آخر 10 مشاركات
56 - لقاء فى الغروب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          355 - ميراث العاشقين - كاى ثورب ( روايات أحلامي ) (الكاتـب : MooNy87 - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          فوق الجروح اللي بقلبي من سنين يكفي دخيل الله لا تجرحوني روايه راااااائعه بقلم الهودج (الكاتـب : nahe24 - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          ليلة مصيرية (59) للكاتبة: ليندسي ارمسترونج... (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          61 - أنتِ لي - هيلين بيانشن - ع .ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-12-19, 03:21 AM   #1231

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل التاسع والخمسون (الجزء الثاني)
جلست (ملك) على الفراش مطرقة رأسها فوق ركبتيها في صمت تفكر بمرارة .. ما الذي فعلته بنفسها؟ .. ها هي أضحت حبيسة لدى عدوها .. رفعت رأسها تنظر بعينيها الدامعتين حولها في إحدى غرف الطابق الثاني القريبة من غرفته هو وزوجته .. عضت على شفتها وهي تهمس
"كيف ستخرجين من هذه الورطة الآن يا غبية؟"
قلبها الأحمق على العكس كان عالقاً هناك في تلك اللحظة التي أنقذها فيها (منذر) .. لا تعرف ماذا كان سيحدث لو لم يأت في الوقت المناسب .. ظنت أنّها ستموت حتماً حين أوقفها أولئك الأوغاد وحين وقعت (سؤدد) أمام عينيها بضربة على رأسها شعرت بالرعب ولم تسمح لها إصابتها بالهرب .. لم تفكر في أحدٍ غيره وهي تصرخ باسمه مستنجدة عندما أمسكها ذلك الرجل وشدها من فوق الكرسي المتحرك .. لم تعلم أنّه سيهب لنجدتها بعد ثوان من صرختها باسمه .. لكنّه أتى .. أتى وأنقذها .. ولم تكن المرة الأولى .. تحسست قلبها المرتجف الذي كان يعيش للمرة الألف تلك اللحظات .. كانت متعبة وذاهلة .. نسيت أنّه ابن عدوها .. نسيت أنّه مجرم .. نسيت كل شيء ولم تشعر إلا به .. بالأمان الذي اجتاح كيانها وهي تنظر في عينيه وتركن إليه .. نسيت العالم كله واستسلمت لشعورها وأغضمت عينيها في سلام ونامت بين ذراعيه مطمئنة .. لم تفق من كل هذا إلا حين استيقظت لتجد نفسها وقد عادت للمزرعة مجدداً .. عادت ذكرياتها وعاد الواقع ليفرض نفسه عليها فرضاً .. حين فتحت عينيها مجدداً كان إلى جانبها .. مضت لحظات تحاول فهم ما حولها قبل أن تشهق معتدلة بسرعة تسببت في انتزاع آهة ألم شديدة منها فأسرع هو ينهض بلهفة جعلت الأحمق بين ضلوعه يتراقص بغباء وهو يهتف

"انتبهي"
قالها وهو يجلس بقربها وكفاه أمسكتا كتفيها تمنعانها الحركة .. انتزعت نفسها منه وابتعدت قليلاً بينما تراجع هو محافظاً على مسافة بينهما وسألها بخفوت
"أنتِ بخير؟ .. هل تشعرين بأي ألم؟"
قطبت ناظرة له وقالت بضيق
"لماذا أعدتني إلى هنا؟"

صمت وهو يتأملها ملياً بطريقة وترتها فهتف
"لماذا لا ترد؟ .. ألم أترك هذا المكان قبل أن .."
منحها ابتسامة جعلت قلبها يرفرف وهو يكمل جملتها المقطوعة

"عندما افتديتِني بحياتكِ؟"
أشاحت بوجهها مقطبة الحاجبين وهي تقول
"لا تفهم شيئاً لم أقصده .. كنت سأفعل هذا من أجل أي شخص"

قال ساخراً
"حقاً؟"
عضت على شفتها ثم التفتت له هاتفة
"أريد إجابة على سؤالي .. سبق وتركت هذا المكان ولم يكن بنيتي العودة إليه مرة أخرى .. بأي حق تخرجني من المشفى وتأتي بي لبيتك؟"
تنهد مطولاً كأنما يستدعي الصبر ثم قال بهدوء
"هل فقدتِ الذاكرة (ملك) أم أنّكِ .."

قاطعته بحدة
"أنا لست (ملك) توقف عن منادتي بهذا الاسم .. أنا .."
"(آنجيلا)"
تراجعت بشحوب فابتسم مكملاً
"أليس هذا اسمكِ الذي كانت تناديكِ به والدتكِ الإيطالية بينما والدكِ كان يناديكِ بـ(ملك)؟"

خفق قلبها بجنون وهي تهمس
"كـ .. كيف تعرف هذا؟"
مال مقترباً منها وهو يقول

"أخبرتكِ أنني أعرف عنكِ الكثير (ملك)"
ابتلعت لعابها بصعوبة وهي تنظر له ثم عادت باقي ذكرياتها لتصفعها بقوة .. (سؤدد) .. لابد أنّه رآها بعد أن أنقذها .. لن يجد صعوبة في الربط بينهما .. بالتأكيد فهم كل شيء وعرف أنّها لم تأت لبيته صدفة .. تنفست بصعوبة قبل أن تنتبه إلى لمسة يده لخدها فنظرت له بعينين متسعتين وهي تسمعه يهمس


"لا ترهقي نفسكِ الآن .. سنتحدث عندما ترتاحين قليلاً"

أبعدت وجهها بسرعة عن لمسته لكنّ ابتسامته لم تهتز وقال وهو ينهض من جوارها
"حمداً لله أنّ جرحكِ لم تنفتح غرزاته بعد ما حدث .. هناك ممرضة ستأتي لمتابعتكِ من الغد"

هتفت فيه
"لا أريد شيئاً .. أريد مغادرة هذا المكان .. لا أريد أن أبقى هنا لحظة"

قالتها وهي تزيح الغطاء من عليها وتحاول النهوض .. لم تكد قدماها تمس الأرض حتى كان هو بجوارها يعيدها بالقوة للفراش وهو يهتف
"توقفي .. ستتأذين"
دفعته في صدره وهي تهتف بحرقة
"لا تلمسني .. لا شأن لك بي .. لا أريد البقاء معك"

شعرت بكفيه تشتدان على عضديها وتنفس بقوة وهو يقول من بين أسنانه
"لا تجبريني على شيء لن تحبيه (ملك) .. قلت ابقي مكانكِ .. أنتِ لن تذهبي لأي مكان"

شحب وجهها وهي تنظر في عينيه المسودتين بشدة
"ماذا يعني هذا؟ .. ليس من حقك أن تمنعني من الرحيل"
رفع كفيه عنها ونهض واقفاً ليطل عليها من علو

"بل يحق لي أكثر من هذا"
رفعت وجهها تنظر له بصدمة وارتجفت شفتاها وقلبها يخبرها أنّه يقصد أكثر من تلك الكلمات البسيطة .. همست
"ليس من حقك أبداً .. أنت لن تحبسني هنا"

كتّف ذراعيه يجيبها بهدوء
"كان عليكِ التفكير في هذا عندما قررتِ المجيء من إيطاليا خصيصاً لبيتي"
ارتجفت نظراتها واختنقت أنفاسها بينما أكمل هو
"ستبقين في المزرعة ولن تذهبي لأي مكان .. هذا لمصلحتك أنتِ"

دمعت عيناها بشدة وشعرت باختناق .. لا .. لن يحبسها .. لن يمنعها من العودة لشقيقها .. لا يمكنه .. هل ينتقم منها؟ .. من الواضح أنّه يعرف كل شيء .. حقيقتها وسبب وجودها هنا .. خفق قلبها بفزع .. هل ينتقم منها حقاً؟ .. يعاقبها بهذه الطريقة .. هل يعرف حتى أنّ لها شقيق يجب أن تعود إليه .. سمعت خطواته تبتعد نحو الخارج فرفعت عينيها إليه .. تعلقت عيناها بظهره المبتعد برفض .. لا .. لن تسمح له بهذا .. نهضت من الفراش وأسرعت تندفع خلفه هاتفة
"قلت لك لن أبقى هنا .. ليس من حقك فعل هذا بي .. أريد الذهاب"

التفت إليها في اللحظة التي اندفعت فيها بكلتا كفيها لتضربه في صدره بكل قوة في جسدها الضعيف .. لم يتزحزح خطوة للخلف فانتابها اليأس مع شعور ساحق بالضآلة كأنّها حشرة صغيرة لا تملك أي قوة مقابل جبل .. لم يمنحها يأسها إلا مزيداً من الغضب من نفسها ومنه فرفعت كفيها تضربه على صدره مراراً وهي تهتف
"دعني أذهب أيها المجرم .. لن أبقى معك لحظة واحدة .. أريد الخروج من هنا"
أمسك كفيها وكتّفهما بإحدى قبضتيه فوق صدره، بينما أحاطت ذراعه الحرة بخصرها .. رفعت وجهها إليه بفزع وقلبها انتفض بقوة وهي تستوعب مدى قربها منه .. حاولت انتزاع يديها منه وطفرت دمعاتها وهي تركله في ساقه
"أيها الشيطان .. سأقتلك .. دعني أذهب .. أنا أكرهك .. لا أريد البقاء معك لحظة .. أكرهك"
اشتدت ذراعه حولها تشدها إليه أكثر بطريقة أثارت رعبها .. كانت خائفة من نفسها .. من المشاعر التي جعلت قلبها يتخبط رفضاً لما تفعله بإنكارها له واستماعها لعقلها وادعائها كراهيته بينما هي تحترق للاستسلام .. تنفست بصعوبة وهي تنظر في عينيه اللتين أجبرها على رفع رأسها لتواجههما

"كلماتكِ الحمقاء هذه لن أعيرها أدنى اهتمام ملاكي .. يمكنكِ أن تقسمي حتى الصباح على كراهيتي ولن أصدقكِ"
نظرت له بذعر وعادت تقاومه لتتخلص من حصاره لها
"دعني .. ماذا تريد مني؟"
ترك كفيها محصورتين بينهما فوق صدره ورفع ذقنها بكفه وهمس لها
"ما الذي تريدينه أنتِ مني (ملك)؟ .. أنتِ من أتيتِ إليّ .. أنتِ من طاردتِني في صحوي ونومي"

حدقت في عينيه بذهول وتحشرجت أنفاسها أكثر بينما يميل إليها متابعاً
"هل تظنين أنني بعد كل ما حدث بيننا وبعد كل ما عرفته سأسمح لكِ بالهرب؟ .. أنتِ واهمة حبيبتي"
انتفضت مع كلمته التي صفعتها مفيقة إياها لواقعهما .. لحقيقتهما .. لا يمكن أن يحبها ولا هي أيضاً .. هما عدوان .. عادت تدفعه في صدره برفض
"ابتعد .. أنا لا أفهم عما تتحدث .. أنا أكرهك .. أنت عدوي"

أمسك ذقنها بقسوة وأجبرها على النظر له
"لم أكن عدوكِ حين افتديتِني بحياتكِ .. لم أكن عدوكِ عندما توسلتِني ألا أترككِ مراراً .. لم أكن عدوكِ ولم تكن كراهية التي رأيتها في عينيها وسمعتها في صوتكِ حين ارتميتِ فوق صدري هرباً من كابوسكِ"

تخبط قلبها بين ضلوعها وهي تحدق فيه برعب بينما يميل أكثر هامساً قرب شفتيها بعاطفة شديدة
"لم تكن كراهية حين صرختِ اسمي واستنجدتِ بي .. وحين تمسكتِ بي ونظرتِ لي كمنقذكِ ورجلكِ الوحيد .. حتماً لم تكن كراهية ولم أكن عدوكِ"

ارتجفت شفتاها وسالت دموعها بضعف .. ما الذي يفعله؟ .. هل هذه طريقته في الانتقام الآن؟ .. هل يحاول استغلال ضعفها ومشاعرها ليعاقبها أم ليكمل انتقام والده من أبيها؟ .. قفز قلبها مجفلاً وهي تغرق في عينيه اللتين تحولتا لهوة سحيقة من المشاعر جعلت الأرض هشة تحتها وأوشكت أن تسقط دون عودة لولا خيط واه مده لها عقلها فتمسكت به وشهقت متراجعة للخلف بينما تدفعه بكفيها .. وهذه المرة نجحت في إبعاده .. ربما لأنّه كان غارقاً مثلها في ذلك التيار السحري تاركاً حصون قوته في الخلف .. وقفت أمامه بأنفاس متسارعة وجسد مرتجف .. اختلست النظر له لتجده يتنفس بقوة هو الآخر ممرراً كفه في شعره بتوتر ثم سمعته يقول بخفوت
"سأترككِ لترتاحي (ملك) وسنتحدث بعدها في كل شيء .. هناك الكثير الذي يجب أن تعرفيه قبل أن تقرري إن كنت عدوكِ أم لا"

قطبت دون رد وأشاحت بوجهها بينما أكمل بشيء من الأمر
"اذهبي لفراشكِ ونامي .. غداً نتحدث"

هتفت خلفه بحدة وهو عند الباب
"ليس هناك غداً، سمعت؟ .. أنا لن أسمع منك شيئاً ومهما قلت لن يتغير رأيي"
توقف مكانه لحظة دون أن يلتفت ثم أدار وجهه لها وابتسم بخفوت وهو يقول
"لا بأس .. الكثير يمكن أن يتغير خلال ساعات الليل حبيبتي"
قالها وفتح الباب وغادر تاركاً إياها تغلي غضباً منه وارتجافاً من قلبها الأحمق ومشاعرها التي كادت تدفعها لتنسى كل شيء .. تتعلق بعنقه وتخبره أنّه محق .. هو ليس عدوها وحتماً تلك لم تكن كراهية التي تشعرها نحوه .. كان حباً أحمقاً ولد من رحم المستحيل .. ولا مكان له في الواقع .. مهما فعلا وحاولا .. مستحيل أن يكونا معاً.
عادت إلى الحاضر ونهضت من الفراش لتتحرك في الغرفة بتوتر .. كيف ستخرج من هنا؟ .. حتى (شاهي) لا تريد مساعدتها .. تعلم أنّها خذلتها وأنّها لابد حزنت عندما اكتشفت حقيقتها لكن ربما تتفهم أسبابها فيما بعد .. لا وقت لديها لتشرح ولتتوسل .. يجب أن تجد حلاً .. منذ تلك المواجهة بينهما وهي ترفض أي محاولة منه لمقابلتها .. باتت تغلق الغرفة من الداخل بالمفتاح، وتصرخ فيه في كل مرة يأتي ليحاول الحديث معها .. كانت تعرف أنّها تتصرف بطفولية حمقاء لكنّها لم تكن مستعدة لسماع شيء قد يغير رأيها أو يجعلها تميل لتنفذ رغبات قلبها .. لم تعد حتى تفتح الباب لـ(شاهي) التي رغم خذلانها لها عادت لتحاول إقناعها بإعطاء (منذر) فرصة .. عادت تطلب منها أن تفتح له قلبها ولا تقاوم مشاعرها .. بحق الله هل تمزح معها؟ .. كيف بعد كل هذا تطلب منها هذا الطلب؟ .. وكيف تسلم لها زوجها بهذه السهولة؟ .. تصورت أنّها كانت تهذي تلك الليلة في المشفى لكنّها اكتشفت أنّها كانت تتحدث بجدية .. نظرت حولها بيأس وتأوهت وهي تغرس كفيها في شعرها بعصبية .. كيف تخرج من هنا؟ .. توقفت مكانها ولمعت عيناها وصورة آخر شخص تفكر في اللجوء إليه تتمثل أمامها قبل أن تطردها وهي تهمس
"لا .. لا يمكنني أن أطلب مساعدتها .. صحيح أنّها ستكون أكثر من مسرورة بطردي من هنا .. لكن لا .. لا أضمنها"

هي حتى لم ترها منذ أتت .. (عزة) لم يكن مسموحاً لها بالصعود لغرفتها .. حسناً .. ولا أي شخص آخر سوى الممرضة و(شاهي) .. وهو .. عادت تتحرك في الغرفة بتوتر وهي تعمل عقلها قبل أن تتوقف عيناها على الشرفة المغلقة .. أسرعت تجري إليها وفتحتها بسرعة .. تنهدت بارتياح رغم هواء الليل البارد الذي لفحها وهي تميل لتنظر لأسفل .. درست المسافة ثم نظرت للجانبين بحثاً عن شيء تنزل عليه .. تعلقت عيناها بالشرفة المجاورة والشجرة الكبيرة بقربها .. يمكنها أن تقفز لتلك الشرفة ومنها للشجرة .. تسارعت نبضاتها وهي تفكر .. لا يبدو هناك حل آخر .. لا تعرف كيف ستتخطى الحراس بالأسفل لكن .. يمكنها أن تفكر في هذا لاحقاً بعد أن تنزل من هنا بسلام .. عادت للغرفة وبحثت في الدولاب بين الملابس التي وضعتها لها (شاهي) وأسرعت ترتدي بنطالاً مناسباً وسترة صوفية وهي تهمس
"لن أبقى في سجنك الغبي لحظة أخرى (منذر صفوان) .. قلت لك لن تمنعني مهما فعلت"

لملمت شعرها سريعاً في ذيل حصان وأسرعت نحو الشرفة .. تسلقتها بحذر وما أن لامست قدماها الحافة الضيقة بالخارج حتى شتمت تهورها وغباءها لكنّها صمممت على عدم الرجوع .. ستفعلها مهما حدث .. تنفست بارتجاف وهي تحاول الحركة بحذر ويداها تتشبثان جيداً بسور الشرفة .. انتفض جسدها فجأة مع الصوت الذي اخترق أذنيها واتسعت عيناها برعب ويداها تتخليان عن السور بينما انزلقت قدمها وتراجع جسدها للخلف .. صرخت برعب وهي تشعر بجسدها يهوي وأيقنت أنّها هذه المرة لن تنجو من الموت.
*******************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:24 AM   #1232

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نظرت (سؤدد) بعينين ضيقتين لهاتفها الذي واصل رنينه ثم التقطته لتغلقه تماماً وتلقيه جانباً وهي تهتف
"فلتحترق بغضبك (عماد) .. أنا لن أسامحك ولن أكلمك حتى تعود"

كانت تعلم أنّه لابد يحترق هناك غضباً بعد فعلتها المتهورة ولابد يتوعدها الآن أكثر لرفضها المتواصل لاتصالاته حتى أنّه طلب من والديها أن يوصلاه بها لكنّها استمرت على عنادها .. ذلك الكاذب .. لماذا أخفى عنها الأمر؟ .. لا يمكن أن يكون قد خاف على مشاعرها أو خشى من شجارها .. لا .. لقد اعتبرها حمقاء وستفسد الأمر بتدخلها .. حتى والدها فكر في نفس الشيء .. لماذا تعاملا معها هكذا؟ .. كان يجب أن يصارحاها .. ماذا حدث عندما أخفيا الأمر؟ .. كادت تفسده بذهابها لـ(ملك) .. من أين كان لها أن تعرف؟ .. زفرت بقوة وهي تنهض لتقف أمام مرآتها .. تحسست الكدمة في جبينها وشتمت (توفيق) ورجاله .. حسناً .. بعد تفكير عميق .. هي ممتنة لتصرفها الأحمق .. لولا ذهابها لاختطفت (ملك) دون مقاومة .. وذلك الوغد (منذر) مدين لها هي و(مراد) بهذا ومدين لهما أيضاً بحياة زوجته .. تنفست بقوة وهي تعود لفراشها وتجلس على حافته تاركة العنان لتفكيرها تستعيد كل التفاصيل التي سمعتها منه .. لا يمكن أن تكون قد أخطأت في حكمها عليه لهذا الحد .. هل كان ضحية لـ(توفيق) مثلها ومثل الجميع؟ .. هو أيضاً كان يخوض حرباً من جانبه مخاطراً بحياته مع كل لحظة؟ .. هزت رأسها وهي تحاول طرده من تفكيرها دون جدوى وعادت إليها تلك اللحظة حين توقفت سيارة (مراد) داخل مزرعته ونزلا منها بعد أن سبقهما هو وزوجته .. راقبته بعينين متسعتين ذاهلتين وهو يخرج (ملك) من السيارة ويحملها بين ذراعيه برفق وحنان شديد ونظراته لوجهها النائم فضحت كل ما بقلبه .. هل نجحت خطتها حقاً ووقع في الفخ؟ .. لم ترد أن تعترف أنّ ما رأته في عينيه كان أكبر من مجرد انجذاب رجل وقع في فخ حسناء .. لم ترد الاعتراف أنّها ترى شيئاً أكبر من الحب .. عشقاً؟ .. ربما، لكنّها لن تعترف .. رددتها داخلها بعناد وهي تتبعهم للداخل دون أن تفوتها تعابير (شاهي) المهتمة والهادئة .. شعرت بالغباء والحيرة وهي ترى المرأة تتعامل بهذه اللا مبالة مع انجذاب زوجها الواضح لأخرى .. بل إنّها شعرت أنّها تتعامل معهما كأم وصديقة لا كزوجة من المفترض أنّها تغار على زوجها .. لم تتوقف تساؤلاتها وهي ترافقه إلى مكتبه مع (مراد) ولا حتى حين تقبلت منها مساعدتها ومدت يدها تلتقط منها كمادة أخبرتها أن تضعها على كدمتها وتحركت بعدها لتجلس بقرب (منذر) الذي ابتسم لها شاكراً .. كانت تشعر بعلاقتهما غريبة للغاية لكنّها غضت الطرف عن التفكير في هذا الأمر وهي تهتف فيه بحدة

