آخر 10 مشاركات
فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          445 - غرباء في الصحراء - جيسيكا هارت ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          Caitlin Crews - My Bought Virgin Wife (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          رافاييل (50) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الأول من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree895Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-03-19, 06:43 PM   #511

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام رنومة مشاهدة المشاركة
العلاقة بين منذر وشاهي ليست عاطفية بالمرة واهتمامه الواضح بها يثير استغرابي فعلا ( فرح الخادمة والحارس الشخصي ) مع ان شخصية كمنذر ومافعله في الجزء الاول خاصة مع وتين لا تفعل شيئا لوجه الله يا خوفي من الروابط الدموية المفاجئة ياختي😉

مساء الفل ام رنومة .. نورتيني كتير


علاقة منذر وشاهي غريبة أكيد .. لكن عامة منذر غير متوقع وشخصيته معقدة .. شاهي ذكرته بماضيه بطريقة ما وأعادت صورة والدته لحياته .. غير إنه أحس إنها بتشبه وهي كمان أحست نفس الشيء .. كتير بيشبهوا بعض هما الاثنين ونوع من الصداقة والتفاهم نشأ بينهم

ههههههههه إن شاء الله ميكونش فيه روابط دموية تانية


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 30-03-19, 08:32 PM   #512

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل طويل دسم
ايفا وصدمتها من معرفة الحقيقة وحقيقة اصلها وكيف ان كارل كان له الدور فى ندمير حساة والديها الحقيقين
واستنجادها بادم وحاجتها له
فهد وهمسة ورجوعهما لبعضهما البعض هل سيبتعد فهد عنها ام سيبقى مع همسته
مراد الله يعينه على سؤؤد ههههه
رهف وصدمتها من معرفة ان عاصي زوجها وبكلماتها ايقظت الوحش داخل عاصي فهل سيستمر ام يتراجع فى اخر لحظة
عماد واحتضان عمه له
انجليكا يا ترى اشو حكايتها وهل ستحقق اللى فى بالها
وسلامتك الف سلامة يا مايلو
بانتظار القادم




قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 30-03-19, 08:44 PM   #513

الوفى طبعي الوفى

نجم روايتي ومُحيي عبق روايتي الأصيل

 
الصورة الرمزية الوفى طبعي الوفى

? العضوٌ??? » 375323
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,359
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » الوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

في شيء انا حسيته غريب.. من المفروض ان مراد هو اللي بيحكي تلفون مع سؤود كل مرة وهو اللي بيطمن عليها صحيح؟؟

وشعوره ناحيتها لما بيحكي معها هو اللي بخلي سؤود تحتار بمشاعرها وترتبك وما تعرف شو تعمل، صحيح؟؟

طيب ازاي هو اللي بيحكي معاها المرة دي وهو متصطح بالسرير وفاقد الوعي؟؟؟؟

لا يا بنت انا بديت احس ان طول الوقت عماد هو اللي بيحكي معاها، ممكن صحيح وجه مراد لكن التلفونات هيدا عماد، لكن ازاي صار هيك.. كيف سؤود ما قدرت تفرق بين الصوتين؟؟
واللا ليكون من الأصل عماد هو اللي معاها طول الوقت انا فعلا بديت اخرف!!!

بس همسة شافت عماد وهو بيحكي في التلفون وكمان لاحظت ملامح وجهه انه في شيء بيشغله، وبعدين ع طول دخلت غرفة مراد وهو نايم ع السرير وفاقد الوعي.. ما دخلني انا عايزة تفسري لي هيدا الشيء، لانه عقلي مو قادر يستوعب بقى، وطبعا ما بهم اذا خششتيني ع الصفحة واللا ع الخاص😂

لانه طبعا اذا نسيتي رح أفكرك انا اول معجبة ليك وديما وانا من اول المتابعات للجزء الاول والثاني كمان😂😂


الوفى طبعي الوفى غير متواجد حالياً  
التوقيع
تمردت على قلبي وتنكرت لمشاعري... فأنا رجل له ماض.. وان صدف ان سمعتني اناديك بفاتنتي فاهربي, فتلك ستكون لحظة انهياري..

[imgr][/imgr]

[imgl][/imgl]
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:11 AM   #514

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع والعشرون
تنهد (محمد) وهو يلقي نظرة ناحية غرفة نومه التي تحتلها شقيقته منذ أحضرها قبل أيام ووضع الأطباق التي يحملها فوق المائدة ونظر لها بألم مفكراً .. لا يعرف كيف يخرجها من حالتها هذه .. رغم أنّها بدأت تستجيب له لا زالت ترفض الخروج من الغرفة وتعزل نفسها هناك .. زفر بحنق مفكراً .. حتى عندما زارها ذلك الرجل الغريب الذي لسببٍ ما أثار ضيقه وإحساساً داخله بالحذر .. ليس راضياً أبداً عن علاقتها بذلك الرجل وليس مقتنعاً من الأساس بتبريرها، لكن .. حسناً .. ليس من حقه التدخل في حياتها بهذه الصورة بعد طول انقطاعه عنها لسنوات دون أن يعرف عنها أي شيء .. لا زال يشعر بالذنب على نقمته على الوضع طيلة السنوات الماضية وظنه أنّها لا تريد رؤيتهم كما أخبرهم والده وكما فعل زوجها الذي طرده قبل سنوات حين هرب من البيت وهو لا يزال مراهقاً وقضى وقتاً بائساً في الشوارع بحثاً عن بيتها حتى وصله ليوقفه حرس البيت الكبير ويخرج إليه زوجها البغيض ليخبره بوقاحة أن زوجته لا تريد رؤية أي شخص من عائلتها وأنّها تعتبرهم جميعاً موتى بالنسبة له وحين أصر على مقابلتها كان من نصيبه ضرباً مبرحاً على يد حراسه الذين ألقوه في النهاية بأحد الشوارع البعيدة عن البيت ... قبض على كفه بقوة وهو يستعيد تلك اللحظات ... لقد كاد يموت يومها وحين عاد لبيته نال عقاباً مضاعفاً من والده ليمتنع كُلياً عن زيارتها وقد حملها بمشاعره المجروحة وعدم نضجه ذنب ما أصابه واعتقد أنّها تخلت عنه وتركته كما فعلت أمه وهو صغير .. ابتلع غصة مؤلمة وهو يتحرك متجهاً نحو الغرفة مستعيداً ما حدث الأيام الماضية حين كان يقف متردداً مقابل بيتها في انتظار مغادرة زوجها .. كان يريد رؤيتها مرة أخرى ليعتذر لها .. كان يريد التحدث معها ومعرفة كل ما حدث معها خلال السنوات الماضية .. كان الألم وشعوره بالذنب يقتلانه لأنّه حملها الذنب ولم يعرف حجم الجحيم الذي كانت تعيشه ... لم يكن وحده من يتألم .. هي أيضاً كانت تتألم وتتعذب أكثر منه هو وأشقائه .. لقد تخلوا عنها وتركوها في الجحيم وحدها .. أراد أن يعتذر لها عن كل شيء ... عن صغر سنه حين أجبرها والدهم على ذلك الزواج ولم يملك أن يساعدها .. أن يخبرها أنّه الآن كبر وباستطاعته حمايتها .. أنّها يمكنها الآن أن تعتمد عليه .. ابتسم بمرارة مفكراً في الأمر .. كيف سيفعل وهو لا يزال طالباً جامعياً .. هو بائس ولا يستطيع مساعدة نفسه .. كيف سيساعدها هي؟ .. كيف يجعلها تثق به؟ .. كان على وشك التحرك مبتعداً عن المكان حين لمح سيارة زوجها تغادر وخلفه سيارة حراسته .. كان قد فحص المكان جيداً طيلة الفترة الماضية وعرف مكاناً في السور يمكنه أن يتسلل منه للداخل دون أن يلمحه الحراس .. أسرع يدور حول السور إلى حيث شجرة وارفة غطت معظم السور وأسرع يتسلق من جوارها بحرص .. نظر عبر السور ليرى إن كان هناك أي حرس في الحديقة ليقفز بسرعة وخفة .. تسلل بحرص وهو يراقب المكان ليتوقف فجأة على صرخة تنادي باسم أحدهم ورأى تلك الخادمة التي استقبلتهما ذلك اليوم ولمح الشخص الذي أسرع نحوها .. كان ذلك الحارس الذي أوقف والده عن ضربها .. بطريقة ما شعر يومها أنّه مختلف عن الحرس الذين ضربوه سابقاً .. كان يبدو كما لو كان مكلفاً بحماية شقيقته نفسها .. تحرك مقترباً ليسمعها تهتف فيه أن يسرع وأدرك من الكلمات التي التقطها أن الأمر يخص شقيقته بالفعل، فأسرع يجري متجاهلاً الهتاف الذي تردد من خلفه حين لمحه الحرس .. أسرع خلف حارس شقيقته الذي التفت متسائلاً، ليفاجأ بوجوده ولم يمنحه الفرصة لينطق وهو يندفع
_"هل شقيقتي بخير؟ .. هل أصابها بأي مكروه؟"
أشار الحارس لرفاقه بالتراجع وتركه يدخل .. لم يعرف ماذا حدث في الخارج فقد تبع الخادمة إلى حيث غرفة شقيقته التي وصله صراخها المتوسل وطرقات الباب التي انقطعت فجأة مع صمتها المفاجيء، فاندفع نحو الباب الذي كان مغلقاً بإحكام .. طرق الباب بقوة هاتفاً
_"أنا هنا يا (شاهي) لا تخافي .. سأخرجكِ من هنا"
انقطع بكاءها عندما سمعت صوته وسمعها تهتف
_"(محمد) .. (محمد) هذا أنت؟"
_"هذا أنا يا (شاهي)"
ضربت الباب صارخة بتوسل باك
_"اخرجني من هنا يا (محمد) .. اخرجني بسرعة"
هتف بسرعة وهو يتلفت حوله بحثاً عن شيء يفتح به الباب ليجد ذلك الحارس يندفع نحوه هاتفاً فيه أن يتراجع وهتف بعدها
_"تراجعي للخلف سيدة (شاهي) .. سأفتح الباب"
وأسرع يطلق النار على مقبض الباب ليركله بعدها بقوة فاتحاً إياه ولم ينتظر هو لحظة بعدها واندفع ليجدها تقف بحالة مذرية للغاية والدموع تغرق وجهها وأسرع يحتضنها لتنهار باكية بحرقة بين ذراعيه وتهتف
_"أخرجني من هنا (محمد) .. لا أريد أن أبقى هنا .. خذني معك .. أنقذني منه"
أسرع يلتقط معطفاً معلقاً على المشجب ألبسها إياه فوق ملابس نومها وأحاطها بذراعه ليغادر بها ولم يكد يخرج عبر باب البيت حتى قابله الحرس بوجوههم المتجهمة وحالوا بينهما وبين البوابة ليسارع ذلك الحارس دون أي لحظة تردد ويجذب إليه قائد الحراس ولف ذراعه حول عنقه مصوباً المسدس إلى رأسه آمراً إياهم بالابتعاد لكنّهم رفضوا التزحزح .. ظن أنّه يمزح عندما هددهم أنّه سيطلق الرصاص لو رفضوا الابتعاد لينتفض جسده بصدمة عندما خفض المسدس وفي لحظة واحدة أطلق الرصاص بكل برود ليصيب ساق الرجل الذي صرخ بعنف ليقول (يسري) كما عرف اسمه فيما بعد
_"المرة القادمة ستكون في رأسك ... أخبرهم أن يبتعدوا في الحال .. ذلك الوغد الذي تعمل لديه لن يحميك لو وقفت في طريقي"
أسرع الرجل يشير لهم أن يبتعدوا فأسرع (يسري) ينزل السلالم وخلفه الخادمة وهو لا زال يحيط عنق الرجل بذراعه وأسرع هو يحمل شقيقته الغائبة عن الوعي ويتحرك خلفه إلى حيث اتجهوا لإحدى السيارات وأمره باستقلالها .. أسرع يضع (شاهي) في المقعد الخلفي وجلست بجوارها الخادمة ليأمره أن يجلس خلف عجلة القيادة ففعل وانطلق بالسيارة كما أمره وغادر عبر البوابة وتوقف منتظراً إياه حتى غادر ولم يكد يفعل حتى دفع بالرجل ليسقط أرضاً واندفع ليركب في المقعد المجاور وهو يهتف به أن ينطلق بالسيارة سريعاً ففعل وقلبه يخفق بقوة وهو يشعر أنّه انتقل فجأة إلى داخل أحد أفلام الحركة .. عاد من ذكرياته عندما سمع صوت الباب يُفتح وتوقف بدهشة وهو يرى شقيقته تغادر الغرفة فأسرع نحوها
_"هل أردتِ شيئاً حبيبتي؟ .. أنتِ بخير؟"
ابتسمت بشحوب وهي تقول
_"أنا بخير .. لقد نجح إلحاحك طيلة الأيام السابقة ... فكرت أنّك ستصيبني بالصداع اليوم أيضاً فقررت المغادرة بنفسي"
ابتسم بأسى وهو يتذكر تلك الأيام التي قضتها بالغرفة ترفض تناول الطعام حتى، ولم تدخل إلى فمها لقمة واحدة .. عادت لرأسه صورتها وهي تجلس فوق الفراش وقد ضمت ركبتيها إلى صدرها وأحاطتهما بذارعيها وأسندت عليهما رأسها وأخذت تتحرك للأمام والخلف بحركة رتيبة .. وتوسلها هو أن تتناول ولو لقمة واحدة فقط، لكن كل ما قابله وقتها هو صمتها التام ليتنهد بحرارة واقترب ليضع يده على خدها بحنان ورفع رأسها إليه قائلاً وهو ينظر إلى عينيها الذابلتين
_"استحلفكِ بالله يا (شاهي) لو كان لي أي معزة عندكِ فتناولي طعامكِ"
نظرت له بعينين عادت الدموع لتملأهما فتابع بأمل ورجاء
_"من أجل أمي رحمها الله"
سالت دموعها مع ذكر والدتهما التي رحلت وهي لا تزال صبية لتتحمل هي عبء رعاية أشقائها الصغار .. نظرت له ليمسح دموعها بأصابعه في حنان ... لقد كان صغيراً عندما رحلت أمهما وهي تولت تربيته كأم لذا كان أقرب وأحب أشقائها إلى قلبها حتى اضطرت للرحيل مرغمة ولم تستطع العودة من أجلهم بعد أن باعها والدها بأرخص ثمن.
لقد استطاع يومها إقناعها بتناول الطعام ويبدو أنّه نجح أخيراً بإخراجها من عزلتها .. ابتسم لها بحنان وهو يقترب ليحيطها بذراعه وقادها نحو المائدة قائلاً
_"كنت متأكداً أنني أملك قوة إقناع كبيرة .. سأكون واثقاً عندما أذهب إلى أي مقابلة عمل في المستقبل .. لن أترك أي فرصة لصاحب المقابلة وسيقبلني مرغماً"
ابتسمت وهي تنظر له بحنان وأمومة افتقدتها كثيراً .. كان طفلها الذي فقدته وقد عادت إليه أخيراً .. لقد كبر كثيراً .. رباه كم مر الزمن سريعاً .. هل سيمكنها أن تستعيد ما خسرته؟ .. هل سيمكنها بعد كل هذا العمر أن تستعيد نفسها وتداوي جروحها؟ .. ماذا عن ذلك الجرح الذي عاد لينفتح على اتساعه بعد أن ظنت أنّها أغلقته بإحكام؟ .. لم تظن أنّها ستشعر بكل هذا الألم .. كان الأمر أشبه بانتزاع روحها من بين جنبيها ... شعرت أنّها ستموت ولم تستعد أنفاسها ولا عادت روحها إلى جسدها إلا حين عاد (محمد) ذلك اليوم ليخبرها أنّ (مراد) نجى وأنّه غادر المشفى بسلام ليكمل علاجه بمنزله ووضعه مطمئن .. كان هذا كافياً لتتنهد وترتاح أخيراً .. لولا إغمائها ذلك اليوم الذي أخرجها فيه شقيقها من محبسها لركضت في الشوارع بحثاً عن مكانه ولظلت راكعة أمام باب غرفته حتى يستيقظ وتطمئن عليه ... كان (محمد) يراقب شرودها بألم وأسرع يقول عندما لمح الدموع تلمع في عينيها
_"انظري لهذا الطعام الشهي .. أريدكِ أن تأكليه كله ولا تتركي لقمة واحدة"
دفعها برفق لتجلس في مقعدها وتنهدت بقلة حيلة وابتسمت له عندما جلس على المقعد المقابل لها وأسند مرفقيه إلى المائدة واضعاً ذقنه بين كفيه المضمومين وهو يتأملها بحب لتبتسم على تعابير وجهه المترقبة ورفعت الملعقة إلى فمها وتناولت طعامها وهي تحاول التحكم في مشاعرها المرهفة والتي تهدد ببكائها في أي لحظة .. همست بعد لحظات
_"إنّه لذيذ"
ابتسم قائلاً
_"أليس كذلك؟ .. كنت أعرف أنّه سيعجبكِ"
بادلته ابتسامته وهي تشير للطعام أمامه
_"لن أتناول الطعام وحدي"
وبهتت ابتسامتها وهي تنظر له بألم
_"لقد اشتقت لتناول الطعام برفقتك .. برفقتكم جميعاً"
مد يده يمسك كفها قائلاً
_"انسي تلك الأيام القاسية حبيبتي .. نحن معاً أخيراً ولا شيء سيفرقنا بعد الآن"
هزت رأسها وحاولت مقاومة دموعها وتحشرج صوتها وهي تحاول تغيير الموضوع بينما تدير رأسها في الشقة
_"لطيفة جداً هذه الشقة .. صديقك الذي يسكن معك هنا .. ألن يتضايق أنّني احتليت مكانه بالشقة؟"
ابتسم وهو يهز رأسه نفياً
_"من؟ .. (شاهد)؟ .. لا تقلقي .. لقد أخبرني أن أبلغكِ أن تعتبريها شقتكِ .. هو الآن يقيم مع أسرته ولن يعود إلا في نهاية الشهر .. هذه الشقة ملكه أصلاً ويقيم فيها من أجل الدراسة .. لولا أنني صممت على دفع إيجار سكني وأقسمت عليه لما قبل مني قرشاً واحداً"
_"ممم .. يبدو صديقاً جيداً .. رغم أنّني شعرت عندما قابلته، أنّه مختلف عنك كثيراً .. لا أدري .. مجرد إحساس"
شرد بتفكيره قليلاً ليبتسم
_"إنّه مختلف بالفعل .. يمكنكِ أن تعتبريه النقيض لي تماماً"
نظرت له بتساؤل ليقول
_"(شاهد) ينتمي لعائلة كبيرة في الصعيد رغم أنّ من يراه لن يصدق هذا .. هو متمرد وفوضوي قليلاً وعنيد وعصبي .. يحب التصرف كزعيم عصابة .. حسناً .. لا يهتم كثيراً لدارسته لكنّه رغم كل عيوبه .. صديقي الوحيد"
ابتسمت قائلة بحنان
_"يبدو أنّك تحبه كثيراً"
ضحك مردداً
_"(شاهد العزايزي) يمكنه أن يجبر أي شخص على حبه وصداقته عندما يريد هذا .. لقد أجبرني على صداقته تقريباً"
تجمدت أصابعها على الملعقة ونظرت له بتساؤل هامسة بحيرة
_"(العزايزي)؟!"
هز رأسه قائلاً
_"أجل .. هذا لقب عائلته .. إنّها عائلة كبيرة كما أخبرتكِ ولهم أعمال كبيرة بالصعيد وهنا أيضاً"
قطبت في حيرة وهي تهمس الاسم من جديد ليقول
_"ما الأمر؟"
هزت رأسها
_"لا شيء .. أشعر أنني سمعت الاسم من قبل .. ربما في أحد حفلات رجال الأعمال ما دام لهم علاقة بالسوق"
قال بتفهم
_"ربما .. شقيقه الكبير هو من يتولى أعمال العائلة .. اسمه (شهاب العزايزي)"
دوى الاسم برأسها لتتسع عيناها وتذكرت لحظتها أين سمعت هذا الاسم .. انقبض قلبها وشعور بالألم جعلها تختنق فجأة وتلك الذكرى القديمة تعاودها .. كيف نسيت .. أجل .. إنّه ذلك الرجل .. ذلك الرجل الذي حاول زوجها استغلاله ذات يوم ولم يخجل من عرضها عليه وهي اضطرت للتمثيل كما تعودت وداخلها كان يتمزق في صمت .. لا يمكنها أن تنسى تلك النظرة التي رماها بها وهو يغادر المكان ... نظرة أخبرتها ببساطة كيف يراها .. القرف والاشمئزاز اللذان نظر لها بهما جعلاها ترغب في أن تنشق الأرض وتبتلعها .. لم تكره نفسها كما فعلت ذلك اليوم ولم تتمنى الموت كما تمنته يومها .. كانت أول مرة يصفعها أحدهم بكراهيته واشمئزازه من حقيقتها .. كل الرجال الذين سبقوه لم يخجلوا من النظر إليها بوقاحة وشهوة ولم يتوانوا عن محاولة استغلال جسدها ... كان هو أول من صدها .. أجل .. ذلك الرجل (شهاب العزايزي) .. كان هو من وضع أمامها مرآة الحقيقة ليصفعها بقسوة .. لم ينس زوجها خسارته واتهمها يومها أنّها فشلت في إغواء رجل أحمق كما وصفه ولم تفلت من عقابه أيضاً ليلتها .. انقبض قلبها أكثر بكراهية وتلك الذكرى أشعلت غضبها وحقدها عليه من جديد .. وعادت كلمات (منذر) تتردد بعقلها وهو يسألها بصرامة
_"هل ستتنازلين عن حقكِ وثأركِ منه بهذه البساطة؟"
انقبضت يدها على الملعقة أكثر وهي تتنفس بقوة .. لا .. كيف فكرت في هذا؟ .. هي تريد حريتها وروحها بالتأكيد، لكنّها أيضاً تريد ثأرها .. تريد أن تنتقم من ذلك الحقير لسنوات العذاب التي ذاقتها على يديه .. لكل كلمة كانت تُقال في حقها وسمعتها وسط ذلك المجتمع الراقي الذي أجبرها على الظهور فيه دون خجل .. لكل نظرة احتقار نالتها بسببه ... لن تتنازل عن انتقامها منه أبداً .. ستجعله يدفع الثمن مضاعفاً وغالياً جداً.
*******************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:13 AM   #515

