آخر 10 مشاركات
علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          أسيرتي في قفص من ذهب (2) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          قلبك منفاي *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          جايكوب وايلد (118) للكاتبة: Sandra Marton {الجزء 1من الأخوة وايلد} *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          رجفة قلوب اسود الصحرا ..رواية بدوية رائعة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          236 - سيد الجزيرة - مارى ويبرلى - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          نيكو (175) للكاتبة: Sarah Castille (الجزء الأول من سلسلة دمار وانتقام) كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree157Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-04-19, 08:30 PM   #421

روان وليان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية روان وليان

? العضوٌ??? » 177651
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,439
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » روان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond reputeروان وليان has a reputation beyond repute
?? ??? ~
لي قلب ماله سالفه غير الحنين لا قلت بنسى قال لي مالك لوى الله يسامح ذكريات الغايبين راحوا وخلونا على كنا سوى ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


قلمك واسلوبك رائع

روان وليان غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم اصلح نيتي وذريتي وجميع المسلمين
**لي قلب ماله سالفه غير الحنين
لا قلت ابنسى قال لي مالك لوى
الله يسامح ذكريات الغايبين
راحوا وخلونا على كنا سوى ...**
رد مع اقتباس
قديم 16-04-19, 02:22 PM   #422

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير غالياتي ..
حابة اعتذر عن تقديم الفصل اليوم لرواية صرخة عنفوان انثى وهستاذنكم انزلو بعد بكرة يوم الخميس لانو كتبت تلتينو وفاضل تلتو وصدقوني غصب عني تاخرت ...
شكر كبييييير لكل المشجعات الي بجد انتو احلى كنز وتعليقاتكم كتيير بتفرحني
💖💖💖💖💖💖🌷🌷🌷🌷🌷


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 05:12 PM   #423

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي صرخة عنفوان انثى الفصل ١٣

سامحوني على التاخير واشكر من قلبي جميع القارئات واخص بالذكر المعلقات اللواتي دوما ما يدفعني كلامهم لبذل المزيد من الجهد لاكون عند حسن ظنهم


صرخة عنفوان انثى
المشاركة ١

الفصل الثالث عشر

المسؤولية ... اهي حقا على قدر تحملنا .. وهل تمنح لنا باختيارنا ام انها غريزة نعتاد عليها بالمران .. وهل كلما تحملت كواهلنا ثقلها حتى نالفها نجد انفسنا وقد وقعنا تحت ثقل مسؤولية اكبر تتناسب بشكل طردي مع مقدرتنا على الصمود ؟؟ ماذا ان تخلينا .. ماذا ان تركنا .. هل ... سننهار حقا ؟؟
________

