آخر 10 مشاركات
1199 - مرارة الغيرة - روايات عبير دار النحاس ( كتابة /كاملة)** (الكاتـب : samahss - )           »          440 - أبحث عن قلبي - هيلين بروكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          221 - مدللة - جيسيكا هارت (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          مش غريبة بس بدي ترحيب (الكاتـب : ghoody - )           »          شهريار .. على باب الفاتنات *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          عروسه المقامرة (63) للكاتبة Rebecca Winters .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-02-19, 09:28 PM   #451

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فين الفصل متشوقين للاحداث

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-19, 09:19 PM   #452

Wejdan1385

? العضوٌ??? » 392089
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 469
?  نُقآطِيْ » Wejdan1385 is on a distinguished road
افتراضي

وينك اشتقنا لك صار لك اسبوعين غايبه

Wejdan1385 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-19, 02:44 PM   #453

ام رنومة

? العضوٌ??? » 331559
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 89
?  نُقآطِيْ » ام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond repute
افتراضي

ان شاء الله يكون المانع خيرا دمت بصحة وعافية وهناء

ام رنومة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:32 PM   #454

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي والعشرون
نظر (أحمد اليزيدي) بهدوء لزائره الجالس قبالته يتطلع له بوجه قلق وهو يقول
_"هل أنت واثق مما تنتويه يا (أحمد)؟"
ابتسم له بخفوت وردد
_"ما الأمر يا (عز الدين)؟ .. هل بدأت الشكوك تنتابك مع اقترابنا من الهدف الذي انتظرناه طويلاً؟"
هز رأسه قائلاً
_"أنا بالفعل أشعر بالقلق كلما اقتربنا .. هذا الأمر خطر .. أنت لست ذاهباً في نزهة يا (أحمد) .. تعرف أنّ ذلك الرجل تبين أنّه أخطر مما اعتقدنا قديماً"
أطرق (أحمد) مفكراً بينما صديقه يتابع
_"أنت بنفسك اختبرت هذا قبل سنوات .. رأيت ما فعله بك وبأسرتك .. موت (رؤوف) وزوجته .. إصابتي وإحالتي للعمل الإداري بسببه .. لقد استهنا بأمره كثيراً أنا و(رؤوف) وأنا كنت أكثرنا استهانةً بخطره لكن تبين في النهاية أنّ التخلص منه ليس بهذه السهولة .. لقد رأيت بنفسك قوته ونفوذه فكيف تتوقعه أصبح الآن بعد كل هذه السنوات؟"
غامت عينا (أحمد) بحزن وهو يتذكر ما حدث قبل سنوات وتنهد بقوة وهو يرفع رأسه إليه وقال بهدوء
_"إذن ماذا تريدني أن أفعل يا (عز)؟ .. أنسى ثأري .. ثأر (رؤوف) وزوجته .. ثأر شقيقتي وأسرتها؟ .. تريدني أن أنسى كل هذا؟"
_"أنا لا أريدك أن تنسى ثأرك أو ثأرهم يا (أحمد) .. أخشى فقط أن تسمح للغضب بالتحكم في تصرفاتك .. تعرف أنني معك في كل خطوة وشريك في كل ما سيحدث فور خروجك من هنا .. ما يقلقني أن ينسيك الغضب هدفك الرئيسي ويجعلك تفشل في مهمتك وتفشل خطتنا كلها من بعدك .. لا تنس .. هدفنا ليس قتل (توفيق) والانتقام منه لأنفسنا .. نحن نريده حياً ليدفع ثمن جرائمه كلها تحت سلطة القانون"
خفض رأسه يمنعه من رؤية نظرة السخرية في عينيه وهو يفكر .. القانون .. هل لا زال صديقه يعتقد في سلطة القانون حقاً؟ .. بعد كل ما حدث؟ .. ألا يعرف أنّ أمثال (توفيق) يجيدون اللعب بالقانون .. هو لعبتهم المفضلة .. يستطيعون بسهولة إيجاد الثغرات التي ينفذون عبرها ليهربوا بجرائمهم بعيداً عن طائلة القانون .. أمثال هؤلاء لتحاربهم يجب أن تستخدم نفس وسائلهم .. يجب أن تصبح مثلهم .. تحاربهم بنذالة .. منع نفسه من البوح صراحةً برأيه وهو يرفع رأسه وينظر له بهدوء قائلاً
_"حسناً .. لا تقلق بهذا الشأن .. سألتزم بالأوامر"
قطب ينظر له بتوجس قبل أن يتنهد بقوة ويقول وهو يتراجع في مقعده
_"أعرف أنّ الأمر صعبٌ عليك (أحمد) أصعب بكثير مما هو عليّ ... لا تعتقد أنني لست في صفك .. لقد كنت جانبك منذ البداية وحتى اللحظة"
وأطرق مفكراً بألم قبل أن ينظر له بأسف مكملاً
_"أنا لا زلت أدين لك بفشلي في حماية أسرتك .. بسببي أنا كنت مجبراً على الخضوع لتهديد (توفيق) لتحميهم من شره .. بسبب فشلي في إيقاف خطته أجبرك على تحمل ذلك العبء اللعين والاعتراف بكل هذه الجرائم مقابل إنقاذهم من الموت الذي كان يتربص بهم .. أنا لم أسامح نفسي حتى اللحظة على أنني كنت .."
قاطعه وهو يمد يده يربت على كفه قائلاً بحزم
_"لا تقل هذا (عز) .. أنا لا ألومك على شيء فتوقف عن لومك نفسك .. لم يكن ذنبك أن ذلك الوغد كان أذكى منا جميعاً .. أنت بذلت أقصى ما لديك لتحمي أسرتي ودفعت ثمناً كبيراً في سبيل ذلك .. هل تظن أنني لا أعرف أنّ هذا كان سبب إصابتك وفقدانك لعملك وأنت في قمة نجاحك يا صديقي .. أنا هو المدين لك بالكثير .. لم يكن ذنبك أبداً لذا توقف عن الإحساس بالذنب"
ابتسم بحزن وقال
_"لقد اضطررت في النهاية لتدفع الثمن وحدك يا (أحمد)"
هز كتفيه قائلاً
_"كان يجب أن أدفعه يا (عز) .. ليس الأمر وكأنني كنت بريئاً كلياً .. أنا أيضاً كنت مذنباً بقدرٍ كبير وكان عليّ أن أدفع ثمن كل هذا في النهاية"
هتف باعتراض
_"أنت كنت مجبراً يا (أحمد) .. لقد دفعت ثمن ذنوبك وذنوب غيرك .. لا تساوي بينك وبينهم أبداً .. أنا أعرفك جيداً .. لقد فعلت المستحيل لتخرج من ذلك المستنقع الذي أغرقك فيه والدك وشقيقك ولجأت لنا أنا و(رؤوف) لنساعدك وأنت قدمت لنا خدمة كبيرة في إيقاف نشاطهم حتى كدنا نقضي عليه تماماً"
هز رأسه قائلاً بابتسامة مريرة
_"هذا لا يغير حقيقة أنني كنت جزءاً من عملهم يا (عز) .. كنت شريكاً في ذلك الكيان ولو بالإكراه ... أنا أيضاً أذنبت وكان عليّ أن أدفع ديوني كاملةً حتى أسامح نفسي على الأقل"
نظر له بعمق ليقول بعد لحظات
_"إذن كنت تعاقب نفسك كل هذه السنوات؟ .. ألا تظن أنك قد دفعت ديونك وزيادة يا (أحمد)"
ابتسم بمرارة مجيباً

_"لهذا طلبت مساعدتك يا (عز) .. أنا ممتن لك في مساعدتي للحصول على ذلك العفو رغم أني أعرف أن الأمر كان شبه مستحيل مع طبيعة الجرائم التي اتهمت بها"
تنهد بقوة وردد
_"العفو كان مشروطاً كما أخبرتك .. عليك مساعدتنا في الوصول لـ(توفيق) وعصابته هنا وتجفيف أعمالهم .. الخطة كلها تعتمد عليك لذا كما قلت لك .. لا أريدك أن تندفع وتستسلم لرغبتك في الانتقام فقط دون أن يتحكم بها عقلك .. أنا أيضاً أريد الانتقام مما أصابني والانتقام لصديقي الراحل لكن دون تجاوز وبيد القانون والعدالة فقط"
زفر بحرارة وهو يهز رأسه لينهض (عز) واقفاً وقال وهو يصافحه بقوة
_"حسناً .. اتفقنا إذن .. أراك قريباً خارج الأسوار يا صديقي"
ابتسم بخفوت ونهض يصافحه مودعاً وتابعه وهو يقترب من باب الزنزانة التي وقف أمامها أحد الحراس ليتوقف (عز) مطرقاً لحظة ليلتفت له بعدها وينظر له بتردد ويقول
_"بالمناسبة .. لقد عرف (سيف) بأمر العفو"
شحب وجهه وهو ينظر له بصدمة ليقول بأسف
_"أنا آسف يا (أحمد) .. أعرف أنك لم تكن تريد أن يعرف أحدهم بأمر العفو لكن .."
سقط على مقعده قائلاً بشحوب
_"لماذا يا (عز)؟"
اقترب يربت على كتفه بقوة وقال
_"أنا آسف يا صديقي .. لكنك لا تعرف كيف كان (سيف) متلهفاً لأي خبر عنك .. لقد توسل كثيراً لـ(طارق) ابن أخي عندما عرف أنني أعمل بوزارة الداخلية وطلب منه كثيراً أن يبحث عن أي خبر يخصك .. لسنوات كان يبحث عن أخبارك"
لمعت دموعٌ مكتومة في عينيّ (أحمد) ليقول صديقه بشفقة
_"لقد أخطأت في حقهم كثيراً يا (أحمد) حين حرمتهم حقهم في معرفة أخبارك ورؤيتك"
همس بوجع
_"لقد فعلت هذا لصالحهم .. كان من أجلهم"
قال بحزم
_"هذا من حقهم وحدهم ليحددوه (أحمد) .. بعد رؤيتي لابنك ولهفته لمعرفة أخبارك ندمت كثيراً أنني استجبت لطلبك واستمعت لتوسلك ألا يعرفوا عنك أي شيء أو يُسمح لهم بزيارتك .. لقد ندمت كثيراً وأنا أعتقد أنني أسدي لك ولهم خدمة"
ابتلع لعابه بصعوبة وهو يحاول التحكم في دموعه وهو يفكر في أسرته الحبيبة .. (سيف) الصغير .. لابد أنّه أصبح شاباً رائعاً الآن .. (صفية) لابد أنّها أحسنت تربيته ونشأته تحت جناح (رفعت هاشمي) ذلك الرجل العظيم النادر بالتأكيد جعل منه رجلاً ناضجاً .. و(سؤدد) وجعه الأكبر .. فخره .. لا يستطيع أن ينسى رؤيته لها آخر مرة .. تلك الليلة التي خسرها فيها للأبد .. لو أنّهم قتلوها كما فعلوا بشقيقته لكان أرحم لها، لكنّه اختار لها مصيراً أسوأ .. (توفيق) عرف كيف يضربه في مقتل من خلالها .. يعرف أنّها تكرهه الآن وتحمله ذنب ما أصابها وهو لا يمكنه أن يلومها .. و(صفية) حبيبته .. لا يريد أن يستعيد تلك اللحظة المريرة التي زارته فيها هنا وأمرها بكل قسوة ألا تزوره مجدداً وأخبرها أنّها طالق .. لم يكن أمامه خيار .. كان يجب أن يحررها .. لقد كان أنانياً عندما أدخلها حياته وهو يعرف مدى تعقيدها .. لم يستطع أن يتركها تضيع من يده .. كان عليه أن يفوز بقلبها وظن أنّه سيحميها من لعنة عائلته .. كانت حبل نجاته وخلاصه ولم يكن ليتخلى عنها لكنّه فعل في النهاية .. بعد أن فشل في التحرر من لعنة ماضيه كان يجب أن يحررها للأبد من مصيرها مع رجل حُكم عليه أن يقضي سنوات طويلة خلف القضبان .. وجهها وهي تنظر له بذهول ودموعها تغرق وجهها لا تفارق رأسه .. رباه .. كم اشتاق لهم جميعاً .. انتبه من أفكاره على صوت (عز) يقول وهو يميل ليضع شيئاً أمامه على الطاولة
_"هذا لك يا صديقي"
نظر بقلبٍ مرتجف للظرف الموضوع على الطاولة وشعر بتربيتة أخيرة على كتفه وسمع (عز) يقول
_"توقف عن معاقبة نفسك (أحمد) .. لقد تحملت الكثير لأجلهم وحان الوقت لترتاح"
لم ينطق بحرف وهو لا زال يحدق في المظروف والتقطت أذناه خطوات صديقه الذي غادر الزنزانة وتركه مع أفكاره بقلبٍ واجف قبل أن يمد أصابعاً مرتجفة ويفتح المظروف ويخرج محتواه .. اتسعت عيناه الدامعتان وهو ينظر للصورة التي أطل فيها وجه (سيف) المبتسم .. لقد تغير كثيراً عن الطفل الصغير الذي تركه قبل سنوات .. أصبح شاباً كبيراً لكنّه تعرفه بسهولة .. كان يشبهه كثيراً .. سالت دموعه في صمت وهو يحدق في ابتسامته الواسعة .. ابنه الحبيب .. صغيره الشقي .. حرك الصورة ليكشف عن التي تليها وارتفع حاجباه وهو يرى صورة أخرى لـ(سيف) وهو يلعب التنس وخفق قلبه وهو يتذكر بحنين تلك الأيام التي كان يأخذه فيها للنادي ليجلس (سيف) على مقاعد اللاعبين يراقبه بشغف وانبهار وهو يلعب التنس ليخبره كل مرة بعد فوزه أنّه سيكبر ليكون لاعب تنس محترف وسيتفوق عليه أيضاً .. تذكر بألم أنّه كان يخبره أنّه سينتظر ذلك اليوم وسيشجعه دائماً .. أغمض عينيه واهتز جسده بنشيج متألم وهو ينظر لصورة (سيف) تخبره أنّ ابنه قد أوفى بوعده لكنّه هو لم يكن موجوداً ليرى ذلك اليوم ولا ليشجعه كما وعده .. فتح عينيه ولامس وجه ابنه بحنان قبل أن يحرك الصورة لينظر للتالية وتوقف قلبه تماماً مع رؤيته لـ(سؤدد) .. دارت عيناه على ملامحها الرقيقة وتوقفت عند عينيها التي تسكنها بوضوح أشباح ماضيها القاسي .. لامسها بوجع شديد وقلبه يهمس وهو ينظر للحزن الذي تدفق واضحاً من الصورة .. لن تسامحه أبداً .. ابنته الغالية لن تسامحه أبداً .. تنهد وهو يعيد الصور للمظروف ويغلقه بإحكام .. يكفيه أن يكونا بخير هما ووالدتهما .. لو كان ثمن حمايتهم هو خسارته لهم ولحبهم للأبد فسيدفعه عن طيب خاطر .. ضم الصور لقلبه ... يكفيه أن يعرف أنهم في أمان و(سؤدد) بالذات .. يعرف أنّ (عماد) سيحميها بروحه وحبه لها سيتمكن في النهاية من أشباحه ولن يسمح للسوء بالاقتراب منها .. يكفيه أن يعرف بهذا ليتابع طريقه بنفسٍ مطمئنة .. يحتاج لسلامة عقله في حربه القادمة ليجعل من حطم أسرتهم السعيدة يدفع الثمن غالياً .. غالياً جداً .. ومهما كان الثمن الذي عليه هو نفسه دفعه.
*******************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:34 PM   #455

