آخر 10 مشاركات
ديزي والدوق (44) للكاتبة :Janice Maynard .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          1128 - طيف من الحلم - آرلين جايمس - دار النحاس ... ( عدد جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          369 - جزيرة الحب الضائع - سارة مورغن (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          203 -حب من أول نظرة / سالى وينت ورث )(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          مستأجرة لمتعته (159) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غريق.. بين أحضانك (108) للكاتبة: Red Garnier *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree975Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-18, 09:10 PM   #301

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة may lu مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الخير عليكم جميعاً وجمعة مباركة للجميع ويا رب تكونوا دايماً بخير وسلام

المفروض كنت كتبت الاعلان ده قبل أيام لكن انشغلت جدا لأن امتحاني خلاص بعد أيام قليلة ومحتاج مني كل تركيز ووقت

بعتذر منكم الفترة دي لأن صعب أكتب وأنا دماغي مشغولة بالامتحان وقلقانة بسببه جداوالنفسية مش في أحسن حالاتها

مش هقدر أنزل الفصل الجديد النهاردة والأسبوع الجاي للأسف لحد ما يمر الامتحان على خير

بعتذر منكم كتيييير وإن شاء الله بس يعدي الامتحان بخير أعوضكم بفصل طوييييييل

دعواتكم

أرق تحياتي للجميع

مساء الفل والياسمين... سيتم اغلاق الرواية لمدة اربعة ايام ل يشاهد المتابعين معك اعتذرك عن فصل اليوم وفصل الأسبوع القادم ...

ربنا ييسر لك اجتياز الامتحان ويكتب لك النجاح الذي تتمني...

تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق بإذن الله تعالى... في حفظ الله ورعايته...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 27-11-18, 01:48 PM   #302

الاف مكة

? العضوٌ??? » 303578
?  التسِجيلٌ » Aug 2013
? مشَارَ?اتْي » 543
?  نُقآطِيْ » الاف مكة is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

الاف مكة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:39 PM   #303

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الورد عليكم جميعاً وإن شاء الله تكونوا بخير

معلش تأخرت كتير عليكم بس الحمد لله بكرة آخر يوم بالامتحانات ... دعواتكم
كنت هأجل الفصل ليوم الجمعة وأنزله مع الفصل 14 بس كده كتييير قوي وتأخرت كفاية عليكم
وحاولت أنزله أمس لكن النت كان سيء جداً

الفصل طويل ويا رب يعجبكم ... إن شاء الله الفصل الجاي يوم الجمعة

قراءة ممتعة

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:42 PM   #304

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث عشر


ما زلت أحيا كلَ ما عشناه يوماً
رغم أن العمرَ .. أيامٌ قصار
والحبُ في الأعماق بركانٌ يدمرنا
وبين يديكِ ما أحلى الدمار
والشوق رغمَ البعدِ
أحلامٌ تطاردنا
وما زلنا نكابر كالصغار
فالهجرُ في عينيكِ هجرُ مكابرٍ
هل تهرب الشطآن
من عشقِ البحار
أدمنتُ حبكِ مثلما
أدمنتُ في البحرِ .. الدوار
فلقاؤنا قدرٌ
وهل يُجدي مع القدرِ الفرار
"فاروق جويدة"
********************
تقلبت في الفراش عندما شعرت بحركة جوارها وحركت يدها تتحسس مكان (آدم) لتقطب في حيرة قبل أن تفتح عينيها وتنظر جوارها .. أين ذهب؟ .. هل نهض لتوه أم أنها كانت تتوهم؟ .. تنهدت بقوة وهي تعتدل ونادته ليجاوبها الصمت وخفق قلبها في قلق وكل مخاوفها عادت لتنبض داخلها بوحشية ... لا تستطيع التخلص من ذلك الهاجس داخلها أنها ستفتح عينيها ذات يومٍ لتجده قد رحل وتركها كما فعل والدها من قبل ... شعرت بالاختناق فسارعت تنهض من الفراش وارتدت خُفها المنزلي سريعاً وغادرت غرفتهما بقميصها الخفيف ليصفعها البرد في الخارج لكنّ توترها لم يجعلها تلتفت للبرد ... نادت اسمه باختناق وذلك الخوف يقرض قلبها أكثر .. ماذا أصابها؟ .. انتبهت له يقف في الشرفة يتحدث بالهاتف وعلى جبينه تقطيبة زادتها قلقاً .. ما الذي يزعجه لهذه الدرجة؟ .. تحركت بخفة تجاهه ووقفت خلفه وكادت تفتح فمها لتناديه حين سمعته يهتف باستنكار
_"ماذا تقولين (راندا)؟ .. لماذا لم تخبريني قبل أن تحضري؟ ... ماذا؟ .. أردتِ أن تفاجأينني .. بحق الله (راندا) .. ماذا لو كنت مسافراً خارج البلاد؟"
(راندا)!! ... أليس هذا اسم شقيقته؟ .. لماذا هو غاضبٌ منها؟ .. راقبته وهو يزفر بقوة مغمضاً عينيه قبل أن يهتف من جديد بذهول
_"ماذا؟! .. (رُبا) هنا هي الأخرى؟! .. يالله .. (راندا) .. لا .. لستُ غاضباً .. أنتِ فاجأتِني فقط .. أين تنزلان؟ .. حبيبتي لستُ غاضباً صدقيني .. حسناً سآتي .. نعم أعرف الفندق .. لن أتأخر .. أنا أيضاً أحبكِ يا مشاكسة .. انتبهي لنفسكِ أنتِ و(ربا)"
ابتسم أخيراً، لكنّها رأت ما يختفي وراء تلك الابتسامة وتراجعت للخلف قليلاً وهي تسمعه يودع شقيقته قبل أن يغلق الهاتف ويزفر بقوة وهو يضرب سور الشرفة وهو يردد
_"ما العمل الآن يا ربي؟ .. سامحكِ الله يا (راندا)"
التفت ليعود لغرفتهما ليتجمد مكانه ما أن لمحها تقف وجاهدت حتى لا يظهر على تعابيرها أي شيء ... سمعته يهتف وجلاً
_"حبيبتي .. أنتِ هنا؟ .. هل أيقظتكِ؟"
نظرت له للحظات قبل أن ترسم ابتسامة ناعمة وأسرعت نحوه واحتضنته ووضعت رأسها على صدره وسمعته يسأل بقلق
_"هل أنتِ بخير؟"
غمغمت

_"لقد شعرت بالبرد فجأة عندما تركتني وحدي"
ضحك وهو يقول بينما يده تدلك ذراعها العاري
_"بالطبع ستشعرين بالبرد .. كيف تقفين هكذا بثيابكِ الخفيفة؟"
وقادها بعيداً عن الشرفة وهو يقول بحذر
_"منذ متى تقفين هنا؟"
استشعرت نبض قلبه المتسارع .. إنه يخفي عنها شيئاً وهو قلق من أن تكون قد استمعت له رغم أنه يعتقد أنها لا تعرف اللغة العربية .. رغم أن لغتها تضررت بمرور كل هذه السنوات دون أن تتحدث بها لكنّها لا زالت تستطيع فهمها ... هي لم تخبر (آدم) بهذه الحقيقة .. لقد قررت دفن جزءها العربي داخلها منذ فقدت كل شيء .. سمعته يهمس اسمها بقلق فهزت رأسها قائلة
_"لا تقلق حبيبي .. لن ألتقط البرد لأنني وقفت فيه بضع ثواني"
_"كل مرة تقولين هذا ثم تمرضين وأتورط أنا في تمريضكِ"
رفعت وجهها له وهي تزم شفتيها

_"هل تسأم مني وأنا مريضة؟"
قرص خدها قائلاً
_"حمقاء .. أنا فقط لا أحب رؤيتكِ مريضة وضعيفة .. قلبي لا يحتمل"
مالت تطبع قبلة فوق قلبه وهي تهمس
_"قلبك هذا حبيبي"
احتضنها بحب وران الصمت لبرهة همست بعدها
_"مع من كنت تتحدث (آدم)؟ .. بدوت غاضباً .. هل الأمر خطير؟"
شعرت بتشنج جسده فقطبت بقلق بينما سارع ليقول
_"لا حبيبتي .. لا تقلقي .. صديق لي واقع في مشكلة ويحتاج لمساعدتي .. سأذهب له بعد قليل"
انحبست أنفاسها واتسعت عيناها لتحمد الله أنها كانت تخفي وجهها في صدره حتى لا يرى صدمتها .. (آدم) يكذب .. إنه يكذب عليها ..لماذا؟ .. ما الذي يخفيه؟ .. هي تعرف أنه كان يتحدث مع شقيقته .. وأنه سيذهب ليقابلها بعد قليل في ذلك الفندق الذي تنزل به هي وتلك الأخرى (رُبا) .. لماذا لا يخبرها صراحةً؟ .. لماذا يكذب؟ .. حاولت طرد مخاوفها .. بالتأكيد لديه سبب .. لن يكذب عليها متعمداً .. لكنّه في النهاية .. يكذب .. همست بتردد

_"سمعتك تقول (راندا)؟ .. أليس هذا اسم شقيقتك الصغيرة؟"
أحست بنبضاته تتسارع تحت أذنها بينما عضلات جسدها تشنجت بوضوح قبل أن يجيبها وهو يضحك بتوتر
_"آه .. (راندا) .. لقد حدثتها لاحقاً وكنت قلق بسبب مكالمة صديقي فانفعلت عليها .. كانت تخبرني أنها تريد شراء شيء خاص من باريس وكلفتني بالمهمة ... تعرفين .. أنا لا أفهم كثيراً في التسوق"
انقبض قلبها أكثر .. إنه يكذب مجدداً .. لماذا؟ .. لماذا (آدم)؟ .. قاومت قلقها ورفعت وجهها ترسم ابتسامة على شفتيها وهي تقول دون أن تظهر مشاعرها

_"لا تقلق أنا هنا .. يمكنني أن أساعدك في التسوق"
لمحت شحوب وجهه اللحظي قبل أن يبتسم قائلاً
_"حسناً .. سأحب هذا بالتأكيد"
ابتعدت قليلاً وقالت

_"سأذهب إذن لأبدل ثيابي لـ"
هتف مسرعاً وهو يمسك ذراعها
_"كلا"
التفتت له ليرتبك ويقول بسرعة
_"نحن لن نذهب الآن"
_"لن نذهب؟!"

أومأ برأسه متابعاً
_"يمكننا أن نذهب في يومٍ آخر .. الآن أنا سأذهب لصديقي كما أخبرتكِ .. إنه يحتاجني"
تأملته ملياً وقاومت رغبتها في الصراخ بوجهه .. أنها تعرف أنه يكذب .. لماذا لا يريدها أن تعرف أنه ذاهب للقاء شقيقته وتلك الأخرى أياً كانت ... توقفت أفكارها عندها فجأة .. تُرى هل لها علاقة بتوتره .. أهي المشكلة؟ .. ألا يريد أن تعرف عنها؟ .. لكن لماذا؟ .. هل هو خائف من أن تغار عليه؟ .. بالتأكيد ستفعل لكن ليس لدرجة أن تخيفه وتضطره للكذب .. هل تربطه بها علاقة لا يريدها أن تعرف عنها شيئاً .. أي نوع من العلاقات ستجعله يلجأ للكذب خشيةً من معرفتها؟ .. لا يمكنها أن تفكر سوى في نوع واحد من العلاقات .. تنفست بصعوبة وقالت
_"حسناً .. عندما تقرر متى ستذهب أخبرني لأستعد"
ابتسم ومال يقبل وجنتها في حب لتغمض عينيها تمنع رغبتها في البكاء وسمعته يقول وهو يتحرك مبتعداً

