آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          غسق الماضي * مكتملة * (الكاتـب : ريما نون - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          رغبة التنين (1) للكاتبة: Kristin Miller (رواية خيالية قصيرة) .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree74Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-08-19, 11:52 AM   #521

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,721
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي


حمدلله على سلامتك سيا أشتقنالك كتيررر ❤
عودة جديدة لأبطالنا وأحداث حاسمة
أفنان المجنونة مازالت مصرة على الرفض
رغم تمسك عامر بها
شمس مازالت تعانى مماحدث لها لكن معاوية بجانبها
سند وحامى حتى تتجاوز أثار محنتها
ماريا وجدت فى وليد حنان الأب ويزداد القرب بينهم يوماً عن يوم
سلمت أناملك حبيبتى 🌷🌷


سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 30-08-19, 05:59 PM   #522

affx

? العضوٌ??? » 407041
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 733
?  نُقآطِيْ » affx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond repute
افتراضي

معاوية بشخصيته الحنونة حيقدر يطلع شمس من حالتها ويساعدها لتنسى اللي صار ..🖤🖤
وليد وماريا ما احلاهم كنييير بحب حب واهتمام وليد بماريا ومشاعرها واكيد حيعوضها عن كل شي صار فيها بتمنى بسرعة تتزوجوا وتترك امها البومة .😎😎
افنان هل البنت ما بطيقها غبية وهبلة خسارة عامر يتزوجها 🤦🏻‍♀️🤦🏻‍♀️


affx غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-19, 02:11 AM   #523

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

عودا احمد ياجميل وحشتينا

شمس طلعت من تجربة خطفها والحقائق اللى عرفتها عن موت اهلها مصدومة ومدمرة ... عمها حاول يحميها زمان من صدمتها فى موته بس للأسف دلوقتى الماضى اتكشف وهى مدمرة نفسيا اتمنى تفتح قلبها لمعاوية عشان يساعدها تتجاوز اللى حصل

افنان لسه عايشه فى ذنبها ومصرة تبعد عامر عن حياتها اتمنى ما يستسلمش بسهولة

ماريا ووليد علاقتهم كل يوم بتبقى اجمل

تسلم ايدك ياسيا


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 01-09-19, 12:08 PM   #524

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
عودا احمد ياجميل وحشتينا

شمس طلعت من تجربة خطفها والحقائق اللى عرفتها عن موت اهلها مصدومة ومدمرة ... عمها حاول يحميها زمان من صدمتها فى موته بس للأسف دلوقتى الماضى اتكشف وهى مدمرة نفسيا اتمنى تفتح قلبها لمعاوية عشان يساعدها تتجاوز اللى حصل

افنان لسه عايشه فى ذنبها ومصرة تبعد عامر عن حياتها اتمنى ما يستسلمش بسهولة

ماريا ووليد علاقتهم كل يوم بتبقى اجمل

تسلم ايدك ياسيا
بالفعل أدق وصف لحالة شمس إنها مدمرة نفسيًا
من جهة صدمتها بالحقائق اللي عرفتها... ومن جهة ثانية اللي صار لها على ايد غسان مو سهل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-19, 11:45 AM   #525

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل الثامن عشر



" نُرشد التائهين ولا نعرف كيف نُغادر المتاهة."

وقفت أفنان أمام باب البيت الضخم بأسواره العالية وارتفاعه الشامخ وكأنه يتحدى أي شخص نيته أن يدمره أو يؤذي من بداخله... هو ذات البيت التي وقفت أمامه قبل فترة ترتجف رعبًا وضعفًا وهي تفكر بالمواجهة المحتومة... لكنها الآن تتأمله وداخلها تُبث قوة عجيبة لا تعرف من أين جاءت... قوة حقيقية مختلفة تمامًا عن تلك القوة التي كانت تدعيها... ربما جاءت من نظرات عامر ليلة أمس وهو يتجاهلها تمامًا عندما مر من جانبها صدفة وكأنها مجرد ريح عابرة... أو ربما جاءت من جلستها مع نفسها ببيت عمها تفكر وتفكر وتسأل نفسها الضعيفة لماذا فعلت بها هذا وخذلتها.... أو ربما من أمور كثيرة خزنتها بقلبها وعقلها على مدار سنوات فجاء وقتها لتخرج وتعبر عن نفسها...
لكن ما تدركه أكثر من أي شيء أنها كانت بكامل وعيها وشجاعتها وهي تأتي لهنا مرة أخرى...!
بهدوء وصلابة رفعت نظراتها للحارس الضخم الذي يقف أمامها وقالت :
" أريد أن أدخل..."

نظر لها الرجل نظرات مرتابة ثم قال :
" سأخبر السيدة علياء أولًا..."

ابتسمت بتهكم... كالعادة ما زالت خالتها تطوق نفسها بقيود حديدية وكأنها تخشى من أي لمسة تفسد العالم الذي بنته لها وأجبرت كل من ترتبط به عليه.... ذهب الحارس من أمامها ثم عاد بعد خمس دقائق يخبرها باقتضاب أن تتفضل....
دخلت البيت ووقفت تتأمل الصالون الواسع الأشبه بقاعة كبيرة.... كان مختلفًا عما تذكره بطفولتها... جدرانه بلون مختلف... وأثاثه يختلف أيضًا...تغير تمامًا ولم يعد يحمل أي رائحة من سنوات مضت...

" أراكِ قد هللتِ علينا مرة أخرى...."