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسللت (همسة) على أطراف أصابعها نحو باب غرفتها وفتحته ببطء لتطل برأسها من الفتحة الصغيرة ونظرت يميناً ويساراً بحرص لتبتسم بظفر وفتحت الباب على آخره وغادرت .. يبدو أنّ الجميع قد غادر والشقة أصبحت لها وحدها لتفعل ما يحلو لها .. ابتسمت بحب وهي تغمض عينيها مستعيدة تلك اللحظة التي فتحت الباب لتجد حبيبها على عتبته ينظر لها كأنّها كل العالم بالنسبة له وحبه الذي حلمت به لسنوات كان مجسداً في عينيه كما لم تحلم من قبل .. اتسعت ابتسامتها وهي تتذكر لحظة كانت غارقة في عناقه غافلة عن كل شيء حولها وهو أيضاً بدا أنّه نسى كل شيء ولم يعودا يذكران سوى وجودهما معاً .. لم تر (فهد) من قبل فاقداً السيطرة على نفسه ومشاعره بهذه الصورة وقلبها كان يركض كالمجنون وهي تفكر أنّها وحدها من جعلته هكذا .. احمر خداها عندما تذكرت شهقة الممرضة التي تفاجأت بهما متعانقين وبدا أنّها تتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعها ليسرع (فهد) ويضعها أرضاً واحتضن يدها ودخل إلى الشقة وقال بهدوء
_"مرحباً .. لابد أنّكِ ممرضة السيد (مراد) .. كيف حاله الآن؟"
أجابته الفتاة بارتباك وهي تتحاشى النظر إليهما ليلتفت هو نحوها قائلاً بحب
_"حبيبتي .. هل يمكنكِ أن تتصلي بـ(عماد) وتخبريه بوصولي؟ .. أنا سأذهب لأطمئن على (مراد)"
أسرعت لتحضر هاتفها وتحرك هو نحو الغرفة التي أشارت لها الممرضة .. تنهدت وهي تتذكر رد فعل أخيها ... بدا مصدوماً كأنما لم يتوقع أن يعود (فهد) بالفعل، لكنّه سرعان ما رحب به .. صديقا شقيقها أيضاً رحبا به .. لم تتوقع أن يكونوا جميعهم أصدقاء .. زمت شفتيها ... كان واضحاً أن (فهد) يعرف (مراد) جيداً وكان قلقاً بشأنه .. تذكرت اتهامها له بعبوس حين لحقت به إلى غرفته وهتفت بنزق
_"لماذا لم تقل هذا من البداية؟"
التفت لها بدهشة لتقول باتهام

_"لقد أتيت من أجل صديقك، صحيح؟ .. أجل .. أنت لم تأت إلا عندما عرفت بإصابته"
ابتسامة غريبة ارتسمت على شفتيه وهو ينظر إليها ورأته يختلس النظر للباب الذي أغلقته خلفها دون أن تشعر .. أحست فجأة بالارتباك مع نظراته التي انصبت على وجهها وشعرت بالاحمرار يغزو خديها لترتبك أكثر مع تقدمه نحوها بهدوء .. تراجعت للخلف وارتجفت أنفاسها وهي تهمس بارتباك
_"ما .. ماذا؟ .. أنا لم أقل شيئاً يغضبك .. لقد سمعتك وأنت تتحدث مع (عماد) .. لقد أتيت من أجل صديقك و .."
انقطعت كلماتها مع انتهاء تراجعها باصطدامها بالحائط .. نظرت جانباً وعادت تلتفت نحوه بسرعة وشهقت عندما وجدت وجهه على مقربة منها لتتنفس بصعوبة وهي تهمس
_"فـ .. (فهد) .. ا ... ابتعد قليلاً .. أنا .."
قاطعها هامساً وهو يرفع أحد حاجبيه
_"إذن .. أنا عدت من أجل صديقي فحسب، صحيح؟"
زمت شفتيها مرددة
_"لقد سمعتك بأذني"
ضحك لتسري رجفة بجسدها وهي تتطلع له بانبهار بينما مال قليلاً ليهمس بعبث
_"إذن كنتِ تريدينني أن أقول لـ(عماد) أنني أتيت لأكون بجوار حبيبتي؟!"
شعرت بساقيها ضعيفتين وهي تحدق في عينيه اللتين غامتا بمشاعر جعلت أنفاسها تتثاقل .. ذلك الجانب العاطفي منه لم تره من قبل .. هذا هو وجهه الآخر ... (فهد) العاشق .. انتفضت بخفوت على لمسة يده لخدها واتسعت عيناها بارتباك وشعرت فجأة أن كل هذا كثير .. كل ما يحدث فجأة منذ عودته المفاجأة .. كل هذا كثير على قلبها المسكين .. همست بضعف وهي تحاول التمسك بخيوط العقل قبل أن تغرق تماماً
_"وهل هناك مشكلة لو أخبرته بهذا؟ .. ألست حبيبتك فعلاً؟"
ابتسامته التي كانت رده على سؤالها حبست أنفاسها أكثر وشعرت أنّها ضاعت حتماً عندما شعرت به يميل نحوها أكثر .. أغمضت عينيها بقوة كأنها بهذا ستهرب لتفتحهما فجأة عندما شعرت بابتعاد دفء جسده عنها ووجدته يقف على مقربة مشيحاً بوجهه وهو يتنفس بقوة .. همست اسمه بارتباك ليتنفس بعمق وهو يغمض عينيه قبل أن يلتفت ناظراً لها بحنان وقال
_"همستي .. عودي لغرفتكِ حبيبتي"
همست بتوتر