_"لن أتأخر عليكِ حبيبتي"
تأملته وهو يتجه لغرفتهما وغامت عيناها وهي تفكر بألم .. لا تخيب ثقتي بك (آدم) .. لا تحطمها أرجوك فلن نعود وقتها كما كنا أبداً .. أرجوك لا تحطم قلبي حبيبي
تحركت متجهة لغرفتهما وسمعت صوت المياة الجارية بالداخل فأسرعت نحو هاتفه وفتحته بسرعة وعيناها على الباب تحسباً لخروجه وتحركت شفتاها بدعاء صامت وهي تسابق الوقت .. لا تعرف أين سيقابلهما، لكنّها تعرف جيداً كيف تجده .. ابتسمت بسخرية .. عملها مع (كارل) علمها الكثير وحان الوقت لتستفيد من خبرتها لصالحها هي .. قبل أن يغادر كانت قد انتهت من كل شيء .. جيد .. هكذا ستتعقب هاتفه بسهولة ودون معرفته .. لا تحب أن تتصرف كالزوجات اللاتي يشككن بأزواجهن، لكنّه من اضطرها لهذا .. ما كان عليه أن يكذب عليها .. وضعت الهاتف مكانه وأسرعت لخزانة الثياب وأخرجت ثيابه ووضعتها على الفراش بعناية ولم تكد تفعل حتى سمعت صوت الباب يفتح والتفتت لتراه يغادر وقد اغتسل ... خفق قلبها وابتسمت مرغمة في حب وهي تسرع نحوه وتناولت المنشفة ورفعت نفسها قليلاً على أطراف أصابعها تجفف شعره وهي تقول
_"ستصاب بالبرد حبيبي"
ضحك وهو يحيط خصرها بكفيه وشدها لتلتصق به
_"انظروا من يتحدث"
ابتسمت وواصلت تجفيف شعره قبل أن تلقي المنشفة على المقعد بقرب المرآة ونظرت له بحب شديد امتزج بمخاوفها وحركت كفها ترتب خصلاته قبل أن تضع كفها على خده وتهمس
_"لا تتأخر عليّ حبيبي"
عيناه غامتا بشيءٍ لم تفهمه قبل أن يشدها إليه يعانقها بقوة جعلتها تشعر كما لو كان يريد جعلها جزءاً منه ولم يزدها ذلك إلا قلقاً .. (آدم) يخفي عنها شيئاً خطيراً بالفعل .. دفنت وجهها في عنقه ليضمها أكثر حتى ارتفعت قدماها عن الأرض وسمعته يهمس بعمق ووجهه مدفون في عنقها
_"أحبكِ .. أحبكِ حوريتي"
قاومت دموعها وهي تهمس بوجع

_"أحبك (آدم)"
وانتزعت نفسها من أحضانه بصعوبة ونزلت على قدميها وقالت بتوتر وهي تحاول ألا تنظر إليه فتفضحها عيناها

_"لقد جهزت لك ثيابك حبيبي .. لا تعترض على اختياري، مفهوم؟"
ضحك قائلاً

_"مفهوم سيدة (إيفا) .. هل أستطيع الاعتراض من الأساس؟"
واتجه نحو ثيابه تحت أنظارها المعتمة بالخوف ولم تستطع احتمال وقوفها هكذا وانهيارها يهددها في كل لحظة فأسرعت تتحرك نحو دورة المياه وهي تقول بصوتٍ متحشرج
_"لن أتأخر حبيبي ... دقائق وأحضر لك الفطور"
_"لا تتعبي نفسكِ حبيبتي .. لن أستطيع الافطار .. عليّ الذهاب في الحال"
تجمدت مكانها وغصة شديدة وقفت بحلقها لتبتسم بارتجاف وهي تقول
_"لا بأس حبيبي"
وتنفست بقوة لتلتفت نحوه وقد وضعت قناع قوتها وقالت بمرح مفتعل
_"لكنك ستعوضني بعشاء فخم في مطعمي المفضل، حسناً؟"
ضحك مجيباً دون أن ينظر لها بينما كان مشغولاً بارتداء ثيابه

_"حسناً أميرتي"
تحركت مبتعدة ولم تكد تغلق الباب خلفها حتى تخلت عن قناعها وانهارت قوتها وهي تستند للباب وأغمضت عينيها بقوة وكل وساوسها تحررت لتنهش عقلها دون رحمة .. انتبهت على صوته بعد لحظات يهتف
_"أنا مغادر حبيبتي .. اعتني بنفسكِ"
رفعت صوتها ليخرج متحشرجاً
_"حسناً حبيبي .. لا تتأخر"
انتظرت لحظات قبل أن تغادر عائدة للغرفة ووقفت تتأمل المكان الفارغ منه وهمست بوجع

_"أرجوك (آدم) .. لا تخذلني .. لا تحطم ثقتي بك"
تحركت مسرعة لتغسل وجهها وترتدي ثيابها بينما قلبها يحذرها من مغبة تصرفها ويخبرها أن كل شيء على وشك أن يتغير بينهما وللأبد.
صوتٌ رتيبٌ تصاعد في الخلفية لتقطب حاجبيها في انزعاج وتراجعت صورتها وهي تغادر الشقة خلف (آدم) تتعقبه عبر هاتفه وبدا كما لو كانت تراقب المشهد من بعيد .. أجل .. في تلك اللحظة التي انهار فيها كل شيء .. كل الثوابت .. ثقتها وإيمانها وحبها .. كانت تشعر كالآن تماماً .. أنها صارت شخصاً آخراً يراقب ما يحدث لها من بعيد .. بدأت الصورة تبهت أمام عينيها فحاولت أن تنادي خيالها تتوسل نفسها أن تتوقف .. ألا تذهب .. ألا تكشف الحقيقة التي ستدمر سعادتها للأبد .. أن تظل عمياء .. مخدوعة لكن سعيدة .. بهتت الصورة تماماً وبدأ الألم يعود رويداً لجسدها .. ماذا حدث؟ .. ألم تمت بعد؟ .. سمعت صوتاً يهمس برفق
_"سيدتي .. سيدة (إيفا)؟ .. هل تسمعينني؟"
(إيفا)!! .. من هنا يعرفها بهذا الاسم؟ .. وحده (آدم) .. من تكون هذه إذن؟

فتحت عينيها ببطء لتغلقها فوراً ما أن واجهت الضوء الخافت بالغرفة .. تأوهت وهي تحرك رأسها لتقول محدثتها
_"لا بأس .. استريحي .. ستكونين بخير"
عادت تتأوه وفتحت عينيها من جديد والتفتت ببطء لصاحبة الصوت التي انحنت بقربها تفحص علاماتها الحيوية .. لمحت المعطف الأبيض لترفع عينيها وتنظر للغرفة في حيرة .. هل هي في مشفى الآن؟ .. وكأنما سمعتها الطبيبة أجابت قائلة
_"أنتِ في المشفى ... حمداً لله على سلامتكِ سيدة (إيفا) .. علاماتكِ الحيوية تحسنت كثيراً .. كيف تشعرين الآن؟"
قطبت قائلة بألم
_"أشعر أن قاطرة مرت فوق جسدي"
ابتسمت الطبيبة وهي تقول
_"لا تقلقي .. سيختفي الألم بعد قليل مع المسكنات .. حمداً لله أنكِ حضرتِ للمشفى في الوقت المناسب"
همست بخفوت تسألها

_"من .. من أحضرني؟"
خُيل إليها أنها لمحت وجه الطبيبة يتجهم قبل أن تقول
_"زوجكِ"
توقف قلبها بين ضلوعها مع الكلمة .. إذن هي لم تكن تهذي حقاً .. (آدم) كان هناك وهو من أحضرها هنا ... لم تكن تتوهم كل ما حدث .. عاد صوته يتردد في عقلها وهو يتوسلها أن تستيقظ وألا تتركه .. انقبضت يداها وقلبها يخفق بألم .. ما الذي فعلاه ببعضهما؟ .. كيف تحطم كل حبهما وانتهى بهما الحال إلى هنا .. آه يا (آدم) .. متى سنُشفى من بعضنا يا وجعي الأبدي؟
انتبهت على صوت الطبيبة تقول وهي تنظر لتعابير وجهها بتدقيق
_"لقد كان قلقاً عليكِ .. سأذهب لأخبره أنكِ .. "
هتفت مسرعة وهي تحاول الاعتدال
_"كلا"
تأوهت وسقط جسدها على الفراش من جديد ودمعت عيناها مع شعورها بالعجز لتسرع الطبيبة هاتفة

_"انتبهي .. أنتِ لا زلتِ ضعيفة"
أمسكت كفها هامسة بتوسل

_"أرجوكِ .. لا تخبريه "
ارتفع حاجبا الطبيبة بدهشة بينما تابعت هي برجاء أكبر
_"لا تخبريه أنني استيقظت أرجوكِ"
_"لكنّه قلق .. إنه يكاد يموت قلقاً في الخارج .. كيف تريدين أن .."
عضت على شفتها تمنع الدموع التي لمعت في عينيها

_"أرجوكِ .. ساعديني"
قطبت حاجبيها في قلق وهمست بتوجس
_"هل هو من فعل بكِ هذا؟ .. هل يؤذيكِ؟ .. أخبريني ... (آدم) صحيح صديق زوجي لكنّني لن أقف جانبه لو كان قد .."
ارتجفت شفتاها بألم وتوقفت الكلمات مع الغصة في حلقها لتهمس بعد برهة
_"كان حادثاً .. هو لم يفعل شيئاً .. فقط لا تخبريه أنني استيقظت .. لا .. لا يمكنني مواجهته الآن .. أرجوكِ .. أخبريه فقط أن حالتي صارت أفضل وأن عليه ألا يقلق"
تأملتها للحظات أشعرتها بالقلق قبل أن تتنهد في ارتياح حين سمعتها تقول باستسلام
_"حسناً .. كما تريدين"
ونهضت من مكانها وقالت
_"أنا (سمر) بالمناسبة .. لو احتجتِني في أي وقت أخبريهم أن يتصلوا بي وسآتي فوراً"
أمسكت كفها قبل أن تبتعد وهمست بصوتٍ متحشرج
_"هل .. هل يمكنني أن أطلب منكِ خدمة صغيرة إذن؟"
التفتت لها بدهشة وهزت رأسها
_"بالطبع"
أخذت نفساً عميقاً زاد من ألمها وهمست
_"هل يمكنكِ أن تتصلي بأحدهم؟"
قطبت (سمر) لتتابع هي مشيرة للهاتف في جيب معطفها الطبي
_"سأمليكِ الرقم .. أرجوكِ اتصلي به وأخبريه أنني هنا .. أخبريه أن الأمر ضروري"
هزت رأسها وهي تخرج الهاتف فأملتها الرقم ثم قالت
_"اسمه (بيير مالك) .. اتصلي وأخبريه أنّ (سيلينا) تحتاجه ورجاءاً ... لا تجعلي (آدم) يقابله أو يعرف أنه جاء لمقابلتي"
لمحت الشك في عينيها فهمست وهي تغمض عينيها
_"أرجوكِ .. أنتِ طبيبة ومهمتكِ مساعدة الناس، صحيح؟ .. قدمي لي هذه الخدمة وسأكون ممتنة لكِ للأبد .. أنتِ ستنقذين حياتي وحياة (آدم) بهذه الطريقة"
واصطبغ صوتها بالمزيد من الألم
_"اتصلي فقط بهذا الرقم .. لو ردت عليكِ فتاة وأخبرتكِ أنه خارج البلاد أطلبي منها الرقم الذي تتواصل عبره معه وأخبريها أن الأمر يخص (سيلينا) وستفهم كل شيء"
هزت رأسها وقالت
_"حسناً .. ارتاحي أنتِ وأعدكِ سأتصل به وسأتأكد أيضاً أن (آدم) لن يكون موجوداً حين يأتي"
تنهدت في ارتياح وأغمضت عينيها وهي تريح رأسها على الوسادة وهمست بامتنان
_"شكراً لكِ"
انتظمت أنفاسها وهي تغرق في النوم عائدة إلى عالم أحلامها من جديد .. لم تعرف كم مر من الوقت حين شعرت به فجأة ... شعرت بالدفء يتسرب لجسدها عندما أمسك كفها بين كفيه وكادت تشهق باكية عندما شعرت برأسه ينحني ليقبل كفها بعمق شديد وزفر بحرارة لتلامس كفها دمعة حارة كادت تدفعها لتفتح عينيها وتنهض بسرعة لتضمه إليها وتبكي معه حبهما الضائع وقلبيهما المنكسرين ... تبكي ضعفها واشتياقها وذنبها في حقه .. تبكي كل شيء .. ابتلعت لعابها بصعوبة وهي تشعر بشفتيه تلامسان كفها من جديد لتستقرا هناك للحظات قبل أن تسمعه يهمس بلوعة
_"لماذا حدث كل هذا (إيف)؟ .. أين أخطأنا؟ .. ماذا فعلنا ببعضنا؟ وكيف ننسى ونغفر؟ .. لم أعد أفهم شيئاً .. كل ما اعتقدته اهتز داخلي .. من منا ظلم الآخر (إيفا)؟"
استمعت له بصمت وحمدت الله أن الأدوية كانت تجعل جسدها شبه مخدر وإلا كان كشف كذبتها وعرف أنها مستيقظة .. انتبهت له يتابع بحرقة
_"لا أعرف ماذا أفعل .. لا أدري كيف فعلت هذا بكِ .. لكنّ جرحكِ كان بشعاً (إيف) .. ورغم بشاعته ها أنا ذا أقف في المنتصف .. عاجزاً عن المضي للأمام .. لا أستطيع أن أنسى جرحكِ .. لا أستطيع أن أسامح .. ولا يمكنني أن أكرهكِ بعد كل ما فعلتِه .. هل رأيِت من هو أكثر مني بؤساً؟"
كيف لم تفضح نفسها حتى الآن وهي تسمعه يخرج كل ما بقلبه .. أرادت أن تخبره أنها تعرف شخصاً بمثل بؤسه ... شخصاً يعجز عن مواصلة المسير للأمام .. واقفةٌ هي في المنتصف .. لا تستطيع أن تنسى كل شيء وتغفر لا تستطيع أن تكرهه أوتنساه أو تعود لما كانا عليه .. ذلك اليوم انكسر بينهما شيءٌ لم يعد بإمكانهما إصلاحه ولا تجاوزه ولا تعرف إن كانا سيفعلان يوماً ... هما فقط يواصلان جرح بعضهما .. احتبست أنفاسها عندما شعرت به ينهض من مكانه وهو يتابع
_"لا أعرف ماذا سنفعل من الآن فصاعداً لكن ما يهم الآن أنكِ بخير"
وشعرت به ينحني ليقبل جبينها فارتجفت وأدركت بجزع أنه لابد قد شعر باضطراب أنفاسها، لكنّه لم يعلق كأنما أدرك حاجتها لتهرب من مواجهته وسمعته يهمس
_"فقط عودي (إيف) .. وكوني بخير"
سمعت خطواته تبتعد وباب الغرفة يُغلق من خلفه فتنفست بقوة وفتحت عينيها الدامعتين وسمحت لدموعها أن تسيل وهي تتطلع للباب المغلق وقلبها يأن بألم وهسمت مفكرة
_"لم يعد ممكناً (آدم) .. لو كنت أعرف أن لقاءنا سيكون أشد ألماً من بعدنا، لما أتيت إلى هنا أبداً"