"حسناً .. ها قد جئنا إلى بيتك العظيم .. هل يمكن أن تفصح عما لديك؟"

استفزتها نظرة ضاحكة تبادلها مع (شاهي) قبل أن يلتفت لها ويقول بهدوء
"آنسة (سؤدد) .. عليكِ التخلي عن هذا الأسلوب إن أردتِ أن نتفاهم برقي"

كادت تشتمه مخبرة إياه أن من مثله لا يستحق أي رقي لكنّها قاومت نفسها وجلست بهدوء ووضعت ساقاً فوق أخرى وهي تقول
"هات ما عندك"
ابتسم بسخرية ثم قال

"حسناً .. أخبرتكما أننا جميعاً نسعى لنفس الهدف .. لقد سبق وأخبرت والدكِ أنني موافق على توحيد جهودنا للقضاء على (توفيق)"
قطبت بشك
"هل تريدني أن أصدق أنّك تريد القضاء على والدك؟ .. بحق الله من تخدع؟"
تنفس بعمق وهو يتحكم في أعصابه بينما رأت زوجته تمد يدها تربت على كتفه تخبره دون كلام أن يهدأ

"أنتِ لا تعرفين أي شيء عني (سؤدد) .. لا تعرفين أي شيء على الإطلاق .. منذ بدأتِ معركتكِ معي وأنتِ حكمتِ عليّ مسبقاً .. لم تسألي نفسكِ لحظة إن كان هناك جانب آخر للحقيقة غائب عنكِ .. لم تريه بعد"
نظرت له مقطبة ولمحت وجه (مراد) منتبهاً باهتمام

"لا ألومكِ .. لسنوات كنت أعمل بالظل .. لا أحاول تجميل نفسي الآن ولا تهم أي تفاصيل .. والدك يعرف صدق نواياي ويعرف أنني سبق ووقفت في طريق (توفيق) وأنقذته من الموت بعد خروجه من السجن"
اعتدلت محدقة فيه باستنكار
"ماذا تقول؟"

هز كتفيه
"يمكنك أن تتأكدي من أبيكِ .. لولا تدخلي لكان الآن في العالم الآخر لا قدر الله .. المهم الآن .. أنا أتيت بكما لنتفق .. كل الخيوط تتجمع حول (توفيق) .. إن تعاونا جميعاً سنوقعه بسهولة .. (توفيق) ليس سهلاً .. إنّه أخطر مما تظنين .. يحتاج لاتحادنا كلنا ضده"
قطبت هاتفة بحدة
"وما هدفك من ذلك بالضبط؟"
تنهد بقوة وأجابها
"هدفي هو نفسه هدفك (سؤدد يزيدي)"

صمت لحظة ناظراً في عينيها بعزم ثم أكمل بقسوة
"الانتقام"

ارتفع حاجباها فقال
"ربما لا تصدقين هذا لكن .. أنا أنتظر وأخطط لهذا الانتقام منذ سنوات طويلة جداً .. وإن كان تعاوني مع أعدائي قبل أصدقائي سيوصلني لهدفي أسرع فسأفعله"

نقلت عينيها لـ(شاهي) التي كانت تنظر له باهتمام وشفقة حزينة ثم سمعته يكمل
"اكرهيني واحتقريني كما تشائين .. اعتبريني شيطاناً ومجرماً لكنني أسعى لنفس الهدف .. لن أبرر أسبابي لكِ .. فقط أردت أن أكشف أوراقي أمامكِ لتتوقفي عن إفساد خططنا بتدخلكِ"

هتفت باستنكار
"أنا أفسد خططكم؟"

كتّف ذراعيه قائلاً بسخرية
"فعلتكِ الليلة خير دليل على ذلك .. ولا تنسي خطتكِ الحمقاء التي كادت تودي بحياة (ملك)"

ابتلعت لعابها بصعوبة وقالت بصوت مستنكر مرتبك
"أي خطة؟ .. لا أفهم عما .."

قاطعها ضاحكاً
"لا تهيني ذكائي يا (سؤدد) .. أنا أعرف من هي (ملك) بالضبط .. يمكنني الآن أن أفهم سبب سفركِ لإيطاليا .. عندما جمعت الخيوط معاً فهمت كل شيء"
رمقته بكراهية وغل ولم ترد بينما تابع
"وللأسف .. (توفيق) هو الآخر يعرف بهويتها الآن ويسعى خلفها بكل قوته .. أنتِ لم تفكري بحكمة (سؤدد) وأنتِ تندفعين خلف انتقامكِ وكراهيتكِ .. لم تنتبهي أثناء وضع خطتكِ العبقرية أنّكِ تخاطرين بحياة تلك البريئة بإشراكها في تلك اللعبة الخطرة ورميها لي أنا بالذات .. ابن عدوها"
شحب وجهها وعاد الذنب يلسعها فهتفت فيه بحدة
"لا تقل أنّك تهتم لأمرها"

هز كتفيه وهو يمط شفتيه ولم يمنحها رداً فمالت مسندة مرفقيها لركبتيها وهتفت بسخرية
"لا تقل أنّك قد أحببتها، لن أصدقك .. يستحيل أن تفعل هذا"
رفع حاجباً ساخراً وتمتم ببرود
"حقاً؟ .. ولماذا يستحيل؟"
هتفت باستنكار

"أنت شيطان .. من مثلك لا يعرف الحب أصلاً"
ضحك بخفوت وهو يتراجع في مقعده ويضع ساقاً فوق أخرى ويقول بتهكم
"ومن قال لكِ أنّ الشياطين لا تملك قلوباً آنسة (سؤدد يزيدي)؟"

تنفست بحدة وصمتت للحظات تحدق فيه بصدمة ترفض أن تصدقه من الأساس قبل أن يرتفع ركن شفتيها بابتسامة ساخرة وتقول
"ولو فرضنا ذلك .. منذ متى كانت الشياطين تقع في حب الملائكة؟"

ضحك مجدداً باستمتاع زاد حنقها عليه
"عزيزتي (سؤدد) .. أنتِ ساذجة تماماً .. ألم يخبركِ أحد من قبل أن الشياطين تقع دائماً في حب الملائكة"
قطبت بشدة بينما أكمل بلمعة رقيقة في عينيها أذهلتها
"النور والظلام لا يكون أحدهما دون الآخر (سؤدد) .. الظلام بقلوب الشياطين ينجذب للنور .. ليكن رغبة في التطهر أو رغبة في إهلاك ذلك النور وإطفائه للأبد لكنّه يجذبهم على أي حال"

وابستم لها بهدوء وهو يردف
"وأنتِ تعرفين هذا جيداً ولهذا السبب تحديداً اخترتِها هي وأرسلتِها لشيطان مثلي، صحيح؟"

زمت شفتيها في ضيق وعقلها يصفعها دون توقف مصدقاً على كلامه .. ألم تفعل هذا بالفعل؟ .. ألم تخترها هي بالذات وكانت واثقة أنّ براءتها ورقتها الملائكية سيجذبان رجل مثله؟ .. ها قد حدث ما خططت له .. لماذا هي غاضبة الآن؟ ..
انقطعت أفكارها فجأة مع ارتفاع دقات هادئة على باب غرفتها رافقها صوت والدها وهو يقول
"(سؤدد) حبيبتي .. هل يمكنني الحديث معكِ قليلاً صغيرتي؟"
قطبت وهي تنهض مرغمة .. لا يمكنها أن تغضب من والدها .. لا حق لها .. فتحت له الباب لتقابلها ابتسامته الحانية

"هل يمكن؟"
همسها برجاء رقيق فأومأت وهي تفسح له الطريق ليدخل وراقبته وهو يتحرك ليجلس على الأريكة الموجودة في الركن وأشار لها أن تغلق الباب وتقترب .. ربت على الأريكة بجواره وهو يقول
"تعالي صغيرتي .. هناك ما يجب أن أناقشه معكِ وآخذ رأيكِ فيه"
نظرت له بقلق وهي تتجه إليه ولم تكد تجلس بقربه حتى أحاط كتفيها بذراعه وضمها إليه بطريقة أقلقتها وسمعته يهمس
"أنتِ وحدكِ ستعرفين بما سأخبركِ به الآن (سؤدد) ومهما حدث لن تخبري والدتكِ ولا (سيف)، حسناً؟"

ابتعدت تنظر في عينيه بقلق وخفق قلبها وهي تقرأ في عينيه ما يريد قوله وعادت لذهنها كلمات (منذر) الأخيرة قبل أن يودعهما هي و(مراد) يخبرها أنّ المواجهة الأخيرة مع (توفيق) قد اقتربت ووالدها أخبره أنّه سيشارك فيها بنفسه وأدركت فجأة أنّه ربما بعد كل شيء .. هي لا تريد الانتقام من (توفيق) إن كان الثمن الذي قد تضطر لدفعه هو حياة والدها.
*******************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:27 AM   #1233

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

كتّف (منذر) ذراعيه فوق صدره وهو يقف أمام شرفة مكتبه مقطباً حاجبيه في تفكير لازمه منذ تلك الليلة بعد أن انزاح الستار عن جزء من ماضيه .. لم يتوقع أبداً بعد كل هذه السنين أن يضعه القدر أمامها .. ابنة (ماجد) .. تنهد بحرارة وصورته تمثل أمام عينيه .. (ماجد الصباغ) ذلك المحامي الذي جعل مهمته في الحياة محاربة والده وظل يسعى خلفه لسنوات .. ذلك الرجل الذي تمثل له كأمل وطوق نجاة في تلك الفترة التي كان يتخبط فيها بعد خروجه من السجن وذهابه لوالده .. كان يتحرق رغبة في الانتقام لكنّه كان يتصرف بتمرد وعشوائية .. أثار جنون والده في البداية قبل أن يستقر ويفكر ملياً في الطريقة المثلى للانتقام منه .. والده لم يكن ليأمن جانبه إلا إن رأى منه تغيراً وهذا ما فعله .. بدأ يدعي الرضوخ له والصدق في العمل معه .. ترك تمرده وعبثه جانباً وارتدى قناع وريث (توفيق الأغا) المثالي .. مع الوقت بدأ يشعر أنّ خطته بدأت تأتي ثمارها ووالده بدأ يثق به .. كان يرى في عينيه فخره وثقته، وكان هذا يمنحه المزيد من الثقة وشعوراً أنّه سيصل لا محالة من ذلك اليوم الذي سيحطمه فيه ويحطم كل هذه الامبراطورية التي يصنعها .. في تلك المرحلة من حياته عرف عن (ماجد) وقلق والده منه .. بحث مطولاً خلف الرجل حتى اقتنع بنزاهته وبأحقيته أن يمنحه ثقته ويأمنه على سره ثم يطلب مساعدته ولم يبخل بها أبداً .. زفر بقوة ولمعت عيناه بمرارة وهو يتحرك من مكانه ليجلس خلف مكتبه .. ألقى جسده بإنهاك وذكرياته تعود بمرارة وقلبه المثقل بالذنب عاد ليوجعه .. كيف يواجهها الآن؟ .. هو لم ينس يوماً أنّه كان السبب فيما حدث لأسرتها .. لم يسامح نفسه أبداً على مقتلهم .. لكن كيف نجت هي؟ .. وشقيقها أيضا نجى معها .. والده كان واثقا من موتهم .. هل كان (ماتيو) وحده من ساعدهم بالفعل؟ .. لكن كيف تمكن من تزييف موتهما وتهريبهما بمفرده؟ .. لابد أن هناك من ساعده لكن من .. ولماذا اتهمه (ماتيو) بالخيانة قبل أن يموت؟ .. هو لم يخن (ماجد) أبدا.. لقد كان هو من منحه طرف الخيط ليجمع الأدلة التي ستحطم والده؟ .. من أين له أن يعرف أن المعلومة التي أبلغه بها كانت خاطئة؟ .. أطرق يدفن رأسه بين كفيه وقد عاوده نفس الشعور الخانق الذي عاشه قبل سنوات حين تلقى خبر مصرعه .. لو أنه عرف بخطة والده الحقيقية لتدخل مانعا ذلك الحادث .. انقبض قلبه وفكرة تصفعه فجأة ..هل كان لوالده علم بتعاونه مع (ماجد)؟ .. تنفس بصعوبة وعقله يفكر بهلع .. هل استغله في الإيقاع به دون أن يدري؟ .. هل تعمد إيصال تلك المعلومات الخطأ عن خطة اغتياله وموعدها ليوصلها هو بدوره إلى (ماجد) محذراً؟ .. وعندها يضرب هو ضربته في غفلة منهم .. رفع رأسه وقد احتقنت عيناه بشدة وبدأت الطبول تدق في رأسه .. إذن فهو كان السبب بالفعل .. كان غبياً ووالده تلاعب به كقطعة شطرنج لعينة .. كيف لم ينتبه؟ .. كيف اغتر بنفسه؟ .. برودة شديدة تسللت لقلبه .. يعرف أنه والده كان يشك في نواياه .. لكن أن يكون متأكداً ويتركه يخطط ويصبر كل هذه السنوات بينما هو يتلاعب به ويستمتع بمحاولاته التي ما أن يمل منها حتى يوقفها بإشارة من إصبعه .. ضرب بقبضته على سطح المكتب وهو يهتف
"اللعنة .. اللعنة عليك .. أقسم لن أكون ابنك حقاً إن تركتك تفلت بكل هذا"
(توفيق الأغا) كان لعنته التي رافقته منذ مولده وقد صار موقناً الآن أنها لن تذول إلا بموتهما معاً .. لقد دمر كل أمل لديه في حياة نظيفة .. حتى عندما وجد المرأة التي كانت روحه تنتظرها بلهفة، اكتشف أنه يقف بينهما .. لن ترضى أن تكون له أبداً .. أغمض عينيه بيأس وهو يتذكر ارتكانها إليه ليلة أنقذها .. كيف لجأت إليه؟ .. نظراتها الذاهلة إليه كأنه ملاكها الحارس ومنقذها؟ .. مد يداً مرتجفة يلامس قلبه الذي لا زال متأثراً بتلك اللحظة .. تذكر كيف شعر به يتلوى برفض وهو يتخلى عنها واضعاً إياها في سيارته التي انطلق بها ترافقه (شاهي) التي كانت شاحبة الوجه باكية وهي تعتذر له عن غفلتها عن (ملك) .. التفت لها يخبرها برفق
"لا بأس يا (شاهي) .. أنا لا ألومكِ عزيزتي .. لم يكن هذا متوقعاً .. لو عرفت أنها في خطر لتركت حراسة على غرفتها"
ثم صمت قليلاً محاولا تمالك مشاعره ثم قال
"لا تعذبي نفسكِ بالذنب أرجوكِ .. أنا ممتن لأنك لم تتعرضي للأذى أنتِ أيضاً"
والتفت ينظر لها معتذراً
"أنا آسف لتقصيري معك .. كان خطأ فادحاً أن ذهبت قبل أن أترك معكما حراسة قوية"
هزت رأسها وهي تمسح دموعها
لا تلم نفسك أنت أيضاً (منذر) .. لم يتوقع أحد منا هذا .. حمدا لله أن (مراد) كان هناك و .."
توقفت عن الكلام بتردد لكنه أومأ برأسه ونظر عبر مرآة سيارته إلى حيث سيارة (مراد) وبها (سؤدد) التي أفاقت بتلك الكدمة .. كاد يبتسم وهو يتذكر نظرتها المحرقة حين أفاقت لتجده أمامها بعد أن نقلها (يسري) لداخل المشفى ليطمئنوا على حالتها بعد تلك الضربة القوية على رأسها .. شعر بها تحاول النهوض لتغرس قبضتها في صدره ربما وتنتزع قلبه ليبتسم بسخرية واستفزاز وهو يخبرها
"حمدا لله على سلامتكِ أيتها الصحفية المغامرة"
لمحها تكز على أسنانها وهي تنظر له بغل بينما تعتدل بصعوبة
"أرجو أن تكوني قد اكتفيتِ من المغامرت لسنوات قادمة"
هتفت فيه بغل
"ماذا فعلت بي أيها الحقير؟ .. كيف تـ"
توقفت عن صراخها الغاضب وأمسكت رأسها بألم بينما رفع هو حاجباً ساخراً وهو يرد
"ماذا فعلت بكِ؟ .. أظنني أنقذت حياتكِ مرة أخرى"
ضاقت عيناها بتنمر وكادت تصرخ فيه مجدداً لولا أن دخل (مراد) غرفة الطواريء حيث كانا وقال وهو يرمقه بنظرة باردة
"قال الطبيب أنه يمكنكِ أن تغادري دون مشاكل لكن بالطبع سيكون عليكِ المتابعة في حال شعرتِ بأي أعراض"
قالت وهي تنزل عن الفراش
"جيد .. هيا بنا .. لا أريد أن أبقى في هذا المكان لحظة"
قالت وهي ترمقه بقسوة وكراهية فابتسم بهدوء ثم التفت لـ(مراد) الذي كاد يغادر متجاهلاً إياه .. أوقفه قائلاً بامتنان
"شكرا لمساعدتك سيد (مراد)"
لمح عرقاً ينبض بقوة في وجهه لكنه تابع بهدوء
"وشكرا لك لحماية (شاهي)"
رأى عينيه تضيقان ليرد بعد لحظات
"لم أفعل هذا من أجلك وأنت تعرف هذا جيداً (منذر صفوان) .. و(شاهي) صديقة قديمة لي وحمايتها كانت من واجبي لذا لا داعي لتكون ممتناً لي"
أوقفهما مجدداً وهو يقول
"سيد (مراد) .. آنسة (سؤدد) .. أعرف أن آخر شخص تريدان التواجد برفقته الآن والحديث معه هو أنا لكن"
صمت لحظة لينظرا له بتساؤل ممتعض فأكمل
"إن كان هدفنا مشتركاً فعلينا الحديث بجدية .. دعونا نلقي بكل أوراقنا مفتوحة .. إن أردنا التعاون فـ"
هتفت تقاطعه وهي تتقدم خطوة بحدة
"أي تعاون؟ .. أنا لا أتعاون مع المجرمين والشياطين يا هذا .. لماذا سأحتاجك من الأساس؟"
كتف ذراعيه قائلاً ببرود
"صدقيني .. أنا أكثر شخص تحتاجينه الآن لتصلي لهدفكِ الذي تسعين له من البداية"
لمح ارتباك نظراته وشكوكها فتابع
"تريدين الوصول (لتوفيق الأغا)، صحيح؟ .. حسناً .. أنا هو الشخص المناسب إذن"
ضغطت على أسنانها بقوة واقتربت خطوة أخرى منه
"لن أتعاون مع شيطان لأقضي على شيطان آخر .. لقد اقتربت نهايتكما أنتما الاثنان وأنا سأتأكد من أن أكون موجودة وقتها"
تحركت لتغادر فهتف خلفها
"تخطئين مرة أخرى (سؤدد يزيدي) .. ألا يقولون لا يفل الحديد إلا الحديد؟ .. إذن أنت بالتأكيد تحتاجين شيطانا لتقضي على آخر"
التفتت تنظر له ملياً بشك فابتسم وهو يتحرك نحوها بهدوء
"أنا لست ذلك الشيطان الذي تظنين (سؤدد) ويمكنكِ التأكد من والدكِ إن أحببت"
اتسعت عيناها وهي تهتف
"وما شأن والدي أيها الوغد؟"
أجابها بهدوء شديد
"شأنه أنه طلب مني التعاون معه"
"أنت كاذب"
هتفت باستنكار فهز كتفيه وهو ينظر نحو (مراد) بنظرة ذات مغزى جعلتها تنظر لذلك الأخير فقطب بضيق بينما أكمل هو
"هل أنا كاذب سيد (مراد)؟ .. لابد أن (عماد اليزيدي) قد أبلغك بالأمر؟"
لم يرد وهو يزفر بحدة فهتف (سؤدد) فيه
"هل يقول الحقيقة؟ .. أبي و(عماد) يتعاونان مع ذلك الـ"
قاطع سبتها وهو يقول
"كنت في اتصال هاتفي مع والدكِ قبل دقائق من مجيئكِ لهنا .. يمكنكِ الاتصال به وسؤاله بنفسكِ"
فتحت فمها لتسأله مستتنكرة فقاطع أسئلتها وهو يشير لهما
"ليس هذا المكان المناسب لمناقشة التفاصيل .. من الأفضل أن تأتيا معنا لمزرعتي و"
قاطعته بحدة
"مستحيل"
رد بهدوء
"لو كانت نيتي إيذائكِ يا (سؤدد) لم نكن لنقف الآن نتبادل هذا الحوار اللطيف سوياً"
والتفت إلى (مراد) الذي وقف صامتاً دون تدخل كأنما يدرس الأمر
"لست مطمئناً لوجود المزيد من رجال (توفيق) هنا لهذا سيكون من الأفضل لو رافقتماني لمزرعتي حتى يهدأ الوضع ويمكنكما بعدها المغادرة مع حراسة قوية من رجالي"
قطبت هي برفض شديد فأكمل وهو يلمح تردد (مراد)
"أعرف أنك أنت أيضاً لديك الكثير من الأسئلة والشكوك سيد (مراد) .. أعدكما أن تحصلا على كل الإجابات التي تبحثان عنها"
فتحت فمها لترفض حين قال (مراد) ببرود
"أنت محق .. هناك الكثير الذي تدين لي بإجابته قبل أن أقرر إن كنت تستحق ثقتي وتعاوني"
هتفت باستنكار
"ماذا تقول؟ .. هل فقدت عقلك؟ .. إنه .."
قاطعها بهدوء
"إنه محق آنسة (سؤدد) .. سيكون جيداً لو استمعنا له قبل أن نتخذ أي قرار .. كما أنه لم يكذب بخصوص اتفاق والدك معه"
ارتجفت شفتاها وهي تلتفت له رافضة التصديق بينما قال (مراد) يحدثه
"حسنا سيد (منذر) .. سنرافقك"
رمقتهما معاً بنظرات محرقة واندفعت تغادر المكان .. في النهاية اضطرت لمرافقتهم لمزرعته .. ربما اقتنعت بكلامهما رغم إظهارها العكس أو ربما غلبها فضولها الصحفي في نهاية الأمر .. أياً كان السبب فهي وافقت.
تنهد عائداً من ذكرياته عندما سمع صوت (شاهي) الذي رافق طرقاتها على الباب
"هل يمكنني الدخول (منذر)؟"
"تفضلي عزيزتي"
ردد وهو ينهض من مقعده وابتسم عندما دخلت وهي تحمل صينية عليها كوبين من مشروبٍ ما تتصاعد أبخرته .. تحرك يقابلها بينما قالت وهي تضع الصينية على الطاولة القصيرة وتتحرك لتجلس على الأريكة المقابلة لها
"أعددت لنا مشروباً مهدئاً للأعصاب .. أعرف أنك تحتاجه لتتخلص من هذا التوتر وتفكر بعقل صاف"
ابتسم وهو يجلس بقربها
"شكراً عزيزتي .. أنا أحتاج بالفعل لشيء يريح أعصابي"
وصمت برهة ليتابع بتهكم
"لكن للأسف لا شيء يساعد"
تنهدت بأسى وهي تسأله
"أعرف أن الأمر يؤلمك (منذر) وكل شيء تعقد لكن لا تيأس هكذا"
هز رأسه دون رد فربت على كتفه ثم ناولته كوبه قائلة
"ماذا ستفعل معها؟ .. لا يعقل أن تحبسها هنا للأبد يا (منذر)؟"
زفر بقوة وتراجع يسند ظهره للأريكة
"لا أعرف يا (شاهي) .. لقد تعقد الأمر حقاً .. هي لا تمنحني فرصة حتى للتناقش معها أو الاقتراب منها .. لقد رأيتِ بنفسكِ"
هزت رأسها بأسف ثم ردت
"إنّها معذورة يا (منذر) .. بعد كل ما أخبرتني به"
مطت شفتيها وصممت لحظة ثم أكملت
"من كان يتخيل أن يكون بينكما هذا الرابط القديم؟ .. لم أتوقع أبداً أن مجيئها هنا لم يكن مصادفة"
ابتسم بمرارة
"وأي رابط يا (شاهي)؟ .. أي رابط؟"
نظرت له بأسى فيما يردف
"ربما لهذا كنت أشعر أنها مألوفة .. لكنني فقط لم أتذكر .. لم تكن أحلامي السبب .. كانت ابنة الرجل الذي أحمل ذنبه هو الآخر على كاهلي .. ويدا أبي ملطخة بدماء أسرتها .. كيف يمكنني أن أحلم أن تتقبلني يا (شاهي)؟"
"هي تحبك يا (منذر)"
همست بخفوت فضحك بمرارة
"نعم .. تحبني؟ .. هل رأيتِ ماذا فعلت بعد أن عادت لوعيها فرأتني قربها؟ .. مهما بلغ حبها هل تتوقعين منها أن تتنازل وتمنح قلبها لابن عدوها"
قالت بحزن
"لكن أنت لا ذنب لك (منذر)"
لوى شفتيه بمرارة ساخرة فأكملت
"ألم تقل أنك كنت تساعد والدها؟ .. أنت لم يكن لديك علم بخطة والدك لقتله"
رد بألم
"لا يا (شاهي) .. كنت أعرف"
اتسعت عيناها بدهشة
"عرفت وحذرته لكنني اكتشفت بعدها أنني أبلغته معلومة خاطئة .. الموعد والمكان والتفاصيل كلها كانت كذب .. كانت خدعة من أبي .. الآن فقط فهمت ما حدث وقتها .. لم أربط بينه وبين خطأي .. ظننت أنه غير خطته فيما بعد وقرر التعجيل بالتخلص منه .. ربما يكون قد وضع تلك الخطة وهو يشك بأن هناك جاسوس من رجاله متفق مع (ماجد)"
صمت قليلا وارتشف رشفة من الكوب ثم عاد يكمل
"كان هناك رجل بالفعل .. (ماتيو) .. لكن (توفيق) كشف أمره مسبقاً وكلف رجاله بالبحث عنه .. لم أعلم أن تلك الخطة كانت بسببي أنا .. لأنه عرف أنني هو الجاسوس الذي يساعد (ماجد) .. لهذا ظن (ماتيو) أنني خنتهم وقدتهم للموت متعمداً"
تأملته بشفقة ثم قالت
"أخبرها بالحقيقة يا (منذر) .. يجب أن تسمعك حتى لو أجبرتها على هذا .. أنت لا ذنب لك .. هي يجب أن تعرف هذا على الأقل مهما كان قرارها بعد ذلك"
هز رأسه متنفسا بقوة
"لن ألومها على أي قرار تتخذه لكن المهم الآن أن أمنعها من المخاطرة بحياتها"
نظرت له بقلق فأردف
"(ريكاردو) اتصل بي أمس وأخبرني أن (توفيق) يبحث عن شقيق (ملك) الصغير"
غطت فمها بكفها فيما يكمل
"وهذا يعني أنه يريد استخدامه في اصطيادها"
سألته بقلق
"لماذا يريدها بهذا الإصرار؟ .. إن كان خطر والدها عليه انتهى منذ سنوات لماذا يبحث عنها هي؟ .. ما الذي يخيفه منها؟"
شردت عيناه قليلاً قبل أن يجيبها بمرارة
"لأن (ملك) ربما تكون السبيل الوحيد للتخلص منه نهائيا"
"ماذا يعني هذا؟"
سألته وقلبها يرتجف قلقاً فأجابها
"(توفيق) يعتقد أنها وحدها تملك الوصول لمستندات يمكنها أن تلف حبل المشنقة حول عنقه بسهولة لهذا فالسبيل الوحيد ليطمئن أنه في أمان هو أن يتخلص منها نهائياً بعد أن يتأكد من الوصول لتلك المستندات وتدميرها حتى لا تقع في يد أحد أو على الأقل التأكد من عدم وجودها من الأساس"
صمتت لحظات تحاول استيعاب التفاصيل بخوف ثم سألته
"وهل هذه المستندات موجودة حقا؟"
هز كتفيه مجيباً
"لم أعد متأكداً يا (شاهي) .. أعرف أن (ماجد الصباغ) كان يمتلك مستندات تقضي على (توفيق) .. لكن بعد موته .. لم أعد واثقاً من وجودها حقا .. ربما تكون تدمرت في الحادث أو ربما فقدها مسبقاً ولم يجد الفرصة ليخبرني"
شرد قليلاً قبل أن يواصل
"الذي أنا متأكد منه أنّ (توفيق) يثق بوجود تلك الوثائق ويريدها بأي ثمن .. (ملك) هي المفتاح الذي يريده وعندما تنتهي حاجته إليها سيقتلها وشقيقها"
شهقت بخفوت بينما يكمل
"وهذا ما لن أسمح به أبداً"