استدارت للصوت القاسي بسرعة وتأملت تلك الملامح الأقسى التي تحمل لمحة ليست بالقليلة من ملامح والدتها... يا للعجب!... كيف يمكن أن يتشابه وجه والدتها فائض الحنان والرقة بملامح خالتها الجامدة!
أسبلت أهدابها وتكتفت متمتمة :
" أهلًا خالتي.. كيف حالك... "

هدر صوت علياء بجبروته المعروف متجاهلة حتى أن تبادلها التحية :
" ماذا تريدين.."

تأملتها بصمت ووجهها هادئ فتقدمت علياء منها ثم أردفت بغضب واضح :
" كنت صريحة معك عندما أخبرتك أنني لا أريد رؤية وجهك مرة أخرى... فلمَ عدتِ الآن!... ألهذهِ الدرجة لا تملكين أي ذرة كرامة..."

لعجبها المستمر لم تغضب أو حتى تحزن من كلامها المهين بل لم تطرف عينيها عن النظر بقوة لعيني خالتها ثم خرج السؤال من فمها بتلقائية :
" لماذا تكرهينني... "

بدت علياء وكأنها أُخذت على حين غرة... تراجعت للخلف بحركة حادة ثم رمقتها ببرود قائلة :
" جدي الإجابة بنفسك..."

أوجعها أن خالتها لم تنكره كرهها... لم تنكره حقًا... ابتسمت ابتسامة باهتة وهمست :
" أريدها منك..."

بلحظة خاطفة أمسكت علياء ذراعها تشد عليه بقوة شديدة قائلة بفحيح تهديدي :
" عودي لأهلك أفنان... إن كنتِ تظنين بأنك تستطيعين إعادة علاقة كانت مبتورة من الأساس فأنتِ واهمة.... علاقتك التافهة بماريا انتهت وسأحرص على ألا تعود أبدًا.. فأنا لا أريد أن أرى ابنتي تتطبع بطباعك وضعفك البشع هذا... يكفيها ما حصل لها بسببك"

كانت تنظر لجانب وجهها ذاهلة ثم قالت بنفس ذات الذهول وعدم التصديق :
" من يسمع كلامك يظن بأنني قتلت لكِ أحدًا... "

صرخت علياء وهي تهز ذراعها :
" لقد تسببتِ بإعاقة ماريا... أليس هذا كافيًا.. "

لتهمس أفنان :
" لن أصدقك بعد الآن... "

تهتف علياء بقسوة وهي تشد وتحفر أصابعها ببشرة الذراعها المحمية بقماش القميص الخفيف :
" ماذا.... "

كانت لحظة رهيبة بينهما والكلام يخرج من فم أفنان بلا شعور... يخرج بمرارة السنوات التي خزنته داخلها حتى تقرح وتعفن وازكمت رائحته قلبها الموجوع :
" لن أصدقك بعد الآن... لن أصدق اتهامك لي بأنني السبب... لن أصدق واستسلم وأهرب أتجرع هذا الذنب دقيقة بعد دقيقة... ثانية بعد ثانية.... أجلد فيها نفسي وأتمنى لها الموت اليوم قبل غدًا بينما أنتِ تجلسين هنا مطمئنة خالية البال وكل خططك تسير على أكمل وجه.... شركة كبيرة... بيت أكبر... أبناء يمشون على المسطرة دون انحراف... وإن شعرتِ بأن قدمهم زلت ولو قليلًا ماذا تفعلين... "

صمت بثانية وهي ترفع أصبعها المرتجف وتشير لنفسها متابعة كلامها بكل حرقة :
" تبترين سبب الزلة... أنا لم أكن إلا مجرد طفلة تعلقت بابنة خالتها واحبتها كأنها أختها التي لم تنجبها والدتها... تحملت نظراتك وقسوتك وكرهك الغريب لي فقط من أجل أن أبقى بجانب ماريا.... لتستغلين أول صدمة حدثت لي وتلفظيني خارجًا... ليس أنا فقط بل والديّ أيضًا... وكل هذا بسبب ماذا... بسبب أنكِ مريضة بحب السيطرة... بحب المال.. بحب الارتفاع فوقًا دون توقف.. حتى لو قضيتِ على كل من يمر بطريقك فهذا لا يهم... "

صمتت تنهت وهي تستشعر طعم المرارة في فمها.. وكأن حقًا العفن يخرج ويزيل الكتمة عن صدرها... ترنحت قليلًا وهي ترفع نظراتها لخالتها الشاحبة شحوب الموتى ثم همست بضعف :
" هل تعرفين حقًا ماذا حصل يومها... هل رأيتني بأم عينيكِ أدفع ماريا عن السطح أو حتى أحثها على أن تتسلقه.... هل تدري حتى لماذا صعدنا على السطح أصلًا..."

جاء رد علياء بكلمة واحدة كانت القاضية :
" لا..."

لتجد نفسها تنهار بصراخ متوجع ودموعها تتدفق من عينيها أخيراً :
" لماذا فعلتِ بي هذا... كان يمكنك نفيي بأي طريقة إلا هذه الطريقة... إلا تحميلي ذنب كنت أصغر من أقدر على حمله... إلا جعلي أعيش وأكبر على فكرة واحدة... أنني مجرمة.."