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بدلت (آنجيليكا) ثياب عملها بشرود وقلبها منقبض بضيق .. يبدو أنّه قد حان الوقت لتعترف بأوهامها .. هي ضعيفة وقليلة الحيلة .. كيف تعتقد أنها تستطيع فعل أي شيء هنا بينما عدوها محاطٌ بالحرس طيلة الوقت ... المكان كله ملكه وكل العاملين به .. لا تستطيع حتى أن تلجأ للحيلة .. تذكرت (ليزا) بألم .. كانت متأنقة كثيراً الليلة وقد أتاح لها عملها في النادي الليلي الاقتراب كثيراً من ذلك الرجل، لكنها لا تستطيع أن تفعل مثلها .. لا يمكنها أن ترتدي مثلها ولا تتصرف بنفس الطريقة لتقترب منه .. سيكتشف أمرها حتماً ما أن يبحث في خلفيتها .. شعرت بالحزن من أجل (ليزا) .. ما الذي يجبرها على احتمال هذا الوضع؟ .. لو كانت مكانها لاختنقت من تلك الملامسات الوقحة من الرجال .. نظرت لنفسها بالمرآة ورفعت يديها متربط خصلاتها في ذيل حصان وهي تتذكر نظرة المرارة التي لمحتها في عينيّ (ليزا) حين ظنت أنّ لا أحد يراها، لكنّها هي فعلت بينما كانت تقدم المشروبات لضيوف الحفل .. رأت الألم والمرارة اللذين ارتسما في عينيها لحظة واحدة وهي تقف بجوار (ريكاردو جيوفاني) ذلك الشاب المغرور الوقح الذي عرفت فيما بعد أنّه ابن ذلك الشيطان .. هه .. من شابه أباه حقاً .. لو كانت مكان (ليزا) لقتلته قبل أن يفكر في وضع يده عليها .. ارتدت حذاءها وهي تزفر بقوة وتحركت تغادر غرفة تبديل الملابس الخاصة بالعاملات وهي تحمل حقيبتها .. عليها أن تتحدث معها في هذا الأمر عندما تعود .. لماذا ترضى بهذا العمل؟ .. ما الذي يجبرها على الاستمرار فيه ... لقد استشعرت كراهيتها لملامسة (ريكاردو) لها لكنّها كانت تبتسم له بإغراء وتدعي استمتاعها بوقتها معه .. غادرت الفندق عن طريق الباب الخلفي ووقفت فوق السلالم القليلة التي تفصلها عن الشارع ورفعت رأسها تتطلع للسماء .. لقد تأخر الوقت ... تُرى هل خلد (تيو) الصغير للنوم؟ .. لابد أنّه أرهق جليسة الأطفال التي اضطرا لطلبها بعد أن تعذر عليهما هذه الأيام أن يقسما رعايته بينهما .. يجب أن تسرع بالعودة له .. غداً سينتهي ذلك الاجتماع اللعين ويعود الفندق لوضعه السابق وتعود هي لتعتني به في فترة غياب (ليزا) بعملها .. الليلة كان الحفل الختامي وغداً سينتهي كل شيء ويسافر (سيزار) إلى فرنسا ... ربما هذه إشارة من القدر أن تتخلى عن خطتها الحمقاء في الانتقام بعد أن فشلت في إيجاد طريقة طيلة الأيام السابقة .. نظرت في ساعتها ونزلت بسرعة لتتحرك بخطوات سريعة لتغادر الشارع الجانبي الضيق .. كانت على وشك بلوغ نهايته عندما شعرت بخطوات مسرعة خلفها فوقفت لحظة بخوف قبل أن تسرع خطواتها أكثر .. لم تبتعد أكثر من خطوتين حين أحاطت قبضة قوية بفمها لتتسع عيناها برعب وتوقف قلبها بينما مهاجمها يجرها للخلف .. ذراعه الأخرى كانت تحيط جسدها الرقيق وتمنعها المقاومة .. حاولت تثبيت قدميها في الأرض لكنّهما انزلقتا وهو يجرها بقوة والرعب الذي سيطر عليها حال دون ذلك .. طرفت عيناها بالدموع وهي تهمهم عبر كفه وتصرخ داخلها بارتياع .. من هذا؟ .. ماذا يريد منها؟ .. ليس خيراً بالتأكيد .. هل هو سارق؟ .. مغتصب؟ .. يا إلهي ستموت حتماً .. ستموت قبل أن تأخذ ثأر أسرتها حتى .. تجمدت دموعها عندما سمعت الصوت المألوف يهمس بصوتٍ شديد الثمالة
_"إهدأي .. هذا .. أنا .. لا .. تخافي"
خفق قلبها بقوة وهمست داخلها بارتجاف .. هذا .. إنه (ألفريدو) .. ماذا أصابه؟ .. ذلك المجنون ماذا يفعل؟ .. عقلها رفض التفكير في حقيقة ما يجري .. من الواضح تماماً ماذا يفعل وماذا ينتوي ... توقف فجأة عندما وصلا لنهاية الشارع ببقعة مظلمة ليدفعها للحائط ولا زالت كفه تغطي فمها بقوة ومال عليها بجسده لترتجف برعب واشمئزاز بينما يهمس في أذنها بثمالة
_"لا تحاولي الصراخ (آنجي) .. لا تغضبيني"
سالت دموعها وهي تنظر لوجهه في الضوء الخافت ونظرت لعينيه اللتين لمعتا بجنون وهو يحركهما فوق جسدها قائلاً
_"هل تعرفين كم حلمت بهذه اللحظة (آنجي)؟ .. هل تعرفين كم أتعبتني معكِ يا فتاة؟"
هزت رأسها وهي تهمهم بعنف مقاومة لمساته لجسدها وهو يتابع
_"لقد أتعبتني لوقتٍ طويل جداً .. لا يمكنني الانتظار أكثر من هذا لأحصل عليكِ .. الليلة سينتهي انتظاري الطويل"
يده التي تسللت أسفل بلوزتها ولامست بشرتها جعلتها تستفيق من تجمدها وبكل قوتها رفعت ساقها لتضرب قدمه بكل قوتها لتخف قبضته عليها فأسرعت ترفع ركبتها وتركله بقسوة جعلته ينثني على نفسه بألم شديد .. تنفست بقوة وهي تحدق فيه بفزع قبل أن تستفيق لنفسها وتطلق ساقيها للريح .. لم تتمكن من قطع مسافة صغيرة حتى لحق بها وأمسكها لتسقط أرضاً تحت ثقل جسده الذي ارتمى فوقها .. تأوهت عندما اصطدمت رأسها بالأرض ولم تجد الفرصة لتستسلم لألمها وهي تصرخ مقاومة بكل شراسة
_"تباً .. ما الذي تفعله (ألفريدو)؟ .. هل جُننت؟ .. ابتعد عني .. سأقتلك .. ابتعد"
ضحك بخشونة ومال نحوها لتزكمها رائحمة الخمر الشديدة وتجعلها تقاوم بقوة أكبر
_"حاولي حبي .. لقد سبق وقتلتني بفتنتكِ .. الآن كوني مطيعة حبيبتي وسأكون لطيفاً معكِ بدوري"
لمعت الدموع في عينيها بحرقة .. لقد كانت (ماريا) محقة في كل كلمة .. لماذا لم تستمع لها؟ .. يا لها من غبية .. كيف وثقت به ووثقت بقدرتها على حماية نفسها وقت اللزوم؟ .. الآن في هذه الساعة المتأخرة وفي هذا الظلام من سيساعدها لو خارت كل قواها وفشلت في الهرب منه

_"اللعنة"
صرخت بكل قوتها تلعن ضعف جسدها وغباءها في ثقتها بشخصٍ مثله .. كانت تعلم أن الخمر أفقدته صوابه لكن هذا لم يكن لمينعها من أن تتوسله برجاء
_"أرجوك (ألفريدو) .. توقف .. لن أسامحك أبداً لو آذيتني"
مرر يده على جسدها قائلاً بعقل متغيب
_"آه .. تلك الملابس المتحفظة التي تصرين على ارتدائها محاولةً إخفاء جمالكِ .. لطالما حلمت برؤية ما تخفيه أسفلها ... لماذا حبي .. لماذا تخفين كل هذه الفتنة؟"
استمعت له بقلب واجف هدأت رجفته عندما لامست يدها حجراً قريباً منها فهمست بخفوت تلهيه عن محاولتها البائسة
_"أرجوك .. ابتعد .. ستندم عندما تعود لصوابك"
ضحك بسخرية
_"لا تقلقي .. لن أندم .. أنتِ امرأة جميلة لن يندم المرء أبداً لو أنّه .."
لم تعطه الفرصة ليكمل وهي تحمل الحجر الصغير وبكل قوتها ضربت وجهه ليصرخ بألم وابتعد رأسه قليلاً دون أن يتزحزح بجسده عنها ليعود قلبها وينتفض بخوف عندما التفت إليها وقد اشتعلت عيناه بالغضب وسال خيط من الدم فوق صدغه .. صرخت عندما صفعها بقوة جعلت رأسها ترتطم بالأرض من جديد وهو يهتف بجنون
_"قلت لكِ لا تغضبيني .. الآن عليكِ مواجهة نتيجة غبائكِ"
توقف قلبها وهي تفتح فمها لتصرخ بكل قوتها ليكتم باقي صرختها بيده وانحنى نحوها لتوقن أنّها قد خسرت كل فرصة لها في النجاة .. همست داخلها بتوسل .. يا رب .. يا الله ساعدني .. يا رب
كانت دموعها تسيل وجسدها يتحرك بشراسة استنزفت آخر قواها عندما ارتفع ثقله فجأة من عليها لتفتح عينيها وهي تتنفس بسرعة وسمعت تأوهاً عالياً يصدر منه .. لوهلة لم تفهم ما حدث لكنّها اعتدلت سريعاً وزحفت للخلف تستند للحائط وصدرها يتحرك باضطراب ورفعت كفها تلملم طرفيّ بلوزتها وهي تحدق أمامها بخوف .. اتسعت عيناها وهي ترى (ألفريدو) ملقى بعيداً منثني على نفسه يمسك بطنه يتوجع بألم شديد بينما وقف أمامه خيال رجل طويل القامة لم تتبين ملامحه في الظلام، لكن كل خلية منه كانت تشع بالغضب الشديد والقوة .. انتفضت عندما تحرك بسرعة ليركل (ألفريدو) مرة أخرى ليصرخ ذلك الأخير بألم أكبر ولم يمنحه الفرصة ليواجهه وهو ينحني ليقبض على ياقته ويشده إليه يرفعه عن الأرض كأنّه لا يزن شيئاً .. نهضت عن الأرض بجسد مرتعش وهي تستند للحائط خلفها وعيناها معلقتان بذلك المارد الغاضب الذي لم تتوقف لكماته الموجهة لـ(ألفريدو) حتى تيقنت أنّه حتماً سيموت في يده .. تحركت للخلف وهي تستند بذراعها للحائط تتحسسه في حركتها المرتعبة وقلبها يخفق دون توقف يخبرها أنّ عليها الهرب .. شعور مخيف يدفعها لتهرب قبل أن يلتفت لها ذلك الرجل .. منقذها .. سمعت صوت جسدٍ ثقيل يسقط أرضاً فعرفت أنّه انتهى من (ألفريدو) وسمعت بعدها خطوات قوية تتقدم نحوها فارتجفت بقوة وهي تحاول الاسراع بينما صوته خلفها يناديها أن تتوقف ليزداد ذلك الشعور الغريب داخلها .. تعثرت فجأة لتسقط على ركبتيها وسمعت صوت الخطوات يتوقف خلفها تماماً قبل أن تسمع صوته يقول بالإيطالية
_"هل أنتِ بخير يا آنسة؟"
حدقت أمامها في الظلام بارتجاف دون أن تجرؤ على النظر للخلف ليكرر سؤاله وشعرت به يتحرك ليقابلها فأغمضت عينيها تتنفس بتوتر وهي تحسم أمرها وتقرر الالتفات لتواجه منقذها دون خوف.
******************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:36 PM   #456

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

طرقت (سؤدد) باب الغرفة التي ترقد فيها (راندا) بعد أن أمرها الطبيب بالراحة التامة لوضعها الحرج ورفضت هي العودة لبيتها دون (هشام) .. أتاها صوت زوجة خالها تسمح لها بالدخول ففتحت الباب وأطلت بوجهها قائلة
_"مساء الخير خالتي (ثريا) .. هل (راندا) مستيقظة؟"
تنهدت (ثريا) بتعتب وهمست وهي تتطلع لابنتها النائمة بوجهها الشاحب الحزين
_"تعالي (سؤدد) .. إنّها لا زالت نائمة"
دخلت وعيناها معلقتان بـ(راندا) ومطت شفتيها بأسى وهي تقترب لتجلس على المقعد المقابل للفراش وقالت
_"كيف حالها الآن؟"
مسحت (ثريا) على شعر ابنتها بشفقة وأجابتها
_"كما هي .. الطبيب حذرها من التعرض للانفعالات لحساسية وضع الجنين .. لكن كما ترين .. الوضع صعب علينا جميعاً فما بالكِ بها؟"
مدت (سؤدد) يدها تمسك بكف (راندا) وضغطت عليها برفق وهي تقول
_"ستكون بخير .. و(هشام) كذلك"
ورفعت عينيها نحوها وقالت وهي ترى الإجهاد الشديد على ملامحها
_"يمكنكِ أن تذهبي لترتاحي قليلاً خالتي ... أنا سأبقى معها"
نهضت وهزت رأسها قائلة
_"شكراً (سؤدد) .. لن أتأخر كثيراً"
ابتسمت لها بخفوت لتغادر (ثريا) فعادت تولي اهتمامها لـ(راندا) .. تأملت وجهها الشاحب بأسى وهي تضغط على كفها بدعم وهمست
_"لا تكوني ضعيفة هكذا (راندا) .. (هشام) يحتاجكِ وطفلكِ أيضاً .. كوني قوية لأجلهما"
ابتسمت بحنان وهي تشرد مفكرة .. تعرف أن (راندا) رغم هالة القوة التي تدعيها وعنادها الأحمق لكنّها داخلها هشاشة كبيرة وقلب رقيق .. جدها كان محقاً عندما أخبرها أنّ (راندا) ذات يوم ستكون شاكرة له زواجها من (هشام) الذي لم تتوقف عن محاربته بكل عناد وغباء الدنيا .. استمرت في مواساتها الصامتة لبضع دقائق حتى شعرت بيد (راندا) تتحرك في كفها فنظرت لوجهها بترقب ولم تمض لحظات حتى فتحت عينيها وتتطلعت حولها بضعف قبل أن تنظر لـ(سؤدد) وهمست
_"(سؤدد)!! .. أنتِ هنا؟"
ربتت على كفها ونهضت لتجاورها واسندتها عندما حاولت الاعتدال وقالت وهي تمسك كتفيها
_"لا تتحركي .. هل ستعاندين في أوامر الطبيب أيضاً؟"
ابتسمت لها بقلة حيلة لتسألها بحنان
_"كيف حالكِ الآن حبيبتي؟"
تنهدت بتعب
_"أنا بخير"
تأملت وجهها الضعيف والهالات السوداء أسفل عينيها وقالت وهي تمط شفتيها قائلة
_"تبدين كالأشباح (راندا) .. لولا أنني أعرفكِ لشعرت بفزع حقيقي"
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها لتتابع
_"هل نظرتِ لنفسكِ بالمرآة يا فتاة؟ .. ماذا سيقول (هشام) عندما يفتح عينيه ويراكِ هكذا .. ستفزعين الرجل"
دمعت عيناها بشدة وهي تهمس بوجع
_"فليستيقظ فقط وسأفعل أي شيء لأجله"
هزت رأسها تقاوم الغصة المؤلمة في حلقها لتقول بمرح مفتعل
_"انظروا من يتحدث .. أخيراُ نطق أبو الهول .. من كان يتوقع أن يأتي اليوم الذي أرى فيه (راندا هاشمي) بائسة هكذا من أجل رجل"
رمقتها بحدة وهتفت
_"العقبى لكِ (سؤدد) .. أتمنى رؤيتكِ قريباً وقد وقعتِ بحب رجل يجعلكِ تبتلعين سخريتكِ اللاذعة هذه"
ضربت رأسها بقبضتها بخفة
_"أنا المخطئة أنني جئت لزيارتكِ ... أنا متأكدة الآن أنكِ تحسنتِ بما أن لسانكِ الحاد عاد يعمل بكفاءة"
قطبت وهي تنظر لها قبل أن تضحك بخفوت وبادلتها ضحكتها بابتسامة خفيفة لتقول (راندا) وهي ترفع أحد حاجبيها
_"أنا متأكدة أن هذا سيحدث لكِ حتماً وسآخذ ثأري منكِ"
_"أي ثأر؟"
نظرت لها بسخرية

_"لا تعرفين أي ثأر؟ .. جدي أخبرني بكل شيء (سؤدد) .. كنتِ أنتِ وراء ذلك الخبر الأحمق الذي تسرب للصحف عن زواجي أنا و(هشام)، صحيح؟"
عضت على شفتها وقالت بتهكم
_"هل أفشى جدي السر بهذه السرعة؟ .. كان يجب أن أعلم أنّه سيبيعني لكِ في أقرب وقت .. عامةً هو كان صاحب الخطة الرئيسية"
ضحكت (راندا) قبل أن تنظر لها بامتنان
_"أنا لست غاضبة .. ربما لو علمت وقتها وأنا لا زلت بنفس الحماقة لانتقمت منكِ على ما فعلته لكن الآن .. أنا حقاً شاكرة لتدخلكِ أنتِ وجدي .. ربما كنت لا زلت مستمرة في عنادي وخسرت حب (هشام) للأبد"
تحشرج صوتها وهي تواصل
_"أخشى أنني خسرته في النهاية بالفعل .. لقد كنت سيئة جداً معه (سؤدد) .. سيئة لأقصى درجة ولن ألومه لو كرهني بعد كل ما فعلته"
زفرت (سؤدد) قائلة

_"توقفي عن هذا (راندا) .. لا تدعي وساوسكِ تتمكن منكِ .. أعرف أنكِ كنتِ عنيدة وحاربتِ المسكين بكل الطرق لتجبريه على الفرار لكنّه هو أيضاً كان يحبكِ ويحارب ضد عنادكِ بنفس الدرجة .. لا أعتقد أنّ شخصاً مثله ينسى حبه لكِ بعد أن فاز بقلبكِ في النهاية .. حتى لو كان غاضباً ومستاءاً منكِ أنتِ تستطيعين أن تستعيدي حبه لكِ من جديد .. أنتِ عنيدة ولا تحبين أن تخسري أبداً لذا أنا واثقة أنكِ كما حاربته بقوة لتبعديه عنكِ ستحاربين لو لزم الأمر بنفس القوة لتستعيديه"
تنهدت بحرارة وهمست
_"أرجو هذا (سؤدد) .. أرجو هذا"
ولامست بطنها بحنان
_"هناك الآن من يمنحني دافعاً أكبر على عدم الاستسلام .. أنا سأفعل المستحيل لأجله هو و(هشام)"
ابتسمت لها بدعم ومسحت على رأسها قائلة
_"أنا واثقة من هذا"
صمتتا للحظات لتضحك (راندا) قائلة
_"صحيح .. أعرف أنكِ السبب وراء نشر الخبر لكن بالله عليكِ لا تقولي أنكِ من كتبتِ ذلك المقال اللزج .. بحق الله .. ما كان هذا؟ .. أجراس الزفاف ستقرع في قصر (هاشمي) .. كلما تذكرت كلمات ذلك المقال تنتابني رغبة شديدة في الضحك رغم أنني وقتها تمنيت أن أخنق كاتب الكلمات بيديّ"
لم تستطع (سؤدد) منع ضحكتها وهي تقول

