آخر 10 مشاركات
234 - خجولة جدا - جسيكا ستيل - ع.ج ( كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : lola @ - )           »          أهواكِ يا جرحي *مميزة & مكتمله* (الكاتـب : زهرة نيسان 84 - )           »          لا ترحلي - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::اسراء علي(Moonlight) - كاملة+رابط (الكاتـب : بحر الجراح - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          47 - تسرقين العمر - آن هامبسون (كتابة / كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          142 - على باب الدمع - أحلام القديمة (كتابة/كاملة)* (الكاتـب : ffe4 - )           »          1018 -الحب المستحيل - بني جوردان - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          قصة .... اعظم الزوجات.....♥♥♥♥♥♥♥♥ (الكاتـب : ranimee - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          [تحميل] ومالي بدجئ العاشقين ملاذ! بقلم/غسق آلليلh "مميزة " (Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree970Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-04-20, 08:50 PM   #1361

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


جلست (شاهي) على حافة الفراش في صمت وعبراتها تبلل عينيها بينما قلبها لا زال يتألم بقسوة لم تهدأ حتى بعد مرور أيام على وصول الخبر الأليم .. أغمضت عينيها بشهقة مختنقة وهي تتذكر ذلك اليوم .. كانت قد استيقظت بشعور مبهم واختناق شديد .. ضاق صدرها بشدة طيلة اليوم وحتى اليوم الذي تلاه حين حضر (يسري) طالباً رؤيتها بعد غيابه ليومين كاملين .. ضغطت على قلبها بألم وهي تعيش نفس الألم الذي عاشته يومها وهي تنزل لرؤيته ممنية نفسها أنّه يحمل خبراً من (منذر) الذي انقطعت أخباره عنها منذ سافر .. لم تستطع حتى الوصول إليه عبر الهاتف .. قلبها انتفض حين التقت عيناها بوجه (يسري) المكفهر وعينيه الحزينتين بانكسار كان غريباً أن تراه في رجلٍ قوي مثله .. كان حزيناً بطريقة موجعة وازداد انقباض صدرها وهي تشعر بمخاوفها على وشك أن تصبح حقيقة .. كادت تهتف فيه ألا ينطق بكلمة مهما كان الخبر الذي أتى لنقله لكنّها مع هذا همست بارتجاف
"ما الأمر يا (يسري)؟ .. هل هناك أي أخبار عن السيد (منذر)؟"

أطرق حارسه بحزن وهو يردد
"سيدة (شاهي) .. سيدتي .. إنّ"
توقف عن الكلام لتتأكد بجزع أنّ مصيبة قد حدثت .. اقتربت تهتف فيه
"ماذا حدث؟ .. (منذر) بخير؟ .. انطق"
رفع عينيه لها لتشهق وهي ترى عبراته المكتومة وأسرع يخرج من جيبه مظروفاً مغلفاً سلمه لها وهو يتمتم
"أنا آسف سيدتي .. السيد (منذر) .. أعطاني هذه قبل سفره بأيام وطلب مني أن أوصلها لكِ في حالة"

لم يستطع إتمام كلماته التي اختنقت في حلقه بينما حدقت هي برعب وجزع في يده الممدودة وتراجعت تهز رأسها برفض
"أين سيدك يا (يسري)؟ .. ماذا حدث؟"
ردد برجاء

"أرجوكِ سيدتي .. اقرأي رسالته .. هو سيشرح لكِ كل شيء"
تناولت الرسالة منه بيد مرتجفة ولم ينتظر هو أكثر واندفع يغادر الغرفة تاركاً إياها تحدق في إثره بذهول واستنكار وقلبها يرفض تصديق ما فهمته .. تحركت لتجلس على أقرب مقعد حتى لا تنهار وفضت المظروف بأصابع مرتعشة لتخرج ورقة بيضاء وسرعان ما غزت الدموع عينيها بقوة وهي ترى كلماته فوق الأسطر .. جرت عيناها على الكلمات بسرعة ماثلت خفقات قلبها المصدوم وسرت رعشاته لجسدها كله وهي تهمس
"لا .. مستحيل .. لا يا (منذر)"

شوشت الدموع رؤيتها وهي تقرأ رسالته الوداعية وترددت الكلمات في عقلها حاملة صوته فتمثل خياله أمامها وهو يهمس لها بحنان
"عزيزتي (شاهي)
آسف لأنني كنت جباناً فلم أبلغكِ بكلماتي هذه وجهاً لوجه .. ما دام (يسري) قد أوصل لكِ هذه الرسالة، فهذا يعني أنني ما عدت في هذا العالم"
هزت رأسها برفض ودموعها تسيل وكلماته تتابع
"آسف لأنني لم أف بوعدي لكِ .. كنت أريد أن أعود حقاً كما وعدتكِ لكنّه القدر .. سامحيني عزيزتي"

أمسكت قلبها بألم شديد وهي تهمس
"ماذا تقول يا (منذر)؟ .. ماذا تقول؟ .. لا تمزح معي .. لا تكن قاسياً هكذا أرجوك"

بكت للحظات قبل أن تتمالك نفسها لتقرأ باقي رسالته
"لا تبكي .. تعرفين أن دموعكِ غالية عندي .. آسف لأنني كنت قاسياً معكِ .. ربما ما كان علي أن أستخدم هذه الطريقة في وداعكِ لكنني جبنت كما أخبرتكِ .. كتبت هذه الرسالة تحسباً لأي شيء يمنعني من الوفاء بعهدي لكِ .. صدقيني .. لم أذهب هناك لأنتحر ولم أكن أنوي إكمال خطتي الأولى كما توقعتِ أنتِ .. أخبرتكِ أنني تراجعت عن هذه الخطة منذ عرفت معنى الحياة أخيراً واشتقت للعيش فيها بسلام .. لم أر يوماً أنني أستحق هذا لكنّكِ غيرتِ هذا .. أنتِ و(ملك) فتحتما لي نوافذ الحياة على مصراعيها ولأول مرة اشتاقت روحي لتعيش .. لأول مرة شعرت أنني أستحق"

شهقاتها تعالت واهتزت يداها بالورقة
"لكن .. يبدو أنّ الحياة نفسها ترفضني وقدري يرى أنني ما عدت أستحق .. لا بأس .. لقد رضيت .. أردت أن أشكركِ لمرة أخيرة عزيزتي .. شكراً لأنّكِ دخلتِ حياتي وفتحتِ بقدومكِ نافذة النور ليتسلل لعالمي المظلم ويلامس قلبي الميت وروحي المظلمة .. شكراً لأنّكِ كنتِ صديقتي وشريكة رحلتي القصيرة .. آسف لأنني تركتكِ في منتصف الطريق ورحلت .. لكنني أثق بكِ وأعرف أنّكِ وضعتِ أقدامكِ على الطريق الصحيح ووقفتِ بثبات .. عديني أن تتابعي الطريق حتى نهايته ولا تضعفي مهما قابلتكِ من عقبات .. لقد تحررتِ واستعدتِ نفسكِ (شاهي) .. واصلي رحلتكِ يا أقوى امرأة عرفتها في حياتي .. وتذكري دائماً أنني معكِ دائماً وأدعمكِ في كل خطوة .. شكراً مرة أخرى يا صديقتي الجميلة .. تذكريني في دعائكِ دائماً علّ الله يغفر لي"

ضمت الرسالة لصدرها وانهارت في البكاء بصوتٍ عالٍ ولم يقاطع خلوتها أحد في البيت الكبير كأنّ الجميع قد رحلوا مع سيد البيت .. أبعدت الرسالة بعد لحظات تنظر لأسطرها الأخيرة تقرأ وصيته بقلبٍ مثقل معذب وتوقفت عيناها على آخر كلماته
"أحبكِ يا صديقتي الغالية .. شكراً لمروركِ بحياتي .. وداعاً"

شهقت أكثر والرسالة تسقط من يدها وهزت رأسها برفض
"لا .. لا يمكنه أن يموت .. لا يا ربي .. لا يمكنه هذا .. لن يموت"
نهضت من مكانها وهي تصرخ منادية على (يسري) واندفعت خارج المكتبة للردهة ليقابلها وجه السيدة (منيرة) والسيدة (اعتماد) تبكيان في صمت وانتفضتا من مكانهما على صراخها بينما أسرع (يسري) من الخارج ولم تنتظر هي اقترابه بل اندفعت هي تقبض على قميصه بكفيها تهزه بعنف
"ماذا قلت؟ .. هل تمزح معي؟ .. كيف تجرأت أن .."

ردد بعجز
"أنا آسف سيدتي .. ليت بيدي .."

صرخت تهزه
"اخرس .. لا تقلها .. (منذر) لم يمت .. هو لم يمت"
طرفت دمعة من عينه وتسلل لها صوت بكاء السيدتين لتهتف
"توقفوا .. هو لم يمت .. لا يمكنه أن يموت هكذا ببساطة"
"سيدتي .. أرجوكِ"
ضربته على صدره ثم عادت تهزه بقبضتيها في غضب
"كيف تتركه وحده؟ .. كيف تتركه يموت؟ .. أنت حارسه .. كيف تتركه يذهب وحده للموت؟ .. كان واجبك حمايته .. كيف تخليت عنه؟"
عض على شفته بقوة ثم رد
"كانت أوامره سيدتي"
سقطت يداها عنه ونظرت له بضياع وعجز بينما يكمل باختناق
"رفض أن أسافر معه .. أرادني أن أبقى هنا لحمايتكِ و .. أمرني بتنفيذ وصيته في حال .."

غطت أذنيها وهي تهتف
"توقف .. لا تكمل"
تنفس هو بقوة وشد جسده
"لقد أعطاني أوامره .. منذ فترة طويلة وهو يؤكدها عليّ .. قبل سفره أضاف لأوامره .. أمر حمايتكِ أنتِ والآنسة (ملك) حين تعود"

تراجعت بخطوات مرتجفة وهي تحدق في وجهه ترفض الاعتراف بما تسمعه وسقطت على أقرب مقعد وهي تسمعه يكمل
"أنا آسف .. كانت أوامره ولم يكن بيدي سوى الطاعة"

رددت اسم (منذر) بانهيار وضياع وهي تبكي حتى شعرت بذراع السيدة (منيرة) تحيطها وتضمها له تبكي معها سيد البيت وتواسي فقدها الذي لن تعوضه أبداً.
طرقات هادئة على باب غرفتها انتزعتها من ذكرياتها فانتبهت .. أسرعت تمسح دموعها بقوة وهي ترفع صوتها المختنق
"ادخل"
انفتح الباب لتطل (فاتن) بحزن
"سيدة (شاهي) .. (يسري) يقول أنّ كل شيء جاهز وهو ينتظركِ"

هزت رأسها
"شكراً عزيزتي"
أسرعت (فاتن) للداخل قبل أن تلمس (شاهي) حقائبها
"هل يجب أن تذهبي سيدتي؟"

نظرت لها بمرارة
"ما عاد هناك داع لبقائي هنا (فاتن)"

ارتجفت شفتا الفتاة ببكاء مكتوم قبل أن تسرع عندما قالت (شاهي)
"ساعديني في حمل الحقائب لو سمحتِ عزيزتي"
أسرعت تحمل عنها أكبر الحقائب وتغادر بينما توقفت هي مكانها تدير عينيها في الغرفة وذكرياتها مع (منذر) تطوف أمام عينيها .. اقتربت نحو الأريكة التي كان ينام عليها ولامست مكان رأسه بوجع ثم همست
"وداعاً يا (منذر)"

أسرعت تغادر الغرفة قبل أن تهزمها دموعها ونزلت السلالم لتقابلها السيدة (منيرة) بثوبها الأسود ودموعها على خديها
"لا زلتِ مصرة على الرحيل يا ابنتي"

ابتسمت بشحوب
"يجب أن أذهب سيدة (منيرة) .. هذا أفضل"

وأدارت عينيها في المكان
"لم يعد لي مكان هنا"

اقتربت منها قائلة بأسى
"هذا مكانكِ بنيتي .. هذا بيته .. لكِ كل الحق فيه"

ونظرت لها بأمل وأكملت بتردد
"ربما تحملين وريث المكان"

لولا الموقف لضحكت بمرارة لكنّها اكتفت بابتسامة شاحبة وهي تهز رأسها نفياً .. عادت تنظر للمكان بافتقاد تحمل صوره في عقلها للسنين القادمة .. لم يعد بيتها ولا حتى بيت (منذر) .. (يسري) أخبرها بما ينتظر ممتلكات (منذر) تبعاً لما أوصاه به ولخطته التي لا زالت لا تعرف تفاصيلها ولا ما كان الداعي لها .. تنهدت بقوة وهي تركز أفكارها لتقول
"سأفتقدكِ كثيراً سيدة (منيرة)"

واقتربت لتعانقها في ود فبكت السيدة وهي تضمها
"سنفتقدكِ جميعاً يا ابنتي .. فكري فيما قلته لكِ"

هزت رأسها وابتعدت ترفع وجهها للسيدة (اعتماد) و(فاتن) وتحركت لتودعهما بينما أشارت السيدة (منيرة) للسائق أن يحمل الحقائب للسيارة .. ابتعدت (شاهي) بعد أن ودعتهم ولوحت لهم بيدها وهي تغادر البيت في طريقها للسيارة .. توقفت عند (يسري) ونظرت في اتجاه بعيد ثم قالت
"أريد أن أراها"

أومأ برأسه ورافقها حتى المخزن .. فتح الباب لتدخل عبره ونظرت ببرود نحو الفتاة التي انتفضت واقفة وهي تهتف
"حتى متى تحبسونني هنا؟ .. اللعنة عليكم .. قلت لكم لم أفعل شيئاً"

رمقتها بغضب مكتوم بينما (عزة) تواصل
"عندما يعود السيد (منذر) سوف .."

قاطعتها ببرود ثلجي
"لن يعود السيد (منذر)"
ارتجفت نظرات الفتاة بحيرة ثم انخفضت عيناها لثوب (شاهي) الأسود وتراجعت بشحوب
"ما .. ماذا تقصدين؟"
رفعت (شاهي) رأسها قائلة
"السيد (منذر) رحل عن عالمنا"

شهقت الفتاة بقوة وذعر وهي تسقط مكانها فرمقتها (شاهي) بقسوة
"أنتِ ستغادرين هذا المكان .. لن أعاقبكِ أكثر ولن أسلمكِ للشرطة"

نظرت لها بحيرة والدموع تحرق عينيها
"عقابكِ سيكون احتراقكِ بذنب موته .. أنتِ السبب في ذهابه للموت بقدميه"
"أنا؟"
همست بشهقة مرتجفة مستنكرة لتجيبها بصرامة
"أجل أنتِ .. بفعلتكِ الحقيرة أجبرتِه على الذهاب لهناك مخاطراً بحياته .. ها قد نجحت خطتكِ لكنّ السيد (منذر) دفع الثمن من حياته .. ستغادرين المزرعة وتعيشين بقية عمركِ تحترقين بالذنب .. أعرف أنّكِ ستفعلين حتماً"

تساقطت دموع (عزة) على خديها وهي تنظر لها بضياع فدارت (شاهي) على عقبيها مغادرة الغرفة بعد أن رمتها بنظرة أخيرة وهي تحدث (يسري)
"أخبر الرجال أن يخرجوها بعد رحيلي"
"حسناً سيدتي"
قالها وهو يغلق الباب خلفها وتركته متجهة للسيارة فيما أعطى أوامره للرجال وأسرع ليرافقها نحو المطار .. نظرت للمزرعة مرة أخيرة بقلبٍ مكلوم قبل أن تغطي عينيها بنظارتها السوداء وتتراجع في مقعدها والسيارة تتحرك بها في طريقها للمطار حيث ستغادر وطنها ربما لفترة طويلة أو للأبد .. لم يعد لها شيء هنا.
**********************
ترجلت (سؤدد) من سيارتها أمام المطار وتبعها (سيف) وهو يهتف
"أخيراً .. لقد كاد جسدي يتخشب حتى وصلنا"
وأدار عينيه نحو المبنى الذي غادره بعض المسافرين وتابع
"سأجعل (زياد) يدفع ثمن الجلسات الفيزيائية"

ابتسمت بشحوب وهي تتحرك معه في اتجاه المطار
"توقف عن مزاحك السخيف .. لا أدري ما أتى بك معي"
أحاط كتفها بذراعه قائلاً بمرح
"وأترككِ تستقبلين العاشقين وحدكِ .. لا يصح أبداً"

ولمعت عيناه بخبث
"من واجبي أن أستقبل شقيق زوجتي المستقبلية"
لكزته في خصره قائلة

"نعم في أحلامك"
"ماذا تقولين؟"

ابتسمت قائلة بتهكم
"أقنع خطيبتك العنيدة ثم تعال وتحدث"

دخلت متجهة إلى صالة استقبال الزوار وتطلعت في ساعتها
"هل وصلنا باكراً؟ .. من المفترض أن الطائرة قد هبطت قبل دقائق"

دار بعينيه في المكان
"لا تقلقي .. سيظهران في أي لحظة"

هزت رأسها وصمتت لتغرق من جديد بأفكارها التي حاولت جاهدة التخلص منها لكن ما حدث الأيام الماضية كان أكبر من قدرتها على التحمل .. لولا موعد نزول (وتين) و(زياد) ووعدها لهما باستقبالهما لما كانت تركت (عماد) .. تنهدت وهي تتذكر بأسى كيف أصر على أن تذهب لاستقبالهما وتحجج أنّه يريد زيارة أمه بمفرده واعداً إياها باصطحابها ذات مرة عندما يقرر الطبيب بإمكانية هذا .. انقبض قلبها أكثر بأسى وهي تفكر في زوجة عمها .. رغم كل ما فعلته تشعر بالشفقة عليها .. من كان يتوقع هذا؟ .. لم تحتمل ما حدث لـ(سامر) أمام عينيها .. الصدمة كانت أكبر من قدرتها على الاحتمال .. سيارة الاسعاف التي طلبتها نقلت جثمانه ونقلتها هي الأخرى مصابة بانهيار عصبي .. ظلت بالمشفى غائبة عن الوعي مع تخدير الأطباء لها باستمرار حتى أخبر الطبيب (عماد) أنّها يجب أن تنتقل لمصحة نفسية حتى تتحسن حالتها وتخضع للعلاج المناسب .. غامت عيناها بحزن وخيال (عماد) الذي تعرض لصدمة جديدة ولم يمر يوم على موت شقيقه .. قلبها توجع بشدة وهي تتذكر حالته وهو يقف عند مقابر عائلته، يودع شقيقه وخاله في آنٍ واحد بينما أمه و(فهد) يرقدان في المشفى .. كان واقفاً بجسد مشدود وعينان سكنهما الحزن والألم أضعاف ما كانا .. وقفت في الخلف بينما والدها وشقيقها وجدها يقفان بجواره في دعم .. بدا لها رغم وجودهم حوله وحيداً جداً وأرادت بشدة أن تندفع لتحتضنه وتخفيه عن قسوة الدنيا تخبره أنّ كل هذا سيمر .. لكنّها بقيت مع أمها في الخلف تبكي في صمت ولم يهدأ قلبها إلا عندما وجدت جدها يشده إليه يعانقه بقوة مربتاً على ظهره وسمعته يخبره بحزم مترفق
"لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى"

وأبعده ممسكاً وجهه وتابع وهو ينظر في عينيه
"اصبر واحتسب يا بني .. هما الآن بين يدي الحق .. ادع لهما بالرحمة والمغفرة"
هز (عماد) رأسه دون كلمات وهو يقاوم دموعه بشدة قبل أن يشده والدها إليه في عناق أبوي يواسيه مردداً
"لا بأس بني .. تجلد .. أنت أقوى من هذا"
أغمض عينيه مستسلماً لعناق والدها كأنما يبحث فيه عن دعم الأب الذي لم يشعر به إلا معه .. اختنقت بدموعها لتربت أمها على ظهرها بحنان .. أرادت بشدة أن تذهب له وتواسيه بنفسها لكنّها انتظرت حتى يصبحان بمفردهما لتعوضه وتخفف عنه .. كان دورها لتقف بجواره وتساعده في تجاوز محنته .. سمعت جدها يقول في حزم وهو يتحرك من أمام المقابر
"لا لن تذهب وحدك"

"لكن يا جدي لا يمكنني أن .."
قال بتردد ليقاطعه جدها وهو يمسك ذراعه وبيده الأخرى ضرب بعصاه على الأرض بحزم
"قلت كلمتي يا (عماد) .. ستأتي معنا للبيت ولن تبقى في شقتك لوحدك .. ستبقى مع زوجتك .. أنت الآن جزء من العائلة وواجبنا هو الوقوف معك وأنت في حاجتنا"

ارتجفت شفتاه بدموع مكتومة
"أرجوك يا جدي .. أنا .."

ضرب مرة أخرى بعصاه
"لن أسمع اعتراضاً يا (عماد) .. أنت لست وحدك بعد الآن .. أصبحت من عائلتي .. أنا جدك ولن أقبل ببقائك في تلك الشقة الباردة وأنت في حالتك هذه"
شده والدها قاطعاً أي اعتراض تبقى لديه

"هيا بني .. لقد أمر جدك لا تُنِزل كلمته الأرض"
استسلم متنهداً بتعب
"حسناً يا عمي"
تنهدت هي في ارتياح وانتظرت مكانها حتى اقتربوا منها فأسرعت نحو جدها .. أمسكت كفه تقبلها بحب وامتنان تشكره في صمت قبل أن تنظر لزوجها بحنان ومواساة وانتظرت حتى غادروا المقابر واتجهوا للسيارات لتسرع آخذة مكانها بجواره .. لم تهتم لوجود البقية ولم تفكر في مظهرها أمامهم، كل ما كان يهمها هو فقط .. ضمت رأسه إلى كتفها رغم اعتراضه الذي قطعته بحزم وهي تهمس في أذنها
"ابق ساكناً حبيبي"

أغمض عينيه باستسلام وقد أنهكه التعب وضمته هي بكل حبها واحتوائها ريثما يصلان البيت ليرتاح كما يريد.
"هيه (سؤدد) .. أين ذهبتِ؟"
انتبهت على صوت (سيف) ينتزعها من ذكرياتها فالتفتت له ترد بدهشة
"نعم؟"
حرك كفه مرة أخرى أمام عينيها

"لا .. أنتِ لستِ هنا كلياً"
ضربت كفه مقطبة وزفرت بحنق
"أين هذان الأحمقان؟ .. كان يجب أن أعرف أنّهما .."
توقفت عن الكلام عندما لمحتهما في اللحظة التي رفع (زياد) فيها كفه مطلقاً هتافاً مرحاً رده (سيف) بمثله وهو يندفع نحوه .. ابتسمت مرغمة وهي تتحرك إليهما بينما شقيقها يعانق (زياد) بقوة ويضربان ظهريّ بعضهما بترحيب حار .. أسرعت هي نحو (وتين) التي فتحت لها ذراعيها وعانقتها بحب وأغمضت عينيها هامسة باشتياق
"أوحشتِني كثيراً يا قاسية .. كيف تغيبان كل هذا الوقت؟"

ربتت (وتين) على ظهرها برفق
"كل هذا الوقت أين حبيبتي؟ .. من يسمعكِ يقول أننا لم نجري مكالمات مرئية على الإطلاق"

ضحكت مبتعدة
"وهل تجدي المكالمات مع كل هذه المسافات حبيبتي؟"

والتفتت لـ(زياد)
"مرحباً يا ابن الخال .. أرى ما شاء الله صحتك تحسنت كثيراً بعد الزواج"

رفع أحد حاجبيه ونظر لجسده متفحصاً قبل أن يرمقها بضيق
"هذه عضلات أيتها الصحفية الحمقاء .. أنتِ لا تفهمين"
ابتسمت مغيظة فتأفف مكملاً وهو يشد منها (وتين) ويضمها
"لا تستمعي لها حبيبتي .. تعرفين أنني أحافظ على لياقتي البدنية .. إنّها تغار فقط"

ضحكت (وتين)
"أعرف حبيبي .. لا تقلق .. أنا أحبك في كل الأحوال"

نظر حوله بقلق مفتعل ثم مال يقبل خدها لتشهق (سؤدد) هاتفة
"أيها الوقح .. هكذا وسط الناس؟"
احمر وجه (وتين) بينما رد هو بوقاحة
"من يسمعك يقول أنني ارتكبت فعلاً فاضحاً في الطريق العام .. إنّها قبلة على الخد يا (سؤدد) لا تكبري الموضوع"

رفعت عينيها للسماء وهتفت
"طبعاً أنا أكبر الموضوع .. هل توقعت أنّك ستتعقل أو تصبح أقل وقاحة؟ .. لقد فقدت أدبك كلياً"

ضحك مغيظاً إياها بينما يضم زوجته له
"لو كنتِ تخجلين فلا تنظري إلينا .. أنا رجل يحب إظهار عاطفته لزوجته الحبيبة ما شأنكِ أنتِ؟"

لوت شفتيها بامتعاض وهي تقول
"هيا يا (سيف) .. لو انتظرنا قليلاً سأفقد عقلي"
حرك جسده برعشة مفتعلة وهو يقول
"معكِ حق .. لقد انتابتني القشعريرة .. بدأت أرى قلوباً حمراء وسحابات وردية في المكان .. هذا خطر على صحتي"
قالها ضاحكاً وهو يشد الحقائب من (زياد) ومد ذراعاً أمامه هاتفاً بتمثيل
"عينايّ .. انتظري يا (سؤدد) لقد أثرت الألوان على بصري"

ضربه (زياد) على ظهره وهو يضحك
"اشتقت لجنونك أيها الأحمق"
تأوه بافتعال
"ماذا تفعل يا (زياد)؟ .. جسدي لا زال متخشباً من جلستي في سيارة (سؤدد) طيلة الوقت .. اعمل حسابك ستدفع ثمن جلسات التدليك"

رفع حاجباً شريراً
"جلسات التدليك؟"
تقدمت (وتين) تسبقهما نحو (سؤدد) بينما ضربه (زياد) على ظهره مرة أخرى
"هل تعرف شقيقتي المسكينة عن هذا الأمر؟"
شهق بفزع مفتعل
"حاشا لله .. لم يحدث أبداً"

وضحك بتصنع وهو يرد له ضربته
"أنا أمزح يا رجل .. ألا تفهم المزاح؟ .. كنت أتحدث عن العلاج الطبيعي لا أكثر"

"حقاً؟ .. لوهلة ظننت أن .."
قاطعه وهو يسرع للسيارة
"لا تظن .. ابق ظنونك داخل عقلك"
اقترب ليلقي الحقائب في حقيبة السيارة التي فتحته له (سؤدد) وهي تقول مشيرة لـ(زياد)
"هيا أيها العاشق المحترم .. لا وقت لدينا"

وقف مكانه وفرد ذراعيه متنفساً بعمق
"دعيني أتمتع بهواء وطني قليلاً يا ابنة عمتي .. لقد اشتقت له كثيراً"

هزت رأسها بملل وتبادلت نظرة مع (وتين) التي ضحكت ثم أسرعت تركب السيارة .. أغلقت (سؤدد) حقيبة السيارة بقوة وتمتمت وهي تشير لـ(سيف)
"لن نتحرك من مكاننا في هذا اليوم على ما يبدو"

ضحك وهو يتحرك ليجلس في مقعده تاركاً لـ(زياد) المقعد الخلفي ليجاور زوجته التي هتفت
"هيا حبيبي .. أنا متعبة"
أسرع يحتل مكانه بجوارها وهو يقول
"فداكِ يا قلب (زياد)"
لوت (سؤدد) شفتيها وهي تدير المحرك
"صبرني يا رب"
مال يضرب رأسها قائلاً
"قودي في صمت أيتها المتذاكية"

التفتت ترمقه بحدة قبل أن تنظر للأمام وتنطلق بسرعة هاتفة
"يا صبر أيوب"
لم تلمح غمزة (زياد) لزوجته التي مالت تكتم ضحكتها في كتفه .. ضربته على ساقه
"توقف عن استفزازها"
همس لها بمرح

"دعيني أستمتع قليلاً (وتيني) .. لقد اشتقت لمشاكساتهم كثيراً"
أغمضت عينيها وهي تستند لكتفه فقبّل جبينها وتسللت يده تلامس بطنها بحنان
"أنتِ بخير؟"
أومأت وهي تحتضن كفه
"نحن بخير حبيبي"

ابتسم وهو يغمض عينيه تاركاً قناع المزاح يسقط جانباً بينما الصمت يحل ضيفاً على رحلتهم مناقضاً لصخب الشوق الذي يتقافز في قلبيهما مع كل خطوة تقربهما من أحبابهما.
**********************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 08:52 PM   #1362

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أوقف (راجي) السيارة أمام البوابة الكبيرة والتفت لصديقه قائلاً
"ها قد وصلنا يا سيد (مراد) .. تذكر أنني ضحيت بموعدي الغالي لأوصلك لعزيزتك"

رمقه بحدة
"عزيزتي من؟ .. تهذب في كلامك"
ضحك قائلاً
"سأراعي مشاعرك وحالتك الصحية"

رماه بنظرة نارية وهو يفتح باب السيارة فهتف فيه
"احترس لذراعك وأنت تنزل"

زفر بحنق وهو يغادر هاتفاً
"لولا ذارعي المصابة لأتيت بمفردي دون إزعاجك أيها المعتوه"
ابتسم بعبث قبل أن يغادر هو الآخر وتبعه وهو يتجه للبوابة ليوقفه الحارس
"نعم أيها السيد؟"
رد (مراد) بهدوء
"أريد أن أقابل السيدة (شاهيناز الصاوي)"

تبادل الحارس مع رفيقه نظرة ثم قال
"للأسف لا تستطيع مقابلتها"
قطب (مراد) قائلاً

"لماذا؟ .. قل لها (مراد الرافعي) فقط وهي .."
قاطعه الآخر بهدوء
"آسف سيدي لكن السيدة غادرت المزرعة"

"غادرت؟"
ردد بدهشة والرجل يوميء متابعاً

"لقد غادرت قبل دقائق قليلة"
توقف (راجي) بجواره سائلاً
"ما الأمر (مراد)؟"
لم يجبه وهو يسأل الحارس
"متى ستعود؟"
خفق قلبه بقوة وهو يجيبه
"لن تعود .. لقد سافرت للخارج"
"سافرت؟ .. كيف؟"
همس لنفسه بصوت منخفض بينما يردف الرجل

"هي في طريقها للمطار الآن"
هز رأسه قائلاً بخفوت
"حسناً .. شكراً لكما"
قالها وتحرك عائداً للسيارة وجلس في مقعده صامتاً بشرود قطعه (راجي) وهو يدلف إلى مقعده
"ماذا حدث يا (مراد)؟"
رد بغرابة
"لقد سافرت"

رمقه صديقه ملياً
"حسناً .. ماذا بيدك أن تفعل؟ .. أنت كنت متردداً بشأن مقابلتها طيلة الأيام الماضية .. ربما هذا افضل"
ازدادت تقطيبته فيما أكمل (راجي) مترفقاً وهو يدير المحرك
"انظر .. لقد وفر عليك القدر عناء الأمر .. فيما كنت ستتحدث معها على أية حال؟ .. ألم تقل أنّ قصتكما انتهت؟"
تطلع في صمت وتفكير عميق خارج السيارة التي انطلق بها (راجي) .. نظر له مستغرباً صمته الغريب

"ما الأمر يا (مراد)؟ .. هل كنت تكذب عليّ حين قلت أنّ كل شيء بينكما انتهى و .."
قاطعه هازاً رأسه
"لا شيء (راجي) لا شيء"
ضاقت نظراته بشك وهو يتابع قيادته و(مراد) يغرق مجدداً بتفكيره للحظات قبل أن يهتف
"أوصلني للمطار يا (راجي)"
"ماذا؟"
هتف بدهشة ليزفر (مراد) بقوة هاتفاً

"أرجوك .. أوصلني إلى هناك بأسرع وقت"
ارتفع حاجباه في عجب لكنّه أجل أسئلته وهو يزيد من سرعته ويقول
"حسناً كما تريد"

تسارعت نبضات (مراد) وهو ينظر في ساعته وتطلع عبر النافذة للسماء مردداً داخله برجاء
"انتظريني .. قليلاً فقط .. لا أريد أن أندم مرة أخرى"

همس لنفسه وقلبه يخبره أنّه سيندم حقاً إن تركها تذهب إن لم يخبرها بكل ما عنده لمرة أخيرة .. لن يعيش أكثر في الندم والآلام بسبب الماضي .. سيفتح جروحه المغلقة ويطهرها لآخر مرة حتى يتعافى كلياً.
أوشكت أعصابه على الاحتراق في الوقت الطويل الذي استغرقه (راجي) وسط الزحام حتى يصلا إلى المطار وقال صديقه برفق
"لا تقلق .. لا بد أنّها هي أيضاً علقت في الزحام .. ألم تقل أنّها غادرت قبلنا بدقائق قليلة؟ .. إذن سنلحق بها لا تقلق"
"يا رب .. حاول أن تسرع قليلاً (راجي)"

ابتسم وهو يرمقه من طرف عينيه ثم قال
"أوشكنا أن نصل .. لا تقلق"

مضت بضع دقائق أخرى قبل أن يوقف سيارته أمام المطار قائلاً
"ها قد وصلنا في .."
لم ينتظر (مراد) توقف السيارة تماماً وهو يندفع خارجها ليهتف (راجي)
"انتظر يا مجنون"

وهز رأسه وهو يراه ينطلق جارياً للداخل متجاهلاً إصاباته الحديثة ثم ترجل من السيارة يتبعه .. كان (مراد) يلهث بقوة وهو يدير عينيه في الصالة الواسعة يبحث بعينيه وسط المسافرين المغادرين والواصلين بنظرات متوترة راجية .. انطلق على قدميه متناسياً آلام جسده الذي لا زال يتعافى وقلبه تحول لمضخة قوية وكل لحظة تمر دون أن يجدها تهدده بسنوات قادمة من الندم .. من يدري متى قد يلقاها مرة أخرى؟ .. لا يمكن أن يضيع فرصته الأخيرة .. تنفس بقوة هامساً
"يا رب .. أرجوك"

بحث عنها حتى كاد ييأس ثم خفق قلبه بعنف وهو يلمحها تجلس في قاعة الانتظار مطرقة بحزن شديد وثوبها الأسود أعطاها مسحة موجعة من الشحوب والحزن .. لم يرها قبل أصدق من هذه اللحظة .. هي وحدها في صمتها وحزنها دون أن تدري بوجوده .. لا حاجة بها لتضع أقنعتها أمامه .. دار شريط ذكرياته معها أمام عينيه وترددت كلماتها له في مواجهاتهما الأخيرة بينما تقوده خطواته نحوها حتى توقف أمامها .. لم تشعر به للحظات وهي غارقة في تفكيرها ورؤيتها بهذه الحالة جعل قلبه يشفق عليها وانزوت مشاعر الكراهية في الخلف تماماً وتنحنح جاذباً انتباهها .. رفعت عينيها ليقابله احمرارهما مزيداً شفقته وأسفه لها بينما همست هي بدهشة
"(مراد)؟"
أخذ نفساً عميقاً ورد
"مرحباً (شاهي) .. كيف حالكِ؟"

تركت حقيبتها وجواز سفرها ونهضت قائلة باستغراب
"ماذا تفعل هنا؟"
رد بابتسامة باهتة
"ماذا؟ .. لا يمكنني أن آتي لوداعكِ؟"

ارتجفت نظراتها وهي ترد
"لا لكن .. كيف عرفت أنني .."
قاطعها مجيباً

"ذهبت للمزرعة لرؤيتكِ والحديث معكِ وعرفت أنّكِ في طريقكِ للسفر وكان يجب أن آتي"
ارتفع حاجباها بدهشة
"جئت لرؤيتي؟ .. لماذا؟"
توتر وهو ينظر جانباً قبل أن يحسم تردده ويقول

"حسناً .. أردت أولاً أن أقدم تعازيّ لكِ .. البقاء لله في (منذر)"
كتمت دموعها بصعوبة
"شكراً لك"

وابتسمت بارتجاف مرددة
"لم أتوقع صراحةً أن .."

