آخر 10 مشاركات
روايه روحي لك وحدك للكاتبه (ريم الحجر) روايه رائعه لا تفوتكم (الكاتـب : nahe24 - )           »          رهان على قلبه(131) للكاتبة:Dani Collins (الجزء الأول من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          روزان (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          وكأنها رملة..! (59) -قلوب نوفيلا- للآخاذة: eman nassar [مميزة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : eman nassar - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          [تحميل] تائهون إلى أن يشاء الله ، للكاتبة/ رررمد " مميزة " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-19, 11:02 PM   #421

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ولايهمك حبيبتي بس مستنينك على نااار 😘😘

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-19, 01:34 AM   #422

Khawla s
 
الصورة الرمزية Khawla s

? العضوٌ??? » 401066
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,978
?  نُقآطِيْ » Khawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond repute
افتراضي

احقر انسان مختار يخرب بيته ياريت شاهي قتلته وريحتنا ورتاحت منه
شاهي اخيراً قوت نفسها وقدرت تحكي وتواجه مختار
مواجهه سيلين وادم بتوجع القلب كتير احزنت عليهم 😢😢
انجي حظها انها التقت باالليزا وساعدتها
معاذ ليه مصر مايظهر قدام سؤدد مسكينه عم بتفكر انها بتحلم
تسلم ايدك ياعسل فصل دسم وممتع❤❤


Khawla s غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 01:47 AM   #423

ماما حسوني

? العضوٌ??? » 347358
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 889
?  نُقآطِيْ » ماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond repute
افتراضي

أحسن برضه ميوش لأنه عندي امتحانات.... مع الأعتذار عن انانيتي

ماما حسوني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 09:36 AM   #424

DelicaTe BuTTerfLy

مصممة منتدى قلوب احلام وقصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية DelicaTe BuTTerfLy

? العضوٌ??? » 378544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 742
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » DelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond reputeDelicaTe BuTTerfLy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
I was on a ship thinking of you.when i looked down i droped a tear in the ocean.Then i promised myself that until someone finds it.I wont forget you…
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصول موجعة بجد

مش عارفة افلفص اطلع من مشهد وجع قلبى ادخل بمشهد اكتر وجع

هو انت هتفضلى ممرمطااهم كتير كدة!!!

بييير يختتتاى مش بطل رئيسى بس زعلانة عشانة اووى بجد الرجل اتشحتف مع سيلين

آدم وهو بيعترف قدام جدة وبينهار من البكاء

سيلين وهيا بيتوجهة وبتتهمة بتسببة بموت بنتها .. انا معاها بجد هو بغباؤة دمرها وعاد لها قصة مامتها قدامها

ودمر ربا وعيشها حزينة وهيا عارفة انة مش معاها بقلبة

فهد وهمسة وجع وبينهم دم !!! هيقدرو يتخطووة

همسة الام ياترى فين هتفجرى لنا مفاجاتها ازاى واية ال مخليها بعيد عن اولادها

مراااد ياوجع ولقاءة مع شاهي وفتح باب جحيم الذكريات

حتى شاهي تعبتيلى قلبى بمواجهتها مع زوجها القذر دة بجد وياااريت منذر ينفذ وعدة لها

منذذذر دة كمااان مشكلة معقول هتموتية؟؟ البطل الشرير ال من جواه طيب مغدور مش عارفة ضلمت كدة لية

كنت سيبيتة بخانة الشرير احسن وسؤدد تتخلص منة ومن ابوة الزفت ومن كل اعدائها بدل الحيرة دى

انجليكا احساسى ان هتتقاطع خطاها مع منذر ضد سيزار

بجد بحييكى بربط الاحداث مع كمية البشر دوول ههههه

ولو ان انت اضطريتى تنيمى شخصيات كتيرة بقالها فترة مظهرتش زى سا لم و رواء فجرتيهم وواجهتيهم ببعض وسيبتينت نغنى ظلموة

وسمر ا عميتيها وقلتى لها اركنى على جنب!!

موضوع الفلاش باك وان الاحداث مش ماشية بنفس التسلسل الزمنى دة بيخربطنى شوي ههههههههه بقول اانا قريت الكلام دة قبل كدة

واكتشف انة اعادة للموقف بشكل تانى

يعنى مفروض انة اتوقع حادثة هاشم الفصل الجاى ال هيا اصلا خلصانة من الجزء ال فات !!! جننتينى بجد

تسلم ايديك مرة تانية يا سكرة


DelicaTe BuTTerfLy غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد يمرُّ العمرُ والأحلامُ من حولي ضَبابْ
تخنُقُ الأنفاسَ في جوفي بسُؤلٍ لا يُجابْ

أيُّ سَعْدٍ؟ وجهُ أمّي غَائِبٌ
تَحْتَ التُّرابْ ..

رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 12:25 PM   #425

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العشرون
_"ماذا قلت؟ .. هل أنت متأكد يا (فهد)؟"
هتف (عماد) بالجملة وقلبه ينبض بقوة بينما صوت (فهد) يأتيه مؤكداً
_"أنا متأكد مما قلته (عماد) .. لم أتصل بك إلا بعد أن تأكدت تماماً من هذه المعلومات"
سقط (عماد) فوق حافة فراشه وانقبضت يده أكثر على هاتفه وهو يحاول استيعاب ما سمعه و(فهد) يواصل
_"عمتي سافرت إلى إيطاليا لمقابلة ذلك الرجل (سيزار جيوفاني) .. الرجل الذي كلفته بمراقبتها أخبرني أنها وصلت لفندق شهير يمتلكه ذلك الرجل كما أن مراقبة اتصالاتها جعلتني أتأكد من أنها على اتصال دائم به وأعتقد أنّها سبق وسافرت إليه أكثر من مرة بالأشهر الماضية"
قطب (عماد) حاجبيه ونار غضب شديد تشتعل بقلبه بقوة .. ماذا يعني هذا؟ .. ما علاقة أمه بذلك الرجل؟ .. هو نفسه (توفيق الأغا) .. كان صديق والده .. لكن ما علاقة أمه به ولماذا لا زالت على اتصال به بعد كل هذه السنوات وأيضاً (فهد) قال أنّها ساعدته في انتقامه قديماً ولا زالت تحتاجه ليساعدها في انتقامها من عمه .. لقد تعقدت الأمور وقد بات واثقاً من أنّ أمه قد خدعتهم طوال هذا الوقت واستخدمتهم لتحقيق أهدافها .. لا زال هناك الكثير غامضاً بخصوص الماضي لكنه لن يتوقف حتى يصل للحقيقة كاملة .. انتبه على صوت (فهد) يقول
_"ماذا سنفعل الآن (عماد)؟"
صمت لبرهة مفكراً .. أصبح الأمر معقداً .. لا زال يحاول استيعاب صدمته بأمه .. كل تلك الحقائق التي ظهرت فجأة .. كل تلك الأكاذيب التي ملأت بها رؤوسهم .. يشعر باختناق شديد .. عمه كان محقاً .. لقد كان أعمى .. لم يتوقف لحظة ليسأل نفسه إن كان ما قالته أمه هو الحقيقة .. لكن كل الوقائع كانت تتفق مع قصتها .. اعترافات عمه كانت تؤيد كلامها .. كيف كان له أن يدرك أنها إنما كانت تستخدمه لتحقق انتقاماً قديماً يخصها هي .. الآن صار مشتتاً في أكثر من جهة .. عليه حماية (سؤدد) و(همسة) وعليه إيقاف أمه وقبلها معرفة كل خططها وعلاقتها بذلك الرجل .. ولا زال ينتظر السماح بزيارة عمه .. هو أمله الوحيد الآن ويبدو أنه الوحيد في الوقت الحالي الذي قد يمنحه الحقيقة كاملة .. انتبه على صوت فهد) المتوتر من جديد يكرر سؤاله فردد بتأن)

_"لا تفعل شيئاً في الوقت الحالي يا (فهد) .. لست مطمئناً وأخشى أن بحثك قد يلفت لك الأنظار ولم أعد أثق في رد فعل أمي أو من تتعامل معه"

_"لكن يا (عماد)"

قاطعه بحزم

_"لا تخاطر يا (فهد) كما أخبرتك .. انتظر حتى تكتمل الحقائق في يدنا وبعدها ستكون المواجهة أسهل .. سأعمل من جهتي لأقابل عمي وأعرف منه كل شيء عن ذلك الرجل وعلاقته بأسرتنا .. سأواجهه بكل ما عرفته من معلومات .. لقد كلفت (راجي) أيضاً في البحث عما حدث وقتها وما تم نشره من أخبار"

تنهد بقلة حيلة قبل أن يسأله

_"حسناَ (عماد) .. ماذا عن (همسة)؟ .. لا زلت مصراً على إخفاء الحقيقة عنها رغم ما أخبرتك به .. حتى متى (عماد)؟"

هتف بحدة

_"(فهد) .. بحق الله أنا حتى الآن لا أعرف كيف أخبرتها بتلك الأشياء .. هل فقدت عقلك؟ .. هل كان الأمر يحتمل؟ .. ألم تفكر في حالتها كيف ستكون بعد كلامك هذا؟"

زفر بحرارة وقال

_"بالله عليك يا (عماد) .. لا تعذبني أكثر من هذا .. لم يكن بيدي .. ماذا كنت تنتظر مني؟ ... أن أواصل خداعها وأدعي أن لا شيء يقف بيننا .. ماذا كان يجب أن أخبرها وأنا استشعر رنة الأمل في صوتها وتفكيرها في استعادة حبنا اليائس؟ .. هل أمنحها أملاً زائفاً أننا سنكون معاً ثم انتزعه منها بكل قسوة .. لا يا (عماد) .. لا أستطيع فعل هذا ولا أستطيع أن أكون أنانياً فأخفي الحقيقة عنها لتكرهني بجنون حين تكتشفها بنفسها"

أغمض (عماد) عينيه متنهداً بتعب ليقول

_"أعرف أنك محقٌ يا (فهد) ولكن لم يكن وقته أبداً .. ماذا لو كانت هربت من جديد؟"

_"(عماد) .. (همسة) يجب أن تعرف الحقيقة .. أنت لن تخدعها طويلاً .. قل لي هل تعتقد أنها لن تفكر أنك قد تزور ذلك التقرير لتثبت لها أنها فعلاً تحمل دم (اليزيدي)؟"

قبض (عماد) على كفه بقوة .. لم يعد بإمكانه إنكار الحقيقة بعد اعتراف خاله وكل الدلائل التي تؤكد ذلك .. تمتم بخفوت

_"أنا لا أنوي تزوير شيء يا (فهد)"

ران الصمت لحظة قبل أن يهتف (فهد) بحيرة

_"ماذا تعني؟ .. قلت أنك لن تخبرها بالحقيقة الآن وهي لا زالت تلح عليك لمعرفة نتيجة الفحص .. ما الذي سـ .."

زفر بقوة يقاطعه بقوله

_"الوضع الحالي لا يحتمل .. لن أضمن حمايتها وهي بعيدة عني .. سأخفي عنها الحقيقة حتى يصبح الوضع آمناً .. وجودها معي سيجعلني أكثر اطمئناناً على حياتها .. غضب أمي و(سامر) ومحاولتهما إيذائها سيتضاعفا لو عرفا هويتها الحقيقية"

همس بتوجس

_"إذن كيف تنوي أن تخفي الحقيقة عنها دون أن تزور النتائج؟"

صمت لحظة ليهمس بعدها بخفوت

_"نتيجة الفحص تخص عينة الحمض الخاصة بـ(عاصي رضوان)"

سمعه يأخذ نفساً قوياً ليقول في دهشة

_"هل .. هل حصلت على عينة من (عاصي)؟"

رد مجيباً

_"ليس هو فحسب وعينة من (هشام رضوان) أيضاً ... لقد استغليت وجوده بالمشفى قبل فترة ودفعت لإحدى الممرضات لتحصل على عينة دم منه واستطاعت أيضاً أن تقنع (عاصي) بحاجتهم لمتبرع بالدم وهكذا حصلت على العينتين"

تنهد (فهد) بقوة بينما صمت هو للحظات قبل أن يهمس بمرارة

_"أنا أعرف مسبقاً أن عينتي أنا و(همسة) لم تتطابقا وأن الفحص أثبت أننا لا ننتمي لأب واحد .. عرفت حتى قبل أن تخبرني باعتراف خالي"

_"يا إلهي .. (عماد) .. أنا .."

همس بأسى

_"لا بأس يا (فهد) .. كان لابد أن أواجه الحقيقة عاجلاً أم آجلاً لكن الأمر مؤلم بشدة .. لا يمكنني أن أتجاوز تلك الصدمة .. لا يمكنني أن أتخيل أنني سأضطر للتخلي عنها للأبد"

ران صمتٌ مؤلم بينهما ونفس الألم يمزق قلبيهما .. من منهما يواسي الآخر في فقده .. ردد (فهد) بألم بعد لحظات

_"أفهم ما تشعر به يا (عماد) .. أخشى تلك اللحظة التي ستعود فيها (همسة) لعائلتها وتفارقنا فور أن تعرف حقيقتها .. أخشى حد الموت من أن يتحول حبها لنا كراهية مضاعفة بعد أن تعرف ما ارتكبته أسرتنا في حقها هي وعائلتها وما ارتكبناه نحن من ذنب تجاههم .. هل تعتقد أنها ستغفر لنا يوماً (عماد)؟"

انقبض قلبه بين ضلوعه وهو يستوعب الجانب الآخر من الحقيقة .. هو أيضا آذى عائلتها .. حتى ولو كان مخدوعاً .. حتى لو كان لم يتقصد أبداً موته فهذا لا يغير الواقع الذي يقول أنه تسبب في موت عمها كما فعل أبوه بوالدها من قبل .. سمع (فهد) يتمتم بتردد

_"(عماد) .. هناك شيء آخر لا أعرف إن كان يجب أن أخبرك به أم لا .. أنا لست واثقاً مما أقول بعد، لكنّه شيء عرفته من أبي"

سأله بقلق

_"ما الأمر؟"

تنفس بصعوبة قبل أن يحسم أمره ويقول

_"أبي ليس متأكداً من موت (همسة العاصي)"

اتسعت عيناه بصدمة وهتف

_"ماذا تقول يا (فهد)؟"

_"كما سمعت (عماد) .. أنا لم أستطع طرد ذلك الهاجس من رأسي وسألته عن الأمر فقال أنه لا يعرف .. لم يؤكد موتها ولم ينفيه .. قال أن الوحيد الذي قد يعرف مصيرها هو (توفيق الأغا)"

_"هذا مستحيل"

_"أتمنى لو كنت مخطئاً في ظني يا (عماد) .. لو صح هذا الأمر فسيكون هذا قاسياً جداً .. أتمنى أن يكون قدرها رحيماً ويجنبها هذا المصير القاسي"

_"لا يا (فهد) .. بالتأكيد هناك خطأ ما و .."