_"لا لست أنا بالفعل .. إنها (ريماس) من تبرعت لصياغة الخبر .. أعتقد أنّها عرفت كيف تختار الكلمات التي ستستفذكِ أكثر من الخبر نفسه"
هتفت
_"آه .. هي كانت ذلك "المصدر الموثوق المقرب من العائلة" .. حسناً .. ذكريني عندما أقابلها أن أرد لها جميلها"
ابتسمت بأسى وهي تفكر في صديقتها المسكينة .. كم تشبه في حالتها حالة (راندا) .. كلتاهما تنتظر طفلاً بينما زوجها يرقد في غيبوبة ... كلتاهما كانتا ضحية أشخاص منعدمي الضمير .. قبضت على كفها وهي تتذكر ما أخبرها به (آدم) أنّ التحقيقات أثبتت أنّ فرامل السيارة كانت معطلة وأنّ الحادث كان متعمداً .. لم يمكنها التفكير سوى في شخصٍ واحد .. (منذر صفوان) .. شركته كانت تنافس شركة (هشام) في تلك المناقصة الهامة التي فاز بها قبل الحادث مباشرة .. لماذا لا يكون هذا انتقاماً من جانبه .. لا تستبعد أي شيء .. سيتضح قريباً كل شيء .. تشعر أنّها اقتربت كثيراً من هدفها وقريباً جداً ستبدأ خطتها .. لن تتركه هو وذلك اللعين الذي يقف خلفه يعيثان في الأرض فساداً أكثر من هذا .. قاومت أفكارها لتركز مع (راندا) وقالت بهدوء
_"حسناً .. سأخبرها لتهرب سريعاً عندما تراكِ في أي مكان"
تبادلتا ضحكة صغيرة لتنظر لها (راندا) بعمق فهمست تسألها
_"ما الأمر؟"
هزت رأسها
_"لا شيء ... أنا فقط سعيدة لرؤيتكِ تضحكين بصدق .. أشعر أن ذلك القناع الجليدي الذي تصرين على ارتدائه بدأ يتشقق"
بهت وجهها لتمسك (راندا) يدها قائلة برجاء
_"لا تغضبي .. لم أقل هذا لأضايقكِ ولا لتعودي لتقاومي نفسكِ .. يسعدني حقاً أن أراكِ هكذا .. لا تتوقفي عن الحياة مجدداً (سؤدد) .. لا تتراجعي للخلف"
عادت كلمات (سيف) المماثلة تتردد في أذنها وهو يتوسلها أن تتوقف عن الموت .. تعرف أنّها بدأت تتغير مؤخراً دون أن تشعر وهذا بدأ يرعبها .. يبدو أنّ الجميع قد بدأ يلاحظ ذلك بالفعل وهي لا تحب هذا ... تنهدت وهي تردد
_"هل كنت سيئة لهذه الدرجة؟"
هتفت بدهشة مفتعلة
_"أحقاً لا تعلمين؟ .. أكثر مما تتخيلين في الواقع .. لقد كنتِ مرعبة"
رفعت حاجباً محذراً وضربتها على رأسها بخفة
_"أنتِ كنتِ الأسوأ بيننا (راندا هاشمي) .. لا تدعيني أفتح دفاتركِ القديمة رجاءاً"
_"لا داعي لهذا .. أنا أصدقكِ"
ناظرتها بابتسامة رقيقة قبل أن تقترب لتحتضنها بحنان
_"تحسني سريعاً (راندا) وكوني قوية"
أومأت مبتسمة في نفس اللحظة التي دلفت فيها (ثريا) وارتفع حاجباها ولمعت عيناها براحة وهي ترى ابتسامة ابنتها
_"(راندا) .. هل استيقظتِ حبيبتي؟ .. كيف تشعرين الآن؟"
هزت رأسها تخبرها أنّها بخير بينما (سؤدد) وقفت مفسحة لـ(ثريا) لتجلس بجوار ابنتها وتأملتهما لبرهة و(ثريا) تضم ابنتها بحنان ونبض قلبها بأسى .. يبدو أنّها بالفعل كما يقول الجميع .. كانت قد توقفت عن الحياة دون أن تشعر بأي رغبة في العودة لها أو بالخسارة ... لسنوات حرمت نفسها من حضن أمها .. كانت أنانية ولم تفكر سوى في ألمها الخاص في الوقت الذي كانت أمها تعاني ألماً مضاعفاً .. تنفست بقوة .. يبدو أنّها في حاجة لجلسة طويلة مع النفس .. تحتاج لتواجه نفسها كما أخبرها جدها وتكون صريحة .. هذه المرة يجب أن تكون صريحة مع نفسها لأقصى حد .. أشاحت بوجهها عنهما وهي تقول
_"أنا مضطرة للذهاب الآن .. إن شاء الله سآتي لزيارتكِ مرة أخرى (راندا) .. هل تحتاجين شيئاً؟"
قالت بامتنان
_"شكراً لكِ (سؤدد)"
ابتسمت لها بحنان وهزت رأسها بتحية صامتة وتحركت تغادر الغرفة لتعاود أفكارها مهاجمتها من جديد فتحركت بشرود وقد نسيت تماماً أمر حارسها الشخصي الذي كان يجلس على أحد مقاعد الانتظار أمام الغرفة ينتظرها ونهض فور رؤيته لها ليقطب عندما رآها تتجاوزه بشرود ولم يدم جموده سوى لحظة تحركها بعدها سريعاً واندفع يتجاوزها وتوقف أمامها مباشرة لتنتفض بخفوت وتراجعت خطوة للخلف وهي تهتف
_"يا الله .. لقد أفزعتني"
رفع أحد حاجبيه مستفزاً إياها وهو يقول
_"حقاً فعلت؟ ... أنا آسف"
رمقته بنظرة متنمرة وتأففت بصوتٍ عال وهي تتحرك متجاوزة إياه لتغادر متجهة للخارج فتنهد بيأس وتبعها بسرعة
_"هل انتهيتِ؟"
اكتفت بهزة رأس ليتابع
_"ستعودين للبيت أم ستذهبين لمكانٍ آخر؟"
رمقته بنظرة جانبية وقالت
_"ما الأمر؟ .. هل أنت مشغول؟ .. لديك عمل هام كالعادة؟"
زفر قائلاً
_"لا لست مشغولاً"
هزت كتفيها بلا مبالة وقالت وهي تضغط زر استدعاء المصعد
_"تبدو مشغولاً مؤخراً .. تأتيك اتصالات كثيرة وتبدو قلقاً طيلة الوقت .. يمكنك أن تخبرني لو كنت مللت حراستي أو تحتاج لتهتم بأمورك الأخرى .. أشعر بالأسف لأجلك حقاً ولا أريد أن أعطلك عن مشاغلك الهامة"
مط شفتيه وهو يدخل معها للمصعد وقال بهدوء
_"لا داعي لتشعري بالأسف .. سأريحكِ من وجودي قريباً جداً على أية حال"
تجمدت يدها التي مدتها فوق لوحة الأرقام وانقبض قلبها بضيق غريب .. ماذا يقصد بكلامه هذا؟ .. هل يقصد ما فهمته؟ .. هل سيغادر وينهي عقد عمله معها حقاً؟ .. جيد .. أليس هذا ما تريده، لماذا إذن تشعر بهذا الانقباض؟ .. هل هي حمقاء؟ .. انتفضت عندما لمست يده أصابعها والتفتت له بعينين متسعتين وقبل أن تنطق بحرف كان يضغط زر الطابق الأرضي ليتحرك المصعد للأسفل فسحبت يدها بسرعة وهي تشعر باضطراب أنفاسها .. أشاحت بوجهها في ارتباك حاولت مقاومته بشدة بينما ادعى هو أنّه لم يلاحظ شيئاً .. ابتلعت لعابها بصعوبة وهمست
_"ماذا كنت تقصد بكلامك؟ .. هل تنوي .."
قاطعها بهدوء دون أن ينظر لها وعيناه معلقتان بالأرقام التنازلية
_"سأضطر للسفر لبضع أيام .. لا تقلقي سأختار أفضل رجالي ليتولى حراستكِ مكاني"
ردت بلا مبالة أخفت مشاعرها المضطربة خلفها
_"لست قلقة"
والتفتت ترمقه ببرود وقالت بسماجة منقطعة النظير
_"هذا أفضل .. سأرتاح قليلاً من رؤيتك و .."
انقطعت جملتها بشهقة قوية عندما ارتج المصعد بقوة واندفع جسدها بفعل الصدمة لتجد نفسها في اللحظة التالية مستندة إلى صدره وذراعاه يحيطان جسدها بحماية .. رفعت رأسها وهي تتنفس بسرعة ونظرت لوجهه في الإنارة الخافتة التي حلت بسرعة مكان الظلام اللحظي إثر توقف المصعد وسمعته بتشوش يهمس بقلق
_"هل أنتِ بخير؟"
نظرة عينيه أوقفت قلبه .. كانتا قلقتين مليئتين بالخوف وشيء آخر خافت تفسيره وشعرت بأنفاسها تتسارع أكثر وخفقات قلبها قبل أن تستشعر شيئاً آخراً يضرب سريعاً تحت أصابعها فخفضت عينيها لتجد كفيها فوق صدره تلامسان نبضاته السريعة .. ابتلعت لعابها بتوتر وهي ترفع عينيها من جديد إلى عينيه وتوقف الزمن فجأة حين اختفى وجهه من أمام عينيها وارتسم وجه آخر فوق ملامحه تحت النور الخافت .. نظرت في عينيه اللتين اختفى سوادهما ليحل محله لون أخضر عميق ازدادت دكنته مع المشاعر الغامرة التي سكنت داخلهما .. سمعت صوته يهمس برجفة
_"(سؤدد) .. أنتِ بخير حبيبتي؟ .. لا تخافي أنا معكِ"
هزت رأسها وأغمضت عينيها بقوة لتفتحهما بسرعة وتنظر له بعينين متسعتين ليقطب حاجبيه وهو يرى نظراتها الحائرة له كأنما تنظر للبعيد .. ترى في ملامحه شيئاً آخراً .. أو .. شخصاً آخراً .. همس بقلق
_"آنسة (سؤدد) .. هل .."
انتفضت فجأة مبتعدة عنه وهي تشعر بدوار شديد واستندت بظهرها لحائط المصعد ورفعت أصابعها تمسك جبينها بألم وهي تتنفس بصعوبة .. مرة أخرى؟ .. لماذا؟ .. لماذا يصر على الظهور أمامها؟ .. نفس المشهد الذي تراه في أحلامها .. لماذا يظهر في كل مرة تقترب فيها من (مراد) لهذا الحد؟ .. يختفي هو ليحل (عماد) بملامحه التي لا تستطيع تذكرها جيداً .. نظراته .. صوته .. لماذا تسمع صوت (مراد) في كل مرة داخل ذلك الحلم؟ .. لماذا يختلط الاثنان في عقلها بهذا الجنون؟ .. ثقلت أنفاسها والدوار يزداد ككل مرة يراودها نفس المشهد .. ذلك اليوم .. هل كان (سيف) حقاً من أنقذها أم .. لم تشعر به وهو يقترب منها وقد أقلقه شحوبها
_"هل تشعرين بالدوار؟ .. لا تبدين بخير أبداً .. هل .. هل تخافين من الأماكن المغلقة أم ماذا؟"
رفع يده نحوها لتبتعد هاتفة بقوة أجفلته
_"لا تقترب"
تجمدت يده في الهواء وهو يحدق فيها بحيرة وقلق لتهمس بصعوبة وهي تحاول التحكم بارتجافها
_"أنا بخير .. فقط .. لا .. تقترب .. أنا بخير"
حاولت تنظيم أنفاسها ولامست قلبها النابض بعنف .. ماذا يحدث معها؟ ... لماذا؟ ... استندت للجدار مغمضة العينين ليصلها صوته يهتف
_"(سؤدد) .. أنتِ لستِ بخير أبداً .. تماسكي قليلاً سوف .."
كان السواد يزداد أمام عينيها وهي تسمعه وعقلها يهتف فيه .. من سمح لك باستخدام اسمي مجرداً .. من منحك الحق؟ .. لماذا صوتك وكل شيء بك يعيده إلى عقلي؟ .. لماذا؟ .. كانت تردد كل هذا داخلها بينما لسانها يردد دون وعي
_"أنا بخير ... ابتعد عني فقط وسأكون بخير .. ابتعد"
اقترب أكثر عندما شعر أنّها توشك على فقدان الوعي وكادت تهتف فيه بفزع ألا يقترب عندما فقدت كل قدرتها على الصمود ومالت بها الأرض في نفس اللحظة التي عاد فيها النور للمصعد الذي بدأ الحركة .. اندفع يلتقطها بين ذراعيه قبل أن تسقط وهتف بفزع
_"(سؤدد) .. يا إلهي .. ماذا أصابكِ؟"
ضرب خدها برفق وهو يردد
_"افتحي عينيكِ .. (سؤدد)"
كان المصعد قد وصل للطابق الأرضي وانفتح الباب ليطل من خلفه بعض عمال الصيانة ردد أحدهم باعتذار
_"نعتذر عن العطل الـ .."
انقطعت جملة العامل مع رؤيتهما ولم ينتظر هو لحظة واحدة وهو يحمل (سؤدد) التي مالت رأسها على صدره مغمضة العينين وتحرك بها سريعاً نحو غرفة الطواريء وقبل أن يصل إليها شعر بها تتحرك بضعف وتفتح عينيها .. توقف مكانه ينظر لها بقلق لتهمس بخفوت وهي تدفعه بكفها في صدره بضعف
_"انزلني ... أنا بخير .. أريد العودة للمنزل"
لم يستجب لأمرها وتحرك مغيراً اتجاهه نحو الخارج لتهتف وهي تحاول استعادة كامل وعيها
_"قلت أنزلني .. أنا لا .."
هتف بحزم شديد وهو ينظر لها مقطباً
_"توقفي عن الحركة .. سأعيدكِ للمنزل"
_"انزلني أخبرتك"
_"لن أفعل حتى أوصلكِ للسيارة"
ردد ببرود وهو يغادر من باب المشفى ويهبط السلالم دون أن يأبه لنظرات الناس التي جعلت خديها يحترقان فهتفت وهي تضرب صدره بقبضتها
_"أيها الأحمق .. هل سمعت ما قلت؟"
_"ألا ترين حالتكِ؟ .. تكادين تفقدين الوعي .. لو أنزلتكِ ستسقطين أرضاً .. لن أخاطر"
ركلت بساقيها في الهواء
_"أيها الوغد ... انزلني في الحال .. من تظن نفسك؟"
توقف على مقربة من سيارتها ونظر لها مبتسماً بسماجة أشعلت غضبها
_"حارسكِ الشخصي على ما أعتقد"
هتفت بغضب
_"إلى الجحيم إذن"
عاد يتحرك نحو السيارة وقال ببرود وهو يفتح الباب ويميل ليدخلها
_"من قال لكِ أنني لست في الجحيم الآن؟"
احتبست أنفاسها وهي تنظر له وهو على مقربة شديدة منها حين مال ليربط حزام الأمان حول وسطها وابتعد قليلاً ينظر في عينيها للحظة جعلت أنفاسها تتوقف تماماً وسمعته يهمس بخفوت
_"أنا في قلب الجحيم تماماً"
قبل أن تسمح لعقلها بتفسير معنى كلماته كان قد ابتعد بسرعة ودار حول السيارة ليستقل مقعد القيادة .. شهقت بقوة مستعيدة أنفاسها وحاولت السيطرة بصعوبة على نبضها المتسارع .. ما كان هذا؟ .. اختلست النظر له لتجده مركزاً على الطريق وقد استعاد وجهه جموده فأشاحت بوجهها في حنق وتطلعت عبر النافذة وتنفست بعمق .. يجب أن تهدأ .. لم يحدث أي شيء لتتصرف بهذا الغباء .. يجب أن تتوقف عن هذه الحماقة .. لا يعجبها أبداً الطريق الذي تسير فيه ولا تغيرها الذي بدأت تلاحظه وبدأ الآخرون ملاحظته .. لا تريد هذا التغيير .. لا تريده .. يجب أن توقف نفسها قبل فوات الأوان .. سمعته يقول بعد لحظات
_"كيف حال ابنة خالكِ؟"
تمتمت ببرود
_"إنّها بخير"
زفر بقوة وران الصمت من جديد وهو يقود السيارة في طريقه لبيتها وعقله يفكر فيما أصابها قبل قليل .. ليست أول مرة تصيبها هذه الحال ... ما الذي يحدث معها؟ .. هل هي بدأت تـ .. هز رأسه يطرد الفكرة وقال بخفوت
_"هل .. هل ما أصابكِ قبل قليل كان بسبب احتباسكِ بالمصعد؟ .. هل تخافين الأماكن المغلقة والمظلمة؟"
انقبض قلبها باختناق وهي تتذكر تلك الغرفة شبه المعتمة التي كانت مقيدة فيها لأيام وتنفست بقوة لتهتف بخشونة
_"ليس من شأنك"
قطب بضيق وهتف
_"لكنكِ قد .."
هتفت بحدة وقد شعرت أنّه يكاد يتجاوز تلك المنطقة المحرمة داخل روحها
_"قلت ليس من شأنك .. انس أنك قد رأيت شيئاً"
ضرب المقود بعنف وهو يلتفت لها وقد تخلى عن بروده وهتف
_"من واجبي أن أعرف ما يهدد حياتكِ آنسة (سؤدد) .. لن أنتظر حتى يصيبكِ أي مكروه"
التفتت تنوي إخباره بغضب أنّه ليس من شأنه عندما ارتفع رنين هاتفها فالتقطته بسرعة ولمعت عيناها عندما لمحت الاسم على الشاشة لترد بلهفة
_"مرحباً (جاك)"
سمعته للحظات وقالت
_"لحظة انتظر قليلاً"
التفتت خلفها والتقطت حاسوبها المحمول من على المقعد الخلفي وأسرعت تفتحه وهي تقول
_"أرسلتها على بريدي؟ .. حسناً .. سأراها في الحال .. ابقى معي"
لم تشعر بالسيارة تبطيء الحركة حتى أوقفها إلى جانب الطريق والتفت يتطلع نحوها بقلق وشعور سيء راوده بخصوص الاتصال ولهفتها الواضحة وسمعها تقول وهي تفتح بريدها الالكتروني
_"نعم .. لحظة واحدة .. لقد رأيتها"
أتاها صوته يقول
_"هذه الصورة من لقاء (سيزار) بشركائه ورجال الأعمال في فندقه .. أعتقد أنّ فيها ما سيهمك .. الصور معي منذ أيام لكن لم أرسلها لكِ ولم أتصل قبل أن أتأكد من شكوكي"
قالت بتوتر وهي تنظر في الصورة التي ضمت أشخاصاً لم تعرف منهم سوى (منذر) و(سيزار جيوفاني) ... تحكمت في الغصة التي وقفت في حلقها وهي تراهما وهزت رأسها مفكرة بحيرة .. ما الذي أرادها (جاك) أن تراه في هذه الصورة؟ .. ما الذي سيهمها في .. قطبت فجأة وعيناها تقعان على فتاة بخلفية الصورة .. حدقت فيها لبرهة بشك قبل أن تهمس
_"(جاك) .. هل .. هل هذه الفتاة؟"
أسرعت تُكبِر الصورة لتقرب ملامح الفتاة وسمعته يقول
_"هل رأيتِها؟ .. لقد التقط رجالي تلك الصورة وتصادف وجودها بالمكان ... كانت الصورة الوحيدة التي ظهرت فيها بهذا الوضوح بين الصور التي أرسلوها لي"
رددت بحيرة
_"لكنّها لا تشبهها (جاك)"
قال بسرعة
_"تبدو مختلفة فعلاً لكن لا تنسي أن الصورة الوحيدة التي بحوزتكِ صورة قديمة منذ أكثر من سبع سنوات .. بالتأكيد ستكون تغيرت .. كدت أخطئها أنا الآخر لولا أن لاحظت شيئاً مهما"
حدقت في الصورة بتركيز شديد لبرهة ولمعت برأسها ذكرى ما فهتفت وعيناها مركزتان على عنق الفتاة
_"هذه .. هذه القلادة .. إنّها نفسها .."
قال بانتصار
_"بالتأكيد .. هي نفسها ما كانت ترتديه في الصورة التي بحوزتكِ .. تصميمها مميز وخاص"
هزت رأسها قائلة
_"أجل .. لقد لاحظت ذلك بوقتها ولفتت انتباهي"
تعلقت عيناها بالقلادة ذات التصميم المميز والأحرف الثلاث المتعانقة فوقها وهمست بارتجاف
_"لكن (جاك) .. ماذا لو أنّها لم تكن .. ربما القلادة أصبحت في حوزة شخص آخر بعد الحادث و .."
قال بحزم
_"لهذا لم أتصل بكِ إلا بعد ما تأكدت من شكوكي .. لقد كلفت أحدهم أن يبحث بحذر في خلفية الفتاة خلال الأيام الماضية بعد أن وصلتني الصورة واليوم وصلتني المعلومات ... سأرسل لكِ الملف الذي يحتوي كل المعلومات عنها ... تلك الفتاة تُدعى (آنجيليكا) وهي تسكن في بلدة صغيرة بجنوب إيطاليا وصلت لها فجأة قبل ست سنوات تقريباً مع شقيق صغير لها هو الآن في الثانية عشر .. نفس الفترة التي وقع بها الحادث .. لقد تأكدت من كل شيء (سؤدد) .. إنّها نفس الفتاة .. هي فقط غيرت شكلها لتتخفى"
انتبهت لما غفلت عنه مع رؤية الصورة وهتفت
_"لكن ما الذي تفعله هناك؟ .. يا إلهي .. هل تعتقد أنّها تعرف أنّه قاتل أسرتها؟"
_"لا أدري .. ربما .. هربها لسنوات في بلدة معزولة تقريباً وتغييرها لهويتها وهوية شقيقها واسميهما يؤكد أنّها تعرف أنّ حياتها هي وأخيها في خطر وأنّ الحادث كان مدبراً .. السؤال بالفعل هل وجودها بفندق (سيزار) مجرد صدفة أم أنّها تسعى لنفس ما تسعين له؟"
تراجعت بظهرها تستند للمقعد قائلة بخفوت
_"يا الله .. لو صح ما تقول .. يا إلهي .. إنّها هناك مع (منذر) .. هذا سيفسد كل شيء .. ماذا لو كان قد رآها وتعرف عليها .. هذا يعني فشل خطتي قبل أن تبدأ"
تنهد بقوة