مالذي يحدث لها تحديدا .. لما هي هكذا مرة اخرى .. لما تربط نفسها بقرار رجل اخر ليتلاعب فيها .. هل حقا هي فقط متشائمة .. هل تبالغ .. هل تركه لها لثلاث ايام بحجج واهية امر عادي بوضعهما .. ولكن .. هي لما متضايقة .. لما تشعر بالوحدة والخوف بعيدا عنه .. المفترض ان ترتاح بابتعاده عنها خصوصا بعد تلك القبلة التي باغتها فيها .. بتلقائية وضعت يدها على شفاهها وهي تستذكر تلك الاحاسيس التي تفجرت بداخلها .. انه يتلاعب بها كالدمية عندما يريد .ز رغم كل مقاومتها .. رغم كل تصنعها للقوة .. رغم تعمدها الاساءة اليه .. ولكن .. بمجرد نظرة واحدة من عينيه .. انفاسه التي تدغدغ ملامحها بدفئها .. كلماته التي تسلبها تحكمها باوصالها .. تستسلم .. اجل هي ببساطة تستسلم به .. بقوة زفرت انفاسها الحانقة وهي تقف لتذرع حجرتها بخطواتها الغاضبة .. لما .. لما يجب ن تكون بهذا الضعف امامه .. لما تنفذ ما يريده منها دوما .. بعنف حركت راسها بالرفض فهي لا تخضع له بالتاكيد .. ولكن .. بعناد عادت ذاكرتها الى الحوار الذي دار بينها وبينه قبل موافقتها على الزواج .. ذلك الزواج الذي لا تعلم بعد كيف وافقت على القيام به .. عندما دخل عليها في الحجرة يومها بادرته بنبرة قاطعة حازمة ( ربما من الافضل لكرامتك ان لا تحاول اقناعي .. فزواجي منك مستحيل )
عندها مط شفتيه وهو يشير لها لكي تجلس قبل قوله بهدوء مستفز ( لما .. هل انت خائفة ان اكتشف كونك معجبة بي رغم كل معارضتك )
كلمات اراد فيها تحديها ولكن .. جزء من حروفه مس اعماق قلبها فانتفضت بعنف ساخر مدافع ( من تظن نفسك .. هل تعتقد انك هبة من السماء منحها الله للاناث )
ضيق عينيه وهو يتساءل بخبث ( وهل انا كذلك .. يا .. تسنيم )
رده جعلها تقع في فخه وهي تقترب منه لتضرب كتفه بقوة مباغتة وقد فقدت سيطرتها ( انت .. انت .. اعدني الى شقتي .. لا اريد منك شيئا )
عندها فقط وقف امامها بشموخ ارعبها للحظة بسبب فارق الطول خصوصا عندما انحنى اليها وعيناه اللامعتان تحتجزان عيناه باسر نسجت خيوطه بارتجافة اعصابها المتتالية ( كفي عن ترديد كلامك هذا وافهميني جيدا .. المفترض ان تفكري الان بقصي .. وبنفسك .. وبكل ماعملتي لاجله طوال الفترة الماضية .. حياتك المستقرة .. شقتك الجديدة .. عملك الذي تثبتين نفسك به .. كل هذا في كفة .. وكبريائك وعنادك الحمقاوين بكفة اخرى )
لم تفهم مقصده فظهرت حيرتها في عينيها المتسائلتين ( م .. مالذي .. تعنيه ؟؟ )
بارادة مسلوبة انصاعت لحركت يده التي جذبتها لتجلس بجانبه قبل ن يجيبها وقد ماجت عيناه باحاسيسه المتناقضة ( تسنيم .. افهميني جيدا .. طالما انتي حرة فابن زوجة ابيك سيكون قادرا على جذبك الى الفخ الذي كان يحتجز به اختك نسيم .. اما وجود شخص الى جانبك سيعيق كل خططه .. لفترة وجيزة فقط .. وبعدها سنكون قادرين على عكس خططه الشيطانية عليه )
مجرد ذكر مصطفى امامها جعل كل خلية من جسدها ترتعد بعنف مضطرد .. ان تكون تحت سلطته مرة اخرى .. ان يعذبها .. ان ياخذ منها كل احبتها .. ان تشعر بان الموت اقرب واحب اليها ولكنه بعيد جدا عنها .. ذكريات سوداء اغشت روحها التي تمردت على قرارها .. لما تقاوم شخصا يريد ان يقف معها ... شخصا يود لو يتمكن من حمايتها .. اليس هو سبب ما وصلت اليه الان .. لما هي خائفة من هذا القرار .. على الاقل حتى لو كان خاطئا فستكون قادرة على الابتعاد عنه في اية لحظة والاختفاء من حياته .. لانه ببساطة .. زواجهما باطل .. فهو سيتزوج بتسنيم .. وهي ترتدي قناع تسنيم ولكنها في الحقيقة ليست هي .. بخفوت دل على الصراع الذي يقوده عقلها غمغمت ( هل تعي . حجم المخاطرة التي .. تنوي الاقدام عليها .)
حرك راسه بالايجاب وفتح فمه ليتكلم الا انها اصمتته باشارة من اصبعها وهي تكمل ( انا لن اسمح لك في اي يوم ان تعايرني او تمنني بما قمت به معي خصوصا وان زواجنا لن يكون كاملا )
غمامة ضيق اظلمت نظراته وهو يتساءل بحذر ( ما .. مالذي تعنينه .. بكون زواجنا .. لن يكون كاملا ؟ )
وقفت عندها لتبتعد عنه كي تستجمع كامل تفكيرها فما ستقوله الان هو ما سيحدد مصير مستقبلها .. وبحزم اراته ظاهرا بكل حرف من حروفها هتفت ( انا .. احب .. زوجي السابق رحمه الله .. ولقد وعدته عند قبره .. بان ابقى وفية له .. لذا )
والتفتت اليه لترى نظرة الضيق والوجع التي عكرت زرقة عيناه ولكنها اكملت كلامها بقسوة متعمدة معاندة خفقات قلبها المرتجفة باستجابة تلقائية له ( ان كنت حقا تريد الزواج مني فقط لتحميني وتصحح خطأك معي فانا موافقة شريطة الا تقترب مني .. اي .. سيكون زواجا اسميا بيننا .. وهذا فقط .. فقط ما سيجعلني اوافق )
اجل .. هذا فقط ما سيجعلها توافق .. فالزواج لا يجب ان يتم كي لا ينكشف سرها .. فالمفترض انها ام .. ولكنها في الحقيقة عذراء .. فكيف ستتمكن من تفسير هذا الامر له .. كيف ستخبره عن حقيقة كونها مجنونة فاقدة للصلاحية بحكم القانون .. كيف ستخبره عما عانته في ماضيها دون ان يشمئز منها .. كيف ستواجهه بحقيقة كونها اخذت مكان اختها وارتضت ان تدفن اختها بهوية مجهولة فقط لتنقذ نفسها .. لن تتمكن من الضعف ابدا امامه مهما بدت لها صدمته المتعاظمة الان .. ما تطلبه صعب .. ان يتزوج رجلا بامراة مضحيا حتى بكرامته ..ان يوافق على كونها تحب رجلا غيره رغم انها مسجلة على اسمه .. كم خنجرا بعد ستطعنه بها قبل ان تصل الى مبتغاها .. انها تعلم .. تعلم جيدا كم يفخر تامر برجولته .. تعلم بان مجرد احساسه بان المراة التي يطلبها ترفضه كرجل سيحطم كيانه بقوة .. ولكن .. هل بيدها حيلة .. هل بامكانها الاستغناء عن ذاتها امام اي مشاعر اخرى تحملها له .. ربما من الافضل له ان يكرهها .. ان يرفض عرضها .. ان يتخلى عنها .. ان .. تفاجات به يقف ببطء وراسه مطأطاة نحو الارض وهو يجيبها ( حسنا يا تسنيم .. انا لن اجبرك على اي شيء معي .. هدفي هو حمايتك .. وساقف وراء قراري الى النهاية .. ليكن لك ما اردتي وليكن زواجنا .. اسميا فقط .. ولكن .. هذا سيكون سرنا الذي لن يعرفه اي شخص سوانا انا وانت والا .. سيعتبر شرطك لاغي )
كانت حروفه فاقدة للحياة .. حروف رجل اعتاد منها خيبة الامل فلم يعد يستغرب صفعاتها التي تتفنن بتوجيهها اليه .. خروجه في تلك اللحظات من عندها خلع روحها التي انسلخت بقسوة من ثنايا خلاياها لتذهب اليه وتعتذر .. انها مضطرة .. صدقا هي مضطرة .. ولا تزال مضطرة .. لاتزال حتى هذه اللحظة تجد نفسها في خانة تسديد الطعنات له .. لم لا تختفي وفقط .. لا يجب ان تصدق تلك الحياة التي تعيشها الان بين احضان عائلة تامر .. ذلك الدفء الذي تستشعره من امه ونظرات التفهم التي تراها بعيني والده .. ابنها الذي كان يتمنى عائلة وجدها واخيرا في كنفهم .. جده وجدته .. هكذا اعتبرا انفسهما .. بل واصبح والد تامر ياخذ قصي معه الى حيث مجالس رجال حيه .. ويتفاخر بكونه حفيده الذي منحه اياه الله .. كيف ستبتعد عن هذا كله .. كيف ؟؟ بنبرات قهر غمغمت ( انت السبب .. كله منك .. توقعني هنا وتهرب .. اين انت الان)
كانت تضيف كل جملة بهمسة اعلى حتى وصلت الى اخر تساؤل وقلبها يتفاعل مع كلماتها بارتجاف اكبر .. هل حدث معه شيء سيء يرفض ان يواجهها به .. قلق اكتسح كيانها وهي تعود لتذرع حجرتها مرة اخرى هامسة بتساؤلاتها المجنونة ( هل .. هل من الممكن .. ان يكون مصطفى .. قد اذاه او .. اووف .. اووووف)
كم تكره الحيرة .. كم تكره الغموض والانتظار .. مسدت يدها خصلات شعرها التي تركته حرا بجنون حول وجهها وقد تناثر بسبب حركات يديها التي تخللته مرارا وكانها تنوي جذبه وتقطيعه .. لن تحتمل ابدا لو تعرض تامر للاذى بسببها .. المفترض انه كان قد انتوى تقديم البلاغ للشرطة .. هل نجح .. هل فشل .. هل رشى مصطفى جهاز الشرطة فسلموه تامر .. هل ..؟؟؟؟ صوت انفتاح باب حجرتها جعلها تلتفت بعنف ازداد ما ان رات الشخص الذي دخل الحجرة فبادرته بصراخ لم تتمكن من السيطرة عليه ( اييين كنت .. هلل جننت لتتركككني هكذا في الظلام لوحدي ؟؟؟ )
صدمة كانت من نصيب تامر الذي تفاجأ بمظهر تسنيم الواقفة امامه .. شعرها الذي احاط بها كغمامة صيف .. جسدها المنتفض بعنف وكانه موصول بسلك كهربائي عالي الجهد .. نظراتها الزائغة التي اخذت تمشطه من راسه الى قدميه في بحث بدا له وكانه تاكيدي وتطميني على كونه بخير .. ياللهي .. كيف فقط سيتعامل معها .. كيف سيصمد دون ان ينفجر بها .. دون ان يهزها بعتاب لانها جعلته يحبها .. هل اعتقد انه ما ان يراها قد يشمئز منها .. اذن .. ماهذه الذبذبات العاصفية التي تهز كل حنايا قلبه وعقله وجسده .. اخفض راسه وجملة خطرت على ذهنه رسمت ابتسامته الساخرة من ذاته على ثغره ( السم من يديها عسل .. والموت عند قدميها غاية ) اليس هذا ما يصف المحب به عمق عشقه لحبيبته .. وهو بحماقة كان يظن ان هذا مجرد كلام روايات وافلام .. عاد صوتها ليرتفع بتساؤل اكثر حدة ( اييين كنت .. لما فقط .. لما تزوجتني .. ان كنت تريد تركي هكذا )
تنهيدة طويلة اخرجها من بين اسنانه المطبقة قبل تقدمه ليجلس على حافة السرير وهو يجيب ( انت .. طلبت مني الابتعاد عنك .. وانا .. اردت التركيز بمهمة حمايتك .. لذا .. ابتعدت لاتمكن من .. وضع خطة )
كلمات وحجج قالها بتلعثم بسيط دون ان يجد غيرها في ذهنه كاجابة .. كان يهرب بعنينه عنها كي لا يضعف .. فهي الان .. ليست زوجته .. كما ظن يوما .. وكما اراد .. خطواتها التي حملتها اليه حملت معها رائحتها التي تغلغلت في انفه لتقتله .. مزيج غريب يشابهها .. بقايا عطر نسائي مغري مع رائحة عرق طفيفة ورائحة سائل استحمام طفلها الذي تعتني به .. ياللهي .. هل يعقل حتى ان تكون رائحة عرقها جميلة ومثيرة بالنسبة اليه لهذه الدرجة .. انخفض السرير بجانبه فرفع عنينه بشكل قاصر نحو مجلسها الذي بدت فيه غريبة عنه . بكتفيها المنحنيين .. وشعرها الذي ينسدل كستارة بين وجهها ووجهه .. يديها المعقودتين بقوة كدلالة على توترها .. راسها الذي ثبتت نظراته نحو نقطة وهمية على الارض .. وصوتها الذي خرج كهمسة مرعوبة استفزت كل رجولته ( هل .. هل وضعي .. سيء .. لهذه الدرجة .. هل رفضو الحماية )
ياللهي .. مالذي تفعله به .. انها تاسره وتنسيه كل مبادئه .. تلك الطفلة الضعيفة التي تستنجد به رغم كل عنفوانها ورفضها الظاهري .. ذكرى ما حدث لها في ماضيها اوجعه خصوصا مع انعكاس معانتها الظاهر عليها الان .. بحركة لا ارادية رفع ذراعه ليضعها على كتفها ويقربها منه كي تستند على صدره وهو يجيبها بصدق ( لا تكوني ضعيفة هكذا .. حمايتك تقع على عاتقي .. هل فهمتي .. لن يقترب منك احد وانا موجود )
استكانت قليلا بين ذراعيه وهي تغمض عينيها .. لما تشعر معه بالامان .. هي التي كرهت كل الرجال .. لما عات لتثق باحدهم .. اهي التماعة الصدق التي في عيناه .. ام هي حركاته الطائشة التي تعبر عن طيبة قلبه .. بخفوت تساءلت ( ما .. هي .. خطتك .. اذن ؟؟ )
يجب ان يبدا الان .. يجب ان يبدا بمهاجمة حصنها الذي تختفي خلفه حتى لو اذاها .. والا .. لن يتمكن من اخراجها من سجنها .. ببطء رفعها وهو ينظر الى عمق عينيها متسائلا ( اين نسيم .. شهادتها ضرورية لنثبت الاذى الذي قد يفعله مصطفى بك وبي )
زلزلة رجت مقلتيها ولم تغب عنه خصوصا مع التماعة الحذر التي غلفت نظراتها بفولاذية وهي تجيبه بحدة ( لقد اخبرتك .. اخرج نسيم من مخططاتك )
انتفضت واقفة لتبتعد عنه في نفس اللحظة التي وقف هو بدوره ليمنع هروبها وهو يجذبها لتلتفت نحوه هاتفا ( يجب ان ادخلها .. انها لاعبة اساسية .. لما تخفينها .. لما لا تخرجينها لتطالب بحقها )
حركت تسنيم راسها بعنف صارخة بانهيار ( انت .. انت لا تفهم .. نسيم لا يجب ان تخرج .. نسيم لا ينفع اصلا ان تخرج .. انها ليست نقطة قوة كما تظن .. بل هي هاوية ضعف ستسحقك بالجحيم )
هزها وكلماتها عن نفسها تكسره بانكسارها ( لما تحاكمينها هكذا بهذه القسوة .. لما تحمينها طالما هي لا تحميكي .. هل ستتخلين عن حياتك فقط لانها خائفة .. كلمتها سترجح كفة ميزاننا وستخلصها ايضا من الظلم )
ضربت يداه بقوة وهي تدفعه عنها بقسوة شرسة مجيبة بنبرة تسلل بها جزء من هستيرية احاسيسها ( نسييييم لييست خائئفة .. نسييم هاااربة من قدرهههاااا .. تظنننها ستنجدك بكلمتها ... هل تصدددق نفسك .. هل تصصصدق بان مصطفى سيتركها انسانة صاحبة كلمة .. لا اريد منك شيئا ان كان الامر متعلق بها .. هل فهمتتت )
وابتعدت عنه وفي نيتها الخروج من الحجرة الى اي مكان اخر وقد حمدت الله على كون والديه غير متواجدين بالمنزل وقد اخذت والدته ابنها معها ايضا عند جارتها .. يدها التي وصلت الى مقبض الباب افلتته بلا حول منها بعد ان شعرت بجذبة تامر لها للمرة الثانية كي تواجهه وقد اضطرت ان تسند نفسها بيديها على صدره كي لا تقع وهو يقول بغموض اخافها ( مصطفى يلعب بعش الدبابير ليخرج منه النحلات .. الم تفهمي بعد .. هو يتعمد تفريقكما لتصبح مصلحة واحدة تنافي الاخرى .. ويجب عليكي ان تختاري .. اما تسنيم .. او نسيم .. فما خيارك ؟؟ )
تسارعت انفاسها واقترابه منها لهذه الدرجة مع صوت نبضات قلبه المتقافزة والذي تلاحم مع صوت نبضات قلبها شنج كل حركاتها .. وبصوت مبحوح متلعثم تساءلت بالم ( لما .. لما تصر .. على فعل .. هذا بي .. هل سيرضيك .. موتي )
كلمة اقتحمت قلبه كنصل سكين حاد جدا .. كلمة نزفت لها ادق تفاصيل وجوده .. سيرضيه موتها .. ياللهي .. هو سيرضيه موتتها ؟؟؟ .. الا تعي حجم كلماتها .. بنبرة امتلات بانينه اجابها ( موتك يا تسنيم ؟؟؟ موتك يرضيني ؟؟ بل خوفي عليكي اصلا هو ما يجعلني اتحرك بهذه الطريقة .. على نسيم ان تحتمل مسؤوليتها اتجاهك )
بدموعها الغاضبة التي لم تذرفها هتفت بقسوة متعمدة ( نسيم لن تدفع ثمن خطأك الذي فعلته .. لذا .. لا تعلق على شماعتها وحاول ايجاد حل .. او انسحب )
قالت كلمتها الاخيرة بقوة صارمة وامنيتها للهرب منه تستولي على تفكيرها .ز لا يجب ان يعرف احد ما تخفيه .. نظراته التي سبرت اعماق عينيها اقلقتها رغم محاولتها الصمود امامها .. تسلل صوته خافتا وهو يجيبها ( في احلامك .. ) لم تعي ما يقصده خصوصا وقد اتم كلامه بعدها بشكل عادي وهو يبتعد عنها بفجائية كادت معها ان تقع ( سنذهب الى منزلنا .. اقصد الى شقتي .. لا يجب ان نبقى عند والدي فترة اطول .. كما اننا سنعود الى العمل .. وسنمارس حياتنا بشكل عادي .. لنرى .. مالذي سيفعله مصطفى في خطوته التالية .. )
ببطء حذر تساءلت ( مالذي .. يعنيه كلامك .. هل .. هل سنظهر امام مصطفى .. هكذا .. دون اي احتياطات )
مط تامر شفتيه بلامبالاة متظاهرا بالبرود وهو يجيبها (طالما انك ترفضين ان نتخذ اي احتياطات فليس امامنا سوى ان نترك الكرة في ملعب قريبك ليهجم اولا .. لنرى اي ضحية سيختار هذه المرة .. انا .. انت .. او .. قصي )
قالها بتباطئ متعمد وهو يراقب ردة فعلها المذعورة وقد اقتربت منه لتمسك بذراعه هازة اياه ( انت ... انت لا تعني .. ما تقوله .. لا بد .. من وجود حل .. لا اريد .. ان يتعرض احد .. للاذى .. بسببي .. قصي .. يجب ان يكون بامان .. قصي .. يجب ان يكون بامان .. قصي .ز )
لم تكمل ترديد كلماتها بعدما نظر اليها بسخرية مقاطعا اياها باستهزاء ( لا تقلقي .. قصي .. سيكون بامان .. في الغالب .. سيكون ورقة الضغط عليكي .. لو فكرتي جيدا بالمعادلة .. فحياتك وحياة قصي ثمينين .. اما حياتي .. ف .. اعتقد انها ستكون الخيار الامثل للتخلص منها .. الا لو كان عندك .. ورقة سرية .. تكشف نقطة ضعف لمصطفى .. يمكنني استخدامها بالمساومة )
انه يتلاعب بها متعمدا .. كانت واثقة من هذا .. واثقة بانه يتعمد ايقاظ ضميرها الذي يظنه فقط هو الحاكم بامره .. يعتقد بان تنازلها عن حياته امر بسيط وبمتناولها .. بارتجاف تساءلت وهي تجاريه ( م .ز مالذي تعنيه بورقة .. ضغط .. نسيم مرة اخرى )
رفع تامر اكتافه مجيبا ببرود مستفز ( اعلم اني لست غاليا بمقدار نسيم بالنسبة لك .. كما انني لست قيما بمقدار تخليكي عن ميراثك وحقوقك .. صدقيني لا اطالبك باي شيء من هذا .. ولكن .. الست انت من هددت مصطفى بما تعرفينه عنه .. هل حقا تعرفين مصطفى جيدا وتعرفين نقاط واسرار ضعفه ؟؟ )
بدات بالتراجع بارتجاف وصوتها يخفت اكثر حتى بدا كهمسة مبعثرة وهي تتساءل ( م .. مالذي توحي .. اليه .. ل .. لقد .. تعرفت .. عليه .. من .. اقصد .. اعرفه .. من .. كلام نسيم .. يعني .. من اين اعرف .. نقاط ضعفه .. كنت .. كنت .. اقول كلاما هائما .. بلا دليل .. في السابق )
لقد سقطت بفخها .. انه يستدرجها ويحاصرها .. يحاول فهم كل كلمة قالتها .. لقد هددت مصطفى بالفعل وتحججت بكون نسيم اخبرتها بما تعرفه .. ولكن .. كلام تامر يحمل في طياته غموضا يجعلها واثقة من وجود ما يخفيه عنها .. بريق عينيه الذي يكاد يعمي ابصارها وتلك الاسرار التي تظهر ظلالها في قعر محيط عيناه .. كلماته التي صرح بها وكانه يضعها باختبار تلو اختبار .. ابتسامته الخائبة وهو يجيبها الان بصوت خلع قلبها من مكانه وتركه هائما يبكي بضرباته المتسارعة ( اذن .. لن تضحي بالسر لتحميني .. اليس كذلك )
راسها الذي تحرك بسرعة رافضة زاد من اتساع ابتسامته الخائبة المستدركة وهو يرفع كتفيه ببطء مغمغا ( ربما معك حق .. فانت تحتفظين باسرار اختك .. كي تستخدميها بدورك كورقة ضغط .. طبعا ان استخدم قصي .. اليست هذه هي المعادلة .. يعني .. كما حسبتها جيدا .. انا الوحيد هنا الذي يلعب دون اي ورقة رابحة تحميه)
تنهد بشكل قطع روحها وقد هربت عيناه من عينيها وهو يلتفت عنها وقد اخذت يده تمسد وجهه بتعب .. مالذي فعلته به .. انها حقا تقتله بكل ما تقوله .. بكل ما تقدم عليه .. انها مصممة على اذيته حتى لو لم ترغب بذلك .. ارادت ان تصرخ وتخبره بانها ستحاول حمايته ايضا ولن تسمح بتعرضه لاي خطر ولكن .. خوفها شلها .. هي لا تملك اية قوة تدافع بها عن نفسها فكيف تدافع عنه اذن .. هي مثقلة بالهموم والقيود فكيف ستحرر يديها لتتلقى عنه الرصاصة لو اطلقت نحوه .. سمعت صوته العملي وهو يقول بسرعة ثلجية سرت كدلو الماء البارد في حمم دمائها المشتعلة ( جهزي نفسك .. سنغادر بالليل الى شقتي .. بالتاكيد انت تعلمين بانك ستقيمين معي)
حركت راسها بالايجاب دون ان تتمكن من النطق .. جل هي ستجلس معه في شقته حتى وان لم ترد هذا .. هي تقدمه كقربان لامانها حتى وان تمنت لو انها لم تتعرف عليه .. التفت نحوها في تلك اللحظة ليجد دموعها التي لم تتمكن من حبسها وقد تسللت خلسة نحو وجنتها .. وبخطوات مرتجفة اقترب منها هامسا بدوره ( مالذي .. تفعلينه بي .. اتعملين انك اصبحت كاللعنة التي تجري في دمائي .. لعنة ارى موتي بسببها ومع ذلك .. لا اتمكن من الابتعاد عنها )
ارتجف ثغرها بعنف مع كلماته .. مشاعر تطايرت بعشوائية ملتهبة بين ذرات الهواء المحصور بينهما .. ياللهي كم يتوق اليها .. ياللهي كم يرغب بامتلاكها .. لم تؤثر به امراة سابقة لهذه الدرجة التي تفقده تحكمه بابسط غرائزه .. جسده الذي تفاعل مع وجودها القريب احترق في محرابها .. هي ليست حلاله .. لما تستفزه هكذا بانفراجة شفاهها وكانه تدعوه لتذوق ما اذاب كل كيانه بحلاوته .. يجب ان يبتعد عنها كي لا يقع بالمحظور .. قدماه تخالفان ما يؤمره به عقله .. لازال يقترب منها .. لازال ينحني نحوها .. عناها اللتان انغلقتا بتلقائية واستسلام اثارا جنونه .. لا يجب ان يستسلم لهوى نفسه فليس هذا ما تربى عليه .. بجنون عشوائي احمق ابتعد بسرعة متعثرا بخطواته وقد ساعده صوت والدته الذي ارتفع وهي تنادي على تسنيم معلنة وصولها .. نظرة واحدة اليها اعلمته كم ستكون ايامه القادمة صعبة وكلاهما وحيدين مع بعضهما .. لم ينتظر حتى ان يبرر فعلته وهو يخرج بشكل سريع من الحجرة هاتفا بغضب حانق موجه الى نفسه قبلها ( نفذي ما امرتك به )
اغلق الباب خلفه ليستند عليه كي يتمكن من التقاط انفاسه بصعوبة الا ان ضربة اصابت ساقه وجعلته ينظر الى الاسفل حيث وقعت الكرة التي استهدفته .. على الاقل هو الان يعرف الارض التي يتعامل معها لذا .. انحنى ليمسك الكرة في نفس الوقت الذي راى فيه قصي بطوله الذي لا يتعدى دول ركبته وقد مد يده اليه بنظرات غاضبة مطالبا اياه دون كلام ان يعطيه الكرة .. بلؤم حرك راسه بالرفض وهو يرفع الكرة اعلى هامسا ( ان اردتها .. عليك ان تقبلني وتعتذر )
سيحصل على اعترافه مهما بدا الامر صعبا .. سيجبره على تقبله فهكذا سيتمكن من الضغط اكثر على نسيم .. راى نظرة التمرد بعيني الصبي وقد فتح فمه بشكل تهديدي ينبئ بعلو صوته بالصراخ والبكاء ان لم ينفذ هو طلبه ويتنازل .. رفع تامر كتفيه وهو يرمي الكرة عاليا ليلتقطها بعدها باستفزاز متحدي شعر بعده بنار تصيب قصبة قدمه للمرة الثانية وقد راى الطفل وهو يقف امامه بتحدي بعد ان ركله بساقه .. صرخته المعبرة عن المه والتي لم يتمكن من كتمها جلبت ابتسامة الانتصار على شفاه قصي الذي كان يستعرض قوته امامه .. انحنى تامر نحوه فلاحظ تقهقر الصبي لخطوتين ولكنه وقف بعدها بشجاعة اعجبته شخصيا .. انه لا يتعامل كطفل حقا بل كرجل صغير .. مد يده بالكرة قائلا ( خذها .. فانت اعند من امك .. ولم انجح معها فلم سانجح معك )
ووقف ليتركه الا ان جذبة طفيفة لبنطاله اوقفته فنظر الى الاسفل ليرى يد قصي ممدودة امامه وهو يقول بطفولية متلعثمة ( ش .. شكرا )
تضاحك تامر عندها بذهول وهو يضرب كفه بالاخرى قبل انحنائه نحو قصي ويده تمتد لتلتقط يد الصبي هامسا بحفاوة ( لقد نسيت هذه الكلمة بفضل امك .. يبدو انك اكثر ذوقا منها .. مارايك ان نقيم هدنة )
كان جواب قصي هو كفه الذي ضرب به وجه تامر بعدما صافحه وهو يخرج لسانه ويهرب باتجاه مكان تواجد جدته .. انه يشبها حقا .. انه يطلي السم بالحلويات ليخفي نيته الشريرة .. انه .. كلمات تدافعت بحقد في ذهن تامر الذي اصيب بصدمة عمره وقد خدعه طفل صغير وتلاعب به .. ياللهي .. كيف سيمضي باقي الايام مع هذين الاثنين .. هل حقا سيتمكن حبه من الصمود امام كل هذا .. حيرة وخوف وضياع وخيبة وينبوع احاسيس متفرقة ومشتتة جعلته يرفع هاتفه ليجري اتصاله باخيه كي يحادثه قليلا عله يرتاح من عبئ الحمل الذي يثقل كاهله .. مسؤولية لا يعلم ان كان حقا سيتمكن من الايفاء بها ام انه سيفشل ويدفع حياته وقلبه ثمنا لتخاذله .
اغلق نادر هاتفه وهو يتنه بعمق وحيرة .. حقا هو الان لا يعلم كيف بامكانه التصرف .. رغم ان اخاه لم يوضح له بعد اي شيء الا ان صوته اقلقه كثيرا .. كم تمنى لو كان بامكانه لقاءه ولكنه الان موجود ببلد اوربي وغدا فقط سيتمكن من لقائه .. ترى مالذي يحيط بتلك التسنيم .. الى اين سيقودهما الطريق الذي ابتدأه سويا .. وهل سيحتمل اخاه كل هذا .. خصوصا مع تجربته السيئة السابقة .. نبرة اخيه عادت لتداعب اذنه وهو يخبره بوضوح للتو على الهاتف .. ( انا .. احبها .. لذا .. لا استطيع الانسحاب فهذا حتى ليس خيارا اراه امامي مهما كانت الخيارات الاخرى سيئة وصعبة ومؤذية )
عندها تذكر نفسه .. تذكر الى اين اخذه حبه .. لقد احتمل من اجل نسمة كثيرا .. نكسات تعرضا لها كادت ان تفرقهما ولكنهما تجاوزاها في النهاية .. فهل سيتجاوز تامر الامر ايضا .. ام ان مصير قصته سيكون الفشل . رنين هاتفه قاطع تسلسل افكاره .. خفقة قلبه التي تسارعت رسمت ابتسامته على شفاهه وهو بيرد بصوت بشوش ( مالذي تريده عصفورتي يا ترى ؟؟ هل ستوبخني لاني لم اطمئنها عندما وصلت )
همست نسمة بخفوت وهي تضع يدها على قلبها ( نادر .. هل انت بخير .. الحمد الله .. لا ادري لما كنت اشعر ببعض الاختناق .. ولوهلة ظننت ... حسنا انسى الامر )
لم تكمل كلامها ولكنه فهمها .. اجل يعلم بان حدس زوجته وصل الى اعلى المستويات بالنسبة له .. انها تشعر به حتى لو كانت تفرقهما الالاف الاميال والمسافات .. احساس لا يفسره منطق .. ولا عقل .. ولا علم .. ولكن البعض يطلق عليه اجتماع الارواح .. وكلاهما .. قد تعلقت روحه بالاخر .. تنهد ببطء وهو يهمس بدوره ( كيف .. كيف من الممكن ان يشعر قلبك بي هكذا .. هل حقا هواكي هو من يعلي احساسك هذا )
ابتسمت نسمة بخجل وهي تغمغم بدلال ( انت تعلم .. انت كل عالمي .. لذا .. روحي لا تحوم الا حولك )
رفع نادر حاجبيه مشاكسا اياها ( حقققااا .. هكذا اذن .. يعني عندما تاتي ابنتك المصون لن تشعري بي بعدها )
اصدرت نسمة صوتا مستهجنا وهي تجيبه ( هل تغار حقا منها .. اعتقد اني انا من يجب ان اغار .. ثم لا تتلاعب بي يا لئيم .. هيا اخبرني . مابك ؟؟ )
اراد ان يقاوم .. اراد ان يلتزم بصمته .. اراد ان لا يفشي بسر اخيه .. ولكنه لم يستطع .. ببساطة .. كان يحتاج منها لدعمها .. كان يحتاج لكلماتها .. لحبها .. لحنانها الجارف الذي تحتويه فيه .. بخفوت همس معترفا ( انا .. خائف يا نسمة .. خائف على تامر .. انه .. يتعذب )
ساد الصمت قليلا قبل ان تهمس بدورها له ببطء مراعي ( انت ستكون موجودا معه يا نادر .. انت لن تتركه يا حبيبي .. انها تجربته التي يجب ان يمر بها .. كما مررت انت بتجاربك .. ومهما كانت النتيجة .. ستقف معه .. وهذا .. سيكفيه ..)
بالحاح تساءل ( هل .. هل ساستطيع .. ان اسانده )
باطمئنان واثق اجابته ( اجل .. انت ستكون دوما .. وابدا .. سند اخاك .. الذي سيحميه حتى من دون ان يطلب .. لا تقلق ياحبيبي .. فقط .. الان .. ثق به .. وبقراراته .. ادعمها .. وانصحه )
كلمات مثلت له وصية لخصت اهم ادواره التي يجب ان يقوم بها .. بخفوت باسم همس بنبرة تاصلت في حروفها ينابيع عشقه ( اشكرك .. حبيبتي .. الان .. هيا نامي يا عشقي .. وانا .. سانام .. فغدا صباحا رحلة العودة الى مصر التي يجب ان اكون مستيقظا وانا اقودها .. ساشتاق لك )
انهت بدورها نسمة المحادثة باعترافهما الملتهب له بالحب والشوق قبل ان تشرد في سقف حجرة نومهما بسعادة .. من كان يتوقع ان يصلا هي ونادر لهذه المرحلة من التوافق فيما بينهما .. ان يتنازل كل واحد منهما قليلا في اي موضوع خلاف ليتقابلا دوما في المنتصف .. من كان يتوقع ان هذا الرجل هو نفسه الذي كان يرفض حتى ان تعمل معه .. ذكريات كثيرة تزاحمت في راسها ويدها تمسد بطنها المنتفخة بحب .. هل تخيلت يوما انها ستتزوج .. هل ظنت انها ستصبح اما .. هل حلمت حتى بان تنجح في تخطي مشكلة اغتصابها .. كم كان ربها لطيفا بها .. لقد منحها الكثير من النعم .. صوت رنين هاتفها قطع خيالها .. ولكنها ما ان رات اسم المتصلة حتى اجابتها بلهفة سريعة ( سمااا .. حبيبتي كيف حالك .. هل حدث شيئ لتتصلي بهذا الوقت ؟ )

