آخر 10 مشاركات
604 -الحب أولاً وأخيراً - ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          56 - لقاء فى الغروب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          355 - ميراث العاشقين - كاى ثورب ( روايات أحلامي ) (الكاتـب : MooNy87 - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          فوق الجروح اللي بقلبي من سنين يكفي دخيل الله لا تجرحوني روايه راااااائعه بقلم الهودج (الكاتـب : nahe24 - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          ليلة مصيرية (59) للكاتبة: ليندسي ارمسترونج... (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          61 - أنتِ لي - هيلين بيانشن - ع .ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-18, 11:27 AM   #281

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii مشاهدة المشاركة
اووووووه ماي جاد
انتي ازاي شوريرة كده
يعني موتي مرات نراد و قلنا بتححص في احسن العائلات لكن تهلي حبيبته القديمة هي شاهي من دون كل المزاميز
همسة طلبت تحليلو اكيد عماد هيزور النتيحة
ادم اخيرا عرف ان الانتقام مش هينفع بحاجةلما حس انه ممكن يخسرها
هل هيقدر يفتح معاها صفحة جديدة 🤔🤔🤔

صباح الياسمين رونتي

هههههههه أنا بريييييء

مالها شاهي بس ... فيه اعتراض عليها تبقى حبيبة مراد؟؟

أوبااااا على التوقعات .. على طول فهمتي عماد هيفكر إزاي

آدم عرف إنهم محتاجين يتكلموا بس صفحة جديدة بعد كل الجراح دي؟؟ يمكن تبقى صعبة شوية رغم كل الحب اللي جواهم لبعض

تنوريني دايما رونتي


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-11-18, 05:36 PM   #282

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل جميل
مراد صعبان على خسر حبيبته سارة اللى هى شاهى التى خسرته بسبب مختار الواطى وهى ناوية تنتقم منهم كلهم تدم وسوء فهمه بخصوص ايفا وهو يظنها خائنة وحاولت قتله بواسطة شخص
ايف لو فاقت هل سيظل ادم على حنيته ام سيعود لقسوته
هشام سيقابل بيير الذى اتى اليه
هشتم اتمنى يكون بخير ومرضه حاجة بسيطة
عماد وافق على طلب همسة بخصوص التحليل
يسلمووو وبانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 02:28 AM   #283

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل جميل
مراد صعبان على خسر حبيبته سارة اللى هى شاهى التى خسرته بسبب مختار الواطى وهى ناوية تنتقم منهم كلهم تدم وسوء فهمه بخصوص ايفا وهو يظنها خائنة وحاولت قتله بواسطة شخص
ايف لو فاقت هل سيظل ادم على حنيته ام سيعود لقسوته
هشام سيقابل بيير الذى اتى اليه
هشتم اتمنى يكون بخير ومرضه حاجة بسيطة
عماد وافق على طلب همسة بخصوص التحليل
يسلمووو وبانتظار القادم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مراد خسر بالأول حبيبته شاهي وبعد ما زوجته سارة دخلت حياته ورجعته للحياة خسرها

إيفا هنعرف بالفصل الجديد إيه سبب ظنون آدم فيها وليه فاكرها خاينة
وهنعرف إن الموضوع معقد بينهم جداً وصعب قوي يسامح بسهولة
هشام مرضه كان بالجزء الأول زي ما قلت .. لما رجال سامر هاجموه وجرحه انفتح والتهب وراندا وقتها اكتشفته لما أصيب بالحمى
عماد وافق على التحليل بس مش بسهولة هيتخلى عن همسة
إن شاء الله الأحداث الجديدة تعجبك
منوراني دايماً قمر


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 02:36 AM   #284

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الورد عليكم جميعاً

معلش تأخرت عليكم بس حبيت أنزل الجزئين سوا تعويض عن تأخيري .. إن شاء الله يكون تعويض كافي ويعجبكم

هنزل إن شاء الله الجزء الثاني من الفصل الحادي عشر وبعده مباشرة الفصل الثاني عشر

الجزئين طوااال وفيهم أحداث كتير ومفاجآت إن شاء الله تعجبكم الأحداث
أرق تحياتي وقراءة ممتعة للجميع

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 02:42 AM   #285

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي عشر (الجزء الثاني)


وإني لتعروني لذكراكِ رعدةٌ .. لها بين جسمي والعظامِ دبيبُ
وما هو إلا أن أراها فجاءة .. فأُبهت حتى ما أكادُ أُجيبُ
وأُصرف عن رأيي الذي كنت أرتأي .. وأنسى الذي حُدِثتُ ثم تغيبُ
ويُظِهر قلبي عذرها ويعينها .. عليّ فما لي في الفؤاد نصيبُ
وقد علمت نفسي مكان شفائها .. قريباً وهل ما لا يُنالُ قريبُ
حلفتُ بركبِ الراكعين لربهم .. خشوعاً وفوق الراكعين رقيبُ
لئن كان بردُ الماءِ عطشانَ صادياً .. إليّ حبيباً، إنها لحبيبُ
(عروة بن حزام)
"قتيل العشق"
*******************
فتحت (سؤدد) عينيها وتطلعت لأمها بتذمر وهي تتمتم بنعاس
_"ماما ... دعيني أنام قليلاً"
قالتها وشدت الغطاء فوق رأسها من جديد لتشده أمها وهي تقول بصرامة
_"(سؤدد يزيدي) استيقظي ... لقد أصبحتِ كسولة للغاية وهذا لا يعجبني"
ركلت بساقيها على الفراش وهي تهتف باعتراض
_"لماذا استيقظ باكراً في عطلتي ماما؟"
سمعتها تتنهد وهي تهز رأسها وهي تتحرك باتجاه النافذة لتزيح الستائر، لتتذمر سؤدد من جديد وهي تغطي عينيها لتقول أمها
_"(سؤدد) ... لم تعد تصرفاتكِ تعجبني .. حتى متى ستظلين غاضبة بهذا الشكل؟ ... هل يصح ما تفعلين؟"
لم ترد وهي تزم عينيها تدعي النوم من جديد لتتنهد (صفية) وهي تقترب لتجلس جوارها ومدت كفها تمسح على شعرها بحنان وهي تقول
_"حبيبتي تعرفين أن الأمر لم يكن بيدي أنا ووالدكِ حبيبتي"
شعرت بالدموع تغزو عينيها وفلتت منها شهقة باكية لتزفر أمها ومدت يدها تشدها من يدها لتجبرها على الاعتدال وأمرتها أن تفتح عينيها اللتين غشيتهما الدموع وتتطلع إليها لتهز رأسها وتقول بلوم حانٍ
_"هل تعتقدين أننا لا نريد سعادتكِ أنتِ و(سيف) حبيبتي؟ ... تعرفين أن ما حدث أجبرنا على ترك بيت العائلة (سؤدد) وأنتِ أكثر من يعرف كيف كانت زوجة عمك تتصرف معنا ... كما أن عمكِ نفسه لم يعمل حساباً لوالدكِ؟ ... ماذا كنتِ تريدين منا أن نفعل؟ .. نبقى في ذلك البيت نتحمل الإهانات لسنوات أخرى لمجرد أنه بيت العائلة؟"
سالت الدموع من عينيها وهي تهمس بألم

_"لكن (عماد)..."
تنهدت (صفية) بيأس وقالت وهي تحيطها بذراعيها
_"حبيبتي ... (عماد) يمكنه أن يزورنا ببيتنا الجديد في أي وقت ... ألم يعدكِ بهذا؟"
هزت رأسها وهي تبكي

_"لقد وعدني، لكنّه لم يأت كل هذا الوقت ... زوجة عمي لن تسمح له بزيارتنا أبداً ... لقد سمعتها تخبره بهذا"
ابتسمت قائلة
_"حقاً؟! ... إذن من هذا الذي أتى من بكرة الصبح لزيارتنا؟"
ابتعدت عن حضن أمها وهي ترفع إليها عينين متألقتين وهي تقول بترقب

_"هل ... هل هو هنا؟ ... (عماد) هنا؟!"
لم تكد (صفية) تهز رأسها حتى قفزت من فوق الفراش واندفعت نحو باب غرفتها لتهتف أمها
_"انتظري يا حمقاء ... هل ستنزلين هكذا؟ .. ستجعلينه يهرب ولن يأتي لزيارتنا مرة أخرى"
توقفت عند باب الغرفة، وعضت على شفتها وهي تستوعب منظرها، وتحسست شعرها المشعث بسبب النوم، والتفتت بحرج على ضحكة أمها لتغلق الباب وتسرع جرياً لتغتسل وخلال بضع دقائق كانت تهبط درجات السلم بسرعة رهيبة لتقابله وقلبها ينبض بسرعة وعلى شفتيها ابتسامة كبيرة وبحثت بعينيها عن مكانه، وقطبت بتجهم عندما لم تجده، قبل أن يأتيها صوته وهو يتحدث لتلتفت إلى حيث كان يغادر مكتب والدها وهو يتحدث مع ذلك الأخير والذي كان يضحك ولم تسمع ما قاله ليحمر وجه (عماد) ووالدها يربت على كتفه ولم تنتظر لحظة أخرى وهي تهتف باسمه بسعادة ليلتفت نحوها بعينين لمعتا ما أن وقعتا عليها وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه جعلتها تندفع نحوه ودون أن تمنحه الفرصة كانت قد قفزت متعلقة بعنقه واحتضنته بقوة وهي تهتف باكية

_"اشتقت إليك ... اشتقت إليك كثيراً (عماد) .. لماذا تأخرت هكذا حتى أتيت لتراني؟"

ذراعاه اللتان كانت قد التفتا حولها بتلقائية ما أن ارتمت بينهما تراختا بسرعة عندما تنحنح والدها لتبتعد من فورها ولمحت وجه عماد محمراً بحرج وهو يتطلع نحو عمه باعتذار فابتسم لهما بحنان وقال وهو يربت على شعرها بينما هي شعرت بوجهها يحترق خجلاً

_"(سؤددي) .. ألم نتفق أنكِ أصبحتِ آنسة كبيرة ولا يصح أن تتصرفي هكذا؟"

هزت رأسها بخجل وهي تختلس النظر نحو (عماد) الذي أطرق برأسه وهو يعض على شفته حتى لا يبتسم بينما تحرك والدها ليحتضنها بحب وهو يقول

_"جيد .. وأنا أثق بكِ أميرتي"

نادته والدتها في اللحظة التالية وهي تصرخ مندفعة خلف (سيف) الصغير الذي كان ينطلق في المكان بأقدامه وثيابه الملوثة بالطين ليهتف بمرح

_"قادم حبيبتي"

وضحك وهو يغمز لهما

_"سأذهب لأنقذ (سيف) من التنين الذي تحولت إليه (صوفي)"

ضحك الاثنان وهما يراقبان اندفاعه ليمنع كارثة (سيف) الجديدة لتنتبه هي بعدها على (عماد) وهو ينظر نحوها بحنان لتبسم بخجل وسمعته يقول

_"وأنا أيضا اشتقت لكِ كثيراً (سو)"

شعرت بالدموع تعود لعينيها وهي تقول بلوم

_"لو كنت اشتقت لي لأتيت منذ وقت طويل"

ابتسم بتفهم وحنان قبل أن يتناول كفها ويشدها لتتحرك معه للخارج فتبعته حتى وصلا للحديقة الصغيرة المحيطة بالمنزل وقال وهو يجلسها على الأرجوحة المزينة بالورود

_"تعرفين أنني لم أكن لأتأخر (سو) ... لم أتمكن من زيارتكم إلا الآن .. لا تعرفين حتى ماذا فعلت لأتمكن من المجيء"

نبض قلبها بقلق وهي تقول وقد انتبهت للأمر

_"هل أتيت وحدك؟"

أومأ برأسه لتهتف

_"هل سافرت هذا الطريق وحدك؟ .. يا الله .. عمي سيغضب جداً عندما يعرف"

ابتسم وهو يرفع زراعيه ويمسك بطرفي الأرجوحة ويبدأ بدفعها لتتحرك وهو يقول

_"فداكِ (سو)"

ومال قليلاً نحوها

_"لا يهمني لو عاقبني ألف مرة إن كنت سأحظى برؤيتكِ ولو لدقائق قليلة"

تطلعت إليه من مكانها بانبهار قبل أن تهمس

_"ولكنني سأحزن وقلبي سيتألم إن عاقبك يا (عماد)"

توقف عن دفعها وتعلقت عيناه بوجهها للحظات قبل أن يجلس أمامها ويقول بحنان وهو يتناول كفها بين يديه

_"و(عماد) لن يسمح للألم أن يقترب من قلب (سؤدد) أبداً .. ليس وأنا بقربها ولا وأنا بعيد عنها .. أنا سأتحمل عنها كل الألم و.."

قاطعته بحنق

_"هل أنت أحمق؟ ... هذا يعني أنني سأتألم مرة أخرى لأنك تألمت وبسببي أيضاً .. هذا جنون"

نظر لها بذهول قبل أن يضحك بقوة لتضرب كتفه بحنق مفتعل لتبادله بعدها ضحكته وتقول

_"كنت سأخاصمك للأبد لو تأخرت أكثر"

نظر لعينيها بتحد

_"لم تكوني لتستطيعي (سو) ... أنتِ لا تستطيعين أن تغضبي مني وتخاصمينني للحظات فما بالكِ للأبد؟"

كتفت ذراعيها وقالت بعند طفولي وهي ترسم على وجهها تعبيراً متجهماً

_"جربني"

رفع يده وحركها فوق رأسها مشعثاً شعرها فزمت شفتيها بحنق مفتعل اختفى متحولاً لضحكة رنانة عندما أمسك بخديها يشدهما جانباً بحركة مضحكة ليضحك قائلاً

_"أرأيتِ؟"

توقفت عن الضحك بصعوبة لتجده يتأملها مبتسماً وقالت بعد لحظات

_"فيما كنت تتحدث أنت وأبي؟"

اتسعت ابتسامته وقال وهو يقرص خدها

_"سأخبركِ عندما تكبرين"

كتفت ذراعيها هاتفة بتذمر

_"توقف عن ترديد هذا .. أنا لم أعد صغيرة"

تنهد بيأس مفتعل وقال

_"أعرف .. لقد اقتربتِ من الثانية عشر .. لكن لا زال الطريق أمامكِ طويلاً"

وابتسم في حنان متابعاً

_"أعرف أنه لا زال باقياً عدة أشهر لكن هل تريدين هدية معينة (سو)؟"

صمتت لحظات قبل أن تهز رأسها نفياً وقالت

_"أريد فقط أن نعود لنسكن معاً"

تنهد بأسى ونهض ليجلس جوارها على الأرجوحة وقال

_"أنا أيضاً حزين لما حدث وأريد أن نعود لنسكن ببيت العائلة جميعاً .. لقد غضبت كثيراً في البداية، لكنني تفهمت الأمر بعد أن هدأت قليلاً ... المشاكل زادت كثيراً وأمي صارت تتصرف معكم أسوأ مع مرور الوقت ... أنا يمكنني أن أحتمل كونكِ بعيدة عني لكني لا أستطيع رؤيتكِ حزينة أو تبكين بسبب أمي"

نظرت له بيأس وحزن ليربت على يدها وقال

_"ربما يتحسن الوضع فيما بعد ويتصالح أبي وعمي وربما تكف أمي عن تصرفاتها وتعودون لبيت العائلة من جديد"

همست برجاء

_"يا ليت يا (عماد)"

قال بحنان وهو يحرك الأرجوحة لتهتز بهما

_"لا تقلقي (سو) .. إن شاء الله كل شيء سيكون بخير"

وابتسم وهو يشد خصلة من شعرها مداعباً

_"ثم إنني بالتأكيد لن أتوقف عن زيارتكِ وبالتأكيد سأتصل بكِ دوماً"

هتفت وهي مقطبة

_"آه نعم .. أنا أعرف أنك ستنتظر شهوراً حتى تزورني مجدداً"

ثم نظرت له باتهام وغيرة

_"يبدو أنك انشغلت مع ابن خالك الذي عاد فجأة ليسرقك مني"

ضحك قائلاً

_"تقصدين (فهد)؟ ... هل تغارين منه؟ ... لأ حد أبداً يستطيع سرقتي منكِ (سو) ... (فهد) فتى رائع لو قابلتِه ستحبينه كثيراً و .."

قطع جملته وتجهم وجهه وهو يقول بحنق طفولي جعلها تضحك

_"لا .. لا أريدكِ أن تحبي أحداً غيري"

همست ببراءة وهي تنظر إليه

_"ولكنني لا أحب أحداً غيرك بالفعل (عماد)"

صمت ورقت نظراته لها، قبل أن يبتسم وينهض من جانبها وابتعد أمام نظراتها الحائرة وانحنى أرضاً للحظات قبل أن يعود إليها وجلس أمامها على إحدي ركبتيه وابتسم بتردد وهو يقول

_"(سو) ... هل .. هل إذا اضطررت للابتعاد في يومٍ ما .."