_"هل أخطأت بشيءٍ يا (فهد)؟ .. ما الأمر؟"
تنفس من جديد بقوة وقال وهو يتجه نحو الباب وسحبها من كفها ليغادر غرفته وأوصلها لباب غرفتها قائلاً بحنان امتزج بالجدية

_"(همس) .. أنتِ لم تعودي تلك الطفلة التي كانت تلتصق بي في كل مكان .. أنتِ الآن امرأة ناضجة .. وهذه المرأة تكون حبيبتي"
احمر وجهها مع كلماته ونظراته إليها ليتابع
_"أجل حبيبتي .. وهذا يعني أنّه يجب أن نحافظ على المسافات بيننا"
شحب وجهها
_"نحافظ على المسافات؟ .. أنت لن تذهب مرة أخرى و .."
قاطعها مبتسماً

_"لا حبيبتي .. ما قصدته أنّه لا يجب أن نكون بمفردنا كما اعتدتِ قديماً حين كنت أعتبركِ أختي الصغيرة"
تجهم وجهها وزمت شفتيها بضيق ليضحك ونظر لها بحب قائلاً
_"لكنكِ لستِ كذلك الآن .. أنتِ امرأة كبيرة .. فاتنة جداً .. وحبيبتي .. وأنا رجل طبيعي وعاشق .. هل تعتقدين أنني سأحتمل وجودكِ بقربي طويلاً دون أن أحاول إثبات ذلك بكل وسيلة ممكنة"
نظرت له بحيرة لثوان قبل أن تتراجع شاهقة بخجل ليضحك أكثر وشعرت هي بالارتباك الشديد وبدا هو مستمتعاً بخجلها لتقول بسرعة وهي تفتح باب غرفتها
_"أنا .. أنت .. حسناً .. تصبح على خير"
اتسعت ابتسامته وهو يناديها لتلتفت له ليقول بعبث
_"اغلقي الباب بالمفتاح حبيبتي فلا أضمن وسوسات الشيطان أثناء الليل"

اتسعت عيناها وهي تحدق فيه بصدمة لتسرع وتدخل غرفتها مغلقة الباب خلفها واستندت إليه تتنفس بسرعة .. وصلتها ضحكته وهو يبتعد عن بابها فزمت شفتيها .. الأحمق .. إنّه يتسلى بها كعادته .. تبخر غضبها سريعاً وهي تتذكر بخجل كل ما حدث .. إنّها ترى (فهد) مختلف .. وهذا الفهد ملكها وحدها .. تذكرت كيف لم تستطع النوم تلك الليلة وخياله يؤرقها وكلما أغمضت عينيها تفتحهما بخوف أن يكون كل ما حدث حلماً ويكون لا زال بعيداً ولم يعد من أجلها .. لم تحتمل طويلاً وتسللت من غرفتها على أطراف أصابعها متجهة نحو غرفته .. فتحت الباب برفق ونظرت نحو الفراش وتنهدت براحة وهي تراه نائماً والضوء الخافت مشتعل بجواره وهناك كتاب موضوع فوق صدره .. ابتسمت بحنان .. يبدو أنّه غرق في النوم وهو يقرأ .. قلبها كان يخفق ارتياحاً .. إنّه هنا بالفعل .. لم يكن حلماً .. حبيبها عاد إليها ولن يتركها أبداً كما أخبرها .. رغم كل تحذيراته لها لم تستطع مقاومة اقترابها منه .. أرادت سرقة هذه اللحظات من الزمن . أرادت أن تتأمله دون أن يشعر وترتوي من رؤيته علّها تشبع ذلك الشوق الذي لا زالت تشعر به نحوه رغم وجوده بقربها .. اقتربت بهدوء شديد ومالت لترفع الكتاب بحرص حتى لا توقظه .. وضعت الكتاب جانباً وعادت لتنظر لملامحه المسترخية في نوم عميق .. ركعت على ركبتيها بجوار الفراش ومالت لتشبك ذراعيها فوق حافته وأسندت ذقنها وعيناها تتحركان ببطء فوق ملامحه .. قاومت رغبتها في لمسه وعيناها تتحركان من فوق خصلاته السوداء لتنزلا إلى حاجبيه الذين غابت عقدتهما وجفنيه المغمضين بسلام .. شعرت بقلبها يتخبط وهي ترفع كفها لتلامس ملامحها من على بعد ترسمه واحداً بعد آخراً .. لم تعرف كم مر من الوقت وهي جالسة تتأمله هكذا .. لم تقاوم رغبتها في لمس رموشه الطويلة بسبابتها ففعلت برقة وهي تغمغم بنزق

_"هل هذه رموش رجل؟ ... أنا أحسده عليها"
لم تنتبه لتغير وتيرة أنفاسه بينما تحرك إصبعها في الهواء ترسم أنفه نزولاً إلى شفتيه وتوقفت عندها بصدمة كأنما انتبهت لما تفعل .. ارتجفت أصابعها حتى كادت تلامس شفتيه وتذكرت ما حدث قبل ساعات .. لو أنّه لم يبتعد ويخرجها من غرفته .. هل كان؟ .. هل كان سيقبلها؟ .. احمر وجهها وهي تفكر .. أجل .. عندما مال نحوها كان يوشك على تقبيلها لولا أن تمالك نفسه .. لهذا أخبرها أنّ عليهما إبقاء مسافة بينهما .. رغم خجلها الشديد لم تستطع منع ابتسامتها التي خانتها وتحولت لضحكة صغيرة سارعت بكتمها قبل أن توقظه .. نظرت له مرة أخيرة ولم تقاوم أن تقترب لتهمس بخفوت شديد
_"لو تعلم كم أحبك يا (فهدي) .. لن يكفي عمري القادم كله لأعبر لك عن هذا الحب .. تصبح على خير حبيبي"
استندت بكفيها للفراش تنوي النهوض وكادت تفعل عندما التفت كفه حول رسغها وقبل أن تلتفت مستفهمة وجدت نفسها تسقط فوق صدره .. رفعت عينيها الوجلتين لتقابلها ابتسامته الساحرة العابثة .. تنفست بصعوبة وهي تهمس اسمه محاولة الابتعاد ليمنعها ذراعه الملتف حول ظهرها .. تنفست بارتباك وهي تنظر لعينيه اللتين لم يغادرهما النعاس وسمعته يهمس "حبيبتي" بصوتٍ ناعس مليء بالعاطفة .. رباه .. هل يعتقد أنّه يحلم الآن؟ .. يا لحماقتها .. لقد حذرها من دخول غرفته وهي خالفت الأمر ولم تمض بضع ساعات .. همست بخجل
_"(فهد) .. أرجوك دعني .. أنت تحلم"
رفع يده يداعب خصلاتها وهو يهمس
_"أنا أعرف .. لكن هذا الحلم أجمل من كل أحلامي السابقة بكِ .. أنتِ تبدين حقيقية جداً حبيبتي"
تسارعت أنفاسها .. هل كان يحلم بها سابقاً؟ .. همست بارتباك أكبر
_"حسناً عد للنوم حبيبي لتكمل الحلم"
سمعته يضحك قائلاً بعبث جعلها تقطب حاجبيها بشك
_"لقد ظلمت شيطاني كثيراً بسببكِ (همستي) .. لم أعتقد أنّه كان يجب أن أغلق أنا باب غرفتي بالمفتاح"
حدقت فيه بذهول للحظات قبل أن تشهق ودفعته في صدره هاتفة وهي تنهض مبتعدة

_"أنت مستيقظ بالفعل .. أيها المخادع"
ضحك متأملاً وجهها المحمر بحنان وقال

_"من الأحمق الذي سينام وحبيبته تتأمله وتعترف لها بحبه بهذه الروعة؟"
ازداد احمرار خديها مع نظراته التي حملت إليها كل مشاعره وهمست بارتباك

_"أ .. أنا سأعود لـ .."
هز رأسه وشعرت بابتسامته تحمل بعض الأسى وقبل أن تنطق بحرف اهتز هاتفه معلناً وصول رسالة .. التقطه ليقطب وهو ينظر للرسالة، بطريقة جعلتها تشعر بالقلق قبل أن يرفع رأسه لها قائلاً بمرح لم يخدعها
_"اذهبي لغرفتكِ حبيبتي ولا تستمعي لشيطانكِ مرة أخرى لأنني لا أضمن نفسي في المرة القادمة"
لم تنخدع بكلماته وسألته بقلق

_"هل أنت بخير؟ ... ماذا كان بهذه الرسالة؟"
ابتسم وهو ينهض ووضع يده خلف ظهرها يدفعها أمامه
_"لا شيء حبيبتي .. مجرد رسالة دعائية .. هيا اذهبي لغرفتكِ .. لا أريد أن يستيقظ أحد الشبان ويفهم وجودكِ هنا خطأ"
همست اسمه باعتراض ليبتسم مكملاً
_"ستتسببين في ارتكابي لفضيحة يوماً ما .. اذهبي هيا لغرفتكِ حبيبتي"
دفعها للخارج وأغلق الباب تاركاً إياها تضرب أخماساً في أسداس حتى اليوم وهي تفكر بفضول في تلك الرسالة التي قلبت ملامحه في ثوان وقلبها أخبرها أنّه ربما يخفي عنها شيئاً ما لن يسرها أن تعرفه .. أو شيئاً قد يغير حياتها تماماً.
*******************

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:15 AM   #516

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

وقف ساكناً مطرقاً برأسه في هدوء انتظاراً حتى يفتح الحارس البوابة وتنهد وعقله يستعيد بسرعة شريط عمره خلال السنوات الماضية حتى توقف عند زيارة (عماد) الأخيرة له وتذكر الصدمة والألم اللذين احتلا ملامح ابن أخيه وهو يخبره بما حدث قبل سنوات .. كان يعرف أن الأمر صعب عليه ولو كان مكانه لوجد صعوبة في تصديق كل ما سمعه .. الحقيقة مرة للأسف ولم يمكن باستطاعته فعل أي شيء ليزيل تلك المرارة عنها .. لم تكن مرة فقط بل مريرة وصادمة .. كان مدركاً لشعوره في تلك اللحظات التي كان يجلس فيها أمامه بعد أن سأله أن يخبره بنفسه .. سأله لحظتها إن كان سيصدقه ليجيبه (عماد) بهدوء
_"لقد جئت لأعرف الحقيقة كما تعرفها أنت .. لقد حدث الكثير الفترة الماضية .. الكثير الذي جعلني أعيد التفكير في كل ما أخبرتني به أمي .. بكل شكوكي ومعتقداتي بشأن ما حدث قديماً .. حين حدث كل هذا كنت لا أزال صبياً وبعيداً في تلك المدرسة التي رماني فيها أبي لاستيقظ ذات يوم مصدوماً بتلك الأخبار .. لم أفهم ما يحدث ولم أجد الوقت لأفعل فأمي هربت بنا للخارج سريعاً وبعدها لم أعرف شيئاً سوى ما قالته هي واعترافاتك التي أكدت لي إدانتك .. الآن .. بت أشك في كل شيء حولي .. أتيت اليوم لأرى الأمور من ناحيتك أنت عمي وكما قلت أنت سابقاً .. لن آخذها كأمرٍ مسلم به .. سأبحث بنفسي لأتأكد مما قلته قبل أن أصدقه"
ابتسم لحظتها بأسى .. يعرف أنّه قال هذا لكن قلب الأب داخله تمنى لو أنّه أخبره أنّه لا زال يصدقه ويثق به ... أنّه بأعماقه يؤمن أنّه لم يكن ليفعل كل ما اتهموه به وأنّه بالنسبة له لا زال الأب والصديق الذي لم يخجل يوماً من الاعتراف له بمشاعره البريئة تجاه ابنته ورجولته المبكرة التي دفعته ليقطع له ذلك الوعد دون أن يخجل منه أو يخشى صده أو سخريته .. دفن أمنيته ومشاعره وهو يبتسم له قائلاً