أغمضت عينيها وغرقت في تفكيرها فيما ستفعله بعد خروجها .. فلتنتظر فقط وصول (بيير) وهو سيتكفل بكل شيء .. خروجها وسفرها للخارج .. بعيداً عن كل هذا الوجع الذي لم يعد قلبها يحتمله .. عليها أن تنقذ الباقي منها قبل فوات الأوان.
*************************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:44 PM   #305

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

حركت (سؤدد) أصابعها الممسكة بالقلم فوق الأوراق بشرود وهي تحاول التركيز بينما عيناها تنتقلان بين أوراقها وبين المجموعة المزعجة التي انحنى أفرادها على الأرض يفعلون شيئاً مزعجاً في نظرها مثيراً في نظرهم، فأصواتهم العالية وضحكاتهم كانت تصلها وتشتت تركيزها تماماً .. زفرت بقوة .. لقد اختنقت بغرفتها ونزلت للحديقة علّها تحصل على بعض الهواء النقي والهدوء وهذا ما حصلت عليه .. وضعت القلم والأوراق بحدة فوق الأريكة الخشبية الموضوعة تحت التعريشة الخضراء حيث مكانها المفضل .. نهضت من مكانها متجهة نحوهم لتفاجأ بـ(هاميس) تصرخ بفزع مضحك وهي تجري كالأطفال وخلفها (سيف) يحمل شيئاً في يده لم تدر ما هو وخلفهما (رامي) و(رفيف) يشجعانه ... سمعتها تصرخ في توسل
_"لا .. لا تفعل يا (سيف) إياك ... لن أسامحك أبداً .. ضع هذا الشيء من يدك أيها المقرف"
تنهدت بسأم .. لن يتعقلا أبداً .. حانت منها نظرة نحو (حمادة) الذي كان يقف مبتسماً بهدوء يراقب ما يحدث دون أن تصيبه حمى الجنون التي أصابت الأربعة ... (حمادة) الصغير أنضج منهما .. لا تعرف حتى الآن كيف سيتزوج هذا الطفلان .. لا قريباً ولا فيما بعد ... على أحدهم أن يضع بعد الحكمة والتعقل في رأسيهما أولاً ... وقفت في طريق (هاميس) التي اتسعت عيناها وهي تراها تسد عليها طريق الهرب وصرخت فيها
_"ابتعدي (سؤدد) .. لا .. لا تفعل (سيف) أنا أحذرك"
قالتها وهي تتخطى (سؤدد) وتحتمي خلفها كأنما تعرف أنه لن يجرؤ على الاقتراب منها في وجود شقيقته الصارمة التي رفعت حاجباً منذراً ما أن توقف أمامها وضحك وهو يحاول تجاوزها لتتسع عيناها وهي ترى ما يحمله في يده وهتفت

_"(سيف) .. ما الذي تفعله بالضبط؟"
هتفت من خلفها وهي تشير ليده بتقزز
_"أخبريه (سؤدد) .. هل .. هل هذه تصرفات شاب عاقل؟"
هتفت بها
_"اصمتي أنتِ (هاميس)"

رفع كفه المغطاة بقفاز جلدي متسخ بالطين وقال
_"ما الأمر (ميسا)؟ ... إنها مجرد ديدان صغيرة لطيفة .. لن تعضكِ انظري"
صرخت عندما حاول أن يقترب وقلّبت (سؤدد) عينيها بملل وهتفت
_"تعقلا أنتما الاثنان .. بسببكما لا أستطيع التركيز على عملي .. على أية حال .. ما الشيء المثير جداً الذي تفعلونه هناك؟ .. تصطادون الديدان من الطين؟"
قالتها وهي تنقل بصرها بينهم حيث كانوا جميعاً يرتدون قفازات وأحذية جلدية ذات عنق طويل ومريولات جلدية غطت ثيابهم من الأمام، لكنّها لم تمنع تلوثهم بالطين هنا وهناك .. أتتها الإجابة من (رفيف) التي لوحت بيدها الممسكة بجاروف صغير بينما تلوثت ثيابها ببعض الطين
_"نحن نزرع (سوسو) .. (سيف) يعلمنا الزراعة"
لوت شفتيها وهي تنظر لشقيقها ووضعت يداها حول خصرها

_"تعلمهم الزراعة؟ .. هل تمزح (سيف)؟ .. هذا عمل البستاني .. هل تريد أن تفسد الحديقة؟ .. ثم انظر ماذا فعلت بالصغار؟"
هتف باعتراض
_"أنا أعلمهم نشاطاً مفيداً وأوسع دائرة معارفهم وتفاعلهم مع العالم المحيط يا شقيقتي المثقفة .. ثم إنهم مستمتعون بالأمر؟"
والتفت إليهما قائلاً بابتسامة مرحة

_"أليس كذلك؟"
مطت شفتيها بيأس مع صرخاتهما الحماسية التي أجابت سؤاله وهما يؤكدان أنهما أحبا الزراعة بنفسيهما ... قالت وهي تشير للديدان في يده
_"وهل هذا ضمن أنشطتكما المفيدة سيد (سيف)؟"
ضحك قائلاً
_"لقد عثرنا على بعض ديدان الأرض ونحن نحفر"
وأشار إلى (هاميس) الواقفة خلفها بتعبير مشمئز وتابع

_"والآنسة المدللة هناك تقززت منها فـ .."
قاطعته وهي تهز رأسها
_"فقلت تطاردها أنت والصغار وتثير إزعاج الجميع بصراخكم الجنوني الذي يوقظ الموتى .. بالله عليكما حاولا أن تتعقلا قليلاً .. أنتما ستتزوجان قريباً .. هل تتخيلان الكارثة؟ .. ماذا سينتج من زواج طفلين إلا مستشفى مجانين"
هتفت (هاميس) اسمها باستنكار وهي تمط شفتيها اعتراضاً بينما رمقها هو بنظرة متنمرة وهو يقول

_"هذا إن تزوجنا أصلاً .. دعيني (سؤدد) بالله عليكِ ولا تُقلبي عليّ المواجع"
ارتفع حاجباها وهي تردد بذهول
_"أُقلِب عليك المواجع؟"
تحرك في غفلة منهما ليتجاوزها وهو يقول

_"لكن جيد أنكِ ذكرتِني ومنحتني سبباً معقولاً لمعاقبة هذه الجبانة"
اتسعت عينا (هاميس) برعب وعادت تصرخ وهي تجري مبتعدة وعاد صراخ الجميع يدوي بينما تعود المطاردة من جديد فهزت رأسها بيأس واتجهت لتجلس على الأرجوحة وقد فقدت كل رغبة في متابعة عملها .. جلست لتتابع ما يحدث أمامها وارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيها وهي تتذكر أياماً مماثلة وهي في مثل عمرهم .. أياماً كانت السعادة والسعادة هي عنوانها الوحيد .. هي لم تتوقف عن الضحك والشقاوة حتى دخل ذلك الشيطان بيتهم .. أرجعت رأسها للخلف وأغضمت عينيها وتحركت بالأرجوحة في هدوء ومع الحركة الرتيبة تركت نفسها تغرق في ذكرياتها التي امتزجت بصرخات الصغار الضاحكة التي تراجعت بالخلفية قبل أن تختفي تماماً ليعم الهدوء من حولها وهي ترى نفسها بغرفتها الصغيرة عاكفة على كتابة خطاب تعرف أنها لن ترسله ولن يقرأه ... هي فقط تلومه لأنه لم يعد كما وعدها ولم تعرف أنه قد سافر ملتحقاً بتلك المدرسة اللعينة التي سرقته منها .. بعد آخر اتصال ودعها فيه دون أن يخبرها بالأمر وفقط اكتفى بأن جعلها تؤكد وعدها له ... لقد مر أكثر من عام ولم تره .. حتى هدية عيد ميلادها التي وعدها بها لم يحضرها وهاهي تقترب من عامها الثالث عشر ولا تكف عن انتظاره والاتصال به والكتابة له رسائل تلومه فيها دون أن تفكر أن ترسلها فهي تعرف أنها لو حاولت فلن تصله ... تذكرت كل المرات التي اتصلت ببيت عمها لتسأل عنه وكانت زوجة عمها تتكفل بالرد عليها وتخبرها ألا تتعب نفسها بالسؤال عن (عماد) لأنه مشغول في دراسته ولا يريد أن يعطله عنها أي شيء حتى لو كانت هي نفسها وأنه أخبرها هذا بنفسه وطلب منها ألا تسمح لها أو لغيرها بالاتصال به .. كانت تعرف أنها تكذب .. (عماد) أبداً ما كان سيقول عنها شيئاً كهذا وهي متأكدة أنه يحاول الاتصال بها ويسأل عنها .. لا يمكن أن يكذب عليها في وعده أو ينساها .. تركت القلم من يدها ومسحت دمعة خانتها ونهضت من فوق مكتبها واتجهت لخارج غرفتها .. ستتحدث مع والدها ربما يعرف طريقة توصلها لـ(عماد) .. نزلت السلالم مسرعة لتتوقف في منتصف الطريق وهي ترى أمها تقف بقلق ويداها مشدودتان حول (سيف) الذي كان يحاول التملص منها بينما عيناها معلقتان بباب مكتب والدها ... ماذا يحدث هنا؟ .. لماذا أمها تبدو خائفة بهذه الطريقة؟ .. نزلت بسرعة واقتربت منها لتقول بقلق

_"ما الأمر ماما؟ .. لماذا تقفين هكذا؟"
انتفضت أمها والتفتت إليها لبرهة كأنما لا تراها قبل أن تقول برجاء

_"(سؤدد) حبيبتي .. هل يمكنكِ أن تأخذي (سيف) وتصعدي لغرفتكِ؟ .. لا تنزلا للأسفل مهما حدث، حسناً حبيبتي؟!"
نظرت لـ(سيف) المتذمر وهو يهتف أنه يريد أن يلعب بالخارج ورددت بقلق وهي تنظر نحو مكتب والدها

_"ماذا يحدث بالضبط ماما؟ .. وأين بابا؟ هل كل شيء بخير؟"
هتفت (صفية) بصرامة

_"(سؤدد) اسمعي الكلام .. هيا (سيف) اذهب مع (سو) والعبا سوياً بغرفتها وأعدكِ فور أن يذهب الضيوف سأجعلك تلعب طيلة اليوم، حسناً حبيبي؟"
زم شفتيه بضيق وهو يومئ برأسه مستسلماً واتجه لوحده للأعلى بينما ظلت هي تنقل بصرها بين الغرفة وبين أمها التي هتفت بها

_"ماذا تنتظرين (سؤدد)؟ هيا اذهبي لغرفتكِ"