اغلقت سما الهاتف بحنق قلق زافرة حمم انفاسها وقدماها تعودان للتحرك بنفس الوتيرة السابقة .. ذهابا وايابا على طول الممر في حديقة المنزل الذي تقطنه مع اسيل ومراد و.. علي .. ذلك الاحمق الذي يتسبب الان باقتراب اصابتها بذبحة صدرية من قلقها عليه .. اين هو .. مالذي يفعله .. هل تمكن من تجوز ما حدث له .. انها تكاد ان تصل الى حافة الجنون وهي لا تعلم تحديدا اين هو .. وكلما حاولت الاتصال باحد معارفه او اصدقائه يجيبونها بنفس الاجابة .. لم يرونه .. هل يا ترى قلقها مبالغ به .. اسيل ببساطة طلبت منها ان تعطيه وقتا مع نفسه ليتمكن من استعادة سيطرته على ذكرياته المؤلمة .. كم تمنت لو ان اعصابها تطيعها وتكف عن الارتجاف بخوف عليه .. لو تصاب بلوثة ثلجية تجعلها غير مهتمة بما يحدث له .. ولكن .. العكس هو ما يحدث معها .. فكل دقيقة تمر وهي تعلم انه يعاني فانها تعاني اضعافه .. كم تود لو انها بجانبه .. لو تضم راسها الى صدره وتخبره بانه عائلتهم كما هم عائلته .. اجل حتى وهي تحاول الابتعاد عنه ولكنها لن تنكر .. لا تستطيع حتى الانكار .. انه عائلتها .. عادت لتزفر انفاسها بقوة اكبر وياس محبط .. هل سيبتعد اكثر عنها بعد هذا .. هل سيقرر الافتراق كليا عما يذكره بماساته مثلا .. مالذي سيحدث .. سؤال ظل يدور كالمكوك بعقلها دون ان تجد له اجابة .. فقط ما تعلمه بانها تشتاقه .. تشتاقه بقوة .. بعنف .. بشغف .. تشتاق حتى غضبه .. شهامته .. تشتاق تجاهله المتعمد لها .. نظراته العاتبة لها .. تشتاق ملمس يديه الدافئ .. تشتاق .. انه هو .. اجل انه هو .. كانت ترفرف بعينيها لتتاكد من وجوده .. لن تحتمل ان يكون مجرد سراب نسجته احلامها .. بخطوات مترنحة توجهت نحوه .. توقف بدوره ما ان لمحها وقد احنى راسه بتعب .. كتفاه المحنيتان وشعره المبعثر وجسده الفاقد حتى لطعم الحيوية والنشاط الذي تعرفه عنه .. بقلق معوب خرج صوتها كهمسة مبحوحة ( علي .. هل .. هل انت .. هل انت بخير ؟؟ )
تنهيدة طويلة رافقت اهة خرجت محملة بعبق انفاسه التي اخترقت فؤادها فاحرقته وهو يربت بيده على كتفهما محركا راسه بالرفض وصوته يخرج بانين ( لا .. اعتقد اني .. بخير يا .. سما )
ازدردت لعابها بقلق وهي تلمس يده بوجل مغمغمة بقلق ( مابك .. مما تشكو ؟؟ )
ابتسم بلطف غريب وهو يتساءل بغموض ( اهذا ما شعرتي به .. عندما تم اختطافك .. ام هذا ما شعرتي به .. عندما استغنت الدنيا عنك وزججت بالسجن .. ام .. هل هذا حقا هو طعم العجز الذي كان مرا كالعلقم بحلقك .. وانت ترين ما يعانيه ابنك عماد واهو في السجن )
بتهدج همست وقلبها يستصرخ بقوة مستنجدة ( علي .. علي .. مابك .. هل .. ياللهي .. لا تفعل هذا بنفسك .. لقد كنت دوما صبورا )
حرك علي راسه بالايجاب وكفيه يمسحان وجهه بقوة ولسانه يستغفر بتكرار قبل قوله بهمسة متعبة خافتة ( انا لله وانا اليه راجعون .. قدر الله الذي علينا تحمله .. و .. ان مع العسر يسرا باذن الله )
كانت تعلم انه يحاول مواساتها وتطمينها دون ان يستشعر طعم هذه الكلمات بشكل كامل .. لوحت بيدها وهي تحاول رسم ابتسامة بدت كانفراجة مرتعشة خائبة ( هيا الان لقد نجحت حقا بثارةة قلقي .. هل تعلم ... ساخصم عليك يوما من راتبك .. كيف تختفي هكذا وطوال هذه المدة وانت مقفل لهاتفك ودون ان يعلم اي شخص مكانك .. هذا تسيب يا سيادة المهندس رئيس القسم )
لم يخيب املها وهو يبتسم بدوره بشكل طفيف مغمغا ( اعتذر .. ساعوض هذا غدا ان شاء الله .. كما .. بصراحة اريد التحدث معك بشان امر مهم )
انقباضة كف ثلجية اعتصرت قلبها على وقع كلماته التي انباها حدسها بغايتها .. وبتهور رفعت ايديها بالرفض هاتفة بحدة ضاحكة هستيرية ( لن استمع لك اليوم ابدا .. غدا وبعد العمل هناك مفاجاة بسيطة اعددتها لك .. يمكنك اعتبارها كهدية امتنان مني لمجهودك المتواصل .. و ..وبعدها .. يم .. يمكننا التحدث .. مارايك )
شلال افكار كان ينصب بذهنها في تلك اللحظة لتهرب من تلك الحقيقة التي تراها واحة في عنين علي .. التماعة رجاء لا مقصودة زينت حدقتيها وهي تناظره مما جعله يقول باستسلامه المعتاد لها وقد اختلطت به بعض دهشته ( مفاجاة .. مفاجاة لي منك ؟؟ هذا امر غريب في هذا الوقت .. ولكن .. حسنا لما لا .. لننفذ ما تريدينه يا سما .. و .. بالتاكيد .. ساشكرك مقدما على المفاجاة .. والان .. هل تسمحين لي بالذهاب )
لوهلة اختلطت المعاني عليها فهتفت بنفي قاطع ( كلا .. هذا ليس خيارك ..) وصمتت بعد ان لاحظت نظرة التساؤل في عينيه لتستوعب عندها مقصده .. بخطواتها المتعثرة تراجعت الى الخلف متابعة بارتباك ( اقصد .. الان بالطبع يمكنك الذهاب لترتاح بشقتك .. ولكن .. عنيت بالخيار هو .. مممم .. اي .. لا يجب ان تصعد الى هناك مباشرة .. فعماد .. بصراحة لقد كان قلقا عليك .. وقد وعدته ..عندما تاتي .. ان تمر عليه .. حتى لو كان نائما .. كما ان اسيل تنتظرك بالشقة لتطمئن عليك .. )
حنان جارف ملأ صفحة وجهه وهو يومئ بالموافقة قبل ان يتساءل بحيرة ( صحيح .. مالذي كنت تفعلينه هنا في هذا الوقت .. هل هناك شيئ احتاج لمعرفته ؟؟ )
حمرة طغت على سمار وجنتيها استشعرت حرارتها وقد تفصد عرق توترها كحبيبات على جبينها وهي تضحك بصوت بدا كصوت احتكاك الحديد الصدئ ( كلا .. لا تقلق .. لا يوجد اي تطور بموضوع اؤلئك الجماعة الخطرون .. وهذا فال جيد بناءا على قول سمير .. اما سبب وجودي فهو .. ممم ) وصمتت تبحث في عقلها عن اقرب كذبة تتبناها لينقذها ملمس الهاتف في يدها حيث رفعته هاتفة بانتصار لحظي (لم يتواجد اي ارسال في الداخل .. اضطررت للخروج لاجري مكالمة ضرورية مع نسمة .. كي اطمئن عليها .. لقد اخبرتني انها متعبة لذا لم تحضر الاحتفال .. ثم .. هل تستجوبني يا علي ؟؟ )
قررت مهاجمته لتخفي ارتباكها الظاهر .. رفع علي يداه باستسلام وهو يجيب ( معاذ الله .. أنت حرة بالطبع فالمنزل منزلك .. فقط .. قلقت كثيرا عليكي )
لم تعلم لما ارادت تذكيره باعترافه وهي تقول بتاكيد ( لانك .. تحبني ؟؟ )
ضيق علي عيناه وضرب متواصل في منتصف راسه يمنعه من التركيز بمبتغاها الا انه قال ببطء ( لقد كنت اقلق عليكي قبل ان احبك .. وساقلق عليكي وانا احبك .. في النهاية يا سما ما بيننا عشرة طويلة من الايام .. اليس كذلك ؟؟ )
رفعت اكتافها ضاحكة بشكل اخرق وهي تتقدم امامه قائلة ( اجل .. بالتاكيد .. اعني .. من الجميل ان يجد الانسان شخصا يحبه في هذه الدنيا .. و .. انت يا علي .. لديك الكثير من المحبين .. يحيطون بك )
ارادت ان تؤكد على كلماتها التي قالتها لتتلمس يده في تلك العتمة الظاهرة في حنايا ملامحه وكلها رجاء ان تنجح باخراجه من دوامة ياسه .. تبعها وهو يهمس بالم خائب ( لا اعتقد .. يبدو .. في النهاية .. لا يوجد لي اي احد يا سما )
اضاف الكلمات الاخيرة بخفوت اكبر طعن روحها المتالمة مع استشعارها بعتابه الذي لم ينطق به .. بحزم التفتت نحوه مغمغمة ( بل ..انت شخصا لديك قيمة عالية في حياة الكثيرين يا علي .. فلا تجعل امرا واحدا يفقدك كل ما بنيته طويلا )
رفع علي حاجبيه وكلامها المنمق يدغدغ قلبه الباحث عن اي لمحة حنان يروي بها صحراء وحدته .. وبخفوت تساءل ( وهل هذا .. هو ما .. واجهت نفسك به .. بعدما تعرضت للاختطاف .. ام انك نسيتي .. اعتزالك لنا )
حركت سما راسها بالرفض الفوري ( كان الامر مختلفا ياعلي .. كان مختلفا .. كان يجب ان اتصرف هكذا .. اما انت .. فالخيارات امامك مفتوحة دوما .. انت مختلف عني يا علي )
كانت جملتها الاخيرة تاكيدية صادقة وعيناها تناجيانه ان يصدق .. فقط يصدق كما كان يفعل دوما.. اشارت له نحو شقتها لكي يتبعها في الدخول .. ظهر التردد البسيط على صفحة وجهه ولكن .. صوت اسيل الذي علا بصرخة فرحتها مع تزامن الامر باندفاعها نحوه وهي تهتف ( علللي .. لقد كنت انوي قتلك ان لم تظهر خلال ساعة .. من الجيد انك حافظت على نفسك ..)
وصمتت وهي تحتضن كفه بقوة وعيناها تواسيانه بتلقائية قبل اتمامها بخفوت ( لقد اقلقتني عليك يا رجل )
حرك راسه باشارة بسيطة وصوت تنهيدته يعبر عما يجيش بصدره دون ان يقدر على صوغ الامر بالحروف .. بدورها عادت لتهمس بثقة ( ستكون بخير .. ستكون بخير )
سيكون بخير ؟؟ ربما .. فالايام كفيلة بجعل الانسان ينسى .. ولكن .. هل سيقبل قلبه هذه المرة هذا الخيار ؟؟