قاطعه قائلاً

_"فكر في الأمر (عماد) .. ما دامت (همسة) ولدت بعد الحادث فلابد أن والدتها كانت حاملاً وقتها ومن عثروا عليها ودفنوها مع زوجها كانت أخرى .. بالتأكيد تم اختطافها وتضليل أسرتها بجثة مشوهة وتم إخفاؤها لحين وضعت (همسة) .. الله أعلم ماذا حدث بعد ذلك .. قد تكون ماتت أثناء ولادتها أو الأسوأ أنها لا زالت حية ومحبوسة في مكان ما"

تنفس (عماد) بصعوبة وهو يفكر في هذا الأمر .. لو حق ما يقول فهذه مصيبة .. لا يستطيع أن يستوعب بعد حقيقة والده وخاله .. سمع (فهد) يهمس بخفوت

_"هل تعرف؟ .. رغم هذا وجدتني أفكر بيأس أنّه لو كانت على قيد الحياة ربما كانت هي الأمل الوحيد لتغفر لنا (همسة)"

قطب بحيرة ليكمل (فهد)

_"ربما لو وجدتها وأعدتها لأسرتها وجمعت شملها بـ(همسة) بعد كل هذه السنوات .. ربما .. تستطيع أن تغفر ما سبق وارتكبناه في حقها هي وعائلتها"

فتح (عماد) فمه لينطق عندما ارتفعت طرقات عاجلة على باب غرفته رافقها صوت (راجي) يهتف

_"(عماد) .. أنت مستيقظ؟ ... هناك ما يجب أن تعرفه"

قطب وهو يقول

_"لحظة يا (فهد) .. ابق معي"

ورفع صوته هاتفاً

_"ادخل يا (راجي)"

انفتح الباب سريعاً ليدخل (راجي) بسرعة هاتفاً بقلق

_"(هشام رضوان) تعرض لحادث بسيارته يا (عماد)"

نهض من مكانه هاتفاً

_"ماذا؟"

_"أبلغوني أنّه في المشفى وحالته خطرة"

انقبضت كفه بقوة وقطب حاجبيه مفكراً للحظات قبل أن يهتف بغضب

_"(سامر)"

أومأ برأسه وهو يقول

_"أعتقد هذا .. ماذا ستفعل؟"

تنفس بقوة ورفع الهاتف لأذنه قائلاً

_"(فهد) .. عليّ الذهاب حالاً"

_"لقد سمعت يا (عماد) .. يبدو أن (سامر) فقد عقله أخيراً ولن يهدأ إلا بعد أن يتسبب في مصيبة"

زفر بحنق

_"لو أعرف فقط أين يختبيء ذلك الأحمق"

همس بقلق

_"كن حذراً يا (عماد) .. لم أعد أثق في (سامر) .. لقد حاول قتل (همسة) من قبل ولا أعتقد أنّه سيستثني أحداً منا إن وقف في طريقه"

ردد قبل أن يودعه

_"لا تقلق ... سأذهب في الحال لأرى ما يمكنني فعله .. كن حذراً عندك أنت الآخر .. أراك قريباً"
_"أراك قريباً"

أغلق الهاتف والتفت ينظر إلى (راجي) وقال بحزم

_"اتصل بـ(مراد) وأخبره بما حدث .. قل له أن يأتي بسرعة"

أومأ برأسه ليتحرك (عماد) نحو دولاب ملابسه وهو يكز على أسنانه قائلاً بغضب

_"لنرى آخر جنونك يا (سامر)"

يبدو أنّه سيضطر لمواجهة أمه بأسرع مما يعتقد .. لابد أنها على اتصال به ... هي وحدها من يمكنها إيقاف ذلك الأحمق قبل أن يدمر نفسه ويدمرهم جميعاً معه.

********************
وقف (مراد) بخشوع وألم أمام شاهد القبر وتعلقت عيناه باسم زوجته المكتوب فوقه ونبض قلبه بوجع شديد وهو يهمس
_"سامحيني .. سامحيني حبيبتي .. ليتني ما أدخلتكِ حياتي .. ليتكِ ابتعدتِ تماماً عن طريقي كما أخبرتكِ مراراً"
ابتسم بمرارة وهو يتذكرها .. فتاة مرحة طائشة وعنيدة .. حين التقاها كان غارقاً في سوداويته بعد ما فعلته به (شاهيناز) .. تلك الخائنة التي طعنت قلبه دون رحمة وتخلت عنه من أجل المال .. لقد أحبها لسنوات وهو بعد طالبٌ صغير وظن أنّ القدر ابتسم له حين اكتشف أنّها تبادله مشاعره .. لم يهتم للفرق المادي والاجتماعي بينهما فقد كانت تنتمي لأسرة من منطقة شعبية فقيرة بينما هو ينتمي لأسرة ميسورة ووالده كان محامياً معروفاً .. ابتسم بمرارة وهو يتذكر الشجار الذي خاضه مع والده من أجلها عندما أخبره أنّه لن يقبل بها بعد ما عرفه عن سمعة والدها .. لقد ظنها مختلفة واعتقدها تحبه صدقاً، لكن اتضح في النهاية أنّه كان مغفلاً وأنّها لم تكن مختلفة عن والدها في جشعه وبحثه عن المال .. عندما غادر المنزل بعد غضب والده حين صمم على الزواج منها ذهب إليها ليطلبها من والدها، ليخبره ذلك الأخير بعجرفة أنّها قد خُطِبت لآخر وألا يحاول مقابلتها مرة أخرى .. حاول كثيراً أن يصل إليها لكنّها لم تكن تجيب على مكالماته وعندما فعلت أخيراً وقابلته وأخبرها أن تترك كل شيء وتأتي معه .. أن يكتفيا ببعضهما ويصنعا مستقبلهما معاً .. كان مغفلاً وساذجاً .. لم ير تغيرها وجمودها وهي تسمعه دون حماس قبل أن تسأله ببرود عن طرد والده له وتخليه عن دعمه مادياً .. والده لم يطرده .. هو ترك البيت بعد تهديد والده بحرمانه من المال، وهي على الفور أثبتت له أنّ والده كان على حق ... أخبرته أنّها قد وافقت على خطبتها من ذلك الرجل وأنّها لن تضيع عمرها في الفقر مع شاب مثله لا زال في مقتبل حياته العملية وأيضاً في مهنة خطرة كخاصته .. هكذا ببساطة ألقت بحب سنوات أرضاً وداسته بقدمها ورحلت .. خبر زواجها بعد ذلك جعله يستفيق من صدمته ويقسم ألا يقع فريسة لخداع امرأة مرة أخرى .. عاد إلى بيته واعتذر من والده وأخبره أنّ كل شيء قد انتهى كما أراد وأحاط قلبه بجدار قاس ليركز بعدها في عمله .. لم يعد يبتسم أبداً وعُرف في عمله بالصرامة والجمود إلى جانب الكفاءة والإصرار الذي جعله يحقق نجاحاً باهراً في مهنته .. كان يمكن أن يستمر هكذا للأبد حتى التقاها هي لتغير مجرى حياته وتعيد الحياة إلى روحه من جديد .. كانت محامية صغيرة تتمرن في مكتب والده .. ابتسم في حنان وهو يستعيد صورتها بمخيلته .. المحامية العنيدة التي واجهته بكل قوتها وشراستها واحتملت عجرفته وأسلوبه السيء في معاملتها واستطاعت في النهاية أن تخترق ذلك الجدار الصلب حول قلبه لتصل إليه .. والده كان يحبها وكان أكثر من مرحب عندما أخبره أنّه يريد الزواج منها .. لقد دخلت حياته وجلبت معها السعادة والأمل من جديد لينتزع هو حياتها وإشراقتها للأبد .. أغمض عينيه متنهداً بحرارة .. لا يمكنه أن يتخلص من مرارة الذكرى ولا أن ينتزع من أمام عينيه صورتها وهي تموت ولا كيف استسلم هو بعدها للموت متمنياً اللحاق بها قبل أن ينقذه رفاقه .. لماذا لم يمت معها؟ .. لماذا لم يمت هو على الأقل وتبقى هي؟ .. مسح دمعة سالت على خده بقوة وهو يفتح عينيه ينظر لقبرها هامساً
_"استغفر الله .. لا اعتراض على قدرك يا الله .. يا رب رحمتك"
شرد عقله متذكراً لقاءه بتلك الخائنة .. تباً .. لا زالت تلك النيران مشتغلة في قلبه منذ رآها .. كانت مختلفة وقد غيرها الثراء وزاد من فتنتها .. ملابسها الأنيقة الغالية .. زينتها وتصفيفة شعرها .. بدت امرأة أخرى .. صورتها تلك كانت كفيلة بإثارة كل ذرة كراهية يحملها نحوها .. لماذا؟ .. لماذا بعد كل هذه السنوات؟ .. لماذا تظهر مجدداً في حياته؟ .. قبض على كفه بقوة .. ليت ناظريه لا يقعان عليها مجدداً .. لا يضمن رد فعله إن تقاطع طريقاهما مرة أخرى .. انتفض بخفوت مع رنين هاتفه المفاجيء فالتقطه مجيباً بسرعة
_"مرحباً (راجي) .. نعم .. ماذا؟ .. حسناً أنا قادم حالاً"
أغلق الهاتف وأعاده لجيبه وقطب حاجبيه في قلق قبل أن يلقي نظرة أخيرة على قبر زوجته وهمس بدعاءٍ صامتٍ ليتحرك بعدها مغادراً بسرعة وهو يفكر في الوضع الذي يزداد تعقيداً مع الأيام ... كيف سيتمكن (عماد) من تجاوز كل هذه التعقيدات؟ .. هل سيمكنه حقاً إيقاف والدته وشقيقه قبل فوات الأوان؟
********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 12:26 PM   #426