لم تكمل كلماتها فقال بأسى
"لقد كنت معه لحظة بلحظة (شاهي) .. ربما فات الوقت لأقول أنّه كان رجلاً شجاعاً وجيداً لكن .. أنا أعترف له بهذا وأعترف بظلمي له"

سالت دمعة متألمة مسحتها بسرعة
"شكراً لك"
رمقها بأسى وهمس باعتذار
"أنا آسف"

رفعت عينيها بحيرة ليكمل
"آسف لأنني لم أستطع مساعدته حين حدث ما"

قطع جملته لتهز رأسها
"لا عليك .. ماذا كان بيدك أن تفعل؟ .. إنّه قدره"

وتنفست بقوة لتطرد ضيق صدرها وأسرعت تغير مجرى الحديث وهي تحمل حقيبتها
"حسناً .. عليّ الذهاب .. شكراً لك و"

أسرع يمسك بذراعها قائلاً برجاء
"انتظري قليلاً (شاهي)"

توقفت تنظر له باستغراب وارتجفت نظراتها فأسرع يسحب يده قائلاً بتوتر
"لم أنته مما جئت لأجله"
اعتدلت ترمقه بحيرة بينما تنفس بعمق حاسماً تردده
"لقد جئت أعتذر منكِ"

خفق قلبها بقوة وهي تلمح نظراته
"على ماذا؟"
أجابها بأسف
"عن كل شيء .. عن الماضي .. عن خطأي في حقكِ وظلمي لكِ لسنوات"

ارتجفت شفتاها وكتمت دموعها بقوة وهي تسمعه يواصل
"آسف لأنني لم أر الحقيقة كما قلتِ .. كنت أعمى وصدقت .. ربما كنتِ محقة فيما قلتِ"

اختنق قلبها واحترقت عيناها بالعبرات وهمست
"لا تعتذر (مراد) .. لقد مضى كل هذا .. لم يكن وقتنا ولا زمننا .. قدرنا كان أن نفترق"

هز رأسه
"لا .. أنا مدين لكِ بهذا .. كان خطأي .. ربما لو كنت أكثر صدقاً وثقة لما"

قاطعته برفق
"أرجوك .. يكفي .. لقد تجاوزت الأمر .. لا داعي لنفتح جراح الماضي"
"لا يا (شاهي) .. سنفتحها لمرة أخيرة .. ستظل تنخر في أرواحنا إن لم نتصافى لآخر مرة .. إن لم أعترف لكِ بذنبي .. لم أكن لأسامح نفسي على ترددي لو سافرتِ دون أن أخبركِ .. أنا مدين لكِ بسنوات طويلة ظلمتكِ فيها بغبائي وتسرعي"
سالت دموعها وهي تهمس

"لا تقل هذا (مراد) .. أنا أيضاً أخطأت .. لم أثق بك .. كان عليّ أن أخبرك لكنني .. خفت عليك"
رقت نظراته وابتسم بأسى
"وفي هذا أدين لكِ أيضاً .. كنتِ تحمين حياتي وأنا غرقت في كراهيتكِ لسنين"

"قلت لك لم يكن وقتنا .. مهما فعلنا كنا سنصل لنفس النهاية .. قصتنا أخذت وقتها وانتهت كما كتبها القدر"
أطرق يهز رأسه بأسف وتنهدت هي بحرارة وهي تمسح دموعها
"سامحيني (شاهي)"
عضت على شفتها وهي تنظر له
"تقبلي اعتذاري وندمي واغفري لي .. أريد أن نتجاوز هذا الحاجز ربما استطعنا متابعة حياتنا في سلام"

أومأت بابتسامة باكية
"وأنا أيضاً أدين لك باعتذاري وندمي .. أنا آسفة (مراد) .. أنا سامحتك من قلبي فسامحني أنت أيضاً"
هتف بسرعة
"سامحتك يا (شاهي) .. لا حاجة لكِ في طلبها أصلاً"

ارتجفت ابتسامتها وهي تهمس بامتنان
"شكراً لك"

ومسحت بأصابع مرتجفة دموعها
"أنا ممتنة لك حقاً لمجيئك لتوديعي .. لا تعرف ماذا فعلت"

ولمست قلبها متنهدة بارتياح
"صدقني .. لقد أرحت قلبي كثيراً بكلامك"

مد لها كفه لتنظر لها بتردد بينما ابتسم
"أنا أيضاً ارتحت كثيراً بكلامي معك .. شكراً لتقبلكِ اعتذاري"

مدت يدها بارتجاف تصافحه وهي تنظر في عينيه وهو يردف
"عندما تعودين إلى هنا تذكري أنّ لكِ صديقاً قديماً يسعده أن يلقاكِ في حال أفضل المرة القادمة وسيكون موجوداً دائماً لو احتجتِ إليه"

ضحكة صغيرة باكية غادرت شفتيها وهي توميء ويده تهز كفها في مصافحة صلح وصداقة ولدت من جديد
"سأتذكر هذا حتماً"

ضغط على كفها وعيناهما تتبادلان حديثاً طويلاً لا يُترجم بالكلمات قطعته هي بقطع تواصل أعينهما وهي تشد يدها عندما تردد نداء طائرتها
"شكراً لك (مراد) .. وداعاً"

هز رأسه قائلاً بابتسامة صادقة
"بل إلى اللقاء"

بادلته الابتسامة وهي ترد
"إلى اللقاء إذن"
قال وهي تتحرك مبتعدة تشد حقائبها
"أراكِ على خير (شاهي) .. اعتني بنفسكِ"

أومأت بامتنان
"شكراً .. أنت أيضاً اعتني بنفسك"
رمقته بنظرة أخيرة دامعة تسللت دموعها لشفتيها وهي تبتسم ملوحة له
"إلى اللقاء يا صديقي القديم الجديد"

همس وهي تبتعد عن ناظريه
"إلى اللقاء يا (شاهي)"

وتابعها حتى اختفت وسط المسافرين ليتنهد بقوة ونظر لأعلى ثم أغمض عينيه هامساً
"ها قد أغلقت صفحة الماضي حبيبتي .. حان الوقت لأتابع حياتي كما وعدتكِ"

خفض رأسه وألقى نظرة أخيرة حيث اختفت (شاهي) وابتسم في راحة خاصمته لسنوات طويلة ثم تحرك ليغادر المطار حيث وقف صديقه ينتظره .. اقترب من البوابة، حين قاطع طريقه جسد مندفع فرفع كفيه بحركة لا إرادية يمسك به واتسعت عيناه وهو يشعر بالملمس الناعم أسفل يديه .. اتسعت عيناه وهو يهتف
"هيه .. ماذا .."

انقطعت جملته حين دفعته الفتاة وهي تهتف
"يا ربي .. لقد لحقوا بي"
المفاجأة جعلته يتراجع مع دفعة جسدها الرقيق ووجد ظهره يستند لعمود ضخم وسط ساحة المطار وخفض رأسه يحدق في الشعر البني أسفل ذقنه وقطب وقبضتاه تشتدان على عضديها وهتف وهو يبعدها عنه
"أنتِ يا آنسة .. ماذا تفعلين؟"
هتفت وهي تدفعه أكثر تتوارى فيه
"اصمت بالله عليك ستفضحني"

قطب أكثر وهو يشعر أنّه في مسرحية عبثية وكاد يصرخ فيها لولا أن شعر برأسها يلتصق بصدره أكثر .. تباً .. من هذه المجنونة وماذا تفعل؟
"أنتِ يا هذه؟"

هتف مغادراً صدمته حين ابتعدت قليلاً تنظر من خلف العمود وتتبع نظراتها ليجد رجالاً بأجساد قوية بدوا كرجال حراسة خاصة وضاقت نظراته وهو يعود بعينيه إليها .. سمعها تتنهد بقوة وهي ترى الرجال يبتعدون عن مكانها ولم يحتمل أكثر فدفعها
"تباً .. ماذا تفعلين يا مجنونة؟"

رفعت وجهها لتواجه عينان بنيتان تلمعان بشقاوة وعفرتة غريبين وارتفع حاجباه بدهشة تحولت لصدمة حين ابتسمت وغمزت له بعينها بحركة أقرب للوقاحة وقفزت مبتعدة وهي تهتف
"شكراً لك أيها الوسيم"

رمش بعينيه في صدمة وعيناه تتبعانها تجري وحقيبة ظهرها تهتز خلفها بينما تهرب في عكس اتجاه الحراس .. هز رأسه بقوة وهتف بحنق
"تباً .. ما هذه المجنونة؟"
تحرك من مكانه وأسرع يغادر المطار بحنق ليقابله (راجي) هاتفاً بدهشة
"أين اختفيت فجأة؟"

وقطب وهو يرى ملامحه المتجهمة وسأل مستغرباً تغير حالته بعد أن رأى لقاءه مع (شاهي) ورأى ارتياحه بعدها لينقلب حاله فجأة
"ماذا حدث؟ .. لماذا أنت غاضب هكذا؟"
هتف بحدة وهو يندفع نحو السيارة
"لا تسأل بالله عليك .. لا ينقصني المجانين هذا الصباح"

ارتفع حاجباه بشدة قبل أن يضحك وهو يضرب كفيه ببعضهما ويتحرك خلفه ليقود السيارة ويغادرا في طريقهما.
**********************
"كل هذا حدث دون أن يخبرنا أحد"
رددت (وتين) بأسف وهي تنظر في وجوه أفراد أسرتها بعد وقتٍ من وصولهم للقصر واستقبال الجميع لهما بحفاوة ودموع شوق وسعادة قبل أن تأخذهم الأحاديث لما حدث بالأيام الماضية
التقط (زياد) طرف الحديث منها
"لماذا لم تتصلوا بنا يا أبي؟"

قطب (شاكر) قائلاً
"لم نشأ أن نقلقكم يا بني .. تكفيكما غربتكما بعيداً عنا ماذا كنتما ستفعلان؟"

مطت (وتين) شفتيها بأسى ومالت تربت على كتف (سؤدد)
"أنا آسفة حبيبتي .. لماذا لم تخبريني عندما تحدثنا؟"

هزت كتفيها
"ما حدث قد حدث (وتين) .. سنتجاوز كل هذا قريباً"
ضغطت على كفها وسألتها برفق

"كيف حال (عماد)؟"
"بخير .. إنّه يتعافى مع الوقت"
"ليس هنا؟"
هزت رأسها قائلة بأسف
"لا .. لقد ذهب لزيارة والدته في المصحة .. سيعود متأخراً"

تنهدت (وتين) بشفقة بينما أسرع والدها يقول منتزعاً إياهم من الحزن الذي حل على المكان فجأة
"ماذا؟ .. هل سنقلب سعادة العائلة بكما لحزن ودموع؟ .. ما صدقنا أن حدث شيء سعيد يخرجنا من الحزن الذي خيم على البيت الأيام الماضية"

والتفت لـ(أحمد) قائلاً
"أليس كذلك يا (أحمد)؟"

أومأ برأسه مبتسماً بهدوء
"أنت محق يا (مصطفى)"

ونظر لهما بترحاب صادق
"لقد اكتفى هذا البيت وهذه العائلة من الأحزان .. هذا وقت اجتماعنا فألقيا كل الحزن وراء ظهريكما .. الزمن كفيل بكل هذا"

وابتسم لهما
"لا تعرفان كم أنا سعيد برؤيتكما بعد كل هذه السنوات"

شكراه بامتنان
"ونحن أيضاً يا عمي .. لا تعرف كم سعدنا بعودتك للعائلة"
ردد (زياد) بينما تابعت (وتين) وهي تنظر له ثم لابنة عمتها بحنان
"لا أعاد الله تلك الأيام الصعبة مرة أخرى .. أنا سعيدة لأراكم مجتمعين هكذا"

اقتربت (سؤدد) تعانقها بحب
"شكراً لكِ حبيبتي .. لقد اكتملت سعادتنا بعودتكما"
تنحنح (زياد) مدعياً الحنق وشد زوجته إليه
"لا تلمسي زوجتي لو سمحتِ أنا أغار"

ضحك الجميع بينما هتفت هي في قهر
"(زياد هاشمي) .. والله ستجبرني على كسر رأسك في الحال"
قال جدهما ضاحكاً بينما يضم (رفيف) الجالسة على ساقه والتي كانت تضحك بقوة
"ما الأمر يا (زياد)؟ .. هل حولت الدفة من (راندا) إلى (سؤدد)؟ .. على ما أذكر كنت تحترمها قبل سفرك"

أجابه بمرح
"آه (راندا) المجنونة .. اشتقت لها"
لوت (سؤدد) شفتيها
"لا تدع (هشام) يسمعك وإلا سيكسر هو رأسك قبلي"
ابتسم لها مغيظاً وقال رداً على جده
"(راندا) ما شاء الله تعقلت يا جدي .. بينما كما أرى .. (سؤدد) العزيزة قد تغيرت .. تعجبني هذه النسخة كثيراً يا ابنة عمتي"

فتحت فمها لتهتف فيه لولا أن قاطعهما دخول (آدم) محتضناً كف (سديم) وألقى التحية .. أسرع الاثنان ليرحبا بهما وعانقتها (وتين) ونظرت لابن عمها قائلة بمرح
"ممم .. حورية النار"

احمر وجه (سديم) وهي تنظر له
"مرحباً بكِ في عائلتنا يا حورية .. أقصد يا (سديم)"

قالت ضاحكة فردت عليها بابتسامة سعيدة
"شكراً لكِ (وتين) .. حمداً لله على سلامتكما"

قاطعهما اندفاع (رفيف) نحوهم لتلفت لها (سديم) وحملتها بحب ثم ابتسمت لـ(رامي) الذي أسرع بدوره إليها هي ووالده .. تأملتهم (وتين) بحنان وهي ترى بعينيها ما أخبرتها به (سؤدد) من قبل عن معاملة (سديم) للصغيرين وتعلقهما بها .. اتسعت ابتسامتها وهي تتحرك مع زوجها عائدة لمقعدها لكنّها أمسكت كفه فجأة توقفه ونظرا لبعضهما وهزت رأسها بإشارة أجابها بأخرى فضحك والده وهو يتبادل نظرة مع زوجته التي ابتسمت بهدوء
"ما الأمر يا أولاد؟ .. يبدو أنّكما تخفيان سراً"
تبادلا ابتسامة واسعة ثم أدار (زياد) عينيه في وجوه الجميع قائلاً

"بما أنّ الجميع هنا فـ .."
قاطعته (رفيف) باعتراض طفولي ضاحك
"(رورو) وعمو (هشام) ليسا هنا"

ضحك ثم غمز لها
"لا بأس .. احتفظي بالسر إذن حتى تكون مفاجأة لهما"
تبادل الجميع النظرات بتساؤل بينما استرخت (سؤدد) بابتسامة عارفة وقد توقعت صحة ما شكت فيه ولم تتأخر الإجابة التي تتنتظرها حين أكمل (زياد) وهو يحتضن (وتين)
"حسناً .. بما أننا معاً وجميعنا ننتظر أخباراً سعيدة تنتزع الجميع من حزنه .. عملنا حسابنا ولم نحضر بأيدي فارغة .. لدينا خبر سعيد جداً"

انتبه الجميع بحماس وهو يردف ناظراً لوجه (وتين) الذي احمر بفتنة
"(وتيني) الجميلة أهدتني أجمل هدية بعد قلبها الذهبي .. إنّها حامل وستحضر لي ملاكاً مثلها قريباً"

حلق طير الصدمة على رؤوس الجميع ولم يبعده سوى هتاف (رجاء) التي وقفت مكانها وكفاها يغطيان فمها بينما عيناها لمعتا بشدة وهي تنظر لهما
"لا .. يا الله .. هل سمعت هذا حقاً؟"
وأسرعت تضرب على كتف زوجها
"(شاكر) .. هل سمعت ما قاله؟ .. أنا لا أحلم"
ابتسم (شاكر) وهو ينظر لابنه ودمعت عيناه
"يبدو أنّكِ لا تحلمين عزيزتي .. لقد سمعت هذا أنا أيضاً"
قفزت مكانها كالأطفال بسعادة فاجأت الجميع وصفقت بيدها
"لا أصدق .. لا أصدق"
واندفعت قبل أي شخص نحوهما وعانقتهما معاً وهي تبكي
"يا ربي .. لا أصدق .. شكراً لكما .. شكراً لكما"

مسح الاثنان على ظهرهما وهمس (زياد) بتأثر
"أمي"
ابتعدت تنظر لهما من بين دموعها وشهقت بالبكاء أكثر مع نظرة (وتين) الدامعة واقتربت لتحتضنها
"شكراً لكِ (وتين) .. شكراً يا ابنتي"
ارتفع حاجبا (زياد) وهو ينظر لهما ودار بعينيه ينظر لوالده وجده ليبتسما له بحنان .. اقترب يحتضن أمه
"أمي .. لا أعرف ماذا .."

قاطعته وهي تمسح على خديهما
"لا تقل شيئاً .. لقد استجاب الله لدعائي .. شكراً لكما حقاً"
وتحسست بطن (وتين) بيد مرتجفة وهمست
"(ملاك) الصغيرة هنا وستأتي قريباً"

تبادل (شاكر) مع والده نظرة مصدومة كما فعل الجميع بينما بكت (وتين) بشدة مع كلمة (رجاء) التي أردفت
"لو كانت بنتاً ستسميانها (ملاك)، حسناً؟"

ارتجفت شفتا (وتين) بتأثر بينما حماتها تتابع بعينين حالمتين
"سأعوضها وأعوض نفسي عن كل الماضي"

ونظرت لابنها وحادت بنظراتها لـ(هاميس) الباكية
"سأعيش معها طفولتكما التي حرمت نفسي منها"
وعادت تنظر لابنها وزوجته بنبرة رجاء
"هذا إن سمحتما لي بالطبع"

قاطعته (وتين) قبل أن ينطق وهي ترتمي في حضنها
"بالطبع يا ماما (رجاء) بالطبع"

ضمتها بحنان أمام أنظار الكل التي غمرها التأثر والدهشة بحال (رجاء) التي لم تلبث أن ابتعدت تاركة المجال لباقي العائلة أن تقدم المباركات لهما وأسرعت هي لزوجها تلقي نفسها بين ذراعيه باكية بسعادة غامرة وهي تهمس
"سنصبح جدين مرة أخرى يا (شاكر)"

ضمها بحنان
"نعم يا عزيزتي .. سنصبح كذلك"
مسحت دموعها وهي تنظر للجميع وقد علت وجوههم السعادة
"أشعر أنّ الله استجاب لي وسامحني .. هل تظن هذا؟"
نظر لها ملياً يرى في وجهها ونظراتها حبيبته الشابة تعود أخيراً بعد طول غياب وهمس
"أنا متأكد أنّه استجاب لي أنا"
نظرت له بدهشة فمال يقبل جبينها
"لقد أعادكِ لي حبيبتي .. منحكِ القوة في حربكِ مع نفسكِ وأعاد لي المرأة التي عشقتها قديماً"

ارتجف قلبها وهمست وهي تضم نفسها له
"لم أكن لأفعل هذا من دونك .. شكراً لأنّك انتظرتني كل هذه السنين"
ابتسم وهو ينظر معها لأبنائه وعائلته تماماً كما فعل والده وهو يتراجع في مقعده ينظر للجميع من بين دموعه التي أغرقت ابتسامته لكنّ قلبه كان هانئاً وسعيداً وهو يرى سعادتهم ودعا من قلبه أن يديم السعادة عليهم للأبد ويبعد عنهم ظلال الحزن والشر.
**********************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 08:53 PM   #1363

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تقدمت (همسة) عبر الرواق الذي يفصلها عن غرفة (فهد) في طريق حفظته عن ظهر قلب بعد زيارات يومية لم تنقطع يوماً منذ تجاوز مرحلة الخطر وانتقل لغرفة عادية وسمح الطبيب بزيارته .. تنهدت وهي تدخل عبر الباب المفتوح لتجد الممرضة تتفحص علاماته باهتمام قبل أن تبتعد والتفتت لتجدها قبالتها فابتسمت بترحيب
"آه .. ها قد أتت زائرتك الجميلة يا سيد (فهد) .. مرحباً آنسة (همسة)"

ابتسمت لها بامتنان وهي ترد تحيتها وتحركت قائلة
"كيف حاله اليوم؟"
تغاضت عن رؤية الإشفاق في عينيّ الممرضة وهي ترد
"بخير .. الطبيب قال أنّه يتحسن"

أومأت وهي تشد المقعد لتجلس بقربه وتوقفت عيناها على وجهه النائم بسكون ومالت تهمس له متجاهلة الممرضة التي أسرعت تغادر الغرفة تاركة إياها معه بعد أن ألقت عليهما نظرة حزينة
"كيف حالك اليوم حبيبي؟"

مدت يدها تلامس خده برقة وعيناها على جفنيه المغمضين بتوسل صامت أن يفتحهما هذه المرة لكنّه بقى صامتاً كعادته طيلة الشهر الماضي .. الطبيب أخبرهم أنّه يتحسن ورغم هذا لا زال في غيبوبته .. مالت نحوه ويدها الأخرى تحتضن كفه
"متى ستستيقظ حبيبي؟ .. لقد اشتقت لك كثيراً .. ألا تشتاق إليّ؟"
ضغطت على يده وقاومت دموعها وهي تهمس بمرح
"أعرف أنّك تفعل .. لا بد أنّك تتدلل فقط لتعرف قيمتك عندي"

صمتت قليلاً تقاوم غصتها ثم قالت
"هل تعرف؟ .. أمي تبلغك تحياتها .. لقد أخبرتها كل شيء عنك وعن (عماد)"

وشردت بنظراتها لثوان ثم أردفت
"قالت أنّها ممتنة لك لأنّك أنقذت أخي وممتنة لـ(عماد) أنّه أنقذها .. أعرف أنّها ستأخذ وقتاً حتى تتفهمني وتتقبل مشاعري لكن .."
هزت كتفيها
"ما يهمني الآن أن تستيقظ وتعود لي وبعدها سنفكر في حل .. أعرف أنّ الله رحيم ولن أستسلم لليأس .. أنت تحتاجني قوية أعرف هذا"
عادت تنظر لعينيه بتوسل وقلبها يناديه برجاء
"هل أخبرتك ما قالته لي أمي؟"

ضحكت بخفوت وهي تميل كأنما تهمس سراً
"قالت أنّ أبي عندما عرف بحملها كان مصراً على أن يسميني (همسة) وهي رفضت تماماً .. لم تكن تريد أن يكون هناك اثنتان من (همسة) في البيت"

وابتسمت وهي تهز رأسها
"معها حق .. عندما تنادي ماما (سلمى) اسمي نرد نحن الاثنان في نفس الوقت .. هذا شيء محير ومتعب حقاً"

عادت تضحك برقة
"لكن أبي مع هذا كان مصراً ويبدو أنّه تمنى هذا بشدة، فانظر لي الآن .. لقد تحقق كلامه وحملت الاسم الذي يريد في النهاية"
غامت عيناها لحظة بمرارة وهي تتذكر سبب حملها للاسم لكنّها أسرعت تطرد حزنها جانباً بسرعة وهي تبتسم
"أنا سعيدة جداً (فهد) .. بعد كل هذه السنوات دون أمي بدأت أعرف معنى وجودها .. علاقتنا تكبر يوماً بعد الآ×ر .. كنت أتحسس طريقي في البداية لكنّها احتوتني بسرعة ومع كل يوم أشعر بالفجوة تقل بيننا أكثر وأكثر"

أطرقت قليلاً تفكر
"لا أعتقد أنّ هناك فجوة من الأساس .. لا أشعر الآن أنني كنت محرومة منها .. أتمنى لو تقابلها حقاً يا (فهد) .. إنّها أروع امرأة عرفتها .. حسناً .. ماما (سلمى) أيضاً امرأة رائعة"
وضحكت وهي تعانق يده
"لكن بطبيعة الحال وواجبي كابنة يحتم عليّ أن أمدح أمي أكثر"
ران الصمت وهي تميل تسند رأسها قرب رأسه وأصابعها تتشابك مع أصابعه
"هل أنت غاضب يا (فهد)؟ .. لهذا لا تريد أن تستيقظ .. أو ربما .. تشعر بالراحة عندك .. بعيداً عن كل ما حدث .. بعيداً عن الحيرة والمصير الذي لا نعرف أين سيأخذنا إليه القدر"

تنفست بعمق وأغمضت عينيها لتتسلل دموعها بصمت
"لا تفكر هكذا يا (فهد) .. أنا أتعذب وأنت هكذا .. يكفيني أن تكون بخير حتى لو تعذبت قليلاً في انتظارك .. عد لي سريعاً ودع أمرنا للقدر .. أنا سأثق في رحمته"

وضغطت كفه برقة
"عد لي ولا تتركني هكذا"

شدت كفه نحو شفتيها وقبلتها لتنطبع دموعها عليها وهي تواصل برجاء
"أنا أنتظرك وسأظل في انتظارك للأبد حتى تعود لي"

وأغمضت عينيها لتقول قبل أن تصمت وتترك روحها تستشعر روحه حيث كانت
"لا تتأخر عليّ حبيبي أنا أنتظرك"
**********************
اقتربت (ماريا) من حيث جلست صديقتها في مقعد خشبي هزاز تتطلع من مكانها نحو التلال الممتدة بعشبها الأخضر وتنهدت بحزن وهي ترقبها تجلس كعادتها في شرود وصمت تتطلع للبعيد .. لا تراهم وهي غائبة معظم الوقت في أفكارها مع ذلك المجهول .. مطت شفتيها وهي تتذكر حالتها خلال الشهر الماضي .. لم تتحسن إلا بعد أسبوع من الحادث .. زيارة الطبيب النفسي لم تساعد كثيراً .. وللغرابة كان ما أخرجها من عزلتها زيارة تلك المراة العربية لها .. انقلب حالة صديقتها تماماً فور رؤيتها لها وتذكرت بأسى كيف نهضت من فراشها وأسرعت إليها لتلقي نفسها بين ذراعيها وهي تبكي بحرقة وتهذر بكلمات عربية لم تفهم منها شيئاً بينما تتراجع مغادرة الغرفة تتركها مع المراة التي عرفت أنّ اسمها (شاهي) وعلمت فيما بعد أنّها كانت زوجة الرجل الذي أحبته (آنجيليكا) .. لم تفهم الموقف العجيب وكيف وقعت صديقتها في حب رجل متزوج تزوره زوجته لترثياه معاً وتواسيها في شدتها .. وحديث (آنجي) القليل معها لم يزدها إلا حيرة .. تنهدت بقوة وهي تقطع آخر خطوات تفصلهما وقالت برفق وهي تلمس كتفها
"ألن تعودي لغرفتكِ (آنجي)؟ .. ستصابين بالبرد إن بقيتِ في هذا الجو البارد طيلة اليوم"

لم ترد عليها للحظات حتى ظنتها ستتجاهلها كعادتها لكنّها همست بعد قليل
"لا تقلقي (ماريا) .. لا يمكن للبرد أن يمسني .. أنا أشعر بالدفء"

قطبت بقلق وغير ارتياح وقالت
"حبيبتي .. لا تقلقينا عليكِ أكثر .. حالتكِ تقلقنا .. هل رأيتِ كيف أصبح (جوليانو) في قلقه عليكِ؟"

ارتجفت شفتاها لثوان قبل أن تلتفت إليها هامسة بشحوب
"ما به (جوليانو)؟"
زفرت مجيبة
"أخشى أن يهمل صحته وهو قلق على حالتكِ (آنجي) .. أرجوكِ .. من أجله .. توقفي عما تفعلينه بنفسكِ"
همست بغرابة
"وماذا أفعل بنفسي (ماريا)؟ .. أنا بخير"
هتفت وهي تلوح بيدها
"لستِ بخير أبداً (آنجي) .. هل رأيتِ نفسكِ؟ .. أنتِ تكادين تنعزلين عن العالم .. تغرقين في شرودكِ بعيداً عن الكل .. أرجوكِ حبيبتي .. أفيقي لنفسكِ قبل أن تسوء حالتكِ أكثر"
نظرت لها بدهشة لثوان ثم قالت
"لكنني حقاً بخير يا (ماريا) .. أنا كنت في حاجة لبعض الوقت لأحسم أفكاري وأقرر ماذا سأفعل"

أسرعت (ماريا) تشد مقعداً قريباً
"ماذا تنوين؟"
وقطبت بقلق أكبر عندما لم ترد
"أرجوكِ أخبريني ماذا تخفين .. منذ زارتكِ تلك السيدة وأنتِ في حالٍ غير الحال .. ماذا قالت لكِ؟"

شردت نظراتها بطريقة محزنة
"(آنجي) .. لا زلت لم أفهم شيئاً مما حدث معكِ .. كيف تكون تلك المرأة زوجة الرجل الذي كنتِ تحبين"
"الذي أحبه"
قاطعتها بنبرة رقيقة حاسمة فرمشت بعينيها
"ماذا؟"
ابتسمت وهي تنظر لها
"الرجل الذي أحبه .. وليس (كنت)"

حدقت فيها بذهول
"أنتِ هكذا تقلقينني أكثر"

ثم هزت رأسها متابعة
"دعينا من هذا واشرحي لي .. كيف تكون زوجته وماذا كانت تريد بالضبط؟ .. ماذا أخبرتكِ لتتغير حالكِ هكذا؟ .. لا تجعليني أقلق أكثر"

تنهدت وهي تقول
"أتت لتعطيني رسالته وتخبرني بوصيته لي"

انقبض قلبها
"كيف؟ .. لا أفهم"
"ما الذي لم تفهمينه بالضبط؟ .. أخبرتك بما أتت من أجله"

زفرت بقوة وهي تدفن أصابعها في شعرها
"ستصيبنني بالجنون"

هزت كتفيها قائلة بهدوء
"الأمر بسيط .. لقد أوصاها أن تهتم بي وترك لها رسالة لتعطيني إياها"
"ماذا قال لكِ في الرسالة؟ .. هل عرفتِ أي شيء؟"

ابتسمت وهي تهز رأسها
"كان يودعني"

تراجعت بدهشة وهي تنظر لملامحها الهادئة .. كيف تتحدث بهذا الهدوء الذي يخيفها؟ .. لم تعد تصرخ في انهيار تناديه .. باتت أكثر هدوءاً وعزلة كأنّها تركت لهم العالم كله لتلحق به .. ربما يجب أن تتحدث مع طبيبها فقد يكون الأمر خطيراً .. تخشى أن تعزل نفسها في خيالاته معه .. هل هي في حالة إنكار الآن؟
"(آنجي) .. أنتِ لستِ .."
قاطعتها برفق
"أنا بخير صدقيني"
قطبت مرددة
"هل عرفتِ أي خبر عنه؟ .. لماذا أنتِ هادئة هكذا؟ .. تتصرفين كما لو كان حياً بينما"

ارتفعت نبرتها بحدة
"إنّه حي"
سألتها بحيرة
"كيف؟ .. (جاك) أكد لنا أن"

عادت تقاطعها برفض
"لا يهمني ما قاله (جاك) .. أنا أعرف أنّه حي"

"(آنجي) .. أرجوكِ .. لا تدعي مشاعركِ توهمكِ أن .."
نهضت فجأة من مكانها وابتعدت عنها تخطو بضع خطوات فوق العشب وفردت ذراعيها على اتساعهما وتنفست بعمق وهي مغمضة العينين
"أنا أعرف أنّه حي .. أشعر به"

شهق بجزع وأسرعت إليها تشده لها تنتزعها من ضياعها الذي كادت تغرق فيه
"أفيقي (آنجي) .. أفيقي من هذا الوهم"
وهزتها من كتفيها برفق وهتفت بتوسل
"أرجوكِ حبيبتي .. أفيقي"

ابتسمت بهدوء رغم الدموع التي تسللت في عينيها
"أنا كذلك (ماريا) .. أنا مستفيقة وأسمعكِ .. أراكم وأشعر بكم .. أنا معكم .. أعرف الحقيقة من الوهم"

وابتعدت عنها مواصلة
"أعرف أنني لا أتوهم .. (منذر) حي وسيعود"

أغمضت (ماريا) عينيها بألم وحيرة لا تعرف كيف تخرجها مما هي فيه
"أنا أشعر به"

همست وهي تلامس قلبها
"قلبه ينبض هنا (ماريا) .. وروحه .. أشعر بروحه تتنفس هنا"
تنهدت صديقتها بقلة حيلة لكنّها قررت الترفق بها وهي ترد
"متى عرفتِه أصلاً لتقولي هذا الكلام؟ .. حبيبتي .. هذا يحدث في الأفلام والروايات الرومانسية .. أفيقي أرجوكِ أنتِ على أرض الواقع"
"أنا كذلك بالفعل"

قالت ببساطة وهي تنظر لها كأنّها تنظر لمجنونة أو حمقاء بسيطة العقل
"أنا أتحدث بما أشعر .. ألم تشعري بهذا مع (بيدرو)؟ .. ألا تحبيه بنفس الطريقة؟"
تنهدت مجيبة
"أحبه (آنجي) .. لكننا عرفنا بعضنا لوقتٍ طويل .. مررنا بالكثير معاً حتى توطدت علاقتنا وتوحدت مشاعرنا .. ماذا عنكِ أنتِ؟ .. هل تقنعينني أنّكِ عشقتِه في هذه الفترة القصيرة وفي تلك الظروف العجيبة؟"

شردت قليلاً وهمست
"وماذا يعني الوقت إن الأرواح تآلفت يا (ماريا)؟"
نظرت لها باستغراب لتتابع بحنين
"هناك حب كما تقولين كنبتة تحتاج للوقت لتنمو ببطء وتزدهر .. وهناك شيء .. ربما لا يكون حباً .. هو أشبه بـ .."