( يبدو ان هناك اشخاص مسيقظون غيري ..)
كان هذا صوت مراد الذي كان يقف عند باب شقة سما وقد بدا وكانه قادما للتو من الخارج .. مظهره المشوش جعل اسيل تهتف ( مراد ؟؟ هل اوصلت ضيفتك ؟؟ )
سؤال اخر واجهها بنبرة حانقة ( اسيل ... هل عادت يارا .. هل اتصلت بك على الاقل )
مطت اسيل شفتيها كاشارة على الرفض وهي تجيب ( هي لم تفعل .. ولكن ادهم طمأنني عليها .. انها تقضي وقتا ممتعا .. لا تقلق ..)
كلمة استفزته خصوصا وقلبه ينتفض عليها بكل ذلك القلق والشوق .. بغضب حرك راسه بلامبالاة ظاهرية وهو يغمغم ( حسنا .. ليكن لها ما تريد .. عن اذنكم . ساذهب الى شقتي ..و )
قاطعته سما بسرعة ( مراد .. ما رايك ان تصطحب علي معك .. كلاكما اليوم على ما عتقد يحتاج الى من يؤنسه .. فقط انتظر قليلا ريثما يسلم على عماد )
ترافقت كلماتها مع نظرتها الراجية التحذيرية التي وجهتها لمراد .. الذي بدوره شعر بوجود امر خاطئ التقطه من ذبذبات الهواء المحيطة بهم والتي تنبئ بتوتر الاجواء فاومأ براسه موافقا دون ان ينبس ببنت شفة وعيناه تتنقلان بين سما واسيل قبل ان تستقرا على علي في استكشاف فضولي حاول كبحه ريثما ينفرد به .. امر لم يطل كثيرا حتى كان كلاهما يجلس في الشرفة وقد توستطهما طاولة حملت قدحين متوسطي الحجم من القهوة الساخنة .. وبنبرة هادئة تساءل مراد ( علي .. ما بك .. هل هناك ما يقلقك ؟؟ )
بنفس درجة الهدوء اجاب علي ( اريد العودة الى سوريا )
قرار صعق مراد الذي اعتدل بمجلسه متسائلا ( هل .. هل انت جدي ؟؟ مالذي جعلك تقول هذا )
مط علي شفاهه وهو يستند بظهره على مسند مقعده وعيناه تنغلقان بتلقائية منهكة ( لقد .. تعبت .. من الوحدة )
كلمات قالها بنبرة قاطعة نهائية .. نبرة ادرك معها مراد بان علي في هذه اللحظة غير قادر على الكلام او النقاش معه .. بدوره استرخى على مقعده وهو يرجؤ تلك المناقشة للوقت المناسب لكليهما .. اذن علي تعب من الوحدة . احساس يفهمه مراد جيدا .. فهو يعاني منه .. العائلة .. امر فقده كليهما .. امر استعاضا ايضا كليهما عنه باقرب الاناس لهما .. العائلة .. انها كلمة تختصر امامه باسم واحد .. يارا .. اجل هو لا ينكر فضل والديها في تربيته .. لا ينكر وجود ليلا كعامل اساسي في حياته .. ولكن .. كل هذا يزول امام يارا .. يارا خاصته .. لقد قابل ليلا واخيرا .. قابلها وحيدا بعد ان وضعته يارا تحت الامر الواقع بسفرها مع ادهم بشكل سري .. امر اثار جنونه فكاد ان يلحقها لولا كلمة قالتها له اسيل .. ( كيف تطلب منها ان تتوقف عن حبك كرجل وانت تمنعها حتى من محاولاتها هذه )
وعندما سالها عما تقصده اجابته بصرامة ( انت تتواجد في كافة تفاصيل يومها حتى ماعادت ترى سواك في ادق زوايا حياتها .. حتى لو كنت تشعر بنفسك كاب لها .. يجب عليك ان تمنحها فسحة لنفسها كي تجد روحها وكيانها بعيدا عنك .. ربما .. ربما عندها تقضي على مشاعرها المتذبذبة نحوك .. هذا حقها عليك يا مراد .. ان اردت راحتها وسعادتها بالفعل )
كلمات ضربته في الصميم .. ان يشعر بان راحة يارا بعيدا عنه لهو امر قتل بكيانه نور امله .. ولكن .. منطق ما قالته جعله يتراجع مؤثرا المه على تعذيب يارا اكثر بمشاعرها نحوه .. هو عندما يتعامل معها بكل هذا التملك فان تعامله يكون نابع من اعماقه المتعلقة بها بشدة .. سؤل غريب سالته اياه اسيل ولم يتمكن الى الان من اجابته .. ( كيف ستحب يوما امراة غير يارا وستتزوجها ؟؟ ام انك ستستغني بوجود يارا بحياتك عن تحقيق حلمك بالعائلة الخاصة بك )
هو لا ينكر انه اعتزل النساء في حياته منذ شعر بالم يارا وغيرتها .. لم يتقبل ان تكون متعته على حساب احاسيسها الشخصية حتى وان لم يكن يقبلها .. ببساطة .. هو لا يستطيع تحمل اي شيء يمس يارا باي سوء او حزن .. واليوم .. عندما راى ليلا .. شعر بخفقات هاربة من قلبه الذي ظن بانه ضاع في خضم الحياة التي يعيشها .. طعم ذكريات سابقة لحب ملتهب جمعهما .. طعم لم يتمكن من استساغته بعدما اختلط بغصة احساسه بالشوق لوجود يارا معه .. حتى وذلك البريق الذي يحيط بليلا يعمي بصره ويجذبه بجنون اليها .. صراع حاول ان يحسمه بهروبه خلف مظهر الاخ الذي يبحث عن حل لمشكلة اخته الغالية عليه الا ان ليلا كانت له بالمرصاد .. فكلما حاول ترسيم الحوار بينهما واعادته الى مربع مشكلتها لتفضي له بما تعانيه كي يتعامل معه من منطلق طبيعته كمعالج نفسي تنموي كانت هي تتعمد تجاهل اسئلته واعادته الى مربع الذكريات التي كانت تجمعهما .. جمل كانت تكونها تبدأ بشكل تلقائي بكلمات يعلم انه يكرهها ( هل تذكر .. هل نسيت .. اليس هذا كان مثل ما حدث بيننا سابقا .. هل لازلت تفعل هذا .. هل .. هل .. هل )
حوارات اصبح ينجبر لخوضها وعقله يتعمد تزين تلك اللحظات التي كانت تجمع بينهما في السابق .. الم تكن دوما ليلا بالنسبة له كاللغز الذي يملك مفتاح التلاعب بكيانه هو .. فامامها يشعر بانه مسلوب الارادة ومنقادا للهالة الحيوية التي تحيط بها .ز ولكن .. للمرة الاوولى .. يقف قلبه متفرجا بحزن متالم وهو يهمس باسم واحد معلنا تمرده وافتقاده له .. يارا .. كم يشتاق لها حقا .. هو يعلم .. هو واثق .. بان مجرد رؤيته لها ستكون كالترياق بالنسبة له .. ان يضمها الى صدره سيكون هذا شلال الهناء والراحة الذي سيغتسل به .. لقد تمكن من مقاومة طلب ليلا ان تسكن معه في شقته وهذا يعد سابقة بالنسبة له فقط بمجرد تفكيره باحساس يارا والمها الذي ستشعر به ان راتها معه في نفس الشقة وهي الاقرب اليه قد منعت نفسها من هذا .. حجة خلف حجة وضعها امام اصرار ليلا العنيدة التي رضخت في النهاية لمنطقه بالاجبار .. منطق اعتمد فيه على وجودهم في بلد عربي لا يقبل ان تسكن المراة مع رجل ان لم يكن بينهما اي رباط شرعي .. منطق نافاه بنفسه عندما حمل يارا الى شقته عندما مرضت او عندما تعرضت للتحرش .. ولكنها .. في النهاية .. هي يارا .. المتفردة بالنسبة له .