_"وربما لا (سؤدد) .. قد لا يكون قد انتبه لها .. لن تلفت نظره نادلة صغيرة مثلها وكما أخبرتِني .. هو يميل للشقراوات وهي حالياً كما ترين قد صبغت شعرها بالأسود وغيرت شكلها كثيراً"
همست بشك

_"ربما ... يا إلهي .. ماذا أفعل؟ .. يجب أن أراها بأسرع وقت (جاك) .. يجب أن أصل إليها قبل أن ينتبه لها (منذر)"
_"أعتقد هذا أيضاً .. عندما تقررين السفر أخبريني لأرافقكِ إلى هناك .. سيكون من الخطر ذهابكِ وحدكِ"
زفرت بقوة وقالت بتوتر

_"حسناً (جاك) .. حاول أن تبحث عن معلومات أكثر عنها وعما تفعله بفندق (سيزار) ريثما أرتب أموري هنا وأسافر لمقابلتها ... أرجوك .. لا تجعلها تختفي عن أنظارنا مجدداً"
_"حسناً لا تقلقي .. سأرى ما يمكنني عمله"
ودعته وأغلقت الهاتف وضمته لقلبها وعيناها معلقتان بصورة الفتاة وأعماقها ترتجف توسلاً أن تكون هي نفسها من تبحث عنها حقاً .. يجب أن تكون هي .. كانت غافلة تماماً عن حارسها ونسيت وجوده كلياً بينما كان هو يحدق فيها بقلق ويداه منقبضتان على مقود السيارة بعنف يحاول التحكم في رجفة القلق داخله ليهمس بخفوت
_"هل وجدها حقاً؟"
انتفضت مستفيقة على صوته والتفتت له تحدق فيه بدهشة قبل أن تهمس بعينين تلمعان بالأمل
_"أعتقد هذا .. لقد وجدها أخيراً"
أغمض عينيه بقوة وقلبه يهوى أرضاً .. يبدو أنّه لا مفر أبداً .. لا أمل في أن يعيد (سؤدد) عن هذا الطريق الذي ستسيره للنهاية .. ربما أمله الوحيد الآن أن يكون القدر في صفها حتى النهاية.
********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:41 PM   #457

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لململت (سيلين) خصلات شعرها في كعكة متزمتة ونظرت لنفسها في المرآة بعينين غائمتين أحاطتهما الهالات الداكنة وبدا على وجهها الشحوب وأثر الأيام العصيبة السابقة التي لا تعرف حتى الآن كيف مرت عليها ... تنهدت وهي تنظر لملابسها السوداء بقلبٍ مثقلٍ وتنفست بصعوبة وهي تميل لتستند بكفيها لطاولة المرآة .. يجب أن تحتمل قليلاً وسينتهى الأمر بعد قليل ولن تبقى بعدها هنا لحظة واحدة ... ستعود إلى حيث يجب أن تكون .. عادت بذاكرتها للأسبوع الماضي الذي مر عليها كالجحيم بعد أن أفاقت من انهيارها ذلك اليوم لتجد نفسها بإحدى غرف المشفى وبجوارها كان (آدم) يجلس مطرقاً رأسه بين كفيه .. أخذت بعض الوقت لتستوعب أين هي وتتذكر ما حدث لتنتفض هاتفة بخوف
_"(هشام)"
انتفض مع صرختها ونهض مسرعاً ليمنعها من الحركة وهو يقول
_"اهدأي (إيفا) .. لا تتحركي"
حاولت مقاومته والنزول عن الفراش وهي تهتف باكية

_"دعني أذهب (آدم) .. يجب أن .. إن (هشام) .. (هشام) قد .."
قاطعها بحزم وهو يهزها برفق

_"اهدأي .. إنه بخير .. لم يحدث له أي مكروه"
رفعت له عينين مليئتلين بالرجاء والأمل وهمست بارتجاف

_"بخير؟ ..هل .. هل هو بخير حقاً؟"
وأمسكت كفه متابعة بتوسل حارق

_"أرجوك .. لا تكذب عليّ (آدم) .. هو بخير فعلاً؟"
أومأ برأسه وهو يجلس بجوارها على حافة الفراش

_"إنه بخير صدقيني .. لقد توقف قلبه لبعض الوقت قبل أن يتمكن الأطباء من إعادته للنبض وتمكنوا من إنقاذه بفضل الله"
حدقت فيه للحظات بذهول وهي تبحث في عينيه عن الصدق لتسيل دموعها وهي تنظر له .. شهقت بقوة وهي تندفع لتتعلق بعنقه هاتفة ببكاء
_"الحمد لله ... الحمد لله .. إنه بخير .. هو بخير .. أرجوك (آدم) .. قل أنني لا أحلم"
تنهد بحرارة وهو يرفع ذراعيه يضمها إليه بقوة مردداً

_"أنتِ لا تحلمين (إيفا) .. هو بخير والأطباء طمئنونا على حالته .. هو فقط لا زال غائباً عن الوعي وسيظل تحت الرعاية المركزة حتى يغادر غيبوبته"
ابتعدت تنظر له بقلق ليربت على خدها بحنان
_"لا تقلقي .. لقد قالوا أن حالته قد استقرت ويحتاج فقط للرعاية حتى يستفيق لا أكثر"
حاولت التحدث لكن تلك الغصة التي وقفت في حلقها مننعتها الكلام فهزت رأسها باختناق وهي تتطلع له من بين دموعها لتتعلق عيناه بعينيها لبعض الوقت ولم يقاوم أن يمد يده ليمسك كفها ويضمها بين كفيه بدعم ولم تحاول هي شدها منه .. كانت في حاجة له في هذه اللحظات ولن تنكر .. لم تدر أن مشاعرها كلها كانت تطل من عينيها وهي تنظر له وقد قرأ فيهما كل شيء .. تحرك مقترباً منها وقبل أن تستوعب كان يشدها من جديد ليسند رأسها إلى صدره ويحيط جسدها بإحدى ذراعيه ورفع الأخرى ليمسح على شعرها برقة دفعت بمزيد من الدموع إلى عينيها لتغمضهما وتستمع لنبضات قلبه تحت أذنيها .. عضت على شفتها تحاول مقاومة بكائها ليهمس في أذنه بحنان

_"يمكنكِ البكاء كما تريدين (إيفا) .. لا تقاومي"
شعر برجفتها قبل أن تشهق بخفوت ليهتز جسدها بالبكاء فشدد من ذراعيه حولها وقلبه يشاركها ألمها فوق ألمه الخاص .. واصل هدهدتها وهو يسند رأسه لرأسها وهو يهمس
_"كل شيء سيكون على ما يرام .. لا تقلقي"
واصلت بكاءها لبعض الوقت حتى هدأت لكنّها لم تبتعد عن صدره ولا هو حاول إبعادها ليبقيا على هذا الوضع .. كلٌ منهما يواسي الآخر .. كانت هي أول من قطع ذلك التواصل الرقيق بينهما وهي تبتعد ببطء وقلبها يصرخ معترضاً حرمانها له من ذلك الدفء الذي اشتاقته لسنوات .. فتح عينيه ينظر لوجهها الباكي ورفع يديه يمسح الباقي من دموعها وأعاد خصلاتها المبعثرة خلف أذنيها وهو يهمس
_"أنتِ بخير الآن؟"
أومأت برأسها ليبتسم بأسى فقالت بتوتر
_"كيف حال (راندا)؟ .. أهي بخير؟"
هز رأسه مجيباً
_"إنها بخير .. هي نائمة الآن .. لقد انهارت هي الأخرى عندما ظنت أنّ (هشام) قد .."
قطع جملته لحظة قبل أن يكمل بخفوت

_"لقد كادت تفقد الطفل لكن حمداً لله لم .."
قاطعته هاتفة بدهشة
_"الطفل؟!"
أومأ لتتسع عيناها بترقب وهي تهمس

_"هل (راندا) حامل؟"
نظر لها بتوجس وقلبه ينبض بشك ليرتفع حاجباه مع لمعة السعادة الغريبة التي ملأت عينيها وهي تهتف بحبور

_"(راندا) حامل حقاً؟ .. يا إلهي .. هذا يعني أنني سأصبح .."
توقفت فجأة عن الكلام وارتبكت نظراتها قبل أن تتراجع لتستند للوسادة وهي تشيح بعينيها عنه بتوتر جعله يقطب في شك وقال
_"ما الأمر؟ .. لماذا توقفتِ؟"
_"لا شيء"
ازدادت تقطيبة الشك على وجهه وهو يقول
_"هل أنتِ سعيدة بهذا الخبر حقاً؟"
نظرت له بدهشة وتمتمت

_"بالتأكيد .. لماذا لا أكون كذلك؟"
تأملها لبرهة ليقول بتردد

_"ظننت أنكِ .. حسناً .. فكرت .."
زفر بقوة وحسم أمره لينظر لها بحزم ويقول

_"فكرت أن هذا الخبر سيزعجكِ فمن الواضح أنّ علاقة قوية تربطكِ بـ(هشام) فظننت أنّ .."
قطبت بضيق ورددت
_"ظننتني على علاقة به وسأغضب أنّ زوجته حامل؟ .. آه .. بحق الله"
مال برأسه وتمتم
_"اعذريني فمن سيرى قربكِ منه وانهياركِ قبل قليل لأجله لن يفكر سوى أنكِ وهو ... حسناً .. دعيني أسألكِ صراحةً"
صمت للحظة يرمقها بتدقيق ليقول بعدها

_"هل تحبين (هشام رضوان)؟"
اتسعت عيناها وراودتها رغبة شديدة في صفعه، لكنّها قاومتها وهي تقول دون تردد

_"بالتأكيد أحبه"
نظرة الصدمة على وجهه كانت أكثر من شافية لقلبها الناقم على تفكيره .. بعد كل ما أخبرته .. يعتقد هذا .. أكملت عندما وجدت عينيه تسودان بشدة

_"أنا أحبه فعلاً لكن ليس ذلك الحب الذي تتخليه برأسك الآن"
ورمقته بنظرة عميقة امتزجت بالحزن وهي تواصل
_"وبالتأكيد ليس ذلك الحب الذي جمعنا ذات يوم"
ابتلع لعابه بتوتر وهو يبادلها نظراتها قبل أن يزفر بقوة وهو يقول
_"لن تخبريني الحقيقة، صحيح؟"
عادت تتمدد في الفراش بارهاق وقالت بهدوء

_"لقد أخبرتك بما تحتاج لمعرفته (آدم) .. هناك أشياء تخصني وحدي .. لن تستفاد شيئاً لو عرفتها"
_"ولماذا؟"
ابتسمت بأسى
_"ما يهمك لو عرفتها يا (آدم)؟ .. ليس الأمر وكأننا لا زلنا زوجين ويجب أن تعرف عني كل شيء"
تمتم بجمود
_"لا زلتِ زوجتي يا (إيف) .. عقد زواجنا كان شرعياً وعلى ما أذكر أنا لم أطلقكِ"
اعتدلت تنظر له بصدمة وارتجفت شفتاها وهي تهمس بتوجس
_"ماذا يعني هذا؟"
ردد بهدوء
_"كما سمعتِ .. لا زلتِ زوجتي مهما كان الوضع معقدٌ بيننا"
تنفست بصعوبة وعيناها معلقتان بعينيه
_"أنت لا تعني ما تقول حقاً؟ .. هل .. هل تنوي أن .."
قاطعها
_"أنا لم أقل شيئاً (إيفا) .. لقد كنت أقر واقعاً لا أكثر .. أخبرتكِ أنني لا أعرف بعد ماذا سنفعل في الأيام القادمة؟ .. لست أحمقاً لأظن أن الأمور ستُحل بهذه البساطة وأننا سننسى كل ما حدث ونبدأ من جديد كأن شيئاً لم يكن"
أطرقت تمنعه من رؤية دموعها .. لماذا يؤلمها هذا وهي تعرف أنّه محقٌ في كل كلمة .. الأمر معقدٌ بينهما كثيراً .. حتى لو تصارحا واتضح سوء الفهم الذي فرقهما هذا لن يغير شيئاً من حقيقة أنّهما تسببا في أذى كبير لبعضهما وجراحهما تحتاج للشفاء .. لماذا لا يكون شفاؤهما في وجودهما معاً؟ .. لماذا هو صعب؟ .. أيهما أكثر احتمالاً عذاب قربهما أم افتراقهما؟ .. أغمضت عينيها تتنفس بعمق .. ليس سهلاً أن يتجاوزا كل شيء بين ليلة وضحاها .. همس قلبها بأمل ... لكنّهما بدآ طريق الشفاء على الأقل حتى لو انتهت الطريق بفراقهما .. على الأقل سيشفيان في النهاية .. رفعت رأسها وهمست

_"أنت محقٌ .. أعرف أنّ الأمر صعبٌ على كلينا .. ولا زال هناك ما أحتاج للتحقق منه قبل أن أبريء نفسي تماماً أمامك .. لكن .. كل ما قلته الآن عن .. أنني لا زلت زوجتك لا يعني أي شيء (آدم) .. نحن منفصلان منذ سنوات طويلة .. لا يحتاج الأمر سوى لكلمة واحدة لتصحيحه و .."
قاطعها وهو يقبض على كفه بقوة
_"دعينا من هذا الآن (إيف) .. كلانا متعبان .. لقد أخطأت من قبل عندما تصرفت باندفاع أكثر من مرة ولا أنوي اتخاذ أي قرارات متسرعة بعد الآن .. أعلم أن الطريق أمامنا مبهمٌ ولا أعرف ماذا تخبيء لنا الأيام القادمة ولا إلى أين سننتهي لكننا سنخوض الأمر في النهاية سوياً في الوقت المناسب ومهما كانت النتيجة في النهاية"
نهض من جانبها مكملاً

_"استريحي الآن، وسنتكلم عندما يكون الوقت مناسباً"
طالعته للحظات قبل أن تتنهد باستسلام وهزت رأسها
_"حسناً"
ردد بخفوت
_"سأترككِ لترتاحي و.."
قاطعته وهي تزيح الغطاء تنوي النهوض
_"لا .. أريد أن أرى (هشام) أولاً"
أعادها مكانها وهو يقول برفقٍ حازم
_"الزيارة ممنوعة تماماً في الوقت الحالي .. أعدكِ .. عندما يسمح الطبيب بزيارته سأخبركِ"
نظرت له بامتنان فأشاح وجهه وقال
_"سأذهب لأطمئن على (راندا)"
تابعته بعينيها وهو يتحرك نحو الباب وخفق قلبها حين توقف فجأة لبرهة والتفت بعدها ينظر لها مطولاً برجاء واضح في عينيه وهمس
_"لا تختفي مجدداً دون أن تخبريني (إيف)"
تعلقت نظراتهما لتهز رأسها بوعد