_"لن ألومك بالتأكيد .. هذا ما يجب أن تفعله بني .. أنت لن تكرر نفس الخطأ مرتين"
تنهد بحرارة مفكراً .. تُرى هل سيصدقه (عماد) في النهاية ويتأكد مما قاله؟ .. ربما يستغرق الأمر وقتاً .. لا يعرف إن كان سيذهب إلى (عز الدين) ويتأكد منه أم سيبحث عن طريقٍ آخر .. المهم أنّه تخلص من ذلك الحمل الثقيل الذي كاد يخنقه طيلة السنوات الماضية ولو حدث وساءت الأمور ودفع حياته في صراعه مع (توفيق) يكفيه أنّ (عماد) على الأقل قد عرف الحقيقة.
رفع رأسه منتبهاً من أفكاره عندما أشار له الحارس بالخروج، فتنفس بعمق وهو يخطو للخارج وتسارعت نبضات قلبه وهو يقف تفصل بينه وبين العالم الخارجي خطوة واحدة .. لكم يخشى أن يخطوها .. يعرف أن حياته بعدها ستتغير تماماً .. تنفس من جديد وحسم أمره وعبر الخطوة الفاصلة إلى الشارع الأسمنتي وشعر بقلبه يسكن تماماً وهو يرفع عينيه ينظر للشارع وأحس كما لو أن كل الموجودات من حوله قد سكنت فجأة وأغمض عينيه يصغي لكل الأصوات التي تناهت لأذنيه متداخلة فيما بدا له سيمفونية رقيقة رغم كل صخبها .. رفع رأسه الأشيب وتطلع في السماء بعينين غامتا فجأة بالدموع وعاد قلبه يخفق بكل قوته .. لقد خرج للعالم الخارجي أخيراً .. بعد كل هذه السنوات .. هل مرت حقاً خمس عشرة سنة؟ .. هل مر عليه كل هذا الوقت حقاً بعيداً عن كل من يحب؟ .. هل كان الأمر يستحق حقاً كل هذا الألم؟ .. كل هذا الاشتياق؟ .. شعر بدموعه تسيل على خديه فرفع كفه يمسحها بسرعة وعاد يخفض رأسه وهو يقول بعد تنهيدة حارة
_"ها قد خرجت للدنيا من جديد يا (أحمد اليزيدي) .. ماذا ستفعل بحياتك بعد الآن ومن أين ستبدأ؟"
لقد خسر الكثير .. خسر كل من أحبهم في حياته .. كل من حارب لأجلهم ... عادت عيناه تدمعان وهو يتطلع من حوله .. هل كان يتوقع أن ينتظره أحدهم أو جميعهم خارج أبواب السجن ليلقي بنفسه بين أحضانهم ويبكي وسطهم اشتياقاً وألماً .. حتى (عماد) .. كان يأمل حقاً لو حسم أمره سريعاً وكان هنا ليستقبله هو على الأقل؟ .. يعرف أنّ الأمر صعب عليه وأنّه لو صدق كل ما أخبره به فعليه أن يأخذ القرار الأصعب .. أن يقف في صفه هو لا في صف أمه وخاله .. تنهد بوجع شديد وهز رأسه مفكراً ... ليس هذا وقت البكاء على الأطلال يا ابن (اليزيدي) .. أمامك طريق طويل وحساب يجب عليك تصفيته وستحارب ولو كنت وحدك .. دع الضعف جانباً وفكر في القادم .. عدّل وضع حقيبته على كتفه وتحرك في الشارع متابعاً طريقه في تصميم ترافقه صورة أسرته الصغيرة تشد من أزره في طريقه الطويل لاستعادة حقه وحقهم .. لاستعادة كل ما خسره قديماً والانتقام لكل أحبابه .. كل خطوة كان يخطوها وسط العالم الخارجي الذي غاب عنه طويلاً كانت تطعن قلبه بمزيد من الوجع والحزن لكنّها كانت تدفع بمزيد من الإصرار داخله .. شعور داخلي انتابه فجأة جعله يشعر أنّه مراقب .. ذلك الشعور الذي كان ينتابه قديماً حين كان عمله مع والده يعرضه للخطر .. وقتها كان يثق بإحساسه الذي بدا أنّه نمى مع الوقت .. الآن هو يشعر بنفس الإحساس .. حانت منه نظرة للخلف وقطب حاجبيه لرؤيته سيارة تتحرك خلفه ببطء على الجهة المقابلة من الشارع .. تُرى هل هي تابعة لـ(عز الدين)؟ .. هل تُراه كلّف حراسة خاصة لتحميه بعد أن أخبره أنّه لا يأمن أن يكون (توفيق) قد عرف بأمر خروجه وفكر في أذيته .. انقبض قلبه بضيق .. أو ربما تكون تلك السيارة تابعة لعدوه .. حرك رأسه يريد أن يختلس نظرة أخرى حين اصطدمت عيناه فجأة بانعكاس ضوئي يطل من فوق أسطح إحدى المباني البعيدة نسبياً عن موقعه وانقبض قلبه بقوة ... ذلك الانعكاس .. لا يمكن أن يكون ما يفكر فيه .. لم يشعر بخطواته التي تسارعت مع ازدياد شعوره بالخطر .. لم يبتعد كثيراً حين شعر بخيط من النار يخترق صدره .. شهق بألم وهو يضع يده على صدره بذهول قبل أن يرفعها غارقة بالدم الذي تفجر من جرحه .. هز رأسه برفض .. لا .. ليس الآن .. ليس بعد أن انتهى عذابه الطويل خلف تلك القضبان وحان الوقت ليأخذ بثأره .. ليس الآن .. هو لن يموت الآن .. لن يفعل .. سقط على ركبتيه فوق الأرض التي تساقطت قطرات دمه فوقها .. لن يموت الآن .. وحيداً دون أن يرى وجوه أحبابه ولو لمرة أخيرة .. لا يمكن أن يفعل .. شعر بالدنيا تنهار من حوله وسمع من بين الغيام الذي تكاثف من حوله صوت أحدهم وهو يهتف بجزع يهتف بشيءٍ ما لم يفهمه وشعر به يرفعه ويسنده إلى جسده وهو يحدثه بكلامٍ كثير لم يلتقط منه سوى اسم (عماد) ليتنهد بارتياح وترك نفسه يغرق في دوامة الظلام التي ابتلعته تماماً وهو يردد داخله بأمل ورجاء .. لن يموت الآن .. لن يخذله قدره بعد كل هذه السنوات .. لن يموت.
********************

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:16 AM   #517

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ألقت (سؤدد) نظرة أخيرة على وجه زميلها الغارق بغيبوبته ومالت لتهمس في أذنه
_"لقد اقترب الوقت (كرم) .. أعدك ... أنا لن أتراجع مهما حدث حتى آخذ بحقك منهم جميعاً"
اعتدلت وعيناها تعلقتا به لوهلة قبل أن تلتفت لصديقتها التي تعلقت عيناها بها في قلق .. تحركت نحوها لتقول (ريماس) برجاء وهي تمد يدها لتقبض على ذراعها
_"لا تفعلي (سؤدد) .. أرجوكِ .. لا أريد أن أخسركِ أنتِ أيضاً .. لا يجب أن تذهبي لهذا الحد .. أرجوكِ فكري ملياً"
زفرت بقوة وهمست

_"لقد فكرت جيداً (ريماس) .. لا يمكنني أن أتراجع ولو كلفني الأمر حياتي"
حدقت فيها بذهول لتربت على كفها وتنتزعها من فوق ذراعها وهي تتحرك لتغادر
_"لا تقلقي أنتِ واهتمي بنفسكِ وبجنينكِ"
اندفعت (ريماس) خلفها وهتفت ما أن غادرت غرفة زوجها
_"لماذا أنتِ بهذا العناد (سؤدد)؟ .. من قال لكِ أن (كرم) راضٍ عما تفعلين؟ .. لو كان مستيقظاً لمنعكِ من هذه المخاطرة"
ابتسمت بمرارة
_"لو كان مستيقظاً لخاطر معي"
ارتجفت شفتا (ريماس) في عجز ودمعت عيناها وهي تهمس
_"أنتما أحمقان .. لقد أوقعني حظي مع أكثر الأشخاص حماقة في هذا العالم .. أحدهما زوجي والآخر صديقتي .. لماذا لا تفكران فيّ قليلاً؟ .. لماذا أنتما عنيدان هكذا؟ .. هل أنتما سعيدان برؤيتي أعاني بهذا الشكل؟"
ارتفع حاجبا (سؤدد) وهي تحدق فيها بصدمة وأجفلت مع انفجارها المفاجيء ودموعها تسيل بشدة وهي تواصل

_"أنا .. أكاد أموت قلقاً .. كنت أموت رعباً أن تتحقق مخاوفي ولم تستمعا إليّ .. لماذا عليّ أن أعاني هكذا خوفاً عليكما بينما تصران على إلقاء نفسيكما في المهالك؟ .. ألا تهتمان لي؟ .. لماذا لا .."
انقطعت كلماتها مع الدموع التي غلبتها أمام عينيّ (سؤدد) الفزعتين والتي سرعان ما تحركت لتضمها إليها وهي تقول
_"يا الله .. لماذا كل هذا يا (ريما)؟ .. بالله عليكِ لا تجعليني أشعر أنني ذاهبة لأحارب على الجبهة؟"
قالتها بصوتٍ حاولت أن تجعله مرحاً بصعوبة بينما تُربِت على ظهرها صديقتها التي شهقت بدموعها وهي تهتف
_"أنتِ حمقاء"
مسحت على رأسها بحنان وقالت كأنّها تتحدث إلى طفلة
_"نعم نعم .. أعرف .. هلا هدأتِ الآن؟ .. ما الذي حدث لتفتعلي كل هذه الدراما؟"
ابتعدت عنها ومسحت دموعها بقوة وهي تهتف
_"دراما؟! .. شكراً لكِ يا (سؤدد) .. كنت أعرف أنّكِ لن تشعري بي .. أنتِ وهو نسخة واحدة ويبدو أنني بالفعل في آخر اهتماماتكما .. لقد حذرتكما مراراً لكنّكما لم تهتما لي .. أنتما لا تهتمان لو مت من القلق والخوف بسببكما أنا وطفلي .. أنتما .."
لم تقاوم ضحكة صغيرة غافلتها ورددت
_"يا إلهي .. هرمونات الحمل مخيفة بالفعل"
فغرفت فاهها وهي تحدق فيها، قبل أن تقطب حاجبيها وترفع قبضتها محاولة ضربها لتبتعد (سؤدد) وهي تضحك من جديد وفتحت (ريماس) فمها لتنطق بشيء حين توقفت عيناها على شيءٍ خلف (سؤدد) لتلتفت تلك الأخيرة بتساؤل وخفق قلبها بقوة وهي ترى ما أثار دهشة صديقتها وشعرت بأنفاسها تكاد تتوقف بصدرها وعيناها تقابلان عينيّ حارسها الشخصي الذي كان يقف في نهاية الممر مستنداً للحائط بوقفته الشهيرة التي اعتادتها ولم تفقتدها إلا تلك الأيام التي غاب فيها وكلّف آخراً بحراستها .. حاولت بصعوبة التركيز مع ما تقوله صديقتها وهي تحاول انتزاع عينيها عن عينيه اللتين كانتا متعلقتين بها في انبهار واضح وتسارعت نبضاتها بشعورٍ غامض وهي تحاول تفسير ما تراه في عينيه .. كان هو أول من قطع تواصل أعينهما وهو يشيح برأسه لتعود للواقع وتلتفت نحو صديقتها التي كانت تنظر لها بغموض وقد اختفت دموعها وارتسمت ابتسامة عابثة على شفتيها وهي تقول بسخرية وعبث
_"مممم .. من الواضح أنّ هناك تطور كبير قد حدث ... جيد .. هذا وحده يخفف من حدة قلقي عليكِ"
قطبت (سؤدد) وهي تنظر لها بتجهم وقالت
_"من الواضح بالفعل أن هرموناتكِ المجنونة تتحكم بكِ هذه الأيام (ريماس)"
ابتسمت وهي تنظر نحو حارس صديقتها الذي كان يخرج هاتفه في تلك اللحظة وانشغل بتصفحه وقالت
_"أجل .. أجل .. حاولي التهرب من الأمر .. سأعذركِ فليس سهلاً الاعتراف بما نخشاه"
_"أنا لا أعرف عما تتحدثين .. من الواضح أن أعصابكِ متعبة بالفعل وتحتاجين لبعض الراحة (ريماس)"

تمتمت بضيق
_"أنا متعبة بسبب أفعالكِ أنتِ وزوجي .. تصران على لعب دور البطولة ولا تفكران في كل من يهتمون لأمركما"
_"(ريماس) أرجوكِ .. أنا لم آت اليوم لـ .."
قاطعتها قائلة بأسف

_"أعرف .. وأنا آسفة لأنني لم أمنحكِ الدعم الذي تريدينه .. يجب أن تقدري حالتي (سؤدد)"
اقتربت لتحتضنها بحنان وهمست

_"لا أريد أن أسافر وأنتِ غاضبة هكذا .. يجب أن تدعي لي لأوفق في مهتمي ويمر الأمر بسلام"
عانقتها بحب وقالت

_"أنا سأدعو لكِ كثيراً (سؤدد) لتعودي سالمة وأن تستمعي لصوت العقل قبل أن يفوت الأوان"
ابتسمت بقلة حيلة وهي تبتعد عنها وقالت

_"حسناً (ريما) .. يجب أن أذهب الآن .. هناك الكثير مما يجب أن أفعله قبل أن أسافر"
اختلست (ريماس) النظر نحو حارسها وسألت بقلق

_"هو سيسافر معكِ، صحيح؟"
زفرت بحنق ورددت

_"للأسف .. ذلك الوغد أقنع جدي بضرورة سفره معي وأنّه ربما أكون في حاجة أكبر للحماية هناك"
أومأت قائلة
_"جيد"
رمقتها بنظرة قاتلة لتبتسم ببراءة مفتعلة وقالت

_"ماذا؟ .. ألستِ سعيدة بالأمر؟"
كزت على أسنانها قائلة بتهديد

_"هل تريدين الموت؟"
ضحكت وهي تتراجع بعيداً عن قبضتها المهددة وقالت

_"تستحقين .. على الأقل سأشعر بالكثير من الارتياح وأنا أعرف أنّه سيكون معكِ .. يبدو رجلاً جيداً وعلى استعداد ليفديكِ بروحه لو تطلب الأمر"
كلماتها جعلت قلب (سؤدد) ينقبض وحاولت بصعوبة طرد تلك الأفكار التي لا زالت تصر على تشتيت عقلها .. لا تريده أن يحميها ولا أن يفديها بحياته كما تقول (ريماس) .. تريده فقط أن يبتعد عنها وعندها سترتاح .. صفعتها تلك اللحظة التي كانت تغادر فيها مبنى الصحيفة متوقعة رؤيتها لحارسها الجديد لتتوقف مصدومة برؤيته هو في انتظارها وعلى شفتيه أسخف ابتسامة رأتها .. حسناً .. هي لن تعترف أبداً أن ابتسامته تلك أوقفت قلبها تقريباً كما توقفت أنفاسها وهي تراه يقترب منها بخطواته الواثقة ليتوقف أمامها قائلاً بنفس الابتسامة عندما لم يحصل على أي رد فعل منها
_"ملامح وجهكِ المصدومة تعطيني فكرة عن مدى افتقادكِ لي الأيام القليلة الماضية"
بصعوبة انتزعت نفسها من ذهولها لترميه بنظرة قاتلة وتتحرك نحو سيارتها لتستقلها وتصفع بابها بقوة ليلحق بها في الحال وانطلقت هي بسرعة جنونية ورفقاً بأعصابها لم يحاول استفزازها بكلمة أخرى وإلا تقسم أنّها كانت ستتعمد الاصطدام بأقرب سيارة أو عمود إنارة بالشارع .. لكنّه .. ذلك الوغد .. لم يكد يوصلها ويغادر حتى عاد لاستفزازه واقترب منها متعمداً ومال قليلاً ليهمس
_"وأنا أيضاً افتقدتكِ كثيراً"
وهذا كان كثيراً بالفعل على أعصابها لكنّها لم تجد الفرصة لتنشب أظافرها في عنقه فقد ألقى بكلماته واستغل صدمتها الواضحة وتحرك مغادراً تاركاً إياها تحدق في إثره بذهول امتزج برغبتها في قتله إلى جانب ذلك الشعور الأحمق الذي تراقص داخل قلبها .. هزت رأسها بقوة وهتفت

