان صاغية لابنتها الكبرى
غمضت وصال عيونها بقوة وهي تنتظر كف امها يصفع خدها ، او صرخة تصم اذنيها ولن تلومها في ذلك :
كانت تكذب ماشافت صديقاتها ولا واعدتهم ، وذيك الليلة هي السبب اللي تسأليني كل يوم وش سبب حال شذى
تيبس الدم في عروق رنا
كل الأفكار السوداء في رأسها نزعت حجابها لتتبختر امام عيناها
كل الشكوك التي تراودها واصمتتها ضحكت بتهكم عليها
لم تستطيع ان تصفي نيتها تجاه كلام وصال
اذا ماكانت رايحة تشوف صديقاتها اجل بتشوف مين ؟ وش بيصير ذيك الليلة بيخلي بنتي اللي رجعت لي تنقلب ظ،ظ¨ظ درجة عن بنتي اللي طلعت من بيتي ؟
مسكت رنا كتوف وصال بقوة وهي تنفضها بغضب :
وش صار تكلمي!
همست وصال بخوف وهي تهز رأسها بالنفي بعد مافهمت ماذا فهمت لأمها بعد ماخانها التعبير :
لا يمه مو اللي في بالك
كانت رايحة تقابل استاذتها او بالاصح مشرفة قد جت مدرستها
وبدئت الكلمة تجر الاخرى
بداية من اول يوم لقاء الجازي بشذى الى خروجهم من باب الكافيه وركوب شذى سيارتهم!
خزت رنا وصال بعتب وهي تنتفس تنفس الصعداء بعد ماهانت السالفة في عيناها :
لانها تدري انه غلط كذبت علي ! لو قايلة بروح مع أستاذتي ماقلت لا
بس حتى بنيتي مو مرتاحة لها
بعدين من هذه ؟ اصلا وش يثبت لكم انها من جهة تعليمية دام شذى سالت الادارة وكذبّوا كلامها عن المشروع! هذه ورآها شر الله يكفينا إياها
انا من بكرة رايحة المدرسة
هذه مهزلة ولا مدرسة ؟ كل من هب ودب دخلها وخذ ارقام الطالبات ثم بشوف شغلها ثم اتفضى لبنيتي البزر
مسكت وصال رأسها بصدمة وهي ترى الجدية في عيني والدتها :
وش تقولين لهم والغلط من بنتك ؟ حتى الأطفال يخافون من الغرباء
والله بنتي عطت رقمها الاستاذة الجازي ، عاقبوها
توسعت عيني رنا تدريجيًّا ودماغها يُستقبل الاسم ليستوعبه! همست بدهشة وهي تمسك معصم وصال بقوة :
وش اسمها ؟
عقدت وصال حاجبيها باستغراب :
الجازي الكريم
مسكت رنا رأسها بقوة وهي تقف بسرعة ، ذهابًا وإيابا في صالتها المتواضعة الحجم
هزت رنا رأسها بالنفي وهي تردد بنفسها : يالله كذّب مسامعي انا راضية ولكن لا يصدق قول وصال!
وش جاية تبين يالجازي بعد ظ،ظ¨ سنة ؟ مافصل بينك وبين الشمس الا خطوة ، عشان تنسينا وتنسيق طريقنا اللي هو طريق الهلاك ، شلون رجعتي عارية / متجردة ، جاية وبيدك لوح الخشب اللي بتصلبين نفسك عليه يوم دلت رجلينك طريقنا من جديد ؟
بائعة عمرك وانتي تدرين مليون بالمئة بيوصل الخبر لحاتم! وحاتم لا يحمد عقباه في موضوع شذى!
يالله يالله يالله اكفينا الجازي ومصائب خبر الجازي في عائلة الجامح من جديد! "
لف رنا على وصال وانفاسها مضطربة ، منقطعة وهي تصرخ بغضب :
جيبي جوال اختك وأختك وتعالوا ! وأبوكم لا يدري فاهمة ؟
/

\
جالسة انفال بنصف صالتها على الارض وبيدها جوالها تارة عيناها عليه وتارة تنظر لابنتها حصة وأمامها تراكيب تعليمية للأرقام والحروف العربية . وباللغة الانجليزية عن الالوان
عقدت حاجبيها وهي تسمع صوت باب الشقة ينفتح ، ليدخل من بعده تركي :
السلام عليكم
اعتدلت انفال بجلستها بإستنكار :
وعليكم السلام ، غريبة ماطلعت الليلة ؟
جلس تركي على الكنبة التي بجانب انفال بعد ماقبل حصة على رأسها :
بطلع بس قلت أشوفكم قبل
ابتسمت انفال وهي تضع يدها تحت خدها بتمثيل وبنبرة شاعرية مُصطنعة :
يالله هالقلب الحنّين ، قلب زوجي ؟
ناظرها تركي بطرف عين :
صدق مو كفو يا انفالوه
ضحكت انفال وهي ترمي جوالها بجانبها :
لا حبيبي مو انا اللي مو كفو بس انت اللي ‏to much ماعندك حل وسط
يا تنام وتصحى باستراحتك ناسي ان لك بيت
يا ماتطلع الا اخر الليل وترجع قبل الفجر وكل شوي متصل تتطمن وتسولف معي وتتغزل
دلعت لسانها بتعجب :
وانت في البيت أشك ان عندك لسان مثلنا
طلع تركي من جيبه
علبة مخملية باللون الاسود تحمل شريطة فضية وبهمس وهو يبتلع كلمات انفال الصادقة على مضض :
لو اقولك جايب لك هدية بعد وش بيصير فيك يوقف قلبك ؟
ولكن لون اصفر اختطف وجه انفال ظن تركي انه من تأنيب الضمير
فتح الشريطة
ثم العلبة واخرج الأسوارة الفضية ناعمة جدًا ولكن يميزها بأنها مرصعة بمنتفصها بفص ألماس
اخذ معصم انفال وهو يلبسها اياه ثم قبلها برقة
ابتعدت شفتيه عن كفها ببطئ مندهش وهو يسمعها تردف قبلته بهمس :
هذه المرة خاينة مع مين ؟
بلع تركي ريقه بإستنكار وهو ينظر الى عيناها الهادئة جدًا
لم تلقي بالًا الى الأسوارة التي لم تحلى بعين تركي الا لما زهت على معصمها
كانت تنتظر إجابته بقوة قلب انثى لم يعد يطيق ان تزاحمه أخريات فيه
وقفت بقوة وهي تسحبه مع كفه الى غرفة نومها ظن انها ستهزئه وستأكل في لحمه وتنهشه بعيدًا عن أنظار ابنتهم
ولكن انفال أفلتت معصمه في منتصف الغرفة وهي تتوجه الى تسريحتها فتحت الدرج الاخير بقوة وهي تشير اليه بسبابتها بغضب باكي :
درج كامل ياتركي درج ! كله هدايا خياناتك
كل مرة تجيب لي هدية ادري انه سبقتها خيانة
وكالعادة تحاول ان ترضي ضميرك وتسكتني بهدية وماتتوب من بكرة خيانة جديدة
ضحكت بشفقة على نفسها وهي ترمي العلب أمامه :
انا ما اتذكر زي باقي البنات مناسبات الهدايا من أزواجهم
انا اذكر الهدايا بأسماء اللي خنتني معها!
هذه الساعة لما خنتني مع اسماء قبل سنتين
هذا الطقم لما تركتني عند اهلي عشان تقضي الليل كله سواليف مع فاتن
هذا الخاتم لما
ضحكت وهي تُمسح دمعة خانتها : لما طلعت من غرفة نومي واختلقت عذر عشان تنام بالمجلس وتحاكيها
رفعت رأسها لتركي الذي يناظرها بصدمة
جلس على الأريكة المقابلة لسريره وهو يحاول ان يرتب أفكاره
كان يظن انه مراوغ وانفال ساذجة
كان يظن انه خبيث وانفال مغفلة
الآن ظهرت الأوراق وانكشف المستور وانقلبت عليه الطاولة
كان ساذج لما يظن انه يمارس خيانتها وهي ياغافلين لكم الله
ولكن انفال سايرته وراوغته حتى أنهى علاقته بأسماء من تأنيب الضمير وغيرها
ولكن بكل مرة يترك وحدة يعود الى اثنتين بعدها
بكل مرة ينوي ان يتوب ويخلص اليها يعود اردى واخس
مسكت الأسوارة التي بيدها وهي تقطعها بقوة :
هذه المرة خيانة بعد ولكن خيانة كبيرة
كبيرة مرة ياتركي
لأنك اول مرة تصير بهذا الحال من يوم دريت بخياناتك اللي مالها آخر
من دريت وانا اكذب نفسي وأصدقك واقول مايسويها ابو حصة! الا ياخيبة حصة فيك
هذه المرة ياتركي ابي إحساسي يكذب
اردفت بحنق من كبر شرهتها وزاحمته العبّرة : اتمنى اللي في بالي مو صح
اتمنى حالك هذا ماهو سبب اللي قاعدة افكر فيه
رمت الأسوارة بقوة في حضنه وهي تخرج من الغرفة الى دورات المياه
مسك تركي رأسه وهو يتنفس بقوة / اشبه باللهث
وبنفسه :
لا تعرفين
لمصلحتك يا انفال هذه المرة بس لا تعرفين /

\
امام بلكونة المطلة على باريس
يتوسط الإطلالة برج ايع¤ل وهو ينير باللون الذهبي في الساعة المتأخرة من المساء
كانت تجلس على الكرسي دائري بلا ظهر من الخوص وبيدها كوب شاهي بالافندر تكافئ أعصابها المشدودة طيلة اليوم
ومنشفتها على رأسها بعد ما أخذت حمام دافئ يسترخي به جسدها المرهق من اليومين الشاقين
ببجامة من حرير شورت باللون الخربزي مع بدّي بحملات رقيقة عارية اليدين
لفت برأسها وهي تنظر الى ريناد المستلقية بقميص قطنية الى نصف ركبتها باللون الرمادي
وبيدها جوالها بعد ماضيقت عيناها حتى تراها بوضوح في عتمة الغرفة مكتفين بإنارات ناطحات السحاب المنعكسة على زجاج بلوكنتهم وهي تنهض جارة قدميها من السرير :
بنادي جلوي قبل انام مشتاقة له
أرخت شادن رأسها على كتفيها بترجي متوسلة اليها :
تكفين روحي له جناحه مالي خلق أغير ملابسي
هزت ريناد كتوفها بلا مبالاه وهي مستصعبة فكرة الخروج من جناح الى آخر :
لا تغيرين
ضحكت شادن بسخرية رافعه حاجبها مستنكرة :
ياحلوي والله وانا طالعة قدامه كذا حتى ماكلفت على نفسي أغطي فخذي مغطية النص روحي بس
تخصرت ريناد وهي تضرب جبينها :
ماشاء الله على الذكاء كان قصدي ادخلي بالمفرش وسوي نفسك نايمة
أخذت المفرش الأبيض من السرير وهي تجره على الارض متوجه الى الباب :
منةّ الله ولا منةّ بنت خالد
بروح جناح اخوي عشان نسولف على راحتنا - صرخت متقصدة تسمعها - بدون عذال
شهقت شادن بضحكة مندهشة وهي تشوف المفرش كنس الارضيّة :
ياقذرة وصختيه! وش انام عليه ؟ جيبي لي مفرش من غرفة اخوك وانتي جاية
ضحكت ريناد وهي تضع المفرش على رأسها وتلفه على جسدها والمتبقي منه يجر نفسه معها :
ياوجه استح! قاعدة تطرين من جناح اخوي في فندق ؟ ليش حاطين روم سيرع¤س ؟
أخذت شادن علبة المناديل من الطاولة وهي تضرب ريناد المدرعة بالمفرش بقهر :
يا رب تطلعين ويشوفك مقرن ويوقف قلبه ويكفر فيج عاد حلاته لا عطاج راشدي والله احب راسه
مايكفيك يا دعلة انا تاركين لج الشقة ولك عين شايلة شلايلك وجاية تنامين معنا ؟
فتحت ريناد الباب وهي تجر نفسه بصعوبة من ثقل المفرش بإستنكار وهي تحدث نفسها :
مسكينة وش تضارب اللهجات هذا ؟ عكّت أذني شوي جيم شوي كاف
يا رب ما انسى اسأل ذياب عن معنى راشدي لاني احسها تسبني
رنت جرس جناح جلوي الذي بنهاية الممر رغم انها متعبة من احداث اليوم الا ان الفضول أتى بها من كومة تعبها ومن سريرها الى جلوي حتى تستقصي عن آخر الأخبار
فتح جلوي الباب وهاتفه على أذنه فتح عينيه بإندهاش وهو يرى شكل ريناد !
متاكد ان ابيها مارأها تخرج لانه دينه ودين الخروج بمظهر لا يليق بالذوق العام حتى لو من البيت الى البقالة
فتحه جلوي على الاخر وهو يأشر لها بإن تدخل قبل ان يرأهم احد وهو يهز رأسه يمنيًا ويسارًا بأسف
دخلت ريناد وهي ترمي المفرش عند الباب رفعه جلوي وهو يغلقه ويدخل خلفها
جلس أمامها وهو ينصت بإهتمام للمحامي :
إذًا كل شيء على مايرام ؟ يهمني ان تتأكد انه لا يوجد حق عام او كفالة او انه افراج مشروط
تنهد جلوي بإرتياح وهو يتسند على ظهر الكنبة :
شكرًا لك تأخرت الى هذا الوقت ولكن هو قريب لي ولا يعرف غيرنا في باريس
رفعت ريناد رأسها بإهتمام وهي تشك انه ظ©ظ©ظ?طœ يتحدث عن كسار وهو الموضوع الذي أتت من اجله أساسًا!
اردف جلوي بتوصية بنبرة حريصة وهو يهم باغلاق السماعة :
اخبر السائق ان يهتم بتوصيله الى مقر إقامته ويتأكد انه لا ينقصه شيء خصوصًا لم يكن بالمنزل منذ ايّام سيحتاج الى مؤونة وهو مرهق
وضع جواله على الطاولة وهو يرفع راسه لريناد :
حيّا الله الخريجة
ابتسمت ريناد بفخر وهو ترفع رأسها عاليًا :
الله يحيك
ناظر جلوي ساعته بمداعبة :
قلنا خريجة بس ماتجيني بأنصاف الليول طال عمرك
ابتسمت ريناد وهي تجلس جانبه بمصلحة :
اخوي الغالي ماتحس انك ناسي شيء ؟
ناظر جلوي السقف بتفكير مصنطع وثم اردف بكذب :
لا
تأففت ريناد بقهر وهي تضرب ركبته بحرّة :
لا عاد جلوي لا تكذب! مستحيل تنسى هديتي ما انت قليل ذوق لو ناسيها مقرن ماقلت شيء بس حتى مقرن مانساني
عقد جلوي حاجبيه بإستنكار مصنطع :
جيتي لك ماهي هدية ولا ماهي في عينك شيء ؟
هزت ريناد رأسها بغبنة وهي تبلع ريقها :
ماقلت كذا بس انت وشادن وامي وابوي كلكم تسحبون علي لا والله ما أرضاها!
كان جلوي ينوي ان يتركها على أعصابها الى ان تعود السعودية ويفأجها ولكن رأف بحالها وهو يرأها تحسبهم نسووها
وقف جلوي تاركا ريناد
استغلت ريناد ذهابه وهي تأخذ جوالها
فتحت محادثة الطالبة الذي أوصتها تشوف وضع كسار ومن ثم طلبت رقمه . وأعطتها
ناظرت رقمه بتردد بعد ان حفظته من أتت من حفلتها بأسم " قطز "
ابتسمت بخبث وهي تعرف معنى الآسم!
يستخدمه المغول لتسمية عبد ثاير او كلب شرس
ضحكت وهي تذكر بيت من قصيدة غزلية ولكن استخدمتها لصالحها " وش جمع الثنتين فيها عجائب " اي والله ياكسار
سبحان من جمع الاثنين فيك " ثائر وشرس "
ارسلت بعد جلسة مشاورة واستخارة بينها وبين نفسها دامت 3 ثواني لضيق الوقت :
اقدر اقول الحمدلله على السلامة ؟
ماكانت الا ثواني معدودة وظهر لها تحت اسمه " متصل الآن "
من الطرف الآخر
ابتسم كسار وهو يرى بجانب رقمها اول حرف من اسمها بالإشعارات دخل وهو يكتب :
وأقدر اقول مبروك التخرج ؟
ضحكت ريناد :
ايه
ابتسم كسار وهو يعيد إرسال رسالتها مرفقة برده :
اجل اسمح لك تقولينها
خرجت من محادثته الى محادثة لمى وابتسامتها مازالت متشبثة في شفتيها وهي تطمنها :
سألت لك طلاب الجامعة مافيه الا العافية الحمدلله
الله يرده لكم بالسلامة والشهادة
تركت حرية اخبار الموضوع لكسار مالها علاقة تخبر لمى بأي شيء
توجه جلوي الى Safety box الموجودة في غرفة الملابس فتحها وهو يخرج محفظته
ابتسم وهو يتحسس الورقة من نوع ورق ناعم خُتمت بتوقيعه
أعاد محفظته واحتفظ بالورقي في كفه
وعاد الى ريناد بإبتسامة هادئة تليق بشخصيته وقف امامها
ثم انحنى برقة مقبلًا جبينها بحنية وهو يضع الورقة في يدها :
الله يجعلها بداية النجاحات ماهو آخر المشوار
شهقت ريناد وهي تقف على قدميها على الكنب بدهشة كان شيك بمبلغ 10 آلاف ريال سعودي
موجه من حساب جلوي بن ذعار الكسار
الى ريناد بنت ذعار الكسار
ضحك جلوي وهو يشوف ردة فعلها :
والله ماكان أكون قليل ذوق وامدّها كذا بس ماعرفت وش اشتري لك
كل شيء عندك وانا من ناحية الهدايا قليل خبرة
قلت فلوس موجودة عندها تصرفينها متى مابغيتي
ابتسمت ريناد بعبط ويدها تتحس دقنه :
لو كانت 20 الف وش ضرك ؟ ابوي مايقصر عليك وانت دكتور يعني الله يصلحك
مد جلوي يده بمداعبة وهو يحاول ان ياخذه :
اقول جيبي والله انك ماتستاهلينه
شهقت ريناد وهي تضحك وخبته ورا ظهرها
قبلت رأسه بجدية ممتنة :
الله لا يخليني منك
/

\
رغم ان النوم يداعب جفنيها الا رقة باريس آخر الليل قادرة ان تسلب منها النعاس!
شعرت بسلام نفسي لم تشعر به من فترة طويلة
فقرة التأمل مختلية في نفسها في العتمة كانت مفيدة لها
قطع حبل افكارها صوت الباب وهو ينفتح بهدوء لم تلف رأسها متصنعه الزعل على ريناد
عقدت شادن حاجبيها وهي الى الآن لم تسمع ضجيج او صوت ريناد
لفت برأسها بعد ماشعرت بإن خطوات تقترب منها
شهقت وهي تشعر بيد ضخمة لا تشابه يد ريناد!
ويد خشنة / جلفة مقارنة بيد ريناد!
تكتم شفتيها حتى لا تصرخ بذعر من الرجل الذي يتواجد في غرفتها



دخل غرفة نومه وعيناه في جواله وهو يدندن بآغنية عزفها مع الشباب في استراحته الى قبل الفجر ومن ثم توزوعوا أصدقاءه وتفرقت فرقتهم الموسيقية الليلية
رمى جواله على سريره وهو يأخذ منشفته المُعلقه خلف بابه حتى يتسبح استعدادًا لصلاة الفجر من رائحة الشيشة والزقائر من أصدقاءه ويشرشحه والده ان شم الرائحة بحكم انها عادة ذميمة ان يقابل الله برائحة مايكره
انتبه الى الملف الذي تركه بخزانته من كم شهر رمى منشفته وهو يسحب الملف من الأعلى
جلس على سريره بحماس
وهو يفتح غلاف الملف
عقد حاجبيه وهو يرى الصفحة الاولى بيضاء!
فتح الصفحة الثانية وكذلك بيضاء!
وبعدها وبعدها وبعدها حتى انتهى الملف والصفحات جميعها بيضاء
اغلق الملف بقوة وهو يعيد النظر بتمعن للملف ، لعله مخطئ ولكن والله هذا هو الملف ! نفس الشكل والملمس وخشونته وبقايا التراب بين ثناياه
مسك رأسه بصدمة
سحب جواله من آخر سريره بسرعة وهو يتصل على الرقم المشترك معه بالقصة بغضب
رنت الرنة الاولى والثانية واتبعتها الثالثة وأجاب الطرف الثاني بروقان :
هلا والله
الطرف الاول بغضب وهو يقلب الملف للمرة الثانية خشية ان عيناه خدعته المرة الاولى :
انت متاكد ان الملف فيه اوراق وصكوك ؟
عقد الطرف الثاني حاجبيه من موضوع الملف الذي رجع يفتحه من جديد :
يا ابن الحلال والله العظيم شايف كلام وش كثره! وعطيتك اياه لين نشوف له صرفة
صرخ الطرف الاول بدهشة :
اقولك الملف فاضي فاضي اوراق بيضاء مافيها حرف واحد حتى العفطة مافيها
فتح عيناه الطرف الثاني بدهشة وهو يعتدل بجلسته :
وش قاعد تقول ؟ شلون وين راحت الأوراق ؟ مو تقول انت مخبيها ؟
مسك رأسه بإستنكار منفعل :
بنفسي محد لمسه غيري ! رميته في بيت سياف ورجعت خذيته الا اذا
وانقطع حديثه وهو يرتب الأفكار في رأسه ، همس وهو يقرأها له :
كان سياف شافها ولا حرمته ، ودّروا وبدلوا الأوراق
صرخ الطرف الثاني بغضب وهو يدفع بقدمه الطاولة التي امامه حتى تناثر ماعليها :
يقطع ام اللقافة ! وش دخلهم يبدلون الورق ؟
هز كتفه بجهل وهو يحاول ان يضع احتمالات :
يمكن خافوا احد يشوفها ، وبدلوها بمكان ثاني
ابتسم الطرف الثاني بإستهزاء :
لا ياغبي !
دروا ان صاحبها بيرجع وبياخذها وشالوا أوراقك والله اعلم وين حطوها فيه
تنهد وهو يمسح بكفه وجهه بإرهاق ، وأكمل كلامه : خلاص كيفه كله ملف لا راح ولا جاء
هز الظرف الاول رأسه بالنفي ، و وضع شادن في رأسه . لأن لو سياف عرف بالموضوع ماكان الى الآن رأسه يشم ألهوا :
هيهات امرر الموضوع عوافي مرور الكرام!
عقد الطرف الثاني حواجبه باستنكار :
وش بتسوي يعني ؟
/

\
همس بإذنها وهو يشعر بتخبطها تحت ذراعيه
حاوطها بإحكام حتى تهدئ من روعها :
اعقلي ! هذا أنا
هدئت صرخاتها ولم تهدئ أنفاسها المضطربة من الخوف!
وقام جهازها السمبثاوي بعمله بكفاءة عالية بعد ان اتحد مع إفراز هرمونها الأدرينالين
فقد اتسعت عيناها ونشف ريقها وازدادت ضربات قلبها
ارتخت كل دوافعها في قبضة جسده حتى عادت من جديد في غصون ثواني بقوة وهي تضربه في صدره بقبضة كفوفها بحنق :
انت ماراح ترتاح لين توقف قلبي بيوم من الايام صح ؟
ضحك سيّاف وهو يقبل رأسها من خلفها ويحاوطها بشدّة في حضنه حتى يضبط ضرباتها المتتالية :
بسم الله عليك
هدئت رويدًا ثم لفت برأسها عليه بإستنكار وعيناها على الساعة :
متى حجزت وجيت ؟ يوم أكلمك وقتها ماقلت لي شيء
ابتسم وهو يجلس على الطاولة التي بجانبها :
كلمتك صليت العشاء ومشيت للمطار
كنت حاجز من بدري لان عندي موضوع مع ولد اخوي وهذه الرحلة الوحيدة اللي لقيتها عاد
اما ليش ماقلت لك ماكنت متوقع بشوفك لكن يوم وصلت لقيت موضوعه انحل قلت فرصة أطل عليك
قاطعته شادن وهي تصحح له بسخرية :
فرصة اخرعج
ضحك سياف وهو يضرب رأسها :
خلاص خلصنا عاد يالدلوعة
اردفت شادن بحزن وهي تنظر لشاشة هاتفها التي تحمل صورة غنى :
جيت وخليت بنتي لحالها
رفع سياف حاجبه بإستنكار :
تراك ازعجتينا في بنتك كل كلمة والثانية بنتي بنتي
اكمل كلامه وهو يضع ذراعيه على ركبتيه ، بتساؤل :
وش كنتي تفكرين فيه ؟
أجابت شادن وهي تحاول ان تسيطر على ضحكتها من غيضه :
بعد في بنتي
أطلقت العنان لضحكتها وهي ترى ملامحه الغاضبة
رمت رأسها في حضنه وهي تبتسم :
شلون عرفت غرفتي بعدين دخلت ويمكن يكون عندي احد ولا انا في وضع غير لائق ؟
ادخل إصابعه في شعرها وهو يسرحه بهدوء :
أولًا بركات جلوي ثانيًا شفت وانا طالع من المصعد اختك وهي متلملمة بالمفرش تقولين لابسة كفن الله لا يفضحنا
صمت قليلا وهو يسمع ضحكاتها وأكمل بسخرية :
ثالثًا كل شيء الا الوضع الغير لائق تكفين لا تخدشين حيائي
اردف بجدية وهو يتحسس كتفها :
بعدين كل ماطاحت يدي على شيء لقيته كما خلقه ربي
انتي لابسة شيء ؟
ضحكت شادن بدهشة وهي تصرخ بإنفعال :
اي والله لابسة بجامة!
رفع سياف حاجبيه بتكذيب :
هذه كثير عليها كلمة بجامة يمكن حرف الباء لحاله
اكتفوا بالتحديق في بعض لثواني طويلة
انحنى حتى وضع رأسه في حجرها
وعيناه تشارك عيناها في تأمل باريس وبتسأول : كم طوبة احتاجت تلك العمائر الشاهقة ؟ كم رجلًا لفظ انفاسه الأخيرة عندما خارت قوى عمارة أثناء بناءها ؟ التفكير في كل شيء بأستثناء مصارحة أنفسهم لماذا هذه الليلة لذيذة ؟ لماذا يتمنى هو وكل ضلع في صدرها ان لا تنتهي هذه الليلة ؟
لا بأس ان يلفظ روحه الان مادام سيحنط بالغد ايضًا في حجرها
فهذه حسن الخاتمة
مادام سيقال غدًا انه مات فدايًا في عقيدة الحب وانتي عدوي
خصمي
وكل غنائمي
هذه هي بطولة الحرب
مادام سيذكر غدا انه مات شهيدًا من فرط ما خنقه حبها
هذه هي الرجولة
اي شيء سيبتدي بها وينتهي بها
شرف
اي شيء سيكون من يدها او من شفتيها
ترف
مررت شادن باطن سبابته على دقنه وهي تعد كم شعيرة أخذت حظها و نامت على خده
كلما قرأت وجهك ياسياف رددت بنفسي : اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر
كل مرة أشدّ رحالي حتى اسلك فيك سكة السفر ، يصبيني بلاء قوم موسى وأتوه ظ¤ظ عاماً في عيناك!
اتساءل بكل مرة أقاوم بها رغبتي بك
اتذكر قدرة ربي ( ويسألونك عن الجبال ، قل ينسفها ربي نسفًا ) واسأله بها ان ينسف حبّك مني حتى اعود انا انا
ومن بعدها أقف امام خريطة العالم حتى أختار دولة احرر بها حُبك وتكون موطن نصرتي وشرفي!
اخر بالبكاء
ليس لأني لا احب الجغرافيا بل لأن تضاريسك ومناخك اولى بأن احبه
ولا احررها واعود مهزومة دون ان تنفذ ذخيرتي او يجرح فرسي او اطعن انا
لف سياف برأسه من اتجاه الشباك ، اليها
سُرقت أبجديتها
ودمر المطر احداثيات خريطتها للوصول
نست حقائبها عند اول محطة
والله وحده الان يعلم كيف تتأرجح اقدام اللغة
لم يتبقى بها شيء تستغيث به امامه
لعيناه غواية اكثر من غواية النفس التي كادت ان تلقي بيوسف امام امرات العزيز
وأكثر غواية من الشيطان الذي اخرج آدم من الجنة
وقف سياف ببطئ بعد ان رأى الساعة بدت تشارف على بدايات فجر يوم جديد
يقوم من حضنها كارهًا
حضنها الذي دفعه ان يترك اهله وموطنه ويرتمي اليه حتى ينتشل حزنه ويرتاح :
بمشي
سندت رأسها للخلف بترجي هامس :
أقعد شوي
انحنى بجسده عليها وهو يدفن رأسه بعنقها ويقبله برقة :
قبل تجي ريناد ما ابي احرجها
همست شادن وهي تمرر انفها خلف أذنه بعد ان أغمضت عيناها وكأنها تلقن انفها تركيبة عطره :
تصبح على خير
بنفس طريقتها اغلق عيناه وكأن العتمة تشوش تركيزه مرر انفه على عنقها من خلف إذنها الى أسفله بهدوء :
تدرين ؟ هذا مكاني المفضل في العالم
همست شادن وهي تحتل بأصابعها فراغات كفه بعتب :
الاشياء المفضلة مانهجرها 12 سنة
قبله سياف للمرة الثانية ومن ثم صلب طوله ويده مازالت تحتضنه كفها :
وهذا انا راجع أضمه تحت جناحي من جديد
ضحكت شادن بقل حيلة من التعب بصوت ناعس :
وانت كل شيء عندك بالغصب ؟
ابتسم وهو يتوجه معها الى الباب :
وش اسوي بك اذا ماينفع معك اللين ؟
رفعت شادن كتفيها بجهل فتح سياف الباب وهو يأشر لها ( مع السلامة ) :
لا ترتبطين مع احد بكرة ، حجزتك
ابتسمت شادن وهي تضع رأسها على الباب وتأشر له :
ان شاء الله .
/
*
\
*
/
بالقدر الضئيل من الأضاءة المتسللة من شباك حجرة ابنتيها
من عواميد انارة الحي وبيوت الجيران المجاورة
كانت تتأمل حقائبها المصطفة امام دولاب لدّن ووهاد وتحمل أغراضها
بعد ان كان جناح يضمها بهناء وسعادة كل ليلة أصبحت اليوم تزاحم وهاد في سريرها
خفضت أنظارها لوهاد النائمة في حضنها بعينان منتفخة وأنف محمر من شدّة البكاء
انشغلت عن نفسها بتهدئة وهاد مسحت على شعرها بحنية متنهدة
كانت تبكي وهاد من حرقتها على امها
اكثر من امها
نامت وهي تبكي وتهدد وتتوعد بإن تحرق البيت بمن فيه حتى يرتاح قلبها!
ماذا ستفعلين غدًا يا ابنتي ان تركك ابيك مثل ابي في بيت رجل
وبعد عشرة دامت اكثر من ظ¤ظ سنة يضع على رأسك شريكة بعمر بناتك ؟
ناظرت السرير الآخر بجانبها
لدن كانت كعادتها تراقب بعيناها بصمت
تفعل ماتؤُمر به وعن غير ذلك هي ساكنة
لا تجرؤ على اتخاذ شيء بنفسها
جمع لدن و وهاد بطنها 9 أشهر لوحدهم
ولدوا بأشباههِ واحدة ولكن اطباعًا مختلفة
تسللت دمعة حارة على خدها لأول بعد مرة بكاءها أمام سلطان العشاء
لم تجرؤ ان تبكي امام ابناءها تعمدت ان تنتظرهم الى ان يناموا
وتبكي مجددًا تبكي لوحدها مثل ماكانت تفعل قبل ان تنجبهم
لم تنجبهم ليرؤا حرّقة قلبها او يكفكفون دمعة عينها
غمضت عيناها وتركت لعيناها الحرية ان تسكب ملحيها بغزارة ضامةً شفتيها تكتم شهقات مصدرها روحها تستغيث وليست لفظة من شفتيها
شعرت بعلقم يقف في نصف حنجرتها
لا تستطيع ان تلفضه فتكاد ان تلفظ معه روحها
ولا تستطيع ان تبتلعه وتختنق به
شعرت بيد اصغر من يدها ناعمة كطبعها
بسباتيها كانت تُمسح عيون امها
لم تستطيع ان ترى بلورات عيناها في العتمة ولن تملك قلبًا يخبرها ان امها بجانبها تصارع
فتحت ترف عيناها وهي تفرج عن شفتيها حتى تتحرر شهقتها وتصل الى مسامع لدن بالعلن
وهي تقبل بقوة كفوفها
مسحت لدن على كتفيها بحسرة
هي بين ثلاث نيران لا تستطيع ان تغضب على ابيها كـ وهاد وتفلت لسانها ولا تستطيع ان تستهين بجرح امها حتى وان كان شرعًا حلال ولا تستطيع ان ترى غريبًا يشاركهم عائلتهم ويقتحم خصوصيتهم بدون سابق إنذار بهمس :
يمه ابكي تكفين لا تسكتين وتكتمين بقلبك!
لا تبلعين الغصة والقهر وتضحكين!
لا تذوقين المرّ وتقولين حالي!
ترا انا ما عندي احد لا رحتي وتركتيني
اخواني كل واحد لاهي في بيته وحرمته ولله محد بيضفني في جناحه لا رحتي
وابوي شوف عينك اخاف تقلبه عليّ لا رحتي وتقوى شوكتها
يمه تكفين لا تروحين وتخلينها تسرح وتمرح في بيتك
هذا بيتك قبل يكون بيت ابوي اصلًا
البيت هذا ماهو بيت اذا انتي مو راعيته كلنا مانبغاه اذا انتِ مو عمته!
يمه انا ما اشوف هذا بيت انا اشوف هذا حضنك
شهقت بحرقة والموقف لم يحدث بعد ولكن صورّه عقله الباطن لها :
يمه انا تربية يدينك هذه انتي اكثر وحدة تعرفين انا اضعف من قشرة الخشب!
انا مو وهاد اخذ حقي منهم حتى وهو بين يديني
انا مو سيّاف اذا ضاقت عليه الوسيعة يهرب ويترك كل شيء ورا ظهرك
انا مو يوسف لا انهارت جدران البيت ، يسكر أذنه ويبكي ويصير الشيء كأنه ماصار
انا مو حاتم ولا عبدالله ولا ماجد ولا واحد يمه
انا مو باقي عيالك انا لدن اذا بتروحين خليني اروح معك ما ابي الدنيا وانتي مو فيها
شهقت بقوة وهي تسحب وشاح امها الموضوع بوقار على كتفيها وتخبي نفسها فيه :
من طلعت من على الدنيا وانا اخاف اطلع من تحته
تكفيني ردّيني صغيرة وخشيني فيه
بس لا تروحين وتخليني
ضمت ترف ، لدن بقوة
وهي تخبيها بحرص تحت وشاحها وكأن لدن ستطير ان لم تضمها لجناحيها بشدة
لم تخشى ان تستقيظ وهاد التي نامت بصعوبة وأطلقت شهقات المتتالية من كلام لدن لا من آلم جرحها!
لوهله أيقنت حتى وان خسرت سلطان
لم تخسر ابناءها
لم تخسر عافيتها
لم تخسر دينها
لم تخسر أمنها وآمانها
إذًا كل شيء هيّن
حتى سلطان هيّن!
لن تستطيع فتاة لم تبات في حضنه سنتين
ان تسلب منه عشرة وذكريات وأيام سنوات!
هي من وقفت مع سلطان عندها لم يجد كسرة خبر يضعها في فم لدن ووهاد ويوسف ذات ليلة!
هي من نامت وشدّت طرحتها على بطنها من الجوع وتركت قسمتها من طعمها لسلطان حتى يشتد عضده
اذا كان سلطان خائنًا ونسى
لا بأس يتذكره
ان كان سلطان يرى ابناءها فشيلة
لا بأس ستريه كيف هم لها غنيمة
لم يتبقى منطقة من رأس لدن ، لم تهطل عليه قبلات ترف تارة ودمعها تارة .
همست بحُب وهي تحتضن لدن للمرة الثانية بقوة ، حتى ازدحم بهم سرير وهاد
لا بأس ان كان السرير ضيق لثلاثتنا
انا حضني يتسع لـ ابنائي السبعة!
ابتسمت ترف والدمع يشق المضائق من عيناها ليصب في البحيرات السبع في وجنتيها :
ان خسرت رجال
ماخسرت الجنة ولا نقص مني يد ولا رجل
بس ان خسرتكم خسرت سنين عمري وعمري وفقدت قلبي وبطني وعيوني
المال والبنون زينة الحياة الدنيا
ماقال ربي في كتابه وزوجك لانه نصيب يروح ويجي
ان جاء جيته خيرة
وان راح ربي صرف عنك شر
ولا ماكان شرع ربي في شرعه الطلاق
لان ربي يدري بإن مو كل عباده صالحين وكفو
ان خسر احد فهو ابوك! خسر وحدة كمل بها نص دينه
رضت على حلوه ومرّه
خسر عيالٍ مايتعوضون لو ينكح من على الارض جميعًا
دفنت لدن رأسها في حضنها بهمس وهي تقبل صدرها بحُب مستريحة بعد ان طمنتها امها :
احنا مانتعوض عشانك أمنا
ابتسمت ترف وهي تُمسح على رأسها بهدوء الى ان غفت لدن في حضنها
تعلم ان الجرح لا يبرئ بيوم وليلة
تعلم ان الكلام التي قالته للدن هي اكثر وحدة تحتاجه
هي لا تبكي اعتراضًا على شرع الله
لا تبكي لأن زوجته الجديدة تفوق عليها جمالًا واصغر سنًا
ان بكت ستبكي على امتهان سلطان لعشرة العمر بعذر تافه
( ابي عيال مرتبين ) والكل يشهد بالتربية الحسنة لأبنائي
ان بكت ستبكي على كل ريال رفعته من ذهبها ومالها و وضعته في جيب سلطان دون ان تخبره انها هي حتى يستطيع ان يشتري مؤونة للبيت في ايامٍ عسرة عاشوها قبل كم سنة!
ان بكت ستبكي ان لم يبقى لها بقلب سلطان بعد هذه العشرة ربع ذرة من احترام
حتى يتركها في غرفتها تبكي وتنوح بأريحية
ليس مثل الآن تكتم وجهها بالمخدة حتى لا يستقيظون بناتها
ولم يحاول ان يوصل لها الموضوع بطريقة تليق بقلبها قبل مقامها
ولم يتركها كأطرشٍ في الزفة يدخل عليها امرأة ويقول هذه زوجتي وارضي بالأمر الواقع
أزاحت لدن من حضنها بهدوء حتى لا تستقيظ
و وضعت رأسها على مخدة وهاد
خرجت ترف وهي تغلق الباب ببطئ خلفها
سقطت عيناها على باب جناحها المظلم
ناظرت الباب بتفحص وهي تحاول ان تسترق النظر من تحت الباب
الانارة مغلقة!
هل هم نامون ؟ ام يسهرون على ضوء القمر وتستمع الى قريحة سلطان الشعرية الليلية مثل ماكانت تفعل ؟
اقتربت بفعل لا يليق بها كأمراة كبيرة عاقلة
ولكن الغيرة تلوذ بالعقل حتى وان كانت امرأة الـ ظ¨ظ سنة
بالنهاية هي انثى والرقم مجرد عدّة سنين من تاريخ الهجرة وميلاد عيسى الى الآن!
لا يبنى عليه شيء
وضعت إذنها على الباب وهي تحاول ان تسمع وتريح بالها
شهقت بخوف وهي ترجع خطوتين للخلف بعد ماسمعته من خلفها
ينادي بصدمة :
يمه! وش قاعدة تسوين ؟
التقطت انفاسها وهي ترى يوسف يقف امام باب غرفته بإستنكار :
سم يمه ؟
شرّع يوسف الباب بتنهيدة حزينة على حال امه :
ابي احد ينام معي
بلعت ترف ريقها وهي تحاول ان تتغصب الإبتسامة لخاطر يوسف بحنية :
جيتك يايمه وسع لي بفراشك /