تكلمت علياء بكبرياء تحاول أن تعاود التمسك به بعد أن هرب منها كارهًا :
" كنت أحاول حماية ابنتي.. هل تفهمين ماذا يعني ابنتي... "

ارتفعت شفتا أفنان بسخرية وهي تقول بمنتهى الصراحة ودموعها لم تتوقف :
" أرجوكِ.. لا تحاولي ادعاء أمومة لا تشعرين بها حقًا... "

صوت الصفعة القاسية تردد صداه بالصالة الفارغة إلا منهما والذي ترافق ولسوء الحظ مع دخول ماريا تبتسم بانشراح بجانبها وليد وطفلة الصغير... توقفت بغتة وعبست وهي تسأل وليد المصدوم :
" ما هذا الصوت.. ماذا حدث... "

رمش وليد باضطراب وهو ينظر لعلياء التي رآها بوضوح تصفع فتاة لا يعرفها لكنها تبدو بعمر ماريا ... التفتا الاثنتان إليهم بصدمة بينما هو رد بتوتر :
" لا.. لا شيء حدث..."

ثم حاول أن يصبغ على نبرته الهدوء وهو يردف موجهًا كلامه لعياء :
" مرحبًا... لقد عدنا..."

عقدت ماريا حاجبيها تستشعر وجود خطبًا ما ثم أفلتت كفها من كف وليد ووالدتها ترد وهي تجاهد لاستعادة ثباتها :
" أهلًا.. تفضل وليد أجلس لا تبقى واقفًا... "

كانت أفنان تقف بتخاذل وكفها تستريح على وجنتها المصفوعة بينما تنظر لهم بتشتت حتى وقعت نظراتها على ذلك الرجل الذي كان بدوره ينظر لها بفضول واشفاق.... شعرت بالخزي فاطرقت برأسها تتمنى أن تنشق الأرض بمعجزة وتبتلعها.... كيف ستخرج من هنا... حقًا تحتاج معجزة...

لم يتحرك أحد حتى مع محاولات علياء للسيطرة على الوضع إلا أن ماريا قالت بثبات :
" من هنا يا أمي؟ ..."

تقدمت أفنان وقد قررت أخيرًا الظهور قائلة بنبرة غلفتها بأقصى هدوء لا تملكه :
" أنا أفنان... كيف حالك ماريا..."

بدت ابنة خالتها مندهشة بشدة وهي تتعرف على صوتها ثم تقدمت منها حتى أمسكت بكفها تهتف :
" أفنان... أنتِ هنا!... لقد ظنتتك...ظننتك... "

ثم تقلصت ملامح وجهها بألم وصمتت بينما يدها تشد عليها بتشبث... بدت مصدومة لكن بفرح وكأن ظنونها السيئة قد خابت.... ابتسمت أفنان ابتسامة متشنجة ثم قالت بعجلة واعتذار :
" ماريا أنا آسفة ولكن لقد طرأ أمر مهم ويجب أن يذهب الآن... سأتصل بكِ... "

وقفت ماريا عاجزة وهي تصغي لخطوات أفنان المبتعدة... ثم رفعت رأسها مقررة أن تتغاضى الآن عما تريد أن تسأل عنه.... ماذا كانت تفعل أفنان هنا.. وما هذا الصوت الذي سمعته... سمعها لا يخيب أبدًا وهي متأكدة إنها سمعت صوت يشبه الصفعة.... هي متأكدة...
تكلمت بهدوء رغم ملامحها المعقدة :
" تفضل وليد..."

سار معها وليد يملئه الحج مما رآه لكنه لم يشئ أن يستأذن ويغادر فربما يحزن ماريا التي بدأت تأخذ وتعطي معه دون أن واجهتها الباردة المتهمة دائمًا.... تركتهم علياء تتمتم بما لم يسمعه والغضب يبدو على وجهها... فجلس جانب ماريا يهمس بإذن ابنه الذي توتر من الجو حتى استرخى بجانبه يغمض عينيه بنعاس... استدار لماريا التي قالت بشرود :
" إنها ابنة خالتي... أفنان.."

قطب بفضول أكبر لكنه لم ينطق لتتابع بشيٍء من الغضب :
" لقد عادت إلى البلد بعد عشر سنوات... مفاجئ صحيح؟!.."

وجد نفسه يسأل وهو ينظر لعينيها المتباعدتين :
" لماذا..."

وبدلًا من الإجابة سألته سؤال صدمه :
" هل سألت نفسك لماذا أنا بهذه الحالة..؟"

رفع كفه ومررها على خدها بلمسات ناعمة مترددة قبل أن يهمس :
" وإن سألتك أنتِ... هل ستجيبين "

بقيت صامتة وشفتاها ترتعشان بألم فابتسم متمنيًا بل مترجيًا أن يأتي اليوم الذي تخبره فيه بكل شيء بكامل إرادتها....

*************************

طرقت الباب بتردد قبل أن تسمع صوته القوي وهو يسمح لها بالدخول... شيء غريب أنها تضطر لتستأذن للدخول لمكتب زوجها حتى وهو بمنزلهما... لكنها اعتادت على أوامره وتسلطه حتى لو كان يترك بها أثر مؤلم... لا بأس لقد اعتادت كما اعتادت على كل تصرفاته دون أن تجد فيها ذرة من الشجاعة لترفضها!
دخلت الغرفة وأغلقت البابا خلفها وهي تتأمله بصمت... لم يعيرها أدنى نظرة وهو منكب على الأوراق أمامه... تقدمت منه ببطء تناديه بخفوت :
" مصعب..."

قال ببرود :
" نعم.."