احساس رافقه طوال اليوم التالي وهو ينتظر قدومها بفارغ الصبر .. احساس جعله نزقا وعصبيا على غير عادته حتى مع ليلا التي واجهها بتساؤله الساخر عندما راها في صباح اليوم التالي وقد جلبت افطارا وجاءت الى شقته ( اذن .. تصرين على التعامل وكانك باجازة ترفيهية متغاضية عن التفكير حتى بمشكلتك .. على الاقل .. لن تسالي عن اختك ؟؟ الست مشتاقة لها ؟؟ )
ارتباك لحظي ظهر على ملامح ليلا الغاية في الجمال قبل ان تتدارك نفسها بضحكتها الخلابة وهي تجيبه ( بالطبع مشتاقة .. ولكنك اخبرتني بانها مسافرة .. لما اسال عليها اذن .. حتتى اني غاضبة منها .. فكيف بامكانها السفر وهي تعلم بقدومي )
مط مراد شفتيه مجيبا بدفاع ( يارا تمنح عملها الاولوية دوما .. ثم .. هي واثقة من وجودي لاعوض غيابها بالتاكيد )
رفعت ليلا يديها بدلال ناعم وهي تمسك كفي مراد هامسة بنبرة اقشعر لها جسده بتلقائية ( انت وجودك يعوضني عن الكون يا مراد .. يبدو ان يارا تعرف هذه الحقيقة )
بصوت ارتجف بلا ارادته همس بتساؤل ( اليس غريبا .. قولك هذا .. بعد طول هذه المدة )
ظهر الالم واضحا على ملامحها التي اكتابت وهي تجيبه بندم حمل بين طياته دموعا لم تذرفها بعد ( لقد اخطات .. عندما وثقت بغيرك .. وهاهي النتيجة .. لقد قتلني ثم ذهب )
اعتبركلماتها مفتاحا يمكنه من التسلل الى داخل تجربتها ان احسن استغلاله .. بنبرة مواسية ضم كفيه بقوة على كفيها ( هل .. هل انت واثقة .. مما تقولينه .. لا يجب ان تحكمي على امر بهذه الخطورة بهذه السرعة .. يجب ان يكون لديك دليل قوي .. فما اعرفه عن .. زوجك .. انه يعشقك بجنون )
انقلبت ملامح ليلا بسرعة ليكتسحها حقد كاره قلب ملامحها بشكل مقزز استفز مراد قبل ان تسيطر على نفسها وهي تجيبه ببرود ( ثق .. بان دليلي قوي .. لذا .. يمكنك اعتبار امر زواجي منتهي .. والان .. هل يمكنني ان اطلب منك ان تصحبني في جولة هنا .. اليس هذا بلدك الثاني )
قناع فولاذي اختبات خلفه فعلم مراد بان اي محاولة لاختراقه ستبوء الان بالتاكيد بالفشل .. وبنبرة ظهر فيها صراعه بين شفقته عليها وبين غيظه من عنادها غمغم ( اليوم لا يمكنني بصراحة مرافقتك .. لدي الكثير من الاعمال التي لا يمكن تاجيلها .. ولكن .. يمكنني ان افرغ لك شخصا من نفس البلد يقودك الى المزارات السياحية فيها .. ما رايك )
اجل كان يهرب منها .. كان يهرب لانه لن يحتمل اقترابه منها وهو يشعر بنفس الوقت انها سبب ابتعاد يارا عنه بتناسب عكسي .. ذلك الحزن ولخيبة اللذن انعكسا على صفحة وجهها كاد ان يجعله يتراجع ولكن .. انقباضة قلبه بقلق على يارا منحته الصمود خصوصا مع رؤيته لمظهر ليلا وهي تتصنع الحزن متظاهرة بمسحها دمعة وهمية وهي تجيبه ( لم .. لم اعتقد اني .. سازعجك بطلبي .. اردت فقط .. ان اجد من يرافقني .. فانا .. وحيدة جدا يا مراد .. وحزينة جدا )
ضم مراد قبضتيه بقوة ليمنعهما من احتضانها بغباء بعد ان التفت عنه ليواجهه ظهرها ذو الاكتاف المحنية .. وبنبرة بدت له قاسية مبحوحة ( ليس اليوم يا ليلا .. ثم .. يارا ستصل اليوم ايضا .. بالتاكيد تريدين رؤيتها )
تشنج ظهر على ظهر ليلا وهي ترفع راسها ببطء شامخ مغمغة بخفوت تعمدت فيه ان يسمعه ( هذا السبب .. لنرى اذن )
تحدي غريب لم يفهمه مراد ولكنه تفاجا بالتفافها نحوه وابتسامة مشرقة تنير وجهها بشكل خلاب يسلب الانفاس وهي تجيبه ( واخيرا .. واخيرا سارى يارا . سانتظرها معك في مكان عملكما .. انت لن تمنعني من هذا ايضا اليس كذلك )
قالتها برجاء علم انها تستخدمه لخداعه ولكنه مع ذلك لم يتمكن من معارضته وهو يوافقها عليه .. فكل ما يهمه الان ان يطمان على يارا وبعدها .. سيكون لكل حادث حديث .