سألته بعد برهة
"لكن .. إن كانت تعرف الطريق لهذه المستندات .. إن كان لها وجود حقاً .. لماذا لم تقدمها للعدالة وتتخلص منه؟ .. لماذا ستنتظر كل هذا الوقت؟"

هز رأسه
"وهذا ما يجعلني أشك في الأمر .. ربما لا توجد تلك المستندات حقاً .. ربما هي لا تعرف عنها شيئاً لكنّها تعرف مكاناً يحتفظ فيه والدها بأسراره .. هناك احتمالات كثيرة لكن الأهم من كل هذا هو .. أن أمنع (توفيق) من الوصول لها أو لشقيقها"
أومأت موافقة ليردف بعد أن ارتشف قليلاً من المشروب
"(ريكاردو) أخبرني أنّ (توفيق) حتى اللحظة لم يعثر على شقيقها لكنّه مستمر في البحث بإصرار .. لقد كلّفت بعض رجالي هناك بالبحث عن الصغير .. أرجو أن أصل إليه قبل أن يفعل (توفيق) .. عندها سأكون قد انتزعت منه سلاحه .. يجب أن أبعد (ملك) وشقيقها عن الساحة قبل أن أبدأ معركتي الأخيرة"
سرت في جسدها رجفة وهي تنظر له بقلق وكلماته تعيد لها شكوكها بشأن خطته تلك فقالت بقلق

"(منذر) .. ما الذي تفكر فيه بالضبط؟"
تجمدت ملامحه لحظة قبل أن يلتفت لها مجيباً بحياد
"فيما سأفكر (شاهي)؟ .. لقد حانت اللحظة التي انتظرتها لسنوات .. كل الخيوط تتجمع بسرعة وتشير للنهاية .. أنا سأكون هناك عندما تحين نهايته .. لن تكون على يد أحد سواي"

وضعت كوبها والتفتت له بكامل جسدها وقالت بترفق
"أعرف أنّك تكره والدك يا (منذر) وأعرف أنّه لا يستحق الغفران لكن .. لا أريدك أن تتورط في قتله .. لن تشعر بارتياح .. مهما كان شيطاناً ومهما كان ما أجرمه في حقك .. هو لا يستحق أن تلوث يدك بدمه .. انظر عزيزي .. تنتظرك حياة جديدة .. لقد وجدت حبك الحقيقي ولديك الفرصة لتحيا معها في سعادة وتعوضا السنين التي خسرتماها .. لا أقول لك تخلى عن معركتك .. بل استمر فيها .. لن تتخلى عمن طلبوا عونك لتحقيق العدالة وإيقاف والدك عن طغيانه"
استمع لها دون رد فمدت يدها تضغط على كفه قائلة برجاء
"اترك الأمر للشرطة (منذر) .. لا تخاطر بنفسك ولا تلوث روحك .. كل ما مضى من أخطائك سيكون في كفة وقتلك لوالدك سيكون في كفة"
تنفس بقوة وأطرق قليلاً ثم ربت على كفها وابتسم قائلاً

"حسناً عزيزتي .. لا تقلقي بشأن كل هذا .. سيكون له وقته"
حاولت الحديث لكنّه قاطعها باهتمام
"دعينا مني وأخبريني .. كان هناك ما أردتِ الحديث معي بشأنه منذ فترة لكنّنا لم نجد الفرصة وسط كل ما حدث"

قطبت وهي تنظر له قبل أن تقرر عدم الضغط عليه وقالت تجاريه في تغيير مجرى الحديث
"لا بأس .. إنّه شيء يمكن أن ينتظر"

قاطعها برفق
"لا تترددي يا (شاهي) .. إن كان أمراً مهماً لكِ فالبتأكيد لا يمكن تأجيله .. أنا أملك كل الوقت له عزيزتي"
نظرت له بامتنان فسألها مبتسماً
"هه .. ما الذي يشغل تفكيركِ هكذا؟"
تنفست بعمق ثم قالت بعد تردد
"في الواقع .. كان شيئاً أخبرني عنه (محمد) .. ربما تعقدت الظروف الآن لهذا فضلت الانتظار"

"ما الأمر؟ .. أنتِ تقلقينني هكذا"
سألها بقلق فأسرعت تقول
"لا .. لا .. لا شيء مقلق على الإطلاق .. الأمر فقط يخص اتفاقنا"
قطب بتساؤل فأكملت
"تعرف أننا اتفقنا على الانفصال فور أن تنتهي حاجتنا لبعضنا ونتأكد من قدرتنا على إكمال المسير وحدنا"
أومأ موافقاً فتابعت بتوتر
"أنت وجدت (ملك) وقد اقتربت من تحقيق هدفك أخيراً .. تستحق فرصة لتتابع معها بحرية دون أن أقف عائقاً بينكما"

حاول مقاطعتها لكنّها أوقفته مبتسمة
"تعرف أنّه ليس عليك أن تشعر بالذنب أو التردد (منذر) .. أخبرتك مسبقاً أن ما بيننا صداقة .. صحيح ولدت في ظروف غريبة لكنك ستبقى دائماً صديقي المقرب .. لا فائدة من الإبقاء على هذا الاتفاق ما دامت الحاجة إليه قد انتفت"

نظر لها ملياً ثم قال
"وهل انتفت حاجتكِ أنتِ (شاهي)؟ .. لا زلتِ تحتاجين لي"
ضحكت وهي تهز رأسها
"هنا مربط الفرس عزيزي .. (محمد) تحدث معي وأخبرني عن سفره قريباً في منحة جامعية للدراسة في الخارج وعرض عليّ مرافقته"
ارتفع حاجباه بينما هي تابعت
"أشعر أنّها الفرصة التي كنت أنتظرها .. سأتابع حياتي بعيداً عن هنا .. سأبدأ في مكانٍ جديد بعيداً عن كل ما آلمني وقيدني هنا .. ستكون بدايتي الجديدة"

"لكن يا (شاهي)"
قاطعته قائلة بتفهم

"أعرف أنّك ستكون قلقاً بشأن سفري الآن .. لهذا انتظرت أن ينتهي كل شيء ونتخلص من خطر (توفيق) تماماً .. وأيضاً .. أعرف أنّك لا زلت تحتاج لوجودي هذه الفترة .. أنا لا يمكنني التخلي عنك أنت و(ملك) الآن"
قطب مفكراً ثم سألها
"هل أنتِ متأكدة من أنّ هذه رغبتكِ؟ .. تريدين السفر والبدء في الخارج؟"
أومأت بحزم
"لقد فكرت كثيراً .. الفكرة راودتني قبل حتى أن يحدثني (محمد) .. اتصاله شجعني على حسم ترددي"

أطرق صامتاً فأمسكت كفيها بيديها وقالت
"(منذر) .. أنت أيضاً يجب أن تفكر في حياتك .. هذا الاتفاق يجب أن ينتهي .. لا تنتظر أكثر حتى تكون مع المرأة التي تحبها .. هذا ما أتمناه لك .. أنا أعرف جيداً شعورك وأفهم معنى أن تكون مجبراً على أن تبتعد عمن تحب"

انخفضت نبرتها وتلونت بالأسى قبل أن تتابع
"لا أريد أن أقف في طريقكما .. قلبي ليس مطمئناً .. أشعر أنّه لو تأخرتما على الاجتماع سوياً قد يفوت الأوان .. لا أريد أن يحدث ما يبعدكما"
ابتسم بتهكم
"على أساس أنّها ستسمح لي بالاقتراب منها أساساً؟"

هزت رأسها وضغطت على كفيه قائلة بحماس
"هي تحبك (منذر) .. لو صارحتها بمشاعرك وأخبرتها الحقيقة .. لو عرفت أنّك كنت تساعد والدها وتحاول حمايتهم جميعاً من (توفيق) .. عندما تثبت لها أنّك لم تكن أبداً عدوها فأنا متأكدة أنّها سترضخ لقلبها .. لا تدع شيئاً يقف بينكما (منذر) أرجوك"
أخذ نفساً عميقاً وهو ينظر لها بامتنان
"عندما تتحدثين بهذه الثقة أشعر أنّ الأمر ليس بهذه الصعوبة"

ضحكت قائلة
"لأنّه ليس كذلك بالفعل .. هيا اذهب إليها الآن .. أجبرها على سماع الحقيقة ودعها ترى قلبك .. صدقني سيتغير الكثير"

"تعتقدين هذا؟"
هزت رأسها قائلة بثقة

"بل أنا واثقة .. هيا لا تتأخر أكثر"
بقى مكانه لحظات بتردد فدفعته بكفها قائلة وهي تضحك
"هيا .. لم أتوقعك جباناً هكذا .. ولا تقلق .. لن أتهمك بالخيانة"
ضحك مغلوباً وهو ينهض من مكانه فقالت وهي تشير له أن يتحرك
"نحن منفصلان من الأساس عزيزي .. لا داعي لتنتظر طلاقنا أمام المأذون .. هيا .. لكما مباركتي"

ضحكته تحشرجت بعاطفة وامتنان قبل أن يغادر تتبعه عيناها وابتسامتها وهي تتراجع مسترخية في الأريكة وهمست وهي تخرج هاتفها من جيبها
"ها قد حُسم الأمر .. لنبلغ السيد (محمد) ليرتاح قليلاً من زنه المتواصل عليّ"

قالتها وهي تتصل عليه لتبلغه قرارها بينما قلبها كان مشغولاً بـ(منذر) تدعو له أن يستطيع إقناع سجينته العنيدة في الطابق العلوي دون أن تدري أنّ الاثنين كانا في هذه اللحظة يحتاجان الدعاء أكثر من أي شيء آخر.
***************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:28 AM   #1234

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"انزلي (همسة) .. هيا أسرعي لا وقت لدينا"

ترددت صرخته في أذنها بأمر فهزت رأسها رفضاً برعب
"لا .. لن أتركك وحدك (رؤوف)"

هتف فيها وهو يميل بالسيارة مقترباً من منطقة الدغل القريبة منهما

"هذه فرصتكِ الوحيدة (همسة) .. لن نموت معاً"
سالت دموعها
"لا يا (رؤوف) .. أتوسل إليك .. لا أريد .. أفضل الموت معك"
مال بجسده يفتح الباب المجاور لها وهو يحاول التحكم في السيارة بصعوبة

"وأنا لا أريدكِ أن تموتي .. ستعودين لـ(عاصي) .. ستنجبين طفلتنا بسلام (همسة) .. ستعيشين"

صرخت باكية
"لا .. سنعيش معاً"

فك حزام أمانها بيد مرتجفة وسيطر بالأخرى على عجلة القيادة وهو يقول بتوتر
"لا تخافي .. سأبذل كل جهدي لأنجو منهم .. لن أستطيع المواصلة وأنا قلق على حياتكِ حبيبتي .. سأضللهم ريثما تهربين، حسناً؟"

بكت بحرقة تتوسله

"أرجوك .. لا تفعل هذا بي .. لن أستطيع العيش لو أصابك مكروه"
صرخ فيها بعنف جعلها تنتفض

"يكفي .. أطيعي الأوامر"
لو كان الوضع مختلفاً لهتفت فيه رفضاً تخبره أنّها ليست أحد ضباطه لكنّها بكت أكثر .. ركز عينيه على المرآة حيث كانت سيارتان تطاردانه وتكادان تقتربان منهما .. مال بالسيارة التي خفض سرعتها، نحو الطريق الملاصق للأشجار ودقق النظر على نقطة بعينها واقترب منها وهو يقول

"ستكونين بخير .. أنتِ وطفلتنا ستكونان بخير"
فتحت فمها تتوسله لكنّه أحاط رقبتها بكفه الحر وشدها إليه ليقبلها مرة أخيرة بكل عاطفته وأبعدها هامساً لها بحرقة

"أحبكِ"

همست باكية
"أحبك أكثر"

لم تكتمل جملتها وشهقت بقوة وهي تشعر بجسدها يطير للخلف عبر الباب المفتوح مع دفعته القوية لها .. شعرت بجسدها يرتطم بأغضان متشابكة كثيفة الأوراق تلقت معظم صدمتها وحمتها من الارتطام بالأرض .. تدحرجت فوقها ساقطة بداخل الدغل ودارت رأسها بينما تسلل إلى أذنيها أصوات سيارات تنطلق بالقرب بأقصى سرعة .. نهضت مسرعة وتحركت تحاول العودة للطريق مدركة أنّ لابد عاد ليضغط على دواسة الوقود بكل قوته منطلقاً بأقصى سرعة .. ارتجف قلبها مع سماعها دوي الرصاص وسقطت على ركبتيها تلامس بطنها برعب وهي تردد دعاءاً مرتجفاً .. لا .. سيكون بخير .. هو لن يتركهما وحدهما بهذا المكان .. سيعود سالماً ويأخذهما ويعود بهما لوطنهم بأمان .. سيعودون لأمان عائلتهم .. سيعودان لطفلهما الذي اشتاقا له .. انتفض جسدها فجأة مع دوي انفجار قريب وشعرت بطعنة عنيفة تخترق قلبها وقبضة باردة اعتصرت روحها دون رحمة .. شهقات متواصلة غادرت شفتيها وهي تنحني على نفسها محاولة التنفس .. شعرت بالموت يحيطها ومخالبه تنغرس في روحها دون رحمة .. سالت دموعها وهي ترفض تصديق ما تشعر به .. لا يمكن أن يكون هو .. لا يمكن .. انهار العالم من حولها وشعرت بالظلام يغرقها فاستسلمت للغرق وهي تمني نفسها أن ينتهي الكابوس عندما تفتح عينيها في المرة القادمة .. شهقت وهي تفتح عينيها لتحدق في السقف العالي فوق رأسها .. لوهلة لم تدرك مكانها ولا واقعها وتسلل إليها صوتٌ قلق يقول

"أنتِ بخير؟"
نظرت جانبها بنظرات زائغة إلى حيث الممرضة التي واصلت الاعتناء بها منذ أخرجوها من تلك المصحة وأتوا بها لسجنها الجديد .. حاولت التحكم في تنفسها وتعابيرها وحمدت الله أنّ الممرضة لم تلمح شيئاً سوى اضطراب نظراتها وسمعتها تقول
"اهدأي .. أنتِ في أمان .. لا تخافي"
كانت تتحدث معها كامرأة غير واعية فاقدة لعقلها .. هذا أفضل .. هذا كل ما تحتاجه الآن حتى تجد مخرجاً مما هي فيه .. تراجعت بخوف مفتعل وبنظرات دفعت فيها أقصى درجة من الرعب والضياع وانزوت في ركن الحائط وهي ترتجف بينما تنهدت الممرضة بيأس

"لا فائدة"

همست وتحركت لتلتقط هاتفها من على الطاولة القريبة حيث كانت تجلس وأسرعت تتصل برقم ما
"نعم سيدي .. هناك ما أريد أن .."