صمتت لحظة كأنما تبحث عن الكلمة المناسبة
"أشبه بالعودة للوطن .. إنّه انتماء"
ولامست قلبها مجدداً وهي تردف

"تشعرينه هنا .. روحكِ تعرفه .. لا تحتاجين الوقت لتتعرفي عليه وتنتظري النبتة لتغرس جذورها عميقاً .. لا .. بل هي في الأساس نبتة ولدت في عالم الغيب .. عالم الأرواح .. بين روحين يكملان بعضهما مهما باعدتهما المسافات تقربهما أبعاد عالمهما غير المادي .. لا يحتاجان للوقت لإقامة الجسور وغرس الجذور ولا انتظار الثمر"
ورفعت رأسها للسماء متنفسة بعمق
"هما يبحثان عن بعضهما دون أن يشعرا .. ربما يكونان محظوظين فيلتقيان وربما لا يفعلان ويظلان طيلة العمر يشعران بذلك النقص الغريب داخلهما"
وابتسمت بحب وهي تغمض عينيها
"وأنا كنت محظوظة لتعثر روحي على وليفها .. حينها فقط عادت القطعة الناقصة داخلي إلى مكانها و"

صمتت لحظة ثم همست كالمسحورة
"وأنا اكتملت"

بقيت (ماريا) صامتة بشفتين فاغرتين باندهاش ثم قالت
"أنتِ تتحدثين بكلام غير منطقي (آنجي) .. هذا ليس كلام واقع أبداً"

هزت كتفيها وقالت
"الأرواح لا تعترف بالمنطق .. أنا قابلته وعرفته .. قاومت طويلاً .. كل شيء كان يمنع اتحادنا لكنني اعترفت في النهاية"

وغزت عيناها مسحة من الحزن وهي تردف
"هو أيضاً قاوم وفشل .. كل الظروف كانت ضدنا .. لكنّه لي .. مهما ابتعدنا .. مهما فرقت بيننا الظروف والأقدار .. سنظل لبعضنا"
اقتربت تمسك ذراعها وتديرها نحوها
"حبيبتي .. كل هذا كلام جميل .. لكن .. أرجوكِ .. أتوسل إليكِ .. أفيقي لحالكِ .. لا تستمري في طريقكِ هذا .. ستضيعين"
ربتت على كتفها ثم تركتها واتجهت لتسترخي في مقعدها
"لا تقلقي بشأني .. أنا أعرف ما أقول"

زفرت بقوة واتجهت لها
"حسناً .. سأصدق ما تقولين .. أين هو إذن؟ .. إن كان حياً لماذا لم يعد أو يتصل بكِ كل هذا الوقت؟"

صمتت دون رد وارتفعت يدها تلامس قلادتها وخفق قلبها وهي تحتضن سلسلة والدته التي ألبسها إياها في آخر لحظاتهما وعادت كلماته تتردد بعقلها لتهمس
"هناك ما يمنعه .. لكنّه سيعود وأنا سأنتظره"

"(آنجي) .. أرجوكِ"
قاطعتها برفق
"لا تقولي شيئاً (ماريا) .. أعرف أنّكِ قلقة عليّ .. لكن .. أنا بخير صدقيني"

وصمتت قليلاً ثم قالت
"هناك شيء آخر أريد أن أخبركِ إياه"
اعتدلت بقلق

"ما الأمر؟"
شردت لحظات تتذكر ما أخبرتها به (شاهي) وما قرأته في رسالته
"ماذا هناك (آنجي)؟"

تنفست قاطعة ترددها
"أنا سأعود"
"ستعودين أين؟"
سألتها بقلق فابتسمت
"سأعود لوطني .. لبيتي وبيت (منذر)"

انقبض قلبها بقلق أكبر وأخبرها عقلها أن صديقتها تضيع أكثر
"بيت من؟ .. ماذا تقولين (آنجي)؟"

أمسكت كفها وضغطتها
"لقد حان الوقت لأتابع حياتي حيث يجب أن أكون"

وأغمضت عينيها تتخيل صورة المزرعة التي وصفها (منذر) في رسالته قائلاً أنّها تشبه المزرعة الكبيرة التي قضت فيها أيامها معه ويخبرها أنّه اشتراها من ماله الخاص الذي ورثه من أمه .. وابتسمت وهي تتذكر قسمه لها في الرسالة أنّه مالٌ حلال لم تلوثه أي ذرة من مال أبيه الحرام .. كتب المزرعة باسمها قبل سفره وأمر حارسه بتولي كافة الأمور لنقل ممتلكاته الخاصة التي يعتز بها من بيت المزرعة إلى بيتها الجديد لتحتفظ بذكرياته العزيزة وكل ما يحبه .. أخبرها أنّ كل هذا من حقها وسيكون سعيداً ومطمئناً إن هي انتقلت لتعيش هناك وسط أغلى ما يملك وبين ذكرياته.
"(آنجي) .. أين شردتِ؟"
انتبهت على صوت (ماريا) لتجيبها
"لقد طلب مني (منذر) أن أعود مع أخي للمزرعة التي تركها لي"
"كيف؟ .. لا تقولي أنّكِ ستتركينا"

ربتت على كفها بابتسامة هادئة ترجو تفهمها
"حان الوقت لأتابع حياتي أنا وأخي بعد أن انتهى الكابوس الذي كان يتهددنا .. سأعود لوطن جدي .. أريد لأخي أن يتعرف على وطنه وهويته ولغته"

دمعت عيناها وهي تقول
"هنا وطنك أيضاً (آنجي) ونحن أصدقائكِ"
أومأت قائلة بنبرة باكية
"أعرف .. ولن أنساكم أبداً وساظل على اتصال دائم معكم حبيبتي .. سآتي لزيارتكم باستمرار .. هل أنا حمقاء لأضحي بذكرياتي وصداقتي معكم؟"

ومسحت دموع صديقتها مردفة
"يجب أن أعود لهناك .. أريد لأخي أن ينشأ هناك .. وعندما يعود (منذر) سأقضي بقية عمري معه .. وهو سيحتضن أخي ويحبه مثلي .. سينشأ في عائلة متحابة سعيدة"

غامت نظرات (ماريا) من جديد
"لا زلتِ ترددين نفس الكلام"

ضحكت بخفوت واحتضنت سلسلته وشردت بنظراتها بعيداً وهمست
"هو وعدني أنّه لن يتركني"
ونبض قلبها بعشق وهي تغمض عينيها بينما خياله يمثل أمامها
"قال لي انتظريني"
ولامست قلبها بوعد
"وأنا سأنتظره حتى يعود كما وعدني .. لأنني أثق به .. أعرف أنّه سيعود وسأنتظره مهما تطلب الوقت أن أنتظر"
همستها وقلبها يؤكد وعدها بيقين بينما روحها استكانت في داخلها تستشعر نبض روحه داخلها، موقنة أنّها مهما طال الانتظار سيعود لها كما وعد .. لن يخلف وعده أبداً.

*********************
انتهى الفصل الخامس والستون والأخير
قراءة ممتعة
إن شاء الله ينال إعجابكم

أرق تحياتي



may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:31 PM   #1364

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الخاتمة
"إن الحياة هبة، ومن الممكن أن نجعل من كل دقيقة منها عصراً طويلاً من السعادة، الآن حياتي ستتغير. الآن سأولد من جديد."
فيودور دوستويفسكي
*****************
التقط (عماد) هاتفه وهو يقطع الردهة المؤدية لغرفة والدته وابتسم عندما رأى اسم المتصل، وأسرع مجيباً بحب
"حبيبتي .. ما الأمر؟ .. هل اشتقتِ لزوجكِ الحبيب سريعاً هكذا؟"
وصلته ضحكتها رقيقة لتمسح كعادتها على قلبه وهي ترد

"أنا أشتاق لك وأنت معي حبيبي"
خفض صوته ليهمس بعاطفة
"ماذا تفعلين (سؤددي)؟ .. هل تريدين جعلي أترك كل شيء أمامي اليوم وأعود في الحال؟"
عادت ضحكتها ترن في أذنيه لتتسع ابتسامته وهي تقول
"لا تتأخر إذن حبيبي .. سأكون في بيتنا الصغير"

رقت عيناه وصمت قليلاً حين وقف عند باب الغرفة ليهمس
"سأعد الدقائق حتى أعود لكِ يا عمري"

همست بحب
"وأنا أيضاً حبيبي"
ودعها بكلمات رقيقة قبل أن يغلق الهاتف ويرفع عينيه للباب وتنهد بعمق وهو يفتحه ليدلف وقلبه يعود للانقباض بألم كعادته في كل مرة يزورها فيها رغم مرور كل هذه الأشهر لكن تبقى نفس المرارة في حلقه لا يستطيع السيطرة عليها .. جاهد ليرسم ابتسامة على شفتيه وهو يقترب من مكانها المعتاد بجوار النافذة
"صباح الخير أمي .. كيف حالكِ اليوم؟"
لم يبد أنّها سمعته ولا شعرت بوجوده .. ظلت نظراتها الشاردة مثبتة خارج النافذة تتطلع إلى لا شيء .. قاوم غصته بصعوبة واقترب ليجلس على ركبتيه أمامها ورفع رأسه لها يتأمل بنظرات غائمة ملامح وجهها الهادئة بشحوب دون زينتها المعتادة والغضب الذي كان يرافقها أغلب الوقت مرافقاً بالتحسر على حالها طيلة السنوات الماضية .. شعرها نائم بسكون على كتفيها وعيناها ضائعتان في البعيد .. مد يداً مرتجفة يمسح على شعرها برفق ثم وضع يده على كفها هامساً بحنان
"كيف حالكِ أمي؟ .. اشتقت لكِ"

لم تحرك ساكناً فعاد يتنهد ويده تضغط على يدها بأسى لكنّه قاوم ألمه ليواصل بابتسامة مرتجفة
"ألا تشعرين بالملل أمي؟ .. لماذا لا تخرجين معي للحديقة قليلاً؟"
وادعى النظر للخارج متابعاً
"الهواء لطيف ومنعش بالخارج، سيشعركِ بالراحة كثيراً"
ظلت عيناها على حالهما دون أن تطرف رموشهما حتى ، فأطرق يائساً وهو يقاوم دموعه واكتفى بضم كها الذي لم تسحبه كأنّها لا تشعر بلمسته وأغمض عينيه يغرق في ذكرياته .. ليته يستطيع أن يخبرها أن كل شيء سيكون بخير وأنّها ستغادر المكان لكنّ كل شهر مر عليها طيلة الأشهر الخمسة التي مرت على وفاة شقيقه ودخولها للمصحة لم تبد ردة فعل تشير لتحسن قريب .. لا يعرف إن كانت تعاقب نفسها على ما أصاب (سامر) أم أنّها في حالة إنكار وقد عزلت نفسها وعقلها لجأ لحيلة دفاعية ليحميها من الألم والصدمة التي تعرضت لها في تلك اللحظات .. من وقتها وهي على هذه الحال وكل يوم يمر يفلت الأمل من بين أصابعه يخبره أنّها لا تنوي العودة من العالم الذي عزلت نفسها فيه .. أحياناً يشعر بالراحة لأجلها فهي بعيدة عن الألم الذي يعرف أنّه كان سيقتلها .. بعيدة عن الغضب الذي كان سيصيبها بمزيد من الجنون إن هي عرفت ما حدث بعد موت شقيقه ودخولها للمصحة .. ارتجف قلبه وهو يتذكر ذلك اليوم الذي دعاه فيه (رفعت هاشمي) ليخبره بقراره .. لا زال يذكر وجهه الحكيم وعينيه الحانيتين وهو يخبره أنّه قرر لصالح عائلته الكبيرة أن يتدخل فقد حان الوقت ليصلح ما انقطع وما أفسده الماضي وأنّ واجبه ككبير للعائلة، يقتضي أن يجمعهم ليفكروا في حل للوضع الصعب الذي يمرون به ربما استطاع إزالة ذلك الحاجز المستحيل .. أخبره يومها أنّه كان متردداً في طلب هذا منه ولا زال يتذكر كلماتهما وهو يقول بأسف
"جدي لا تتعب نفسك .. أنا أعرف أنّ الأمر صعب ويكاد يكون مستحيلاً"
ربّت يومها على كتفه قائلاً برفق

"لا شيء مستحيل على إرادة الله بني .. واجبنا أن نسعى وندعو الله ليفعل ما فيه الخير للجميع"
هز رأسه مقاوماً ألمه
"لن ألومهم لو رفضوا جدي .. أنا حتى اللحظة لا أستطيع نسيان ما فعلته .. لا يمكنني أن أنسى نظرات السيدة (همسة) حين رأتني .. وجهي وعيناي سيذكرانها دائماً بمن سرق أحلامها وعمرها وقتل زوجها .. لا يمكنني أن"
أوقفه عن غرقه في حزنه وهو يمسك كفه قائلاً بهدوء

"لماذا تترك نفسك فريسة للاحتمالات بني؟ .. لنطرق الحديد وهو ساخن ولنرى .. من يدري؟ .. ربما كل ما حدث إشارة من الله ليفتح لكم الطريق لإزاحة الأحقاد والتفكير في المستقبل بعيداً عن كل أشباح الماضي"
وصمت قليلاً ثم أكمل
"الكراهية والأحقاد أضاعت الكثير من السنوات من أعماركم بني ولا أريد أن يضيع المزيد منها لتغرقوا مستقبلاً في ندم أكبر"

ابتلع لعابه بصعوبة ثم همس
"لقد تحدثنا بشأن هذا من قبل و(هشام رضوان) رفض مقابلتي عندما حدثته في الأمر ورفض حتى مجرد التفكير في التعويض عن .."
قاطعه برفق
"كان هذا قبل أشهر كثيرة بني .. الآن تغيرت الأوضاع .. لقد فعلت أنت و(فهد) ما بوسعكما للتعويض عنهم وأثبتما صدقكما وندمكما .. خاطرتما بروحيكما من أجلهم .. هل هناك ما هو أغلى من الروح كتعويض؟"

دمعت عيناه وهو يرد
"ليس كل شيء يمكن تعويضه يا جدي"

نظر له بحزن وشفقة ثم قال وهو يمسح على ظهره
"ارم همومك على الله بني ولا تشغل بالك بالنتائج .. ليفعل الله ما فيه الخير من أجلكم جميعاً"

أومأ باستسلام ثم تحدثا قليلاً ليتفقا على كل شيء وغادره بعدها مشغولاً في أفكاره ولم يخفف عنه يومها سوى (سؤدد) التي أصبح شغلها الشاغل محاولة إدخال السعادة على قلبه .. كل يوم يمر عليه انتظاراً لليوم الذي حدده الجد ليستضيف عائلة (رضوان) في القصر ليفتح معهم موضوع الصلح كان يشعر أنّه على موعد مع امتحان لا أمل له أبداً في عبوره .. كان الأمر أشبه بمحكومٍ بالإعدام ينتظر صبيحة إعدامه بخوف وترقب يكاد يقتله قبل الموعد .. ظن أنّهم سيرفضون حتى مجرد فتح الموضوع معهم لكنّهم لم يستطيعوا رد طلب الجد (رفعت) .. حين استدعاه يومها، شعر حقاً كمن يسير نحو حبل مشنقة يكاد يلتف حول عنقه .. كلمة واحدة منهم ستحكم عليه بالعذاب الأبدي والموت .. كف (سؤدد) التي عانقت يده منحته بعض السكينة وهي ترافقه إلى غرفة الجلوس التي اجتمع فيها جدها مع والدها وأخوالها مع عائلة (هشام) بما فيهم والدة (عاصي) التي تعلقت عيناها به حين دخل من الباب ملقياً تحية خافتة على الجميع .. لم تجفل بنظراتها هذه المرة بل كانت هادئة تماماً وردت التحية .. كان هو من أسرع يقطع نظراته عنها بخجل وندم واتخذ مجلسه بجوار الجد الذي أشار له ليجلس قربه متوسطاً إياه هو و(هشام) على الناحية الأخرى بينما جلس (عاصي) قرب والدته متجهم الوجه بغير رضا .. تنفس بقوة محاولاً تهدئة نفسه قبل أن يسمع صوت الجد يقول مستفتحاً جلستهم باسم الله ويقول
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}
صدّق الجميع بخشوع ليدير هو عينيه في وجوههم ويتابع بحزم رفيق
"قبل أن أبدأ كلامي لي رجاء شديد منكم جميعاً .. ستستمعون لي وستفتحون عقولكم وقلوبكم جيداً .. لا أريد مكاناً للشيطان في جلستنا هذه فدعوا مشاعركم السلبية وكراهيتكم وعصبيتكم جانباً ولا تدخلوه بيننا ليحكم الله بيننا بالحق وأريدكم أن تصفوا النية على الخير ليفتح الله لنا"
هزوا رؤوسهم باحترام ليكمل داخلاً في الموضوع مباشرة دون تردد وهو يقول
"كما تعلمون جمعتكم اليوم لأمرٍ مهم ومصيري لنا كعائلة واحدة كبيرة .. فبحمد الله ونعمته، منحني الله العمر والقسمة الطيبة حين جمعكم في رباط قوي مع عائلتي لتصبحوا جميعاً منها، والله وحده يعلم أنّ معزتكم جميعاً من معزة أولادي وأحفادي من دمي"
ازدادت خفقات قلبه، أكثر بينما يسمعهم يرددون دعواتهم له بطيلة العمر ويؤكدون على كلماته التي هدّأت قليلاً من توتره وعاد يستمع له كما فعل الجميع
"ما سأقوله الآن ليس كلامي ولا حكمي بل سأتحدث معكم بكلمات الله وحكمه ليستقيم الميزان ولا ندع مكاناً للأهواء والعصبيات لتحيد بنا عن طريق الحق"

تنفس بقوة وارتجاف ليشعر بيد الجد تستقر على ركبته وهو يوجه حديثه لعائلة (هشام)
"ولدي (عماد) أتى بنفسه ليقف أمامكم نادماً وطالباً العفو عن كل الأخطاء التي حدثت من جانبه هو وابن خاله (فهد) شفاه الله"

أطرق بغصة وارتجف قلبه أكثر شاعراً بنظرات الجميع منصبة عليه فيما يكمل الجد
"ويعتذر لكم عن كل ما أصابكم بسبب أسرته في الماضي .. وهو هنا واضعاً نفسه بين أيديكم راجياً بعد توبة الله عليه مسامحتكم له هو و(فهد)"
ران الصمت للحظات ولم يستطع هو رفع عينيه ليواجههم فيما أردف الجد بعدها
"كما عرفتم .. هو و(فهد) وقعا ضحية لما أخبرتهم به أمهم طيلة سنوات .. لقد عانيا كثيراً بعد ما حدث في الماضي وهي لم تتوقف لحظة عن بث كراهيتها وأفكارها في عقولهم وأقنعتهم لسنوات أنّنا جميعاً مسؤلين عن العذاب الذي قاسوه لوقتٍ طويل"

اختنق (عماد) أكثر وسنوات حياته تمر أمامه مثيرة ندمه وألمه أكثر
"لقد أخطآ وبشدة .. لا أنكر هذا .. ومن حقكم جميعاً أن ترفضوا المسامحة وتقطعوا كل علاقة لكم معهما لكن .. كما أخبرتكم .. لا أحب أن أرى عائلتي ممزقة وفي يدي أن أجمعها بحق الله وكلماته"
ربت على ساقه مرة أخرى وهو يكمل
"أنا وبالنيابة عن (عماد) و(فهد) أطلب السماح لهما .. أعرف أنّ أخطاءهم كبيرة لكن كلما زاد الخطأ وكان العفو عنه أصعب على النفس كان الجزاء عند الله أكبر .. (عماد) ندم وتاب إلى الله فلا تأخذوه بوزر أبيه وأمه .. ولا تأخذوا (فهد) بوزر أبيه أيضاً"
انتبه على زفرة قوية من (عاصي) فرفع عينيه ليجده قاطباً بشدة ولم يلبث أن قال مع نظرة الجد المؤنبة
"آسف جدي .. لكن .. أنت تطلب شيئاً صعباً للغاية وأنت تعلم هذا"

ابتسم له الجد قائلاً بحكمة
"(عاصي) يا ولدي .. لقد اتفقنا على أن نطرد الشيطان فاستعذ بالله واهدأ قليلاً"

تنفس (عاصي) بقوة واستعاذ ثم قال
"كما تعلم .. لقد تأذينا كثيراً بسببهم وتعلم ما أصاب أبي وعمي .. ما حدث لأمي وشقيقتي .. ما أصاب زوجتي بسبب شقيقه حتى (سديم) ابنة عمي لم تسلم منهم .. هل تعتقد من السهل أن ننسى كل هذا ونعانقهما كأنّ شيئاً لم يحدث؟"

"لا بني .. لا أطلب هذا .. قلت لك الأمر صعب ويتطلب قوة نفس وقلب كبير ليعفو .. أولاً .. الله سبحانه وتعالى يقول {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} .. وعلى هذا .. لا يكون من العدل أن تحاسبهما على جريمة أهليهم في حقكم .. لقد ذهب قتلة أبيك لخالقهم (عاصي) وأصبحوا بين يديه و(سامر) أيضاً .. حسابهم على الله الآن والأمر راجع لأولياء الدم أن يقرروا بشأنهم"
ونظر في اتجاه (همسة العاصي) ثم إليه و(هشام) وأكمل
"أنا أتحدث الآن عن (عماد) و(فهد) .. هما يطلبان العفو عن أخطائهما الخاصة"
فتح فمه ليعترض، لكن الجد رفع يده يقاطعه
"منذ عرفا الحقيقة وأدركا الخدعة البشعة التي وقعا فيها وهما يحاولان التعويض بأي طريقة عما فعلاه .. وأنت نفسك يا (عاصي) تعرف أي ثمن دفعه (فهد) ليكفر عن خطأه"

أطرق (عاصي) بتعابير مبهمة والجد يواصل ناظراً لـ(همسة العاصي)
"وتعرف ما دفعه (عماد) حين ذهب مخاطراً بحياته لينقذ والدتك من أسرها وكان يعرف أنّه قد لا يعود حياً .. وكما افتداك (عاصي) بروحه ولا زال يرقد في غيبوبته بسبب هذا، فقد افتدى (عماد) والدتك وبفضل الله سبحانه وتعالى أعادها سالمة لك ولشقيقتك وكل عائلتها"

تنفس (عاصي) بقوة واستمر على صمته
"لقد ندما بصدق يا (عاصي) وعدلُ الله يقول ألا تأخذهما بضغينة أهليهم وذنبهم .. لا أقول لك تقبلهم وعانقهم .. الزمن وحده قادر على مداواة الجروح وإزالة بقايا الأحقاد .. وعسى الله أن إن عفوتم وسامحتم أن يطيب جروحكم بني ويمسح الأحقاد من بينكم"

انتفض قلبه عندما رفع (عاصي) عينيه فجأة لتلقيا بعينيه ليقطب أكثر كأنما يفكر في كلمات الجد ويوازنها بينما بقى (هشام) صامتاً يستمع للجد الذي تابع متمهلاً
"سواء تم الصلح أم لا .. (عماد) قرر أن يعيد لكم كل ما خسرته الشركة .. سيعيد مالكم ويعوضكم الخسارة المادية كاملة و .."
هتف (عاصي) حانقاً
"وهل سيعيد هذا أبي وعمي؟ .. هل سيعيد عمر أمي الضائع؟"

كانت والدته هي من قاطعته هذه المرة هامسة
"(عاصي) بني"
التفت لها لتقول برفق

"اهدأ واستمع لجدك حتى النهاية بني"
والتفت للجد قائلة باحترام
"تابع يا أبي .. نحن نسمعك"
صمت (عاصي) مقطباً بينما ابتسم لها الجد وتابع
"لا يا (عاصي) .. لن يعيد والدك ولن يعوضك إياه ولن يعيد ما خسرته والدتك لكنّ العفو سيمنعكم من خسارة المزيد من سنوات حياتكم ثمناً للأحقاد والكراهية"

وأخذ نفساً عميقاً وأردف
"لقد رأيتم ما فعله الحقد والغضب الأسود بني .. لم تضيّع (ليلى) نفسها وعمرها وحدها بل ظلمت أولادها وظلمت الكثير معها وتسببت في جروح تحتاج زمناً للشفاء .. لم يكن أنتم وحدكم من دفع الثمن (عاصي) .. هما أيضاً دفعا الثمن غالياً .. نار الذنب والندم تحرق وتعذب أكثر مما تتخيل بني"

نظر له بامتنان بينما يراه يتحدث بلسان حاله ويدرك جيداً ما يشعر به .. لقد تعذب كثيراً ولا زال يدفع ثمن ذنوبه .. دمعت عيناه وهو ينظر لهم واحداً بعد آخر لتتوقف عيناه عند (همسة العاصي) و(سلمى) ليقول
"أنا آسف .. والله العظيم آسف على كل شيء .. لا شيء سيعوضكم أنا أعرف لكن لا يمكنني أن أخبركم كم أنا نادم"

لمح الدموع في عينيّ المرأتين لتسرع (همسة) في مسح دمعة سقطت بينما مسح الجد على ظهره يهدئه وعاد ينظر لهم قائلاً
"الله سبحانه وتعالى كما وضع القصاص رادعاً جعل العفو أيضاً بديلاً، وحثنا عليه ليزيل الأحقاد والضغائن .. حتى لو كنت تحمل (عماد) ذنب ما حدث لـ(فاروق) رحمه الله رغم أنّك تعرف أنّه كان بخير قبل أن يعرف ما فعله (سامر) بابنته وأصابته بعدها تلك الأزمة لذا يكون (سامر) هو المسؤول الأول عما أصابه .. حتى لو أصررت أن تعامله كقاتل سواء كان خطأ أو عمداً فسنرجع لنفس النقطة (عاصي) .. الله لم يشرع القصاص فحسب بل شرع الدية والعفو"

وتنفس بعمق وهو ينظر لـ(هشام) الجالس في هدوء تام وأكمل
"وجزاء العفو كبير وأعظم من أي شيء .. الله يقول {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}"

أغمض (هشام) عينيه لحظتها واسترخت ملامحه كأنما انزاح هم كبير عن قلبه كما لو كانت الآية قد لامست قلبه، كما نزلت برداً على قلبه هو الذي استبشر من ملامح (هشام) الذي ربت الجد على ساقه مكملاً
"وكلما كان العفو يتطلب قوة وجهاداً كان الجزاء عند الله أكبر .. ويقول أيضاً سبحانه {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}"
ونقل بصره لـ(عاصي) الذي ارتسم العجز والحيرة على وجهه وهو يسمعه يردف برفق أكبر كأنّما يحاول كسر سلاسل الغضب والنقمة عن قلبه
"ويقول أيضاً يا ولدي .. {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} صدق الله العظيم .. وصدق رسولنا الكريم حين قال "ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً""

أطرق (عاصي) وجهه وملامحه تضطرب بحيرة أكبر بينما فتح (هشام) عينيه لتلتقيا بعينيه هو، ليضرب قلبه أكثر وهو يراهما صافيتين هادئتين أكثر كشخصٍ رسا أخيراً على بر الأمان واستمعا معاً للجد وهو يواصل ناقلاً بصره بينهم جميعاً
"لهذا يا أولادي .. أتوسل لكم لا تجعلوا للشيطان مكاناً أكثر بيننا .. لا أحد سيستفيد من الإوغال في الأحقاد والكراهية ووضع المزيد من الحواجز بينكم إلا هو .. أما إن عفوتم كما يأمركم الله فهو وحده سبحانه وتعالى سيجازيكم بعفوه ومغفرته حين نقف جميعنا بين يديه ونكون أحوج ما نكون لرحمته وعدله .. وهو وحده القادر على أن يمسح على جراحكم ويخفف عنكم ما تشعرون به من ألم"
والتفت ينظر له لتحرق الدموع عينيه أكثر
"ولدي (عماد) يسألكم الصفح عنه وعن (فهد) وأنا وهو كلنا أمل في قلوبكم الكبيرة ألا تردوهما خائبيّن"

تبادل الجميع النظرات لثوان ثم فتح (هشام) فمه ليرد لكنّ (همسة العاصي) سبقته قائلة في هدوء ونبرتها تتحشرج قليلاً
"أنا أسامحهما"

انتفض قلبه بين ضلوعه وهو ينقل عينيه نحوها مصدوماً بينما هتف (عاصي)
"أمي"
عضت على شفتها بقوة كأنما تقاوم ضعفها وشيطان نقمتها، وقالت بحزم
"أنا لا أحملهما وزر أهلهما وأسامحهما بحقي"

ونظرت لابنها المعترض بضيق ورقت نظراتها وهي تواصل
"إن خيروني بين احتفاظي بكراهيتي وبين عفوي عمن افتداني وولدي بحياته فأنا أختار أن أعفو"

ارتفع حاجبا (عاصي) بصدمة وهي تكمل
"نعم الذنب كبير والألم أكبر وما مررت به أنا شخصياً كان مريراً وصعباً ولا يمكنني أن أنساه، لكن لن أدع هذا يجعلني أساوي بين من قتل زوجي ودمر حياتي وبين من وضع روحه مقابلاً لروحي وقدم لي روح ابني الغالي وكرّم صغيرتي ورباها وأحسن إليها لتصبح كما هي الآن .. فتاة عاقلة وذات قلب كبير ونقي"

الغصة ازدادت بحلقه وتسارعت نبضاته حتى ظنه سيتوقف وهو يراها تنظر لعينيه مباشرة وهذه المرة دون أن تهتز نظراتها أو يعتريها الوجل والاضطراب متابعة
"بصفتي أُماً فقد قدماً لي الكثير بما فعلاه لأولادي كما أنّهما قدما روحين .. أقل ما يمكنني فعله هو ألا أكرههما وأحسابهما على أوزار غيرهما"
صمتت لحظة تتنفس بعمق ثم أكملت
"لقد ثأرت لنفسي ممن أجرم في حقي وزوجي ولست نادمة ولو رجع بي الزمن لفعلت نفس الشيء .. لو كان (عزت) حياً لأخذت حقي منه هو الآخر لكنني سأفوض أمري فيه لله"

ردد (عاصي) متذمراً
"لقد قتلوا أبي يا أمي .. كيف"
قاطعته بهدوء
"(توفيق) و(عزت) هما من قتلاه ولا أسامحهما أبداً على هذا .. (شوكت) عرف بالأمر متأخراً"
نظر لها بدهشة .. كيف تقول هذا؟ .. لماذا اعترف خاله إذن بـ .. انقطع سؤاله وهي تنظر له وكأنما فهمت حيرته فأردفت

"ربما شارك بصمته عن جريمتهما لكنني لا أحمله دم زوجي .. أنا لن أسامحه على ما فعله بي .. حتى لو كان فعل هذا من أجل شقيقته التي كانت تخشى على زواجها مني وربما خاف أن أرضخ لـ(عزت) وأوافق على الزواج منه وأدمر حياة شقيقته، ففضل التخلص مني ورمييّ بعيداً، لكن كل هذا لا يغفر له عندي .. لو كان حياً لم أكن لأسامحه أبداً ولكنت انتقمت منه بنفسي"
والتفتت تنظر لابنها مكملة
"أنا لا أتنازل عن حق والدك وحقي بني .. أنا كما قال جدك لن أحملهما وزر ما فعله أهلهم .. لقد عرفت ما أصاب (ليلى) ولا أنوي أن أترك قلبي للحقد يُعشش فيه مثلما فعلت هي ولن أتركه يعميني عن العدل .. لقد ظلمت نفسها وأولادها بتمسكها بحقدها وظلمها للأبرياء ولن أكون مثلها وأظلم أولادي معي .. لن أفعل هذا بكم أبداً"

ونظرت لـ(سلمى) كأنما تسألها دعمها لقرارها فابتسمت لها تلك الأخيرة برفق، لتعود هي بناظريها له وتقول
"أنت مسَامح بني .. لا أحمل أي حقد نحوك أنت وابن خالك"
لم يتحكم في دموعه التي سقطت وهو يهمس بتحشرج
"شكراً لكِ سيدتي .. شكراً لكِ كثيراً .. لا أعرف كـ .. كيف أشكركِ حقاً"

مدت (سلمى) يدها تربت على كتف (همسة) التي هزت رأسها دون كلمات بينما تمتم الجد بكلمات شكر وحمد واستنار وجهه .. لحظتها أراد أن يركع على ركبتيه وينهال على رأسه وكفيه مقبلاً وشاكراً وشعر بقلبه يتسع أكثر ليتعمق حب هذا الرجل الكبير داخله وتمنى لحظتها لو كان يحمل دمه ربما كانت حياته قد تغيرت تماماً .. انتبه على صوته يقول برفق
"شكراً لكِ يا ابنتي .. لقد فعلتِ عين الصواب .. جزاكِ الله عن عفوكِ خير الجزاء"