ابتلعت ريقها وجلست على المقعد أمامه تقول بتلكؤ :
" هل ستظل مشغولًا طوال الوقت..؟"
تنازل ورفع نظره لها فتتأثر ككل مرة من وسامته... نعم زوجها وسيم.. قوي البنية ذو ملامح خطفت قلبها منذ أول مرة رأته... لكن يبقى قلبه الذي يخالف كل شيء فيه... قلبه قاسٍ كقساوة البلاط تحتها وهي بذلت كل ما تملكه من جهد حتى تلينه ولو قليلًا... حتى تجعله يميل إليها... لكن انتهى الأمر بها منزوعة الكرامة... تُذل كل دقيقة دون أن تتشكى.. ودون أن تجد من تشكي إليه حتى!

" لماذا تسألين... هل هنالك مشكلة.."

نطق تلك الكلمات بصلابته المعتادة فقالت بتعثر :
" لا أبدًا... كنت أفكر بأن نذهب لنرى لبيت عائلتي... مضى زمن لم أزرهم ... اشتقت لهم..."

تأمل ضعفها بسخرية ونفور تام قبل أن يردون بجفاء :
" اذهبي لوحدك... لست متفرغًا لجنابك... "

همست بنبرة متوسلة :
" ألا تستطيع أن ترافقني... لن نتأخر"

فاض به الأمر وهو يشعر أنه لا يطيق النظر لوجهها هذا اليوم فضرب بقضبته على المكتب مما جعلها تنتفض ثم هتف بغضب :
" لا تجعلينني أفقد أعصابي.... أخبرتك بأن تذهبي لوحدك... هل يعمل عقلك الصغير ليستوعب هذه الجملة أم لا"

امتقع وجهها واصفر وهي تستمع لكلامه المهين ثم وقفت على قدميها تقول بنبرات تتقطع من البكاء المكبوت قبل أن تغادر الغرفة :
" حسنًا.. اعتذر..."

دلك رأسه بعصبية وغضب شديد... كل شيء يصير ضد مخططاته... ماريا تضيع منه بسبب ذلك الحقير وليد... وزوجته الضعيفة تلتصق به رغم كل شيء يفعله... جبانة تثير فيه النفور... لم يحبها يومًا... كانت عكس ماريا بكل شيء... ماريا القوية الشجاعة التي وقفت بشموخ حتى في أضعف حالاتها... يتخيل لو ما حصل لها قد حصل لمايا... هه... ربما لن تستحمل أن تعيش دقيقة...
ضرب قبضته عدة مرات على المكتب ينفث غضبًا حاقدًا... لماذا يجب أن يحصل عليها وليد... لقد أحبها قبله... عشقها قبله... واستحمل الكثير فقط من أجلها.. لماذا!... لماذا!

وقف وغادر المكتب بخطوات هائجة ليدخل الغرفة ويجد مايا تجلس باكية على السرير... قال بقسوة وهو يفتح الخزانة :
" انهضي سنذهب معًا..."

نظرت له بذهول وهي جامدة مكانها فصرخ بنفاذ صبر :
" انهضي يا امرأة...."

*******************

تمضي الأيام عليه متشابهة... نفس ذات التوتر الذي يشعره عند كل نوبة انهيار لشمس... نفس ذات الراحة القصيرة عندما تهدأ وتستجيب له أو حتى عندما يراها تتناول طعامها دون رفض... ونفس ذات الألم عندما ينفرد بنفسه آخر الليل يسترجع المشهد عندما رآها.. ممتهنة ترتجف رعبًا وألمًا بينما الدماء تحيطها من كل اتجاه في تلك الغرفة الباردة... شمس... شمس بالذات لم يتخيل أن يراها يومًا بهذه الصورة... بل دائمًا كان يراها نقية تلتف حولها هالة من البياض... بياض فقط دون دم!

تنهد عاجزًا عن النوم ليقرر الخروج لشرفة المنزل الصغيرة المستأجر... كانت تختلف عن شرفة منزلهم.. لكن لا بأس بها..
خرج من الغرفة وتوجه نحوها ظانًا أن الجميع نائم إلاه.... إلا أنه تفاجئ بشمس تجلس هناك بشرود... وقف عند الباب يتأملها صامتًا وملامحه تتغضن بألم ثم تقدم نحوها سائلًا بدفء :
" شمس... أما زلتِ مستيقظة..."

أجفلت قليلًا وهي تلتفت له فابتسم باعتذار لتهمس هي :
" لم أستطع النوم..."

تقدم منها وجلس بجانبها يلامس قدمها المجبورة هامسًا كهمسها :
" أنا أيضًا.... هل أصبحت قدمك بخير أم لا تزال تؤلمك..."
تطلعت معه لقدمها لكن نظراتها تشوبها المرارة بينما ترد :
" بخير..الحمد لله"

تمتم بالحمد وهو يرفع بصره لوجهها الحبيب... لونه الطبيعي قد عاد له وقد اختفى الشحوب الدائم... بينما شعرها مسبل على كتفيها بنعومة... رفع كفه ولامس شعرها بعطف :
" لقد طال شعرك...."

هزت رأسها بينما انزلق كفه لبشرة وجهها يتلمسها ومشاعره تتحول بشكل عجيب حتى على نفسه... اقترب برأسه يضع جبينه على جبينها والحروف تخرج منه بحرارة :
" اشتقت لكِ... وخفت عليكِ أكثر...ظننت بأنكِ ستذهبين للأبد... تتركيني دون... دون أن أخبرك بكم أحبك... وبكم روحي متعلقة بكِ..."