\
هز الضابط التقني رأسه بإنصات وهو يسجل الملاحظات بنهاية كل يوم كعادتهم حتى يكملون العمل عليها الغد من نفس النقطة :
ان شاء الله طال عمرك
بس سجلت بمسودة اليوم ان اللي توصلنا له فقط تشخيص مبدئي لحالة المتهم الالكتروني
هز حاتم رأسه بعدم اهتمام :
مافيه شيء غير كذا اصلًا
بكرة نكثف جهودنا اكثر لأن القضية ماتستاهل كل هذا الوقت اللي قبل ما اجيكم مع الاخ صالح والحين انا معكم فيها من اسبوع
فرك حاتم بكفوفه وجهه بإرهاق بهمس متعب وهو يدلك عنقه نحو اليمين واليسار حتى ترتاح عضلاته التي من الصباح امام شاشات الكومبيوتر :
الآن استعدوا للصلاة ياشباب وبإذن الله بكرة نكمل
ناظر الضابط الآخر ساعته ب لامبالاه وهو يتصفح هاتفه :
تونا ما بعد إذن
ناظره حاتم بطرف عين وهو مستنكر هذا الشاب منذ مجيئه يذهب اخر واحد للمسجد ويخرج اولهم ولم يرأه يتوضى ابدًا :
الاذان نداء للغافلين
الله لا يجعلنا منهم
قمّ واستعد وصلّ تحية المسجد وتسنن واذكر الله لين يقيم
فز الضابط بإحراج من كلام حاتم
ونظرات زملائه الذين تأثروا من كلام حاتم وفزوا جميعًا يرفعون اكمامهم
وهم يسمعون الصوت المُذاع من سماعات المنابر بصوت المؤذن الذي لا يزال صوته تحت تأثير النوم وهو ينادي بخشوع :
حيّا على الصلاة
حيّا على الفلاح
الصلاة خير من النوم
غمض عيونه وهو يكرر بإنصات بكل جوارحه مع المؤذن
وقف وهو يتوجه الى دورات المياه
ترك الصنبور يخر بالماء ليدخل تحته كفيه
كان يتوضى بإستشعار هذه النعمة العظيمة
لم يشرع الوضوء فقط للطهارة
بل بالوضوء مع كل قطرة ماء تسقط منك تسقط معه ذنوبك
يكفر الله عنك ذنوبك بكل شيء
حتى تعود له كما خلقك
أليس سببًا كافيًا ان نترك مايعصيه لرأفته بنا ؟
حتى لو لم يرسل إلينا الرسل بالتبشير والتحذير ليس لنا حجة ان نرتد عن فطرتنا السليمة!
ولكن الله ارسل لنا الرسل حتى لا نعتمد على فطرتنا ، فقط تظّل
ولا على عقولنا فقد تنحرف
وأرسل لنا الرسل حتى لا يكون لنا على الله حجة
وقف حاتم ومن خلفه وامامه زملاءه بعمله يهرعون تلبيةً لنداء الله
وهو يتوجه الى المسجد تحت صوت الأمام وهو يضع كفيه على أذنه مغلق أذنيه بخشوع :
قد قامت الصلاة
الله أكبر
ابتسم حاتم وهو يقرأ اللافتة الموضوعة بجانب بوابة المسجد
كانت تحمل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لمؤذنه :
أرحنا بها يابلال
و والدته ايّام عزوبيته لما كانت توقظهم لصلاة الفجر تقول بحنق على رؤسهم :
قوموا صلوا
قبل يصلون عليكم
فرق الأساليب في التحبيب بالصلاة والدين عامةً!
استعاذ بالله من الشيطان وهو يكبر .
/

\
ابتسمت ريناد وهي تأخذ كوب الشوكلاته الساخنة من يد النادلة البشوشة
لتتركها تنزل لها على الطاولة صحن شوكلاته الفوندو
استيقظت على منبه ساعتها البيولوجية رغم انها لم تنام الا متأخرًا
تنهدت بإبتسامة وهي ترى شباك المقهى الزجاجي
ويزينه زخات المطر والضباب يغطي نصف العمائر الشاهقة وزجاجات المحلات والسيارات!
ناظرت درجة الحرارة المرصدة على باب المقهى كانت : 2 درجة مئوية
وهم الآن فترة الظهر تقريبًا!
اتسعت ابتسامتها وهي تسمع صوته من خلفها مثقل بالنوم :
صباح الخير
وضعت ريناد كفها تحت دقنها بسخرية وهي ترى الساعة ظ،ظ، الظهر :
مساء النور
آشر كسار على الكرسي الذي امامها وهو يتفحص زوايا المقهى بعيناه بحثًا عن اَهلها :
لأحد ؟
هزت ريناد رأسها بالنفي وهي ترتشف كوبها بهدوء
أعادت كوبها لطاولة وهي تُمسح بقايا الشوكلاته على طرف شفتيها بالمنديل :
لحسن حظك لا
ولكن لو لتجلس بنصحك تفطر بسرعة قبل يصحى مقرن ويشوفك ويعلق رقبتك بالسقف تضامنًا مع الهالوين
ضحك كسار وهو يسحب الكرسي ويجلس امامها بعد ان طلب من النادلة ان تجلب له كابتشينو وقطعة سينابون
زمّ كسار شفتيه بهدوء وهو ينظر معها الى الشباك العاكس لـ مرور الناس من رصيف المقهى والسيارات بجانبهم والمانع لأصواتهم بفضل العوازل مكتفين هنا بصوت مكينة القهوة وصمت الطرفين المتقابلين
اقتربت النادلة وهي تضع طلب كسار على الطاولة ولكن يد ريناد كانت أسرع وهي ترجع لها طبقها برفض :
لو سمحتِ اعذريني لقد اخطأ بطلبه لا يريده
يريد ميل فاي
فتح كسار عيونه بصدمة وهو يرى النادلة تهز رأسها بالإيجاب وتعود لتغير طلبه
لف على ريناد بإستنكار من ميانتها
ضحكت ريناد واردفت بعفوية وهي تكشر بملامحها معبرة عن استياءها :
والله الميل فاي عندهم لذيذ ، السينابون عندهم عجينة تثقل على كبدك بدون اي طعم
ابتسم كسار عليها وهو يعتدل بجلسته مستندًا على ظهر كرسيه اردف بصراحة بملامح جادة :
تدرين اني انصدمت يوم سألت عنك وقالوا انك اخت مقرن ؟
هزت ريناد رأسها بلا مبالاه وهي تنتاول قطع الفواكه بهدوء :
لو ماكنت ادري فأنا دريت من ملامحك قبل شوي يوم جبت طاري مقرن
هز كسار رأسه بطريقة لبقه تنفي تفكيرها :
لا تفهميني غلط بس
قاطعته ريناد بإبتسامة مجاملة عريضة وهي تضع عيناها في عيناه :
لا مافهمت غلط كنت تفكر شلون انا اخت مقرن ؟ شكلي ودراستي ماتليق بشخصيته
كنت متوقع لو أكون اخت مقرن يعني يقدر يمارس عليّ أفكاره ؟
انا بنت ابوي ما اني بنت مقرن!
ما اعني بكلامي اني انا وكل افعالي صح ومقرن وافكاره غلط
بس هذه انا حتى لو ماكنت اناسبك انت ومقرن
هز كسار رأسه بإندفاع وهو يحتد بنظراته على كلامها وهي تخص بالاخير :
ما اكذب عليك
ايه انصدمت!
شلون مقرن شيء وأخته شيء ؟
رجال وماقدر يسيطر على اخته تصير حرمة وتحشم نفسها ؟
حتى لو كان ابوي عايش على عيني وراسي بس معليش الغلط غلط
امالت ريناد بشفتيها بسخرية وهي تشتت أنظارها بعيدًا عنه :
اذا قدرت تمشي كلمتك على خواتك عفوًا اسمح لي ماعندهم شخصية
اذا حياتي مسيرة بيد اخوي على وشو اسميها حياتي ؟
هذا انت قلته الغلط غلط
ماقلت الحرام حرام
ماخذيتني انا على محمل الشرع خذيتني على محمل العادات والتقاليد
عيب يافلان أختك لا سافرت شلعت حاجبها
وانتم ثلاثة ارباعكم تعرفون الحجاب عشان العادات والتقاليد ماهو عشان حرام وحلال لا نكذب على بعض
البعض لابسينه عن قناعة واحترمهم جدًا والله يثبتهم ويهديني لاني ادري اني غلط
والبعض لابسينه عشان الباقي لابسينه فقط!
ترا كذا ما استفادت منه شيء لا اجر دامها مالبسته عشانه عبادة
ولا اتبعت نفسها ومشت زي الإمعة ورا الناس وش يسوون وبتسوي
عقد كسار حاجبيه بغضب :
الحين خواتي لا سمعوا كلامي واحترمني صاروا بدون شخصية ؟
رفعت ريناد حاجبها بتحدّي :
من وجهة نظري ايه
اولكم سياف قاعد يهايط على رؤسنا من يومنا صغار ويوم كبر اول وحدة تشلعت زوجته والحين هو ولا كلمة
رفع كسار يده وهو يشير للنادلة بإن تجلب له الشبكة حتى يدفع حسابهم :
وهذا مقرن اخوك
ذابحنا بقوة شخصيته وماشية كلمته على زوجته واشوفها وهي مسافرة استر من وهي بديرتها يالله قومي طيب
ريناد بغضب وهي تشوف كسار يخلط كلامها :
لأن زوجته لابسته برضاها ماهو لعيون مقرن!
تنهدت وهي تقف معه :
خلاص سكرّ الموضوع طويل جدًا للنقاش بالذات وانا مالي خلق
فتحت عيونها بصدمة وهي تستوعب انها أطاعت كلامه : لحظة ليش اقوم ؟
ضحك كسار وهو يفتح لها باب المقهى :
تتوقعين وين بكون قد شفت زوجة مقرن اجلًا ؟ قابلته قبل شوي وهو يتجهز بيطلع من الفندق
ابي نطلع قبل يجي
وأبيك بمشوار قبل تروحين وترا مستأذن من عمة ندى وهي بتقابلنا هناك لانها رفضت آخذك الا بوجودها /

\
فتحت شادن عيونها ببطئ وهي تحاول ان تستوعب المكان المحيط بها مددت رقبتها بالطرفين وهي تبعد المفرش عن ساقيها بخمول من كثرة النوم
سحبت جوالها من الطاولة بجانب سريرها وهي ترى الساعة
شهقت وهي تركض الى الشباك فتحت الستائر بقوة وهي تنظر للسماء!
فعلًا الشمس باتت على المغيب وهي مازالت نايمة
ناظرت الطرف الآخر من سريرها وكان خالي من ريناد تنهدت وهي تذكر انها واعدت اليوم سيّاف واكيد تأخرت عليه
/

\
وقف بسيارته امام فندقهم وهو ينزل من مقعد السائق وبيده اليسرى يغلق الباب وبيده الآخرى جواله يبحث عن رقم شادن
استند على السيارة وهو يتصل عليها ماكانت الا ثواني حتى أتاه صوتها من الجهة الاخرى بإستعجال متأسف :
والله راحت علي نومة ومحد صحاني
ابتسم سياف وهو يدخل كفيه في جيوب بنطلونه :
اولًا خذي نفس
ثانيًا متى ماخلصتي انا تحت انتظرك توني جاي اصلًا
ضحكت شادن وهي تلبس حذاءها شبه بوت ينتهي عند بداية ساقها بكعب صغير أغلقت السماعة ادخلت جوالها في شنطتها وشدت على معطفها
خرجت من الاصنصير بخطوات مستعجلة
ابتسمت وهي ترى سياف بنظارات شمسية عند بوابة اللوبي واقف على قدم وقدم ساندها على الجدار ونظاراته الطبية على صدره وعيناه في جواله وبيده معطفه!
اقتربت منه وهي تدخل كفوفها في جيوب معطفها بعد هبّت عليها نسمة هواء باردة :
مساء الخير
رفع سياف رأسه بابتسامة وهو يبعد مطاراته عن عينه ويدخلها في جيب معطفه :
ياهلا والله!
وقفت شادن في مكانها بترجي وهي تمسك كفه بقوة حتى لا يذهب للسيارة :
تكفى سياف طلبتك
سيارة لا
الجو حلو ونمشي بسيارة ؟ وش كفر النعمة هذا ؟
مد سياف مفاتيحه للفندق حتى يركنوها في مواقف الفندق
وضع ذراعه على كتوف شادن وهو يدفنها في حضنه ويمشي بإتجاه برج إيع¤ل الذي كان سيفصلهم عنه مسافة دقائق
همست شادن وهي تحاوط خصره بذراعها :
فيه مكان معين بنروح له ؟
هز سياف رأسه بالإيجاب وهم يقتربون من حديقة ( شامب دي مارس )
همست شادن وهي ترى الساحة المزدحمة
كلهم واقفين / محاوطين برج ايع¤ل
البعض منهم يتأمل عجيب صنعه!
والبعض يمارس عمله هنا حتى يكتسب رزقه من السياح :
تدري ان برج ايفل كان مخطط يكون لمدة ظ¢ظ سنة فقط ويهدمونه ؟
عقد سياف حاجبيه بإهتمام :
وليش تركوه ؟
ابتسمت شادن وهي ترفع رأسها له حتى استقر دقنه على جبينها :
كانوا مصممين برج ايع¤ل على انه رمز للعلم الحديث والشعب وقتها استنكره الشعب لان وقته مو مناسب رغم انه اطول برج في العالم ولكن تركوه لما استخدموه الجيش الفرنسي قبل ظ،ظ¢ظ سنة كمحطة هاتف
ضحكت شادن وهي تذكر قصة تسميه اسمه بهذا الاسم :
ترا حتى البرج تسمى ايع¤ل والكل يظن عشان صاحب الفكرة كانت عائلته ايع¤ل
وبالحقيقة تراه هو ماكان مهتم بالفكرة ولا عاجبته حاله مثل باقي الشعب
ولكن فيما بعد شرى حقوق الملكية الفكرية للاختراع وعطوه حق التسمية
وضع سياف خده على شعرها بهدوء وهو يتأمل الشمس التي بدت تودعهم مشارفة على المغيب ببطىء :
باريس اشوفها مدينة مافيها زود عن اي مدينة ثانية
حتى برجهم اللي فرحانين فيه مايسوى
كله حديد اسوي لهم واحد مثله وازين بدوار الخرج ولا الدوادمي ويحطونه بأسمي
اردف سياف بتساؤل بحلطمة وهو يأخذ تذاكر الدخول للبرج :
انا مدري وش عاجبك في باريس!
همست شادن بجديّة وهي تنظر له :
اني معك
وقف سياف فجاءة وهذا هو آخر رد توقع انه يسمعه حتى انه لم يطري على باله
ابتسم وهو يركب معها المصعد بهدوء وقف في الدور الثالث وهو يخرج معها من بين زحمة الناس للمطعم الذي تعمد سياف اختياره لهذه الليلة!
كان القرسون بالبدلة الرسمية في انتظارهم أخذهم الى طاولة المطلة على الساحة تحت الإضاءة الخافتة مكتفين بضوء الشموع بطلب من سياف!
قدم لهم مياه باردة بدًلا عن المشروبات الكحولية كضيافة
همست شادن وضعت شادن معطفها بجانبها ، ويدها تحت خدها تتأمل سياف الذي كان يتأمل الساحة بتفكير عميق
يالله لو مارأيت من اعجاز صنعك الا سياف لا كفأني كيف له ان يكون " مظهره كالجليد وعمُقه كالجحيم " ؟ كيف له ان يكون مجموعة إنسان دون ان يتخبط! يستطيع ان يضع مشاعره جانبًا متى أراد ، ويستطيع ان يفرق بين اخلاقه وموقفه
وانا حتى أحزاني من الآخرين لا أستطيع التعامل معها او طبطبتها ، فقط اجيد ان أزيد الطين بلة!
كيف لك ان تكون بهذا الكمال الذي اتمناه ياسياف ؟
قاطع حبل


افكارها ، صوته الهامس وعيناه مازالت معلقة بالزجاج :
مليون ؟ ولا شوية ؟
عقدت شادن حاجبيها بإستغراب :
وش هي ؟
لف عليها بإبتسامة هادئة وهو يمسح بطرف سبابته على كفها التي كانت على الطاولة :
الأفكار اللي قلتيها برأسك عني في غصون هذه الثواني ؟
ضحكت شادن بدهشة محرجة! ان كشفها دون ان ينظر في عيناها او ينتبه ماذا تفعل هي الآن ، كأنما يرأها في قلبها
همس سياف وهو يقترب بكرسيه من كرسيها وذراعيه تستند على ركبتيه :
اكذب عليك لو اقول لك هذه الليلة ابيها عفوية
لا هذه الليلة اكثر ليلة حاولت أكون دارس لها
سفرة باريس هذه هدية سماوية! جتني وكأنها آمر رباني بإن أتعمد انهي كل هاللي قاعد يصير
شفتي لا اقلعتي من ارض فرنسا ؟ ابي كل شيء بقلبك علي وقتها طاح هنا ، دمحناه سوا هنا!
ابي نرجع الرياض طاهرين من كل هذه الآثام اللي ارتكبناها في حق أنفسنا!
شفتي هذه اليومين اللي راحت ؟
هزت شادن رأسها بالإيجاب وهي منصتة بكل اهتمام لكل حرف تلفظه شفتيه
ضرب سياف بأطراف أصابعه ، صدره :
لا تحسبيني فرحت فيها صحيح كانت مثل العسل ! انا ضميآن ياشادن! ضمييييان! والضمآن مايرتوي بالعسل
يا اما ماء بارد يبّل ريقه يا اما لا تعذبونه بالعسل! لان الموت عطشان ارحم
انا ما ودي افرح لاني اخاف منك ياشادن ، ما ادري انتي راضية ولا زعلانة ؟
انا قاعد اساير مزاجك
ان صرتي راضية رضيت وان زعلتي زعلت
انا ابيك هذه الليلة تريحيني
ابي اصحى وانا عارف انتي اليوم وشو! ابي اعرف لا زعلتي انا وش مخطئ فيه!
اما مثل آخر يومين تعيشيني بالجنة وأحب عُمري واشوف الحياة لون ثاني ، ثم تحرميني منك لا ما ابغاها
تخليني احتار انا بين ضلوعك ، ولا على متن سحابة
والحيرة قطعة من نار!
اخذ كأس الماء وهو يرتوي ، بعد ان جف ريقه من اندفاعه بالكلام . وكأن الذي كتمه من شهور تدفق من لسانه بليلة واحدة
همس وهو يعتدل بجلسته ، تارك زمام الاختيار لشادن :
يا اما انتي حرمة بتقدرين تنسين اللي صار وبتعيشين معي ، او الله يوفقك!
" أغيب وتذكرين بالحشيمة ، ولا امرح في ذراك وتلعنيني "
انا جربت مرة اترك الموضوع في يدي ومافلحت بتركه هالمرة بيدك ولعلي ارتاح ياشادن
سالفة اني رجل أقبلت على الثلاثين سنة وللحين ماعرفت اسيّر حياتي! انا حزين على نفسي ، ماعرفت استقر ماعرفت أسس لي حياة زي اي شاب في عمري!
انا اب بس ماني قادر اصير اب
انا زوج بس ماني قادر اصير زوج
انا مأخذ من الاشياء اسميها
كانك تشوفين مايرد خاطرك مني ، علميني وش تبين وبيجيك! مع اني اظن تعادلنا والله تعادلنا
زعلتك ليلة جيتك فيها بدون رضاك ؟
كنت حيوان والغلط راكبني
زعلتك اني تركتك ظ،ظ¢ سنة ؟
كنتي صغيرة ياشادن والله صغيرة! تركتك للايام ، تكبرين ثم اجيك ولكن صار اللي صار!
ترا أغلاطي ماتوجعك لحالك
خلاص ياشادن! " افضحتني عيُوني ضيّعني السهر ، والرياض كلها درت اني ابيك "
رفع عيناه الى عيناها
تحت ضوء الشموع والإنارة العاكسة من الخارج لم يكن يُرى بوضوح الا عيناها
عيناها التي كانت متشبثة في عيناه
صمت من هنا ، وصدحت قريحته الشعرية امام عيناها من هنا
لتتلؤ في اذنيها ، قصيدة تليق بحاله :
" ‏يا ذنب عمري ويا أنقى لياليهُ
ماذا يفيد الأسى ؟ أدمنتُ معصيتي
لا الصفح يجدي ولا الغفران أبغيهُ "
كانت تنظر اليه
مظهره الخارجي ستره ؛ وعرته لغة عيناه!
يطلب مني ان أسامح ؟ يطلب مني ان اعفو عنه ؟
هل انا فولاذية بحق حتى لا يرى اني اجبن من اقول لا واشجع من اقول نعم
اني اقرأ عيناك ولكن هل تقول لك عيناي ان
" العشق والله ذنب لستُ أخفيهُ
إني أرى العمر في عينيكِ مغفرة
قد ضل قلبي فقل لي كيف أهديه ؟ "
همست شادن وهي تدفن كفها في كفه :
كنت اظن اني قوية وقوية جدًا لكن " أثر القوي يضعف إذا غاب خلّه "
وانا مافيني شدّة على الضعف ثانية شلون عاد لا صرت انت استقامتي ؟
ما راح اقولك ابيك! انا بقولك سياف لا تخليني!
رمت نفسها في حضنه مجددًا ، بعد ادخلت ذراعيها تحت معطفه . مستعدة ان تختصر عمرها في ليلة تقضيها في حُجره!
عانقته وهي مغمضة عيناها
عانقه بكل جوارحها وهي تردد " عانقني بكل ماؤتيت من رجولة "
سقطت عيناه على الساعة ، اخرج من جيب معطفه علبتين مخملتين باللون العنابي!
ابعد شادن من حضنه ، ولكن مازالت قريبة منه
اخذ كفها من حضنها وهو يفتح العلبة بهدوء ، بإبتسامة :
الدبلة الاولى ماحصل لي أهديك اياها! والدبلة الثانية ماحصل لي البسك اياها
اردف بضحكة :
ولكن الدبلة الثالثة ثابتة ان شاء الله
اخذ إصبعها من يدها وهو يلبسها اياه برقة
قبل يدها ومازالت يدها عند شفتيه بحُب :
يا اني مادريت ان الدبلة حلوة لهذه الدرجة بالمحل
او انها مازهت الا على يدك والثانية ارجح
ابتسمت شادن وهي تنظر له
اقتربت بهدوء وهي تقبل عظمة دقنه برقة أخذت الخاتم الآخر وهي تلبسه سياف وبلهجة مصرية ساخرة :
زواجة الدهر ياعمي الحاج
ضحك سياف وهو يضع كرسيها بقربه حتى تكون في حضنه
بعد دقايق طويلة بجدية ويده تتحس الدبلة التي استقرت على كف شادن :
تدرين اليوم وشو ؟
عقدت شادن حاجبيها وهي تحاول ان تتذكر تاريخ اليوم
مافيه اي شيء يربطها به
هزت رأسها بالنفي
همس سياف وهو مضيق عيناه على البشر من تحته متعمدًا ان لا يرى تعابيرها وينفطر قلبه
وهو يستودع الله في قلبه ردة فعلها :
اليوم تاريخ زواجنا ، اليوم اللي ربطك فيني قبل ظ،ظ¢ سنة !
شعر بجسدها التي شدّته في حضنه
شعر برأسها الذي كان يتأخذ من صدره ، وسادة
بدأت ترفعه قليلًا حتى بات رأسها بمحاذاة رأسه
سقطت عيناها في عيناه بدهشة
يا صعوبة الآمر! كل يوم تمر بهذا اليوم كأنه يوم مثل اخوته ، ولا تدري انها تمر بذكرى زواجها او اعدامها!
هزت رأسها وهي تبلع ريقها كإجابة وافية
قبل سياف رأسها
ثم أعادها لحضنه واكتفى برؤية باريس صامتين وقلوبهم تتحدث . /

\
قبل ساعات من الآن :
( خرج من المقهى الصغير بزواية الشارع الفندق ، ومشى مع ريناد بإتجاه محل المجوهرات المقابل للمقهى مباشرة
يبعد عنهم ثواني معدودة . هز رأسه بإبتسامة للموظف الذي كان بجانب الباب متلزماً بوظيفته بفتح الباب للزبائن
دخل ومن خلفه دخلت ريناد
خلعت معطفها وهي تمده للموظف الآخر الذي سارع بتعليقه بعناية على شماعة الضيوف الذهبية
رفعت ندى يدها من كرسيها
وأمامها كرسي وبجانبها آخر وبينهم طاولة زجاجية عليها أكواب قهوة كضيافة وقطع شوكلاته ويتوسطهم ورد طبيعي يضيف حياة للمكان
وعلى رأسها الموظف الآخر يشرح لها آخر إصدار مجوهراتهم
عقدت ندى حاجبيها بإستنكار :
ماصارت بتناديها ياكسار الله يصلحك! تأخرتوا توني بجيكم
لفت على ريناد بغضب ، والقلق أخذ من راحتها :
وانتي تطلعين مقفلة جوالك ليش ؟
جلس كسار مقابلها بإبتسامة قلقة ان تكون ندى رأتهم :
عمة الله يصلحك ، دخلت اناديها لقيتها تفطر وانتي وقتها توك بجناحك
خليتها تأكل على راحتها على ماتنزلين وتوصلين
عقدت ريناد حاجبيها بإستغراب ، من قصة كسار الغير مفهومة وكأنه خايف من امها :
الحين وشو صاير ؟ ليش منادينا انا وياك ؟
ندى وهي ترتشف من كوب قهوتها بهدوء ، بعد ان حاولت ان تستجمع أعصابها :
اتصل علي كسار يوم درى ان بفرنسا يتحمد على سلامتي الله يجزاه خير ، وبغاني أساعده
وده بهدية لـ اخته ، فرحانة له وشايلة همه امس اول يوم دوام له وهو كان متعبته إنفلونزا ومارد علي ومايعرف ذوقها وجابني انا عشان أجيبك بما انك بنت وبتعرفين لها
فتحت ريناد عيناها بدهشة من كذب كسار
كان مسجون ويقول لهم بإنها إنفلونزا
يفطر معها ويقول لامها كنت مخليها على راحتها
يتحمد لامها بالسلامة وهو ينوي من البداية لقاها
ما اخبثك!
كتم كسار ضحكته على دهشة ملامح ريناد ، وهو يحاور البائع بالفرنسية :
اريد التشكلية الجديدة من فضلك )
كانت تتذكر ماحدث صباحًا وهي واقفة امام سريرها بدهشة!
كانت عليه كيسة حمراء مطابقة تمامًا من المحل الذي اختاروا منه هدية لمى
والمصيبة ان الهدية كانت تمامًا مثل هدية لمى ايضًا
فتحت الكرت الذي سقط اول مافتحت الكرتون باللون الاسود الفاحم بالخط العربي :
مبروك التخرج
مرفقًا بأسم آخر أسفله :
لمى
عقدت حاجبيها بإستغراب!
خرجت من جناحها بخطوات سريعة وهي تضرب جرس جناح امها
كانت ثواني حتى فتحت لها ندى الباب بضحكة ، وكأنها عرفت سبب مجيء ريناد :
هاه شفتيها ؟
فتحت ريناد عيونها بدهشة :
حتى انتي يمه تدرين ؟ وانا عجزت افهم
ابتسمت ندى وهي تفتح الباب لها كاملًا ، حتى تدخل :
وش تفهمين ؟ الولد ماتقصر ، خلاك تختارين هدية على ذوقك
لان لمى اخته موصيته . ودها تهديك بمناسبة تخرجك ولا عرفت وش يعجبك
وسوينا لك هذا المسلسل
ابتسمت ريناد بحُب وهي تضم جوالها :
يابعد عيني يالمى! صدق ذوق
فتحت جوالها وهي تبحث عن أسم لمى ، القريب بقائمة محادثاتها :
شكرًا لك على الهدية كلفتي على نفسك وشقيتِ عليه واحنا مابينا ، ما انلام فيك
أتاها الرد سريعًا من لمى بإستنكار :
وش تقصدين ؟ اي هدية ؟
/

\
طرق الباب ثلاث مرات متتالية وهو بجانبه اقتداءً بسنة النبي ، سمع صوت زياد وهو يأذن له
فتح الباب ذياب وهو يطل برأسه مبتسمًا بزيه الرسمي . سكراب الأخضر ( لأنه بمهمة جراحية ) واللاب كوت الأبيض :
السلام عليكم
وقف زياد بترحيب ، مبتسمًا بحُب وهو يصافحه :
يامرحبا ويا مسهلا ! وعليكم السلام والرحمة
جلس ذياب على المقعد المقابل لمكتبه ، بعد ان وضع قدمه على ركبته اليسرى بجلسته المعتادة :
وش الأخبار ؟
ضحك زياد وهو يستند على كرسيه بلا مبالاه :
تسال دكتور عن اخباره ؟ تراه من العيادة للسرير ، ومن السرير للعيادة
تنهد ذياب على روتين زياد الذي ليس بحالٍ افضل من روتينه :
الشكوى لله. الطب ماصار مهنة صار حياة وغير ذلك التخصص الوحيد برأيي اللي حتى لما تتخرج تستمر تدرسه لانه في تطور
قاطعه زياد بحس مداعباة :
لا وانت الصادق
الطب غيور كأنه حرمتك
اذا دخل حياتك معد تقدر تقابل شيء غيره الا اذا طلقته بالثلاث
قهقه ذياب ضاحكًا على تشبيه زياد الذي أصابه بالمقتل
مسح بكفوفه وجهه بعد ان فرغ من الضحك ، وهو يتنهد :
ما اكذب عليك ، ولكن انا جاي اسلم عليك وأسالك عن شادن بنفس الوقت
اعتدل زياد بجلسته ، وكله اذآن صاغية بأهتمام مجرد ما انذكر اسم مريض من مرضاه :
عسى ماشر ؟ شكت لك عن شيء ؟
لف ذياب بجسده مقابلًا له :
انت تعرف عرضت فكرة الدكتور النفسي على شادن عشانه حل من الحلول اللي تمنيت من كل قلبي تنفع معها
وما أخفيك خصوصًا انك كنت انت دكتورها هذا اللي مطمني
وتعمدت ما اسأل احترامًا لخصوصياتها ورغبتك
بس هذه الفترة اختي لهت عني وانا لهيت
بس قلبي مشغول عليها
أسالك بالله ان تطمني من ناحية اخ لأخ ماهو دكتور لدكتور
حك بأطراف أصابعه دقنه بهدوء وهو ينظر لملفاته المركونة امامه هذه اول مرة يطلبه ذياب
ولكن الموضوع صعب!
بالنهاية هي مريضته حتى لو كانت اخته
وقف وهو يجلس بالكرسي المقابل رفع رأسه بجدية :
اول شيء ياذياب انا جيت وقلت لك لا تتدخلون بحياتها
اتركوا زمام الامور بيدها حتى لو كان قرارها خاطئ خلوها اليوم تغلط بكرة تتعلم
طعتني ؟ وصلت كلامي للاهل ؟
خفض ذياب رأسه بأحراج من نصيحة زياد الذي ضرب بها عرض الحائط وهو يهز رأسه نافيًا
ابتسم زياد بسخرية :
انت تدري نصف المشاكل النفسية اللي تواجهنا او العقلية بسبب الأهل ؟
وأحيانًا يجينا ناس مدمرين عقليًا ونفسيًا ولكن الأهل يستثمرونه حتى يكون افضل من الصاحي!
بس محد في مجتمعنا راضي يسمع بهذه النصيحة
اتزن زياد بملامحه وهو يضع قدمه على الاخرى بإريحية :
انت جبت لي اختك ياذياب وانت ماتدري وش فيها
رميتها علي وقلت ابيها كأنها البخت يازياد
لا انت راضي تستمع لنصائحي ، ولا اختك راضية تلتزم بجلساتنا دائمًا
ولكن كل اللي اقدر أقوله
ان شادن واضح جدًا اللي فيها! ولكن المشكلة فوق ان العلم ماسلط الضوء على موضوع مرضها كثير رغم انه شائع وهي ايضًا مو عارفة الطريقة السليمة لنفسها
عقد ذياب حاجبيه بإهتمام ومتوقع بديهيًا انه اكتئاب :
وش فيها ؟
تنهد زياد وهو يتذكر أعراض شادن النفسية :
اضطراب مابعد الصدمة!
من تشيخصي اختك تعرضت لصدمات حتى وان كانت في نظرك تافهه ، أخذت حقها كافية من صحة اختك!
تراكمت حتى انفجرت و ولدت لها أمراض جسدية ونفسية
اولًا طفولتها مشتتة ، وغالبًا ثلاثة ارباع طفولة الانسان تبني عليه بقية حياته
ومنها ماكانت علاقة الأب والام مستقرة
وهذا الشيء واضح وضوح الشمس والسبب اني لاحظت سبب من أسباب عدم تقبل موضوع زواجها ان لها بنت! خايفة تعيش نفس معاناتها
ثانيًا فقدت اب او ام وشكل لها فجوة قوية!
ثالثًا التربية خاطئة جدًا وبقوة
ما اقصد أخلاقيًّا حاشا لله والله انها شرواك وفيكم الخير تبارك الله
المقصد التربية في بناء الشخصية
عذرًا على التطفل ولكن المربي هو نفسه اللي رباك ياذياب ؟
ابتسم ذياب وهو يتذكر خالته ندى :
لا
انا ربيت بعيد عنهم بسبب دراستي
ضحك زياد وهو يترسل في كلامه :
واضح
لأن اللي مربي شادن شخصيته شبه مهزوزة وثانيًا شادن تعتبر كبيرة وبزيادة بالنسبة لمرحلة اتخاذ القرار ومو قادرة تتأخذ قرارتها! باين ان احد يقوم بهذه المهمة عنها دون مايرجع لها وهذا اكبر غلط دمرّ حياتها الحين
مفروض الطفل يعطى الثقة من صغره وهو بنفسه يأخذ قراره حتى باتفه شيء
عقد ذياب حاجبيه باستنكار على كلامه :
ما أوافقك الرأي!
هز زياد رأسه بهدوء :
ما اتكلم من فراغ
حتى في قرار مصيري مثل رجوعها لزوجها كان على قرار اخوها الثاني! ماكان برضاها
حتى بأول لحظة لقاء لها بزوجها كان بقرارك انت مو بقرارها
قرار زواجها كان قرار العائلة كاملة الا هي
وتقول ماتوافقني ؟
احتد صوت زياد وهو يكمل كلامه :
شادن ياذياب تعرضت لصدمة فقد امها فجاءة!
تنامين وتصحين تاركة ديرتك ومدرستك وابوك مو موجود وأمك مختفية وأخوك يسافر وانتي ترمين في بيت خالتك وأبدي حياة جديدة من الصفر
وتعرضت لصدمة زواجها بدون علمها وبلعتها وحاولت تتعايش معها
ولكن سالفة انه زوجها يأخذ حقوقه الشرعية منها كحالة اغتصاب ماهو حق شرعي بتراضي منهم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير!
اصعب شيء على روح البنت
عاشته هي! عاشته بالحلال وبطريقة الحرام
جاها اضطراب مابعد الصدمة
وضحت عليها أعراضه بطريقة اسلوبها وبطريقة تعاملها وبكل شيء!
لو تلاحظ اختك ياذياب ماتتنفس بشكل سليم مايكون تنفسها من الصدر الى المعدة!
فتح ذياب عيونه بدهشة وهو يتذكر كلام جلوي لما قال له مرة ان شادن انكتمت عليه هو وريناد في عزيمة ذعار!
همس بنظرة طبيب تعقيبًا على كلام زياد :
بسبب هرمون الكورتيزول ؟
هز زياد رأسه بإيجاب :
فعلًا
لازم يكون بالمستوى الطبيعي لانه يشغل اغلب هرمونات الجسم
اما عند مرضى الاضطراب هو يكون مرتفع او منخفض وعلى حسبه تكون الأعراض
تنهد ذياب بهمّ وهو يجمع كفيه ويسند عليها دقنه :
والحين وش نسوي ؟ له علاج ؟
هز زياد رأسه بعفوية وهو ينهي النقاش :
مافيه شيء بهذه الدنيا ماله علاج ممكن فيه وما بعد اكتشفناه اما ماله علاج مستحيل
فقط تحتاج تستمر على الأدوية اللي صرفتها لها مع الرعاية النفسية السليمة!
تبعدونها عن كل شيء ممكن يضايقها او يرد لها الذكريات القديمة
صافحه ذياب وهو يهمّ بالمغادرة بإمتنان :
كثر الله خيرك تعبناك معنا
وقف معه زياد بحرص دكتور يعامل مريضه على انه جزء لا يتجزء من دائرة اهتماماته :
بالخدمة دائمًا وأبدًا!
ولكن انت اخبر الناس بأختك ما هو انا اللي اعلمك فيها
ولكن ( ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )
لا تتعاملون مع مشاكلها اللي بنظركم انها تافه ، على انها تافهه
التافهه اللي بنظركم هذه تؤدي بحياة شخص آخر الى الموت
لا نقيس الأمور ابدًا على منظورنا الشخصي او برأينا
ضحك زياد بمداعبة وهو يرافقه الى الباب :
لا تتعامل معها على اساس انك رجال! صرّ إنسان يا اخوي وكثر الله خيرك
/