هزت رأسها وهي تنظر لابنها الذي ارتجفت شفتاه وقبض على كفه لا يعرف هل تردداً أم اعتراضاً .. نظرت هي نحو (هشام) الذي رفع رأسه آخذاً نفساً عميقاً ثم قال وهو يلتفت للجد
"شكراً لك يا جدي .. لقد ساعدتني كثيراً في حسم قراري .. منذ فترة وأنا حائر فيما يجب عليّ فعله"

أطرق ثوانٍ ثم أردف
"الحيرة كانت تعذبني .. كنت ممزقاً بين الصفح والكراهية .. فكرت كثيراً .. ماذا كان أبي سيختار لو كان مكاني؟ .. ماذا كان سيفعل؟ .. أنا متأكد الآن أنّه كان سيختار ما اختارته زوجة عمي"

وابتسم لها بأسى وهو يكمل بعد تنهيدة عميقة
"لا يمكنني أن أقول كلمة بعد كلمة الكبار .. أنا أيضاً أسامح"
ردد كلمته الأخيرة بعمق وهو ينظر إليه ليهتز قلبه أكثر وشعر بماء مثلج ينهمر عليه وعادت إليه أنفاسه كأنما فك (هشام) بكلماته حبل المشنقة عن عنقه
"سيكون الأمر صعباً بالتأكيد ولن ننسى بين يوم وليلة كل ما عشناه .. لكن كما قلت جدي .. أسأل الله أن يساعدنا في تجاوز الأمر .. ربما بعد فترة من الزمن نستطيع أن نقابل بعضنا دون أي حزازات كما تتمنى لنا كعائلة"

اتسعت ابتسامة الجد وهو يربت على كتف (هشام) مستحسناً
"عين العقل بني .. لم تخيب ظني فيك أبداً"
ورفع عينيه نحو (عاصي) الذي كان يتنفس بقوة وقال برفق
"(عاصي) يا بني .. الله شاهد على كلامي .. لو كان قتلة أبيك هم من يجلسون الآن لم أكن لأطلب منك العفو أبداً .. ليس لأنني أناقض كلامي لا سمح الله، لكن لأنّ العفو عن مجرم ممعن في الشر والإجرام خاصةً لو كان كـ(توفيق) ذاك يعني المزيد من الفساد في الأرض وتهديد مزيد من الأبرياء بجرائمه وشروره وهذا ما لا يرتضيه الله أبداً .. لكن الوضع مختلف ومن يطلب العفو منك شخص ضلت به السبل وأخطأ .. (عماد) ليس مجرماً مثلهم والعفو عنه لن يتسبب في إطلاق مجرم يهدد حياة الناس بل أنت بعفوك تمنح الحياة لروح قد يتملك منها اليأس أكثر ويهلكها الندم .. يمكنك بعفوك أن تكون عزيزاً كبير القلب والمقام .. والله سيجازيك عن الإحسان إحساناً بني"

أطرق (عاصي) عاضاً على شفته للحظات مضت كدهر طويل قبل أن يتنفس بقوة ويقول
"لا بأس .. كما تريدون .. لا يمكنني أن أقول كلمة بعد كلمة أمي"

أغمضت (همسة) عينيها متنهدة بارتياح واضح ثم فتحتهما تنظر بحنان لابنها الذي عاد يهتف باعتراض
"لكن .. لا تنتظروا مني أن أفتح لهما ذراعيّ وأعانقهما .. لا يمكنني هذا"
هز الجد رأسه مردداً
"ونحن لا نريد منك أكثر من الصفح بني .. لا أحد يجبرك على تقبلهما كأصدقاء .. لكن على الأقل إن تصادف وجمعكم سقف واحد بحكم انتمائكم لعائلة واحدة فلن أراكم أبداً كأعداء يحملون الخناجر لبعضهما خلف ظهورهم"
قطب (عاصي) قائلاً وهو يرمي نظرة قاتمة في اتجاهه
"ليفعل الله ما فيه الخير"
ابتسم الجد قائلاً باستحسان
"أحسنت بني .. لن نقول سوى هذا .. ليفعل الله ما فيه الخير لنا جميعاً"

وأدار عينيه في وجوههم مبتسماً بحنان
"وأسأله سبحانه أن يقر عينيّ برؤية اليوم الذي تزول كل الحواجز والحزازات من بينكم وأملي فيه كبير سبحانه"

ومد يده يلتقط يد (هشام) وبالأخرى التقط يده متابعاً وهو يضع كفيهما معاً ويضمهما بكفيه
"أسأل الله أن يجمعكم على الخير دائماً ويطرد الشيطان من بينكم"
اهتز قلبه أكثر بينما أبعد الجد يديه ليقبض (هشام) على كفه مصافحاً وهو يقول
"آمين"

صافحه وهو يؤمّن على دعاء جده وترك دموعه تسقط دون خجل ولم يلبث أن انتزعته (سؤدد) من تأثره الذي أوشك على جعله ينهار أمامهم، وهي تندفع إليه وفي لحظة كانت تحتضنه أمام الجميع وهي تهمس باكية
"مبارك لك حبيبي .. أنا سعيدة .. سعيدة للغاية"
سحب يده من (هشام) والتفت لها بوجهه الدامع واحتضنها بقوة دافناً وجهه في عنقها تاركاً عبراته تسقط في حرارة غير مصدق أنّه قد حصل على عفوهم حقاً .. لا يمكنه أن ينسى أو يتوقف عن ندمه وسيقضي عمره نادماً ومستغفراً لكن شعوره في تلك اللحظة كان كميت أُعيد للحياة من جديد.

لفحة من النسيم البارد تسللت من النافذة اخترقت جسده ليستفيق من شروده في ذكرياته فعاد منتبهاً لوجوده جالساً أمام والدته الصامتة .. كان رحمةً بها أن غاب عقلها فلم تشهد هذا الصلح .. لم يكن ليمر الأمر على خير أبداً .. فاضت دموعه من جديد وهو ينظر لها وعاد شعوره بالذنب نحوها يؤلم قلبه .. وهو ينظر لها الآن تبدو كطفلة ضائعة في عالمها يلوم نفسه أنّه لم يقدم لها العون الذي احتاجته .. ليس واجب الكبار وحدهم أن يوجهوا صغارهم إلى الصواب، بل واجب الصغار أن يفعلوا ذلك إن حادت الطريق بكبارهم وهو لم يفعل هذا .. هي كانت في حاجة لمن يساعدها في حربها ضد أشباحها ويخرجها من ظلامها لكنّه لم يفعل .. قضى سنوات عمره مصدقاً إياها دون أن يبحث خلف الحقيقة علّه استطاع وقتها أن ينقذها من هلاكها قبل فوات الأوان .. مد يده لكفيها المتشابكتين فوق حجرها ولامسها ناظراً لها بحزن ومال برأسه يدفنه في حجرها هامساً باختناق
"أنا آسف يا أمي .. آسف"
مضت لحظات من الصمت الذي تخلله صوت بكائه الخافت لتقطعه همستها الخافتة وهي تردد بذهول
"(سامر) .. بني"

رفع وجهه لها لتلامسه برفق مرددة
"هل أتيت بني؟ .. لماذا غبت كل هذا الوقت؟"
انقبض قلبه بشدة وهو يمسك كفها مقبلاً ويهمس بعذاب
"سامحيني أمي"

مسحت على شعره متابعة كأنّها لم تسمعه
"لا تتأخر هكذا مرة أخرى"

اختنقت الكلمات في حلقه ولم يستطع سوى هز رأسه ودموعه تتساقط .. انفتح الباب خلفه ليسرع في مسح دموعه وسمع صوت الممرضة تقول
"لقد حان موعد دوائها"

أومأ برأسه ونهض واقفاً بينما اقتربت الممرضة منهما وتراجع هو لتهمس (ليلى) بضياع
"هل ستذهب بني؟"

هز رأسه نفياً لتبتسم وهي تستسلم للممرضة التي ساعدتها في النهوض وانتظر هو حتى انتهت من مهمتها وغادرت تاركة أمه ترقد في فراشها بصمت وتحرك ليجلس قربها على الفراش .. حرك يده يمسح على شعرها وهو يهمس لها بحنان لبعض الوقت حتى ثقل جفناها وأغمضت عينيها وهي تهمس
"لا تذهب مرة أخرى (سامر) .. ابق معي بني"
عض على شفته وهو يراقبها تغرق في النوم وقاوم دمعته وهو ينهض بعد لحظات ومال مقبلاً رأسها وهمس
"كوني بخير وتحسني سريعاً .. سأعود مرة أخرى"

ألقى عليها نظرة أخيرة وتحرك مغادراً وهو يهمس
"في رعاية الله يا أمي"
قالها وهو يغادر المشفى في طريقه لزيارة (فهد) ليطمئن على وضعه ممنياً نفسه أن يكون في انتظاره خبر سعيد هذه المرة.
*****************

noor elhuda and صباحات like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:32 PM   #1365

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تناولت (هسمة العاصي) فنجان الشاي ترتشفه بهدوء وهي تجلس في شرفة الفيلا وعيناها على الحديقة حيث كانت (رهف) تروي ورودها بحنان دفع بابتسامة لشفتيها .. من كان يظن أن الطفلة الصغيرة التي تركتها وعمرها عامين ستكبر لتصبح فراشة رقيقة وتسرق قلب ابنها ليصبح مجنوناً بها بهذه الطريقة التي رأته عليها .. اتسعت ابتسامتها وهي تتذكر قربهما ونظرات العشق الواضح في أعينهما وعادت بذاكرتها للشهر الماضي الذي أقاموا فيه حفل الزفاف العائلي البسيط في الفيلا بعد إصرار ابنتها (همسة) على ألا يؤجل شقيقها وابنة عمها سعادتهما بسببها، وأكدت لهم أنّها بخير وستحزن لو أنّها وقفت في طريق حبهما لو أرادا تأجيل زفافهما بسبب ما تمر به .. انحرفت أفكارها نحو صغيرتها التي رغم كل محاولات إنكارها وادعائها تفضحها عيناها حين تشرد وتكذبها همساتها التي تهذي بها في نومها تنادي بها حبيبها الغائب .. تذكرت بحنان اليوم الذي أتم فيه (رفعت هاشمي) الصلح بينهم وعادوا للفيلا حيث كانت تنتظرهم على نار في انتظار الخبر، وما أن أخبرتها (سلمى) بما حدث حتى انفجرت باكية بسعادة وهي تندفع نحوها لتحتضنها بقوة وتبكي في حضنها تشكرها بحرقة شديدة .. لحظتها عرفت أنّها فعلت الصواب .. لم يكن شيء لحظتها يهم أكثر من سعادة ابنتها وتذكرت كلمات (أحمد اليزيدي) حين انفرد بها قبل أن تغادر القصر مع أسرتها ليشكرها بامتنان
"شكراً لكِ (همسة) .. لطالما كنتِ ذات قلب كبير وعقل حكيم .. أنا ممتن بشدة لعفوك عنهما رغم كل شيء"

هزت رأسها ترد بهدوء
"لم أفعل إلا ما يقتضيه الأمر .. لا ذنب لهما فيما حدث .. الماضي ضيّع الكثير منا ولا أريد أن يعيش أبنائي فيه أكثر .. أنا واثقة أنّ (رؤوف) رحمه الله كان سيفعل نفس الشيء دون تردد"

وغامت عيناها مع ذكره فأسرعت تهز رأسها مركزة على حديثهما
"أنت دفعت سنوات طويلة من عمرك من أجل أسرتك"

أومأ برأسه لتردف بابتسامة هادئة
"وأنا أيضاً أدفع السنوات التي مضت ثمناً لسعادة ابنتي .. أعرف أنّها ستكون تعيسة لو استسلمت لشيطاني وكراهيتي ورفضت العفو .. أعرف أنّها تحب ذلك الشاب .. صحيح أنّ جريمة والده في حقي كبيرة لكن إن لم أقدم هذه التضحية كأم من يمكن أن يقدمها؟"

همس بخفوت
"أنتِ محقة .. أنا آسف حقاً لكل ما مررتِ به بسبب أخي يا (همسة)"

هزت رأسها نفياً
"كان قدري .. الحمد لله على كل حال .. لقد ذهب الماضي بظلامه ولن أدع ظلاله تشوه مستقبل أبنائي أكثر .. سأدفع السنوات التي مضت من عمري عن طيب خاطر من أجل ابنتي كما فعلت أنت من أجل الجميع"
نظرة عينيه لها حملت كل احترام وتقدير بينما يشكرها من جديد قبل أن يتركها تغادر لاحقة بأفراد أسرتها .. فتحت عينيها تنظر للسماء ثم همست بخفوت
"لقد فعلت الصواب حبيبي، أليس كذلك؟"
وابتسمت كأنما سمعت إجابته التي تشعرها في قلبها .. سعادة (همسة) تكفي لتجعلها متأكدة من قرارها وهي لا تتوقف عن الدعاء حتى يساعدها الله والجميع على تخطي كل الحواجز آملة في مستقبل أسعد .. قاطع أفكارها صوت خطوات سريعة ارتفع بعدها هتاف مرح
"صباح الخير يا أجمل أم في العالم"

التفتت نحو ابنتها واتسعت ابتسامتها ونبض قلبها بحب وهي تتأملها بينما تقترب منها وتميل لتقبل خدها وتسارع بالجلوس بقربها
"صباح الخير صغيرتي .. هل نمتِ جيداً؟"
أومأت مبتسمة وهي تمد يدها لتتناول الفطور وهي ترد بسعادة
"كيف لا أنام جيداً وأنا نائمة في أحضان أجمل وأحن أم في العالم؟"
ضحكت برقة بينما ارتفع صوت (سلمى) بالقرب تقول بغيرة مفتعلة
"هكذا يا (همسة) .. سريعاً ما نسيتِني ما أن ظهرت أمكِ في الصورة"

نهضت ابنتها مسرعة نحو (سلمى) وتناولت منها صينية الطعام لتضعها على المائدة وتسرع محتضنة (سلمى) التي ضحكت
"من يستطيع أن ينسى أجمل قلب في الدنيا؟ .. هل أجرؤ؟"
ضحكت هي و(سلمى) التي قرصت وجنتها قائلة
"ما شاء الله .. ورثت لسان (عاصي) الحلو أيضاً"

والتفتت لها قائلة بمرح
"ابناكِ يعرفان كيف يأكلان بعقلي حلاوة كل مرة .. حسناً يا (همس) .. سامحتكِ"

قبلت خدها وهي تضحك وأسرعت عائدة لمقعدها تتناول طعامها بشهية فضحكت
"تمهلي قليلاً يا ابنتي .. امضغي طعامكِ جيداً"

هزت رأسها
"لا وقت أمي .. أنا مستعجلة .. لدي محاضرة مهمة، وعليّ أن أزور (فهد) قبلها كما تعرفين"
تبادلت هي و(سلمى) نظرة انتبهت لها ابنتها فتوقفت عن الأكل قائلة بقلق
"أمي .. هل يضايقكِ الأمر؟"

أسرعت تقول
"لا حبيبتي .. لماذا يضايقني؟ .. لقد تحدثنا في هذا الأمر وتعرفين أننا تصالحنا معهما"

قالت بتردد
"لا أريد أن تضغطي على نفسكِ بسببي و.."

قاطعتها مربتة على كفها
"لا حبيبتي .. أنا لا أضغط على نفسي .. لم أمانع زيارتكِ له قبل الصلح هل سأغضب الآن؟"

نظرت لها ابنتها قليلاً كأنّها تحاول اختراق روحها للتأكد من الإجابة ولم تلبث أن هزت رأسها وعادت لتتناول طعامها في صمت لم يقطعه سوى صوت (عاصي) يهتف
"والله أنا لي الجنة"

التفتوا له بدهشة وضحكت وهي تراه واقفاً بعبوس وعيناه على زوجته المشغولة مع ورودها ليهتف
"أمي"
"نعم بني"
هتفت هي و(سلمى) في نفس الوقت ثم نظرتا لبعضهما ضاحكتين، بينما واصل هو كأنما لم ينتبه

"يبدو أنني قريباً سأشعل النار في هذه الحديقة"
ضحكت (سلمى) قائلة
"وما ذنب حديقتي المسكينة في غضبك بني؟"

شوح بيده مشيراً لـ(رهف)
"ابنتكِ ستصيبني بالجنون .. هل رأيتِ زوجة تترك زوجها نائماً دون أن توقظه وتذهب لتعتني بورودها؟ .. أقسم أنني بدأت أفقد أعصابي"

لم تتمالك ضحكتها وهي تقول
"هل ستغار من الورود يا بني؟"

تنفس بحدة والتفت لها مجيباً
"وهل تعجبكِ تصرفاتها أمي؟ .. بدأت أعتقد أنّها تتعمد تعذيبي بتصرفاتها هذه"

ورفع سبابته مواصلاً بتذمر
"أنا أحذر .. قريباً جداً سأنفجر بسببها ولن أكون مسؤولاً عما سيحدث .. هي ستكون السبب"

اختلست النظر نحو زوجة ابنها التي انتبهت لوجوده فتألق وجهها، وتركت خرطوم الماء من يدها وأسرعت نحوهم في نفس اللحظة التي تمتمت فيها ابنتها ببرود وهي تضع لقمة في فمها
"لا ألومها في الواقع"

قطب ناظراً لها بحنق لتكمل مغيظة إياه
"لو كنت مكانها وأحببت جِلفاً قاسياً مثلك لما تصرفت بغير هذا"
انفرجت شفتاه لتقول هي بلوم
"(همس)! .. كيف تتحدثين مع شقيقكِ هكذا؟"

هزت كتفيها
"إنّه يستحق أمي .. لا تشفقي عليه"
تنفس (عاصي) بحدة وكاد يهتف فيها لولا أن ارتفع صوت (رهف)
"حبيبي .. هل استيقظت؟"

التفت لها والغضب الذي على وجهه تبخر تماماً حين اقتربت بابتسامة واسعة لتغمز لها (سلمى) وتضحكا معاً في الخفاء وتراقبانهما، بينما تأففت شقيقته بملل مفتعل وهي تراه يرمي بكل تهديداته عرض الحائط وكعادته لم يخجل من أن يندفع ليضمها أمامهم قائلاً بتذمر
"كيف تتركينني وحدي عسليتي؟"

احمر خداها وهي ترد
"خفت أن أوقظك وأنت لم تحصل على نوم كافٍ أمس"

قاومت هي و(سلمى) ضحكاتهما على المشهد الذي قاطعته ابنتها وهي تردد بسخرية دون أن تتوقف عن التهام الطعام
"أتساءل عن السبب الذي حرمك من النوم يا شقيقي العزيز؟"

كادت الحمرة تنبثق من خد (رهف) بينما قالت هي بلوم
"(همس) .. ماذا تقولين؟ .. هداكِ الله يا ابنتي"

قال (عاصي) ببرود
"دعيكِ منها أمي .. ابنتكِ وقحة أكثر مما تظنين"

رفعت له أحد حاجبيها مغيظة
"أتساءل ممن ورثت هذه الوقاحة حقاً؟"

لم تتحكم (سلمى) في ضحكتها وهي ترد
"شقيقتك محقة (عاصي) .. كنت لتوي أقول أنّها ورثت لسانك الحلو لكن يبدو أنّها ورثت وقاحتك وقلة أدبك أيضاً"

ابتسمت شقيقته باستفزاز وغمزت له،فترك زوجته واقترب ليضرب رأسها من الخلف فتأوهت ناظرة له تزم شفتيها بغضب طفولي وترمقه بنظرات نارية لم تثر أكثر من ضحكهم، بينما تحركت (رهف) بخجل لتأخذ مكانها قربهم قائلة بتبرير كأنّها تدفع عنها تهمة
"(عاصي) كان ينهي عملاً للشركة .. فكما تعلمون أخي العزيز يقضي شهر عسل جديد مع زوجته المجنونة وترك كل شيء على كتف زوجي المسكين ليجددا هما قصة حبهما المشتعلة طيلة الوقت"
قالت (سلمى) وهي تضرب رأسها
"تهذبي وأنتِ تتحدثين عنهما"

اتخذت نفس المنظر الذي كانت عليه (همسة) بينما أسرع (عاصي) يقف خلف مقعدها وضمها بحماية
"لا تضربي زوجتي لو سمحتِ أمي"
تأففت شقيقته بافتعال
"أوف .. ها قد ذهب الغاضب المهدد وأتى العاشق المجنون .. ما الأمر أخي الحبيب؟ .. ألم تكن غاضباً منها منذ قليل؟"

رمقها بصرامة مصطنعة
"ركزي في طعامكِ يا ذات اللسان الطويل"

أخرجت له لسانها قائلة
"لساني طبيعي .. انظر"

افتعل حركة مهددة بكفه لتضحك متراجعة بينما نظرت له (رهف) قائلة بعبوس مدلل
"هل كنت غاضباً مني (عاصي)؟ .. هل كنت تشكوني إليهم؟"
أسرع يهتف
"ما عاش ولا كان من يغضب منكِ عسليتي .. كنت أخبرهما كم تدلليني وتسهرين على راحتي"

قطبت غير مصدقة بينما هتفت (همسة) مشيرة للأرض قربه
"الحق يا أخي .. لقد سقط الكذب على الأرض صريعاً من شدة صدقك"
انفجرت هي و(سلمى) ضاحكتين حتى آلمها صدرها من شدة الضحك بينما ضرب ابنها رأس شقيقته مجدداً
"قلت لكِ احتفظي بلسانكِ الطويل داخل فمكِ قليلاً"

عبست تزم شفتيها ثم قالت
"(رهف) .. واصلي تعذيبه كما تريدين .. أنا أدعمكِ"

ترك زوجته وتحرك لها وأحاط عنقها بكفيه يدعي خنقها
"أمي .. هل تلزمكِ هذه البنت طويلة اللسان أم أتخلص منها؟"
خفق قلبها بحنان وهي تنظر لهما ودمعت عيناها تأثراً لتهتف ابنتها بغضب مفتعل وهي تدفعه
"انظر لقد أحزنت أمي .. بالطبع أنا ألزمها ولا يمكنها الاستغناء عني، صحيح ماما؟ .. أخبري ابنك المتنمر هذا"
ونهضت مسرعة نحوها تحضنها وهي تغيظ شقيقها

"ماما تحبني أكثر منك بالمناسبة"
هز رأسه ضاحكاً وهو يردد
"مجنونة"
بينما مسحت هي دمعة عن خدها وهي تضم ذراع ابنتها المحيط بها
"بالطبع لا أستغني عنكِ أميرتي"

ورفعت عينيها له عندما ادعى الاعتراض
"ولا أستغنى عن ابني حبيبي .. تعرفان أني أحبكما كثيراً"
هتفت (سلمى) بصوت متهدج
"يكفي .. سأبكي أنا الأخرى"
اتجه (عاصي) ليحتضنها ثم قال
"غير مسموح بالدموع هنا .. ماذا قلنا بشأنها؟"

ضحكتا لترد (سلمى) وهي تربت على خده
"دموع السعادة فقط بني .. ادعو الله أن يديم نعمتها علينا"

ابتسم لهما ثم قال وهو ينظر لزوجته
"آمين .. لكن دعاني أخبركما .. يبدو أنّكما لا تدعوان جيداً من أجلي .. ادعيا كثيراً أن تشفق زوجتي العنيدة على زوجها المسكين الذي سيتحول لمخلل قريباً بجوارها"

شهقت (رهف) بقوة واحمر وجهها من جديد بينما هتفت (همسة)
"هه .. انظرا .. من عديم الأخلاق الآن؟ .. ما الذي تقوله يا أخي؟"
شدها من أذنها قائلاً
"عقلكِ هو المنحرف .. تهذبي قليلاً"

زمت شفتيها قبل أن تظر في ساعتها فتشهق هاتفة وهي تنهض من مقعدها
"لقد سرقني الوقت .. سأتأخر هكذا"

ومالت تقبلها
"أراكِ لاحقاً أمي"
واتجهت لتقبل (سلمى) مرددة
"أراكِ لاحقاً ماما (سلمى) .. اعتنيا بنفسيكما"
همستا بالدعاء لها في حنان وتحركت هي لتلتقط حقيبتها من حيث تركتها ليهتف (عاصي) خلفها
"انتظري (همس)"

التفتت له بتساؤل
"نعم أخي"

تحرك نحوها
"انتظريني لحظة سأوصلكِ"

نظرت له بدهشة ثم قالت
"لكن .. أخي .. أنا سأذهب أولاً إلى"

توقفت مترددة ليقول وهو يتحرك للداخل مشيراً لها
"أعرف أين تذهبين .. انتظري سأحضر سترتي ومفاتيحي"

تابعته بعينيها في استغراب ونبض قلبها بقوة وهي تنظر نحوهم
"هل سمعتم ما قال؟"

ضحكت لها
"سمعنا حبيبتي .. لماذا تستغربين؟ .. شقيقكِ سيوصلكِ في طريقه"
مطت شفتيها

"غريب أنّه لم يلوي فمه كالعادة"
تبادلت مع (سلمى) نظرة وابتسامة لتقول تلك الأخيرة ضاحكة

"لماذا أصبحتما تتصرفان كناقر ونقير يا (همس)؟ .. ماذا كنتما ستفعلان لو لم تكن يفصلكما أكثر من عشر سنوات"
ابتسمت بشقاوة وهي ترد
"أنا أستمتع بإغاظته كثيراً"
ومالت هامسة وهي تراه عائداً
"لا تخبروه بهذا وإلا لن يجعلني سيتحكم في ردود أفعاله ليمنعني من الاستمتاع بغضبه"
هزت رأسها مع (سلمى) بينما اقترب هو بتقطيبة
"ما المؤامرة الجديدة التي تحاك ضدي الآن؟"
أسرعت إليه تتأبط ذراعه قائلة
"لا شيء أخي الحبيب"
وألقت نظرة خلفها إليهم لتغمز وهي تواصل بينما يبتعدان نحو السيارة
"هيا أسرع فقد تأخرت كثيراً بسببك"
تابعتهما بعينيها وهمست لهما بدعاء من قلبها الذي لم يشبع من رؤيتهما هكذا حتى بعد مرور كل هذه الأشهر معهم .. انتبهت على صوت (رهف)
"سأذهب لغرفتي لأبدل ثيابي فقد اتسخت"
قالت (سلمى) وهي تومئ
"لا تتأخري حبيبتي لنتناول الفطور سوياً"
"حاضر ماما"
ردت وهي تبتعد وعادت (سلمى) بنظراتها إليها قائلة بابتسامة
"لن يكبروا أبداً"
ردت بابتسامة باهتة وهي ترد
"هذا أفضل .. لم أعش طفولتهم دعيني أشعر بها قليلاً"
نظرت لها بأسى ثم تنهدت وهي تربت على كفها
"أنتِ معنا الآن فلا تفكري في الأحزان .. عيشي معهم طفولتهم كما تريدين"
وصمتت لحظة ثم أكملت بحنان
"صدقيني .. لم أر (عاصي) يبتسم بهذا الصدق والحياة من قبل .. منذ حدث ما حدث وحاله تبدل .. تجاوز الأمر بصعوبة وبعدها تغيرت شخصيته .. كان يمرح لكن بعبث وكنت أعرف أنه يكتم ألمه بقلبه وعبثه كله كان قناعاً يخفي وراءه مشاعره الحقيقية .. بعد عودتكِ شعرت به يعود لذلك الطفل الصافي البريء الذي تركتِه خلفكِ"
مطت شفتيها وهي تستمع لها بأسى محاولة عدم العودة للإغراق في ذكرياتها المريرة
"أشعر أنه تحرر أخيراً وعاد لطبيعته .. لذا اعتبري نفسكِ لا زلت ترين طفولته من جديد و(همسة) أيضاً .. هي لا زالت طفلة .. أحيانا تتصرف كامرأة ناضجة بعقل كبير وحكيم"
وضحكت متابعة بهزة رأس يائسة
"وأحياناً كثيرة تتصرف كطفلة مجنونة ومتهورة كما رأيت"
ضحكت موافقة
"لقد رأيت .. أخشى أن تصيب (عاصي) بالجنون قبل أن تفعل زوجته"
"لا تقلقي على ابنك .. يمكنه إصابة بلد كامل بالجنون .. إنه يحب ما يعيشه معهما"
أومأت موافقة
"معكِ حق"
وابتسمت وهي تضغط على كفها
"شكراً لك (سلمى) .. شكرا لأنكِ ربيتِ (عاصي) مثل ابنكِ تماماً وجعلت منه رجلاً رائعاً"
ردت لائمة
"ماذا تقولين (همسة)؟ .. هل هذا كلام؟ .. (عاصي) ابني تماماً مثل (هشام) ولم أفرق بينهما أبداً"
"أعرف هذا .. شكراً لكِ"
ضربتها برفق على كفها
"هل هناك شكر بين الأخوات يا حمقاء؟"
حركت رأسها بنفي وابتسمت مقاومة دموعها وران الصمت قليلاً بينهما حتى قطعته (سلمى) بتردد
"(همسة) .. أعرف أننا قلنا لن نفتح موضوع ما حدث في الماضي لكن .. أخشى أن يكون من الخطأ أن تدفني الأمر داخلك دون أن تفضفضي به ولو مرة"
تنهدت بحرارة بينما تسألها متابعة
"لا بأس (سلمى) .. أنا فقط لا أحب تذكر هذه الفترة"
وأطرقت قليلاً بشرود ثم تابعت
"في الواقع .. أنا لا أذكر فترة طويلة جداً منها"

نظرت لها بدهشة فابتسمت بمرارة
"آخر ما أتذكره هو (ليلى) وهي تخبرني أنّ (عزت) قتل ابنتي .. أتذكر أنني ظللت أصرخ دون توقف حتى أظلمت الدنيا من حولي وبعدها لا أتذكر شيئاً"

قطبت مرددة
"هل فقدتِ ذاكرتكِ؟"
هزت كتفيها
"ربما"

وتنفست بقوة وهي تضغط على نفسها لتتابع مشيرة لرأسها
"هنا .. فجوة عميقة .. سواد .. لا أتذكر شيئاً .. أحياناً تعود بعض الذكريات .. كأنني كنت في حلم طويل مع (رؤوف) .. حلم استمر لخمسة عشر عاماً"
اتسعت عينا (سلمى) وهي تستمع لها بذهول بينما غامت عيناها بحزن
"حلم أيقظني منه طبيب شاب أرسله القدر للمصحة التي كنت محبوسة فيها .. رغم كل التحذيرات التي تلقاها من العاملين هناك كما عرفت فيما بعد فهو لم يقاوم رغبته في مساعدتي .. كان تحدياً له أن يخرجني من العالم الذي حبست نفسي به"

وابتسمت تتذكره بأسى
"لا أعرف كيف نجح لكنّه أخرجني من هناك ولم أعرف هل يجب أن أمتن له مساعدتي أم أنقم عليه إبعادي عن (رؤوف) وتعريضي مجدداً لألم ذكرياتي وبشاعة فقدي"

مسحت (سلمى) دموعاً خانتها بينما أردفت
"مع الوقت بدأت أستعيد نفسي وهو قدم لي كل العون ولم يتراجع عن مساعدتي بعد أن عرف قصتي .. حاول تهريبي من المصحة وإعادتي لهنا .. كان هذا قبل أربعة سنوات"

سألتها بتوجس عندما صمتت
"وماذا حدث؟ .. لماذا لم يخرجكِ؟"

قاومت دمعة ألم وهي ترد
"لقد اكتشف (توفيق) الأمر عن طريق جواسيسه بالمصحة وأفسد خطة تهريبه لي و .."