تحركت مرغمة وفضولها كله يشتعل .. ما الذي يحدث؟ .. وأي ضيوف يجعلون أمها تشعر بالقلق هكذا؟ .. كانت تقطع غرفتها ذهاباً وإياباً وهي تفكر وعادتها السيئة في الفضول الذي يجعلها في الغالب ترتكب الأخطاء تشتعل داخلها أكثر .. تعرف أنها يجب أن تسمع كلام أمها ولا تغادر غرفتها لأي سبب، لكنّها لا تستطيع منع نفسها ... ماذا لو كان الأمر خطيراً؟ .. ماذا لو كان والدها في خطر ألا يجب أن تعرف؟ .. ماذا لو كان أولئك الضيوف يضايقون والدها؟ .. حسناً وما الذي ستفعله هي؟ .. لم تحتمل ذلك القلق والفضول الذي يحرقها واتجهت بحذر نحو باب غرفتها وفتحته ببطء وتطلعت للخارج قبل أن تتحرك على أطراف أصابعها حتى وصلت للسلم وتطلعت بحذر لأسفل لتنظر إن كانت أمها لا زالت تقف مكانها وتنهدت براحة وسارعت تنزل السُلم ولم تكد تصل لأسفل حتى انفتح باب المكتب ليغادر أحدهم واتسعت عيناها وهي ترى عمها .. ماذا؟ .. إنه عمها فقط .. ما الخطير في الأمر؟ .. انتبهت من تفكيرها أنه يكاد يغادر .. يجب أن تسأله عن (عماد) وتطلب منه أن يرسل إليه سلامها .. كادت تفتح فمها لتناديه عندما التفت ونظرته القاسية جمدتها مكانها قبل أن تمتزج قسوته بالغموض الذي دفع القلق لقلبها ... تسمرت دون أن تنطق بكلمة واكتفت برؤيته يغادر وقلبها يرتعد بخوف .. عمها كان قاسياً دائماً حتى مع (عماد) لكن هذه هي المرة الأولى التي تشعر بكل هذا الرعب منه .. نفضت خوفها وتحركت نحو مكتب والدها لتطمئن عليه وتوقفت أمام الباب الموارب وكادت تفتحه عندما استمعت لصوته الغاضب وهو يحادث أحدهم

_"هل أنت من تهددني الآن؟ .. أقسم أنني سأجعلكم تدفعون الثمن .. وما حدث لـ(رقية) ستدفعون ثمنه وأولكم أخي .. سأدمركم جيمعاً ولو كان آخر شيء أفعله في حياتي، هل تسمعني؟"
(رقية)!! ... أليست هذه عمتها الغائبة منذ سنوات والتي كانت سبب خلاف دائم بين والدها وعمها الذي كان يغضب دائماً عندما يأتي والدها على ذكرها ويقول أنها ميتة بالنسبة له ولا يريد أن يسمع اسمها في هذا البيت أبداً بينما زوجة عمها وصفتها يوماً بالهاربة عديمة الأخلاق التي جلبت العار لأهلها بهروبها مع حبيبها .. ما الذي حدث لها وجعل والدها غاضباً بهذه الصورة التي تراه عليها لأول مرة .. ومع من يتحدث أصلاً؟ .. اقتربت قليلاً لتسمع وسمعت صوتاً غريباً يردد بنبرة دفعت الخوف بقلبها

_"أنت بدأت الغدر (أحمد يزيدي) .. هل تصورت أننا لن نعرف أنك من بعتنا لذلك الضابط قبل سنوات؟ .. لكن انظر أين هو الآن وأين نحن .. هو وزوجته ماتا وشبعا موتاً .. لقد رحل دون أن يعرف أنني لا زلت على قيد الحياة وأنني أصبحت أكثر قوة من قبل .. قوة لن تتخيلها أبداً وهذه القوة أوصلتني لشقيقتك الحبيبة وأسرتها الصغيرة .. وأنا بالمقابل أوصلت شقيقك العزيز هو و(شوكت) إليها وهما تكفلا بالأمر"

سمعت صرخة والدها الغاضبة المكلومة وسمعت جلبة بالداخل فأطلت قليلاً لترى ما يحدث لتلمح والدها يمسك بخناقه وهو يهتف

_"ستدفعون الثمن جميعكم يا (توفيق) .. هل تسمعني؟ .. .. لقد أخطأت بظهورك أمامي وإخباري أنك على قيد الحياة .. هل تعتقد أنني بعد كل هذا سأترككم تتمتعون بالحياة التي سلبتموها من شقيقتي؟ .. سأمزقككم جيمعاً"

تراجعت بشهقة خافتة وقلبها ارتجف برعب .. هل .. هل قتلوا عمتها؟ .. هل هذا ما يقصده؟ ... سمعت ذلك الرجل الغريب يضحك بشر وهو يتخلص من قبضتي والدها ويقول

_"هذه البداية فقط (أحمد يزيدي) والحبل على الجرار .. لقد بدأنا بشقيقتك الحبيبة وعليك أن تنتبه لخطواتك من الآن فصاعداً"

_"أيها الوغد الحقير"

انتفضت في نفس اللحظة على صوت أمها وهي تهتف باسمها والتفتت بفزع لتجدها تهبط السلم وهي تنظر لها بخوف امتزج بنظرة تأنيب صارمة وتجمدت مكانها وهي ترى أمها تقترب ولم تكد تنتصف الطريق نحوها حتى انفتح الباب من خلفها بحركة حادة فالتفتت للخلف وتراجعت بخوف ما أن لمحت الرجل الغريب في مقابلها تماماً واتسعت عيناها بخوف وهي تحدق في عينيه الخطرتين المليئتين بالشر .. كانتا كل ما لمحته من وجهه الذي تخفى معظمه تحت كوفية لفها حوله ليخفي ملامحه .. وقفت متجمدة تحدق في العينين المخيفتين برعب دون أن تملك أن تتحرك إنشاً واحداً .. شعرت كما لو أنها تُحدق في عينيّ شيطان مريد .. ولم ينقذها منه سوى جذبة والدتها لها للخلف لتخفيها وراءها وهي تقف بينها وبين ذلك الشيطان .. شعرت بارتجاف جسد أمها رغم تحفزها أمام الرجل وهي تواجهه بنظرات قاسية تحذره من أن يقترب .. نظرت من خلف والدتها نحو والدها الذي كان قد غادر المكتب وعلا وجهه الشحوب وهو يتطلع إليها بقلق .. سمعت ضحكة ذلك الشيطان وهو يلتفت نحو والدها وقال

_"ربما يجب عليك أن تخاف كما أخبرتك يا (أحمد) فكما أرى"
قطع جملته لينظر نحوها بطريقة جمدت الدم في عروقها وخُيل إليها أنها ترى ابتسامته الشيطانية وهو يكمل

_"لديك هنا كنزٌ ثمين عليك أن تخشى أن يمسه الأذى"

ارتجفت أصابعها المتشبثة بثياب أمها عندما اقترب منهما وعيناه عليها وهو يتابع

_"(سؤدد)، أليس كذلك؟"
لم تنطق بحرف بينما تسمعه بخوف وهو يردد معاني اسمها بتلذذ

_"السيادة .. المجد .. والشرف، صحيح؟"
والتفت نحو أبيها بمغزى وهو يقول بخبث
_"تُرى ماذا يتبقى منها إن نزعنا كل هذا؟"

قالها وهو يمد يده نحوها لتتسع عيناها، لكنّه قبل أن تمسها يده كانت قد توقفت فجأة عندما أحاطت قبضة والدها القوية بمعصمه وهو يقول بصرامة شديدة وعيناه تصبان حمماً غاضبة

_"إياك .. لا تحاول حتى .. سأقطع يدك قبل أن تمتد لها (توفيق)، هل تفهم؟!"
ضاقت عيناه فعرفت أنه يبتسم ورفع يده يبعد قبضة والدها عنه وقال بنبرة غمرها الشر

_"كان يجب أن تعرف تلك القاعدة جيداً (أحمد) .. في عالمنا .. لا تدخل حرباً إلا وأنت متأكدٌ أنك لا تملك ما تخسره .. ومن الواضح للأسف أنك تملك الكثير"

والتفت يرميها بنظرة غامضة مخيفة قبل أن يتحرك مغادراً تاركاً والديها يتبعانه بنظرات قلقة قبل أن تلتفت والدتها لتصرخ فيها بغضب وهي تهزها من كتفيها

_"ألم أقل لكِ لا تنزلي من غرفتكِ؟ .. لماذا لا تطيعين الأوامر أبداً؟"

ارتجفت شفتاها وهي تتراجع بخوف ليهتف والدها وهو يتجه ليضمها بين ذراعيه

_"توقفي (صفية) .. لا تصرخي فيها هكذا .. ما حدث حدث وانتهى"

لم تنس نظرة والدتها له وهي تهتف بحدة

_"إلا أولادي يا (أحمد) .. إلا أولادي .. لن أسامحك أبداً لو أصابهما مكروه .. هل تسمعني؟ .. لن أسامحك أبداً"

قالتها واندفعت لتصعد لغرفتهما، لتنظر هي لوالدها الذي قطب حاجبيه وهو يتبعها بعينيه بيأس لتهمس بخوف

_"ماذا يحدث بابا؟ .. من كان هذا الرجل؟"

تنفس بقوة قبل أن يبتسم ابتسامة رأت زيفها بوضوح وقال وهو يربت على كتفها

_"لا تشغلي بالكِ حبيبتي .. إنها مشاكل في العمل .. ركزي أنتِ في دراستكِ"
رددت بخوف وهي تحتضنه
_"لكن أبي .. ذلك الرجل مخيف وكلامه ذاك .."

قاطعها مربتاً على شعرها

_"قلت لكِ لا تقلقي أميرتي .. كل شيء سيكون بخير"

وصمت لحظات وهو ينظر لها بعمق قبل أن يبتسم قائلاً وهو يمسك كتفيها محدثاً إياها كما تعود كفتاة ناضجة

_"اسمعي (سؤددي) .. نحن اتفقنا أن أشير لكِ عندما تخطئين وأنتِ ستصححين ذلك الخطأ وأننا لسنا في حاجة لتوجيهكِ بالشدة، صحيح؟"

هزت رأسها ليبتسم مربتاً عليها

_"حسناً .. إذن أنتِ تعرفين أنكِ أخطأتِ عندما لم تستمعي لأمر والدتكِ عندما أخبرتكِ أن تنتظري بغرفتكِ ولا تنزلي"

عضت شفتها بحرج ليتابع بحزم حنون

_"ماذا قلنا عن طاعة الوالدين؟"

همست بارتباك وهي تخفض عينيها للأرض

_"يجب طاعتهما إلا في معصية الله"

ابتسم وهو يهز رأسه في رضا لتتابع هامسة

_"آسفة أبي"

احتضنها بحنان وتحرك بها نحو غرفتها وهو يقول

_"لا بأس أميرتي .. لا تكرريها فقط"
وصلا إلى غرفتها ودخلت إليها ليتبعها وأشار لها لتجلس فاتجهت لتجلس على حافة الفراش وجلس بجوارها وقال برفق

_"اسمعيني صغيرتي .. نحن نمر ببعض المشاكل حالياً .. أريدكِ ألا تتهوري كعادتكِ .. أعرف أن فضولكِ هو ما يدفعكِ للتورط في مشاكل .. وعقلكِ هذا عاشق للمغامرات وأنا أفهمكِ .. لكنني أخشى عليكِ كثيراً"

نظرت له بقلق وقالت

_"ماذا يحدث بابا؟ .. أنت تقلقني"

تنهد بقوة وقال

_"ما أريد قوله هو أن تركزي في دراستكِ ولا تخرجي لأي مكان ولا مع أي شخص مهما كان السبب .. كما أنكِ من الغد ستذهبين لمدرستكِ مع حراسة خاصة و.."
قاطعته هاتفة

_"حراسة خاصة؟! .. لكن بابا .. كيف أذهب مع حراسة؟ .. أنا لا .."
قطب حاجبيه قائلاً

_"حبيبتي ماذا كنت أقول لتوي؟"
زفرت باستسلام وسمعته يقول

_"ليس أنتِ وحدكِ من سترافقها حراسة خاصة .. والدتكِ و(سيف) أيضاً"

نظرت له بتدقيق

_"هذا بسبب ذلك الرجل الشرير، صحيح؟"
زفر بقوة وهو ينظر لها بلوم لتقول بنزق

_"بابا ... أنا لست طفلة .. أنا أفهم جيداً ما يجري من حولي .. لكن إن كان هذا يريح قلبك .. حسناً .. سأذهب مع الحراسة وسألتزم بالأوامر ولن أذهب لمكان دون علمك، جيد هكذا؟"
تأملها بحنان امتزج بالحزن قبل أن يقترب ليحيطها بذراعيه وهمس بأسى