اغتمت نظراتها فسارع يهتف

_"رغماً عني .. لو ابتعدت رغماً عني ولم أستطع العودة لفترة .. هل ستنتظرينني؟"

هتفت بتأكيد رغم خوفها من كلامه

_"طبعا يا (عماد) ... سأنتظرك دائماً"

عاد يهمس بترقب قلق وهو ينظر لعينيها

_"دائماً؟! ... حتى لو مر وقت طويل ولم أستطع رؤيتكِ؟ ... لن تملي وتنسينني؟"

_"لماذا تقول هذا (عماد)؟ ... أنت أخبرتني من قبل أنك دائماً معي حتى لو ابتعدت وأنا أيضاً سأكون معك .. لن أنساك أبداً وسأنتظرك حتى تأتي لتراني"

رقت نظراته وابتسم وهو يمسك يدها وقبل أن تفهم كان يضع بإصبعها ذلك الشيء الذي جعل عينيها تتسعان وهي تراه ... خاتماً صنعه قبل لحظات من عشبة خضراء وتتوسطه زهرة صغيرة .. هتفت بانبهار

_"واو ... إنه رائع .. كيف صنعته؟ .. إنه جميل جداً"

ابتسم وهو يرى سعادتها

_"هل يمكنكِ أن تحتفظي به من أجلي (سو) و تتذكرينني به دائماً في كل مرة أغيب حتى أعود لكِ مرة أخرى؟"

هتفت وهي تضم الخاتم لقلبها

_"بالتأكيد (عماد) ... لقد أحببته كثيراً"

صمت لحظات وهو يتأملها بنظرات امتزج فيها الحزن بالسعادة وهمس

_"يوماً ما سأحضر لكِ خاتماً حقيقياً (سو) .. احتفظي بهذا حتى أعود وأمنحكِ خاتماً حقيقياً غيره"

رفعت عينيها إليه عندما التقطت نبرة الحزن في صوته وهمست

_"ماذا حدث (عماد)؟ .. لماذا تبدو حزيناً هكذا؟"

هز رأسه بعد لحظات وهو يبتسم وعاد ليجلس جوارها ويهز الأرجوحة

_"لا شيء (سو) ... أنا فقط حزين لأنني سأغادر بعد قليل وأترككِ"

مالت لتستند برأسها لكتفه وهي تقول

_"أنا سأكون معك دائماً .. تذكر هذا .. لا تنساني أنت فقط"

_"لن أفعل أبداً .. أبداً .. أعدكِ (سو)"

هتفت وهي تشده ليقف وتحركت للبقعة التي وقف بها مسبقاً وجلست أرضاً وهي تشده ليجلس جانبها

_"هل يمكنك أن تعلمني كيف أصنع خاتماً مثله؟"

ضحك وهو يهز رأسه موافقاً وتابعته بانتباه وهو يعلمها ليراقبها بعدها وهي تصنع واحداً وانتبه من شروده فيها وهي تهتف بينما تمسك يده وتدس بإصبعه الخاتم الذي صنعته

_"هذا مني حتى لا تنساني أبداً (عماد) ... أنا معي خاتمك وأنت ستحتفظ بخاتمي، لذا حتى لو ابتعدت .. سنكون معاً ولن ننسى بعضنا"

أطرق رأسه ينظر للخاتم قبل أن يرفع عينيه لها وهمس بخفوت وهو يتأملها بطريقة جعلت قلبها ينقبض فجأة بشعور مقلق

_"أنا لن أنساكِ أبداً (سو) .. مهما حدث ومهما ابتعدنا"

لم تعرف لماذا شعرت بالدموع تتجمع في عينيها وهي تنظر إليه وقد أخبرها قلبها أن شيئاً ما سيئاً على وشك أن يحدث .. قبل أن تسأله ما به كان يقترب ليحيطها بذراعيه واحتضنها بقوة وهو يهمس بحزن

_"سأشتاق إليكِ كثيراً .. كثيراً جداً (سو) .. تذكري هذا دائماً"

شعرت بقلبها الصغير أن شيئاً غير طبيعي يحدث معه ودمعت عيناها وهي تشعر به يحتضنها مودعاً كأنه لن يراها من جديد ولزمن طويل جداً وأنه كان يشبع من وجودها قبل ن أأنأن يرحل، فرفعت ذراعيها تحتضنه وهي تهمس من بين دموعها

_"وأنا أيضاً سأشتاق إليك ... لا تغب عني كثيراً أرجوك"

وأغمضت عينيها وتركت دموعها تسيل وهي تحتضنه مودعة لمرة أخيرة وقلبها يخبرها أن تتمسك به هذه اللحظات فربما لن تتكرر مرة أخرى أبداً .. الحزن تراكم بصدرها حتى شعرت أن أنفاسها توقفت وحاولت أن تتنفس بصعوبة لتجد الهواء قد اختفى من حولها وقلبها صار ينبض بقوة وهي تفتح عينيها لتجد الظلام من حولها ولا وجود لـ(عماد)، فشهقت بقوة تجبر نفسها على التنفس لتنفتح عيناها فجأة وهي تهتف اسمه باختناق ... تبدد الظلام من حولها فجأة وعيناها تحدقان بسقف غرفتها التي أشرقت الشمس لتنيرها .. رفعت ذراعها تضعهما على عينيها اللتين أدركت أن الدموع كانت تسيل منهما أثناء نومها ... دون أن تشعر وجدت جسدها يهتز وهي تشهق بالبكاء أكثر بينما لا زال صدرها مختنقاً من أثر حلمها، فبقيت على وضعها للحظات تبكي بصمت وجسدها يهتز بقوة مع بكائها قبل أن تضرب بقبضتها على الفراش وهي تهتف باختناق

_"توقفي... ماذا أصابكِ؟ .. لماذا تتذكرين هذا الآن؟ .. تباً .. توقفي"

وكأنما كانت تأمر نفسها بالمزيد من البكاء انفجرت أكثر واستمرت بضع دقائق أخرى وهي تفكر بألم .. ماذا دهاها؟ ... لماذا باتت تتصرف بهذا الجنون؟ .. لماذا أصبحت تستسلم لجانبها الضعيف الذي ظنت أنها تخلصت منه للأبد؟ .. ولماذا باتت منفصمة ولا تفهم نفسها ولا مشاعرها؟ .. قبل ساعات فقط كانت تشعر بالألم وهي تفكر في تلك الحبيبة المجهولة لحارسها المستفز الذي تكرهه بجنون ورغم هذا كرهت فكرة حبه لامرأة غامضة واليوم تستيقظ على ذلك الحلم؟ .. قبل نومها كانت تبكي لتلك الفكرة الحمقاء والآن تبكي حباً طفولياً أحمقاً وذكرى دفنتها في أعماقها لتأتي الآن وتغادر صندوقها وتذكرها بما اعتقدت نسيانه قبل سنوات

طويلة ... اعتدلت في فراشها بعنف وهتفت في نفسها بقهر

_"تباً لكِ (سؤدد هاشمي) .. لقد صرتِ تتصرفين بجنون .. أنتِ لم تعودي نفسكِ"

منذ ظهر ذلك الرجل انقلبت حياتها رأساً على عقب .. باتت تشعر بانفصام في شخصيتها .. لا يكفي أنه يستفز كل عصب منها ويهدد أمانها النفسي بل كلما خانها عقلها وفكرت فيه كلما استيقظت ذكرياتها بخصوص (عماد) .. كلما اقترب منها أكثر كلما استعادت ضعفها ومعه ماضيها ... تباً .. لماذا يبدو الأمر وكأنها تشعر بتأنيب الضمير؟ً! ... لم يعد (عماد) يعني لها شيئاً لتشعر كما لو كانت تخون ذكراه وبالتأكيد ذلك الحارس المستفز لا يهمها بشيء من الأساس ... هي فقط متوترة بسبب اقترابها من تنفيذ خطتها ... هي لا تتذكر ماضيها بسبب أيٍ منهما بل بسبب معرفتها أن أعداءها صاروا قريبين من يديها وهي على وشك الحصول على انتقامها أخيراً .... عادت ذكريات حلمها ترتسم أمام عينيها ورغماً عنها ابتسمت بمرارة وهي تتذكر ذلك الوعد الأحمق الذي قطعته .. لقد رحل حقاً .. رحل للأبد بعد ذلك اللقاء الأخير بينهما ولم يعد ليراها ... كان يعرف أنهما لن يلتقيا من جديد .. لكنّها بسذاجتها ظلت تنتظر ... حتى في محبسها ذاك انتظرت أن يعرف بما أصابها ويأتي لينقذها، رغم كونها فكرة ساذجة فماذا يفعل صبي في السادسة عشر في مواجهة أولائك المجرمين ... كانت واثقة أنه ما أن يسمع باختطافها حتى يأتي من أجلها وأياَ كان ما أبعده عنها لأكثر من عام لن يمنعه من أن يأتي لنجدتها ... كانت حمقاء ومع كل يوم يمر عليها كانت تدرك أنها كانت حمقاء وأنه نسيها فعلاً ... كان كاذباً حين وعدها أنه لن يترك الألم يقترب منها لا في وجوده ولا في غيابه ... أنه لن ينساها أبداً ... كانت مجرد طفلة حمقاء لتصدق وعده ذاك ... وهي حمقاء الآن كذلك لأنها لا زالت في أعماقها تشعر بالألم لمجرد استعادتها تلك الذكرى ... كانت مجرد مشاعر مراهقة حمقاء لا أكثر .. ربما هو يستعيدها الآن ضاحكاً على حماقته تلك، أو ربما لا يتذكرها على الإطلاق ... أغمضت عينيها تتذكر وجه ذلك الصبي الذي كانه قبل أكثر من ستة عشر عاماً ووجدت نفسها تتساءل دون وعي ... كيف أصبح الآن؟.. هل تغير كثيراً، أم أنها ستعرفه عندما تراه؟ .... هل سيعرفها هو إذا رآها صدفة؟ ... إن تصادفا والتقيا في الطريق ذات يوم هل سيتذكرها أم أنهما سيعبران جانب بعضهما كعابري طريق؟ ... رفعت يدها لقلبها الذي انقبض فجأة بألم شديد، قبل أن تتسع عيناها وهي ترى أين انحرفت بتفكيرها من جديد ... ما يهمها إن عرفها أم لم يفعل ... هي لا تريد أن تقع عيناها عليه من جديد .. لقد تخلت عنه كما فعل هو .. هي لا تريد أي علاقة به أو بعائلته كلها ... ركلت بساقيها على الفراش ونهضت منه بعنف وهي تزفر بحنق ... فليذهب للجحيم .. ليس هو وحده ... فليرافقه حارسها المستفز ذاك ولترتاح منهما للأبد ... هما لا يستحقان أن تشغل بالها بهما ... مسحت وجهها بقوة وهي تردد لنفسها بقسوة أن تستفيق وتركز في نفسها وإلا ستخسر كل شيء ... لقد سبق وخسرت الكثير وهي ليست على استعداد لتخسر معركتها الحاسمة .. بأي ثمن.
********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 02:43 AM   #286

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

غادر (فهد) سيارة الأجرة التي أوصلته من المطار وحمل حقيبته متجهاً نحو منزل عائلته الكبير وعاوده الاختناق الذي لطالما كان يشعره داخله ... وجودها فقط كان يخفف عنه ويجعله قادراً على تحمل ذلك المكان ... تنهد وهو يتجه نحو البوابة التي كان حارسها قد أسرع يفتحها ما أن رآه وحياه باحترام ليبتسم له بخفوت وهو يتحرك مسرعاً يقطع الطريق الطويل المؤدي للداخل وهو يحاول مقاومة مشاعره ... لو كان بيده لفر بعيداً عن هذا المكان .. ما قيده هنا هو(عماد) و(همسة) .. لم يكن له غيرهما ولم يكن يستطيع أن يتركهما ويرحل بعيداً .. اعتلى درجات السلم وفتح الباب ليدخل ودار بعينيه في المكان بعينين معتمتين قبل أن ينتبه لمديرة المنزل التي اقتربت منه مرحبة وهي تقول

_"مرحباً بعودتك سيد (فهد) .. كيف كانت رحلتك؟"

هز رأسه بابتسامة باهتة وهو يرد

_"بخير .. شكراً لك .. هل عمتي بالبيت؟"

_"لا سيدي ... لقد غادرت لاجتماع مهم قبل ساعة .. لم نكن نتوقع حضورك لذا .."

تنهد مقاطعاً إياها

_"لا بأس ... اضطررت للسفر فجأة"

رددت وهي تهز رأسها

_"هل نحضر لك الغداء الآن سيدي؟"

_"لا شكراً (ماجي) .. أنا سأذهب لأرتاح من السفر ... لو عادت عمتي أخبريها أنني عدت لكن لا أريد أن يوقظني أحد لأي سبب، حسناً؟"

_"حسناً سيدي"

ابتسم لها ممتناً وتحرك بخطوات هادئة نحو الطابق العلوي حيث غرف النوم ولم يكد يغيب عن عينيها حتى سمح لملامحه أن تستعيد مسحة التعب والحزن وهو يتحرك مبتعداً عن غرفته واتجه بخطوات متعبة نحو غرفتها هي ليتوقف أمامها متردداً للحظات ... أخذ نفساً عميقاً وفتح الباب ليدلف للداخل ومد يه يفتح النور وأدار عينيه باشتياق يلتهم تفاصيل الغرفة التي اشتاق لصاحبتها رغم مرور وقت قصير على فراقهما لكنه يشعر أنها غادرته قبل أبدية كاملة ... ترك حقيبته وتحرك لوسط الغرفة وهو يتأمل أرجاءها ويستعيد ذكرياته مع صاحبتها ... رغم أنها لم تكن تقضي وقتاً طويلاً في وجودها هنا بعد أن أرسلتها عمته لتلك المدرسة الداخلية ... أيام عطلتها فقط كانت تقضيها هنا وفي أغلب الأوقات تلتصق بغرفتها أو متسللة لغرفته هو أو أو (عماد) متجنبة قدر الإمكان ألا تحتك بعمته أو بـ(سامر) ... خلع حذاءه وهو يتحرك ليجلس على فراشها متنهداً بيأس ... حتى تلك الأيام القليلة ذهبت دون رجعة ... هي لن تعود إلي هنا مرة أخرى .. وهو أيضاً لم يعد له مكان هنا .. لم يعد بيته .. من البداية لم يكن بيته .. ما أن يقابل والده ويعرف الحقيقة سيغادر في الحال .. لن ينتظر لحظة في هذا المكان الخانق المليء بالكراهية والحقد .. لسنوات كانت عمته تسقي ذلك المكان بحقدها وهوسها بالانتقام .. (همسة) كانت محقة .. لقد تحكمت بهم جميعاً وغسلت أدمغتهم وحركتهم كالدمى الغبية ... حتى هو الذي قضى نصف عمره بعيداً عن والده استطاعت أن تحكم قبضتها حوله وتجبره على الانسياق خلف ذلك الوهم .. هل كان يحب والده أصلاً ليهتم لما أصابه؟ .. لا يعرف .. يبدو كل شيء مشوشاً في ذهنه الآن ... كيف استطاعت أن تجر قدميه أيضاً لألاعيبها .. هو متأكد من شيء واحد .. لقد كان يساعد (عماد) .. لم يكن ينتقم لنفسه ولا لوالده ... كان ينتقم لـ(عماد) و(همسة) أو هكذا ظن .. لقد رأى بعينيه كيف كان (عماد) يتألم وكيف كان يحارب لأجلهم جميعاً .. لقد حاول هو الآخر أن يساعده .. تحول من مجرد فتى نحيل هاديء يميل للعزلة إلى ما أصبح عليه الآن ليساعده في حمل ذلك الهم الذي كان يمكنه أن يكسر عزيمة أشد الرجال، لكنهما دعما بعضهما ووقفا على أقدامهما ليهتما ببقية الأسرة .. لقد نضجا معا بتحملهما تلك المسؤولية ... لذا لم يكن ما يفعله لأجل ما أصاب والده كما كانت تواصل الترديد على مسامعهم ، بل من أجل تلك الأيام المريرة التي عاشوها قبل أن يجبروا الحياة على أن تبتسم لهم ... من أجل (عماد) الذي خسر والده وعمه الذي كان يقدره ويحبه أكثر من والده الحقيقي حتى وقلبه الذي تمزق عندما خسر تلك الفتاة ... من أجل (همسة) الصغيرة التي فقدت والدها دون أن تدركه حتى .. توقفت أفكاره عند هذه النقطة ليضحك بمرارة .. أي والد؟ .. تلفت جانباً ليلقي نظرة على الصورتين اللتين جوار فراشها .. كانت إحداهما لها هي و(عماد) وغامت عيناه وهو يتأملهما بحنان وحزن .. الوالد الوحيد الذي عرفته كان (عماد) .. لابد أنه يتمزق الآن .. وحده يعرف كيف يشعر الآن .. كيف سيتصرف لو كانت تلك هي الحقيقة وأصرت (همسة) على الرحيل بعيداً .. (عماد) سيفقد صوابه حتماً .. تنهد وعيناه تنتقلان للصورة الأخرى والتقطها لينظر لها مليا وقلبه خفق بألم وهو يتذكر ذلك اليوم ... تمدد بجسده على فراشها الصغير الذي لم يستوعب طوله وضم الصورة لصدره وهو يغمض عينيه متذكراً بحرقة تلك اللحظة التي التقطاها فيها .. كان عيد ميلادها الخامس عشر ولم يكن يستطيع تفويته .. كان يزورها هو و(عماد) ليحتفلا معها بعيد ميلادها والذي كان يتصادف وجودها في المدرسة .. الفارق ذلك العام أن عماد كان مسافراً ولم يكن يستطيع تركها وحيدة ذلك اليوم فسافر إليها .. كان يعرف أنها تنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر ككل عام .. كان يقف متململاً ينتظر وصولها بفارغ الصبر وقد بدأ يشعر بالقلق من تأخرها .. وقف مستنداً لسيارته ينظر لساعته كل حين ويرفع عينيه ينظر للمارة باحثاً عنها وكاد يتصل بها حين سمع صوتها يناديه من بعد فرفع عينيه ليستقبلها وضاقت عيناه بحيرة وهو يبحث عنها وحين تردد صوتها مرة أخرى عاد بناظريه لتلك الفتاة التي تجاوزتها عيناه قبل لحظة .. غير معترفة أو غير مدركة لوجودها أو بالأحرى غير مستوعبة ما يراه ... اتسعت عيناه على آخرهما وهو يستوعب ما يرى وتوقف قلبه وشعر أنه على وشك الإصابة بذبحة صدرية ... رباه ماذا فعلت بنفسها؟ .. هل هذه (همسة) نفسها؟ ... تعلقت عيناه بها في ذهول وهي تقترب .. (همسة) .. دميته الصغيرة .. كيف تحولت إلى هذه؟ .. وقفت أمامه أخيراً لتمر عيناه بذهول فوق عينيها اللتين تخلت عن تلك النظارة البشعة التي تصر علي ارتدائها ولمع الزيتون بسحر داخلهما لينتقل بعدها إلى خصلاتها العسلية التي حررتها لتنسدل على ظهرها بحرية وفتنة ليتوقف قلبه تماماً مع رؤيته لفستانها الأحمر الذي كشف عن ذراعيها وفتحة عنقه الدائرية التي كشفت باتساع عن عنقها وجيدها وانسدل قماشه ليعانق منحنياتها بنعومة ويتسع من بعد خصرها ليتوقف فوق ركبتيها كاشفاً عن ساقيها الرشيقتين وقدماها احتواهما حذاء أحمر بكعبين مرتفعين .. كان محقاً عندما شعر أنه سيصاب بذبحة .. انتبه علي صوتها المرتجف ليرفع عينيه لوجهها الذي احمر مع تأمله لها فهتف بذهول