_"لن أفعل"
نظر لها مرة أخيرة وفتح الباب ليغادر تاركاً إياها تحدق إثره بعينين غامتا بالحزن وزفرت بحرارة وهي تريح ظهرها للخلف وتشرد بأفكارها حول (هشام) .. جزء منها يتمزق موسوساً لها أنّها السبب .. هي من اتصلت به وجعلته يعود متعجلاً من سفره .. هل هي السبب حقاً؟ .. يا إلهي .. لن تسامح نفسها لو أصابه أي مكروه .. فكرة فقده كانت مرعبة .. لقد تعبت من خسارة من تحبهم ولا تريد أن تفقده هو الآخر .. حاولت كثيراً أن تغلق قلبها وألا تتعلق بأحد في حياتها حتى لا تتوجع لفقده لكنّها فشلت ... (هشام) انتزع مكانةً كبيرة في قلبها وها هي انهارت فور تعرضها لاحتمالية فقده .. لا تريد أن تجرب هذا الشعور من جديد .. لقد اكتفت .. رفعت عينيها تنظر لنفسها في المرآة عائدة من ذكرياتها وهمست بمرارة
_"متى سيتوقف صراعكِ مع هذه الحياة يا (سيلين)؟"
ارتفعت دقات هادئة على باب غرفتها وسمعت (بيير) يقول
_"(سيلينا) .. هل انتهيتِ؟ .. يجب أن نغادر خلال دقائق"
اعتدلت تنظر لنفسها بالمرآة مرة أخيرة وردت
_"حسناً (بيير) .. سآتي في الحال"
التقطت نظارتها السوداء وارتدتها وتحركت لتغادر الغرفة ليقابلها وجهه القلق وما أن رآها حتى أسرع يقول
_"هل أنتِ بخير؟"
ابتسمت بخفوت وتحركت معه
_"أنا بخير لا تقلق .. دعنا ننتهي من هذا الأمر بسرعة"
زفر بقوة وهو يهبط معها درجات سلم القصر وقال
_"أعرف أنّكِ لم تريدي الحضور (سيلينا) .. آسف حقاً لكنني لم أستطع فعل شيء .. إنها وصية (كارل)"
ابتسمت بأسى .. حتى بعد موته لا زال يحاول التحكم بها بطريقته .. هل كان يعرف أنّها سترفض السفر من أجله بعد أن تعرف أنّه قد مات فأجبرها بطريقته على الحضور .. لم يكن يمكنها أن ترفض في النهاية .. كانت غارقة طيلة الأسبوع الماضي في حزنها وقلقها الشديد على (هشام) رغم زيارتها له واطمئنانها من الأطباء على وضعه ليأتي اتصال (بيير) ليخبرها أنّ عليها أن تترك كل شيء وتأتي في الحال .. اكتشفت أنّه حاول الاتصال بها أكثر من مرة، لكنّ هاتفها كان بحورة (آدم) الذي حال بين معرفتها باتصالاته حتى اتصلت هي به لتطمئن على الوضع عنده وما فعله بخصوص وصية (كارل) كما طلبت منه ليفاجأها أنّ (كارل) لم يُدفن بعد وأنّه اشترط بوصيته الأخيرة ألا يتم دفنه ولا حتى فتح وصيته القانونية إلا في وجودها هي باعتبارها ابنته بالتبني .. عبثاً حاولت مع (بيير) الذي أوصلها بكبير محاميّ (كارل) والذي أكد على حتمية وجودها .. زفرت بقوة وهي تفكر في (هشام) الذي اضطرت لتركه على أمل عودتها سريعاً خلال يوم أو اثنين بالكثير .. ستنتهي من أمر تلك الوصية المزعجة وتعود له سريعاً .. لم تسافر إلا بعد أن وعدها (عاصي) أن يبلغها بأي تطور يخص حالة (هشام) وقد تحدثت معه قبل ساعة ليخبرها أنّه لا زال على حالته .. لم يفق لكنّه يتحسن والأطباء متفاءلون باستيقاظه في أي وقت .. انتفضت بخفوت على صوت (بيير) يسألها
_"ما أخبار (هشام)؟"
هزت رأسها مجيبة
_"إنه بخير .. يتحسن لكنّه لم يفق بعد"
أمسك كفها وربت عليه بحنان

_"سيكون بخير لا تقلقي"
ابتسمت بامتنان وهي تهز رأسها وواصلت نزولها معه ولم تكد تصل لآخر درجة حتى قابلتهما (لويز) التي كانت تتحدث مع بعض موظفي القصر وتعطيهم الأوامر .. ابتسمت وهي تتأملها بقامتها الرشيقة وشعرها الأسود الذي رفعته أعلى رأسها بكعكة بسيطة .. إنها فتاة رائعة وتجيد عملها بدرجة عالية .. (بيير) لم يشتك لحظة منذ استلمت عملها معه .. تأملتها في فستانها الأسود الأنيق الذي جعلها تبدو أكثر رقة وهشاشة .. التفتت لها (لويز) كأنما شعرت بنظراتها وهمست بشيءٍ أخير لأحد الرجال قبل أن تتحرك نحوهما بخطواتٍ رشيقة ولم تفت (سيلين) نظرة الأسى في عينيها وهي تنظر لكف (بيير) الذي يحتضن كفها والتي اختفت سريعاً وهي تقترب منهما قائلة بهدوء
_"مرحباً بعودتكِ سيدة (سيلينا) .. تقبلي عزائي الحار في السيد (كارل)"


شدت يدها من (بيير) ونزلت الخطوة الأخيرة ومدت لها يدها مصافحة
_"شكراً (لويز) .. يسعدني رؤيتكِ مجدداً بعد كل هذا الوقت"
بادلتها ابتسامتها ببهوت وهي تتجنب النظر لـ(بيير) الذي تركزت نظراته على (سيلين) وقالت دون أن تنظر نحوه

_"كل شيء جاهز سيد (بيير) .. السيارة في انتظاركما بالخارج"
أومأ برأسه وهو يهبط الدرجة الأخيرة ليقف جوار (سيلين) التي تنهدت بقلة حيلة وهي تختلس النظر له وقبل أن تقرر الابتعاد كان قد تناول يدها وقال
_"حسناً .. هيا لنغادر قبل أن نتأخر أكثر"
تحركت مرغمة بعد أن اختلست نظرة نحو (لويز) التي ارتجفت شفتاها واهتزت نظراتها الصلبة لوهلة استعادت بعدها حزمها وهي تتحرك بسرعة تتقدمها للخارج حيث تنتظرهما السيارة التي ستقلهما إلى حيث الجنازة .. فتح (بيير) الباب لتصعد إلى المقعد الخلفي وقبل أن يتحرك ليجلس بجوارها أسرعت تقول برجاء
_"هل يمكن أن تنادي (لويز) لترافقني .. أريد أن أتحدث معها قليلاً"
نظر لها بدهشة لتبتسم قائلة وهي تشير بعينيها للمقعد المجاور للسائق
_"يمكنك أن تجلس بالمقعد الأمامي .. اعذرني (بيير) لكنني في حاجة ماسة لبعض الرفقة الأنثوية في هذه اللحظات العصيبة"
نظر لها بحاجبين معقودين كأنما يحاول اختراق رأسها ليعرف ما تفكر فيه قبل أن يزفر بقوة واعتدل ينظر في الاتجاه الذي ذهبت إليه (لويز) لتستقل سيارتها الصغيرة وهتف يناديها .. التفتت له بدهشة ليقول
_"تعالي لحظة لو سمحتِ"
تحركت نحوه بتساؤل لينظر نحو (سيلين) بحنق وقال
_"(سيلينا) تريدكِ معها"
ارتفع حاجباها في دهشة ونظرت نحو (سيلين) التي أشارت لها لتركب فنظرت نحوه بتوتر، فزفر وهو يبتعد عن الباب لتخطو هي إلى الداخل بعد أن اختلست له نظرة قلقة .. ركبت إلى جوار (سيلين) التي نظرت لها بابتسامة رقيقة زادت توترها وهي تراها تبتسم هكذا لأول مرة في حياتها منذ رأتها واستلمت العمل وكل ما عرفته عنها .. لا تفهم ما يحدث حقاً .. لا تصدق أنّ هذه هي (سيلينا) التي عرفتها قديماً عندما قابلتها لتستلم عملها سكرتيرة لـ(بيير) وغادرت هي بعدها بفترة وجيزة مبتعدة عن المشهد تماماً .. اختلست النظر لـ(بيير) الذي أغلق الباب خلفها بقوة واندفع ليركب في المقعد الأمامي ويأمر السائق بالتحرك .. نظرت لـ(سيلين) بحرج لتبتسم لها الأخيرة مثيرة حيرتها أكثر وهي تقول
_"لقد تغيرتِ كثيراً (لويز) عن المرة الأولى التي تقابلنا فيها"
قالت بحرج وهي تعدل تنورة فستانها بارتباك
_"أرجو أن يكون تغيراً للأفضل"
ضحكت برقة
_"لا تقلقي .. للأفضل طبعاً .. كنت واثقة من الانطباع الأول الذي أخذته عنكِ .. عرفت أن نظرتي بكِ لن تخيب .. كنت أعرف أنكِ ستجيدين الاعتناء بكل شيء في غيابي وقد كنت محقة .. لقد ازددتِ ثقة وتألقاً"
همست بخجل
_"شكراً لكِ سيدتي .. أعتقد أنكِ تبالغين .. أنا فقط أقوم بواجبي"
ابتسمت لها برقة وربتت على كفها وقالت وهي تختلس النظر لـ(بيير) الجالس بوجه متجهم في الأمام
_"تعرفين أنني لا أبالغ أبداً .. حتى الأعمى سيرى هذا بالتأكيد"
ابتسمت بأسى وهي تشيح بعينيها تنظر للخارج .. الأعمىَ سيرى؟! .. لكنّ الشخص المعني بالأمر لا يرى وهو مع هذا ليس أعمى أبداً .. لم يلاحظ أبداً .. منذ أتت لتعمل معه بعد أن اختارتها (سيلين) في مقابلة العمل قبل سنوات وهو لم يلاحظها أبداً .. كيف سيفعل وهو واقعٌ في حب امرأة مميزة .. عادت تنظر لـ(سيلين) بحزن خفي .. قلبه كان معها هي وحتى اللحظة .. هو لا يفكر ولا يرى امرأةً سواها وهي أيقنت من هذا وبات حقيقةً واقعة حتى هي لن تستطيع تغييرها .. لقد حاولت جاهدة اخفاء هذا الحب بعد أن فشلت في مقاومته .. شردت وهي تنظر نحوه .. لقد أفسدت الأمر في النهاية بعد كل هذا الوقت .. لقد عرف بالتأكيد بمشاعرها بعد كل ما فعلته لتظهر أمامه بمظهر السكرتيرة العملية .. أفسدت كل شيء عندما لم تحتمل عودته قبل أيام بوجه متغير حزين .. بدا محبطاً وعرفت أنّ حزنه لا علاقة له بموت (كارل) وعرفت السبب الوحيد الذي جعله في هذه الحال .. كانت (سيلينا) .. فقد تكرر الأمر قبل سنوات عندما عرف بحبها لرجلٍ آخر سافرت في النهاية لتكون معه .. خفق قلبها بقوة وهي تفكر في عدد المرات التي تألم فيها بسبب حبه لـ(سيلينا) وتألمت معه بالمقابل .. اسندت ظهرها للخلف وأغمضت عينيها .. بات الوضع متوتراً بيهما بعد أن فضحت نفسها أمامه قبل أيام وسمحت لمشاعرها أن تغلبها عندما حاولت مواساته بعد رؤيتها له في تلك الحالة المذرية .. ارتجفت يداها وهي تسمع (سيلين) تقول كأنما تقرأ أفكارها
_"أنا أعتمد عليكِ فعلاً (لويز) وأعرف أنكِ ستهتمين بكل شيء و .. كل شخص عندما أرحل من هنا للأبد"
التفتت لها بدهشة لتقابلها ابتسامتها وهي تنظر لها نظرة ذات مغزى بينما ضغطت مؤكدة على كلماتها الأخيرة وهمست بخفوت
_"ماذا تقصدين بهذا سيدة (سيلينا)؟"
مدت يدها تقبض على كفها ولمع الرجاء في عينيها وهي تهمس بصوتٍ لم يصل (بيير) الذي كان مشغولاً لحظتها بالحديث على الهاتف
_"تعرفين جيداً ما أقصده (لويز) .. كما أخبرتكِ .. أنا سأسافر من جديد ولن أعود إلى هنا مجدداً بعد أن أنهي كل ما يربطني هنا .. أعرف أنكِ ستعرفين وقتها ما يجب عليكِ فعله"
نظرت لها بحزن للحظات قبل أن تهمس بمرارة
_"هل تطلبين مني أن أكون بديلاً عنكِ سيدة (سيلينا)؟"
تأملتها برفق ورفعت يدها تربت على كفها وهي تهز رأسها نفياً
_"لا أريدكِ بديلاً عني (لويز) .. أنت أفضل من أن تكوني مجرد بديل .. أنتِ ستكونين نفسكِ فقط وبالوقت المناسب ستعرفين القرار الصحيح الذي سيتحتم عليكِ اتخاذه .. أنا أثق بكِ"
قالتها وربتّت على كفها مرة أخيرة وهي تبتسم قبل أن تترك كفها وتسترخي في مقعدها وتتطلع للخارج بشرود غافلة عن نظرات (بيير) لها عبر المرآة وقد قطب حاجبيه يفكر في قلق وهو ينقل بصره بينها وبين (لويز) التي كانت تنظر هي الأخرى عبر النافذة وتساءل داخله بقلق

"ما الذي تفكرين فيه بالضبط (سيلينا)؟ .. لا أشعر بالراحة أبداً"
نظر لها بمرارة .. يبدو أنّها قد اتخذت قرارها بالفعل وعليه أن يستعد قريباً لصدمة جديدة مؤلمة من ناحيتها .. عاد ينظر للطريق ليسيطر الصمت على ثلاثتهم وكلٌ منهما غارق بأفكاره الخاصة حتى توقفت السيارة وقال السائق باحترام
_"لقد وصلنا سيد (بيير)"
التفت لهما قائلاً بهدوء
_"هيا .... لقد وصلنا"
غادروا السيارة ولم تنتظر (لويز) وقد عرفت ما سيفعله ولم يخب ظنها فلم تكد تتقدمهما حتى اقترب هو ليلتقط كف (سيلينا) التي ارتجفت وقلبها ينبض بسرعة وقد عاودها التوتر وتخبط مشاعرها ليقول وهو يقودها إلى حيث المقابر التي سيدفن (كارل) في أحدها
_"أنتِ بخير حبيبتي؟"
أومأت برأسها بتوتر فهمس

_"ألا زلتِ مصرة على ألا تلقي عليه النظرة الأخيرة؟"
تنفست بقوة وقالت
_"لا داعي لهذا .. أريد أن أنتهي من هذا الأمر بأسرع وقت"
ابتسم بارتجاف وهو يضغط على كفها بدعم بينما يفكر في أسى وقلبه يرتجف اشفاقاً عليها مما عرفه وما ستواجهه هي بعد قليل ... تريد أن ينتهي الأمر بسرعة ولا تدري أن وجعاً جديداً سيبدأ عن قريب .. يخشى من رد فعلها عندما تعرف ما تركه لها (كارل) .. هل ستحتمل الأمر يا تُرى؟ .. تحرك معها نحو المقبرة حيث اجتمع معارف (كارل) ومن أتى لتوديعه ورفعت عينيها ليقابلها الجمع بملابسهم السوداء وانقبض قلبها وعيناها تتنقلان بينهم حتى وقعتا على التابوت الذي يرقد فيه (كارل) فتوقفت مكانها تتنفس بصعوبة ليحيط (بيير) كتفيها بذارعه وهو يهمس

_"تماسكي (سيلينا) .. لا تنهاري أمامهم .. هؤلاء ليسوا هنا ليقوموا بمواساتكِ .. أكثرهم كان على عداء مع (كارل) .. هم ينتظرون ظهور ابنته بالتبني .. لا تمنحيهم الفرصة للشماتة بكِ واستضعافكِ"

كلماته أعادت لها تماسكها سريعاً وأيقظت روحها الثلجية فتحركت وهي تنقل بصرها بين الجمع الكبير الذي انتبه أفراده لاقترابهما فشدت جسدها بحزم وقست نظراتها وسمحت للجليد أن يغزو قلبها من جديد .. كانت في حاجة ماسة إليه لتواجه تلك الذئاب التي كانت تتربص بـ(كارل) لسنوات وبها أيضاً باعتبارها ابنته بالتبني ووريثته الوحيدة .. سيكونون واهمين لو ظنوها فريسة سهلة .. هي لا تنوي من الأساس إكمال الطريق الذي تركه خلفه .. ستنهي كل هذا وتعود إلى حيث عائلتها الحقيقية .. هذا العالم لم يعد عالمها .. تقدمت منهم لتلمح الدهشة بأعينهم وتهامسهم فيما بينهم، فكادت تبتسم وهي تفكر بمرارة .. بالتأكيد أصابتهم الصدمة فلا أحد منهم قد رآها بشكلها الحقيقي من قبل .. كانت المرة الأولى التي تخلع فيها أقنعتها التي أجبرها عليها (كارل) .. الآن هي حرة من أوامره ومن قيوده للأبد .. لقد أجبرها هذه المرة على الحضور لتوديعه لكنّها آخر مرة وستتحرر للأبد من شبحه .. ابتعدت عن دعم (بيير) واقتربت بخطواتٍ حازمة ورأس مرفوعة إلى حيث وقفوا وهزت رأسها بتحية صامتة لتقف بعدها في صمت لا تنظر إليهم ولا حتى إلى التابوت واستمعت بشرود لكلمات رجل الدين وعقلها يسافر بعيداً إلى أول مرة قابلت فيها (كارل) حين أتى ليتبناها ليتتابع شريط مشاهد عمرها معه حتى أفاقت منه على صوت الجمع يرددون "آمين" لتنتبه للقطتها الأخيرة في الشريط .. هنا تصل للنهاية أخيراً وتتحرر منه .. هنا تودع ذلك الرجل بكل تعقيدات مشاعرها نحوه ومرارة ذكرياتها وماضيها معه .. تنهدت وهي ترفع رأسها لتمررها بشرود وسط ضيوف المعزين من حولها لتتوقف عيناها لحظة عند رجل وامرأة وقفا وسط البقية لكن أعينهما كانت مركزة عليها .. قطبت وهي تنظر لهما بحيرة وخفق قلبها بقوة وبشعور مبهم وهي ترى كيف ينظران إليها .. كانا عجوزين خمنت أنّ الرجل يقترب من الثمانين والمرأة تقريباً تصغره ببضع سنوات .. كانت المرأة تنظر نحوها بعينين دامعتين وهي تستند لزوجها تنظر له كل برهة بشيءٍ من الرجاء بينما هو يسندها بدعم ويربت على كتفيها وهو ينظر نحوها هو الآخر ويهمس بشيءٍ ما في أذني زوجته التي بدأت في البكاء وهي تواصل نظراتها نحوها وأسندت رأسها لصدر زوجها .. أشاحت بعينيها عنهما وقلبها منقبض بشعور مبهم مخيف والمرأة بالذات كانت تشعر أنّها مألوفة لها بشدة رغم تأكدها أنّها لم ترها من قبل .. التفتت نحو (بيير) لتبحث عن بعض الدعم بعد أن شعرت بدوار غريب يكتنفها .. كانت عيناه في تلك اللحظة معلقتين بنفس الاتجاه ينظر إلى الرجل والمرأة بقلق قبل أن يبعد نظره عنهما ويلتفت لها وقبل أن يمحو نظرة الألم الشديد والشفقة من عينيه كانت هي قد التقطتها ليتأكد قلبها من شعوره .. (بيير) يعرف شيئاً .. إنّه يخفي عنها شيئاً يعرف أنّه لن يسرها أبداً .. منعت نفسها من الالتفات نحو الزوجين الغامضين وهمست بخفوت وهي تقترب من (بيير)
_"أنا أشعر بالتعب .. أريد أن أعود للبيت .. تولى أنت باقي أمور العزاء"