_"جيد حبيبتي .. لا تغضبي من والدكِ .. أنا فقط قلق عليكم"

احتضنته وهمست

_"أنا لست غاضبة بابا .. أنا أيضاً قلقة عليك"

ربت على شعرها

_"أنا بخير حبيبتي .. كلنا سنكون بخير ... لن أسمح لأي أذى أن يقترب منكم"
وأبعدها ينظر لوجهها بحب ومسح على وجهها ومال يقبل رأسها قائلاً

_"سامحي والدكِ إن قصّر في حقكم يوماً صغيرتي .. لا تغضبي مني أو تكرهينني"

خفق قلبها بجزع وهي تسمعه واحتضنته بقوة وهي تقول

_"ماذا تقول بابا؟ .. أنت أفضل أب حصلت عليه فتاة في العالم .. أنا أحبكِ ولن أغضب منك ولن أكرهك أبداً"

لمحت عيناه تلمعان بدموع مكتومة وهو ينظر لها بحزن كأنما يعرف أنها قريباً لن تستطيع الوفاء بكلماتها تلك .. هي لم تفهم لحظتها وهي تستسلم لحماية ذراعيه اللتين وعدتاها بالأمان والحماية ولم تعرف وقتها أنه هو الآخر لن يستطيع الوفاء بوعده ولن يحميها من الخطر الذي كان يحلق فوق بيتهم السعيد، فرغم كل شيء ورغم الحراسة المشددة وصلت إليها يد الشر وسرقتها من بينهم ومن وسط بيتهم المحصّن وفي ليلة عيد ميلادها مباشرةً .. كل شيء تحطم بعدها .. روحها .. حياتها .. تمثال والدها المثالي .. وعالمها السعيد كله .. وكله بسبب رجل واحد .. (توفيق الأغا) .. ذلك الشيطان الذي حطم حياتها لا زال على قيد الحياة بعد أن ظنت أنها خسرت كل فرصها في الانتقام بعد وفاة عمها وذلك الوغد (شوكت سليمان) .. لكن لا زال هو موجوداً وقد تأكدت أنه هو نفسه (سيزار جيوفاني) وقريباً جداً تكتمل خطتها عندما تجد تلك الفتاة وتنسج المصيدة التي ستقودها إليه في النهاية .. الطريق طويل وصعب يكاد يكون شبه مستحيل، لكنّها لن تتراجع قبل أن تحصل على انتقامها كاملاً.

انتفضت من ذكرياتها على لمسة خفيفة على كتفها واستفاقت للواقع لتلتفت والتقت عيناها بعينيّ شقيقها اللتين ذكرتاها تلك اللحظة بعينيّ والدها حين كان ينظر إليها بنفس الطريقة .. سمعته يهمس بقلق

_"أنتِ بخير (سؤدد)؟"

هزت رأسها دون معنى لتعتم عيناه وهو يهمس بينما يتطلع لعينيها

_"أنتِ تبكين"

اتسعت عيناها ورفعت يدها بسرعة تتحسس وجهها لتفاجأ بالدموع التي بللت خديها وارتجفت شفتاها وهمست وهي تمسح وجهها بقوة

_"أنا لا أبكي .. يبدو أن التراب دخل في عينيّ"
قطب مستنكراً كذبتها الواضحة وتنهد بقوة ولم تمنحه الفرصة ليتحدث وهي تلتقط أوراقها ونهضت بسرعة وقالت

_"لدي الكثير من العمل ولم أنته منه بسبب إزعاجكم .. سأذهب لأبحث عن مكانٍ هاديء"

قالتها وتحركت مبتعدة تتبعها عيناه القلقتان بينما أسرعت نحو غرفتها وهي تتحسس قلبها المختنق .. ما كان عليها أن تستسلم لذكرياتها .. زفرت بقوة وهي تدفع باب غرفتها وألقت بالأوراق على مكتبها وتناولت هاتفها لتطلب أحد الأرقام وانتظرت رده لتهتف بخشونة فور سماعها لصوته

_"أين أنت؟ ... أريدك هنا في الحال وإلا سأغادر وحدي"

ران الصمت على الناحية الأخرى كأنما صدمته بردها العنيف قبل أن يأتيها صوته وهو يقول ببرود

_"حسناً .. تحت أمركِ آنسة (سؤدد)"

قطبت في ضيق مع نبرته ليتابع بعملية وبرود أشد

_"هل هناك أي أوامر أخرى؟"

تنفست بقوة وقالت

_"لا تتأخر"

تمتم بنبرة ثلجية
_"لن أفعل"

وأغلق الهاتف في وجهها دون أن يمنحها الفرصة لتنطق بشيءٍ آخر لتتسع عيناها وهي تحدق في الهاتف الصامت بذهول قبل أن تلقيه جانباً وهي تهتف

_"ذلك الوقح"

زفرت بغضب وهي تواصل نظراتها القاتلة للهاتف وكأنها تتمنى أن تخترقه وتصل إلى حيث ذلك الحارس الوقح .. لا بأس ستجعله يندم على تصرفه عندما يصل .. توعدته داخلها وهي تتوجه لتغتسل وتبدل ثيابها وعقلها يخبرها شامتاً أنها تبحث عن مخرج فقط من أفكارها المؤلمة ومهما فعلت ستعود لتبقى وحدها برفقتها وسيعاودها كل الألم من جديد.
**********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:47 PM   #306

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تحرك (فهد) بقلق في غرفته وهو يحاول الاتصال بـ(عماد) قبل أن يرمي هاتفه جانباً وقد سأم من محاولة الاتصال بهاتفه المغلق .. كيف يغلق هاتفه في وقتٍ كهذا؟! .. عاد يقطع الغرفة بتوتر وهو يستعيد ما حدث .. لقد تغير كل ما كان يفكر فيه .. لقد أتى بنية لقاء والده ومعرفة الحقيقة منه، لكنّه اكتشف أن الأمر أكبر مما يتصور وأنه ربما كان في حاجة للبحث عن الحقيقة كلها قبل مواجهة والده ... تحرك ليجلس فوق حافة فراشه وأطرق محيطاً رأسه بكفيه .. ماذا يفعل الآن؟ .. هل يخبر (عماد) كما كان ينتوي أم يبحث في الأمر بنفسه؟ .. يكفي (عماد) ما يمر به حالياً وحاجة (همسة) له .. لا داعي ليشتته بالمزيد من المشاكل وهو أكثر من قادر على حل الأمر .. عاد لتفكيره في تفاصيل ما سمعه عندما كان يغادر غرفته متجهاً نحو المكان الذي خصصته عمته لوالده وجهزته بأحدث المعدات الطبية لتسهيل حياته .. كان شارداً يفكر في الطريقة المناسبة لفتح الموضوع مع والده عندما توقف أمام باب غرفة والده الموارب ليقطب في حيرة وتقدم ليدخل عندما سمع صوت عمته تهتف بغضب

_"اللعنة (توفيق) .. قلت لك أنا سأتحدث معه .. (سامر) غاضبٌ ومعذورٌ في تصرفاته .. لقد غدروا به"

صمتت لحظات وسمعها تزفر بحنق وتابعت

_"أنت آخر من يتحدث (توفيق) .. هل تتذكر كيف حطمت حياة (أحمد اليزيدي) لتنتقم لنفسك ولم تعبأ لتحذيراتي لك .. يمكنك إذن أن تتفهم النار التي تحرق قلب ولدي ولن تهدأ إلا عندما ينتقم ... أعرف .. سأتحدث معه وأنبهه أن الوقت حرج، لكن أقسم لو حدث لابني أي مكروه لن يكفيني حياتك نفسها"

اقترب أكثر وأطل برأسه قليلاً ودار بعينيه في المكان لتقع عيناه عليها .. كانت تجلس على ركبتيها أمام كرسي والده وتتحدث بالهاتف .. رآها ترفع رأسها لوالده وتمسح بكفها الآخر على خده بحنان غريب وهي تقول

_"أعرف .. أنا لم أنس أنني مدينة لك لإنقاذك حياة أخي ولا نسيت مساعدتك لي في التخلص من تلك اللعينة ابنة (العاصي)، لكن لا تنس أنت أيضاً لولا مساعدتي لما استطعت الانتقام من (أحمد) ولولاي لانتظرت طويلاً لتفعل .. لذا لا تتحدث عن الديون يا (توفيق) فنحن متعادلان وابتعد تماماً عن (سامر)"

رآها تسند رأسها لركبة والده وصمتت تستمع لمحدثها ثم أرهف سمعه عندما خفضت صوتها قليلاً وهي ترد

_"حسناً سأخبره .. لا أدري إن كنت سأستطيع الحضور .. سأرى ما يمكنني فعله .. حسناً لا تقلق .. نعم"

رآها تعتدل وتشنج جسدها بتحفز وهي تسمعه لتهتف بضيق

_"هل أنت متأكد من هذه المعلومة؟ .. اللعنة عليه .. حسناً لن أجعله يهنأ بحريته طويلاً ذلك الوغد .. حسناً سأنتظرك .. لا (توفيق) لن أفعل شيئاً دون أن أرجع إليك أولاً .. لا تقلق .. حسناً أراك قريباً"

أغلقت الهاتف فتنفس بقوة وهو يتراجع قليلاً تحسباً لنهوضها ورؤيتها له لكنها ظلت بمكانها وعادت تسند رأسها لركبة والده كطفلة صغيرة .. لم يرها بهذه الطريقة من قبل .. رآها تمسح دمعة سالت على خدها وسمعها تقول وهي تمسح على خد والده

_"قريباً حبيبي .. لقد اقترب وقت حصولي على انتقامنا قريباً .. جميعهم سيدفعون الثمن وأولهم (أمجد هاشمي) .. سيدفع ثمن حرقة قلبي .. (سامر) سيحرق قلبه على ابنته قريباً وعندها ستهدأ نيران قلبي قليلاً"

قطب في قلق وقلبه تسارعت نبضاته أكثر بينما سمعها تكمل بكراهية شديدة

_"(أحمد) سيخرج قريباً من سجنه أخي لكنه لن يجد الفرصة ليفرح بحريته .. سأحرق قلبه على تلك اللعينة (صفية) وعلى ولديه وسأجعله يرحل عن الدنيا بحسرة قلبه عليهم .. لن أمنحهم الفرصة ليجتمع شملهم .. سيدفع ثمن ما فعله بك حبيبي وما فعلته بك أخته اللعينة من قبل ..

سترى انتقامك بعينيك أخي .. قريبا جداً سأجعلهم يركعون تحت قدميك"