_"مستحيل"
انتبهت على صوت (ريماس) التي ضحكت قائلة
_"ما هو المستحيل؟"
نظرت لها بحاجبين معقودين لتتابع بخبث

_"من الواضح أنّكِ شردتِ بعيداً .. هل كنتِ تفكرين به؟ .. رائع .. هناك تقدم بالفعل"
زفرت هاتفة بحنق
_"تباً يا (ريماس) .. لا تتسلي على حسابي أرجوكِ .. أنا المخطئة أنني قررت زيارتكما قبل سفري .. هيا .. اذهبي لزوجكِ وارحميني من أفكاركِ الجهنمية هذه"
ضحكت وهي تربت على شعرها كالأطفال

_"اهدأي صغيرتي .. أنا سعيدة جداً لأجلكِ ومعجبة بذلك الرجل الذي استطاع اختراق جبال الثلج التي تحيطين بها نفسكِ .. هل تعرفين شيئاً؟ .. سأذهب لأشكره بنفسي"
اتسعت عيناها باستنكار بينما تحركت (ريماس) في اتجاهه لتسرع وتشدها من ذراعها هاتفة

_"ستذهبين لتشكري من؟ .. هل جُننتِ؟ .. لابد أنّكِ تريدين الموت على يدي حقاً يا (ريماس) .. المرة القادمة التي ستلمحين فيها لهذا الهراء ستكون نهايتكِ، فهمتِ؟"
مطت شفتيها تكتم ابتسامة وهي ترفع سبابتها تغلق فمها إشارة لكونها لن تنطق بحرف لتهز (سؤدد) رأسها قائلة
_"جيد .. أكان يجب أن أستخدم العين الحمراء لتتوقفي؟"
فقدت (ريماس) السيطرة على ضحكتها لتتنهد (سؤدد) بقلة حيلة وقالت مشيرة بذراعها نحو غرفة (كرم)
_"لا فائدة .. أنا سأغادر .. هيا اذهبي لزوجكِ"

تأملتها للحظة بابتسامة رقيقة امتزجت بحزنها واقتربت تحتضنها مرة أخيرة وهمست لها برجاء
_"اهتمي بنفسكِ حبيبتي"
ربتت على ظهرها هامسة

_"سأفعل لا تقلقي"
ابتعدت متمالكة مشاعرها وقالت
_"أنتِ أيضاً اهتمي بنفسكِ وبـ(كرم)"
هزت رأسها لتبتسم لها (سؤدد) مودعة وتحركت بخطوات هادئة نحو حارسها الذي كان ينتظرها متظاهراً الانشغال بهاتفه .. اقتربت منه وهي تستعيد كلمات صديقتها .. يفديها بحياته لو تطلب الأمر!! .. استعاد عقلها لقاءهما الأول حين أنقذها من السيارة التي كادت تصدمها والطريقة التي حمى بها جسدها ليتلقى هو معظم الصدمة .. لم يكن يعرفها ذلك اليوم .. هل يفعل هذا لأي شخص لا يعرفه؟ .. هزت رأسها وهي تشتم نفسها بضيق لانزلاقها من جديد بأفكارها نحوه .. شدت قامتها وهي تقترب منه وكادت تناديه عندما وجدته ينظر لهاتفه بقلق قبل أن يرفعه إلى أذنه متلقياً المكالمة وفي ثانية واحدة تغيرت ملامحه بطريقة فاجأتها وأثارت قلقها فأسرعت تقترب منه وسمعته يهتف بحدة
_"ماذا تقول؟ .. متى حدث هذا؟ .. حسناً ابقى معه و .. ماذا؟ .. أي مشفى؟"
قطبت بحيرة وهي تقف خلفه ورأته يرفع رأسه ينظر حول المكان قبل أن يهتف
_"تباً تباً ... لا .. لا شيء .. يجب أن أذهب في الحال .. سأتصل بك لاحقاً"
أغلق الهاتف والتفت ليفاجأ بها خلفه تماماً ولمحت شحوب وجهه الواضح وارتباكه المفاجيء برؤيتها .. همست بقلق مع رؤيتها لحالته
_"ما الأمر؟ .. هل هناك مشكلة؟"
قطبت أكثر مع نظراته غير المفهومة التي نظر بها نحوها وشعرت به يجد صعوبة في الكلام وقبل أن تعيد سؤاله تنحنح قائلاً بسرعة
_"يجب أن نذهب في الحال"
_"ماذا حدث؟"
هتف بتوتر وهو يشد يدها

_"لا وقت .. سأشرح لكِ في الطريق"
اتسعت عيناها وهي تحدق في يدها التي اشتدت عليها قبضته وهو يسحبها خلفه والصدمة جعلتها عاجزة عن الإتيان بأي رد فعله .. كان يشدها خلفه في طريقهما لخارج المبنى لتستفيق أخيراً من صدمتها عندما اقتربا من الباب وحاولت شد يدها منه وهي تهتف

_"ماذا تفعل؟ .. اترك يدي"
لم يبد أنّه سمع حرفاً مما تقول وهو يتابع طريقه نازلاً السلالم الخارجية لتهتف وهي تحاول غرس قدميها في الأرض

_"تباً (مراد) .. هل جُننت؟ .. ما الذي تفعله؟ .. دعني .. أنت تؤلمني .. تباً .. هل تسمعني؟"
انتزعت يدها بكل قوتها ليتوقف فجأة وفقدت هي توازنها مندفعة نحوه وهي تشهق فأسرع يحيط جانبي خصرها بيديه ويسندها بينما تقف على أصابع قدميها فوق درجة السُلم التي كادت تسقط من فوقها .. تنفست بسرعة وهي تحدق في وجهه بعينين متسعتين وكفاها متمسكتان بكتفيه .. أسرعت تبتعد ما أن استوعبت الوضع ورفع هو يديه عن خصرها .. شعرت باحتراق شديد بوجنتيها وأشاحت بوجهها في حرج بينما يسألها

_"أنتِ بخير؟"
صوته جعلها تستفيق من ارتباكها وعاودها غضبها سريعاً فهتفت وهي تتجاوزه هابطة السلالم بسرعة

_"لا تلمسني هكذا مرة أخرى"
زفر وهو يقف مكانه محدقاً في إثرها بألم لينتبه في اللحظة التالية لسيارة الاسعاف التي توقفت ونزل منها المسعفون بسرعة وخفق قلبه بقوة .. لا .. هل وصلوا بهذه السرعة؟ .. ربما ليسوا هم .. نقل بصره بين السيارة وبين (سؤدد) .. لا يمكن أن يخاطر .. أسرع ينزل الدرجات التي تفصلها عنها وهي تتحرك لتقطع ساحة المشفى الخارجية إلى حيث ركنت سيارتها .. لمح بذعر سيارة (راجي) المألوفة تدخل إلى الساحة ليتأكد شكه وتحرك بسرعة أكبر نحو (سؤدد) .. رآها تتوقف وتنظر في اتجاه المسعفين ليسرع خطواته نحوها واقترب في اللحظة التي سمعا فيها صوت أحدهم يقول مخاطباً أحد الأطباء الذين سارعوا لاستقبالهم

_"إنّه مُصاب بطلق ناري ونزف كثيراً .. علاماته الحيوية ليست .."
لم يسمع باقي الكلمات وقلبه نبض بعنف شديد وهو يراها تنظر بقلق إلى النقالة التي حركها المسعفون بسرعة نحو مدخل الطواريء وقبل أن تتمكن من رؤية المُصاب كان قد أحاط معصمها بقبضته وشدها نحوه .. شهقت وهي تدور حول نفسها في لحظة لتجد نفسها مستندة إلى صدره ورفعت عينيها تنظر إليه دون فهم ونسيت كل شيء وهي تنظر في عينيه المعتمتين بالقلق والخوف وأشياء كثيرة لا تفهمها .. ماذا أصابه؟ .. لماذا ينظر لها هكذا؟ .. وما الـ .. توقفت أفكارها مع شعورها بنبضاته المتسارعة أسفل كفيها وشهقت بخفوت وهي تجد نفسها بين ذراعيه من جديد وتسارعت نبضاتها هي الأخرى وهي تنتزع نفسها وتدفعه بقوة هاتفة
_"ما الذي أصابك؟ .. قلت لك لا تلمسني أبداً بهذه الطريقة .. لابد أنّك جُننت"
وقف صامتاً ولمحته يضغط على فكه بقوة ولمعة غريبة في عينيه زادتها حيرة ليأتيها صوته مرتجفاً أو هكذا تخيلت وهو يقول
_"أنا آسف .. هيا لنغادر"
أعطاها ظهره متحركاً بسرعة نحو سيارتها لتحدق في إثره بدهشة وهزت رأسها وهي تتبعه هامسة لنفسها

_"لا بد أنّه فقد عقله"
لم تكد تقترب من سيارتها وتفتح بابها حتى أسرع يبعدها عن الباب ليجلس خلف عجلة القيادة وتسمرت مكانها لثوان وهي تحدق فيه بصدمة قبل أن تهتف

_"ماذا أصابك حقاً؟ .. هل فقدت عقلك؟ .. ابتعد من مكاني"
أغلق الباب بقوة لتتسع عيناها أكثر وقبل أن تنطق قال بصرامة

_"اصعدي ... ليس هناك وقت"
_"أنت .. هل جُننت .."
هتف فيها بحدة جعلتها تنتفض

_"اللعنة .. قلت اركبي في الحال (سؤدد)"
ارتجفت شفتاها بصدمة
_"أنت ما ..."
زفر بقوة وغادر السيارة وشدها من ذراعها وسحبها في اتجاه الباب الآخر وفتحه ليدفعها للداخل ويغلق الباب بقوة وأسرع يدور حول السيارة ويجلس في مقعد القيادة وينطلق بسرعة مغادراً المشفى تماماً وأخذت هي بضع دقائق لتستوعب ما فعله معها للتو ... هتفت أخيراً وهي تنظر له بغضب شديد

_"أيها الوغد .. لقد تجاوزت حدودك حقاً .. كيف تجرؤ على التعامل معي بهذه الطريقة"
لم يرد عليها وهو يركز على الطريق وضغط أكثر على دواسة الوقود ويداه تقبضان بقوة على عجلة القيادة لتهتف بغضب أكبر
_"هذا سيكون آخر يوم لك في العمل معي .. سأتحدث مع جدي وأخبره بتصرفاتك الوقحة معي .. ستعرف جيداً كيف تجرؤ على معاملتي هكذا"
أغمض عينيه متنهداً بقوة وهو يزيد سرعته أكثر متجاهلاً إياها ليشعل غضبها وجنونها أكثر واستمع بشرود لتهديداتها المتواصلة طيلة الطريق حتى وصلوا للقصر ليدخل عبر بوابته بسرعة وأوقف السيارة بصرير حاد لتندفع هي للأمام .. اعتدلت بسرعة وأزاحت شعرها الذي سقط مع اندفاعها ليغطي وجهها وفتحت فمها لتصرخ فيه عندما أمرها بجمود
_"انزلي"
_"ما .."
قاطعها هاتفاً بحدة

_"قلت انزلي هيا"
تنفست بقوة وقهر وأسرعت تغادر السيارة وأغلقت الباب بعنف وهتفت بكراهية
_"انزل أنت الآخر هيا .. لن تغادر اليوم إلا بعد أن يقرر جدي طردك نهائياً .. هيا"
نظر لها بشرود وأوقفتها نظراته الغريبة تلك عن الكلام .. تبادلا النظرات لبضع ثوان ليصدمها هو من جديد وهو يعيد تشغيل السيارة وينطلق بها بسرعة أمام عينيها الذاهلتين .. هتفت وهي تندفع نحو البوابة التي غادرتها السيارة

_"سيارتي ... ذلك الوغد .. أيها الأحمق .. كيف يجرؤ؟"
أخرجت هاتفها وأسرعت تتصل به وسمعت صوت الرنين دون أن يرد .. قبضت يدها على الهاتف وهي تهتف بغل

_"ذلك الوغد .. ذلك المجنون .. لن يمر ما فعله بسلام"
أسرعت تصعد سلالم القصر بخطوات عنيفة وهي تتنفس بقوة بينما تتوعده في كل خطوة أن تجعله يدفع ثمن ما فعله غالياً .. لن يستمر في عمله لحظة واحدة بعد الآن .. دخلت القصر عازمة على رؤية جدها وفي عقلها تردد قرارها الحاسم الذي لن تتراجع عنه مهما حدث .. اليوم سيكون آخر أيام حراسته لها.
*******************

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:17 AM   #518

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

استمع (منذر) لمحدثه باهتمام شديد ولمعت عيناه بقوة وهو يقول
_"هل أنت متأكد؟ .. جيد .. ماذا عن وضعه؟ .. تمام .. حسناً ابقى بالقرب وابلغني بكل ما سيجد على الوضع .. لا أريد أي خطأ ولا أن يعرف أحدهم بعلاقتك بالأمر .. أنا أعتمد عليك فانتبه جيداً، مفهوم؟"
أغلق معه وتعلقت عيناه المتألقتان بالمنظر الخارجي عبر الحاجز الزجاجي لشقته .. جيد .. الأمور تسير كما يريد تماماً .. بقى فقط أن يتصل بذلك الشيطان .. والده .. حدق في الهاتف الذي انقبضت كفه فوقه بعنف .. يكره أن يفعل ذلك لكنّه مضطر .. لكن حسناً .. هذه المرة سيستمتع كثيراً بإخباره بما حدث وردة فعله المتوقعة أثلجت صدره قبل أن تحدث حتى .. أسرع يجري الاتصال وضغط على شفته بقوة حين أتاه الصوت البارد يسأله
_"هل انتهى الأمر؟"
أجابه ببرود