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

حركت (شاهي) عينيها فوق سطور الكتاب محاولةً التركيز مع محتواه وتنهدت وهي تفكر بشرود في مكالمتها الأخيرة مع (منذر) .. قال أنه سيعود خلال أيام وطلب منها أن تهتم بنفسها .. يبدو أن هناك ما يزعجه هناك فقد استشعرت ذلك في صوته بينما أخبرها مؤكداً أنه بخير .. (منذر) يشبهها إلى حد كبير .. كلاهما يخفي حقيقته داخله ويدعي أمام الجميع إنه بخير .. ابتسمت بحزن وهي تتذكر صوته القلق وهو يسألها إن كان هناك ما حدث وأزعجها .. كان متأكداً من حزنها لدرجة جعلتها تشك ومازحته تخبره أنها بخير مثله تماماً .. ما دام هو لا يريد أن يصارحها بما يزعجه فهي أيضاً لن تفعل .. غامت عيناها بدموع مكبوتة وخفق قلبها بوجع شديد وهي تتذكر لقاءها بـ(مراد) والصدمة المؤلمة التي تلقتها ذلك اليوم .. تأوهت بألم وهي تضع يدها على قلبها .. لا تريد أن تبكي من جديد .. يكفيها أنهار الدموع التي ذرفتها ذلك اليوم فور عودتها لغرفتها .. لقد أثارت قلق خادمتها الجديدة والتي ظلت تطرق باب غرفتها تتوسلها أن تتناول الطعام .. ابتسمت بحزن .. لم يسبق أن تدخل أحد الخدم في شؤونها .. كانوا يسمعون ويعرفون ما يحدث لها ولم يحاول أحدهم أبداً التدخل أو حتى مواساتها بالكلمات خوفاً من زوجها .. فقط تلك الخادمة الجديدة كانت أول من يواسيها في ذلك اليوم حين حاول زوجها الاعتداء عليها وأبعدته عن نفسها .. لقد أحضرت لها الفطور صباحاً واهتمت بجروحها وواستها بحنان كاد يفجر دموعها وتلك الليلة التي كانت تتمزق فيها وجعاً بعد رؤيتها لـ(مراد) لم تتوقف عن توسلها لتخبرها بما حدث وفي اليوم التالي أيضاً كانت تقف على باب غرفتها بالفطور ولم تتركها حتى خرجت من حزنها ... حسناً .. هي لم تخرج منه كلياً .. لا زال ذلك الألم يمزق قلبها كلما تذكرت الصدمة التي علت وجهه ثم الكراهية الشديدة التي اسودت بها عيناه فور أن تجاوز صدمته مستوعباً مثلها حقيقة وجودهما معاً بالفعل بعد كل هذه السنوات ... رباه .. إنه يكرهها .. لم تعتقد أنها ستشعر بكل هذا الألم .. لم تتخيل أن يكون لقاؤهما بهذه القسوة .. حين تركته قبل سنوات كان آخر ما رافقها وجهه المصدوم وعينيه الحزينتين وكلماته الأخيرة أنه يكرهها ولن يسامحها أبداً .. لقد كان عند وعده .. تلك الكراهية كانت كفيلة بقتلها في لحظتها لو استمر في تصويبها نحوها لولا أن رحمها من سياط نظراته واندفع مغادراً كأنما رأى شيطاناً ... انتبهت لقطرة الدمع التي سقطت فوق صفحة الكتاب لتتبعها أخرى فشهقت وهي ترفع يدها تمسح عينيها وتحاول منع المزيد من التساقط .. رحماك من هذا العذاب يا الله ... أغلقت الكتاب ووضعته جانباً ونهضت من مقعدها لتقف أمام النافذة المطلة على الحديقة وأزاحت ستارها برفق تنظر بشرود للخارج قبل أن تسمع صوت طرقات رقيقة فوق الباب فهمست بشرود تدعو الطارق للدخول .. التفتت على صوت خادمتها تقول بقلق
_"هناك رجلان ينتظرانكِ بغرفة الجلوس سيدتي"
قطبت وهي تسألها
_"من؟"
هزت رأسها قائلة
_"لم يقولا .. فقط أكبرهما سناً قال أنكِ تعرفينهما ولن ترفضي رؤيتهما"
صمت لحظة ثم تابعت بتردد
_"آسفة سيدتي لكن ... ذلك الرجل لم يبد لي مريحاً .. أشعر أنه لم يأت في خير .. لكن الشاب بدا عكسه تماماً"
أطرقت مفكرة لحظات قبل أن ترفع رأسها قائلة بحزم
_"لا بأس يا (فرح) .. سأقابلهما .. اذهبي أنتِ لتضيفيهما وأنا سآتي بعد قليل"
أومأت رأسها وغادرت لتعود (شاهي) وتنظر عبر النافذة مفكرة بقلق .. من يكونان يا ترى؟َ! .. هزت رأسها وتحركت مغادرة المكتبة إلى غرفتها وبدلت ثيابها المنزلية لأخرى مناسبة لاستقبال الضيوف وألقت نظرة أخيرة على طلتها قبل أن تشد جسدها بحزم وتغادر .. قطعت المسافة إلى غرفة الجلوس بخطوات هادئة واثقة حتى وصلتها لتقابل (فرح) على بابها ووجهها متجهم فأشارت لها أن تذهب ودخلت هي للمكان وهي تقول بهدوء وعيناها تتحركان نحو ضيفيها
_"مرحباً .. كيف يمكـ"
ماتت الكلمات على شفتيها وهي تحدق بذهول في العجوز الواقف أمامها وشعرت فجأة بالعالم يختفي من حولها قبل أن تستجمع قوتها وعاد قلبها لينبض من جديد بالكراهية وهي تكمل بجمود
_"ما الذي تفعله هنا؟"
تجاهل سؤالها وهو يسألها ببرود
_"كيف حالكِ يا (شاهيناز)؟"
ارتفع حاجباها في سخرية وهي تردد
_"كيف حالي؟"
قطبت حاجبيها وقست نظراتها وهي تكمل
_"هل أتيت بعد كل هذه السنوات لتسألني كيف حالي؟ .. هل تمزح معي؟"
قال بحدة
_"(شاهيناز) .. تهذبي وأنت تتحدثين مع والدكِ"
مالت برأسها جانباً وصوت ساخر انطلق من حلقها قبل أن يتحول لضحكة
_"والدي؟! .. آه .. قلت والدي"
تحركت رافعة رأسها ببرود وجلست على أحد المقاعد ورفعت ساقاً فوق أخرى وأشارت له ليجلس
_"تفضل بالجلوس يا ... والدي"
نطقتها بسخرية شديدة ونبض قلبها بتشف مع رؤيتها لملامح الغضب الشديدة على وجهه وفتحت فمها لتكمل عندما قاطعها صوت الشاب الذي قال برفق
_"كيف حالكِ يا (شاهي)؟"
بدا أنها انتبهت لوجوده لتوها فأدارت عينيها وقطبت عندما وقعت عيناها على ملامحه المألوفة بشدة وخفق قلبها بقوة وهي تحدق فيه لتلمع بعقلها الذكرى قبل لحظة من سؤاله المحمل بالمرارة
_"لم تتذكريني؟"
دمعت عيناها بحرقة وهي تنظر له بذهول وارتجفت شفتاها وهي تهمس
_"مـ .. (محمد)!!"
ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيه وهو ينظر لها لتتابع بارتجاف
_"يا الله .. (محمد) .. هذا أنت؟"
ودارت عيناها فوق وجهه وجسده ورفعت كفاً مرتجفة إلى شفتيها وهي تواصل
_"يا إلهي .. انظر إلى نفسك .. لقد أصبحت رجلاً ناضجاً وكبيراً .. لا أصدق"
قلبها كان يرتجف بوجع وهي تستوعب ما فعلته السنين بهم .. لقد تغير كثيراً .. شقيقها الصغير الحبيب الذي تركته صبياً صغيراً .. أحب إخوتها وأقربهم لقلبها .. يا الله كم افتقدته .. كادت تفقد السيطرة على مشاعرها وتندفع لتأخذه في حضنها عندما ارتفع صوت أبيها معيداً إياها للواقع بقسوة وهو يقول
_"لم نأت للم الشمل واسترجاع الذكريات القديمة يا (شاهيناز)"
نقلت عينيها من شقيقها إليه وقد احتلهما البرود والحقد من جديد وهي تقول بجفاف
_"جيد .. هذا يعيدني لسؤالي الأول .. ما الذي جئت تفعله بعد هذه السنوات؟"
قال بحدة
_"لماذا؟َ! .. ألا يمكنني أن أزور ابنتي وقتما أريد؟"
انفجرت في الضحك بسخرية شديدة للحظات قبل أن تهتف
_"ابنتك؟! .. آه .. حقاً .. لا أصدق ما أسمع"
رمقها بغضب لتواصل بتهكم
_"أفصح يا سيد عن هدفك من المجيء لو سمحت فليس لدي الوقت ولا الأعصاب الكافية لاحتمال وجودك هنا"
هتف اسمها بغضب لتقاطعه وهي تنهض من مكانها
_"لا ترفع صوتك عليّ .. أنا لا أهتم للسبب الذي جئت من أجله .. لا أدري من أين أتتك الجرأة لتظهر وجهك أمامي .. أتذكر أني أخبرتك يوم زواجي أن تعتبرني مت وألا تريني وجهك مرة أخرى"
ردد (محمد) بضيق
_"(شاهيناز) أرجوكِ لا تتحدثي بهذه الطريقة"
انقبض قلبها وهي تلتفت إليه وفكرت بمرارة .. بالتأكيد مشاعره نحوها تغيرت .. مؤكد راودته أسوأ الظنون بشأنها .. نحّت أفكارها جانباً وكتفت ذراعيها قائلة
_"وكيف يجب أن أتحدث يا (محمد)؟ .. أنا مهذبة حتى هذه اللحظة ولولا أنه ضيف في بيتي لرأى مني وجهاً آخراً"
هتف والدها بغضب
_"اخرسي يا عديمة التربية"
ضحكت بمرارة وهي ترد
_"لم أجد من يربيني للأسف، فأنت كنت مشغولاً بأشياء أهم من تربيتي أنا وإخوتي .. اسمع أنا لن أحتمل المزيد إما أن تخبرني ماذا تريد أو تذهب للجحيم وتغادر بيتي حالاً"
اندفع ينوي ضربها لولا أن أمسكه (محمد) بقوة وهو يهتف
_"أبي .. توقف"
اكتفت هي برميه بنظرة حارقة قبل أن تسأله بجمود
_"هل أتيت من أجل المال؟ .. بالتأكيد لا سبب آخر تأتي من أجله"
وعادت لمقعدها ووضعت ساقاً فوق الأخرى من جديد وتطلعت له بعلياء قائلة
_"ما الأمر؟ .. هل تحتاج للمال هذه الأيام؟ .. كيف؟ .. صحيح .. أنت لا تملك بنتاً أخرى لتبيعها وتحصل على المال .. يا للأسف .. هل جئت ظناً منك أنني قد أساعدك؟"
هتف (محمد) بضيق
_"(شاهيناز) .. أرجوكِ"
حاول والده التخلص من قبضته وهو يهتف بعنف
_"دعني يا ولد .. اتركني أؤدبها عديمة الأدب هذه .. لقد فجرتِ حقاً"
رمته بنظرة ساخرة وقالت
_"هل جئت لتعلمني الأدب الآن؟ .. حقاً؟!"
ردد بقسوة
_"جئت لأرى شرفي الذي مرغتِه في التراب يا عديمة الأخلاق"
انفجرت ضاحكة
_"شرفك؟ .. وهل تملك شرفاً؟ .. أي شرف هذا الذي تتحدث عنه؟ .. هل تعتقد بعد أن بعت ابنتك مقابل المال تبقى لديك أي شرف؟ .. بحق الله لا تجعلني أضحك"
صرخ وهو يدفع ابنه بقسوة دفعته ليسقط فوق مقعده واندفع نحوها ليضربها وهو يهتف
"أيتها السـ .."
قبل أن تمسها يده أمسكت بها قبضة قوية ودفعه صاحبها للخلف وهو يهتف به
_"إياك"
رفعت عينيها لحارس الأمن الجديد الذي وقف بينها وبين والدها بتحفز يمنعه من الاقتراب منها ولمحت بطرف عينها (فرح) التي وقفت عند الباب تتطلع لها بقلق فعلمت أنّها من نادته .. عادت تنظر لوالدها الذي لم يهتم لوجود غيرهم وصرخ فيها وهو يلوح بيده
_"لقد كان محقاً .. زوجكِ أخبرني بما تفعلينه .. لقد عضضتِ اليد التي مدها لكِ بالإحسان ومرغت شرفه بالوحل .. لو كان رجلاً غيره لقتلكِ ورماكِ في الحال"
قطبت حاجبيها وهي تسمعه وبدأت النيران تشتعل بقلبها وهي تسمعه يتابع
_"لقد تجرأتِ على خيانة زوجك يا عديمة الشرف والأخلاق .. سأشرب من دمكِ اليوم"
قبصت على كفها بقوة وهي تنهض هاتفة
_"هذه المسرحية السخيفة مَثِلها أمام شخص آخر .. تشرب دم من؟ وعن شرف من تتحدث؟ .. شرفي أنا؟! .. بالتأكيد فأنتما الاثنان لا تملكان شرفاً .. هل قال لك أنني خنته؟ .. ذلك الحقير عديم الشرف .. ألم يخبرك شيئاً عن زوجته التي يعرضها أمام الرجال كديوث لا يملك ذرة شرف؟"
لوحت بيديها حولها قبل أن تشير لنفسها
_"كل هذا الذي تراه .. هذا العز الذي يتمرغ فيه الباشا .. من شرفي أنا .. أنا خنته؟! .. اذهب وأسأله عن الرجال الذين كان يجعلني أجلس معهم ليغريهم بفتنتي ويرتفع هو على حسابي .. إن كان يحق لأحد أن يشرب من دم أحدهم اليوم فهذا حقي وحدي .. حق سنوات عمري التي سرقها والعذاب الذي أذاقني إياه .. بينما أنت وهو لا تملكان أي حق علي"
ورفعت سبابتها في وجهه صارخة
_"لقد فقدت كل الحق عندما بعتني له كجارية .. بل أقل من جارية .. فقدت هذا الحق عندما تركتني كل هذه السنوات دون أن تسأل عن حالي وتعرف أي وحش سادي رميت بابنتك في جحيمه .. وتأتي الآن لتتحدث عن الشرف؟ .. هل تعرف شيئاً؟ .. لو أردت خيانته حقاً لم يكن ليمنعني أي شيء وكنت سأرمي هذه الحقيقة في وجهك أنت قبل أي شخص .. الشيء الوحيد الذي يمنعني هو ما تبقى من احترامي لنفسي .. لأنني بعد كل هذا لم أكن لأسمح لكم بالنجاح في ما أردتم .. لم أكن لألوث نفسي وأكسر ما تبقى مني وأترككم تتمتعون بحياتكم على حسابي"
صمتت لحظة لتتنفس بقوة وقبضت على كفها تحاول منع دموعها من الانهيار لتهتف بعد أن شعرت بنفسها ستفقد السيطرة على نفسها وتنهار أمامه في أي لحظة
_"لقد انتهى ما عندي والآن .. تفضل .. غادر بيتي في الحال ولا تأتي هنا مرة أخرى"
كان يحدق فيها بنظرات حملت مزيجاً من الصدمة لانفجارها والغضب لترفع ذراعها مشيرة للخارج وتصرخ بقوة
_"اخرج ... اغرب عن وجهي"
رماها بنظرة حارقة قبل أن يبصق ناحيتها باحتقار ويغادر دافعاً حارسها بقوة وترك الغرفة وهو يصب عليها لعناته لتغمض عينيها وصوته يخترق قلبه يواصل تمزيقه .. ماذا يريد منها أكثر مما فعله؟ .. ألم يكتف؟ .. عضت على شفتها وهي تفتح عينيها لتجد حارسها قد غادر خلف والدها وتركها وشقيقها وحدهما في الغرفة .. كان لا زال مكانه يحدق فيها بصدمة ووجهه شاحب بشدة .. شعرت بالدموع تحرق عينيها وهمست بمرارة وهي تنظر له
_"ما الذي لا زلت تنتظره؟ .. أليس لديك كلمات لترميني بها أنت الآخر قبل أن تغادر؟"
ازداد شحوب وجهه واعتمت عيناه وهو ينهض متحركاً نحوها بتردد ليقف أمامها ونظر في عينيها الدامعتين وارتفع حاجباها عندما لمحت عينيه تدمعان وهو يهمس باختناق
_"أنا آسف"
اتسعت عيناها وهي تنظر له وارتجفت بشدة بينما يتابع بألم
_"أنا آسف يا (شاهي) .. آسف حقاً"
قالها واندفع مغادراً تاركاً إياها في صدمة وقلبها يرتجف بقوة ولم تشعر بالدموع التي سالت على خديها .. سقطت على المقعد ولا زالت تحدق في الفراغ بشرود قبل أن يهتز جسدها وتبدأ في البكاء بحرقة غافلة عن (فرح) التي كانت تقف عند باب الغرفة تنظر لها بأسى قبل أن تغادر وتغلق الباب خلفها برفق.
******************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 12:27 PM   #427

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نقل (منذر) بصره فيما حوله بملل وهو يقف مع بعض رجال الأعمال الذين يشاركون والده ببعض مشروعاته وبعضهم أيضاً لديه علاقة بعالمه السري .. استأذن منهم وابتعد ليقف بمفرده جانباً وهو يفكر بينما يدير عينيه في الموجودين .. بالتأكيد جميعهم يعرفون بأعمال والده المشبوهة ويعرفون أن تلك الأعمال الأخرى ومشروعاته الخيرية المزعومة هي مجرد غطاء لحقيقته .. أليس هو نفسه جزءاً من ذلك الغطاء اللعين؟ .. هو يمثل الواجهة النظيفة ومن خلفها تدور كل تلك الأعمال غير الشرعية ولا دليل أبداً ضده .. رفع كأسه يرتشف منه بهدوء وعقله يسبح في السنوات التي قضاها في الإصلاحية بعد قتله لذلك الرجل .. والده تدخل في مجريات القضية واستخدم شهود الزور ولكنه حوكم بالسجن لسنوات بالإصلاحية ذاق فيها الأمرين .. عرف أن والده تعمد وضعه هناك وأنه كان بإمكانه محو كل الأدلة ضده وإنقاذه من هناك لكنه تعمد أن يقضي تلك السنوات في أسوأ مكان قد ينشأ فيه طفل ... لقد كان جحيماً خالصاً أتى على البقية الباقية مما غرسته أمه داخله .. كان عليه أن يصبح وحشاً لينجو بنفسه ... حين غادر وهو يقترب من سنواته العشرين كان قد عرف ماذا سيفعل بالضبط ... ليهزم والده وينتقم منه عليه أن يصبح مثله .. كان يجب أن يوحي له أنه قد قبل بإرثه وأنه لم يعد يملك خياراً سوى استكمال ذلك الطريق كما أراد له تماماً .. ألم يفعل كل ما فعله ليجبره على أن يكون وريثه؟ .. اشتدت قبضته على كأسه وهو ينقل بصره إلى حيث وقف (ريكاردو) يغازل فاتنة إيطالية .. لماذا لم يكتف بذلك الأحمق ليورثه كل شيء؟ .. يعرف أنه كان ينتقم من أمه بانتزاعه منها والقضاء على أي بذرة شرف قد غرستها داخله .. اجترع ما بالكأس مرة واحدة ليشير بعدها لإحدى الفتيات اللاتي تقدمن المشروبات لضيوف الحفل وأعاد لها الكأس قبل أن يعيد نظراته إلى حيث وقف والده يتحدث مع بعض أصدقائه ويضحك بصخب .. تحكم بصعوبة في نظرة الكراهية التي كادت تطغى على عينيه وأشاح بوجهه ليلمح (ريكاردو) يترك مكانه ويتحرك نحوه وعلى وجهه ابتسامة لزجة فتنفس بقوة يستدعي بروده حتى توقف أمامه قائلاً

_"أرجو أن تكون مستمتعاً بالحفل يا أخي العزيز"

قال بهدوء

_"أنا مستمتع بقدر استمتاعك يا عزيزي"

ابتسم باستخفاف وهو يقول

_"تلك الاقتراحات التي قدمتها في اجتماع اليوم كانت جيدة .. دائماً تحب أن تفاجيء الجميع وتسعى لانتزاع ثقة أبي واعترافه بأي طريقة، لكن كما قلت لك ... سعيك كله سيكون بلا جدوى في نهاية الأمر"

نظر له بتحد وكتف ذراعيه قائلاً بسخرية

_"حقاً؟ ... ماذا لو كان ما يريده أبي شيئاً آخراً؟ .. أنت كنت معه منذ البداية وتحت عينيه منذ ولادتك لكن أنا لسنوات طويلة كنت بعيداً عنه ومع هذا هو تدخل ليستعيدني من أمي وفعل المستحيل لأقبل أن أكون هنا"

ومال قليلاً نحوه وتابع بابتسامة مستفزة

_"لماذا تعتقد أنّه تجشم كل هذا العناء من أجلي؟ .. كان يمكنه أن يكتفي بوجودك معه .. يبدو من الواضح أنّه يؤمن أن الابن الأكبر هو وحده من يحق له أن يرث مكان أبيه من بعده"
اشتعلت النار في عينيّ (ريكاردو) وهو يبادله النظر وقال بحقد
_"أعرف أنك لطالما كنت مفضلاً عنده وأعرف ما فعله ليعيدك إليه لكن لا تثق كثيراً بنفسك (منذر صفوان) .. أنا وأنت نعلم جيداً أنّك لست بهذا الولاء الذي تدعيه وأنك تخطط لشيء آخر"
قطب وهو ينظر له متسائلاً عن مقدار ما يعرف وسمعه يقول بسخرية
_"أنا أعرف الكثير (منذر) .. أكثر مما تظن .. السؤال هنا هو .."
صمت يرمقه بابتسامة عابثة قبل أن يميل نحوه ويهمس
_"لماذا أتركك وشأنك دون أن أتدخل في خططك؟"
لم يقطع تواصل عينيهم المليء بالصراع سوى صوت رقيق يتنحنح بجوارهما قبل أن تقول صاحبته وهي تضحك
_"لا تزالان تتصرفان كالديكة المقاتلة ما أن تجتمعا بمكانٍ واحد"
التفتا لها ليرسم (منذر) ابتسامة صغيرة على شفتيه وارى خلفها سخريته بينما أطلق (ريكاردو) صفيراً عابثاً وهو ينظر لها بإعجاب ليقول مغازلاً وهو ينحني ليلتقط كفها ويقبلها
_"الفاتنة دائماً وأبداً (ليلى سليمان) ... سيدتي"
ضحكت وهي تسحب يدها منه وضربته على رأسه برقة وقالت
_"لن تتغير أبداً (ريكاردو) .. ستظل عابثاً للأبد"
غمز بعينه وهو يقول
_"وأنتِ لا تتغيرين أبداً سيدتي الجميلة .. مهما تمر السنوات تظلين بنفس فتنتكِ"
اتسعت ابتسامتها وهي تهز رأسها قبل أن تلتفت نحو (منذر) الذي وقف صامتاً لتقول
_"مرحباً (منذر) كيف حالك؟"
أومأ مجيباً باقتضاب
_"بخير"
رفعت أحد حاجبيها وقالت
_"لا زلت غاضباً؟!"
نقل أخوه بصره بينهما بفضول بينما يجيبها (منذر) بهدوء
_"لقد مر وقتٌ على ما حدث .. المهم ألا يرتكب (سامر) حماقة جديدة .. لقد سبق وحذرتكما من أي خطوة خاطئة وهو لا يمل من ارتكاب الحماقات"
قطبت بضيق وقالت
_"أنت تعرف وضعه يا (منذر) .. لقد كنت شاهداً على ما أصابه .. هل تعتقد أنّه سيبقى هادئاً دون أن يفكر في الانتقام منهم؟"
مال برأسه متأملاً إياها للحظة قبل أن يجيب