تحشرج صوتها بالدموع وهي تتذكر تلك الليلة مردفة
"وقتله"
شهقت (سلمى) بصدمة وأسف
"أنا انهرت وأنا أراه يُقتل أمامي وعندما أفقت لم يكن أمامي سوى حل واحد .. أنا أدعي الانهيار وعودتي للصدمة والعالم الذي كنت فيه .. كان صعباً أن أمثل طيلة هذه الفترة لكن ما ساعدني طبيبة أخرى صديقة له وكان قد أخبرها عني .. ساعدتني لأخفي الحقيقة وزورت في التقارير الجديدة الخاصة بي .. و(توفيق) بعدها اطمأن لغيابي عن الوعي وأنا انتظرت بصبر بحثاً عن فرصة .. كان أملي كبيراً في الله وكنت أعرف أنّ هذه الفرصة قادمة لا محالة"

وابتسمت بخفوت
"وقد أتت .. لم أفهم وقتها لماذا نقلني (توفيق) فجأة من المصحة لكنني فهمت بعد أن أخبرني (أحمد اليزيدي) بكل شيء .. بحث (عماد) عني هو ما دفعه ليخرجني من هناك ووضع في يدي الفرصة وجدد أملي لأحقق انتقامي واضطررت للانتظار قليلاً حتى تحقق الوقت المناسب وكان (عماد) أيضاً من ساعدني بهجومه هو ورفاقه على القصر"

صمتت متنفسة بعمق بعد أن أنهت حديثها لتتأملها (سلمى) للحظات ثم احتضنت كفها
"لقد مررتِ بالكثير (همسة)"
هزت كتفيها قائلة بهدوء ورضا

"لقد كان قدري .. والحمد لله على قدره بخيره وشره"
والتفتت لها قائلة بابتسامة رقيقة
"انسي كل ما أخبرتكِ به .. لقد أصبح في الماضي .. الآن لا مكان هنا سوى للحاضر والمستقبل"
وافقتها مبتسمة
"أنتِ محقة"

وربتت على كفها
"أصبحت واثقة أكثر من أي وقتٍ مضى أنّ الأيام القادمة ستحمل الخير والسعادة لنا جميعاً"
"إن شاء الله"
همست من قلبها وهي تتراجع في مقعدها متطلعة للحديقة وهي تهمس داخلها
"السعادة بقربنا .. يكفي أن نفتح الباب ونستقبلها ونعانقها لتبقى بيننا"

*****************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:32 PM   #1366

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تطلعت (همسة) عبر النافذة تدعي الانشغال بالنظر للطريق بينما يقود (عاصي) سيارته .. اختلس النظر لها وابتسم بسخرية
"ما الأمر؟ ..هل أكلت القطة لسانكِ فجأة؟"
التفتت له مقطبة بنزق فرفع حاجبيه بدهشة
"ماذا؟ .. لماذا انقلب مزاجكِ فجأة؟"
زمت شفتيها قائلة
"لا شيء .. أنا مستغربة فقط"
"مما؟"
سألها بدهشة لتقطب أكثر وهي تجيبه
"من تصرفك"
ابتسم بهدوء لتلوح بيدها
"لم أرد أن أتجادل معك أمام أمي .. لكن حقا أخبرني .. ماذا أصابك فجأة؟"
هز رأسه ضاحكاً
"ماذا سيصيبني؟ .. لماذا أنتِ مستغربة هكذا؟ .. هل هناك مشكلة في أن أوصل شقيقتي لأي مكان تريده؟"
هتفت بحنق
"(عاصي) .. لا تغيظني .. أنت تفهم جيداً ما أقصد .. ما الذي جد لتغير رأيك بشأن زياراتي لـ(فهد)"
اختفت ابتسامته وصمت قليلاً لتهتف
"أرأيت؟ .. ها قد طار كل المرح .. كنت أعرف أنك تضغط على نفسك فقط و"
قاطعها بتمهل
"لا حبيبتي .. أنا لا أضغط على نفسي وأعتقد أنك أصبحت تعرفينني جيداً لتدركي أنني لا أدعي ولا أفعل شيئاً تحت الضغط والإكراه"
تأملته ملياً ثم همست
"إذن .. أنت لست مكرهاً الآن"
هز رأسه نفياً لتنظر له دهشة
"ولا تجبر نفسك فقط من أجلي"
تنهد بقوة وقال
"اسمعيني حبيبتي .. أعرف أنني كنت أتصرف كشخص بارد عديم الدم مؤخراً"
قطبت مرددة بتهكم
"أكثر مما تخيل"
ضربها برفق على رأسها
"قلت تهذبي معي .. أنا شقيقكِ الكبير"
زمت شفتيها
"وهل الشقيق الأكبر يتنمر على شقيقته الصغيرة هكذا ويتصرف معها كما كنت تفعل الفترة الماضية؟"
زفر بحرارة ثم قال بحنان
"أنا آسف .. أعرف أنني كنت سيئاً معك"
"لا بأس .. أنا أعذرك"
همست بخفوت فعاد يبتسم مردداً
"أنا لست سيئاً (همس) .. أنا فقط أحتاج لبعض الوقت حتى أتجاوز ما حدث وصدقيني .. عندما يحين الوقت سأخبركِ بنفسي"
أومأت ترد
"لا بأس .. أنا أحبك أخي ولا أريدك أن تجبر نفسك على شيء من أجلي .. مهما قررت سأظل أحبك ولن أغير رأيي بك"

رمقها بحب وامتنان لتتابع
"أعرف أنّ الوقت الذي مر على اجتماعنا ليس طويلاً .. لكن .. أنا أحببتك حقاً"
وابتسمت بمرح مفتعل
"هذه مشكلتي .. أفتح قلبي بسرعة لجميع الناس"
رفع أحد حاجبيه لتكمل ناظرة له بحب

"ما بالك بمن أنتمي إليهم بدمي وروحي؟ .. أعرف أنّك تظن أنني أحب (عماد) أكثر منك وربما تقارن بينكما"
اختفت بسمته لتوقن من إصابتها الهدف فهزت رأسها قائلة برفق
"لا أريدك أن تقارن بينك وبينه .. أنت شقيقي .. ابن أبي وأمي .. وأنا سأحبك دائماً وحبي لك يزيد مع الوقت .. أما (عماد) .. (عماد) ليس أخي"

نظر لها مندهشاً قولها لتبتسم
"إنّه أبي (عاصي)"

ارتفع حاجباه وهو يركز على الطريق بينما تواصل
"أنا .. لم أعرف أبي أبداً .. حتى (عزت اليزيدي) لا أتذكره ولم أعرفه يوماً .. (عماد) هو من رباني واعتنى بي .. كان معي في كل خطواتي .. اعتنى بي عندما مرضت .. كان من يصفف شعري ويحضر لي ألعابي وهو من علمني كيف أقرأ وأكتب .. هو من ذاكر لي .. هو من كنت ألجأ له عندما يصيبني كابوس وأنام بقربه فتختفي كوابيسي"

ودمعت عيناها بينما انقبض قلبه بشيء من الغيرة والحسرة ولم يعرف هل يكون ممتناً له أم يغضب لأنّه حرمه من لعب هذا الدور في حياة شقيقته؟ .. قاوم مشاعره مفكراً بهدوء .. حسناً .. لا يمكنه أن يلومه .. لم يكن ذنب أي منهما .. هو ذنب الكبار الذين تلاعبوا بمصائرهم .. تنهد بقوة وانتبه لها وهي تقول بصوت متحشرج
"لم أعرف أباً سواه (عاصي) .. لذا أرجوك لا تفكر أبداً أنني أحبك أقل .. أنا فقط أحبكما بطريقة مختلفة ومكانتكما كبيرة في قلبي"
تنهد بحرارة ثم أومأ

"أفهمكِ صغيرتي .. لست غاضباً .. كنت أعرف مكانته عندكِ .. آسف لو كنت غليظاً معكِ وظلمتكِ دون النظر لمشاعركِ بينما أنا مغرق في التوجع على ماضيّ"
مدت يدها تحتضن كفه
"لا تقل هذا أخي .. لست غاضبة منك"

ران الصمت بعدها حتى وصلا للمشفى ليوقف سيارته والتفت لها مبتسماً
"اتصلي بي عندما تنتهين لآتي وأعيدكِ للبيت"

"لا بأس أخي .. لا تتعب نفسك أنا .."
قرص وجنتها
"لا تعترضي على كلام شقيقكِ الكبير"
ابتسمت تومئ باستسلام وغادرت السيارة وهي تنظر له .. تحركت بعض خطوات لتتوقف وعادت تنظر له ليبتسم باستغراب فأسرعت إليه ومالت عبر النافذة المفتوحة مثيرة دهشته التي تبدلت لابتسامة سعيدة حين طبعت قبلة رقيقة على خده وهمست
"أحبك أخي"
رمقها بحنان وهمس وهو يداعب خدها
"أحبكِ (همستي)"

ابتعدت بابتسامتها ولوحت له ثم استدارات تجري نحو المشفى ليدير هو السيارة ويغادر وابتسامته السعيدة تتسع أكثر وأكثر.
*****************
تمايلت (سؤدد) بجسدها مع أنغام الموسيقى التي ترددت ببيتها هي و(عماد) والذي انتقلا إليه بعد أن أصر على الاستقلال عن بيت العائلة رغم اعتراض جدها الذي وافق أخيراً بعد أن اشترى (عماد) البيت قريباً جداً من القصر ومع هذا ظلا يقضيان أغلب وقتهما مع العائلة ويقسمان الأيام بين بيتهما وبيت العائلة.
ابتسمت وهي ترفع الملعقة تتذوق الطعام وهمست لنفسها بغرور مرح
"رائع يا (سؤدد) .. تبين في النهاية أنكِ طباخة ماهرة أيضا"
وضحكت بخفوت وهي تضبط النار أسفل الطعام
"انتظر حتى تتذوق هذه الوصفة (عماد يزيدي) .. لن تجرؤ بعدها على مقارنة طعامي بطعام أمي مرة أخرى"
تحركت في المطبخ وهي تدندن مع الموسيقى بينما خصرها يواصل تمايله .. كانت مستغرقة فيما تفعله وغارقة في عالمها فغفلت عن (عماد) الذي كان قد عاد ودخل البيت بهدوء شديد لتقابله الأنغام وأخذ نفساً عميقاً ليمتلأ صدره بمعطر جو ذي رائحة سحرية ليبتسم وهو يبحث عنها بعينيه .. تسللت لأنفه رائحة شهية وسمع حركتها هناك فتحرك بخطوات هادئة نحو المطبخ ليتوقف عند بابه وقفز قلبه في صدره حين وقعت عيناه عليها وهمس داخله بلوعة
"يبدو أنكِ تنوين على قتلي يا بنت (اليزيدي)"
همس وعيناه تتحركان عليها من شعرها الأسود الذي استطال في الأشهر الأخيرة ليتوسط ظهرها وانساب فوقه كشلال حبس أنفاسه وأحرقته أصابعه ليلامسه مزيحاً إياه عن ظهرها الذي كان ينكشف مع تمايلها ليتوقف قلبه وهو يرى فتحة قميصها الحريري الذي كشف عن نصف ظهرها وانساب على جسدها بنعومة ذابحة وتوقف قصيراً عند منتصف فخذيها بينما تتمايل بنعومة وشفتاها تدندنان بالأنغام .. وترددت في رأسه كلمات (نزار) التي همسها بخفوت وهو يتحرك نحوها مسحوراً
"قاتلتي ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني"
ابتلع لعابه بصعوبة وعيناه تنزلان على ساقيها حتى قدميها اللتين زينهما خلخال رقيق وانتهتا بصندل بيتي أكمل زينتها .. مال نحوها ويداه تتسللان لتستقرا على خصرها المتمايل لتشهق هي فزعاً ولم تلبث أن استرخت وهي تسمع صوته يهمس بتحشرج
"ما هذه المفاجأة يا قاتلتي؟"
حاولت الدوران لتواجهه لكنّه منعها وذراعاه تلتفان حول خصرها تشدانها لصدره وهمس وهو يدفن رأسه في عنقها
"هل هناك مناسبة لهذه الطلة الذابحة أم أنكِ اعتقدتِ أنني سأتأخر في الخارج؟"
شعر بارتجافها بين ذراعيه وهي تهمس اسمه ليواصل بمرح أخفى تأثره بها
"هل كنتِ تنوين أن تبدلي ثيابكِ قبل مجيئي؟ .. اعترفي بهذا لأفاجئكِ بقدومي يومياً في غير موعدي"
ضحكت بخفوت ثم قالت وهي تستدير لتدفعه في صدره
"توقف (عماد)"
احمر وجهها وهو ينظر لها متمعناً وأسرعت تقول قاطعة عليه كلماته الوقحة التي رأتها في عينيه
"اذهب لتبدل ثيابك فالطعام على وشك أن ينضج"
قالت وهي تتحرك نحو الموقد متابعة
"وبعدها تعال لتساعدني في وضع الـ"
انقطعت جملتها بشهقة حين سحبها من يدها يشدها إليه وانحبست أنفاسها تماماً وعيناه تأسران عينيها
"عن أي طعام تتحدثين (سؤددي) وكل هذه الحلاوة المغرية أمامي؟"
عضت شفتها قائلة بوجه محمر
"(عماد يزيدي) .. توقف عن وقاحتك وإلا"
مال قليلا نحوها هامساً بوقاحة
"وإلا ماذا يا قاتلتي؟"
دفعته برقة مرددة
"(عماد) .. لا تجعلني أندم على.."
قطعت كلماتها بعد أن كادت تفضح قرارها الأحمق الذي اتخذته اليوم وهي تحسم خجلها وترددها لتترفق قليلاً بـ(عماد) الذي تعذب معها لوقت طويل وانتظر أن تهزم مخاوفها واحتوى ضعفها واحتمل معها حتى كسرت حاجزها النفسي .. لم تكن هناك مشكلة طيلة الفترة التي مضت على موت شقيقه وبقائه في قصر عائلتها ولم تشغل بالها بالقلق بخصوص علاقتهما الخاصة فالظروف لم تكن تسمح ورغم أنّه ارتاح قليلاً وانزاح بعض حزنه بعد أن تم الصلح بينه وبين عائلة (رضوان) وبدأ يستعيد علاقته بـ(همسة) ليستعيد نفسه القديمة شيئاً فشيئاً .. تذكرت بحنين ذلك اليوم الذي أخبرها برغبته عن البيت الذي اشتراه لهما وأسرع في تجهيزه كما تحب لتخبره هي بسرعة عن رغبتها في الانتقال إليه اليوم قبل الغد .. يومها وقف أمامها متأثراً ثم نظر لها باعتذار شديد في عينيه لتسأله بقلق
"ما الأمر حبيبي؟"

رفع كفيه يحتضن وجهها متمتماً بأسف
"آسف حبيبتي .. كنت أتمنى أن أقيم لكِ حفل زفاف كبير كما تستحقين لكنني حرمتكِ من حقكِ فيه بسبب ما .."
وضعت سبابتها على شفتيه تقاطعه بحب
"لا أريد زفافاً حبيبي .. سعادتي لن تتأثر بحفل زفاف"
همس اسمها بتأثر وهو ينظر في عينيها لتتابع
"أن أصبح معك يكفيني لأكون سعيدة"
وضحكت بمرح مفتعل
"لم أكن أنوي الزواج على الإطلاق لهذا لم يشغل بالي أبداً أمر حفل الزفاف"

مط شفتيه مبتسماً
"لكنني عدت والأمر يختلف الآن"
ضحكت وهي ترفع ذراعيه تحيط بهما عنقه

"نعم الأمر يختلف الآن فأنا عاشقة"
نظرة عينيه حبست أنفاسها فتابعت بنبرة مهتزة
"ولحسن حظك هذه العاشقة لا تهتم للمظاهر الفارغة ولا يهمها أي حفل ما دامت ستكون لك في النهاية"

نظراته أخبرتها بكل الكلمات التي أراد قولها قبل أن يشدها إليه يغيبها في أحضانه وهو يعدها أن يعوضها عن كل شيء .. أبعدها بعد لحظات طويلة ليقول بتردد
"يمكنني أن أنتظر حتى يمر وقت ويمكننا بعدها أن .."

هزت رأسها بدلال
"لا .. قلت لا أريد حفلاً"

رفع رأسها له قائلاً
"ماذا تريدين إذن؟"
ابتسمت وهي تحيط عنقه بذراعيها وتقف على أطراف أصابعها مقتربة منه

"أريدك أنت"
رفع أحد حاجبيه بعبث واشتدت كفاه حول خصرها
"أثبتي هذا"
استجابت دون تردد للتحدي في عينيه وشبّت على قدميها تهمس
"لك هذا"

ودون كلمة كانت تثبت له كم تحبه وكم تريده وحده .. شعرت بصدمته لوهلة كأنما لم يتوقع أن تقدم على تقبيله بإرادتها وابتسمت هي في قبلتها قبل أن تغمض عينيها وتقترب منه أكثر ولم تدم دهشته إلا ثوان أسرع بعدها يتولى السيطرة على عناقهما سارقاً أنفاسها ولم يوقفه إلا شعوره بيديها تدفعان صدره وقد بدأ جسدها يرتجف قليلاً .. أبعدها معتذراً وهو ينظر لوجهها الشاحب
"آسف حبيبتي .. لم .."

قاطعته متنفسة بسرعة
"أنا الآسفة (عماد) .. أنا فقط"

أسرع يحتضن وجهها وينظر في عينيها اللتين دمعتا بعجز
"لا بأس يا عمري .. أخبرتكِ أنني سأنتظركِ مهما طال الوقت"

مالت تضم نفسها لجسده وهمست
"أنا أحاول .. اصبر قليلاً معي"

سمعته يهمس بحب
"أنا أفعل حبيبتي .. سأصبر العمر كله لو لزم الأمر"
ولم يكن قلبها ليسمح لها بتعذيبه أكثر وهو ينتظر أن تصبح له .. واصلت جلساتها النفسية بإصرار أكبر ثم قررت ترك الأمر له وقررت منحه الثقة ليكسر حاجز خوفها ويخرجها من ذلك الثقب الذي ابتلعها قديماً .. كان عليها أن تتحرر وهو كان حريتها وشفاءها .. ابتسمت وهي تتذكر الليلة التي أخبرته فيها أنّها تريد أن تتمم زواجهما ولم تستطع التراجع مع رؤية السعادة والحب في عينيه .. كان الأمر صعباً عليها بشدة .. قاومت حتى لا تفقد وعيها أمامه وكادت تبكي وهي تعري ندوبها أمامه .. كادت تتراجع مع نظرته لآثار الجروح والعذاب فوق بشرتها لكنّها قاومت من أجله .. من أجلهما معاً .. نظرة عينيه المتألمة ذبحتها بينما يلامس أثراً في ذراعها
"أنا آسف حبيبتي"
وحرك ذراعه يلامس وشماً آخراً

"آسف لأنني لم أكن معكِ .. لم أحميكِ"
هزت رأسها وعيناها تدمعان
"لا تقل هذا (عماد) .. لم يكن ذنبك .. كان قدري في النهاية"

وداعبت وجهه هامسة برجاء
"انس هذا"
تنفس بقوة وهو يضمها له
"كيف أنسى حبيبتي؟ .. هذه الآثار ستذكرني دائماً بما أصابكِ وأنا بعيد .. ستذكرني بذنبي طيلة الوقت"

سالت دموعها وهي تقول
"لا بأس إن كنت لا تريد أن .."
تحشرج صوتها وحاولت الابتعاد لكنّه ضمها أكثر
"بل أريد .. أريد وبجنون .. تلك الندوب لا شيء .. لا تؤثر بحبي .. صحيح أنّها تؤلمني من أجلكِ .. لكنّها جزءاً منكِ الآن .. وأنا أحب كل جزء منكِ حبيبتي"
تنفست بقوة قبل أن يبعدها ناظراً لوجهها الباكي ومال ليقبل دموعها

"لا تبكي .. ليس في هذه الليلة يا عمري .. أنا ما صدقت أنّكِ وافقتِ"
ضحكت مع كلماته المليئة باليأس المرح ومسحت دموعها بينما أبعدها للخلف يتأملها مسبباً احتراق وجنتيها
"هل قلت لكِ سابقاً أنّكِ فاتنة؟"

عضت شفتها بخجل ليقترب محركاً يديها على كتفيها
"لقد كنت مخطئاً"

تابع ناظراً في عينيها ويده تزيح حمالة قميصها لتسقط بينما يميل لشفتيها مواصلاً
"أنتِ لا كلمة تستطيع وصفكِ أميرتي .. كلمات الغزل كلها تتواضع خجلاً أمام فتنتكِ"

تهدجت أنفاسها وهي تضيع في عينيه وهمست اسمه ليرد بلوعة قائلاً قبل أن يسرق شفتيها
"(عماد) يحترق يا معذبتي وأنتِ وحدكِ تملكين الشفاء"

عندها ضاعت واستسلمت .. كان هو أيضاً دواؤها وسبيل حريتها من أشباحها .. تركت نفسها لحظتها لتشفيه ويشفيها وقلبها يستكين ارتياحاً وقد شعر بوصوله لبر الأمان بين ذراعيه واعداً إياها بالحب والحماية لآخر العمر.
"قاتلتي الفاتنة .. أين شردتِ؟"
انتبهت من أفكارها فجأة على صوته الخبيث وشهقت وهي تفتح عينيها تنظر حولها لتنتبه لوجودهما في المطبخ .. عضت على شفتها مع نظرته العابثة وابتسامته التي لم تقل عبثاً .. ضربته على صدره بحنق
"لا تمزح معي .. لقد غضبت .. ابتعد"

شهقت عندما شدها أكثر
"أكملي كلامكِ أولاً"
همست بارتباك
"أي كلام؟"
غمز بوقاحة دفعت الدم ساخناً لوجنتيها وهو يقول
"كلامكِ الذي قطعتِه وأنتِ تغرقين في ذكرياتنا الجميلة"

عضت شفتها وهو يواصل
"كنتِ تقولين ستندمين على؟ .. ماذا؟"
لوت شفتيها
"لن أخبركِ"
قال بعناد
"وأنا لن أبتعد"

صمتت بعناد مماثل ليبتسم وهو يميل إليها مسبباً ربكة نبضاتها أكثر وأوقف أنفاسها وهو يلامس ذراعها وخصرها وقال
"هل ستندمين لأنّكِ تخلصتِ من آخر حواجز الخوف داخلكِ من أجلي؟"

ارتبكت نظراتها أكثر ليبتسم بثقة ويده تلامس نهاية قميصها واحتبست أنفاسها ويده تتوقف ملامسة أثر جرح طويل بفخذها وغامت عيناه بمزيج من الألم لأجلها والحب الشديد
"هل ستندمين على أنّكِ قررتِ أن تكشفي ندوبكِ لي بكل حرية ودون خجل أو ضعف؟"

دمعت عيناها ليهز رأسه
"هل تعرفين ما فعلتِه بي عندما رأيتكِ هكذا؟"
وضع يدها على قلبه قائلاً بحب
"هذا القلب اهتز حتى كاد ينخلع من مكانه .. كنتِ شجاعة كما عرفتكِ دائماً .. حررتِ نفسكِ وإياي من آخر المخاوف بروحكِ وقررتِ منحي نفسكِ كاملة"

همست اسمه وقلبها يرتجف بينما يداه تلامس ندوبها الباقية كأول ليلة لهما معاً .. يميل ليقبل ندباً على كتفها بقدسية متعبد في معبد عشقه .. كان جنوناً أو ربما مبالغةً شعورها بهذا لكنّ كل لمسة منه كانت تشعرها بقدسية وطهر يهزان روحها التي كانت تسمو معه تشعر أنّها تعود كما كانت .. كأنّ دنساً لم يصبها من قبل .. كأنّ يداً دنيئة لم تمتد لطهر جسدها بأذى .. كانت طاهرة ومقدسة في عينيه .. سمعته يهمس وهو يذيبها أكثر
"كاملة بروحكِ .. بجسدكِ وقلبكِ .. بكل ندوبكِ ووشومكِ .. بكل ماضيكِ .. أنتِ تمنحينني ما لا لست واثقاً إن كنت أستحقه مع كل عيوبي وقصوري وذنوبي .. تمنحينني ما سأظل أشكر الله عليه حتى نهاية عمري"
أغمضت عينيها ودموع تطهرها تسيل ماسحة آخر ندوب ماضيها من روحها وهمست بآخر حجة باهتة
"(عماد) .. الطعام سيحترق"

مد يده خلفها ليغلق النار وضحك وهو يحملها بين ذراعيه منتزعاً شهقة منها
"(عماد) هو من سيحترق لو انتظر لحظة أخرى"

ضربته على كتفه بخجل
"أنت تخجلني .. توقف عن وقاحتك هذه"
غمز بوقاحة وهو يغادر المطبخ متجهاً لغرفتهما
"أنتِ لم تري وقاحة بعد"
هزت رأسها وتعلقت بعنقه قائلة
"لا فائدة منك .. ستجعلني أندم حقاً"
أخرسها بقبلة أوقفت أنفاسها ثم ابتعد قائلاً

"فات أوان الندم فاتنتي .. أنتِ لي الآن ولن أسمح لكِ بمغادرة سجنكِ بقلبي"
ضحكت وهي تدفن وجهها في عنقه وهمست
"أنا راضية بالحكم المؤبد حبيبي .. لا تخرجني أبداً"
دخل الغرفة وهمس وهو يغيبها من جديد في عشقه بينما قدمه تركل الباب خلفهما ليغيبا في عالمهما بعشقٍ تحرر من كل القيود
"أبداً (سؤددي) .. أبداً"

*******************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:34 PM   #1367

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"بالتأكيد .. أمي ستسعد كثيراً برؤيتكما"
رددت (رهف) بسعادة شديدة، ليقطب (عاصي) وهو يدلف لغرفتهما وازدادت تقطيبته وهو يسمعها تقول ضاحكة وهي تقف في الشرفة
"لا تقلق .. لن يقتلك .. أنت تظلم (عاصي) كثيراً .. لقد تغير .. لا تخف"

اشتعل الدم في عروقه وهو يحاول جمع النقاط معاً وتجهم بغيرة وهي تواصل بعد ضحكة رقيقة
"أبلغها سلامي وقل لها أنني أنتظرها على نار .. حسناً .. سأنتظركما .. إلى اللقاء (كِنان)"

انفجر بركانه وهو يسمع اسمه بينما أغلقت هي الهاتف وبقيت مكانها تنظر للخارج بابتسامة جعلته يهتف
"(رهف)"
انتفضت بفزع وهي تلتفت خلفها وهتفت اسمه ثم قالت بحنق وهي تلامس قلبها المتقافز
"لقد أفزعتني يا (عاصي)"
كاد يطلق لفظاً سوقياً وهو ينظر لها بغيظ ثم هتف

"أفزعتكِ يا حبة عيني؟ .. أنا آسف"
ردت وهي ترى عينيه تحيدان للهاتف
"ماذا هناك؟ .. لماذا دخلت الغرفة بزعابيبك هكذا؟"
"زعابيبي؟"

صرخ مستنكراً ثم اقترب منها
"ستتعرفين زعابيبي حالاً"

تراجعت صارخة بينما يهتف
"هاتي هاتفكِ"
أخفته خلف ظهرها وهي تبتعد عن قبضته
"لماذا؟"
"هاتي هذا الهاتف اللعين (رهف)"
"لا"

هتفت بعناد فهتف
"سأكسره على رأسكِ لو رفضتِ إعطاءه لي بنفسكِ"
"قلت لا .. ليس من حقكِ"
اتسعت عيناه باستنكار
"ليس من حقي؟ .. هاتي الهاتف يا (رهف) وإلا لن يحدث طيب"
أسرعت تجري بعيداً عن يده

"لماذا تريده؟"
زفر بغضب وغيرة هاتفاً

"كنتِ تتحدثين مع ذلك الوقح، صحيح؟"
احمر وجهها وقالت بارتباك وهي تهز رأسها

"من؟ .. من تقصد؟"
ضيق عينيه قائلاً بتنمر
"ذلك الأجنبي الوقح"
ضحكت بافتعال
"آه .. تقصد (كِنان)؟"

انقطعت ضحكتها بصرخة وأسرعت تجري بعيداً عنه
"توقفي .. كيف تتحدثين مع ذلك الوقح؟ .. كم مرة سأخبركِ أنني لا أريد علاقة له بكِ"
هتفت بحنق

"إنّه صديقي"
اشتعلت عيناه أكثر وهو يندفع ليمسك بها
"صديقكِ؟ .. صديق من يا روح والدتكِ؟"
أطلقت صرخة ضاحكة وهي تندفع قافزة فوق السرير
"لقد أصبحت سوقياً للغاية (عاصي)"

"أنزلي (رهف) .. انزلي وهاتي هاتفكِ اللعين .. سأتصل بذلك الوقح وأجعله يندم على اتصاله بكِ مرة أخرى"
ضحكت وهي تضع الهاتف بجيبها
"لن أنزل ولا .. لن أعطيك الهاتف"
رفع حاجبه بشر
"هكذا إذن؟"
ابتسمت بتحد لكنّه مسح ابتسامتها سريعاً وهو يقفز بخطوة واحدة ليصبح فوق الفراش فصرخت مجدداً وقفزت مبتعدة ليلحق بها هاتفاً

"توقفي عندكِ .. (رهف رضوان) .. ستعرفين الآن معنى أن تثيري غيرتي"
ضحكت أكثر وهي تراوغه وجرت منه قبل أن يمسكها وعادت تصعد فوق الفراش هاتفة
"والله .. لم أتعمد .. لقد اتصل فقط ليخبرني أنّه قادم إلى هنا"
توقف مكانه محدقاً فيها باستنكار
"نعم؟ .. يأتي هنا أين؟"

ضغطت على شتفيها تكتم ابتسامة خبيثة ليصرخ وهو يندفع نحوها مجدداً
"(رهف رضوان) .. لو صح ما أفكر فيه ستكون قيامتكِ أنتِ وهو"
جرت هاربة نحو الباب وهي تهتف

"لن أهون عليكِ"
لحق بها لتصرخ بضحك وهو يمسك بها قبل أن تلامس مقبض الباب وأحاط خصرها بذراعه وحملها وهي تهتف

"توقف .. أنا أستسلم"
ضحك بشر
"قلت لكِ تعالي بإرادتكِ"

مالت بسرعة لتعضه بقوة في كتفه فصرخ بألم لتسرع متحررة وتقافزت بعبث وهي تجري مجدداً نحو الباب
"هه .. حاول مرة أخرى"
نظر لها بغيظ
"هكذا إذن .. أنتِ من جلبتِ هذا على نفسكِ"
أخرجت له لسانها وهي تفتح الباب
"لا تهدد بما لا تستطيع"
لم يمنحها الفرصة لتخطو خارج الغرفة بضع خطوات وأسرع خلفها ليحملها بعد أن كتم فمها ليمنع صرختها من لفت الانتباه وحملها عائداً للغرفة وركل الباب خلفه مغلقاً إياه وقال بشر

"هه .. لنرى كيف أهدد بما لا أستطيع"
عضت شفتها قائلة بضحكة مكتومة
"توبة .. كنت أمزح"

"حقاً؟ .. وعضتكِ كانت مزحة أيضاً"
لوت شفتيها وهمست وهي تنظر له برفرفة رموش بريئة
"هل آلمتك؟"
تمتم بحنق

"كالجحيم"
ابتسمت ومالت لتقبل كتفه برقة متسببة في فقدانه خفقة قلب ليبتسم بهيام وسرعان ما اختفت ابتسامته وهي تعضه مجدداً وتهتف

"أنت تستحق"
هتف وهو يلقيها على الفراش
"تباً .. ماذا أصابكِ؟ .. هل عضكِ كلب مؤخراً؟"
ضحكت وهي تتحرك مبتعدة لكنّه أسرع يمنعها محاصراً إياها
"(عاصي) .. توقف .. أنا آسفة .. لماذا أصبحت تغضب سريعاً هكذا من المزاح؟"

رفع حاجبه بشر ومال نحوها وكفاه تقيدان كفيها فوق رأسها
"وتسألين أيضاً؟ .. ما هذه الوقاحة يا عسلية؟"
قاومت وهي تمنع ضحكتها بصعوبة لتنفجر حين أنزل إحدى كفيه ليدغدغها
"توقف .. إلا هذا العقاب .. توقف يا (عاصي) .. توبة .. توقف .. الرحمة"
طفرت دموع الضحك من عينيها وهي تتلوى محاولة الفرار من حصاره لكنّه واصل هجومه وهو يردد
"يا شيخة .. أي رحمة؟ .. هل تعرفين أنتِ الرحمة؟"

هتفت بكلمات متقطعة من الضحك
"ماذا فعلت؟ .. كنت أمزح معك فقط"

"تمزحين؟ .. حرام عليكِ .. أنتِ تستمتعين بتعذيبي بجانبكِ، صحيح؟ .. هل يعجبكِ وضعنا هكذا؟"
ضغطت على شفتيها وتوقفت عن المقاومة ليميل عليها أكثر وهو يهمس

"لقد تخللت بجواركِ يا عسلية .. هل يرضيكِ هذا؟"
احمر وجهها وهي تنظر لعينيه وهمست اسمه بضعف لترق قبضته على رسغيها وتوقف عن دغدغتها وتحركت كفه تلامس خصرها برقة وإغواء وهو يواصل بنبرة متثاقلة
"لقد تعذبت من البقاء في خانة الأخ التي تجبريني على البقاء فيها حتى بعد زواجنا"

همست بتهدج
"(عاصي) .. لقد تحدثنا في الأمر و .."