\
مرّ من غرفة اختها التي تشاركه منزله في الرياض وهو يهمّ للخروج الى لإقامة صلاة المغرب
عقد خالد حاجبيه وبتر تسبيحه ودحرجة حبات مسبحته السوداء من بين سبابته والإبهام ليذكر الله بها :
استغفرلله ، استغف
طرق الباب ثلاث مرات متتالية وهو يسمع بكاء غنى بشدّة
فتح الباب بسرعة عندما لم يسمع صوت صمود تأذن له خشيةً ان حفيدته بالغرفة لوحدها وأصابها مكروه
تنفس بأرتياح وهو يرأها في حضنها
تحملها وتهزها بخفة على ذراعها ذهابًا وإيابًا في غرفتها
اقترب خالد بهدوء منهم وهو يأخذها من حضنها :
مو زين لها البجي حزة المغرب!
الرسول عليه الصلاة والسلام يقول كفوا صبيانكم!
فتح عيناه بدهشة على غنى التي بمجرد مارأته بكت بنياح اكبر :
خلاص بسم الله عليج وانا أبوج كأنج مقروصة!
تخصرت صمود بقل حيلة وضجر وكأنها وجدت من تفض فيه غضبها :
من قعدت اليوم وهي على نغمة وحدة تبجي!
وطول نومها متغلقة تفز تبجي وتنام تبي امها
لا انا ولا العاملة ماتبغى احد فينا
ابتسم خالد وهو يمسح على خد غنى بحنية :
خنت حيلي! تبغى امها
اتصلوا على ابوها يمكن لا شافته تهدى وتنسى
ضحكت صمود بسخرية وهي ترمي نفسها على سريرها :
امس العشاء جاء سلم عليها ومشى يقول بيسافر
عقد خالد حاجبيه باستنكار من سفره المفاجئ! صج مو كفو مسؤولية
مد غنى لحضن صمود بوصاية حنونة وهو يهم بالخروج :
زين خذيها بيتهم ولا بيت يدتها ندى ؟ يمكن لا شافتهم تطخ
واياني واياج ياصمود تقولين لشادن شيء
تركيها تستانس هي سفرتها كلها صد وردّ
بيزرّ عقلها لا درت ان بنتها تبجي تركيها عنج
/

\
فتح باب شقته بهدوء وهو يدخل بتسلل من خلفه
ادخل مفاتيحه في جيبه وهو يتفحص بيته الذي كان كل شيء في مكانه ومرتب ويعمه الهدوء
تنهد بإرتياح وهو يرى والتلفزيون والإنارة تعمل ولكن لا وجود لأبنته او انفال
معقولة نايمين ؟
هو الذي من بعد الموقف الذي حصل بينه وبينها . خرج وتعمد لا يعود حتى يهيئ نفسه ان يقابل انفال مجددًا او بالاصح ماله وجه يقابلها
نام في سيارته وبالحقيقة ماكان له قلب ينام وهو مايدري وش قرارها
وذهب لعمله وعاد الآن !
وضع الاكياس البلاستيكية التي كان يحملها من المطعم المفضل لأنفال على الطاولة
دخل غرفته بهدوء وانصدم وهو يرى المكيف مغلق والسرير مرتب وكل شيء على الارض منذ امس العشاء
يعني ان انفال مانامت بالغرفة معقولة راحت بيت اَهلها ؟
مشى بخطوات سريعة الى غرفة الملابس وهو يفتح الدولاب المتوسط الغرفة بقوة وعيناه عطشة الى اي اجابة تروي ضمأه! او تريح قلبه
تنفس تركي بإرتياح تنفس طفل أعادوا له لعبته بعد ان شعر ان الآخرين استؤلوا عليها!
خرج من غرفته وهو يبحث عنها في المطبخ وغرفة ابنته
ماكان اي شيء يحمل اثار بعثرة وجودهم!
أغمض عيناه وهو يتنفس تنفس الصعداء ويستريح قلبه استراحة محارب بعد ان كاد يخرج من بين أضلاعه من شدة خفقانه!
عندما سمع صوتها تداعب حصة التي تضحك في دورات المياه
اقترب بإبتسامة صفراء وهو يرى الباب مغلق نصف انغلاقه فتحه وهو يستند عليه ويكتف ذراعيه وعيناه تتفحص مداعباتها لحصة برغوة الصابون التي كانت تحممها
صرخت حصة بفرح وهي ترى أباها يشاركهم
كرؤية طوَّق النجاة لها من انتصارات امها المتتالية عليها لانها غير مبللة :
باااباااا جااااااء
يدها العابثة في شعر حصة استقرت على هامتها
وابتسامتها التي نصبت خيامها من أذنها الى الاخرى
تقلصت بمرارة كمرارة ورم حميد يشد رحاله من الخلايا التي عبث بها منتهيةً مدة إقامته
وقامتها المنحنية لطول ابنتها استعادت استقامتها ببطئ
كل شيء لا يكون عاديًا في حضورك ياتركي!
المشكلة ليست بأنك تركي المشكلة بما يقوم به تركي!
ادخلت يدها بقوة تحت صنبور الماء حتى تتخلص من رغوة الصابون وبنبرة آمر :
اشطفي شعرك! خلينا نطلع
لفت بقوة بملامح دون تعابير
بأنانية على ابنتها
لا اقبل بان يخطئ بالأمس ويأتي اليوم يتمتع بلحظاتنا
اريده ان يعلم ان ولا واحدة من تلك التي يسامرهن ليلًا تستطيع ان تعطيه نصف ذكريات مانعيشه انا وابنتي!
سحبت منشفتها من خلف الباب دون ان تلقي بالًا او نظرة له
اغلقت حصة الماء بضجر من امها التي قطعت متعتها
تعلقت برقبة امها حتى تخرج من حوض الاستحمام
توجهت الى غرفتها وهي تشعر به يمشي خلفهم
وضعتها على السرير وهي تشير لها على ملابسها بعيناها
وتخرج مجفف الشعر من درج التسريحة بهدوء لان ابنتها ليست شماغة لأخطاء ابيها :
يالله انشف شعرك عشان تلبسين
جلست حصة وهي تأخذ كريم بغلاف يحمل شخصية كرتونية
وبدلع فطري تشير الى ابيها الواقف بمقدمة الغرفة :
بابا حط لي انت كريم وماما تسوي شعري
مثل الأميرات هم مايسون شيء
ضحك تركي متجاهلًا تجاهل انفال وهو ينحي ويمسح بالكريم على قدميها :
انتي ثالث احلى اميرة شافتها عيني
عقدت حصة حاجبيها بإستنكار :
ليش انا مو الاولى ؟ يعني انا شينة ؟
رمى تركي الكريم جانبًا وبسرعة رفع جسده حتى يعض خدها بعد ان سلبت عقله بحديثهم المتبادل بضحكة :
الشينة عيوني والله لو تشوفك شينة!
اخذ يدها من حضنها وهو يعدد على أصابعها :
اول اميرة هي امي
ثاني أميرة هي ماما انفال
ثالث اميرة هي انتي
هزت حصة رأسها بضجر معترضة على ترتيب ابيها الغير مرضي :
لا ما ابي شيل ماما حصة وخلني انا مكانها ليش انا رقم ظ£ وهي رقم ظ، انا ابي بعد زيها ظ،
ضحك تركي بقهقهة على اعتراض حصة الذي لو تسمعه امه لا فصلت رقبتها عن جسدها بسبب عدم تقبلها لأنفال وبأتهامات باطلة بأنها هي من زرعت هذه الفكرة في بال حصة :
لا مايصير هي امي لازم تصير اول وحدة
صرخت حصة بأعتراض بعد ان استنزف ابيها طاقتها وغيرتها :
لا ما ابي
اغلقت انفال المجفف وهي تعيده لمكانه بسخرية ظاهريًا لاذعة لقلب تركي
مريرةٌ على قلبها
بعد ان دار الحديث كله تحت مسامعها :
لا تضيقين يا ماما لا صرتي الثالثة ولكن خوفي من هو بعدك بعد بعيونه أميرة
خفضت حصة رأسها الذي كان مصوبًا بإتجاه امها ، لإبيها باستفهام بريئ لم يلتقط مغزى امها :
بابا فيه أميرات كثيرات بعد ؟
ابتسم تركي ابتسامة لو كانت صفراء ولكن يكفي ان تكون لأجل خاطر تلك العينان الصغيرة من صلبه لا تحزن ! يكفيه من على ذمته حزينة وهو ضعيف جدًا امام اِناثِه :
فيه يابابا عمة فهدة وعمة الجوهرة
اردفت انفال بسخرية بعد ان جلست على ركبتيها حتى تلبس حصة بجامتها :
وفيه بنات مجرة درب التبانة
ماتدرين ان ابوك مايحب يقصر على احد ؟
مد كفه بقوة كردة فعل لنظرات بنت المستنكرة حديث امها بجهل حتى تشبث على زند انفال وأمسكه بقوة ورفعها به حتى استقامت
ثبتها من الجانب الآخر على التسريحة والآخر على صدره حتى حصارها من الجهتين .
همس بإذنها وعيناه ترى انعكاسها من المرآة بهدوء لا يثير خوف حصة :
بنتي مالها دخل بخرابيطي يا انفال! حذاري أسمعك يوم جايبة الطاري قدامها
لفت رأسها بإتجاه راسه بقوة حتى اصطدم انفها بأرنبة انفها بلطف من اقترابه!
سقطت عيناها بعيناه لاول مرة بعد مواجهتها له . للمرة الآولى تنظر اليه وتشعر بإنها فارغة من الداخل ؛ لا مشاعر!
حتى الكره او الغثيان أصبحت تستكثره على تركي!
وبقوة لم تلقي لحصة بالًا :
بنتك لو تهمك
وضعت إصبعها بين حاجبيه بقوة
حتى كادت ان تنخر دماغه بعنفوان انثى جريحة! :
كان حطيتها هنا! كان خفت الله فيها لا يعاقبك بكرة بها
كل وحدة رضت على نفسها الحرام معك! ترا لها ابوي يخاف عليها من عيال الح
سكتت وهي تخفض أنظارها بدهشة الى فمها! وان لم تراه
دهشة صادمةً وكأن شيئًا سقط من حنجرتها بالخطأ
ان اصبح تركي سيئًا بحقي
هل سأصبح سيئة بحق امه وأبيه واتهمهم بشرفهم وعفتهم بإن ابنهم ابن حرام لاني مجروحة ؟
فتح عيونه بدهشة وهو يرى الفاظ انفال بدت تتجرد من أخلاقياتها! حتى بدت تتجرد من الاعتبارات الشرعية!
حتى وان لم تكمل كلمتها ايقنتها بقلبها! مرت على لسانها بسلام لم يسلم منه هو !
أفلت تركي ذراعها بقوة حتى لا يستأثم بها ويزيد الطين بله
مشى متجها الى غرفة نومه بغضب ونبرةٍ حادة :
العشاء بالصالة
/

\
على طاولة سوداء طويلة ، تضم على طرفيها ظ،ظ¢ موظف صامتين احترامًا لصمت حاتم
امام كل واحد منهم جهاز من نوع مختلف لهم إمكانيات مختصة وبجانبهم كومة اوراق اخرى وكأنها تثبت لهم مهما اغرتهم التكنولوجيا والعالم الحديث لا غنى لهم عن أبناء الشجر ورائتحهم ! يترأسهم حاتم ينظر بلا اي ملامح كعادته ، شحيح بإنفعالاته الى ملف بيده وكأنه يقرا اعلان ملل وليس قضية
تكلم الموظف بملل من صمت حاتم الذي طال :
طال عمرك القضية صارت كبيرة! حتى اكثر من جهة مهتمة بآمن الدولة قدمت لنا مساعدتها
اردف موظف اخر تجرأ بعد ان طفح الكيل :
ومجبورين نقبل اكثر جهة تنفعنا مثل الاستخبارات حتى نقدم اي تطور في القضية اللي خاست في مكاتبنا بدون اي فائدة
رفع حاتم عيناه عند كلمة ( خاست ) تجاه الموظف بهدوء أربكه :
قاعد في استراحتكم على هذه الألفاظ ؟ أعطي مكان العمل احترام وألفاظ تليق فيك كموظف في هذه المنشئة
هز رأسه بأسف ، وهو يعقب على كلام الموظفين :
ما أخفيكم اني جيت مغصوب مو برضاي . ولا هذا المجال اختصاصي ولكن احاول بكم مامكني ربي فيه أتعاون معكم ولعلمكم انا مطلع على القضية حتى قبل ادري اني بجيكم!
هذولي اشخاص او شخص عجزنا نحدد نظامهم الى الآن
آشر الى موظف كان ينصت اليه بإهتمام :
ممكن تقرأ لزملائك اللي قدرنا نستنتجه بحكم الأدلة ؟
هز الموظف رأسه بإيجاب ، وهو يقرأ بصوت جهوري :
فرد او مجموعة ، يعبثون بأي نظام أمني حتى وان كان مشدد مثل أنظمة الدولة والشركات الكبرى . يخترقونها لمصالح كثيرة اما تسريب او ابتزاز! وعدة جرائم اخرى موجودة في ملفاتكم لو حابين تقرؤونها
عقب موظف آخر بإستنكار وهو يقرا عناوين الجرائم المذكورة :
اشوف هذا مضيعة للوقت والجهد! جميع اللي قريته مايصنف جريمة! كلها لمصالح حسنة ومفيدة اما للقيادة او الشعب! حتى هنا جريمة انهم تجسسوا على نظام منشئة بدولة اخرى تحذيرًا لمنشئه أمنية عندنا
هذا عمل يشكر عليه ، مانعاقب عليه!
عقد حاتم حاجبيه وكأنه يسمع كلام شخص لا يفقه ، وليس شخص متعلم وفي منشئة تحارب كل خلية فاسدة إلكترونيًّا :
تتوقع بنعاقبه ظلم ؟ انت تعيش في دولة تتبع القران والشرعية دستورًا ويقوم عليها الأحكام القانونية لان الاسلام دين عدل!
مانقعد نحكم بعقولنا ، لان عقولنا قد تظل وقد يؤثر عليها مؤثرات خارجية!
الامر اللي تشوفه يشكر عليه يا اخ منهي عنه بالقران ( ولا تجسسوا ) حتى وان كان على دولة اخرى تضرنا مارحنا نصفق لهم
بالعكس أصرينا على القضية لان الغلط غلط بصفنا او بصفهم!
وقف حاتم منهي الاجتماع بكلمة لو يستطيع لا وضعها عبارة أساسية لا يتخرج الشخص حتى يسمعها ويفهمها ويعمل بها :
تدارسوا وافهموا وتدبروا واقرؤا القران ، والقران بيعلمكم كل شيء!
خرج من الباب من هنا
حتى يرن هاتفه على وضع الاهتزاز من هنا بما انه مازال صامتًا بعد الاجتماع
عقد حاجبيه وهو يقرأ اسم افنان ينير شاشة هاتفه!
/

\
مسحت بطرف المناديل المعطرة فم ندى ابنتها التي أخرجتها من شنطتها للتو على عجل
خشيةً ان المنديل القماش من الفندق ملوث ؛ يعج بالبكتيريا حسب تعليمات مقرن
ابتسمت ربى بفخر وهي تمشط شعر ندى :
شاطرة ياماما افطرتي اليوم بدون ماتوصخين ملابسك
ناظرت ندى حقائبهم التي أغلقتها ربى من ليلة البارحة حتى يستقيظون ويذهبون
الى المطار باكرًا بحزن :
يعني خلاص بنرجع الرياض ؟
هزت ربى رأسها بإيجاب وهي تنتهي من شعرها :
بالسلامة ان شاء الله
قبلت يد امها بترجي ، بملامح تتعبر بالبكاء :
الله يخليك ياماما خلينا نقعد لا نروح اذا رحنا الرياض ماراح اشوف بابا ابدًا
تقلصت ابتسامة ربى تدريجيًّا ، حتى اختفت وتحولت ملامحها الحانية الى الدهشة!
ظنت انها تحمل هم العودة بمفردها ، ولكن اصبح اليوم ابنتها تشاركها نفس الهم!
جميعهم رؤوا هذين اليومين جنة بصحبة مقرن ، وثقيلة على قلوبهم العودة لانه سيُصبِح وجوده معهم ذكرى بسبب انغماسه في عمله
أكملت ندى بفضفضة مدهشة ان تخرج من طفلة ، من بعمرها لا يكادون ان ينطقون بكلمة!
ولكن حرص ربى على ان تحاورهم على انهم عاقلين منذ ان كانوا في بطنها وتسمع لهم بانتباه حتى واو لم تفهم ماذا يقولون
اخرج لها ابنين يتحدثون من سن ظ© شهور :
حصة ماما اللي جت بيتنا تقول ان بابتهم بس يروح وهي نايمة واذا صحت هو يجي يقعد عندهم
اكملت بدهشة وهي لا تتصور انه يوجد اب باطباع غير أطباع ابيها :
تخيلي ماما ماعندهم مكتب! بابتهم يقعد مع امهم عند التلفزيون
انحنت عند ركبتيِ امها وهي تحلف بالله بشدة حتى لا تكذبها من شدة دهشتها :
حتى يقعد بدون اوراق ياماما والله بدون اوراق هي تقول! قلت لها كذابة بابا مايسوي كذا شلون بابتكم يسويها قالت جنى حتى انا بابا
شرّقت بعبرتها بنصف حديثها ، حتى تحشرجت حنجرتها واجهشت بالبكاء بآلم :
ليش بابا مايسوي كذا ياماما
اقترب ذعار ابنها الأكبر ، بطبع يشابه طبع مقرن وان لم يكتسبه! بل اصبح سمة من جيناته ورثها لهم ذعار الجدّ وهو يمسح على راس ندى بحنية :
ندو خلك كبيرة لا تبكين عشان ماما ماتزعل بسببك وماتدخلين بيتنا في الجنة!
ترا بيتنا في الجنة فيه بابا كل يوم ومافيه عمل ولا محكمة لا تبكين!
لف على امه وكأنه يطلب منها ان تطمنئه وتطمن ندى قبله ان لا يكون مصيره هو الاخرى مثل ابيه :
يمه صح لا كبرت بصير معلم بس الصبح اشتغل والظهر ارجع لكم البيت اقعد معكم ولا اروح ابدًا للعمل مرة ثانية ؟
ابتسمت ربى وهي تقبل جبينه بحُب :
ان شاء الله يا بابا
كان ينظر لهم من مدخل الصالة المقابلة لغرفة نومهم في الفندق. بدهشة!
وكانه حديث عهد بعائلته
ظن ان المال والأم والبيت الواسع و يضم العائلة جميعًا من الجدة الى الأحفاد والخدم المختارين بعناية ومدارس متقدمة كفيلة بأن تغنيهم عنه!
ولم تكن في عينهم شيء ، امام هذه الشقة الصغيرة منعزلة عن أصدقاءهم وعائلتهم فقط تضم امهم وابيهم كانت جنة الدنيا!
جلس مقرن على ركبتيه بهدوء ، وهو ينادي بصوت شبه مرتفع حتى تسمعه :
ندى
دفنت رأسها في حضن ربى وهي تبكي بصوت اعلى كإجابة بالنفي




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-18, 12:14 AM   #26

رفعت حسن

? العضوٌ??? » 430298
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 151
?  نُقآطِيْ » رفعت حسن is on a distinguished road
افتراضي

طولتي علينا ويين البارت😁

رفعت حسن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-19, 09:04 AM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



تنهد من بكاءها ، وهو يعيد نداءه بتأديب كعادته :
اذا ناداك ابوك تقولين سمّ!
هدئت من بكاءها وهي تلبي رغبته بنبرة طفولية :
سمّ
ضحك مقرن على صوتها المغري جدًا للتقبيل :
الحين تعالي
ضحكت ربى وهي تحملها متجهه الى مقرن القريب حتى تلبي رغبته بدون ان تجبر ابنتها :
ياكبر شرهتها بنيتي
اخذها من حضن ربى بالإجبار وهي مكرهه
ضمها في حضنه لثواني حتى ارتخت دوافعها وبادلت ابيها العناق
ابتسم مقرن وهو يخرج من جيبه خمس تذاكر تحمل جميعها اسم ندى على الخطوط الفرنسية مستغنيًا عن طائرة ابيه :
فوق ان شرهتك ياكبرها الا ان حظك بعد ياكبره!
جت هالمرة على مزاجك
أخذت ربى من يد ندى التذاكر باستغراب وهي تقرا سير الرحلة!
فتحت عيونها بدهشة بعد قرأت ان الوجهة هي اسبانيا :
ترانزيت ؟
هز مقرن رأسه بنفي مبتسمًا وهو يخرج بقية التذاكر :
من زمان ماسافرنا
ودامنا مرة وحدة مطلعين فيز وجينا خذيت اجازة وبنكملها من فرنسا الى اسبانيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا
ابتسمت ربى الى مقرن
لم تتكلم ولم يتكلم هو الآخر
ردة افعاله الهادئة لا تقل هدوءًا عن ربى
انثى تشابه بكل شيء وكأنها خلقت له
يصلي بنهاية كل يوم صلاة الشكر!
ويحمد الله كل مافرغ لسانه عليها
لو يفصل انثى تفصيلًا لما صنع انثى كما وهبها الله له
يميتها عمله ولم تشتكي
لا يغرقها برومانسيته ولم تتضجر
لا يوفي حق ابناءها بوجوده ولم تتذمر
تقابله بابتسامة حتى وان نامت بالامس باكية منه وكأن ربى دعوة رضى امه له!
يشفق على كل الرجال لأنهم لا يملكونها ويخشى على نفسه من الحسد!
يبتسم في نصف الجلسة بالمحكمة
ليس لأن المحامي ابهره ببراعته
بل لأن هناك انثى تداهم أفكاره باستمرار
يتنهد في نصف عمله
لا من إرهاق! بل من انثى تعبث بعقله حتى وهو في دوامة التفكير
خفق قلبه بشدة امام فتاة من فتيات كلية الحقوق الذي يأتون صباح يوم الأربعاء للتعلم عندما أوقفته للاستفسار
ليس لأن كحلها الداكن يجمل عيناها كجمال الحجاز
او ان حنجرتها تلفظ ارق صوت لن تستطيع اي معزوفة موسيقية ان تعزفه
او ان ذكاءها كان كفيل بإن يتقاب مع مستواه الفكري فقط لان الكرت التعريفي الذي تريديه كان يفيد بإن اسمها ربى!
/

\
خرجت من المطبخ وبيدها صينية تحمل بها صحون الفطور مع ابريق شاهي بجانبه نعناعًا لها وحليبًا لأمها
ابتسمت بحيوية بعد ان قطفت وردًا طبيعيًا من حديقتهم و وضعتها بين فراغات صحن الخبز المصنوع الخوص !
وضعت قدمها على الدرج وهي تردد مع فيروز :
نسمّ علينا الهوى من مفرق الوادي
صعدت ومع صعودها تصلبت قدميها
وتقلصت ابتسامتها
وكاد ان تشخص بصرها
وهي ترأها تنزل من الدرج ويدها بيد سلطان بعبائتها مستعدين للخروج انبترت الحروف من بين شفتيِ لدن بعنف لا يليق باغنية فيروز العذبة
لتردف كلمتين وتبتلع الثالثة حتى سدت مجرى التنفس :
ياهوا دخلِ الهوا خُذني على بل
تريد فيروز بلادها
وانا اقول يا رب ألهوا خذني الى ايامٍ لم ارى بجانب ابي انثى غير والدتي
لا يستطيع عقلي برمجة هذه الصورة المتكونة امامي
لا يليق بدراع ابي غير كف امي
لا غيرة بحق أسوأ من غيرة الابنة على ابيها
همس سلطان وهو يبعد كفه من كف عريب بهدوء احترامًا لأبنته الواقفة امامه بتصلبّ وعيناها معلقه على يديهم :
صباح الخير
بلعت الكلمة الواقفة كعظمِ في بلوعمها بقساوة وهي تجاوبه بدون ان تبدي اي شعور :
صباح النور
ثبت عيناه عليها وهو يستمع لضميره بعد ان نام وهدئت اعصابه لم تبدي اي ردة فعل تقلل فيه أدبها مثل وهاد
لم ترميه بنظرات شديدة القذارة ان ترميها لأبيك مثل سياف
لم تنظر له مثل يوسف بإشمئزاز له وكأنه مشرد لمّه منزلهم من ارصفة الشوارع
حقٌ عليه ان يحق لها حقها
ابتسم سلطان بإبتسامة حنونة تكاد تتفطر حبًُا :
دامك مابعد افطرتي
رد صينتك المطبخ وامشي معنا
لفت عليه عريب بدهشة من دعوة لدن الى إفطارهم وهي عروس!
ابتسمت لدن بسخرية من تعابير وجه مرت ابوها وبنبرة لاذعة وهي تصعد الى الأعلى متجاهلتها :
تطمني ماراح اجي بفطر مع امي
عليك يايبه بالعافية
طلع سلطان مفاتيح سيارته من جيبه وهو يمدها الى عريب بنبرة آمر جادة :
خذي المفاتيح واسبقيني للسيارة
همست عريب بصوت منخفض بالنسبة لها وجهوريًا بالنسبة لـ لدن :
لا تناديها ياسلطان
ادنى سلطان برأسه قليلًا بإحراج وهو يهزه بأسف
انتظر دقيقة حتى اختفت عريب عن عيناه
تنهد وهو يصعد درجتين حتى يلحق ب لدن
اخذ الصينية من يدها وهو يضعها على الطاولة بالدور الثاني ويجلس ويشير لها بإن تجلس امامه
اخذ سلطان كف لدن وهو يمسح عليه بهمّ :
كنت أبغى سياف عون بس الظاهر انه مو كفو!
شديت ظهري فيه ولكن خذلني
وصيته يعلم امه بطريقته
لاني أنفجر رأسي وانا احاول القى الطريقة المناسبة ماقدرت وانا ابوك
ماهو من رخص غلاها
والله من غلاها ماقدرت أحط عيني بعينها واقول
قاطعته لدن بحرقة وهي تتذكر بكاء امها في الليلة التي كان ابيها ينام بحضن انثى جديدة :
ماعرفت تقول لها معذور
بس كلامك لها امس وش يعذرك عليه ؟ طعنك لنا وفي تربيتنا وانت ماقد شفت منها شيء يسود وجهك وش يعذرك عليه ؟
كلنا ان سامحناك يوسف ماراح يسامحك!
هذه عطية الله
يوسف ابتلاء لكم
انت خذيته عذر تعاير فيه امي عشان تتزوج
يبه انت من بدايتها جرحتنا قدامها ماخليت لنا قدر
من بدايتها ماعدلت بينا
وش بنشوف بعدين ؟
هز راسه بإيجاب على كلامها وضميره يجلده بسوطٍ من نار
يؤلمه ويحرقه بتأنيبه
تكلم سلطان وكأن كلمات لدن دُفنت في حنجرته حتى بات صوته مكتومًا :
انا ادري وانا ابوك بس اللي صار امس استفزني
حركة سياف لي هبلت بي
ماقويت اشوف امك امس بالزينة وانا بالشينة!
وقلت كلامٍ لو يرد فيني الزمان والله ما أقوله
هزت لدن رأسها بالنفي بإسف حزين :
مايرد الزمن بأحد لا تتأمل ، سياف ماله دخل
من قبلها وانت مرخص امي بالتراب
ومطلعها من غرفتها
كنت تقدر تخسر امي وتكسبنا كلنا
بس انت بعتنا كلنا برخيص برضاك ، ماهي خسارة وبس!
انت تقبلنا موضوع زواجك ماننسى كلامك عنّا ولأمي
وقف سلطان بعد ان شعر انه تأخر على عريب بتنهيدة :
انتي الحين روحي فطري امك
وأمانتك يالدن ان تنتبهين لها وانا بأذن الله بمر عليها اذا هدئت الامور
أخذت لدن الصينية ، ومشت متوجهة الى غرفتهم
فتحت الباب بإبتسامة مُصطنعة حتى لا تشعر امها بشيء
عقدت حاجبيها بدهشة وهي ترى يوسف و وهاد موجودين وامها مالها آثر :
امي وينها ؟
هزت وهاد كتوفها بجهل وعيناها في هاتفها :
نازلة امي من زمان
رمت الصينية على تسريحتها وهي تمسك رأسها بصرخة غاضبة خوفًا من ان امها شافت عريب مع ابيها او سمعت كلامهم :
يا رب!
كان مستلقي على سرير لدن الفارغ ، ويده الخارجة من تحت المخدة تعانق شعره وهو ينظر للفراغ امامه
الى مشهد يُحكى في مخيلته . لم يفارق خياله منذ ان حدث بالأمس
لو يرسمه الآن لن يخطئ حتى ب لون حذاءها! :
( كان يجلس امام التلفزيون بملل على قناة تعرض الرسوم المتحركة على مدار ٢٤ ساعة
عيناه على الشاشة ودماغه يعمل لوحده بشكل منفرد عن واقعه!
امه مازالت تتأخذ من غرفته معسكر من بعد ان رأها الفجر تتنصت على غرفتها سابقًا . تعلن به حدادها على نفسها اولًا
وحتى لا ترى والده ثانيًا
مرت من امامه الخادمة متوجهه الى باب الشارع بغضب وهي تتحلطم بلغتها لأن لم يفتح الباب احدًا غيرها ومازال يوسف يرمقها بلا مبالاه
كان يسمع الجرس يرن منذ ١٠ دقائق ولم يفكر مجرد تفكير ان يفتح الباب! أيًّا كان زائر فهو غير مرحب به الآن لان مزاجه لا يريد ذلك وهو عبدًا مطيعًا له
كانت كل حواسه ملكًا له وهو يمارس سجيته بدون اي فعل
الى ان دخلت من المدخل انثى فارعة بالطول
طوله تمامًا او اقصر بسانتيمتر بالكثير!
قامة لا تليق الا بها وبيدها طفلة لم يلقيها اهتمامًا
ومن خلفها خادمة تحمل أغراض الطفلة
لم تنتبه الى الرجل الجالس على الكنبة امام التلفاز لانه شبه مستقلي وهي تخلع طرحتها بقوة حتى تحرر شعرها من قبضتها
بعد ان كاد يلفظ انفاسه تحت الطرحة ، امام الباب قبل قليل
تأففت بتنهيدة وهي تخرج هاتفها من شنطتها المُعلقة على كتفها تحاول ان تتصل بشادن ان تستنجد بأحد ينزل لها يأخذ حفيدتهم قليلًا
سقطت عيناها في هذه الالتفاتة الى حقيبتها
الى رجل لو امهلته ثانتين لسقطت عيناه في حقيبتها من شدة تحديقه بها
صرخت صمود بغضب من قلة ادب الرجل الذي يحدق بها دون ان يتنأنح حتى تستر نفسها :
وجع ان شاء الله!
اعتدل يوسف بجلسته لتعود ملامحه الى طبيعته الطفولية ( المكتسبة مع مرور السنين ) وهو يرى امه تنزل بسرعة من الدرج ومن خلفها لدن مندهشين من صوت انثى جديدة بهذا المنزل!
كانت وهاد من خلفهم تمشي تجر قدميها ببطئ بسخرية :
اتوقع هذه حرمة ابوي الثالثة
لا تنصدمون سوا نفسكم متعودين لان بعد صلاة العشاء بيدخل عليكم الرابعة لان ابونا ياعمري مايبي حريم يبي آلات تفقيس مو مكفينهم السبعة اللي عنده وعيالهم
بلعت ريقها بحرج وبترت حديثها وهي ترى صمود عمة شادن زوجة اخيها تقف أمامهم وبيدها غنى تبكي!
لم تكن محرجة اكثر من صمود التي تمنت ان الارض تنشق وتبتلعها
ماتوقعت بإن صرختها عالية لدرجة انها جلبت البيت كله في ثانية
اردفت بتأتأة محرجة وهي تراهم ينظرون لها بإستنكار من وجودها الغير مبرر :
السموحة يتيكم من دون موعد بس غنى كانت تبجي
اقتربت منها ترف بإبتسامة مجاملة حتى تنقذ صمود :
هذا بيتها ماتحتاج موعد
وبيتها هو بيتكم حياكم الله باي وقت
عقدت وهاد حاجبيها باستنكار مستفهم خرج بعفوية لم تقصد به اتهام :
كنتي قاعدة تصارخين على بنت اخوي عشانها تبكي ؟
شهقت صمود بدهشة وهم لم تتوقع ان يظنون بها ١٪؜ بإن الموضوع هكذا! وكأن وجود أخوهم بالصالة " يتمقل بها " امر طبيعي
حتى لم يلقوا له بالًا بإن يستحي ويدخل بعيدًا عنهم :
لا والله حشى! بس اخترعت دشيت ولقيت ريال قاعد هني يطالعني وانا بدون حج
قاطعتها لدن بهدوء وهي تصافحها بإبتسامة هادئة :
السموحة منك انتِ هذا اخوي يوسف اعتبريه اخوك
همست في إذنها وهي تقبل خدها حتى لا تجرح يوسف :
اخوي غير عاقل ماتنطبق عليه احكام الشريعة!
لوهلة تحولت نظرات صمود الناقدة الى شفقة وهي تنظر له
وقف يوسف بغضب عارم وهو يرى كيف تحولت في جزء من الثانية!
لم يسمع ماذا قالت لها ولكن عيناها أخبرتها
متجهًا الى غرفته! ولكن لم يصعد كما نزل!
نزل رجلٌ جميع مابه مُلكه ويشاركه به قليلًا امه
والآن صعد الى الأعلى تاركًا في قبضة غريبة شيئانً لا سلطة له عليهم! )
قطع مسرحية بنات أفكاره وهو يعيد مشاهد الأمس
صرخة لدن على غفلة حتى يفز من سريرها بخوف!
/

\

/
كان يرتشف من كوب شاهي الحليب! الذي بكم مره يشربه يعيد به الى قبل ٥٠ عامًا عندما كان يتناوله من بين يدين والدته!
شاب وشيّب واغتنى حتى غنى ومازال طفلًا يبحث عن والدته حتى بكوب الشاهي!
وعيناه تحتضن شاشة الاب توب التي تعرض صفحة الأسهم
همست ندى حتى لا تعكر هدوء ذعار لريناد :
اختك ليش ماناديتي تفطر معنا ؟ مايكفي ان السفرة ناقصة بدون مقرن وعياله عساني ما أفقدهم من شر!
ابتسمت ريناد بسخرية ، وهي تنظر لهاتفها وبين يديها ساندويش بالمربى :
وانا لقيتها عشان اناديها ؟
عقدت ندى حاجبيها باستغراب ، ليبادر جلوي بجواب والدته :
ماتقصرين يمه ، بس شادن مع سياف
تلقينها أفطرت
رفع ذعار راسه ببطئ من الشاشة بحدّة وهو يرمق جلوي :
سياف في باريس ؟
هز جلوي راسه بإيجاب وهو يقطع شريحة الخبز في يده الى قطعتين بينه هو وأمه
ضحك ذعار بسخرية وهو يستند على ظهر كرسيه :
وهو لاحقها باريس خايف نلعب في عقلها ولا نخطفها ؟
تنهد ندى بغضب من تفكير ذعار السيء تجاه سياف دايمًا! وكأنه يستلذ في افساد علاقة شادن بسياف كلما تحسنت :
الا ماقدر يصبر من شوقه وجاها الله يهني سعيد بسعيده!
دامها مبسوطة ما اشتكت خله يلحقها من قارة الى قارة ان شاء الله ماهو بس دول
تجاهل ذعار نبرة الحدة الذي لم يعهدها ابدًا في حنجرة ندى بمزاجه وهو يعاود أنظاره الى الاب توب وتفكيره مع سياف!
همس جلوي وهو يرأ حقائبهم المحزمة خلفهم :
باذن الله بعد العصر ماشين للرياض ؟
هزت ندى رأسها بهدوء :
على خير!
قطع هدوء سفرته مع ندى باستثناء صور شوكتها التي تقترع بالصحن عندما تحاول ان تصطاد من طبقها زيتونة! رنين جوال ذعار
عقدت ندى حاجبيها وهي ترى رقم غير مسجل على شاشة هاتفه! ومن دولة خليجة ايضًا!
لم يلقي ذعار بالًا لهاتفه
ولكن المتصل كان مصرّ واتصل مرة اخرى واُخرى واُخرى
حتى وضع ذعار الكوب بقوة على الطاولة معبرًا عن غضبه
اخذ هاتفه دون ان يلقي له نظرة
وندى تدعي الله في جوفها ان يعتق رقبة المتصل من لسان ذعار
اجاب ذعار بغضب ، ولكن صوت المتصل سبّقه وهو يسبقه بصوت ناعم وان شارّف على نهاية الأربعين :
ذعار
ناظر ذعار ، ندى بدهشة! عاد بكرسيه للخلف بقوة حتى سقط على الارض ومشى بخطوات سريعة / واسعة الى خارج جناحه مثيرًا فضول ودهشة ندى الباقية على طاولة الطعام
وقف ذعار امام المصعد بدهشة وهو يلهث ويبعد الهاتف من اذنه تاره ليتأكد من الرقم!
وتارة يسمع الصوت الذي أتى من بعيد صيبًا نافعًا على قلب ذعار
همس حتى تُأكد له مسامعه انها هي :
غزل ؟
\
*
/
*
\
جزءًا من أشعة الشمس استطاعت ان تتحرر من عتمة الستائر
لتعكس ضوءها على عَيّنيّ شادن لتخبرها ان الوقت شارف على الظهر ومازالت توهم نفسها بأنها نايمة ومتعمقة في نومها ايضًا!
أبعدت المفرش بقوة عن جسدها بعيدًا
ليتبقى الجزء من المفرش الذي على السرير فقط هو الذي يستر سياف
أخذت بلوزتها نفسها التي تريديها بالأمس
سقطت عيناها على سياف الذي ينام بعمق بجانبها
عاري الصدر
يداه متمردة عن جسده كل ذراع ينام بجهة لوحده
كان نائم بسلام ومع ذلك لم تخلو تعابيره من الإرهاق!
حزت بنفسها ان ‏تؤقيضه وهو من كم يوم لم ينام جيدًا
لفت بوجهها بعيدًا للطرف الآخر وهي تشعر بغثيان في معدتها تتجاهله من ليلة امس من رؤيتها لوجه سياف! مجرد النظر الى وجه سيّاف الآن يتبادر الى ذاكرتها مشهد ليلة الامس وماحدث قبل سنتين!
حاولت بالامس ان تنسى او بالاصح تتناسى ، وتتحامل على نفسها حتى لا يشعر سياف بشيء
كان كل شيء جيدًا بداية ليلة ، الى ان نام سياف وبقت لوحدها تنظر الى السقف تارة والى جسدها تارة تسترجع ماحدث!
استوعبت ان هناك شيء غير طبيعي بها لوهلة شعرت انها تريد ان تتقيئ الآن من شدة الاشمئزاز
لم يجبرها بالامس كان برضاها
ولكن هي الى الآن لم تستطيع ان تتخطئ الموضوع
لكن لا باس ستجبر نفسها مرة ومرتين حتى تتجاوز الآمر
انفضت عن السرير بقوة وكل شيء في هذه الغرفة يذكرها بليلة لم تستطيع ان تنام بسببها!
تنهدت بهمّ وهي ترى ان لا ملابس لديها غير ملابسها بالامس
أخذت هاتفها وهي تخرج من الغرفة حتى لا يستقيظ سياف
رنة . رنتين . ثلاث
حتى أتى صوت ريناد من الجهة الاخرى بهدوء :
صباح الخير عمتي!
تنهدت شادن وهي تعلم بان هذه نبرة زعل لانها لم تخبرها بالامس
تعمدت ان تجبر سياف ان يأخذ جناح في نفس فندق اهلها حتى يتسنى لها ان توعدهم قبل موعد طائرتهم :
صباح النور
غرفتي رقمها ١٢٨٠ في الدور ١٢ ، ارسلي لي اي ملابس ومنشفة لو سمحتِ
قاطعتها ريناد بهدوء غاضب وان حاولت ان تخفيه :
واجي أسبحك بعد وش رايك ؟
زفرت شادن بقوة! هذا ماكان ينقصني فعليا . اردفت قبل ان تكمل ريناد بغضب :
شوفي ريناد ترا انا - استوعبت ان لا احد علاقة بقراراتها
تنهدت وهي تهم باغلاق السماعة - ما ابي منك شيء
شكرًا على ولا شيء
اغلقت السماعة وهي ترمي جوالها في الجدار
لتأخذ منشفة الفندق وتدخل دورات المياة
رمت بلوزتها بعيدًا وهي تفتح دش الماء الساخن عليها
جلست على الارض بقل حيلة
غرزت أظافرها في ركبتيها بقوة
بمجرد ان انهمرت عيناها بالبكاء بحرقة!
مهما حاولت ان تكون سعيدة
ذكرياتها تكره ان ترأها هكذا
حاولت ان تبدأ صفحة جديدة مع سياف
وبالفعل تقدمت خطوة
ولكن مجرد ما اقترب منها عادت الى الصفر حاولت ان انشغل به عن ذكرياتي ولكن كل شيء امس كان يذكرني بسيّاف قبل سنتين!
المكان نفس اختياره
كان فندق والآن فندق!
كان ينهمر عليها بقبل عميقة لا ترحم بطانة جلدها بكل مكان تسقط عليه شفتيه و يبقى اثرها وكأنه يعوض كل ليلة لم يستطع ان يقبلها بها
كان يهمس بإذنها بلا وعي بإنها موجعة بشكل لا يليق برقة وجهها
تصرفاتها لا تليق بها وتؤذي قلبه جدًا!
سحبت ليفة بقوة وهي تفرك عنقها بقوة وكأنها بهذه الطريقة ستتخلص من آثار لم تنساها روحها حتى لو نساها جسدها
أعادها لها سياف بالامس
بكت قبل قليل من آلمها النفسي والآن تبكي من آلمها الجسدي من شدة فركها لجسدها!
اخذت نفس عميق وهي تسمع صوت جرس الجناح يرن
اغلقت الدش وهي تسحب المنشفة بسرعة قبل ان يتسيقظ سياف
ليس حبًّا به حتى يرتاح وإنما ليس لها طاقة ان ترأه
نظرت من العين السحرية من خلف الباب كانت سيدة مسنة تعمل بخدمة الغرف
تجر معها عربية ذهبية كبيرة
تحمل بداخلها شنطة شادن
ابتسمت وهي تفتح الباب وتطل برأسها بهدوء :
Thank you
ابتسمت المسنة بعد ان هزت رأسها بامتنان للطف شادن وهي تضع لها الشنطة عند المدخل وتغلق الباب خلفها
قعدت شادن على ركبتها وهي تفتح سحاب شنطتها
اخرجت لها ‏Legging اسود وبلوزة صوف ( هاي نك ) باللون الاوف وايت وسيعة تنتهي عند نصف بطنها وعند بداية ‏Legging
تعطرت
وتركت شعرها ينشف براحته
واكتفت بقلوس يعكس لون شفتيها
اخذت جوالها المرمي خلف الكنبة بعد ان رمته بكل ماؤتيت من قوة
وهي تبحث عن اسم زياد!
ارسلت رسالة كان محتواها :
صباح الخير دكتور
فاضي ؟
/