ضاعت كلماتها عن أذنيها وهي تغادر الغرفة لتقف خارجها مواربة الباب .. تسلل صوتها في همسات غير مفهومة بينما اعتدلت (همسة العاصي) فوق الفراش وعيناها تتوقفان على المكان الذي كانت تجلس فيه الممرضة .. كانت هناك أطباق طعام وفوق أحدهم استقرت شوكة وسكين .. تسارعت أنفاسها بتوتر وتلك الفكرة تلمع بعقلها .. خفق قلبها بعنف وعقلها يعمل سريعاً .. ظلت عيناها مركزتين على المائدة الصغيرة وما فوقها قبل أن ترفعهما تنظر للباب شبه المفتوح ثم نهضت بحذر واتجهت بخطوات هادئة نحوها .. غامت عيناها بشدة وهي تنظر للسكين فوق الطبق الذي تركته الفتاة خلفها وبيد مرتجفة التقطته وتحركت عائدة إلى فراشها .. وضعته أسفل الوسادة وتمددت على الفراش وأغضمت عينيها وعادت تنتظر.

*************************
أخرج (منذر) مفتاح الغرفة من جيبه وهو يبتسم .. تلك الحمقاء تظن أنّها وحدها من تملك مفتاحاً تغلق به الغرفة وتمنعه من دخولها كما تشاء .. لقد كان يحترم رغبتها لا أكثر والآن عليها أن تعيد التفكير .. هو لن يغادر هذه الغرفة إلا بعد أن يضع الحقيقة في عقلها وينتزع منها اعترافاً بحبه وموافقة على أن تكون له .. عليه أن يطمئن أنّها له قبل أن يخوض معركته ضد أبيه .. يعرف أنّها أنانية منه أن يظلمها هكذا .. لكن .. إن كانت هذه أيامه الأخيرة في الدنيا يريد أن يقضيها معها .. لا يريد أن يرحل عن العالم دون أن يعرف طعم حبها وقربها .. ابتسم وعيناه تلمعان بعاطفة وقلبه ينبض بتحرر وكأنما منحته (شاهي) بكلماتها الحرية لينطلق دون حدود .. تنفس بعمق وهو يفتح الباب بحذر ويطل للداخل بهدوء حتى لا يوقظها أو يفاجئها بدخوله .. فتح الباب على آخره وعيناه تتسعان برفض وهما تقعان على السرير الخالي واحتبست أنفاسه بهلع وهو يشعر بتيار الهواء المتسلل عبر الشرفة والستائر المتطايرة وشعر بقلبه يرتجف فرقاً .. لا .. لا يمكن أن تكون قد فعلتها .. لم يدم ذهوله ثانية واحدة وهو يندفع نحو الشرفة وأسوأ السيناريوهات تدور في عقله .. كاد عقله يذهب فعلياً وهو يراها متمسكة بسور الشرفة وتسير على الحافة الضيقة في محاولة منها للوصول للشرفة المجاورة .. ترنح جسده بصدمة لحظية ليصطدم بالضلفة الخشبية وسقط قلبه برعب حين وجدها تنتفض مع الصوت وتتخلى يداها عن السور وينزلق جسدها للخلف .. لم يعرف كيف قفز الخطوة التي تفصلهما بسرعة ليقبض على رسغها .. صرخت برعب وجسدها يتعلق في الهواء بأحد كفيه بينما الأخرى تمسكت بالسور بإحكام .. رفعها بكل قوته وصرخاتها لا تتوقف عن الدوي .. شدها بحركة أخيرة وهو يندفع بجسده للخلف وسقط عبر الشرفة المفتوحة داخل الغرفة وهو يلهث بعنف .. كان ذاهلاً .. خائفاً من أن يفتح عينيه فيجد كل هذا وهماً .. خائفاً من أن يكون قد أفلتها ويتوهم وجودها الآن ملصتقة بصدره .. أفاقته من صدمته شهقاتها القوية وجسدها المرتجف المضموم بقوة بين ذراعيه .. كانت تتمسك به بكل قوتها وارتجافها العنيف يوازي في قوته ارتجاف قلبه المسكين .. ماذا تفعل به؟ .. كيف تجرؤ؟ .. الغضب اشتعل في أعماقه موازياً رعبه عليها .. اعتدل جالساً وانتزعها من فوق صدره مبعداً إياها بالقوة وصرخ فيها غير آبه بحالتها المنهارة
"هل تريدين قلتي؟ .. كيف تفعلين هذا بي؟ .. هل تريدين الموت لهذه الدرجة؟"

بكت بحرقة وجسدها ينتفض بين قبضتيه وهو يهزها صارخاً بكل قهر
"كم مرة ستلاحقين الموت وأطارده أنا لأستعيدكِ منه؟ .. كم مرة (ملك)؟ .. تباً .. لهذه الدرجة تكرهينني؟ .. تفضلين الموت على البقاء معي لهذه الدرجة، هه؟"
صرخ فيها وهو يهزها بقوة أكبر

"ماذا فعلت لكِ لتنتقمي مني بهذه الطريقة؟ .. ماذا أجرمت بحقكِ لتعذبيني بفقدكِ أيتها الغبية؟ .. تكرهينني لدرجة أن .."
شهقت بالبكاء أكثر وقاومت قبضتيه وهي تهتف
"لا"
قطب وهو يتنفس بقوة وقبل أن يعاود صراخه المنفعل فيها صرخت بها مجدداً وهي تهز رأسها برفض وتندفع لتلف ذراعيها حول رقبته وتضم نفسها له بقوة دفعته للخلف حتى كاد يسقط على ظهره .. بقى ذاهلاً للحظات وهو يسمعها تهتف من بين دموعها
"لا .. أنا لا أكرهك .. لا أكرهك"

عاد قلبه لينبض بكل جنونه وصخبه وشعر بذارعيها تشتدان حوله أكثر وهي تواصل همساتها الباكية
"أنا آسفة .. أنا لا .. لا أكرهك .. آسفة"
شعر بدموعها تلامس رقبته وبارتجاف وتردُد رفع ذراعيه ليضم جسدها المرتجف إليه وأغمض عينيه متنفساً بعمق، يحتويها بتملك وخوف وهو لا زال يرتعد من فقدانها الذي أوشك أن يقتله

"أحبكِ"
غادرت شفتيه دون ترتيب أو مقاومة .. اعترافه انطلق من قلبه محطماً كل أسواره وحصونه مقراً أنّ انتظاراً آخراً ربما يعني فراقاً أبدياً وهذا ما لن يسمح به أبداً.
************************
انتهى الفصل التاسع والخمسين
إن شاء الله ينال إعجابكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:30 AM   #1235

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الستون
وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ
لَعَلَّ خَيالاً مِنكِ يَلقى خَيالِيا
هِيَ السِحرُ إِلّا أَنَّ لِلسِحرِ رُقيَةً
وَأَنِّيَ لا أُلفي لَها الدَهرَ راقَيا
"قيس بن الملوح"
**********************
تحركت (سديم) بخطوات مرتجفة متخبطة تكاد تتعثر في كل خطوة وتحرك صدرها بشهقات عنيفة .. تكاد تختنق .. نظرت للأفق أمامها وتوقفت وهي تراه محمراً كلون الدم ليزداد اختناقها ورفعت يديها إلى كفيها .. توقفت عيناها بارتياع على الدم الذي أغرقهما وسال منهما على ثيابها وعلى الأرض .. راقبت الأرض تذوب وتذوب حتى انفتح أسفلها لتهوي من عل وصرخت دون صوت وهي تهوي .. كادت تصطدم بالأرض لولا أن شهقت بقوة واستيقظت بعينين مفتوحتين على وسعهما وأنفاس متسارعة مرتعبة .. خفضت عينيها بسرعة تنظر لكفيها المرتجفتين ولم تلبث دموعها أن سالت وهي تسترجع في لحظة تلك الدقائق التي عاشتها هناك في المخزن .. هل كانت تحلم؟ .. لا .. كانت هناك فعلاً؟ .. وهو كان هناك تحت رحمتها .. صوبت مسدسها إليه وهي تقتل داخلها كل صوت يأمرها بالتردد .. كيف فعلتها؟ .. لقد كادت ترتكب أكبر خطأ في حياتها .. كادت تقتل شخصاً .. كادت تفقد آخر فرصة لها لتحتفظ بإنسانيتها .. كيف استسلمت لضعفها وتركت (سيلين) تعود لتسيطر عليها؟ .. انهمرت دموعها أكثر وهي تغرس أصابعها في شعرها .. ماذا لو لم يصل (آدم) و(هشام) ويمنعانها من ارتكاب هذه الجريمة؟ .. كانت ستخسر نفسها للأبد .. اختنقت ببكائها وهي تهمس
"سامحني يا ربي .. سامحني"
لقد ضعفت .. تركت يأسها وصدمتها يسحبانها عن الطريق .. هل تستغرب هذه النتيجة؟ .. كان يجب أن تتوقع منذ تركت أمانها وقوتها وراءها بتخليها عن مصدرهما .. عن أحبائها .. (سديم) ليست (سيلينا) أبداً .. تلك الأخيرة لم تعرف معنى العائلة ولا القوة التي يمنحها لنا من يحبونها .. حتى و(بيير) يمنحها حبه ودعمه كانت تصر على البقاء وحيدة .. تؤمن بقوتها وحدها لكن (سديم) .. (سديم) ولدت بعائلة .. ولدت بالحب .. ماتت مع رحيل العائلة وعادت للحياة بعودتها لعائلتها من جديد .. لهذا لا يمكن لـ(سديم) أن تنجو بمفردها .. رفعت رأسها في اللحظة التي طُرق فيها الباب وانفتح ليدلف منه (آدم) وانتفض قلبها بعنف مع رؤيته .. تنفست بصعوبة وهي تنظر له بذهول بينما يقترب قائلاً بحنان
"هل استيقظتِ حبيبتي؟ .. كيف تشعرين الآن؟"

لم تنطق بحرف وعيناها تتبعانه في حركته حتى جلس بجوارها ومد يده يلامس شعرها برقة
"لقد أقلقتِنا عليكِ كثيراً (سديمي) .. لولا أنّ الطبيب طمأننا عليكِ لمتنا قلقاً .. لقد نمتِ لوقتٍ طويل .. لابد أنّ جسدكِ كان مرهقاً"

سالت دموعها وهي لا تزال تنظر له في صمت فمد يده يمسح دموعها ومال يقبل جبينها بحب
"لا تفكري في أي شيء الآن ولا ترهقي نفسكِ .. سنتحدث لاحقاً في .."

قطع جملته عندما اندفعت تتعلق بعنقه وهي تبكي هاتفة
"أنا آسفة .. آسفة"

لم يرد وأغمض عينيه بتعبير متألم ولم يحرك ساكناً ليضمها فتتشبثت به أكثر وهي تواصل بحرقة
"لقد أخطأت .. ارتكبت خطأ كبيراً في حقك .. في حقكم جميعاً .. لن ألومك إن غضبت أو تركتني للأبد .. فقط .. سامحني .. لا أريد إلا أن تسامح ضعفي واستسلامي .. أنا آسفة"

خنقته غصته ودموعه وقاوم نفسه وهو يشعر بارتجافة جسدها الشديدة
"صدقني لم أعرف .. لم أعرف ماذا أفعل .. كنت ضائعة وخائفة .. كنت أفكر فيك وفي صغارنا .. خفت أن أجعلكم تتألمون مجدداً وتعيشون بسببي نفس الألم .. لقد أجرمت في حقكم .. سامحوني"
لم يحتمل أكثر ورمى بكل حزنه وألمه منها عرض الحائط حين همست
"اغضب مني كما تشاء لكن .. أتوسل إليك .. لا تتركني الآن .. أنا أختنق .. أشعر بالبرد (آدم) .. ضمني أرجوك"

لم تكد تنهي كلمتها حتى كانت ذراعاه تحيطان بها وتشدانها إليه بكل قوته .. حبسها فوق صدره وهو يسمعها تردد بلوعة
"ضمني إليك (آدم) واخفني داخلكِ من هذا العالم .. أريد أن أنسى هذا الألم"
خانته دموعه فهمس وهو يحتضنها
"ستكونين بأمان .. أنا معكِ دائماً"
أومأت بضعف ويداها تنغرسان فيه بتشبث

"أعرف .. عرفت هذا دائماً .. سامحني لأنني ظننت أنني لا أستحق أمانك وحمايتك .. آسفة لأنني خذلتك"
مسح على شعرها وهو يقول
"لا ترهقي نفسكِ حبيبتي .. سنتحدث في كل هذا لاحقاً عندما ترتاحين"
همست بوجع
"هل سأرتاح يوماً يا (آدم)؟"
تنهد بحرارة وهو يجيبها
"سترتاحين حبيبتي .. كل هذا الألم سينتهي وستنسين كل شيء .. لا تتعبي نفسكِ الآن"

وتسللت يده بينهما لتلامس بطنها بحنان وشعر بارتجافتها وهو يكمل
"قال الطبيب أنّكِ تحتاجين الراحة التامة من أجل الجنين"

تصلب جسدها للحظات قبل أن تبتعد وتنظر له بوجل وهمست
"هل عرفت عن .."

لمعت عيناه بعاطفة وتحركت يده بتملك وحماية على بطنها وارتجف صوته
"عن طفلنا القادم؟ .. أجل عرفت"

سالت دموعها وهي تنظر له وهزت رأسها هاتفة ببكاء
"أجل .. أنا أحمل طفلك حبيبي .. أمنيتي التي انتظرتها طويلاً"
ووضعت يدها فوق كفه وضغطت عليها
"إنّها هنا .. طفلتنا"

ارتفع حاجباه بتأثر وهو يسألها
"طفلتنا؟"

ضحكة باكية غادرت شفتيها
"أشعر أنّها ستكون طفلة .. أنا أريدها طفلة"
عرف أنّها تتذكر طفلتهما الراحلة وتريد تعويضها، فابتسم بحنان وألم وهو يمسح على خدها بيده الحرة بينما تواصل بعاطفة

"كدت أطير فرحاً عندما عرفت بوجودها .. أردت أن أطير إليك لأشاركك سعادتي .. شعرت .. شعرت أن الدنيا فتحت لي كل أبوابها وأعطتني كل السعادة الموجودة في هذا العالم"
صمتت لبرهة وبهتت ابتسامتها وهي تنظر له بضعف
"لم أعرف أنّها ستصفعني بهذه القسوة (آدم)"
هز رأسه قائلاً بحزم
"لا تتحدثي هكذا .. أنتِ بخير"

شهقت بالبكاء وهي ترد
"أنا مريضة (آدم) .. مريضة بنفس المرض الذي ماتت به أمي .. هل تعرف ماذا يعني هذا؟"

احتضن وجهها بكلتا يديه وضغط بهما هاتفاً بقوة
"لا يعني شيئاً .. أنتِ مريضة وستُشفين .. ليست نهاية العالم .. أنا سأفعل أي شيء لتكوني بخير .. ستكونين بخير ولن يحدث لكِ مكروه، هل تسمعينني؟ .. لن تتركينا أبداً"

همست بلوعة
"ليتني أستطيع .. ماذا لو .."
عاد يهتف بحرقة
"لا تقولي لو .. لماذا لا تفكرين بتفاؤل وإيجابية؟ .. لماذا أسرعتِ تقفزين للنتائج السيئة؟ .. لماذا تتوقعين الأسوأ؟ .. كل هذا وهم في رأسكِ .. أنتِ من ستسمحين للمرض أن يتملكك وينتصر عليكِ إن استمريتِ بالتفكير بتشاؤم هكذا"

أطرقت تبكي في صمت فأكمل وهو يضمها
"ستحاربين من أجل نفسكِ .. من أجلي ومن أجل صغارنا .. أنتِ لن تتركيهم وترحلين (سديم) .. لن تتركي نفسكِ تنهزمين .. لن تخذلينا بهذه الطريقة"

أومأت وهي تحتضنه بقوة
"لن أفعل .. لن أخذلك .. لن أفعلها مرة أخرى .. وأنت .. أنت ستبقى معي في كل خطوة، صحيح؟ .. مهما كانت النتائج ستبقى قوياً من أجلي، هه؟"

رفع كفه وضم رأسها بحنان واعداً إياها
"سأبقى قوياً من أجلكِ مهما حدث .. لن أضعف مرة أخرى .. لأنني قوتكِ، صحيح؟"

هزت رأسها بهمسات مختنقة بالبكاء فتابع
"وأنتِ قوتي (سديمي) فلا تخذليني .. عديني بهذا"

"أعدك .. أعدك (آدم)"
هتفت بحرارة فابتسم وهو يلفها بين ذراعيه ومال ليرقد على الفراش مردداً بحنان
"وأنا أعدكِ يا قلب (آدم) .. أنا أيضاً لن أخذلكِ وسأبقى قوتكِ حتى آخر لحظة في عمري"
همست وهي تحرك يدها فوق قلبه
"حفظك الله لي (آدم) .. حفظك الله لي ولصغارنا حبيبي"

مسح على ظهرها بحب وأغمض عينيه كما فعلت
"وحفظك لنا حبيبتي وحماكِ من كل سوء"
شعر بدموعها الدافئة فوق صدره فتنهد بعمق وأدار رأسه ليدفن شفتيه فوق جبينها يخبرها بقبلته آلاف الكلمات والمشاعر التي يعجز عن نطقها وأغمض عينيه كما فعلت سامحاً للنوم الذي خاصمه طويلاً أن يهدهدهما معاً وهو يهمس لقلبه يأمره أن يرتاح قليلاً فحبيبته صارت بين يديه في أمان وسيفعل كل ما بيده لتبقى كذلك.
*******************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:32 AM   #1236

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تقلب (عاصي) في فراشه بضيق محاولاً استدعاء النوم دون جدوى، وعقله لا يكف عن تعذيبه بما حدث مع (رهف) .. لقد كان كل شيء يسير على ما يرام .. ماذا حدث ليتعقد من جديد؟ .. اللعنة عليكِ (مايا) .. هتف داخله بحنق، ونهض جالساً ودفن رأسه بين كفيه وهو يردد
"ماذا أفعل معكِ يا (رهف)؟ .. كيف أمحو تلك النقطة السوداء من داخلكِ للأبد؟ .. كيف؟"
لم يحتمل البقاء مكانه فأزاح الغطاء بحركة حادة ونهض متجهاً للشرفة ففتحها ليقف فيها .. لم يفلح الهواء البارد في منحه بعض الهدوء ولا أن يخفف الغضب الذي يشعره داخله تجاه نفسه وتجاه (مايا) التي أتت بقدميها لتزيد الطين بلة وتفسد علاقتهما التي تتحسس خطواتها نحو الثقة والأمان .. هو السبب في كل هذا .. كيف يطلب منها أن تنسى ماضيه وإيلامه لها بهذه البساطة؟ .. كيف يلومها على مشاعرها؟ .. كان هو من أدخل (مايا) حياته قبل سنوات وهو من يدفع الثمن الآن .. فليحتمل عقابه إذن حتى يصل لحل
"وأنتِ يا (مايا) .. أقسم سأجعلكِ تندمين على الحماقة التي ارتكبتِها"
ردد بقسوة وهو ينظر للسماء المظلمة .. زفر بحرارة وتحرك للداخل ليخرج علبة سجائره من درج مكتبه، ونظر لها باختناق ثم انتزع واحدة منها وأشعلها .. يريد أن ينفث كل غضبه ومشاعره الخانقة فيها .. لو استسلم لنفسه لذهب رأساً إلى غرفة تلك العنيدة الغاضبة وأجبرها على مصالحته ونسيان ما حدث في مكتبه .. وقف في الشرفة يدخن السيجارة بعصبية وهو يستعيد أحداث اليوم السابق حين تفاجأ بـ(مايا) في الشركة تطلب مقابلته لأمر هام .. أمر السكرتيرة أن تخبرها برفضه لقائها لكنّها أصرت وكادت تفتعل مشهداً فاضحاً وسط العاملين .. كان يعرف أنّه يرتكب خطأ فادحاً بسماحه لها بالدخول لكنّه فعل على أية حال .. وتلك الوقحة دخلت برأس مرفوع وخطوات مغرورة واثقة كأنّها تملك الشركة .. وقفت أمامه تنظر له بابتسامة استفزته ليسألها بحنق

"ماذا تفعلين هنا؟ .. أظنني أوضحت رأيي جيداً في مسألة اقترابكِ مني"
ابتسمت بدلال استثقله واقتربت منه بأناقة وقالت بأسف مفتعل
"أردت الاعتذار منك (عاصي) .. أعرف أنني كنت سيئة ووقحة معك آخر مرة"

ضاقت عيناه بشك بينما تابعت وهي تزم شفتيها بحزن
"لقد فكرت كثيراً فيما قلته وفي كل ما حدث بيننا قديماً ومنذ عدت محاولة استعادة علاقتنا و"

قاطعها بنفاذ صبر وشعور سيء راوده
"اختصري يا (مايا) .. لدي عمل ولا أملك الوقت للحديث في الماضي"
أطرقت بأسى