لوى شفتيه متمتماً بلوم
"أنتِ لا تساعدين يا (رهف) .. قلتِ أنّ جلساتكِ النفسية قد انتهت .. لماذا لا تفتحين قلبكِ وتغادرين خندق خوفكِ؟ .. لماذا لا تثقين في حبكِ؟"

ردت وأنفاسها ترتبك وهي تشعر بقربه الشديد
"أنا .. أنا أثق بك"

ابتسم وهو يخفض يده الأخرى ليحتضن بها وجهها بينما يحرك الأخرى على خصرها بإغواء أكبر
"إذن لماذا لا زلتِ مترددة؟"
وتجهم وجهه بحنق طفولي

"هل يرضيكِ تعذيبي بجواركِ كل يوم؟ .. تنامين بعمق وتتركينني أحترق طيلة الليل دون حتى أن تشعري بي"
عضت على شفتها فلمسها بأصابعه يحررها من ضغط أسنانها وهو يواصل بأنفاس متسارعة
"الرحمة يا (عسلية)"

همست اسمه وعيناها تتثاقلان فقال وهو يميل إليها
"(عاصي) يتعذب يا عسليتي أشفقي عليه"

"(عاصي)"
همس قبل أن يغلق المسافة بينهما

"حرريني عسليتي"
أغمضت عينيها مستسلمة لقبلته وقلبها انفجر في ماراثون مجنون وفي ركن بعيد من عقلها انزوى خوفها وأشباح ماضيها التي قاومتها بشدة لتحبسها بعيداً وهي تهمس لنفسها أنّه يستحق .. لقد انتظر طويلاً ويستحق أن تمنحه حبها كاملاً .. تستحق هي الأخرى أن تتحرر من ماضيها وأشباحها .. لا يجب أن تتردد أكثر .. رفعت كفيها تلامسه بارتجاف وهي تذوب معه وتذّوبه فيها واستعدت لتستسلم للغرق بلا رجعة عندما
"(رهف) .. هل يمكنني أن .."
انقطعت الكلمات بصرخة فزعة، لينتفضا معتدلين بينما (همسة) تصرخ وهي تضرب الأرض بقدمها
"تباً .. كم مرة قلت لك أغلق الباب عندما تكون هنا"

اعتدل (عاصي) ناظراً لها بذهول انقلب لحنق مجنون بينما ضربت الأرض مجدداً بحنق
"اعملا حساب البريئات في هذا البيت .. ستفسدان أخلاقي"
عدّلت (رهف) ملابسها ووجهها يشتعل بحرقة شديدة بينما نهض (عاصي) من جوارها هاتفاً
"سنفسد أخلاقكِ؟ .. انظروا من يتحدث"

التفتت له مزيحة كفها عن وجهها وهتفت
"على الأقل لا تنس أنكما لا تعيشان في هذا البيت وحدكما"
اقترب ليمسك أذنها وقرصها بشدة هاتفاً
"وأنتِ لماذا تنسين دائماً طرق الباب قبل دخولكِ؟ .. أم أنّكِ تتعمدين هذا؟"
شهقت متراجعة للخلف
"ما .. تباً .. لماذا سأفعل؟ .. هل تظنني سعيدة للغاية برؤية ما حدث؟"

وحركت جسدها بقشعريرة مفتعلة وهي تواصل
"أوع .. لقد صدمتماني"
نظر لها بعينين متسعتين ثم شدها من أذنها
"أقسم يا (همسة) لو نسيتِ مرة أخرى طرق باب غرفتي أنا وزوجتي .. وضعي تحت كلمة زوجتي ألف خط، فهمتِ؟ .. لو نسيتِ مجدداً سأعلقكِ من شعركِ هذه المرة"

أمسكت أذنها بتجهم
"إنّها أختي وصديقتي قبل أن تكون زوجتك .. كنت سأستعير شيئاً منها وكنت مستعجلة فنسيت .. وكنت أعرف أنّك لست هنا"
وضيقت عينيها بتنمر

"ماذا أتى بك مبكراً من العمل أصلاً؟"
حدق فيها بدهشة ثم ضرب كفيه ببعضهما
"هل ستحاسبينني أيضاً على مواعيدي؟"

زمت شفتيها قائلة باتهام
"أنا لا أحاسبك .. أنا أعرف أنّ (رهف) تغلق الباب إن كانت تبدل ثيابها أو لا تريد أن يدخل عليها أحد .. لذا أنت المخطئ هنا وليس أنا"
ضرب كفيه مجدداً ثم هتف

"ستصيبينني بالجنون حتماً"
ارتفعت ضحكة (رهف) من خلفهما فالتفت لها هاتفاً بحنق
"نعم .. اضحكي أنتِ .. لقد أنقذتكِ كالعادة"

توقف قليلاً وضاقت عيناه
"أم أنّكِ اتفقتِ معها لتأتي ككل مرة"
أسرعت تقول
"لا والله .. لم أطلب منها هذا"
ونظرت لـ(همسة) التي رمته بنظرة شامتة ثم قالت بخبث

"ربما هي تريد إصابتك بالجنون حتى تسارع بطردها من هنا وتوافق على زواجها"
هتف مستنكراً
"ماذا؟"
تراجعت (همسة) هاتفة فيها
"(رهف) .. أيتها الخائنة .. ماذا تقولين؟"
التفت لها
"ماذا تقول؟ .. لماذا صُدمتِ هكذا؟ .. هل قالت الحقيقة؟"

تراجعت وهي تنظر لـ(رهف) بغيظ
"بالطبع لا .. هل أنا مجنونة؟ .. لماذا سأفكر في الزواج اصلاً؟ .. أنا لا زلت صغيرة وأدرس"
تحرك نحوه بعينين شريرتين فتراجعت أكثر مرددة بارتباك
"كما .. كما أنّ الرجل الذي أحبه لا زال في غيبوبة لذا"

رفع أحد حاجبيه قائلاً
"لذا؟"
أطلقت ساقيها للريح وهربت من أمامه
"سأذهب لأخبر أمي أنّك غضبت مني عندما طلبت منك أن توصلني عند (فهد)"

هتف اسمها وهو يندفع خلفها لتوقفه ضحكة (رهف) فنظر لها بتجهم
"تضحكين؟ .. هل يعجبكِ هذا؟"
اقتربت قائلة بحنان
"إنّها تستمتع بإغاظتك (عاصي)"

ابتسم بقلة حيلة فتابعت وهي تقف أمامه ورفعت يديها تلامس صدره
"إنّها تريد أن تعيش أخوتها التي لم تعشها معك قديماً"

ارتجفت نظراته وقال
"هل تظنين هذا؟"
أومأت قائلة

"أنا متأكدة"
شرد قليلاً مفكراً ثم تنهد قائلاً
"أعتقد أنّ عليّ اللحاق بها قبل أن تغادر بمفردها"

اتسعت ابتسامتها العاشقة وهي تومئ فمال يقبل رأسها وتحرك لتوقفه بهمسة رقيقة لاسمه .. التفت لها متسائلاً فاقتربت قائلة باعتذار
"أنا آسفة بشأن (كِنان)"
أسرعت تتابع قبل أن يتجهم وجهه
"اتصل فقط ليقول أنّه قادم مع (فاطيما) .. كما تعرف لقد اقتربت ولادة (وتين) وهي مصرة على أن تأتي لتكون برفقتها .. كان يطمئن على أخبارنا وقال أنّه سيمر ليزورنا معها"
تنهد وهز رأسه
"لا بأس حبيبتي .. أنا لم أشك بكِ .. أنا فقط شعرت بالغيرة كالعادة"

ابتسمت وهي تقترب أكثر
"أعرف أنّك لا تشك بي حبيبي .. ثم إنني أحب غيرتك عليّ"
قال باعتراض
"لكن لا تستغلي هذا وتشعليها فلا أضمن نفسي في كل مرة"
ضحكت وهي تومئ ثم صمتت لحظة وهي تنظر في عينيه بتردد واحمر وجهها ليقول
"ما الأمر؟"
ترددت ثوان ثم شبّت على قدميها لتقبل شفتيه ومالت بعدها لتهمس في أذنه
"سأنتظرك الليلة"

تراجعت لتجد عينيه متسعتين بدهشة وعدم تصديق لتبتسم بعشق وهي تتراجع خطوة
"وسأغلق الباب بنفسي هذه المرة"

همس اسمها بذهول ورجاء لتقترب مجدداً تضم نفسها له
"أنا موافقة حبيبي .. سأحررك وأحرر نفسي"

ضمها له ودفن وجهه في خصلاتها متنفساً بعمق
"آه .. كيف أترككِ وأذهب الآن؟"
احتضنته للحظات ثم أبعدت نفسها وقالت
"هيا اذهب مع (همسة) وسأنتظرك"

وقبلته مرة أخرى
"موعدنا الليلة حبيبي"
تنفس بعمق وهمس قبل أن يغادر
"ليصبرني الله على هذه الساعات يا عسلية"

صاحبته ضحكتها وهو يغادر مسرعاً وقلبه يتقافز بادئاً عد الساعات التي تفصلهما عن موعد الليلة بينما أغلقت هي الباب واستندت له تبستم بهيام وتبدأ التفكير في الاستعداد لليلة عمرهما التي انتظراها طويلاً وهذه المرة أقسمت لنفسها أنّها ستقتل آخر أشباحها لتتحرر نهائياً.
********************
"شكراً على التوصيلة أخي"
هتفت (همسة) وهي تنزل من السيارة وتحركت لتتجه للمشفى لكنّها توقفت مكانها عندما وجدته ينزل هو أيضاً .. ابتسمت وعادت لتقبل خده قائلة
"آسفة على تصرفي الوقح"

قرص خدها عندما ابتعدت وقال
"من سيتحمل جنونكِ إن لم أفعل صغيرتي"

اتسعت ابتسامتها الشقية وهي تنظر له لبرهة ثم قالت
"سأذهب إذن .. لا تنتظرني كالمرة السابقة سأعود وحدي"
حاول الاعتراض فغمزت بمرح
"هيا اذهب لتشتري هدية جميلة لتغوي بها عسليتك"

هز رأسه ضاحكاً
"لا فائدة .. لن تتعقلي أبداً"
هزت كتفيها مبتسمة بمرح ولم تلبث أن اختفت ابتسامتها وهي ترى ابتسامته تزول وهو ينظر لنقطة خلفها فأسرعت تلتفت وارتفع حاجباها وهي ترى (عماد) ينزل السلالم مغادراً المبنى وعاد وجهها ليشرق واندفعت نحوه دون تفكير
"(عماد) .. أخي .. أنت هنا؟"
استقبلها مبتسماً بحنان
"(همسة) .. كيف حالكِ يا صغيرتي؟"

قالت بسعادة
"بخير ما دمت رأيتك بخير"

ضحك وهو يداعب شعرها ثم خفتت ضحكته وهو ينظر نحو (عاصي) الذي اقترب واعتدل في وقفته قائلاً
"مرحباً (عاصي)"

أومأ برأسه قائلاً بخفوت
"مرحباً بك"

نقلت بصرها بينهما وهي تدعو داخلها ألا تكون قد أفسدت الأمور حين اتفقت هي و(سؤدد) لتخبرها بالميعاد الذي سيذهب فيه (عماد) ليزور (فهد) في محاولة منهما لجعلهما يلتقيان علّها تذيب بعض الجمود بينهما والذي لا زالت تحاربه بإصرار بعد مرور كل هذه الأشهر على الصلح .. تدرك أنّ مهمتها صعبة لكنّ أملها الذي تجدد منذ تصالح الجميع جعلها تبذل كل محاولاتها دون يأس .. أسرعت تقول بمرح
"هه أخي أخبرني"
"بماذا؟"

ضحكت عندما نطق الاثنان في نفس اللحظة ثم توقفا يرمقا بعضهما بنظرة لم تقرأها جيداً قبل أن يشيح (عاصي) عينيه كالطفل فعادت تضحك في محاولة لإذابة الجليد
"عفواً منك أخي (عاصي) .. كنت أوجه الحديث لأخي (عماد)"

لوى شفتيه دون رد بينما ابتسم (عماد) لتميل نحوه قائلة وهي توكزه في خصره بعبث
"هه .. ما أخبار زوجة أخي الجميلة؟ .. أخبرني"
التفت لها (عاصي) دهشة وهتف

"ألا تحتفظين بالقليل من الخجل؟ .. لماذا تتدخلين في حياتهم الشخصية؟"
هتفت بتذمر
"متى تدخلت في حياتهم الشخصية؟ .. أنت من ينحرف رأسه دائماً مع كل كلمة"
ضرب كفيه ببعضهما نافخاً بينما ضحك (عماد)

"نحن بخير"
رد مقاوماً انفجاره في الضحك أكثر عندما وكزته مجدداً قائلة بتحريض
"إن كانت تعذبك فأخبرني لأتشاجر معها وأعدل رأسها"
مال (عاصي) برأسه ناظراً لها بذهول بينما تتابع بهزة رأس تشبه حكيماً يقدم نصيحة
"لا تقلق أخي .. اعتمد عليّ أنا أقف في ظهرك .. لو أتعبتك معها أخبرني فقط"

لم يتمالك نفسه فهتف
"حقاً؟ .. أنتِ تدعمينه ضد زوجته إن هي عذبته بينما تقفين في حلقي وتشجعين زوجتي على التمرد .. ماذا يعني هذا آنسة (همسة)؟ .. هل أنا ابن البطة السوداء؟"
ضغط (عماد) على شفتيه بصعوبة مقاوماً ضحكته بينما قالت هي ببراءة
"لا يا أخي الحبيب .. أنت لست ابن البطة السوداء .. أنت الخروف الأسود نفسه"
انفجر (عماد) ضاحكاً وهو يعتذر بنظراته، ليرمقه (عاصي) بتجهم لم يلبث أن تزعزع وهو يبتسم مستسلماً بينما تقول وهي توكزه هو هذه المرة

"اعترف أخي .. أنت تستحق تعذيب زوجتك لك قليلاً ولا تنكر أنّك تستمتع دائماً بتمردها"
رمقها بنظرة نارية مغتاظة ثم زفر بقوة والتفت له قائلاً
"هل كانت دائماً طويلة اللسان هكذا؟"
ارتفع حاجبا (عماد) بدهشة للحظة متفاجئاً بتوجيهه الحديث له ولم يلبث أن ابتسم قائلاً
"دائماً"
"أخي"
هتفت بحنق وهي تنظر لهما بغيظ مفتعل دارت خلفه سعادتها برؤيتهما يتبادلان الحديث بينما تابع (عماد)
"لكن والحق يقال .. أعتقد أنّه طال مترين إضافيين منذ أتت لهنا"
وضعت كفيها في خصرها و(عاصي) يرد بهزة راس يائسة
"أعتقد هذا أنا أيضاً"

نفخت هاتفة بغضب مفتعل
"لا .. سأذهب من هنا قبل أن تتفقا عليّ .. إلى اللقاء"

والتفت من مكانها في منتصف السلم وقالت ملوحة لهما بابتسامة
"أحبكما"

هتفت بأعلى صوتها ليضرب (عاصي) كفيه بينما ضحك (عماد) وهو يسمعه يهتف ناظراً حوله
"مجنونة .. لن تتعقل"

همس (عماد) وهو يتبعها بعينيه
"هذا أجمل ما فيها"

نظر له (عاصي) صامتاً للحظات قبل أن يتنحنح قائلاً
"احم .. حسناً .. عليّ الذهاب .. فرصة سعيدة"

التفت له وابتسم بشحوب وهو يومئ
"إلى اللقاء"
رمقه بنظرة أخيرة وابتسامة متوترة قبل أن يتحرك مسرعاً لسيارته ويستقلها بعد أن هز رأسه بتحية سريعة ليتنهد (عماد) بقوة ومط شفتيه بابتسامة باهتة لامسها القليل من الرضا وتحرك هو الآخر نحو سيارته غافلاً عن عينيها اللتين تابعتا الموقف من خلف زجاج باب المشفى وهي تراقبهما بقلق وهي تلامس قلبها هامسة برجاء
"يا رب .. يا رب أرجوك .. ساعدني"

تابعت انصرافهما بعينيها وسكن قلبها قليلاً ورضيت بالقليل الذي حدث .. تنفست بعمق وهزت رأسها مرددة بعزيمة
"أجل (همسة) .. واصلي على هذا النحو ولا تيأسي أبداً"

رفعت رأسها وشدت جسدها وعاودت تحركها بسرعة نحو غرفة (عاصي) وهي تلقي ابتساماتها على العاملين الذين حفظوها على مدار الأشهر التي ترددت فيها على المشفى .. وصلت للغرفة وفتحت بابها برفق ودلفت هامسة بخفوت
"حبيبي العنيد .. لا زلت نائماً؟"
قالت بتذمر طاردة أي ذرة حزن حتى لا يستشعرها واقتربت لتجلس بقربه تتأمله بحب كعادتها .. لقد حفظت كل ملامحه .. كل نقطة في وجهه الحبيب طيلة الوقت الذي مضته بقربه .. تنهدت وهي تميل نحوه لتهمس كالعادة قرب أذنها
"أنت أيها العنيد القاسي .. هل ستظل نائماً للأبد؟"

لوت شفتيها وهي ترمقه بحنق طفولي
"أنت لا تحبني .. انظر كم شهر مر وأنت مصر على البقاء هناك .. لقد أخبرتك أنّه لا داعي لقلقك .. كل شيء يتحسن .. بقى فقط أن تعود إلينا سالماً"

صمتت للحظات ثم تنفست بعمق وعادت تتابع
"ألم تصدقني حين أخبرتك عن الصلح الذي تم؟ .. جدي (رفعت) حفظه الله لنا كان له الفضل بعد الله في أن يتم هذا الصلح .. لقد أعاد لي الأمل في أنّ كل شيء يمكن أن يتحسن .. يمكن أن يسقط الحاجز الذي ظننته مستحيلاً حبيبي"

ورفعت يدها تلامس وجهه بحب وهي تردف
"هل تعرف؟ .. للتو كان (عماد) و(عاصي) يتحدثان معاً .. لأول مرة أراهما يتبادلان حديثاً هادئاً .. لقد ازداد أملي وصرت متأكدة أن اليوم الذي سنجتمع فيه كلنا بات قريباً .. سأبذل كل جهدي حتى يأتي هذا اليوم .. لكن .. إن تركتني أحارب وحدي لن أسامحك أبداً"
أطرقت قليلاً وهي تتأمل أنفاسه المنتظمة ثم قالت بغيظ
"بالمناسبة .. إن استمريت في عنادك فستضطرني لما حذرتك منه مسبقاً"

واقتربت متابعة بابتسامة خبيثة
"ألم أخبرك سابقاً أنني تعرفت على عائلة أمي؟ .. إنّهم رائعون وقد أحببتهم كثيراً"

وتنفست بهيام مفتعلة وأردفت
"خصوصاً (عصام) ابن خالي .. إنّه جذاب ووسيم ورائع .. لا يقاوم لو شئت الصراحة"

صمتت تراقب وجهه لتتنفس بغيظ وعضت شفتها قائلة بتحد
"هل تعرف أنّه لمح لأخي برغبته في الارتباط بي؟"

تراجعت مدعية الدهشة وهي تتمتم
"ألا تصدقني؟ .. حقاً؟ .. إنّه شاب لا يُرفض كما أخبرتك"
ادعت النظر لأظافرها بغرور وواصلت
"وفي الواقع .. أنا بدأت أفكر في الأمر .. ما المانع؟"
استمر على صمته فغامت عيناها بحزن وقاومت رغبتها في البكاء وهي تهمس بخفوت
"لا فائدة .. ماذا أفعل معك؟ .. ماذا يعيدك؟"

تنهدت بقوة ولم تلبث أن استعادت روحها المرحة وهي تقول
"لماذا اشعر أنّك مصمم على لعب دور الأميرة في فيلم الجمال النائم؟"
لم تتمالك ضحكتها وهي تردف
"يا الله .. لا أريد تخيل الأمر حتى"

وخفتت ضحكتها لابتسامة وهي تميل نحوه
"لكن أتعرف؟ .. يليق بك دور الأمير الوسيم الذي ينتظر قبلة ليفيق و .."
توقفت عن الكلام وقطبت لتهتف بعد لحظة
"لا تقل أنّك تنتظر مني قبلة لتستفيق"

لوت شفتيها بنزق
"لا تمزح معي .. لا يمكنني فعل هذا أبداً"

احمر وجهها وعيناها تتوقفان على شفتيه لترتبك كلماتها
"حقاً .. لا يمكنني"

تنحنحت مواصلة وهي تلوح بكفيها على خديها الساخنين
"لكن .. ماذا لو كان هذا علاجك؟ .. ماذا لو .."

نهضت من مكانها لتميل فوقه ومرت عيناها على وجهه بينما الجزء الحكيم من عقلها يردد بغيظ .. ماذا تفعلين بحق الله؟ .. هل جننتِ؟ .. همست دون أن تشعر
"لقد جننت حقاً .. لقد أوصلتني لأبحث عن الحل حتى في قصص الخيال"
قاومت دموعها بشدة ودفعها قلبها لتميل أكثر
"هل ترى إلى أين أوصلتني (فهد)؟ .. أبحث عن شفائك في قبلة لا يمكنها أن .."

توقفت عن الكلام واتسعت عيناها وهما تلتقيان بأعماقه الخضراء الفسيحة وتوقف قلبها بين ضلوعها ولثوان طويلة حدقت بغباء في عينيه المفتوحتين اللتين ازداد عمق خضرتهما وتوقف العالم من حولها بينما يقطع هو تواصل أعينهما ليخفض عينيه نحو شفتيها وتسلل صوته مشوشاً إلى أذنيها وهو يقول بنبرة عابثة رغم إجهاد صوته
"من يدريكِ؟ .. ربما شفائي في قبلة حقاً؟"

رمشت بعينيها وعيناه تعودان لتلتقيا بها وانكسر ذهولها في لحظة لتشهق بعنف وتتراجع بقلب متسارع النبضات .. لهثت محاولة السيطرة على نبضاتها وأنفاسها بينما تراه يبتسم بتلك الطريقة التي اشتاقت لها بجنون بينما يعتدل ببطء جالساً
"لماذا ابتعدتِ هكذا؟ .. هل ستضنين عليّ بقبلتكِ الشافية أميرتي؟"

شهقت مرة أخرى وهزت رأسها هامسة اسمه بذهول والدموع تشق الطريق من قلبها لعينيها وهو يهمس
"نعم يا قلب (فهد)"

قالها وابتسامة عشق خالص ترتسم على شفتيه
"آسف .. يبدو أنني فاجأتكِ و .."
انقطعت جملته بشهقتها وهي تهتف اسمه وتندفع لتلقي بجسدها بين ذراعيه اللتين انطبقتا عليها بقوة رغم ضعف جسده بعد أشهر الغيبوبة .. ابتسم بحب وهو يغمض عينيه متنفساً رائحتها باشتياق وهو يسمعها تهتف باكية بحرقة
"لا أصدق .. لقد عدت .. لقد عدت لي .. أنا لا أحلم"
ضمها مردداً باشتياق
"لقد عدت أميرتي .. هل ظننتِ أنني سأترككِ وأرحل؟"
حاول إبعادها لكنّها تمسكت به بكل قوتها تخشى أن تبتعد فتكتشف أنّها في حلم .. مسح على ظهرها وهمس

"حبيبتي .. لا أستطيع التنفس"
أسرعت تبتعد ونظرت بهلع لوجهه وصدره وتحسسته بجزع
"يا لله .. أنا آسفة .. لم أنتبه"
تأوه بخفوت وهو يسترخي في فراشه
"لا بأس يا عمري .. أنا الآسف لأنني فاجأتكِ بهذه الطريقة"

بكت هاتفة
"هل تمزح معي؟ .. يكفي أن أصدق أنّك معي حقاً .. انّك عدت لي و .."

توقفت عن الكلام وهي ترمقه بدهشة ونظرت للأجهزة متابعة
"لحظة واحدة .. أنت؟ .. أنت لم تستيقظ لتوك، صحيح؟"
ضحك هازاً رأسه
"بالطبع لا .. استيقظت أمس واتصلوا بـ(عماد) ليأتي في الحال"

قطبت محدقة فيه بغباء ثم هتفت بحنق
"هل تعني أنّك كنت مستيقظاً طيلة الوقت؟"
ابتسم بخبث فاحمر وجهها وهي تنهض هاتفة وتضربه على كتفه ليتأوه لكنّه ضحك بخفوت مستمتعاً برؤية انفعالها
"أيها الخبيث .. كيف تفعل بي هذا؟ .. لقد سمعت كل هذياني و .."

شهقت مغطية شفتيها ووجهها يحمر بينما قال هو مهدئاً انفعالها
"آسف حبيبتي .. لم أقاوم رغبتي في سماعكِ .. كنتِ تفعلين هذا طيلة الوقت، صحيح؟"
خفضت كفيها هامسة
"هل .. هل كنت تسمعني؟"

ابتسم بحنان دون رد فأردفت بحيرة
"لكن .. لماذا لم يخبرني (عماد)؟"
قال مبتسماً
"كان الوقت متأخراً ولم يشأ إثارة قلقكم بالليل .. لقد بقى بجواري طيلة الليل وعندما استيقظت طلبت منه ألا يخبركِ لأنني أريد مفاجأتكِ .. أردت رؤيتكِ وسماعكِ"

رقت نظراتها وهي تنظر له بلوم فرفع كفه يحتضن يدها
"آسف حبيبتي .. أردت أن أرى هذه السعادة في عينيكِ .. أفزعتكِ كثيراً؟"
هزت رأسها نفياً ودموعها تتحرر وضغطت على كفه مرددة بتهدج

"يمكن أن تفزعني كما تريد إن كنت سترد روحي بعودتك لي من جديد"
ذاب العشق في نظراته لها وهو يهمس بعد لحظات
"أحبكِ (همستي)"
حاولت التحكم في بكائها بصعوبة وجاهدت لتجد صوتها لتهمس بعد ثوان
"وأنا أحبك أكثر يا قلب (همسة) .. أحبك لنهاية الكون"

همستها وهي ترفع كفه لوجهها تدفن فيه دموعها وهي لا تتوقف عن الهمس بحبها واشتياقها وقلبها يستكين بين ضلوعها أخيراً مطمئناً بعودته وقربه.
*******************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:35 PM   #1368

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تطلعت (ملك) من شرفة غرفتها للنجوم التي تلألأت في السماء الصافية وأحاطت جسدها بذراعيها مع النسمات الباردة وأغمضت عينيها تتنفس بعمق وارتسمت ابتسامة رقيقة على شفتيها وهي تهمس
"أحبك"

فتحت عينيها بعد لحظات وخفتت وجهها تنظر عبر الظلام لمحيط المزرعة الصغيرة وخفق قلبها وهي تستعيد أحداث عامٍ مر منذ أتت هي وشقيقها إلى هنا .. مر الكثير من الوقت وتغير الكثير لكنّها لا زالت على حالها .. لا .. قلبها تغير .. ازداد عشقاً كأنّ الغياب لا يملك تأثيراً .. تساءلت داخلها بحيرة .. من الذي قال أنّ البعيد عن العين بعيدٌ عن القلب .. إن كان هذا صحيحاً فلماذا لا تنسى حبيبها الذي ابتعد ولم يعد بعد كل هذا الوقت .. لماذا يزداد قلبها ذوباناً؟ .. هل كانت صديقتها محقة حين قالت أنّها السبب؟ .. لأنّها تحيط نفسها بذكرياته .. حارسه الشخصي نفذ وصيته وأحضر للمزرعة كل كتبه وممتلكاته العزيزة لتحيط نفسها بها كأنّ ذكرياته بقلبها لم تكن كافية .. رفعت يدها تلامس سلسلته بحب وهي تهمس
"لا زلت أنتظرك حبيبي .. لا تتأخر أكثر فشوقي لك يقتلني"

شوقها له كان دافعاً جعلها تغرق نفسها في العمل وتعثر على شغف جديد .. لم تتخيل نفسها في يوم من الأيام أن تحب حياتها بهذه الطريقة لكنّها وقعت في غرام المزرعة ما أن وضعت قدميها على أرضها وسرعان ما تفجرت الأفكار في عقلها وهي تتأملها بانبهار وخلال وقت قصير وبمساعدة السيدة (منيرة) التي تفاجأت بوجودها في المزرعة وكانت في انتظارها مع (يسري) ليساعداها كما أوصاهما (منذر) .. لم يبخلا عليها بالنصيحة وسرعان ما تحولت الأرض التابعة للمزرعة لحقل استغلته في زراعة المحاصيل التي يحتاجون إليها وكانت تبيع بعضها ولم تتوقع أن تحب الأمر وتزدهر فكرتها .. السعادة التي كانت ترى شقيقها عليها كانت تجعلها أسعد وكانت تنسى متاعبها ويرتاح قلبها قليلاً عندما تغرق في العمل لترقد في فراشها نهاية اليوم بتعب يسري لذيذاً في أوصالها بينما يعاود الشوق سرقتها ليجمعها به في أحلامها كالعادة .. سرى البرد بجسدها مسيراً قشعريرة فتنهدت عائدة لغرفتها .. رقدت بالفراش وأغمضت عينيها لترتسم صورته من جديد في مخيلتها
"أيها القاسي .. حتى متى ستغيب؟"

تركت عقلها يشرد فيه كعادتها واستسلمت للنعاس الذي شدها خلال لحظات لتغرق في النوم وكان هو في انتظارها ككل ليلة .. سمعته يهمس اسمها بحب فابتسمت .. شعرت بيده تلامس وجهها وشعرها وسمعته يهمس
"أحبكِ ملاكي"

تقلبت في نومها وهي تهمس
"وأنا أحبك أكثر أيها القاسي"
سمعت ضحكته ليرتجف قلبها أكثر وعادت تهمس بلوم
"لماذا تأخرت؟"

سمعته يهمس معتذراً
"أنا آسف"

حركت وجهها مع لمسة يده ورددت
"اشتقت لك .. أين ذهبت؟"

شعرت بأنفاسه الدافئة تلامس وجهها بينما يهمس
"لقد كنت هنا دائماً"

أجل .. كان بقربها طيلة الوقت .. كان داخلها وبقلبها .. ابتسمت وهي تمد يدها لتلامسه .. اشتاقت بشدة .. بجنون .. لا تستطيع أن تلمسه في أحلامه .. يختفي دوماً ما أن تتجرأ لكن هذه اللحظة تتحرق لتلمسه وقلبها يتمنى ألا يختفي مجدداً .. انتفض قلبها عندما لامست كفها خده وشعرت بها تحتك بشعيرات لحيته وهمست وهي تنظر له بذهول
"أنا ألمسك"

لامست أنفاسه الضاحكة كفها وتسارعت نبضاتها .. لم يختف .. لم يتبخر خياله ويهجرها .. هل يمكن أن يموت أحد من السعادة لمجرد أنّه لمس خيالاً؟ .. قلبها كان ينتفض بسعادة وهي تهمس من جديد
"أنا ألمسك .. لم تذهب"

شعرت بأنفاسه الدافئة تقترب أكثر وهو يميل نحوها
"لم أذهب أصلاً .. ولن أذهب أبداً"

تجمدت ابتسامتها على شفتيها وتوقف قلبها تماماً قبل أن ينفجر في سباق مجنون حين شعرت بشفتيه تلامسان شفتيها برقة فراشة .. شعرت أنّها ستموت من احتباس أنفاسها طيلة الثوان التي استغرقتها قبلته التي حملّها كل مشاعره بينما يداه تعانقان خديها ولم تعد أنفاسها حتى بعد أن حررها وابتعد وسمعت صوته يتردد مبتعداً
"أحلاماً سعيدة ملاكي"
عادت أنفاسها ببطء لصدرها وهمست اسمه تعترض ابتعاده لتنتفض بعد لحظات في فراشها
"(منذر)"

مدت يدها بسرعة نحو المصباح المجاور لفراشها وأنارته لتحدق بذهول في الغرفة الخاوية .. وضعت يدها على قلبها وهي تلهث بقوة وهمست اسمه بخفوت ويأس والدموع تتسلل لعينيها
"ليس هنا .. كان حلماً"

ماذا توقعت؟ .. كان حلماً ككل ليلة .. سالت دموعها على خديها لتمسحها بسرعة وهي تهتف
"توقفي .. يكفي أنّكِ رأيتِه في حلمكِ ولمستِه و.."
توقفت الكلمات على شفتيها وخفضت وجهها تنظر لكفها .. هل يمكن أن يكون الحلم حقيقياً لهذه الدرجة؟ .. لا زالت تشعر بلمسة بشرته ولحيته على كفها .. اتسعت عيناها وهي ترفع أصابعها تلامس شفتيها اللتين لا زالت تشعر فوقهما بأثر قبلته واحتبست أنفاسها من جديد .. لا .. هل يمكن أن تتجسد خيالاتها هكذا؟ .. نظرت بسرعة في اتجاه الباب وأسرعت تنهض من فراشها وانطلقت لتفتح الباب وتندفع خارجاً دون أن ترتدي شيئاً يقيها البرد الذي قابلها وهي تنزل السلالم بقفزات سريعة وهي تهتف اسمه .. إنّه هنا .. لا يمكن أن يكون حلماً .. لم يتجسد حلمها به أبداً لهذه الدرجة .. اندفعت للمكتبة وفتحتها لتتراجع بيأس عندما قابلها الفراغ لكنّها لم تستسلم ليأسها وأسرعت تبحث عنه في كل غرف البيت دون جدوى والدموع التي أغرقت عينيها وهي تتوقف في ساحة المزرعة والبرد ينخر عظامها عبر ثيابها الخفيفة بينما تتطلع بعجز حولها .. ليس هنا .. لم يعد .. انتفض جسدها بخفوت عندما شعرت بأحدهم يضع غطاءً حولها فهتفت وهي تلف
"(منذر)"

ماتت باقي كلماتها وهي ترى وجه السيدة (منيرة) التي أحاطتها بالغطاء وهي تقول بحنان
"كيف تخرجين في هذا البرد بثيابكِ هذه يا ابنتي؟ .. هل تريدين أن تصابي بالمرض؟"

وملأت نظراتها الشفقة وهي ترى دموعها لتهمس
"إلى متى تعذبين نفسكِ هكذا يا صغيرتي؟"

لم تكن تريد حنانها في هذه اللحظة فلو ضغطت عليها أكثر فستنفجر .. ارتجفت شفتاها بينما أحاطتها بذراعها وهي تقودها للداخل برفق
"اهدأي يا ابنتي .. ستكونين بخير .. تعالي معي .. سأعد لكِ مشروباً دافئاً ونتحدث حتى تعودي للنوم"
تمالكت نفسها عندما أصبحتا داخل البيت وتمتمت

"أنا بخير سيدة (منيرة) .. صدقيني لست .."
قاطعتها برفق
"اذهبي لغرفتكِ وسأحضر المشروب في ثوان"
فتحت فمها لتقاطعها لكنّها أوقفتها عن الكلام وهي تسرع نحو المطبخ لتتنهد باستسلام وتتحرك إلى غرفتها متطلعة للفراغ بألم
"لم أعرف أنّك قاسٍ لهذه الدرجة (منذر)"

تحركت بشرود عائدة لغرفتها وجلست على حافة فراشها مطرقة في ذكرياتها وأفكارها التي قاطعتها عودة السيدة (منيرة) وهي تحمل فنجاناً تصاعد بخاره من بعيد واقتربت تضعه قرب الفراش .. ابتسمت بحنان وهي تجلس قربها
"ما الذي أيقظكِ فجأة ودفعكِ لتهيمي بهذه الطريقة في الظلام؟"
سألتها وهي أدرى بالجواب الذي همسته عندما لم تحصل منها عليه
"كنتِ تفكرين فيه، صحيح؟"
لم ترد فتنهدت السيدة بأسى وربتت عليها ثم ناولتها الفنجان وهي تهمس
"لا أعرف ماذا أقول لكِ يا ابنتي"

تناولت الفنجان تحت إصرارها بينما تواصل
"لا زلت لا أفهم كل ما حدث .. ليس من حقي السؤال ولا البحث عن تفسير .. إنّها حياة السيد (منذر) .. عندما أعطاني (يسري) رسالته ليوصيني فيها بالحضور لهنا والاهتمام بكِ لم أفهم حقاً .. وعندما اتصلت بي السيدة (شاهي) لتبلغني بقدومكِ وتوصيني بكِ ازدادت حيرتي .. كان الأمر غريباً كما تعرفين"

وهزت كتفيها مبتسمة بقلة حيلة
"لكن كما قلت لكِ .. لم يكن من حقي التدخل فيما لا يعنيني .. لكنني أحببتكِ حقاً يا ابنتي ورأيت بنفسي حالتكِ وحبكِ للسيد (منذر) .. عندما كانت السيدة (شاهي) تتصل لتطمئن على أحوالكِ لم أستطع مقاومة سؤالها .. كنت في حاجة لأفهم .. كيف يمكن لزوجته أن تذهب لهذا الحد من أجلكِ ولا تلومكِ أو تلوم زوجها على حبكما وهي كانت من الكرم لتشرح لي الأمر باختصار"
نظرت لها (ملك) بمرارة فمسحت على رأسها بحنان وقالت
"لا ألومكِ أبداً يا ابنتي .. لا أحد يملك قلبه .. رؤيتكِ بعد كل هذه الوقت بهذه الحال يخبرني كم أحببتِه ولا زلتِ تتعذبين لفراقه لكن يا ابنتي .."
صمتت لحظات تتأملها بحزن ثم قالت بشفقة
"أنتِ تهلكين نفسكِ هكذا .. أنتِ تصرين على الغرق في ذكرياته وتوهمين نفسكِ أنّه لا زال .."