\
خرج من الباب من هنا
حتى يرن هاتفه على وضع الاهتزاز من هنا بما انه مازال صامتًا بعد الاجتماع
عقد حاجبيه وهو يقرأ اسم افنان ينير شاشة هاتفه!
اجاب بإستنكار من اتصالها في هذا الصباح :
اهلًا وسهلا
بلعت افنان ريقها وهي تحاول ان تستجمع قواها حتى تستطيع ان تفتح موضوعها معه :
هلا والله عمي حاتم
فاضي ؟
دخل حاتم مكتبه وهو يغلق الباب من خلفه :
آمريني ؟
ازفرت افنان نفس عميق بعد ان هدئت انفاسها :
مايامر عليك عدو
تذكر اللي نشر عن غزل عن طريق حسابي ؟
غمض حاتم عيناه ببطئ بقل حيلة وهو يتنهد بأسى :
وهذا شيء ينسي الله يصلحك ؟
عضت افنان طرف شفتها بحرج من نبرة عمها وكأنه يذكرها بفعلتها الشنيعة بنظرهم :
كلمته!
فتح حاتم عيناها بدهشة غاضبة :
من كلمتي ؟
وقفت افنان من على سريرها بخوف ، وكأنه امامها وهي تخر السالفة كاملة وكأنها مسبحة وانقطعت لتخر خرزاتها متتالية :
كلمته هو
قلت له وش تبغى مني قال أبغى اكثر من اللي تبغينه
قلت له بطهر الوسط الإعلامي قال انا بطهره منك
عمي هذا واحد ماهو متقصد حسابي
هذا متقصدني شخصيًا
الحين بدا لحسابي بكرة الله اعلم وش بيبدأ فيه او وش المغزى اللي يبي يوصل له غير انه يحيرني
هدئت افنان عندما سمعت انفاسه التي خرقت طبلتها من شدة تنفسه بغضب الى ان اختفت :
انا ما أبغى شيء عظيم
انا ابغى حقي بس وبجيبه بالقانون
القانون اللي مانصفني مع ثنيان
لعله ينصفني مع هذا اللي ناوي علي بشر اكبر بكرة
همس حاتم وهو يمسح بكفوفه وجهه بعد ان شعر انها تلمح لشيء ما :
وش المطلوب مني ؟
ابتسمت افنان وهي ترى عمها يلتقط المغزى :
ماشاء الله عليك فطين
عرفت على مين طالعة
تنهدت بإرتياح وهي تستلقي :
ابدًا طال عمرك
ما ابي اسوي شيء من غير علمكم هذه معلومة اني تبت من غلطتي الاولى
والشيء الثاني ادري انك حولت قسمك الى جرائم إلكترونية ممكن تساعدني وتفتحها قضية وتمسكونه
هز حاتم راسه بإيجاب وهو يفكر بالموضوع بعمق :
انا بشوف ان شاء الله وبرد لك خبر يا افنان
ولكن الى ذاك الوقت انا ما ابيك تسوين شيء ولا تكلمينه
وقتها والله ان زعلت مارضيت عليك يا افنان وانتِ تعرفين زعلي شين
ابتسمت افنان بانتصار ممزوجًا بفرح بان حماسه في نبرتها :
من عيوني والله ما اسوي شيء
/

\
اغلق عيونه بقوة بإنزعاج وكفه تتخبط بالطاولة التي بجانب سريره يبحث عن جواله الذي يرن المتصل مصرًا من عشر دقايق!
عثرت أصابعه اخيرًا على ضالتها وأخذ جواله دون ان يرى الاسم وهو يجيب بنعاس :
الو
اجابه المتصل بإحراج وهو يسمع اثار النوم تستقر بحنجرة سيّاف :
السلام عليكم
المعذرة على الإزعاج ان كان اتصلت بوقت غلط
فرك سياف عيناه وهو يبعد جواله عن هاتفه حتى يرى الساعة! كانت تشير الى ٤ العصر
فز بقوة من سريره وهو يستوعب انه من امس الى اليوم يغط في نوم عميق
اجابه بنفي :
لا ابدًا آمريني ؟
بس بالاول عرفني من من معي ؟
اخذ نفس عميق وهو يستجمع قوته حتى يصرح باسمه امامه
وينفذ القرار الذي أملاه عليه ضميره و واجبه تجاه عمله والمواطن :
معك طارق شرطي في قضية سرقة منزلك
زميل سابق لأخوك حاتم لما كان في قسم الشرطة!
هز سياف رأسه بإيجاب وهو يتذكره ويده تحت صنبور الماء تشطف وجه من آثار النعاس حتى يتنشط :
ياهلا والله
آمر ؟ استجد شيء ؟ لان على حد خبري من حاتم ان القضية اغلقت بفعل مجهول
ناظر طارق ساعته وهو يعقد حاجبيه بتردد من انه سيكذب أخيه امامه :
ماحصل الا كل خير
بس تقدر تتفضل عندنا المركز ؟
هز سياف راسه بأسف وهو يبحث عن شادن بإرجاء الجناح :
للاسف والله اني خارج السعودية
اذا كان شيء ضروري يستدعي وجودي ممكن ينيب اخوي عني
بتصل عليه الان يراجعكم
قاطعه طارق بخوف :
لا لا مايحتاج!
عقد سياف حاجبه بشك :
على خير ان شاء الله اذا وصلت بيكون بينا أتصال
اغلق هاتفه وهو مازال عاقدٍ حاجبيه بريبة من اتصال طارق المتحفظ جدًا والحريص على جهل حاتم
شعر بذراعين تحاوطه على غفلة بقوة لتصرخ بأذنه لتفزعه
لف بقوة مروعبًا ليجد شادن تقهقه ضحكًا ويدها التي كانت تحاوط خصره أصبحت تستقر على بطنها من فرط ضحكتها على ملامح سياف
ضحك من ضحكتها وهو يضرب بأطراف أصابعها رأسها ساخرًا :
ذابحتك خفة الدم ؟
ادخلت يدها في شعرها الذي بهذله أصابع سياف لتبتسم له :
ماضحكتني الحركة السخيفة
ضحكتني انت ما توقعتك بتخاف
مرر سبابته ليعيد الشعرة المتسللة من بقية شعرها الذي يستقر على كتفها لتسقط على جبينها الى خلف إذنها هامسًا :
عيديها هالسخيفة كل يوم
اذا بشوف هالضحكة
ضحكت مندهشة!
لم تتوقع بيوم ان يكون سياف هشًا الى هذه الدرجة
هشًا لدرجة تظن انها صلبة / فولاذية امامه
صحيح سياف حنون ولكن بصمت!
سياف يكاد يتمزق من شدة رقته ولكن لا يُعبر!
سياف ذا مظهر رجولي بقلب ام مع الجميع كيف له ان يكون امامي كعاشقًا في فيلم درامي بين كل ثانية والأخرى يخبرني بانه يحبني وكأنه يخشى ان تنقضي الـ ١٢٠ دقيقة من الفيلم وهو لم ينهي السيناريو تجاه البطلة ؟
لم يكن مثل رجالها البقية الذين يحبونها بطريقتهم!ابيها يحبها ولكن بقسوته
ذياب يحبها بشدة خوفه لدرجة يكاد ان يضيع سعاتها ولا يخبرها
جلوي يرأها جميلة جدًا ولا يتوقع ١٪؜ ان يرى فتاة تفوقها تصورًا بالحسن
تكاد ان تشبه فتاة احلامه تمامًا و لم يخبرها قط
لم يكن مثل مقرن
يتفجر قلبه حُبًا
يكاد ان يفني ما امامه وما خلفه حتى لا تعبس
ولا يخبرها ولا حتى تراها في عينه ولكن تشعر به وهذا يكفيها
أتاها سياف مختلفًا
رَجُلها / وحُبها ولكن بطريقة كلاسيكية جدًا لا تليق برجلُ شرقي
وكأنها تعيش في فيلم ابيض واسود
الفتيات يتبضعن بفساتين حمراء وقفازٍ ابيض والرجال يتسكعون ببدلة سوداء وسيجارة ويتصادفون في حانة رقص
يطلب منها ان ترقص معه عند الاغنية الاولى
لتتمايل بخصرها يمينًا ويسارًا ويتدلى قلبها ويقبض
وعندما يجعل من ذراعه حائطًا تستلقي عليه بعد ان تنتحي للخلف من حركة رقصتها الثالثة بعد ان دارت بحجره مرتين وعيناهم لا تتقاطعان ؛ لتبتلع قلبه
لوهلة شعرت ان الأدوار تبدلت
أصبحت انثى بعنفوان حُبٍ شرقي كمن ولدٍت نطفة حُبها بين الخيام على رمال حمراء على ظهر ناقة
وأصبح سياف رجُل بطابع غربي كمن سّلم نطفة حُبِّه كهدية من هدايا شجرة الميلاد بين أزقة تُبنى بغنائم الاستعمار وتُنقش زخارفها بضروس الاطفال اللاجئين
استفاقت من غيبوبة افكارها على صوت الماء المنهمر واختفاه من امامها لتعلم انه يستحم


اخفضت رأسها بملل وهي ترى سيارتهم تعبر من جانب اللافتة التي تشير الى ممر / شارع خاص تحمل بداخلها ( الطائرات الخاصة ) باللغة الفرنسية
ابيها يجلس امامها وجهازه يستقر على فخذيه كعادته ولكن كان هناك شيء خارج عن المألوف وغير العادة!
كان هاتفه مغلقًا كانت شاشة الجهاز تشير الى وضع السكون
وعيناه تنظر الى النافذة بشرود!
لم يعد ابيها هو ابيها الذي تركهم على السفرة عندما عاد من مكالمته
جلوي يجلس بالإمام مع السائق بطلب منه حتى يتحدث معه ويضيع عليه وقت الطريق المزدحم كعادة باريس
وهو على علمٍ تام بطقوس عائلته المملة
امها بجانبها مغلقة عيناها حتى تقرأ أذكار المساء دون ان يقاطعها احد
دخلت سيارتهم المساحة الحرّة المزفلتة مكان وقوف طائرتهم تحديدًا
ولكن عندما بدئت تهدأ سرعتهم واعتدل ابيها بجلسته حتى يحزم أمتعته
وفتحت والدتها عيناها حتى تستعيد وابعد جلوي حزام الامان عن خاصرته
أتى اتصالًا على جوال السائق من متصلٍ يأس من ان يجيب ذعار على هاتفه
اجاب السائق سريعًا ليقف بالسيارة بقوة في نصف الطريق!
ويمد الهاتف بهدوء الى ذعار وبتردد :
تفضل طال عمرك
اتصال ضروري
اخذ ذعار الهاتف من يده
وهو عاقد حاجبيه بشك
مرتبًا من اتصال بالضرورة القصوة ويكون على هاتف سائقه
من يفعلها اصلًا ويحمل رقم هاتفه غير رجاله ؟ اذا الامر خطير وخطير جدًا الذي اوقف بالسيارة بنصف الطريق
وضع الهاتف على اذنه ليردف المتصل بتفاصيل الحادثة متتاليةً وهو يعلم طبع ذعار جيدًا لا يطيق المقدمات او تقييم الوضع اذا كان بسيطًا او ضروري! هو فقط من يملك الحق بذلك
كانت ريناد تنظر الى ابيها بخوف!
ملامح وجهه الذي تحولت رويدًا رويدًا من غضبه الى قطعة من الجحيم من شدة احمراره!
لم يتفوه بأي حرف
لتنتقل عيناها الى ثلاث رجال أتوا من بعيد مسرعين ومن خلفه سيارة صغيرة تشبه سيارة القولف لتحملهم بعيدًا
ليفتحوا الباب لذراع ويتحدثهم إحداهم بالانجليزية على عجل
رمى ذعار بكل ما أؤتي من قوة بالهاتف في النافذة
لينزل بغضب خلف رجاله!
عاد سريعًا الى سيارته بعد ان استوعب من نسى خلفه
انحنى براسه تجاه ندى بحدّة ويده تشير الى السيارة الصغيرة التي ينتظره سائقها خلفه :
اركبي مع عيالك وانتظروني في صالة الانتظار
لف على ريناد بغضب :
ولحد يسعسع من هنا وهنا مو فاضي ادوركم بعدين
مفهوم ؟
هزت ريناد رأسها بإيجاب وهي تحمل حقيبتها وتمسك بكف والدتها لتنزل من السيارة
نزل جلوي من السيارة وبهدوء وهو يتطمن من تحت الحزام بطريقة تليق بغضب ابيه
متهيئًا لبصقة من ابيه على وجهه لانه تحدث معه الآن :
الموضوع يستدعي اني احذر من شيء ثاني يايبه ؟
وقف ذعار وهو يمسح بكفوفه وجهه واعصابه تلفت في دقائق معدودة من تلقي الخبر :
أحجز اقرب رحلة الى الرياض ، ما اتوقع يمدينا نروح الآن بالطائرة!
ليردف بغضب دون ان يشعر بنفسه وكأن جلوي عرف لاطباع ابيه تمامًا
لا يجيد معه السؤال المباشر بل سريعة البديهة :
يقولون في عطل بالمكابح والمحركات ، بفعل فاعل
اكتشفوه يوم جو يهبطون بهالساحة ماقدروا يتحكمون بالمكابح!
ما اظمن اركب اهلك حتى لو حلوا التقنين المشكلة بأسرع وقت ! اللي وصل لطايرتي في زحمة رجالي كلهم وش يضمن لي ما دس لي شيء جواها مايكتشفونه لين تقلع الطائرة ؟
هز جلوي رأسه بإيجاب مدهوشًا من الخبر!
من كان يخطط الى قتلهم ؟
/

\

/
اغلق سترته باللون الزيتي التي تحمل بيسار صدره شعارها الرياضي
خرج من غرفته الى الصالة المجاور الى المطبخ التحضيري الصغير ليرأها واقفة وبيدها الدلة الذهبية ، تُزل القهوة العربية في الزمزمية
اخذها من يد شادن من خلفه ، ليكسب له في فنجاله بولّه :
عرفتي شلون تجيبين رأسي ، ماطلعني من تحت الموية الحارة الا ريحتها!
ضحكت شادن وهي تأخذ الصينية من الرخام لتضعها على الطاولة بالبلكونة :
جعلها بالعافية
كشفت عن التمر الذي استعارته من امها قبل ان تغلق حقائبها
وهي تعلم ان امها لا تستغني عن قهوتها او تمرها حتى لو بتروح من الرياض للخرج لمدة ساعتين!
بكل مرة تضحك بسخرية على امها، وتأتيها بنهاية كل رحلة بترجي ( ابي من قهوتك يمه! عفنت كبدي من قهوتهم )
سكبت لها فنجالًا وتركته يدفي كفيها ، وعيناها تتأمل المارة تارة والغروب تارة!
تتأمل صنيع خلقه في السماء ، وتارة في الارض!
لفت على سياف
كان ينظر للمارة نفسها تمامًا ولكن عاقدًا حاجبيه وكأنه ينظر الى حرب دموية امامه وليست مجموعة أطفال ينزلون من حافلة المدرسة ليتفرقون مع مفترق الطرق!
مدت ذراعها ، لتفرد سبابتها من بين قبضة اصابعها لتمرر سبابته في المنطقة التي بين حاجبيه ، حتى تنفرج حاجبيه عن بعضها وتعود لطبيعتها وفيروز تغني في دِماغها بحُب " ياعاقد الحاجبين ، على الجبين اللُجين ان كنت تقصد قتلي . قتلتني مرتين " هامسةً :
ودي اعرف وش اللي تشوفه وما اشوفه على عقدة هالحواجب ؟
ابتسم بهدوء ومازال على نفس وضعه ، لم يتغير به شيئًا الا الذي احدثته شادن بيدها . رفع سبابته وهو يشير الى المتجر المختبئ بزاوية بنهاية الشارع :
شايفة المسافة من مكاني الى هناك ؟
لفت شادن برأسها لتنظر الى المتجر الذي لا يرى بالعين المجردة ، لتعطي سياف ظهرها باهتمام :
وش فيه ؟
استغل سياف انشغالها ليسحب بقوة من ذراع كرسيها ، كرسيها نحوه ليخفيها اولًا ويقربها له ثانيًا بضحكة :
نفس المسافة اللي احس بها من كرسيي الى كرسيك
صرخت شادن وهي تشعر بإن كرسيها يندفع باتجاه سياف بقوة
لترمي فنجالها بعيدًا ليسقط على الارض ويتطاير الزجاج مجددًا الى الأعلى نتيجة الاصطدام
وتمسك بكفوفها بقوة سترة سياف ، ضربته بكفوفها بعنف في صدره غاضبة :
والله أقوله! ماتسكت عبث ، تبي ترد نفس حركتي فيني
قهقه سياف وهو يضع رأسها بين صدره وبطنه ، لينظر اليها بوضوح وتستقر أصابعه بين فراغات اصابعها :
بالله عليك ما اشتقتي لي وانتي هناك ؟
هزت شادن رأسها بسخرية وهي تتصنع البكاء :
الا مرة ، لو مخليني شوي زيادة هناك كان ممكن يجون الدفاع المدني يشطفون دموعي
همس سيّاف وهو يمرر طرف سبابته على تقاسيم وجه شادن بإبتسامة :
انتي لو تدري ملامحك عن أسلوبك! ماقعدت معك
اردف وهو يرى شادن تبتسم وتقسم بنفسها بإن نظريتها عن انهم تبادلوا الأدوار . قد أصبحت مسلمة :
ماتشبهين ملامحك ولا ملامحك تشبهك
فعلاً لله في خلقه شؤون!
ضحكت شادن وهي تأخذ بكفه لتضعه على قلبها :
عليك من اللي هنا! ماعليك من الظاهر ، ماله فائدة الا اني اورثه لعيالي
قاطعها سياف وهو يتعمد ان يحرجها ، ليرأها تبتسم بدهشة تحاول ان تخفي خجلها بردٍ ساخر :
واحبّك فيها!
ضحكت بخجل وهي تحاول ان تضيع عيناها في ملامح سياف دون ان تضع عيناها في عينه ، لتردف بسخرية مُصطنعة :
سياف لو تقعد بعد كلمة والثانية تتغزل بخليك وبمشي للرياض
ضحك سياف وهو يضرب كفيه في بعض بحماسة من برهان شادن على كلامه! :
ماقلت لك ملامحك ماتشبهك ؟
همس وهو يرى ملامحها وكأنه يقرأها
يقرأها بحروف لغة العشق!
يقرأها بأبجدية الغرام!
يقرأها بفصاحة مغرم حد النخاع!
يعي جيدًا ما يرى ، جميع حواسه تتكاتف تجاه هذه الحسناء!
يسمع ماتتفوه به ملامحها ، يرى ماتحاول ان تعبر به عيناها ، يشعر بما تحاول ان تزم شفتيها بقوة حتى لا تسقط من بينهما كلمةً
هو عالم / خبير / بروفيسور واي مصطلح ينم عن الذكاء والبراعة ؛ بها فقط ، واُميّ / جاهل بجميع الإناث من بعدها ومن قبلها! :
ملامحك تحسسني بإني انا والعالم مُدينين لك باعتذار طول ماحييت انا
او دامت هذه الارض تشرق عليها شمس وتغيب!
متيقن بأنا اقترفنا بحقك ذنب لا يغتفر!
اردف بهدوء وهو ينظر الى المباني الشاهقة امامه وكأنه يشهدون عوضًا عن الشمس التي ابتلعها البحر ليعمّ العتمة على أراضي باريس ويخطف النور الذي يضئ لسيّاف وجه شادن بحضنه وينتظرون ان يشرّف القمر :
امس كانت اجمل ليلة بحياتي!
على العموم ماكان امس وبس! حلاوة امس طالت الى اليوم احس كل شيء غير
حتى القهوة معك رغم مرارتها صارت لذيذة وبزيادة!
لوهلة حسّيت بإن شجرة البن خُلقت عشان هذه اللحظة أتسعت ابتسامتها تدريجيًّا وهي تسمع كلامها ، لتردفها بضحكة محرجة / مفعمة بالدهشة والحب قليلًا!
لتظهر صفة أسنانها الضاحكة امامه
يالله ياسياف كيف لك ان تصطف الكلام هكذا ببلاغة لا ينافسك عليها اي شاعر او عاشق!
كنت اسمع بمجزرة قيس ابن الملوح مع عشقه ليلى حتى مات من فرط الصبابة وهي أقصى مراحل العشق!
واسمع بمعلقات جميل بثينة ، وبما كُلف عنترة بن شداد لأجل ان يحظى بعبلة شريك حياته!
واضحك على أساطير العرب المجنونة!
كيف يقتلك الحب ؟ كيف يجعلك أعظم شاعر ؟ كيف يجعلك تجوب الارض بحثًا عن ١٠٠٠ ناقة من نوق النعمان من اجل فتاة ؟
كيف لك ان تأتي ياسياف وتخبرني بإن الحب يجعلك شيئًا لم تكن تتصوره!
السكران عندما يفقد عقله
تعرف انها آثار الثمالة!
ولكن كيف تفقد عقلك ياسياف وارى الثمالة في عيناك وطرف لسانك من دون ان يمسه تخمر سكر العنب ؟
هل هذه فعلًا اثار اجمل ليلة بعمرك ، ام انك صمت ١٢ سنة عن هذا الحب لتخبرني به في ليلة ؟
ابتسمت شادن له هامسة بخجل وهي تضرب صدره وتعتدل بجلستها :
قلت لك بروح الرياض واخليك لو ماتعقل يامجنون
غمز لها سياف بخبث وهو يستند على ظهر كرسيه :
ماعليه اعذريني الليلة ، خبرك ماعلى المجنون حرج
/

\

/
( فتحت باب غرفتها بهدوء ، دخلت وأغلقت الباب من خلفها
جلست على كرسي مكتبها الدراسي المشترك مع وِصال
وهي تنظر لها تسلم من صلاة العصر وآثار النوم القيلولة مازالت تكسو ملامحها
انزلت جلال الصلاة من رأسها ، عاقدة حاجبيها بإستغراب من امها الجالسة امامها تحدق بها بلا تعابير!
فقط تحدق بها بشكل اثار الرعب بقلبها
همست شذى بقلق بصوت متضخم لم يستقيظ بعد من آثار النوم :
يمه فيه شيء ؟
تكلمت رنا بنبرة صارمة وهي تبحث بعيناها بأرجاء غرفة بناتها :
وين جوالك ؟
بلعت شذى ريقها بدهشة! لاول مرة تطلب امها او ابوها جوالها حتى وان كان مافيه شيء اثار دهشتها طلبها الذي نمّ عنه شك :
على التسريحة
لفت رنا الى الخلف وهي تأخذ جوال شذى ، فتحته وهي تبحث في جهة الاتصال عن اسم الجازي!
لم يظهر لها! لا تريد ان تبحث اكثر وتثير الشك
بأبنتها وتستوعب الوضع وتتوتر قبل الاختبارات
ستبحث فيما بعد على روقان
وقفت وهي تخرج من الغرفة بصرامة :
انسي جوالك الى بعد الاختبارات
انتِ اخر سنة شدِّي حيلك )
كانت تجلس رنا على سريرها وباب غرفة نومها مغلق بحجة انها تصلي المغرب وجوال شذى في يدها!
تنفست بإنتصار وهي ترى محادثة في بالواتساب بدون اسم فقط رقم وكأن شذى كان مسجلة الرقم ثم حذفته! ولكن نست تحذف المحادثة
اخذت رنا الرقم وهي تسجله في جوالها ، ازفرت نفس عميق كتمته بصدرها من قلقها!
ناظرت الى مكان حاتم من سريرها وكان مرتب وفارغ!
تنهدت وهي تخشى ان تتصل ويغضب حاتم ، او ان تسكت وتحدث مصيبة وينجن حاتم وتخسر شذى!
هي بين نارين
حاتم هذه الايام فيه مايكفيه ، لن يقوى قلبها ان تراه يندفع الى الحافة ليهوي الى حفرة ليس لها قاع وهي على المدرج تتفرج!
ضغطت على زر الاتصال بقوة بدافع الأمومة اولًا ودافع الحب ثانيًا والاقوى سطوة
فزت من سريرها وهي تذهب وتعود بخطوات سريعة قلقة
وقفت في مكانها وكتمت انفاسها وهي تسمع صوت أنثوي مقارب لسنها تقريبًا مستنكرًا الرقم المجهول :
الو ؟
اعادت الجازي سؤالها ، وهي تغلق بسبابتها إذنها الاخرى بشك انها لا تسمع المتصل الذي لا تسمع الا شوشرة انفاسه المضطربة :
مين معي ؟
تأففت عندما مرت الثواني سريعة ولم تسمع اي اجابة من المتصل بغضب :
اتقوا الله في وقتكم و وقت المسلمين اللي تضيعونه على الفاضي
لتقاطعها رنا بهدوء ، بسرعة خوفًا من ان تغلق السماعة ولا تجيب على رقمها مجددًا :
السلام عليكم
هدئت الجازي وهي تسمع صوت أنثوي هادئ يشير الى الاتزان / الاحترام في تأنيها بإلقاء التحية ، وليس صوت رجل او طفل يمارس حيل قديمة بإزعاج الارقام :
وعليكم السلام ، مين معي ؟
جلست رنا على كرسي تسريحتها وهي تنظر الى نفسها في المرآيا بتردد من ان تلقي اسمها هكذا فجاءة ، تفضل ان تترك صوتها ينعش ذاكرة الجازي :
ماتذكرين صوتي يالجازي ؟
غمضت عيناها بقوة ، وتردد رنا في طرح اسمها بجراءة ذكرها بنفس ترددها قبل ١٨ سنة!
يالله هذه السنين مرت سنة تلو الاخرى
ومازالت رنا هي نفسها رنا
ومازالت انا هي انا
يكذب من يقول السنين تغير اللي مايتغير والله انه يكذب!
قاطعت الجازي رنا بقوة غاضبةً :
لا ما اذكرك انتي! انا اذكر ظلمكم ، اذكر جوركم
انا انسى اسمي بس ما انسى سواتكم فيني!
انسى ملامحي اللي كل يوم اصبح فيها على المرايا واحس بشيء ناقصني! فاقدته ولكن ماظهر حتى للمرايا!
بس انا لوحدي قاعدة اغرق وأموت بالفقد
قاطعتها رنا بحدّة ، وهي تريد ان تصمت الجازي التي تؤقظ ضميرًا حاولت ان تصمته وتدخله في غيابات الجُب ١٨ عامًا :
بس يالجازي!
ما اتصلت أسمعك ، انا متصلة تسمعيني
اللي فقدتيه من ١٨ سنة انسي انه يرجع لك!
لأنك باللي قاعدة تسوينه مع شذى ماتضيعين الا نفسك
وانتي تدرين ان حاتم لا درى ان لسانك حط على لسان شذى والله ماتصبحين الصبح الا في قبرك
انا قلت أكلمك وأحذرك لان محد ادرى فيكم مني في حاتم
بناته خط احمر يالجازي ، ومايختلف عني كثير
خلي البنت تعيش وعيشي والله يوفقك
كل شيء صار من غلطة يدينك
قاطعتها الجازي بحرقة غاضبة ونبرة مرتفعة اشبه بالصراخ :
مايعرف نجاسة زوجك وابوه الا انا! ماذقتي من اللي ذوقوني شيء!
باي حق تقولين انك تعرفينه ؟
مرت ١٨ سنة
ولو تمر ١٨ سنة زود لي حق عندكم وامانة وبأخذها اما برضاكم ولا غصبًا عنكم ماهمني
لا تتعبين نفسك بالاتصالات يارنا
الجازي اللي خذيتوها لحم ورماها حاتم وسلطان عظم! فعلًا دفنها زوجك وابوه
ولكن سبحان اللي يحي الميت ، ويحيي العظام وهي رميم ردّها أقوى لكم!
قطعت رنا الاتصال بقوة وهي تخفي الهاتف خلف ظهرها بمجرد ماسمعت الباب يدق بهدوء ومن خلفه صوت حاتم مستنكرًا :
كل هذه صلاة يارنا ؟
/