لم تنتظر لتتقبل العزاء وأسرعت تغادر المقبرة نحو السيارة تريد الهرب بأقصى سرعة من المكان ومن ذلك الشعور المخيف بأن شيئاً مؤلماً في انتظارها .. شيئاً ربما لن تستطيع احتماله أبداً هذه المرة.
*********************
انتهى الفصل الحادي والعشرون
إن شاء الله ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:45 PM   #458

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون


استرخت (ليلى) في مقعدها الوثير في شرفة بيتها ووضعت ساقاً فوق أخرى وهي ترفع فنجاناً من الشاي إلى شفتيها ترتشفه على مهل بينما تتطلع إلى الأفق الممتد أمام عينيها دون أن ترى من معالمه شيئاً في الواقع وعقلها شاردٌ بعيداً في ذكرياتها الطويلة .. تنهدت وهي تضع الفنجان وأغمضت عينيها تتذكر رحلتها إلى إيطاليا وحديثها الأخير مع (منذر) ... ذلك الفتى صار مزعجاً ومخيفاً أكثر من قبل .. كانت تعرف أنّه ليس كوالده تماماً، لكنّها باتت تشعر مؤخراً أنّه ولو كان في الظاهر يرضخ لكلمة والده فهو في الحقيقة ليس كذلك أبداً .. ما الذي يفكر فيه يا تُرى؟ .. زفرت بحنق وهي تتذكر تهديده الأخير لها عندما أبلغها هي و(توفيق) بمحاولة (سامر) قتل (هشام رضوان) .. انقبضت يدها بغضب وكلماته تتردد في أذنيها من جديد
_"لقد حذرتكِ سيدة (ليلى) .. هذه آخر مرة .. أقسم لو ارتكب ابنكِ الأحمق ذاك خطأً آخراً فيسكون موته على يدي"
همست من بين أسنانها
_"ذلك الوغد الملعون"
كيف يجرؤ على تهديدها بهذه الطريقة؟ .. و(توفيق) لم يقل أو يفعل شيئاً ليوقفه عند حده .. بدا راضياً بتصرفه بل أكد عليها أنّه لن يتهاون مع (سامر) لمجرد أنّه ابنها .. وذلك الأحمق لا يرد على مكالماتها .. ما الذي يفعله بالضبط؟ .. هي تعرف (توفيق) جيداً .. هو لا يلقي بتهديداته جزافاً .. هو لا يرحم ويمكنه أن يؤذي ابنها دون أن يطرف له جفن .. (توفيق الأغا) ليس له عزيز .. حتى ولديه نفسيهما يمكنه أن يضحي بهما لو لزم الأمر .. ابتسمت بسخرية وهي تتذكر ما فعله بالمرأة الوحيدة التي عشقها .. حتى هي لم يرحمها ... صوت خطوات تسلل إلى أذنيها لتنتبه من أفكارها وأتاها صوت (فهد) قائلاً وهو يقترب منها
_"آه .. هذه أنتِ عمتي .. حمداً لله على سلامتكِ"
رفعت عينيها إليه عندما اقترب ليواجهها وتابع وهو يجلس على الكرسي المقابل لها
_"متى عدتِ من السفر؟"
نظرت له للحظات بتفكير قبل أن تبتسم دون روح وتقول بلهجة ذات مغزى

_"عدت صباح أمس لكنك كنت غائباً عن المنزل وكما أرى عدت لتوك .. سمعت أنك مشغولٌ كثيراً هذه الأيام"
نظر لها بهدوء وهو يفكر .. (عماد) كان محقاً .. عمته كانت تراقب تحركاته حتى وهي في الخارج .. قال وهو يتراجع في مقعده
_"هناك الكثير من الأمور عليّ فعلها قبل أن أسافر من جديد"
رفعت أحد حاجبيها وهي تقول
_"ممم .. لم أتوقع عودتك إلى هنا وبقاءك كل هذه الأيام في هذا التوقيت .. اعتقدت أن (عماد) يحتاجك هناك أكثر"
ابتسم باتساع وهو يقول وعيناه ترقبان رد فعلها على ما سيقول
_"سيكون عليكِ تحمل وجودي قليلاً عمتي"
استمعت له بلا مبالة وهي تمد يدها لتلتقط الفنجان بينما يكمل
_"كما تعرفين تصفية الأعمال هنا سيتطلب بعض الوقت"
تجمدت يدها قبل أن يصل الفنجان لشفتيها ورفعت عينيها تنظر له بصدمة وهمست بعد برهة
_"تصفية الأعمال؟"
ابتسم بساطة وقال وكأنما لم يلحظ صدمتها
_"أجل .. ألم يخبركِ (عماد) بالأمر؟ ... لقد كلفني ببدء تصفية كل أعماله هنا وهو تولى أمر الشركة هناك ريثما أعود لأساعده .. لقد تمكننا في العامين الماضيين من تثبيت أقدامنا في السوق كما تعلمين و(عماد) يرى أنّه حان الوقت لنستقر هناك .. لذا يرى من الأفضل أن يقوم بتصفية عمله هنا"
حدقت فيه بصدمة قبل أن تهتف
_"كيف؟ .. كيف اتخذ قراراً كهذا دون أن يرجع إليّ؟"
قال وهو يمط شفتيه بأسف مصطنع
_"ظننت أنّ هذه كانت رغبتكِ أيضاً عمتي .. ألم تكوني ترغبين في العودة لهناك بعد أن يتحقق انتقامكِ من أعدائكِ؟"
قطبت حاجبيها وهي تنظر له بشك من مغزى كلماته بينما يكمل
_"الأمر فقط أنكِ كنتِ تبدين مشغولة في الفترة الأخيرة بأمور أهم فلم أجد الوقت لأراكِ وأخبركِ"
وضعت الفنجان بحركة عنيفة وهتفت
_"من قال لـ(عماد) أن يقرر شيئاً كهذا؟ .. من قال أنني أريد تصفية الأعمال هنا؟ .. كيف .."
قاطعها بهدوء
_"لا تنسي يا عمتي أنّ الشركة في الأساس لـ(عماد) وهو صاحب القرار فيما يخصها وهو رأى أن ينهي كل شيء ما دام قرر الاستقرار هناك"
تسارعت أنفاسها وكزت على أسنانها بقوة
_"من الواضح أنّ أموراً كثيرة تجري من خلف ظهري مؤخراً"
ارتفع ركن شفتيه بابتسامة ساخرة وقال
_"(عماد) أخبرني بنفس الشيء عمتي ... هناك الكثير يجري من خلف ظهره ويفسد ما يفعله"
قطبت حاجبيها وهي تقول

_"ماذا تقصد؟"
_"أنتِ تعرفين ما أقصد عمتي .. من الواضح أنّ لكِ خططاً جانبية أنتِ و(سامر)"
زمت شفيتها وهو يتابع

_"ما السبب يا تُرى؟ .. ألا تثقين فيّ أنا و(عماد)؟ .. إنّه غاضبٌ جداً عمتي .. بالتأكيد أخبركِ (سامر) بما فعله قبل أيام"
رمقته بقسوة وهو يواصل
_"محاولته قتل (هشام رضوان) .. بالتأكيد أخبركِ"
ضغطت على فكها وقالت ببرود
_"لم أعرف بهذا .. أنا لست على اتصال بـ(سامر) منذ حادثته"
تمتم بسخرية

_"حقاً عمتي؟ .. لم تتحدثي معه مطلقاً؟ .. منذ عرفتِ أنّه على قيد الحياة؟ .. عمتي .. أنا وأنتِ نعرف جيداً أنّ (سامر) لا يفعل أي شيء دون الرجوع لكِ"
هتفت بغضب
_"(فهد سليمان) .. كيف تتحدث معي بهذه الطريقة؟"
اختفى مرحه الزائف وظهر الغضب واضحاً في ملامحه وصوته وهو يقول
_"ماذا عمتي؟ .. هل أخطأت؟ .. لقد أخبركِ (عماد) مراراً أن تهور (سامر) سيفسد كل شيء .. ما دام (عماد) ينفذ ما تريدين، ما الداعي لتصرفات (سامر) الحمقاء؟ .. بحق الله لقد كاد يقود نفسه للهلاك ونجا بمعجزة .. هل تنتظرين موته هذه المرة بحق؟"
شحب وجهها غضباً منه وخوفاً من تفكيرها بالأمر ورددت بتشنج
_"(فهد) ... اذهب من أمامي الآن .. لا أريد التحدث معك في أي شيء و(عماد) سيكون لي شأنٌ آخر معه"
زفر بقوة وهو ينظر لها قبل أن ينهض وهو يقول
_"حسناً سأذهب .. لكن تذكري شيئاً واحداً عمتي .. خططكِ الجانبية هذه لا تعني سوى أنكِ تخفين عنا شيئاً لا تحبين أن نعرفه ولو تأكد لـ(عماد) هذا فستخسرين سلاحكِ الأساسي ضد أعدائكِ"
لمح ارتجافة صغيرة في شفتيها وضاقت عيناه وهو يميل مستنداً للمائدة بكفيه متابعاً بصرامة
_"وشيءٌ أخير .. أخبري (سامر) أن يبتعد تماماً عن طريق (همسة) وأن يخرجها من حساباته المجنونة ... المرة السابقة تركته يذهب لكن لو حاول مجدداً سأقتله بيدي"
اتسعت عيناها بذهول وغضب وهمست بارتجاف
_"كيف؟ .. كيف تجرؤ على .."
قاطعها ببرود
_"لقد أخبرتكِ ما عندي عمتي .. أنا لم يعد يعنيني ما تخططين له .. أنا لم أتأذى بسبب هؤلاء الأشخاص ولا ثأر خاص بيني وبينهم .. أنا فقط كنت أساعد (عماد) .. لكن إن تسبب ثأركِ وتصرفات ابنكِ الجنونية في إيذاء من اهتم لأمرهم فلن أقف ساكناً .. (همسة) خطٌ أحمر عمتي، هل سمعتِ؟"
ازدادت رجفة غضبها وهتفت
_"هل تجرؤ على ذكر تلك اللعينة أمامي و.."

هتف مقاطعاً
_"لا تذكريها بالسوء أبداً عمتي .. أنا لا أسمح"
_"أنا ... أنا لا أصدق حقاً .. لابد أنك فقدت عقلك .. كيف تتحدث معي هكذا؟ .. ثم ما هذا الهراء الذي تقوله؟ .. لا ثأر لك معهم؟ .. ماذا عن أبيك أيها العاق؟"
رفع حاجباً متهكماً ومال نحوها مجيباً
_"أبي؟! ... أنتِ أكثر من يعرف طبيعة علاقتي بأبي .. هو لم يعتبرني ابنه يوماً وأنا لم أشعر بأبوته لحظة .. هل تظنينني أسعى للثأر من أجل شخصٍ لم يأبه لوجودي في الدنيا يوماً"
هزت رأسها هاتفة
_"أنا لا أصدق .. لقد فقدت عقلك"
غزا البرود عينيه وهو يقول بلهجة اكتست بالجليد
_"لكن حقاً عمتي .. أحياناً أتساءل .. عن السبب الحقيقي لوجود أبي في هذه الحالة .. أنا لم أكن حاضراً وقتها لأعرف حقيقة ما حدث فكيف تريدينني أن أنتقم لمجرد اتهامكِ لشخصٍ بعينه .. كما أخبرتكِ أنا لا أفعل هذا من أجله ولا من أجلكِ .. أنا فقط في صف (عماد) ولو شعرت يوماً أن هناك خطأ ما يحدث فلن أستمر في هذه اللعبة طويلاً"
بادلها النظرات للحظة قبل أن يبتسم ببرود وقال
_"اعذريني عمتي .. عليّ الذهاب"
قالها وتحرك مغادراً تتبعه عيناها المتسعتان بغضب وتنفست بقوة وهي تهمس
_"لقد فقد عقله .. ذلك الأحمق فقد عقله تماماً .. كنت أعلم أنّه لا يجب أن أثق به هو و(عماد) .. عاطفتهما هي من تحركهما"
قبضت على كفها وهي تتذكر الطريقة التي تحدث بها عن (همسة) .. كانت تعلم أنّ اهتمامه بتلك اللعينة أكبر مما يبدو .. إنّه يحبها .. ماذا يعتقد؟ .. أنّها ستسمح له بقضاء باقي حياته مع تلك اللقيطة؟ .. على جثتها لو سمحت له بجعلها جزءاً من عائلتها .. التقطت هاتفها تتصل بـ(عماد) واستمعت لرنين الهاتف دون رد لتلقيه بحنق بعد أكثر من محاولة .. كانت محقة عندما فكرت أنّهما قد يخذلانها في منتصف الطريق .. (عماد) .. لا يمكن أن يكون قد تخلى عن انتقامها .. لا يمكن أن يكون لا زال متعلقاً بتلك الحمقاء ابنة عمه .. هل وجوده هناك كل هذه الفترة بسببها؟ .. (سامر) لا يعرف شيئاً عن تحركاته ولا (فهد) سيخبرها ... إنّه يتصرف بحذر تام .. ما الذي يفعله بالضبط؟ .. لا يمكنها أن تصدق أنّه منشغلٌ بأمر الشركة كما أخبرها (فهد) .. هناك شيء آخر .. هل .. هل بدأ يشك فيما يفعله؟ .. هل ربما بدأ يتعاطف معهم؟ .. لا .. هو لن ينسى انتقامها أبداً .. أغمضت عينيها مفكرة بضيق .. (عماد) كان منذ صغره متعلقاً بعمه وأسرته .. كان منبهراً به لأقصى درجة واتخذه مثلاً أعلى .. ماذا لو خانته مشاعره وبدأ يتعاطف مع أعدائها؟ .. ستكون خسرت سلاحها الأساسي كما قال (فهد) .. لا .. لن يحدث هذا .. هي لم تنتظر كل هذه السنوات لتخسر في النهاية .. ألقت بظهرها للخلف وتطلعت بعينين سكنهما الظلام للأفق تستعيد ذكريات ماضيها .. حين كانت شابة صغيرة ساذجة .. لقد وقعت في الحب بحماقة وظنت أنّ الدنيا قد ابتسمت لها وفتحت لها ذراعيها .. (أمجد) جعلها تشعر أنّها امرأة مميزة وكانت تثق أنّها ستكون سعيدة معه لكن .. انقبضت يدها بكراهية .. (رفعت هاشمي) .. ذلك العجوز البغيض .. لقد أفسد كل شيء .. لقد رفضها وجعل (أمجد) يتركها وهو لم يتردد وتخلى عنها نزولاً عند أمر أبيه .. لقد حطم قلبها .. لقد حاول أن يُجمِل جريمته ويخبرها أنّ ما يقف بينهما كان شقيقها وأعماله .. أنّها ليست سيئة أبداً وأنّه أحبها بالفعل .. لقد جعلها لفترة تكره شقيقها الوحيد وتلومه على خسارتها حتى صدَمَتها معرفتها بعلاقته بامرأة أخرى .. هكذا كان الأمر إذن .. لقد كانت تسلية وقتية في حياته كما قال (شوكت) .. هو لم يحبها ولم يكن ينوي الزواج منها .. رفعت كفها إلى عينيها وتأملت رسغها حيث أثر محاولتها الانتحار ليلة زفافه .. كانت حمقاء .. لم تحتمل خبر زواجه ونسيت كل شيء سوى أنّ حبيبها خانها ويتزوج الآن من امرأة أخرى .. شقيقها أنقذها قبل فوات الأوان ورغم هذا لم تتوقف عن محاولات انتحارها، حتى في تلك المصحة اللعينة التي أرسلها إليها شقيقها لتقضي فيها علاجها .. لأكثر من عامين نقمت فيهما على الحياة والحب ولم تتوقف عن لعنها لـ(أمجد) وعائلته وكل يوم تتخيل عودتها لتذيقه أضعاف ما أذاقها من العذاب .. تنهدت بحرارة .. لقد عادت من الخارج بعد ثلاث سنوات كالجحيم .. ادعت أنّها تجاوزت كل شيء وتحسنت لتتمكن من الخروج من هناك وعادت لتبدأ انتقامها الذي ازدادت جمرته عندما عادت لتجده قد أنجب طفلاً من تلك الأخرى .. انغرست أظافرها في راحتيّ كفيها حتى كادت تدميهما بينما تتذكر النار التي أحرقت قلبها لدى رؤيتها له مع زوجته وطفله .. تلك الابتسامة السعيدة التي لم تر مثلها يوماً على وجهه عندما كان معها .. أقسمت لحظتها على ألا يهدأ لها بال حتى تجعله يخسر هذه السعادة .. ستؤذيه في كل من يحبهم وستجعله يتألم أضعاف ألمها ويتوجع عليهم حتى يصبح قلبه محطماً كقلبها .. زواجها الذي أجبرها عليه شقيقها جعلها تؤجل خطتها لبعض الوقت .. (عزت) كان صديق شقيقها وشريكه في أعماله وكان زواجها منه ضرورياً لمصلحة (شوكت) الذي لم يهتم لرفضها وواصل إقناعها بطريقته حتى رضخت له كما اعتادت أن تفعل منذ صغرها .. شقيقها لم يعرف أنّه وقتها كان يضيف جرحاً جديداً لقلبها الذي لم يعد يحوي مكاناً لمزيد من الطعنات .. أو أنّه كان يعرف ولم يهتم .. كان يعرف أنّ (عزت) مجنونٌ بحب امرأة أخرى .. زوجة رجل آخر .. ومع هذا لم يهتم وأخبرها أن تنتزع تلك الشكوك الحمقاء من عقلها وتركز في زواجها وأنّها يمكنها أن تجعل زوجها لا يفكر في امرأة غيرها .. حاولت .. لبعض الوقت حاولت بأقصى ما تستطيع لكنّ (عزت) لم يرها ولم ينظر لها سوى كزوجة أخذها بعقد مصلحة مع شقيقها ... لقد نقمت عليه وكرهته بكل كيانها وكرهت معه تلك المرأة التي يعشقها وراودتها آلاف الأفكار والشكوك المجنونة بشأنهما حتى رأتها ذات مرة .. كانت أقل جمالاً منها .. لم تر ما يميزها ليجعله يهيم بها بذلك الجنون .. (همسة العاصي) .. تلك الطبيبة الصغيرة زوجة الضابط الذي كرهه (عزت) بنفس الجنون الذي عشق به امرأته .. انقبض قلبها وهي تتذكرها .. لو كانت كراهيتها لها قبل أن تراها قيراطاً فقد ازدادت أضعافاً بعد أن رأتها .. تلك المرأة كانت كابوساً جديداً يُضاف لحياتها .. زوجها كان يهذي باسمها أثناء نومه ... حتى ابنته اللعينة تلك أطلق عليها اسمها ليناديها دائماً ولتظل من بعده شوكة لعينة مغروسة في عينيها بعد أن وقف (عماد) في وجه محاولات تخلصها منها .. أطلقت آهة محملة بكل نيران الكراهية والمرارة داخلها .. (عزت اليزيدي) .. لم تسامحه ولن تفعل أبداً .. لقد طعن أنوثتها وقلبها هو الآخر وخانها .. تتمنى أن يحترق في الجحيم حيث ينتمي .. (عماد) يظنها تسعى لانتقامها لأجل والده ولا يعلم أي حملٍ ثقيل انزاح عن روحها بموته .. لو كانت هناك ليلتها لكانت هي من قتلته بيديها .. شقيقها هو من كادت تخسره وهو من تفعل لأجله ولأجلها كل هذا والآن يأتي ابنه الأحمق ليخبرها أنّه لا يهتم لثأر والده .. انتقلت أفكارها من جديد نحو (أحمد اليزيدي) .. سيغادر سجنه عن قريب لكنّها لن تمنحه الفرصة ليسعد بحريته .. لقد أقنعت (توفيق) أخيراً بخصوصه ... الأحمق كان ينوي تركه وشأنه مدعياً أنّ ما ذاقه قبل سنوات سيجعله يفكر ألف مرة قبل أن يجرؤ على الاقتراب منه لكنّها أخبرته ألا يلقي بحذره جانباً وأنّ (أحمد) سيغادر سجنه كليثٍ جريح قد يفعل أي شيء لينتقم .. يجب عليه أن يستعد جيداً .. وهي .. هذه المرة لن تكتفي بسجنه مجدداً .. هذه المرة لن يرضيها سوى موته .. لا تستطيع أن تنسى كم مرة وقف في وجهها .. منذ المرة الأولى التي أنقذ فيها (صفية هاشمي) وأفسد خطة انتقامها من (أمجد) في شقيقته وهي لم تسامحه وتمادى في أفعاله في حمايتها طيلة الوقت ليتزوجها في النهاية ويدخلها عائلته لتصبح أمام عينيه ظناً منه أنّها لن تجرؤ على أذيتها ما دامت في حمايته وتحمل اسم عائلته .. (أحمد اليزيدي) آذاها هي وشقيقها وهو السبب فيما وصل إليه (شوكت) في النهاية وهي ستأخذ بثأره منه ولو كان آخر شيء ستفعله في حياتها ومهما كان الثمن .. همست من بين أسنانها بكراهية وصورته ترتسم أمامها في الأفق
_"أنا انتظرك يا (أحمد) وصدقني .. ستتمنى لو أنك بقيت كالجزذ خلف جدران ذلك السجن"
هي ستفعل أي شيء لتنتقم من كل من آذاها حتى لو تخلى عنها (عماد) و(فهد) .. لن تترك حربها وانتقامها أبداً.
***********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:47 PM   #459