_"لم أعترض على حقه، لكنّه لا يفكر مطلقاً في نتائج أفعاله"
واقترب منها قليلاً ليهمس بتحذير
_"نصيحة لكِ .. ضعي بعض التعقل برأسه قبل أن يفوت الأوان"
رمقته بنظرة ضيقة وكادت تهتف فيه لولا أن اقترب منها (ريكاردو) وقال وهو يضع ذراعه حول خصرها
_"مهلاً مهلاً .. لا تدعيه يعكر مزاجكِ"
ورماه بنظرة جانبية متابعاً
_"إنه هكذا دائماً لا تلقي له بالاً"
تحركت خطوة مبتعدة برفقته ليهتف (منذر) من خلفهما
_"لا تقولي أنني لم أحذركِ سيدة (ليلى)"
رمته بنظرة أخيرة متجهمة قبل أن تبتعد برفقة أخيه الذي مال ليهمس لها بشيءٍ ما فزفر بحنق وهو يتبعهما ببصره يتحركان في اتجاه والده الذي ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهو يستقبلها .. هز رأسه باذدراء وهو يراه يأخذ مكان ابنه ويحيط خصرها بذراعه وحرك رأسه معتذراً من مرافقيه وتحرك مغادراً برفقتها .. يليقان ببعضهما حقاً .. وسيليقان ببعضهما أكثر في الجحيم .. التقط هاتفه الذي ارتفع رنينه مقاطعاً أفكاره وقطب وهو يرى الاسم المطل وأجاب بسرعة وهو يتحرك نحو الشرفة بعيداً عن الموسيقى
_"مرحباً .. نعم يا (فرح) أسمعكِ .. ماذا؟ .. حسناً .. جيد .. اهتمي بها أنتِ حتى أعود وأبلغيني بأي شيء، حسناً؟ .. أخبري (يسري) أن يرافقها في أي مكان تذهب إليه وأن يحميها بحياته، مفهوم؟ .. (فرح) .. أنا لا أثق بغيركما في ذلك البيت ليعتني بها ... هيا .. اذهبي إليها"
أغلق الهاتف وانقبضت كفه بقوة عليه وهو يزفر بحدة .. ذلك الحقير تجاوز حده فعلاً .. عندما يعود لن يدعه وشأنه ولتذهب أوامر والده للجحيم .. سيتأكد من أن يدفع ذلك الوغد الثمن ودون رحمة .. رن هاتفه من جديد فرفعه مجيباً باقتضاب قبل أن تتسع عيناه وهو يهتف
_"ماذا؟ .. اللعنة .. لابد أنّه فقد عقله .. لقد حذرته مراراً"
صمت مستمعاً للحظة أجاب بعدها بحزم
_"لا .. لا تفعل شيئاً .. أبلغني بوضعه فور أن تعرف جديداً .. لا .. سأرى ما سأفعل بشأنه عندما أعود .. حسناً"
أغلق الهاتف وأطلق سبة حادة وهو يتحرك عائداً للداخل بغضب ودار بعينيه في المكان بحثاً عن والده و(ليلى) ليشتم من جديد متذكراً مغادرتهما قبل دقائق وتحرك بسرعة ليلحق بهما .. غادر القاعة الكبيرة بحنق وتحرك بخطوات غاضبة مسرعة يبحث عنهم بعينيه .. أعماه الغضب عن الانتباه وهو يلف عبر الركن المؤدي لإحدى ردهات الفندق ولم يكد يخطو إليها حتى اصطدم بأحدهم ولم يلق بالاً للصوت الذي ارتفع من خلفه بينما يكمل طريقه والغضب يفحم قلبه بينما من خلفه هتفت إحدى الفتيات بغضب وهي تركع بجوار رفيقتها التي سقطت أرضاً بعد اصطدامه بها
_"ما به ذلك الوقح؟ .. لم يتوقف ليعتذر حتى"
مطت شفتيها مع تأوه رفيقتها بألم وهي تتحسس كاحلها وهمست بقلق
_"هل أنتِ بخير (آنجيليكا)؟ .. هل تأذت قدمكِ؟
ابتسمت بشحوب وهي تهز رأسها

_"أنا بخير لا تقلقي"
ساعدتها لتنهض وهي تتمتم
_"هؤلاء الأثرياء حقاً؟ .. لم يعتذر ولم يعرض المساعدة .. اللعنة .. هو حتى لم ينظر خلفه .. كم أشعر بالغضب"
ربتت على كتفها وهي تهمس
_"لا بأس .. لم يحدث شيء .. أنا بخير"
وتحركت معها ولم تكد تخطو خطوة واحدة حتى عضت على شفتها ومنعت تأوهاً .. يبدو أن السقطة قد آذت كاحلها حقاً .. هل ستحتمل العمل مع ألم كاحلها؟ .. تنهدت بحرارة وسمعت زميلتها تهمس بقلق
_"هل تؤلمكِ قدمكِ؟ .. اعتقد أنّه يجب أن تذهبي للطبيب"
هزت رأسها وقالت
_"لا ضرورة .. سأضع مرهماً مسكناً وسيتوقف الألم .. هيا هيا .. لا زال أمامنا الكثير من العمل"
قالتها وتحركت بحزم متجاهلة ألم قدمها وهي تفكر في عدوها الذي لم تتمكن حتى اللحظة من الاقتراب من مكانه .. لا بأس .. ستأتي الفرصة حتماً وعندها لن تضيعها أبداً.
*******************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 12:31 PM   #428

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

_"أنتِ طالق يا (صفية) ... لا تأتي لزيارتي مرة أخرى"
خفق قلب (صفية) بألم وسالت دموعها وهي تلامس صورته بحنين .. كانت تجلس على حافة فراشها تحمل ألبوماً للصور التي احتفظت بذكرياتها السعيدة معه ومع صغيريهما .. نظرت لوجهه المبتسم وهمست بوجع
_"أنا سامحتك يا (أحمد) .. سامحتك على كل شيء .. لكنني لا أستطيع أن أغفر لك طلاقك لي وحرماني من رؤيتك كل هذه السنين .. لماذا فعلت هذا؟"
تذكرت بألم آخر أيامهما معاً بعد أن عادت أشباح الماضي لتقتحم حياتهما فجأة وتهدد أمان بيتهما السعيد .. لقد ظنت أنّها انتزعته بعيداً عن كل شيء، لكنّ الماضي عاد ليسرق منها كل شيء .. هل كانت حمقاء عندما لم تستمع لنصيحة والدها وغلّبت عاطفتها على عقلها وخاطرت بزواجها منه؟ .. لكنّها لم تكن تتخيل حياتها من دونه أو أن تكون لرجل آخر .. حتى بعد طلاقه لها لم تستطع أن تنظر لرجل آخر ورفضت كل عروض الزواج التي أتتها بعد ذلك .. لم تكن لتتخيل نفسها زوجة لرجل غيره .. حتى في قمة نقمتها وغضبها منه وشعورها بالخذلان بعد اختطاف ابنتهما واتهامها له أنّه السبب وأنّها لن تسامحه أبداً لو أصاب ابنتها مكروه وانهيارها بعدما عرفت ما أصاب طفلتها .. هو حتى لم يعد بعد انقاذ (سؤدد) وكأنما خشي من مواجهتها واتهامها له بأنّه سبب دمار ابنتهما .. لا زالت تذكر نظرة الألم التي غشيت عينيه عندما صرخت في وجهه بعد اختطاف (سؤدد) وانقبض قلبها وهي تتذكر هتافها فيه أنّها نادمة على زواجها منه .. سالت دموعها أكثر .. هي لم تقصد هذا أبداً .. هي كانت تعاني صدمة ضياع ابنتها .. تعرف أنّها لو عاد بها الزمن فلن ترضى سواه حبيباً وزوجاً حتى ولو كان أسوأ رجل بهذا العالم .. لقد تقبلته رغم كل شيء ورأت قلبه وحقيقته .. قلّبت في الصور القديمة التي ذكرتها بأيام حبهما الأولى وعادت تستعيد لقاءهما الأول بحنين .. كانت لا تزال في الثامنة عشر من عمرها .. كانت في طريقها للجامعة في سيارة العائلة التي يقودها سائق خاص غارقة مع الكتاب الذي تقرأه حين اندفعت للأمام بقوة مع ضغطة السائق المفاجيء على فرامل السيارة .. رفعت رأسها لتستفسر عما حدث حين وجدت تلك السيارة الكبيرة وقد قطعت عليهما الطريق .. أغمضت عينيها تتذكر الرجال الذين ضربوا سائقها وأفقدوه وعيه ثم اقتيادهم لها بالقوة إلى السيارة تحت تهديد السلاح .. كادت تموت رعباً وأسوأ الخيالات تتلاعب بعقلها عن مصيرها لو نجحوا في اختطافها .. كان أحدهم يدفعها إلى السيارة عندما ظهرت سيارتان أخريان لتقطعا عليهم الطريق واندفع بعض الرجال الملثمين خارجهما ليتعاركوا مع خاطفيها وقبل أن تفهم ما يحدث أمامها وجدت الرجل الذي كان يقيدها بقبضتيه يبتعد عنها بقوة بعد أن تلقى لكمة قوية تلتها أخرى ألقته أرضاً .. نزلت على ركبتيها وغطت أذنيها وهي تصرخ بخوف قبل أن تشعر بجسد أحدهم يركع جانبها هامساً بقلق
_"أنتِ بخير؟"
لم ترد وازداد جسدها ارتجافاً لتنتفض ولمسة خفيفة تلامس كتفها وهو يهمس برفق
_"آنستي .. آنسة (صفية)"
رفعت رأسها بذهول مع سماع اسمها والتفتت نحوه لتتسع عيناها وهما تلتقيان بعينين سوداوين ملأهما القلق .. لم تر سواهما فوجهه كان مختفياً كباقي الرجال بلثام أسود .. لم تشعر بنفسها وهي تحدق في عينيه وارتجفت شفتاها وهي تحاول نطق أي شيء .. صرخت فجأة عندما اصطدمت رصاصة بجوار رأسها مباشرة لتخترق جسد السيارة وفي الثانية التالية وجدت نفسها مضمومة لصدره بينما يدفع جسديهما مبتعداً عن مرمى الرصاص .. رفعت رأسها بعد لحظات حين أبعدها وهمس لها مطمئناً
_"ستكونين بخير .. ابقي هنا ولا تتحركي"
هزت رأسها بخوف لتشهق بعدها ما أن رأته يخرج مسدساً ويندفع من خلف السيارة ليطلق الرصاص .. عادت تغلق أذنيها بكفيها وهي تنتفض بشدة .. من هؤلاء الرجال وماذا يريدون منها؟ .. لماذا حاولوا اختطافها؟ .. وذلك الرجل .. من أين يعرف اسمها ولماذا يحاول انقاذها؟ .. هي لا تذكر أنّها سمعت صوته أو رأت عينيه من قبل؟ .. من يكون؟ .. شعرت فجأة بالهدوء يعم المكان فرفعت رأسها وتحركت تحاول اختلاس النظر لتنتفض من جديد عندما شعرت بحركة جوارها فتراجعت للخلف وكادت تسقط لولا أن التقط كفها في قبضته وأسندها إليه وهو يقول

_"لا تخافي هذا أنا .. أنتِ بخير الآن .. لقد هربوا"
شعرت أنّها فقدت القدرة على النطق بعد كل ما حصل واكتفت بالتحديق فيه بعينيها المتسعتين وخُيل إليها أنّها لمحت شبح ابتسامة حانية ارتسمت خلف لثامه .. قفز قلبها بين ضلوعها حين مد كفه ليمسح الدموع التي أغرقت خديها دون أن تدري وسمعته يقول بحنان
_"لا بأس .. لقد انتهى الأمر"
وجدت صوتها أخيراً لتهمس
_"من أنت؟"
اتسعت ابتسامته خلف لثامه ولم يرد واكتفى بأن أمسك ذراعيها ليرفعها عن الأرض وقال
_"لقد أفاق سائقكِ .. ستعودين لعائلتكِ وتنسين كل ما حدث للتو كأنّه مجرد كابوس، حسناً؟"
نظرت إلى حيث وقف السائق المسكين يرتجف بشحوب وأحد الرجال يتحدث معه ويربت على كتفه برفق .. لم تجد أثراً للرجال الذين حاولوا اختطافها فالتفتت نحوه بينما يكمل بهدوء
_"سيرافقكما رجالي حتى تصلا بأمان"
كانت تحدق فيه وعيناها الواسعتان مليئتان بالحيرة والتساؤل لترق نظرته وخفق قلبها بقوة حين مال ليهمس في أ ذنها بمرح
_"لا تنظري إليّ بعينيكِ هكذا"
وابتعد ينظر فيهما وغمز بعينه متابعاً بعبث
_"يمكنهما بنظرة واحدة الفتك بأقوى القلوب وصراحةً ... قلبي ليس بهذه القوة"
احمر خداها بشدة وهي تحدق فيها بذهول ليعتدل ويشد جسده قائلاً بحزم وكأنما لم يغازلها لتوه
_"هيا اذهبي"
تحرك مبتعداً لتهتف خلفه بلهفة
_"من أنت؟"
توقف لحظة ليلتفت بعدها ويتأملها بنظرة أثارت رجفة غريبة في قلبها تحولت لانتفاضة حين اقترب ليهمس بأذنها
_"أنا ... عاشق"
تراجعت شاهقة قبل أن تشعر بحرارة شديدة في خديها ليبتعد قليلاً وعيناه السوداوان تطوفان بملامحها برقة قبل أن يتحرك مبتعداً .. راقبته في ذهول وهو يبتعد ليستقل سيارته مع اثنين من رجاله بينما أحد الرجلين اللذين بقيا معها اقترب منها لينتزعها من ذهولها
_"آنستي .. يجب أن نذهب الآن"
التفتت تحدق فيه وقد عاودها خوفها قبل أن يشير لها لترافقه وهو يكمل
_"سنكون خلفكما تماماً بسيارتنا"
رافقها حتى سيارتها التي استقلتها بشرود وسائقها يتحدث بارتجاف عما حدث لكنّها لم تسمع شيئاً من كلماته وعقلها يسترجع كل ما حدث وأغمضت عينيها تستعيد صورته وكلماته ودون أن تشعر شقت ابتسامة رقيقة طريقها إلى شفتيها وقلبها أخبرها بارتجاف أنّها حتماً ستراه مرة أخرى وستعرف من هو .. قريباً جداً .. أدركت يومها أنّ هذه اللحظة ستغير حياتها القادمة تماماً وأنّ قدرها بدأ لتوه يخط قصة جديدة سيكون هو بطلها دون شك.

فتحت (صفية) عينيها الدامعتين مع صوت الطرقات التي قاطعت مجرى ذكرياتها ورفعت كفيها تمسح دموعها وتهمس بحشرجة

_"من؟"

أتاها صوت (سؤدد) متردداً وهي تطلب الدخول لتخفض بصرها بتوتر لألبوم الصور وأسرعت تخفيه بالدرج وهي تهتف

_"ادخلي حبيبتي"

فُتح الباب برفق لتطل (سؤدد) من خلفه وهي تهمس بتردد

_"أمي .. أريد التحدث معكِ قليلاً"

هتفت بحنان

_"بالطبع حبيبتي .. تعالي"

قالتها وهي تربت على حافة الفراش تدعوها لتجلس بجوارها فاقتربت وهي مطرقة برأسها بخجل فتنهدت (صفية) وهي تهمس

_"اقتربي صغيرتي .. لا داعي للتردد"

جلست جوارها وهي مطرقة قبل أن ترفع رأسها وتنظر لها بعينين غائمتين

_"أنا .. أردت الاعتذار منكِ على ما .. حدث قبل أيام .. لم يكن يجب أن .. أنا فقط .."