"أنت محق .. لم يعد هناك وقت لنتحدث في الماضي .. حسناً .. كما قلت لك .. أنا فكرت ملياً في الأمر ورأيت أنّك محق"
ازداد الشك في عينيه وهي تواصل
"لقد كنت غبية لأحلم بأنني أستطيع انتزاعها من قلبك واستعادتك مجدداً .. من الواضح أنّك تعشقها"
وابتسمت بحزن لم يصدقه مردفة
"لقد رأيتكما تلك الليلة في المطعم .. كنت هناك مصادفة ورأيتكما تحتفلان مع عائلتكما .. لقد شعرت بالألم والغيرة (عاصي)"
حاول مقاطعتها لكنّها أوقفته مكملة
"لهذا تصرفت بتهور .. ربما أردت أن أفعل شيئاً كانتقام طفولي منكما .. لكن .. أنت محق .. لقد انتهت علاقتنا منذ زمن ولا أمل في إعادتها"

اقتربت من مقعده ليقطب بضيق متوجساً تصرفاً غير مرغوب فيه من جانبها لكنّها وقفت على مسافة آمنة وهمست
"جئت لأودعك قبل أن أرحل .. لم يعد لي شيء أبقى لأجله هنا .. لا أملك أي فرصة معك بينما قلبك مع زوجتك"

كتّف ذراعيه وهو ينظر لها
"أنت لا تثق بي، صحيح؟"
رددت بنبرة متألمة

"لديك الحق .. لن ألومك"
تنفس بقوة وهو يقول بينما ينهض من مقعده ويبتعد عنها ليقف عند النافذة ويعطيها ظهره
"حسناً (مايا) .. تقبلت اعتذارك .. من الأفضل أن تذهبي الآن"

لم يسمع منها رداً لثوان فالتفت يتأكد من رحيلها لكنّه وجدها لا تزال واقفة خلفه وعيناها مائلتان بحزن .. هز رأسه قائلاً
"ماذا تنتظرين؟"
اقتربت منه وهي تقول بأسف

"ألا يمكنني أن أودعك لمرة أخيرة؟"
ابتعد عنها مانعاً إياها من الاقتراب أكثر
"من الأفضل لكلينا ألا نفعل .. اسمعي (مايا) .. انسي كل شيء وابدأي صفحة جديدة كما فعلت .. لا أظن أصلاً أنّكِ كنتِ جادة بشأن علاقتنا في الماضي وأنتِ تعرفين هذا جيداً"
خُيل إليه أنّ عينيها لمعتا بضيق وغضب مكبوت سرعان ما اختفيا وعاد الحزن يلمع بمقلتيها وهي تهمس
"أنت تظلمني (عاصي) .. أنا فقط كنت أعرف أنّك تحب ابنة عمك وتأكدت بعد وقت أنّك كنت تتخذني ستاراً أو تحاول إغاظتها بي .. لم أحتمل هذا"

قاطعها قائلاً بحزم
"لقد تحدثنا بما يكفي (مايا) .. لا داعي للحديث أكثر"
أطرقت بأسف وهزت رأسها وانتظر هو أن تتحرك وتغادر لكنّها لم تفعل فقط نظرت لشاشة هاتفها وقطب هو بتوجس وذلك الشعور داخله ازداد وهو يرى تألق عينيها فجأة قبل أن ترفعهما إليه وتبتسم مرددة
"معك حق .. لقد أطلت الحديث بلا طائل وعطلتك عن عملك"
واقتربت منه خطوة أخرى ومدت يدها قائلة بابتسامة واسعة

"إذن .. هنا نصل للنهاية (عاصي رضوان) .. وداعاً"
نظر لكفها بعدم ارتياح لكنّه مد كفه مضطراً وصافحها لثانية ثم تركها
"وداعاً"
قالها باقتضاب ونظر نحو الباب كأنما يخبرها دون كلام أن ترحل فدارت على عقبيها ليتنهد هو وتحرك ينوي العودة لمكتبه لكنّها كانت خطوة واحدة ليتفاجأ بها تعود الخطوة التي سارتها ثم يتعثر كعبها فتندفع واقعة فوق صدره .. لم يستوعب ما حدث وذراعه أسندتها بتلقائية .. توقف العالم كله مع الشهقة التي ترددت من عند باب مكتبه ليرفع عينيه متسعتين وشحب وجهه وهو يرى (رهف) تقف هناك بوجه شاحب وعينين جاحظتين بصدمة وألم .. طعنة اخترقت قلبه مع نظراتها وأغرقه اليأس فجأة وهو يعرف إلى أين قفز عقلها .. خفض عينيه لـ(مايا) التي اعتدلت في وقفتها وازدادت التصاقاً به ومالت لتهمس في أذنه بسخرية وعبث
"أخبرتك يا (عاصي) .. ماضيك سيظل عثرة أمام حبكما ومهما فعلت لن تزيل البقعة السوداء من قلبها تجاهك"
همستها وابتعدت تنظر له بخبث وتحد بينما كانت عيناه هو معلقتين بعينيّ (رهف) يتوسلها ألا تخذله هذه المرة .. ستكون طعنة قاتلة له ولقلبه .. قلبه الذي انتفض وهو يراها تندفع لتدخل الغرفة بخطوات غاضبة وعيناها اشتعلتا بطريقة لم يرها منذ سنوات .. قبل أن يفهم ما حدث كانت تقترب من (مايا) وتشدها من مرفقها تديرها لها فادعت تلك الأخيرة المفاجأة وشهقت هاتفة
"(رهف) .. أنتِ هنـ .."

أخرستها صفعة عنيفة نزلت بها كف (رهف) على خدها فجحظت عيناها وهي تنظر لها بصدمة ويدها ارتفعت تتحسس مكان الصفعة بينما (رهف) تهتف بغضب ناري
"ارفعي يديكِ القذرتين عن رجُلي"

ارتفع حاجباه بذهول مع كلمتها ولوهلة نازعته رغبة عنيفة في الضحك لكنّه لم يستطع أن يتغلب على ذهوله وهو ينظر لها بينما هزمت (مايا) صدمتها سريعاً لتهتف
"اللعنة .. ما الذي .."

عادت تخرسها بصفعة أشد عنفاً على الخد الآخر وهي تهتف فيها
"المرة القادمة التي ستقتربين فيها من زوجي سأقتلكِ بيديّ، هل سمعتِ؟ .. سأقتلكِ"

وشدتها من ذراعها بقوة لم يعرف من أين أتت بها لتدفعها نحو الباب فتعثرت (مايا) وكادت تسقط لولا أن تمالكت نفسها سريعاً والتفتت تنظر لها بصدمة وكراهية شديدة ثم هتفت وهي تلامس خدها المحمر
"ستدفعين ثمنها غالياً يا (رهف رضوان) .. أقسم سأجعلكِ تندمين غالياً"

تنفست (رهف) بقوة ولم ترد على كلماتها .. فقط بقيت تنظر لها بجمود وتحد أنثى متملكة مستعدة لقتل أي أخرى تقترب من حدود مملكتها .. كان واقفاً في صمت يراقب وقلبه لا يسعه ولا يتوقف عن النبض بحماس .. بل يتقافز فخراً وعشقاً لها .. لم تخذله .. لم تقفز باتهاماتها وتقتله بشكوكها .. نقل عينيه إلى حيث اندفعت (مايا) تغادر بخطوات عنيفة دلت على انفجارها الوشيك وعاد قلبه ينقبض بتخوف .. ماذا لو حاولت إيذاء (رهف) بالفعل انتقاماً منها؟ .. ماذا لو .. انقطعت أفكاره عندما التفتت هي إليه وقد اختفت النظرة المشتعلة منهما وعادتا تنطفئان بطريقة آلمته وأطل الجرح منهما عميقاً وهي تسأله دون كلمات .. لماذا يخذلها مجدداً؟
"(رهف) .. أنا"
همس بتردد ثم أكمل وهو يخطو نحوها
"حبيبتي أقسم لكِ لم يحدث أي شيء مما تظنين .. إنّها .."
قاطعته هامسة بألم
"أعرف"

ونظرت في عينيه بمرارة وهي تكمل
"أعرف أنّ شيئاً لم يحدث .. أعرف أنّها تعمدت أن تفتعل هذا المشهد"

كان يجب أن يسعد بكلامها .. يفرح أنّها لم تشك به لكنّ كلماتها أثارت شعوراً خانقاً بقلبه فعاد يهمس باسمها برجاء بينما سالت دمعتان على خديها وهي تهمس
"مع هذا أنا أتالم يا (عاصي)"

كلمتها اخترقت قلبه بوجع أشد
"أنا أتألم بشدة"
اقترب ليحتضن وجهها بكفيه مردداً بحرقة
"فداكِ (عاصي) يا عمري .. ليت هذا الألم بي أنا .. أقسم لكِ حبيبتي .. هي أرادت أن تتسبب في نزاع بيننا .. أرادتكِ أن تكرهيني و.."
قاطعته هامسة ودموعها تسيل
"أنا أحبك"

رقت عيناه بعشق ذائب ومال بوجهه نحوها لكنّها وضعت يدها على صدره تمنعه الاقتراب .. نظر لها بتساؤل قلق فابتعدت خطوة للخلف وهي تكمل بهزة كتف وابتسامة مجروحة
"أحبك يا (عاصي) ولا يمكنني إنكار هذا لكنني .. أتألم من غيرتي وشكوكي .. هل سأبقى أتلفت حولي خوفاً من أن تظهر أخرى من ماضيك وتحاول التفريق بيننا؟"

حاول الاقتراب منها
"(رهف) حبيبتي .. لا تدعيها تنتصر .. لا يوجد ولن توجد أخرى سواكِ .. أنتِ عمري وماضيّ ومستقبلي .. كنتِ أنتِ دائماً عسليتي"
أغمضت عينيها وتنفست بعمق ثم فتحتهما تواجهه
"هل كنت أنا دائماً يا (عاصي)"
اقترب ليحتضنها بقوة وهو يهتف
"لم تكن هناك غيركِ .. أنتِ ملكتِ هذا القلب .. كنت غبياً ولم أفهم لكنّه كان ملككِ وحدكِ (رهف) .. أقسم لكِ"

لم تحاول إبعاده وشعر بدموعها تبلل قميصه وبقيا هكذا للحظات قبل أن تبتعد وتمسح دموعها بقوة وهي تقول
"أنا أحبك لكنني غاضبة ومتألمة .. أحتاج بعض الوقت مع نفسي (عاصي)"

فتح فمه لينطق فهزت رأسها تمنعه الكلام وتراجعت للخلف
"سنتحدث عندما أرتاح .. ولا تقلق .. أنا لا أنوي الانفصال عنك .. لقد سمعت ما قلت"
ورفعت رأسها باعتداد وأكملت
"أنت رجلي أنا ولن أتنازل عنك لامرأة أخرى"
ابتسم بقلة حيلة رغم الحزن في عينيه وقلبه بينما أسرعت هي دون كلمة أخرى وغادرت المكتب تتبعها عيناه اللتان التقتا بعينيّ شقيقته التي كانت واقفة عند الباب وبدا أنّها قد شهدت ما حدث .. اختفت (رهف) في الخارج بينما وقفت (همسة) لحظات تنظر له بشفقة ولوم ثم أسرعت تغادر خلفها دون أن يحاول إيقافهما.

تنهد عائداً من ذكرياته وهمس
"حتى متى ستبقين على غضبكِ يا عسلية؟"
استند لباب الشرفة يواصل تدخينه وعقله يفكر فيما ينتظرهما .. هل سيبقيا على هذه الحال كلما ظهر طيف من ماضيه أو اقتربت منه امرأة؟ .. ستظل تشك به؟ .. زفر بيأس وواصل شروده الذي قاطعه طرقات على باب غرفته فرد دون تركيز
"ادخل"
لم يشعر بانفتاح الباب ولا بالخطوات الهادئة التي اقتربت منه بحذر .. حركة خافتة بجانبه جعلته ينتبه وارتفع حاجباه وهي تمثل أمامه .. تقف ببجيامة نومها وشعرها العسلي يتساقط حراً على كتفيها وظهرها .. خفق قلبه وهو يهمس داخله .. ها قد بدأ يهلوس بها كعادته .. نظر في عينيها بشرود بينما قطبت هي بضيق وعيناها تتعلقان بسيجاره قبل أن تقول
"كم مرة قلت لك لا تدخن هذا القرف يا (عاصي)؟ .. لهذه الدرجة لا تهتم لرأيي؟"

حدق فيها بدهشة فيما تقدمت خطوة منه ومدت يدها تنتزع السيجار وتلقيه أرضاً وتدهسه بقدمها في غيظ وهي تواصل
"هل تنوي أن تقدم قدوة سيئة لأطفالنا؟"

ارتعد قلبه أكثر .. هل هي هنا حقاً؟ .. ليس هذياناً هذه المرة؟ .. هل قالت أطفالنا؟
"(رهف) .. أنتِ هنا حقاً؟"
همس بنبرة مرتجفة فابتسمت وهي تميل برأسها
"من أكون إذن إن لم أكن هنا؟"

رفع يداً مرتجفة يلامس خدها وتنفس بقوة
"ليس حلماً؟"
هزت رأسها وفتحت فمها تنفي لكنّه لم يمنحها الفرصة وهو يندفع ليضمها إليه بقوة
"حبيبتي .. ظننتني أفسدت كل شيء من جديد .. أنتِ هنا حقاً؟ .. أتيتِ إليّ بنفسكِ؟"
رفعت ذراعيها تحيط بخصره وهي تهمس ودموعها تسقط في صمت
"أنا هنا (عاصي) .. أنا آسفة حبيبي .. سامحني"

ضمها أكثر وهو يهمس
"لا .. لا تتأسفي .. لا شيء تعتذري عنه .. أنا من يجب أن يعتذر .. سامحيني"
تركت دموعها تسقط على صدره ورددت
"أنا خائفة (عاصي)"

"لا تخافي يا قلب (عاصي) .. أنا معكِ"
همس معتذراً عما أوصلها إليه بينما أكملت هي
"أنا خائفة من نفسي .. خائفة أن أفقد قوتي وأتعب من كل هذا .. خائفة من أن استسلم لغيرتي وألمي وأخسرك في النهاية"

أبعدها محتضناً وجهها بكفيه
"سنحارب هذا معاً (رهف) .. انسي كل الماضي .. نحن أبناء اليوم حبيبتي .. كل ما تخافينه كان وهماً .. أشياء لا قيمة لها لا أحب حتى تذكرها .. أنتِ هي ماضيّ الحقيقي وحاضري .. أنتِ مستقبلي .. أنتِ فقط"

أومأت وهي تحاول التحكم في دموعها وهمست
"أعرف .. لكن .. الألم شديد (عاصي) .. إنّه يمزق قلبي .. عندما أرسلت لي تلك الصور لا تعرف كيف شعرت"

قطب بشك
"أي صور؟"
عضت على شفتها ثم أجابت تخبره عن الصور التي وصلتها له مع (مايا) فشتم غاضباً وهو يتنفس بحنق ثم التفت لها متسائلاً

"لماذا لم تخبريني بشانها؟"
"لم يكن مهماً (عاصي) .. كنت أعرف أنّها لابد خدعة منها .. أنا صدقت حبك لي وصدقك في أن نبدأ معاً حياتنا .. لكن .. أنا تألمت وأنا أراها معك في تلك الصور .. هي لم تكتف بهذا بل أنا واثقة أنّها هي من أرسل يخبرني أنّك تخونني معها في مكتبك"
كز على أسنانه بينما تواصل
"أنا لم آت صدفة (عاصي) .. كنت أعرف أنّها هناك وتوقعت ماذا تنوي لكن الأمر كان قاسياً رغم علمي بكذبها .. وانتظرت أن تخبرني أنت عن ذلك اللقاء وحقيقة تلك الصور لكنّك لم تفعل"
احتضن وجهها وقال متوسلاً

"لأنّني لم أرد أتسبب في مشكلة حبيبتي .. كان تصرفاً وقحاً وحقيراً منها لكنّه لم يعن لي شيئاً"
هزت رأسها نفياً
"لا (عاصي) .. إن كنا نريد أن نؤسس حياتنا معاً على أساس قوي وسليم علينا أن نكون صريحين معاً .. لا تخفي عني أي شيء يمكن أن يسبب مشكلة بيننا أو يخلق سوء فهم .. صارحني .. وأنا لن أخفي شيئاً وسأصارحك بما يقلقني وما يهمك أن تعرفه .. هكذا يمكننا أن نحمي حبنا وزواجنا من أي عقبات مستقبلية"
ابتسم بحب

"أنتِ محقة حبيبتي .. وأنا أعدكِ من الآن وصاعداً ستكون الصراحة والثقة المتبادلة هي أساس حياتنا معاً"
نظرت له ممتنة وابتسمت وهي تضع رأسها على صدره تضم نفسها له
"شكراً لك .. وأنا أثق بك"
أخذ نفساً مرتجفاً وهو يضمها له بينما عادت هي تهمس بألم بعد لحظات

"تلك الوقحة عذبتني كثيراً قبل سنوات يا (عاصي) .. كانت تطعنني وتهز ثقتي في نفسي .. أنت لا تعرف ماذا كانت تخبرني عنكما"
قاطعها برجاء أن تصدقه
"لم يكن بيننا شيء حبيبتي .. لم تعن لي شيئاً"

بكت فوق صدره فأبعدها محتضناً وجهها هامساً بحرارة
"هل تصدقين كلامي (رهف)؟"
أومأت وهي تبكي فمال ليقبل دموعها هامساً بحرقة
"هي لم تعن لي شيئاً أبداً .. لم تكن علاقتي بها كما تظنين .. كل الفتيات اللاتي عرفتهن من قبل لم يعنين لي شيئاً .. لم أسمح لنفسي أن أقع في الخطأ .. لم أتجاوز الحدود أبداً حبيبتي"

هزت رأسها وهي تنظر في عينيه وهو يكمل بندم
"أعرف أنني أخطأت كثيراً، لكنني أقسم لكِ لم أتخط حدودي ولم أقع في تلك الخطيئة أبداً .. مهما كانت تصرفاتي ومهما كنت أبدو عابثاً لم أكن لأسمح لنفسي بالوقوع في هذه الخطيئة (رهف)"

همست بتقطع
"أعرف (عاصي) .. أنا آسفة لأنني صدقت عنك هذه الأشياء .. آسفة لأنني أسأت الظن بك .. سامحني"
لامس وجهها بعشق وهو يهمس
"كنتِ أول عشق يلامس قلبي (رهف) وأول فتاة ألمسها .. أول فتاة أقبلها .. تلك الليلة .. ليلة عيد ميلادكِ"

ارتجفت نظراتها كما فعل قلبها وندم هو على كلماته قبل أن يقرر الصراحة ليمحو ألم تلك الليلة
"أنتِ من سرق قبلتي الأولى عسليتي"
شهقت ووجهها يحمر وهمست بارتباك
"أنا لم .. هذا كان .."