ران الصمت على المكان وظل هو مكانه للحظات محاولاً استيعاب صدمته، قبل أن يتحرك مسرعاً ليغادر المكان ويعود لغرفته يفكر في كل ما سمعه .. (همسة) كانت محقة فيما قالته .. عمته تلاعبت بهم جميعاً لتنتقم لنفسها .. هو لم يستوعب كل ما سمعه، لكن من الواضح أن هناك لعبة كبيرة كانت تدور منذ سنوات وعمته ووالده متورطان بها .. عمته تخفي الكثير وهو يجب أن يبحث في الأمر قبل أن يواجه والده بما يعرفه .. تنهد بقوة وهو ينظر لهاتفه ربما في النهاية عليه أن يخبر (عماد) بكل شيء ليرى موضع خطواته القادمة وليمنعه من التورط أكثر وإيذاء المزيد من الأبرياء بسبب ذلك الانتقام الأحمق .. وربما يحتاج لتدخله لينقذ عمه من ذلك المصير الذي ينتظره وابنة عمه تلك .. يعرف أن (عماد) لن يحتمل أبداً أن يصيبها مكروه .. التقط هاتفه من جديد وحاول الاتصال لتقابله نفس الإجابة .. حسناً يمكن للاتصال أن ينتظر قليلاً وليبدأ هو بالبحث، لكن من أين يبدأ .. لمعت عيناه وهو يفكر .. مكتب عمته الخاص حيث تحتفظ بكل أوراقها .. يجب أن يدخله ويبحث هناك أولاً ربما يجد خيطاً أو يكون محظوظاً فيجد ما يريد معرفته كاملاً .. عليه أولاً أن ينتظر حتى تغادر البيت لفترة طويلة ويتأكد قبل أن يدخل هناك .. غير مسموح لأحد دخول ذلك المكتب في غير وجودها ولم يفكر يوماً في اقتحام خصوصية أحدهم، لكن الآن صار الأمر يحتم عليه أن يفعل العكس ليصل للحقيقة .. هناك أيضاً ذلك الشخص (توفيق) .. من يكون وما علاقته تحديداً بعمته ووالده .. ما فهمه أنه طرف في ذلك الانتقام الغامض وأنه انتقم من (أحمد اليزيدي) ولا زال يفكر هو وعمته في اكمال انتقامهما ما أن يغادر الرجل سجنه .. شبك كفيه وأسند ذقنه لهما مواصلاً التفكير بعمق .. وابنة (العاصي) تلك من تكون .. هل يمكن أن .. اعتدل رأسه بانتباه وهو يتذكر .. (همسة العاصي) .. لا يعرف سوى واحدة تحمل اسم (العاصي) سواها .. أليست هي والدة (عاصي رضوان)؟! .. عمته تخلصت منها بمساعدة ذلك الرجل .. (هشام) قال أن (همسة) تكون ابنة عمه وشقيقة (عاصي) .. هذا يعني أن تلك المرأة من المحتمل أنها .. والدة (همسة) .. لكن إن كانت عمته قد تخلصت منها فكيف وصلت (همسة) إليهم وما علاقة زوج عمته بالأمر .. أليس هو من أحضرها لعائلتهم؟ .. هل هذا يعني أن عمته تعرف حقيقة نسب (همسة) .. لكن لو كانت تعرف ما كانت تركتها على قيد الحياة وهي ابنة المرأة التي تكرهها بهذه الطريقة التي لمسها في صوتها .. رباه .. أين هي الحقيقة بالضبط .. رأسه بدأ يدور ويشعر أن كل شيء تعقد في عقله .. هناك الكثير من التفاصيل عليه البحث بخصوصها .. عليهم التأكد أولاً من أن (همسة) هي فعلاً ابنة عائلة (رضوان)، وهذا سبب جديد يؤكد ضرورة أن يعرف (عماد) ما يدور .. يعرف أن (همسة) ستصمم على إجراء اختبار فحص الحمض النووي وأن (عماد) هو الآخر سيحاول الالتفاف حول الأمر بأي طريقة لذا عليه أن يقنعه بإجراء الفحص ومحاولة الحصول على عينة من (عاصي) ليتأكد من علاقتهما .. وعندها سيكون لديهم طرف خيط ليبحثوا في الأمر .. ويجب أن يصل لذلك الرجل الغامض (توفيق) فعقله يخبره أن كل الخيوط تلتقي عنده والحقيقة كلها سيصلهاعندما يصل إليه ... حسناً عليه أن يهدأ ويفكر بعقل صاف ليضع خطة محكمة وآمنة وسرية بعيداً عن عينيّ عمته التي بات متأكداً أنها لن تسامح أبداً تدخله في مخططاتها السرية .. من الواضح أن عمته لا مانع لديها من التضحية بأي شيء لتحصل على انتقامها, وحتماً لن تسمح له هو أو (عماد) بالوقوف في طريق خططها الشيطانية .. لذا من الآن فصاعداً عليه توخي الحذر في كل خطواته وإلا فحياته ستكون الثمن.
************************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:50 PM   #307

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

استمع (منذر) لمحدثه بنفاذ صبر وهو يهز قدمه على الأرض قبل أن يردد بجمود

_"حسناً .. مفهوم .. سأبلغك بكل التطورات .. لا تقلق .. (سامر) تحت أنظاري .. حسناً .. سأرى ما يمكنني فعله"
أغلق الهاتف وهو يضغط على أسنانه بقوة قبل أن يلقيه فوق مكتبه وهو يهتف بكراهية

_"فلتذهب للجحيم أنت وأوامرك"

التقط علبة سجائره وأخرج واحدة وأشعلها ليحرق فيها غضبه ومشاعر الكراهية التي بات يختنق باحتوائها كل هذه السنوات .. لقد تعب من التمثيل .. تعب من ادعاء الولاء والطاعة للرجل الذي دمر حياته وحولّه لذلك الشيطان .. نفث الدخان وشرد وهو ينظر عبر سحابة الدخان .. فليحتمل قليلاً .. قليلاً بعد وسيصبح ذلك الحقير في قبضته ويحصل على انتقامه أخيراً بعد كل هذه السنوات .. نهض من مكانه واتجه إلى الواجهة الزجاجية التي تكشف المدينة أمام عينيه ووقف أمامها يتطلع من الأعلى للمشهد البعيد أسفله وغامت عيناه وهو يستعيد تلك الأيام البعيدة التي رحلت دون عودة وبسبب ذلك الوغد .. (توفيق الأغا) .. لقد انتزع منه المرأة الوحيدة في هذا العالم التي أحبته دون شروط أو مقابل .. ذلك الشيطان جعلها ترحل بمرارة عن الحياة بعد أن أثبت لها أنها فشلت في حمايته من الانجراف لذلك العالم الأسود الذي نذرت حياتها كلها لتحميه منه .. لقد هربت به بعيداً حتى لا يتلوث بذلك الإرث اللعين، لكنّه أثبت لها أنها حاربت من أجل لا شيء .. لا زال يذكر نظرة الحسرة والألم والذهول في عينيها بينما (توفيق) يخبرها متشفياً وهي على فراش الموت أنه انتصر عليها وعلى مُثلِها الحمقاء وأن الصبي الذي ضحت بحياتها لأجله في النهاية أثبت أن دمه يحمل إرثه الشيطاني وأن كل ما فعلته كان هباءاً .. لا زال يتذكر صرختها الذبيحة الرافضة وهي تهتف فيه أن ابنها لن يفعل هذا أبداً .. أنه لن يبيع نفسه للشيطان ولن يلوث يديه أبداً .. أن ولدها الذي ضحت بكل شيء لأجله لن يفعل أبداً ما يتهمه به ... أراد أن يصرخ متوسلاً غفرانها .. أن يخبرها أنه فعل ذلك مضطراً .. من أجلها .. كان شرط (توفيق) لينقذ حياتها أن يلوث يديه وهو لم يجد بُداً .. لم يكن أمامه خيار آخر لينقذها .. كان صبياً صغيراً ملهوفاً على انقاذ أمه التي تركها تموت .. لا زال يتذكر كيف ركع أمام (توفيق) متوسلاً أن يعيطه المال لينقذها وأنه سيفعل ما بوسعه ليرد له المال ... لكنّه ابتسم وربت على رأسه وهو يخبره أنه لا داعي لذلك، ليظن لوهلة أنه وافق على مساعدته دون مقابل لكنّ قلبه سقط بين قدميه حين أشار (توفيق) بيده لأحدهم وقبل أن يفهم ما يحدث شعر به يضع شيئاً ثقيلاً بارداً في كفه .. تطلع بحيرة ليده لتتسع عيناه برعب وهو يرى المسدس الذي وضعه بيده وكاد يلقيه بعيداً لولا أن اشتدت قبضة (توفيق) فوق كفه وهو يخبره بصرامة .. أن هذا هو المقابل .. نظر له بعينين متسعتين بقلق وتوجس ليراه يشير لرجل يقف مقيداً في نهاية الغرفة وقال وهو يربت على شعره

_"ذلك الرجل هناك .. لقد تجرأ على خيانتي .. وفي عُرفي لا جزاء للخيانة سوى .. الموت"

لم يفهم ما يتحدث عنه وما علاقته به ولا بذلك المسدس المخيف الذي يحمله وسمعه يقول بعد لحظات وهو يمسك بكتفه ويديره ليواجه ذلك الرجل لتتسع عيناه أكثر برعب وهو يفهم أخيراً

_"اقتله .. اقتله وسأنقذ حياة أمك"

توقف قلبه وهو يلتفت له بفزع وهز رأسه وهو يهمس بخوف

_"لا أستطيع"

كان ينحني بقرب أذنه يهمس فيها كشيطان يستميله للخطيئة

_"بل تستطيع .. لا خيار آخر أمامك بني .. هذا الرجل سيموت في كل الأحوال .. إما بيدك أو بيدي .. لكن أمك تملك أملاً واحداً لتنجو .. ماذا ستختار .. حياتها .. أم .."

قطع جملته لحظة ليكملها وهو يرفع يده الممسكة بالمسدس ويوجهها نحو الرجل

_"حياته"

دمعت عيناه وشعر بجسده كله يرتجف وهو يهمس بتوسل

_"أرجوك .. أنا لا أستطيع"
رمقه بنظرة صارمة واعتدل ينظر له من علو وقال ببرود

_"الخيار لك يا صغير .. لقد خيرتك .. هو سيموت في الحالتين فاختر .. إما تقتله أنت وتنقذ والدتك أو اقتله أنا وستودعها للأبد"

سالت الدموع على خديه وهو ينظر للرجل الذي كان يهز رأسه متوسلاً وتصاعدت همهمة رافضة من فمه المكمم وارتجفت شفتاه وهو يهمس من جديد

_"أرجوك .. أنا لا أستطيع أن أقتل .. لا يمكنني"

ابتسم بشر وهو يرمقه بنظرة غامضة ليردد بعدها

_"بل يمكنك .. أنا أعرف أنه يمكنك .. أنت تملك القوة داخلك .. ذلك إرثك الذي لن تهرب منه طويلاً .. مهما كان ما فعلته هي لتقنعك بالعكس .. لن تهرب من إرثك أبداً .. في النهاية ستطالب به بنفسك"

لم يفهم وقتها عما يتحدث بالضبط .. عقله كان مشوشاً بمحاولة الهرب من هذا الخيار المستحيل .. هو يضعه بين شقيّ الرحى .. ماذا يفعل؟ ... نظر لضحيته بعينين دامعتين وفي عقله ارتسمت صورة أمه الشاحبة على فراش المرض يقترب منها الموت لحظة بعد أخرى ولا يملك المال لإنقاذ حياتها .. لا يملك أن يشتري الأمل الوحيد ليبقيها على قيد الحياة .. إلا إذا .. وكأنما أدرك (توفيق) ما يدور في عقله في تلك اللحظة تحديداً اقترب ليواصل وسوساته يحرضه على الاختيار

_"هيا بني .. يمكنك فعلها .. من أجل أمك .. أنت لن تتركها تموت بهذه البساطة .. اختر الآن .. إما روحه أو روحها هي"
لا .. لم تكن روح ذلك الرجل .. المقابل كان روحه هو .. هو من سيقتل روحه بيده إن قتل ذلك الرجل .. لكن أمه ستحيا في المقابل .. لذا الخيار الآن إما روحه التي على وشك أن يلوثها ويحكم عليها بالاحتراق في الجحيم الأبدي أو روحها هي .. كانت حياتها في كفة وروحه في الكفة الأخرى .. الآن بدا الخيار أسهل .. نظر للرجل المرتعب وتردد من جديد لينتفض مع صرخة (توفيق) الصارمة

_"اقتله"

كانت ثانية واحدة كل ما احتاجها الأمر واعتصرت أصابعه الزناد لتتسع عيناه ورأى صدر الرجل يتفجر بالدماء مكان رصاصته وكأنما منحه الرعب المزيد من القوة واصلت أصابعه الضغط على الزناد وهو يصرخ بكل قوته ولم يوقفه سوى قبضة يد (توفيق) التي أمسكت يده ليدرك أنه واصل إطلاق الرصاص حتى فرغ المسدس من طلقاته .. قابلته ابتسامة (توفيق) الراضية كشيطانٍ اشترى روح أحدهم لتوه وقال وهو يتناول المسدس

_"جيد .. عرفت أنك قادر على فعلها بني .. الآن يمكننا أن نتحدث"

حدق فيه بذهول دون أن يراه حقاً ولم يشعر بابتعاده وارتجف وهو يحرك وجهه بخشية لتقابله جثة الرجل الغارقة في الدماء واتسعت عيناه وازداد ارتجافه ولم يحتمل جسده الصغير ولا عقله البريء ما فعله فسقط أرضاً على ركبتيه وعيناه معلقتان بجسد ضحيته .. تطلع ليديه وخُيل إليه أنهما غارقتان بالدم وتفجرت الدموع في عينيه لينهار في البكاء بحرقة .. لقد قتل روحاً .. قتل شخصاً بيديه .. لن ينمحي الدم عن يديه مهما حاول محوه .. لن يغفر الله له أبداً .. لن تسامحه أمه لو عرفت .. حتى لو أخبرها أنه فعل ذلك من أجلها فلن تسامحه أبداً وربما ماتت بسببه .. ماذا فعل بنفسه؟ .. ماذا فعل؟ .. ذلك اليوم عرف (منذر) أنه خسر نفسه للأبد، لكنّه لم يعرف أنه كان على وشك أن يخسر كل شيء .. أمه لم تحتمل ما عرفت ورحلت بحسرة قلبها ولم يستطع أن ينقذها بعد كل شيء .. لقد خدعه (توفيق) وحطم حياته كلها من أجل أن يعيده للعالم الذي أنقذته منه أمه قديماً .. اشتدت قبضته واشتعلت النار بقلبه أكثر وهو يفتح عينيه يتطلع من الواجهة الزجاجية وضرب بقبضته عليها بقهر وهو يردد من بين أسنانه