نهضت مقاطعة إياها بهتاف رافض
"أنا لا أوهم نفسي"

قالت برفق
"بل تفعلين حبيبتي .. السيد (منذر) قد .."

"لا تنطقيها"
هتفت بحدة لتصمت السيدة (منيرة) بأسف فانخفض صوتها وهي تهمس برجاء ودموعها تسقط
"لا تنطقيها أرجوكِ .. هو لا زال حياً وسيعود"

رمقتها بشفقة أكبر لتعاود بإصرار وهي تلمس قلبها
"أنا أشعر به .. أنا لا أتوهم ولا أهذي .. لقد وعدني أنّه سيعود وسيفعل .. لن يخلف وعده"

تنهدت السيدة بحرارة وعادت هي لتجلس مكانها وشردت بحلمها ولامست شفتيها هامسة
"لا زال حياً .. لم يكن حلماً"
هزت السيدة رأسها بحسرة ثم قالت وهي تمسح على رأسها
"ليخفف الله عنكِ عذابكِ يا ابنتي وليفعل ما فيه الخير"

ونهضت قائلة
"أنهي مشروبكِ وعودي لنومكِ .. لا تنسي أنّ العمال سيأتون في الصباح الباكر لأخذ المحاصيل التي حصدناها"
أومأت برأسها بخفوت لتتحرك السيدة (منيرة) مغادرة فأوقفتها منادية إياها وقالت عندما التفت لها
"شكراً لكِ سيدة (منيرة)"
ابتسمت لها بحنان
"العفو يا صغيرتي .. أحلاماً سعيدة"
ردت بابتسامة شاحبة اختفت ما أن انغلق الباب بينما كلماتها أعادت كلماته لها في حلمها .. عادت تلمس شفتيها
"هل كان حلماً حقاً؟"

أتعبها التفكير فتنهدت ووضعت الفنجان من يدها وصعدت لترقد في فراشها وأغلقت النور لتحدق في الظلام وتعاود الغرق مع أفكارها محاولة العودة للنوم من جديد تذكر نفسها أنّ أمامها يومٌ شاق في الغد ومع هذا لم تذق النوم طيلة الليل وحتى أشرقت الشمس فنهضت مرغمة من فراشها وهي تهمس
"عد فقط يا (منذر) وسأنتقم منك على تعذيبك لي"

كانت تعرف أنّها كاذبة ولو ظهر أمامها الآن فستنسى كل شيء وتهرع ملقية نفسها في أحضانه وتغرق فيه للأبد .. ابتسمت بتعب وهي تتجه للحمام لتستعد لبداية اليوم وخلال دقائق كانت تغادر غرفتها وقد بدلت ثيابها ولم تفعل شيئاً لتداري آثار الشحوب والسهر عن وجهها وهي تتجه لغرفة الطعام .. نظرة السيدة (منيرة) لوجهها جعلتها تندم على أنّها لم تضع بعض الزينة تخفي بها آثار السهاد وحمدت الله أنّها اكتفت بنظرة اللوم ولم تنطق بكلمة وهي تخبرها أنّ (يسري) يشرف على العمال وعليها أن تنهي فطورها قبل أن تذهب إليهم .. سألتها قبل أن تذهب
"هل استيقظ (يوسف)؟"

التفتت لها ضاحكة وهي تهز رأسها بيأس
"استيقظ باكراً كالعادة وانطلق للحقل مع (يسري)"

ابتسمت وهي تبدأ في تناول الطعام بينما تسمعها تتابع
"كان على وشك دخول غرفتك ليوقظكِ بصخبه كالعادة لكنني أخبرته أنّكِ نمتِ متأخراً"

ضحكت بخفوت
"وأنا التي استغربت أنّه لم يطل عليّ كعادته؟"

ابتسمت لها بحنان وقالت
"حفظكما الله لبعضكما حبيبتي"
"شكراً لكِ سيدة (منيرة)"
همست بامتنان وتركتها السيدة لتنهي طعامها بسرعة ونهضت بعدها تحمل أطباقها نحو المطبخ وقالت تحدث السيدة التي تنهدت بقلة حيلة
"لست عاجزة عن التنظيف خلفي .. أرجوكِ توقفي عن معاملتي كأميرة .. كلنا سنخدم أنفسنا في هذا البيت .. لقد مر عام وأنا أردد هذه الجملة .. يجب أن تكوني حفظتِها عن ظهر قلب"
ضحكت السيدة وهي تراها تغسل الأطباق

"هل سمعتِني أنطق بحرف؟"
بادلتها ضحكتها
"هذا أفضل"

أنهت الأطباق بسرعة وقالت وهي تجفف يدها
"سأذهب لأرى كيف العمل في الخارج"
أومأت لها وغادرت المطبخ بسرعة ومنه لخارج البيت نحو الحقل بعد أن التقطت قبعة واسعة وضعتها على رأسها وهي تسرع بخطواتها .. وابتسمت وهي تلمح شقيقها يقف وسط الحقل جوار (يسري) الذي كان يعطي أوامره للعمال الذين يضعون الصناديق في العربة وشقيقها يراقب كلامه وحركاته بانتباه تام وما أن لمحها حتى لوح لها بكفه واندفع نحوها .. ارتمى بين ذراعيها لتحتضنه وسمعته يقول بحماس

"صباح الخير أختي الحبيبة"
ابتسمت أكثر مع كلماته العربية التي أتقنها بسرعة أدهشتها بعد قدومهم للمزرعة وكما رغبت تماماً بدأت تعليمه لغته وهويته بحرية ودون خوف من خطر يتهددهم .. قبلت رأسه قائلة
"صباح الخير حبيبي .. هل نمت جيداً؟"
أومأ برأسه وقال وهو يشدها معه

"بالتأكيد .. تعالي .. لقد ساعدت العم (يسري) في العمل منذ الصباح الباكر"
ضحكت وهي تقترب من (يسري) الذي استقبلها مبتسماً وقال
"صباح الخير آنستي"
"صباخ الخير"

ردت بابتسامة ونظرت نحو العمال
"كيف الحال؟ .. أرجو ألا يكون هناك أي مشكلة"

هز رأسه نفياً وقال
"الحمد لله .. كل شيء يسير على ما يرام .. كاد العمال ينتهون من جمع باقي المحاصيل وتحميلها وانتهيت من اتمام اتفاقنا مع التاجر"

أومأت بامتنان
"أتعبتك كثيراً اليوم"
"لا تعب آنستي"

قال نافياً وابتسم وهو ينظر لشقيقها الذي شد قامته بفخر
"حضرة المهندس (يوسف) ساعدنا، أليس كذلك؟"
أومأ شقيقها مبتسماً بسعادة انعكست عليها

"حضرة المهندس؟"
قالت بهمهمة مرحة فأسرع يقول
"لقد قررت أن أصبح مهندساً زراعياً عندما أكبر"

مالت برأسها في استحسان بينما ضحك (يسري)
"وأنا أثق أنّه سيصبح مهندساً بارعاً .. ما شاء الله عليه"

تألقت عينا شقيقها بفخر وسعادة فابتسمت وهي تربت على كتفه
"أنا سعيدة لأنّك أحببت المكان والعمل"

"جداً .. لم أعتقد أنني سأحب المزرعة والبلد هنا"
ارتفع صوت أحد العمال ينادي (يسري) فاستأذن منهما .. أومأت له مبتسمة وعادت بانتباهها لشقيقها الذي أشار لها
"تعالي لأريكِ شيئاً أختي"

تبعته وهو يواصل بحماس
"لقد زرعت نباتاً جديداً ولم أخبركِ لأنني كنت أخشى ألا ينبت .. انظري"
توقفت عند قطعة من الأرض أحاطها بقطع خشبية صغيرة ومالت مبتسمة تنظر للبراعم الصغيرة
"رائع يا (يوسف) .. اهتم بها جيداً حتى لا تذبل"
أومأ متحمساً

"لا تقلقي .. سأفعل بالتأكيد"
اعتدلت واقفة ونظرت له
"أنت سعيد هنا حبيبي؟"
"جداً (آنجي)"

هتف بتأكيد لتتابع
"ألا تفتقد إيطاليا؟"
هز كتفيه
"بالتأكيد أفتقدها وأفتقد الجدة (أنيتا)"

وزم شفتيه بحزن
"من المؤسف أنّها رفضت القدوم معنا"
ربتت على كتفه قائلة
"هناك وطنها الذي عاشت فيه منذ طفولتها .. وهي الآن سعيدة مع حفيدها ومع (ليزا) و(ريك) حيث هم"

أومأ وصمت قليلاً ثم أكمل
"أنا أفتقد الجميع لكنني سعيد هنا حقاً . يمكنهم أن يزورونا في أي وقت"
"بالتأكيد"
لم تنتبه لابتسامته الشقية وهي تنظر للبعيد والتي سرعان ما محاها وهو يقول
"(ملك)"

التفتت له بدهشة فهو غالباً ما يناديها باسمها الآخر
"ما الأمر؟"
قال بعد تردد

"لقد تعرفت على صديق جديد في المدرسة وهو يسكن قريباً من هنا"
أومأت قائلة

"هذا جيد .. أخبرتك دائماً أن تصنع أصدقاء لكن عليك أن تحسن اختيارهم"
قال بسرعة
"لا تقلقي .. إنّه شخص جيد ومهذب"

ابتسمت تسأله وهي ترى الطلب المتردد في عينيه
"حسناً؟ .. ما المشكلة؟"
"في الحقيقة .. كنت أريد دعوته ليقضي بعض الوقت معي بالمزرعة .. هل يمكنني؟"

صمتت لحظة
"بالتأكيد حبيبي .. لكن .. ألن يعارض والديه؟"

"لا تقلقي .. لقد قال أنّهما لن يعارضا"
ضحكت قائلة
"إذن فقد اتفقتما على كل شيء وأتيت لتخبرني"
عض شفته بخجل وقال
"كنت أعرف أنّكِ لن ترفضي طلبي، صحيح؟"
ربتت على رأسه
"صحيح حبيبي .. لكن .. يستحسن أيضاً أن تسألني قبل أي شيء .. ماذا لو كانت ظروفنا لا تسمح؟"

"حسناً (آنجي) .. لن أنسى هذا"
مالت تحتضنه
"شكراً حبيبي .. أنا أثق بك دائماً"

احتضنها لبرهة ثم ابتعد قائلاً
"سأذهب لأتصل به وأخبره"

أومأت موافقة فتحرك بسرعة نحو البيت وعيناها تتبعانه ثم تنهدت متحركة نحو شجرة قريبة وجلست تسند ظهرها لجذعها وشردت بنظراتها بعيداً وهي تهمس
"شكراً لك حبيبي لأنّك منحتني الفرصة لأجرب هذه الحياة الرائعة وأتذوق طعم السعادة"
وأغمضت عينيها
"لكنّ سعادتي ينقصها وجودك .. سأظل ناقصة حتى تعود لي وتكملني"
لم تشعر بنفسها وهي تنزلق في نوم سرقها أخيراً بين أمواجه فنامت أسفل الشجرة وهمساته الحانية ترافقها .. لم يوقظها سوى صوت شقيقها يهتف
"(آنجي) .. استيقظي .. ما هذا؟ .. (ملك)"

فتحت عينيها تتطلع له بنعاس فضحك
"كيف تغرقين في النوم هكذا؟"
دعكت عينيها ونظرت لشمس الشتاء قائلة
"لقد أغراني الدفء هنا"
أسرع يشدها من يدها
"حسناً .. هناك ما سيجعلكِ تشعرين بالدفء أكثر .. هيا"
ارتفع حاجباها بدهشة ولم يمنحها الفرصة للاعتراض وهي تستسلم ليده التي شدتها

"هيا هيا .. أسرعي"
ضحكت وهي تجري معه
"لن تكبر أبداً .. أشك أنّك اقتربت من عامك الرابع عشر حقاً"

غمز لها
"لست وحدي من يكبر في السن هنا"
هتفت بحنق

"ماذا يعني هذا يا طويل اللسان؟"
لم يرد وهو يقفز السلالم نحو البيت
"كنت متأكداً أنّكِ نسيتِ كالعادة"
قطبت بحيرة بينما شدها للداخل مواصلاً بمرح

"مفاجأة"
هتف فارداً ذراعيه وخفق قلبها وهي تحدق أمامها بذهول بينما ارتفعت أصوات عديدة بالإيطالية
"مفاجأة"
احتبست أنفاسها وهي تنظر لهم بذهول بينما اندفع (تيو) نحوها هاتفاً
"(آنجي) .. اشتقت لكِ كثيراً"
احتضنته وهي لا زالت في صدمتها تنظر لوجوه أصدقائها وهمست
"أنتم هنا؟"
اقتربت منها الجدة (أنيتا)
"بالطبع نحن هنا"

ابتعد (تيو) لتنظر له بسعادة وهمست ودموعها تترقرق
"(تيو) .. هل ازداد طولك؟"
شد قامته بفخر

"طبعاً"
بعثرت شعره الناعم بأصابعها
"وقد كبرت أيضاً"
رددت بحنان وهي ترى عليه أثر السنة التي مرت .. التفتت مع صوت الجدة (أنيتا)
"كيف حالكِ صغيرتي؟"
عانقتها تنهل من حنانها
"بخير جدتي .. اشتقت لكِ .. اشتقت لكم جميعاً"

همست بتأثر وهي تنظر لصديقتيها وزوجيهما بابتساماتهما الواسعة
"كيف حالكم يا رفاق؟"
اندفعت (ليزا) وخلفها (ماريا) ليحتضناها
"كيف حالكِ أنتِ؟"

نظرت لـ(ماريا) بلوم
"كنا نتحدث أول أمس .. لم تخبريني أنّكم قادمون"

ضحكت وهي تتبادل نظرة خبيثة مع (ليزا) التي قالت
"تخبركِ وتحرق المفاجأة .. هل هذا يعقل؟"

وقالت (ماريا)
"هه .. ما رأيكِ بهذه المفاجأة؟"
"رائعة جداً"
همست وهي تمسح دموعها التي نزلت بتأثر ورفعت عينيها نحو (ريكاردو) ليخفق قلبها بألم وطيف (منذر) يقف بينهما وكأنما أدرك ما تفكر فيه بهتت ابتسامته قليلاً قبل أن يقول

"أحببنا أن نفاجئكِ في مزرعتكِ الصغيرة أيتها المزارعة"
ضحكت واحمر وجهها بينما هتف شقيقها
"انتظروا حتى تأخذوا جولة فيها .. ستعجبكم كثيراً"

قال رداً
"أتوقع هذا .. ما رأيته أعجبني كثيراً"
اقتربت السيدة (منيرة) في نفس اللحظة مبتسمة لتسرع تعرفها لهم وتولت الترجمة بينهم وما أن انتهى التعريف حتى قالت لها السيدة (منيرة)
"دقائق وستكون غرف الضيوف جاهزة .. يمكنكم أن تجلسوا في الشرفة أو بغرفة الجلوس حتى ينتهي الغداء"
أومأت لها وعادت تلتفت لهم وقالت

"هل نذهب؟ .. هناك الكثير لأسمعه منكم .. يا ربي .. كم اشتقت لكم"
احتضنتها (ماريا) مرة أخرى قبل أن تتحرك لتجاور (بيدرو) الذي قال مازحاً
"كان يجب أن أحضرها لرؤيتكِ قبل أن تقتلني بإلحاحها"
ضربته (ماريا) بينما ضحك الجميع وهم يتحركون برفقتها هي وشقيقها نحو الخارج ليتولى (يوسف) بسرعة مهمة الحديث والتجوال في المزرعة وتنفست هي بارتياح وهي تملأ عينيها منهم وهمست لنفسها
"قريباً تكتمل سعادتكِ (ملك) .. كوني واثقة"
وشردت بنظراتها للأفق مرددة داخلها بعشق وقلبها يترجى عودته هو الآخر لتكتمل سعادتها أخيراً.

***********************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:36 PM   #1369

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لوحت (همسة) بكفها لزميلاتها وهي تغادر مبنى الجامعة واتجهت بخطوات سريعة إلى حيث اعتاد سائق العائلة انتظارها .. توقفت فجأة عندما لمحت سيارة أخرى بدل سيارتها وخفق قلبها وهي تراه يغادرها .. أشار لها بكفه لتهتف اسمه بسعادة بينما تراه يتحرك نحوها وعلى شفتيه ابتسامة واسعة فأسرعت تجري إليه دون أن تهتم لأنظار بقية الطلبة التي اتجهت نحوها .. توقفت أمامه تلهث مبتسمة وقالت وعيناها تلمعان
"(فهد) .. ماذا تفعل هنا؟"
ابتسم مشاكساً
"ماذا سأفعل هنا برأيكِ؟ .. لم آت لأغازل فتيات الجامعة بالتأكيد"
زمت شفتيها وهي تنظر حولها ولمحت بعض الفتيات ينظرن نحوه بفضول وانبهار فقطبت بغيرة وأسرعت تمسك كفه وتشده
"هيا بنا من هنا .. وإياك أن تأتي مجدداً"
ضحك وهو يتحرك معها حتى سيارته التي استقلتها بسرعة وهي تهتف بحدة
"هيا أسرع لنغادر"
هز رأسه مبتسماً وأسرع يحتل مقعد القيادة وقال وهو يرمق وجهها المحمر من الغيرة وبعض الغضب
"ما بكِ يا طبيبتنا الصغيرة؟ .. هل شعرتِ بالغيرة؟"
زمت شفتيها بينما قاد السيارة مبتعداً ليكمل بنبرة حزينة
"وأنا الذي قلت ستسعدين برؤيتي؟ .. يبدو أنني سأندم على تفكيري في مفاجأتكِ"
التفتت له قائلة بسرعة
"لا تقل هذا .. أنا فرحت جداً"
واحمر وجهها وهي تنظر لابتسامته
"لقد كانت مفاجأة جميلة حقاً .. أنا فقط .."
عضت على شفتها فقال بضحكة مستمتعة
"غرتِ عليّ .. لا تنكري"
قالت وهي تكتف ذراعيها
"لماذا سأنكر؟ .. أنا غرت فعلاً .. لذا لو سمحت لو فكرت مرة أخرى في القدوم لكليتي لا تغادر سيارتك"
صدحت ضحكته أكثر في السيارة
"أنا أتحدث جدياً .. لا أريد أن تراك باقي الفتيات"
اتسعت ابتسامته الخبيثة
"وماذا عني أنا؟ .. ألا يحق لي أن أغار؟"
قطبت بتوجس واعتدلت بارتباك متوقعة جملته التالية
"وهل منعتك من الغيرة؟"
رفع حاجباً شريراً وهو يرد
"إذن لماذا غضبتِ عندما طلبت منكِ ألا تذهبي مع والدتكِ لتزوري بيت خالكِ؟"
زمت شفتيها وهي تفكر .. يبدو أنّها ستظل تندم على كذبتها طيلة حياتها .. رفعت رأسها مرددة بهدوء
"لأنّك كنت غير منطقي بالمرة"
"حقاً؟"
أجابت بتأكيد
"بالطبع .. أخبرني بالسبب الذي يجعلك ترفض زيارتي لعائلة أمي"
اختلس النظر لها وعاد يركز على الطريق وهو يتمتم من بين أسنانه
"السبب الذي سبق وتجرأ على طلب يدكِ من شقيقكِ"
احمر وجهها بشدة وشتمت نفسها مرة أخرى على كذبتها التي سبق ورددتها عليه وهي تظنه في غيبوبته والماكر كان مستيقظاً طيلة الوقت
"حسناً .. (عصام) فقط كان .."
ضغط على الفرامل بشدة يوقف السيارة جانباً والتفت لها قائلاً بغيرة
"لا تنطقي اسمه"
حدقت فيه بذهول ثم كتفت ذراعيها قائلة بعناد
"حقاً؟ .. هل غير مسموح أيضاً بهذا؟"
هتف مؤكداً
"بالتأكيد .. أي كيان ذكوري خارج مثلث (عماد) و(عاصي) و(هشام) غير مسموح له بالاقتراب منكِ؟"
فرجت شفتيها باستنكار
"لا .. أنت تبالغ حقاً؟ .. لماذا لا تحبسني في البيت بالمرة؟"
لمعت عيناه بخبث ومال نحوها لتتراجع للخلف
"بدأت أفكر جدياً في هذا الأمر"
هتفت باستنكار
"حقاً؟ .. من قال أنني سأ .."
توقفت الكلمات في حلقها وهي تحدق في عينيه من هذا القرب بينما ابتسم بعبث
"ألا تريدين أن تكوني حبيسة بيتي (همستي)؟"
سؤاله كان يحتمل معنى آخر لم يكن بإمكانها رفضه .. قلبها تسارعت نبضاته وكادت تهمس إيجاباً لكنّها عاندت وأشاحت بوجهها قائلة
"عليك أن تنتظر حتى أنهي دراستي"
كان على وشك إدارة المحرك عندما نطقت كلماتها فقط لتغيظه لكنّه عاد يلتفت لها
"كم سنة تريدين الانتظار حبيبتي؟"
قال بنبرة رقيقة مهددة لتقول بهزة كتف
"يعني .. ربما حتى أتخرج أو حتى بعد الامتياز وهذا يعني .."
ادعت العد على أصابعها
"أربع أو ست سنوات فقط"
"فقط؟"
هتف باستنكار
"هل تريدين أن أنتظر ست سنوات أخرى؟"
ابتسمت مغيظة تنتقم منه على شجارهما الأخير بسبب ابن خالها
"ربما .. لن أقول لك انتظر حتى أنهي دراساتي العليا"
ضرب كفيه
"آه هذا ما ينقصني .. وأنا الذي ظننت أنّني نجحت في إزالة الحاجز المستحيل لتأتي الآن وتضعي دراستكِ حاجزاً جديداًً"
قالت ببرود مصطنع
"هل تريدني أن أصبح طبيبة فاشلة؟"
هتف بحنق
"لا .. لأحترق أنا من أجل مهنتكِ السامية"
زمت شفتيها ثم قالت
"كنت على استعداد لتنتظرني طيلة العمر، هل تتذكر؟"
تنهد بقوة
"كان هذا عندما كان بيننا حاجز مستحيل حبيبتي أما الآن .."
توقف عن الكلام فاستحثته
"أما الآن؟"
التفت يرمقها بنظرة أرعدت قلبها وأعادت الحمرة لخديها ليقترب بدرجة خطرة ويهمس
"أما الآن فقد زال الحاجز وتحرر العاشق ولن يسمح لأي شيء أن يقف بينه وبين حبيبته"
تنفست بصعوبة وكادت تضيع في نظراته لولا أن تحكمت بنفسها
"لكن هذا العاشق أناني فيما يبدو ويفضل أن تفشل حبيبته في .."
قاطعها يشدها من يدها إليه لتشهق وكادت تصطدم بصدره
"لن تفشل حبيبتي أبداً .. أنا أثق بها وعندما تصبح في بيتي سأعرف كيف أجعلها تصبح أفضل طالبة وطبيبة"
همست اسمه بارتجاف ليبتسم بعبث
"ألا تثقين بي (همستي)؟ .. لن أشغلكِ عن دراستكِ أبداً"
نظرت له بغير تصديق
"آه .. هذا يبدو واضحاً"
قالت وهي تحاول الابتعاد لكنّه تمسك بها لتهمس بخفوت
"(فهد) .. إن أردت ألا نقضي اليوم في قسم الشرطة فتحرك بنا من هنا"
قال ضاحكاً
"لماذا؟"
قالت بصرامة مفتعلة
"لأنني لا أثق بك وأخشى أن تجعلنا متلبسين بفعل فاضح في الطريق العام"
انفجر ضاحكاً وقال وهو يبتعد
"لا تقلقي حبيبتي .. لن تصل الأمور لهذه الدرجة"
زمت شفتيها وقالت
"نعم .. كأنني لا أعرفك"
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه وأعاد تشغيل السيارة وانطلق بها لتقول مغيرة مجرى الحديث
"لم تخبرني بعد لماذا أتيت؟ .. لماذا تتعب نفسك و .."
قاطعها بحنان
"حبيبتي أنا بخير .. لقد مضى أكثر من شهرين على خروجي من المشفى .. حتى متى ستقلقين على صحتي؟"
"للأبد ربما"
أجابت دون تردد، فنظر لها بعشق .. ابتسمت متابعة
"أين سنذهب؟ .. ألن توصلني للبيت؟"
هز رأسه نفياً وقال
"لا .. أنا سأختطفكِ"
خفق قلبها بشدة وضحكت بخجل
"حسناً .. دعني أتصل بأمي حتى لا تقلق .. سأطمئنها أنني مختطفة في يد أمينة"
قال يوقفها قبل أن تخرج هاتفها
"لا داعي لهذا لقد أخبرتها"
ارتفع حاجباها بدهشة
"أخبرتها؟"
نظر لها بابتسامة نقية وأومأ قائلاً
"بالتأكيد .. لقد أتيت مباشرة من بيتكم؟"
اعتدلت في مقعدها هاتفة بقلب خافق
"كنت في بيتنا؟ .. هل قابلت أمي؟"
أومأ مجيباً بحنان
"بالطبع حبيبتي .. لقد تأخرت في هذه الخطوة .. كان يجب أن أقابلها وأقدم لها امتناني هي وكل عائلتكِ"
دمعت عيناها وهي تنظر له ليتابع
"كنت متردداً مع ذلك لكن حديثي مع (عماد) شجعني"
همست اسمه بتأثر ومسحت دمعة عن خدها
"كيف كان اللقاء؟"
التقط كفها يضغطها بحب
"كان جيداً جداً .. لو أنني عرفت أنّها ستستقبلني بهذا الترحيب لما شعرت بالتردد كل هذا الوقت"
ارتجفت شفتاها وهي تهمس بصوتٍ متحشرج
"لا تنسى أنّها سبق وزارتك بالمشفى"
أومأ موافقاً
"صحيح .. لكنّني خفت أن تكون مجرد زيارة واجب لمريض"
"غير صحيح .. هي لم تكن تقوم بمجرد واجب .. إنّها تمتن لك كثيراً لإنقاذك أخي"
احتضن كفها قائلاً
"أعرف هذا .. لقد أخبرتني بنفسها"
ابتسمت بحب
"أعتقد أنّها أحبتك"
غمز لها وتمتم
"أعتقد أنّ الفضل يرجع لكِ (همستي) .. قالت أنّكِ أخبرتها بالكثير عني"
احمر وجهها وهزت نافية
"يعني .. حكيت لها ذكرياتي معك أنت و(عماد)"
رمقها بنظرة مليئة بالحب ثم قال
"بالمناسبة .. لقد صادفت (عاصي) هناك أيضاً"
"أخي؟ .. وماذا فعل؟ .. هل .."
قاطعها بابتسامة هادئة
"لا تقلقي .. لقد تعامل معي باحترام شديد هو الآخر"
نبض قلبها بسعادة وارتياح وهي ترى التقدم الذي تحرزه مع الجميع .. قريباً جداً ستثمر جهودها وجهود الجد (رفعت) الذي يمد لها يد العون طيلة الوقت في محاولة إذابة ما بقى عالقاً بينهم
"أنا سعيدة جداً"
شبك أصابعهما بحب وهمس
"أحبكِ (همستي) .. أنتِ من كان لها الفضل في أن نصل لهذا .. لولاكِ كنا ضعنا أنا و(عماد) للأبد"
خفق قلبها لأجله
"أنا لم أفعل شيئاً"
هز نافياً
"هل نسيتِ كل ما فعلتِه لتمنعينا من المُضي في ذلك الانتقام الأحمق؟ .. لقد تعبتِ لتنقذينا من أنفسنا حبيبتي"
قاومت دموع تأثرها بصعوبة وهمست
"لولا أنّكما تملكان قلبين كبيرين لما تغير شيء .. لولاكما لكنت حُرمت بقية عمري من أمي وأخي .. لفضل لكما في تغير كل شيء حبيبي وأنا واثقة أنّ كل شيء سيصبح أفضل في الأيام القادمة"
التفت يرمقها بهيام ثم ردد
"يكفي أن تكوني بقربي ليصبح كل شيء بخير"
لمعت عيناها بمشاعرها ورجعت برأسها تسنده لمقعدها تركز نظرها عليه طيلة الطريق وهمست
"أنا سأكون بقربك دائماً حبيبي .. لن أبتعد أبداً"
*******************
هتفت (راندا) بانفعال وهي تقاوم شد (هشام) لها
"دعني (هشام) .. دعني أربيها تلك الوقحة"
ورغم ذراعه المحيطة بخصرها والتي شدتها للخلف، مدت ذراعيها نحو المرأة الأجنبية التي تراجعت مذعورة مبتعدة عن مخالب (راندا) التي واصلت صراخها
"دعني أعلمها كيف تنظر لرجل امرأة أخرى .. تباً .. اتركني"
هتف من بين أسنانه وهو يشدها بعيداً عن المرأة
"توقفي (راندا) .. ماذا تفعلين؟"
ونظر للمرأة مردداً اعتذاراً بالانجليزية لتصرخ بحدة
"وتعتذر لها أيضاً؟! .. اتركني (هشام) سأقتلها"
اعتذر من المرأة التي حدقت فيها بعينين متسعتين لتواصل (راندا) صراخها وشتائمها بكل اللغات التي تعرفها قبل أن تنقطع كلماتها بشهقة عالية عندما اختفت الأرض فجأة من تحت قدميها و(هشام) يحملها ويتحرك بها مبتعداً نحو غرفتهما في الفندق الذي يقيمان فيه في القرية السياحية التي يجددان فيها شهر عسلهما للمرة الثانية خلال أشهر
"(هشام) .. أنزلني أرضاً .. اتركني"
صرخت فيه وهي تركل بساقيها في الهواء بينما يتجه بها نحو المصعد
"اصمتي .. ولا كلمة"
لكمته على صدره بغضب بينما أغلق هو المصعد خلفهما لتزفر بحنق
"لماذا تمنعني؟ .. ألم تر ما فعلت؟ .. اتركني أذهب لأعلمها الأدب"
ردد ساخراً وهو يراقب الأرقام
"نعم .. اترككِ تذهبين لتدمري السياحة وتتسببي في هرب السياح"
زمت شفتيها بضيق ثم هتفت بعناد
"فليهربوا .. إن كانت السياحة ستجلب أمثال تلك الوقحة فلتذهب للجحيم"
لم يعرف هل ينفجر ضحكاً أم غضباً لكنّها لم تمنحه الفرصة وهي تتابع بحنق
"لقد كانت تأكلك بعينيها .. قليلة الأدب"
انفتح الباب ليخرج بها متجهاً للجناح
"عديمة الأخلاق .. كانت تغازلك أمامي"
أنزلها أرضاً ليفتح الباب وأمسكها جيداً حتى لا تنسحب من جواره لتنفذ تهديداتها .. دخل بها للغرفة وهي تواصل هتافاتها المنفعلة
"الوقحة .. تراك مع زوجتك وتنظر لك بهذه الطريقة"
تركها والتفت ينظر لها ولم يقاوم ابتسامته على منظرها المنفعل
"ماذا؟ .. هل تسخر مني؟"
ضحك قائلاً
"بالطبع لا يا نحلتي .. أنا أمتع بصري منكِ .. تعرفين أنّكِ تصبحين فاتنة أكثر عندما تغضبين"
انفرجت شفتاها بحثاً عن كلماتها الغاضبة التي أضاعتها كلماته، فلم تعلم هل تواصل غضبها أم تحمر لغزله .. غلبها قلبها فاحمر وجهها وقالت وهي تزم شفتيها
"لا تحاول أن تضحك على عقلي لأنسى ما حدث"
وعادت تستدير له ملوحة بيدها
"أنا لن أرتاح قبل أن أجعلها تندم .. تنظر لك وأنا ملتصقة بك .. ماذا كانت ستفعل لو كنت بمفردك إذن؟"
كتم ابتسامته وقال بهدوء
"أنا لم أنظر لها أصلاً (راندا)"
تنفست بحدة وهي ترمقه دون رد وأشاحت وجهها فاقترب مبتسماً وأمسك وجهها يديره له
"نحلتي"
لم تنظر فأجبرها على مواجهة عينيه
"ستظلين غاضبة وتفسدين عطلتنا الجميلة"
رمقته بعتب ثم رددت كالأطفال وهي تضم نفسها له
"أنا أغار"
ضحك وهو يضمها
"وأنا أحب غيرتكِ نحلتي"
قاومت ابتسامتها بصعوبة لتردد بدلال
"حسناً .. لكن هذا لا يمنع من أنك أخطأت"
"أنا؟"
سأل مستنكراً لترد
"نعم .. أنت السبب"
رفع أحد حاجبيه بينما حركت يدها تلمس خده وهي تقول بحنق
"لماذا كان يجب أن تكون وسيماً ورجولياً هكذا؟"
انفجر ضاحكاً لترمقه بحنق أكبر ولم يستطع السيطرة على ضحكاته لبرهة حتى ضربته على كتفه ليقول
"إذن فقد أصبح الذنب ذنبي الآن .. وليس غيرتكِ المجنونة"
هزت كتفيها وتحررت من بين ذراعيه لتتجه للمرآة
"إذن لم تكوني لتغاري عليّ إن كنت غير وسيم؟"
توقفت مكانها مقطبة ثم التفتت له قائلة
"هل تمزح معي؟"
هز كتفه وهو ينظر لها فألقت قرطها على طاولة المرآة بحدة ثم رجعت له
"هل تظنني سطحية لهذه الدرجة؟"
افتعل البرود ليستفزها أكثر فأمسكته من ياقته وشدته إليها
"أنت وسيم لأنني أحبك"
ضحك من جديد فهتفت
"أنا لا أمزح .. لو كنت لا أحبك لم أكن لأنتبه لوسامتك أصلاً"
وجذبته أكثر ليقترب من وجهها
"وكلما وقعت بحبك أكثر، كلما أصبحت في عيني أكمل الرجال وأوسمهم"
ارتسمت على شفتيه أجمل ابتسامة رأتها .. ذابت أمامه لحظة ثم هتفت بغيرة
"لا تبتسم هكذا أمام أي امرأة، مفهوم؟"
عاد ليضحك بكل قوته وهز رأسه قائلاً
"لا فائدة .. (راندا) هي (راندا) .. ستمنعينني من الابتسام أيضاً؟"
ارتسمت نظرة متملكة في عينيها وهي ترد
"لن تهون عليّ، لكن يمكنني أن أقتلع عينيّ أي امرأة تنبهر بابتسامتك .. هل يرضيك أن تتشوه النساء بسببك؟"
استمر في الضحك الذي أوقفته وهي تشده إليها ثم تدفعه نحو الحائط تراجع ناظراً لها بدهشة بينما اقتربت منه بنظرة ماكرة وحاصرته، فابتسم مردداً بتهكم
"لماذا أشعر فجأة أنني أتعرض للتحرش هنا؟"
توقفت أمامه وعادت تشده من ياقته لتقترب من شفتيه وهمست
"(هشامي)"
"نعم نحلتي"
همس مقاوماً ضحكته وهو يستمتع بما تفعله بينما تميل نحو أذنه هامسة ببحة مغرية
"(هشامي) .. أنا .. أنا أريد"
أوقفت كلماتها وعادت تنظر في عينيه وهي تحرك يدها على صدره بإغراء وتتمت بنبرة متمهلة
"أريد أن"
ضغط على فمه يمنع ابتسامته بينما ارتفعت نبضاته وهي تلامس قلبه وتقترب منه أكثر
"أعرف أنك تريد نفس الشيء .. أنت تريد ما أريده أنا أيضاً حبيبي، أليس كذلك"
رفع ذقنها هامساً أمام شفتيها
"قولي ما تريدين نحلتي"
رفرفت برموشها هامسة بدلال
"أنا أريد"
عضت شفتيها بخجل لم يصدقه، فرفع أحد حاجبيه وابتسم ينتظر إجابتها التي لم تتأخر وهي تبتسم بمكر وترتفع على أطراف أصابعها وتهمس في أذنه
"أريد الطعام"
تراجعت تنظر في عينيه المندهشتين
"تريدين الطعام؟"
ردد مستنكرًا، فحركت حاجبيها
"ماذا؟ .. أين ذهب عقلك؟ .. تؤ .. حبيبي .. لم أعرف أن تفكيرك منحرف هكذا"
وابتسمت بخبث وهي تردف
"قصدت الطعام حبيبي .. أنا جائعة ولا بد أنّك أيضاً جائع .. قلت ربما تريد الطعام مثلي"
مضت لحظة قبل أن ينتبه أنّها ترد له مزحته معها ليلة زفافهم فرفع حاجبه بشر بينما ابتعدت قائلة بشقاوة
"هه .. هل نطلب الطعام؟"
كتّف ذراعيه قائلاً
"تطلبين الطعام؟ .. إذن هذا ما كنتِ تقصدينه؟"
أومأت ببراءة مفتعلة فاتسعت ابتسامته الشريرة لتبهت ابتسامتها بحذر، وصرخت عندما اندفع نحوها
"تردينها لي يا (راندا)؟ .. تعالي هنا"
صرخت ضاحكة وهي تجري نحو غرفة النوم
"لتعرف ماذا فعلت بي ليلتها .. لقد أخذت بحقي والآن تعادلنا و"
انقطعت كلماتها وهي تراوغه وتندفع نحو الغرفة وتغلق الباب ضاحكة .. اختفت ضحكتها عندما سمعت تأوهاً عالياً ثم ارتطام قوي بالأرض ووضعت أذنها على الباب .. لم تسمع صوتاً فخفق قلبها بقلق وهي تردد
"(هشام) .. ماذا حدث؟"
لم يصلها صوته ففتحت الباب بتردد
"(هشام) هل أنت بخير؟ .. ما .."
شهقت بجزع عندما رأته واقعاً على الأرض بجوار الطاولة وقد سقط بجواره أحد المقاعد .. اندفعت بفزع وركعت جواره هاتفة
"(هشام) .. ماذا أصابك؟"
تحسست جسده الساكن وهزته وقد تسللت الدموع لعينيها
"يا ربي .. (هشام) .. رد عليّ .. قم يا (هشام) أنا آسفة"
هزته أكثر وتحركت بخوف لتأتي بالنجدة لكنّ قبضته التي أمسكت برسغها أوقفتها .. التفتت بصدمة لتقابلها ابتسامته الخبيثة التي أوقفت قلبها وقبل أن تنفعل بحدة، شدها إليه وهو يضحك .. طرفت الدموع من عينيها وهي تقاومه
"ابتعد عني .. كيف تفعل هذا بي؟ .. دعني"
ضحك بعبث وهو يقبض على رسغيها يمنعها من ضربه
"نحلتي .. هل غضبتِ؟"
شهقت باكية
"لن أسامحك .. لقد أفزعتني"
اعتدل جالساً وشدها لتجلس بين ساقيه وتمتم معتذراً وهو يميل ليقبّلها
"آسف أميرتي .. كنت أمزح معك"
ضربته على صدره بحنق
"مزاحك ثقيل"
قال وهو يمسح دموعها ويضحك
"مزاحي ثقيل؟ .. ماذا عن مزاحكِ؟"
زمت شفتيها مرددة بحنق
"كانت مزحتك من الأصل .. كنت أردها لك فحسب"
"هكذا إذن؟ .. تنتقمين من زوجكِ حبيبكِ؟ .. لم أعرف أنّكِ تحملين الضغائن لهذه الدرجة"
لوت شفتيها ليميل مقبلاً خدها
"إذن نحلتي .. قلتِ أنّكِ جائعة؟"
عبست قائلة
"لم أعد جائعة .. فقدت شهيتي"
اقترب قائلاً بمشاكسة
"إذن لستِ في حاجة للطعام .. هل ننتقل لما أريده أنا إذن؟"
احمر وجهها مع نظراته ثم رددت
"لا تحاول ردها لي"
ضحك يهز رأسه
"هل سنقضي الليلة نرد المزحة الثقيلة لبعضنا؟"
واقترب من شفتيها هامساً
"هناك أشياء أجمل يمكننا أن نفعلها لنقضي شهر عسلنا الجديد، ما رأيك؟"
رمقته من طرف عينيها مقاومة ابتسامتها وهزت كتفها بدلال
"لا أعرف .. على حسب ما ستقترحه"
طبع قبلة على خدها
"يمكنني أن أخبركِ بضع أشياء"
قالت وهي تداعب ياقته
"لا أريد"
رفع حاجبيه بغير تصديق ساخر وقال مجارياً
"ماذا تريدين إذن؟"
صمتت لحظات ثم رفعت عينيها له تتأمله بحب ولامست خده بيدها ثم همست
"أريد طفلاً"
نبض قلبه بعنف مع كلماتها وارتفع حاجباه بتأثر بينما تردف بصوتٍ متحشرج
"أريد طفلاً منك (هشام)"
همس اسمها بحنان وهو يدرك ما تشعر به ولم يخب ظنه عندما دمعت عيناها وهي تنظر له
"لا أعرف .. لماذا لم أحمل مرة أخرى؟ .. أنا .. أنا لا أستعمل أي وسيلة (هشام) .. لماذا لم يحدث؟"
ارتجف قلبه لأجلها .. لا زالت مرارة فقدها لطفلهما تعشش بقلبها لتظهر بين الحين والآخر .. احتضن وجهها وقال
"لم يحن الوقت حبيبتي .. لا تشغلي بالكِ .. سيعوضنا الله من فضله"
سالت دمعة أوجعت قلبه
"أخشى أن يكون ذلك الدواء قد"
قاطعها بسرعة وهو يضمها له
"لا لا يا عمري .. أنتِ بخير .. لماذا أنتِ مستعجلة؟ .. ألا تريدين أن نشبع من بعضنا قبل أن تنشغلي مع شقاوة أطفالنا وتنسيني؟"
ضحكة دامعة صغيرة ترددت من شفتيها ليقول مداعباً
"أنا أريد الاحتفاظ بكِ لنفسي قليلاً"
"لكن (هشام)"
قاطعها وهو يضمها أكثر
"لا يوجد لكن .. دعي هذا الأمر لله وهو سيعوضنا بفرحة كبيرة إن شاء الله"
أطرقت مع كلماته فهمس اسمها برجاء .. رفعت عينيها له قائلة
"سأدعو الله كل يوم حتى يعطيني أمنيتي .. طفلاً منك (هشام) .. ولداً يشبهك"
وتحسست قلبه متمتمة بحب
"يحمل قلبك الكبير هذا .. سيصبح رجلاً رائعاً مثلك وسأفتخر على كل النساء وأنا أنظر لكما معاً"
انتشى قلبه بالسعادة مع كلماتها، ليقول وهو يرفعها معه
"لكنني أريد ابنة شقية ومجنونة مثلكِ"
عادت ضحكتها بينما حملها وهو يردف مشاكساً
"لكن لا مانع من الحصول عليهما معاً"
ضحكت وهي تلف ذراعيها حول عنقه
"هل تريد توأماً؟"
أجاب بابتسامة شقية
"ما رأيكِ؟ .. هل لديكِ فكرة كيف نختصر الوقت ونحصل على اثنين في عرض واحد؟"
دفنت ضحكتها في صدره
"لا فكرة لديّ في الواقع"
اتجه بها نحو غرفتهما وهو يقول
"لا يهم .. لدي فكرة أخرى .. سأراهنكِ .. أنا أحبكِ أكثر لذا بالتأكيد ستكون طفلة"
قطبت بعناد
"بل أنا أحبك أكثر .. سيكون ولداً"
ضحك بشدة