تنهدت بحرارة وهي ترفع كفها تمسح على شعرها بحنان لتشعر بانتفاضتها الخفيفة وقالت

_"لا بأس حبيبتي ... أعرف أنكِ لم تقصدي .. لست غاضبة منكِ"

ومدت كفها تمسك يد (سؤدد) وتحتضنها بين كفيها ونظرت لها بعينين دامعيتن وهمست بصوت متهدج

_"أنا الآسفة صغيرتي .. لقد تسببت في إيلامكِ ولم أتفهم غضبكِ"

ورفعت إحدى يديها تمسح خد (سؤدد) وهي تواصل بحزن

_"لقد صفعتكِ وكان يجب أن أتفهم شعوركِ بالجرح والألم"

ابتسمت (سؤدد) بأسى وهمست

_"لقد غضبتِ من أجله .. لم تحتملي أن تسمعي كلمة واحدة تسيء إليه أو تتمنى له الشر .. هل أنا أبالغ عندما أشعر بالغضب منكِ لأنكِ لا زلت تحملين له هذه المشاعر"

أغمضت عينيها لتسيل دموعها في صمت وعضت على شفتها وهي تهمس

_"ليس بيدي يا (سؤدد) .. (أحمد) كان حب حياتي"

ولامست قلبها وهي تكمل بوجع

_"حبه محفورٌ هنا ولم أستطع رغم كل ما حدث انتزاعه"

ابتسمت بمرارة

_"رغم ما عرفتِه عنه لم تتوقفي عن حبه؟ .. رغم ما أصابنا جميعاً بسببه؟ .. أنتِ تعرفين كم عانينا أنا و(سيف) والجميع يعايرنا بوالدنا المجرم .. تعرفين ما عانيته أنا على وجه الخصوص بسببه .. لا أفهم كيف بعد كل هذا لا زلتِ تحبينه وتنتظرينه كل هذا الوقت .. لهذا كنتِ ترفضين الزواج، صحيح؟"

مسحت دموعها وهمست وهي تنظر لها

_"هناك الكثير أنتِ لا تعرفينه يا (سؤدد) .. أنتِ رفضتِ أن يتحدث معكِ أي شخصٍ منا .. أنا وجدكِ .. خالكِ (أمجد) .. حاولنا كثيراً معكِ .. كنتِ تصابين بالجنون عندما تسمعين اسمه .. طبيبكِ حذرنا من التحدث معكِ ضد رغبتكِ لأنكِ قد تصابين بانهيار جديد .. لهذا توقفت عن محاولاتي .. وبدأتِ تنغلقين على نفسكِ ولم تسمحي لي بالاقتراب أبداً .. كنت أفقدكِ ولا أعرف ماذا أفعل .. أنا نفسي كنت أعاني آلاماً مضاعفة بعد أن خسرتكما معاً .. جزء مني كان يشعر بالذنب لما أصابكِ"

قطبت حاجبيها في حيرة وهي تنظر لأمها التي شردت للحظات تفكر بألم قبل أن تتابع

_"كنت ممزقة بين مشاعري وذلك الهاجس الذي ظل يتكرر بعقلي يتهمني أنني السبب في كل ما حدث .. أنني غلّبت عاطفتي على عقلي ولم أستمع لنصيحة أبي حين رفض زواجي بـ(أحمد) .. كان متخوفاً من أسرته رغم أنّ (أحمد) نفسه حاز على إعجابه هو وإخوتي .. ظل ذلك التفكير يقتلني وأنا أراكِ تزوين أمام عينيّ ... ماذا لو كنت استمعت لأبي ولم أتزوج (أحمد) .. ماذا لو كنت ضحيت بحبي وابتعدت عنه، ما كنت وصلت بحياتي لهذه اللحظات .. ماذا لو كنت فكرت جيداً قبل أن أمنحه ثقتي وأصدق وعوده"

استمعت لها بانتباه قبل أن تهمس بتوجس

_"هل .. هل كنتِ تعرفين شيئاً عن حياته الحقيقية؟"

ارتجفت نظراتها وتحشرجت أنفاسها وهي تحاول تحاشي النظر لها لتمسك كفها بحزم وتسألها من جديد

_"أمي ... هل كنتِ تعرفين تلك الحقيقة عنه وعن أسرته؟ .. لهذا تحملين نفسكِ ذنب ما حصل؟"

لمعت الدموع في عينيّ (صفية) وهي تنظر لها وهمست بألم

_"كنت أعرف"

شهقت متراجعة للخلف بينما أمها تتابع

_"(أحمد) اعترف لي بكل شيء"

حدقت فيها بعينين متسعتين وهمست

_"كُـ .. كنتِ تعرفين ومع ذلك تزوجتِه وانتميتِ لتلك العائلة"

شردت (صفية) ودمعت عيناها وقالت بعد لحظات

_"أنا انتميت لـ(أحمد) فقط"

نهضت (سؤدد) بعصبية وهتفت

_"وهل اعتقدتِ أنّه يختلف عنهم؟ .. كنتِ تعرفين أنّه مثل والده وأخيه .. مجرم"

هتفت

_"لا .. (أحمد) لم يكن مثلهم أبداً .. كان مختلفاً وأنا رأيت حقيقته .. لم يكن في حاجة ليعترف لي بأي شيء .. كان يمكنه أن يخدعني لأتزوجه ولم أكن لأعرف أي شيء أبداً .. لكنّه اعترف لي ومنحني حق الاختيار .. لقد كان يائساً حين التقينا .. كان يبحث عن حبل نجاة .. فرصة واحدة .. لم أستطع أن أرد يده التي تشبثت بيدي ... لقد صدقته ووثقت به"

كانت تحدق فيها بذهول وقد فقدت القدرة على الكلام لتنفجر بعدها هاتفة

_"وهذه كانت النتيجة في النهاية .. لقد أثبت لكِ أن ثقتكِ كانت في محلها، صحيح؟"

نظرت لها برجاء أن تصدق هي الأخرى
_"رغم أنني في لحظات ضعفي أخبرته أنّه السبب وأنني نادمة على زواجنا .. أنا في كل لحظة كنت أصدقه وحتى النهاية .. حتى اللحظة لا زلت أفعل ومتأكدة أنّ هناك الكثير قد حدث في ذلك اليوم لم يخبر به أحداً .. شيءٌ ما أجبره على ما فعله ... أنا أتهمته أنّه سبب ما أصابنا رغم أن العكس هو ما حدث .. لو أنّه لم يختر طريقاً مختلفاً وحاول أن يبدأ حياة نظيفة، ما كانوا فكروا في الانتقام منه في أغلى ما يملك .. نحن .. وأنتِ بالذات يا (سؤدد) .. صدقيني صغيرتي .. والدكِ لم يكن أبداً بذلك السوء .. لقد كان مجبراً منذ البداية على ذلك الطريق بسبب والده وشقيقه .. هو لم يختر هذه الحياة لنفسه أبداً وحين أتته الفرصة ليختر فعل واختار حياة نظيفة معي .. والدكِ كان هو ذلك الرجل الذي عرفتِه لسنوات .. ليس ذلك المجرم الذي تتحدثين عنه"
كانت تحدق فيها بذهول قبل أن تهز رأسها وتضحك بمرارة
_"ما الذي تقولينه الآن؟ .. هل تأتين بعد كل هذه السنوات لتقولي أنّه بريء .. أنّه كان مجبراً وأنّ ما أصابني كان قدراً لأنني تصادف وكنت هدف أولئك الأوغاد .. بحق الله يا أمي .. لا أصدق ما أسمعه"
ربتت (صفية) على كتفها فابتعدت قليلاً وهي تقول
_"لا أريد أن أسمع المزيد أمي .. لقد جئت لأعتذر عما فعلته ذلك اليوم و .."
قاطعتها بلين
_"حبيبتي ... يكفي أرجوكِ .. لا تدعي الغضب والكراهية يقتلان المزيد داخلكِ ... أنتِ صحفية وتبحثين عن الحقيقة دائماً، لكنّكِ أبداً ما حاولتِ البحث عن حقيقة ما حدث .. لقد صدقتِ كل ما قالوه عنه ولم .."
هتفت بحنق
_"لقد اعترف .. هو نفسه اعترف بكل شيء أمي .. حتى متى تدافعين عنه؟"
ابتسمت بحزن

_"أنتِ لم تفكري أبداً أنّ للحقيقة أكثر من وجه ولم تحاولي أبداً إيجاد مبرر أو فكرتِ لحظة أنّه قد يكون اضطر للكذب .. لقد سارعتِ لتصديق الحقيقة التي تتناسب مع ألمكِ وغضبكِ وقتها وحتى اللحظة تصممين على إغماض عينيكِ"
هزت رأسها وابتسمت بتهكم مرير

_"حقاً؟ .. وهل تضمنين لي ألا تكسرني الحقيقة لو بحثت عنها بعد أن صنعت داخلي أملاً مزعوماً ليتأكد لي بعد ذلك أنّ ما عرفته كان هو الحقيقة ولا شيء غيرها؟ .. هل تثقين أصلاً أنّه لم يخدعكِ أنتِ الأخرى وأنّه لم يتطهر من ماضيه وظل يعمل معهم في الخفاء دون أن تعرفي شيئاً؟ .. هل تضمنين لي أنّه بالفعل بريءٌ كلياً مما نُسب له أمي؟"
نظرت لها بعينين متسعتين لتبتسم وتكمل

_"لا تستطيعين، صحيح؟ .. لهذا لا يمكنني أن .. "
انقطعت جملتها فجأة وعيناها تتعلقان بشيءٍ على الأرض لتقطب (صفية) وتتبع نظرتها وقبل أن ترى ما تنظر له ارتفعت طرقات سريعة على الباب وارتفع صوت (هاميس) من خلفه يناديها لتنهض مسرعة وتتجه للباب بينما (سؤدد) كانت ذاهلة عما يحدث وهي لا زالت تحدق أرضاً لتنحني بعدها وتلتقط تلك الصورة وتحدق فيها بذهول وقلبها يخفق بجنون ... تسللت دموع محرقة إلى عينيها وهي تنظر لوجه أبيها .. منذ متى لم تر له صورة واحدة؟ .. لسنوات منعت نفسها حتى من محاولة تذكر شكله .. طافت عيناها على الصورة وقلبها ينبض بألم شديد وهي تنظر لعينيه الحانيتين وابتسامته الهادئة .. انتفضت وسقطت الصورة من يدها حين سمعت هتاف أمها لترفع رأسها تنظر إليها حيث وقفت تتحدث مع (هاميس) شاحبة الوجه لتقطب في قلق ونهضت مسرعة نحوهما وسمعت (هاميس) تكمل
_"يبدو أنّ وضعه خطير يا عمتي"
وضعت (صفية) يدها على قلبها وهي تردد
_"سترك يا رب"
ارتجف قلب (سؤدد) بقلق وهي تسألهما
_"ماذا هناك؟"
التفتت لها أمها بعينين دامعتين وهمست

_"(هشام) تعرض لحادث خطير وهو في المشفى الآن"
_"يا إلهي"

رددت (هاميس)
_"(زياد) رافق عمتي (ثريا) للمشفى لتكون مع (راندا) .. يا الله .. لابد أنّ حالتها سيئة الآن"
تنهدت (سؤدد) بقوة وشدت جسدها قائلة بحزم
_"سأذهب إلى هناك وسأتصل لأطمئنكما .. لا تقلقا .. إن شاء الله سيكون بخير"
همست (صفية) برجاء
_"آمين يا رب"
تحركت بسرعة لتغادر متجهة لغرفتها لتقابل (سيف) الذي كان يهبط السلالم مسرعاً وملامحه عابسة بقلق فنادته بسرعة
_"(سيف) انتظر .. هل أنت ذاهب إلى (هشام)؟"
هز رأسه لتكمل بسرعة وهي تتجه لغرفتها
_"انتظرني سأبدل ثيابي بسرعة وآتي معك"
تابعها بعينيه بأسى وهو يفكر في كل ما يحدث معهم هذه الأيام .. حادث (هشام) الآن وقبل أيام انهيار (سؤدد) .. كاد يفقد عقله عندما اتصل به حارسها الشخصي يخبره أنّها في المشفى ولم يكد يذهب إلى هناك حتى أخبره الطبيب أنّها تعرضت لضغط نفسي شديد تسبب في انهيارها .. لقد عادت لتنطوي على نفسها بعد تلك اللحظات التي انهارت فيها بين ذراعيه وبقيت هكذا حتى زارها جدهما .. تنهد بقوة وهو يفكر بأمل .. ربما استطاع إقناعها أخيراً بفتح قلبها والبحث عن الحقيقة .. لقد تنهد بارتياح عندما رآها تتجه لغرفة أمهما وعرف من ملامحها أنّها نادمة على انفجارها بوجه أمهما ذلك اليوم وأنّها في طريقها لتعتذر منها .. يرجو أن تكونا قد فتحتا قلبيهما وتحدثتا عن كل ما يؤلمهما .. لقد كان يرهقه رؤيتهما منطويتان كلٌ منهما على جرحها وحزنها ترفضان أن تشاركا ذلك الألم معه أو مع غيره وتدعيان أمام الجميع أنّهما بخير .. لقد ترك والده أثراً رهيباً في قلبيهما ولا أحد غيره سيستطيع أن يداوي ذلك الجرح الكبير الذي تسبب فيه داخلهما .. لا أحد سواه .. انتبه على صوت خطواتها المسرعة وهي تنزل السلالم فرفع عينيه لها وابتسم داخله في حنان وهو يرى ملامح وجهها الحازمة .. سمعها تقول
_"هيا بنا (سيف)"
_"هيا بنا"
قالها وهو يرافقها للخارج حيث استقلا سيارتها وغادرا القصر ولم تكد السيارة تقطع منتصف الشارع حتى ضغطت فجأة على الفرامل وتوقفت ليهتف (سيف)
_"ماذا حدث؟"
كانت تنظر أمامها وحاجباها معقودان بحدة ليتتبع نظرتها وارتفع حاجباه دهشة وهو يهمس بينما ينظر للرجل الذي قطع عليهما الطريق
_"أليس هذا .."
انقطعت جملته حين اقترب الرجل ليفتح باب السيارة الخلفي واندفع للداخل وهو يقول بهدوء
_"مرحباً"
لم تنطق بحرف بينما (سيف) انتزع نفسه من صدمته وتمتم وهو ينظر للخلف
_"مرحباً سيد (مراد) .. كيف حالك؟"
قبل أن يرد كانت هي تهتف بحدة
_"ماذا تفعل هنا؟"
قال ببرود وهو يتفحص سلاحه
_"توقعت أن تغادري فأتيت في الحال .. كما تعرفين واجبي هو مرافقتكِ إلى حيث تذهبين"
زفرت بقوة وانقبضت يداها على المقود ليقول (سيف) بدهشة
_"هل عرفت بما حدث؟"
أومأ برأسه في اقتضاب لتضيق عينيها وهي تسأله
_"كيف عرفت؟"
رفع عينيه ينظر لها من خلف نظارته السوداء ويقول بهدوء
_"هذا عملي آنسة (سؤدد)"
عادت تزفر بحنق ليقول (سيف) بسرعة مانعاً انفجارها
_"هل نذهب (سؤدد)؟ .. المشفى بعيدة عن هنا .. لا يجب أن نتأخر أكثر"
رمت حارسها بنظرة حانقة عبر المرآة لتقول وهي تقبض على عجلة القيادة
_"بالطبع فلنذهب"
زفر (سيف) بارتياح مع تحرك السيارة وانطلاقها بسرعة وألقى نظرة عابرة في المرآة ليقطب حاجبيه وهو يلتقط نظرات (مراد) التي تعلقت بشقيقته قبل أن ينتبه له ذلك الأخير ويشيح بعينيه للخارج وقبل أن ينشغل تفكيره بتفسير تلك النظرات أو القلق بشأنها سمع (سؤدد) تقول وهي تركز على الطريق
_"اتصل بـ(زياد) واطمئن إن كان قد وصل واسأله عن الوضع هناك"
أومأ برأسه وهو يخرج هاتفه ليتصل غافلاً عن حرب النظرات التي كان يختلسانها عبر المرآة.
*******************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 12:32 PM   #429