\

/
ادخلت محفظتها في شنطتها
وهي تحمل قاعدة الأكواب بيدها الفارغة متوجهه الى صالة الانتظار امام بوابة رحلتهم
اسرعت بخطواتها وهي تحاول ان لا تنسكب القهوة على يدها وتحرقها ، ويحرقها ابوها فعلًا
عندما رأته يدخل من باب الطوارئ ومن خلفه اثنان من رجله وأمامه واحد
توجهت هي وياه الى نقطة معينة ، وهو مكان جلوي وامها
اقترب ذعار دون ان يبالي بريناد التي تتخبط بخطواتها خشيةً منه رغم انه حذرها ان لا تبتعد عنهم قبل ان يتطمن على الأوضاع
ولكن ماعنده وقت ينشغل بها الآن :
بشر ياجلوي ؟
فز جلوي من كرسيه ، وهو ينظر الى ساعته المستقرة على معصمه :
لقيت اقرب رحلة بعد نص ساعة ان شاء الله ، بالبداية رفضوا لان جوازتنا تختمت قبل على رحلة ثانية بس شرحت لهم الوضع ومشوا امورنا
مسح ذعار بكفوفه على وجهه بإرتياح :
زين الحمدلله
وحجزت لي على دبي ؟
هز جلوي راسه بإيجاب :
اي ان شاء الله انت رحلتك بعد ساعة ونص بس انتظار ، واحنا على الرياض مؤكد
همس ذعار وهو يهز راسه بهدوء :
مو مشكلة
قاطعهم صوت المضيفة التي تقف خلف الكونتر الصغير ولا يحمل الا مكبر صوت وشاشة كومبيتر عند الباب المتجه الى باب الطائرة بإبتسامة مهنية ، بالانجليزية :
مسافرينا الكرام المتوجهين على رحلة الرياض 306 على الخطوط الفرنسية
نستسمحكم عذرًا لحرصنا على سلامتكم بإن الرحلة سوف تتأجل الى بعد 3 ساعات ونصف
بسبب مشاكل تقنية بالطائرة ، شاكرين لكم انتظاركم
اقترب ذعار بخطوات واسعة الى المضيفة وهو يرمي تذكرة صعود الطائرة على الكونتر بحدّة :
رجاءًا وهذه الرحلة هل تستطيع ان ترين انها ستقلع في الوقت المحدد ؟
اخذت التذكرة وهي ترى رحلة دبي ، هزت رأسها وهي تنظر بالجهاز :
نعم
لف ذعار بقوة مصدومة عليهم هامسًا :
تتعطل طايرتين فجاءة بدون سبب واضح
وكلها كنتم موجودين ضمن قائمة المسافرين!
تنهدت ندى بأسف ، صاحبه بحسن نية :
خيرة ، قدر الله وماشاء فعل
رص ذعار على اسنانه بغضب والحروف تخرج بحدّة من بينهما :
هذه مو صدفة!
هذه مدبّر لها ياندى لك ولعيالك لو كنت المقصود انا كان تأخرت رحلة دبي ماهي الرياض!
سقطت عيناها في عين جلوي بدهشة! منذ أن أبصرت النور عيناها وهي تعلم بأن أباها ذو نفوذ وله من الأعداء مالا تحصيه أصابعها العشرة ولكن لأول مرة يصيبهم منهم أذى
كان دائما حسدهم / حقدهم لا يتعادى أبيها وعمله وشركاؤه
لم يمس أهل بيتها أذى قط!
جلست بخوف على كرسي من صفة الكراسي الموجودة بصالة الأنتظار بدهشة وهي تنظر لأبيها بعينٍ دامعة
شخص يترصد لكم بالمرصاد رغبة أن ينهي حياتكم حتى لو أضطر أن ينهي حياة 300 حياة شخص مسافر آخرى لا ذنب لهم لا بأس! المهم أن يظفر بهم أموات او تتفجر الطائرة ويسقطون في بحر جزيرة مجهولة لا بأس المهم أن لا يرأهم ثانية حول ذعار! :
وش بنسوي يبه ؟
مسكت كف أبوها بترجي تشبثت بكفه بقوة وكأنه طوق النجاة الوحيد من كُرب هذه الدنيا
تعلم أنه لن يتركهم دون رجال يحاوطونهم حتى تنام في سريرها في الرياض تحديدًا ولكن لا يسون في عينها شيء من مجيء أبيها لوحده معها . أبيها هو من سيدافع عنها بضراوة لا هم! هو يحميها بالفطرة هم يحمونها لأجل قرشين في نهاية الشهر
خفض ذعار عيناه لمستوى أقدامه حتى لا يرى عيناها وهي تترجاه! يعرف أبنته جيدًا
تخاف حتى من ظلها تبكي لو مرت عاصفة شديدة كاد أن تؤثر باتزانها
لو يرى عين ريناد الآن , والله لن يهدأ دمه ولا رأسه من عدوه الا عندما يرى راسه في يد وجسده في يد !
كان الآمر يسهل السيطرة عليه , أن يجر كفه بقوة من كف ريناد ويترك الموضوع لجلوي ولكن ريناد وهي تهمس ببكاء بجانبه ( تكفى يبه لا تخلينا! )
خلت بالموازين , رفع ذعار رأسه بقوة لرجاله بنبرة صارمة :
أحجزوا جناح من فنادق المطار! والغوا حجز رحلتي الآن لدبي إلى أن نشوف الموضوع
مشى خطوتين للأمام ورجله ( صالح ) خلفه
ذراعه اليمين
لا يفترق هو وذعار الا عند النوم , همس ذعار وهو يكمل تعليماته بعيدًا عن اسماعهم :
احجز الدور كامل! لا يدخل أحد ولا يطلع منه إلا وانتم عارفين مين
والجناح ابيه بثلاث غرف أبي كل عيالي تحت عيني ! لا يقعدون يتفلسفون على راسي وما يصلح حتى لو شقة المهم عيالي بابي وبابهم واحد
همس صالح من خلفه بسرعة بديهة :
تم طال عمرك
بس وعمتي شادن ؟ ما يطاوعني قلبي نتركها لهم كذا ضحية سهلة!
أرسل لها عبدالله ونطلب من الفندق يغيرون غرفتها بغرض الصيانة عشان ماتشك ؟ لأن غرفتها مطلة على المدينة لو أحد يصوب غرفتهم لا سمح الله من العمائر الثانية سهلة
أبتسم ذعار على فطنة صالح
وأن كان يبالغ احيانا بحرصه وكأنهم يعيشون في فلم من إنتاج هوليود! ولكن بالنهاية يرضح لرأيه . الافلام مهما أبتكر خيالها الا أن خيالها محصور من واقعهم لن يأتي بشيء من الفضاء
كلها أشياء حدثت والخيال لا يعني مستحيل حدوثه :
توكل على الله
ولو أنه يعز علي مفارق عبدالله ذراعي الثانية
\
/
خرج من الحرم الجامعي وهو يرتدي نظارته الشمسية رغم أن الشمس شارفت على الغروب بشكل كبير ولكن أعتاد عليها . وضع كتبه على رأسه وهو يبحث بعيناه عن سيارة تاكسي
وقف على الرصيف الفرعي وهو من سابع المستحيلات أن تقف سيارة تاكسي هنا ولكن قرر أن يستعمل حظه البائس
الذين أيقن من بؤسه بعد أن مر على دكاترته جميعًا وطلب منهم أن يعذروه على غيابه اليومين الفائتة دون أن يخبرهم السبب ورفضوا وكانت بداية سيئة!
جلس على الرصيف وهو يمد قدمه المتعبة من ماراثون التنقل بين مكاتب الدكاترة
مرت سيارة صفراء كادت أن تقطع رجله من سرعتها الجنونية!
لولا انها توقفت بقوة امام كسار حتى أصدرت الكفارات صوتًا تسمعه الحواري الآخرى
فتح السائق نافذة باب الراكب الأمامي وهو يطل برأسه على كسار بالفرنسية :
‏Taxi ?
وقف كسار بغضب وهو يرمي كتبه بقوة من النافذة المفتوحة وفتح الباب الخلفي وركب واغلق الباب خلفه بقوة معبرًا عن غضبه . وبالفرنسية :
أذهب الى دائرة 92
مشى السائق وهو يخرج من منطقة الجامعة حتى توقفوا عند الإشارة في نصف باريس لأن منطقة سكن كسار بعيدة قليلا
تعدى الأشارة الاولى والثانية . حتى توقف في شارع فرعي! لا يوجد به الا عمائر سكنية لا اشارات لا متاجر لا كاميرات مراقبة!
عقد كسار حاجبيه وهو يرى هذا الطريق الجديد طريق مماطل بالنسبة لطريقه المعتاد
معقولة يريد أن يرفع العداد حتى يستفيد من السعر ؟
لف كسار رأسه من النافذة حتى يطلب منه أن يغير مسار الطريق! ولكن أنه بمجرد أن لف وجهه كان وجه السائق في وجهه!
شهق كسار بصدمة! ماذا يفعل من مرتبته حتى يدخل رأسه من بين المرتبتين الأمامية ويضع رأسه امامي
كل الأجوبة تراودت الى دماغه سريعًا عندما شعر بالسكينة على كليته! صحيح يلبس قطعتين ومن فوقه جاكيت ولكن شعر بطرف السكينة الحاد
كتم كسار أنفاسه وهو يرى الوشم الذي يزين عنقه
عرف أنه من جماعة الدم لم يغرس السكينة في كليته صحيح! ولكن الشعور بها مخيف أكثر من لو أنه طعنه :
ماذا تريد ؟
همس السائق وهو يتحدث في أذن كسار :
أخبرها أن تعود! من تظن نفسها حتى تهرب منا بهذه السهولة ؟
شد كسار جسده في المرتبة وهو يسب الساعة التي أستسلم لعجزه ولم يخرج للشارع حتى يستقل تاكسي آخر :
حسنا أخبرها أنت ماشأني أنا ؟ لم أهرب منكم!
ضحك السائق بسخرية لتتحول ضحكته فجاءة الى صرامة وهو يضغط بطرف السكينة أقوى على كليته كسار :
ذنبك وذنبها واحد! هي هربت بدون أن ترد جميلنا وأنت اذايتنا
لم تفلتوا بسهولة إلى ان تردوا الدين او الجميل ومن بعدها بأمكانكم الهرب لا بأس نحن جيدون مع الجيد!
همس كسار ببرود وهو ينظر مع النافذة لعله يستنجد بأحد المارة , وينقذه :
ما شأني بها ؟ حلوا مشاكلكم معها لوحدكم!
طلع السائق هاتفه من جيبه
فتح الرسائل النصية وهو يفتح المقطع الأول بابتسامة جانبية / خبيثة وهو يلف بكفه وجه كسار من دقنه بقوة حتى ينظر له
فتح كسار عيونه بدهشة وهو يرى الفيديو!
كان مقطعه هو وريناد عندما كانوا أمام المقهى وتشاجروا!
اعاد المقطع وهو يرى عندما لف كسار بقوة وهو يحاوط رقبة ريناد المنحنية لرؤية رجله ؛ بذراعه
وهو يثبتها بقوة على بطنه مد يده اليسرى
وهو يمسك السكينة بقوة ويضعها امام عيناها بعد ان جرها الى الزواية واعطى العامة ظهره
كتم كسار أنفاسه للمرة الثانية بعد أنتهى الفيديو! لو أحد شاف هذا المقطع وش بيكون تفكيره ؟ واحدة في حضن واحد أمام الجميع! والله مهما برر لا شيء يبرر شناعة هذا الموقف!
همس السائق وهو يتهجى الأسماء العربية بصعوبة :
جميل عندما تصل هذه المقاطع إلى عبدالله الجامح أو ذعار الكسار! افعال تليق بأبنائهم المحترمين طلبة باريس
صرخ كسار بغضب ولكاعة السائق تستنفز أخر قطرة صبر من دمه :
ماذا تريد غير أن أوقفها ؟
أبتسم السائق وهو يبتعد عن كسار الخاضع لأوامره ويعيد سكينته الى جيبه :
سأخبرك وقتها بعد أن اتأكد أن تستمر بالعيش في باريس! ويغادرون أهلها
نزل كسار من السيارة بسرعة , وهو يغلق الباب خلفه بغضب .
/
\
/
\
كانت جالسة على الأريكة ورجلها فوق الأخرى بجانب الباب في المتجر الصغير وأمامها على اليسار ركن المحاسبة , يقف امامه سياف وبيده قطعتين , واحدة بجامة باللون الرمادي ولعبة تركيب فواكه بقطع كبيرة , اختاروها سويًا لغنى
قاطع تفكيرها صوت سياف وهو يرفع قطعة البجامة من لون آخر عرضته عليه المحاسبة الفرنسية :
شادن الوردي أحلى صح ؟ أبدله مع الرمادي ؟
ابتسمت شادن له وهي تضع خدها على باطن كفها , المتكي مع ذراعها على ذراع الكرسي :
إذا عاجبك ما عندي مشكلة
أبتسم لها سياف , ثم لف برأسه للمحاسبة وهو يمد لها القطعة حتى تدخلها في الكيس
ظلت شادن تنظر لسياف وهو يضحك بحب للمحاسبة , جميع من مر عليهم اليوم كان له نصيبًا من لطافة وكرم أبتسامة سياف!
تحسده على هذه السعادة الذي يشعر بها بمجرد قربها , تتمنى أن تعيش بمشاعره قليًلا هل سترى الدنيا وردية مثله فعليًا ؟
تذكرت ظهرًا لما أتصلت على زياد , طبيبها النفسي وخرجت من جناحها حتى تأخذ راحتها بالحديث معه :
( أجابها زياد فورًا رغم أنه في استراحة الغداء :
وش هالكرم ؟ شهرين تحضرين مراجعاتك في وقتها , والحين تتصلين علي له له ما أٌقوى
أبتسمت شادن بهدوء على روح زياد الذي يحاول بها أن تنسمج معه كعلاقة صديق بصديقه ولكن مازال لم يعرف شادن جيدًا
هي مرتاحة علاقة مريض بمريضته :
مساء الخير دكتور
اعرف أن جلستي بكرة ولكن أنا مسافرة ما أتوقع أقدر أحضر لذلك ماعندك مشكلة نقدمها الآن هاتفيًا ؟
مسح زياد يدينه من بقايا القمح المنتثر على كفيه من بركات شطيرته :
أمريني ؟
تنهدت شادن وهي تجلس في الكراسي الخارجية للفندق , المطلة على مسطحات خضراء مملوكة للفندق بغرض الأستجمام للنزلاء :
ما أدري من وين أبدا ولا أدري ليش متصلة عليك بالضبط أو وش الهدف ؟ بس حسيت اني احتجتك رفعت السماعة واتصلت
يمكن لأني تعودت عليك أبدا من أي نقطة وانت تسايرني!
همست وهي تستجمع أنفاسها المضطربة وهي تستذكر أحداث البارحة بخجل أن تخبر زياد ولكن مضطرة عشان صحتها النفسية :
أمس قضيته كله مع زوجي
من بداية اليوم كنت سعيدة! وسعيدة جدًا بدون سبب فقط لأن علاقتنا أصبحت خالية من شد وجدل ونقدر نقعد مع بعض بدون ما نجرح بعض بس أخر اليوم صار شيء ما استعديت له! مع أنه ماجبرني كان برضاي
مارفضته بالبداية لإني ماحسيت بشيء غلط بداخلي كان كل شيء تمام لدرجة حسيت اني تعديت أزمتي
لكن لما أنقضت الليلة أستوعبت انه لا
أنا مو مبسوطة أبدًا باللي صار نهاية اليوم! بس مدري ليش وافقت في البداية
همس زياد بعد ان توقفت شادن قليلًا بتساؤل :
زعلانة لأنك حسيتي بشعور سيء فيما بعد ؟ أو زعلانة ليش كنتي مبسوطة من البداية و نسيتي جرحك تجاهه ؟
بلعت ريقها من سؤال زياد! هذا السؤال الذي لم تتجرأ ان تفكر بها مع نفسها
همست بقلة حيلة :
وش الصح فيهم ؟ أزعل على نفسي المبسوطة ؟ ولا افخر بنفسي المجروحة ؟
اعتدل زياد بجلسته وهو يلعب بغطاء كوب عصيره البلاسيتكي وكأنه يخوض نقاش عقلاني مع صديق وليس مشكلة نفسية مع مريضة :
مافيه صح او خطا
فيه وش انتي تبين ؟
تبين تكونين سعيدة ؟
تبين تحسنين من نفسك ؟
تبين حياتك تكون ١٠/١٠ ؟
مافيه صح انك تكونين مبسوطة وخطأ انك تكونين حزينة
انتي ماتعيشين بالمسطرة انتي تعيشين على الفطرة!
اعادت شادن سؤالها حتى يستوعبه زياد :
وش الصح تجاه نفسي وكرامتي ؟
هز زياد راسه وهو يفهم النقطة التي تريد ان تصل لها شادن :
تبين تسمعين وجهة نظري ورأيي كصديق او كطبيب او تبين تسمعين اللي انتي تبين تسمعينه من بداية معرفتي فيك ؟
تنهدت شادن بأستسلام :
ابي اللي انت تشوفه صح بحق نفسي
بحق سعادتي
خلاص حرفيًا طاب خاطري من رمي الكلام لاني قلت كل اللي بخاطري
وطاب خاطري من الزعل لاني زعلت لين طاح اللي برأسي
وطاب خاطري من اي شيء ثاني لاني سويت كل اللي كنت ابغى اسويه!
همست وهي مترددة
تخبر زياد او لا تخبره ؟
تخشى ان تخبره ويخبر ذياب
ولكن لم تشهد من قبل من زياد خيانة بإنه يفشي كلامها لذياب ابدًا
اردفت بعد ان توكلت على الله


واستودعته اولًا سرها ثم زياد ثانيًا :
حتى بحق كرامتي! انا خذيت بثأري من سياف وأهلي بطريقتي الخاصة
لا تسألني وش سويت لاني ماراح اقول! وما استبعد انه قريب بيوصلك الخبر
بس خله يوصلهم قبل
لذلك احس اني استرديت خاطر كرامتي من سياف وأهلي!
الحين هدفي ابي اعيش حياتي وانا مبسوطة بدون ما آثر بمشاكلي على بنتي او حياتي الجديدة فقط
ابتسم زياد
كان حاس من البداية عندما بدأت شادن تنتظم معه على مواعيد العلاج والجلسات
انها فعلت شيئًا ما!
كانت تنفر منه دايمًا اذا طلب ان تنسى مافعل سياف قليلًا
وكانه يخبرها ان تخرج قلبها وتضعه في قنينة وستبقى حية ترزق
شيء مستحيل الحدوث
ثم بدأت تستجيب له بكل شيء وتنصرف من ان يبدأ بالحديث عن سياف :
طيب ياشادن عشان اقدر اساعدك
حياتك الجديدة اللي تبين ابنيها معك تبين فيها سياف ولا لا ؟
اختفت موجات صوت شادن من إذنه
ليكتفي بسماع انفاسها لمدة ثواني طويلة ليأتي ردها بإصرار صادق :
ابيه!
ابتسم زياد وإحساسه يصدق للمرة الألف بعد المليون :
إذًا ابشرك بدون ما اسمع جوابك
انتي كنتي زعلانة ليش انك زعلتي بنهاية اليوم ليش ماقدرتي تستمرين ترقصين من سعادتك على الغيم
وهذا شيء طبيعي
الغير طبيعي انك ماتحسين باي شيء!
هذه المرة الاولى بعد الحادثة
شيء طبيعي تمر عليك أحداثها وتحسين بنفس الشعور بس هي تدريجيًّا بتروح من نفسها مع التعايش والرضا
انتي انسانة من طين في النهاية ، شيء طبيعي تزعلين وترضين وتحبين وتنحبين وتبين تعيشين بسعادة او برفقة عائلتك الصغيرة!
المسألة بعيدة عن مسألة الكرامة ياللي انتم طايحين فيها الحين ، تشترون كرامتكم من كل الناس! الا كرامة انفسكم ، اللي من حقها سعادتها ماتفكرون فيها!
وتجيك الحين البشارة الحقيقة!
انا من وجهة نظري كدكتور اشوفك مشاكلك بشكل عام انحلت ماهو حل جذري بس نقول ان شاء الله تختفي قريب
لاني لاحظت عليك ٩٠٪؜ تحسنتي! صرتِ تعرفين تفكرين بمنطقية وعقلانية وتتأخذين قراراتك بعيدًا عن اي شيء يأثر عليك
والدليل انك لما قررتي تبدين حياة مع سياف صفيتي الترسبات السابقة اللي بينكم . ثم سويتي كل شيء بخاطرك تجاهه تسوينه! لما برد خاطرك من الزعل وحققتي رغباتك بالانتقام
شفتي انه الان الوقت المناسب تنبسطين وتعيشين حياتك
وصرتي انتي وياه متعادلين
انتي ماجيتي تبغين حل الآن من الاخر ياشادن ، انتي جيتي تبغيني اقولك انتي صح و روحي محد بيلومك! او بيقول قليلة كرامة لأنك فقط طلبتي حقك بالسعادة مع انسان تحبينه
ابتسم زياد بحُب اخوي تجاه شادن حب من محبته لذياب :
روحي الله يسعدك ويهنيك ياشادن ، انتي تستاهلين كل خير
اللي مريتي فيه مو شيء . الان ابسط حقوقك تنبسطين وتعيشين زي ما تبين
غمضت شادن عيناها وهي تنتفس بإرتياح ، ازفرت ثاني أكسيد الكربون من انفها! ولكن ازفرت معه كل هم وغم وليالي سوداء مرت عليها
كل كرب شُيد له بيت في قلبها . هاهو الان يحزم حقائبه مغادرها
وكأن الوعد الرباني تحقق ( إن مع العسر يسرا )
لوهلة شعرت ان ستار اسود
شدّه الحزن وهو يتحرر من أغلاله ليعلن حريته الليلة من قلبها ، لتصبح بصيرتها صافية وكل شيء في محله السليم!
كل الذي تشعر به الصبح ، لا وجود له الآن ).
استيقظت من استرجاع ذكرياتها ظهر اليوم ، كف سياف الذي مده لها بعد ان ادخل محفظته في جيبه
فزت من كرسيها وهي تلف ذراعها على ذراع سياف وتسند رأسها على كتفه
حتى يمد بذراعه الاخرى ويفتح لهم الباب
مشى وهي بجانبه ، على الرصيف وعلى يمينهم ويسارهم المتاجر والناس المزدحمة!
اردف سياف وهو يدخل كفه في جيب سترته ، يحميها من الهواء البارد الذي لفحهم :
تو اتصل علي كسار يبي يشوفيني ، وصفت له المحل اللي كنّا فيه
خلينا لا نبعد عن المنطقة
عقدت شادن حاجبيها باستنكار من اسم كسار! رفعت رأسها لسيّاف بتساؤل
فهمها سياف :
ولد اخوي
فتحت شادن فمها بدهشة وهي تتذكره! :
ولد عبدالله صح ؟
هز سياف رأسه بالإيجاب ، وهو يقف عندما رأى أمامهم رجل يعزف الناي وبجانبه الآلات موسيقية متعددة!
لف على شادن بإبتسامة :
تذكرين ؟
لفت شادن برأسها للمكان الذي ينظر اليه سياف ، ضحكت من قلب وهي تراودها الذكرى الطفولية التي راودت سياف بمجرد ان رأه :
جعل ماجاك من تكسير العود على راسك من خالي سلطان تكفير
ناظرها سياف بطرف عين ساخرة :
انا لو الله فاكني من نماماتك ، كل ماقلت لك لا ولا شيء مايعجبك . رحتي فتنتني عني عند ابوي
قلدها وهو يصغر نبرته ، وبتعابير وهو يتمسكن مثل ماكانت تفعل شادن وهي صغيرة :
خالي سلطان ترا سياف وذياب شارين عود
ضحكت شادن وهي تغطي بكفوفها وجهها بشفقة على سياف الذي تمرطرط في طفولته بسببها ، حتى بات يخشى ان يقول لها شيء وتنقلب ضده
بعد ان فرغت من ضحكها ، لفت على سياف بتساؤل :
اذكر صوتك بعد كان حلو ، حد الحين تعزف ؟
سكت سيّاف وهو يبتسم بهدوء ، دون ان يلف لها او يجيبها
ضحكت شادن وهي تنظر له بطرف عين :
عادي قول ايه ، وماراح اعلم خالي سلطان
لف عليها سياف بقوة ، وهو يضحك بدهشة :
ولا كان عندك نية بعد ؟
قاطع حديثهم ، صوت منادي مرتفع من خلفهم :
سياف!
لفوا جمعيًا خلفهم متوقعين حضوره في اي لحظة
لأنهم في الأصل كانوا يقفون هنا لإنتظاره
اغلق كسار باب سيارة التاكسي الصفراء بعد ان حاسبه وادخل محفظته في جيبه وهو يمشي بخطوات سريعة نحوهم
اقترب كسار وهو يصافح سياف بكف والكف الاخر يدخله في جيب معطفه بعد ان داهمه الهواء البارد عندما نزل من السيارة :
مساكم الله بالخير
ابتسموا سياف وشادن بهدوء :
مساك الله بالنور
خفض كسار أنظاره الى مستوى اقدامهم وهو يلقي التحية بعد ان استنجد / واستنفر ذاكرته حتى تسعفه بأسمها وفشل :
وش اخبارك مرت عمي سياف ؟
ناظره سياف بطرف عين ساخرًا من كسار التي نزلت عليها السكينة فجاءة :
الحين صرت عمك ماشاء الله وامس تستقبلني بشقتك ماتعرفني الا بسيافوه
رفع كسار رأسه بتهكم وهو يرص بأسنانه على بعض بغيض مصطنع :
ما انت كفو احد يخلي لك هيبة قدام حرمتك
ابتسمت شادن على مجادلتهم وهي تتذكر كسار قليلًا في طفولتهم جيدًا بسبب استبتادهم لهم ياجنس الإناث! :
الحمدلله انا بخير
انت طمني عنك ؟
هز كسار رأسه بتنهيدة لم يتعمد اخفاءها ، لعلها تخفف مما في قلبه قليلًا :
الله كريم
ان شاء الله ان أموري زينة
ابتعدت شادن سنتيمترات عن سياف قليلًا مبتعدة حتى يأخذون راحتهم بعيدًا عنها :
انا بكون في المحل اللي خلفكم
اخرج سياف من جيبه محفظته واخرج بطاقته المصرفية
مدها لشادن وهو يشير على جلسات خارجية للكافيه :
انّا بنكون جالسين هنا متى ماخلصتي بتلقيني انتظرك هنا
عقد كسار حاجبيه وهو يتكتف بسخرية ضاحكة كعادته مع سياف :
قل والله ؟ معطيها البطاقة حتى اذا جلسنا ماتحاسب ؟ قديمة هالحركات يا ابو غِنى
ضحك سياف وهو يشده مع معطفه بقوة بإتجاه الكافية :
والله العظيم طيحت وجهي بما فيه الكفاية لا تخاف معي كاش ثانيًا تحسب حرمتي انّا مجوعينك ماتدري انك قعيطي تحب الريال
قهقه كسار وهو يسحب الكرسي المصنوع من الخوص ليجلس مقابلًا لسيّاف وعيناه مُسلطه على المارة المكتضة العابرين الرصيف من خلف سياف كعادة شارع الشانزلزيه
مرت سيارة من طِراز قديم مكشوفة الاسقف بداخله شاب لا يعطيه اكبر من ٢٢ عاما يتجول بإستعراض من بينهم
مستمتعًا على أنظار الفتيات الذي يتجولون بكِلابهم المنبهرة به وبمركبته بدهشة
ايقضه صوت البوق ليذكره بما اجتمع مع سياف هنا لإجله
تنهد كسار وهو يسترسل في موضوعه الذي لم يتعمد ان يخرج لاجله المقدمات :
ماكان ودي أضيق صدرك
يكفي جيتك لهنا بسبب سواد وجهي
ولا اخرب عليك طلعتك مع حرمتك بمشاكلي بعد
بس والله مالي غيرك الحين لا انت ولا حرمتك
عقد سياف حاجبيه باستغراب من ذكر شادن في مشكلته :
حرمتي وش دخلها ؟
اخذ كسار نفس عميق يحاول جاهدا ان يواجه به سياف :
سألتني وش دخلك السجن وقلت لك انها سالفة تافهه بس عشاني عربي تسلطوا عليّ بس الصدق
همس وهو يردف الحقيقة بسرعة : ماهي تافهه ولا تسلطوا عليّ
استعت سياف عيناه قليلًا بدهشة خفض ذراعه وهو يضع جواله على الطاولة ببطئ وبتساؤل اقرب للصدمة متهبًا للتبرير :
ليش كذبت ؟ وش الصدق اصلًا ؟
ضرب سياف الطاولة بغضب :
أخلص انطق وش مهبب!
شتت كسار أنظاره للمارة تارة وللنادل تارة باستثناء ان تسقط عينه بعين سياف :
بدايةً من اول ماجيت باريس كنت ماخذ في عمارة عادية اوفر مصروفي لين اشوف أموري وادبر شقة افضل ماديًا وسكنيًا وكنت انزل لمقهى تحتي اتفرج على التلفزيون او استخدم النت لان شقتي مافيها الا سرير
تعرفت على واحد كنّا موجودين انا وياه هناك دايمًا
سألته اذا يقدر يساعدني بوظيفة ماتتعارض مع دوامي يكون لي مصدر دخل افضل من عطالي بطالي
قال مايحتاج في قروب بالكوريس بالجامعة كبير ولهم معارف بيساعدونك في اي شيء حتى لو مبلغ مالي وترده لهم بعدين بمساعدة ماهو شرط مبلغ
بيني وبينك وافقت! انا واحد جاي ادرس
ماجيت أتوظف وادرس مع بعض
طاقتي ما تسمح لي
عرفني عليهم بالبداية كانت اشكالهم مربية ولكن تجاهلت الموضوع
رحت مع اخو صديقي اسمه مشعل للجامعة نتعرف سوا لانه طلبني واستحيت اقول لا بروح مع قروبي الجديد
رحت وشفت هناك - همس وهو يكمل ببطئ - ريناد
اكمل بإندفاع غاضب :
استفزتني! كان اسلوبها ونظراتها استحقارية درجة اولى تطنزت فيني اني مستشرف
وهذا اللي ناقص بنت ترفع خشمها علي والله لا ادقه
قاطعه سياف بغضب وهو يشد كسار من ياقه قميصه :
وانت الى الحين ماتخلصت من عقدك ؟ حاط دوبك ودوب البنات! عايشين دور انك السلطان سليمان والكل تحت رجلينك عبيد! ترا انت مريض ولازم تتعالج
توقعته هياط طفل يوم تمشي وتجلد في البنات واحنا صغار
طلعت مريض فعلاً
تأفف كسار من سياف الذي خرج عن سياق الموضوع الرئيسي :
عالجني بعدين يا اخوي! الحين ماعندي وقت أضيعه زيادة معك
انا بعلمك كل شيء بعدين بس الحين انقذني
مصوريني فيديو وانا ريناد
مستحيل اي احد يشوفه بيفهمنا صح!
ومهدديني اخليها تجلس في باريس ولا بيرسلونه
رفع سياف حاجبه بحذر :
والمطلوب ؟
تنهد كسار وهو يلقي بالحل الذي لم يفكر بسواه!
/

\

/
كانت تجلس امام التلفزيون برفقة بناتها التي واحدة على يمينها تمسك بيدها جهاز التحكم والثانية بجانبها تلعب في شعرها
وأمامهم صينية قهوة تضم معها التمر المنصف وحافظة قشد يليق تمامًا بأجوائهم الشتوية
سحبت ترف شعرها من بين يدين وهاد بغضب :
قطعتي شعري خليه
بدال جلستك اللي مالها سنع قومي شوفي يوسف ليش ماجاء يتقهوى معنا
مدت وهاد شفايفها للأمام دليل الخيبة وهي تضع يديها في حجرها :
ماتعرفينه يمه يعني ؟ منزرع في غرفته كالعادة ومعيي يطلع
تنهدت ترف بهمّ :
انا شكلي بشيل القفل من غرفته ٢٤ ساعة مقفل عليه وجالس على هالاجهزة بيطير عقله وعيونه ولا يجلس معنا الا بعد حب خشوم
تأففت لدن من تصرف امها الخانق ليوسف دايمًا :
يايمه خلوه هو مبسوط ومرتاح ، خلوا له خصوصية هو اذا بغانا بينزل معنا
والاجهزة هذا مرض العصر كلن يمشي وعيونه في جهازه وقفت على يوسف ؟
ضربت ترف بكفها فخذ وهاد بآمر :
اجل قومي شوفي سياف وينه لا تغدى ولا جلس معنا من يومين لا يقعد في بيته بدون حرمته من بيقابل أكله وشربه
فتحت وهاد عيونها بدهشة :
يمه انتي ودك اقوم عنك وبس ؟ قولي انك ماتبغيني وبروح بكرامتي غرفتي
قاطعتهم لدن بهدوء وهي تخفض صوت التلفزيون :
يمه سياف مسافر مع حرمته وصاني اقولكم واذا وصل بيكلمنا ودق امس وانتي نايمة
فتحت وهاد فمها تضامنًا مع عيناها بدهشة غاضبة :
يا ذا الحرمة ساحرته! ماكفاه يلحقها بالرياض يلحقها في باريس بعد ؟ قسم بالله ان اخوي ياعمري بدون كرامة
حرمة دايسه وساحبة عليه ويلاحقها كأنه بزر يدور رضاعته
تنهدت لدن من النقاش العميق مع وهاد تجاه موضوع سياف وشادن! دايمًا ترى ان اخوها المسكين المغلوب والضحية ، متجاهلة شادن وأنها الجلادة وتعبث بسيّاف بقديحة وبارود!
ابتسمت ترف بسخرية :
هو بس يلحقها ؟ والله لو انه قاعد على بنت اختي انها أبرك واسنع ، من يوم جت بجانبنا ماقد قالت حياك الله ياخالتي في بيتي
ماقد شميت ريحة طبخ من عندهم! معيشة ولدي على المطاعم
كشت وهاد على اتجاه بيت سياف بحرقة :
خليها تقعد في البيت اول عشان تعاتبينها على قل السنع
تدوج من بيت الى بيت والحين تطورنا من دولة الى دولة
لفت عليهم لدن بغضب وهي ترمي بالجهاز على لدن :
حرام عليكم تأكلون في لحمها بدون ماتعرفون ظروفها ! خلي يمه ولدك يقعد يقابلها عشان تقعد تقابله ٢٤ ساعة منحاش من بيته ، وبعدين تطبخ للجدران وهو ماياكل معها ؟ وتعزمكم على بيت ، صالتنا اكبر منا ؟ على فكرة هي قالت لي انها متفشلة ودها تعزمكم كلكم من عمتي ندى الى سجى بنت حاتم بس مساحة بيتها معذورة!
حتى بنتها صارت تلعبها بالحوش بيتهم خنقة مايكفي تمدين رجلينك
كشت عليها وهاد بكُره لدفاع لدن الدايم عن شادن وكان اخوها فرعوني / متجبر ، وشادن طير السلام الجريح :
مالك دخل انطمي ، موكلتك محامي ؟
دخل سلطان ومن خلفه عريب بعد ما أتوا ببقية أغراضها من شقتهم السابقة ، بتنهيدة متعبة من جرّ الحقائب :
السلام عليكم
وقفت وهاد وهي تلبس حذاءها وتصعد الى الأعلى متجاهلته
وأما ترف لفت ورفعت سماعة التلفون متصلة على اختها متجاهلته وكأنها لا تراه
همست لدن وهي تتعدل بجلستها :
بهدوء :
وعليكم السلام والرحمة
هز سلطان راسه بإسف وهو يرى تصرفاتهم
تحدث باندفاع غاضب وبصوت مرتفع متقصدًا ان يسمعهم :
يالدن بلغي اخوانك كلهم ، جمعتنا الخميس بأذن الله على شريف عريب!
ابتسمت عريب وهي تمسح على كتفه بإمتنان :
جعلك خيرك عامر حبيبي
قاطعتها لدن حتى لا تستمر بالتحدث وتمرّ امها بصوتها :
يوصل يا يبه
اجابت اخت ترف ( مناير ) من الجهة الاخرى بإندفاع دون ان تلقي التحية :
يابعد عمري يا وخيتي
وصلنا سوات رجلتس قليلة الخاتمة! جعله مايربح بالدنيا ولا الآخرة
تنهدت ترف وهي ترى سلطان يصعد الدرج برفقة عريب بمرّ :
خليها على الله هو حسبي وكفى
اردفت مناير بعتب :
كنت اقول سياف من طالع عليه رديئ وقليل اصل! طلع هذا ابوه ، وذا الشبل من هذا الأسد
شكل بنتي منال ماخذة حظك ياترف!
وطحتوا في اردى الرجاجيل
قاطعها ترف غاضبة وهي تسمع مناير تاكل في لحم ابنها بغير وجه حق :
ان ماحشمتي ولدي يامناير! احشميني
تقولين هالكلام عن ولدي بوجهي عشان ماصار نصيب ؟
ترا بنتك مأخذها الثانية ، ماهي الاولى ولا بتصير
قاطعتها مناير وهي تشتط غضبًا من فكرة ان تصبح ابنتها مطلقة في بيتها ، من ابن خالتها
ماذا سيقول الناس ؟ لماذا عافها القريب ؟ :
ايه أقوله لا صار ولدك مخلي بنتي معلقة
لا ينسى ان ورآها رجاجيل ابو وإخوان
ان كانوا معتبرينه رجال وصابرين عليه يعقل ويجي يأخذ حرمته
تراهم ماراح يصبرون اكثر - ابتسمت مناير بخبث وهي تلمح لترف - ولا تقولين ماعلمتيني يامناير!
تراهم يشربون الدم ولا تطول ألسنة الناس عرض بناتهم
بلعت ترف ريقها بخوف! اولًا على ولدها ثانيًا من ان تنقطع علاقتها بآختها بسبب طيش ابنها :
ان شاء الله ماهو صاير الا كل خير
واكيد ان ولدي ماطلق الى الحين الا انه وده برجعتها
/

/
وقف ذعار اما الواجهة الزجاجية المطلة على مدرج الطائرات لف براسه بهدوء وهو يرى كم صف كراسي يفصل بينه وبين جلوي وندى
اخرج هاتفه من جيبه وهو يبحث في جهات المتصلين
أعاد الاتصال بالرقم و وضعه على اذنه
ماكانت الا ثواني معدودة واتاه صوتها من الجهة الاخرى بسخرية :
امداك اتخذت قرارك ؟
قاطعها ذعار وهو يرص بأسنانه العلوية على السفلية بصرامة حادة :
هي كلمة وحدة ما اثنيها ياغزل! علمتك اياها من ١٢ سنة وبعيدها ان كانك نسيتها
اردف وهو يشدد على ألاسماء بنبرة تحذير : ندى وعيالي خط احمر
الموضوع اذا وصل منهم اعتبري نفسك منتهية
اعرفي من تلعبين معه
وانت اكثر وحدة بهده الدنيا تدرين وش اقدر اسوي
انا اللي نفيتك من ديرتك
انا اللي خليت كل الملفات تتشرب الحبر وتمحي اسمك
انا ذعار وانتي غزل ولكن يوصل الموضوع لعيالي انا عزرائيل يا غزل عقدت غزل حواجبها بإستنكار خائف من كلام ذعار :
وش قاعد تقول ؟ وش فيها ندى ؟
رص ذعار بأسنانه على بعضها حتى كادت ان تتكسر امامه ، من غضبه وهو ينفجر فيها :
لا تستهبلين على راسي وانا اللي حافظك!
ترا انا ماعندي شيء اخسره
بديتي بعيالي
لا تنسين ان بنتك تحت يدي
بنتك حفظتها تحت جناحي ١٢ سنة عشانك ماهي صعبة اخنقها بجناحي عشانك بعد!
قاطعته غزل بذعر وهي تقف من كرسيها من طاري ابنتها الغائبة عن عيناها دهر :
لا ياذعار! شادن لا يعني لا
ضحك ذعار بسخرية وهو يتخصر بدهشة من ندى المتناقضة تهدده بإتصالها صباحًا بإنها ستخبر ندى وأبنائه غير مباليه به وبرفضه والآن عندما اقترب الموضوع من ابنتها رفضت وبشدة :
وينك يوم اقول لك انا بعد عيالي لا وندى ‏لائين ؟
مسكت غزل رأسها بخوف من خسارة ذعار فعليًّا :
والله ما ادري وش قاعد تتكلم عنه يا ذعار
ما ادري عن عيالك ولا قربت لمّهم
اغلق السماعة في وجهها وهو يغلق جواله نهائيًّا ، ادخله في جيبه وهو يحاول ان يستجمع انفاسه المضطربة من غضبه
/

\

/
رفعت رأسها بصدمة وهي تنقل أنظارها بين سياف وكسار!
تحدثت شادن والصدمة تثقل لسانها :
انتم صاحين ؟ تبون ارجع اختي عشان تطيح بشر اعمالك مع هالقذرين!
قال عصابة قال وين عايشين ؟ mbc 2 ؟
تأفف كسار بغضب وهو يرى ساعته :
اسمعي ماهو وقت دراما! جيبي اختك ثم قولي اللي بتقولينه
وقفت شادن بغضب من اسلوب كسار المتعالي ، هو من اقحم راس اختها بكل هذه المصائب ثم يتحدث معها بكل دونية :
ماهو على كيفك! اختي رايحة للرياض رايحة واذا جربت تسوي شيء والله لا اعلم ابوي ذعار
وفيك خير اطلع من يدينه حيّ
لف كسار على سياف بغضب :
شفت ؟ هذا اللي تبغاه يصير ؟ قلت لك لا تعلمها ، خلها تجيب ريناد وهي ماتدري بس انت ذابحتك الذمة مصرّ ما تكذب عليها
تعوذ سياف من الشيطان الرجيم وهو يتجاهل عتاب كسار ، وبحنية :
شادن! لو ما ادري ان الموضوع جدي ماكان دخلتك بهذا الموضوع لا انتي ولا ريناد
تحسبين اني راضي اشوف بنت خالتي واسكت ؟ لا والله اخسي! بس هذولي شرهم مستطير
اللي دخلوا ولد اخوي السجن بيعجزهم اختك ؟
ماقدرت الشرطة تحله ، ماراح نقدر عليه
الفيديو لو وصل لذعار لا ريناد ولا كسار بيطلعون من يدينه حيين
قاطع حديثه الليّن بمحاولة إقناع / تليين راس شادن ، صوت هاتفها على الطاولة
بلعت ريقها وهي ترى اسم ريناد يزين الشاشة!
المفروض ان طائرتهم اقلعت من العصر واستحالة ان يوصلون الان ، المفترض انهم بالجو لماذا تتصل اذنًا ؟
ردت وهي تحاول ان تشتت أنظارها عنهم
اغلقت ريناد صنبور الماء وهي تستند على رخام المغسلة بعد ماتحررت من مراقبة ابيها لهم ، بالذهاب لدورات المياه
متيقنة لو الباب لوجدت ينتظرونها ١٠ من رجاله حتى تصل لهم مرة اخرى بضجر :
قولي الصدق ياشادن كان ودك ترجعين معنا ؟ لان مستحيل يكون صاب هذه الرحلة شيء غير انها تكون عينك!
عقدت شادن حاجبيها بقلق من كلامها :
ليه ؟
سردت ريناد لها القصة بالتفصيل المُلل ، دون ان تشعر ب عينان شادن التي ارتفعت تلقائيًا بصدمة اليهم
اردفت ريناد بعد ان انتهت بتنهيدة ساخرة :
عاد ابوي شاك انه احد مترصد له فينا! ومن وقتها جواله ماسكت كل شوي يصدر مرسوم
اخرها بنحط لها خيمة بالمطار
اغلقت شادن الجوال في وجه ريناد ولسانها لم يعد يقوى ان يجاملها
وقفت بقوة حتى ان الكرسي سقط من خلفها وهي ترمق كسار بعيون دامعة بعد ان شعرت بجدية الموقف!
اي يدين قذرة سقطت بينهما اختها
يدين لا تؤمن بالله ولا توحده
يدين ألقت لكسار السجن وعطلت طائرات تحت أنظار الجميع دون ان تبالي
ايعقل ان ترحمها ؟ :
حسبي الله عليك ياكسار!
والله ما انت بحُل لو صاب ريناد شيء والله
عاد خطوتين للوراء بخوف من انقلاب حال شادن فجاءة :
وش صار ؟
تجاهلته شادن وهي توجه أنظارها لسيّاف ، بنبرة تقاوم دموعها بضراوة :
الحين بقنع ابوي يتمون في باريس لين نقدر نخلي ريناد تتم على طول!
بس والله ثم والله ان صاب ريناد شيء تراها برقبتك ياسياف
فز سياف بحميّة :
وفي وجهي ، بس طيعي شوري
/