_"ماذا فعلتِ بنفسكِ؟"

لمح شحوب وجهها وهي تهمس بارتباك

_"ماذا؟ .. هل أبدو سيئة لهذه الدرجة؟"

_"سيئة؟ .. ما الذي ..؟"

صدمة جديدة لقلبه تسببت بها وهي تنظر لعينيه برجاء لتقول وهي تدور حول نفسها بنعومة وبراءة

_"ألا يعجبك فستاني؟"

أخذ نفساً عميقاً ليرد لولا أن أوقفه صوت تصفير لشابين كان يمران بالقرب واشتعلت النار داخله وهو يرى نظراتهما التي التهمت فتنتها وسمع كلمات غزلهما التي جعلت وجهها يحمر ليشتعل أكثر وزفر بحنق وعيناه تصبان نيرانهما على الشابين لتنصب بعدهما عليها لترتجف بخوف ولم يمنحها الفرصة لتنطق حين أحاط معصمها بقبضته وشدها ليلف حول سيارته وفتح بابها ليدفعها للداخل ويغلق الباب خلفها بعنف وتحرك نحو مقعده وهو يشعر أنه على وشك ارتكاب جريمة ... ماذا أصابه؟ .. تباً .. انطلق بسرعة كبيرة وبوجه متجهم وهو غارق في أفكاره محاولاً فهم ما يشعر به حين أفاق على صوت شهقاتها المكتومة فالتفت نحوها بجزع ليجدها تبكي في صمت ويداها فوق ساقيها تقبضان على فستانها وترتجفان بينما تحاول التحكم بنفسها .. أوقف السيارة على جانب الطريق بحدة والتفت إليها هاتفاً

_"ماذا أصابكِ؟ .. لماذا تبكين؟"

استمرت في بكائها للحظات فأغمض عينيه وزفر بحرارة قبل أن يحل حزام مقعده واقترب ليشدها إليه ووضع رأسها فوق صدره واحتواها في حنان هامساً باعتذار

_"أنا آسف (همستي) .. لا تبكي"

بكت على صدره ليربت على شعرها

_"أخبريني دميتي .. لماذا تبكين الآن؟"

سمعها تشهق بالبكاء وهي تتمتم بصوت متقطع

_"أنت غاضب"

_"لا دميتي .. أنا لست غاضباً"

هتفت باكية

_"لا أنت غاضب مني ... ولست سعيداً أيضاً برؤيتي .. ربما لم تكن تريد الحضور بما إن (عماد) اعتذر عن حضوره .. هل أجبرك على زيارتي؟"

ضحك بخفوت وهو يقول

_"أين شطحت بتفكيركِ يا حمقاء؟ .. هل نسجتِ كل هذا الحوار بعقلك خلال لحظات؟"

_"أنت حتى لم تبتسم لي ولم ترحب بي رغم أننا لم نتقابل منذ فترة ... لقد أخبرتني (جيني) أن .."

_"(جيني)؟!"

_"(جانيت) صديقتي .. قالت أنني جميلة جداً هكذا وأنك سوف .."

قطعت جملتها فجأة وران الصمت لبرهة ليبعدها عنها وأمسك وجهها بين كفيه قائلاً بابتسامة

_"أنني ماذا؟"

عاد وجهها ليحمر وقالت بتردد

_"أنك ستعجب بي عندما تراني"

تجمدت يداه حول وجهها وقطب حاجبيه وقد عاوده ذلك الشعور بعدم الارتياح .. لقد بدأ يفقد عقله .. عادت عيناه لتتأملان وجهه لينتبه لزينة وجهها الناعمة وتوقفت عيناه عند أحمر الشفاه الذي حدد شفتيها بفتنة ليأتيه صوتها الناعم مطيحاً بصوابه وهي تقول برجاء رقيق

_"ألم أعجبك حقاً؟"

حدق فيها للحظات بذهول محاولاً البحث عن إجابة أو بالأحرى محاولاً إعادة عقله لسيطرته واتزانه .. بحق الله ماذا تقول؟ .. وهو ماذا يفعل و كيف يفكر بهذه الطريقة .. إنها (همسة) .. دميته الصغيرة .. بحق الله .. لقد أتمت الخامسة عشر لتوها وهو ... هو شاب في الثامنة والعشرين ... رباه إنها طفلة بالنسبة له ... لقد فقد عقله حتماً ليفكر فيها ولو لحظة بطريقة مختلفة ... لم تساعده كثيراً وهي تتطلع إليه بعينيها الدامعتين اللتين كان يعرف أن قلبه ضعيف أمامهما بصورة مثيرة للشفقة

_"أنت لست سعيداً برؤيتي فعلاً"

انتزعت وجهها من بين كفيها وقالت بحزن

_"أعدني من فضلك ما دمت مجبراً على البقاء لـ .."

هتف بحنق

_"(همسة) .. يكفي .. قلت لكِ لست غاضباً وتعرفين جيداً أنني لست مجبراً على وجودي هنا .. أنا أتيت كل هذا الطريق فقط لرؤيتكِ ... أنا فقط .. لقد صدمت برؤيتكِ هكذا .. لم أتوقع"

همست بارتجاف

_"هل أنا سيئة فعلاً؟"

تنفس بقوة وأغمض عينيه ليقول بحدة

_"كلا ... أنتِ لست سيئة .. ولابد أنكِ سمعتِ أولئك الأو .."

توقف شاتماً داخله بقهر ليقول بعد أن أخذ نفساً عميقاً

_"أنا فقط لم أحب رؤيتكِ هكذا .. أن ترتدي ثياباً قصيرة ومكشوفة هكذا ويراكِ الناس كما حدث قبل قليل .. أنتِ لستِ فتاة غربية (همس) ولا أريد لنشأتكِ هنا أن تغير منكِ، فهمتِ صغيرتي؟"

نظرت له للحظات بنظرات غير مفهومة قبل أن تهز رأسها وتقول

_"فهمت"

ربت على شعرها وقال

_"دميتي لا أريد أن تشعري بالحزن من كلامي .. أن أقول هذا لأنني أهتم لكِ .. لا أريدك أن تنسي هويتكِ أبداً .. ولا أريد أن ينظر لكِ الشباب بهذه الطريقة كما فعلوا منذ قليل"

رفعت عينيها له بتعبير غريب وقالت

_"هل لهذا السبب غضبت؟"

هز رأسه دون أن يدرك السبب وراء سؤالها لتهتف

_"هل شعرت بالغيرة عليّ؟"

حسناً وذبحة ثالثة على التوالي .. حدق فيها بذهول وهي تنظر له بترقب وبعينين لامعتين تنتظر إجابته فوجد نفسه يضحك ببلاهة وهو يربت على شعرها يشعثه قائلاً

_"بالطبع سأغار عليكِ دميتي ... أنتِ أختي الصغيرة وطبيعي أن أغار عليكِ"

ادعى أنه لم ير نظرات الخيبة والأسى في عينيها وهو يلتفت للأمام ويعيد تشغي السيارة وينطلق بها مكملاً

_"لنذهب لنحتفل بعيد ميلادكِ ... لا تقلقي .. ليس معنى أن (عماد) لم يأت أنني لم أحضر لكِ حفلاً رائعاً .. ستستمتعين كثيراً"

مضت لحظات قبل أن يسمعها تقول بصوت غير متحمس

_"حسناً لنذهب"

لم يستسلم لمشاعره في أن يعتذر لها ويخبره أنه لم يقصد ما قاله وأنها أجمل فتاة وقعت عليها عيناه وأنه شعر بالغيرة فعلاً ، لكنّه قاوم مشاعره ولم يتركها هي الأخرى تستسلم لحزنها وهو يأخذها لاحتفالهما ولم تستطع هي مقاومة جنونها وسعادتها طويلاً ونسيت كل حزنها خلال دقائق وقضت كل لحظة معه في احتفالهما تضحك بسعادة واستمتعا معاً حتى انتهى الوقت ليعيدها مرة أخرى .. وحين احتضنته مودعة وابتعدت وهي تحمل الهدايا التي أحضرها لها شعر أنها تركت فراغاً كبيراً داخله .. كان كل مرة يودعها يشعر بنفس الفراغ والحزن ولكن هذه المرة كانت مختلفة والفراغ كان أكبر وأكثر ألماً وفي أعماقه أدرك أن شيئاً مختلفاً حدث وأنه ينزلق لمجهول لن يحتمل عواقبه .. قضى ليلتها ليعيد التعقل لعقله ويذكره بمن تكون وبمن يكون ويتوسله ألا يتحول إلى أحمق بهذه الطريقة ... لم يعرف أن كل محاولاته تلك السنوات ذهبت سدى وأنها لم تكن شيئاً من الأصل ... لقد كانت تتسلل ببطء ودون أن يشعر حتى احتلت أعماقه، ليس منذ ذلك اليوم .. من قبلها بكثير وهي فرضت وجودها على قلبه وروحه منذ لفته حول إصبعها وهي لا زالت طفلة صغيرة ليكتشف اليوم أنه حاربها طويلاً لأسبابه الحمقاء وبالنهاية خسرها للأبد ... عاد لينظر للصورة وابتسم بحنين .. كانت تتعلق بذراعه وذراعها الأخرى تحتضن دمية الدب الكبير الذي فاز به من أجلها وسعادتها الواضحة على وجهها جعلتها أكثر فتنة .. لقد جعلها تغير فستانها ذاك لملابس صيبيانية كالتي اعتادت ارتداءها ولم تعترض ... قالت أنها لا تهتم سوى لوجودها معه وما دام يريد رؤيتها بهذه الملابس فسترتديها دائماً لأجله .. ومنحته إجمل ابتسامتها ومعها ذبحة صدرية رابعة .. وضع الصورة مكانها وعاد ليغمض عينيه واحتضن وسادتها الصغيرة ودفن وجهه بها يبحث عن رائحتها فيها وترك نفسه ينزلق في نوم عميق لم يخل من أحلامه بها .. إن لم تكن معه في واقعها على الأقل هي معه هنا ... لا أحد يقف بينهما داخل أحلامه ولا شيء أبداً يفرقهما.