_"قريباً سأجعلك تدفع الثمن غالياً (توفيق) .. ثمن موت أمي وحرقة قلبها .. تلك القوة التي تتبجح بها وذلك العالم الذي قضيت عمرك كله تبنيه .. قريباً سأحطمه فوق رأسك حجراً حجراً .. أنت صنعت ذلك الشيطان داخلي فاحتمل نتيجة صنيعتك .. سأذيقك العذاب مقابل كل لحظة ألم سببتها لأمي .. سأنتزع قلبك بيدي ولن يشفى غليلي منك أبداً .. أبداً"

حاول السيطرة على مشاعره ونار الانتقام التي تشتعل داخله منذ سنوات طويلة .. أخرج محفظته وفتحها ليتطلع لصورتها وابتسامتها الجميلة ونظرة عينيها الحانيتين لتخمد النار المشتعلة بقلبه وهدأت أنفاسه قليلاً وواصل النظر لها للحظات علّها تمتص نار الغضب من داخله كما اعتادت أن تفعل .. لامس وجهها بحنان وغامت عيناه وهو يهمس بألم

_"أعرف أنني لا أستحق .. لكن سامحيني .. سامحيني أرجوكِ حبيبتي"
***********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:51 PM   #308

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فتحت (آنجيليكا) عينيها مع اللمسة الخفيفة على خدها والصوت الذي تردد يناديها بخفوت .. التفتت بعينين ناعستين متسائلتين نحو صاحب الصوت الذي ابتسم لها قائلاً

_"هيا .. لقد وصلنا"

تطلعت له بحيرة للحظة قبل أن تتسع عيناها وهي تستوعب أنها كانت نائمة وهي تستند برأسها لكتفه .. اعتدلت بسرعة مبتعدة عن وجهه القريب منها وابتلعت لعابها بصعوبة قبل أن تبتسم بتشنج

_"آسفة (ألفريدو) .. يبدو أن النعاس غلبني"

_"لا تعتذري .. أنا لم أعترض .. كنتِ متعبة ولم أرد أن أوقظكِ قبل أن نصل"

أجابها بابتسامة قد تبدو لأي فتاة جذابة ولطيفة، لكنّها دفعت بالقلق في عروقها وأعادت لها تحذيرات (ماريا) بشأنه .. لقد حاولت تجنبه طيلة الرحلة بقدر الإمكان، لكنّ الأمر كان صعباً وهو كان لطيفاً ولم يحاول فعل أي تصرف مشين فدفعت بمخاوفها وبتحذيرات صديقتها جانباً وتحدثت معه كأحد رفاقها .. هل أخطأت بالفعل عندما لم تستمع لـ(ماريا) ورافقته إلى العاصمة لتعمل في المكان الذي أخبرها عنه؟ .. ألا يكفيها قلقها بشأن سفرها لذلك المكان القريب من الخطر، لتزيد الآن مشاكلها واحدة بخوفها من نية (ألفريدو) الحقيقية نحوها ... حاولت إقناع نفسها أنه شاب لطيف بالفعل ولا يضمر لها شراً، لكن نظراته المختلسة لها والتي باتت تراها بشكل مختلف بعد كلمات (ماريا) جعلتها تعيد التفكير في الأمر .. أخذت نفساً عميقاً تحاول أن تهدأ وتفكر جيداً فيما ينتظرها الأيام القادمة .. تطلعت عبر النافذة للمدينة الواسعة .. ربما عليها إعادة حساباتها .. بعد كل شيء روما مدينة كبيرة وواسعة .. ستذوب وسطها وربما لن يتعرف عليها أحدهم إن واصلت التصرف والحركة بحذر .. تحسست القبعة التي ترتديها والتي تخفي خصلاتها الشقراء وفتحت حقيبتها لتخرج نظارتها الشمسية وارتدتها لتخفي معظم ملامحها بينما كان رفيقها يقف ليتناول حقيبتها مع توقف الحافلة واستعدادهما للنزول .. تنفست بقوة وتحركت لتغادر الحافلة .. نزلت على أرض الشارع المرصوف ووقفت أمامه ليبتسم وهو ينظر لها من أعلى لأسفل وقال

_"تبدين مختلفة تماماً .. لكنكِ ستبدين أجمل في أي شيء ترتدينه"

ابتسمت بتشنج وحاولت ادعاء أن مجاملته أعجبتها

_"أوه شكراً لك (ألفريدو) .. هذا لطفٌ منك"

وأسرعت تقول لتمنعه من المزيد من محاولات المغازلة المرفوضة تماماً من جانبها

_"إذن .. أين سنذهب بعد ذلك؟ .. هل لا زال المكان بعيداً؟"
نظر لها بغموض للحظات ليخفق قلبها بتوتر وقلق وحمدت الله أن النظارة تخفي عينيها وإلا فضحت خوفها منه .. سمعته يجيب وهو يتحرك حاملاً حقيبتها

_"لا .. أوشكنا على الوصول"

أسرعت تتحرك لتلحق به بينما تابع وهو يشير لإحدى السيارات

_"سنأخذ سيارة أجرة .. المكان يبعد حوالي النصف ساعة من هنا"
تنفست بصعوبة وهي تفكر مجدداً في صواب ما تفعله .. إنها على بعد آلاف الأميال من بيتها وأسرتها .. في مدينة كبيرة .. برفقة رجل لا تدري حقيقة نواياه .. ماذا تفعل بالضبط؟ .. ماذا إن حاول أذيتها وهي وحيدة وغريبة في هذه المدينة الكبيرة؟ .. ابتلعت لعابها بصعوبة وشعرت بالاختناق وللحظة راودتها فكرة أن تطلق ساقيها للريح وتهرب .. همست لنفسها .. اهدأي (آنجي) .. لا داعي لخوفكِ .. إنها مجرد أوهام فقط .. أنتِ فقط متوترة بسبب ما أنتِ مقدمة عليه .. (ألفريدو) لن يفعل شيئاً .. هو لن يؤذيكِ .. ولو حاول أنتِ بالتأكيد لن تمنحيه الفرصة .. أنتِ تعرفين كيف تدافعين عن نفسكِ ... توقفت أمامهما سيارة أجرة لتقطع عليها ترددها والتفت لها (ألفريدو) مبتسماً وهو يضع الحقيبة في السيارة

_"هيا (آنجي) .. علينا أن نذهب قبل أن نتأخر عن موعدنا أكثر"

تنفست بعمق وتحركت لتركب السيارة والتصقت بجانب الباب وأشاحت بوجهها بتوتر وهي تشعر به يأخذ مكانه جوارها وسمعته يقول وجهتهما للسائق ليشحب وجهها والتفتت له قائلة بارتباك

_"لماذا نذهب لهناك؟"
نظر لها باستغراب وقال

_"العمل هناك (آنجي)"
همست بتوتر

_"ظننت أن .."

قطعت جملتها وهي تفكر بقلق .. هو لم يخبرها أين ستعمل بالضبط وهي لم تسأله، فلماذا ظنت أنه سيختار مكاناً على أطراف العاصمة بعيداً عن صخب المدينة لتكون بعيدة عن الأنظار .. حسناً .. هي قررت المخاطرة فعليها إذن احتمال نتائج قرارها .. سمعته يسألها

_"ماذا ظننتِ؟ .. هل هناك مشكلة؟"

هزت رأسها وابتسمت بارتباك وأجابته

_"لا شيء .. أنا فقط لم أتوقع أن نذهب لتلك المنطقة الشهيرة .. أعرف أن الكثير من الأثرياء يترددون عليها وبها مطاعم شهيرة .. هل سأعمل في واحد منها"
ابتسم وهو ينظر لها بغموض وترها أكثر

_"انتظري حتى نصل وستعرفين .. ستعملين في مكان لم تحلمي به من قبل"

ارتجفت ابتسامتها وعادت تشيح ببصرها تنظر للخارج ودعت الله برجاء أن يحميها ويحفظها فيما هي مقبلة عليه أياً كان .. ادعت النوم لتتحاشى الحديث معه وسرحت في ذكرياتها مع أسرتها وخفق قلبها وهي تفكر في شقيقها .. رباه .. إنها تشتاق له من الآن وخائفة عليه .. هل سيكون بخير وهي بعيدة .. هي مضطرة لتبتعد من أجله .. لا بأس ستجمع المال اللازم وتعود له سريعاً .. انتبهت على توقف السيارة وصوت (ألفريدو) يناديها ففتحت عينيها ليخبرها بوصولهما ليعاودها التوتر الشديد وهي تغادر السيارة وراقبتها تبتعد لترفع عينيها تنظر إلى حيث أشار (ألفريدو)

_"هيا عزيزتي"

اتسعت عيناها وهي تتطلع بانبهار ممزوج بالخوف للمبنى الشاهق الفخم .. هل ستعمل في هذا الفندق الفخم .. كيف وجد لها (ألفريدو) فرصة عمل في هذا المكان؟ .. هزت رأسها لسخافة فكرتها ... بالطبع لن تعمل هنا .. ربما في مكان ما خلف ذلك الفندق .. لا تتصور حتى أنها ستجد فرصة لتعمل حتى خادمة بسيطة في هذا الفندق .. كل أفكارها تجمدت حين أشار لها لتتبعه لتجد أنهما يتجهان بالفعل لباب الفندق ورأته يصعد السلالم وتحدث مع أحد حارسي الأمن الذي بدا على معرفة به وأشار إليها لينظر نحوها الرجل بتفحص قبل أن يشير لها لتقترب .. مرت عبر آلة التفتيش وهي تكاد تفقد أعصابها توتراً .. ابتسم لها (ألفريدو) وهو يشير لها لتتبعه للداخل فابتسمت بتوتر للحارس الذي نظر لها دون ابتسامة وهو ينظر لهويتها قبل أن يمنحها لها ويشير لها لتدخل بخطوات مرتجفة وتبعت رفيقها الذي كان يتحرك في المكان كأنما اعتاد زيارته .. حسناً .. هي لم تكن يوماً قريبة من (ألفريدو) لتعرف إن كان يملك من المعارف ما يمكنه من الوصول إلى هذه الأماكن .. تبعته عبر الردهة الواسعة واتسعت عيناها في انبهار وهي تتطلع للمكان الفخم بديكوراته واللوحات الضخمة والجداريات والتماثيل الرومانية التي زينته ولم تجد الفرصة لتشبع عينيها حين نادها (ألفريدو) يستحثها على التحرك لتنتبه لتوقفها فأسرعت خلفه وهي تهتف معتذرة بينما تقدمها هو عبر طرقة جانبية واستمر في السير لبعض الوقت حتى توقف أمام أحد الأبواب وفتحه وأشار برأسه لها وهو يدخل .. تبعته في حذر ونبضات قلبها الصاخبة تحذرها مما ينتظرها خلف هذا الباب .. خطت للداخل لتصم أذنيها الموسيقى الصاخبة بالداخل وخُيل لها أنها انتقلت لمكان مختلف تماماً وارتفع حاجباها وهي تقترب من مصدر الصوت حيث كان (ألفريدو) يقف بقرب سور حديدي ولوح بقبضته صارخاً بحماس قبل أن يضرب بكفه كف أحد الشباب الذين تطلعوا نحوها بنظرات وترتها أكثر .. أين أتى بها (ألفريدو) بل أين ألقت بنفسها .. تحركت ببطء عندما أشار لها لتتبعه وهو ينزل السلم الذي تناثر فوقه الشباب من الجنسين واتسعت عيناها وهي ترى ثياب الفتيات الفاضحة .. هل هذا ملهى ليلي؟ .. بالتأكيد هو كذلك .. تحركت بجسد متخشب تحاذر الاحتكاك بأيٍ من الموجودين وتوقفت عند نهاية السُلم تنظر حولها بعينين متسعتين وهي تفحص المكان .. ليس ملهى ليلي للرقص فقط فجزء كبير من القاعة الواسعة كان محتلاً بالعديد من طاولات القمار وجزء آخر به مرقص كبير انهمك فيه الناس بالرقص وتنفست بصعوبة وهي تلمح الراقصات بثيابهن المثيرة ورقصاتهن الفاضحة مع الزبائن .. أشاحت عنهن وهي تشعر بالغثيان ليقابلها البار الكبير والخمور .. يا الله .. أين أتت؟ .. تباً لك (ألفريدو) .. ماذا تظنني بالضبط؟ .. لهذا السبب كان الأجر خيالياً؟ .. هل يتوقع منها العمل في هذا المكان القذر؟ .. تفضل أن تمسح شوارع روما على أن تعمل هنا .. كادت تتحرك هاربة حين لمحت (ألفريدو) يلوح لها وعندما رآها متجمدة مكانها زفر بقوة وعاد إليها واستغل صدمتها ليجذبها من يدها ويجرها خلفه .. حاولت شد يدها، لكنّه تركها في النهاية عندما اقتربا من إحدى موائد القمار وهتف بمرح وهو يقترب من إحدى النساء اللاتي وقفن أمام الطاولة بفستان أحمر مثير

