آخر 10 مشاركات
353 - رياح الجمر - ريبيكا ونترز (الكاتـب : حنا - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          399 - خفقات في زمن ضائع - ديانا هاميلتون ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          396 - دموع على خد الزمن - جين بورتر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          القبلة البريئة(98)لـ:مايا بانكس(الجزء الثالث من سلسلة الحمل والشغف)كاملة*إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          456 - حطمت قلبي - سارة مورغان ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الستائر السوداء (الكاتـب : ررمد - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree165Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-08-18, 08:54 PM   #1

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 المُحترَم البَرْبَريّ * مكتملة *


.. بسم الله الرحمن الرحيم ..


أعود من جديد أعزائي القراء وعمل أخر يُضاف إلى قائمة الروايات الخاصة بقلمي المتواضع مع رواية (المُحترَم البَرْبَريّ


هما النقيضان في كل شيء،
وهي ليست كأغلب النساء تتسلح بضعفها،
وبطباعها القاسية دفعته لأن يكون بربريًا معها،
فهل يقع في شباك الحب أم يرحل قبل فوات الأوان؟!


وكي لا أطيل عليكم هي رواية تختلف عما سبق تقديمه، وأرجو في الأخير أن تحوز على المتابعة والاهتمام


مواعيد النشر بصورة أسبوعية بأمر الله يوم السبت من كل أسبوع ، في العاشرة مساءً بتوقيت القاهرة ، والحادية عشر بتوقيت السعودية ..

كلمة أخيرة لكم، أنتم الداعمين حقًا لأي كاتب ليمضي قدمًا في طريقه الأدبي، شكرًا على دعمكم المتواصل ...







روابط الفصول
من الفصل الاول الى الفصل الخامس .... اسفل الصفحة

الفصول من السادس الى العاشر متتالية
الفصول من الحادي عشر الى الرابع عشر متتالية
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصول 27، 28، 29
الفصل الثلاثون
الفصول 31، 32، 33
الفصول 34، 35، 36، 37، 38
الفصل التاسع والثلاثون
الفصول 40، 41، 42
الفصول 43ج1، 43ج2 ، 44
الفصل الأخير ج1، 2، 3
الفصل الأخير ج4 والخاتمة




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 14-12-18 الساعة 12:28 AM
منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 08:58 PM   #2