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

استرخت في مقعدها تماماً وتعلقت عيناها بالخارج بينما يقود السيارة في هدوء ولم ينطق أيهما بكلمة غارقين في أفكارهما الخاصة وذكرياتهما .. كان (آدم) في تلك اللحظة يسترجع في عقله حديثه مع جده الذي استمع له في هدوء حتى انتهى من إخباره بكل شيء ولم يكد ينتهي من حديثه حتى أطرق برأسه يفكر ملياً في كل ما سمعه وشعر (آدم) أنه مجرم في انتظار حكم القصاص فيه وتمنى لو كان بيده أن يعود بالزمن للوراء لما ارتكب تلك الحماقات ولما آذى بأنانيته الجميع ... أخيراً رفع جده رأسه ونظر له ملياً قبل أن يقول برفق
_"إذن .. كان هذا هو الوعد الذي قصدته (رُبا)"
أومأ برأسه وغصة شديدة تقف في حلقه وهو يهمس
_"لم ترتح حتى قطعت لها ذلك الوعد"
تنهد جده بحرارة وهز رأسه يميناً ويساراً ليردد بهدوء
_"لن أقول أنك أخطأت في أكثر من موضع يا (آدم)، فأنت تعرف هذا مسبقاً واعترفت به .. لا أملك أن أحاسبك على أخطاء الماضي فقد سبق ودفعتها بقسوة وخسرت الكثير مقابل تصرفك بتهور ... نحن الآن نواجه واقعاً يفرض نفسه ... هذا الواقع يقول أنها تلك المرأة زوجتك رغم كل ما حدث وأن القدر أعادها لحياتك من جديد رغم كل محاولاتك السابقة للعثور عليها دون جدوى"
وصمت لحظة ليأخذ نفساً ويتابع
_"أنت تقول أنك لم تعد واثقاً في أشياء كثيرة وتخشى أن يكون سوء فهم قد حدث بينكما بالماضي نتيجة رؤيتها لك أنت و(رُبا) ومعرفتها بالحقيقة فجأة .. أنت وحدك من يمكنه أن يعرف أين الحقيقة يا (آدم) .. أنت من عرفت تلك الفتاة ويمكنك لو تجاوزت غضبك ونقمتك عليها من رؤية التفاصيل التي غفلت عن رؤيتها تحت تأثير غضبك .. ما دمت تشك الآن فيما حدث قديماً وأنّها ربما تكون قد كذبت لتنتقم منك اعتقاداً منها بخيانتك فلا حل أمامك سوى المواجهة الصريحة معها .. استمع لها جيداً وحكّم عقلك ولا تتسرع في إصدار الأحكام كما فعلت من قبل وأخبرها بما تشك فيه أيضاً ربما تجد إجابته عندها"
هز رأسه وهو يهمس
_"هذا ما فكرت فيه يا جدي"
نظر له برفق للحظات ليقول بعدها
_"بعد ذلك .. أريد أن أقابلها"
رفع له عينين دهشتين وهمس
_"تقابلها؟!"
أومأ مردداً بحزم
_"أخبرها أنني أريد مقابلتها والحديث معها وبعدها سأمنحك نصيحتي بشأن علاقتك بها"
نظر له بتردد ليبتسم جده بأسى ويقول
_"لا تقلق .. لن أفرض عليك أي شيء بني .. هذه المرة سأقدم لك نصيحتي ويرجع الأمر لك لتقبلها أو ترفضها"
ومد كفاً مرتجفة وأمسك كف (آدم) قائلاً بحزن
_"لقد سبق وارتكبت خطأً ودفعت أنت و(رُبا) ثمنه .. ويبدو أنّكما لم تكونا وحدكما من دفعه .. لقد ظلمتكم كثيراً يا بني .. سامحني"
نزل على ركبته أمامه والتقط كفه يقبلها وهو يقول برجاء
_"لا تقل هذا يا جدي .. أنت لم تظلمنا ولم تخطيء بحقنا .. أنت فكرت في صالحنا .. الخطأ كله خطأي لأني لم أكن صريحاً معكم .. لا ذنب لك جدي أبداً .. أعرف أنك ما كنت لتجبرني على شيء لو عرفت مشاعري الحقيقية .. أنا المذنب جدي .. سامحني أرجوك"
انتبه على صوتها حين قطعت الصمت وانتزعته من شروده فجأة وقالت وهي تقطب حاجبيها بعد انتباهها للطريق
_"إلى أين نحن ذاهبان؟"
ابتسم بخفوت وقال دون أن يلتفت
_"ظننتكِ لن تسألي أبداً"
تنفست في توتر وهي تنظر حولها وقد مال بهما عن الطريق الرئيسي متجهاً إلى منطقة سكنية هادئة .. تمتمت بخفوت
_"حسناً .. ها قد سألتك"
أدار مقود السيارة واستمر في قيادتها بهدوء عبر الشوارع مستشعراً نظراتها المتعلقة به وكادت شفتاه تنشقان عن ابتسامة حين سمعها تقول بنبرة لونها التذمر
_"هل سأنتظر طويلاً لأحصل على إجابتي؟ أم أنك تستمتع حقاً بذلك؟"
التفت لها بتساؤل لتقول بتجهم
_"هل تحاول الانتقام مني قليلاً بإثارة قلقي؟ .. ستكون مخطئاً إذن (آدم) .. أنا .."
قاطعها متنهداً بتعب جعل قلبها يخفق لأجله وردد وعيناه شاردتان معلقتان بالطريق
_"أنا لا أحاول شيئاً (إيفا) ... لقد اكتفيت حقاً من كل ما يحدث بيننا .. تعرفين أننا في حاجة للحديث حول الكثير مما حدث .. هناك الكثير مما لا أفهمه .. حديثنا سيستغرق وقتاً ولا أريد أن نتناقش في مكان عام"
تنفست بعمق بينما يكمل
_"سنتحدث في مكان خاص .. وحدنا"
التفتت تنظر له من خلف نظارتها وقلبها يخفق في توتر .. مكان خاص .. وحدهما؟! .. رباه .. تشعر بالاختناق منذ اللحظة .. عادت تنظر للطريق عندما شعرت بسرعة السيارة تنخفض وهو يدخل أحد الشوارع وتطلعت للمساكن من حولها .. حسناً .. ليس نفس المكان الذي سبق واختطفها إليه .. توقف فجأة أمام بيت من دورين محاط بسور أطلت من خلفه بعض الأشجار التي صنعت سياجاً منفصلاً خلف السور .. شعرت بنبضات قلبها ترتفع وهي تنظر للبيت وابتلعت لعابها بصعوبة وهي تنزل من السيارة تتبع (آدم) الذي كان يفتح البوابة الحديدية ويلتفت لها يستحثها بنظراته أن تتقدم ففعلت بخطوات مرتجفة .. ارتفع حاجباها وهي تخطو للداخل ودرات عيناها على الحديقة المحيطة بالمنزل بورودها وشجيراتها الصغيرة وعادت عيناها تتعلقان بالبيت .. يبدو منزلاً مثالياً لأسرة صغيرة سعيدة .. انقبض قلبها بشعور مبهم وشعرت بحرقة في عينيها اللتين ارتسمت أمامهما خيالات زادتها اختناقاً بينما ترى نفسها تحمل طفلتها الصغيرة في حضنها وذراعيّ (آدم) تحيطان بها وحولهما كان صغيراه يقفزان بصخب يتوسلانها لحمل أختهما الصغيرة .. أغمضت عينيها لتسيل دمعتان وتنفست بصعوبة وشعرت بالدوار يكتنفها ... لم تشعر بترنحها إلا عندما أحست بذارع (آدم) تلتف حول خصرها ففتحت عينيها تتطلع له بحيرة وقابلتها عيناه المليئتان بالقلق وتسارع نبضها بجنون وهو يهمس

_"أنتِ بخير؟"

أومأت برأسها وهي تشيح بعينيها عنه وتحركت مبتعدة لتسقط ذراعه جانباً وهو ينظر لها بشرود حتى همست بصوت متحشرج

_"هل .. هل هذا بيتك أنت و .."

لم تستطع أن تكمل جملتها واختناقها يزداد بينما هز هو رأسه نفياً وغامت عيناه وهو يتطلع للمنزل ويتمتم بخفوت
_"لا .. لقد اشتريته حديثاً"
والتفت لها يطالعها بغموض وترها وهو يتابع
_"أنتِ أول شخص يدخله"
نظرت له بحيرة امتزجت بارتجاف أعماقها مع كلماته وجاهدت حتى لا تحملها أكثر مما تحتمل .. لا يجب أن تسمح لمشاعرها أن تتورط في الأمر، ابتلعت لعابها بتوتر وهمست وهي تتجنب النظر إليه
_"لا أعتقد أنّها فكرة جيدة أن نتحدث هنا .. دعنا نـ .."
لم يمنحها الفرصة لتكمل وهو يسبقها صاعداً درجات السلم القليلة التي تقود لباب المنزل وقال
_"هذا أنسب مكان للحديث"
والتفت لها وهو يدير المفتاح بالباب وارتسمت ابتسامة غامضة على شفتيه وهو يقول بتهكم
_"لا تقولي أنكِ خائفة من وجودكِ معي بمفردنا (إيفا) .. لن أصدق أنكِ نفس المرأة التي لا تخشى شيئاً .. أعتقد أنكِ أكثر من قادرة على الدفاع عن نفسكِ ضدي"
ارتجفت شفتاها لتزداد ابتسامته سخرية ورفع أحد حاجبيه مكملاً
_"ربما لا تثقين بنفسكِ وتخشين أن تتخلى عنكِ شجاعتكِ وقت حاجتكِ لها"
قطبت حاجبيها في حنق وقد نجحت كلماته في استفزازها فرفعت رأسها وتنفست بعمق وهي تنظر له بتحدٍ وتحركت تصعد السلالم متجهة نحوه وهي تقول
_"أنا لا أخشاك (آدم) ولا أخشى وجودي هنا بمفردي"
توقفت أمامه ونظرت في عينيه بجمود ورددت

_"لقد جئنا هنا لنتحدث ونكشف أوراقنا كلها .. أعرف أنك لا تفكر في أكثر من هذا"
ارتفع ركن شفتيها بابتسامة مريرة

_"وأعرف أيضاً أنك لا تشعر نحو قمامة الغير سوى بالاشمئزاز"
جفل بخفوت وطعنتها تذكره بكلماته التي سبق وطعنها به .. مضت بضع لحظات وهما يتبادلان النظرات قبل أن يقطع هو تواصل عينيهما ويزفر بقوة وفتح الباب وأشار للداخل قائلاً
_"تفضلي"
أغمضت عينيها متنفسة بقوة تتوسل شجاعتها ألا تخونها في آخر لحظة وتبعته للداخل في اللحظة التي أضاء فيها الأنوار لتدير هي عينيها في المكان وشعور بالدفء غمرها بينما خيالاتها تهاجمها من جديد .. ماذا أصابها؟ .. هل جُنت؟ .. لماذا تفكر في هذا؟ .. ليس الأمر كأنّه قد اشترى هذا المكان من أجلها أو أنّها هنا ليستكملا حياتهما وحبهما من جديد ويعيشا معاً كزوجين سعيدين .. كادت تصرخ حنقاً من تفكيرها العاطفي وهزت رأسها تطرد تلك الأفكار الحمقاء وكان صعباً بينما ترى منزل أحلامها كما تمنته دائماً وتلك الصور تجري أمام عينيها دون توقف تثير ضعفها وهي في غنى عن أي ضعف في هذه اللحظات .. التفتت تنظر له وهو يقف متطلعاً لها بغموض .. إنه يعرف .. يعرف فيما تفكر ويعرف أنّها أحبت المكان .. قبل أن تنطق بكلمة أشار لها وهو يسبقها عبر الردهة متجهاً لغرفة الجلوس فأخذت من جديد نفساً قوياً وشجعت نفسها على المضي قدماً .. لن تجعل من نفسها حمقاء أمامه .. لينتهيا مما قدما لأجله وسترحل بعدها وتغلق هذه الصفحة للأبد .. تقدمت إلى حيث أشار وجلست بأناقة ورفعت رأسها تتطلع إليه حيث وقف وتجمدت أنفاسها مع نظرة عينيه .. تبعت نظرته لتحمر وجنتاها عندما رأت أين ينظر واعتدلت في جلستها وأسرعت يداها تعدلان تنورة فستانها الذي ارتفع فوق ركبتيها ليكشف عن ساقيها .. نظرة عينيه كانت كفيلة بإثارة نبضاتها الجنونية .. حسناً .. هذا الوضع ليس جيداً أبداً.. أخذ هو نفساً عميقاً وحاول التحكم في مشاعره المختلطة بين رغبته واشتياقه اللذين كان يعرف أنّه سيكون كاذباً إن ادعى أنّه لا يشعر بهما وبين غضبه وغيرته وهو يتخيل الرجال الذين رأوها في هذه الثياب .. كلما تذكر الطريقة التي ترتدي بها ثيابها منذ تركته تشتعل النار أكثر بقلبه .. كلما تخيل أنّ رجلاً غيره رأى ما هو حقه وحده .. صحيح أنّهما انفصلا، لكنّهما لا زالا زوجين .. لا زالت زوجته أمام الله حتى لو أنّها لم تكن كذلك أمام الناس ... تنفس بقوة وهو يفكر في السبب المجنون الذي جعله لا يطلقها كل هذه السنوات رغم ما قالته عن علاقتها برجالٍ آخرين .. ما الذي جعله لا يطلقها حتى بينه وبين نفسه؟ .. هما لم يتزوجا قانونياً في فرنسا واكتفيا بزواجهما الشرعي بأحد المساجد هناك .. لم يعرف إن كان يحق له أن يعتبر زواجهما بالمسجد شرعياً بينما تزوجته باسم مزيف، لكنّه أمام الله اختارها هي وعقد قرانه عليها هي أمام إمام المسجد والشهود الذين حضروا زواجهما، لكنّه بحث في الأمر وعرف أنّ العقد صحيح ما دام تحقق شرط تعيين الزوجين وكانت هي بشخصها أثناء العقد حتى لو تم باسم مزيف ... تنهد بقوة حاول ألا يفكر في تلك اللحظات التي استسلما فيها لجنون عاطفتهما واتجها لأقرب مسجد تحت إصرارها ليعقدا قرانهما .. كانت أول مرة يعرف بشأن ديانتها .. أخبرته ساعتها أنّ والديها مسلمان وطلبت من إمام المسجد أن يكون وليها لأنّها يتيمة ولا تملك ولياً .. ابتسم بمرارة وهو يفكر .. ما عاد يعرف أين الحقيقة فيما عرفه عنها قبل سنوات ... لقد اختلط عليه كل شيء .. لا بأس .. هما هنا الآن ليزيلا أي سوء فهم .. انتبه على صوتها تقول بنزق
_"حسناً .. هل ستقف عندك كثيراً؟"
رفع عينيه ينظر لها لتكمل وهي تخلع نظارتها وتضعها بحقيبتها وتعود لتنظر له
_"قلنا أنّ هناك الكثير لنتحدث عنه ولا حاجة لإضاعة المزيد من الوقت"
هز رأسه وتحرك ليجلس مقابلها وران صمتٌ متوترٌ بينهما وكلٌ منهما يبحث عن بداية للحديث حتى قالت هي بخفوت وهي تبتسم بمرارة
_"لا أدري من أين أبدأ حقيقةً .. كان هناك الكثير لأسألك عنه وأخبرك به ولا أعرف أين ذهبت الكلمات فجأة؟"
أومأ برأسه يبادلها ابتسامتها الباهتة وشعور خانق يذكره بتلك الأيام حين كانا يتشاركان كل شيء ولم تكن هناك صعوبة في مشاركة مشاعرهما والحديث معاً .. من المؤلم الإحساس بكونهما باتا غريبين عن بعضهما لدرجة أن يجدا صعوبة في التعبير لبعضهما عن نفسيهما .. أخذ نفساً عميقاً وهمس بشرود حزين
_"ربما يجب أن نبدأ من حيث انتهى كل شيء"
تبادلا النظرات للحظات قبل أن توميء برأسها ليقول
_"لماذا لم تواجهينني بما عرفتِه يومها؟"
أطرقت برأسها وذكريات ذلك اليوم تعود لرأسها من جديد وسمعته يردد
_"أعرف أنني أخطأت حين لم أخبركِ بالحقيقة .. لم يكن الأمر كما تصورتِ وقتها .. كان قراراً خاطئاً أعترف .. تذكري أن مشاعرنا هي من سيطرت على تفكيرنا العقلاني وقتها"
كانت تعلم أنّه محق .. هي نفسها ألغت كل تعقلها وحذرها واندفعت بمشاعرها .. نسيت كل تحذيراتها السابقة لنفسها وما أقسمت أنّها لن تفلعه ولم تر سوى حبها المجنون ورغبتها في أن تكون معه .. نسيت كل شيء إلا هو .. نظرت له وقالت