كانت تشهق بوجع لا يطاق وهو يستمر باعترافاته وشفتيه تطبع قبلات صغيرة على وجهها :
" أنا آسف... آسف جدًا لأنك مررتِ بكل هذا... آسف...اقسم بأنني آسف... "

لم تستطع منعه وهو يقبل شفتيها بقوة... كفها على صدره بدلًا من أن تحاول ردعه تمسكت بقميصه ....ذابت بقبلته وطوفان مشاعره ابتلعها ثم شعرت به يبتعد ويخفي وجهه برقبته وذراعاه تضمانها لصدره أكثر... لاهثة متخمًا همس :
" سأبقى هكذا... قليلًا فقط... "

رفعت ذراعيها وأحاطت ظهره فارتجف جسده ... توجعها معاناته ويوجعها أكثر أنها السبب ولا تملك حتى أن تفعل شيئًا...
بعد دقائق قليلة رفع رأسه ونظر لها بعينيه الحمراوين بدموع محبوسة... ثم قال يؤكد لنفسه قبلها :
" ستكونين بخير... سنكون بخير "

وافقته بهزة من رأسها وابتسامة تختلط بدمعة فتآوه وهو يعود ليقبلها باستجداء أن تطمأنه...تمنح قلبه ذرة اطمئنان فقط!

***********************

بعد أسبوع...

تهتز قدمها بتوتر وأصابعها التي تضغط بهم باستمرار على لوحة المفاتيح تتشنجا بتوتر أكبر بينما نظراتها تدور حول القسم الذي انقلب رأسًا على عقب.... الموظفون يتراكضون من مكتب لمكتب... يعملون بسرعة كبيرة طبقًا لأوامر ابن الرئيس الغاضب!
لقد سافر رئيس الشركة في رحلة عمل واستلم مكانه ابنه.... عامر... العمل ومن أول لحظة استلمه بها وكأنه قنبلة وانفجرت في الشركة... غضب ساطع كالبركان أنزله على الجميع وهو يتابع العمل بدقة... غاضبًا من تكاسل وتجاهل البعض.... وهي منذ أن استشعرت منه كل هذه الطاقة السلبية التزمت مكتبها تعمل دون أن تتحرك حتى نهاية اليوم ثم تغادر بهدوء تام... تتحاشى حتى أن يلمحها
الجميع بالشركة مذهول من تعامل السيد عامر الغريب... فهو معروف بلطفه وهدوءه فكيف تحول لهذا الهيجان بيوم وليلة!

طرقة خفيفة على الكتب جعلتها تنتفض فرفعت رأسها لزميلتها التي قالت بعجلة وهي تمدها بعدة أوراق :
" أفنان.. اذهبي الآن لمكتب السيد عامر حتى يوقع هذه الأوراق..."

شحب وجهها وتراجعت تقول باعتراض متعثر :
" ماذا... أنا.. أنا مشغولة فليذهب أحدًا آخر... مشغولة جدًا"

عبست الفتاة ووضعت الأوراق على المكتب أمامها قائلة بتجاهل تام لاعتراضها :
" هيا اذهبي... جميعنا مشغولون "

أمسكت الورق بيدها تنظر لابتعاد الفتاة الباردة فم مفتوح وقلب يرتجف ثم وقفت على قدميها تتحرك إلى الخارج بتردد وخطواتها تتراجع قبل أن تتقدم...
فور أن رأتها السكرتيرة سمحت لها بالدخول فورًا... فطرقت الباب ودخلت لتتوقف هناك كالصنم ويديها ترتعشان...

" تقدمي..."

اهتز قلبها من سماعها لصوته.. لقد اشتاقت لصوته... اشتاقت له كله وهي أضعف من أن تنكر هذا...
رفع نظراته لها... نظرات جامدة بلا أي تعبير... لكنه لا يستطيع أن يخفي الألم عنها.... ألم سببته هي.... أطرقت برأسها وتقدمت منه تمد يدها بالأوراق قائلة بصوت منخفض :
" تفضل... هذه الأوراق تحتاج لتوقيعك...."

لم يقدم على أي حركة... يستمر بالنظر لها بهذه الطريقة التي تؤلمها وفمه مزموم بحنق بينما تتهرب منه بحدقتيها... مد كفه وأخذهم منها يقرؤهم بصمت... بالحقيقة أخذ وقت أكثر من اللازم فبدأت تتململ ليقول :
" اجلسي..."

رفضت وهي تبعد نظراتها عنه :
" لا شكرًا... "
وكأنها رفضه قد أثار بركانه مرة أخرى... أوقع ما بيده بحدة وصرخ :
" لقد قلت لكِ اجلسي.. لمَ يجب أن تعانديني بكل شيء..."

جلست تغالب ارتعاش جسدها ونزول دموعها وهي تطرق برأسها ليعود ويهتف :
" اللعنة... اللعنة ..."