*********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 02:48 AM   #287

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فتح (عماد) عينيه ببطء وأدارهما في المكان محاولاً استيعاب مكانه، قبل أن يستسيقظ تماماً مدركاً وجوده ببيت صديقه (راجي) ... قطب وهو يحرك عنقه بألم وهو يستوعب أنه قد نام وهو يجلس متربعاً بينما ظهره يستند لظهر الفراش ورأسه مال جانباً أثناء نومه ... أطرق برأسه ليبتسم في حنان وهو يرى (همسة) التي غرقت بالنوم ورأسها على ساقه بينما يده كانت فوق رأسها ... لم يدرك أنه غرق بالنوم من الإجهاد بعد أن قضى اللية السابقة يراقبها أثناء نومها، بعدما لجأت لغرفته وأخبرته بخوف أنها لا تستطيع النوم وأنها رأت كابوساً مخيفاً ... جعلها تسند رأسها على ساقه كما اعتاد وهي صغيرة وأخبرها أن تغمض عينيها وظل يتحدث معها عن ذكريات طفولتها وتصرفاتها الشيطانية التي كانت تقوده للجنون هو و(فهد) بينما يمسح على شعرها بحنان ..وعدها أن كل شيء سيكون بخير وأنه لن يسمح للحزن أن يقترب منها أبداً ... تأملها بعينين غائمتين وهو يفكر في كل ما حدث .. كيف يمكنه أن يصدق؟ ... كيف يمكنه أن يتقبل ما يقولون؟ ... كيف ... وإن كانت تلك هي الحقيقة كيف يمكنه أن يتخلى عنها ... يشعر بقلبه يتمزق لمجرد تفكيره في الأمر ... تعلقت عيناه بخصلاتها العسلية واستعاد ملامحها مراراً وعينيها الزيتونيتين وهو يفكر بألم ... لطالما بحث عن بعض الشبه بينها وبينهم وفي كل مرة كان عقله يحيله إلى أمها الغامضة مؤكداً أنها لابد تشبهها هي ولم تأخذ من والده شيئاً ... لكن أن يكون السبب في النهاية أنها بالأساس ليست ابنة (عزت اليزيدي) فهذا لم يخطر ولم يكن ليخطر بباله ولو بعد ألف عام ... شرد بعقله فجأة إلى (رهف رضوان) وعادت عيناه تنظران لوجه (همسة) وهو يستعيد إحساسه ناحية (رهف) التي كانت بطريقة ما تذكره بها ... اتسعت عيناه وهو يستوعب الشبه بينهما أخيراً .. لا .. لا يجب أن يسمح لعقله بالتفكير في هذا الهراء ... يعرف أن كل هذا كذب وسيؤكد لهم هذا قريباً ... أغمض عينيه بألم وهو يشعر أن عقله سينفجر وشعر باختناق صدره يزداد ... ووجد أفكاره تأخذه إلى معذبته العنيدة ... رباه كم يحتاج إليها الآن .. لو استطاع لذهب إليها ولألقى رأسه فوق ساقيها ورمى بكل همومه وآلامه فوق صدرها ... يتمنى لو كان قادراً على التحرر من قيوده ويلقي بقلبه وروحه أمامها ويعترف لها بكل شيء ويتوسلها أن تنسى وتغفر وتحب ... لكنّه لا يستطيع ... ستطرده فور أن يقترب منها إنشاً واحداً ... حبيبته العنيدة التي اشتاقها ... اشتاقها بجنون كل تلك السنوات التي كان يحترق فيها بغربته وآلامه ولم تكن هي موجودة لتخفف عنه ... اشتاقها بقوة تلك النيران التي لا ترحم بداخل قلبه ... لم يعرف أنه بينما كان يحترق بنيرانه هناك كانت الثلوج قد استباحت محراب قلبها الذي كان ملكه دوماً واتخذت منه سكناً أبدياً وأقامت حصوناً تتحداه أن يهدمها ... لكنه عاد وهو يدرك أي تحدٍ ينتظره .. سيعرف جيداً كيف يذيب تلك الثلوج بنار حبه واشتياقه وسيستعيدها بأي ثمن ... رغم كل ما حدث قديماً هو لم يستطع أن يكرهها أبداً أو يمحو مشاعره نحوها ... لا ذنب لها بجريمة عمه ... هي كانت له منذ ولدت وستكون له للأبد ... هذا ما كان يؤمن به ... لقد عاد من أجلها ولن يتركها لأي سبب ... كما وعد عمه هو سيحصل على انتقامه وعليها هي قبل كل شيء ... خفق قلبه وهو يتذكر ذلك اليوم الذي فر فيه من المنزل وسافر مسافة بعيدة وحده ليودعها، ولم يفلت من عقاب والده القاسي عندما عاد لكنّه لم يهتم .. لقد كان صادقاً حين أخبرها أنه لا يهتم لو عاقبه ألف مرة إن كان سيراها بالمقابل ... لم يستطع أن يرحل دون أن يودعها كأنما قلبه كان يشعر أن الأيام ستفرقهما بعد ذلك رغماً عنه ... لم يعرف من أين أتته الجرأة ليخبر عمه بطلبه ذاك ... لقد تسلل من المنزل بعد الفجر ليسافر لبيت عمه وفاجأهم صباحاً بوصوله ولكنّ عمه تجاوز دهشته سريعاً وهو يرحب به وقاوم هو رغبته في السؤال عنها رغم لهفته الشديدة ليراها وعندما ذهبت زوجة عمه لتناديها وجد نفسه يطلب من عمه أن يتحدث معه قليلاً على انفراد لأمرٍ هام ... ابتسم بخفوت وهو يتذكر لحظتها كيف ارتبك وطارت ثقته تماماً ما أن انفرد بعمه في مكتبه ليشجعه ذلك الأخير على الحديث فوجد نفسه يندفع مخبراً إياه عن قرار والديه الحاقه بمدرسة داخلية بعيدة هو وشقيقه وابن خاله وأن المدرسة ذات نظام صارم وربما لا يستطيع العودة لفترة طويلة ... ربما سنوات ... وأنهما قررا أيضاً سفره للدراسة بالخارج فور انتهائه من دراسته الثانوية ... أخبره أنه كان يتمنى لو انتهت المشاكل بين أسرتيهما وعادوا جميعاً ليسكنوا بيت العائلة، لكن يبدو أن الأمور لا تزداد إلا تعقيداً وأنه يخشى أن يؤثر كل ذلك على علاقته هو و(سؤدد) مستقبلاً ... تذكر ذهول عمه وهو يحدق فيه بينما يخبره بجدية شديدة أنه يحب (سؤدد) ويعرف أن الأمر لا زال مبكراً جداً ليطلب منه هذا، لكنّه لا يريد أن يرحل وهو يعرف أنه قد يغيب لسنوات ... وأنه كان عليه أن يخبره بمشاعره ويطلب منه وعداً أن يزوجها له حين يعود .. لوهلة ظن أن عمه سيسخر من مشاعره وعمره لكنّه ابتسم له بحنان وتفهم وأخبره أنه كان يعرف كم يهتم لأمر (سؤدد) ويحبها ولم يفكر يوماً أن يزوجها لأي شخص آخر وضحك وهو يخبره أنه فقط لم يتوقع أن يطلب هو بنفسه هذا الطلب والآن تحديداً ... تنفس الصعداء ولم يقاوم سعادته واندفع يعانقه بقوة شاكراً إياه على تفهمه وشعر بتربيتة قوية على كتفه وعمه يخبره أنه يثق به ويعرف أنه سيعتني بصغيرته عندما يحين الوقت ووعده هو بكل يقين ورجولة مبكرة أنه سيحميها دائماً حتى من تهورها وحماقاتها ... لقد رحل مطمئناً أنها ستكون له دائماً وأنها ستنتظره كما وعدته ولن تنساه وأنه عندما يعود ليطالب بها فعمه سيمنحه إياها مهما كانت علاقته هو والده ... وعرف بعدها كم كان محقاً في مخاوفه فقد انقطع الاتصال بينهما تماماً ولم يستطع زيارتها مجدداً أو حتى الاتصال بها .. كان ملهوفاً على الانتهاء من دراسته بسرعة ليعود إليها لكنّ كل شيء تحطم بعد مقتل والده وسفر أمه بهم للخارج دون أن تسمح لهم باستيعاب صدمتهم ولا فهم ما يحدث حولهم ولم يستطع هو الوصول لعمه ليعرف منه ماذا يجري بالضبط .... تنهد بحرارة وهو يفتح عينيه وينظر لـ(همسة) بشرود .... تُرى هل كانت محقة بشأن والدته؟ ... هل استخدمتهم جميعاً لانتقامها الخاص؟ ... هل غسلت أدمغتهم فعلاً؟ ... عمه قال نفس الشيء ... و(فهد) بدأ يقتنع بهذا الأمر .. يعرف أنه محق .. هو يجب أن يبحث عن الحقيقة بنفسه وليرحمه الله إن كانت غير ما اعتقد لسنوات ... تنبه لتململ (همسة) بانزعاج وسمعها تأن بألم بينما تهمس _"أمي ... أمي .. لا تذهبي .. لا تتركيني وحدي .. أرجوكِ"
خفق قلبه بوجع شديد ومد يده يمسح على شعرها بحنان وهو يقول
_"(همسة) صغيرتي ... استيقظي ... أنتِ تحلمين"
واصلت هذيانها ليهز كتفها برفق لتنتفض فجأة وهي تهتف بفزع
_"(فهد)"
أسرع يحتويها مهدئاً
_"اهدأي صغيرتي ... أنا هنا .. لم يحدث شيء"
بدا أنها لا زالت تحلم وهي تتشبث به بفزع

_"(فهد) ... قل له ألا يذهب أرجوك ... هناك خطر"
_"(همسة) اهدأي ... (فهد) بخير ... إنه مجرد حلم حبيبتي .. افتحي عينيكِ"
هتفت باكية
_"لا هو ليس بخير ... ليس بخير ... سيقتلونه مثل أبي .. (فهد)"
هتف اسمها لتفتح عينيها وتتطلع إليه بعينين متسعتين برعب ليقول

_"كان كابوساً صغيرتي .. لم يحدث شيء له ... اهدأي"
حدقت فيه بذهول للحظات كأنها لا تراه قبل أن تنفجر باكية وتعلقت به هاتفة بتوسل
_"أخبره ألا يذهب أخي .. لا أريده أن يبتعد ... هل غضب لأنني هربت وتركته ... أخبره أنني لم أقصد أن أجرحه .. أنا أتعذب مثله تماماً، لكنه ليس بيدي"
حدق فيها بذهول وهو يستوعب الأمر أخيراً ... أخته تحب (فهد) هي الأخرى ... كيف كان أعمى ولم يفهم حقيقة مشاعرها؟ .. استعاد عقله كل المواقف التي مرت أمامه ... مشاعرها كانت واضحة لكنّه هو لم يستوعب أن صغيرته قد كبرت ووقعت بحب آخر شخص كان يتوقعه ... احتضنها بحنان مربتاً عليها وقال برفق
_"إنه بخير صغيرتي وليس غاضباً منكِ ... لقد كان يبحث عنكِ وطمأنته أنكِ بخير ... سيأتي لرؤيتكِ قريباً وسترين بنفسكِ أنه بخير"
ابتعدت عنه بحدة ومسحت دموعها فجأة وهمست بخفوت
_"لا بأس ... أعرف أنك صادق ... على أي حال لم يعد هناك أي داع .. كل شيء انتهى قبل أن يبدأ"
همس بقلق

_"(همسة) ... أنتِ ..."
هتفت بسرعة وهي تنهض عن الفراش
_"أنا بخير ... هل سنذهب الآن؟"
_"نذهب أين؟"

نظرت له بدهشة وتوجس
_"ألن نجري ذلك الاختبار؟ ... لقد وعدتني و"
تنهد وهو ينهض ليقف مقابلها وقال

_"لقد وعدتكِ (همس) ... لكن بالتأكيد ستنتظرين قليلاً ... الأمور لا تجري بهذه السرعة التي ترغبين في حدوثها .. كما أنني عدت أمس فقط من سفري ولا زلت متعباً حبيبتي"
ورسم تعبيراً يعرف أنه سيثير شفقتها وهو يتابع
_"هل ستطير الدنيا لو انتظرنا قليلاً حبيبتي؟ ... على الأقل حتى ارتاح قليلاً"
رقت عيناها وهي تنظر إليه وهي تقول
_"لا بأس حبيبي ... ارتح كما تريد .. أنا آسفة .. أعرف أنك لم تنم جيداً بسببي ... سأتركك لترتاح قليلاً"
تحركت لتغادر الغرفة ليمسك كفها فالتفتت له بتساؤل ليقول برجاء امتزج بالحزم
_"لا تغادري البيت"
ابتسمت بخفوت وربتت على خده
_"لا تقلق أخي ... لن أفعل"
ثم ضحكت بمرح مفتعل وهي تشير للخارج

_"لا أظن أن صديقيك سيسمحان لي بهذا .. خصوصاً صديقك الخارق .. رجل المستحيل ذاك"
نظر لها بدهشة قبل أن ينفجر ضاحكاً وهو يقول
_"هل تقصدين (مراد)؟ ... لا تخبريه رجاءاً أنكِ اطلقتِ عليه هذا اللقب"
هزت كتفيها مبتسمة ليربت على رأسها قائلاً بجدية

_"(همس) حبيبتي ... لا تتشاجري مع (مراد) مرة أخرى ... هو فقط كان ينفذ ما طلبته منه ... إنه رجل جيد وصديق عزيز لي .. لا تحاولي استفزازه بأي طريقة، حسناً؟"
أومأت برأسها وهي تقول

_"لا تقلق أخي"
ابتسمت له مرة أخيرة وتحركت مغادرة الغرفة تتبعها عيناه بقلق حتى اختفت وأغلقت الباب خلفها ليتنهد ويلقي بجسده على الفراش ... فرد جسده يتخلص من تشنج عضلاته التي تصلبت من نومته تلك وعاد يغمض عينيه يفكر في كل الأمور التي تعقدت من حوله ... رباه ... يحتاج ليبتعد ولو قليلاً ليستعيد صفاء ذهنه ويستعد جيداً للأيام القادمة لكنّه للأسف لا يستطيع ... حاول طرد كل الأفكار من رأسه وترك خيالها وحده يقترب ليبعد عنه كل تلك الهموم رغم أنها لوحدها ستصيبه بالجنون بما تفعله وبإصرارها تلك العنيدة أن تلقي بنفسها للتهلكة ... همس اسمها بخفوت وهو يستعيد بعقله كل ذكرياتهما معاً وردد لنفسه بيقين
_"قريباً جداً (عماد) ... قريباً جداً ستستعيدها هي وقلبها ... الصبر .. كل ما تحتاجه هو الصبر"
أجل يحتاج للصبر ليذيب أطنان الثلوج التي أحاطت بقلبها الحبيب ... يعرف أنه هناك .. لا زال يحيا داخلها رغم كل ما حدث .. يعرف أن قلبها لم ينس ذلك العهد الذي قطعته له رغم سنها الصغير وقتها .. يحتاج للصبر حتى يذيب قسوتها ويحيي بعشقه لها مشاعرها التي تظن أنها قد دفنتها بعيداً ... همس من جديد وهو يبتسم لطيفها
_"قريباً (سؤددي) ... قريباً ستذوب كل ثلوجكِ حبيبتي ... مهما بلغت قسوتها وقوتها، هي لن تبلغ قوة تلك النيران التي تحترق داخلي منذ سنوات وتحرقني شوقاً إليكِ ... قريباً سيتعانق ثلجكِ وناري وستعودين بإرادتكِ إلى ذراعيّ حيث تنتمين وعندها لن أطلق سراحكِ أبداً ... أبداً حبيبتي"
******************

انتهى الفصل الحادي عشر
قراءة ممتعة

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 03:20 AM   #288

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني عشر

ليتنا لم نلتق منذ البداية،
ليتني يومها تأخرت في النوم عشر دقائق أخرى،
كنت اختصرت عمراً من الوجع ...
"نزار قباني"
***************
أطرق (آدم) واضعاً رأسه بين كفيه وهو يجلس على أحد مقاعد الانتظار أمام غرفتها بالمشفى التي تم نقلها إليها لتحصل على الرعاية الطبية اللازمة .. غصة مؤلمة تقف في حلقه وقلبه لا يتوقف عن نبضه المؤلم .. شعر بحرقة في عينيه فقاوم غزو الدموع لهما وهو يفكر في كل ما حدث .. لن يغفر لنفسه أبداً ... كيف؟! .. كيف استسلم لجنون شيطانه وانحدر به الحال إلى هنا؟ .. الآن فقط شعر بفداحة ما فعله .. كيف تصور أنه كان بإمكانه تعذيبها حتى تتوسل الموت؟ ... كيف اعتقد أنه يكرهها لدرجة أنه لو رآها تلفظ أنفاسها أمامه سيكتفي بمراقبتها بتشف كما فعلت هي قبل سنوات ... شيطانه خيل له طيلة الوقت أنه عندما يجدها سيمنحها حياةً يكون موتها أرحم منها وأنه سيجعلها تتوسل الموت فلا تجده، وها هو الآن يجلس يعض أصابعه ندماً بينما يعترف لنفسه أنه كان يطارد سراباً لسنوات وأنه إنما كان ينتقم من نفسه لا أكثر .. رؤيتها وهي تموت بين يديه كان رهيباً .. لقد اعتقد أنه خسر فرصته الأخيرة .. لا يظن أن حياته كانت ستستمر لو ماتت ... إن كان موت (رُبا) قد قصم ظهره، فموتها هي كان سيقضي على البقية الباقية من روحه .. كان سيحطمه كُلياً .. لا يريد أن يتخيل ما كان يمكن إن يحدث لو استمر على عناده وتأخر .. ماذا لو لم تكن رحمة الله به واسعة وكان (كريم) بالقرب واستطاع نجدتها ... رباه!! ... اختنق أكثر وحاول التنفس بصعوبة وأرجع رأسه يسنده للحائط ... لماذا لا زال يحبها بعد كل هذا؟! ... هو واثقٌ الآن أنه مريضٌ بها .. هو ملعونٌ بها، وإلا فكيف يبقى على حبها بعد خيانتها وطعنتها له؟ ... كيف لا زال يعشقها بعد أن حاولت قتله؟ .. كيف؟! ... فتح عينيه وتطلع للسلسلة بيده وتعلقت عيناه بالخاتم ... هناك أمر خاطيء .. لا يعقل أنها مهووسة بطريقة ما لتحتفظ بذكرى من ضحاياها .... لا يعقل ... يجب أن يعرف السبب .. عليه أن ينتظر حتى تستيقظ وتستعيد عافيتها حتى يمكنه أن يتكلم معها .. يجب أن يعرف لماذا لا زالت تحتفظ بخاتم زواجهما ولماذا قالت أنها كانت تنتظره؟ .. لماذا تصرفاتها الآن تبدو متناقضة؟ .. لا يستطيع أن يصدق أنها كانت بارعة لهذه الدرجة في تمثيل عشقها أو أنه كان أحمقاً كفاية لتستطيع خداعه ... تنهد بقوة وهو يقبض كفه علي السلسلة .... الآن هناك مشكلة إضافية .. جده ... كيف سيبرر له اندفاعه بهذه الطريقة بينما يتحدثان ... بالتأكيد جده عرف أن ما يردده القرويون صحيح ... كيف سيبرر له؟! .. هل يسيتطيع أن يخبره الحقيقة؟! .. يالله لا يريد تخيل رد فعله .. سيغضب بالتأكيد .. سيغضب منه ويحتقره عندما يعرف أنه تزوج بالسر ودون أن يخبرهم وأنه انحدر ليتصرف كمجرم واختطف زوجته وتركها لتموت جوعاً وخوفاً ... كيف يتصرف؟! ... هز رأسه وعاد يركز تفكيره عليها .. فلتنجو فقط وكل شيء سيحل بوقته .. فليدعو الله ألا يكون الأمر أخطر مما أخبره (كريم) .. انتبه على تربيتة على كتفه فرفع وجهه ليقابله وجه صديقه ينظر إليه بإشفاق ممتزج باللوم فأشاح بوجهه متنهداً بقوة ليقول (خالد) وهو يجلس جواره وهو يقول

_"كيف حالك الآن (آدم)؟"

رد باقتضاب

_"بخير"

زفر (خالد) بقوة وقال

_"(آدم) لا أريد أن أقسو عليك ولا أن أقول أنني حذرتك و .."

_"(خالد) أرجوك"

_"صديقي .. لقد كان الله رحيماً بك .. أنت تدرك ماذا فعلت؟ .. (سمر) غاضبة جداً وتقول أن حالتها سيئة و .."