_"تقريباً"
ران الصمت لحظة ليهتف (توفيق) بغضب

_"ماذا يعني تقريباً؟ ... ألم يمت؟"
اتجه (منذر) نحو البار وصب لنفسه كأساً وابتسم وهو يجيب بصوتٍ لم تتسلل إليه ابتسامته
_"ليس بعد .. إنّه مُصاب فقط وبالمشفى"
وصله صوت تحطم لشيءٍ ما على الجهة الأخرى فمط شفتيه بأسف مصطنع ورفع الكأس يرتشف منه باستمتاع شديد ليأتيه صوت والده بعد لحظات هاتفاً بغضب أشد

_"ماذا يعني هذا يا (منذر)؟ .. أخبرتني أنّك ستتأكد من تنفيذ الأمر .. الرجل الذي أرسلته إليك قناص محترف .. مستحيل أن يخطيء الهدف .. كيف تقول أنّه لا زال على قيد الحياة؟"
تنهد بأسف مصطنع وهو يقول
_"لكل جواد كبوة كما تعرف .. المشكلة الآن أن قناصك لم يتصل بي من الأساس ليبلغني بالأمر، لقد كلفت أحد رجالي بمراقبة السجن ليتتبع (أحمد اليزيدي) حتى أتأكد من إتمام رجلك للمهمة كما أمرت ورجلي هو من أبلغني بإصابته ووصوله للمشفى .. الأطباء يحاولون إنقاذه لذا لا زال لديك أمل في التخلص منه .. لا تقلق .. آه وبخصوص ذلك القناص .. حاولت الاتصال به لكن لم أستطع الوصول إليه .. ربما كان خائفاً من عقابك .. لا أدري"
هتف فيه بحنق
_"هل هذا وقت مزاحك السخيف يا (منذر)؟"
أنهى الكأس دفعة واحدة وقال بجدية
_"من قال أنني أمزح الآن؟ ... أنا أتحدث بكل جدية .. ليست مشكلتي أنّك أسأت تقدير قدرات رجلك الخارق .. لقد أفسد الأمر واختفى تماماً"
عاد (توفيق) يهتف بحدة
_"لقد وعدتني أن تتولى الأمر يا (منذر) .. لو أنني عرفت .."
قاطعه ببرود وهو يضع الكأس على الرخام بقوة

_"أنت من قرر إرسال رجل خاص للمهمة .. يبدو أنّك كنت تخشى أن أخيب ظنك وأفسد الأمر .. ها هو رجلك نفسه من أفسد الأمر ولا زال (أحمد اليزيدي) على قيد الحياة بسبب خطأه"
صرخ اسمه بحدة ليهتف (منذر)

_"لا تأتي الآن وتلومني سيد (سيزار) .. أنت من البداية لم تثق بكلمتي وما دمت لم تفعل لا حق لك في الصراخ عليّ"
قابله الصمت لوهلة كأنما فقد والده القدرة على الكلام مصدوماً بتخليه عن بروده واندفاعه لأول مرة، قبل أن يأتيه صوته قائلاً بهدوء
_"حسناً .. لن نتشاجر بخصوص من السبب .. المهم الآن .. أريدك أن تتأكد هذه المرة من أنّه قد انتهى .. كلّف أحد رجالك أن يذهب للمشفى و .."
قاطعه قائلاً وركن شفتيه يرتفع بابتسامة ساخرة
_"لا يمكنني"
_"ماذا؟"
قال بهدوء وهو يتجه إلى الأريكة الوثيرة وألقى بجسده عليها

_"كما سمعت .. لا يمكنني أن أرسل أحداً لقتله .. إنّه يخضع لحراسة أمنية مشددة"
_"ما الذي تقوله؟ .. أي حراسة أمنية؟"
ابتسم بسخرية وهو يردد
_"يبدو أنّ خصمك ليس شخصاً عادياً .. لم يكد يصل للمشفى حتى تبعته قوة أمنية وتولت حراسة غرفة الطابق الذي يوجد فيه .. رجلي يحاول الوصول لأي معلومات بخصوصه لكن الأمر صعب بوجود كل هذه الحراسة"
ران الصمت لبعض الوقت حتى ظن أن والده قد أغلق الخط بينما كان ذلك الأخير يفكر ملياً فيما سمعه ليأتيه صوته أخيراً وهو يقول
_"حراسة أمنية؟ ... أنت متأكد أنّها حراسة أمنية وليس تواجد عادي للشرطة بما أنّ الأمر كان محاولة قتل"
اتسعت ابتسامته الساخرة لحظة قبل أن تختفي وهو يقول
_"لا .. ليس مجرد محققين من الشرطة بخصوص الحادث .. ربما هناك من يعرف أنّك ستهدد حياته فور خروجه من السجن ومن مصلحة ذلك الشخص أن يبقى على قيد الحياة .. لماذا برأيك؟"
عادت ابتسامته العابثة لترتسم على شفتيه وهو يسترخي على الأريكة ويغمض عينيه محاولاً تخيل حالة والده الذي يعلم جيداً أنّ عقله يفكر الآن في عشرات الاحتمالات .. جيد .. فليحترق بقلقه ومخاوفه .. سيستمتع كثيراً الأيام القادمة .. سمع صوت (توفيق) يردد بعد لحظات بصوتٍ غلبه التجهم

_"لا بأس .. حاول أن تجد فرصة لتصل إليه .. لا يجب أن يبقى على قيد الحياة بأي طريقة، هل سمعت؟"
_"لماذا؟"
قالها ببرود ليهتف فيه

_"لماذا ماذا؟ .. نفذ الأمر دون أسئلة"
ردد ببرود مماثل
_"من حقي أن أعرف قبل أن أخاطر بحياتي .. ربما أمره لا يستحق وتتسبب بقلقك منه في توريطنا في مشكلة ستضيّعنا جميعاً .. هل تتخيل ماذا سيحدث لو وصلت الشرطة لطرف خيط أو شكّت بعلاقتي بالأمر؟"
تنفس بحدة قبل أن يقول
_"حسناً .. راقب الوضع جيداً هذه الفترة حتى أخبرك بما تفعله .. أبلغني إذا جد جديد"
_"حسناً"

أغلق (توفيق) الهاتف دون كلمة أخرى ليلوي شفتيه بسخرية وهو ينظر للهاتف بقرف قبل أن يلقيه جانباً وهو يهمس
_"اذهب للجحيم"
شرد قليلاً بتفكيره قبل أن يبتسم بخفوت وهو يردد
_"وهذه واحدة أخرى (سؤدد يزيدي) لكنّكِ لن تعرفي أبداً"

تنهد بقوة وهو ينهض من مكانه واتجه نحو غرفته ليغتسل ويبدل ثيابه .. وقف أمام المرآة وهو يعقد رباط عنقه بشرود وعقله ذهب إلى تلك الحمقاء التي ستجعله يفقد عقله حقاً .. لم يتصور أن تكون عنيدة لهذه الدرجة .. ابتسم بأسى .. لكنّه يفقتدها كثيراً تلك العنيدة .. لقد افتقدها طيلة الأيام الماضية وافتقد لقاءاتهما القليلة التي كانت تنتزع جزءاً كبيراً من ذلك التوتر والاختناق الذي يشعر به بسبب حياته المعقدة تلك .. (شاهي) أصبحت جزءاً عزيزاً في حياته .. يشعر أنّه يستعيد جزءاً من نفسه التي فقدها قديماً .. عقد زر قميصه وهو ينظر في عينيه عبر المرآة وهز رأسه .. لا .. يعرف جيداً أنّ مشاعره نحوها أبعد ما تكون عن الحب .. (شاهي) انعكاس له .. صديقة مقربة وشخص كان يفتقد وجوده في حياته .. ابتسم بسخرية مفكراً .. هو من الأساس لا يستطيع الحب .. هو شيطان لا يملك قلباً .. شيطان لا يملك حقاً في الخلاص الذي رغم كل شيء يتلهف داخله ليحصل عليه مع معرفته أنّه لا يستحقه .. طرد تلك الفكرة بعيداً وهو يتذكر ساخراً نظرات شقيقها الغيورة وتجهم وجهه وهو يراه .. حسناً .. هو سيزورها رغم اعتراضه وكراهيته .. ذلك الفتى يكرهه بالفعل وربما يتهمه أنّه السبب في حالة شقيقته .. زفر بحنق وهو يستعيد ما أخبرته به .. العنيدة .. لا زالت ترفض تدخله بأي طريقة وتصر على قضية الخلع تلك متنازلة عن كل حقوقها .. عادت كلماتها الأليمة إلى أذنيه وهي تقول بوجع
_"كل هذا لا يهمني .. أنا سأشتري روحي يا (منذر) .. روحي وحريتي .. وهذان الاثنان أغلى من أي شيء ... سأضحي بأي شيء مهما بلغت قيمته لأشتريهما"
كان يعرف أنّها محقة فيما تقول، لكنّه لم يتعود على ترك حقه .. هو من عاش لسنوات يحترق رغبةً في الانتقام لوالدته ولحياته التي تدمرت بسبب أنانية رجل فاق الشياطين في شرها .. ليس سهلاً على شخصٍ مثله أن يتفهم رغبتها في الاكتفاء بنيل حريتها من زوجها الحقير دون أن تثأر لنفسها من السنوات التي أذاقها فيها المرار .. ألقى نظرة أخيرة على صورته ورش من عطره ليتحرك مغادراً وهو يردد بحسم .. يمكنها أن تعترض كما شاءت وترفض مساعدته كما تريد بحجة أنّها تريد أن تعتمد على نفسها لكنّه سيفعل ما يريد في النهاية .. ذلك الوغد (مختار) سيتلقى جزاءه عما قريب .. سيجعله يدفع الثمن أضعافاً مضاعفة قبل أن يطلقها ويرد لها كل حقوقها .. لن يكون (منذر صفوان) إن لم ينتقم من ذلك الوصولي عديم الشرف .. قريباً جداً سيفعل.
*******************

m!ss mryoma and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:18 AM   #519

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

دفن (عاصي) رأسه بين كفيه وهو يصرخ بحنق .. تباً .. تباً .. ما الذي فعله؟ .. هل هو أحمق؟ .. رفع رأسه يحدق أمامه وهتف بذهول غاضب
_"هل أنت أحمق؟ .. كيف تفعل هذا؟"
لقد أفسد كل شيء .. كل ما كان يعمل عليه الأيام الماضية وخطته لكسب قلبها فشلت قبل أن تبدأ وبسبب خطأ غبي واحد
هتف وهو يضرب رأسه فوق سطح المكتب
_"لقد أفسدت كل شيء أيها الأحمق .. كيف ستصلح الأمور الآن؟"
ضرب رأسه بضع مرات قبل أن يرفعها ليزفر بحرارة ويهمس
_"لن تسامحني هذه المرة أبداً .. لن تفعل"
نهض ليقطع غرفته بخطوات متوترة وهو يستعيد من جديد ما حدث في غرفة (رهف) .. ما كان يجب أن يذهب إليها وهما منفعلان .. كان يجب أن يتركها تهدأ وتستوعب الأمر، لكنّه أراد أن يطرق الحديد وهو ساخن ... لا يمكنه أن يغير ما حدث .. هو في النهاية أفسد الأمر .. لقد استفزها وهي استفرته بأسوأ طريقة
_"آآآآه تباً"
هتف وهو يغرس أصابع كفيه في شعره ويشده بحنق وألقى بنفسه على حافة الفراش وأغمض عينيه مستعيداً تلك اللحظات التي نسي نفسه فيها ولم يتذكر غضبه وغيرته التي فجرتها بكلماتها تلك .. لم يتذكر كل عهوده لنفسه أن يسير طريقه إلى قلبها الذي غلفته بالجليد والأشواك بكل حرص وتفهم .. لم يتذكر سوى كونها بين يديه .. في اللحظة التي لامسها تبخر كل شيء وتخبط قلبه داخل صدره كما فعل أول مرة حين قبّلها ليلة عيد ميلادها .. كان مغمضاً عينيه يرتوي من نبع حبها الذي حرم نفسه منه طويلاً وادعى أنّ لا حق له فيه بينما هي منحته ذلك الحق بطيب خاطر وهو رفضه بكل قسوة .. كان جباناً .. هي كانت له .. منذ البداية كانت له .. منذ فتحت عينيها العسليتين هاتين حين رآها أول مرة وأسرت ذلك الطفل الذي كانه وجعلته يأخذ عهداً على نفسه أن يكون بجوارها وأن يحميها دائماً .. انقبض قلبه متذكراً أنّه حنث بعهده فكان أول من آذاها ودفعها نحو الخطر بسبب خوفه من نفسه ومشاعره نحوها .. ذلك الألم الذي طعن قلبه وهو يذكره بكل قسوته معها جعله يقربها إليه برقة أكبر يريد أن يعوضها عن كل ألم وجرح عاشته بسببه يوماً، متجاهلاً ضربات قبضتيها الرقيقتين لكتفيه وهي تحاول تخليص نفسها من عناقه .. لم يكن أي شيء ليبعده عنها في هذه اللحظات ولا حتى هي .. تراجع للخلف ليجلس على حافة فراشها وهي فوق ساقيه .. أصابعه ذابت في خصلاتها العسلية وذراعه الأخرى ازدادت إحكاماً حول خصرها عندما شعر برجفة جسدها التي أرسلت رجفة مماثلة بقلبه .. شعر بضربات كفيها تضعف وانتبه لطعم دموعها على شفتيه فابتعد مرغماً لينظر إلى عينيها المغمضتين اللتين سالت دموعهما وهمس برقة وهو يداعب أنفها بأنفه
_"حبيبتي"
فتحت عينيها مع كلمته تحدق فيه بنظرات غير مفهومة فمال يهمس بحب وهو يضع بين كل كلمة وأختها قبلة برقة الفراشة على شفتيها
_"أحبكِ .. أحبكِ عسليتي"
اعتمت نظراتها أكثر بطريقة غريبة لتهمس بجمود فور أن شعرت به على وشك تقبيلها من جديد
_"أنا .. أكرهك"
همستها بصوتٍ ميت كنظراتها التي قابلت بها نظراته العاشقة والصقيع الذي كان يتدفق من عينيها اندفع بقسوة نحو قلبه ليجمده بين ضلوعه بينما يهمس بألم
_"(رهف)"
لم تحرك ساكناً لتدفعه عنها وهي تردد كآلة صماء
_"(رهف) ماتت يا (عاصي) .. أنت قتلتها بيديك"
توقف قلبه وجسده ينتفض بخفوت مع كلماتها وحدق فيها بنظرات اشتد فيها الألم وهمس