_"أعرف .. أنا فقط لم أفكر لحظتها .. ضع نفسك مكاني .. كان العالم كله ينهار من حولي وأنا اكتشف أنّك أخفيت عني شيئاً كهذا .. كنت أظن أنني الوحيدة في حياتك .. حبك الوحيد وامرأتك لاكتشف أنني كنت امرأة تتسلى بها في غربتك لحين عودتك لتتزوج من امرأة تنتمي لنفس عالمك .. امرأة تنتظرك هناك .. امرأة وحدها تناسبك وتناسب عائلتك .. لا فتاة غربية لا تحمل قيمكم ولا تفكيركم"
قال معترضاً

_"لم يكن الأمر هكذا أبداً (إيف) .. لم أفكر فيكِ أبداً بهذه الطريقة"
هزت كتفيها قائلة بأسف
_"كيف تقنع امرأة مجروحة أن تفكر بعقل وحكمة (آدم)؟ .. كنت مجروحة بشدة ومشتتة .. لم أفهم سوى شيء واحد .. أنا كنت نزوة في حياتك بينما هناك أخرى تحبك وتنتظرك وستتزوجان فور عودتك"
صمتت تفكر في السبب الآخر لتفكيرها .. لا يمكنها أن تخبره بماضيّ والديها الذي ترك ندوبه فوق روحها وأثر على سلامة عقلها في هذا الوقت .. واصلت بألم
_"كنت ممزقة بين مشاعري وصدمتي بخيانتك .. أنت عدت بعدها وكأن شيئاً لم يحدث .. انتظرت أن تخبرني أي شيء .. تقول لي الحقيقة .. تخبرني أنّ شيئاً مما عرفته ليس حقيقياً .. لكنك واصلت إخفاء الأمر"
ابتسم بسخرية مريرة
_"فقررتِ وقتها الانتقام مني بطريقتكِ"
هزت رأسها فتابع

_"هل تقولين أنكِ لم تخونيني بالفعل مع ذلك الرجل؟ .. مكالماتكِ المختلسة وخروجكِ المستمر وتغيركِ الغريب ذاك .. كل هذا كان كذباً"
شعرت بغصة في حلقها وهي توميء برأسها فنهض واقفاً بعنف وهو يهتف
_"ماذا عن ذلك اليوم؟ .. ما فعلتِه يومها بي؟ .. كل ما أخبرتني به ... كان كذباً؟"
أغمضت عينيها بألم وهي تطرق برأسها وتهمس
_"لقد كذبت .. كنت مجروحة وحاولت أن أرد لك جرحك بنفس الطريقة .. طعنتك كانت بشعة يا (آدم) .. كل ما أصابني في حياتي كان في كفة وما فعلته بي كان في الكفة الأخرى"
حدق فيها بعينين متسعتين وهز رأسه قبل أن يضحك بمرارة
_"ما الذي تقولينه؟ .. هل تقولين أنّ كل ما حدث يومها كان مجرد مسرحية سخيفة لتردي لي طعنتي كما تقولين؟ .. من عليّ أن أصدق (إيفا) .. أي من كل ما حدث كان المسرحية وأيها كان الحقيقة؟ .. هل تقولين أنكِ لم تخونيني أبداً وأنّ تلك الأخرى لم تكن حقيقتكِ وأنّ ما حدث بيننا لم تكن لعبة وشعرتِ بالملل في نهايتها وأنّه لم يسبق أن فعلتِ ما قلتِه وتلاعبتِ برجالٍ آخرين من قبلي"
ازدادت غصتها ألماً .. لم يكن كله كذباً .. لا يمكنها أن تنكر ماضيها .. لا يمكن أن تنكر أن من واجهته وقتها كانت جزءاً منها ومن حقيقتها .. (سيلينا) هي من كانت تنتقم لحظتها .. لا يمكنها أن تقول أن كل ما أخبرته به كان كذباً .. هي سبق وتلاعبت بالرجال ودمرت حياتهم لصالح (كارل) وانتقاماً من شبح والدها وليس لأجل المال والتسلية كما أخبرته .. تنفست بقوة وأجابت وهي تتحاشى النظر لعينيه
_"لم أخنك أبداً (آدم) ... لا أثناء زواجنا ولا حتى بعد انفصالنا .. لم يدخل رجل لحياتي أبداً خلال السنوات التي مضت على افتراقنا"
نظرة عينيه غير المصدقتين جعلت قلبها ينقبض بوجع وسمعته يسأل بعد لحظات باستنكار
_"حقاً؟ .. ماذا عن ذلك الرجل الذي هربّكِ من المشفى؟ .. اسمه (بيير)، أليس كذلك؟ .. لا تقولي أنكِ لا تعرفينه بينما يأتي خصيصاً لرؤيتكِ ويناديكِ أيضاً حبيبتي"
كادت تبتسم وأذناها تلتقطان نبرة الغيرة في صوته وهو يواصل هتافه بحنق
_"أنا لا أريد سوى الحقيقة (إيفا) ولن أرضى بغيرها"
ابتسمت بسخرية

_"إن كنت تحب الحقيقة لهذه الدرجة ربما كان عليك أن تكون صادقاً معي بالمقام الأول لما كنا وصلنا إلى هذه اللحظة .. أنا لا أكذب الآن (آدم) .. كما قلت أنت .. لقد اكتفيت .. اكتفيت من الكذب والألم والاحتراق بذنبٍ لم أرتكبه عمداً .. اكتفيت مما يحدث بيننا ولم آت هنا سوى بحثاً عن الحقيقة"
نظرا لبعضهما للحظات قبل أن يزفر بقوة وعاد يجلس لتردد بهدوء
_"(بيير) صديق لي منذ الطفولة .. لقد وقف بجواري في أشد لحظات حياتي صعوبة ولم يتخل عني أبداً .. هو ليس أكثر من أخٍ وصديق ولا علاقة بيننا من النوع الذي تعتقده"
نظر لها بشك وهو يفكر في الرجل الآخر ولهفته الواضحة عليها .. يشك أنّه بالفعل مجرد أخ أو صديق .. قالت وهي ترى نظراته وتقرأ أين ذهبت أفكاره

_"(آدم) .. لا أعتقد أنّه سيكون لحديثنا أي فائدة إن شكّ كلٌ منا في كلام الآخر .. من جهتي أنا كما أخبرتك لم آت سوى للحقيقة ولن أقول غيرها وأيضاً لن أسمع غيرها ... دعنا ننتهي من كل هذا أرجوك"
هز رأسه موافقاً لتتراجع مسترخية في جلستها وتكمل
_"أنا كما أخبرتك لم أنتظر أكثر في فرنسا وجئت بعد أن اتخذت قراري من أجل طفلتنا"
تحشرج صوتها مع ذكرها وانقبض قلباهما معاً بوجع مشترك بينما تتابع
_"عدت لأبحث عنك واكتشفت زواجك وعرفت أنّه لم يعد لي ولطفلتي مكان في حياتك"
تمتم باختناق
_"لم يكن هذا سبباً لتخفي حقيقة وجودها عني .. كان يجب أن تواجهيني"
ابتسمت بمرارة وهي تنظر له

_"وماذا كنت ستفعل؟ .. ستعترف بزواجنا أمام عائلتك وتجرح زوجتك الأخرى؟ .. هل كنت ستتركها من أجلي؟ .. أم كنت ستأخذ طفلتي مني وتبعدني عنها خصوصاً مع ما كنت تعتقده بشأن أخلاقي؟"
قاومت دموعها بصعوبة وانتظرت لحظة تتمالك مشاعرها لتقول بعدها
_"عامةً .. القدر لم يمنحني الخيار وهي ولدت فجأة قبل أوانها بسبب حالتي وقتها ولم تقاوم كثيراً في الحضّانة ورحلت .. لذا ما عاد هناك داع لأخبرك عنها .. لولا اكتشافك الأمر سابقاً لما فعلت ولاحتفظت بذلك الجُرح داخلي وحدي"
أطرق صامتاً يفكر وتركته هي يستوعب كلماتها قبل أن تسمعه يسألها
_"لم تسافري بعدها؟"
ارتجف قلبها وهي تتذكر حالتها والفترة الطويلة التي قضتها في تلك المصحة النفسية حتى تجاوزت صدمتها وأجبرها (هشام) في النهاية على مواجهة الواقع وتقبل علاجها حتى تحسنت واستطاعت مغادرة المصحة .. طردت الذكرى بقوة من عقلها ورددت بجمود
_"لا لم أسافر بعدها .. لقد تركت كل شيء من الأساس هناك حين قررت اللحاق بك ولم يعد هناك داع لعودتي هناك من جديد"
تأملها لبعض الوقت بتدقيق يحاول اختراق أفكارها ليعرف ماذا تخفي بعد .. ما السبب الحقيقي لبقائها هنا؟ .. هل كانت تنتظره بطريقة ما؟ .. أم أنّها اعتقدت أنّه لن يفكر أبداً في وجودها هنا ولن يبحث عنها سوى بفرنسا .. لقد كانت بقربه كل هذا الوقت .. يالغرابة القدر .. رغم وجودهما تحت نفس السماء وعلى نفس الأرض، لم يصدف أن جمعتهما الطرق كل هذه السنوات .. انتزعته من أفكاره وهي تقول
_"هذا كل ما حدث .. أنا لم أخنك ولم أخدعك (آدم) وما أخبرتك به يومها كان كذباً لأنتقم منك .. أعرف أنّ ما فعلته عقّد الأمور أكثر .. كلانا أخطأ وكلانا تسبب في فشل علاقتنا .. لن أتهمك أنك السبب من الأصل .. كلانا يتحمل الذنب .. هذه كل الحقيقة"
قطب وهو ينظر لها وأطرقت هي في انتظار رده عندما تذكرت فجأة ما قاله بشأن محاولتها قتله .. كادت تسأله عن الأمر حين سمعته يقول
_"إن كانت هذه الحقيقة فلما حاولتِ قتلي بعد ذلك حين كنت أبحث عنكِ؟"
اعتدلت في جلستها بانتباه وقالت
_"جيد أنك سألتني .. كنت على وشك سؤالك عن هذا الأمر بالذات .. أنا لا أعرف من أين أتيت بهذا الهراء عن محاولتي قتلك .. لم أرك بعد أن تركت شقتنا .. يومها أنا خلصت نفسي بصعوبة من بين يديك واضطررت لضربك على رأسك حتى فقدت وعيك"
نظرت له باعتذار عندما لمحت الغضب يتسلل لعينيه مع تذكره لما فعلته ورددت
_"آسفة .. لم يكن أمامي خيارٌ آخر .. لقد كنت فاقداً عقلك يومها وكدت تقتلني حقاً .. عدا ذلك اليوم أنا لم أتعرض لك بأي أذى .. لقد اعتقدت طيلة الوقت أنك عدت لوطنك"
قبض على كفه بقوة ونهض من مكانه وتحرك بعصبية للحظات قبل أن يلتفت نحوها ويهتف
_"لا تكذبي (إيف) .. لقد رأيتكِ بعينيّ"
قطبت حاجبيها وهي تنظر له بذهول وهو يواصل اتهامه
_"كانت أنتِ .. لقد عثرت عليكِ وكدت أواجهك عندما ظهر أولئك الرجال فجأة وهاجموني .. اعتقدت أنني سأفقد حياتي وقتها ولكنّهم تقصدوا تركي على حافة الموت وتركوني ممداً على الأرض أنزف وسمعت أحدهم يهتف محذراً إياي من العودة لهناك ومحاولة البحث عنكِ أو الاقتراب منكِ ومن طفلكِ .. أخبرني أنّها رسالة منكِ وتحذير وأنّ المرة القادمة سيكون ثمنها موتي"
هتفت باستنكار
_"وصدقتهم؟"
ابتسم بسخرية ومرارة وهو يجيب

_"كان يمكن أن أعتقد أنّها خدعة لولا أن رأيتك"
هزت رأسها بعدم تصديق ليواصل باختناق
_"لقد رأيتكِ (إيفا) .. كنت ممدداً على الأرض أمام عينيكِ .. أنتِ حتى لم تقتربي مني .. اكتفيتِ بالتطلع نحوي بابتسامة شامتة على شفتيكِ وأنتِ تشيرين للرجال بالتوقف ومنحتِ ذلك الرجل إشارة ليخبرني برسالتكِ ورحلتِ بعدها في سيارتكِ"
هزت رأسها رفضاً مرة أخرى واختنق صوتها وهي تهمس
_"هذا كذب .. أنا لم أفعل شيئاً كهذا .. لابد أنك مخطيء"
قبض على كفه بقوة وهو يهتف
_"كانت أنتِ (إيف) .. حتى ذلك الوشم اللعين على كتفكِ كان هناك .. رأيته وأنتِ تركبين السيارة وتغادرين"
نهضت تواجهه بحدة
_"هذا مستحيل .. قلت لك ليست أنا .. لم أكن لأفعل بك شيئاً كهذا .. لم أرك بعد فراقنا أبداً سوى عندما سافرت بحثاً عنك (آدم) .. لا أعرف من رأيت ذلك اليوم لكنّها لم تكن أنا أبداً"
تبادلا النظرات الملغمة بآلاف الكلمات والمشاعر لتهمس بوجع شديد
_"لو أردت أن أقسم لك بروح طفلتنا الغالية سأفعل (آدم) .. صدقني .. أنا لم أكن لأحاول قتلك أبداً .. كيف صدقت أنّها أنا؟"
ابتسم بسخرية

_"من له مصلحة فيما حدث (إيفا)؟ .. من كان يعرف بعلاقتنا أصلاً ليحاول خداعي والإيقاع بيننا؟ .. من كان يعرف وقتها أنّكِ تحملين طفلي؟"
اتسعت عيناها وهي تفكر في الأمر .. لو كان صادقاً حقاً فهناك من انتحلت شخصيتها لتوقع بينهما .. من يمكن أن يفعل شيئاً كهذا؟ .. شردت في تفكيرها بحثاً عن إجابة وهو ينظر إليها بنظرات مريرة متألمة وقد عادت إليه تلك اللحظات التي كان ممدداً فيها بين الحياة والموت في ذلك الشارع الجانبي غير المطروق ولم ينقذه سوى صديقه (جاك) .. هل هي صادقة فيما تقول؟ .. لم تكن هي؟ ... قالت أنّها لم تكن لتقتله أبداً .. لم تكن لتفعلها حتى بعد أن اعتقدت أنّه خانها وانتقمت منه بهذه الطريقة؟ .. لما؟ .. لأنّها أحبته حقاً ولم تكن لتؤذيه أبداً؟! .. فاضت مشاعره وآلامه ولم يقاوم السؤال الأحمق من الانزلاق عبر شفتيه