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الأول

الفصل الأول


على غير المتوقع والمعتاد في مثل تلك النوعية من الحفلات عالية التنظيم، رفضت الخروج للسير على الممر الرخامي ضمن باقي العارضات المستعدات لأداء عرضهن المميز قبل أن تتلقى باقي أجرها وكاملاً، مدت "آسيا" يدها نحو الراعي الرسمي لذلك الحفل وهي ترفع رأسها للأعلى في إباء وكبرياء واضح، تأملها الأخير بنظرات مطولة دارسة لكل تفصيلة في وجهها المتوهج بمساحيق التجميل التي ضاعفت من جمالها ومن إشراقها المغري، أخفض أعينه ليتابع تأمل جسدها المثير الذي بدا منحوتًا كالتماثيل الإغريقية من أسفل ثوبها الأسود، ناولها الشيك النقدي قائلاً:
-وماله، تستاهلي!
ردت عليه بقسوة وهي تنظر له باستعلاء من عينيها الفيروزتين:
-حقي!
اختطفت منه الشيك بإصبعيها ثم رفعته نصب عينيها لتقرأ ما دونه فيه من أرقام خيالية، التوى ثغرها بابتسامة صغيرة ساحرة شاعرة بالانتشاء لحصولها على مبتغاها، أبعدته عن أنظارها لتحدق في وجه الراعي مكملة حديثها معه ببرود:
-اعمل حسابك دي أخر مرة هاشتغل فيها هنا
رد محتجًا باندهاش صادم:
-مش معقول، ده احنا عندنا ديفيلهات تانية و....
قاطعته مشيرة بإصبعها:
-خلاص، كفاية عليا كده، أنا راجعة مصر!
رفعت يدها لتتلمس شعرها المعقود كعكة لتتأكد من تناسقه، ثم التفتت نحو المرأة متأملة مظهرها الفاتن بدلال يليق بها، تسمر الراعي في مكانه للحظاتٍ محاولاً استيعاب قرارها الصادم بترك كل شيء والسفر هكذا دون سابق إنذار، هتف متسائلاً وكأنه يفكر بصوتٍ مسموع:
-وتسيبي دبي، بلد الموضة والجمال؟
حدقت "آسيا" عبر النافذة الزجاجية - والتي كانت تحتل مكان الجدار بأكمله - في شكل المباني الشاهقة متأملة تصميمهم الإبداعي اللافت للأنظار، تنهدت بعمق لترد باقتضاب حاسم:
-أيوه
وقف خلفها يسألها بجدية عله ينجح في إقناعها بالعدول عن رأيها:
-طب ليه؟ كل طلباتك مجابة، وكل أوامرك بتتنفذ أول بأول، يعني...
التفتت برأسها للجانب قليلاً لتلمحه من طرف عينها لتقاطعه بعبوس:
-زهقت!
تحرك خطوة أخرى نحوها ليصبح في نفس مستواها، نظر لها بتوسل مقروء في عينيه وهو يستعطفها:
-طيب إيه رأيك لو نزلتي في سيزون الصيف، احنا لسه عندنا شغل كتير اليومين دول، وبصراحة مقدرش أستغنى عن واحدة زيك معروفة، اطلبي اللي إنتي عاوزاه، وأنا تحت أمرك
تجمدت أعينها المحدقة بشرودٍ على نقطة في الفراغ لترد بجمود جليدي:
-ده أخر ما عندي
هز رأسه بأسف، فشل في مسعاه معها، ضغط على شفتيه وهو يسير مبتعدًا عنها محدثًا نفسه
-خسارة بجد الجمال ده مايكملش هنا!
التقطت أذنيها ما قاله فأغمضت عينيها نافضة عن عقلها ما تكبدته من مشاق ومصاعب لتصل إلى تلك المكانة المميزة، وتغدو من أشهر عارضات الأزياء في الوطن العربي، اعتدلت في وقفتها لتبدو أكثر شموخًا وإغراءً، استدارت للخلف لتبدأ في السير بخطواتها الواثقة، فقد حان الوقت لتقديم أخر عروضها هنا قبل أن يحين موعد إقلاع طائرتها العائدة إلى أرض الوطن.
................................................
شدَّ كم قميصه – ذو اللون الأبيض –من أسفل سترته الكُحلية للخارج قليلاً ليغلق الزر الذهبي، انتصب ذاك الشاب الذي قارب على بلوغ العقد الرابع من عمره في وقفته ليزداد عُرض منكبيه ويبرز طوله الفاره أكثر، مسح البائع على كتفيه برفق ليتأكد من ضبط السترة عليه، ابتسم له بتباهٍ يعكس إعجابه بتفرده المعروف في بيع تلك النوعية من الثياب الفاخرة، حدق "معتصم" في المرآة مطولاً متفحصًا تفاصيل البدلة عليه، كانت مناسبة له وكأنها صممت خصيصًا من أجل ذوقه الرفيع فأظهرت تناسق جسده الرياضي ببراعة، وأبرزت عضلاته المشدودة، مط فمه مستطردًا حديثه بصوته الخشن:
-تمام، هاخدها!
اتسعت ابتسامة البائع على الأخير، فبيع قطعة كتلك ستزيد من ربحه خاصة إن كان المشتري الرجل الأكثر ثراءً في عالم البناء والمقاولات، رد بلا تفكير:
-تحت أمرك يا "معتصم" بيه!
لم يكن بحاجة لتبديل ثيابه من جديد، حسم أمره بارتداء الحلة الجديدة بعد نزع الملصق الذي يحوي ماركتها التجارية الشهيرة وسعرها الباهظ، انحنى قليلاً بجذعه ليلتقط حافظة نقوده، أخر منها الكارت البنكي ليسدد ثمنها فورًا، ثم دس في جيبه مفاتيحه وهاتفه المحمول، اقترب منه أحد العاملين بالمحل التجاري يحمل في يده حقيبة وضعت بها بدلته القديمة، أشار له ليتبعه إلى سيارته، وما إن رأه سائقه الخاص حتى أسرع بفتح باب المقعد الخلفي له ليستقر بداخلها، تناول من العامل الحقيبة ووضعها بصندوق السيارة ثم أسرع في خطاه ليجلس خلف المقود، تساءل السائق بنبرة رسمية:
-على المكتب يا "معتصم" بيه؟
رد باقتضاب وهو يضع نظارته الداكنة على عينيه:
-لأ، اطلع على البيت، ده ميعاد الغدا!
-حاضر يا فندم
قالها وهو يدير السيارة بتريث نحو الطريق الرئيسي لينحرف منه إلى طريق أخر جانبي حيث يؤدي في نهايته إلى المجمع السكني الذي يقطن به رب عمله، أمسك "معتصم" بهاتفه المحمول ليتابع أخر المستجدات عبر الصفحات الإخبارية، لمح مصادفة خبرًا صغيرًا عن أجر خيالي لإحدى العارضات العربيات والذي فاق نظيراتها الأجنبيات، لم يتوقف عنده كثيرًا فقد بدا مشمئزًا من تلك المهنة التي تخفي الكثير خلفها من العبث واللهو الماجن، ناهيك عن الفضائح المتعلقة ببعضهن، رن الهاتف فأضاءت شاشته العريضة بصورة "أية" ابنة عمه الصغرى، تقوس فمه بابتسامة صغيرة وهو يجيبها متحمسًا:
-برينسيس العيلة
ردت عليه بتوسلٍ مغرٍ:
-"معتصم"، بليز عاوزة منك خدمة
تلاشت بسمته وهو يتابع بجدية:
-على طول كده، من غير سلامات وتحيات، ها، قولي!
أكملت موضحة:
-أنا وصحابي مش عارفين نحجز في كافيه (......)، تقدر تكلم صاحبه يظبطلنا الحكاية دي
وضع إصبعه تحت ذقنه يفركه بحركة بسيطة قائلاً:
-ممممم، عشانه صاحبي!
زادت من استعطافها المصطنع قائلة:
-بليز.. بليز، ده إنت حبيبي!
التوى ثغره للجانب ليقول مستسلمًا لرقتها التي تجبره على الخضوع لها وتنفيذ رغباتها دون نقاشٍ:
-أوامرك يا جميلة
هللت بحماس استطاع تخمينه:
-ميرسي خالص، مش هنسالك ده أبدًا، أشوفك بعدين، وسلم على أنكل وأنطي
-أوكي، باي
.....................................
انتهت من تنسيق الزهور في المزهرية الرفيعة قبل أن تضعها في مكانها بجوار النافذة المفتوحة لتتسرب إليها أشعة الشمس الذهبية، ابتسمت لجمالها الطبيعي الذي يشعرها بالارتياح، التفتت "نادية" بجسدها للخلف لتسير بخطوات متهادية ورزينة نحو المقعد الوثير الموضوع بجوار مكتبة الحائط الضخمة، أتت إليها الخادمة تسألها بروتينية معتادة:
-أجهز الغدا يا هانم؟
أجابتها بابتسامة صغيرة:
-شوفي "معتصم" الأول، لو كان هايجي خلاص حضريه، لو عنده شغل مافيش داعي
تابعت الخادمة متسائلة:
-والباشا "وحيد"؟
أجابتها بنفس الهدوء الناعم:
-الدكتور قال النهاردة يقدر ياكل مشوي، وأنا بنفسي هاشرف على أكله بس لما يرجع من عنده
-تؤمري بحاجة تانية يا هانم
-لأ، شكرًا، تقدري تتفضلي
-عن إذنك
قالتها الخادمة وهي تومئ برأسها قبل أن تنصرف من غرفة المكتبة لتترك سيدة المنزل بمفردها، سحبت "نادية" ذلك الكتاب من على الطاولة الصغيرة المستديرة، ثم جلست على المقعد لتشرع في استكمال قراءته، فقد عزفت عن متابعته لأيام بسبب انشغالها بمراعاة زوجها الذي عانى من وعكة صحية لكنه تماثل للشفاء، للحظة شردت في ذكرى بعيدة وهي تقلب صفحات الكتاب، تلك الذكرى التي دومًا تنغص عليها هدوئها وتشعرها بالذنب والأسف، ارتعشت أناملها وتوترت أنفاسها وهي تقاتل لاستبعادها عن عقلها، هي عمدت إلى دفن كل ما يخصها كي لا تتألم، لم يكن الأمر بيدها، كانت مضطرة للتخلي عن أي شيء يربطها به، حتى هي ... ابنتها.
.................................................. ...
علق حقيبته الرياضية على كتفه وهو يتجه نحو المصعد بعد أن أوصله رفيقه المقارب له في عمره إلى المجمع السكني، فأصحبت عادة ممارسة الرياضة مع الرفقاء القدامى من اهتماماته مؤخرًا خاصة بعد اعتقاده أنها ستعيد إليه شبابه المفقود، ضغط "وحيد" على زر استدعاء المصعد مترقبًا نزوله، اعتلى وجهه ابتسامة هادئة حينما رأى إحدى الشابات الصغيرات تقف إلى جواره، بادلته الشابة الابتسامة قائلة بنعومة:
-هاي أنكل "وحيد"
امتعض وجهه من تذكيرها للفارق العمري بينهما بدعوته إياه بذلك اللقب المقيت، فقد كان يحب مناداته باسمه مجردًا إن لم يكن مصحوبًا بكلمة السيد "وحيد"، اضطر أن يرد عليها بعبوس:
-أهلاً
عضت على شفتها السفلى الملطخة بتلك الحمرة الصريحة متسائلة بخجلٍ لطيف:
-أخبار "معتصم" إيه وأنطي "نادية"؟
بالطبع فهم سبب توددها الغريب إليه رغم كونه جاهلاً بهويتها، فابنه يقف خلف ذلك الاهتمام الزائد، فهو الشاب الأكثر شهرة في هذا المجمع السكني الراقي بين الفتيات والشابات بسبب تعامله المثالي معهن، يُشعر كل واحدة منهن بأنها خلقت ملكة متوجة، لا مثيل لها، متفردة، تستحق أن تلقب بملكة جمال العالم، فلماذا التعجب إذًا من اهتمامهن به شخصيًا؟ رسم "وحيد المصري" على فمه ابتسامة سخيفة وهو يرد باختصار:
-كويسين
مالت الفتاة ناحيته فلامست ذراعه بكتفها وهي تهمس له بمكرٍ:
-طيب سلملي عليهم، وخصوصًا "معتصم"، باي يا أونكل!
أومأ برأسه دون تعليق، وما زاد من غرابة الموقف أنها انصرفت ولم تركب معه المصعد، ولج إلى الداخل محدثًا نفسه بازدراء:
-هو أنا عارف إنتي مين! محظوظ يا "معتصم"، مين أدك، كل البنات بتحبك، كل البنات حلوين!
انغلق المصعد عليه وهو يدندن بما يتذكره من تلك الأغنية الشبابية آنذاك وقت أن كان يماثله في العمر.
.........................................
بعد مرور يومين، توقفت سيارة الأجرة أمام إحدى البنايات ذات الطراز المعماري القديم والتي تقع في وسط المدينة، ورغم كون المنطقة راقية إلا أنها تحوي تحف معمارية مميزة ظلت شاهدة على تاريخ أصيل، تنهدت "آسيا" بإرهاق وهي تترجل من السيارة بعد أن دفعت الأجرة لسائقها، كانت رحلة عودتها متعبة، لكنها وصلت في الأخير إلى حيث ستبدأ، أحضر لها السائق حقيبتها قائلاً بترحاب زائد كمجاملة مصطنعة منه للحصول منها على مبلغ إضافي:
-حمدلله على السلامة يا هانم، القاهرة نورت
اكتفت بالنظر إليه من خلف نظارتها العريضة، دست يدها في حقيبتها لتخرج ورقة نقدية منها، مدت إصبعيها بهما إليه فسال لعابه وهو مركز بصره عليه، خطفها منهما وكأنه كنزه الثمين الذي حاز به دون عناءٍ يذكر، تناولت حقيبة سفرها منه لتخطو برشاقة وهي تصرع الأرضية الصلبة بخطواتها الواثقة في اتجاه المدخل، فهناك منزلها الذي استأجرته لتمكث فيه خلال الفترة القادمة، هب حارس البناية واقفًا يتأمل صاحبة الوجه الحسن والمظهر اللافت للأنظار وهو يسألها:
-خير يا هانم؟
ردت بقوة ظهرت في نبرتها:
-أنا الساكنة الجديدة هنا، "آسيا شرف الدين"!
رسم ابتسامة مرحبة على محياه وهو يردد اسمها الذي كان مختلفًا عن بقية ساكني البناية:
-الست "آسيا"
-ايوه، السمسار بلغني آ.....
قاطعها بتهليل متحمس:
-عرفتك يا هانم، احنا اتشرفنا بيكي، والعمارة كمان نورت بـ.....
ردت مقاطعة ببرود:
-كفاية كلام، أنا مصدعة
تجهمت تعابيره قائلاً بحرجٍ:
-اللي تؤمري بيه جنابك
-خد الشنطة وطلعها لفوق!
قالتها بصيغة آمرة وهي تنزع النظارة عن عينيها باحثة عن المصعد لتستقله، تبعها الحارس بهدوء وهو يتأمل هيئتها المغرية، بالطبع وجود أنثى بتلك المواصفات الجمالية غير الطبيعية في بناية تعج بالسكان – وخاصة الذكور – سيحدث الكثير من المشاكل، هكذا دار في عقله وهو يتوقع الأسوأ من بقائها.
...........................................
تململ على الفراش بتعب مضاعف وهو يقاتل لإبقاء جفنيه مفتوحين بعد تلك الليلة الصاخبة التي قضاها بصحبة أقربائه للاحتفال بنجاح ابنة عمه الصغرى، امتد الحفل للساعات الأولى من الصباح، وبالطبع تعذر عليه النهوض مبكرًا للذهاب إلى عمله في مكتب المقاولات والإنشاءات الهندسية المملوك له، أنزل "معتصم" ساقيه عن الفراش أولاً، ثم بدأ في فرك رأسه عدة مرات كمحاولة بائسة منه لتنشيط عقله، تثاءب بصوت مسموع وهو يمسح بيده على صدره العاري، هو يحبذ النوم بسرواله فقط تاركًا الغطاء يتكفل بتغطية جسده إن شعر بالبرودة، زحف – بالمعنى المجازي – نحو المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه، سمع دقات خافتة على باب غرفته تبعها صوت الخادمة القائل:
-"معتصم" بيه، أحضر لحضرتك الفطار
دعك عينيه بقبضتيه المتكورتين لينحني بعدها نحو هاتفه المحمول ليتفقد الوقت، تأخر كثيرًا عن موعد الإفطار، فقد قارب الظهيرة، رد عليه بصوت متحشرج وهو يسعل:
-لأ، اعملي فنجان قهوة بس!
ردت بامتثالٍ:
-حاضر يا فندم
سألها "معتصم" مستفسرًا وهو ينظر إلى ذقنه النابتة قليلاً في المرآة:
-ماما صحت؟
أجابته بجدية:
-ايوه، ونزلت من بدري مع الباشا "وحيد"
زفر بملل وهو يقول:
-طيب، جهزي القهوة وأنا جاي
-حاضر
ولج بعدها إلى داخل المرحاض ليبدأ في مراحل الاستعداد للذهاب إلى عمله، في نفس التوقيت كانت تقف عند عتبة باب ذلك المنزل ترمق اللافتة المدون عليها "وحيد المصري" بنظرات نارية تحمل الغضب والكره، توصلت "آسيا" إلى عنوان تلك العائلة من أحد معارفها القدامى والذي ظن أنه يقدم لها خدمة عظيمة بإبلاغها به، لكنه لم يعرف أنه سيفتح بابًا من الجحيم على أفرادها، بابًا لم يظنوا أنه سيظهر ليفسد عليهم هدوئهم واستقرارهم الطبيعي ................................ !!
.................................................. .....





منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:01 PM   #3

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الثاني


الفصل الثاني

بغرورٍ وتعالٍ اكتسبته من والدها الفظ ذو الطبائع الحادة والأفعال الصارمة، عقدت العزم على أخذ حقها بنفسها، حتى وإن كان ممن ظنت يومًا أنهم الأقرب إليها، فهي الملامة الأولى والأخيرة فيما وصلت إليه أمور عائلتها من تشتت وغربة وأمور أخرى لا تحب تذكير نفسها بها، تنفست "آسيا" بعمق وهي ترفع ذراعها لتقرع الجرس، تأهبت جيدًا لمواجهتها الشديدة معها، ضبطت من وضعية نظارتها القاتمة أعلى رأسها، ارتدت قناع القسوة والشراسة وهي تحدق في وجه الخادمة التي فتحت لها الباب، سألتها الأخيرة بهدوء جاد:
-أيوه يا فندم
نظرت لها "آسيا" باستعلاء أشعرها بالاحتقار وهي تسألها بنبرة جافة:
-مدام "نادية" موجودة؟
انزعجت الخادمة من أسلوبها الفظ في إشعارها بالدونية والوضاعة من مجرد نظرة مطولة، وخاصة أنها تعامل بودٍ من قِبل عائلة المصري، ابتلعت مرارة الإهانة لتجيبها بابتسامة صغيرة:
-لا يا هانم، هي.....
لم تصغِ إلى باقي جملتها حيث دفعتها من كتفها بقوة لتمرق إلى الداخل متجاوزة الأعراف والتقاليد المتبعة في استقبال الضيوف بذلك المنزل، احتجت عليها الخادمة قائلة بضيق:
-يا هانم مايصحش اللي بتعمليه ده، قولتلك "نادية" هانم مش موجودة، و....
التفتت ناحيتها "آسيا" لترمقها بنظرات أكثر شراسة أجفلت بدن الأخيرة وجعلتها ترمش بعينيها بتوتر ملحوظ، قاطعتها بصيغة آمرة مشيرة لها بسبابتها:
-تتصلي بيها تيجي هنا فورًا
اغتاظت الخادمة من طريقتها التحكمية بها وكأنها ربة عملها وليست السيدة "نادية" ذات الأخلاق الدمثة والصفات المحببة للجميع، تعاملت معها على قدر المستطاع بمهنية وبودٍ كي لا تضع نفسها في موقف حرج، فربما تكون على صلة وثيقة بسيدتها، ردت بحذرٍ عليها:
-حضرتك أنا....
قاطعتها من جديد بلهجة أكثر قوة لا تقبل بالنقاش:
-اللي قولتله يتنفذ، وإلا هاعمل حاجات تخلي اللي مشغلاكي تندم إنها مقابلتنيش!
خافت الخادمة من أسلوبها المهدد، واضطرت مرغمة أن تمتثل لأوامرها، راقبتها "آسيا" وهي تبتعد عنها لتبدأ في تأمل المكان الذي ولجت إليه بنظرات شمولية دارسة لكل جزئية فيه، كان المنزل فخيمًا يحتل طابقين متتاليين من البناية يتصلان ببعضهما عن طريق سلم داخلي، احتوى على أثاثٍ مصممٍ على أحدثِ طراز، تناسقت ألوانه مع طلاء الجدران، أكملت خطاها بثباتٍ نحو الداخل متأملة بقيته بتأنٍ، وجدت ردهة متسعة بها صالونًا كلاسيكيًا من اللون الذهبي معدًا لاستقبال الضيوف، تقوس فمها بابتسامة تهكمية وهي تحرك عينيها بعيدًا عنه.
مرت كذلك سريعًا بعدة أرائك مريحة من الطراز الحديث أو ما يعرف بالـ "مودرن" يتم استخدامهم في مشاهدة التلفاز والتجمع الودي بين أفراد العائلة لتقترب من شيء لفت انتباهها، تجمدت تعبيرات وجهها واحتقنت أعينها بحمرةٍ ملتهبة حينما وقع بصرها على تلك الصورة الفوتوغرافية الكبيرة التي زينت أحد الجدران، قست ملامحها مع رؤيتها لوجه السيدة البشوش التي تقف خلف رجل وقور جالس على مقعد خشبي عريض المسندين يشبه ما يوضع خلف المكاتب الفخمة، لم تهتم بباقي تفاصيل الصورة، فحدقتاها ظلت مركزة على وجهها فقط، عكس ذلك البريق المنبعث منهما غلاً واضحًا ممتزجًا بغضبٍ مستعر، كزت على أسنانها هامسةٍ بوعيد:
-ده اللي بعتينا عشانه!
كانت حواسها بالكامل منصبة على إبراز حقدها نحو تلك المرأة، فلم تشعر "آسيا" بالحركة الدائرة من خلفها حيث انتهى "معتصم" من ارتداء ثيابه وخرج من غرفته متجهًا نحو الصالة، زكم أنفه ذلك العطر الأنثوي القوي غير المألوف عليه، تلفت برأسه باحثًا عن مصدره، تباطأت خطواته مع رؤيته لانعكاس ظل أحدهم من على بعد، ضبط ياقته وهو يدنو نحوه، اعتلت الدهشة تعبيراته وارتفع حاجبه للأعلى مبديًا تعجبه من تلك التي توليه ظهرها، تحركت حدقتاه ببطء متأملة رشاقة جسدها المنحوت الذي برز بإغراء أربكه للحظة من أسفل ثوبها الأسود القصير، بالطبع أثار اهتمامه شعرها الأسود المعقود كذيل حصان يتدلى فوقه بطريقة منمقة للغاية، انخفضت نظراته تتأمل ساقيها الطويلتين اللاتين تضاعفا جمالهما مع كعبها العالي، اعتصر عقله محاولاً تذكر من هي، فربما التقاها مسبقًا لكن لم تسعفه ذاكرته، ازدرد ريقه وهو يتنحنح بخشونة ليلفت انتباهها لوجوده، لكنها ظلت متسمرة على وضعيتها تلك، انزعج من تجاهلها له، فخطا نحوها وهو يسعل بصوت مسموع ليتأكد تلك المرة من سماعها إياه، وببرود معتاد منها حينما تتعامل مع أمثال الرجال الذين يكررون نفس الحركة للفت انتباهها إليهم أدارت وجهها بتمهلٍ نحوه.
رأت "آسيا" شابًا فتي العضلات تظهر وسامته الممتزجة بأناقته الواضحة يطالعها بنظرات فضولية تستفسر عن هويتها دون حاجته للنطق بذلك، استطرد "معتصم" حديثه متسائلاً بابتسامة صغيرة:
-مين حضرتك؟
تأمل حدقتيها اللاتين كانتا غريبتين بسبب تلك العدسات اللاصقة التي تضعها عليهما فبدت كمن توشك على سحر من يتطلع إليها بتعويذة منهما، خرج صوته مترددًا وهو يتابع:
-أنا أول مرة أشوفك هنا، أنا أعرفك؟
بدت كمن تفضلت عليه بالرد وهي ترمقه بنظرة جليدية من برجها العاجي قائلة:
-لأ
استفزته نظراتها المتعالية نحوه وكأنه شخص حقير تجرأ عليها، بل إنها أشعرته بنظرة واحدة فقط أنه لا يرقى أبدًا للحديث إلى مثيلاتها من مرتدي قناع الغرور والغطرسة، سحب نفسًا مطولاً نفثه من أنفه متسائلاً بانزعاج:
-ممكن أعرف الهانم مين وعاوزة إيه بالظبط؟
عاودت التحديق في الصورة الفوتوغرافية وهي تكتف ساعديها لترد بسؤال صريح بنبرة تضمن في طياتها إهانة خفية:
-فين "نادية"؟
استثارت أعصابه على الفور من تجريد أحب الأشخاص إلى قلبه من أبسط الألقاب التي تضفي عليها وقارًا واحترامًا، صاح بلا وعي وهو ينهرها بعنف ومهددًا بسبابته:
-اتكلمي عن أمي عدل، إنتي سامعة!
تجاهلت عصبيته البائنة في نبرته واستمرت في التحديق ببرود للصورة، رأى "معتصم" تلك الابتسامة الساخرة التي تشكلت بقوة على ثغرها مما حقن دمائه سريعًا بغضبٍ مبرر، ضرب بيده فجأة بعنف على الحائط لتنتفض في وقفتها، تعقدت ملامحها وهي تستدير نحوه ترمقه بنظرات أكثر حدية، كز على أسنانه يسألها بغيظ:
-ردي عليا، إنتي مين؟
استعادت سريعًا ثباتها أمامه، لم تهتز من انفعاله الرجولي الذي يحاول إظهاره لها، وضعت "آسيا" يدها على منتصف خصرها، ثم أومأت بحاجبها قائلة بثقة بثت في نفسه القلق وقد عادت ابتسامتها المريبة للطفو على صفحة وجهها:
-أنا اللي جاية أخرب عليها حياتها!