وقف وتوجه نحوها بسرعة شديدة وأوقفها من عضديها صارخًا بوجهها :
" لماذا أريتني وجهك الآن.. لماذا"


انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-19, 02:55 PM   #526

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-19, 09:31 PM   #527

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

سيتم نشر الجزء الأول من الفصل التاسع عشر
اعذروني هذا كل ما استطعت كتابته خلال الأسبوع..
قراءة ممتعة


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-19, 09:34 PM   #528

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي


الفصل التاسع عشر الجزء الأول

" تنسى كأنك لم تكن .. تُنسى كمصرع طائر .. ككنيسة مهجورة تُنسى .. كحُب عابر وكوردة في الليل .. تُنسى"

" لماذا أريتني وجهك الآن.. لماذا "

كان يهز جسدها وهو يتفوه بهذه الكلمات بحرقة شديدة وغضب أشد...بينما هي لم تملك إلا أن تحدق بملامح وجهه المشدودة بعينين تملؤهما الدموع... لو يعلم كم هي آسفة... آسفة جدًا... لم تتمنى له الألم أبدًا... شخص كعامر لا يستحق هذا منها لكنها مجبورة... مجبورة أن ترفض حبه كما هي مجبورة أن لا تقحم نفسها معه حتى لا تسبب له ألم مضاعف بعدها....
توقف عن هز جسدها وسكن وجهه يتأملها بصمت وقهر... قبضته المتشنجة على عضديها تراخت ورأت بذهول رأسه يقترب منها ببطء حتى أسند جبينه على جبينها هامسًا بضعف :
" أفنان..."

همت أن تبتعد لكنه شد منعها وهو يتمسك بذراعيها... لم يكن يشعر بنفسه وهو يقترب أكثر يريد.. يريد أن..

" أرجوك سيد عامر... دعني أذهب..."

جملتها المتوسلة وأنفاسها المتسارعة هلعًا جعلته يفتح عينيه ويترك ذراعيها بقوة أرجعتها للخلف بضع خطوات... مسح على وجهه بانفعال ثم قال دون أن يمنحها نظرة واحدة :
" اخرجي أفنان..."

تقلص قلبها في صدرها ألمًا إلا أنها تكمنت من القول بتعثر شديد :
" و.. والورق!"

رد وهو ما زال مطرقًا برأسه كأن جبل من الهموم يثقله :
" سأبعثهم من إحدى الموظفين بعد قليل.."

أومأت برأسها وهي تحبس شهقتها وتراجعت تخطو تجاه الباب لكنه ناداها مرة أخرى بنبرة غريبة :
" أفنان..."

التفتت له بلهفة فقال وهو يحدق بعينيها بندم و.. ألم :
" أنا آسف..."

هذه المرة لم تستطع من دمعتها من النزول على خدها وهي تشعر بأن الأبواب على وشك الانغلاق بينهما أو ربما.. أُغلقت..!
أخذت نفس عميق ورسمت ابتسامة مرتجفة وهي ترد :
" لا عليك..."

راقبها بقلب مفطور وهي تخرج وتغلق الباب خلفها... وشعر بأنه لن يقدر على التماسك لنهاية اليوم فأمسك بهاتفه وخرج من المكتب قائلًا لسكرتيرته بجمود :
" الغي جميع المواعيد لليوم.."

وصل البيت وصعد لغرفته فورًا دون أن يملك الطاقة ليحي والدته... ارتمى على سريره بملابسه نفسها... يحدق بالسقف عله يجد حلًا لمشكلته هناك... سمع طرقة على الباب فأغمض عينيه وهو يقول :
" ادخلي يا أمي..."

وكما توقع جاءه صوتها المذهول القلق مرحبا تتقدم ناحيته :
" بني هل حصل شيئًا.... هل أنت بخير..."

دون أن يفتح عينيه أو يتحرك رد بهدوء :
" لا تقلقي.. كل شيء بخير"

شعر بها تجلس بجانبه تهمس بصوتها الحنون :
" بل سأقلق... وجهك شاحب.. ما بك "

فتح عينيه يتنهد تنهيدة أوجعتها فلامست وجهه بينما هو يسأل بخفوت :
" متى سيعود أبي... "

ردت بقلق :
" قريبًا... لماذا... هل هناك مشكلة بالعمل.."

لتفاجئ به يقول بنبرة مرتعشة لأول مرة تسمعها منه :
" أنا فقط مرهق... مرهق جدًا وأحتاج لإجازة طويلة.. "

قالت بلوعة وهي تربت عليه :
" لماذا لا تخبرني ما بك... دومًا أغاظني كتمانك لكل شيء... "

ابتسم بوهن وهو يربت على خدها قائلًا بمرح :
" أحب أن أراكِ مهتمة بي هكذا يا جميلة ..."

قالت بنزق :
" عامر..."

انقلب جانبًا وهو يضع رأسه على حجرها هامسًا :
" فقط أريد النوم بحضنك... هل أستطيع"

حضنته وقلبها يتقطع حزنًا وقلقًا عليه.... منذ أسبوع وهو بهذه الحالة من الحزن والغضب بآن واحد.. وكلما أرادت أن تستفسر يتهرب منها بطريقة أو أخرى... تنهدت بهم وهي تربت على رأسه وقد ذهب بنوم عميق وشخيره الذي ارتفع يدل على إجهاده.

************************

بابتسامة صغيرة صادقة ما لبثت أن ترسمُ على وجهها خلال الأيام الماضية... ابتسامة من قلبها... ابتسامة سعيدة.... نعم إنها سعيدة... حتى لو كانت هذه السعادة تزورها بخجل لكنها تبقى سعادة لم تزرها من قبل... لم تطرق أبواب وحدتها وعتمتها... وقد ظنت أنها لن تطرقهم أبدًا.... لكن شخص واحد... بل شخصان لم تعرفهما إلا منذ مدة قصيرة جعلاها تعيش هذه السعادة بكل إرادتها... وليد وفراس.
أخذت نفس عميق وهي ترتب حجابها بحركة عفوية ونسمات الهواء التي تهب من شرفة المنزل جعلتها تشعر بالانتعاش.... لقد أخبرها وليد أنه بالطريق ففضلت أن تأتي هنا وتنتظره... وقد أمرت الخادمة بتجهيز المكان على أكمل وجه...
كل يوم تقابله هو وصغيره التي تعلقت به بشدة.... يلتقيا ويتكلما بشتى المواضيع... يتعرفان على بعضهما كمراهقين خجولين... وإن مر يوم ولم يستطع لقائها فإنه يقضي معظم الليل وهو يتحدث معها بالهاتف.... صوته الدافئ... الحنون... يصل لأذنيها فتكاد تشعر بأنفاسه تلامسها..
شعرت بوجنتيها تحمران من أفكارها فأغمضت عينيها واتكأت برأسها على الحاجز الحديدي وأخذتها الغفوة... شعرت أثناء غفوتها بلمسات على حجابها ووجهها... لمسات غربية!
فتحت عينيها واستقامت بحدة قائلة :
" من..."