_"هل سبق وأحببتني بصدق (إيفا)؟"
ارتفعت رأسها بوجل تنظر له بعينين متسعتين ذهولاً .. لا تصدق أنّه يسألها حقاً هذا السؤال .. تعلقت عيناها بعينيه اللتين غافلته مشاعره وتسربت من خلالهما لتجعل قلبها ينتفض بين ضلوعها بقوة وهي تسمعه يواصل
_"هل أحببتني حقاً وقتها وكنتِ صادقة في مشاعركِ نحوي؟"
أخذت بضع لحظات لتستوعب الأمر لتهمس بمرارة وهي تنظر له
_"هل تسألني هذا حقاً بعد كل هذا الوقت (آدم)؟ .. هل ستصدقني لو أخبرتك الحقيقة؟ .. هل ستجيبني بصدقٍ لو سألتك نفس السؤال؟"
كان يعلم الحقيقة بأعماقه .. بعد كل ما حدث مؤخراً هو يدرك داخله أنّها كانت صادقة تماماً كما كان هو .. فتح فمه ليجيبها عندما ارتفع رنين هاتفه وتعلقت عيناه بعينيها لوهلة وكاد يتجاهل رنين الهاتف المُلِح لولا أن همست بخفوت
_"هاتفك يرن يا (آدم)"
هز رأسه بشرود والتقط هاتفه دون أن يقطع تواصل بصريهما وهو يرفع الهاتف مجيباً دون أن ينظر لاسم المتصل
_"مرحباً"
_"أخيراً رددت يا (آدم) .. تعال بسرعة بني أرجوك .. لقد .. يا الله"
اتسعت عيناه بقلق وهو يسمع بكاء أمه على الجهة الأخرى فهتف
_"أمي؟ .. ما الأمر؟ .. أنتِ بخير؟ .. ماذا حدث؟"
انقبض قلب (إيفا) عندما خانته نظرته نحوها وقرأت في نظراته أنّ الأمر يخصها بطريقة ما وتأكد إحساسها عندما أشاح بنظره عنها وابتعد مواصلاً حديثه
_"حسناً أمي رافقي (زياد) وأنا سألحق بكم لهناك .. لا تقلقي .. سأحاول الوصول لأبي وأخبره ليلحق بكما .. سيكون بخير لا تقلقي .. ابقي مع (راندا) حتى نصل"
أغلق الهاتف والتفت ليتراجع وقد تفاجأ بها تقف خلفه تنظر له بعينين غارقتين بالقلق والخوف .. حاول عدم النظر لها وهمس بتوتر
_"هل يمكنكِ أن تنتظريني هنا (إيفا)؟ .. يجب أن أذهب لأمرٍ هام وسـ"
قاطعته وقلبها يخفق بقلق شديد
_"ماذا حدث؟"
هز رأسه قائلاً وهو يتحاشى النظر لها مباشرة
_"لا شيء .. لا تقلقي"
وهمس بتوسل وهو يستجمع شجاعته لينظر لها
_"أرجوكِ ابقي هنا .. لا تذهبي لأي مكان"
اندفع ليغادر ولم يكد يبلغ الباب ويمسك مقبضه حتى توقف حين شعر بقبضتها المرتجفة تمسك بذراعه وسمعها تهمس بارتجاف
_"توقف (آدم) .. أرجوك .. أخبرني ماذا حدث؟"
_"صدقيني .. لم يـ "

قاطعته هاتفة بتوسل
_"أرجوك .. لا تذهب وتتركني لوساوسي .. لقد سمعتك .. الأمر يخص (راندا) .. ماذا حدث أخبرني؟"
ارتجفت شفتاه وهو ينظر لها في حيرة من أمره لتتراجع للخلف بعينين متسعتين وهتفت بهلع

_"هل الأمر يخص (هشام)؟"
نظرة عينيه أخبرتها الحقيقة فشهقت بقوة وهزت رأسها رفضاً وعادت تقبض على ذراعه

_"أخبرني .. ما به (هشام)؟ ... ماذا حدث؟ .. هل .. هو بخير؟"
قطب وهو ينظر لها لتصرخ بحدة وهي تهزه
_"لماذا أنت صامت؟ .. ماذا أصابه؟ .. انطق"
أجابها بصعوبة
_"لقد أصيب في حادث"
شهقت برعب وهي تتراجع للخلف بينما يواصل
_"إنه في المشفى الآن و .. "
تجمدت وهي تنظر له من بين دموعها في ذهول .. لا .. مستحيل ... (هشام) في خطر .. كيف؟ .. لقد تحدثت معه قبل قليل .. كان سعيداً .. أخبرها أنّه عائد وسيراها قريباً .. كان بخير .. كيف؟ .. سمعت من بين ذهولها صوته القلق يردد
_"سأذهب لأطمئن عليه وسأخبركِ بما .."
قبضت على ذراعه ليشعر بارتجافتها الشديدة
_"سأذهب معك"
هتف بتوتر
_"تذهبين أين؟ .. ابقي هنا وسوف"
صرخت برفض
_"لن أبقى هنا لحظة .. سأذهب وحدي"
حاولت تجاوزه ليمسك بذراعيها ويعيدها للخلف
_"اهدأي قليلاً و .."
قاومته بشراسة وبدت له وقد فقدت عقلها تماماً وهي تصرخ
_"دعني .. لا حق لك لتمنعني .. (هشام) في خطر .. يجب أن أراه"
كانت حماقة منه أن يشعر بالغيرة من (هشام) في هذه الظروف لكنه لم يقاوم مشاعره وهو يهتف فيها
_"ماذا أصابكِ؟ .. لماذا لا تـ .."
توقف عن الكلام تماماً حين انفجرت فجأة بالبكاء ولم تحتملها ساقاها فسقطت أرضاً وهي تهمس بانهيار
_"لن أفقده هو أيضاً .. لن أحتمل هذا .. ليس هو أيضاً .. لم يعد لي سواه"
اتسعت عيناه مع رؤيته لانهيارها الشديد وشعر بقلبه يُعتصر بين ضلوعه وهو يراها تبكي بحرقة شديدة .. كانت تبكي رجلاً آخراً .. قلبها يكاد ينفلق من شدة بكائها من أجله .. شعر بكفها تقبض على قماش بنطاله وهي تتطلع له من مكانها بعينين متوسلتين غارقتين بالدموع وهي تهتف بصوتٍ مختنق متوسل
_"أرجوك (آدم) ... أتوسل إليك .. خذني إليه أرجوك .. لا تتركني هنا .. يجب أن أراه .. أرجوك"
ازداد انقباض قلبه وهو ينظر لها بألم وركع على ركبته أمامها وهمس باسمها ولم تمنحه الفرصة لينطق بحرف وهي تمسك كفه وتميل لتقبلها بتوسل هاتفة
_"أرجوك .. سأفعل أي شيء تريده .. فقط خذني إليه أرجوك"
انهمرت دموعها أكثر مع آخر كلماته وهي تحني رأسها فوق كفه التي أغرقتها بدموعها وسمعها تواصل توسلها المختنق فرفع كفه الأخرى ومسح على شعرها هامساً باختناق
_"اهدأي حبيبتي .. سيكون بخير"
ورفع وجهها لتنظر له من بين دموعها وتأكد أنّها ليست في وعيها أبداً .. جسدها كان يرتجف بعنف ونظراتها زائغة برعب شديد أوجع قلبه أكثر ولم يعرف ماذا كان يؤلمه أكثر .. رؤيتها بهذه الحالة أم انهيارها من أجل رجل آخر .. سمعها تهمس برجاء أكبر
_"خذني إليه .. أرجوك"
أومأ برأسه لتنهمر دموعها بغزارة وتراجع للخلف حين اندفعت فجأة تتعلق بعنقه ودفنت رأسها هناك .. أحاط جسدها بذراعيه لترعبه رجفتها الشديدة وسمعها تهمس
_"سأموت لو أصابه مكروه .. سأموت حقاً .. يا إلهي أرجوك .. فليكن بخير"
ضمها إليه بقوة وربت على شعرها ليهمس بحنان وقد قرر تأجيل كل أسئلته وغيرته لوقتٍ آخر
_"سيكون بخير لا تقلقي"
نهض وهو يرفعها معه لتقف بساقين مرتجفتين وأبعدها قليلاً ينظر لوجهها الباكي ومسح دموعها بكفيه قبل أن يحيط وجهها بهما ويهمس برفق
_"اهدأي .. أنا هنا .. كل شيء سيكون على ما يرام .. (هشام) سيكون بخير .. لن يحدث له مكروه"
هزت رأسها وهي تحاول التحكم بأعصابها المنهارة وسالت دموعها من جديد وهي تنظر له قبل أن تتمالك نفسها وتمسح دموعها بقوة وتهمس بتحشرج
_"سيكون بخير .. سيكون بخير .. لن يتركني أبداً .. لقد وعدني .. يجب أن يكون بخير"
قطب وهو ينظر لها ولم يبد أنّها قد لمحت نظراته لها وهي تتحرك نحو الباب قائلة

_"هيا لنذهب"
ارتفع حاجباه وهو يتبعها بعينيه قبل أن يتبعها للخارج وأسرع نحو سيارته التي سبقته إليها واحتل مقعد القيادة وانطلق بها مسرعاً بينما يختلس النظر لها كل برهة .. عيناها مغلقتان ودموعها تسيل بصمت وجسدها يرتجف بخفوت لم يغب عن عينيه فيما تواصل شفتاها المرتجفتان التحرك بدعاء هامس تتوسل الله أن يحفظه لها .. لن تحتمل فقده أبداً .. ليس هو .. هو بالذات لن تحتمل فقده .. فليكن بخير .. يا الله .. هي على استعداد أن تدفع عمرها فقط ليبقى بخير .. واصلت دعاءها برجاء بينما (آدم) يسرع بالسيارة أكثر محاولاً الاتصال بوالده ودعاءاً مماثلاً كان يتردد داخله برجاء وأمل شديد.
لم تعرف كيف احتملت الطريق إلى المشفى دون أن تغادر روحها جسدها من شدة الخوف .. كان (آدم) يختلس النظر لها كل برهة وقلقه يزداد مع رؤيته لشحوبها الذي يشتد مع الوقت وارتجافتها ليضغط أكثر على دواسة الوقود ليصل مسرعاً .. لم يكد يتوقف بالسيارة حتى اندفعت هي تغادرها فهتف وهو يغادر ويغلق السيارة ويتبعها
_"(إيفا) .. انتظري"
لحق بها ليجدها تصرخ بتوتر في وجه موظفة الاستقبال تسألها عن مكان (هشام) قبل أن تندفع إلى حيث أخبرتها الفتاة فاندفع بسرعة يلحق بها وهو يناديها لكنّها لم تسمعه وهي تعدو بجنون ودموعها بدأت تسيل على خديها وهي تتوسل داخلها بحرقة .. لن يموت .. لن يرحل هو الآخر ويتركني .. تذكرت بوجع ذلك اليوم الذي مات فيه والدها وكانت هي تعدو تماماً كاليوم وقلبها يخبرها أنّه لا يجب أن تفقده .. ليس بعد ... كل كراهيتها وغضبها منه تطاير في لحظة ونسيت كل شيء إلا أنّه سيرحل في أي لحظة .. لا يجب أن يفعل هذا بها .. لن يرحل وهي غاضبة هكذا .. لن يرحل دون أن تودعه .. لن يكون قاسياً مرة أخرى ويحرمها منه للأبد، لكنّها حين وصلت كان قد رحل بالفعل ... وقفت تحدق بذهول في جسده المسجى أمامها وعقلها يصرخ بانهيار داخلها .. لم تفق من حالتها إلا مع لمسة (هشام) لكتفها لتلتفت نحوه وتقابلها عيناه الدامعتان وهو يهمس اسمها بحنان وحزن .. لم يكد يقترب خطوة واحدة منها حتى ابتعدت عنه واندفعت تغادر المكان .. كانت تحتاج لحضنه في تلك اللحظة ولمواساته لكنّها حرمت نفسها منها .. كان عليها أن تعاقب نفسها على عنادها ورفضها المستمر لمحاولاته الاقتراب منها وتوسلها له لتسمعه .. عندما وصلت شقتها كانت مقاومتها لانهيارها قد انتهت فسقطت أرضاً على ركبتيها وجسدها يرتجف بقوة وهي تشهق محاولة منع دموعها التي غلبتها أخيراً وانهمرت بحرقة .. رفعت رأسها وهي تصرخ بوجع وتضرب على قلبها بقبضتها بقوة علّ ذلك الألم يتوقف ... دارت تلك الصور بعقلها وهي تجري إلى حيث يرقد (هشام) بين الحياة والموت وهي تصرخ بداخلها أنّ ذلك اليوم لن يتكرر .. لن تفقده هو أيضاً .. توقفت خطواتها عند أول الممر الذي وقف في نهايته بعض أفراد أسرة (راندا) ولمحت (سلمى) و(عاصي) معهم .. حاولت أن تخطو في اتجاههم لكنّ قدميها رفضتا الحركة وشعرت بـ(آدم) يقف خلفها وقال شيئاً لم تسمعه وكل تركيزها مع الجمع الواقف بقلق وأعينهم معلقة على الغرفة التي يرقد (هشام) داخلها .. حركت قدمها لتوقفها صرخة مألوفة انطلقت في المكان ليندفع (عاصي) فجأة للغرفة .. تنفست بصعوبة وقلبها يرتعد قبل أن يتوقف تماماً بين ضلوعها حين رأته يخرج من الغرفة محيطاً بكتفيّ (راندا) المنهارة وهي تصرخ بحرقة وقبضتاها متشبثتان بقميصه
_"لقد تركني ... (هشام) تركني .. لقد قلت أنك ستعيده إليّ سالماً .. أعده يا (عاصي) .. أعده .. لا تجعله يرحل بعيداً عني"
حدقت فيما تراه بذهول ورأت والد (راندا) يتحرك ليبعدها عن (عاصي) الذي وقف مستسلماً لضربات قبضتيها على صدره وملامحه أخبرتها بكل شيء .. اهتز العالم من حولها وهي تسمعها تواصل بانهيار بين ذراعيّ والدها
_"أعيدوه لي ... أعده يا أبي .. (هشام) تركني و رحل يا أبي"
شهقت بقوة وهي تهز رأسها برفض وارتجفت شفتاها كما فعل جسدها الذي اهتز بعنف وهي تتراجع للخلف لتصطدم بـ(آدم) الذي كان يحدق هو الآخر في شقيقته المنهارة .. كانت تصرخ داخلها بانهيار ودموعها تسيل في صمت ... فتحت فمها لتحرر صرخاتها التي لم تتجاوز شفتيها حين شدها (آدم) إليها ودفن وجهها في صدره بقوة .. سحبها جانباً بعيداً عن مرأى الجميع وخفق قلبه بألم وهو يشعر بارتجافها وصرخاتها المكتومة في صدره وهمس بجزع وهو يشعر بقبضتيها تضربانه بقوة محاولة التحرر وقد بدأت دموعها تنهمر
_"توقفي حبيبتي .. لا تفعلي هذا أرجوكِ"
واصلت ضربه وصراخها المكتوم بشراسة وهو يضمها إليه أكثر متوسلاً إياها أن تهدأ لتوقف قلبه برعب حين شعر بجسدها يتوقف عن الحركة تماماً وصوتها يتحول إلى همهمات ضعيفة بينما تفقد وعيها بين ذراعيه .. تطلع لوجهها الشاحب الغارق بالدموع ورفعها بين ذراعيه واندفع لغرفة الطواريء وقلبه ممزق بينها وبين أسرته وشقيقته المنهارة في الخلف بينما يتوسل داخله دون توقف أن يرفق القدر بهم جميعاً.
*******************
انتهى الفصل العشرون
إن شاء الله ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-02-19, 12:45 PM   #430

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

صباح الورد .... وحشتوني كتييير
نزلت الفصل قبل ما أسلم عليكم بس خفت النت يفصل

أخيراً بعد عذاب نزلت الفصل .. فصل طويييييل جداً تعويض عن التأخير .. يا رب يعجبكم بكل تفاصيله والحقائق الجديدة اللي هنعرفها عن حياة الأبطال
قراءة ممتعة
أرق تحياتي لكم جميعاً

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:25 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.