\

/

تنهد بضجر من سيارته العالقة في زحمة شوارع الرياض المعتادة! خصوصًا في يوم مثل اليوم يوافق اجازة الموظفين
لا يكاد السير ان يسلك اكثر من ثلاث ثواني كحد أقصى ثم يعود مجددًا ويقف ساعتين
سقطت عيناه على المرآيا العاكسة صورة ابنته حصة خلفه وبيدها جهازها وعيناها منسجمة ب قوة في الرسوم المتحركة
ابتسم وهو يسمع الصوت ، كان صوت فيلم كرتوني قديم لا ينساه!
صوت هايدي وهي تنادي جدها ، وبيتر يختبئ خلف كلب جدها النائم باغلب الحلقات
لف على انفال بإبتسامة وهو يحاول ان يتذكر ذكريات لطيفة تجمعهم ، يلين بها قلبها :
تذكرين بيت هايدي اللي زرناه في شهر العسل ؟
قاطعته انفال ب نهَر :
ما اتذكر شيء!
قاطعها تركي لا مبالي لأجابتها وهو يسلك طريق بيت اَهلها بعد ان تحرر من الزحمة :
ماكلمتيني ذاك اليوم كله ، ولا نمتي بجنبي
طقت برأسك وخذيتي فراشك ونمتي بالصالة
راح ليلي وانا اعابل فيك وش فيها البنت وش فيها ؟
ضحك وهو يهز رأسه يمينًا وشمالا بأسى على حاله :
عاد والله انك قشراء! عيتي تعلميني
لين قعدت اجدول اليوم في رأسي احاول اعرف وش سويت وزعلك
صرتي زعلانة ليش ماشريت كأسي اللي عليه صورتك لما ماشريت كأسك اللي عليه صورتي
قاطعته انفال بإنفعال بعد ان تمم كلامه بضحكة قوية ساخرة من تصرفها الطفولي :
عاد كأنك شريت خاطري! اذكر كنت انا الزعلانة فجاءة انت اللي زعلت وقعدت أراضيك
مسح تركي دموعه من فرط ضحكه على غباء انفال العاطفي :
مازعلت منك ، زعلان على حظي وش سويت عشان الله يبلاني بغباءك ؟
رمقته انفال بطرف عينها بإستحقار :
هذا اسمه رومنسية ماهو غباء!
اخذ تركي نفس عميق بعد ان استنفز طاقته بالضحك ، بإبتسامة تكاد ان تكون قهقهة بعد قليل :
الا والله هذا الغباء بعينه وعلمه!
اجل اشتري بفلوس كأس فيه صورتك اذكرك وانتي قدامي كل يوم ببلاش ؟ الحمدلله والشكر
اخذت انفال المناديل بجانبها وهي ترمي به تركي بقوة غاضبة / محرجة من استهزاءه بها :
ماهمك خاطري هامك جيبك!
بس الشكوى لله هذه رومنسيتي اللي ماتعجبك
همست وهي تفتح الباب وتنزل بعتاب ، يزاحم عبرتها :
يمكن اللي تكلمهم تلقى عندهم شيء يعجبك ماهو فيني!
دخلت بيت اَهلها بسرعة قبل ان تشتد اكثر بالكلام مع تركي
ولكن تركي ما زال مصر ان تنتهي هذه المحادثة الآن
سئم من الايام التي مرت ولم تسقط كلمة من شفتي انفال حتى لو بالخطأ لتروي سمعه القاحل!
اخذ حصة بيدها وهو يغلق السيارة ويدخل مجلس الرجال الذي به سرير اب انفال المريض :
السلام عليكم ياخالي
همست انفال التي خلعت عبايتها قبل قليل بأذن ابيها المريض بالزهايمر :
هذا زوجي يا يبه
تركي بن ماجد الجامح
هز ابيها رأسه بهدوء وان لم تسعفه ذاكرته جيدًا ، ولكن اعتاد على هذا الوضع :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قبل تركي رأسه وهو يجلس بجانب انفال :
وش اخبارك ياعمي عساك بخير ؟
تنهد ابيها وهو يحاول ان يقف على حيله :
الحمدلله ، عاونيني يابنيتي بصلي العصر
تنهدت انفال وهي تفز قبل ان يقف ابيها ، حتى يسند جسده عليها :
يبه العصر طلع وقتها ، اكيد انك صليت
ناظر ابيها انفال بضياع
لف وهو ينظر الى الشباك الذي يعكس ضوء القمر! صحيح الآن ليس بوقت عصر
همس وهو يحاول ان يثبت صحة كلامه لابنته :
يمكن طبع وقتها وانا ماصليت ، خليني أصلي
بلعت ريقها وهي ترى ابيها بمراحل متقدمة من مرضه!
كل يوم تراه بهذه الحالة وكل يوم يؤلمها قلبها اكثر
هزت برأسها وهي تسايره! لا تقوى ان تخبره بإنه صلى و دون اخوها على الورقة بجانبه بعلامة صح امام صلاة العصر
ستتركه يفعل مايشاء ولن تكسر خاطره ، لم يكن يكسر بخاطرها عندما تتعلق بساق قدمه عند عودته من دوامه مهلك ومتعب من اجل ان يجلب لها قطعة حلاوة
يتحامل على إرهاقه من اجل خاطرها
لا ولله يا ابي عهدًا علي وانا ابنتك من صلبك لا اكمل ما بديت به!
حافظت على خاطري 28 سنة ، بدري على تركي واي رجل آخر ان يكسره او يخدشه
احترمت رغبة ابيها الذي ترك يدها ، وأخذ عصاته متوجها الى المغاسل بنفسه
صحيح ان الزهايمر اهلك عقله ، ولكن لم يتمكن بعد من من جسده مازال بصحته وقوته وان خمل قليلًا
وقف تركي بإصرار ومنظر ابيها ايقظ شيئًا به!
عندما كان بالأمس يتمتع بصحته وعافية ترك ابنته امانة بين يده
لم يتذكر شيء من ليلة زفافه الا انه كاد ان يجزم ان توصيات والدها اكثر من التباريك التي سمعها من المدعوين
بين كل تارة والاخرى يلف ليخبرها بكلمة واحدة : الله الله بأنفال - الا انفال ياتركي - اياني وإياك اسمع انك مزعلها
وكأن ابيها بتلك الليلة شعر بهذا اليوم ، اليوم التي ابنته تبكي من ارتباطها برجل ردئ مثل تركي!
يسوق الله له الحلال ، لتسؤله له نفسه الحرام
وقف وهو يمسك كف انفال قبل ان تلحق بأبيها بهمس :
ماشفت فيهم شيء عجبني! مالقيت متهم غير اني أرضيت ابليس
ب ذاك اليوم يوم زعلت شريتي خاطري ، لين رضيت
واليوم جاء دوري اشتري خاطرك لين ترضين!
لفت انفال رأسها عنه بهدوء وهي تنظر لسرير ابيها
لتذكر نفسها بالوعد التي قطعته على نفسها قبل قليل :
ماتقدر ! ماتدري وش يرضيني
شد تركي على معصمها بقوة مصرّ بإن يثبت نفسه ويرضاها لو كلفه الامر لبن عصفور :
لا اقدر! قدرت مرة ادري وش مزعلك ماراح يعجزني وش يرضيك
ضحكت انفال بسخرية!
يظن انه هكذا يراضيها
لا يعلم انه يزيد الطين بلة وهو يشعرها ان رضاها سهل وسيكسبها مجددًا :
كل مرة تحاول صدقني راح تفشل
انت حتى وانت تراضي ماتقدر تضبط نفسك وتحشم ألفاظك بحقي
كل مرة تثبت لي ان سنين زواجنا ما أثمرت فيك تعرف فيني صفة وحدة!
رفع تركي حاجبه وهو يقلب النقاش الى تحدي :
واذا قلت لك اني أعرفك ؟
ابتعدت انفال عن تركي ، عند دخول ابيها المجلس مجددًا بهمس وهي تفرش له السجادة امام سريره :
بقولك استغفر
خلِ هالمجلس اللي بيشهد على كذبتك يوم القيامة . يشهد توبتك
ابتسم تركي وهو يقبل رأس ابيها ، قبل ان يكبر تكبيرة الإحرام :
انا أستأذن ياعم ، الاكيد اني بمرك وانا جاي أخذ العيال ان شاء الله
لف على انفال وهو يمر بجانبه الى الباب بهدوء :
تذكري كلامك ، لأنك انتي اللي بتستغفرين!
/

\

/

يرتدي نظاراته وعيناه في هاتفه ، وعلى رأسه لمى تزن بإصرار متمسكن حتى يتذوق من الكيكة التي بين يديها
زفر / تنهيدة طويلة من إلحاحها :
يا امي ما اقدر ! ماصدقنا على الله ينتظم السكر ، تبيني ارجع أدمر صحتي عشان قطعة كيك
ناظرت لمى ابوها بدهشة :
يبه هذا مو اي كيك! هذه كيكتي انا مسويتها بنفسي عشان تعطيني رايك فيها ، بعدين كيكة مفيدة لانها بالجزر وانا بنفسي مسويتها يعني ولله خفيفة مافيها سكر كثير
تأفف ثنيان من اصرار لمى المزعج ، وهو يأشر لأبيه بعيناه للكيكة :
يبه تكفى كلها وانا علي لا اخذ عمرة بنية شفائك من السكري بس خلها تنطم
ضحكت افنان وهي تمد لأمها فنجالها


بإستهتار :
والله يالمى انتي لازم تستفد منك الدولة تفاوضين البيت الأبيض على سعر النفط
اخذ عبدالله قطعة من يدين لمى :
عنادًا فيهم يا ابوك لو قالوا شيء بعد جيبي الصينية ومايأكلها غيري
ضحكت لمى بانتصار وهي ترقص حاجبيها لثنيان
تخصرت افنان بغضب وهي ترى ردة فعل ابوها :
ماشاء الله انت تدلع لمى لا يضيق صدرها ! وامي تدلع ثنيان لحد يقول له شيء
وانا لي الله
ناظرتها ام ثنيان ( نورة ) بصدمة وهي تضربها بخفة على رأسها :
صدق ماهنا عقل الله يتكفل بك! وش تبغين غير ربي ؟ اكتفي بربك ويغنيك عن العالمين
ناظرت افنان امها بدهشة وهي تبتعد عنها لا تسدد لها هجمة اخرى :
يمه وش فيك عطتيني درس بأصول الدين ، الحمدلله يا رب ولكن اقصد من يدلعني ؟
ضحك ثنيان :
مالك غير زوجك ، احنا عن نفسنا معد انّا معطينك شيء
قاطعته لمى وهي تحاول ان تبرد بها خاطرها مثل استهترت بها قبل قليل :
محد خذها وهي صاحية! من بيأخذها وهي عرجاء ؟
ناظرها ثنيان باستغراب من الربط العجيب للموضوع عند لمى ، وخوفًا من ان افنان يتبدد جرحها وتذكر سبب عرجها انه بسبب ضربه :
واذا عرجاء وش فيها ؟ بعدين افنان مو عرجاء! فكت جبرها قبل وقته
عشان كذا مو قادرة تمشي زين
قاطعه رد لمى ، عبدالله بهدوء وهو يغلق هاتفه ولمعت في باله فكرة اخرى :
افهم من كلامك ماعندك مانع ترتبط بأمراة عرجاء ؟
عقد ثنيان حاجبيه باستغراب من سؤاله :
لا ماعندي مانع ، بالنهاية هو عرج إصابة طفيفة!ماهي ناقصة يد او رجل عشان يكون سبب مقنع اني ارفض
ضوق عبدالله عيناه وهو يحاول ان يقرأ ملامح ثنيان عندما يرميه بالخبر :
يعني افهم من كلامك ماعندك مانع تأخذ شذى بنت عمك حاتم ؟
شهقت نورة بدهشة! وهي تحاول ان تستوعب مايتفوه به زوجها
هي تعز ابنة أخيه ، وتعز امها ايضًا
ولم ترى منها شيء . الظلم شين! تربيتها صالحة فهي بنت حاتم
أخلاقها ، وتعاملها حسن فهي بنت رنا
تخاف الله وتخشاه ولم تجرها افكار بنات سنها لانها ترجح عقلها فهي خرجت من بيت الجامح
ولكن ان تصبح زوجة ابنها هذا شيء آخر لن ترضاه أبدًا
نظرت الى عبدالله بغضب بعد ان رأت بملامحه الجدية ، وملامح ثنيان المصدومة قبل ان يفكر ثنيان او يتأخذ قرار لن تسمح به :
الا عنده مانع ومانع ومانع بعد! هذا اللي ناقص ياعبدالله بكري يأخذ عرجاء
ترا انا حية مامت ، تنقي له بدون شوري
ناظرت لمى امها بغضب وهي تسمع نبرة الدونية بحنجرتها :
يمه تراها بنت عمي! ليش تتكلمين عنها كذا ؟
ضربت نورة كفيها ببعض بسخرية وهي تصب غضبها ب لمى التي كأنها هي الاخرى راضية عن فكرة ابيها :
وانا قلت شيء غلط ؟ والله هذا الصدق البنت عرجاء وانا ما ابي لبكري و اول فرحتي الا وحدة مفصلتها تفصيل ماهي قص ولزق وتطيح بكبده
عشانها بنت عمه
وقفت افنان بغضب لا يقل عن لمى شيئًا وهي تحاول ان تنصف ابنة عمها وتحترم امها بآنٍ واحد :
لحظة لحظة من زين ولدك يمه اللي بيخطبها عاد! والله ثم والله لو يلف ولدك العالم لف مافيه وحدة زي شذى له صح صغيرة بالنسبة له وبزيادة بس والله ان عقلها يوازي عقله خمس مرات
بعدين ترا ماهو هو المسكين ، هي المسكينة لو طاحت بولدك
وش لاقية فيه عن عيال الناس عشان توافق ؟
لفت على ابوها بحسرة مترجية :
تراك بتستأثم فيها لو يتم هالزواج!
تبيها تطلع من بيت عمي حاتم بيت الرومنسية والحب والتفاهم والهدوء الى بيت ولدك الجفس العصبي الهمجي ؟ حرام عليكم والله حرام
رفع ثنيان أنظاره لافنان بدهشة :
الحين كل هذا أنا!
شتت افنان انظارها عنه بهدوء وهي تشعر انها تسرعت بكلامها :
ايه ياحبيبي هذا انت
انا اختك ماتحملتك هي وش يجبرها تتحملك ؟
اذا بيزعلك كلامي ، أزعل من نفسك وحاول تعدلها
لان هذا الصدق ، لو غيرت كلامي ماراح يتغير الواقع وحقيقتك
قاطعها عبدالله بلا مبالاه لرأي افنان بثنيان :
الحين كلكم قاعدين تتناقشون وناس تأيد وناس ترفض ورأي العريس بنفسه ماسمعناه!
قاطعته نورة بغضب وهي تنغز عبدلله بالكلام :
مابعد جابتها امها اللي بتكون حرمة ولدي
هز ثنيان رأسه بهدوء ، وكلمة " عريس " أججت شعور جميل بداخله!
وان كان مثل ماتقول افنان ، فلا بأس وان كان خشن معاهم
بالنهاية هو بشر به مشاعر عاطفة لم تقترب منها انثى بعد حتى تنهمر
به من اللين مايكفي ان يلين الحجر ولكن لم يأتي الموقف المستدعي بعد
ولعل هذه الأنثى المنشودة هي شذى!
هو لن يتزوج ساقها المصابة مثل ماتظن امه ، بالنهاية هو سيرتبط بها هي انسانة / انثى كاملة اتفقوا أخواته وأبيه عليها :
اذا انت تشوفها مناسبة لي ، مابعد شورك شور
توكلنا على الله وكلم عمي حاتم !
||
*
||
*
||
عقدت حاجبيها وهي تسترق السمع لمحطة الاذاعة بجانبها وعيناها في ملف التشخيص على ركن الاستقبال
عفوًا هذه ليست محطة إذاعية
هؤلاء ممرضتين من العيادة يتناقلون اخبار المستشفى بسرعة تنافس سرعة البرق
ليست ممن يتربصون للنميمة ولكن الموضوع شدها!
رفعت الجوهرة الملف وهي تقترب منهم ببطئ بتصنع كاذب انها غير مباليه لهم
الممرضة الاولى وهي تخلع كمامتها حتى يتلتقط انفاسها مع سرعة كلامها :
اقولك والله الجناح الاداري فوق يخترش! هذه قضية ماهي هينة
واللي فهمته انهم خايفين لأن المحامي شاطر فعلًا ولو استمروا معه مد وشدّ ممكن يركز على أشياء ثانية احنا في غنى عنها
الممرضة الثانية بحس انساني تجاه زميلتها بالعمل :
الحين هو جاي عشان قضية واحدة ؟ رفضوا المستشفى انهم يجبرون الممرضة تعترف بتقصيرها تجاه المريض حتى مات
وبالحقيقة وهي ماقصرت مستحيل تعترف عشان ترضيه
وش دخله يركز على أشياء ثانية ؟
ضحكت الممرضة الثانية بسخرية من غباء زميلتها :
حبيبتي شغلي مخك! هو يبي اي شيء على الممرضة رزان لانها كانت ممرضة عمه ، وعياله لما توفى وكلوه بالقضية
فبيقعد يتربص لها لين يلقى عليها ممسك وتروح في خبرٍ كان
ماهم راضين يقتنعون ان وفاته قضاء وقدر
فتحت الممرضة عيونها بدهشة :
صدق خسيس! الله يكفينا شره ويرحم ميتهم
افترقوا من عند مفترق غرف التنويم ، تاركين الجوهرة خلفهم منصتة بإهتمام
تركت الملف من يدها وهي تدخل خلف ركن الاستقبال وتبحث بسجل الممرضات عن مرضى الممرضة سوازن
كان يقف مستندًا على الجدار الفاصل بين غرفتي المرضى واقفا على قدم وقدم ثانيها على الجدار
وبيده كوب ورقي بداخله شاهي ورق ، يسبح به ورقتين من النعناع تُنكهه
وعيناه تقيّم المشهد التمثيلي امامه
بداية من دخول الجوهرة الى خروج الممرضات
عقد حاجبيه وعيناه معلقة بقامة الجوهرة وهو يشعر بطعم مر بشكل لاذع دلالةً ان الشاهي شارف على الانتهاء
رمى ذياب الكوب وهو بمكانه الى سلة المهملات بنهاية الممر وهو يستند على رخام الاستقبال بإبتسامة ضاحكة عندما تصفحت الجوهرة سجل الممرضات خلسة وهو يتأمل السقف :
المريض اسمه قاسم بن ابراهيم ، اللي رفعوا الدعوى هم ابنائه المتناوبين على مرافقتهم فجر وابراهيم ، اما المحامي فهو ولد عمهم عبدالكريم
خفض عيناه وهو يضع كفه تحت ذقنه وينظر لها :
فيه شيء نسيته بعد ؟
ضرب ذياب جبينه بتصنع وهو يتذكر :
باقي رقم الغرفة ٩٠٨
اغلقت الجوهرة سجل الممرضات بإحراج خجول وهي تبرر بغضب من كشفه لها على لقافتها :
ماشاء الله المعلومات اللي عندك اوفى من المعلومات المسجلة بالسجل ، صاير اردى من الممرضات باللقافة
رفع ذياب كفوفه بمحاذاة كتوفه وهو يهز رأسه بالنفي :
لا لا
لا تشركيني بمجلس غيبة وتوقعين في الأثم الثاني!
عقدت الجوهرة حواجبها بإستنكار فهمها ذياب وهو يجاوبها قبل ان تتعنى بطرح السؤال :
( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب احدكم ان يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه )
كشرت الجوهرة بخجل وهي تستوعب انها تجسست عليهم وذكرتهم بما لا يحبون :
استغفرلله العظيم وأتوب إليه
اعتدل ذياب بوقفته اولًا وبملامحه ثانيًا وهو يردف بجدية :
ما تليقفت
ولكن الممرضة هذه شاركتني بعلميات كثير وماشفت منها الا كل خير
وماجزاء الأحسان الا الأحسان قاعد اتطمن على أخبارها من وقت الى وقت وعرفت اللي قلت لك عنه
قاطعته الجوهرة بتبرير وهي تخرج له مكملين طريقهم الى خارج قسم غرف تنويم المرضى :
انا مو قاعدة أفتش عشان ارضي فضول مسامعي انا فقط قاعدة احاول اعرف معلومات اهل المتوفي عشان أدلي بشهادتي تجاه اخلاص الممرضة
مستحيل اشوف مصدر رزقها وسنوات تعبها تروح هباءًا منثورا واسكت
وقف ذياب بجدية محذرًا :
لا يادكتورة الجوهرة حذاري! السالفة قانونية والقانون حيلة لمن لا حيلة له
اي كلمة منك ممكن تقلب مسار القضية ضدنا
خليك على جمب طالما محد طلب منك شيء
لأهل الاختصاص
تنهدت الجوهرة وهي تسمع نصيحة ذياب التي بمحلها ولكن مبدئها يرفض الانصياع :
ما اقدر يادكتور انت قاعد تأمرني بشيء ترفضه إنسانيتي قبل مبادئي كدكتورة
حرام عليهم اعرف انه ابوهم وعزيز عليهم ولكن بالنهاية قضاء وقدر
مصيرنا كلنا بنموت
لا يعقل ان كل مامات عندنا مريض حملنا الممرض السبب
ابتسم ذياب بهدوء وهو ينظر الى الدور السفلي المطل على محل الزهور بزواية المستشفى
وعلى الجهة المقابل محل حلويات يخرج منه عدد لا بأس من الزوار
يتأملهم شاغلًا بهم ناظريهم على ان ترى عيناه الجوهرة :
لا تلومينهم! ترا ماهو بكيفهم ولا وعيهم
يمكن لو ماكان ابوهم بيشوفون الموضوع من منظورك
لكن من شدة صدمتهم بفقدانه قاعدين يحاولون يرمون ذنب فقده على اي شخص
لأنهم رافضين فكرة انه مكانه بينهم بيكون فاضي
الى الأبد ورجعته مستحيلة
انشغالهم بتحميل غيرهم الذنب اللي ماله اساس يلهيهم عن فكرة غيابه
لذلك هم مشغولين فيها اكثر من اهتمامهم ب جنازة ابوهم
سكتت الجوهرة وهي تنظر اليه ، كان يتكلم وكأنه معاصر للموقف
طرى على بالها ذكرى سريعة لشادن بليلة عزيمة عمانها لها و أول لقاء لهم!
عندما تهجمت عليها امرأة مسنة ليش ماعزمت امها ؟
ماكانت تدري وش ظروف غياب امها ، وبناء على ذلك تكلمت
بس الآن ذياب يدري وش ظروف غياب الوالدين سوا ام او اب ، لذلك رفض اني اظلمهم بسوء ظني
اكملت طريقها تاركة ذياب واقفًا يتأمل محل الزهور لوحده او بالأصح مساحة يختلي بها مع نفسه
/

\
أخذت نفس عميق وهي تزفره عند بداية الدرج
كانت تسمع صوت التلفزيون يصدح بالصالة ولا يخفاها صوت لدن و وهاد
تظن ان أسمائهم كذلك من احاديث سلطان
سمت بالله وهي تنزل بهدوء مبتسمة
لا تدري ماذا تقول ولكن ضاقت نفسها من جلسة جناحها لوحدها في ظل انشغال سلطان
جلست عند اول كنبة صادفتها بتوتر :
السلام عليكم
رفعت وهاد أنظارها للسقف بِ كُرهه متجاهلتها
لم تلقي لها لدن بالًا او نظرة وعيناها في الشاشة واضعة في عين الاعتبار ان السلام لله :
وعليكم السلام والرحمة
بلعت عريب ريقها وهي ترى ملامح وهاد الكارهه بشكل مرعب :
انا زهقت بجناحي فوق لحالي قلت أنزل اتسلى معكم
ضحكت وهاد بسخرية وهي تنظر لها بتفحص بطرف عين :
طبيعي بتزهقين! محد ينبسط في مال الحرام
خزتها لدن بغضب وهي ترى ان هذا الاسلوب عمره ماكان اسلوب حتى وان كانت ألد اعداءها :
عيب ياوهاد
لفت عليها وهاد بغضب من برود لدن الذي لا يطاق بنظرها وكأن موضوع زواج والدها لم يشكل لها فارق
تسلم على ابوها طبيعي
ترد السلام على زوجته وتلبي رغباتهم
وكأنها مسحورة :
لا مو عيب
انا ماكذبت فعلًا المال المسروق مال حرام وهي سارقة جناح امي
العيب حركاتهم ماهو كلامي
وقفت وهاد وهي تمر من جانبها بغضب بلهجة شامية ساخرة :
انا ما بدي اتسلى معك بدّي روح نام ولكن بدي بالأول أتعوذ من الشيطان الرجيم بلكي ماتجيني بأحلامي
كشت بكفوفها بحقد على عريب وكأن هذه الحركة الطفولية تبرد شيئًا من حرتها
صرخت لدن بغضب وتصرفات وهاد امام زوجة ابيها لا تليق
وكأنها تثبت لها كلام ابيها عندما قال امامهم جميعًا ان تربية ترف لأبناءها سيئة
هي لا تلاطف زوجته هي فقط تحترم تربية امها :
وبعدين ياوهادوه!
لفت عليها وهاد وهي تمشي كشت عليها ايضا بغضب :
خذي انتي بعد مايغلى عليك
ثواني واختفت وهاد عن أنظارهم تحت أنظار عريب المصدومة من وحشية وهاد تجاهها
كانت تنوي بداية لطيفة لهم جميعًا
هي صحيحة امرأة ابيهم الثانية ولكن ليست عدوتهم
هي لن تأخذ شيء غير حقوقها التي كفلها لها الشرع
لم تسرق شيء ولم تنهب
والدهم يستطيع ان يعطيها مثل ما أعطى والدتهم دون ان يقصر عليهم بشيء
لماذا لا يستوعبون ؟ ليست معادلة صعبة
اردف وهي تنظر للدن باستغراب :
ليش كل هالهجوم في تعاملها معي ؟ لو جت منك ممكن اتفهمها لاني رفضت وجودك على الفطور لكن هي ماكلمتها ولا كلمتني
وضعت لدن يدها تحت خدها بملل من كثرة حديث عريب دون ان تستوعب انها لا تريد ان تتحدث معها :
ماتنلام
لفت عليها بجدية :
لا تنتظرين منّا اي استلطاف مادام ابوي كذا!
انتي دخلتي وعاجبك اندفاع ابوي لك وصده لنا
لا تقعدين تتمسكنين وبيدك الخيط والمخيط
انا طيبة صح بس مو غبية ياعريب
انا مو سبيكة لاني احسن تعاملك ومو راضية على تصرفات وهاد
انا فقط شارية رضا ابوي لانه يهمني اكثر مماتهميني انتي معها
اغلقت لدن التلفزيون وهي تقف متوجهة الى الأعلى :
تصبحين على خير
/

\

/
مسكت رأسها بدهشة وهي تسمع امها تخبرها بماذا أخبرت خالتها ترف عندما حادثتها قبل قليل!
عقدت مناير ( اخت ترف ) حاجبيها باستنكار تعابير وجه ابنتها المصدومة :
وش فيك بقبقتي عيونك كأني مأخذتك لهم بعبايتك ؟
ضربت منال خدودها ، ولم تبقى خلية بوجهها لم تفور دمًا من الأحراج :
لو انك ماخذتني لهم بعبايتي اشرف لكرامتي من انك تطرينهم يرجعوني و ولدهم رماني!
صرخت بحرقة وهي تقف بقوة :
انا ما ابغى سياف افهموني ياناس سياف ما ابغاه
ليش مصرة ترجعيني له بالقوة ؟ ما ابغى واحد رماني وناسني في بيت ابوي شهور
ماكلف على نفسه يرسل ورقتي دام نفسه طابت مني!
وقفت مناير بغضب من ابنتها التي لا تفقه مصلحتها :
اسمعي يامنال! صح طلعت قدام اختي كل العذاريب بولدها لا تقعدين تكملين المسرحية قدامي
انا دارية ان البلاء كله من تحت رأسك
ادري اني شيبتي رأسه لين جابك هنا مو هو اللي عافك!
تحسبيني ما ادري وش اللي صاير بينكم ؟ صح بيتك بعيد عن عيوني بس ماتخفاني اخبارك
شتت منال نظراتها بقلق وهي تبلع ريقها من سؤال امها المفاجئ :
وش اللي صار بينا! ماصار شيء
ماصار نصيب وكل واحد يروح بطريقه
وذاكرة منال تسترجع اخر مرة شافت فيها سيّاف
( قبل سنة وثلاث شهور من الآن :
وقفت سيارة سياف امام بيت خالته مناير ، وبيمينه منال ابنة خالته و زوجته الآن على سنة الله ورسوله منذ سنة !
لم تعد تلك الطفلة الصغيرة التي تعانق خاصرته على دراجة من الخلف لخاطر البقالة
لم يكن يعلم وقتها وهو شاب او تشارك احلامه انثى اخرى غير شادن!
أتت منال في حاضره حضور ابتلاء لم يكن بالحسبان
حضور يشبه الغصة التي لا تستطيع ان تلفظها او تبتلعها فقط تسد مجرى تنفسك
حضور غير مرحب به ابدًا ولكن مجبور ان يفتح لها ابوابه
حضور نكرة يزاحم أسمائهم في كرت العائلة
طفى المكيف ، ثم سحب مفاتيحه وهو يضعها في جيبه
كانت كلها حركات يهدئ بها من قلقه من ردة فعل منال مجبور ان يتمسك بها حتى وان لم يريدها
طلقها بلا سبب ذنب وهو مثقل بالذنوب :
انا بخليك على راحتك يامنال لا تتأخذين قرارك الحين
مستعد انتظر شهر شهرين سنة سنتين
ابي قرارك يكون بعيد عني وعن تأثيري
واي قرار منك انا ارحب به
قاطعته منال وهي تأخذ نفس عميق بهدوء :
قراري انت تعرفه ياسياف ما افكر بغير الانفصال
من البداية انا ادري وانت تدري انا مانصلح لبعض
بس كلنا طاوعناهم
وجودنا مع بعض بعد الآن يوم زيادة هو خسارة وضياع من أعمارنا
تسند سياف وهو يلف برأسه لها ببرود :
وانا قلت طلاق لأنك تشوفين انا مانصلح لبعض ماراح اطلق
اما سبب مقنع او اعذريني
اكمل كلامه بجدية حادة ، والحمية اخذت من تفكيره ثلاثة أرباعه وتبقى ربع لقراره :
سالفة اني اخلي سيرتك علك في السنتهم معصي!
ماراح اخلي واحد يفتح لسانه عليك
استحالة اترك احد يقول يامنال يقولون عافها ولد خالتها ، اكيد فيها البلاء
قاطعته منال بغضب :
بس انا راضية! لا تحرص على نفسي اكثر مني
قاطعها سياف ببرود مصطنع حتى لا يتفاقم النقاش بينهم :
بس انا ما ارضى عليك!
اخذت منال نفس عميق ، لتردف بعد دقائق :
عشان تطلقني تبغاهم يقولون العيب فيك ماهو فيني ؟
هز سياف رأسه بإيجاب
هزت منال كتوفها بإندفاع والواقع المُر كفيل بأن يجعل نهر النيل يتمثل على خديها من دموعها :
لا تطلقني! خلني معلقة في بيت اهلي
كذا بكون اتخذت القرار الصح وحققت رغبتك
انا ما ابي اتزوج مرة ثانية ياسياف
اهلي ماراح يفهموني
ابوي تفكيره مال اول البنت لازم تفتح بيت وأقصى اهتماماتها وش تطبخ غداهم اليوم ؟
وامي ماهي احسن منه ، بنظرتها البنت لو ماتأخذ الشهادة بيد والكوشة بيد هذه عانس وانسانة عالة على المجتمع ونظرة التحقير والاهانة!
انا ما احتقر اللي تبغى تسخر نفسها لبيت واطفال هذه رغبتها! زي ما انا رغبتي التفت الى حياتي وطموحاتي ودراستي وابني اسمي
محد شاورني في زواجي منك اذا موافقة او لا
خلاص ماراح تلقين احسن من ولد خالتك
حتى لو كان متزوج وفيه حرمة وعيال ينتظرونه
المهم ما اقعد في بيت ابوي انتظر نصيبي
قاطعها سياف بعد ما اخذ علبة المناديل المرمية على الكبوت وهو يمدلها لها بهدوء :
امسحي دموعك اول شيء
اخذت من بين أيدينه المنديل وهي تمسح دموعها وتأخذ نفس عميق
وترمي طرحتها بعيدًا عن وجهها بعد ما امتلت بملح عيناها وأصبحت تلصق بأنفها مما يعكر انتظام انتفاسها
همس سياف بعد ان رأى انها هدئت ، وجفت عيناها :
هذا اللي يريحك وبيساعدك تحققين اللي تتمنين ؟
هزت منال رأسها بإيجاب بتفاؤل بنبرة المطاوعة في حنجرته :
ايه! بتكون انت ولي امري ومالهم كلمة عليّ بعد شورك
وانا اثق فيك ماراح تحرمني شيء يبني اسمي
هز سياف رأسها بإيجاب بهدوء :
جاك! تم ، تأمرين على شيء ثاني يامنال ؟
اكمل بتبرير مندفع :
انا أبغى لا صار هذا اخر شيء بيني وبينك وماذكريتيني بخير ، ابسط الإيمان ماتذكريني بشر
ابتسمت منال بهدوء وهي تنظر لسيّاف :
ينقص لساني قبل اذكرك بسوء
انا اللي أسئت لك بينما كان اقدر اوضح لك وجهة نظري بدون حركات الأطفال اللي سويتها
بس ماتوقعتك تفهمني
هز سياف رأسه بتنهيدة عميقة / مجروحة
اسائتك يامنال مامرت على قلبي وبس
اسئتي فيها حتى لشادن وهي بعيدة عن عينك ! ولكن الشكوى لله :
حصل خير ، انا بنزل اكلم خالتي مناير )
رفعت مناير حاجبها بحدّة وهي تقص على ابنتها ليلة مجيئها لمنزل والدها مجددًا :
قال لي ان منال صغيرة على زواج وبيت ومسؤولية! انا ماعندي مشكلة اصبر لين تنضج وتصير مرّة
بس لا تضغطين عليها خليها على راحتها
وانا ادري انك كذابة واصحى منك مافيه بس ما اشتهيتي العرس! تركتك تحت عيني يامنال سنة
وان كان في رأسك حبّ تراه انطحن
معد لقعدتك عندي لزوم ، هذا انتي فالحة بدراستك وخرابيطك مايعجزك زوجك
صرخت منال بغضب من فكرة ان امها تضغط على سياف حتى يأخذها بالقوة :
وش معنى الحين ؟ وش معنى بعد سنة! دقيتي ترمين وجهك على خالتي ترف عشان يأخذوني!
ليش قلتي في اخواني شيء ماهو فيهم
اخواني تراهم ما راح يرخصوني لواحد مابغاني
ضربتها مناير على رأسها بقوة غاضبة من غباء ابنتها الا مباليه :
انتي مهبولة! يقولون لك زوجته رجعت ومكوشة عليه ببنت والحين مسافر معها وانتي ياغافلين لكم الله
ارتخت أطراف منال وهي تسمع كلام امها!
من قبل ان تعقد قرانها على سياف وهي تعلم انه متزوج ابنة عمته ، وهي الثانية
كانت تشعر به وهو معها جسدًا بلا روح
لازم تغفل عن الايام التي يغلط باسمها ويناديها بدلًا من منال ، بشادن
لم تنسى تلك الصورة لأنثى صغيرة تعرفها جيدًا كانت تلعب معها في طفولتهم التي وجدتها بين اشمغته يطل عليها كلما دخل الغرفة او خرج منها
كانت شادن بعيدة ، ولكن قريبة في قلب سياف
ولكن الآن شادن قريبة ، وأقرب في قلبه!
هل ستترك لها الساحة وهي تتفرج مثل ما أخبرت سياف ؟
ام الغيرة الأنثوية ستجبرها تتأخذ موقفًا تجاه سياف والدخلية عليهم بأسم ( زوجته الاولى )
/

\

/
خرج ذعار وبجانبه جلوي ، ومن خلفه ندى وريناد اخرج من جيبه الامامي هاتفه حتى يطلب من عبدلله الذي أرسله لفندق شادن يمشطه ويتأكد من سلامة الأوضاع يحجز لهم جميعًا مجددًا الى ان يطمئن على الأوضاع بنفسه
عقد ذعار حاجبيه وهو يعود خطوتين الى الخلف عندما شطفت من امامه سيارة باللون الأصفر تدل على انها سيارة أجرة ، و وقفت امامهم
لينفتح الباب بقوة قبل ان تتوقف السيارة تمام وتنزل منها شادن ومن الباب الذي بجانب السائق سياف :
انتم وش جايبكم ؟
تنفست شادن بارتياح عميق وهي تراهم جميعًا امامهم بخير وعافية ، والله حفظهم من ان تقلع به الطائرة وتكون هذه اخر مرة تراهم فيها
وضعت كفوفها على ركبتها وهي تلتقط انفاسها الغائبة نتيجة التوتر :
يا رب لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
ضحك جلوي على شكل شادن وكأنهم بشررها بأنهم عائدون من الموت وهذه هي الحقيقة :
بسم الله عليك مين مروعك ؟ بعدين وش ي يرجعون لباريس
ذعار بهدوء وهو ينظر لشادن :
ماصار شيء الحمدلله ، بس الحذر واجب
رد سياف على جلوي بجدية :
وهذا المفروض يصير! اجل وش بتسون بالمطار بتدقون لكم خيمة ؟
عقدت شادن حاجبيها باستنكار :
يرجعون ؟ ليش انت بتروح السعودية ؟
هز جلوي راسه بجدية :
طبعًا! انا واحد وراي دوام
لف عليها ذعار بغضب :
مافيه سفرة الا ورجلي على رجلك! انت صاحي مفضل الدوام على روحك ؟ تبي ترجع لدوامك يسعفونك ؟
قاطعته ندى بهدوء :
بسم الله عليه! قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا
حاولوا في طيارتين وماقدروا علينا ، لان ربي حافظنا
انا برجع معه
رجليني معد تقوى على هالبرد فككّ عظامي ابغى بيتي وديرتي اللي عشت فيها عمري كله محد لمس خصلة من شعري ومن جيت ديار الغرب تحاذفت علينا المصائب
لف ذعار راسه بسخرية الى ريناد :
وانتي بعد قولي برجع معهم ؟
هزت ريناد رأسها بالنفي بقوة :
مستحيل! مو بايعة نفسي اصلًا من البداية مابي كنت ارجع السعودية
قاطعها ذعار بغضب :
انا مو قاعد أشاورك ، انا قاعد استهتر فيك يافطينة! رجلك على رجلهم تروحون سوا تقعدون سوا
اخذ سياف نفس عميق وهو يستودع الله نفسه ، كي لا تأتيه ضربة قاضية من ذعار على رأيها :
لا تلومها خايفة
خلها بشقتها وحولها الآمن وعندها ولد اخوي كسار واساسًا مابقى شيء على استلام وثيقتها تستلمها وترجع لكم
لو الود ودي قعدت معها بس انا بعد وراي دوامي جيت بدون ما اخذ اجازة
قهقه ذعار بسخرية وهو يسمع رأي سياف! يريد مني ان ائتمن ابنتي عند ابن أخيه!
قاطعته شادن بقهر محرجة من رد ابوها الساخر على زوجها بغير وجه حق :
يبه على وش الضحك ؟ سياف ماقصر ولا كسار بعد!
رمقه سياف بنظر استحقار خرجت كردة فعل من سخرية ذعار به
وهو والله لولا كسار الذي استفزع به انه لو يرى ذعار يحتضر امامه لن يفكر ان ينقذه مجرد تفكير
هدئ ذعار وهو يفكر بالموضوع! غزل وهو يضمن انها لن تفكر بالموضوع من بعد ان جعل بينهم شادن كميثاق ان خانته ، سيخون هو ايضًا
وريناد ستكون هنا مثل ماكانت خمس سنين لم تضرها ، وهو سيذهب بنفسه الى دبي!
لف على شادن بهدوء :
انتي قبلهم
شادن باستغراب من كلام ابيها المجهول :
كيف ؟
رص ذعار بقوة على اسنانه وهو يعيد كلامه :
الطائرة اللي بيكون على متنها جلوي وندى انتي بتكونين فيها قبلهم! لو مارحتي مايروحون
لفت شادن على سياف الذي ينظر لها بدهشة لا تقل عنها!
لماذا يقول هكذا وكأنها كبش فداء ؟
هز سياف راسه بإيجاب وهو يساير ذعار :
ماعليه
اساسًا المفروض نرجع اليوم وراي دوام وبنتك بعد
لفت شادن بهدوء على ابيها :
ان شاء الله آمرك احجزوا رحلة على ما اروح اجيب اغراضي واجيكم
لفت شادن وهي تعود الى سيارة الأجرة ، وبجانبها سياف
فتح لها الباب لتركب وهو من خلفها
قاطعهم صوت ذعار
لفوا عليه جميعًا ، ولكن كان أسرع منهم ليأخذ شادن بقوة في حضنه وهو يدفن راسه في شعرها بحُب هامس :
استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه
ابتسمت شادن وهي تُمسح على ظهره بهمس يشابه همسه :
نسيت اني قطوة ام سبع ارواح ؟
ضرب ذعار ظهرها بخفة غاضبًا :
مايحسد المال الا صاحبه ، اذكري الله
ضحكت شادن وهي تركب السيارة وتشير بيدها له ( مع السلامة ) /