_"لا تقولي هذا (رهف) .. أنا .."
قاطعته بنبرتها الميتة
_"توقف عن استجداء الحب من الموتى .. لقد فات الأوان .. لم يعد بقلبي مكاناً لك أو لغيرك .. لم يعد لدي قلبٌ من الأساس ... أنت مزقته بنفسك .. لذا مهما فعلت لن تجد لك صدى داخلي"
كل كلمة منها كانت تمزق قلبه وتنفس بصعوبة بينما عقله يصفعه دون رحمة هاتفاً فيه أنّه يستحق .. يستحق أن يشعر بكل الألم الذي شعرت به من قبل بسببه .. يستحق أن يتألم وينزف قلبه كما فعلت هي قديماً .. شعر بيديها تتحرك فوق صدره لينتفض قلبه بجنون تحت لمستها فيما هي دفعته وهي تقول
_"اتركني الآن .. لا تقترب مني مرة أخرى .. لا تحاول أن .."
قاطعها هاتفاً بحرقة وهو يعيد ضمها إليه بقوة

_"لا .. انسي أن أفعل .. اكرهيني كما تشائين .. اصفعيني واضربيني وخلِصي ثأركِ مني .. لن أفعل شيئاً .. لن أقاوم .. افعلي ما تريدين لكن لا تطلبي مني أن أبتعد عنكِ (رهف) ... لا تفعلي هذا لأنني لن أطيعكِ في هذا الأمر"
شعر بيديها تحاولان دفعه بكل قوتها ليضمها أكثر
_"لا تطلبي مني أن أحرركِ (رهف) .. لأنني لا أستطيع .. لا يمكنني أن أفعل .. ليس بعد الآن .. عاقبيني بأي طريقة حبيبتي إلا هذه"
تجمدت بين ذراعيه تماماً وظن أنّه قد أثر عليها .. أنّها بدأت تلين فأبعدها ينظر لوجهها وهاله شحوبها الشديد وتنفسها الضعيف بينما سال خيطان من الدموع فوق خديها فمال يلتقط دموعها بشفتيه هامساً بحب
_"لا تبكي يا قلب (عاصي) .. أنا آسف .. لم أقصد ... أنا .."
سمعها تهمس بتقطع وهي تحرك وجهها محاولة تجنب قبلاته لخدها
_"أ .. أريد أن .. أبقى وحدي .. اذهب .. من هنا"
_"(رهف) .. أنا .. "

قاطعته وهي تدفع صدره بيديها ونظرت إليه بنظرة أصابت قلبه بصاعقة وهو يحاول ألا يصدق ما فهمه منها لكنّها لم ترحمه وهي تقول مشيحة بوجهها عنه
_"أنا .. أ .. أشعر بالنفور ..عندما تلمسني .. أرجوك .. د .. دعني"
حدق فيها بصدمة ورآها تعض على شفتيها وجعدت أنفها كأنما تشعر بالقرف بالفعل لقربه بينما تهمس وجسدها بدأ يرتجف بوضوح
_"أشعر بالغثيان عند .. عندما تلمسني .. لا .. أريدك أن تلمسني أبداً أو تـ .. تقبلني .. أ .. أنا لا أريدك بقربي .. أشعر أنني سـ .. سأموت في أي لحظة .. أرجوك ا .. ابتعد .. لا أريدك"
بدا أن عقله توقف عن العمل وهو يحدق فيها لينتبه على ارتجافها الشديد وشحوبها الذي اشتد .. بدت على وشك فقدان وعيها أو الأسوأ .. بدت كأنّها ستتقيأ في أي لحظة .. تنفس بصعوبة وألم ساحق اعتصر قلبه لينهض من مكانه ليضعها على الفراش وتراجع للخلف مسرعاً وهو يتنفس بسرعة، بينما هي انقلبت على جانبها تعطيه ظهرها ممزقة قلبه المسكين أكثر ليتحرك للخلف بخطوات بطيئة مصدومة .. (رهف) تكرهه .. حبيبته الوحيدة تكره لمسه لها .. تشعر بالغثيان والنفور منه .. ما الذي فعله بها؟ .. كيف أوصلها لهذه الحال؟ .. شعر بحرقة شديدة في عينيه وهو يتحرك مغادراً غرفتها بسرعة كأنما تطارده الشياطين مندفعاً نحو غرفته .. ما الذي فعله بهما؟ .. هل يتساءل الآن ماذا فعل؟ .. لقد حطم كل شيء .. لقد أفسد كل شيء بغبائه .. منذ البداية .. كان أحمقاً وأضاعها من يده .. هل كان يجب أن يحاربها بهذه الضراوة ليكتشف أنّه لم يكن هناك مهرب من القدر في الأساس وأنّه كان يحارب في معركة خاسرة .. لماذا كان يخشاها لهذا الحد؟ .. لماذا كان يجب أن يخشى على نفسه منها؟ .. آهة متألمة غادرت شفتيه وهو يضرب على قلبه بقوة وهتف
_"هل ارتحت الآن؟ .. هنيئاً لك العذاب الذي تعيشه أيها الأحمق .. لقد أضعتها من يديك .. اللعنة على غبائك .. يا إلهي ماذا أفعل الآن .. كيف ستغفر لي بعد كل ما حدث؟"
صوت طرقات على الباب جعله يعتدل ويمسح وجهه بقوة وهو يسمع صوت (سلمى) تناديه فأسرع يهتف بصوت متحشرج

_"نعم أمي .. تفضلي"
انفتح الباب وأطلت هي من خلفه وهي تنظر له بحنان دفع بالدموع لعينيه لولا أن قاومها بشدة لكن يبدو أنّها لم تنخدع بصلابته الظاهرية فاقتربت منه قائلة بحنان
_"هل ستظل معتزلاً بغرفتك هكذا بني؟"
تنهد بقوة وهو يرد
_"أنا بخير أمي لا تقلقي"
جلست إلى جواره وربتت على رأسه في حنان قائلة
_"حبيبي لا يمكنك أن تخدعني .. أنا أمك ويمكنني أن أشعر بحزنك دون أن تنطق .. ألا تريد أن تشاركني تعبك؟"
نظر لها بألم وابتسم بحزن قائلاً
_"ستكرهيني أمي .. أنتِ أم (رهف) قبل أن تكوني أمي .. لقد آذيتها كثيراً ويحق لكِ أن تكرهيني كما تفعل هي"
مسحت على وجهه بحب ودمعت عيناها وهي تهمس
_"لقد ربيتك كولديّ تماماً (عاصي) والأم لا تكره طفلها حبيبي .. أنا أعرف أنّك لم تقصد كل هذا .. أعرف أنّك كنت تحاول حمايتها بطريقتك .. صحيح كانت طريقة حمقاء وتسببت بإبعادها عنك لكنك كنت تفكر في مصلحتها"
نظر لها بفزع متسائلاً إن كانت تعرف ما فعله ليلة عيد ميلاد (رهف) ونظرت له بتفهم قائلة
_"أنا لا أعرف ماذا فعلت بالضبط وجعلها تنفر منك وتتمرد قبل عامين .. لكنني توقعت أن تكون قد قسوت عليها بالكلام لتفيق من تعلقها ومشاعر مراهقتها نحوك"
همس بألم

_"كنت سيئاً جداً معها أمي وأنا أعتقد أنني هكذا أحميها مني ومن غيري .. (رهف) كانت عاطفية جداً أمي وخشيت عليها أن تتورط مع أحد الشبان .. هي هددتني ليلتها بهذا ولم أشعر بحجم خطأي إلا بعد فوات الأوان ..أنا .. أنا أعترف .. لقد شعرت بالغيرة المجنونة أمي .. لم أفهم هذا بوقتها لكنني عندما تخيلتها مع ذلك الشاب الذي تتحدث عنه .. شيء مجنون انتفض داخلي .. وتكرر هذا من جديد وهي تهددني أنّها تحب رجل آخر وتريد الزواج منه"
كانت تستمع له بصمت ليلتفت لها قائلاً بمرارة

_"زوجتي أنا تخبرني أنّها تريد الطلاق لتتزوج من رجل آخر .. بحق الله كيف كان يجب أن أتصرف أمي؟ .. لم أشعر بنفسي ... لقد أفسدت الأمر أكثر وأضعت كل فرصي معها"
ربتت على كتفها قائلة بتفهم
_"(رهف) مجروحة ومصدومة الآن يا (عاصي) .. كان يجب أن تتركها حتى تهدأ .. عندما تفكر بهدوء وتتواجهان كشخصين عاقلين ستجدان الحل لهذه المعضلة"
ابتسم بسخرية مريرة وقبضة مؤلمة تعتصر قلبه مستعيداً كلماتها من جديد

_"(رهف) تكرهني أمي .. إنّها تنفر مني .. زوجتي والمرأة الوحيدة التي أحبها تشعر بالغثيان عندما أقترب منها أو ألمسها"
نظرت له بدهشة وقالت

_"(عاصي) .. أنت لم .."
قاطعها قائلاً وهو يطرق رأسه بتعب
_"أخبرتكِ أنني لم أشعر بنفسي وغيرتي أعمتني لكنني نلت عقابي في لحظتها أمي .. لقد قالت أنّها لا تطيق قربي منها وأنني أصيبها بالقرف والغثيان"
تنهدت بحرارة وهي تنظر له بألم وشفقة قبل أن ترفع ذقنه لتجعله ينظر لها وقالت برفق

_"لقد نسيت ما تعرضت له (رهف) يا (عاصي)"
اتسعت عيناه مع كلماتها واشتعل الحقد في قلبه .. لا .. هو لم ينس أبداً .. كيف يفعل؟ .. سمعها تواصل

_"هي لم تشعر بالنفور منك أنت لشخصك .. عليك أن تستعد لهذا الأمر .. هي لم تعد كما كانت .. لقد تعرضت لصدمة كبيرة ومن الطبيعي أن تشعر بالنفور من العلاقات الجسدية وهذا سيحدث مع أي رجل يحاول الاقتراب منها"
ارتفع حاجباه وهو يدرك تلك الحقيقة وانقبض قلبه بعنف .. اللعنة عليه ذلك الحقير .. سيضع يده عليه قريباً ويجعله يدفع الثمن غالياً .. انتزعته (سلمى) من أفكاره وهي تربت على يده برفق
_"لهذا كما أخبرتك من قبل حين سألتني النصيحة لتتقرب منها .. (رهف) في حاجة للرفق والتأني .. أمامك طريق طويل يحتاج لنفس وصبر كبيرين حبيبي .. حبك لها سيجعلك تكمل الطريق وتحتمل كل الأشواك التي تدوس عليها .. أنت لن تتخلى عنها وتتعب في منتصف الطريق بني، صحيح؟"
هز رأسه بقوة وشد على كفها قائلاً بحزم
_"أبداً أمي .. ربما أكون قد أفسدت كل ما فعلته الأيام السابقة بتهوري ورجعت خطوات كثيرة للخلف لكنني لن أفعل ثانية .. سأخطو نحوها بحرص وسأصبر ولو لسنوات لو تطلب الأمر أمي .. لقد حان الوقت لأدفع ثمن أخطائي في حقها ولأعوضها عن كل ما قاسته بسببي وفي سبيل ذلك سأدفع أي ثمن"
ربتت على كفه مبتسمة
_"هذا هو الكلام السليم بني"
بادلها ابتسامتها قبل أن ينظر لها بامتنان ورفع كفها مقبلاً بحب وهو يقول
_"شكراً لكِ أمي"
وضعت كفها على خده تبادله نظراته المحبة وهي تدعو بقلبها لابنتها المسكينة أن تجد راحة قلبها وروحها قريباً وأن يمنح ذلك العاشق الأحمق ابنها الآخر الصبر والقوة في طريقه إليها لتطمئن عليهما معاً بعد كل هذه السنوات من العذاب والألم.
*******************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-19, 03:20 AM   #520

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

دلف (آدم) بهدوء إلى بيته وأغلق الباب خلفه برفق وهو يتطلع حوله ليتنهد بحرارة عندما شعر بسكون المكان .. لا زالت منغلقة على نفسها .. لم تخرج من غرفة النوم التي حملها إليها تلك الليلة التي اتصلت فيها تستنجد به وهي منهارة في حالة لم يرها بها من قبل .. لقد أوقفت قلبه تماماً تلك الليلة .. لم يكد يدخل بها لشقته حاملاً إياها إلى غرفة النوم ويضعها فوق الفراش حتى تفاجأ بها وقد غرقت في النوم .. لولا أنفاسها التي تحركت بانتظام لظنها ماتت كما كانت تقول ... تأملها بأسى ومد يده يمسح دموعها بحنان وهو يتساءل عما حدث وجعلها تنهار هكذا .. لقد كانت بخير عندما سافرت .. كان خائفاً من أن تبقى هناك وتقرر ألا تعود، لكنه الآن خائف بشدة من عودتها بهذه الحال .. ما الذي أصابها هناك؟ .. تنهد بحرارة وهو يبتعد عنها مسرعاً ليبدل ثيابه بأخرى خاصة بالنوم والتفت بعدها ينظر لها بتردد قبل أن يحسم قراره ويتجه للدرفة الأخرى للخزانة وفتحها متأملاً الثياب التي ملأها بها الأيام الماضية .. ثياب للخروج وأخرى للنوم ..لقد اشترى لها الكثير .. ما الذي جعله يفعل هذا؟ .. هل يعتقد أنهما سيعودان سوياً بالفعل؟ .. هما لم يحسما أمر علاقتهما بعد، ولا زال هناك الكثير يقف بينهما فما الذي دفعه ليشتري لها الثياب ويحتفظ بها هنا حتى تعود؟ .. كأنما كان يعرف أنها ستعود إلى هنا بالفعل .. لقد احتاجت إليه في أشد لحظاتها ألماً واتصلت به .. أتت إلى المكان الذي تعتقد أنها تنتمي إليه .. نبض قلبه بقوة هامساً داخله .. أجل .. مهما كان ما حدث بينهما ومهما كان ما يخبئه لهما المستقبل هما ينتميان لبعضهما وهذه حقيقة لم يمحها الزمن ولم يبدلها أي شيء .. تنهد وهو يقلب وسط الثياب ليختار بيجامة مريحة محتشمة وعاد إليها .. جلس بجوارها ونظر إليها بتردد وتوتر شديد .. حسناً .. ليست أول مرة يبدل لها ثيابها ولا شيء هناك ليحرج بسببه .. إنها زوجته .. داعبت الكلمة قلبه وهو يتأملها لبرهة وزفر بقلة حيلة واقترب منها ليرفعها إلى صدره وهو يهمس في أذنها

_"ربما تقتلينني حين تستيقظين حبيبتي .. لكن ليس أمامي خيار"

أسرع يبدل ثيابها بتوتر وبسرعة ليزفر أخيراً بارتياح ووضعها برفق على الفراش ونهض ليضع ثيابها جانباً بحرص قبل أن يعود ليجلس على حافة الفراش عندما سمعها تأن بألم .. أسرع يمسح على شعرها بحب وهو يهمس لها

_"لا بأس حبيبتي .. أنا هنا .. لا تخافي .. عودي للنوم"

سمعها تهمس بوجع وقد عادت دموعها تسيل رغم غرقها في النوم

_"لا تتركني .. سامحني .. لا تتـ .."