يتبع ٢





حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 05:23 PM   #424

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي صرخة عنفوان انثى الفصل ١٣



صرخة عنفوان انثى
الفصل ١٣
مشاركة ٢
من قال ان الهروب ليس حلا جميلا .. بصراحة الهروب في بعض الاحيان يعد حلا مثاليا .. ( الهروب نصف الشجاعة .. اتعلمين ان هذا مثل يقال عندنا نحن العرب )
كان هذا صوت ادهم الذي اعقب على كلمات يارا الضاحكة .. كلمات علم جيدا انها تستخدمها لتبرر لنفسها تصرفاتها .. اصرارها على الاطالة قدر الامكان في الاقصر .. عودتها الى الشقة دون ان تمر على الشركة حتى ما ان علمت بالمصادفة من خلال محادثته مع اسيل عن ان مراد وليلا موجودان سويا هناك .. تنهيدة طويلة اخرجتها من فمها وهي تسند راسها على ظهر المقعد الذي تجلس عليه في الحديقة امامه .. صمت ساد المكان رفض ان يكسره هو وقد علم ضرورة اختلائها بنفسها .. بدوره غرق بافكاره وهو يتذكر طلب سما منه ان ينتظرهم عند المبنى الذي يقطنونه وان يؤكد على نادر حضوره ايضا .. طلب لم تفسره سوى بضرورة مساندتهم لعلي .. شرح موجز لما حدث له كان كفيلا ان يقوده لتنفيذ مطلبها فعلي انسان غالي بالنسبة له .. انسان وقف الى جانبه باصعب لحظاته كما وقف الى جانب اسيل في احلك اوقاتها .. صوت قاطع تلك القوقعة من الصمت التي احاطت بهما ( هل .. تأخرت ياترى )
ابتسم ادهم وهو يقف ويلتف ليرى نادر وهو يتقدم نحوه .. بحبور رفع يده ليصافحه بحماس مغمغا ( بل .. جئت مبكرا بالتاكيد .. فكيف لكابتن طائرة ان لا يكون ملتزم بمواعيده )
ابتسم نادر بدوره وهو يشير الى تامر الذي كان يقف خلفه مغمغا ( اذا اجتمع كابتن الطائرة مع اخيه بالتاكيد سينسى اسمه حتى .. ما رايك .. لدينا هنا شخص يريد ان ينسى حتى اسمه .. فهل سنتمكن كلانا من تقديم هذا له ولعلي )
عقد ادهم حاجبيه بفضول وهو يمد يده لتامر متسائلا (ولما .. يريد اخاك ان .. ينسى اسمه )
ابتسم تامر بسخرية مجيبا ( لاني عريس جديد رفض والده ان يسمح له باخذ عروسه قبل ان يقدم له كل الادلة التي تثبت انه سيحميها ويعتني بها )
رفرف ادهم بجفنيه بصدمة في نفس الوقت الذي تناقلت عيناه بين تامر ونادر الذي مط شفتيه بعجز وهو يلوح بيده مفسرا ( تامر .. يوجه مشكلة بسيطة .. مع عائلة زوجته .. لذا استعان بوالدي .. وعندما اراد ان يعود الى شقته مع زوجته .. رفض والدي ذلك .. بصراحة .. لذا اردت رؤيتك حتى قبل ان تتصل بي ..)
باهتمام تساءل ادهم ( مالذي .. يمكنني ان افعله .. انت تعلم بان رقبتي فداء لك )
تدخل تامر بلهفة وهو يقول ( لقد اخبرني نادر بان احد اقربائك لديه منصب عالي في وزارة الداخلية هنا .. هل من الممكن ان تتدبر لنا لقاء معه .. اريد ان استشيره بمشكلتي )
اجابه ادهم بشكل فوري ( اعتبر ان اللقاء سيتم .. غدا باذن الله ساسطحبك الى مكتبه في الصباح وثق بانه سيقدم كل ما بيده ليساعدك .. ولكن .. صحيح يا نادر .. كيف يتزوج اخاك دون ان تدعونا الى زفافه )
ابتسم نادر بسخرية وهو يتبادل نظراته مع تامر الذي صرخ بياس ساخر وهو يتخلل شعره بيده مغمغا ( الا تكون الدعوة عندما يكون هناك زفاف اصلا .. )
حرك ادهم راسه بذهول متساءل واجهه نادر مغمغما بهدوء وقد لاحظ وجود يارا التي كانت تقف بصمت وهي تتابع حوارهم ( ساخبرك فيما بعد .. اهلا انستي .. اعتذر على مقاطعة مجلسك مع ادهم )
بسرعة وضح ادهم وهو يضرب كتف نادر ( هههههيييي .. لا تقفز الان الى استنتاجاتك وازل كل تلك الاسئلة التي اراها تحوم في راسك .. هذه يارا .. ضيفتنا التركية .. انها تعمل معنا في الشركة .. وهي تقطن مع سما واسيل .. كما انها صديقتهما .. وقد كن كلينا ينتظر قدوم سما وعلي )
مدت يارا يدها لتصافح كلا من نادر وتامر مغمغة بلغة عربية مختلطة وعيناها تلتمعان بقوة ( كم .. انا سعيدة .. بالتعرف عليكما .. ايها السادة .. فمن النادر .. ان يقابل المرء .. اشخاص يمتلكون مثل تلك الهالة الرجولية التي تحيط بكما )
عقد نادر حاجبيه بصرامة وهو ينظر الى ادهم بتساؤل في نفس اللحظة التي تلاعب فيها ادهم بحاجبيه مغمغا بمشاكسة ( اااه .. نسيت ان اخبركما انها تتمتع بتحليل الشخصيات وانها تملك لسان قاصف ودوما ما تواجه من امامها بجراة مظهرة اراءها )
امال تامر طرف شفاهه بطريقة ساخرة وهو يمد يده مشيرا اليها ( نموذج اخر من الفتيات القاصفات .. يبدو ان شبيهات تسنيم مصرات على القفز امامي كلما هربت منهم )
ضيقت يارا عينيها وفضولها يغلبها وهي تراقب عن كثب ملامح تامر المظلمة قبل قولها ( يبدو .. ان تسنيم هذه .. تستقر بقلبك .. لذا ترى .. في كل النساء .. لمحات تذكر بها )
زم تامر شفاهه بغضب ظاهري وهو يرد بدوره باستياء ( وهل .. كتب على جبيني هذا .. لتقوليه بهذه الثقة )
فتحت يارا شفتيها للرد ولكن .. ظهور علي وسما واسيل بتلك الحظة وتقدمهم نحوهم اوقف نسق الحوار الذي كان يدور بينهم والجميع يركز انتباهه على الشخص الذي بسببه اجتمعو الان .. على علي .