التفت له بفزع ليقول مربتاً على كتفه

_"اهدأ لقد قالت نفس ما قاله لك (كريم) .. هي فقط تحتاج لتبقى تحت الملاحظة لفترة .. (سمر) غاضبة لأنها تعتقد أنها تعرضت لسوء المعاملة وحالتك هذه أكدت لها أنك السبب ... كما أنها غاضبة بسبب صداقتها لـ(رُبا) رحمها الله وبالتأكيد تعرف كيف تفكر بخصوصك الآن"

لم يرد (آدم) واكتفى بنظره للأرض فزفر (خالد) وسأله

_"ماذا تنوي أن تفعل الآن؟"

نظر له بخواء فهتف بحنق

_"بحق الله أفق لنفسك يا (آدم) ... أنت أخطأت نعم، لكن الله منحك فرصة أخرى لتصحح مسارك ... توقف عما تفعل (آدم) وحرر تلك المرأة، واتركها لحالها .. لقد رأيت بنفسك .. الانتقام لا يفيد بشيء .. أنت حتى لا تستطيع تحمل ما حدث حتى الآن ما بالك لو كانت ماتت بسببك اتركها لحالها و .."

هتف بحدة

_"لا يمكنني"

وانخفض صوته وهو ينظر له بيأس انعكس في صوته

_"لا أستطيع ... لا يمكنني أن أتركها ترحل"

حدق فيه بحيرة وتمتم

_"ماذا تفعل بنفسك (آدم)؟ أنا لم أعد أفهمك ... هل يستحق الأمر كل هذا؟ هل يستحق ما وصلت به حالك؟ .. أياً كانت تلك المرأة وما فعلته، فلا يمكنك أن تستمر فيما تفعله ليس من حقك أن تبقيها معك أو .."

هتف باختناق

_"إنها زوجتي"

تجمدت الكلمات في فم (خالد) الذي نظر له بذهول قبل أن يهمس

_"ماذا قلت؟"

ابتسم بمرارة وهو يرد

_"تلك المرأة التي تتحدث عنها وتطلب مني تركها تذهب بكل بساطة ... تكون زوجتي"

هز (خالد) رأسه مصدوماً قبل أن يردد

_"كيف؟ .. متى؟ .. أنا ظننتك أخبرت (سمر) بهذا حتى لا تظن بك الظنون .. لم أعتقد أنك تزوجتها حقاً"

تنهد (آدم) بحرارة ليسأله

_"كيف تزوجتها؟ .. هل هددتها في محبسها لتوافق على الزواج منك أم"

قاطعه ضاحكاً بمرارة جعلته يحدق فيه مقطباً ليقول (آدم) وهو ينظر له بألم شديد

_"إنها زوجتي منذ سنوات طويلة ... زوجتي منذ أكثر من ست سنوات"

_"يالله!! .. ماذا تقول؟"

هز رأسه مردداً

_"لقد تزوجتها بفرنسا .. تزوجتها قبل زواجي من (ربا) .. لقد كانت زوجتي الأولى"

هتف بحدة

_"ماذا تقول يا (آدم)؟! .. هل تسمع نفسك؟! .. لابد أنك جُننت"

هتف بحرقة وهو يضرب على قلبه بقوة

_"أنا جُننت فعلاً .. جُننت منذ قابلتها .. تلك المرأة أفقدتني عقلي (خالد) .. لقد ألقت عليّ لعنة سوداء .. من أول لحظة رأيتها فيها .. لا أعرف ماذا أصابني .. كل ما أعرفه أنني سقطت في دوامة لم أغادرها حتى الآن .. حاولت ... أقسم أنني حاولت أن أقاوم ذلك الجنون الذي يجذبني نحوها، لكنني لم أستطع ... حاولت أن أبقى بعيداً عنها، لكن هناك ما كان يشدني إليها ... وجدتني ملهوفاً على رؤيتها ... هل تظن أن شخصاً عاقلاً يشعر بما شعرته نحو فتاة قابلها لتوه ولم يقض معها سوى دقائق قليلة؟ .. لم أستطع أن أطرد طيفها ووجدتني مدفوعاً لأقابلها من جديد ولم أكتف .. وكل مرة أتشوق إليها أكثر .. كل مرة أتركها أشعر بفراغ أكبر بقلبي لا يمتلأ إلا حين أراها من جديد"

كان (خالد) يستمع له بذهول وقد فتح قلبه لأول مرة ليلقي بكل ما فيه .. سمعه يكمل بوجع شديد

_"هل تتخيل ذلك الشعور؟ .. أن تلتقي شخصاً لأول مرة فترتجف روحك وتكتشف أنه من كنت تنتظره لتكتمل روحك التي أدركت لتوك أنها كانت ناقصة"

فكر (خالد) بصمت .. أجل .. هو يفهمه .. هو نفسه شعر بهذا عندما رأى (سمر) أول مرة .. أنها تلك الفتاة التي تكمله .. تلك التي يريد أن يقضي معها الباقي من عمره .. لكن هذا الجنون الذي يتحدث به (آدم) هذا مستوى آخر .. هل هو عشق أم هوس؟ .. لا يعرف .. انتبه له يقول ضاحكاً

_"هل كان يمكن أن تتخيلني أقوم بشيء كهذا الذي فعلته؟ .. أن أتزوج دون أن تعرف عائلتي بالأمر؟ .. أن أتزوج بينما عائلتي كلها تعرف أن (ربا) هي زوجتي المستقبلية .. حتى أنا .. عندما سافرت للخارج كان أمراً مفروغاً منه .. كنت أعرف أنني سأعود ونتزوج .. سأتزوج لأن هذا ما هو متوقع مني أنا و(ربا) أن نفعله .. لقد فقدت عقلي ونسيت كل شيء عندما قابلتها ووقعت بحبها .. خفت أن تضيع مني لو حاولت حل التعقيدات التي بحياتي أولاً .. خشيت ألا أستطيع مواجهة جدي .. ربما داخلي خشيت أن أرى (ربا) وأشعر بالذنب تجاهها وواجبي نحوها .. لا أعرف بالضبط .. كل ما أتذكره أنني خشيت أن أنتظر أكثر وأخسرها لذا طلبت منها الزواج .. تزوجتها وقررت أن أخفي الأمر حتى عودتي .. كنت أنوي أن أمهد الأمر لعائلتي أولاً ثم أحضرها لتقابلهم .. كنت متأكداً أنهم سيحبونها كما فعلت أنا وأنها ستسحرهم وسيتقبلونها في النهاية"

صمت للحظات حتى يلتقط أنفاسه واحترم (خالد) صمته بينما يفكر في كل ما سمعه .. من كان يعتقد أن (آدم) يخفي كل هذا داخله؟ .. هل كان له يد في تفكير (آدم) بهذه الطريقة؟ .. هل كان لكلامه أثرٌ عندما أخبره أن عائلته لن تقبل بفتاة أجنبية؟ .. هل دون أن يدري جعله يتخذ قراراً متسرعاً .. ابتلع لعابه بصعوبة .. رباه .. لا يريد أن يفكر في هذا .. لكن إن كانت زوجته وكانا يعشقان بعضهما فماذا حدث بينهما لتصل الأمور لهذا الحد؟ .. لم يدر أنه نطق بتساؤله ليبتسم (آدم) بمرارة وشرد في ذكرياته للحظات قبل أن يجيبه

_"كل شيء حدث بسرعة وهي .. هي زادتني جنوناً على جنوني (خالد) .. رد فعلها عندما طلبتها للزواج كان مجنوناً .. لو رأيتها لظننت أنه لا توجد امرأة في هذه الدنيا بسعادتها .. تزوجنا بسرعة وكل شيء كان أروع ما يكون .. كنت أشعر أنني في حلم حتماُ .. وهي كانت ساحرة وكل يوم قضيته معها جعلني أعشقها أكثر وأكثر .. كنت واثقاً في حبها لي وهي كانت تثبت لي هذا كل يوم .. لو أخبرني أحدهم يومها أن كل هذا سينتهي بكابوس ما كنت لأصدق .. كل شيء تحطم فجأة .. لقد بدأت تتغير .. بالبداية ظننت أنه الروتين الذي يتحدثون عنه في حياة أي زوجين .. لكن كل يوم يمر كنت أراها تنطوي على نفسها وبدأت تصبح غامضة .. لم تعد صريحة معي كعادتها ولم تعد تفتح قلبها بكل ما يؤرقها .. ثم بدأت شجاراتها على أقل شيء وظننت أن نفسيتها متوترة .. عبثاً حاولت معها لأفهم ما أصابها لكنها كانت تبتعد .. كادت تصيبني بالانفصام حين تبتعد عني نهاراً وتتشاجر معي كأنها لا تكره أحداً مثلي، ثم تتشبث بي في نومها .. كانت أحياناً تبكي في نومها وتتحرك في الفراش بحثاً عني وما أن تلمسني حتى تقترب لتحتضني وهي ترتجف .. كنت أظنها مستيقظة لكنني اكتشفت أنها تكون غارقة في النوم .. الأيام الأخيرة بيننا كادت تصيبني بالجنون ثم أصبحت أهدأ فجأة .. ثم تلك المكالمات المختلسة والخروج في مواعيد لا أعرف عنها شيئاً"

شرد للحظات مفكراً كأنما يستعيد ما حدث ليتابع

_"كنت أعود للمنزل لأجدها تتحدث على الهاتف ثم تغلقه سريعاً .. تكرر الأمر ولم أعد أحتمل شكوكي واجهتها بالأمر لكنها واجهتني بلامبالة وببرود شديد ونفت الأمر وقالت أنني أبالغ"

صمت لحظة ونظر إليه بيأس ليقول

_"ماذا كنت ستفعل لو كنت مكاني؟"

قطب دون رد وسمعه يكمل

_"كنت عاشقاً بحق الله وأموت من الغيرة والشك .. لم أعرف ماذا أفعل وأنا لا أفهم تصرفاتها .. ماذا أفعل وأنا أراها تدمر كل شيء بيننا دون سبب؟ .. قررت أن أراقبها لأعرف سبب تغيرها لأعرف أين تذهب ومن تقابل ثم عرفت الحقيقة"

ضحك فجأة بقوة ومرارة شديدة وهو يقول

_"لقد عرفت الحقيقة وواجهتها ولم تنكر"

همس بخشية

_"هل كانت .."

قاطعه بجمود وصوت مختنق برجولته الجريحة

_"كان رجلاً آخراً .. لقد تبعتها ذلك اليوم لأراها تقابل رجلاً .. ظننت بالبداية أنه ربما كان مجرد صديق قديم لكنهما تعانقا بحميمية، ورؤيتهما بذلك الوضع لم تترك مجالاً لشكي"

أخذ نفساً قوياً وانقبضت أصابعه حتى ابيضت مفاصلها وتسارعت أنفاسه ليدرك (خالد) بشفقة أنه يستعيد ذكرياته تلك فربت على كفه مهدئاً لينتفض فجأة وينظر له بعينين جريحتين

_"لقد منعت نفسي بصعوبة من اقتحام ذلك المكان وقتلهما معاً .. قاومت نفسي وعدت للبيت أنتظرها .. حاولت أن أقاوم شيطاني ربما الأمر غير ما بدا لي .. ربما للحقيقة وجهٌ آخر لم أدركه .. عدت وانتظرتها وعندما عادت حضّرّت لنا الغداء وجلست مقابلي كأنما لم تفعل شيئاً ولم أحتمل كثيراً فسألتها أين كانت أخبرتني أنها كانت تلتقي صديقة .. لم أحتمل كذبها فواجهتها بما رأيت، فلم تبد مصدومة ولا مهتمة .. لقد واجهتني بكل برود وأخبرتني أنها سعيدة أنني اكتشفت الأمر أخيراً، وأنني أخذت وقتاً طويلاً لأفهم، حتى أنها كادت تموت كمداً في انتظار أن أفهم الأمر وأبتعد بكرامتي"

حدق فيه مصدوماً لا يريد أن يتخيل كيف عاش (آدم) ذلك الموقف المؤلم وسمعه يقول بحرقة

_"هل تتخيل الأمر؟ .. تخيل أن تخبرك المرأة التي تعشقها بهذا ... هل تتصور كيف شعرت لحظتها؟ .. زوجتي أنا .. المرأة التي لم أعشق غيرها تخونني وتتبجح بالأمر وتقول أنها انتظرت لأكتشف بنفسي وأتركها بكرامتي .. لم أشعر بنفسي وأنا أصفعها .. لقد كسرت قلبي بلحظات يا (خالد) .. حطمت رجولتي وداستها بقدمها وهي تخبرني أنها لا تريدني بعد الآن واكتفت مني وتريد الانفصال"

ارتجفت يداه بشدة وهو يتطلع إليهما وهو يكمل بصوت مرتجف

_"لقد ضربتها .. لم أتخيل أنني قادر على فعل هذا .. لقد كدت أقتلها يومها ولا أعرف كيف أفلتت من يدي ودفعتني بعيداً عنها وقبل أن التفت لها .. تلقيت ضربة شديدة على رأسي وأظلمت الدنيا أمامي وفقدت وعيي"

ران الصمت للحظات بينما كان يتنفس بصعوبة وبدا أنه يتعذب ويقاوم مجبراً نفسه على البوح بكل ما كتمه داخله لسنوات وتأمله (خالد) بغصة وقال وهو يربت على كفه

_"لا بأس (آدم) يكفي .. لو كنت لا تريد أن تكمل لا تعذب نفسك"

التفت إليه وهز رأسه بقوة وهو ينظر له بعينين دامعتين

_"لا .. دعني أكمل ... سأكون بخير لو تخلصت من كل ذلك الصديد داخلي ... لسنوات وأنا أكتم كل هذا بقلبي ... سنوات وأنا أحترق وأتعذب بناري ... أريد أن أتحرر من كل هذا الألم الذي ينخر في روحي (خالد) .. أنا أموت ببطء يا صديقي ... أنا لم أخبر أحداً بهذا .. (جاك) صديقي الفرنسي عرف بالأمر لأنه كان يعرف بزواجنا وأنقذني عندما ..."

توقفت الكلمات في حلقه وشرد متذكراً تلك الأيام والذكريات التي ظلت تعذبه لسنوات وتشعل نار انتقامه بقسوة ... لا زال يتذكر حين فتح عينيه وطبول شديدة تدق برأسه الذي كان يؤلمه بقوة ... حاول النهوض من الفراش ليكتشف أن يديه مقيدتان وقدميه أيضاً .. تحرك بعنف وهو يصرخ منادياً إياها بعد أن استعاد عقله في لحظات كل ما حدث .. ظن أنها لابد هربت وتركته بعد أن قيدته للفراش ... نار غضب رهيبة اشتعلت بقلبه وهو يحاول استيعاب ما يحدث ... ماذا أصابها؟ ... لا يمكن أن تفعل هذا به .. حتماً فقدت عقلها .. راجع عقله كل تصرفاتها الأيام الماضية وهو يردد أنها بالتأكيد فقدت عقلها ... لم يكن أمامه سوى أن يقنع نفسه بهذا وإلا كان عليه أن يعترف أنه كان أكبر مغفل بهذا العالم ... لم تمنحه الفرصة ليقتنع بفرضيته الحمقاء عندما دخلت الغرفة فجأة لتتسع عيناه وهو يراها ... كانت امرأة أخرى غير (إيفا) التي عرفها وأحبها ... قارن بذهول بين حبيبته بملامحها البريئة الخالية من الزينة والتي تطل البراءة والخجل من عينيها وكل خلية منها وبين تلك التي كانت أكثر إثارة بزينة وجهها المتقنة ... زينة عينيها التي أظهرت لونهما ومحت براءتهما وتألق الخبث والعبث بشيطانية داخلهما ... صبغة شفتيها الدموية ... ملابسها المثيرة التي تختلف عن ملابس حبيبته البسيطة التي تميل للاحتشام .. لقد اختفت حبيبته تماماً ومن تقف أمامه الآن تبدو بفستانها الأسود القصير المكشوف ساحرة مثيرة خرجت من كتاب للسحر الأسود لتسحق قلوب الرجال وتستولي على أرواحهم لتحيا ... تحرك بعنف وهو يشد قيوده متنفساً بقوة وهو يصرخ فيها

_"تباً (إيفا) ... ماذا أصابكِ بحق الله؟ ... لقد جُننتِ حتماً ... فُكي قيودي وإلا أقسم لن أرحمكِ لو وضعت يدي عليكِ"
ضحكت بطريقة جعلت الدم يغلي في عروقه وقالت

_"أوه (آدم) ... هذا هو بالتحديد سبب تقييدي لك .. هل تعتقد أنني سأفك قيودك لتقتلني كما كدت أن تفعل قبل قليل .. لا حبيبي .. لا تحلم .. هذه اللعبة كانت تسير بقواعدي وستنتهي بها، حسناً؟"

هتف بغضب وهو يواصل حركته العنيفة

_"تباً ... أنتِ مجنونة .. ماذا تفعلين؟ .. عن أي لعبة تتحدثين؟ .. (إيفا) .. أقسم بالله لو كنتِ تمزحين معي لن أغفر لكِ أبداً"

اختفت ابتسامتها ومالت برأسها قائلة بحزن مفتعل

_"أوه ... آسفة (آدم) .. كنت أتمنى لو أخبرك أنني أمزح معك .. لكن لا .. حبيبي أنت لا تحلم الآن وأنا لا أمزح ... افتح عينيك جيداً وانظر لي"