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ألقى (منذر) بنفسه فوق فراشه بقوة واستلقى فيه بإرهاق دون أن يبدل ثيابه .. يكاد يفقد وعيه من شدة التعب .. لم يكد يصل من سفره حتى عرج على (سامر) .. كان عليه أن يراه فور وصوله .. ذلك الغضب الذي تملكه فور معرفته بالحماقة التي ارتكبها كان يجب عليه أن يصبه عليه صباً .. حتى متى سيكون عليه احتمال ما يحدث؟ .. لقد حذره أكثر من مرة من حساسية الوضع وأخبره ألا يتصرف بتهور لكنّه كعادته لم يهتم لأي تحذير .. أغمض عينيه ورفع ذراعه يضعها فوق عينيه وهو يتذكر حالة الغضب الجنوني التي كانت تتملك (سامر) عندما وصل إليه .. كان غاضباً لمعرفته بنجاة (هشام) رغم كونه لا زال بغيبوبة .. كان ينتظر خبر وفاته في كل لحظة بترقب وما عرفه أنّه أرسل من يحاول قتله بالمشفى لكن يبدو أنّ (عاصي) قد استعد جيداً لهذا الأمر وعرف أنّ (سامر) سيحاول فعل أي شيء من هذا القبيل فوضع حراسة مشددة على غرفة (هشام) ومنع أي شخص سوى فريقه الطبي من الدخول إليه .. عادت لعقله صورته وهو يمسك بياقته ويشده إليه يهزه بغضب وهو يهتف
_"ماذا أخبرتك قبل سفري يا (سامر)؟ .. اللعنة .. كيف تفعل هذا؟ .. هل تعرف نتيجة حماقتك؟"
نظر له ببرود بعينه السليمة وهو يقول
_"أنا لا أتلقى الأوامر منك (منذر صفوان) .. أنا لا أتدخل في عملك لذا لا تتدخل في عملي"
هتف وهو يدفعه للخلف بقوة
_"اللعنة عليك (سامر) .. أنت بما تفعله تفسد عملي أنا .. أنت تلفت إلينا الأنظار .. اللعنة عليك الآن سيتهمونني أنا بمحاولة قتله بسبب منافسة عمل لعينة"
استمر في نظراته الباردة ليرفع إصبعاً مهدداً في وجهه ويهتف
_"اسمعني .. هذا آخر تحذير .. أنت ستغادر هذا المكان وتبتعد عني وعن رجالي تماماً وأي محاولة أخرى منك ستفسد عملي أنا لن أرحمك، هل تسمع؟ .. حتى علاقة أبي الجيدة بوالدتك لن تشفع لك عندي، فهمت؟"
ضرب (منذر) الفراش بقبضته بغضب .. ما كان عليه أن يستمع لـ(توفيق) من البداية ويساعد (ليلى) وابنها .. هو نفسه كاد يفسد الأمر عندما اختطف رجاله (وتين) من أجلها وكاد الأمر ينتهي بسبب رجله المجنون الذي حاول قتلها انتقاماً ولولا تدخله بالوقت المناسب لوصل إليه ذلك الضابط الذي يبحث خلفه بكل قوته ولترك له خيطاً يقوده إليه ... هو لن يخاطر مجدداً .. لن يخاطر بأي فعل أحمق يهدد خطته الرئيسية .. هو لم يكن ينوي من الأساس إيذاء (وتين هاشمي) ولم يوافق (ليلى) على ما تريد إلا عندما عرف أنّها تحتاج إلى إخفائها فقط لبعض الوقت .. انقبض قلبه وهو يتذكرها .. رؤيته لها مباشرةً جعلته يتأكد أنّه لم يكن ليؤذيها أبداً حتى لو أرادت (ليلى) ذلك .. ابتسم بأسى .. صحيح أنّه حاول إرعابها ذلك اليوم لكنّه لم يكن ليؤذيها بالطريقة التي تخيلتها .. رؤيتها أعادت له كثير من الذكريات الحلوة والمريرة في آنٍ واحد .. بطريقة ما ذكرته بشبح أمه الراحلة رغم أنّه لم يدرك هذا وقتها .. الآن عندما يفكر بهدوء ويسترجع الأمر .. يعترف أنّه رأى فيها شيئاً من روح أمه .. ليست شقرة شعرها فقط .. روحها كانت تشبه روح أمه الطيبة .. لولا هروبها لكان جعلها ملكه بأي وسيلة ولكان ضغط على عائلتها ليجعلها له .. هز رأسه وهو يتذكر رؤيتها ليلة زفافها .. ما كان شيءٌ ليجعلها تمنحه قلبها ولو بالإرغام .. قلبها كان ملكاً لآخر .. لا .. هو لم يحبها بالتأكيد .. هو أراد ذلك الشيء الذي يشعر بالجوع الشديد نحوه .. تلك الروح التي يشعر أنّ فيها خلاصه .. تأوه بقوة .. تباً .. لقد بدأ يفقد عقله حقاً .. لماذا يفكر بهذه الطريقة ومنذ متى يعترف لنفسه بما يشعره بهذا الصدق؟ .. لا .. لقد فات وقت البحث عن خلاص .. هو لا يريد شيئاً كهذا .. هز رأسه يبعد صورتها عن رأسه وشعوره الذي أثار انقباضاً بغيضاً بقلبه وهو يتذكر نظراتها نحو (زياد) وصوتٌ أحمق يتردد بأعماقه يخبره أنّه مفلس ووحيد .. عادت كلمات (لانا) تتردد بعقله وهي تغادر حياته للأبد
_"يوماً ما ستنظر خلفك (منذر) فترى أنك وحيد .. ولن تجد رفيقاً سوى خطاياك .. أتمنى ألا تندم وقتها"
ضرب على قلبه بكل قوته يمنع نفسه الغرق مع ذلك الشعور الخانق الذي بات يطارده كثيراً هذه الأيام .. لا يجب أن يستسلم لهذا الإحساس الأحمق .. لا وقت لهذا ... يجب أن يركز فيما يفعله .. لا زال في انتظاره أيام معقدة بسبب فعلة (سامر) وهناك أيضاً مشكلة (شاهي) .. آه .. يجب أن يتصل بها فور أن يستريح ليخبرها بعودته ويرى ماذا سيفعل ليخلصها من حياتها مع ذلك الوغد .. رفع رأسه يسنده على الوسادة وتنفس بعمق محاولاً النوم لتعود لعقله فجأة تلك الحادثة قبل يومين وأمام عينيه عادت أحداثها حية بكل الانفعالات التي عاشها ... كان قد خرج من الفندق محاولاً الابتعاد عن الجو الخانق هناك ومحاولات (ريكاردو) المزعجة لاستفزازه .. وقف في الخارج بذلك الوقت المتأخر يراقب الشوارع والمارة الذين يهرعون في عودتهم لبيوتهم وتحرك نحو ذلك الشارع الجانبي للفندق ليستند إلى حائطه ويشعل سيجاراً ويدخنه بشرود وعقله يفكر في عشرات الحسابات والأشياء التي يجب عليه فعله .. كان مستغرقاً بتفكيره حين اخترقت أذنه تلك الصرخة المستغيثة والتي سرعان ما انقطعت ليقطب حاجبيه ويتطلع حوله قبل أن يتجه بنظره إلى الاتجاه الذي أتت منه الصرخة .. ألقى سيجارته وقلبه يخفق بقوة وهو يتحرك بسرعة في اتجاه الصوت وسط النور الخافت .. دار بسرعة في الشارع الضيق إلى ما خلف الفندق وتوقف لحظة هناك وعيناه تقعان على ذلك المشهد الذي أشعل الدم في عروقه وأعاد إلى رأسه ذكريات بغيضة فجرت غضبه ولم يشعر بنفسه إلا وهو يندفع ليركل ذلك الرجل في بطنه بكل قوته مزيحاً إياه من فوق الفتاة التي كانت تقاوم برعب ويأس .. لم يلتفت لها وهي تزحف مبتعدة برعب بينما كل تركيزه وغضبه الذي انفجر بكل قوته وهو يواصل ركلاته للرجل الذي كان ثملاً فلم يستطع مقاومته وهو يرفعه ليواصل لكماته وقد أعماه الغضب حتى مال رأس الرجل بوجهه المليء بالكدمات والدم ليلقيه أرضاً ويلتفت نحو الفتاة التي كانت في تلك اللحظة تتحرك مبتعدة وهي تستند للحائط .. كانت ترتجف بعنف وشعر بالشفقة عليها فتحرك خلفه يناديها أن تتوقف .. لمح انتفاضتها الخافتة وأدرك رعبها منه قبل أن تتعثر وتسقط على ركبتيها وهي ترتجف بقوة، فاقترب بهدوء وناداها محاولاً بث قدر من الأمان في صوته وهو يسألها إن كانت بخير .. لم تجبه فتحرك ليقترب منها رآها تتحرك لتواجهه وكاد يرى وجهها عندما ارتفع صوتٌ متلهف خلفه يهتف
_"يا إلهي .. (آنجي) هل أنتِ بخير؟ .. ماذا حدث؟"
التفت نحو المرأة التي كانت تسرع في اتجاههما بثوب سهرتها المكشوف رغم برودة الجو التي بدا أنّها لم تنتبه لها وهي تتوقف فجأة وعيناها تتوقف على الرجل الملقى أرضاً وشهقت بقوة وأسرعت بعدها دون أن تلتفت نحوه وركعت بجوار الفتاة التي ازدادت رجفتها .. ابتعد وهو ينظر للمرأة بعينين مدققتين ليتذكر فوراً أنّها نفس المرأة التي كان أخوه يغازلها كالأحمق .. قطب في ضيق وسمعها تواصل بلهفة وهي تحتضن الفتاة
_"أنا آسفة حبيبتي ... كان يجب أن أعرف أن ذلك الأحمق سيفعل شيئاً كهذا .. لقد بحثت عنكِ في كل مكان .. أنا آسفة .. هل أنتِ بخير؟"
أسندت رأس الفتاة التي بدأت في البكاء فوق صدرها والتفتت تنظر له بامتنان شديد وهمست
_"شكراً لك سيدي .. شكراً جزيلاً لمساعدتها"
هز رأسه دون رد وعيناه على الرأس أسود الشعر المدفون في صدر المرأة التي واصلت مسحها فوقه وهي تهمس مواسية
_"اهدأي حبيبتي .. هيا تعالي معي .. سنغادر .. ستكونين بخير .. هيا"
نهضت وهي تساعدها لتنهض معها واقترب ليساعدهما عندما ارتفع رنين هاتفه فتوقف مكانه والتقطه معتذراً منهما ليجيب بينما لم تلتفت المرأة له وهي تلف ذراعها حول كتف الفتاة التي انحنى رأسها وانسابت خصلات شعرها لتخفي ملامح وجهها عن عينيه ليشيح بوجهه بعد أن ألقى عليهما نظرة أخيرة وعاد ليركز مع محدثه وعندما أنهى مكالمته ورفع رأسه بحثاً عنهما كانتا قد وصلتا إلى أول الشارع لتوقف المرأة سيارة أجرة ساعدت الفتاة على الركوب فيها وأسرعت تجلس بجانبها وقبل أن تتحرك السيارة مبتعدة كان قد لمح من على بعد وجه الفتاة الشاحب والمرأة تضمها لصدرها بحماية .. كانت لحظة واحدة فقط اختفت بعدها السيارة بركابها عن ناظريه وتحرك هو بعدها متجهاً للفندق .. فتح عينيه يتطلع للسقف بشرود .. لقد انشغل تماماً في اليوم التالي ونسي الحادثة تماماً .. من كانت تلك الفتاة وتلك المرأة التي رآها برفقة (ريكاردو) أكثر من مرة خلال إقامته بالفندق ... بديا على علاقة شخصية .. هل كانت الفتاة أيضاً من معارف أخيه الأحمق؟ .. تنهد بقوة وهو يغمض عينيه من جديد .. حسناً .. حتى لو كانت كذلك هو لم يكن ليقف هناك ويتركها لذلك المصير اللعين دون أن يرفع يداً لإنقاذها .. فلينسى الأمر تماماً .. لن يشكل فارقاً معه .. كان مجرد حادثٍ وفتاة احتاجت لإنقاذ لا أكثر .. لا يجب أن يشغل نفسه بالتفكير في هذا الأمر مجدداً .. خلال لحظات كان عقله ينزلق للظلام وقد هزمه الإرهاق أخيراً فاستسلم للنوم وقبل أن يغرق فيه تماماً كانت همسة خافتة تتردد وسط أمواج الظلام التي أحاطته تخبره أنّ ما حدث قد لا يكون مجرد حادث عابر تصادف وجوده هناك ليمنعه .. ربما.
**********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-02-19, 09:53 PM   #460

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فتحت (همسة) باب غرفتها بحذر وتطلعت خارجها وأنصتت قبل أن تغادرها وهي تهمس
_"حسناً .. يبدو أنّ الجميع قد غادروا .. حان الوقت"
كان (عماد) قد غادر قبل بضع ساعات لكنّها ما كانت لتستطيع فعل شيء في وجود (راجي) وذلك المتجهم الآخر .. كانت تعرف أنّهما لن يبقيا طويلاً في البيت وسيغادران بعد أخيها بوقتٍ قصير .. لقد انتظرت لبعض الوقت حتى تتأكد من أنّ الشقة باتت لها وحدها وعمدت من خلال حديثها معه هو و(راجي) أن تتأكد من الوقت الذي سيعودون فيه دون أن تثير شكوكهم نحوها .. تحركت بسرعة تبحث في أنحاء البيت لتتأكد خلوه تماماً قبل أن تتحرك خطواتها نحو غرفة أخيها .. يجب أن تبحث جيداً قبل عودته .. يجب أن يكون هناك أي دليل .. فتحت الباب ودخلت بقلبٍ مرتجف .. بالتأكيد لم يتخلص (عماد) من نتائج الفحص .. لن يفعل هذا .. بالتأكيد يعرف أنّه سيحتاجها يوماً ما حتماً .. هي تعرف كيف يفكر (عماد) ولا تلومه .. ربما لو كانت مكانه لفعلت نفس الشيء ... عادت بذاكرتها لذلك اليوم الذي عاد فيه وهو يحمل نتيجة الفحص التي انتظرتها طويلاً .. رغم الشكوك التي كانت تملأ قلبها لم تستطع إلا أن تأمل ولو أملاً كانت تعرف بكذبه .. أن يكون كل هذا كذباً أو كابوساً بشعاً .. ابتسامة (عماد) وهو يقف عند باب غرفتها جعلت قلبها يتوقف .. قلبها الذي استشعر ما يختبيء حقيقةً وراء تلك الابتسامة .. ربما لو لم تتحدث مع (فهد) تلك الليلة وتسمع منه تلك الكلمات الغارقة بالصدق المرير وهو يخبرها أنّ والده هو قاتل والديها الحقيقيين .. ربما كانت صدقت ابتسامة (عماد) وهو يخبرها أنّ النتائج قد ظهرت .. اتجهت لتجلس فوق الفراش ولمع الحزن بعينيها وهي تطرق برأسها .. كان يمكنه أن يخدعها وهو يقدم لها نتيجة الفحص والسعادة المتقنة على وجهه وهو يقف أمامها بينما تقرأ النتيجة التي تخبرها بما حلمت أن تتأكد منه .. أنّها تنتمي فعلاً لذلك الرجل الغالي الذي يقف أمامه .. لم تتمالك دموعها وهي تسمعه يردد بحنان وهو يقترب منها