ضحك مع ارتباكها وهز رأسه متابعاً
"كان أجمل شيء حصل في حياتي"

ازدادت حمرة خديها بينما يردف ويده تلامس وجهها وخصلاتها بعشق
"لقد قلبتِ كل كياني، وليلتها عرفت أنني لن أعود كما كنت (رهفي) .. رغم أنني تصرفت بحقارة بعدها لكن"
صمت وهو يرى الألم في عينيها فعاد يهمس وهو يميل ليقبل عينيها كأنما يرغب في طرده منهما للأبد
"كنت أشعر بالغيرة .. كلماتكِ وذكركِ لذلك الشاب أضاع عقلي ولم أعرف ماذا أفعل .. كنت أحترق بالغيرة لمجرد تخيلي لكِ معه .. تُقبِلينه وتمنحينه عاطفتكِ التي منحتِني إياها قبل ثوان .. أنا آسف يا عمري .. آسف لأنني كنت غبياً وجرحتكِ هكذا .. كنت حقيراً، صحيح؟"
همست وهي تضحك من بين دموعها
"جداً .. كنت وغداً"
افتعل تعبيراً مجروحاً بوجهه قبل أن يضحك معها ثم ذابت نظراته وهو يغرق في عينيها اللامعتين بالدموع والحب فعاد يهمس
"لكن هذا الوغد يحبكِ (رهف)"
ازدادت لمعة عينيها فمال يقبلهما مجدداً ويهمس وهو يتحرك بشفتيه على وجهها برقة الورد
"يحبكِ كثيراً .. لا بل أكثر من الحب .. أنا أعشقكِ"

شعر برجفتها وهي تهمس اسمه فابتسم بحب وهو يتابع
"أذوب بكِ .. أتنفسكِ"

تقطعت أنفاسها وهي تغمض عينيها مستسلمة لعاطفته التي عادت لتمسح على جراح قلبها
"عندما تبتعدين عني أشعر بعالمي ينهار .. أنفاسي تضيق .. أختنق بعيداً عنكِ عسليتي"

همست اسمه بارتجاف وهي تذوب مع كلماته التي حملتها لعالم آخر نسيت فيه ماضيهما .. (مايا) .. كل شيء .. إلا هو .. همست من بين دموعها
"وأنا أيضاً أحبك (عاصي) .. أموت في بعدك"

وأردفت وهي تتمسك به
"لا تتركني أبداً (عاصي) .. لا تتركني ولا تسمح لي بالابتعاد أبداً"
ردد واعداً

"أبداً حبيبتي .. أبداً يا عمري"
تعلقت به واستسلمت لعاطفتهما وتركت نفسها تغرق معه وهي تهمس له بحبها ووعودها التي أخبرها بمثلها وهو يغمرها بعشقه ذاهلاً .. لا يصدق أنّها معه .. منّت عليه أخيراً بحبها وعاطفتها كما لم يحلم من قبل .. أفاق من التيار الذي يسحبه ليغرق دون رجعة عندما شعر بجسدها يتجمد قليلاً بين ذراعيه وأنفاسها تتسارع قبل أن ترتجف وهي تهمس اسمه بتوسل .. أبعدها لينظر في وجهها بقلق وتألم عندما رأى الخوف والضياع في عينيها
"حبيبتي"
همس برفق فهزت رأسها باكية
"أنا آسفة"

حرك رأسه نفياً وابتسم بحب
"لا حبيبتي .. لا تعتذري .. أنا آسف .. لم أقصد أن أستعجلكِ"

نظرت له باعتذار واضطراب فاحتضن وجهها ومال يقبل جبينها بحب
"أنا مستعد لأنتظركِ طيلة عمري (رهفي) .. يكفيني أنّكِ بقربي حبيبتي .. يكفيني أنّكِ مننتِ عليّ بحبكِ وسماحكِ"
أومأت بابتسامة مرتجفة فطبع قبل أخيرة فوق جبينها ثم مسح دموعها وهمس
"ابقي معي الليلة أميرتي"
نظرت له بتردد فضمها إليه يطمئنها
"أريد أن أشعر بكِ قربي عسليتي .. لن أفعل شيئاً حبيبتي فقط أريد أن أستيقظ وأنتِ معي .. أخشى أن أستيقظ وأكتشف أن كل هذا كان حلماً"

ابتسمت وهي توميء لترتسم ابتسامة عاشقة على شفتيه وأسرع يحملها بين ذراعيه ويحملها إلى فراشه .. وضعها برفق وهو يكمل
"لقد خاصمني النوم منذ خاصمتِني (رهفي) .. دعيني أشعر بكِ الليلة أميرتي علّ النوم يرأف بي أخيراً"
ابتسمت وهي تتوسد برأسها صدره بينما ضمها بين ذراعيه محتوياً إياها بحب وأمان وسمعها تهمس وهي تغمض عينيها
"أحبك يا (عاصي)"

همس وهو يقبّل جبينها
"وأنا أحبكِ أكثر يا قلب (عاصي)"

قالها وأغمض عينيه هو الآخر وارتخت ملامحه بسلام وهدأت نبضات قلبه الذي استكان مطمئناً لقربه وقبل أن يغرق في النوم تعهد أن يفعل كل شيء ليمنع شبح ماضيه من الاقتراب منهما وأن يحميها من الحزن والدموع فلا يمنحها إلا السعادة طيلة الباقي من عمريهما.
*******************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:34 AM   #1237

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تحركت (همسة) عبر الطريق الطويل وابتسمت وهي تمد يدها تلامس شجيرات الورود التي توزعت على جانبيه ودارت حول نفسها لتضحك وهي تخفض رأسها تراقب دوران فستانها الأحمر القصير ودار معها شعرها الذي داعبه النسيم .. لمست تنورة فستانها برقة وهي تغمض عينيها متنفسة عبق الورود بنشوة وسعادة ثم فتحتهما وعادت تتحرك في الطريق .. توقفت بعد خطوات وتألقت عيناها بسعادة وعشق وهي تراه واقفاً في نهاية الطريق وعلى شفتيه أجمل ابتسامة رأتها في حياتها .. تسارعت أنفاسها وهي تهمس بفرح
"(فهد) .. لقد عدت"
اتسعت ابتسامته وفتح ذراعيه لها لتضحك بسعادة وهي تهتف بينما تسرع بخطواتها نحوه

"عدت إليّ كما وعدتني (فهد)"
رأت شفتيه تتحركان همساً باسمها فجرت نحوه بكل لهفتها وحبها .. في ثوان قليلة كانت ترتمي بين ذراعيه ليضمها بكل قوته هامساً
"كيف لا أعود وأنتِ تنتظرينني حبيبتي؟"
تعلقت بعنقه وارتفعت قدماها عن الأرض وبكت هاتفة بحرقة
"اشتقت لك .. يا إلهي .. كدت أموت وأنت بعيد عني حبيبي"
اشتدت ذراعاه حولها وهو يردد
"بعد الشر عنكِ أميرتي .. فداكِ (فهد) وقلبه"
أسندت رأسها فوق قلبه وهي تهز رأسها رفضاً
"بل يسلم لي (فهد) وقلبه .. تسلم لي من كل سوء حبيبي"
أغمضت عينيها وتركت نفسها تضيع في عشقه .. لا تصدق أنّه معها .. ليس حلماً .. هو هنا حقاً؟ .. أنزلها بعد لحظات ونظر لوجهها وشعرها المنساب برقة وفستانها فضحكت وهي تدور حول نفسها
"هل تتذكره؟ .. إنّه نفس الفستان الذي ارتديته في عيد ميلادي .. أنت أحببتني في تلك اللحظة، صحيح؟"

ابتسم دون رد ولمعت عيناه بمشاكسة فغمزت وهي تلكزه في خصره
"لا تكذب .. أنا أعرف هذا .. لقد وقعت في حبي مباشرة"
شدها من خصرها نحوه فشهقت بنعومة ورفعت عينيها الوجلتين إليه وانفجرت نبضاتها بعنف وهي تنظر في عينيه المسودتين بمشاعر ساحقة وسمعته يهمس بينما يجذبها في عناق غامر
"أنا أحببتكِ منذ عمرٍ لم أعرف مداه (همسة) .. لا أتذكر متى أحببتكِ .. كنتِ حولي دائماً .. ربما حبي لكِ يمتد حتى الأبد .. ربما قبل أن يولد كلانا .. هذا هو عمر حبي لكِ"

أبعدها واحتضن وجهها ومال يهمس قرب شفتيها
"بل حبي لكِ لا يقدر بالساعات ولا بالسنين يا عمري .. حبي لكِ لا يعترف بالزمن ولا بالحدود (همستي) .. حبي لكِ أكبر من كل شيء"

أغمضت عينيها وهي تقترب منه أكثر
"كذلك حبي لك (فهد) .. لا يحده الزمن ولا الكون .. إنّه سرمدي .. ولد حتى قبل ميلادي واستيقظ عندما فتحت عينيّ عليك"

ارتجف قلبها مع لمسة شفتيه برقة لشفتيها وتشبثت به تقترب منه أكثر تاركة نفسها تغرق دون عودة .. إن كان هذا حلماً فلا تريد أن تستيقظ أبداً .. سالت دموعها وهي ترجو بحرقة ألا يكون حلماً .. أبعدها بعد ثوان وابتسم وعيناه تلمعان بعاطفة محرقة ثم أمسك يدها وجذبها معه قائلاً بحب
"تعالي معي أميرتي .. أريدكِ أن تقابلي أحدهم"

نظرت له بتساؤل لكنّها ضغطت على كفه وهي تبتسم تخبره دون كلمات أنّها تثق به وستذهب معه لأي مكان .. رفع كفها يقبلها بحب ثم شدها لتسير معه عبر الطريق تتوسل داخلها ألا ينتهي أبداً .. يمكنها أن تبقى هنا للأبد إن كان يعني أن تكون معه هكذا .. توقف فجأة لتنظر له بحيرة فتوسعت ابتسامته وقال وهو يشير برأسه للأمام
"إنّها تنتظركِ"

ارتبكت نظراتها بحيرة أكبر قبل أن تدير عينيها إلى حيث أشار .. توقف قلبها في صدرها وهي ترى المرأة التي وقفت على مقربة منهما وابتسمت لها بحنان شديد .. لم تكن ملامحها واضحة لكنّها عرفتها رغم هذا .. شيء ما داخلها عرفها وصرخ داخلها يخبرها أنّها تعرفها .. أنّها تنتمي لها .. سبق ورأتها في أحلامها مراراً .. سالت دموعها وهي تنظر لـ(فهد) بتساؤل وأمل فهز رأسه يهمس لها بحب
"إنّها أمكِ (همستي) .. كانت تنتظركِ منذ سنوات بعيدة"
ردد كلماته وهو يحرر كفها ويتابع برقة
"هيا .. اذهبي لها حبيبتي"

نقلت بصرها بينهما بحيرة ثم همست وهي تراه يبتعد خطوة للخلف
"ماذا عنك؟ .. ألن تأتي معي؟"
هز رأسه نفياً
"لا حبيبتي .. هذا اللقاء خاص بينكما"

أسرعت تمسك بكفه هاتفة بتوسل
"لا .. هذا يخصنا معاً .. لا فرق بيننا (فهد) .. ستأتي معي"
لمعت عيناه بأسى
"ليس الآن حبيبتي .. ربما في وقتٍ آخر .. عندما تتقبلني هي .. عندما يتقبلني الجميع"
هزت رأسها برفض متوسل فدفعها لتتقدم نحو أمها

"هيا .. لا تتركيها وحدها أكثر"
عادت تنظر لأمها باكية وقلبها منقسم بينهما .. هل حقاً لا يمكنها أن تكون معهما؟ .. هل يجب أن تضحي بأحدهما من أجل الآخر؟ .. لماذا؟ .. رأت أمها تتراجع للخلف بحزن وانتفض قلبها وهي تهتف

"لا أمي .. انتظري"
تحركت قدماها دون إرادة تجريان نحوها وأغرقت دموعها خديها وهي تتوسلها
"لا ترحلي .. لا تتركيني مرة أخرى"

توقفت أمها مكانها وفتحت ذراعيها لترتمي (همسة) بينهما وتعلقت بها تبكي بحرارة وهي لا تتوقف عن توسلها لها ألا تذهب
"أنا معكِ حبيبتي .. لن أذهب لأي مكان"
همست بلوعة
"أنا أحبكِ أمي .. أشتاق لكِ كثيراً .. لماذا تركتِني كل هذا الوقت؟"
أجابتها وهي تضمها
"لم يكن بيدي صغيرتي"

رددت وهي تهز رأسها
"لا بأس .. لا يهم أي شيء .. لا يهم الماضي .. أنتِ معي الآن .. لا يهم أي شيء آخر"
سمعتها تسأل بخفوت
"ولا حتى هو؟"
ابتعدت تنظر لها بتوجس ورأتها تشير خلفها
"ستتركينه هو؟"
شهقت متراجعة للخلف خطوة وهي تنظر لها بجزع قبل أن تلتفت تنظر له وهالها الحزن المرتسم على وجهه ورغم هذا ابتسم لها بحب وسمعت همساته رغم بعد المسافة
"أنا معكِ مهما باعدتنا المسافات (همستي)"

لا .. هي لا تريد هذا النوع من المعية .. تريده معها جسداً وروحاً .. لا تريد المسافات .. تحركت نحوه لتوقفها أمها هامسة اسمها بتساؤل وألم .. توقفت في منتصف المسافة بينهما بعجز وانقسام وعادت تهمس .. لماذا؟ .. نقلت بصرها بينهما عاجزة عن الاختيار .. لماذا لا يرحمانها من هذا الاختبار الصعب؟ .. لماذا لا يقتربان هما ويعدانها أنّها ستكون بخير وأنهما معها ولن يجعلاها تفقد أياً منهما؟ .. عادت دموعها تتساقط قبل أن تنتفض على دوي الرصاصات .. شهقت بارتياع وهي ترى الاثنان يسقطان في نفس اللحظة والدماء تسيل منهما بغزارة .. صرخت رفضاً وهي تسقط على ركبتيها عاجزة عن اللحاق بأيهما .. صرخت تتوسل نفسها أن ينتهي هذا الكابوس .. هي لا تريد البقاء هنا .. كانت مخطئة .. انتهت صرخاتها بشهقة عالية ترددت في أركان غرفتها وهي تستيقظ بفزع .. وضعت يدها على قلبها المتقافز بجنون ورفعت الأخرى لتجد دموعها على خديها .. لم يكن حلماً .. هل يتجسد الحلم لهذه الدرجة؟ .. إنّه كتلك الأحلام التي كانت تراها من قبل .. كحلمها بـ(رهف) .. ليس حلماً .. إنّه رؤيا .. هزت رأسها برفض .. لا يمكن .. أسرعت تنهض من فراشها ولبست خفيها وجرت نحو الخارج .. لا تستطيع أن تبقى وحيدة .. إنّها خائفة .. قادتها خطواتها إلى غرفة (رهف) فطرقت الباب هامسة بارتجاف
"(رهف) .. أنتِ مستيقظة .. هل يمكنني الدخول؟"
انفتح الباب مع لمستها فمدت رأسها تنظر للغرفة ليقابلها الفراغ وشعرت برغبة محرقة في البكاء أكثر وهي تتحرك بيأس في الطرقة .. توقفت تنظر في اتجاه غرفة (سلمى) واستسلمت لمشاعرها لتذهب إليها .. طرقت الباب وهي تدعو أن تكون مستيقظة

"ماما (سلمى) .. أنتِ مستيقظة؟"
ارتجفت شفتاها بعجز وألم وهي تتذكر المرات التي كانت تهرع فيها لغرفة (عماد) حين يراودها كابوس مخيف .. تنام بين ذراعيه بأمان ولا تعود الأشباح والكوابيس لمطاردتها خلال الليل مرة أخرى .. تحركت متراجعة وهي تفكر .. هل انتهى ذلك الوقت حقاً؟ .. كانت على وشك المغادرة حين انفتح الباب وأطلت من خلفه (سلمى) بوجهها الناعس الذي تطاير النوم منه وهي تنظر لها بقلق
"(همسة)؟ .. ماذا هناك صغيرتي؟"
همست بارتجاف
"هل .. هل يمكنني الدخول قليلاً؟"

أفسحت لها قائلاً
"بالطبع حبيبتي .. ادخلي"
دخلت بخطوات مترددة بينما نظرت لها (سلمى) وقد تزايد قلقها وهي ترى حالتها وقالت بحنان
"ما الأمر صغيرتي؟ .. ما الذي أيقظكِ في هذه الساعة؟"

ارتجف صوتها ولمعت الدموع في عينيها وهي تندفع نحوها ترتمي بين ذراعيها مع نبرة الحنان الأمومي الذي تفتقده
"رأيت كابوساً يا ماما (سلمى) .. أنا خائفة جداً"

احتضنتها (سلمى) في حنان ومسحت على ظهرها
"لا تخافي .. أنتِ بخير .. لقد انتهى"

شهقت بالبكاء وهي تتشبث بثيابها
"هل يمكنني أن أنام معكِ الليلة؟ .. أنا خائفة كثيراً .. لا أريد أن أنام وحدي"

"طبعاً حبيبتي طبعاً"
قالتها وهي تشدها معها نحو الفراش .. صعدتا معاً لترقد (سلمى) وتشدها بين ذراعيها هامسة بحنان
"نامي صغيرتي .. لا تخافي .. أنا معكِ"

سالت دموعها في صمت وهي تتوسد صدرها وأغمضت عينيها و(سلمى) تمسح على شعرها تهدهدها في حنان شديد لتهمس هي بعد لحظات
"لم يكن كابوساً ماما"

توقفت يد (سلمى) مع كلمتها قبل أن تعاود حركتها وهي تخبرها برقة
"لا تُحدثِي به صغيرتي .. استعيذي بالله من الشيطان الرجيم وانسيه"

تشبثت بأحضانها أكثر وهمست
"لا أستطيع .. لا يذهب عن بالي .. لم يكن كابوساً .. كان حقيقياً جداً .. مثل الرؤى"

لم تشعر بالاضطراب الذي حدث في أنفاس (سلمى) وهي تصغي لها
"لقد رأيت أمي"
حدقت (سلمى) في السقف فوقهما وقلبها يخفق بعنف
"هل تظنين أنّها كانت ستحبني لو كانت حية؟"

خانتها دموعها وهي تجيبها بصوت متحشرج
"بالطبع صغيرتي .. كانت ستحبكِ كثيراً .. هل يمكنها ألا تفعل؟ .. كانت تنتظركِ هي ووالدكِ بحرقة .. لسنوات ظنا أنّهما لن ينجبا بعد (عاصي) .. حملها بكِ كان أملها الذي دعت من أجله طويلاً"
شعرت بذراعيّ (همسة) تشتدان حولها وهي تضم نفسها لأمانها أكثر كأنما تبحث عن أمها فيها وسمعتها تهمس برجاء باك
"حدثيني عنها أرجوكِ ماما (همسة) .. أنا أفتقدها كثيراً .. اشتاق لها بجنون .. أخبريني كل شيء عنها"
مالت (سلمى) وقبلت رأسها بحنان وعادت تضمها بأمومة وهي تهمس
"حسناً حبيبتي .. سأخبركِ عنها كما تشائين"

هزت رأسها وهي تستكين فوق صدرها تستمع لها بقلب مرتجف تحاول طرد كابوسها وترتوي من عطشها نحو أمٍ لم ترها لكنّها تشتاق لها اشتياقاً يكفي العالم كله .. ليت ذلك الحلم بقى على حاله وبقيت معهما حتى لو كانا بعيدين وبقيت هي في المنتصف بينهما للأبد.
*******************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:35 AM   #1238

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تقدم (منذر) داخل المبنى المهجور الذي اتفق فيه على لقاء (أحمد اليزيدي) ومن معه وزفر بقوة وهو يفكر في العناء الذي تكبده ليتأكد من أنّه لم يكن مراقباً .. قطب وهو يردد بحنق
"أنت تمزح بالتأكيد .. لابد أنّ (توفيق) سبق واكتشف كل خططك وهو الآن يستعد للقائك الوشيك"
لا بأس إذن .. إنّه يفضل اللعب بأوراق مكشوفة وليرى من سيضحك أخيراً بينهما .. هو لن يخسر هذه المعركة بأي ثمن .. الآن صار لحياته معنى .. لا يمكنه أن يخسر أو حتى يكمل النهاية التي أرادها لنفسه .. لديه الآن ملاكه التي يريد أن يقضي بقية عمره إلى جانبها .. لا يمكن أن يكون أنانياً ويرحل ويتركها بعد أن أدرك الاثنان ماذا يعنيان لبعضهما .. تلك الرغبة المحرقة في الحياة منحته قوة أكبر ليصمم على إكمال طريقه والانتصار ثم العودة سالماً إليها .. سيمحو الماضي ويبدأ معها صفحة بيضاء لا وجود فيها للشيطان الذي صنعه (توفيق) .. سيعود إلى (فارس) الذي دفنه منذ زمن بعيد لأجلها .. قطع أفكاره وهو يقف عند باب الغرفة القديم ويفتحه بحذر .. دارت عيناه في المكان لتقابلا الوجوه الجالسة حول مائدة خشبية ومصباح قديم ينير المكان .. تعرّف (أحمد اليزيدي) ثم الرائد (شريف) الذي قطب بغير رضا وهو يرمقه ثم وجهاً آخراً توقع أن يكون الضابط المتقاعد الذي تسبب (توفيق) في إصابته وابتعاده عن العمل الميداني .. (عز الدين) كان اسمه، صحيح؟ .. ركز أفكاره وهو يتقدم نحوهم بخطوات ثابتة وقال وهو ينزل قلنسوة سترته ويخلع نظارته السوداء كاشفاً وجهه
"مرحباً بكم جيمعاً"

نهض (أحمد) ليصافحه وكذلك فعل صديقه بينما رمقه (شريف) بنفس النظرة الساخطة قبل أن يمد له يده ويصافحه بضيق
"مرحباً بك بني .. تفضل"

قالها (أحمد) وهو يشير له بالجلوس فاتخذ مقعداً مجاوراً له وأدار عينيه بينهم
"ما الأمر المهم الذي طلبتنا من أجله بني؟"
أخذ نفساً عميقاً وتراجع في مقعده وقال
"كان من المهم أن نتحدث قبل أن نبدأ خطتنا سيد (أحمد) .. هناك ما يجب أن نتفق عليه أولاً"

اعتدل (شريف) وقال بتهجم
"هل ستتشرط الآن؟ .. أنا لا أثق بك من الأساس يا هذا، ولولا .."
قاطعه (عز الدين) بنظرة صارمة ثم قال
"تحدث سيد (منذر) .. ماذا تريد؟"
أخرج (منذر) من جيبه فلاشة إلكترونية وهو يرمق (شريف) نظرة ذات مغزى ويقول
"هذا عربون لإثبات صدقي في تنفيذ جانبي من الاتفاق"

قطب ثلاثتهم ثم مد (عز الدين) يده وتناول الفلاشة بتساؤل أجابه (منذر)
"إنّها جزء من ملفات تدين رجال أعمال تورطوا في أعمال غير قانونية مع (توفيق) .. جمعتها على مدار سنوات في حذر واحتفظت بها لحين أضرب ضربتي القاضية .. يمكنكم أن تتأكدوا من صحة المعلومات فيها إن أردتم .. رجلي سيسلمكم باقي الملفات التي أحتفظ بها عندما يحين الوقت"
ونظر تجاه (شريف) وقال مبتسماً
"أعتقد أنّك كنت تبحث عن هذه الملفات أيها الرائد، صحيح؟"

ضاقت عينا (شريف) بغيظ بينما ابتسم هو بتسامح وقال
"يعني .. قلت بدل أن تتجشم عناء إرسال جاسوس آخر إلى بيتي للبحث عن ملفات تدينني ومن أعمل معهم، فجلبتها إليكم بنفسي"

زفر (شريف) بحنق وهو يتراجع في مقعده ثم قال بنزق
"إذن .. تريد أن تعامل كشاهد ملك .. تظن أنّه بتقديمك هذه المستندات ستنخفض عقوبتك وربما يتم تبرأتك؟"