وأشارت لجسدها قائلة بعبث وعيناها تلمعان بشيطنة

_"هذه أنا (آدم) ... هذه أنا وهذه حقيقتي ... تلك الأخرى كانت وهماً ... كانت تمثيلاً حبيبي .. أنا لست (إيفا) البريئة تلك"

وقالت عندما اتسعت عيناه عن آخرهما وتطلع فيه بذهول مصعوقاً
_"آسفة (آدم) ... لقد انتهت لعبتنا حتى هنا ... لقد اكتفيت ولم أعد استمتع بالأمر لذا سننتهي هنا"
هتف وهو يشد قيوده بعنف

_"ماذا تقولين؟ ... (إيفا) ... توقفي عن هذيانكِ وإلا .."
اقتربت لتجلس قربه على الفراش ومررت يدها في شعره ليبعد رأسه عن يدها بعنف وهو يرميها بشرر قاتل بينما قالت بأسف مفتعل
_"كنت أتمنى لو استمرت لعبتنا لوقتٍ أطول .. لكن كما رأيت لقد وقعت على صيد لا يمكنني تفويته بأي ثمن"
_"صيد!!"
بصق الكلمة وهو يحدق فيها بجنون لتهز رأسها وهي تزم شفتيها بدلال واقتربت قليلاً لتهمس في أذنه
_"نعم صيد ... ذلك الرجل الذي رأيتني معه كان صيدي الجديد"
أغمض عينيه وتنفس بصعوبة وهو يبعد رأسه كأنما لم يعد يطيق رائحتها فابتعدت قليلاً لتقول
_" اسمع .. لم يعد هناك مجال للمزيد من الكذب .. لقد اكتشفت الحقيقة وانتهى الأمر"
ونهضت تقطع الأرض بخطوات هادئة وهي تكمل كأنما تتحدث عن الطقس
_"ببساطة ... هذه حياتي (آدم) ... أنا أصطاد الرجال الأثرياء .. أفتنهم وأوقعهم في فخي .. ألعب لعبتي بمهارة وأحصل على مكافأتي بالنهاية ... فقط .. لعبة بسيطة، وممتعة، ومربحة للغاية"
هز رأسه بدون تصديق وهو يهتف
_"لا يمكن ... أنتِ تكذبين .. لا يمكن أن أكون قد خُدعت بكِ لهذه الدرجة .. لا يمكن"
ضحكت وهي تهز رأسها بإشفاق مزيف

_"عزيزي .. كلكم هكذا ... أنت تصدقون بكل بساطة وتقعون في الفخ .. أنت لا تعرف عدد الرجال الذين رددوا نفس كلماتك هذه في النهاية .. هذا ما يجعل اللعبة ممتعة ... أنت صدقت تمثيلي، صحيح؟ ... لا أعتقد أنك رأيت ممثلة عالمية اتقنت دورها مثلي"
هتف بجنون

_"أنتِ حقيرة"
ابتسمت وهي تهز كتفيها فرماها بنظرات حارقة قبل أن يهتف

_"لماذا أنا؟ ... أنا لست ثرياً لتصطاديني"
هزت رأسها نفياً وقالت
_"هل تمزح معي؟ ... أنا أعرف الأثرياء عندما أراهم حبيبي .. ليس معنى أنك لا ترتدي ثياباً غالية وتركب سيارة مستأجرة أنك لست ثرياً ... انظر .. أنا أفهم بالبشر جيداً ... والشباب الأثرياء أبناء العائلات الراقية مثلك يمكنني شمهم من على بعد حتى لو كانوا يرتدون ثياب شحاذين"
رمقها باشمئزاز وقال

_"ذلك اليوم .. هل كان لقاؤنا صدفة أم أنكِ خططتِ له مسبقاً وأنتِ من ألقيتِ بنفسكِ أمام سيارتي؟"
ابتسمت بفتنة وهي تميل برأسها جانباً وهزت كتفها بدلال تخبره أن يخمن الأمر فبادلها النظرات بكراهية للحظات قبل أن ينفجر ضاحكاً بقوة لتختفي ابتسامتها الساخرة واستمر هو في الضحك للحظات بهيستيرية قبل أن يقول
_"يؤسفني إذن أن لعبتكِ كانت خاسرة في النهاية ... لقد اخترتِ الشخص الخطأ هذه المرة ... أنا لست بذلك الثراء الذي تتخيلين .. كما أنني لا أهتم لأي شيء ستفعلينه لتبتزيني وتحصلي على المال ... أخبريني كيف تنوين أن تربحي لعبتكِ الآن؟"
حدقت فيه لحظات بغموض قبل أن تقترب لتجلس جواره واقتربت من وجهها ليغمض عينيه عندما لامسته أنفاسها وهي تقول

_"حبيبي ... لعبتي معك أنت بالذات كانت مختلفة ... أنا هوايتي جمع قلوب الرجال وتحطيمها وغالباً أميل لقلوب الأثرياء منهم ومحفظاتهم بالطبع ... أنت كنت .. يمكننا أن نقول .. نوع من التغيير .. الشاب الشرقي المحافظ القادم من الشرق الساحر .. بالتأكيد تحدٍ من نوع جديد وجذاب أيضاً"
هتف بغضب وكراهية
_"أنتِ مريضة"
مررت يدها على خده بنعومة وهي تهمس

_"كلنا مرضى عزيزي ... ثم لا تقلق أبداً ... أنا لا أخرج من لعبتي خاسرة أبداً .. لابد أن أسرق شيئاً عزيزاً للغاية"
ومالت تهمس بأذنها
_"وأنت .. لن تعرف أبداً ما سرقته منك حبيبي"
وابتعدت بسرعة ليهتف
_"لآخر مرة سأقولها (إيفا) .. فكي قيودي وإلا إن تحررت بنفسي لن أُفلتكِ أبداً"
ضحكت قائلة وهي تلوح بمفتاح قيوده
_"كيف تنوي أن تفعل؟ ... أنت ستبقى هنا حتى أغادر"
حدق فيها بذهول قبل أن يهتف

_"سأقتلك (إيفا) .. سأقتلكِ حتماً ... سأجعلكِ تتوسلين الموت عندما أضع يدي عليكِ أقسم"
ابتسمت باستفزاز
_"هذا إن عثرت عليّ يوماً حبيبي وصدقني .. عندما تنتهي لعبتي أنا أختفي كفقاعاتِ الصابون ولا أحد أبداً يمكنه أن يعثر عليّ"
_"أقسم أنني سأجدكِ ... لو تبخرتِ في الهواء سأجدكِ ... لو هربتِ إلى آخر العالم سأبحث عنكِ ومهما طال الوقت سأجدكِ (إيفا) وعندها أقسم أنني سأجعلكِ تتمنين الموت فلا تجدينه .. لن ينقذكِ أحد مني"
تأملته للحظات بصمت ولم يفهم نظراتها تلك وهي لم تمنحه الفرصة ليفكر كثيراً وهي تقترب منه وقبل أن يفهم ما تفعل كانت تقترب حتى التصقت به وذهبت بأنفاسه وهي تقترب من وجهه وتنظر في عينيه وللحظة نسى ما يحدث وخُيل إليه أنه ربما كان يتوهم كل ما قالته قبل قليل، لكن يدها التي تحركت لتلمس قيد يده ذكرته بما يحدث وقبل أن يهتف بها بكل الكراهية التي تحول إليها حبه كانت تقطع المسافة التي تفصلها عن شفتيه وتقبله وانتفض قلبه بذهول وتجمد عقله ولم يستوعب ما يحدث بينما يشعر بها تقبله بعاطفة شديدة أنسته حقيقة وضعهما ولم ينتبه أنها قد فكت قيد إحدى يديه بينما تغرقه في قبلتها وهي مغمضة عينيها ودون أن يشعر رفع يده يحيط عنقها بكفه ويشدها إليه أكثر وأغمض عينيه هو الآخر يبادلها قبلتها بجشع كأن حياته تعتمد عليها قبل أن يستفيق عقله فجأة مستعيداً حقيقة ما يحدث، فانقبضت كفه على عنقها أكثر حتى كاد يخنقها ولم تحاول هي الابتعاد واستمرت في تقبيله حتى شعر بطعم دموعها في قبلته فأدرك أن دموعها سالت بسبب شعورها بألم الاختناق لكنه لم يتوقف ... كان يعتصر عنقها بينما تحولت قبلته لأخرى مليئة بالحقد والقهر والغضب ولم يتوقف إلا عندما شعر بشيء بارد يلتصق بخاصرته ففصل شفتيه عنها وتطلع في عينيها اللتين كانتا تطلعان إليه من بين سحابة دموع بينما تلتقط أنفاسها بصعوبة بعد أن ارتخت قبضته قليلاً حول عنقها وسمعها تقول بصوت مختنق وعينين ميتتين
_"استمر في خنقي حتى الموت وسيكون آخر ما أفعله في هذه الدنيا هو ضغطي للزناد .. لا مانع عندي أبداً من الموت .. لقد قلت أنك ستجعلني أتمنى الموت وها أنت ذا ستمنحني إياه فوراً ... هيا اقتلني ودعنا نرحل معاً .. عامةً .. أنا ليس لي عائلة ولا أحد سيحزن من أجلي وأنت في الواقع تفعل بي معروفاً .. أما أنت فلديك عائلة تنتظرك وأملهم بك كبير ... لابد أنهم سيحزنون لموتك، صحيح؟!"
بادلها النظر بكراهية شديدة لتبسم واقتربت تطبع قبلة أخيرة على شفتيه ودفعته بعدها بقوة ليرجع للخلف وانحلت يده من حول عنقها لتنهض بسرعة ولامست شفتيها بإغواء وهي تهمس
_"سأشتاق لقبلاتك كثيراً"
هتف بها بجنون
_"ستندمين (إيفا) ... أقسم سأجعلكِ تندمين ... ستدفعين ثمن ما فعلتِ غالياً .. أقسم لكِ .. هل تسمعين؟ ... سأجعلكِ تندمين ولو كان آخر شيء أفعله بحياتي"
ابتسمت له ولوحت بيدها التي تحمل مسدسها
_"حظاً موفقاً إذن عزيزي"
تحركت مبتعدة أمام عينيه ليتحرك بعنف من جديد يحاول التحرر رغم معرفته أنه لن يستطيع بينما قالت مشيرة لجوار الفراش

_"المفتاح هناك .. بالقليل من الجهد ستصل إليه وتفك قيودك وحتى ذلك الحين سأكون أنا قد اختفيت من هذه المدينة للأبد"
_"(إيفا) ... لا تهربي .. أقسم بالله سأجدكِ ... لا تهربي (إيفا)"

ألقت له بقبلة في الهواء وهي تتحرك للخارج قائلة
_"وداعاً (آدم)"
هتف باسمها مراراً بقهر بينما يسمع خطواتها تبتعد ليسمع صوت الباب يغلق بقوة ليصرخ بأعلى صوت وبكل القهر والغضب الذي يشتعل داخله

_"سأجدكِ (إيفا) ... أقسم بالله سأعثر عليكِ وستدفعين الثمن غالياً"
وصرخ وهو يضرب الفراش بقبضته الحرة

_"(إيفااااااا)"
انتبه (آدم) على صوت (خالد) يناديه لينتفض بخفوت والتفت ليراه ينظر نحوه بألم وشفقة ليقول بصوت مختنق وهو ينهض واقفاً
_"أنا أشعر بالاختناق ... سأذهب للخارج قليلاً"
نهض (خالد) ليشير إليه متأسفاً

_"أرجوك (خالد) ... سأبقى لوحدي قليلاً .. اتصل بي عندما تخبرك (سمر) أنها قد استيقظت"
هز رأسه وتابعه وهو يتحرك مغادراً بحركات بطيئة ميتة كأنما يحمل أثقال الكون كلها فوق كتفيه ... سقط على مقعده وزفر بحرارة .. الآن فهم ... الآن أدرك لماذا كان يتصرف بهذا الجنون .. كان يتخبط مذبوحاً من الألم ... أرجع رأسه للخلف وأغمض عينيه بينما قلبه يحترق ألماً لأجل صديق عمره .. لا يعتقد أنه سيبرأ قريباً من جرحه ذاك .. لقد وشمته تلك المرأة بجرحٍ لن يبرأ أبداً ...
**************************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 03:40 AM   #289

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تحركت أصابع (سؤدد) برتابة فوق حاسوبها وهي تكتب المقال الذي تنتظره الصحيفة وزفرت بحنق .. حتى متى ستحتمل كتابة هذا الهراء؟ .. اللعنة عليه (منذر صفوان) هو ومن خلفه جميعاً .. كان عليها أن تدعي أنها تخلت عن معركتها معهم وتبتعد عن تحقيقاتها الصحفية لذا طلبت نقلها لصفحة أخرى ... لقد بالغت كثيراً .. كان يمكنها أن تكتفي بطلب إجازة لبعض الوقت ... لقد طلبت نقلها ومديرها يبدو أنه أحب أن يمزح معها بطريقته فنقلها لصفحة الفن والسينما .. بحق الله لا تعرف حتى متى ستستطيع التحمل .. هي واثقة أن (منذر) سيشك فيها حتماًرولن يصدق أنها تراجعت بهذه السهولة .. لا بأس .. تدرك أن معركتها معه ليست سهلة ... تخشى فقط أن يعرف بأي طريقة سبب سفرها للخارج وأنه لم يكن لمجرد تغطية المهرجان .. هذا قد يفسد كل شيء .. تباً له .. هي تشعر أنها تسير على حبل طيلة الوقت وكل خطوة يجب أن تكون محسوبة جيداً .. تنهدت بقوة وهي تردد دعاءاً متوسلاً داخلها أن يسير كل شيء على ما يرام .. أن يمنحها الله القوة ويسدد خطواتها لأنها تطلب العدالة لا أكثر .. توقفت أصابعها عن الكتابة وشردت قليلاً وهي تفكر .. هل سيجد (جاك) تلك الفتاة أم ستضطر لتبحث من جديد عن أخرى .. لا يمكنها أن تنتظر أكثر .. همست برجاء
_"يا رب .. أرجوك .. يسر هذا الأمر .. ليتها تكون على قيد الحياة حقاً واجعله يعثر عليها سريعاً .. يارب"

صوت طرقات تعرف صاحبها جيداً ارتفعت على باب غرفتها فنادت تسمح له بالدخول

_"ادخل يا (سيف)"

فتح الباب ودخل بمرحه المعتاد وهو يهتف

_"مرحباً بصحفيتنا اللامعة ... كيف الحال؟"

ابتسمت مرغمة وهي تقول

_"مرحباً بشقيقي المزعج ... أي رياح ألقت بك هنا؟"

تنهد بحرارة وهو يقترب ليقف خلفها وانحنى بما يسمح طوله، ليسند ذقنه إلى رأسها وهو يقول بحزن مفتعل

_"اشتقت لشقيقتي المشغولة دائماً والتي عادت من السفر ولم أشبع منها بعد"

رفعت يدها دون أن تلتفت للخلف وضربت رأسه قائلة

_"فلتلقي ما بجعبتك أيها النصاب .. أنا أحفظك جيداً ... لاحظت أمس أنك ترغب في الحديث معي ... عيناك تفضحانك دوماً"

ضحك وهو يبتعد قليلاً وقال

_"هذا ما يعجبني فيكِ (سؤدد) .. انتباهكِ الدائم وسرعة بديهتكِ"

هزت رأسها وتابعت كتابتها وهي تنتظر أن يكمل فمال يقرأ ما تكتبه ليقول بحسرة مفتعلة

_"ماذا حدث في الدنيا مؤخراً؟ ... صحفيتنا اللامعة صاحب القلم المحارب أصبحت تكتب مقالات عن الفن .. منذ متى؟"

تمتمت في هدوء وهي تواصل الكتابة

_"منذ بعض الوقت ... من الواضح أنك لا تتابع أخباري مؤخراً .. ظننتك قارئاً متابعاً لكل ما أكتب"

تحرك ليجلس على فراشها ورقد معتمداً على مرفقه وأسند ذقنه لكفه وهو ينظر إليها باهتمام وقال

_"منذ أصبحت مقالاتكِ لا طعم لها ولا روح"

توقفت أصابعها على لوحة المفاتيح وصمتت دون رد بينما راقب ملامحها بتدقيق وقلق أخفاه خلف مرحه وهو يقول

_"ماذا أقول لأصدقائي الآن؟ .. لقد كنت أتفاخر أمامهم بشقيقتي المحاربة التي لا يشق لها غبار"
تنفست بقوة وعادت لتكتب وقالت


_"كتابة مقالات الفن لا يفرق عن باقي العمل الصحفي ... لا تستقل بأي عمل (سيف)"
ضحك بقوة وهو يعتدل قائلاً


_"بالله عليكِ (سؤدد) هل أنتِ مقتنعة بما تقولين؟ .. أنا لا أستقل بأي شيء ... أنا فقط أتحدث عنكِ أنتِ ... أنتِ لم تعملي بالصحافة لتكتبي مقالات عن أخبار الممثلين والممثلات وآخر أخبار السينما (سؤدد) .. من تخدعين بالضبط؟"
لم ترد وواصلت كتابتها ليقول مبتسماً بأسى