\

أبتسم سيّاف بهدوء وبيده ملقاط حديدي طويل يضعه بجانب المنقد
ويأخذ من يد اخيه عبدالله قطعة كرتون قطعوها لينفخوا بها النار
رجع من باريس من هنا بالأمس ليتفاجئ اليوم ب عشاء لزوجة ابيه
ضحك وهو يرى حاتم يفصخ جاكيته القطني وهو يقربه من النار ويفهم جيدًا ماذا ترمي له حركة اخيه
عقد تركي حاجبيه باستنكار :
انا من زمان شاك بعمي حاتم لاقي فلوسه بالشارع والحين تاكدت يوم شفته يحرق جاكيته
ابتسم حاتم بهدوء :
ياليت تكرمنا بسكوتك يا ابو حصة
ضحك سياف وهو يتلثم بشماغه الشتوي الذي كان باللون السكري :
تسمح لي يا ابو وصال افتن عليك ؟
قاطعه حاتم وهو يخبرهم بالسبب من تلقى نفسه حتى يعتق نفسه من ضحكاتهم لو اخبرهم سياف :
ارتاحوا قاعد ابخر جاكيتي
ابتسم بحب وهو يتذكر رنا الذي تعشق ريحة الحطب عندما تعلق بملابس حاتم مع ريحة عطره :
حرمتي تحب ريحة الحطب بثيابي
صرخوا ثنيان وذياب وتركي وجلوي بتشجيع تحت ضحكات عبدالله وماجد وسلطان وسياف
ضحك ثنيان وهو يلف الى تركي :
أنا كنت ناوي بأخذ سياف مرشد اجتماعي لا اعرست بس الحين شكلي بحول الى عمي حاتم
ضحك تركي وهو يضرب بكفه كف ثنيان :
ابد خذ حاتم واترك عنك سياف ماعنده الا الضعوي
ناظرهم سياف بطرف عينه وهو يمد لأبيه بيالة شاهي على الحطب :
هذه الرومنسية بنظركم ابخر لحرمتي ثيابي بحطب ؟ ريحة دخنه والله اني بخنقها مافيه اي رومنسية بالموضوع
قاطعه ثنيان بعفوية وهو يأخذ الكرتون من يد سياف :
عاد حرمتك حدث ولا حرج مافيها شدة ، لو تعطس يمكن تفطس
شد سياف ع قطعة الكرتون عندما مد ثنيان يده ليقاطعه بحدّة :
وانت وش دراك بحرمتي ؟
بلع ثنيان ريقه وعيناه معلقة بالحطب امامه! ماذا يقول له ؟
رفع رأسه له بابتسامة صفراء :
توقعت! اللي بتنخنق من ريحة حطب وش ترتجي منها ؟
ضحك تركي على ورطة ثنيان :
زين اللي ربي عتقك يارجال انا قلت بس بيفرك وجهه بالنار لين يعرف ان الله حق
عاد ثنيان لمكانه بهدوء دون ان يلقي تركي بال
وهو متأكد ان سياف لم تمر عليه كذبته مرور الكرام
قاطع حديثهم صوت رنين جوال
طلع سياف جواله من جيبه وهو يقف عندما رأى اسم طارق ينير الشاشة


نزل فروته وهو يضعه على الأرض وأجاب مبتعدًا عن الجلسة ، الى باب الشارع :
جايك جايك
فتح سيّاف الباب وهو يصافح طارق الواقف امامه سيارته وبيده لاب توب مفتوح وفوق لوحة المفاتيح اوراق يتوسطها قلم :
حياك الله أقلط فنجانك ينتظرك
ابتسم طارق بمجاملة على عزيمته :
ماتقصر ، نشربه بوقت ثاني
مسكه سياف من كفه بإصرار وهو يشرع له الباب :
الوالد والاخوان موجودين خلنا نكسب شرف معرفتك
ربت طارق على كتف سياف المُصر على إكرامه ناسيًا ان طارق لا يريد ان يتصادف مع حاتم :
الشرف لي ، ولكن اسمح لي الوقت ضيق اولًا ولا ابي ابو وصال يشوفني انا جاي بدون علمه وآخر موقف بينا كان سيئ بسبب هذه الدعوى
ماودي اعصاه قدام عينه
عقد سياف حاجبيه وهو يتكتف بإستغراب من ذكر حاتم بدعواه :
افا! ماخبرت ابو وصال يزعل منه احد ، عسى ماشر ؟
رفع طارق الاوراق وهو يقرأ مضمونها :
دعوى سياف بن سلطان الجامح قبل شهرين بسرقة منزله دون فقدان اي ممتلكات ، أغلقت بفعل فاعل وتم معرفة الفاعل عبر شريط مراقبة من كاميرات احدى الجيران بالحي
وتم إغلاق القضية بالعفو والتنازل عن الفاعل من قبل سياف بن سلطان الجامح
قاطعه سياف بحدّة :
انا ماتنازلت عن شيء! وتوني ادري منك انكم عرفتوا الفاعل
هز طارق رأسه بإيجاب :
ادري ، ماهو انت كان حاتم اخوك هو من قفل القضية بتنازله بأسمك وهذا سبب له مشكلة مما أدى الى نقله قسم آخر
فتح سياف عيونه بدهشة :
وش حاتم بأي حق يتنازل ؟
لف طارق شاشة جهاز الآب توب امام سياف وهو يفتح المقطع ، في نفس اللحظة اللي خرج فيها السارق من المنزل متلثمًا وبيده ملف
ماكانت الا ثواني معدودة وهو يبتعد عن المنزل ويبعد الشماغ عن وجهه ولكن لم يكن واضحًا لأن المقطع باللون الاسود والأبيض والدنيا ليل
وقف الفيديو ثم قرب طارق الشاشة على وجه الفاعل وهو يضغط آمر تنقية الصورة ، لتتضح ملامحه تدريجيًّا الى سياف
رفع رأسه بدهشة وهو ينتظر ان يكذب طارق مارأه عينه!
احترم طارق صدمة سياف وهو يغلق الشاشة ، ويخرج الملف مده له بهدوء :
الآن لك الحرية اما توقع ويكون تنازل رسمي او ترفض وتتوجه معي الى القسم ونصدر آمر القبض على ثنيان عبدالله الجامح بتهمة اقتحام منزلك
والعقوبة اللي تنتظره سجن لمدة سنة و 50 الف غرامة مالية
ودعوى ضد حاتم بن سلطان الجامح بالتستر وتزوير اقوالك او انتحال شخصيتك
بلع سياف ريقه وهو يحاول ان يتمالك اعصابه امام الغريب ، بهدوء مصطنع لم يخلو من الحدة :
ماعليه انا امركم بكرة القسم نراجع الموضوع استأذنك
هز طارق رأسه وهو متجه الى سيارته :
ابد على خير ، تصبح على خير
دخل سياف وهو يغلق باب الشارع خلفه من هنا ويسمع صوت ابوه المرتفع مستغربًا من هنا بعد ان رأى ان سياف شرع باب المنزل ولم يدخل احد :
من هناك ياسياف ؟
مشى سياف خطوات واسعة / سريعة وهو يفتح لثمته بعد ان شرع انها تخنق انفاسه وتمنعه
شياطين الأنس والجن تتراقص طربًا غضبًا على رأسه
اقتحم بيته ، اذى زوجته وبكل قواة وجه يضحك امامه!
مشى وهو يدخل الجلسة متوجهًا لثنيان تحديدًا متجاهلًا اسئلة ابوه
فز ذياب وهو ينتبه لملامح سياف باستغراب الذي لا ينظر لشيء الآن غير ثنيان :
صاير شيء ياسياف ؟
رفع ثنيان رأسه من هاتف تركي الذي كانوا يتفرجون فيه سويًا
بعد ماشعر بيدين تشده من ياقة ثوبه بقوة
كان وجهه امام وجه سياف لا يفصل بينهم الا مجرى النفس ، مع ذلك يشعر بأنفاس سياف الحارة / تلتهب شرًا على حنكه
همس سياف وأسنانه العلوية ترص ع السفلية :
ليش ؟
رفع ثنيان حاجبه باستغراب :
وش اللي ليش ؟ ثانيًا ابعد يدك ماني اصغر عيالك!
صرخ سياف بغضب وهو يضرب ثنيان بقبضته بأي مكان تسقط عليه يده :
ليش ياحيوان داخل بيتي ؟ اصغر عيالي مايسوي سواتك التعبانة!
تكذب علي وعينك في عيني تقول توقعت!
واثرك
كنت شايف حرمتي ماشاء الله من تجاربك الاجرامية فيها صرت تدري انه مافيها شدّة
جرَّه جلوي من يده اليسرى بخوف على ثنيان المستلسم بين يدي سياف :
تعوذ من ابليس
دفعه سياف بقوة عنه وهو يصرخ في وجهه :
ابعد عني ياجلوي دام النفس عليك طيبة!
لف على ثنيان بضحكة ساخرة :
اذا ناقصك ريال تعال قل لنا ترا ماراح نقصر عليك الفقر والحاجة ماهي عيب
ماهو تطب بيوتنا كأنك من عيال الشوارع لأن هذا العيب بعينه وعلمه
لف ثنيان بوجهه عنه وهو ينظر الأرض بهدوء يتمالك به اعصابه مقدرًا ردة فعل سياف :
الله مغنيني عنك بخيره ، انا اعطيك ماتعطيني
اقترب عبدالله وهو يسحب ثنيان بعيدًا عن يدين سياف بغضب :
لا والله ياسياف اذا مالي بعيونك قدر ولا حشيمة ويدك تطول ولدي قدام عيني!
احشم ابوي اللي وراك يكلمك وتسفهه
صرخ سياف وكأن عقله غيّب من فعلة ثنيان لم يعد يفقه من يكلمه :
اللي ماعلم عياله يحشمون خصوصية بيتي واهله ماله بعيني قدر ولا حشيمة
وقف ثنيان وهو عاقد حاجبيه بغضب وهو يمسح بكفه خشمه الذي ينزف :
لا عاد!
انا ساكت لك من اليوم لأن الموضوع بيني وبينك
بس انتبه لسانك يطول ابوي عشان ما أخليك تلحق حرمتك
صرخ سياف بعصبية من وجه ثنيان الذي ليس به ذرة حياء من شناعة فعلته :
تتفاخر بفعلتك بعد
ضرب بقدمه ركبة ثنيان ليركع امامه ويبّرك سياف فوقه ويده تضرب رأسه بنفس الموضع الذي ضرب به شادن
حاول ثنيان ان يلتقط انفاسه من ضربات سياف المتتالية لم يعد به شدّة ان يسدد ضربات اخرى له لان سياف جالس على بطنه
مد ثنيان ساقه وهو يسحب بقدمه الملقاط الساخن من جانب المنقد ويجره بقدمه حتى اقترب من كفه بسهولة من طوله
اخذه بسرعة وهو يضعه على صدر سياف بنفس الموضع الذي كان فيه خياطة جرح سياف قديمًا من حادث سابق
صرخ سياف بقوة كادت ان تخرج معها روحه ، وهو يشعر بحرارة الحديد تقتلع جلده
صرخ سلطان بخوف وهو يرى ثنيان عندما وضع الملقاط بقوة على صدر سياف :
أبعدوه عن ولدي الله ياخذ عمره
ركض ذياب وهو يضرب بقدمه يد ثنيان حتى سقط منه الملقاط ، كتفوه جلوي وتركي بمساعدة من يوسف
اما ماجد وحاتم سحبوا سياف من فوق ثنيان
وعبدالله شق ثوبه سياف المنطقة المحترقة حتى يسهل عليه دون ان يلمس الحرق
أخذ جلوي وتركي ثنيان خارج البيت الى ان يهدأ الجو قليلًا ، وأما حاتم وماجد جلسوا سياف وأمامه ذياب وهو يرأ صدره
جلس عبدالله ، ابيه الذي لم يعد به شدة وهو يرى ابنه وحفيده كل واحد اعرض من هذا الجدار يتناطحون بعضهم بعض امامه :
يبه ذياب تكفى شفه ولا خلنا ندق على الإسعاف تنفس بأرتياح وهو يشخص صدره تشخيص مبدئي :
لا الحمدلله اموره طيبة مايحتاج ياخالي !
تخصر حاتم وهو يرى وجه سياف الذي لا يرى به ملامح بقلق :
انا اقول خلنا نروح المستشفى افضل
رفع سياف رأسه له بحدّة ويرصي بأسنانه على شفته السفلية :
انا حاشم نفسك بالقوة! لا تجيب الكلام لنفسك
رماه سلطان بعلبة المناديل بجانبه بغضب من اسلوب سياف :
تطاقيت مع ولد اخوك وأخوك الكبير و ولد عمتك ، والحين مع اخوك الثاني
انت ماتحشم احد ؟ ولا فيك شر مستشر ومالقيت من يداويك ؟
رفع عبدالله رأسه بشك لذياب بعد ان رأى سياف يتأفف من كلام ابيه :
انت متأكد ؟ اللي يسمع صرخته تو والله مايقول طيب
ابتسم ذياب وهو يقف ويمد كفه الى سياف حتى يقف معه :
افا يا ابو ثنيان! والله طيب ابو غنى ماعليه خوف بس شدّة الحرارة آلمته مبدئيًا لأن الطبقة الاولى من الجلد حساسة وهي سبب الآلم
والحرق بسيط تضميد بسيط ويلتئم
لف على سياف بهدوء وهو يغمز له :
قم يا ابو غنى لبيتك وانا معك نعالجك هنا
وقف معه سياف متجهين الى بيته ، لف سلطان على عبدالله بعتب :
خلهم ينادون حرمته تقعد معه لا يقعد لحاله
وقف حاتم وهو يأخذ جواله من جيبه ويتصل على رنا :
سمّ وأبشر
/

\

كانوا وهاد و لدن وفهدة ولمى وافنان و وصال و شذى جميعهم واقفين امام باب غرفة يوسف!
بينما حريم العيال ، مع انفال والجوهرة في مجلس النساء مع عريب امتثالًا لآمر سلطان
فهدة وهي تضرب الباب بقوة وبترجي :
يمه ترف انا ادري انك تسمعيني! تكفين عشان خاطر يوسف ماهو عشاني افتحي الباب
ابي بس أبوس رأسك
بتحرمينا حتى نسلم عليك ؟
وصال بترجي وهي تجلس امام الباب بتعب :
يمه لنا ساعة نترجاك لهذه الدرجة مالنا عندك خاطر ؟
تنهدت لمى وهي تجلس بجانب وصال :
الحين وش بتسون ؟ يمه ترف ماعندها نية تفتح الباب
رفعت افنان رأسها بلا مبالاه وهي تعيد طبقة طلاء أظافرها :
لا تلومونها! مدري وش الغباء تبونها تطلع وتضحك في عشاء على شرف ضرتها
خلوها براحتها متى تشوفنا بتطلع لنا
شذى بهدوء كعادتها وهي تعيد خصلة من شعرها خلف إذنها :
انا من رأيي نسوي زي الجوهرة
ننزل ونسلم عليها عشان خاطر جدي سلطان
احنا مانعرفها ويمكن ماتدري ان فيه احد فوق بعد
بس بنسلم ونكلمها ونعزها من معزة ابوي سلطان وعشان خاطره
وهاد بغضب وهي تتوجه الى غرفتها :
تبون تنزلون لها انزلوا انا ماراح أنزل بدون امي
وقفت فهدة بجدية :
براحتك محد بيجبرك بالنهاية هو ابوك ، بس احنا يكون جدنا! مانقدر نأخذ موقف زي موقفك
واجب علينا نقدر امي ترف وخالتي عريب
ضحكت وهاد بسخرية وهي ترفع حاجبها :
صارت خالتك بعد ؟
رفعت فهدة حاجبها بنفس حركتها بجدية :
اي صارت من بدري
هذا اللي ابوي مربيني عليه
الاحترام لها مثل احترامي لابوي سلطان
اقتربت منها وهاد وهي تنقر بأصابعها في كتفها بحدّة :
اجل ابوك رباك غلط! اذا احترمتي الدخيلة انتي اهنتي حرمة البيت اللي هي جدتك
سحبت وصال فهدة من امام وهاد :
اذا عماني وهم عماني ياوهاد سلموا وضحكوا معها وصدورهم تجاهه سليمة وش موقعنا بالإعراب ناخذ منها موقف هجومي بدون سبب ؟
لدن بهدوء وهي تمد يدها لـ لمى حتى تقف معها :
انتم الصح! موقفي انا و وهاد مفروض مايفرق عنكم بس وش اقول - اكملت وهي تنظر لوهاد - قاعده اكلم جدار
{ في مجلس النساء || من جهة الاخرى من منزل سلطان }
لفت شادن رأسها بهدوء ، وغنى في حضنها للجوهرة :
البنات وينهم ؟ ماجو ؟
اخذت الجوهرة بيالة الشاهي من يد انفال بهمس :
الا بس كلهم فوق مع امي ترف
ابتسمت ندى بعد انهت حديثها مع حصة ( زوجة ابو تركي ) وهي تنظر لغنى :
وش أخبارها ياشادن يوم شافتك ؟
ابتسمت شادن وهي تمرر سبابتها على خد غنى بحنية :
صاحت لين تقطع قلبها ماتبغاني بالبداية ثم الحمدلله ماعليها ، بس صارت متمسكة فيني بالقوة نامت بغرفتي ومن قامت مافكتني
ضحكت رنا وهي تمد يدها لغنى حتى تأتي بحضنها ورفضت وتعلقت في بلوزة شادن بقوة :
ياعمري عمرها ، خايفة تتركينها مرة ثانية
باست شادن خدها بشوق :
والله توبة اتركها
ابتسمت عريب بإحراج وهي تنظر لشادن :
انتي ماعندك غير هذه البنت ؟
هزت شادن رأسها بالنفي
تسندت عريب وهي تحاول ان تنسجم بالحديث وتتودّد إليهم :
ماشاء الله اغلب بيتكم بنات - اكملت حديثها وعينها على انفال - حتى عيال أحفادكم بنات
هزت ندى رأسها مبتسمة :
صدقتي والله بس وش احلى من البنات ؟ الله يطرح فيهم البركة
دخلوا البنات جميعًا مترأستهم لدن ، ليلقوا التحية سويًا :
السلام عليكم
ردوا الجميع التحية ، مع عريب التي وقفت حتى تصافحهم
همست شذى في اذن وصال يتضايق وهي تلاحظ لنظرات ( نورة / ام ثنيان ) لها :
شفتي نورة مرت عمي اليوم لما جيت اسلم عليها طمرتني ماسلمت علي! والحين تناظرني كأني سارقة حلالها
عقدت وصال حاجبيها باستنكار وهي تنظر لمرت عمها :
الحمدلله والشكر وش مسوية لها انتي ؟
شذى بصدق وهي تبعد عيناها عنها بقلق :
والله ماسويت لها شيء
انا انصدمت منها قعدت ألحقها الى المغاسل قلت يمكن ماشافتني ولما جيت اسلم سلمت بأطراف اصابعها ومن دون نفس
لفت وصال رأسها بلا مبالاه وهي ترى ان أتى دورها بعد افنان لتعرف بنفسها :
دامك ماسويتي شيء طنشيها وخليها تناظر من اليوم لبكرة
لفوا جميعًا بخوف الى الشباك وهم يسمعون أصوات الرجال ارتفعت بقوة و تداخلت
وقفت ندى بخوف وهي تبعد الستارة لعلها ترى شيئًا :
بسم الله الرحمن الرحيم وش فيهم ؟
وقفت حصة ( ام تركي ) لعلها تطمنئهم :
ماتعرفون الرجاجيل الله يصلحهم ، ضحكهم ولعبهم تقولين حرب
رنا بلا مبالاه وهي معتادة على تهويل الامور عند الرجال اثناء اللعب والاجتماعات وبالنهاية يكون نقاش حاد عن موضوع رياضي او سياسي :
والله ماعندكم سالفة
من خبرت حمولتي وهم كذا تحسبين عندهم سالفة بالاخير قاعدين يتناقشون في مباراة
قاطع حديث رنا صرخة حادة من صوت سياف!
وقفت شادن بقوة وهي تسمع صوت تعرفه جيدًا! صوتٌ تسمعه بقلبها قبل ان تفقهه اذنيها
تعرفه جيدًا ان غضب وهو من مارس جميع انواع جحيمه عليها! لا يصرخ بآنين هكذا
تخشى ان تتوجه الى الحوش لتراه وترى فيه مكروه
يالله لم نكمل ليلتين بالرياض من تصافينا وأصبحنا سمنة على عسل
مبكر جدًا على فقدانه يالله
لفت على ندى وكأنها تستغيث فيها بحرقة بصوت مرتفع وكأن طبقتها صوتها الطبيعية لا تسعفها الآن :
هذا صوت سياف يمه! انا اعرفه هذا مو مزحه سياف مايصرخ لا جاء يمزح
وقفت لدن بخوف وهي تسمع صوت اخوها :
عمتي ندى زوجك معهم ؟ انا بروح لهم كلهم محارمي
هزت ندى رأسها بالنفي وهي تذهب مع لدن ، لن يهدأ لها بالًا بعد ان شعرت بجدية الامر :
لا مسافر
مسكت أفنان يد لدن بقوة :
اخو شادن هناك! وش يوديك ؟ ولد عمتك ماهو محرم لك خلي عمة ندى تروح لحالها
دخلت جنى ابنة حاتم من الباب وهي تركض ومن خلفها حصة ابنة تركي
استوقفتها ندى وهي تمسكها مع كتفها :
انتم من وين جايين ؟
رفعت جنى رأسها وهي تتحدث بسرعة حتى تكمل لعبتها :
من عند الرجال لما تضاربوا عمي سياف وثنيان ولد عمي عبدالله بابا قال روحوا عند الحريم ولا تجون لين أناديكم
بلعت شادن ريقها وهي تفهم جيدًا ماترمي له جنى! تعرف السبب الذي سيجعل سياف يقتل ثنيان ولا يبالي ولكن المصيبة انها شكّت من صوت سياف ان الآية انقلبت وثنيان من ذبحه وبقلق :
شفتي يمه قلت لك والله ماهو مزح
مسكت انفال شادن قبل ان تلحق بندى التي توجهت للرجاجيل :
ما انتي بصاحية ياشادن يعني وش بيصير فيه ؟ تراه ولد اخوها ماهو عدوه!
توني مسكرة من تركي يقول خذ ثنيان مع جلوي وطلعوا
وسياف جوا مع اخوانه مافيه الا العافية
ضحكت افنان وهي تأخذ من صحن الشوكلاته التي كان بيد لمى
بعد ان ارتشفت من فنجالها بروقان :
اتركيها انفال الله يلوم اللي يلومها ترا زوجها طايح بيدين ثنيان يعني لو طايح بيد عدوه بيكون مرة اسلم لسياف
جلست شادن وهي تبتسم بمجاملة وقلبها عند سياف ، لن ترتاح الى ان تراه بعينها :
شكرًا لك يعني الحين طمنتيني
ضحكت افنان :
بالعكس انا الحين قاعدة اقولك الحقيقة عشان لا تنصدمين لا شفتي وجه زوجك خرائط
اسألي مجرب ولا تسألين دكتور ، يعني انا مجربة ثنيان لا طقّ شلون
طلعت من يدينه طيبة متاكدة بسبب صدقة في ظهر الغيب دفع الله فيها بلاء ثنيان عني
ضربتها لمى بطنها بغضب قبل ان تكمل و - تكب العشاء - وهي تنظر لنظرات شذى المندهشة من حديث افنان :
خلاص حبيبتي شوهتي صورة اخوي لين قلتي بس
هزت رنا رأسها بإيجاب وهي تأخذ الجلال الذي بجانبها وتمده لشادن وتغلق هاتفها :
خذيه عشان الرجاجيل قاعدين بالحوش ، عمي سلطان يقول خلوا شادن تروح لسياف مع ذياب في بيتك
/

\

/
اكمل شق من الصدر الى نهاية ثوبه حتى نهايته ، ولبس بنطلون قطني بدون بلوزة
وقف عند باب دورات المياه وهو يشوف ذياب وضع كرسي من المطبخ تحت دش الاستحمام
جلس سياف عليه وهو ينظر لذياب الذي اخذ رشاش الدش من مكانه بعد ان عدل درجة الماء وجعلها دافئة
ترك ذياب الدش في يد سياف تاركًا الماء ينهمر على صدره :
خله شوي لا تطفيها لين أدور لك شاش
عقد سياف حاجبيه باستغراب من طريقة تضميد ذياب :
بيطول ؟
هز ذياب برأسه برفض وهو يخرج من الحمام :
لا بس ابي اتاكد ان كامل الحرق نظف تمامًا
لاني لو غطيته وباقي مكان في حرقك ملوث ممكن تطلع لك منه بثور تسبب عدوى
ولا تنسى بعد ان الملقاط قذر من عقب رماد وحطب وغبار
خرج ذياب وهو يبحث بدواليب المطبخ عن شنطة الإسعافات الأولية
سمع صوت الباب ينفتح ، ليأتي صوت شادن من بعده بنداء :
سيييييااف
خرج ذياب من المطبخ وهو يصافحها :
الحمدلله على السلامة
قبلت شادن رأسه وهي تحتضنه بشوق :
يااا هلا والله وياهلا ، الله يسلمك
ذياب وهو يبتعد عنها بإبتسامة :
عندك شنطة إسعافات ؟
هزت شادن رأسها بإيجاب :
في غرفة غنو
طلع سياف من دورات المياه ، وهو متجه الى الصالة بلا مبالاه لهم
همس ذياب وهو يتجه لغرفة غنى :
انا بجيبه
دخلت المطبخ وهي تفتح الفريز
اخرجت كيس ثلج ورجعت له في الصالة
اتت من خلفه وهي تضم ذراعها على عنقه وشفتيها خلف اذنه لتقبّله بهدوء هامسة :
الواضح اني عندي طفلين بدال الواحد ، بيصير الاحقك مع بنتك
ابتعدت بإبتسامة وهي تسمع رد سياف بأخلاقه التجارية :
خلِ بالك على بنتك وماعليك مني
خرج ذياب من غرفة غنى وبيده الشنطة وضعها بجانب شادن ، واخرج الشاش المعقم ولفه على صدر سياف
بينما كانت شادن من الجهه الاخرى تضع الثلج على المناطق المزرقة وبيدها الاخرى تمسح الدم من انفه
عقد سياف حاجبيه بانزعاج وهو يبعد يد شادن :
ابعديه! انا مدري وش فايدة ذا الثلج
مسكت شادن ذراع سياف وهي تضعها في حضنها بإبتسامة
ممكن لو كانت في وضع آخر لا استنكرت ردة فعله
ولكن باتت تعرف سياف جيدًا
تعرفه لدرجة ان اخلاقه السيئة الآن بالنسبة لها قمة الغزل!
يريدها ان تبعده لا لأن برودة الثلج تضايقه ، خوفًا انه يشقيها معها :
ممكن تخليني اسوي في وجهك اللي ابي ؟
خلع ذياب قفازاته وهي ينظر لتضميده بنظره اخيرة :
قدامك العافية يا ابو غنى
اعتدل سياف بجلسته وهو يغمض عيناه بهدوء :
ماقصرت يا ابو خالد شقينا بك
رفعت شادن حاجبيها بزعل كاذب :
الله لنا! ناس ينقال له شكرًا وناس ينقال لهم بعدي
فتح سياف عين ، ينظر لها بها ببرود :
ايه ابعدي ياشادن دام النفس عليك طيبة
ضحكت شادن وهي تبعد الثلج لتمسح كامل وجهه بفوطة مبللة لتتأكد لا بقايا لشيء :
هذه وهي طيبة بغيت تسوي فيني زيهم
غمض سياف عينه مرة اخرى وهو يخفي ابتسامته من ثقتها التي بمحلها :
واثقة بزيادة اني ماراح اسوي فيك زيهم ، وش فرقك عنهم يا هانم ؟
رفعت شادن عيناها له حتى وان كان مغلق عيناه ، تعلم انه يشعر بها بإبتسامة صادقة اردفها وهي تعض طرف شفتها السفلية :
اني احبك
ابتسم سياف رغمًا عنه! ياتلك الشقية اعلم جيدًا مثل ما انا اعلم انها امامي الان وانا مغلق عيناي انها تبتسم وتعض طرف شفتيها السلفى من اليسار
تتعمد إغوائي حتى وانا اعمى البصر ، ولكن لا يغلفها اني فطين البصيرة
اردف بسخرية حتى لا تتيقن انه وقع بشباكها كعادته :
صدقتك
ضحكت شادن وهي تهز كتفيها بلا مبالاه :
ماهو مهم انك تصدقني! المهم اني احس فيها
خرج ذياب من دورات المياة على حديثهم الاخير وهو يمسح كفيه بالمناديل الورقية ، رفع راسه باستهزاء لشادن :
ياوجه استح! تغازلينه عيني عينك ماتقولين اخوي موجود
ضحكت شادن بحياء من ذياب المستنكر حرفيًا لجراءتها امامه حتى وان كان يمزح ، لتردف بجدية :
صدق سياف انت وش مسوي في نفسك ؟
مد سياف كفه بهدوء ليشبكها مع كفها قبل ان يأتي ذياب حتى وان تعلم انه يمزح لا يريد ان يطيل هذا المزاح بايامهم الحلوة :
انا ماسويت شيء هو اللي سوا فيني
ناظرت شادن ذياب بعتب :
وانت الله يصلحك وش قاعد تسوي معهم ؟ تحفة ؟ ماقدرت تفككاهم
جلس ذياب مقابلهم بحدّة :
تاركه يعلمه السنع و احب اقولج ان سياف لو ماحفر وجهه بالأرض كان قمت انا عليه ودفنت ريلج معه
فتحت شادن عيونه بصدمة :
ما انت بصاحي! هذا وانا اقول ذياب عاقل طلعت اردى منه
فز سياف بغضب وهو يلف براسه لها :
انتي تدرين هو وش مسوي ؟
لفت عليه شادن بحدّة :
ايه ادري وش مسوي! وكنت ادري انه هو بس ماعلمتك لاني ادري وش بتسوي
مسك سياف كتفها بقوة وهو يلف كامل جسدها عليه بحدّة :
تدرين وساكتة ؟
صرخ بغضب وهو يوقف جن جنونه وهو يسمعها :
ليش مسترخصة نفسك الى هذه الدرجة ؟
وقفت شادن بغضب :
انا ما استرخصت نفسي بس انت غالي عليّ
علاقتك بولد اخوك عندي غالية
نظرتك النظيفة وقلبك الخالي تجاهه غالية عليّ
موضوع عدى وانا بخير وانا آدري معه عذره وماهو غريب
ليش اعلمك وش بستفيد ؟
لف سياف الى ذياب بحدّة :
تكفى قل انك تسمع شيء غير اللي اسمعه
رفع ذياب حاجبه لشادن :
انتي مينونة كلش ترا! وش هالعذر الخارق اللي تسمح له يخش بيت عمه كأنه سفاح ويتعدى عليج ؟
تنهدت شادن بترجي :
ياناس افهموني! زعلت بالبداية بس بعدين وش تبوني اسوي ؟ انا متاكدة ماقصده يبوق! بس انتم اسمعوه ماهو كل شيء ينحل بالضرب
جلس سياف بقوة وهو يمسح بكفوفه على وجهه :
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم!
انتي خايفة منه ؟
قاطعته شادن :
انا خايفة عليك انت! شوف وش سوا فيك عشان موضوع تافهه
صرخ سياف بغضب لتقليلها من نفسها للمرة الثانية وهو كان سيفقدها وكان موضوع فقدها لا بأس به لديها :
انتي مو تافهه افهمي مو تافهه!
ماهمني دخل بيتي ولا مادخل بلعنة هو والبيت
همني ليش يمد يده عليك
ليش تطول يده حلالي وعرضي!
جلست شادن بهدوء امامه :
طيب شكرًا شرحت وجهة نظرك ، ممكن تهدأ ؟
وقف ذياب وهو يتحسس جيوبه ليتأكد من وجود مفتاح سيارته :
انا بمشي الحين للاستراحة
لا بغيت بكرة ترفع عليه دعوى دق علي ترا رجلي على رجلك
رفعت شادن رأسها بغضب لأقتراح ذياب :
ذذذذذييااااااااببببببب!
لف سياف راسه لها بغضب :
ذياب وش هاه ؟
خليه اذا ماثمرت فيه التربية يمكن تثمر فيه السجون
ضحك ذياب رغمًا عنه على هاللي قاعد يصير قدامه :
والله العظيم انتم حالة! اقول تمسون على خير
وقفت معه شادن وجلسها ذياب :
مايحتاج اقعدي اساسًا بمر اسلم ع خالي سلطان قبل اطلع
مشى الى الباب المتجه الى بيت سلطان
ليخرج مغلق الباب خلفه
لفت شادن عليه بتنهيدة وهي تنظر الى صدره
لتردف بعد ان مرت دقايق طويلة :
عاجبك كذا ؟
ناظر سياف صدره بهدوء ليضحك :
والله حركة صح ؟




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-04-19, 01:29 AM   #28

Refat hasan22

? العضوٌ??? » 437282
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 342
?  نُقآطِيْ » Refat hasan22 is on a distinguished road
افتراضي

عسى المانع خير وينك كاتبتنا

Refat hasan22 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 08:48 PM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

وقفت سيارة حاتم امام عمارته ، فتحت وصال الباب الأيمن
دفن حاتم أصابعه في فراغات اصابعها ، حتى يقبض كفه على كفها قبل ان تترجل رنا من السيارة
ولف على وصال وهو ينظر الى جنى النائمة :
وصال ماما شيلي جنى معك
عقدت رنا حاجبيها بأستغراب :
ماراح تنزل ؟
تجاهل حاتم سؤالها وهو يوجه كلامه الى شذى :
أقفلوا الباب ولا تزلجونه وناموا ماعليكم منا
لف بأبتسامة على رنا بعد ما اغلقت شذى الباب ، ورآهم من المرآيا دخلوا العمارة وحرك سيارته :
حيّا الله ام وصال
عقدت رنا حاجبيها بقلق :
يالله منك ياحاتم! خليت وصال تشيلها وحتى ثقيلة عليها
غمض حاتم عيونه وهو يهز رأسه بإبتسامة وكأنه يسهل الموضوع لها :
ماعليه سامحينا ويوم واحد مايضر
ابتسمت رنا على حركاته وهي تلف برأسها له :
طيب وش عندك ؟
حاتم :
اللي عندي والله اني مشتاق لك ، عساك سامحة لي اخطفك شوي ؟
ضحكت رنا وهي تضع ظفر ابهامها على باطن سبابتها :
اذا بس شوي اوكي
مد يده وهو يأخذ جاكيته من المرتبة الخلفية :
وعندي هدية لك بعذ
قهقهت رنا بحُب وهي تشم ريحة جاكيته العطرة من قبل ان يتركه في حضنها ، بمجرد ماسحبه من الخلف :
يابختي ، من قدي!
رفعت طرف الجاكيت وهي تضعه عند انفها بإبتسامة هادئة ؛ لو كانت امرأة غيرها لما شعرت بإنه شيء يقدس وربما ضحكت من غباء فعل حاتم
ولكن هي بنظرها ان تفكيره / اهتمامه بها في ظل غيابها عن عينه ، وكأنها حاظرة في قلبه
لم تكن الهدية يومًا بمبلغها ، طالما كانت الهدية بمعناها وان كانت لم تكلف المُهدي دينارًا
يدًا كانت متشبثه بجاكيته ويدا مازالت في حضن كف حاتم
يالله حنية حاتم تهيظ قناتها الدمعية ، تبًا لذلك الضمير الذي يصيح بداخلها ( حاتم مايستاهل ) في ظل تربعها على عرش من النعم
تخشى عليه ان يعلم غدًا ماذا تخبي عنه ، وينصدم بدل الصدمة صدمتين! وان ينكسر بعلاقتهم شيئًا لا يجبره الدهر
كانت شفتيها اضعف من شهقتها الحادة ، التي خرجت بقوة صادمة الى مسامع حاتم وهو يسحب فرامل ليقف بسيارته جانبًا وينظر الى رنا بصدمة ، دافنة رأسها في جاكيته وكأنها تخشى ان تنظر اليه وتحتمي برائحته وتبكي بحرقة!
بلع حاتم ريقه بخوف وهو يعرف رنا جيدًا لا تبكي هكذا دون سبب يكسر الظهر :
وش صاير ؟
لم تجيبه رنا ، مكتفية بصوت بكائها لعل حاتم يفهم منه شيء يعفيها من مرارة الشرح
ادخل أصابعه في شعره وهو يحاول ان يفهم بنفسه بترجي :
انتي فيك شيء ؟
هزت رنا رأسها بالنفي ، اكمل حاتم على نفس الوتيرة :
البنات فيهم شيء ؟ وصال فيها شيء ؟
هزت رأسها بالنفي عند اسم وصال!
لينقبض قلبه ويعتدل بجلسته بهدوء والحروف تخرج بصعوبة من شفتيه :
شذى وش فيها ؟
سحب جاكيته بقوة من حضنها وهو يصرخ ولم يتبقى من أعصابه شيء :
ششششذذذذذىىىىى وش فيييهههااااا ؟
صرخت رنا وهي تلف عليه بقوة :
ماااهههييي شذى!! الجااازي اللي فيييههاااا
يشعر حاتم ان نبضاته قلبه باتت تنافس بكاء رنا بصوتها! يشعر بسرعة انفاسه وكأنها تخوض ماراثون بضراوة
يشعر بأن لا سلطة له على عظامه ، باتت رخوية جدًا وكأنها غضاريف
بلع ريقه بصعوبة واسم الجازي لا يبقى به شيئًا بخير :
وش فيها ؟
قصت له رنا القصة ، من لقاء الجازي الاولى بشذى الى انتهى مكالمتهم
أنهت رنا حديثها من هنا ، ليصرخ حاتم بغضب لأول مرة تراه رنا به وهو يضرب بكفه الدركسون :
انتي غغبييييية ؟ شلون تقولين لها كذا ؟ كأنك تأكدين لها شكوكها هي متخلفة كذابة ماتدري ، ولقتك دبشة قدامها تخرين لها كل شيء
قاطعته رنا بخوف مبررة :
والله ماكانت شاكة ، كانت متأكدة
قاطعها حاتم بغضب وهو يصرخ ، ويشغل سيارته :
شاكة ولا مو شاكة! كم مرة بنقول لها مالها شيء عندنا
لا ترمي بلاويها علينا
ابتسمت رنا بدهشة مكسورة :
بلاويها ؟ الحين صارت الجازي هي البلوى ؟
تجاهل حاتم سؤالها ، وصمت! لم يفرغ غضبه سوا بسرعة السيارة وهو يمشي بالحارات بسرعة ظ،ظ¨ظ
لم تكن سوا ثواني طويلة لتقف سيارته امام عمارته
تكتف وهو ينتظر رنا تنزل ، ليكمل مشواره
لفت عليه رنا بهدوء وهي تردد بنفسها " اللهم اكفنا شر غضبه بما شئت وانت السميع العليم " :
ماراح تنزل ؟
لم يجيبها ، لتفهم وهي تنزل وتغلق الباب خلفها
لم تغلق الباب تمامًا حتى مشت سيارة حاتم بسرعة وكأنه لا مبالي ان ينتظرها الى ان تدخل ويتطمن عليها!
/