"حسناً .. أراهنكِ إذن"
"لا .. الرهان حرام"
قالت بينما ينزلها أرضاً فهتف بانتصار
"هه .. تعترفين بالخسارة إذن .. قلت لكِ أنا أحبكِ أكثر"
نظرت له بعينين حملتا كل عشقها له والذي تضاعف أكثر بعد قبوله للصلح ليذوب قلبها في حب قلبه أكثر وأكثر .. اقتربت منه وهمست وهي تشده من ياقته قائلة بحزم

"أنا أعشقك أكثر (هشام رضوان)"
وقطعت الطريق على اعتراضه مرددة قبل أن تذيب كل اعتراضه بين شفتيها
"اصمت قليلاً واعشقني"

***********************

noor elhuda likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 09:37 PM   #1370

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مررت (شاهي) الفرشاة في شعرها بسرعة وهي تختلس النظر للساعة وأسرعت تضع قرطيها وتحركت هاتفة وهي تتناول سترتها من على المقعد
"(محمد) .. هل ستتأخر؟"
ارتدت سترة بدلتها الأنيقة وتأملت نفسها بانتقاد وصوته يصلها من الخارج
"لا (شاهي) .. لقد انتهيت .. لا تأخرينا أنتِ بوضع زينتكِ ككل يوم"
هزت رأسها ضاحكة وتحركت ملتقطة حقيبتها وغادرت الغرفة
"أنا لا أتأخر يومياً أيها المدعي"
اعتدل بعد أن انتهى من ربط حذائه وضحك
"نعم .. ذكريني أن أصوركِ يومياً وأسجل الوقت الذي تتأخرينه وتأخريني معكِ حتى تنتهي من مكياجكِ"
ارتدت حقيبتها واقتربت منه لتعدل من وضع رابطة عنقه قبل أن تشدها بقوة تخنقه بها فتأوه
"اعترض مرة أخرى وسأخنقك"
ابتعد ساعلاً بافتعال وخفف قليلاً من ضغط الرابطة حول عنقه ليقول
"أصبحتِ امرأة مستبدة منذ توليتِ الإدارة في تلك الشركة"
ضحكت تهز كتفيها وهي تتحرك على كعبيها الرفيعين نحو باب الشقة وفتحته قائلة
"كلمة أخرى وسأتركك دون أن أتمنى لك حظاً موفقاً في مقابلة العمل"
أسرع خلفها هاتفاً
"لا .. أقبل يديكِ .. أنتِ تميمة حظي .. من دونك لن أحصل على الوظيفة"
قرصت خده وهو يغلق الباب
"أنت متملق مدعي"
انحنى بحركة مسرحية وتحرك معها ينزلان من المبنى إلى سيارتها التي استقلها معها لتقول
"هل أنت مستعد؟"
شد حزام الأمان وقال متنهداً بتوتر
"أرجو هذا .. أشعر بتوتر شديد وأخشى أن أفسد الأمر"
نظرت له مبتسمة بدعم
"لا تقل هذا .. ثق بنفسك كما أثق أنا بك"
رد متجهما
"أنا أثق بنفسي لكن لا أثق بهم"
ابتسمت أكثر وهي تنطلق بالسيارة وقالت
"أنا الأخرى لدي مقابلة عمل"
مط شفتيه قائلا بأسف
"أنا أشفق على المسكين الذي سيوقعه سوء حظه معك .. أرجوك .. ترفقي بأولئك المساكين وتذكري أن لديك شقيق مسكين يمر بنفس الظروف"
هزت رأسها ضاحكة
"هل أتغاضى عن المقابلة وقابلية وكفاءة الموظفين لترتاح سيد (محمد)؟"
تمتم بنزق
"بالطبع لا .. لكن على الأقل اتركي قناع سيدة الأعمال الصارمة قليلاً .. ستتسببين في هرب الموظفين حتماً وأنت تبدين كمن توشك على التهامهم أحياء"
مدت يدها تقرص أذنه
"أنا لست هكذا أبدًا"
"آه .. ستقولين لي؟ .. أنتِ هكذا وأبو هكذا أيضاً حبيبتي"
هتفت اسمه بتذمر ليبتسم لها مغيظاً ثم قال
"أمزح معك حبيبتي .. أنتِ ألطف أخت وألطف مديرة حصلت في تاريخ البشرية .. ليت مجالي كان تصميم الأزياء لأتيت لأعمل معك ولرحمت نفسي من مقابلات العمل السخيفة هذه .. كنت سأستغل واسطتك أسوأ استغلال"
قالت ساخرة
"أنا لا أعرف أخي في العمل"
زم شفتيه
"هل ستقولين لي؟ .. أنا متأكد .. قلت لك .. كان الله في عون موظفيك المساكين"
تابعت قيادتها بابتسامة رقيقة وقلبها سعيد لمشاكساتهما المستمرة .. السنة التي قضياها معاً قربتهما كثيراً واستعادت ما قطعته سنوات الفراق بينهما .. وجوده جانبها خفف عنها الأزمة التي مرت بها بعد رحيل (منذر) وساعدها لتتجاوزها بسرعة وتقف على قدميها وإلا لظلت مختنقة بألمها وحدادها .. مر شريط ذكرياتها سريعاً منذ زواجها به وحتى سفرها بعد رحيله وتمهل الشريط مستعيداً النقاط التي بدلت مسار حياتها وتوقفت قليلاً تمتن للقدر الذي ساعدها لتلتقي صديقتها الجديدة وتنضم إليها في تأسيس دار الأزياء التي سرعان ما صنعت اسماً كبيراً وبدأ نجمها يصعد بسرعة وسط باقي دور الأزياء وقريباً جداً ستصلان للعالمية كما كانت صديقتها تتمنى دائماً .. لم تتصور أن تحب هذا المجال لكنّها كانت تكتشف نفسها من جديد .. كان عليها أن تخرج مواهبها وذاتها التي دفنتها بعد زواجها الأسود .. صديقتها هي الأخرى كانت تمر بظروف صعبة ومؤلمة عندما تقاطعت دروبهما وهي رأت فيها صورتها فكان سهلاً أن تتقاربا وتدعمان بعضهما .. تنهدت بحرارة محاولة عدم الغرق أكثر في مرارة أفكارها لينتزعها صوت (محمد) وهو يقول
"أنزليني عند المحطة القريب (شاهي) .. سآخذ المترو حتى الشركة"
"يمكنني أن أوصلك لهناك"
قالت بهدوء ليرد
"لا حبيبتي .. ليست في طريقكِ .. أنتِ ستتأخرين أكثر .. أنزليني هنا فقط"
ردت مبتسمة وهي تميل مقتربة من المحطة
"حسنا حبيبي كما تريد"
ركنت السيارة والتفت له قائلة بحب
"حظاً موفقاً أخي الحبيب .. ارفع رأسي هناك وعد لنحتفل بقبولك، حسناً؟"
أومأ وهو يميل ليقبل خدها
"دعواتكِ إذن يا قلب أخيك"
ضحكت وهي تلوح له بينما يغادر وتابعته بعينيها يختفي بالداخل فتنهدت وهي تدير المحرك
"وفقك الله حبيبي"
عادت تنطلق بالسيارة مسرعة لتلحق بموعدها .. صديقتها سافرت وتركت لها كل العمل لكنها تنوي الانتقام منها بعد عودتها .. قاومت طيف (منذر) الذي لا زال يعذبها وضغطت على قلبها بألم هامسة
"أفتقدك كثيراً يا صديقي"
قاومت ألمها وضغطت أكثر على دواسة الوقود وخلال دقائق قليلة كانت تدخل مكتبها لتتجه لها سكرتيرتها تحييها وتبعتها لمكتبها تخبرها بجدولها وتسلمها البريد الذي وصلها ثم قالت
"المصممة التي قبلتِ مقابلتها تنتظر في الخارج سيدتي .. أتت قبل قليل"
نظرت في ساعتها قائلة وهي تتفحص البريد سريعاً
"أدخليها بعد خمس دقائق واطلبي لي فنجان قهوة سادة من فضلك (جيسي)"
أومأت الفتاة وتحركت لتنفذ الأوامر بينما فتحت هي حاسوبها الشخصي تتفحص لمرة أخيرة صور التصاميم التي أرسلتها المصممة مع ملفها .. قرأته مجدداً بإمعان .. في العادة لا ينجح شيء في اجتذابها لكن هذه الفتاة نجحت وتصاميمها المميزة لفتت نظرها ولهذا وافقت سريعاً على مقابلتها .. همست وهي تلقي نظرة على الاسم بينما تضغط زر الاتصال
"حسناً آنسة (ريناد عصمت) .. لنرى كيف ستؤكدين قرار اختيارنا لك"
تشاغلت بتفحص الملف من جديد لترفع رأسها عندما انفتح الباب ودخلت الفتاة .. ارتفع حاجباها وهي تنظر لها باستغراب ومرت عيناها عليها ليحمر وجه الفتاة وهي تقترب بينما تتفحص (شاهي) ملامحها الرقيقة وشعرها الأسود القصير وتوقفت عيناها لحظة عند قرط أنفها الصغير، لتتوقف بعدها عند السترة الشبابية التي ارتدتها فوق فستان صيفي تجاوز ركبتيها بقليل .. بدت أنيقة رغم غرابة المزيج .. أشارت لها لتجلس
"تفضلي (ريناد)"
قالت بالعربية ثم سألتها
"تتحدثين العربية، صحيح؟"
أومأت بتوتر فابتسمت لها
"جيد .. أنا أفضل أن أجري حديثي بها"
ارتسمت ابتسامة مرتبكة على شفتيها وهي تومئ وقالت
"ماذا تشربين (ريناد)؟"
قالت وهي تضع يدها على زر الاتصال .. نظرت لها (ريناد) بدهشة فابتسمت قائلة
"انسي أنك في مقابلة الآن .. اعتبريها دردشة بين شخصين يتعرفان على بعضهما"
أومأت بارتباك تفهمته (شاهي) وهي تتأمل وجهها العشريني بينما تميل قائلة عبر الجهاز
"(جيسي) من فضلكِ أرسلي في طلب كوب من العصير للآنسة (ريناد)"
"حاضر سيدتي"
أغلقت معها وعادت تقول
"حسناً (ريناد) .. يمكنكِ أن تبدأي .. حدثيني قليلاً عن نفسكِ"
تنفست (ريناد) بعمق وبدأت تتحدث وأخذهما الوقت وهي تجيب على أسئلتها لتتراجع (شاهي) أخيراً في مقعدها وتقول وهي تنظر لتصاميمها على الشاشة
"لأعترف لكِ (ريناد) .. نادرا ما تشدني تصاميم من أول مرة لكن .. تصاميمكِ فعلت"
احمر وجهها وهي تهمس بخفوت
"شكرا لكِ سيدتي"
هزت رأسها مؤكدة
"أعجبتني كثيراً .. إنها مميزة ومبتكرة .. أحببتها"
تمتمت بعبارة شكر أخرى بارتباك وبعض السعادة لتبتسم لها
"لقد أرسلتها لشريكتي وهي كذلك أخبرتني أنها نالت استحسانها"
"هذا يسعدني كثيراً سيدتي"
همست بخجل فأومأ لها وابتسمت وعيناها تنزلان على السترة الشبابية ولم تقاوم ابتسامتها وهي تقول
"رغم أن ذوقكِ الشخصي يبدو مختلفاً قليلاً فيما أرى"
احمر وجهها وهي تنتبه لنظراتها وأمسكت طرفي السترة تضمها لها قائلة بارتباك
"آه .. في الواقع أنا .. لا أرتدي هكذا في العادة لكن"
توقفت لحظة وخيل ل(شاهي) أن عينيها حملتا حنيناً غريباً قبل أن تهمس بخجل
"إنها فقط مثل .. تميمة حظي"
رفعت حاجبيها بدهشة ثم ابتسمت بهزة رأس وهي تراقب خجلها وارتباكها
"فهمت"
قالت ثم اعتدلت في مقعدها متابعة بابتسامة مرحبة
"حسنا آنسة (ريناد عصمت) .. يسعدني أن أرحب بكِ في شركتنا المتواضعة"
تألقت عيناها ووجهها وهي تردد
"حقاً؟ .. هل أنا .. أعني"
مدت يدها لتصافحها قائلة
"بالطبع (ريناد) .. ألم تقولي أنّ حلمكِ كان الانضمام لهذه الدار بالذات .. حسناً .. لقد تم قبولكِ .. مرحباً بكِ معنا وأرجو أن تقدمي أفضل ما لديكِ ولكِ من جانبنا كل الدعم لتحققي حلمكِ وحلم شركتنا أيضًا"
صافحتها هاتفة بحرارة
"شكرا لكِ سيدتي .. شكراً لكِ كثيراً .. سأبذل كل ما لدي لأقدم أفصل ما عندي .. لن تندمي أبداً"
ابتسمت لها بترحيب
"أنا متأكدة"
شعرت بالسعادة لا تكاد تتمالكها فتابعت بهدوء
"متى يمكنكِ أن تباشري العمل؟"
هتفت بحماس
"من اللحظة"
ضحكت قائلة
"يعجبني حماسكِ .. لكن يمكنكِ أن تقابلي المسؤول عن التوظيف أولاً واقرأي عقد تعيينكِ جيداً وعلى مهل وبعدها سنلتقي غداً لنتناقش في باقي التفاصيل"
أومأت (ريناد) وهي تحاول التحكم في حماسها وتحركت (شاهي) تنوي مرافقتها للباب .. توقفت عندما اهتز هاتفها برنة رسالة وكادت تتجاهله لولا أن وقعت عيناها على الرسالة وخفق قلبها بعنف فالتقطته بسرعة أمام عينيّ (ريناد) التي رمقتها بقلق وهي تفتح الرسالة بلهفة ولم تلبث أن شهقت وخانتها قدماها وهي تسقط على المقعد الذي قامت منه (ريناد) لتوها لتسرع لها تلك الأخيرة
"سيدة (شاهي) .. سيدتي .. أنتِ بخير؟"
كانت عيناها مسمرتين على الشاشة تقرأ الرسالة بذهول وتساقطت دموعها دون شعور .. انتبهت على صوت (ريناد) التي كادت تبتعد لتطلب المساعدة من سكرتيرتها فهتفت بصوت متحشرج من البكاء
"توقفي .. أنا بخير"
نظرت لها بقلق
"لا تبدين كذلك"

ابتسمت من بين دموعها ثم ضحكت لتتراجع (ريناد) بدهشة
"أنا بخير .. لم أكن بخير كاليوم"

ارتفع حاجبا (ريناد) أكثر بينما لم تتمالك (شاهي) مشاعرها وهي تمسح دموعها هاتفة
"لقد تلقيت أروع خبر في حياتي"

فتحت (ريناد) فمها لتنطق شيئاً لكنّها شهقت متراجعة بدهشة عندما اندفعت (شاهي) تحتضنها دون أي مقدمات وهي تهتف
"وجهكِ كان خيراً عليّ .. شكراً لكِ"
وابتعدت فجأة كما احتضنتها وابتسمت (ريناد) مرغمة وهي ترى وجهها متألقاً ببشر وبدت امرأة أخرى غير سيدة الأعمال التي كانت تجلس معها قبل لحظات .. كانت تبدو كامرأة رُدت إليها روحها بتلك الرسالة الغامضة ولم تدر كم كان تخمينها صائباً في تلك اللحظة.
********************
تسلل (عاصي) من خلف (رهف) التي انشغلت بري الحديقة وهي تدندن بكلمات أغنية رومانسية وابتسم بمكر وهو يتوقف خلفها تماماً وما أن شعرت بوجوده وكادت تلتفت له حتى أسرع يحيط خصرها بذراعه ويرفعها لتصرخ هاتفة
"(عاصي) .. ماذا تفعل؟ .. أنزلني"
قال بعناد وهو يرفعها أكثر في الهواء
"لا .. أنتِ معاقبة"
زمت شفتيها
"لماذا؟"
قطب قائلاً بحنق مفتعل
"لأنّكِ أحزنتِني ويجب أن تصالحيني"
"حقاً؟ .. متى أغضبتك؟"
أجابها حانقاً
"انظري لـ(هشام) .. لقد سافر مرة أخرى مع (راندا) وترك الشركة وكل العمل لي وأنتِ تتحججين بدراستكِ ولا تريدين أن نسافر"
رمقته بنظرة مستنكرة ثم هتفت
"(عاصي) .. هل تمزح معي؟ .. لقد عدنا لتونا من رحلة قبل أيام"
قال بعناد
"لا يهمني .. أنا لا أشبع منكِ .. أريد أن أنفرد بكِ بعيداً عن الجميع لآخذ راحتي"
تنهدت تهز رأسها بقلة حيلة ليقول
"على الأقل هناك لن أجد (همسة) على رأسي تقتحم غرفتنا دون استئذان"
احمر وجهها وضحكت ضاربة كفه
"لا تتحجج بها .. لم تعد تفعلها أيها الكاذب"
"لا يهمني .. ألا يكفي أنّ كتبكِ تحرمني منكِ؟ .. أريد أن أختطفكِ في شهر عسل جديد ما رأيكِ؟"
ادعت التفكير وقالت
"حسناً .. دعني أفكر"
تألقت عيناه وقال
"حقاً؟ .. أنتِ موافقة"
رمقته باستنكار
"متى وافقت؟ .. قلت سأفكر .. هيا أنزلني"
"لا .. وافقي أولاً"
هتفت وهي تضرب كتفه
"لماذا تتصرف كطفل عنيد (عاصي)؟"
فتح فمه لينطق عندما تردد صوت شقيقته خلفهما وهي تقول بسخرية
"لقد أخبرتكِ من قبل .. (عاصي) طفل كبير ولم تصدقيني"
التفت لها منفعلاً وأنزل (رهف) قائلاً
"أرأيتِ؟ .. لا تتركني أنفرد بكِ دقيقتين قبل أن تهبط علينا .. هل تنتقمين مني (همس)؟"
نظرت لهما ببراءة مفتعلة
"هل هو خطأي الآن؟ .. انظر أين تقفان بحق الله .. أنتما وسط حديقة الفيلا أمام أعين كل المارة"
وأشارت حولها
"حتى الجيران على بعد مئات الأمتار لا بد أنّهم رأوك وأنت تغازل زوجتك .. لماذا لا تتهذب قليلاً أخي؟"
تنفس بقوة لتضحك (رهف) وقالت
"ألم أقل أنّها تحاول إجبارك على التخلص منها؟"
رمقتها (همسة) بنظرة قاتلة ماثلت نظرة أخيها الذي رمقها ملياً ثم ابتسم بشر
"لا بأس .. لم يكن عندي مانع في التخلص منها أصلاً .. لكن .. نظراً لأنّها مصممة على إثارة غضبي فربما أرفض طلبه"
انمحت سخريتها وخفق قلبها وهي تهتف
"طلب من؟"
النظرة الماكرة في عينيّ (رهف) جعلتها تقترب بلهفة
"من يقصد؟"
قرص أذنها قائلاً
"من سيكون؟ .. ربما يجب أن أرفض طلبه حقاً"
هتفت بقلب خافق
"(فهد) .. هل تقصد (فهد)؟ .. هل طلبني منك؟"
قاطع أسئلتها المتلهفة بخبث
"ليس بعد"
وادعى التفكير
"ربما .. أقول ربما .. لو تقدم ذات يوم وطلب يدك سأكون مجبراً على الرفض لأعاقبكِ على"
أسرعت تمسك يده هاتفة بعينين متحمستين
"هل توافق؟"
تبادل نظرة مع (رهف) التي ضحكت بينما تعلقت شقيقته به أكثر بطريقة جعلته يندم على كلامه
"لو أتى اليوم ليطلب يدي هل ستوافق؟"
صدحت ضحكة (رهف) أكثر وغمزت له
"لقد أوقعت نفسك في الفخ حبيبي"
بدا أنّ (همسة) ليست معها وهي تعاود قفزها قابضة على قميصه
"لقد وعدتني .. أنت ستقابله إن أتى يطلب يدي"
انتزع يديها قائلاً
"مهلاً .. متى قلت .."
قاطعته قائلة بحماس
"لقد وافقت .. لقد سمعتك جيداً"
"مهلاً (همسة) .. أنتِ"
لم تهتم لسماع كلماته وتعلقت بعنقه وقبلت خده بصوت مسموع
"أحبك .. أحبك كثيراً"
كلمتها أوقفت أي اعتراض وكالعادة تملكت قلبه بكلمة ليبتسم مرغماً لتختفي ابتسامته في ثانية عندما تراجعت قافزة بحماس وصفقت بيديها
"سأذهب لأتصل به وأخبره أنّك موافق"
"ماذا؟"
هتف خلفها باستنكار وهي تندفع إلى داخل الفيلا
"مهلاً (همسة) .. توقفي .. ماذا تفعلين؟ .. لم أقل أنني سأوافق"
أوقفته ضحكة (رهف) عن اللحاق بها فتوقف ناظراً لها بحاجبين معقودين
"هل يرضيكِ هذا؟"
هزت كتفيها
"لم أكن أنا من أوقعت نفسي في الكلام"
زفر بقوة وقال
"سألحقها قبل أن .."
أوقفته ممسكة بيده فالتفت بتساؤل لتهز رأسها رفضاً ثم شدته إليه بقوة جعلته يتعثر
""(رهف) .. ماذا تـ "
ابتسمت بمكر واقتربت منه بطريقة أقلقته فحدق فيها بتوجس .. رفعت يدها تداعب الزر العلوي لقميصه قائلة بدلال
"حبيبي"
رفع حاجبيه بتوجس أكبر بينما تواصل برقة
"لماذا لا توافق؟"
ردد بحذر
"(رهف) أنتِ"
قاطعته مقتربة أكثر ورفعت سبابتها لشفتيه لتوقف أنفاسه
"أنت وأنا نعرف كيف يؤلم الفراق ويحرق العشق .. فكر في الأمر ولا تعاند أكثر .. لماذا تتردد؟ .. ألم يتم الصلح؟ .. ألم تتقبله والدتك؟ .. ألم تخبرك بنفسها أنّها معجبة به وممتنة كثيراً له ولو أتى ليطلب (همسة) فستوافق حتماً"
زم شفتيه فابتسمت وهي تسحبهما بأصابعها تجبره على الابتسام
"وافق حبيبي .. من أجلي .. ألا يوجد لي خاطر عندك؟"
خفض عينيه لها وقد ملأهما المكر لتندم على محاولتها الغبية وخفضت يدها بسرعة ليشدها يمنعها الابتعاد
"لا يا عسلية .. لا تلعبي بالنار وتجري بسرعة عندما تشعرين بخطرها"
"(عاصي) .. دعني"
قالت وهي تحاول شد رسغها ليغمز
"في الحقيقة أنا منبهر جداً بهذا التقدم .. بدأتِ تتعلمين فنون الإغواء عسليتي"
احمر وجهها
"أنا لم أكن أغويك بالمناسبة"
"آه .. كان واضحاً بالفعل"
قال ساخراً لتزم شفتيها متجهمة ليشدها إليه ماسحاً تجهمها وهو يضمها له
"وافقي أنتِ على الذهاب معي في رحلة أخرى وأنا أعدكِ أنني سأتنازل وأوافق على طلب (فهد) لو تقدم طالباً يدها"
نظرت له بغير تصديق
"حقاً ستفعل؟"
أومأ مبتسماً
"إن هو تخلص من تردده أعدكِ أنني سأوافق"
هتفت وهي تحتضنه
"حبيبي .. كم أحبك"
ضحك قائلاً
"لو عرفت من البداية أنّ هذا ما سيجعلكِ توافقين لاختصرت الكثير من الوقت"
بادلته ضحكته واحتضنته أكثر متمتمة
"أنا سعيدة وعاشقة ولهذا أريدها هي أيضاً أن تحصل على سعادتها وحبها"
تنهد بحرارة وهو يقول
"ربما أنتِ محقة .. أنا تعذبت طويلاً من دونكِ وسأكون قاسياً وأنانياً عندما أحكم عليها بالعذاب بعيداً عن حبها"
رفعت عينيها العاشقتين له وقالت
"وأنت لست أنانياً حبيبي .. أنت تملك أجمل قلب في العالم"
ابتسم لها بعشق فعادت تضم نفسها وتستمع لنبضاته المتسارعة
"قلبك هذا وطني الحبيب وأنا أعرف أنّ وطني ليس قاسياً ولا بارداً .. إنّه وطن كبير لن يضيق على قلبين عاشقين يستحقان أن يجتمعا بعد كل هذا العذاب"
استمع لها وهو يضمها مفكراً في كلماتها بهدوء ليهمس بعد قليل
"أنتِ محقة حبيبتي .. أعدكِ أنني لن أقف في طريق سعادتهما أبداً"
"وأنا أثق بك حبيبي"
همست بحب وابتسامتها السعيدة تشق طريقها من قلبها لشفتيها تدعو لـ(همسة) أن تجد هذه السعادة التي تعيشها بين ذراعيه حيث تنتمي .. في وطنها الكبير.

بقية الخاتمة على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t419898-138.html

********************



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 03-04-20 الساعة 12:45 AM
may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.