تراجع ضاحكاً بسخرية
"تبرأتي؟ .. لا يا عزيزي .. أنا لا أبحث عن براءة"

قطب في شك فتابع (منذر) وهو ينظر لثلاثتهم
"(منذر صفوان) لا يبحث عن براءة .. أنا أبحث عن انتقام أقسمت أن آخذه ولو كان الثمن هو موتي في النهاية .. لذا .. شكراً لكم .. أنا في غنى عن محاكمتكم وبراءتكم أو حتى تخفيض محكوميتي"

تبادل (أحمد) و(عز الدين) نظرة قبل أن يسأله الأول
"ماذا تنوي أن تفعل بني؟ .. أنت لن تخاطر بحياتك، صحيح؟"
مال برأسه بابتسامة ساخرة

"أعتقد أنّك أولى أن تسأل نفسك هذا السؤال سيد (أحمد)"
قطب (أحمد) وهو يختلس النظر لصديقه الذي زم شفتيه بلوم .. يعرف جيداً ما الذي ينوي عليه .. سيذهب ليخاطر بروحه في معركته ضد (توفيق) حتى لو عنى هذا ألا يعود أبداً .. تنهد (أحمد) وقال
"إذن .. بخصوص ما تحدثنا عنه .. متى سنبدأ خطتنا؟"

نقل بصره بينهم ثم أجاب وهو ينظر للرائد
"أنتم ستنتظرون دوركم في الوقت المناسب .. عندما ننهي أمر (توفيق) هناك ستبدأون مهاجمة رجاله هنا .. (يسري) .. حارسي الشخصي سيسلمكم كل المستندات كما قلت لكم .. الأسماء التي في حوزتكم الآن لن تقتربوا منهم إلا في الوقت المحدد، حسناً؟"
تدخل (شريف) قائلاً

"ومن أين نثق أنّك ستلتزم بكلمتك سيد (منذر)؟ .. اعذرني لكن .. نحن نتحدث عن رجل يعتبرك ذراعه الأيمن وفي النهاية تبين أيضاً أنّه والدك .. كيف لنا أن نثق أنّك ستسلمه لنا على طبق من ذهب هكذا بكل بساطة؟"
ابتسم (منذر) بسماجة مستفزاً إياه قبل أن يرد بهدوء
"ربما لأنّه .. لا خيار لديكم سوى الثقة بي مثلاً؟"
ضغط (شريف) على فكه وشعر به يقاوم حتى لا يرمي بلفظ قبيح في وجهه .. انتبه على صوت (أحمد) يقول
"اهدأ رجاءً أيها الرائد ودعنا نستمع له"

والتفت له قائلاً باهتمام
"إذن بني .. أخبرنا بخطتك ولنناقش معاً كل الاحتمالات .. تعرف أنّ هذا الطريق خطر ودون رجعة .. أي حركة خاطئة ستعني نهايتنا جميعاً"
تألقت عيناه وهو يقول
"لا تقلق سيد (أحمد) .. أعدك .. لن تغادروا هذه الغرفة إلا وأنتم مقتنعون بخطتي ومستعدون لكل شيء وكل احتمال في معركتنا القادمة"
ردد بحزم وعيناه تسودان يتوعد والده أنّه لن يكون الرابح في هذه اللعبة بأي ثمن .. سيثبت له بالفعل أنّه كان جديراً بإرثه وقوته .. هذه المعركة بينهما وحدهما وواحد منها فقط سيخسر في نهايتها .. وحتماً لن يكون هو الخاسر .. أبداً.

*******************
"اهدأي يا (ليلى) .. لا أستطيع فهمكِ وسط صراخكِ اللعين هذا .. اهدأي قليلاً"
هتف فيها بحدة ليصله صوتها المذعور الباكي وهي تهتف
"أعده لي يا (توفيق) .. لقد اختطفوه"

ردد بضيق
"من اختطف من يا (ليلى)؟"
شهقت بالبكاء مجيبة
"(شوكت) .. اتصلوا بي وقالوا أنّ رجالاً ملثمين هاجموا بيتي .. لقد أطلقوا رصاصات مخدرة على الحراس والخدم ثم اقتحموا المكان وبحثوا عنه ثم أخرجوه .. أخي .. يا إلهي .. لم أعرف غيرك ليساعدني يا (توفيق) .. أرجوك ابحث عنه وأعده"

تمتم بهدوء
"حسناً يا (ليلى) .. اهدأي أنتِ واتركي كل شيء عليّ .. سأعرف من اختطفه وأعيده لكِ .. لا تقلقي"
ران الصمت على الجهة الأخرى إلا من بكائها الذي جعله يزفر في ضيق وزم شفتيه منهياً الحديث
"لا تتهوري وتبلغي الشرطة يا (ليلى)"

أسرعت تقول
"بالطبع لا .. لم أكن لأفعل .. لقد اتصلت بك أنت فور وصولي ورؤيتي لحالة بيتي .. لم أصدق ما قاله الخدم إلا عندما وصلت .. آه يا (توفيق) .. أرجوك .. من أجل الأيام الخوالي افعل أي شيء لكن أعده سالماً"

ابتسم بغموض وهو ينهي معها المكالمة
"لا تقلقي عزيزتي .. سأعيده لكِ في أقرب وقت .. لا تشغلي بالكِ أنتِ واهتمي بنفسكِ .. هيا .. إلى اللقاء"
أغلق الهاتف وبقى مكانه ينظر خلال النافذة الضيقة لثوان بعينين متألقتين، ثم استدار واضعاً كفيه في جيبه وناظراً من علو بأسف مصطنع للرجل الذي بقى صامتاً في الخلف واقترب منه مبتسماً

"ماذا أفعل يا صديقي؟ .. لم أكن أحب أن تصل الأمور لهذا الحد"
مط شفتيه بحزن مفتعل وهو ينظر في عينيّ صديقه القديم اللتين اشتعلا بالغضب والكراهية
"آه يا (شوكت) .. هل تتذكر تلك الليلة الأخيرة؟ .. هل تعتقد أنّ (عزت) شعر بنفس شعورك الآن وهو يكتشف خيانتنا له؟"
لم ينتظر إجابة من (شوكت) الذي اشتدت نظرات الكراهية في عينيه وتقدم ليقف أمامه
"أنت تشعر بالمرارة الآن؟ .. لا؟ .. ربما تشعر بالصدمة؟ .. لم تتوقع أنّ صديقك الذي سار معك في ذلك الطريق المظلم لسنوات ثم أنقذك في تلك الليلة حين كدت تهلك وساعدك لتختفي عن كل من ينتظرون التخلص منك .. لم تعتقد أن يأتي اليوم الذي تقف فيه أمامه هكذا"

هز رأسه بأسف وهو يكمل
"أنا الآخر لم أعتقد هذا .. لو فكرت جيداً قبل سنوات ما أنقذتك وما أعدتك إلى (ليلى) .. تعرف أنني لا أحب أن أترك خلفي نقطة ضعف يا (شوكت) لكن .. ربما غلبتني صداقتي لك وجعلتني أتخذ قراراً سيئاً قبل سنوات .. لا بأس .. لم يفت الوقت لإصلاحه"
اهتزت نظرات (شوكت) المقهورة فربت (توفيق) على كتفه مبتسماً
"هل كان يجب أن أقتلك وقتها؟ .. أم كان من الأفضل أن أحتفظ بك كورقة ضغط مناسبة كما فعلت بابنة (العاصي)؟ .. أي الخيارين تراه أفضل بالنسبة لك؟ .. لم يفت أوان هذا السؤال .. ها نحن نعود لنفس نقطة البداية وسأسألك نفس السؤال يا (شوكت)"
صمت لحظة ومال ممسكاً بذراعيّ المقعد واقترب من وجهه قائلاً بسخرية
"أيهما تفضل؟"

نظر في عينيّ صديقه للحظات ثم اعتدل واقفاً باعتداد وأجاب بنفسه
"في الواقع أنا أفضل الخيارين معاً .. أنت الآن ورقة ضغط مناسبة أحتاجها في هذه اللحظة بالذات"
والتفت له مبتسماً بخبث

"هل تعرف لماذا؟"
اتسعت ابتسامته وهو يكمل وعيناه تلمعان بقوة
"لأنّك تبدو طعماً مناسباً وبنفس الوقت بطاقة رابحة ستمكنني من إيقاف ابنك العزيز عند حده"

اضطربت عينا (شوكت) بجزع واضح فضحك (توفيق)
"ما هذا؟ .. هل تشعر بالقلق على ابنك؟ .. لم أظنك تتمتع بأبوة يا (شوكت) .. ماذا؟ .. هل استيقظ حبك الأبوي له أخيراً؟ .. آه يا عزيزي .. فات الأوان كثيراً لتعوضه كل ما مضى .. المهم الآن .. لنرى إن كان هو يهتم لك بنفس الدرجة"

عاد يقترب منه ويسأله بخبث
"إن وضعتك أنت مقابل تخليه عن (همسة العاصي)؟ .. من تظنه سيختار بينكما؟ .. أنت؟ .. والده الذي اعتبره غير موجود لسنوات وبخل عليه بعاطفته وحبه .. أم سيختار (همسة)؟ .. الأمل الذي يبحث عنه ليجتمع بابنة (رؤوف)؟ .. هل كنت تعرف أنّه واقع في حب تلك الصغيرة بيأس؟ .. كما ترى .. حبهما مستحيل بسببك .. ومع ذلك لا يزال لديّ أمل أن يضحي بـ(همسة العاصي) من أجل والده المسكين"
سالت دموع (شوكت) بعجز ممتزجة بالكراهية التي لمعت في عينيه وهو ينظر لصديقه الذي طقطق بلسانه بأسف
"لا يا صديقي لا تبك .. انظر .. ابنك العزيز هو وابن شقيقتك الغالية يبحثان منذ فترة عن (همسة العاصي) وأنا أعرف أنّهما سيحاولان قريباً اقتحام قصري لإنقاذها .. وهل تعرف ماذا؟ .. أنا أستعد لهما جيداً .. لن يخرجا بها من هنا سالميّن"
مد يده يمسح دموع (شوكت) بتعاطف مفتعل وهو يتابع
"سنعرف قريباً إجابة سؤالنا الحائر هذا يا (شوكت) وبعدها سنصل للخيار الثاني .. موتك يا صديقي"

تنهد بحرارة وهو يمط شفتيه
"سامحني يا صديقي .. ليس بيدي كما تعرف .. فكر جيداً .. هل تخيلت ماذا كان سيحدث لو أنّ تلك الحمقاء ابنة (فاروق) كانت تعرف حين اختطفتك أنّ زوجة عمها لا تزال حية؟ .. هل تريدني أن أطلق سراحك ليصلوا لك مرة أخرى ويستخدموك في الضغط عليّ مقابل الحصول عليها؟ .. أعرف أنّهم كانوا سيفعلون المستحيل ليحصلوا منك على ما يدينني ويجبرني على التسليم لهم .. ربما أجبروا شقيقتك العزيزة على هذا .. لا يمكنني أن أخاطر على كل حال يا صديقي .. لذا .. أنا آسف حقاً .. لم أكن أحب أن تنتهي صداقتنا هنا"
مال قليلاً ليحيط كتفيه بذراعه بمواساة كاذبة
"سأشتاق لك حقاً يا صديقي"

قالها وابتعد وهو يضحك بقوة بينما يتحرك ليغادر تاركاً إياه في محبسه
"لا تقلق .. لن أتركك في الجحيم بمفردك لوقتٍ طويل يا عزيزي .. سنلتقي في أقرب وقت"
غادر الغرفة وأغلقها وابتعد سائراً في الرواق الطويل الذي انتهى بسلالم تتجه للأعلى .. غادر القبو وهو ينفض غباراً وهمياً عن ثيابه ثم التفت للحارس القوي الواقف عند المدخل
"لا أريد أن تنفذ بعوضة للداخل، مفهوم؟"
أومأ برأسه

"مفهوم سيدي"
تركه وتحرك مبتعداً وقد اختفى كل المزاح من وجهه وعينيه وعادت القسوة لتحتلهما وهو يقطع الطريق نحو مكتبه

"قريباً سينتهي كل هذا .. ستعرفون مع من تلعبون أيها الحمقى"
همس بخفوت وهو يفتح باب مكتبه ويدلف إليه .. جلس خلف المكتب والتفط هاتفه ليتحدث عبره
"هه .. هل تأكدت من المعلومات؟"
ضاقت عيناه وتمتم من بين أسنانه
"أنت متأكد من هذا؟ .. (فيليب) وراء هذا أيضاً؟ .. لا .. راقب الوضع جيداً وابدأ الهجوم عندما أعطيك الإشارة"
استمع لمحدثه للحظات ثم قال بصرامة
"ستكون حذراً .. لا أريد لهذا الوغد أن يعرف أننا خلف الهجومين، هل سمعت؟ .. وذلك الصغير ستأتي به بأي ثمن، مفهوم؟"
عاد للصمت قبل أن يردد
"حسناً .. انتظر إشارتي"

قالها وأغلق الهاتف ومد يده يلتقط سيجاراً ويشعله .. نفث بضعة أنفاس وهو ينظر بعينين ضيقتين أمامه ثم تمتم
"
ما الذي تسعى إليه بالضبط أيها العجوز الماكر؟ .. لست مطمئناً لك ولا لحفيدك ذاك"

أطرق مفكراً يستجمع أفكاره ويربط الخيوط سوياً قبل أن تسود نظراته وهو يردد
"هل كان أنت من البداية (فيليب فرنسوا)؟ .. هل أنت من ساعد (ماتيو) في إنقاذ ابنيّ (ماجد) وأخفى أثرهما عني؟ .. (ماتيو) لم يكن ليستطيع فعلها بمفرده .. كنت أعرف أنّ شخصاً ذا نفوذ أكبر هو من فعلها .. لا أحد يستطيع تزييف جثتيهما وإخفاء كل دليل إلا شخص مثلك"
نهض من مكتبه ليسير في الغرفة بتوتر
"أولاً تساعد ابنة (فاروق) في اختطاف (شوكت) وتكاد تتسبب لي في مشكلة كبيرة لي، والآن أعرف أنّ حفيدك اللعين هو من يخفي ابن (ماجد) .. إذن هو أنت ذلك الوغد .. هذا يعني أنّ المستندات التي كانت مع (ماجد) في حوزتك انت؟"
قست عيناه وهو يدخن سيجاره بعصبية
"لا .. إن كانت معك فلماذا انتظرت كل هذا الوقت لتحاربني بها .. إن كنت تعرف مكان ابنة (ماجد) فلماذا لم تظهر المستندات التي بحوزتها؟ .. ماذا تنتظران؟ .. لماذا تفعل الآن أصلاً؟ .. هل تريد تصفية حساب (كارل) الآن؟ .. اللعنة .. لماذا يتعقد كل شيء فجأة؟ .. لماذا ظهرت الآن أيها الوغد؟ .. لم يكن ينقصني أنت أيضاً"
زفر بقوة وهو يتجه ليقف أمام النافذة وفك رابطة عنقه بعصبية

"لم أحسب دخولك في اللعبة (فيليب) .. صدقني إن تأكدت من شكوكي ستندم أن تركت جانبك الآمن وقررت الظهور في بعد كل هذا الوقت .. كان عليك أن تبقى جانباً أيها العجوز اللعين"
تنفس بعمق محاولاً الهدوء وعاد يردد لنفسه بحزم
"يكفي .. لن تفقد أعصابك مهما كان السبب .. مهما اجتمعوا معاً لن يستطيعوا فعل أي شيء .. هل يظنون أنفسهم قادرين على هزيمتي بعد كل ما وصلت إليه؟ .. فليتوهموا كما يريدون .. لقد عملت حساباً لكل شيء .. لا أحد مهما بلغت قوته سيتغلب عليّ في هذه اللعبة .. لا أحد"

قالها بقسوة وهو يقبض على كفه وعاد ليجلس خلف مكتبه بهدوء وشرد قليلاً وخيال ابنه يتمثل أمام عينيه فهمس
"هذا اختبارك الأخير يا (منذر) .. إما تثبت لي أن كل ما سعيت خلفه لسنوات كان وهماً أو تثبت أنّك من كنت تستحق إرثي حقاً .. أنا لن أُهزم في الحالتين بني، لكن اختيارك هو من سيحدد مصيرك في النهاية"

وضغط على فكه بقوة مواصلاً
"لا أريد خسارتك بهذه الطريقة بني .. لا تجبرني عليها"
ارتفع رنين هاتفه في تلك اللحظة فأسرع يلتقطه مجيباً
"هل وصلت إليهما؟"
وصله صوت أحد رجاله يجيب

"نعم سيدي .. لقد وصلنا إليهما لكنّهما غادرا في نفس اللحظة"
ضاقت عيناه وهو يسأله بفحيح غاضب
"أين ذهبا؟"

أجابه الرجل بسرعة متوتراً
"لقد تبعناهما إلى المطار سيدي .. يبدو أنّهما كانا يغادران على عجل"
تمتم بابتسامة ثعبانية
"إذن فهما يهربان .. لقد كان محقاً بالفعل"
"عفواً سيدي؟"
سأله الرجل بحيرة فقطب قائلاً بصرامة
"لا شأن لك .. اتبعوهما كظلهما .. أريدهما عندي في أقرب وقت"

"أمرك سيدي"
صمت لحظة ثم قال وعيناه تسودان بشر

"انتظر .. دعهما يظنان أنّها في أمان .. بعدها في أول فرصة يبتعد فيها احصلوا عليها .. أريدها هنا أولاً وهو سيتبعها في الحال"
رد الرجل بعد برهة تردد
"كما تأمر سيد (سيزار)"
أمره بحزم
"لا أريد أي أخطاء"
أغلق الهاتف مع كلمات رجله الواعدة وابتسم ساخراً

"آه يا (ريكاردو) الأحمق .. هل ظننت أنّك ستهرب بهذه السهولة؟ .. للأسف الأيام القادمة ستحمل لك مفاجأة عمرك .. لنرى ماذا ستفعل عندما تعرف حقيقة المرأة التي تزوجتها من خلف ظهري وتركت كل شيء من أجلها"
تراجع في مقعده وهو يتذكر ما أخبره به (سامر) عن علاقة (ريكاردو) بتلك المرأة التي يبحث عنها وضغط على أسنانه وهو يفكر فيما قاله عن تخطيطهما معاً للهرب بعد أن سربا أخبار بحثه عن (ملك الصباغ) وشقيقها إلى (منذر) .. تنفس بقوة .. والأسوأ من هذا أنّه اتحد مع (منذر) ويخططان ضده .. ضحك وهو يهز رأسه
"لنرى من سيضحك أخيراً بيننا"

أخذ نفساً عميقاً وهو يغمض عينيه متخيلاً اللحظة التي سيضع فيها يده عليهما ويكشف لهما وللجميع أنّه من كان يتحكم بكل الأوراق من البداية وحتى النهاية .. النهاية التي سيكتبها هو بنفسه .. ردد داخله بحزم وصمت قليلاً مع أفكاره قبل أن يهمس بتوعد
"أما أنت يا ابن (اليزيدي) فلا تظن أنّك خدعتني بكذبتك هذه .. أعرف جيداً أنّك لم تصل لكل هذا بمحض الصدفة .. أجزم أنّك كنت تعرف من البداية بحقيقة تلك المرأة .. من يدري؟ .. ربما كنت أنت من ساعدها من البداية .. أعرف أنّك تخطط لشيء منذ وقت طويل وتركتك تلعب بذيلك هنا وهناك .. أرى كل شيء في نظراتك يا (سامر) .. أنت تعرف أكثر مما تظهر .. أعرف أي ثعلب ماكر أنت لكن هذا لن يغفر لك وقاحتك معي وتلاعبك بي .. قريباً ستدفع ثمن جرأتك هذه غالياً"

اتسعت ابتسامته وهو يردد داخله .. ستعجبك المفاجأة التي تنتظرك في النهاية عزيزي لتتعلم ألا تلعب مع من هم أكبر منك .. مط شفتيه بأسف مفتعل
"كنت أتمنى أن أتركك مكافأة لك على المعلومات الثمينة التي قدمتها لي لكنني لا أثق بك أبداً .. لا يمكنني أن أسمح لك أن تبقى كشوكة في خصري حتى لو كنت تنوي الاختباء في أقصى الأرض"

هز رأسه وهو يلتقط هاتفه متابعاً بأسف
"ستحزن (ليلى) كثيراً .. لم أكن أريد أن أجعلها تخسر كل من تحبهم بهذه السرعة .. لن يحتمل قلبها تلك المسكينة لكن ما باليد حيلة"
وضحك وهو يضغط على رقمها
"لنبلغها بأول الأخبار المؤلمة الآن وإن نجت من هذا الخبر فبالتأكيد لن تحتمل بقية الأخبار التي تنتظرها في الطريق .. مسكينة يا (ليلى)"

صمت عندما سمع الرنين على الجهة المقابلة والذي انتهى سريعاً وهي تهتف بلهفة
"هه يا (توفيق) .. هل عرفت أي أخبار عن (شوكت)؟"

تنهد بطريقة كان متأكداً أنّها أوقعت قلبها بين قدميها قبل أن يردد بحزن
"أنا آسف يا (ليلى) .. لم أكن أحب أن أوصل لكِ هذا الخبر بنفسي وهكذا عبر الهاتف"
ران الصمت لحظات حتى ظنها أغلقت ثم سمعها تأخذ نفساً مرتجفاً وتقول بتوجس
"أي .. أي خبر؟ .. ماذا؟ .. ماذا تعني؟"

عاد يزفر بحرارة لتهتف بلوعة
"هل حدث شيء لأخي؟ .. انطق"

ردد مفتعلاً الألم الشديد
"آسف يا (ليلى) .. لقد بحث الرجال عنه وعرفت من كان وراء خطفه"
هتفت بحرقة

"من؟ .. من فعلها؟ .. لا تحرق أعصابي (توفيق)"

ابتسم بتشف لم يظهر في صوته وهو يرد

"ابنة (فاروق)"

وصله صوتها بعد برهة وهي تهمس بذهول
"ابنة (فاروق)؟ .. من؟ .. هل تعني .."
قاطعها قائلاً

"ابنته السرية تلك .. (سيلين) .. أو (سديم) تلك"

وصلته شهقتها الملتاعة وهي تقول

"من أين تعرف أنّه لا زال حياً؟"
"من يدري عزيزتي؟ .. ربما يكون ابنك (عماد) .. ربما استيقظ ضميره وأخبرهم عنه وفي النهاية حاولت خطفه لتساوم على (همسة العاصي) ثم تنتقم لأبويها بالتبني"

صرخت بقهر

"ماذا تقول؟ .. ابني لا يمكن أن يفعل هذا أبداً .. لن يسلم خاله مهما كان السبب"
هتف فيها

"أنتِ أدرى بأولادكِ يا (ليلى)"

بكت وهي تهمس بخشية
"ماذا عنه؟ .. هل وصلت له؟ .. هل هو بخير؟ .. هل فعلت به شيـ .."