خمسة رجال .. خمسة نماذج .. خمسة شخصيات .. اجتمعو تحت سقف واحد .. خمسة كل واحد منهم يحمل هما مختلفا .. كل واحد منهم تحي عيونه قصة عشق غريبة .. خمسة تجمعو من غير ميعاد .. وبتخطيط عشوائي .. وكانهم يبحثون عن السند من وجود بعضهم .. فقط ان يكون هناك شخص الى جانبك .. شخص يحاول ان يستمع لك .. ويحاول ان يفكر بحل لمشكلتك .. نعمة لا تقدر بثمن .. ارتسمت ابتسامة الياس على وجه علي وهو يقول بخفوت وعيناه تتنقلان في وجوه ضيوفه المتواجدين في شقته ( اذن .. هذه هي مفاجأة سما .. انها حقا غريبة )
غمغم ادهم بمشاكسة حانقة ( يبدو اننا لم نملأ عينيك يا استاذ علي .. يعني .. تركنا كل شيء لاجلك وانت .. لازلت تسخر من الامر !! )
سارع علي بالاجابة نافيا ( سامحك الله يا ادهم .. صدقني ..وجودكم تاج على راسي .. سلمتم .. ولكني .. فقط لم افهم الهدف )
مط نادر شفتيه متصنعا اللامبالاة وهو يلوح بيده ( يبدو .. ان سم .. ظنت خطئا .. انك ستشعر بالوحدة .. لذا .. ارادت ان تؤكد لك .. بان لديك اشخاص .. يعتبرونك كاخ لهم .. ) وصمتقليلا وهو ينظر الى الجالسين قبل متابعته وابتسمة ساخرة تظهر على وجهه ( حسنا .. صحيح اننا لا نعتبر بهذا القرب من بعضنا .. كما ان هناك اشخاص تقابلهم للمرة الاولى ولكن .. المهم .. النية يا رجل )
ابتسم علي بشكل خارج عن ارادته وهو يهتف بسخرية مشابهة لسخرية نادر ( اتعلم .. انت تذكرني بجلسات الافراح .. حيث يتشارك الجميع الرقص والغناء وكانهم يعرفون بعضهم منذ الازل رغم انهم قد لا يكونون حتى على علم باسماءهم )
مط تامر شفاهه مغمغما وهو يرفع يده وكانه مذنب ( انا اعترف هنا .. بصراحة .. لا اعرف احد منكم بشكل شخصي .. ولكن .. سيسرني حقا ان اشارككم الافراح )
وغمز بعينه لاخيه الذي ابتسم وقد فهم مغزى كلامه بينما تبادل ادهم ومراد وعلي نظرات الدهشة قبل ان يتساءل مراد ( هل لغتي العربية فيها مشكلة .. ام انني حقا لم افهم علاقة الافراح بما نحن فيه الان )
لوح ادهم بيده هاتفا باستهزاء ( هيا يا رجال ترفقو بمراد فلو كان الامر يخصه لتركنا وذهب ليحاسب يارا على ما فعلته .. طبعا بعدما يقتلني .. ولكن .. سما حشرته بيننا ما ان راته قادما دون حتى ان توضح الامر له )
كشر مراد عن ملامحه رافعا اصبعه بتحذير ( انت حقا .. يبدو انك قد مللت من حياتك لذا تستمر باستفزازي )
رفع علي يديه بين ادهم ومراد وهو يهتف بملل ( هههيي .. ايها الديك والدجاجة .. كفا عن التناقر .. صدقا تبدوان مثل الاطفال .. حسنا مراد .. انا ساحاول تفسير كلام تامر )
والتفت نحو تامر قبل ان يكمل بتساؤل ( هل .. هل قصدت بانك .. ستقيم معنا فرح مثلا )
تنهد تامر بياس هازئ قبل قوله ( بل انا عريس .. ولكني لم اقم حتى بفرح لي .. ووالدي يمنع زوجتي عني .. هل يا ترى همك اكبر من همي ؟؟ )
رفع علي حاجبيه بتدارك في نفس اللحظة التي غمغم فيها ادهم ( وانا اقمت فرحا .. ولكن زوجتي الان منفصلة عني .. وتختبرني كي لا تطلقني .. اعتقد اني اصعب منك يا تامر فانت في النهاية سيرضى والدك ان يعطيك زوجتك فالرجال عاقلون .. اما انا فحياتي معلقة بقرار امراة )
رفع مراد اصبعه امام وجه ادهم هاتفا ( ولكن .. لا تنكر .. بانك السبب .ز فيما وصلتما اليه .. بسبب عنادك .. ثم ان اسيل عاقلة .. وليست كالمجنونة التي احاول افهامها انها امانة برقبتي وانني يجب ان اعلم عن كل تحركاتها ولكنها تصر على اثارة خوفي وعلى اتهامي باني ساحب اختها واتركها .. رغم ان اختها متزوجة اصلا .. وانا لا احب يارا كرجل بل .. كشخص حياته معلقة بها .. كالاب المسؤول عنها )
ضيق علي عينيه وهو يشير باصبعيه بشكل تبادلي ( اوووه يا مراد .. هل سقطت في فخ اختين .. ان هذا من اصعب الامر .. بصراحة .. اعتقد انك تعيش الان بالجحيم ولكن .. على الاقل .. هناك شخص يهتم بك ويحبك كعائلته .. اما انا .. انا )
وصمت علي وهو يرفف بجفنيه كي يسيطر على دموعه الغبية قبل قوله بصوت مجروح ( عائلتي تركتني .. استشهدت وتركتني وحيدا .. وعندما كونت عائلة اخرى .. فقدتها بغبائي .. والان اشعر .. بالحنين .. لوطني .. ولارضي .. ولاهلي .. يا رجل اشعر بالحنين حتى لسماع لغتي من شخص يقابلني .. تمر على ذهني صورا لبلادي قبل الدمار فتبكي روحي .. متى كانت اخر مرة تشاركت بها مع اصدقائي .. انني حتى لم اعد اتذكر وجوههم .. لم اعد اعلم ما ال لهم مصيرهم .. ابناء اعمامي وابناء اخوالي واقاربي .. تشتتنا حتى نسينا ان نسال عن بعضنا من كثرة همومنا .. هل تصدقون .. هل تدركون .. مالذي كنت فكر به البارحة .. وانا امشي وامشي ... كنت اتذكر اخر فرحة حقيقية عشتها )
وصمت وهو يحني راسه نحو الارض وكانه يعيش تلك اللحظات مرة اخرى .. صمت وانفاسه الهادرة تحكي قصة ما يجيش في صدره من تيه وضياع .. سكون ساد للحظات قبل ان يرفع علي راسه مرة اخرى هامسا بكلمات خرجت وكانها نحيبا رغم ضحكته اليائسة ( اتعلمون .. لقد كان زفاف ابن ابن عم والدي .. وكنا نجتمع كشباب اراد ان يحتفل بما يدعونه الغرب حفلة توديع العزوبية ولكن بطريقتنا .. كانت النار مشتعلة لتدفئ اجسادنا المهتاجة اصلا بدمائها الحارة .. رائحة القهوة تداعب خياشيمنا وساقي العصير يمر علينا بذلك الاناء الذي يحمله على ظهره بطريقتنا التراثية .. كل واحد منا كان يغني اغنية والباقين اما يطبلون او يرقصون او يغنون معه .. هل تصدقون انني حتى انا غنيت )
وعاد علي ليصمت قبل ان يردد وهو يضرب على صدره ( اجل .. حتى انا غنيت )
كلمات خرجت مع انة طويلة رافقت نفسا عميقا سحبه الى صدره .. ثانية فاصلة من الصمت سادت قبل ان يقف تامر بشكل فجائي وهو يقول بحماس جنوني ( ولما لا .. بما انك تغني يا رجل فلما لا .. اولسنا اخوتك .. وبما ان فرحي لن يقوم الان .. لما لا تغني لي .. لما لا نقيم زفافنا بيدي .. هيااا .. قفو جميعكم )
حماس انتقل لادهم الذي وقف بدوره هاتفا وهو يجذب يد علي ليقف ( الا تملك هنا طبلة يارجل .. هياا .. جميعنا نحب اصلا الغناء السوري .. و .. مراد .. لقد زرت مرة تركيا .. ورايتهم هناك وهم يقومون بحركات تشابه حركات الدبكة الشامية .. وان كانت بشكل ابسط )
هز مراد راسه بتفهم وهو يقف ضاربا كتف علي بتشجيع قبل احاطته له ممسكا اياه بشكل تشابكي ( اجل .. لما لا .. هيا يا رجل .. انت فقط ابدئ بغناء ما غنيته في ذلك اليوم )
بدهشة ذاهلة غمغم علي ( انتم بالتاكيد تضحكون .. هل حقا تريدون ان نحتفل الان .. ان نرقص ونغني .. هكذا )
وقف نادر بدوره متخليا عن وقاره بشكل جزئي وهو يحرك يداه بشكل استعدادي قبل شبكه ليده بيد مراد بدوره ( ولما لا .. هيا يا رجل .. تامر يلجئ اليك للمرة الاولى .. الرجل يريد ان يفرح .. هيا .. اختار لنا اغنية نكون على الاقل نالفها ونعرفها )
هتف ادهم بحماس مفرقعا باصبعه وهو يشير الى هاتفه ( انا .. انا وجدتها .. على العين موليتين .. اعتقد ان الجميع يعرفها .. انها موجودة على هاتفي .. علليي .. احقا لا تملك طبلة .. ربما استعيد مواهبي المخفية من الجامعة عندما كنت اتولى امر الطبلة )
فرقع تامر باصبعه بحماس وهو يبعد الطاولة المنتصفية ليترك مجالا لهم لحرية الحركة وهو يقول لادهم امام انظار علي الذاهلة ( ولما الطبلة .. يمكنك استخدام اي وعاء بلاستيكي .. اعتقد انه يفي بالغرض )
تحرك ادهم الى المطبخ دون ان ينتظر رد علي الذي قال له نادر وهو يمسك ضحكته بصعوبة ( اتمنى ان يكون صوتك جميلا وان تكون من حفظة هذه الاغنية ولا تحرجنا في النهاية )
استجاب علي واخيرا لمزاحه وقد تملكه اندفاع ملا قلبه وذكريات ذلك الفرح الذي عاشه ببلده تعود اليه بكل قوة ( بالتاكييد لن احرجك .. هيا يا رجال .. لنبببدا )
وامسك بيده مسبحة كانت تتواجد بشكل تزيني على الطاولة المنتصفية المتواجدة في صالته في نفس الوقت الذي كان ادهم فيه يعود مع وعاء بلاستيكي ويده تبدا بضغطط زر تشغيل الاغنية التي اختاروها .. نغمات ما ان صدحت حتى بدا الجميع بالاندماج معها .. تشابكت ايديهم بتكاثف وادهم يتوسط دائرتهم وهو يحاول مجاراة الايقاع في الاغنية .. صوت علي ارتفع ايضا ليقود الدبكة والاغنية وتامر ونادرومراد يتفاعلون معه وهم يحاولون تقليد حركاته بكل ما يستطيعون من جهد راسمين ابتسامتهم الفرحة على وجوهم .. اصوتهم الضاحكة التي اخذت ترتفع اكثر واكثر وحركاتهم التي اخذت تندمج بتكاثف وتناغم اكبر .. بدو كلوحة سعيدة وكعائلة تناسو كل همومهم ليتشاركو لحظة سعادة مسروقة ( على العين موليتين واتنعش مولية جسر الحبيب انقطع من دوس رجليا .. مشوار مشيتو الصبح ومشيتو عشية ياحباب لا ترحلو ولي ظلو حاوليا .. قالولي الليلة الفرح قلتلهم لمين قالولي شب وبنت من احلى الحلوين صلو عالنبي وقولو قلتلهم امين يحفظهم ربي العالي ويحرسهم من العين .. على العين موليتين واتنعش مولية جسر الحبيب انقطع من دوس رجليا .. مشوار مشيتو الصبح ومشيتو عشية ياحباب لا ترحلو ولي ظلو حاوليا .. وتقول صابوني واتقول صابوني .. جارو علي العدا وبالعين صابوني .. لو قطعوني حتت بالروح صابوني .. ماحيد عن عشرتك يانور عينيا .. على العين موليتين واتنعش مولية جسر الحبيب انقطع من دوس رجليا .. مشوار مشيتو الصبح ومشيتو عشية ياحباب لا ترحلو ولي ظلو حاوليا ) .
من كان ليتصور .. من كان ليظن .. بان هؤلاء الخمسة المختلفين .. يجتمعون هكذا .. وبهذه الطريقة .. وضحكاتهم تملا المكان .. وحركاتهم تتجانس وكانهم معتادون على هذا الوضع .. انتهت الموسيقى في نفس اللحظة التي التف فيها علي ليضمهم جميعا بشكل جماعي وعيناه تذرف واخيرا دموعه وهو يهمس بتاثر ( اشكركم .. اشكركم من قلبي .. انت حقا خير اخوة حظيت بهم يا رجال )
ردود متفاوتة ومتداخلة اجابت عليه .. كلهم علنو انهم اخوته .. كلهم ربتو على كته بدعم محب .. احساس بالعزة ملاه وهو يرى معادنهم الاصيلة في مساندة الغير .. مفاجاة لم يتوقع حقا ان تنتهي هكذا ..لقد فهمته سما رغم انه لم يفهم نفسه في البداية .. الهذه الدرجة تعرفه .. الهذه الدرجة تفهمه .. الهذه الدرجة تدرك ما سيواسيه .. شوق اكتسح فؤاده اكثر وهو يرى نظرات الجميع متجهة نحوه.. وكانهم يطمئنون عليه بشكل سري .. شقت ضحكته الارجاء وقلبه يهفو بشكل اكبر لمكان اخر .. مكان اصبح يدرك الان ضرورة ان يزوره .. تلك اللحظات التي قضاها للتو .. والتي اعادت علي لدقائق مسروقة .. جعلته يدرك علاجه .. انه يحتاج هذا .. يحتاج ان يعيش ببلده قليلا ليستعيد نفسه مرة اخرى .. يحتاج ان يترك كل شيء ليفهم قيمة ما يملك .. صوت جلبة من الشقة المجاورة لفتت انظار الشباب وهم يتبادلون نظرات التساؤل قبل ان يحرك مراد راسه بتفهم ضاحك ( اعتقد .. ان الفتيات .. بعدما سمعو صوت الموسيقى .. جاؤو لتفقدنا ... ليتاكدو من اننا بخير .. ولم نصب بالجنون .. يمكنني القول بان هذه الحملة بالتاكيد تقودها يارا باسبابها الانسانية الكاذبة )
ضحك الشباب وادهم يعقب ( وبالتاكيد اسيل توافقت معها وهي تظهر نبل اهدافها للتجسس علينا )
حرك تامر راسه بشكل ساخر وهو يشير لنفسه ولاخيه ( من الجيد ان زوجتينا لم يكونا هنا .. فاعتقد انهما لن تصدقا اننا انا وانت رقصنا هكذا .. ربما يجب ان يبقى الامر طي الكتمان يا اخي )
وافقه نادر وهو يلتقط انفاسه بسرعة منهكة مغمغما ( اجل .. طي الكتمان .. هل تصدق بان سما ستبقي مثل هذا الامر سرا عن نسمة )
رفع علي اصبعه باشارة الرفض هاتفا وهو يلتقط انفاسه منحنيا وهو يستند على ركبتيه ( سما لا تفشي هذه الامور انها اسيل .. ثم يمكنكم اتبزازها بما قدمتموه لي من خدمة ساظل اشكركم عليها طويلا )
غمزه تامر هاتفا ( يارجل مالذي تقوله اي خدمة .. انا الذي اشكركم لانكم احتفلتم بزواجي .. صدقوني لقد تفاءلت بالخير بسببكم )
ضرب ادهم بكفه على الوعاء هاتفا ( وانا اشكركم لاني استعدت بعض مهاراتي بصراحة و .. )
ضحك مراد وهو يتعمد مقاطعة ادهم ( كفى .. انتم تذهبون معنى وجودنا سويا بشكركم هذا .. ان كنا اخوة واصدقاء فلا شكر ولا اعتذار بين هؤلاء )
مط ادهم شفتيه وهو يشير نحو مراد باستهزاء ( اووه استاذ مراد للمرة الاولى تقول كلاما معقولا يا رجل )
ضيق مراد عينيه وفي نيته الرد بقسوة على ادهم ولكن نادر صفق بقوة هاتفا ( هيا يارجال .. لننزل الى الاسفل لكي تودعونا انا وتامر .. فبصراحة .. نسمة ستقتلني ان تاخرت اكثر من هذا .. فانا لم اراها بعد منذ عدت من رحلتي اليوم ظهرا )
وافقه علي بشكل سريع ليتمكن من فصل ادهم عن مراد كي لا يشتبكو مع بعضهم ولكن ما ان فتح باب شقته حتى راى عماد يقف هناك بتردد وقد ارتفعت يده لتطرق الباب ومن خلفه بمسافة بسيطة تقف كل من يارا وسما واسيل عند الدرج .. منظر ما ان راه علي حتى انحنى ليصل الى مستوى عماد وهو يضع يديه على اكتافه بحنان ابوي ( طفلي الحبيب .. هل تريد شيئا )
بتردد اجاب عماد وهو يخفض راسه بخجل ( اردت .. اردت ان .. اشارككم .. الرقص .. لقد سمعت امي .. وهي تقول للخالة اسيل .. بانك حزين .. وبانها طلبت منهم ان ياتو .. لكي يكونو معك .. و .. و .. انت لست حزينا بسببي اليس كذلك )
كان سؤاله الاخير راجيا وعيناه تبحثان في عيني علي عن اي بادرة تطمئن قلبه الطفولي .. وبكل حب الدنيا ضمه علي بقوة وقلبه ينتفض بقوة مستجيبا لحبه الجارف الذي يحمله له بقلبه وهو يهتف بسرعة ( كلااااا .. بالتاااكيد كلااااا .. فانا من المستحييل ان اغضب او احزن منك يا صغيري )
بتردد رفع عماد يديه ليحطهما على كتفي علي قبل ان يستجيب للعاطفة الجارفة التي يمنحها له علي بضمه له بكل قوته الطفوليه وبكل اشتياقه له .. منظر ادمعت له عيون من يراقبونه خصوصا عيون تلك الواقفة التي اخذت تراقب اغلى شخصين على قلبها وهما يتصالحان بعد ان كانت السبب في افتراقهما بشكل غير مقصود .. اثنان لا يكتملان سوى بوجودهما سويا .. فلا علي يستطيع الاستغناء عن عماد الذي يعتبره ابنه ولا عماد يمكنه الابتعاد عن علي الذي يمثل له الاب الذي يريده ويعشقه .. صوت صدح بشكل مشاكس رغم تهدجه الواضح ( هيا الان .. كفاكما احتضانا لبعضكما فانا اغار .. ثم .. لا يجوز ان تحتفلو لوحدكم هكذا يا شباب .. كان من الذوق ان تدعوننا )
لوح ادهم بيده مغمغا باستفزاز ( وكانك كنت تنتظرين دعوتنا يا اسيل .. هيا لا تنكري بانك كنت تراقبيننا من الشقة المجاورة )
بسرعة اشارت اسيل نحو يارا هاتفة ( هي من اقترحت هذا .. انا فقط اردت الاطمئنان على علي .. فقط راقبتكم قليلا جدا جدا )
مطت يارا شفاهها معقبة بتحدي ( اجل قليلا جدا .. لذلك كنت تتشاجرين معي كلما حاولت ان اخذ مكانك في المشاهدة .. لقد كنت تحتكرين المكان تاركة مسافة ضئيلة لي ولسما لنتقاسمها )
تنحنحت سما لتقاطع ذلك الحوار الطفولي وهي تقول ( ما رايكم يا جماعة ان نكف عن الوقوف عند الباب هكذا .. للتو قد صعدنا لندعوكم لتشاركونا المشروبات في الاسفل في الحديقة )
دعوة استجاب لها في النهاية كلا من مراد وادهم وعلي بينما اعتذر تامر ونادر وغادرا المكان بسبب مشاغلهما .. صمت وسكون ساد تلك الجلسة والجميع يستمتع بنسمات الهواء التي تحمل رائحة الليل وبصوت ازيز حشراته الذي يوحي بوجود من يشاركك السهر .. افكار كانت تدور في اذهانهم وقرارات كانو قد اتخذوها بينهم وبين انفسهم .. تنهيدة طويلة خرجت من بين انفاس يارا التي قالت بشكل فجائي طفولي ( كم هو جميل هذا الليل .. اتعلمون اني رايت الكثير من الامور الرائعة منذ جئت الى هنا .. ولكن .. من اجمل ما رايت هو رقصكم سويا .. لم تخيلك يوما يا مراد وانت ترقص هكذا وبهذا الانطلاق )
رفع مراد كتفيه وهو يهمس ( ما رايته امر استثنائي لا اعتقد انه سيتكرر قريبا )
التفتت يارا متعمدة تجاهل ملاحظته وهي تسال علي بلهفة طفولية ( ولكن .. ما هي تلك الاغنية التي كنت تغنيها .. انها رائعة بصراحة )
التف راس علي نحوها وهو يحاول الشرح لها ( انها اغنية من تراث بلاد الشام .. يمكنك القول انها تجمع بين الغناء والاهازيج والمواويل )
حركت يارا راسها بتفهم وهي تقول بحماس ( اجل .. اجل .. اعلم ان انواع الغناء عندكم مختلفة وتحمل عدة الوان .. نحن ايضا لدينا في تركيا اغاني مثل هذه .. اتعلم .. عندما تعلمت اللغة العربية اسمعنا المعلم شعر كان يلقيه احد المغنين .. وقد كان صوته خرافيا ولازلت اتذكر تلك الاغنية جيدا وكم تمنيت لو اني استطيع لعثور عليها )
اعتدلت اسيل بمجلسها وهي تسال بفضول ( حقا .. هل اسمعكم شعرا .. انه من اصعب انواع اللغة العربية لانه في الغالب يكون باللغة الفصحى .. بالطبع الا لو كان شعرا عاميا )
حركت يارا راسها بحيرة وهي تقول ( اعتقد انه لغة فصحى .. لقد كان يقول فيه احبك جدا واعرف ان الطريق الى المستحيل طويل .. هذه كانت بدايتها كما اذكر )
استند علي بظهره وعيناه تتجه بتلقائية نحو سما في نفس اللحظة التي قال فيها ادهم واسيل بشكل ثنائي ( كاظم الساهر ) وعينيهما تتبادل ذكريات بعيدة لاغنية اخرى جمعتهم ايضا لنفس المغني ... وبدون تخطيط رفع علي هاتفه وهو يبحث فيه من خلال صفحات الانترنت عن تلك الاغنية وهو يقول ( ساجعلك تسمعينها طالما انك بحثت عنها فهي تعبر حقا عما يجول في الصدر)
ورغم انه كان يوجه حديثه نحو يارا الا ان سما استشعرت كل تلك الرسائل التي تضمنتها احرفه .. نظراته التي انصهرت عندها في عينيها في نفس اللحظة التي ارتفع فيها صوت المغني جعلت قلبها يتسابق بضرباته بقرعات تشبه قرعات طبول الحرب .. التماعة اوصلتها الى السماء وهي تتشرب تلك الكلمات التي رافقت نظراتهالتي كان ينقلها بينها وبين ابنها .. وكانه يطبع صورتهما سويا .. وكانه يودعهما .. وكانه يبثها مشاعره للمرة الاولى .. هل حقا فهمت عليه .. هل حقا ما تراه في قعر تينك مقلتيه .. اجل .. هو سيذهب .. اجل هو قد قرر .. حدس وقع بمنتصف قلبها ليتركه هامدا خاملا وهو يتناسى دوره بضرورة النبض لكي تبقى على قيد الحياة .. ياللهي .. هل يتحقق كابوسها .. هل حقا سيتخلى عنها واخيرا .. ولكن اليست هي من تخلت اولا .. صراع انقبضت له روحها فوقفت بشكل فجائي ما ان انتهت الاغنية وهي تشير الى عماد متخذة اياه كحجة ( لقد تاخر الوقت .. ساستاذنكم الان .. فغدا يجب على عماد ان يستيقظ بشكل باكر )
كانت تهرب منه .. لم تكن مستعدة ان تسمع قراره الان .. ليس قبل ان تختلي بنفسها وتهيئها لكلامه .. راته يقف وهو يهمس باسمها فرفعت كفها بتلقائية وهي ترجوه بعينيها ان يتفهمها دون حتى ان تنبس ببنت شفة وخطواتها تتقهقر بعيدا عنه وهي تهرب بنفسها من لجة احاسيسها التي فتكت بكل استقرارها وكيانها .. دموع قاومتها طويلا كي تتمكن من البقاء واقفة حتى تؤدي دورها الى النهاية .. ليلة يجب فيها ان تتسلح بكل الصمود الذي تمتاز به لكي تتمكن من اداء ما ينتظهر الجميع منها .. خصوصا هو .. فيبدو من كلماته المرتسمة في عيناه والتي عجز لسانه عن نطقها بانه يطالبها بالتفهم .. فهل ستكون قادرة على هذا .. وهل يا ترى سياتي صباح الغد لها بمعجزة توقف كل هذا ؟؟