لا رد إلا أنفاس سريعة.. بل لاهثة.... شعرت ببعض الرعب يهاجمها على حين غرة فقبضت على عصاها ثم نهضت من على الكرسي... معاودة سؤالها بصلابة :
" من أنت..."

جاءها آخر صوت توقعته يقول بضحكة خافتة :
" كالعادة محاولة إرعابك لم تجدي نفعًا..."

عبست وهي تقول باستدراك :
" مصعب!.."

ابتسم مصعب وعينيه تشتعلان بالعاطفة بينما يلامس أصابعه التي نالت من نعومة بشرتها نصيبًا... أخذ نفس عميق وسأل بمكر :
" هل تنتظرين أحدًا..."

على نفس عبوسها المتحفز ردت بهدوء :
" أنتظر وليد... "

هذه المرة كانت عيناه تشتعلان بالكره والحقد الشديد... تماسك وهو ينظر لوجهها وقال بنبرة ادعى فيها اللامبالاة :
" حقًا خيبتِ ظني بقرارك الارتباط منه..."
رفعت حاجبها ولم تبدو متفاجئة لكنها قالت ببرود :
" لماذا...."

اقترب منها ورغمًا عنه صوته ارتفع بانفعال وهو يبث سمه الحاقد :
" لماذا!... حسنًا إن لم تنتبهي فأن زواجك منه جعلك تبدين مجرد دمية يتبادلوها لأجل المصالح... كلانا نعلم أنه لم يتزوجك إلا لمصلحة تربطه مع والدتك!.... وأنتِ مع ذلك وافقتِ ... وافقتِ أن تحطي من قدر نفسك!"

كلاهما لم يشعرا بالظل القاتم الذي يقف قريبًا ويسمع محادثتهما بغضب مكتوم سينفجر لا محالة.... لكنه صبر عن ألا يذهب ويشبع ذلك الحقير ضربًا... صبر حتى يسمع إجابتها بنفسه... يحتاج أن يسمعها.

تكتفت ماريا وبداخلها تبتسم... فقط تبتسم... ثم قالت بنبرة برودًا بل صقيعًا :
" لا أعلم ما علاقة كل هذا الكلام بك... ببساطة يمكنك تجاهله ما دام لا يؤثر بك..."

توسعت عينيه ومد ذراعه ناحيتها دون أن يلمسها هامسًا بحرارة :
" كيف يمكنني التجاهل!... أنا.. أنا أهتم بكِ... أهتم بأن تكوني راضية ومرتاحة..."

هنا برقت عينيها تحذيرًا وغضبًا... واشمئزازًا أذهله وهي تقول :
" أنا بغاية الرضا بل السعادة... لا تقلق أنت... "

فقد سيطرته وهو يمسك ذراعها وكتفها يكاد يضمها يقول بكره شديد :
" لا تكذبي... ذلك الحقير.... "

لم يكمل كلامه إلا وقبضة قوية تنهال على وجهه وتطيحه أرضًا.... شهقت ماريا التي لم تكد تستوعب إمساكه بها حتى تستوعب ماذا حدث بعدها بينما يأتيها صوت وليد صارخًا :
" أيها الحقير البائس... أيها الدنيء"

تحركت بارتجاف تحاول تخمين موقعه وفور أن وقفت بجانبه مسكت ذراعه التي توشك على ضرب المزيد من اللكمات... قالت بقوة :
" يكفي وليد... توقف..."

لم يرد وهو يحاول أن يفك ذراعه من قبضتها.....أغمضت عينيها بيأس وصوت والدتها وشقيقتها بل والخدم أيضًا ينهال على أذنها... بعدها شعرت بأنها وسط دوامة كبيرة تكاد تبتلعها... وأصوات الجميع تختلط بإذنها... صوت وليد الغاضب ومصعب المتوعد... ووالدتها التي تحاول استيعاب الموضوع وشقيقتها الباكية.... بينما هي وسط كل هذا تتمسك بذراعه وكأنها حبل نجاة!...فجأة هدأت الأصوات واختفى الجميع وشعرت بمن يجلسها على الكرسي وينحني أمامها هامسًا بصوته الذي لم يغب الغضب عنه :
" ماريا..."

اهتاجت وهي ترفع قبضتها تضربها على صدره هاتفة ولمعة عينيها تكشف أنها على وشك البكاء :
" ما الذي فعلته... ما الذي فعلته..."
أمسك قبضتها بنعومة لا تشابه صوته الذي خرج محتدًا :
" يستحق ذلك..."