_"هل تأكدتِ الآن حبيبتي؟ .. قلت لكِ أنّ كل هذا كذب وخدعة من (سامر)"
نظرت له بعمق للحظات من بين دموعها وقلبها يصرخ بلوعة بينما تلمح تلك الارتجافة الصغيرة في عينيه والحزن المكبوت فيهما وهو يقترب منها بسرعة ليضمها إليه هاتفاً
_"أنتِ أخت (عماد اليزيدي) ولا شيء أبداً سيغير هذه الحقيقة .. لا ترددي مرة أخرى ذلك الهراء .. لا تقولي أنني لست أخاكِ"
أومأت برأسها وصوتٌ مختنق غادر حلقها بينما تدفن وجهها في صدره وسقطت ذراعها جانباً وهي تحمل الورقة التي تثبت أخوتهما قبل أن ترتخي أصابعها وتسقط الورقة من يدها أرضاً .. سمحت للدموع التي تختنق في صدرها أن تنفجر واستسلمت لبكائها الحار بين ذراعيه .. ظنّها تبكي سعادةً في الوقت الذي كانت تستمع فيه لنبضات قلبه واستشعرت في اشتداد ذراعيه حولها كل الألم الذي يشعر به داخله .. ألم خسارتها الوشيكة ... كانت تشعر به وتعرف أنّه فعل شيئاً ليغير النتيجة ليقنعها .. كانت تعرف أنّه يفعل ذلك لحمايتها فقط .. لقد فكرت كثيراً في الأمر وتوصلت إلى أنّه سيفكر في حمايتها بأي طريقة .. رجفة جسده أخبرتها بما يشعر به والدمعة التي لامست عنقها جعلت قلبها يرتعد وهي تعرف أنّه يبكي .. كان يحاول التحكم في دموعه بينما يخبرها باختناق
_"أنتِ أختي وابنتي الصغيرة للأبد يا (همسة)"
أومأت مرغمة وهي تبتعد لتنظر لوجهه ولمحت تلك الدموع المحبوسة داخل عينيه، والتي سرعان ما ادعى ضاحكاً أنّها دموع سعادته .. بعد أن تركها بغرفتها جلست مع نفسها لتبكي وحدها دون صوت .. هزت رأسها بقوة وهي تحاول التحكم بنفسها ونهضت من فوق الفراش وأدرات عينيها في الغرفة .. يجب أن تجد الأوراق الحقيقية .. لن يتخلص منها بالتأكيد .. إذا لم تجدها هنا فستكون بالتأكيد في شقة (فهد) أو في خزانته بالشركة .. في هذه الحالة لن تستطيع أن تصل إليها .. وما دام (فهد) يصر على ما قاله فلابد أنّهما يعرفان من والديها الحقيقيين .. زفرت بقوة .. هل يجب عليها انتظار الوقت المناسب حتى يخبرها (عماد) بالحقيقة وتدعي أنّها لا تعرف شيئاً وأنّها صدقته أم تواجهه وتطلب منه مساعدته للبحث عن أسرتها الحقيقية وتعرف أنّه آجلاً أو عاجلاً لن يستطيع أن يخفي عنها الحقيقة .. تحركت نحو مكتبه وفتحت بعض أدراجه دون أن تعثر على غايتها .. قطبت وهي تحاول فتح أحد الأدراج لتجده مغلقاً فتركته بحنق والتفتت مقررة البحث في مكان آخر والعودة إليه في النهاية .. أسرعت تفتش في الخزانة وفي أدراج الكومودينو الصغير المجاور للفراش ونزلت على ركبتيها تفتش تحت الفراش أيضاً .. ارتفع حاجباها وهي تنظر لشيءٍ ما أسفله وفكرت للحظات قبل أن تسحب الحقيبة بسرعة وتخرجها من مكانها .. هل ربما تعثر على ما تريد هنا؟ .. أسرعت تنحني وتفتح الحقيبة بسرعة لتتسع عيناها بدهشة وهي تنظر لمحتوياتها وهمست
_"هـ .. هذه الأشياء .. ما .."
مدت يدها تلامس محتويات الحقيبة بحيرة .. هل هذه الأشياء لأخيها؟ .. لكن فيما سيحتاجها (عماد)؟ .. لمعت الذكرى بعقلها وهي تغلق الحقيبة وتنظر لها بإمعان .. إنّها نفس الحقيبة التي طلب من (مراد) أن يحضرها معه عندما اتصل به في ذلك اليوم ليرافقها بعد أن اضطر لتركها لأمرٍ عاجل .. ما الذي يفعله (عماد) بالضبط؟ .. فتحت الحقيبة لتنظر داخلها من جديد .. لا يمكنه أن يستخدمها سوى لشيءٍ واحد .. لكن لماذا؟ .. ما الذي يخفيه؟ .. قطبت تفكر في الغموض الذي يتصرف به مؤخراً .. كانت تظن أنّه يمضي معظم الوقت بالشركة بعد أن سافر (فهد)، لكنّها ليست واثقة من هذه الحقيقة بعد الآن .. هل .. هل هذا يتعلق بذلك الانتقام؟ .. انقبض قلبها بضيق وهي تدعو ألا يتورط (عماد) في المزيد من الأشياء التي قد يندم عليها لاحقاً .. أغلقت الحقيبة وأعادتها لمكانها ونهضت بحزم ... يجب أن تتحدث معه في هذا الشأن .. يجب أن تعرف حقيقة ما يفعله الآن .. تلفتت حولها وتنهدت بحرارة .. لا خيار أمامها إذن .. ستتخلى مؤقتاً عن البحث عن حقيقة عائلتها .. يجب أن تبقى بجانب (عماد) .. إن كان هو يخفي عنها الحقيقة لحمايتها فهي ستفعل المثل .. ستبقى معه لتحميه من نفسه .. هي ستكون صمام الأمان له .. ستبقى معه حتى تنتهي تلك الدوامة اللعينة التي يدور فيها ويصل لبر الأمان .. رفعت رأسها بحزم وتحركت لتغادر للغرفة وقد حسمت قرارها .. حاولت شغل وقتها حتى يعود الجميع .. كانت تتابع شيئاً ما بشرود على حاسوبها المحمول حتى شعرت بالملل والضيق يعاودها فنهضت لتقف قليلاً بشرفة المنزل المطلة على الشارع الهاديء ووقفت لبعض الوقت تتأمل المكان من حولها تحاول منع قلبها الحزين من العودة لتفكيره في (فهد) الذي تعقدت علاقتها به أكثر مما ظنت .. أصبحت مستحيلة .. أخذت نفساً عميقاً وتحركت على وشك الدخول للبيت عندما اقتربت سيارة تعرفها جيداً وزفرت بقلة حيلة .. لقد عاد وعليها أن تحبس نفسها بغرفتها حتى يأتي أخوها على الأقل .. ذلك المتجهم لا يطيق رؤيتها كالعادة وزاد الأمر بعد رؤيته لتلك السيدة .. تباً .. كأنها هي من تعمدت وضعها في طريقه .. حسناً .. فليفعل ما يريد .. من يهتم لغضبه ... هي ستغادر هذا المكان قريباً وستنسى أنّها قابلته .. زمت شفتيها وهي تراه يغادر السيارة التي أوقفها أمام البيت وتحرك في اتجاهه وحركت قدميها لتترك الشرفة بعد أن رمقته بنظرة أخيرة وأشاحت بوجهها ليتوقف قلبها في اللحظة التالية حين وقعت عيناها على دراجة نارية تقترب منه وعلى متنها ملثمان رفع أحدهما سلاحاً نارياً ووجهه نحو (مراد) الذي كان على وشك الدخول من البوابة المعدنية .. نقلت بصرها برعب بينه وبينهما لتصرخ هاتفة بأعلى صوتها
_"(مراد) .. انتبه"

أجفل مع صرختها في اللحظة التي دوى فيها الطلق الناري واتسعت عيناها عن آخرهما وهي ترى جسده يندفع مصطدماً بالبوابة وتشبثت قبضتاه بقضبانها الحديدية .. صرخت اسمه من جديد بهلع وهي تندفع للداخل وأسرعت تجري نحو باب الشقة وقلبها ينتفض بقوة .. لقد أصيب .. لقد أصابته الرصاصة .. نزلت السلالم وجسدها يرتجف بعنف وهي تدعو بتوسل أن يكون هذا كابوساً .. هو لم يصب بطلق ناري أمام عينيها .. حين تصل للبوابة هو لن يكون مصاباً .. هي تتوهم .. لكنّها حين اندفعت عبر الحديقة الصغيرة أمام المنزل انتفض جسدها وهي تتوقف للحظة واحدة بينما تراه راكعاً على ركبتيه بوجه شاحب وثيابه غارقة بالدم .. تخلصت من ذهولها وهي تندفع نحوه لتفتح البوابة وهتفت
_"(مراد) .. يا إلهي .. يا إلهي .. لقد أصبت"
ركعت بجواره وأسرعت تفحصه لتتوقف يدها فوق ظهره حيث ينزف الدم ووضعت يدها فوقه بإحكام وهي تواصل ببكاء
_"ستكون بخير .. لا تقلق .. ستكون بخير"
حاول النهوض وهو يهمس بتقطع
_"أنا بخير .. ساعديني فقط لـ .."
لم يستطع أن يكمل جملته والدوار يزداد أمام عينيه وأنفاسه تزداد ثقلاً فهتفت وهي تضغط على الجرح النازف بغزارة بينما تنظر للناس الذين تجمعوا على صوت الطلق الناري والصراخ
_"فليساعدني أحد"
اندفع أحدهم إليها ليرفعه معها وأسرعت امرأة تعطيها وشاحاً قطنياً لتلفه حول جرحه بإحكام لتمنع النزيف وهتف الرجل وهو يشير لآخر وأسرعا يحملانه لسيارة الأول .. وضعه الرجل معها على المقعد الخلفي وهتفت هي برجاء وهي تصعد بجواره لتسنده
_"أسرع بنا لأقرب مشفى أرجوك"
أسرع الرجلان يستقلان السيارة وانطلق صاحبها بأقصى سرعة بينما عيناها تعلقتا بخوف شديد بوجه (مراد) الذي غمره العرق وعيناه اللتان كانتا يفتحهما بضعف شديد وبكت بحرقة وهي تربت على خده وتهمس برجاء
_"تحمل قليلاً أرجوك .. ستكون بخير .. أنت قوي .. لن يصيبك أي مكروه .. اصمد قليلاً"
تحركت رأسه بضعف وفتح عينيه بجهدٍ شديد يتطلع إليها بنظرات غريبة وارتجفت شفتاه بينما يده الدامية ترتفع لتلامس خدها بارتجاف وهو يهمس بألم جعل عينيها الدامعتين تتسعان وقلبها يتوجع بشدة
_"(سارة)"
همس بها مرة أخرى بأنفاس ثقيلة قبل أن تنغلق عيناه وتسقط رأسه فوق صدرها ليتوقف قلبها بذهول وهي تنظر له من بين دموعها وهزت رأسها برفض وهي تضرب خده بيدها المرتجفة هامسة بتوسل باكٍ
_"لا .. استيقظ .. لا تمت أرجوك .. لا تفعل .. لا تمت"
تساقطت دموعها بحرقة على وجهه الذي كساه الشحوب والموت يقترب منه حثيثاً في كل لحظة تفصلهما عن المشفى.
**********************
ارتجفت يدا (شاهي) وهي تنظر لزوجها الذي وقف أمامها شامتاً ونظرت بتوجس للهاتف الذي كان يمده لها وهو يقول
_"تعرفين أنني لا أقول ما لا أفعله حبيبتي"
حدقت في وجهه وعينيه اللامعتين بشر وفكرت بخوف .. ما الذي يعنيه بكلماته هذه .. لم يكن في وعيه أبداً .. سمعته يضحك بجنون وهو يواصل
_"أخبرتكِ أنكِ ستندمين على ما فعلتِه يا (شاهي) ولم تصدقينني .. أنتِ تحاولين التحرر مني، صحيح؟ .. لكن هذا لن يكون دون ثمن .. تتذكرين ما قلته لكِ، أليس كذلك؟"
أجل تتذكر .. تتذكر كلماته هذه قبل أيام حين أتى لغرفتها مشتعلاً بالغضب بعد استلامه لمحضر يبلغه أنّ زوجته رفعت ضده قضية خُلع .. لم تسلم من صفعاته الغاضبة يومها وهو يصرخ فيها كيف جرؤت أن تفعل هذا .. كيف تجرأت على إهانته بهذه الطريقة وكيف تظن نفسها قادرة على الوقوف في وجهه والمطالبة بحريتها منه؟ .. هي حتى لا تعرف كيف اتخذت القرار وحدها فجأة ... لقد فكرت طويلاً جداً .. بعد زيارة والدها ذلك اليوم سهرت ليلتها حتى الصباح تفكر .. في جلسة صادقة مع النفس فكرت ملياً واستعادت كل ما حدث معها خلال السنوات الماضية .. كانت حمقاء مغرقة في لعب دور الضحية العاجزة تتلقى صفعات الحياة وركلاتها فحسب .. كانت تعتقد أنّها تحمي (مراد) لكنّها مع الوقت تأقلمت مع وضعها الضعيف .. آمنت بعجزها عن تغيير واقعها .. لم ترفع يداً لتُغير ذلك الواقع .. دخول (منذر) في حياتها ربما منحها الرغبة في التغيير وجعلها ترى الحياة خارج سجنها الضيق وترغب في تجربتها، ورؤيتها لـ(مراد) من جديد أعطتها الصفعة التي كانت تحتاجها لتفيق وتدرك ما ضاع من عمرها ... لم يكن يجب أن تنتظر أن يمد أحدهم يداً ليساعدها .. ما دامت لم تقف لتساعد نفسها بنفسها فلن يساعدها أحد ... لو انتظرت مساعدة (منذر) وتدخله لإنقاذها، فستبقى عاجزة عن مساعدة نفسها حتى النهاية ... ستظل تعتمد على الغير للباقي من عمرها .. كان يجب أن تنهض على قدميها وقد فعلت .. أو ظنت أنّها كذلك .. لماذا إذن هذا الخوف الشديد الذي ينتابها الآن وهي تقف في مواجهته؟ .. لماذا يخبرها قلبها أنّ الثمن الذي ستدفعه مقابل حريتها سيكون فادحاً ولن تقدر على تحمله .. تذكرت كلماته الغاضبة ذلك اليوم وهو يهتف بجنون
_"أنتِ لن تتحرري مني أبداً يا (شاهيناز) .. أبداً .. سيكون عليكِ أن تدفعي ثمناً غالياً وقتها"
هتفت فيه وقتها وهي تنتزع ذراعها من قبضته

_"أخبرتك أن تفعل ما تريد .. ما عدت أهتم لتهديداتك الفارغة .. أنا سأتحرر من هذا العذاب وسأدفع أي ثمن لأفعل"
_"لا تجرؤي على تحديّ يا (شاهيناز) .. أنتِ لن تتحملي نتيجة ذلك"
ضحكت بسخرية وهي ترد
_"أنت أضعف من كلماتك يا (مختار) .. بالنسبة لي أنت لا شيء .. وعاء أجوف يصدر صوتاً عالياً لا أكثر"
لم تنس النظرة التي رمقها بها يومها والتي هزت قلبها بقوة وخشية .. نظرة لا تفوقها سوى نظرته لها الآن وهو يهز يده التي تحمل الهاتف ويقول بشماتة
_"خذي وملّي عينيكِ لتعرفي إن كنت أضعف من كلماتي فعلاً"
مدت يداً مرتجفة لتأخذ الهاتف وعيناها لا تفارقان عينيه الشامتتين منتظراً رد فعلها وأشار لها أن تنظر للشاشة فأطرقت لتجدها تعرض مقطع فيديو
_"افتحيه"
أمرها فضغطت التشغيل وبقلبٍ خافق تابعت ما تراه على الشاشة لوهلة دون فهم قبل أن تتسع عيناها وهي تتعرف على الرجل الذي كان يغادر سيارته متجهاً لأحد البيوت وقبل أن يفتح البوابة انتفض كما انتفض جسدها بقوة وهي تشهق مع رؤية الدماء التي تفجرت من ظهره وارتجفت يدها التي تحمل الهاتف بقوة وتجمعت الدموع في عينيها وهي تراه يسقط على ركبتيه .. همست بذهول
_"مـ .. (مراد) .. (مراد)"
سقط الهاتف من يدها وهي ترفع وجهها الشاحب تنظر لزوجها الذي ضحك بقوة وسالت دموعها على خديها وهي تهز رأسها رفضاً
_"ماذا فعلت؟ .. ماذا فعلت به؟"
هتفت وهي تندفع لتمسك بقميصه وتهزه بقوة وتصرخ
_"ماذا فعلت به أيها الحقير؟"
أمسك يديها وانتزعهما عنه ودفعها للخلف هاتفاً
_"أخبرتكِ أنكِ لن تتحملي الثمن يا (شاهيناز) وأنتِ كنت شديدة الثقة بنفسكِ .. أنتِ تحديتِني أن أقتله .. قلتِ أنكِ لا تهتمين، صحيح؟"
هزت رأسها وهي تنظر للهاتف الملقى وهمست
_"أنت لم .. "
ابتسم قائلاً بسخرية
_"البقية في حياتكِ في حبيب القلب يا جميلتي"
توقف قلبها مع كلماته وشعرت بالأرض تهتز من تحتها لتصرخ بلوعة
_"لا .. لا .. أنت كاذب .. هو لم يمت .. لم يمت"
مال برأسه جانباً وابتسم باتساع وهز كتفيه بلا مبالة وانحنى يتناول الهاتف ويغادر الغرفة مغلقاً الباب وتركها واقفة تحدق أمامها بذهول وهي تهمس دون توقف
_"هو لم يمت .. لن يموت .. لا .. هو يكذب .. لم يقتله"
انتزعت نفسها واندفعت نحو باب الغرفة وهي تهتف اسم (مراد) برعب .. يجب أن تراه بعينيها .. يجب أن تتأكد من سلامته .. حدقت في مقبض الباب الذي رفض أن ينفتح وحركته بقوة مراراً لتدرك أنّه قد حبسها بالغرفة .. رفعت يديها تطرق على الباب وهي تصرخ
_"افتح الباب .. دعني أذهب .. افتح الباب أيها الحقير .. أخرجني"
واصلت ضرباتها للباب وهي تصرخ بانهيار ودموعها تغرق وجهها .. ضربت الباب مرة أخيرة براحتيها قبل أن تسند جبينها إليه وتبكي بحرقة وهي تردد اسم (مراد) بلوعة حتى سقطت على ركبتيها واستندت للباب تبكي بحرقة وقلبها يخبرها أنّ الثمن كان فادحاً بالفعل .. همست بتوسل وجسدها ينتفض مع بكائها
_"(مراد) .. (مراد) .. لا تمت أرجوك .. لا تذهب .. لا تتركني في هذه الدنيا وتذهب وحدك .. لا تفعل"
********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.