_"هل تعرفين أنني كنت أراقبكِ بشغف وأنتِ تكتبين مقالاتكِ القديمة منذ بدأتِ الكتابة وأنتِ بالجامعة؟ .... وقبلها أيضاً .. كنتِ تعشقين الكتابة منذ صغركِ"

تجمدت أصابعها من جديد واستمعت له في صمت وهو يكمل

_"كنت أحب رؤيتكِ وأنتِ تكتبين ... لطالما كنتِ صامتة هادئة طيلة الوقت (سؤدد) .. لا تعبرين عن مشاعركِ .. حتى ابتسامتكِ النادرة إن ظهرت فهي دائماً باهتة لا حياة فيها"

نبض قلبها بألم مع كلماته وهي تسمع كيف يصفها بينما يكمل

_"المرات الوحيدة التي أرى فيها روحكِ حقاً .. وأنتِ تكتبين .. تبدين كما لو أن روحكِ تتوهج وعيناكِ تلمعان بطريقة خلابة ... ملامحكِ كلها تتألق بالحياة ... وعندما أقرأ كلماتكِ أشعر بها تنبض بالحياة هي الأخرى كأنما التقطت الحياة من روحكِ ... هل تعرفين ماذا أرى الآن؟"
كانت تحدق في الصفحة أمامها بعينين شاردتين وقلبها ينبض بقوة ... هي تعرف أنها تشعر بالحياة عندما تكتب .. لكنّها لم تر نفسها كما يقول هو .. لم تعرف أنه يراها بهذه الصورة .. لكنها تعرف الآن كيف يراها ... سمعته يقول بخفوت


_"لا شيء ... خواء .. تحركين أصابعكِ فقط ولا حياة في ملامحكِ ولا كلماتكِ ... لذا دعيني أسألكِ مجدداً .. من تخدعين؟"
التفتت تنظر له مقطبة الحاجبين ليميل مسنداً مرفقيه على ساقيه وأسند ذقنه إليهما وقال بجدية


_"هل هذا أيضاً متعلق بخطتكِ الغامضة تلك؟"
رفعت حاجبيها بدهشة وهي تحدق فيه ليبتسم وهو يهز كتفيه متابعاً


_"آسف ... لقد تصادف وسمعت حديثكِ في المكتبة مع (آدم) ... لم أقصد أن أسترق السمع .. كنت أمر بالصدفة عندما سمعته وهو يحذركِ من خطورة الأمر فلم أقاوم الاستماع للباقي"
تمتمت بضيق


_"هذا ليس خلقاً حميداً (سيف)"

هز كتفيه ببساطة وقال

_"اعذريني حبيبتي ... حياتكِ تهمني (سؤدد) وخوفي عليكِ دفعني لأضع قواعد السلوك والأخلاق جانباً ... دعينا من أخلاقي الآن ولنركز فيما تنوين"

التفتت بمقعدها لتواجهه كُلياً وقالت بجدية

_"لا تقلق (سيف) ... أنت تعرف أن عملي يتطلب في بعض الأحيان بعض الخطورة .. تلك المقالات التي كنت تقرأها لي لم أكن أكتبها وأنا نائمة على وسادة من حرير ... أنت لا تعرف كيف كنت أحصل على معلوماتي ولا مصادري ... لكنني والحمد لله لا زلت على قيد الحياة"

تنفس بقوة مقاوماً إظهار مشاعره وقلقه وهو يقول

_"حتى متى (سؤدد)؟ .. نعم ولله الحمد كانت تحقيقاتكِ تسير على ما يرام وبفضل الله حياتكِ لم تتأذى .. هذا لا يعني أن تخاطري بها حبيبتي .. لا تلعبي بالنار (سؤدد) ... إن كنتِ قد نجوتِ من حريقها سابقاً لا يعني هذا أنكِ ستفعلين كل مرة .. أرجوكِ .. تذكري فقط أننا نحبكِ وأنكِ غالية علينا وحياتكِ تهمنا"

رقت نظراتها له وقالت

_"أعرف (سيف) .. ولا تخف .. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"

هز رأسه وقد عرف مسبقاً أن هذا ما ستقوله وقال

_"حبيبتي ... لا تنسي أيضاً أننا أُمِرنا ألا نلقي بأنفسنا للتهلكة .. أعرف أنكِ تثقين بنفسكِ كثيراً .. لكن هناك حدود لكل شيء (سؤدد) .. لا يمكننا أن نستمر في طريق نعرف أن نهايته خطر"

تمتمت وهي تزم شفتيها بضيق

_"ماذا تريدني أن أفعل (سيف)؟ ... انتظر حتى يصل آذاهم إلى عائلتي .. أتركهم ينجون بأفعالهم .. هل تعرف لماذا (آدم) استمع لي؟ ... لأنهم وصلوا إليه ويحاولون توريطه معهم وبالتأكيد عائلتنا كلها ستتورط بالأمر .. هل تعرف أن حادث اختطاف (وتين) كان بسببهم؟"

اتسعت عيناه بفزع لتكمل

_"هل تريدني أن أتراجع بعد أن تخطوا حدودهم ووصلوا بآذاهم لعائلتي؟ .. ستقول أنه لولا عملي لما تجرؤوا على تهديدي بعائلتي لكن النتيجة واحدة ... هذه المعركة تخصني بكل طريقة تتخيلها"

ردد وهو ينهض ليقترب منها بعد أن لمس الألم الذي بدأ يتسلل لصوتها

_"(سؤدد) .. أرجوكِ أنا فقط .."

قاطعته وهي ترفع رأسها تنظر له بجمود

_"هل تعرف من يقف خلف ذلك الذي أحاربه يا (سيف)؟ ... هل تعرف لماذا أنا مستمرة في طريقي وأنا أعرف خطره؟"
قطب منتظراً إجابتها بتوجس لتتسع عيناه فزعاً وهي تكمل


_"ذلك الرجل الذي دمر حياتي قديماً ... ذلك الوغد لا زال حياً ويتمتع بحياته ويعيث في الأرض فساداً متأكداً من أنه لا أحد أبداً سيستطيع أذيته"

حدق فيها بارتياع بينما قبضت يدها بعنف وهي تردد بتوعد

_"لكنني سأصل إليه بأي طريقة وسأدمر كل عالمه ولن أرتاح حتى ألف حبل المشنقة حول عنقه"

والتفتت تنظر له بعينين ميتتين وهي تقول

_"لا تطالبني بما لا أستطيع فعله (سيف) ... هذه المعركة ثأري الخاص ولن أتخلى عنه"

تأملها ملياً بشفقة ليقول

_"(سؤدد) .. أرجوكِ .. أنا لن أطلب منكِ أن تنسي ثأركِ ... لكن لا تدعي ذلك الحقير يدمر ما بقي من حياتكِ .. أنتِ محقة في رغبتكِ .. لكنكِ منذ البداية سمحتِ له بالانتصار عليه"

حدقت فيه بعينين متسعتين ليكمل وهو يصمم ألا يتراجع هذه المرة .. عليها أن تسمعه حتى النهاية علّها تستفيق وتدرك أن هذه ليست حياة تلك التي تصر عليها

_"أجل (سؤدد) ... لقد تركتِه ينتصر عليكِ قديماً وحتى الآن .. ذلك الحقير تقصد قتل روحكِ وأنتِ تركتِه ينجح ... لقد توقفتِ عن الحياة .. عن الابتسام بصدق .. توقفتِ عن الضحك ... عن الحب (سؤدد)"
واقترب منها خطوة وهو ينظر لها بعينين دمعتا وهو يتابع بتوسل


_"هل تعرفين كم اشتقت لضحكاتكِ ومرحكِ؟ ... أنتِ كنتِ قدوتي وفتاتي المفضلة والأولى وكنت أتطلع إليكِ دائماً .. ضحكتكِ كانت تنير منزلنا .. رغم أنني كنت صغيراً لكنني لا زلت أذكرها ولا زلت أشتاق لأسمعها ... اشتقت لرؤيتكِ سعيدة وحية (سؤدد) ... لذا توقفي عن السعي نحو الموت بهذه الطريقة .. أرجوكِ ... أنا أريد شقيقتي التي فقدتها .. أريد رؤية ضحتكِ من جديد (سؤدد) .. لا تدعيهم يستمرون في انتصارهم عليكِ حبيبتي أرجوكِ"

لم تدر أنها كانت تحدق فيه بعينين متسعتين وأن الدموع قد تجمدت فيهما دون أن تدري ولم تشعر به عندما اقترب فجأة واحتضنها بقوة لتنتفض وحاولت الابتعاد، لكنّه شدد ذراعيه حولها وهو يهمس بتوسل

_"أرجوكِ ... توقفي عن الموت (سؤدد) ... أرجوكِ شقيقتي"

شعرت بدمعة سقطت من عينه لتلامس عنقها ولم تشعر بنفسها وهي ترفع ذراعيه تحيط خصره واستسلمت لعناقه وأغمضت عينيها تمنع دموعها وهي تسمعه يتوسلها من جديد وبقيت مغمضة عينيها تقاوم رغبتها في الانهيار والبكاء بين ذراعيه .. تريد الاستسلام .. (سيف) كان يمنحها ما حرمت نفسها منه طويلاً .. ذلك الدفء والاحتواء والأمان الذي اشتاقت لتشعر بهم .. كانت تعرف أنه محق وأنها فقدت قدرتهاعلى الحياة ... تعرف أنها طيلة السنوات الماضية كانت تتنفس فقط ... لكنها لم تكن على قيد الحياة ... عادت كلماته تتردد داخلها من جديد تخبرها أن أعداءها سبق وانتصروا عليها وهي سمحت لهم ... تنفست بقوة تحاول استعادة تحكمها بنفسها .. لا .. دموعها وانهيارها تعني ضعفها ... لقد بكت كثيراً في الماضي .. بكت وصرخت كثيراً ولم يسمعها أحد ... لو أنها لم تكن ضعيفة ولقمة سائغة لما استطاعوا أذيتها .. لا .. هي لن تكون ضعيفة مرة أخرى ... أبداً .. لن تسمح لهم في الاستمرار بانتصارهم عليها .. (سيف) محق لكنه لا يعرف أنها لن تعود للحياة من جديد إلا في حالة واحدة فقط .... أن تحصل على انتقامها .. انتظمت أنفاسها مع تردد الفكرة الأخيرة بعقلها وأخذت نفساً عميقاً وتململت بين ذراعيه قبل أن تبتعد ورفعت رأسها تتطلع لعينيه الدامعتين ورقت نظراتها له ورفعت كفها تربت على خده هامسة

_"شكراً لك (سيف)"

ارتفع حاجباه في تأثر وهو ينظر لها وفتح فمه ليتكلم لكنّها منعته وهي تبتعد خطوة للخلف وتقول

_"أنا سأكون بخير .. ولطالما أعرف أنكم جانبي وتدعمونني فأنا واثقة أنني سأكون قوية وسأكون بخير دائماً"
تنفس بقوة وقرر الاكتفاء بما قاله للوقت الحالي وربت على شعرها بحنان وقال


_"أنا معك دائماً حبيبتي وتذكري دائماً أن عينيّ لن تغفلا عنكِ أبداً"

ابتسمت بخفوت فمط شفتيه وابتسم وهو يقترب منها وقال وهو يميل ليطبع قبلة حانية على رأسها

_"سأنتظر عودة شقيقتي الحبيبة بفارغ الصبر (سؤدد) .. لا تدعيها تتأخر كثيراً"

هزت رأسها ليبتسم في حنان وتحرك مغادراً الغرفة تتبعها عيناه لتتنهد بعدها بقوة وهي تلقي بجسدها على الفراش وهي تشعر أن جزءاً من الجبل الثقيل فوق روحها قد تخلخل .. تنفست بقوة وهي تستعيد كلماته مراراً بينما تغمض عينيه وترجع بعقلها للخلف مستعيدة تلك الأيام التي تحدث عنها ... حين كانت سعيدة وعلى قيد الحياة.
**********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-11-18, 03:42 AM   #290

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تقدمت (شاهي) بخطوات أنثوية وابتسامة ساحرة لتستقبل (منذر) الذي أخبرها الخادم عن وصوله فأسرعت لاستقباله بعد أن أشار لها زوجها لتسبقه، فرمقته بنظرة مشمئزة جعلته يرميها بأخرى متوعدة قابلتها باستخفاف تخبره دون كلمات أنها ما عادت تهتم ... سارعت تقطع الخطوات التي تفصلها عن ضيفها الذي دخل للمكان بخطوات واثقة وراقبته باهتمام بينما تنزل درجات السلم وهو يخلع معطفه ويناوله للخادم والتفت ينظر نحوها بعد أن التقط صوت خطواتها .. ذلك الرجل يشع بالثقة بطريقة مستفزة .. قاومت مشاعرها وهي تبتسم بفتنة وتنزل الدرجة الأخيرة وتتقدم نحوه قائلة برقة

_"مرحباً بك سيد (منذر) ... بيتنا أنار بقدومك حقاً"

رمقها بنظرة أثارت قشعريرة بداخلها بينما يلتقط كفها ويرفعه إلى شفتيه وطبع قبلة رقيقة عليه وهو ينظر في عينيها قائلاً بصوتٍ قادر على أن يذهب بعقل أي امرأة

_"لن أبالغ لو قلت أن مصدر النور هنا هو وجود امرأة فاتنة مثلكِ عزيزتي"

ضحكت وهي تسحب يدها برقة من كفه وأشارت نحو غرفة الجلوس ليتقدم جوارها

_"تفضل من هنا ... (مختار) سينزل حالاً"

ابتسم باستخفاف وتحرك ليجلس على الأريكة الوثيرة وراقبها وهي تشير للخادمة أن تحضر ضيافته وجلست بعدها ووضعت ساقاً فوق أخرى لترتفع تنورة فستانها قليلاً .. سمعها تقول بنعومة

_"الحمد لله أنك وجدت لنا وقتاً بجدول أعمالك المزدحم سيد (منذر) .. كنت سأحزن كثيراً لو رددت دعوتنا"
ابتسم قائلاً بعبث

_"قلت لكِ أنني لا يمكنني أن أرد دعوة امرأة فاتنة مثلك عزيزتي .. عارٌ عليّ إن فعلت"

كادت ترد عليه لولا دخول زوجها مسرعاً ولوت شفتيها خُفية وهي تسمعه يقول بتزلف ونفاق واضح

_"مرحباً ... مرحباً (منذر) باشا ... لقد أضاء منزلنا بقدومك سيدي"

قاومت احساساً بالغثيان لطالما انتابها في كل مرة تراه في أحد عروض نفاقه المستفزة وانتقلت بعينيها إلى (منذر) الذي كان يصافحه ببرود وكانت قادرة على رؤية نفوره وأدركت أنه يدرك مدى نفاق زوجها ولا يطيق طريقته تلك ... جيد جداً ... سيكون الأمر سهلاً .. ذلك الأحمق يتلاعب بعداد عمره دون أن يدري ... (منذر) لا يحتاجها ليكره ذلك الرجل .. ابتسمت بعبث .. سيكون الأمر ممتعاً للغاية .. انتبهت لنظرات (منذر) المدققة فابتسمت برقة تخفي أفكارها لتبهت ابتسامتها ما أن التفت إليها (مختار) قائلاً

_"يجب أن أشكر زوجتي الحبيبة لأنها استطاعت إقناعك بالحضور (منذر) باشا ... أعرف أنك لا تحب هذه الدعوات وأخبرتها بهذا لكنّها راهنت على كرمك وصممت أن تذهب لدعوتك"

الكاذب الحقير .. هتفت داخلها وهي تقاوم حتى لا تبصق في وجهه أو تظهر كراهيتها له أمام عيني (منذر) المدققتين، لكنّها لم تستطع منع نفسها من التجمد ما أن اقترب ليحيط خصرها بذراعه وهو يقول بنعومة جعلتها تشعر أن ثعباناً التصق بها وكادت تفرغ معدتها عندما مال ليقبل خدها وهو يقول

_"شكراً لكِ حبيبتي"

ابتسم (منذر) بعبث وتألقت عيناه وهو يلتقط نفورها الذي بالكاد ظهر وصفق لها داخله معجباً بثبات أعصابها .. لولا انتباهه الشديد وحدة ملاحظته لفاته رؤية تلك الحظات فهي في ثوان بدلت تعابير جسدها وابتسمت بنعومة وقالت وهي تبتعد بطريقة بدت طبيعية للغاية

_"دقائق قليلة ويوضع العشاء"

واعتذرت مغادرة الغرفة ليبتسم (مختار) في حرج مفتعل وحاول فتح حوار ما مع ضيفه الذي نظر له ببرود وقال

_"كيف حال العمل سيد (مختار)؟"
هتف بسرعة

_"بخير سيدي"