انقبض قلبه بقوة من كلماتها التي بدت كالطلقات النارية المباغتة في صدره والتي أصابته في مقتل، شخصت أبصاره مفزوعًا من تهديدها الصريح، لم يمضِ عليه أكثر من ثوانٍ ليستوعب الأمر خاصة مع ابتسامتها التي زادت من استفزازه، غلت الدماء في عروقه واندفعت بقوة إلى جميع خلايا جسده تحفزه على الانقضاض عليها دون إبداء ذرة ندم واحدة، قبض على ذراعها متعمدًا غرز أظافره في لحم عضدها ليؤلمها وهو يصرخ بها:
-إنتي اتجننتي؟
هزها بعنف مواصلاً صراخه المهتاج:
-مين إنتي علشان تعملي كده فيها؟ فكرك أنا هاسمح لحد زيك يقرب منها ولا يمسها!
كركرت ضاحكة رغم ذلك الألم الذي يسببه لها ليستشيط غضبًا أكثر منها، توقفت عن الضحك لترد ببرود أتقنته:
-ولا تقدر تعمل حاجة!
أمسك بها من ذراعها الأخر مشددًا قبضتيه عليها، استمر في هز جسدها بعنف مشعرًا إياها بقدرته على إنهاء مثيلاتها ممن يتجرأن على المساس بفردٍ من عائلته الغالية، هدر بها بقسوةٍ:
-إنتي متعرفيش أنا مين
شحذت قواها لتتخلص من يديه القابضتين عليها مقاومة إياه قدر المستطاع قائلة بتحدٍ سافر غير مبالية بتبعات ما تتفوه به مع شخص على شفا حفرة من الانفجار:
-ولا تفرق معايا، أنا حسابي مع "نادية" وبس
لم يتحمل المزيد من ازدرائها لها، هي نجحت في إيصاله لذروة غضبه، أرخى يده ليباغتها بصفعة قوية على وجنتها طبعت فيها أصابعه على بشرتها البيضاء بوضوح، بدت كالصنم وهي تتلقاها فلم تهتز ولم تضعف، فقط احتقنت نظراتها واشتعلت بشررٍ مستطرٍ، استأنف تهديده العدائي لها قائلاً:
-قبل ما تفكري تلمسي شعرة منها هاتكوني ميتة
رفع يده ليجذبها من شعرها الأسود فشعرت به يكاد يقتلعه من جذوره، ضغطت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من التأوه وإظهار ألمها أمامه، هي لم تتوقع أن يواجهها شخصًا مثله، كانت آمالها معقودة على المواجهة العنيفة مع من تبغضها، وليس مع ذلك الغريب، ورغم ذلك عمدت إلى عدم الظهور بمظهر الضعف والخذلان في مقابل قوته الذكورية والجسمانية التي ظهرت بوضوح معها، لن تمنحه حتى الفرصة لاستضعافها رغم عدم كونها في موقف قوة، جرجرها خلفه منكسًا رأسها بطريقة ذليلة نحو باب المنزل صارخًا بها:
-بـــرا!
زادت حدة الألم فانفرجت شفتاها لتخرج أنينًا موجوعًا بحق، أدار المقبض لينفتح الباب ثم دفعها بكامل قوته للخارج لتفقد اتزانها وتُطرح أرضًا، ارتطم جسدها بشراسة عنيفة بالأرضية الصلبة فتألمت عظامها خاصة رسغيها اللذين تحاملت عليهما كثيرًا، تحجرت الدمعات في عينيها الملتهبتين غضبًا وهي ترفع رأسها نحوه، ردت بعزة نفس محدجة إياه بنظراتها المميتة:
-وماله، بس خليك فاكر "آسيا شرف الدين" هاتحرقكم قبل ما تموتوها
صفق الباب في وجهها بقوة متجاهلاً تهديدها العلني وهو يلعنها بكلمات نابية سمعت أغلبها من خلف الباب الموصود، تحاملت على نفسها لتنهض من رقدتها المتألمة كاتمة ما يعتريها من آلام شديدة، سارت بخطوات شبه عرجاء نحو المصعد وهي تمنع نفسها من ذرف العبرات، هي فقط لم تتخذ حذرها معه لذلك لا داعي للبكاء أو النحيب، سترد له الصاع صاعين إن أتت لها الفرصة، عليها فقط أن تركز الآن في هدفها الهام، إفساد حياة أمها.
........................................
لم تستطع الدماء أن تحط في عروقه بعد ما سمعه منها من تهديدات تكاد تطال من أفنت عمرها في تربيته، من منحته الحنان والعاطفة الأمومية المضاعفة، ذرع "معتصم" غرفته ذهابًا وإيابًا محاولاً السيطرة على انفعالاته المهتاجة، كان الأمر عويصًا عليه، تمتم من بين شفتيه بغضبٍ شديد:
-بنت الـ ........، أكيد حد مسلطها علينا، مش هاسمحلها تأذي أمي!
دقت الخادمة باب غرفته تسأله بقلق وقد رأت حالته المهتاجة وما دار من شجار عنيف مع تلك الغريبة:
-"معتصم" بيه أجيب لـ....
قاطعها بحدة وهو يأمرها مشيرًا بسبابته:
-مش عاوز حد يكلمني السعادي
هزت رأسها بالإيجاب متفهمة سبب عصبيته وهي تقول بخنوع:
-حاضر
صاح بها بصيغة آمرة استوقفتها:
-استني
تابع مضيفًا بصوتٍ شبه لاهث:
-لما ترجع ماما من برا عرفيني
-حاضر يا فندم
قالتها وهي توصد الباب خلفها ليواصل "معتصم" التنفيس عن غضبه بالتحرك بعصبية في غرفته، شعر بالاختناق وبعدم قدرته على التصرف بعقلانية، حثته خلاياه على التصرف ببدائية بربرية مع تلك الحقيرة، القتل يعد بالنسبة لها ميزة لا تستحقها، انتزع رابطة عنقه وألقاها على الفراش، كذلك خلع سترته وشمر عن ساعديه ليبدأ بعدها في ممارسة رياضة الضغط كوسيلة للتفريغ عن الشحنة الغاضبة المتأججة بداخله، توقف عما يفعل حينما سمع صوت ضحكة "نادية" يصدح بمرح بالخارج، نهض سريعًا من مكانه واندفع كالثور الهائج متسائلاً بعصبية غير مفهومة بالنسبة لها:
-ماما
نظرت له بغرابة متأملة ذلك العرق الغزيز الذي يغرقه وتلك الحمرة الظاهرة على وجهه، سألته بتلهف وهي تقترب منه لتضع يدها على صدغه:
-مالك يا حبيبي، إنت تعبان؟ فيك حاجة؟
سألها بصوته المتشنج وهو يجاهد لكبت انفعاله:
-إنتي كويسة؟
-أه يا "معتصم"، بس مال شكلك؟ في حاجة حصلت في الشغل؟
تنفس الصعداء لكون تلك المقيتة لم تتعرض لها بأذى، بدأت ثورته في الهدوء تدريجيًا، لكنه أثارت فضول "نادية" لسؤاله بتوجسٍ:
-"معتصم" رد عليا، حد جراله حاجة؟ ماتخلنيش أفضل قلقانة كده
رد بهدوءٍ حذر وهو يتصنع الابتسام:
-مافيش حاجة خالص، اطمني
-بس إنت....
أمسك بكفي يدها ليرفعهما إلى فمه، طبع قبلة صغيرة على كلاهما قائلاً بوداعة تناقض همجيته قبل برهة:
-يا ماما أنا تمام، ماتقلقيش عليا
رمقته "نادية" بنظراتها الحانية وهي تسحب يديها من كفيه لتربت باليمنى على صدغه برفقٍ، أتت الخادمة تقول بعفوية لم يضعها "معتصم" في الحسبان:
-"نادية" هانم، في واحدة جت سألت على حضرتك
شحب لون وجهه على الأخير وهو يلتفت بنظره نحو الخادمة يرمقها بغضب لتهورها الأهوج، تساءلت "نادية" بفضولٍ:
-مين دي؟
هزت كتفيها بالنفي قائلة:
-معرفش يا هانم، بس "معتصم" بيه كان....
قاطعها هاتفًا بقسوة:
-خلاص روحي إنتي شوفي شغلك!
جمدت "نادية" أنظارها على وجهه الذي بدا مريبًا، استشعرت وجود خطب ما يخفيه عنها، سألته بقلقٍ ظاهر في نبرتها:
-مين دي يا "معتصم"؟
نكس رأسه بتردد، لم يرغب في البوح لها بما صار في غيابها، استمرت في ملاحقته بأسئلتها قائلة:
-إنت عارفها يا ابني؟
أجابها بامتعاض وهو ينظر إليها بحذرٍ:
-لأ، دي أول مرة أشوفها، بس قالت إن اسمها ....
بتر عبارته متمنيًا في نفسه ألا يسبب الإفصاح عن هويتها بما لا يُحمد عقباه، أصغت "نادية" لكل كلمة يقولها باهتمام واضح على تعبيرات وجهها ونظراتها إليه، اتسعت حدقتاها برعبٍ مصدوم، وشعرت بأنفاسها تنقطع عن رئتيها حينما تابع قائلاً:
-"آسيا شرف الدين" ........................................... !!
................................................





منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:05 PM   #4

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الثالث

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:07 PM   #5

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الرابع

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:22 PM   #6

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الخامس




الفصل الخامس


إن كانت واحدة غيرها موجودة في مثل ذلك الموقف المهلك للجأت للصراخ والاستغاثة بمن ينجدها من براثن الموت، لكن على عكس الطبيعي والمتوقع لم تقاومه على الإطلاق، ظلت "آسيا" ترمقه بنظراتها النارية التي تحمل كرهًا يوشك أن يحرق الأرض ومن عليها، ورغم شعور الاختناق الذي بدأ يستحوذ عليها إلا أنها رفضت التراجع، تقطعت أنفاسها وبدأت تدرك حاجتها للتنفس، لكن عنادها كاد يودي بحياتها، فهي لن تستسلم أبدًا حتى لو كانت على شفا خطوة من الموت، لن تريه أو تري غيره لحظة ضعفها، على الجانب الأخر، بادلها "معتصم" نظرات حقودة كارهة لما تبثه بداخله من مشاعر حنق وغل، لما توجده فيه من تصرفات بربرية لا يحبذها مطلقًا، تجمدت نظراته على حدقتيها الفيروزيتين، كانتا طبيعيتان، وتكرر في ذهنه سؤالاً ملحًا، لماذا ترتدي العدسات اللاصقة إن كانت تمتلك أعين ساحرة بحق، انتبه لتلك الزرقة التي تتسرب إلى بشرتها، شعر بالخوف لإقدامه على شيء أحمق وما ضاعف من تأنيب ضميره هو عدم مقاومتها له، أبعد أصابعه الغليظة عن عنقها متراجعًا بهلع للخلف وهو يجاهد لتمالك أعصابه التي انفلتت منه في لحظة طيش هوجاء، نظر لها مصدومًا وهو يستوعب ما أوشك على ارتكابه، شهقت "آسيا" بقوة لتستعيد أنفاسها من جديد، وضعت يدها على عنقها تتحسسه، ظلت تسعل لعدة مرات حتى عادت إلى طبيعتها، ومع ذلك لم ينتقص بغضها له ذرة واحدة، رمقته قائلة بتعالٍ رغم حشرجة صوتها:
-مكملتش ليه؟ خوفت؟
حاول أن يضبط انفعالاته الثائرة بداخله ليحدثها بجمود انعكس على تعبيراته:
-اللي زيك ماتستهلش إني أضيع نفسي علشانها، إنتي واحدة رخيصة!
كركرت ضاحكة رغم الوهن الذي تسلل إلى خلايا جسدها مزدرية إهاناته، استخفت بتهوره قائلة ببرود واثق:
-واللي زيي دي هـ .......
بترت عبارتها عمدًا لتثير فضوله قبل أن تتابع بغرور وهي تستند بيدها على حافة الأريكة:
-هاتخليك تركع عند رجلها تطلب العفو والسماح
استشاط من نجاحها الدائم في استفزازه، في إيصاله لقمة الانفعال حتى لو كان متسلحًا بأقوى دفاعاته، وقف قبالتها يشير لها بسبابته محذرًا:
-أحسنلك ماتلعبيش بالنار، لأنك مش هاتستحملي حاجة واحدة من اللي هاعملها فيكي، وفي الأخر هتتحرقي لوحدك
صفقت بيديها قائلة بتحدٍ:
-وماله، أنا جاهزة!
لم تصغِ "آسيا" لباقي ثرثرته المتعصبة بسبب ذلك الصداع الهائل الذي عصف برأسها في لحظة، تبعه دوارًا مصاحبًا له، هي تعرف ذلك الإحساس جيدًا، إنه إشارة إنذار لانخفاض مستويات السكر بالدم نتيجة عدم تناولها للطعام لفترة طويلة واستنزاف طاقتها دون وجود ما يعوض ما فقدته، كانت تصيبها تلك الحالة من آن لأخر حينما تعكف على اتباع حمية غذائية قاسية لتفقد الوزن، لم ترغب على الإطلاق في إظهار ضعفها أو تأثرها بشيء، بذلت مجهودًا هائلاً لتحافظ على ثباتها أمامه، كي لا تشعره بأنها ليست على ما يرام، نظر لها باشمئزاز متأفف، ثم أولاها ظهره قائلاً بقسوة وهو ينظر له بنفورٍ من طرف عينه:
-هرجعك من مطرح ما جيتي، بس بعد ما أندمك!
لم يكن بها من الطاقة ما يجعلها ترد عليه، تمنت فقط أن يرحل قبل أن تتهاوى قدميها، تحاملت على نفسها لتبدو بكل ذلك الثبات، انتبهت من وسط ضلالاتها التي بدأت تغلف عقلها لقرع الجرس وقبل أن تركز حواسها على خطوتها التالية كان "معتصم" قد سبقها في ردة فعله، حيث اقترب من الباب ليفتحه، اعتقدت لوهلة أن عامل توصيل الطلبات للمنزل قد أحضر ما طلبته، فاتجهت بخطوات متهادية مقاومة لإحساسها بالدوار نحو الداخل متناسية أنها أحضرت مسبقًا المال من حقيبتها، وما إن اقتربت من عتبة غرفتها حتى فقدت قدرتها على المواصلة، مدت يدها لتستند على حافة الباب، لكن خارت قواها كليًا، غلف الظلام خلايا عقلها، فغابت عن الوعي ليسقط جسدها بقوة على الأرضية مسببًا ارتطامًا عنيفًا لرأسها.
طالع "معتصم" بأعينه المشتعلة غضبًا الثلاثة رجال المرابطين أمامه، جاب بنظرات متفحصة هيئتهم المريبة، شعر بعدم الارتياح نحوهم، فهو يعرف مثل تلك النوعية من الأشقياء والمشاغبين، سألهم بحدية وهو يسد بجسده الباب:
-إنتو مين؟
أجابه ذلك الذي يقف في المنتصف:
-مش ده بيت جماعة "شرف الدين"؟
كان مدركًا بحدسه الذكوري أن رؤيتهم لـ "آسيا" بملابسها تلك ستثير فيهم شيئًا ما، لذا كان عليه التصرف بحنكة دون أن يلفت أنظارها إليهم، استدار "معتصم" برأسه نصف استدارة ليجدها ابتعدت عن الصالة رغم استغرابه من تصرفها، تنفس الصعداء، ثم ضيق نظراته متابعًا تساؤلاته وهو يتحرك بحذر نحو الخارج مجبرًا إياهم على التراجع أيضًا:
-عاوزين إيه؟
أجابه أحدهم بامتعاض وهو يعبث بتلك المدية الصغيرة المتدلية من إصبعه:
-لينا فلوس وجايين ناخدها منه
ركز "معتصم" أنظاره عليها متوهمًا في عقله لو أن ذلك الفظ وقعت أنظاره الشهوانية عليها لربما عبث شيطان رأسه به ودفعه لفعل ما لا يُحمد عقباه معها، شعر أنه مكلف بحمايتها وإن كانت غريمته، ارتدى قناع القسوة متسائلاً بغلظة:
-كام يعني؟
رد الواقف في المنتصف بوقاحة مستهزئًا به:
-ليه؟ هاتدفعهم إنت؟
سلط أنظاره الحانقة عليه وهو يرد بقوةٍ:
-آه، عندك مانع
رفع الرجل يده في الهواء قائلاً بابتسامة متسعة:
-طالما هناخد الأوبيج يبقى مالناش فيه
أضاف الواقف على يساره قائلاً وهو يغمز له:
-الباشا عليه 150 ألف لحلوح، ها يا بيه هتدفع ولا ....
فغر "معتصم" فاهه مصدومًا من كبر الدين وهو يقول:
-نعم، 150 ألف جنية؟!
أومأ الرجل برأسه مؤكدًا:
-أيوه، هتدفع ولا نخش نكلم الجماعة جوا وهما يتصرفوا
كانت كلماته الأخيرة كوقود النيران بالنسبة له، لا يعرف ما الذي حثه ليتدخل في شئونها، ربما لأن طيف وجه "نادية" الباكي تجسد في عقله فألزمه بصورة أو بأخرى بأن يفعل الصواب، لذا قرر في لحظة – اعتبرها غباء منه - أن يسدد الدين، فهو حتمًا لن يمنحه الفرصة لرؤيتها، نظر له "معتصم" شزرًا وهو يرد بخشونة:
-هادفع!
ثم دس يده في جيب سترته ليخرج منها دفترًا للشيكات، حرر ورقة بالمبلغ المطلوب دفعه قبل أن يناولها للسمج الذي يبتسم بسخافة، ضاقت نظراته على الأخير وهو يحذره بنبرة آمرة:
-وإياك حد فيكو يقرب من هنا!
فرك الرجل كفي يده معًا قائلاً بانتشاء بعد أن زاغت أبصاره وهو يرى المبلغ النقدي يدون به:
-دايمًا الجيب عمران يا باشا
ثم اختطفه من بين أصابعه ليتأكد مما قرأته أعينه، وأضاف بابتسامة صفراء:
-كده حقنا وصل، سلام يا باشا
رمقهم "معتصم" بنظرات دونية مستنكرًا تورطها بطريقة ما مع تلك الأشكال الضالة، تابعهم بأعينهم حتى انصرفوا، وقبل أن يستدير عائدًا إليها ليوبخها استوقفه أحد الأشخاص متسائلاً:
-ده منزل مدام "آسيا"
استفزه ذلك اللقب الذي منحه هذا الغريب لشخصها، فالكل على ما يبدو يعرفونها إلا هو، التفت "معتصم" بجسده نحوه ليطالعه بنظرات حادة، اختفت الدهشة الغاضبة من تعابيره المشدودة حينما تأمل ثيابه والتي أشارت إلى كونه عاملاً لتوصيل الأطعمة، ردد العامل سؤاله من جديد وهو يتأمل الورق التي بحوزته والمدون بها العنوان المذكور:
-البواب قالي إن المدام ساكنة هنا و....
قاطعه "معتصم" متسائلاً بعصبية ملحوظة:
-حساب الأكل كام؟
-مكتوب في الإيصال يا فندم