\

/
أغلق باب غرفتها بعد ماحملها من السيارة وهي نائمة الى سريرها
ناظر تركي الساعة التي تشير الى وقت متأخر من الليل ، بعد ما ضاع وقته وهو يشد مع ثنيان
مافيه حيل يذهب بمشوار ثاني الى استراحة زملائه
رمى نفسه على الكنبة بتنهيدة وهو يتذكر كيف ستعدي هذه الليلة الكئيبة لو حبس نفسه مع انفال في ظل خصامهم ؛ مرارة المشوار والأرهاق نعمة مقارنة بوجوده مع زعل انفال الذي اصبح النقمة!
وقف وهو يتحسس جيب ثوبه ليتأكد من وجود مفاتيحه
شلّت أقدامه / استقرت خطواته وهو يسمع قرع كعبها في الدرج بعد ما آتاها اتصال من اخوها
ليصعد مع حصة النائمة تاركها تأخذ راحتها بالحديث مع اخيها بالحوش!
اربع سنين كانت امامه تلك الأنثى ليلة وضحاها ، لم يشعر يومًا بهذه الكهرباء التي سرت بين أعضاءه ليكش شعر جسده
لأول مرة يشعر بإن لخطواتها ، لحن يشابه لحن تلك الاغنية التي تسمعها ولا يتجاوزها قلبك بسهولة!
كأنما نثرت حروفها التي شُيدت لتصبح كلمة في داخلك ، لتتعثر بحروفها المتساقطة بك
فضلًا " كم للموسيقى من الآلات سيِّدتي ؟
‏عدِّي معي وأضيفي كعبك العالي "
كلما حاول ان يتجاهل زعلها لترضى من نفسها ، يقتنع بالدقيقة الاولى ليجد نفسه بالدقيقة الثانية يركض اليها ليستسمحها عذرًا
ولكن انفال متعبة! ومتعبة جدًا
لا تحادثه ، لا تعاتبه ، تعيش حياتها وكأن لا شيء ينقصها بعكسه هو الذي لم يعيش تائهًا ، ولا تخبره ماذا تريد لترضى
تاركة تركي في دوامه تخنقه وكأنها تعاقبه بدلًا من ان تستأثر لنفسها
مسك تركي ذراعها بقوة قبل ان تمر من امامها متجهه الى غرفتها ، وكأنها لا تراه :
قلتي لي عند ابوك اني بكل مرة اثبت لك ان سنين زواجنا ما أثمرت فيني اعرف فيك صفة وحدة!
هزت انفال رأسها بإيجاب منفعلة وهي تقاطعه :
وانا قلت لك استغفر ، لا يشهد عليك مجلس ابوي يوم الحساب بكذبك
سحبها تركي بقوة لتصتدم ذراعها بصدره ، وأذنها عند شفتيه وانفاسه المتسارعة تحرق بحرارتها خدها هامسًا :
اعرف فيك اللي ماتعرفينه
ماتدرين انك اذا مليتي من سواليفي تصيرين ترمشين عيونك بسرعة لأنك وقتها تركزين على كل شيء الا عليّ !
ماتدرين انك لا تحمستي تسولفين تمسحين بطرف سبابتك وابهامك مع بعض حواف شفايفك
ادري انك دينك ودين الأكل العالمي
ادري ماكان ودك بأسم حصة لحصوص! بس سميتها عشان تشترين خاطر امي وترضيني رغم اني ماشكيت لك من منقاركم
ماتدرين اني احس فيك كل ليلة لا بكيتي على سريري
تحسبيني نايم وتاركك تعانين! ماتدرين كم ليلة جفاني النوم عشان احاول اعرف وش مزعلك بدون ما أسألك لاني ادري ماتحبين تبكين قدام احد
رفعت رأسها بصدمة وهي تسمع كلامها!
لا شيء غريب او مبهر بحديثه ، المبهر ان تركي يهتم بها حتى وان لم ترأ ذلك ولكن كان يشعر به!
كانت دايمًا تتافف نهاية كل حديث معه ، ظنًا منها انه لا يلقي لها بالًا وعقله مع هاتفه
لم تعلم انه يسجل حركاتها حركة ، حركة
فرحت عندما غير ذوقه بأختيار المطاعم فجاءة بعد ماكان ينصب كامل اهتماماته على مطاعم الاكل العالمي! لم تعلم انه بسبب انها لا ترغبها كان يتجاهل ذوقه وشهيته
ولكن مافائدة كل هذا الآن ياتركي ؟
اكمل تركي حديثه وهو يبتسم :
الحين من فينا راح يستغفر ؟
وضعت كفها على صدره وهي تبعده بهدوء ، لتضع عيناها في عينه :
بستغفر عسى ربي يغفر لي ، لكن انا ماراح اغفر لك!
كل هذا اللي تسويه وتقوله ماينفع! انت حاولت بكل شيء الا انك نسيت ان الوقت مهم
ماهو عقب ماعافت نفسي وطاب خاطري جاي تعيشني ايام كنت اتمنى اعيشها قبل!
قاطعها تركي بإصرار :
النفس لا عافت ترجع تحب ، الخاطر لا طاب يرجع يلين
لا تخلقين بينا مسافات احنا قادرين نتجاوزها
قاطعته انفال وهي تضرب بسبابتها في صدره بقوة :
مو احنا ! انت بس قادر تتجاوزها انا ما اقدر
انا نفسي عزيزة ، ماترضى بالذل والاهانة!
يمكن عرفت عني كل شيء الا انك جهلت اني ما ارضى اي شيء لي يشاركني به احد
وان كانت عينهم عليه ، عليهم بالعافية انا مو في حاجته
واللي أتنازل عنه برضاي ما أرده
عقد تركي حاجبيها بقوة غاضبة وهو يسمع استرخاص انفال التام له :
هذا قرارك ، بس ما هو قراري كيفك لا ترديني ولا ترضين
بس قلت لك من قبل من حقك تزعلين ، بس من حقي اراضيك
بوريك يا انفال ان الوقت عمره ماكان سبب
قاطعته انفال بحجة تامة ، تدعم موقفها :
مثل الصلاة ياتركي! حتى لو تأديها على اكمل وجهه بغير وقتها هي باطلة مالها اصل
ابتسم تركي على اصرار انفال وطريقة حديثها ، وكأنه يرى شيء من الخيال
لم تكن يومًا انفال بهذه الرزانة والاتزان ؛ طالمًا كانت متخبطة ، بلهاء :
محد بيقولك غلط بس بيقولك ان حتى للصلاة حالات استثنائية مثل السفر يا ام حصة
بلعت انفال ريقها لتمنع ابتسامتها على مراوغة تركي ، صمتت قليلًا لترفع رأسها بابتسامة :
الله يقويك /

\

/
مسحت ريناد بكفيها وجهها وهي تذكر احداث امس الى اليوم! وكأنها سنين عجاف وليست احداث لم يمر عليها حتى 24 ساعة
عزلت نفسها في غرفتها لتبكي 4 ساعات متواصلة وبجانبها سكينة فواكه تحمي نفسها من اي اقتحام مفاجئ للعصابة بعد ما آتى كسار صباحًا وهي في عز نومها ليخبرها الحقيقة!
الحقيقة التي اني شادن وسياف كانوا يسعون لها عند ابيها
لم تفهم سبب اصرارهم لتبقى في باريس واقناع ابيها الى وقت استلام الوثائق ثم تعود سالمة آمنة
والادهى والآمر هو استسلام / رضوخ ابوها لكلامهم!
وكأن ابوها عقله منشغل بشيء آخر غيرهم
او كإنه آمن عليها وقص رأس الحيّة التي تحوم بالامس تحت اقدامهم
اغلقت ازارير معطفها الذي يصل الى ركبتها لتحمي نفسها من العاصفة الثلجية المتوقعة اليوم
وهي ترى الساعة تشير الى 6 ونصف مساءًا
الوقت الذي اخبرها كسار انه سيأتي ليأخذها من خلف العمارة من الشباك حتى لا يرؤنها رجال ابيها الذي لم يتركونها وحدها بتوصيات من ابوها .
فتحت شباك المطبخ سمت بالله وهي تعلق شنطتها على كتفها وتخرج قدميها لتثبتها على الديكور
شهقت وهي ترى الارتفاع من شقتها الى الارض
غمضت عيناها بقوة وهي تبكي بخوف وتشتم كسار وافكاره وكأنه متعمد قتلها قبل ان تقتلها العصابة
فتحت عينها اليسرى ببطئ وهي ترى ديكور دورات المياه
مدت رجلها اليسرى ومن ثم اليمنى
تنفست تنفس الصعداء وهي ترى انها لم مازالت تنتفس هواء نقي وهي بالدنيا
لم توضع بقبرها بعد
اكملت بنفس الطريقة الى ديكور شباك الممر الفاصل بين الشقق
بلعت ريقها بصدمة وهي تخرج طرف لسانها تلحس دموعها ببلاهه بعد ما استوعبت انها كيف ستدخل من هذا الشباك ؟
والله لو سقطت من البداية
والآن ميتة ارحم
من ان تنتظر متى ستموت :
الله لا يوفقك ياكسار
عقد كسار حاجبيه بعصبية
وهو يخرج رأسه من جانب الشباك
ليتلاقى مع وجهها الذي يحاذي أطرافه عنقها :
مسكين ذا الكسار
بالرقية والنزلة تدعين عليه
صرخت بخوف
وهي ترآه يخرج في وجهها
ليندفع جسدها الى الخلف
بعد ان فلتت كفيها بفزع
من الذي خرج لها فجاءة
ليمسكها كسار من ذراعيها
بقوة سريعة / غاضبة قبل ان تغيب عن عينيه وتحتضنها الارض
لم يكن جسد ريناد لوحده يرتجف
حتى كفيه كانت تقلل من رجفتها بضغطها بقوة على زندها
تضامنًا مع صدره
الذي يختبئ خلف معطفه يرتفع الى الأعلى تارة وتارة يعود
ليخل بإنتظام انفاسه
كانت يتنفس بسرعة
على الانتحارية المجنونة التي امامه!
افلتت كفيها وكأنها على مرتبة سريرها
وليس ديكور عمارة اشبه بناطحة سحاب
صرخ ليفرغ بها شي مما هو فيه :
انتي مجنونة ولا متخلفة ؟
قايل لك بفتح لك الشباك
ليش تشاهقين يوم شفتيني ؟
سحبها كسار بقوة
اشبه بحملها حتى يدخلها من الشباك الكبير العريض
التابع لدرج الطوارئ بعيدًا عن الأنظار
بعد ما شعر بإن جسدها يرتخي بين يده
من شدة بكاءها
تركها
لتسقط على ركبتها في الارض بقوة
وهي تشهق بوجههٍ اصفر
يداها على ركبتيها
وجهها بالكامل يتضامن مع عيناها المغلقة بقوة حتى برزت صفة اسنانها مع لثتها
كانت الحروف تخرج من شفتيها متقطعة
كل حرف يحاول ان يسبق بأخيه ولا يلحق :
انا مدري شلون سويتها
انا كنت خايفة لا يذبحوني
وبغيت اذبح نفسي
انا كنت بطيح قبل شوي وبموت
تأفف كسار
وهو يتخصر بغضب أعصابه متلفه من امس
اولًا خوفًا منهم
وثانيا من القلق من رفض ذعار ان تبقى في باريس ثالثًا للأمانة التي حملها اياه سياف بإن ريناد في رقبته!
وان فلتت من رقبته سينحره من الوريد الى الوريد والآن هي تبكي على رأسها!
وهذا اكبر بلاء في نظره :
ريناد بلا دلع
المسافة بين مطبخكم والشباك صغيرة
لو كنت ادري ان فيه خطر عليك
ماكنت شجعتك ودخلت الفكرة في راسك
بعدين انا كنت ماسكك
ماكنتي بتموتين
زفر تنهيدة ضجر
وهو يسمع بكاءها بدون اجابة :
رجاءًا انا متفق على موعد
اذا ناوية تكملين صياح
كمليه اذا رجعنا
صرخت ريناد في وجهه بحرقة
وهي تشعر بتخدر اقدامها :
انت ماتحس ؟
الله يأخذك يا رب
صرخ كسار في وجهها بغضب من دلالها الزايد :
امين
بس اخلصي قومي
صرخت ريناد لتقاطع اوامره وهي تشير الى رجليها :
ما اقدر اقوم!
ما احس برجليني
غمض كسار عيونه
وهو يلف بوجهه عنها هامًسا :
يا رب اني ما اعترض على ابتلائي!
ولكن ألطف بي
وصبّ علي صبر أيوب عشان اقدر اتحمل
بس صوت صياحها يا رب بس صوت صياحها
عقدت ريناد حاجبها
وهي تسمع دعاءه لان المكان خالي الا من السلالم! اشبه بالصدى
شعرت بوخز في قلبها
وهي تشعر بإنه يحقر منها في عداءها
لانها تبكي مثل ماكان جلوي يعايرها دايمًا : الباكية
اللقب الذي بالحقيقة أطلقه سياف عليها
وتداوله لتردف بأنكسار :
سبب كل المصائب انت ولا لمتك
وانت حتى صياحي ماقدرت تتحمله ؟
تجاهل كسار كلامها
ولم يستطع ان يتجاهل نبرتها
لا يعلم لماذا أشفق عليها
اردف بهدوء وهو يحاول ان يحافظ على طبقة صوته الليّنة
هي محقة!
فيها مايكفيها مثل مافيه مايكفيه
ان كان يريد منها ان تقدر وضعه
لا بد ان يفعل المثل :
شيء طبيعي ماتحسين برجلينك
ممكن القلب بذل جهد في نقل الدم لجلدك
انا قبل شوي ماتركتك
انتي طحتي من يدي
لان مفاصلي ضعفت من القلق
صرت ما أقوى امسككك
بس شوفيني الحين رجع كل شيء زي ماكان
مسحت ريناد خديها بذراعها
وهي تسمع صوت كسار الذي هدئ
ليكن مثل الكف الحنون
الذي يمسح على شعرها
وبإستسلام وهي تنظر له :
وشلون ؟
جاوبها كسار من ناحية تخصصه بعفوية
وهو يمد كفه
الشيء الوحيد الذي يشتركون سويًا!
ولكن الواضح الآن
انه ستصبح اشياء كثيرة مشتركة
بدايةً من العصابة نهايةً بالتخصص :
في جسمك هرمون الأدرينالين
اذا فرزه في الدم
يسبب لك تغيرات فسيولوجية وكيميائية حيوية وهي تفرز لك هرمون الكورتيزون
اللي يكافح عشان يهيئ جسمك بيولوجيا
ويدافع عن الإرهاق النفسي
لو اقعد مثلك وأصيح ماتحركت من مكاني
بس انا عندي شيء ثاني اشيل همه
ماعندي وقت على الصياح والنياح
وجسمي قاعد يساعدني
جسمك يبغى يساعدك
بس انتي مو قاعدة تساعدينه!
تعمدت ريناد ان تتجاهل كفه الممتدة لها
لانها في الآونة الاخيرة
عرفت تفكير كسار
حتى لو كان هو من مد كفه
لو استجابت لمساعدته ماتستبعد تكون مراوغة ليكسر ذراعها وعذره : تستاهلين من قالك صافحي رجال ؟
فزت بعد ان ثبتت باطن كفيها على الارض
و وقفت
ابتسم كسار وهو يعيد يده الى حضنه آشر على الشباك :
نطلع منه ؟
شهقت ريناد وهي تضربه بشنطتها بحرقة من شماتته لخوفها قبل قليل غير مبالية لضحكاته على شكلها وهو يحاول ان يتفادى ضربات حقبيتها على وجهه :
والله توبة يامتخلف والله واللي يسمع كلامك
/

\
كان وجهه بصلابته
بإتجاهه منتصف الباب تمامًا
لا يسمع الا نغمات قصيرة
تقتحم الصمت الذي لا يحمد عقباه كلما مَرُّوا بطابق
رفع عيناه
ليتركها تراقب شاشة
تشير بأرقام مختلفة بجانب البوابة الحديدية تتصاعد تدريجيًّا
بعد ان حسب ذهنيًا كم طابقًا تجاوزوا
في ظل معمعة أفكاره الداخلية
12 .. 13 ..
هاهِ الان تستقر على 14!
فتحت البوابة مع انتهى النغمة
ليقابله لوحة ذهبية خُطت بالاسود ( طابق رجال الأعمال )
خرج
ليتبعه من خلفه رجله ( صالح ) بنظرهم
وابنه بنظره
وان لم يكن يحمل دم ندى وكنية ذعار
اردف صالح وهو يرأهم يقفون امام الجناح 909 بخوف على ذعار ان تصيبه سكتة قلبية من فرط غضبه من الأمس :
ابو مقرن
صحتك تساوى الدنيا ومافيها
مابعد جابته امه اللي يطولك
ويحط رأسه برأسك
أخرج ذعار الكرت الفضي من جيبه
وهو يمرره على منتصف الباب
ليشير باللون الأخضر
ويردفه فتح القفل اوتوماتيكيًا
وبحسرة لا يخشى ان يراها صالح :
والله جابتها امها ياصالح جابتها!
ماحقروني طويلين الشوارب
جت غزل وحقرتني!
ابتسم صالح
وهو يعرف تفاصيل هذه العلاقة جيدًا :
ماتقوى ياعمي وانت تدري
بس ابليس شاطر
هز ذعار رأسه وهو يغلق الباب خلفه :
خلك قريب
ماراح اطول
من جهة آخرى
تصلبت قامتها
وهي تسمع صوت قفل الباب يُفتح
أغمضت عيناها بقوة
وبلعت ريقها
لعله يروي ماجف من جسدها مهابة/خوفًا/ حبًا
عند شعورها به!
لم تخف من تسائلها عن هوية الداخل
بل كان خوفًا اعظم
لانها تعلم من يستطيع فقط ان يدخل هنا!
من يستطيع
ان يقتحم أسوار غزل الجامح
ولا يبالي بكائن من كائن
هو ذلك وحده من تخر له قوى غزل!
من يمتلكها غير ذعار من ؟
وقفت من ارجوحتها المستقرة
في البلكونة مُطلة على jbr
وهي تعيد بخصلة من شعرها خلف أذنها
لتترك فنجال قهوتها الفرنسية على الطاولة
استجمعت كل قواها
لتلف برأسها
وعيناها تترقب خطوات ذاك الرجل!
الذي شذ عن قاعدة : كلنٍ يأخذ من اسمه نصيب
لتصيبها لعنة اسمه
هي من ذعرت
وهو لم يتحرك به ساكت
كان ذعار يشاركها النظر الى خطواته
دون ان يكلف نفسه العناء
ويرفع رأسه ليرأها
همست غزل
وهي تتقدم ببطئء بعد ان كتمت أنفاسها لوهلة، صفة تشابه بها شادن تمامًا
وكأنها ورثتها لها دون علمها :
والله ماهو أنا ياذعار ماهو أنا!
أبغاك صح بس ما أضر اختي
غبية يوم تركت كل شيء وجيتك
بس مو غبية أضر عيال اختي
وبنتي بين يدك
رفع ذعار رأسه ببطئ اشبه بالبرود
سقطت عيناه التي تشبعت من
الورق ، المشاريع ، البضائع ..
كل مايخص عمله وأفنى له عمره!
ولم تشبع من تلك الأنثى الصاخبة التي امامه، تتمرد على كل النساء كعادتها
حتى في فتنتها
تقف امامه بفستان قطني اسود الى نهاية ساقها، من فوقه شال كبير رمادي تحتمي به من البرد!
لا يأمن مكرها
لا يعلم ان كان فعلًا هي بردانة
او حتى تلين قلبه بالشال
الذي اهداه اياه في عيد ميلادها الـ 44 عام
تكبر لتزداد جمالًا
تكبر لترهق قلبه الفاجر
الذي اختار من كل نساء الارض اخت زوجته!
يعلم انه مخطئ
ولكن غزل خطأُ لذيذ
يعلم انه حرام ومن عظم الحرمة
لم يرضى الدين بجمع أختين
على ذمة رجل واحد
ولكن غزل لذيذة
مثل الشجرة المحرمة!
مد يده ليرمي شماغه بعيدًا
وهو يهمس بقهر :
ودي اصدقك
عشان نفسي مو عشانك!
بس أعرفك ياغزل
صرخ وهو يقترب منها :
ومشكلتي اني أعرفك!
لا بغيتي الشيء
مافيه شيء على وجه الارض يردك
بغتيني
وتركتي وراك زوج وعيال وأهل وسمعة و وطن والاهم من هذا اخت مكسورة!
كله لأنك بغتيني بس ماهمك احد
شلون لا طمعتي فيني ؟
تدرين مايفصل بيني وبينك
الحين الا طلاقي لندى!
شلون تبين اصدق انك ماتسعين وراه ؟
رفعت غزل حاجبها بصدمة
وهي تشير بسبابتها الى نفسها :
تعايرني ياذعار ؟
تعايرني باللي سويته عشانك ؟
الحين صار وراي اخت مكسورة ؟
وينك يوم اني حلوة بعيونك
ماعاقك انك في بيت اخوي
وبين زوجي وزوجتك!
عينك تأكلني بينهم
لا راعيت رجال البيت
ولا اني على ذمة رجال
ولا على ذمتك حرمة
قاطعها ذعار بحدّة
وسالفة أن الخطأ يركبه
مثل مايركب غزل لا يراضاها
هي المخطئة اما انا زلني الشيطان فقط :
ماصار هذا كله
الا يوم لقيت قدامي وحدة خفيفة!
جتني على طبق من ذهب
بدون ما اتعب نفسي
ليش أرفس النعمة ؟
ضحكت غزل
وشيئًا بداخلها يعتصر، يعتصر
حتى انها تشعر بطعم نزيف روحها في حلقها
تشعر بنزيف روحها يبلل قميصها
ضحكت دهشة
بالرجل الآخر الذي امامها!
لم يكن الرجل
الذي أتى بها من السعودية الى دبي
لم يكن الرجل الذي 12 عامًا
يسقيها حبًّا و وعودًا
ان موضوع ندى سينتهي قريبًا
نوعك هذا من الرجال ياذعار لا يرفق بي! :
كذاب!
لا تخيل لي ولك بإني نزوة!
مافيه نزوة تعيش 12 سنة
مافيه نزوة تخليك شهريًا تجي دبي
وتقفل جوالاتك وتوقف شغلك
ولا يقربونك رجالك وطائراتك
عشان تشبع فيني!
صرخت غزل بحرقة
وهي تبكي لا تريد ان تصدق
ان هذا ذعار الحقيقي!
ذعار الذي دايمًا تسمع عن حقارته / نجاسته في سوق العمل يمارسها عليها :
النزوة ماتخليك تربي بنتها في بيتك
ماهو رحمة في الطفلة
لا تكذب علي انا أعرفك ياذعار
تبي في الوقت اللي ماني فيه تحت عينك
تروي ضماك بشادن
غمض ذعار عيناه
لعلها تنجو من بحر تلك العينان التي امامه
يتمنى غرتها التي تسللت من مقدمة جبينها / من شعرها
الذي مازال يتمتع بسواده وكثافته
لتنتهي على حاجبيها
تطول الى عيناها وتخفيها
ولا يراها تنكسر امامه
لماذا يشعر ان حوبة كل من كسر رأسه ذعار
اتت في غزل
لماذا لم يدق قلبه
في سنوات حياته الطويلة!
الا لأنثى واحدة
انثى ابعد من ان يطولها
لماذا حب اخت زوجته ؟
لماذا!
ضربت بكفها صدره العريض
الذي يتسنى لها ان ترمي نفسها
لو كانت في وضع اخر
لو كانت هي زوجته بدًلا من ندى
لم تحب غزل خالد يومًا
ولم يحب ذعار ندى يومًا
لماذا الحياة تسخط عليهم
لترمي نصيبهم على الأشخاص الغير مناسبين ؟
ماذا لو كانت هي زوجة ذعار ؟
وندى زوجة خالد ؟
لا كانت ستكون الحياة اجمل من ذلك بكثير!
هي تحب الجاهه والمنصب والثراء الفاحش ورجل يرضي غرورها بأسمه وحبه
يليق بها ذعار تمامًا
بينما ندى يهمها السلام والحب والعاطفة وتربية الأبناء على المبادئ والاخلاق
تافهه جدًا مثل خالد
أتاها خالد ناقصًا
يحبها ولم يرضي غرورها
لم يتم امر مع خالد
كما كانت تتمنى كل الامور باتت ناقصة!
يريد أبناء
بينما كانت تريد ان تحافظ على جسدها
يريد ان تغرقه حبًّا
بينما كانت تريد ان يغرقها حقائب ومجوهرات لم يملك ربع قيمتها
يريد ويريد ويريد وهي لا تريده! :
غمض عيونك!
معد صرت اشوف نفسي فيها
معد صرت اشوف قدري مثل اول فيها
غمممممضضضض ياذعار لا تستحي!
ولا تتعب نفسك وتقول
تركتك ظ،ظ¢ سنة تقول وتقول وانا ساكتة
جاء وقتي انا اللي بقول
قلت شادن تحت جناحي واللي يضيمها يضيمني واللي بيضيق صدرها بشق لها صدره
واليوم انت تهددني فيها
قلت لك ياذعار انا شاكة سياف يعرف بعلاقتنا من كان صغير وياخوفي يعلم شادن
قلت انا يمينك
والله ماتبقى شادن على ذمته
واليوم اشوف شادن معه ببنت
قلت بتطلق ندى
ولا يهمك تخسر عيالك وكل ماتملك
واليوم مع اول عثرة بعتني
وشريت ندى وعيالك
سكتت غزل
وهي تحاول ان تستجمع انفاسها
الذي انقطعت بنصف حديثها
وهي تبكي! ليختفي صوتها
انحنى ذعار ليقبل رأسها
لتدفعه بكلتا كفيها بقوة غاضبة :
مالمستني 12 سنة
وانا من يدك هذه الى يدك ذي
بتلمسني بعد مابعتني
وصرت ابعد من نجوم السماء لك ؟
عقد ذعار حاجبيه بغضب وغزل استنفذت كل صبره :
تعوذي من ابليس واقصري الشر ياغزل!
دقيتي علي بين عيالي
وانتي تدرين ان المكالمات خط احمر ومشيتها لخاطر هالعيون السود
هددتني بلكاعة قلتي
ياتطلق ندى وتاخذني حليلة
ياتنساني وامرح بندى بس ثق ان مايبقى احد بالسعودية الا وبيدري
تبتزيني انتي اللي مابعد قسى عودك
وانا ادخلك البحر وأطلعك ناشفة ؟
قلت عزيزة وغالية وتمون
تعرضتي لعيالي ومهما تنكرين ما اصدقك قلت غلطة وماتعيدها ابلعها ياذعار
اما تجحدين كل اللي سويته عشانك
هذا اللي ما امشيه ياغزل
صلبت غزل قامتها بحدة وكأن هذه الثواني التي استردت بها انفاسها
اعادت لها صلابتها
وكأنها تقول حذاري يا ذعار
انا من دم أبناء الجامح
حتى وان تخليت عنهم الدم مازال يسري
لتتجبر في كنيتها :
تمشيها يا ذعار ولا ماتمشيها
هذا الكلام فات أوانه
مو بعيدة انت اللي مدبر كل هذا لعيالك
عشان تحطها برأسي
ان كانك تعرفني مرة انا خابزتك عشر
وكلامي للحين في مكانه
انا ما اقعد في محل يزاحمني به احد
يا غزل يا فلا اكون
يا انا ياذعار وبس
يا الوجه من الوجه ابيض
هاهي الآن تخيرني!
هاهي الآن تريد ان اخبرها جهرا
ان قلبي ذبح عند عتبة بابها
ان اخرّ متعريًا من شرقيتي، كبريائي، جبروتي، جلمودي
وارتدي عربديتي
التي لا خمر لها الا انتِ!
هل أخبرتك يومًا انك مسكرة ؟
دون ان تتذوقك شفتيِ!
انتِ مرهقة ياغزل الى حد النخاع!
الا يكفيك انك ربحتي رجل
لم يكن مع احد غيرك، مثل ماهو معك
لماذا انتي متلهبة
طمعًا فيني دايمًا " هل من مزيد ؟ "
همس بهدوء مرتجيًا تلك المتجبرة امامه :
فكري ياغزل فكري!
تقولين انك ماضريتي ندى، صدقتك
بس فكري
شيئًا من ترجيه
وخضوع نبرته ارضى غرورها
ولكن لم يكفيها!
ربما كان يكفيها
قبل 12 عامًا او قبل 5 أعوام
ولكن الان لا شيئًا نهائيًّا
ضربت غزل بكفيها زجاج أبواب البلكونة بغضب حقيقي :
مايهمني صدقت ولا ماصدقت!
انا حامت كبدي بأختصار
الكل قاعد يمشي في حياته
الا انا واقفة على أبوابك
الى ان حضرتك تتكرم علي!
مسح ذعار بكفيه وجهه بهدوء مستسلمًا
لا باس ان كان سيضطر ان يبيع
حتى ملابسه ليشتري رضاها
لا شيء يستحيل على تلك العيون السوداء :
وش بغيتي واعتبريه جاك
مايغلى عليك شيء
رفعت غزل حاجبها بتحدي :
يعني نقول قريبًا ندى بتكون طليقتك بالثلاث ؟
اقشعر جسده
وهو يتخيل لوهلة ان ندى ستصبح محرمة عليه!
لا يهاب بحياته شيئًا قط
كيف لكلمة " طالق " ان تجعله يتراعد من فكرتها فقط
رد بقوة وحشية رافضًا اياه :
طلاق هذه الفترة انسي!
ما اقدر ياغزل افهميني
بس هذه الفترة اصبري
ابتعدت غزل خطوتين الى الخلف :
اسمحي لي!
كان بيدك فرصة وانت ضيعتها
انا انتظرك 12 سنة
تركت وراي كل شيء
عشان اثبت لك اني احبك
ولا حبيت مستعدة أشق جبل واقطع نهر واوطى النار
واقول جعل حروقي فدى!
عشان أوصل لك
بينما انت مستخسر كلمة وحدة
تثبت فيها حبك لي
انساني ياذعار
الغبية المغلفة اللي عاشت سنين شبابها ومراهقتها وكبرها تنتظرك
ودّعها
لان اليوم اخر يوم تلمحها عينك
صرخ فيها ذعار بحرقة
وهو يسمعها تتركه وتذهب
هو بدونها يضيع/ ينهار/ يموت
لا شيء بعدها يستحق ان ينتظر صباح يوم آخر :
انتي بعقلك شيء ؟
كل هذا ماتشوفينه حب!
ياطلاق ياما احبك وش خليتي للمراهقين ؟
صرخت فيه غزل بقهر بصيرة
توها تصحى بعد سبات أعوام :
انت اللي بعقلك شيء ؟
وين بتلقى وحدة تصبر عليك ظ،ظ¢ سنة ؟
وش خلاني اترك خالد واجيك!
وش خلاني اترك اهلي واجيك ؟
كلهم كانوا يحبوني!
بس قدرت اتركهم
لأن الحب عمره ماكان سبب كافي
لو انك شاطر ياذعار
كان قدرت تفهم أسبابي من وقت طويل
ضحك ذعار بتهكم
وهو يحاول ان يسدل ستارًا
نسج من خصلات شعرها على حزنه :
ما تقدرين
انتي أضعف مما تتخيلين
تموتين بدوني!
متوقعة سلطان بعد كل الوقت يبغاك ؟
زين مايقص رقبتك ويصلبك عضة لكل المراهقات
تتوقعين خالد
قاعد يبكي على الاطلال
ينتظر حرمته الموقرة ترجع له درة مصونة
عشان ياخذها بالاحضان ؟
تتوقعين عيالك
قاعدين ينتظرونك على باب غرفتك
عشان تطلعين لهم
وتقولين هذا كان كابوس
تعالوا لحضن أمكم اللي ماتخليكم ؟
تتوقعين ندى بتقول تعالي منهم لي
ولك عين لحاف ولك عين وسادة ؟
انتي خسرتي كل شيء
لا تخسريني
عشان تطلعين من هاللعبة بأقل الخسائر
ضحكت غزل
متجاهله حقيقة كلامه
وهي متوجه الى غرفة نومها
لتحزم حقائبها :
خسارتك الآن
صدقني هي اثمن ارباحي!
/

\

/
خرجت من دورات المياه
بعد ما استبدلت تيورها بقميص نوم
وهي تحرر شعرها من الربطة
دخلت في سريرها، لتستند على ظهر السرير
وهي ترى سلطان مستلقي
وعيناه في السقف
بملامح بانت بين تقسيماتها الهم!
همست عريب بهدوء ويدها تحت خدها :
عسى ماشر ؟
وش اللي ماخلاك تنام ؟
اغلق سلطان عيناه
وهو يزفر تنهيدة هم!
لن يخبرها ان هذه الليلة ليلة ترف
ورفضته ان ينام لديها
يحترم زعلها الذي زاد عن حده في نظره
ولكن يخاف عذاب الله من انه لم يعدل بينهم :
حارق قلبي بعد كل هالسنين
صار مالي قدر ولا كلمة على عيالي وعيالهم
اول لا صرخت بسيّاف يتراعد من صرختي
وثنيان يومين يغيب عن عيني في بيتهم
عشان ما اذكر اني هشته
واليوم أترجاهم ترجي يتفككون
ويتركون حركات عيال الشوارع والمصبنة!
ويتكلم كل واحد بلسانه
زي الرجاجيل بالمجالس ومحد لقاني وجه
بعد هالعمر كله عيالي وعيالهم يتطاقون قدامي! ولا هان على واحد منهم يعتذر لي ويطيب خاطري
مدت عريب يدها بحنية
وهي تمسح على كتفه :
ماصار الا الخير!
تصير بأحسن العوائل
وانت مضيق ومكدر خاطرك
ولا تدري وش السبب اللي خلاهم يتذابحون فوق بعض
لا تزعل عليهم وبس
اعرف السبب ياسلطان
وخل النفوس تتصافى
اجمعهم بكرة وشف
وش حد سياف على ولد اخوه
اللي مفروض بمثابة ولده
اكيد معه عذره
هز سلطان راسه بهدوء برضا عن كلام عريب.
وضع راسه على مخدته
وهو مصمم انه سينتظر سياف بعد صلاة الفجر ليخبره بقراره
/

\

/
وقفت سيارة التاكسي أمام المكان المحدد!
حارة شبيه بالأزقة من ضيق حجمها
لا تكفي لمرور اكثر من سيارة.
كسار الذي كان بالمرتبة بجانب السائق
اخرج من محفظته 55 يورو
قيمة المشوار بضيق من بذخ أسعار باريس
حتى في سيارات اجرتهم
همس بالعربية لريناد خلفه :
يالله انزلي!
هم ينتظرونا هنا
بلعت ريناد ريقها بخوف
وهي تتأمل الحارة المظلمة :
لا ننزل لين يطلعون قدامنا
المنطقة تخوف
فتح كسار الباب بتجاهل
لاقتراح ريناد :
سمي بالله وانزلي ولا يكثر
أغلقوا البيبان من خلفهم
لف على ريناد بنبرة تحذير حادة :
اسمعي! مهما يصير لا يطيح لسانك على لسانهم، خلك وراي ومعي ومهما يسوون فيني ولا يقولون
لا تطيعينهم ابدًا
ولا صار شيء وقدرتي تهربين
روحي وماعليك مني
واتصلي بالسفارة على طول
وقولي لهم القصة
واتصلي على سياف مناك
كش شعر جلدها من تخيلات كسار!
الى ماذا يلمح يالله ؟
اردفت ريناد بترجي
قبل ان تخر عيناها بالبكاء :
كسار اذا فيه بعد
وانت مخبي عني
ماهو وقته والله العظيم صبيت عظامي بكلامك
تأفف كسار بداخله
على توقيت كلامه الخاطئ!
لماذا ينسى بكل مرة
ان هذه اللي قدّامه ماينقال لها شيء
ردد بداخله قبل ان يردف بتهكم " ياليت ابو جهل موجود! " :
مافيه شيء بس قلت احتياطًا
لو اني داري انك مابتقصرين
حتى لو تقدرين تساعديني
بتحطين رجلك وماعليك مني
مسك كسار معصمها بقوة
وهو يعيدها خلفه عندما رأى رجلان يمشون باتجاهه
وبجانبهم شاحنة مغلقة تمشي ببطئ!
ضحك ع¤يليب
وهو يرى حركة كسار وبالفرنسية :
لا بأس!
لن نأكلها
تمنى كسار ان يسدد له لكمة
تطيح بها صفة اسنانه
لعله يبرد حرته بعد نظراته وحركاته القذر
ايّام السجن!
ولكن مابيده حيلة
الآن سلامته وسلامة التي خلفه تحت يده
وعقله يردد حتى يخفف عليه حرقته " ان كانت عند للكلب، قل له ياسيدي "
تجاهل تهكمه وهو يردف :
ماذا تريدون ؟
آشر ع¤يليب على الشاحنة بجانبه :
توجد هنا شحنة بين كومة التبن!
ستختبون خلفها جالسين
عندما تصلون الى نقطة التفتيش
لن يستطيعون الدخول بينهم
ولكن سيرونكم لو كنتم واقفين
ولكن سيمررون عصا طويلة
حتى يتأكدون لا شيء بينها
عليكم تفادي أعصيتهم
او سنتبرئ منكم اذا كشفوكم
وسنقول بإنكم لاجئين تتهربون من دفع الضرائب لدخول البلد دخول غير قانونيًا
قاطعه كسار بلا مبالاه لكل هذه المقدمات :
ماذا سنفعل بالضبط ؟
امال ع¤يليب رأسه قليلًا
وهو يحاول ان يسترق النظر الى ريناد بخبث :
ايتها الجميلة
هل ستبخلين بنظرة ؟
رص كسار بأسنانه على بعضها
وهو يدفع بريناد من خاصرتها بقوة خلفه زيادة! حتى لم يظهر منها طرف لأعين ع¤يليب :
لا تختبر صبري!
لا يوجد اسوء مني ان غضبت
وقتها لا صور ولا غيرها يستطيع ان يوقفني
ضحك ع¤يليب بسخرية
وهو يمشي تاركهم خلفه :
توجد بضاعة معكم
ستوصلونها الى مستودع يبعد عن المدينة ثلاث ساعات
ومن ثم تعودون فقط
رفع كسار صوته بتساؤل حاد :
ومن ثم ينتهي كل الذي بينا ؟
وقف ع¤يليب وهو يسمع سؤاله!
ضحك بسخرية :
سنرى فيما بعد
نزل السائق من مركبته
وهو يفتح باب الشاحنة الحديدي الكبير
ليدفع بعضه بصعوبة
بحيث يستطيعون ان يركبون حوض الشاحنة من خلالها
تقدمت ريناد على كسار
حتى تركب قبله
مسكها كسار بقوة غاضبة!
ومازالت يده ترجف
من غضبه من حقارة ع¤يليب :
اصبري!
لا تركبين قبلي ما ادري وش جوا
ولا تنتظرين اركب
ما اضمن تركبين معي ولا لا
بنركب سوا


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 12:00 AM   #30

nessrine noussa
 
الصورة الرمزية nessrine noussa

? العضوٌ??? » 421593
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 176
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » nessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond reputenessrine noussa has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
¬» اشجع ahli
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

nessrine noussa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.