قاطعها مفتعلاً الحزن
"لهذا اتصلت يا (ليلى) وأنا آسف لأبلغك هذا لكن .."
صمت لحظة محرقاً أعصابها أكثر ثم همس
"البقاء لله عزيزتي"
لوهلة أشفق عليها عندما صمتت دون رد ثم سمع شهقاتها المرتجفة وهي تهمس
"لا .. لا .. مستحيل .. أنت تكذب"

ردد ببرود
"أنا آسف يا (ليلى) .. لم يكن بيدي عزيزتي .. الموت حقٌ علينا جميعاً"
"لا .. لا تكذب عليّ أتوسل إليك .. قل أنّ هذا لم يحدث .. أخي لم يمت .. لا يمكن أن يموت"
زفر بقوة
"(ليلى) .. تمالكي نفسكِ .. هذا أفضل له .. هل تظنين أنّه كان مرتاحاً ببقائه في ذلك الكرسي؟"

هتفت بحرقة وبكاء

"ما الذي تقوله؟ .. إنّه أخي .. لا يمكن أن يتركني .. أنتم تكذبون .. لم يحدث .. لم يمت"

هتف اسمها لكنّها صرخت

"لن أصدق حتى أراه .. لن أصدق"

أخبرها بجمود وعيناه تلمعان
"سأحضر لكِ جسده في أقرب وقت عزيزتي"

سمع شهقتها الرافضة لكنّه أكمل بقسوة قبل أن يغلق الهاتف
"ادعي له بالرحمة (ليلى) ولا تفعلي بنفسكِ أي شيء مجنون .. هل سمعتِ؟ .. لا تتهوري بأي تصرف"

أغلق الهاتف على شتمتها الحانقة المتوعدة وألقاه على مكتبه وهو يقول بسخرية
"أنتِ وأولادكِ من أجبرتموني على هذا يا (ليلى) .. لقد تجرأوا على الوقوف في وجهي وأنتِ وشقيقكِ من سيدفع الثمن في النهاية"

قالها وعيناه تلمعان بقسوة أكبر بينما يقسم داخله أن يزيح عن طريقه أي شيء وأي شخص يتهدده حتى لو كان أقرب الناس إليه.
*******************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 03:36 AM   #1239

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نزل (سامر) من السيارة ورفع رأسه متنفساً الهواء بنشوة مغمضاً عينيه قبل أن يفتحهما وينظر لبيته الذي عاد إليه بعد كل هذا الوقت .. أخيراً صار يتحرك بحرية .. اللعنة عليك (توفيق الأغا) .. مضطر أنا للعب معك حتى أصل لهدفي .. سأستمتع كثيراً حين يصلني خبر موتك على يد أحد ولديك .. لا يمكنني أن آخذ انتقامي منك بنفسي للأسف .. واتسعت ابتسامته وهو يفكر في اقترابه من هدفه .. قريباً جداً سيستعيد حبيبته ويهرب بها بعيداً حيث لن يصلهما أحد .. كانت خطوة ذكية حين ذهب للقاء (ليزا) ببيتها هي و(ريكاردو) .. كان يشك أصلاً أنّها سترضخ لتهديداته هذه المرة .. لقد كلّفه الأمر مبلغاً كبيراً لكنّه أتى بثماره في النهاية وجهاز التنصت الدقيق عالي التقنية الذي زرعه في شقتهما في غفلة منها حين تحركت نحو المطبخ لتجلب له مشروباً، منحه سلاحين كان في أشد الحاجة لهما لينجو بحياته ويصل لهدفه .. الغبيان .. لا يعرفان أنّ كل أحاديثهما واتصالات (ريكاردو) مع أخيه كانت تصله بكل سهولة .. كان الثمن الذي يمكنه أن يقدمه لـ(توفيق) ويحصل على المقابل .. هز رأسه وهو يردد داخله .. كم أصبحت اللعبة أكثر إمتاعاً .. أغلق باب السيارة بقوة وتحرك نحو البيت وهو يمط شفتيه متذكراً اتصال أمه الخائف وهي تبكي تتوسله أن يأتي ليكون معها .. إذن فخاله قد اختُطف؟ .. هل من المفترض أن يظهر الحزن أمامها؟ .. ليس حزيناً ولو كان بيده لأنهى أمره منذ سنوات .. تباً .. عليه الآن أن يدعي الأسف عليه ويواسيها .. مسح ابتسامته وتحكم في ملامحه بصعوبة وهو يخطو إلى داخل البيت لتقابله الوجوه القلقة .. كاد يسألهم ساخراً لماذا يبدون في جنازة .. انتفض قلبه فجأة مع صرخة أمه العالية ليسرع في اتجاه الصوت وقلبه يرتجف بخوف .. ماذا حدث لها؟ .. اقتحم الغرفة ليجدها في انهيار شديد تمسك بكل ما يقابلها لتحطمه في عنف وهي تواصل صراخها .. اندفع نحوها وأمسك بكتفيها
"أمي .. اهدأي .. ماذا حدث؟"

قاومته بشراسة وهي لا تراه من الأساس فقيدها بذراعيه وهو يصرخ فيها
"أمي .. هذا أنا (سامر) .. ماذا حدث؟ .. أجيبيني"
استغرقت وقتاً حتى هدأت مقاومتها العنيفة ونظرت له بضياع وشهقت وجسدها يهتز بتشنج
"خالك .. خالك يا (سامر) .. أخي .. أخي"
ردد متوقعاً إجابته مسبقاً
"ماذا به؟"
صرخت وهي تسقط على ركبتيها
"أخي مات .. تركني وذهب للأبد"

قطب وهو يحدق أمامه بصدمة .. هل مات حقاً؟ .. كيف؟ .. أسرع يركع أمامها ورفعها إليه هاتفاً
"اهدأي حبيبتي .. من أخبركِ هذا؟"
بكت وهي تضرب الأرض بقبضتيها
"(توفيق) .. لقد قتلوه .. قتلته تلك اللعينة .. قتلته وحرمتني منه .. دمرت حياتي كما فعل والدها اللعين .. عادت لتكمل ما فعله والدها بأخي ونجحت في النهاية"
ازدادت تقطيبته وهو يسألها
"من أمي؟ .. من فعلها أخبريني وأنا سأجعله يدفع الثمن"

صرخت بوحشية وهي تضرب على صدرها
"ابنة (فاروق)"

نظر لها بحيرة وقفز عقله لوهلة نحو (رهف) وتساءل بحيرة .. كيف (رهف) .. قفزت الأخرى مباشرة لعقله في اللحظة التي دوى فيها صوت أمه تهتف بحرقة وتوعد
"تلك الملعونة (سديم) .. سأقتلها .. سأحرق قلوبهم عليها كما حرقت قلبي على أخي"
صرخت كلماتها الأخيرة وانهارت تبكي فوق صدره وتقطع صوتها وهي تواصل بولولة متوجعة
"قتلوني يا (سامر) .. قتلوني مرة أخرى .. انتزعوا أخي مني .. لماذا يصممون على إيذائي يا (سامر)؟ .. لماذا يواصلون الانتصار عليّ؟"

ضمها إليه والغضب يشتعل في قلبه وتمتم وهو يقبل رأسها
"لا تحزني حبيبتي .. سيدفعون ثمن كل دمعة سقطت من عينيكِ بسببهم"

توسلته بحرقة وهي تتشبث بقميصه وترفع عينيها المحمرتين له
"ستنتقم لي منهم بني، صحيح؟ .. لن تدعهم يفلتون بدم خالك .. لن يفلتوا بني .. لن تسمح لهم، أليس كذلك؟"
ضم رأسها له ودفنها في صدره ودموعها تمزقه

"سأفعل أمي .. لقد أقسمت لكِ من قبل وسأقسم لكِ مجدداً .. هذه المرة سأجعلهم يدفعون الثمن مضاعفاً وأولهم تلك اللعينة (سديم رضوان) .. ثقي بي وارتاحي"
هزت رأسها وتركت دموعها تسيل في صمت بينما اسودت عيناه بغضب أسود وهو يفكر في أنّه أصبح لديه سبب آخر ليبدأ خطته التي تأجلت .. لن يحصل على (راندا) فحسب بل لن يغادر بها إلا بعد أن ينتقم من عائلة (رضوان) كلها ويحاسبهم على كل دمعة ذرفتها أمه.

*******************
تراجعت (ملك) تسند ظهرها للكرسي الهزاز الموضوع في شرفة غرفتها وتطلعت من خلالها إلى الخارج حيث المزرعة واسطبلات الخيول على مقربة وعادت بذهنها لتلك اللحظة التي كادت تموت فيها بتصرفها المتهور .. ارتجف قلبها وهي تتذكر (منذر) .. لم تصدق أنّها نجت وبسببه أيضاً هذه المرة .. انفجاره فيها وخوفه الواضح .. لا .. بل رعبه عليها .. جعلها تنسى كل شيء إلا أنّها كانت بخير .. كانت تتنفس .. حية .. كانت معه .. ماذا كان يمكنها أن تطلب أكثر من هذا؟ .. لم تستطع أن تمنع قلبها .. لم تستطع احتواء كل هذا بداخلها .. نسيت كل شيء إلا هو .. وحين همس بحبه لها .. شعرت بأنفاسها تضيع .. كانت في حلم وخشيت أن تفتح عينيها فتكتشف أنّها كانت تحلم فعلاً .. لم تشأ أن تستيقظ لكنّها استفاقت بفزع على صوت (شاهي) تتساءل بلهفة عما حدث .. كانت قد سمعت صراخها من الطابق السفلي كما سمعه كل من بالمزرعة كما يبدو .. انتزعت نفسها من بين ذراعيه بشحوب تنظر بخجل وارتياع لزوجته .. أغمضت عينيها بألم .. مهما كان الوضع الغريب بينهما .. كيف تنسى أنّها زوجته؟ .. لو كانت مكانها هل كانت تتصرف بهذا البرود وهي ترى زوجها يحتضن أخرى ويضمها بالطريقة التي ضمها بها (منذر) .. ضائعاً فيها ومعها .. توقفت عن هز الكرسي وفتحت عينيها تنظر أمامها وذكرياتها تتداعى .. لم يبعدها (منذر) رغم كل محاولاتها الابتعاد عنه وشهقت عندما حملها ببساطة بين ذراعيه أمام (شاهي) التي اقتربت بقلق
"لماذا كانت تصرخ؟ .. لقد أرعبتِني يا فتاة .. ظننت أنّ مصيبة حدثت"
هل هناك مصيبة أكبر مما حدث ويحدث الآن؟ .. سمعته يردد بجمود وقد اختفى فجأة الرجل العاشق الذي كان يضمها لتوه
"الآنسة العنيدة حاولت الهرب من الشرفة وكادت تسقط لولا أن لحقتها بآخر لحظة"

شهقت (شاهي) وهي تندفع لتجلس بجوارها وتفحصتها بقلق واهتمام
"هل أنتِ بخير؟ .. هل تشعرين بأي ألم؟"
كان ظهرها يحترق في تلك اللحظة لكن الحريق في قلبها كان أكبر .. هزت رأسها ودموعها تسيل دون أن تشعر وتحاشت النظر إليه وهي تسمعه يزفر بقوة بينما رفعت (شاهي) ذقنها بأصابعها تجبرها على النظر لعينيها

"لماذا فعلتِ هذا (ملك)؟ .. هل فقدتِ عقلكِ؟ .. أنتِ خرجتِ لتوكِ من عملية خطيرة .. كيف تخاطرين بحياتكِ هكذا؟"
بكت في صمت وانتزعت وجهها منها لتشيح به وسمعتها تتنهد قبل أن تنهض من جوارها لتقف بجانب زوجها .. اختلست النظر لهما لتجدها تربت على كتفه فعادت تشيح بعينيها وسمعتها تقول برفق
"سأتركك لتتحدث معها .. كن صريحاً (منذر) .. ستكرر الهرب أكثر من مرة إن لم تخبرها الحقيقة"
قطبت وهي تسمعها .. أي حقيقة؟ .. هل تقصد اعترافه المحرق الذي سمعته لتوها؟ .. أم حقيقة أخرى تخص ماضيها وانتقامها .. سمعت خطوات (شاهي) تبتعد تلاها انغلاق الباب .. لوهلة ران الصمت ولولا شعورها بأنفاسه المنفعلة لظنته رحل مع (شاهي) .. انحبست أنفاسها وتجمد جسدها لوهلة حين شعرت بالسرير ينخفض وهو يجلس بقربها .. لم يتحدث للحظات فأجبرت نفسها على النظر إليه وارتعش قلبها أكثر وتنفست بصعوبة أكبر وعيناها تقعان في عينيه اللتين غمرتاها بمشاعر عجزت عن التقاطها كلها .. كادت تشيح بوجهها لولا أن مد يده يمسك بذقنها يمنعها الإشاحة بوجهها ويجبرها على النظر في عينيه وهذا كان أقصى تعذيب بالنسبة لها .. لو نظرت في عينيه أكثر فستستسلم لقلبها وتطرد كل فكرة أخرى من عقلها .. ستطمع في الوعود التي تراها داخلهما بينما تعرف أنّها وعود مستحيلة وليست لها .. لم تعرف أنّ دموعها كانت تسيل دون وعي إلا عندما اقترب ليمسحها برقة أذهبت أنفاسها وهو يهمس
"لا تبكي ملاكي .. دموعكِ تؤلمني"
اتسعت عيناها وتنفست بصعوبة
"لا تفعلي هذا مجدداً"

نظرت له بحيرة طردها وهو يكمل
"لا تحاولي الهرب مرة أخرى .. لا تكرريها لأنني لن أسمح لكِ بهذا أبداً"

انتزعت وجهها منه وابتعدت بجسدها وهي تهتف
"توقف عن الحديث معي هكذا .. بحق الله أنت متزوج"
رفع حاجبه وهو يرد
"ألم تتحدث (شاهي) معكِ وتوضح لكِ الأمر؟"
قطبت وهي تحاول عدم الاستماع له .. لا تريده أن يضعفها أكثر
"أنا و(شاهي) صديقان لا أكثر (ملك) .. علاقتنا جيدة وأحبها فعلاً لكن كصديقة لا أكثر .. وهي أيضاً لا تحمل لي بقلبها سوى هذا الشعور .. زواجنا من البداية كان صفقة .. زواجنا كان على الورق فقط"

خفق قلبها وهي تنظر له بعينين ذاهلتين وقلبها الأحمق تراقص بين ضلوعها ويبدو أنّه لمح هذا في عينيها فابتسم وهو يهز رأسه
"لم ألمسها أبداً حبيبتي .. كان هذا اتفاقنا من البداية .. واتفقنا على الطلاق عندما تنتهي حاجتنا لبعضنا ولهذا العقد .. لذا .. لا داعي لشعوركِ بالذنب ولا تقلقي بشأن (شاهي) .. هي تبارك حبنا"
انقسمت بين شعورها بالفرح ورغبتها في إلقاء نفسها بين ذراعيه تهتف بحبها له وبين رغبتها في الهرب بعيداً عنه والنجاة بنفسها .. انتصر عقلها فهتفت وهي تبتعد أكثر
"توقف .. لا أريد أن أسمع شيئاً .. ما الذي تتحدث عنه؟ .. حبنا؟ .. أي حب هذا؟ .. أنت تـ .."

شهقت عندما اقترب منها بحركة سريعة وشدها نحوه .. كادت تصطدم بصدره لولا أن أسندها من كتفيها ومال منها يهمس بحرارة
"إياكِ والكذب (ملك) .. لقد اعترفتِ بحبكِ لي لتوكِ .. حتى وإن لم تنطقيها بلسانكِ .. كل خلية منكِ صرخت بها"

حدقت في عينيه القريبتين برعب وحاولت التملص من قبضتيه اللتين اشتدتا عليها أكثر وهو يواصل
"اعترفتِ بها بأكثر من طريقة (ملك) .. أراها في عينيكِ .. في صوتكِ .. في لهفتكِ وفي كل تصرف صغير منكِ ملاكي .. لذا إياكِ والكذب عليّ، فهمتِ؟"
همست بضعف وصوتها يرتجف
"اتركني .. أرجوك"
هز رأسه هامساً

"لا أستطيع"
نظرت في عينيه برجاء وضعف فاقترب أكثر
"لا يمكنني أن أبتعد عنكِ (ملك) .. أنتِ تعرفين هذا جيداً .. تشعرين بكل ما أشعر به .. أنتِ أيضاً تحاربين لتبتعدي لكنكّ في النهاية تعودين أقرب .. قدرنا واحد حبيبتي"
كادت تستسلم للنداء المغوي في عينيه وهمساته لولا بقية من عقل فهمست وهي تبعده بكفها التي استقرت على قلبه الذي نبض تحتها كمضخة قوية كادت تحطم بقايا حصونها
"حتى لو كان ما تقوله صحيحاً .. لا يمكنني أن أكون معك .. أنت تعرف من أكون، صحيح؟"
هز رأسه مجيباً
"أعرفكِ وأعرف أباكِ جيداً (ملك) .. ما لا تعرفينه أنتِ أنّني عرفته شخصياً وساعدته في الهدف الذي كان يسعى إليه"

اتسعت عيناها بغير تصديق
"ماذا تقول؟ .. أنت كنت تساعد أبي في .."
أومأ مكملاً عنها
"في سعيه للقضاء على (سيزار جيوفاني)"
نظرت له بمرارة وهمست
"والدك"
لم ينكر وهو يقول موافقاً

"نعم أبي .. سأخبركِ بكل شيء غداً عندما تكونين بحال أفضل"
خفضت عينيها بألم فرفع وجهها له وقال بحب
"ما أريدكِ أن تعرفيه أنني لست عدوكِ (ملك) .. أنا لسنوات كنت أحارب في نفس الطريق الذي حارب فيه والدكِ .. لا تعرفي كيف شعرت عندما عرفت بالحادث .. شعرت بالعالم كله ينهار من حولي وظللت ألوم نفسي حتى اليوم .. لم أسامح نفسي"
بكت وهي تنظر له فحرك كفه برقة فوق خدها يمسح دموعها

"لا تبكي أرجوكِ .. أنا سآخذ لكِ حقكِ منه .. سأنتقم لأسرتكِ ولكل الألم الذي عشته بسببه .. أعدكِ"
نظرت في عينيه برجاء .. تريد أن تصدقه .. تريد هذا بشدة .. همس مدركاً أفكارها
"غداً سأريكِ كل المستندات التي أثبت بها كلامي .. سأثبت لكِ صدقي (ملك) وبعدها سأكمل انتقامي منه .. سأحميكِ وسأحمي شقيقكِ منه وأنهي كل هذه المعاناة .. لكن .."

صمت بتردد فاضطربت نظراتها بحيرة وقلق ونظر لها هو بتردد وتوتر وشعرت بكل اضطرابه وكفها لا تزال فوق قلبه يخبرها صدقه
"لكن ماذا؟"
همست بخوف فأسرع يحتضن وجهها بكفيه ويهمس بتوسل
"لكن لدي طلب واحد بالمقابل .. ليس طلباً .. بل رجاء وأمل .. وأرجو ألا تخذليني .. أريدكِ أن تحققي لي هذا الرجاء قبل أن أسافر لأنتقم لكِ وأحضر أخاكِ ليكون في رعايتكِ للأبد"

ارتجفت شفتيها وهي تهمس بارتعاش
"أي رجاء؟"

ارتجفت ابتسامته وهو ينظر لها بارتباك وتوتر، وشعرت بحنان غريب نحوه وهي تراه خجولاً متردداً هكذا وكادت تبتسم لولا أن تابع منتزعاً شهقة مصدومة منها وخفقة قلب مرتعدة بين الذهول،والخوف، والسعادة وهو يكمل بصوتٍ غامر بالعشق
"أن تكوني لي .. تزوجيني ملاكي"
*******************
انتهى الفصل الستون
إن شاء الله يعجبكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-12-19, 04:13 AM   #1240

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

صباح الورد حبايبي
نزل بحمد الله الجزء الثاني من الفصل التاسع والخمسين وكمان الفصل الستون
جزئين طويلين أهو

ومليانين أحداث ومفاجآت .. إن شاء الله ينالوا إعجابكم



قراءة ممتعة

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.