قالها العامل وهو يناوله الطعام بالإضافة إلى قيمة الفاتورة الخاصة به، أخرج "معتصم" من جيبه بعض النقود ثم أعطاها له، شكره العامل على البقشيش الزائد الذي منحه له ثم استدار عائدًا من حيث أتى، تمتم "معتصم" مع نفسه بضجرٍ:
-ناقص مين تاني مش عارفك يا "آسيا" هانم؟!
دفع باب منزلها بيده وهو يلج للداخل، انتابه إحساسًا مقلقًا ملأ صدره بالريبة لسكون المكان، فشخصيتها الهجومية لن تتقبل تدخله في شئونها، لكنها لم تظهر على الساحة في الدقائق الماضية، نفض تلك الفكرة عن عقله، فلن يشغل باله بأمرها لأنها حتمًا ستوصله للجنون، اقترب من المطبخ الحديث المفتوح على صالة المنزل ليضع الطعام على الطاولة الرخامية الواصلة بينهما، حثه فضوله من جديد على البحث عنها، وقبل أن يتحرك خطوة تراجع عن ذلك معنفًا نفسه:
-إنت مالك بيها؟
تحرك بصره عفويًا نحو الجانب ليلمح ساقيها ممددتين على الأرضية، قفز قلبه في قدميه بهلع، وبدون تفكير اندفع نحوها ليجدها تفترشها بجسدها وفي حالة إعياء شديد، انحنى عليها جاثيًا على ركبته أمامها مناديًا لها:
-"آسيا"!
هزها بقوة علها تستجيب له، اعتقد في البداية أنها حيلة منها لإجباره على الركوع أمامها كما أخبرته قبل قليل، هب واقفًا ليصيح فيها بشراسة وقد احتقنت أعينه بشرر مستطر:
-إنتي فعلاً مجنونة!
ألقى عليها وابلاً من الكلمات اللاذعة مهينًا إياها ومتوقعًا أن تنهض بين لحظة وأخرى لترد عليه بعدائية بعد أن انطلت عليه خدعتها، ولكن بدا وكأنه يُحدث نفسه، لم يجد منها استجابة حيوية، تجمد في مكانه ليتأكد أنها لا تمزح معه، ضاعف سكون جسدها ذلك الخوف بداخله، جثا مجددًا على ركبتيه، وتلك المرة حركها برفق، أزاح خصلات شعرها الأسود ليظهر له جانب وجهها المختبئ خلفه، استشعر تلك البرودة الكاسحة على بشرتها، ارتجف قلبه رعبًا، لقد اختبر ذلك الموقف من قبل حينما توفيت والدته نصب عينيه وهو طفل صغير فلم يستطع أن يفعل شيئًا لإنقاذها، كانت ممددة على مثلها على بطنها فوق الأرضية لا تصدر عنها أي حركة، فقد سكون مخيف يلبد الأبدان وبرودة قارصة تختطف الأنفاس جعلته آنذاك عاجزًا حتى عن الصراخ لطلب المساعدة ليكتشف بعدها أنها توفيت جراء غيبوبة سكر انخرطت فيها لتسحبها نحو شفير الموت، عرف لاحقًا أنه كان من الممكن إسعافها لو لم يكن صغيرًا وقتها ليدرك حاجتها لما قد يمنحها الأمل الأخير في النجاة، أفاق من صدمته المرتعدة محاولاً لملمة شتات نفسه للتعامل مع أزمتها المخيفة، فهو الآن أكثر نضجًا، أكبر سنًا، والأقدر على التصرف حيال أمرها، مرر ذراعيه أسفل جسدها ليحملها، اعتدل في وقفته لينظر إلى ذلك الجرح النازف في جانب رأسها، اعتراه التوتر القلق، تساءل مصدومًا:
-حصلك إيه؟
ولج لها إلى داخل غرفة نومها، ثم أسندها برفق على الفراش واضعًا الغطاء على جسدها، أسرع عائدًا إلى المطبخ يعد لها كوبًا من الماء ممزوجًا به قطع السكر، حطم الكثير وهو يبحث عن غايته، عاد إلى غرفتها جالسًا على طرف الفراش، مرر يده خلف ظهرها ليرفعها إليه، أسند رأسها على صدره وبدأ بإجبارها على ارتشاف القليل منه وهو يقول:
-"آسيا"، اشربي ده! سمعاني!
لم تعطه مؤشرًا على تجاوبها معه، أسند الكوب على الكومود ثم مددها على الفراش، اعتدل في وقفته وهو يدس يده في جيبه ليخرج هاتفه المحمول منه، عبث بأزراره حتى وصل للرقم المنشود، ضغط عليه مترقبًا رد الطرف الأخر بتلهفٍ قبل أن يقول بجدية انعكست حتى على تعبيراته القلقة:
-دكتور "مصطفى"، عاوزك تيجي حالاً
صمت للحظات قبل أن يتابع:
-لأ مش في البيت، في مكان تاني هابعتلك عنوانه، بس أرجوك متتأخرش، الحالة مستعجلة!
أنهى معه المكالمة ليعاود التحديق في "آسيا" ذات الطبائع القاسية، حتى في سكونها هي تقسو عليه وتعذبه بلا رحمة، جلس على طرف الفراش إلى جوارها متأملاً إياها، كتم الدماء النازفة منها مستخدمًا المنشفة القطنية، نظر لها مطولاً ومتسائلاً بخفوت بنبرة تحمل اللوم:
-بتعملي فينا كده ليه؟
أراد ألا يشحن تفكيره ضدها حاليًا، ابتعد عنها محاولاً إلهاء عقله مؤقتًا عن عدائيتها، لكنه لم يستطع، جلس من جديد إلى جوارها، أحنى رأسه على فمها مستشعرًا أنفاسها، وضع إصبعيه على جانب عنقها يتفقد نبضها، تنفس الصعداء لكونها مازالت على قيد الحياة، انتظر قرابة النصف ساعة بغرفتها يجوبها جيئة وذهابًا على أعصاب احترقت عشرات المرات حتى أتى رفيقه الطبيب ليفحصها، تركه "معتصم" بصحبتها وجلس بالخارج ينتظر ما سيخبره به متمنيًا أن يكون قد فعل الصواب، خرج إليه "مصطفى" يأمره بعد دقائقٍ:
-محتاجة محاليل تتعلق لها ضروري، لازم ننقلها المستشفى
صمت "معتصم" لثوانٍ يفكر مليًا فيما سيفعله، ربما يريد مساعدتها لكنه لا يدرك ردة فعلها إن اصطدم كلاهما في العلن خاصة بعد أن تستعيد وعيها، ستحدث فضيحة لا محالة، توترت تعبيراته وهو يرد متسائلاً:
-هي حالتها خطيرة؟
-لأ بس ....
قاطعه بلا تفكير:
-شوف إنت هتحتاج إيه وأنا هاجيبه، بس بلاش مستشفى
نظر له "مصطفى" بغرابة متعجبًا من قراره المريب قبل أن يرد بحذرٍ:
-ماشي، أنا هاتصرف!
...............................................
مضى الوقت ببطء والاثنان يراقبان تسرب المحلول الطبي إلى جسدها عبر الأنبوب الموصول بجلدها، أشار "مصطفى" بيده لـ " معتصم" كي يتبعه إلى خارج الغرفة، لحق به الأخير دون تعليق، كان يفكر في ردود منطقية مقنعة ليجيب بها على صديقه المقرب إن سأله مستفسرًا عن طبيعة العلاقة بينهما، لم يكن الكذب من الخيارات المتاحة لديه، نظر "مصطفى" له مطولاً قبل أن يقطع حاجز الصمت متسائلاً:
-ممكن أعرف مين دي؟
تجمدت تعابير وجهه عليه، بدا شاردًا في نظراته وهو يرد بحرجٍ:
-أنا بصراحة مش عارف أقولك إيه، بس الموضوع أكبر مني وليه علاقة بـ .....
قاطعه رافعًا يده أمام وجهه:
-مش لازم تحكي لو مش حابب ده، هاكون متفهم، بس أنا عاوز أطمن عليك، خايف تكون واقع في مشكلة ولا حاجة
تنهد الأخير قائلاً بحيرة بائنة في نبرته:
-لحد دلوقتي لسه، بس الله أعلم بعدين إيه اللي ممكن يحصل
ربت "مصطفى" على كتفه قائلاً بهدوءٍ:
-عمومًا هي البنت شوية وهتفوق، هو واضح إنها مكالتش بقالها فترة وده أثر على نشاط جسمها، يعني زي ما بنقول كده حصلها هبوط، يا ريت تهتم بصحتها شوية
ابتسم "معتصم" قائلاً بسخرية:
-هابقى أقولها الكلمتين دول لما تفوق
ثم حدث نفسه متابعًا بتهكم:
-علشان تعرف تعافر معايا كويس!
سأله "مصطفى" باهتمام:
-وأخبار طنط "نادية" إيه وعمو "وحيد"؟
رد باقتضابٍ:
-تمام الحمدلله
كان يود سؤاله عن ابنة عمه "أية" لكنه تحرج منه، فربما سيبدو ذلك أمامه باهتمام زائدٍ منه نحو شخصها تحديدًا، وحينها لن يستطيع إنكار أنه بالفعل يشعر نحوها بمشاعر عميقة يكتمها بداخله منذ زمن بعيد، أثر السلامة – مؤقتًا – حتى يحين الوقت الملائم للإقدام على تلك الخطوة الحساسة، لذا تساءل بنفس الابتسامة التي يجيد رسمها على شفتيه:
-وباقي العيلة كويسين؟
-كلهم بخير
أضاف بتنهيدة أظهرت إحباطه من رده العام:
-تمام، خليني أسمع عنكم كل خير، وسلملي عليهم كلهم، هستأذنك ألحق شغلي في العيادة لأني اتأخرت و..
قاطعه "معتصم" متفهمًا:
-ربنا معاك، ومعلش يا درش تعبتك معايا
ابتسم "مصطفى" قائلاً:
-ولا يهمك، احنا أصحاب
رد عليه بودٍ وهو يربت على كتفه:
-طبعًا
اصطحبه إلى الخارج وهو يمدحه بكلمات ممتنة، فرغم اختلاف تخصصيهما إلا أنهما بقيا أوفياء لعهد صداقة الطفولة، زفر "معتصم" بعمق لعدة مرات وهو يستدير عائدًا إلى غرفة نوم "آسيا"، كان عليه الاستعداد والتحفز لصدام أخر وشيك سينشب بينهما لتفسير ما حدث لها .................................... !!
...............................................




منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:25 PM   #7

غير عن كل البشر

? العضوٌ??? » 52017
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 560
?  نُقآطِيْ » غير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond reputeغير عن كل البشر has a reputation beyond repute
افتراضي

سكراااروايه جميله ارجولها التوفيق

غير عن كل البشر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:46 PM   #8

ريا 14

 
الصورة الرمزية ريا 14

? العضوٌ??? » 424015
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,548
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
?? ??? ~
ولقد بكى من فرط ما فيه ذاك الذي لا شيء بيكيه😔
افتراضي

واهلااا بعودتك غاليتي منال وقدوتي الاولى بمجال الكتابة ..... اتمنى لك التوفيق ايتها المتألقة دوماااا مع خالص حبي 😍😍😍😍😍😍

ريا 14 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 09:57 PM   #9

ريا 14

 
الصورة الرمزية ريا 14

? العضوٌ??? » 424015
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,548
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond reputeريا 14 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
?? ??? ~
ولقد بكى من فرط ما فيه ذاك الذي لا شيء بيكيه😔
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 53 ( الأعضاء 2 والزوار 51)
‏ريا 14, ‏منال سالم+



العنوان روووعة😘😘😘


ريا 14 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-18, 10:04 PM   #10

Nsöz

? العضوٌ??? » 411820
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 222
?  نُقآطِيْ » Nsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond reputeNsöz has a reputation beyond repute
افتراضي المحترم البربري

اهلًا بعودتك من جديد اشتقنا لمثل الروايات دي واللهي موفقه 👌

Nsöz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.