نظرت له برفض شديد وهي تقول :
" كنت سأتعامل مع الأمر وحدي دون تدخلك... أرأيت ما حصل"

فغر شفتيه ذهولًا ثم أمسك ذراعيها يصرخ مهتاجًا بغيرة عمياء :
" إنه يضع عينيه عليكِ... ألم تلاحظي... ذلك الدنيء يكاد يتحرش بكِ...أنت!... أخت زوجته... هل يجب علي أن أصمت على ذلك أيضًا..."

تكلمت بحدة وهي تبعد يديه عنها :
" أنا أكثر من قادرة على ابعاده... ودون أن يشعر أحدًا بذلك..."

هذه المرة ضحك بعدم تصديق مرددًا :
" أي أنكِ تعلمين نواياه وصامتة!...بدلًا من أن تخبري الجميع بحقارته "

كان صدرها يهبط ويعلو من الانفعال ثم ردت بهدوء استفزه :
" كلانا نعلم أن هذا الإجراء لن ينفع... قلت لك أستطيع التعامل مع... "

قاطعها بعصبية :
" اخرسي..."

قالت بذهول :
" ماذا..."
وضع كفه على فمها يشعر الآن بأنه لا يستحمل أي كلمة غبية منها ثم صاح بعصبية أشد وكل جسده يتشنج :
" اخرسي... اخرسي..."

صمتت وهدأت... أنفاسها المكتومة تصطدم بكفه بينما جفنيها مسبلان بغموض... أبعد كفه ببطء ثم مرر ابهامه على شفتها وهو يهمس بكل ما أستطاع من هدوء :
" منذ متى وهو... هكذا..."

فهمت سؤاله دون أن يشرح وارتعشت شفتاها وهي ترد :
" منذ فترة... قصيرة... "

سأل بقهر وهو يحدق بوجهها :
" لماذا لم تخبريني... لماذا يا ماريا"

قالت وهي تتلاعب بأصابعها بتوتر :
" إنه زوج أختي..."

قال باستغراب من منطقها العجيب :
" وهل كونه زوج أختك يعطيه الحق بذلك... بل العكس هذا يظهر كم هو حقير لا يملك أدنى رجولة... "

رفعت رأسها وتنهدت تقول بألم ترجوه التفهم :
" مايا تحبه... رغم كل ما يحصل تحبه ولا تريد الانفصال عنه..."
لامس خدها موجوع لعجزها بينما هي تتابع بحرقة :
" لا أريدها أن تتألم... لا أريدها أن تكرهني... "

وجد ذراعيه ترتفعان وتسحبانها لصدره يضمها بقوة... يشتم رائحته التي يعشق...يهمس بإذنها بخفوت :
" لا بأس... سنجد طريقة... "

ابتسم عندما شعر بذراعيها تلتفان حول خصره باستيحاء ليعاود الهمس :
" أنا أغاار عليكِ... "

تجمدت بين ذراعيه ولم ترد ليجد نفسه يقول بجرأة ومنظر ذلك التافه يمسك ذراعها لا يفارق مخيلته :
" أريد أن أقبلك..."

شعر بشهقتها على صدره ثم رفعت رأسها له وملامحها تشي بذهولها وخجلها.... تأملها بهيام... كل لمحة من وجهها يعشقها دون استثناء... اقترب من شفتيها وقبلهما بخفة ثم ابتعد وأنفاسه تتسارع... أغمض عينيه متكئًا على جبينها للحظات ثم استقام مرة واحدة ورفعها لتقف برفق قائلًا :
". لندخل... والدتك تنتظرنا... لا تظني بأنها ستتجاهل الموضوع"

أمسك بكفه ثم قال يبثها الدعم :
" أنا معك..."

كانت نظرات علياء قوية بل ثاقبة وهي تحدق بهم جميعًا... بدءًا من مصعب الصامت وملامحه مهتاجة بالحقد والغضب ثم ابنتها مايا المرتبكة في ضعف.. ثم انتقلت نظراتها لابنتها الأخرى التي كانت تجلس في هدوء تام وكفها لا يفارق يد وليد... وليد ذلك الرجل الذي لا يقارب ما رأته منه قبل قليل من غضب وفقدان سيطرة بل بدا الآن مستكينًا ومسيطرًا... لم تملك إلا أن تعجب بشخصيته القوية وداخلها يؤكد أن ما سعت له هو الصحيح... زواجه من ماريا هو الخطوة الصحيحة التي لن تدع أي أحد يشكك من مصداقيتها.
وضعت فنجان القهوة على الطاولة ثم قالت بنبرتها العملية :
" حسنًا... أما من أحد يخبرني ماذا حصل قبل قليل.."

تكلم وليد وهو يرمق ماريا بنظرات جانبية :
" مجرد سوء فهم لا أكثر..."

توسعت عينا مصعب وهو يلتفت له بحدة... لم يكن غبيًا ليدرك أن وليد قرر تجاهل ما حدث ببساطة.... إنه على ما يبدو يخبئ له أمرًا ما.... عاد ليعنف نفسه.... لقد فقد سيطرته... فقدها بأبشع الأوقات.... فقدها وماريا تخبره أنها سعيدة مع ذلك السارق.... لكن لا بأس... لا بأس.... لن يدعها له... لن يتركها...




Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-19, 09:40 PM   #529

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 3 والزوار 12)
‏Siaa*, ‏الياسمين14, ‏وردة جلنار


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-19, 10:32 AM   #530

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
وليد كشف مصعب على حقيقتة لكن لم يخبر
احد بذلك بناء على رغبة ماريا
عامر غاضب وحزين ولقد قرر اخذ اجازة
والابتعاد عن أفنان
تسلم ايدك ❤❤❤


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.