رفع ساقاً فوق أخرى وقال ببرود

_"أنا أكره المجاملات بالعمل سيد (مختار) .. أحب من يركزون بعملهم ويؤدون ما هو متوقع منهم ... لا تتوقع مني أي مجاملات على حساب العمل، مفهوم؟"

هز رأسه وهو يحاول التحكم في تعابيره بينما يؤكد له أنه ملتزم بما يتوقع منه وأنقذه من الحديث الثقيل دخول (شاهي) وهي تبتسم باتساع موجهة حديثها لضيفهما

_"أرجو ألا يكون (مختار) قد أزعجك بحديثه عن العمل"

والتفتت لزوجها ورمقته بشماتة خُفية عن عينيّ (منذر)

_"دائماً أخبره أن يفصل العمل عن المنزل وعن العلاقات الشخصية ولكن لا فائدة"

والتفتت نحو (منذر) وقالت وهي ترسم تعبيراً بائساً مفتعلاً كان قادراً على رؤية السخرية التي تختفي خلفه وقاوم ابتسامته بصعوبة

_"إنه لا يتعلم أبداً ويصر على ما يفعله ويقحم العمل في كل شيء"

واقتربت تجلس قبالته قائلة بدلال بدا شديد البراءة

_"أرجوك انصحه أن يتوقف قليلاً .. من أجل صحته على الأقل"

ضحك قائلاً

_"أعتقد أنني آخر شخص يمكنه تقديم النصيحة في هذا الشأن"

قالت بمرح

_"أحقاً؟"
_"بالتأكيد .. أنتِ تتحدثين مع رجل حياته يقضي معظم حياته بمكتبه عزيزتي"

لوت شفتيها دون تصديق قبل أن تبتسم وتقول

_"آه .. ياللرجال"

ضحك لتبادله ضحكته بينما ضحك (مختار) ضحكة صفراء باهتة وهو ينظر لهما ... استمر الحديث بمواضيع جانبية لبعض الوقت حتى قاطعته إحدى الخادمات وهي تخبرهم أن العشاء جاهز لتقوم (شاهي) وتشير لضيفهما بابتسامة واسعة ليتوجهوا جميعاً للمائدة ... لم تمض بضع دقائق على بدء العشاء حتى رن هاتف (مختار) ليلتقطه بسرعة فابتسمت داخلها بسخرية لتقول وهي تنظر لـ(منذر)

_"أرجو ألا تكون أنت أيضاً معتاداً على جلب هاتفك الخاص بالعمل إلى المقابلات الشخصية"
ابتسم لها مجاملاً بينما عيناه تعلقتا بمضيفه بغموض وابتسم بعبث متوقعاً ما سيحدث والذي لم يخالف ظنه حين هتف (مختار) فجأة بحدة

_"ماذا تقول؟ ... كيف حدث هذا؟ ... لا .. أنا قادم ... كنت أعرف أنني أعتمد على أغبياء"

وأغلق الهاتف ورفع عينيها لهما وقال باعتذار

_"أعتذر منك (منذر) باشا ... حدثت مشكلة ويحتاجون لوجودي حالا"

ردد (منذر) باهتمام مفتعل وهو يضع شوكته

_"أرجو ألا تكون مشكلة كبيرة .. دعنا نذهب معاً"

هتف بسرعة وهو ينظر لزوجته بحدة

_"لا سيدي .. لا حاجة لذلك .. لا أريد أن أفسد عليك عشاءك ... إنها مشكلة ستحل سريعاً وسأعود في الحال ... أرجو أن تستمتع بضيافتك"
والتفت نحو زوجته التي كانت تكز على أسنانها وتحاول التحكم بأعصابها مدركة ما يفعله

_"حبيبتي .. اهتمي بالسيد (منذر) .. دعيه يشعر أنه ببيته"
قالت بابتسامة بدت أنها التصقت بشفتيها

_"لا تقلق ... سأفعل بالتأكيد"

اعتذر من ضيفه مرة أخرى وانصرف وأعينهم تتبعه ليلتفت (منذر) نحوها ولم تفته نظرة الكراهية الواضحة التي رمت بها زوجها وهو ينصرف بينما كانت هي تدعو الله داخلها ألا يعود أبداً ... التفتت نحو (منذر) الذي سارع يرسم ابتسامة على شفتيه ويقول

_"إنه العمل"
ابتسمت بتشنج ليقول وهو ينظر نحوها بعبث

_"لم يبق سوانا"

اختفت ابتسامتها مع نظرته وعاودتها مخاوفها بينما تابع بمرح خفف قليلاً من توترها

_"لو أعرف أن هذا سيحدث لدعوتكِ للعشاء بالخارج"
ابتسمت وقالت وقد قررت أن تستغل الفرصة التي افتعلها (مختار) لكن لصالحها هي

_"بالتأكيد كان سيسعدني لو فعلت"
وابتسمت بحزن رقيق

_"أنا أحب الخروج لكن للأسف (مختار) كما رأيت .. مشغول دائماً بعمله ولا يحب الخروج .. إنه يستخف بي عندما أطلب منه ذلك ويتهمني بالدلال وأنني لا أعرف كيف يتعب في العمل وأنه يعمل كل هذا من أجلي"

بالغت في التعبير عن حزنها وإحساسها بالملل لانشغال زوجها الدائم عنها وقابلتها نظراته الغامضة وهو يقول مبتسماً

_"حسناً ... إذا كان لن يمانع .. يمكنني أن أدعوكِ للعشاء في الخارج إن أحببتِ"

هتفت بحماس

_"حقاً؟"
أومأ برأسه لتصفق بيدها قائلة

_"بالتأكيد يسعدني كثيراً"
_"حسناً اتفقنا ... وفي أي وقت تشعرين بالملل اتصلي بي فقط وأنا سأكون بالخدمة"

قالت بامتنان وابتسامة ساحرة

_"لا أعرف ماذا أقول ... شكراً كثيراً .. أخشى أن أشغلك عن عملك و"
_"لا تقلقي ... لا أحب إليّ من أن أدخل السعادة لقلب امرأة"

منحته أكثر ابتسامتها فتنة قبل أن تتابع تناول العشاء وهي تنقل الحديث لموضوع آخر وداخلها كانت تدعو الله أن تنتهي الليلة كما تأمل .. لا يجب أن يغادر (منذر) بيتها إلا وقد ضمنته تماماً .. حسناً .. لقد أخذت منه وعداً بالعشاء وأنه سيخرج معها في أي وقت لكنّها يجب أن تتأكد أنها لم تكن دعوة عابرة مجاملة منه ... يجب أن تتأكد من ألا تخسر فرصتها لدخول حياته بأي طريقة

***********************

أغلقت (آنجيليكا) حقيبتها وأخذت نفساً عميقاً تحاول التحكم في دموعها وتوجهت بعدها لمرآتها وتوقفت لتنظر لنفسها بتدقيق .. كانت قد أخفت شعرها تحت قبعة محكمة وتنهدت بقوة .. ستعاني كثيراً لتخفي ملامحها الحقيقية ... هي خائفة .. خائفة جداً من أن يكتشف حقيقتها أحد هناك .. خائفة من أن يصلوا إليها .. لكنّها مضطرة .. يجب أن تسافر من أجل (جوليانو) ... لم تعثر على أي عمل مناسب هنا وحديثها الأخير من الطبيب أخبرها أن الوقت ليس في صالح شقيقها ... عرض (ألفريدو) ذاك جاء بوقته .. رغم الخطورة التي يحملها لكنّها قررت أن تخاطر ... رفعت رأسها للسماء ودعت برجاء .. ألا تكون الآن تخطو في الطريق الخطأ ... فليرفق الله بها وليرحم ضعفها ويوفقها فيما ستفعله .. انقبضت يداها حول قماش فستانها وهي تتنفس بقوة قبل أن تحسم أمرها وتحركت بعدها لتحمل حقيبتها وتغادر غرفتها لتتوقف بألم وقد عاودها التردد ما أن وقعت عيناها على شقيقها الذي جلس على الأريكة دافناً رأسه بصدر الجدة (أنيتا) يبكي بصمت بينما هي تقول بحنان

_"يكفي صغيري .. ألم نتفق؟"

ابتلعت لعابها بصعوبة وهي تتجه نحوهما وجلست أرضاً أمامه ومسحت على شعره بحنان وهي تقول

_"(جولي) .. أرجوك لا تجعلني أرحل وأنا حزينة .. حبيبي أنت من تعطيني القوة لأواصل .. أرجوك لا تجعلني أرى دموعك آخر شيء"

ترك حضن الجدة ليلقي بنفسه بين ذراعيها ويهتف باكياً

_"أنا آسف .. آسف (آنجي) .. هذه أول مرة تسافرين وتتركينني وحدي"

ربتت على شعره بحنان وهي تحاول التحكم بدموعها

_"حبيبي .. كيف تكون وحدك؟ ... انظر .. معك الجدة (أنيتا) و(ماريا) و(بيدرو)"

ثم ضحكت من بين دموعها وهي تقول بمرح

_"وهناك أيضاً صديقتك (صوفيا) ... كيف تقول أنك وحدك إذن؟"

هز رأسه هاتفاً

_"لكنكِ ستكونين وحدكِ"

ابعدته تمسح دموعه بحنان وهمست برقة

_"لست وحدي ... أنت معي دائماً حبيبي .. أنت تدعمني"
وأمسكت سلسلتها وفتحتها لتشير لصورة والديهما مكملة

_"ومعي أبي وأمي و(لوسي) أيضاً .. جميعكم معي .. هيا امسح دموعك لا أريد أن تودعني بها .. أنا لن أسافر خارج البلاد لتفعل كل هذا .. أنا سأعمل بالمدينة وسأعود في أقرب وقت لا تقلق"

احتضنها بقوة وهو يهتف

_"لا تغيبي كثيراً أرجوكِ"

بادلته عناقه وهي تغمض عينيها تتنفس رائحته تتزود منها باشتياق

_"لن أفعل"
_"سأشتاق إليكِ كثيراً (آنجي)"
_"أنا أيضاً حبيبي ... سأشتاق لك كثيراً جداً .. أنا أشتاق لك من الآن"
ومسحت دموعه بحنان وقبلت رأسه قائلة

_"اعتني بنفسك وبالجدة (أنيتا) .. ولا تهمل دواءك، حسناً؟"

هز رأسه لتقبله مرة أخرى ونهضت لتقابل عيناها وجه الجدة الباكي فهزت رأسها وهي تبتسم لها بلوم لتنهض الجدة وتحتضنها بحنان وهي تقول

_"اهتمي بنفسكِ جيداً حبيبتي"

_"سأفعل ... أرجوكِ جدتي .. أنا أترك (جوليانو) أمانة لديكِ .. اعتنيا ببعضكما .. سأتصل لأطمأن عليكما دائماً"

ربتت على كتفها بحنان قائلة

_"لا تقلقي حبيبتي ... كل شيء سيكون على ما يرام .. اهتمي أنتِ بنفسكِ ولا تهملي طعامكِ"

أومأت برأسها واحتضنتها مرة أخيرة والتفتت لتحمل حقيبتها ليسرع (بيدرو) بحملها وهو يقول

_"سأسبقكِ للأسفل"
ابتسمت له بامتنان والتفتت نحو صديقتها التي لا زالت غاضبة منذ عرفت بموافقتها على العمل فقط لأنه جاء من طرف (ألفريدو) .. وقفت أمامها وابتسمت بحزن ولم تقاوم (ماريا) مشاعرها ورمت بغضبها جانباً واحتضنتها بقوة وهي تهتف

_"اهتمي بنفسكِ أيتها الحمقاء"
همست بصوت مختنق بالعاطفة

_"سأفعل"

ضربت على ظهرها قائلة

_"واحترسي من ذلك الوغد (ألفريدو)"

ضحكت وهي تهز رأسها

_"حسناً"
_"إن حاول الاقتراب منكِ لا تترددي ... لقنيه درساً كذلك المدير الوغد واتصلي بي وسآتي فوراً وأقتله"
ضحكت أكثر من بين دموعها وهي تهز رأسها من جديد قبل أن تحتضنها بقوة

_"سأتصل بكِ دائماً (ماريا) .. اعتني بنفسكِ وبـ(بيدرو)"

_"بالتأكيد .. سأنتظر اتصالكِ دائماً ... هيا حتى لا تتأخري على حافلتكِ .. (بيدرو) سيوصلكِ حتى موقف الحافلات .. اتصلي بي فور أن تصلي للمدينة بسلام"

_"حسناً"
التفتت تودعهم مبتسمة وأسرعت تغادر الشقة قبل أن تغلبها دموعها تاركة الجميع خلفها ينظرون حيث اختفت بأسى وألم شديد وعاد (جوليانو) ليبكي في حزن لتحتضنه الجدة قائلة بحنان

_"لا تبكي صغيري كما أخبرتك ... هي ستكون بخير .. إنها قوية ومحاربة وتعرف أنها ستعرف كيف تعتني بنفسها .. قريباً ستعود لنا بخير ... أنا متأكدة أن الرب لن يخذل ذلك الملاك الطيب أبداً وسترى بنفسك"

هز رأسه ومسح دموعه بقوة وابتسم قائلاً

_"أنا أعرف جدتي ... أنا فقط سأشتاق لها كثيراً"
ونظر للسماء يدعو برجاء أن يوفق الله شقيقته ويحفظها من كل شر وأن تعود له بسلام

*****************

أنهى (بيير) مكالمته وتنهد بقوة وهو يلقي الهاتف جانباً فوق الفراش واستلقى للخلف بإجهاد ... (هشام رضوان) بالمشفى .. كان يتوقع هذا ... لقد كان مريضاً بوضوح عندما قابله في مكتبه ... لم يبد كذلك الرجل الذي قابله قبل سنوات حين أتى لزيارة (سيلينا) حين مرت بتلك الفترة العصيبة من حياتها ... أغمض عينيه لا يريد أن يتزكر كيف كانت حالتها .. لقد ندم أنه سمح لها بالسفر إلى هنا ... أراد أن يأخذها ويسافر، لكنّ والدها و(هشام) وقفوا له بالمرصاد وكاد يتشاجر مع والدها ويخبره برأيه الحقيقي فيه وأنه السبب في كل ما أصابها وأنه لو كان يخاف عليها لما تخلى عنها بالمقام الأول، لكنّ رؤيته لحالة الرجل جعلته يمنع نفسه من جرحه ولو بالكلمات ... كان يبدو مصدوماً ومتألماً بشدة وهو يرى حالتها ... لم يصدق حتى عندما رآه يبكي بحرقة وهو يحتضنها أثناء نومها الذي أجبرها الأطباء عليه بتخديرها أغلب الوقت ... لم يفكر كثيراً في الأمر فالبنسبة له كان ما يفعله هو يقظة ضمير متأخر لا أكثر .. لكنّه كالعادة احتفظ برأيه لنفسه .. ما جعله يغادر في النهاية بعد أن اطمأن عليها هو (هشام) ... هو وحده وثق به ... لقد رأى بوضوح صدق مشاعره تجاهها وكيف تقبلها سريعاً ورأى بوضوح أنه بسط عليها جناح الأخ الذي حُرِمت منه طويلاً ... رغم أنها قاومت محاولات (هشام) المستميتة لتقبله في حياتها، لكنّه لاحظ مشاعرها الحقيقية نحوه وعرف أن (هشام) سينجح في اكتسابها لصفه ولم يخب ظنه رغم أنها أجبرته على ابقاء حقيقة علاقتهما سراً .. و(هشام) لم يستسلم حتى اللحظة ... هو استشعر في الفترة الأخيرة أنها بدأت تعترف أخيراً بحاجتها لعائلتها ... تنهد بقوة وهو يدعو أن يجدها بخير فقط وسيعمل على ألا يجعلها تغيب عن ناظريه أبداً .. حتى لو حاول أخوها منعه لن يسمح له هذه المرة ... لقد تركها في حمايته مرغماً المرة السابقة وها قد تعرضت للخطر رغم الحماية التي فرضها عليها (هشام) والحراس الذين كلفهم بحمايتها ... فليجدها فقط وسيأخذها ويسافر بعيداً .. فقط فلتكن بخير .. لا زال يبحث عنها ورجاله يبحثون عن أي دليل يقوده إليها كما أن (هشام) كلف رجاله بالبحث عنها فور أن عرف بأمر اختفاءها ... بجهودهما سوياً يعرف أنهما سيصلوا إليها سريعاً .. لكن المهم ألا يصلوا بعد فوات الأوان .... انتزعه رنين هاتفه من أفكاره فالتقطه سريعاً ولم يكد يسمع صوت محدثه حتى قطب حاجبيه وهتف بعد لحظات ما أن استوعب الأمر

_"من؟ ... ماذا؟ ... أين المكان؟ ... حسناً حسناً أنا قادم في الحال .. شكراً لك"

أغلق الهاتف وأسرع يرتدي ثيابه سريعاً وغادر المكان بقلب خافق بجنون ورجاء

**********************

انتهى الفصل الثاني عشر

إن شاء الله ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم

قراءة ممتعة
أرق تحياتي

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.