همس بحنان

_"هشش .. اهدأي .. أنا لن أترككِ حبيبتي .. أنا معكِ"

رقد إلى جوارها وأسند مرفقه على الفراش ليستند برأسه إلى يده متأملاً إياه بحب امتزج بألمه لأجلها وهو يواصل مسحه على شعرها ويهمس لها بكلماته الحانية حتى هدأت أنفاسها من جديد .. انتفض قلبه حين شعر بها تتحرك مقتربة منه تلتمس بعض الأمان وسمعها تهمس وهي تغرق في النوم من جديد

_"أبي .. أبي"

قطب حاجبيه وهو يسمع همساتها المتوسلة .. هل لوالدها علاقة بالأمر؟ .. لكنّه يعرف أنّ والديها متوفيان .. هز رأسه .. لم يعد متأكداً مما أخبرته به يوم زواجهما حتى .. لكن .. هل عرفت شيئاً بخصوص والدها هناك؟ .. أم أنها فقط تهمس باسمه حاجةً إليه .. شعر بها تقترب أكثر حتى التصقت به وأصابعها تشبثت بثيابه .. تمالك ارتباك نبضاته وهو يعدل من نومته ورفع رأسها ليضعها فوق صدره محتوياً إياها وشعر بحرارة تتسلل عبر قميصه لتلامس صدره حيث سقطت دموعها لتحرق بشرته وقلبه .. زاد من ضمها وأحاطها بذراعيه مواصلاً هدهدتها بكل رقة وحنان ولم يشعر بنفسه وهو يغرق في النوم .. استيقظ بعد ساعات قليلة على صوت تأوهات ضعيفة وأنفاس متسارعة .. فتح عينيه لتقابله خصلاتها النارية معيدة النبض المرتبك لقلبه وهو يحاول استيعاب ما يحدث ولم يكد يفعل، حتى انتبه لأنفاسها الغريبة وأسرع يتحسس جبهتها بقلق ليشهق بخفوت وحرارتها العالية تصفع يده .. إنها محمومة .. أعادت إليه بقسوة ذكرى ذلك اليوم الذي كادت تموت فيه بسببه .. أسرع يتحسس جسدها بقلق .. هو متأكد أنها لم تكن مصابة بأي جرح وهو يبدل ثيابها .. ما الذي أصابها؟ .. لم يكن وقت غرقه في التساؤلات الحائرة .. تحرك مسرعاً ليحضر أقراصاً خافضة للحرارة وقضى وقتاً لا بأس به يضع لها الكمادات حتى انخفضت حرارتها أخيراً .. لم يستطع تركها والذهاب لأي مكان .. بقي معها طيلة اليوم التالي يعتني بها .. كاد يضحك وهو يتذكر نظرات (خالد) و(سمر) المصدومة عندما اتصل طالباً مساعدتها من جديد وأتيا لتفاجأ بوجودها ... حدقت فيه بصدمة وشفتاها المرتجفتان أخبرتاه أنها تريد أن تشتمه أو تخبره رأيها فيه صراحة لكنها لم تجد الكلمات المناسبة .. عرف فيما تفكر .. لم يكن من عادته تبرير أفعاله لأحد لكنه اضطر لتبرئة نفسه أمام صديقه وزوجته.

تحرك نحو الغرفة وهو يتنهد بقوة وفتح بابها برفق ليجدها لا زالت نائمة بالفراش .. لا زالت ترفض الحديث بخصوص ما حدث .. تنام أغلب الوقت كأنما تهرب من الواقع وهذا يقلقه بشدة .. حاول عبثاً جذبها للحديث لكنّها كانت تنظر إليه بمرارة شديدة وترتجف شفتاها بعجز لتعود بعدها للبكاء في صمت .. اقترب منها وجلس إلى جوارها وقطب وهو يرى آثار الدموع الجافة فوق خديها .. لابد أنّها أرهقت نفسها بالبكاء من جديد .. ماذا يفعل ليجعلها تغادر تلك القوقعة التي تعزل نفسها داخلها .. مال عليها وهمس وهو يمسح على شعرها بحنان

_"(إيفا) .. حبيبتي ... استيقظي هيا .. لقد عدت"

أنّت برفض وتحركت من جديد مقتربة منه كعادتها تلك الأيام الماضية .. ذكرته بتلك الفترة الأخيرة قبل انفصالهما .. انقبض قلبه بتوجس .. كانت تبكي أغلب الوقت وتلجأ إليه في نومها .. تماماً كما تفعل الآن .. شعر بها تتشبث بثيابه وتشده إليها فاستجاب لها وأحاطها بذراعيه وشدها لتنام فوق صدره وهو يهمس

_"لماذا تعذبيني هكذا حبيبتي؟ .. تحدثي أرجوكِ .. تحدثي وأخبريني ما بكِ؟ ... كل شيء يمكن حله (إيف) .. فقط تحدثي"

شعر بأنفاسها المضطربة وعرف أنّها بدأت تستيقظ فواصل حديثه الهاديء وهو يتذكر كلمات جده له عندما أخبره بوضعها .. جده الذي رغم انشغاله بحادث (هشام) في الفترة الأخيرة ووضع (راندا) لم ينس سؤاله عنها واليوم أيضاً تحدث معه بخصوصها وأخبره أنّه يريد مقابلتها ليخبره بوضعها .. جده نصحه باحتوائها وجعلها تثق به أكثر .. ربما خوفها من جرحه لها مجدداً وأن يتخلى عنها وعدم ثقتها بمستقبلها معه هو ما يجعلها خائفة من إخباره بالحقيقة .. ربما تخشى من رد فعله أو رفضه لها .. ضمها إليه بقوة حين شعر بها تحاول الابتعاد كما تفعل كل مرة تستيقظ وتعود للواقع

_"ثقي بي حبيبتي .. افتحي قلبكِ لي .. أقسم .. أنا لن أخذلكِ هذه المرة أبداً .. لن أترككِ .. لقد عدتِ إليّ (إيف) .. قلبكِ أعادكِ لي .. حين أردتِ أحداً جانبكِ لم تفكري بغيري .. مهما كان الأمر قاسياً أنا سأتحمل .. سأتفهم وسأساعدكِ لتتجاوزيه .. انسي كل ما مررنا به من قبل .. انسي ذلك الماضي المعقد بجراحه وتذكري أننا أبناء اليوم حبيبتي .. أنا لن ألومكِ على أي شيء (إيفا) ... ربما جرحتكِ دون قصد وفقدت ثقتكِ بي قديماً، لكنني لن أفعل مجدداً"

شعر برجفة جسدها قبل أن تضم نفسها إليه وشهقة بكاء خانتها ليمسح على ظهرها ومال يقبل رأسها بحب متابعاً

_"افتحي قلبكِ لي أرجوكِ .. أنا أتعذب برؤيتكِ هكذا .. لو كان هذا عقابكِ لي فعاقبيني بأي طريقة أخرى .. فقط لا تعذبيني برؤيتكِ في هذه الحال .. أرجوكِ حبيبتي .. أعدكِ .. سأتحمل الحقيقة مهما بلغت قسوتها"

مع آخر كلماته كانت دموعها قد تحررت كلياً وهي تشهق بالبكاء وقد قررت أن تتخلى عن مقاومتها .. سمعها تردد من بين دموعها

_"أحياناً تكون الحقيقة قاتلة يا (آدم) .. ربما لن تحتملها أبداً .. أنا أموت ألف مرة"

انقبض صدره مع كلماتها وضمها له بجزع وهو يقول

_"لا تقولي هذا حبيبتي .. مهما كانت الحقيقة مريرة ومؤلمة .. يجب أن نواجهها .. ربما كان فيها الشفاء في النهاية .. لا يمكنكِ أن تهربي طويلاً حبيبتي .. انظري إلينا .. واصلنا هروبنا من الحقيقة وتخبطنا لسنوات في تيه من الألم والكراهية دون أن نتوقف لحظة لنتساءل عن الحقيقة .. مهما كانت تلك الحقيقة التي تؤلمكِ بهذه الصورة لا تهربي منها .. لا تحاولي دفن رأسكِ بالرمال أو الهرب إلى النوم .. ستستيقظين في نهاية الأمر وتضطرين للمواجهة"

رفع جسده ليسنده لظهر الفراش ورفعها معه .. وضع يده أسفل ذقنها ورفعها إليه ينظر لعينيها المغمضتين ودموعها وهمس متابعاً

_"افتحي عينيكِ وواجهي الواقع بكل ألمه حبيبتي .. توقفي عن الهرب فلم أعهدكِ جبانة بهذه الطريقة .. افتحي عينيكِ وانظري لي (إيف)"
انتظر للحظات حتى فتحتهما لتقابله ذمردتيها الدامعتين ليهمس بألم

_"أنا معكِ .. شريككِ وحبيبكِ (إيف) .. افتحي قلبكِ وشاركيني ذلك الجرح النازف داخله وأعدكِ أنني لن أهرب وأترككِ في المواجهة بمفردكِ"

واصلت نظراتها في عمق عينيه وقلبها يخبرها أن تثق به وتصدقه .. توسلها أن تخبره بكل شيء وتتحرر ولو قليلاً من ذلك الوجع الساحق الذي يكاد يحطم روحها تحت ثقله .. لا .. سيكرهها حتماً .. هي نفسها باتت تكره نفسها بشدة .. لا تريد أن تواجه واقع حقيقتها المريرة .. هو لن يتقبل كل ما ستخبره به عن نفسها .. عن ماضيها وحقيقتها .. عن الكذبة التي كانتها ... همست بمرارة وهي تنظر في عينيه بوجع

_"أنت ستكرهني"

خفق قلبه بعنف وقد تأكد من شكه .. هي تخشى رد فعله وعدم تقبله لها .. هل سيفعل حقاً؟ .. ما هي تلك الحقيقة التي قد تجعله يشعر بهذا نحوها؟ .. لقد ظن بها الأسوأ قديماً ورغم هذا ها هو الآن معها .. قلبه الذي وثق بها دائماً أعاده إليها .. تنفس بقوة وهو يسمعها تواصل

_"أنت لن تحتمل معرفة الحقيقة .. أنا نفسي لم أحتملها .. تذكر شعورك عندما مثلت عليك تلك الليلة .. تذكر كيف لم تحتمل اكتشاف حقيقة أن المرأة التي أحببتها وتزوجتها كانت شخصاً آخراً .. هل ستحتمل أن تكتشف من جديد أنني لم أكن أكثر من كذبة .. منذ مولدي وحتى اللحظة أنا لم أكن سوى كذبة .. هل ستتقبلني بعد كل شيء؟ ... لا .. أنت ستكرهني (آدم) .. أنت ستكرهني وستلعنني"
هتف قائلاً

_"لا (إيف) .. أنا لن أفعل .. لا شيء أبداً سيجعلني أفعل"

دفعت صدره وهي تعتدل مبتعدة وهتفت بحرقة

_"بل ستفعل .. لأنني أنا نفسي بت أكرهني .. لأنني عاجزة حتى اللحظة عن تقبل الأمر .. لا أستطيع تقبل حقيقتي .. لا أستطيع مسامحة نفسي .. أنت لن تفعل .. أنت .. "

أسرع يرفع ذراعيه يشدها نحوه وضمها لصدره ليحتوي دموعها الحارة هناك وشعر بحرقة دموعها في عينيه وهو يهمس بألم

_"لن أفعل .. أنا لن أكرر نفس الخطأ السابق (إيف) .. عندما لم أثق بقلبي الذي كان يعرفكِ وكذّب ما رأيته وسمعته ... أنا أراكِ بقلبي (إيف) ولن أخطأ وأسارع بالحكم عليكِ في الحال .. أنتِ لست كذبة (إيف) .. أنتِ حبيبتي وأم ابنتي الأولى .. لا يمكنني أن أكرهكِ .. أنا أثق بكِ"

استمرت في البكاء بحرقة وقلبها يتوسلها أن تنطق وتتحمل النتائج مهما كانت ... لقد كانت تنوي الابتعاد عنه للأبد .. لكن لو كرهها بعد ما ستخبره به كيف ستحتمل العيش مع كراهيته هذه المرة .. رفضه لها سيقتلها وهي اكتفت من الطعنات ولن تحتمل طعنة أخرى بهذه القسوة.

*********************
انتهى الفصل الرابع والعشرون
إن شاء الله ينال إعجابكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

m!ss mryoma and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.