_"(دونا) .. جميلتي .. اشتقت لكِ"

التفتت له المرأة صارخة الجمال وارتسمت على شفتيها المصبوغتين بلون أحمر مثير ابتسامة زادتها فتنة وهي تهتف

_"(فريدو) .. لقد أتيت أخيراً"
اقترب ليشدها إليه في قبلة ساخنة جعلت (آنجيليكا) تتشنج بذهول قبل أن تشيح بعينيها عنهما وهي تلعنه داخلها .. لم تفق سوى على ندائه الذي تبعه صوت المرأة تقول

_"هل هذه هي؟ .. لماذا لا ترد؟ .. هل هي خرساء أم ماذا؟"
التفتت لها في حنق لتقابلها عيناها المتفحصتين اللتين مرتا على جسدها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها بطريقة جعلتها تشعر أنها تتفحص بضاعة ما قبل أن تبتسم بطريقة جعلتها تختنق بخوف وهي تقول

_"لا بأس بها حبيبي"

قبضت كفها وقطبت حاجبيها بغضب وقالت وهي توجه حديثها له

_"هل يمكنني أن أفهم ماذا أفعل هنا (ألفريدو)؟"

نظرت له المرأة وقالت بتعجب

_"ألم تخبرها؟"
عض شفته بارتباك لتنظر لها مرة أخرى هذه المرة بتعبير غريب لتهتف هي بغضب

_"لم تخبرني ماذا (ألفريدو)؟"

لم يرد لتهتف وهي تشير للمكان من حولها ولمعت عيناها بغضب وإحساس بالغدر

_"هل أتيت بي لأعمل في هذا المكان القذر؟"

تلفت حوله بارتياع وهو يقول

_"(آنجي) أرجوكِ"

هتفت بجنون

_"أرجوكِ؟!! .. هل توقعت مني أن أعمل هنا؟ .. ماذا تظنني بالضبط؟"
قال بتوسل

_"اهدأي (آنجي) أنا فقط أردت مساعدتكِ .. أنتِ تحتاجين للمال لعلاج شقيقكِ و"

_"وظننت أنني سأبيع نفسي ببساطة لأحصل على المال، صحيح؟"

_"(آنجي) .. لن يصل الأمر لبيع نفسكِ"

هتفت بحدة

_"العمل في هذه القذارة يعني أنني أبيع نفسي بالفعل سيد (ألفريدو)"

قال بغضب

_"لا داعي لكل هذه المثالية .. إنها في غير موضعها .. أنتِ في حاجة للمال والمبلغ أكثر من خيالي .. هل تحتاجين للتفكير؟"

لمعت عيناها بالدموع ورمقته بنظرة متألمة وقالت

_"لم أتوقع هذا منك .. أنا المخطئة لأنني من استمعت لك"

نظرت نحو (دونا) التي كانت تتأملها وتستمع لهما في صمت وقالت وهي ترمقه بنظرة أخيرة متقززة

_"أنا لن أبقى في هذا المكان لحظة واحدة"

قالتها واندفعت مغادرة بعنف لينظر لـ(دونا) بارتباك واعتذر منها لتقول وهي تشير

_"اذهب خلفها وأوقفها .. أنا أريد الحديث معها"

تطلع لها بارتباك فأشارت بعينيها في حزم ليندفع محاولاً اللحاق بـ(آنجيليكا) التي اندفعت عبر الحشود الغارقة في الرقص والشراب وصعدت السُلم مسرعة وتجاهلت بعض عبارات الغزل ومضايقات الشباب المخمورين ووصلت للباب وفتحته لتندفع عبره وقفزت للخارج تشهق الهواء بكل قوتها وعيناها غارقتان بالدموع التي سالت على خديها .. ماذا فعلت بنفسها؟ .. كيف وثقت به؟ .. (ماريا) كانت محقة .. سمعت الباب يُفتح من خلفها وصوت (ألفريدو) فتحركت مغادرة نحو خارج الفندق بينما يواصل نداءها بإصرار .. كانت على وشك الوصول نحو الردهة الواسعة للفندق حين أمسك بقبضته رسغها بقوة آلمتها وهو يلفها نحوه هاتفاً

_"توقفي .. لماذا تعقدين الأمور؟ .. ماذا حدث لكل هذا؟"
هتفت به

_"اترك يدي (ألفريدو) .. أنا لا أريد سماع أي كلمة منك .. أريد أن أذهب من هنا فوراً"

لم يتخل عن يدها وهو يهتف بتصميم

_"لن تذهبي قبل أن نتفاهم .. (دونا) تريد الحديث معكِ"
حاولت شد يدها وهي تهتف

_"وأنا لا أريد الحديث مع أحد .. سأعود للبلدة"

انتزعت يدها أخيراً وتحركت مبتعدة ليهتف خلفها

_"أجل .. عودي للبلدة وضحي بفرصة شقيقكِ الوحيدة للنجاة"

تجمدت مكانها وتوقف قلبها بين ضلوعها وصورة (جوليانو) ارتسمت أمام عينيها الدامعتين ليقترب (ألفريدو) كأنما شعر بترددها وأحس أنها في طريقها للموافقة مع القليل من الضغط على وترها الحساس فقال وهو يشير للمكان من حوله

_"انظري .. الفرصة أتت حتى قدميكِ .. لماذا ترفضينها ولأجل ماذا؟ .. لو كنتِ خائفة على فضيلتكِ العزيزة وشرفكِ فلن يتأذيا .. يمكنني أن أطلب من (دونا) أن تختر لكِ وظيفة تناسبكِ .. هيا لن تخسري شيئاً"
ارتجفت شفتاها وغامت عيناها بالدموع أكثر وهي تفكر في شقيقها المريض وفرصته الوحيدة في النجاة هي أن تبيع مبادئها .. تلك المباديء التي غرسها فيها والدها .. صورة والديها ارتسمت أمامها لتمحو كل تردد فمسحت دموعها بقوة وهي تهمس لنفسها .. لن تشتري حياة شقيقتها بمال ملوث بالخطايا .. مال حرام .. عاش والدها عمره شريفاً ومات بطلاً ليمنحهم حياة نظيفة بمال طاهر وهي لن تأتي الآن لترمي بكل ما فعله والدها وبكل ما رباهم عليه عرض الحائط لتلوث شقيقها في النهاية بمال ملوث .. ليست فرصتها الوحيدة .. هي تؤمن أن الله رحيم وهناك آلاف الأبواب والفرص التي يمكنها أن تجدها لتنقذ شقيقها .. تنفست بقوة وتسلل اليقين والارتياح لقلبها .. أجل .. ستثق بربها كما علمها والدها وهو سيجعل لها مخرجاً من كل هذا .. عند هذه النقطة رفعت رأسها والتفتت له قائلة بحزم

_"بل سأخسر الكثير (ألفريدو) .. أكثر مما تظن"

نظر لها بحيرة لتبتسم بهدوء وتقول

_"وهذا شيء لن تفهمه أنت أبداً"

وتحركت تغادر وهي تكمل

_"لقد اتخذت قراري (ألفريدو) .. أنا لن أعمل هنا أبداً"

انتزع نفسه من صدمته واندفع خلفها هاتفاً بغضب

_"لماذا تتصرفين هكذا؟ .. هل تعلمين كم فتاة تتمنى فرصة واحدة كالتي ترفضينها أنتِ؟"

التفتت له قائلة بحزم

_"أنا لست أي فتاة (ألفريدو)"
وتحركت لتواصل طريقها بخطوات غاضبة ملأها الحزم، حين توقفت خطواتها فجأة وعيناها تعلقتا بالرجل الذي دخل من باب الفندق في حراسة مهيبة ورجال مدججين بالسلاح واندفع الموظفون لاستقباله في احترام بالغ .. شعرت بالأرض تكاد تنهار أسفلها وهي تتطلع من مكانها في أقصى الردهة للرجل الذي بدا أنه غادر أسوأ كوابيسها فجأة وتجسد أمامها .. لا يمكن أن يكون هذا حقيقياً .. هي تحلم حتماً .. انقبض قلبها باختناق شديد وعيناها عادتا تلمعان بالدموع وهي تهمس بذهول

_"هذا الرجل"

نسيت تماماً أن (ألفريدو) يقف جوارها وانتفضت على صوته وهو يرد على همستها الخافتة دون أن ينتبه لصدمتها

_"هذا الرجل هو صاحب كل هذا الثراء الذي ترفضين العمل به .. هذا الفندق والملهى وحدهما جزء من سلسلة من الفنادق الكبيرة في أكثر من دولة .. يملك الكثير من القوة والنفوذ والمال ليشتري كل شيء تمتد له عيناه"

تحرك قلبها بجنون في صدرها وهي تتبع الرجل الذي دخل بكل هيبته ليتحرك نحو مصعد الفندق تتبعه حراسته وفي عقلها تفجرت كل ذكرياتها وعاد الحادث يتكرر أمام عينيها اللتين ارتسمت أمامهما لوحة من الدم وهي ترى والدها يحاول السيطرة على السيارة التي انقلبت بهم .. لم يشعر (ألفريدو) بكل ما يدور داخلها وظنها انبهرت بما رأته فواصل بسخرية

_"هل رأيتِ الآن ما تركلينه بقدمكِ؟ ... أي فتاة في مكانكِ ستتمنى فرصة واحدة لتعمل لدى (سيزار جيوفاني)"

اسمه كان يتردد بعقلها قبل أن ينطقه هو ومع ملامسة حروفه لأذنها توقف العالم كله من حولها تماماً واختفى صوت (ألفريدو) تماماً وهي تصرخ داخلها بذهول وألم قلبٍ مذبوح ... (سيزار جيوفاني) .. قاتل والديها وشقيقتها .. الشيطان الذي أحرق قلبها ودمر عالمها كله .. من بين كل الأماكن يأتي بها القدر هنا .. إلى مكانٍ يملكه ذلك الشيطان .. كل هذا الوقت الذي هربت فيه يعيدها القدر ويجعلها تأتي بقدميها لآخر مكان ينبغي أن تكون فيه .. الشخص الذي هربت منه كل هذه الأعوام والذي كانت تخشى أن يعرف بوجودها وشقيقها على قيد الحياة .. هنا؟ .. على بعد خطوات منها ..الشيطان الذي تركت له كورسيكا وفرنسا كلها وهربت لتحمي منه الشخص الوحيد المتبقي لها في هذه الحياة .. هنا؟ .. بقربها؟ .. أي مزحة هذه؟ .. لا .. ليست مزحة .. ماذا يفعل بها القدر؟ .. أي خطة يرسمها لها؟ .. ماذا يخبيء لها في جعبته بعد كل هذا؟ .. سالت دموعها في صمت وهي تنظر لشيطان كوابيسها يختفي ورجاله داخل المصعد الذي انغلقت أبوابه لتخفيه عن عينيها اللتين أغلقتهما بألم ويدها تقبض بقوة على سلسلتها وقلبها يخبرها أن ما ينتظرها في الأيام القادمة ربما كان أصعب بكثير مما تتخيل.

********************

انتهى الفصل الثالث عشر

إن شاء ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم وتعليقاتكم

قراءة ممتعة

أرق تحياتي


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-18, 08:55 PM   #309

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
مساء الفل والياسمين... سيتم اغلاق الرواية لمدة اربعة ايام ل يشاهد المتابعين معك اعتذرك عن فصل اليوم وفصل الأسبوع القادم ...

ربنا ييسر لك اجتياز الامتحان ويكتب لك النجاح الذي تتمني...

تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق بإذن الله تعالى... في حفظ الله ورعايته...

مساء الورد
تسلمي كتير يا قمر


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-12-18, 02:46 AM   #310

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,016
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👋👋👋👋👋👋👋😘😘😘😘😘😘

mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.