هل كل يوم جديد .. هو بداية جديدة ؟؟؟ كانت تقف بمكتبها .. تواجهه ربما للمرة الاخيرة .. كانت قد استنفذت كل حججها للتاخير ولم يعد لديها سوى خيار المواجهة .. فحتى وهي تعلم ما سيقوله .. حتى وهي مدركة بان مجرد خروج هذه الكلمات من فمه سيقتلها .. حتى وهي متاكدة بانها امنت بعدم مقدرتها في العيش بعيدا عنه .. مهما قاومت .. مهما تجاسرت .. مهما تواقحت او قست .. تظل كالعصفورة التي لا تحط رحالها الا في عشه هو .. حتى وهي تنظر الى عينيه بعمق محاولة تفسير التماعتهما باي هراء مخالف للحقيقة التي تتشبث بمخالبها في روحها .. كيف يمكنها ان تمنعه وهي تراه بهذا العذاب .. كيف يمكنها ان تتغاضى عن حقيقة كيانه الذي انطفأت شعلته .. حروف صدرت منه بوضوح .. بثقة .. بصرامة .. بحزم .. و .. بكل ما تحمله هذه الدنيا من احاسيس تفيض من بين انفاسه .. ( سما .. يجب علي الذهاب الى هناك .. اريد .. ان ارى وطني .. اهلي .. ان اشم رائحة ارضي )
بخفوت تمكنت من استجماع تلك الكلمات التي خطرت على ذهنها سريعا كي تستخدمها كحجة بعد طول تفكيرها في الليلة السابقة ( اتعني .. ان تتولى .. امر مشروع سلمى .. كمندوب لشركتنا )
الامر سخيف .. تعلم هذا .. بل هو مبتذل حتى .. تلك الرجفة التي في صوتها كشفت كل دفاعاتها اصلا .. نظرة الذهول التي انعكست في عيناه جعلتها تدرك .. بانه لم يتوقع ابدا ..ان تتمسك به .. ليس في هذا الوقت على ما يبدو .. الهذه الدرجة كانت قاسية عليه حتى يأس منها .. الهذه الدرجة ابتعدت عنه كثيرا .. ولكن .. مالذي يمكنها فعله غير هذا .. هي تريد تقيده بها .. باي حجة .. باي اسلوب .. باي سبب .. تعلم ان ما يطلبه هو حقه .. تعلم ايضا انها لا تملك حق منعه من ابسط مطالبه واحلامه .. تعلم بالتجرية بان علي يكره ان يفرض عليه اي امرء اي تصرف او ان يجد نفسه تحت الامر الواقع .. الم تتزوجه بتلك الطريقة لتنقلب بعدها علاقتهم الى حرب .. راته يزدرد لعابه وهو يخفض راسه مثبتا عيناه عند قدميها وقد تسلح بالصمت .. ترى .. مالذي ينتظره منها .. هل ينتظر ان تتركه بالكامل .. ان تنفذ ما قالته في لحظة غضب بعدما عادت من خطفها .. سمعت اسمها يخرج من فمه كاهة عزفت على اوتار فؤادها .. راته يرفع راسه وعيناه تنغرسان عميقا في تينك عينيها .. ( هل .. هل تعتقدين .. باني .. مؤهل لهذه الوظيفة )
ابتسامة عملية حاولت رسمها على وجهها وهي تلوح بيديها بثقة ظاهرية تخفي فيها تلك الطفلة التي تبكي فراق اهم شخصا في حياتها ( بل انت اكثر شخصا مؤهلا لها يا علي .. فانت ستعتبر حلقة الوصل بيننا .. اعلم انه ليس مجالك ولكني سابتعث معك ايضا خبيرا اقتصاديا .ز وانا واثقة بانك ستعطيني رايك بشكل صادق بهذا المشروع )
ضيق علي عيناه في محاولة لاستشفاف ما تعنيه وهو يغمغم باستهجان خافت ( لا اعتقد .. ان سبب طلبك هذا .. هو ان تحرجيني .. اقصد ان تستخدميني ضد عائلتي اذا رايت الامر غير مناسب )
رفرفت سما بعينيها بعدم فهم لحظي قبل ان تنقلب سحتنها الى الغضب وهي تنتفض واقفة ( انا .. هل تعتقد اني .. ياللهي ياعلي .. لازلت كما انت .. لازلت تسيء الظن بي و .. )
كانت قد التفتت عنه لتخفي دموعها التي اثبتت فيها كم هي لا تزال حمقاء .. كيف تضعف امامه وتهين نفسها في كل مرة .. دفء يد تسلل الى يدها وملمس شفاه على باطن كفها اقشعر له كل خلية بجسدها كان كفيلا بنشر الوهن في روحها التي تنجذب اليه كالمعناطيس .. وبصوت حميمي قريب من اذنها همس علي بنبرة نادمة ( اعذريني .. كل حساباتي معطوبة .. لم اعد اعلم حقا مالذي اريده .. لم اعد اعلم حتى بما اشعر به .. سما .. قلبي يحترق .. هذا فقط هو ما يسيطر علي )
كان يناجيها .. يستنجد بها .. يطالبها بالمواساة وفي نفس الوقت يسالها المشورة .. كان يرمي بثقل همه عليها .. للمرة الاولى .. تنصهر عيناه بخاصتها .. يخاطبها دون اي كلمات .. ببطء رفعت يدها الى صدره حيث موضع قلبه وهي تجيب ( اصبر .. فقط اصبر عليه يا علي .. و.. سيعود كالسابق )
ابتسم باكتئاب وهو يتساءل بطفولة ( هل .. حقا تعتقدين انه .. سيعود ؟؟ هل يوجد حتى .. من يعود لاجلها )
هل يتذمر الان .. هل حقا لم يلتقط كل تلك الذبذبات التي تصدرها له .. هل الرجال حقا اغبياء في الحب .. ابتسامة متحدية تعمدت اظهاراها له وهي تقول ( وهل يطلب الود ام يسعى المرء له بكل قوته .. هل انت خانع هكذا لتستسلم من بداية الحرب )
عقد علي حاجبيه وهو يردد خلفها بحيرة متفائلة ( .. الحرب ؟؟؟ .. هل لازلنا حقا في مرحلة الحرب ياترى )
مطت سما شفاهها وقد تعمدت الرجوع بخطواتها قليلا كي تسيطر على احاسيسها المتفجرة بقربه هكذا ( هذا سؤال يمكنك انت وحدك الاجابة عليه .. والتصرف ازاء ما ستراه مناسب .. )
وصمتت وهي تستجمع كل قوتها قبل ان تمد يدها له لتمسك بيده بشكل مصافح وهي تتابع ( انا .. لن امنعك .. عن علاج قلبك المجروح .. لن امنعك .. عن رائحة وطنك .. ولكن .. وعندما تمر هذه الغمامة التي تشوش نظراتك .. كل ما اريده منك هو ان تسال نفسك .. ترى .. الى اين تنتمي حقيقة .. اين هو موطنك الذي يستانس فيه قلبك )
وعادت لصمتها بعدما تهدج صوتها .. عادت لحصنها كي تحمي روحها التي اخترقها بعشقه عميقا .. وبحركة خرقاء لم تتمكن فيها من منع تصرفها هذا رفعت نفسها ومست بشفاهها وجنته وهي تهمس له بخفوت محمل بكل حبها ( رافقتك .. السلامة .. متى نويت السفر ان شاء الله .. و ارجوك .. ارجوك .. ارجوك .. حافظ على حياتك )
وهربت .. هربت وهي ترى انه لازال تحت تاثير صدمته من تصرفها .. هربت وهي واثقة بانه سيفهم .. سيفهم كل ما اوحته له من رسائل .. انها تراهن على هذا .. تراهن على فهمه لها .. والا . سيكون حبهما عبارة عن سحابة صيف زائلة .. الان .. هي ترمي الكرة في ملعبه .. فكيف .. كيف ياترى سيتصرف .

حكم القلب .. حكم الروح .. حكم العقل .. حكم الذكريات .. انها ببساطة معها مفاتيحه كلها .. انه كالدمية بين يديها .. لقد صعقته بتصرفها .. هزته عميقا وهزت كل قراراته .. اوقعته بصراع فتك بكل استقراره .. فرجة امل اضاءتها في عتمة افكاره .. انها لازالت تحبه . انها ستنتظر ان يثبت لها بانه يستحقها .. انها ستسمح له ان يتدخل بحياتها .. لماذا الان .. لماذا بعدما قرر الابتعاد عن كل شيء .. لقد اراد ان يركض خلفها .. ان يضمها .. ان يطالبها بالصلح .. ان يطالبها بالعشق .. بالعائلة .. اراد الكثير .. ولكن .. كل كلماته غصت بداخله .. طعم المرارة التي ذاقها قيد فمه .. انه يحتاج هذا .. يحتاج ان يروي روحه قليلا من عبق كيانه السابق الذي فقده في خضم صراعه الطويل في هذه الحياة .. يعلم انه يتخلى عن كل عهوده ومسؤولياته التي حملها طويلا جدا .. ولكنه تعب حقا .. تعب من كل ما مر به .. هي تفهمه .. هي قالت بوضوح .. بان عليه التفكير اولا بتلك الغمامة التي تعيق رؤيته لحقيقة ما يريد .. لحقيقة هدفه في هذه الحياة .. ليس امامه خيار اخر .. ولكنه .. سيتمسك بطرف الخيط الذي مدته له .. ليكن كما تريد ... مندوب الشركة .. ليبقي الباب مواربا لكي يتمكن من الرجوع ان اراد .. خطواته قادته الى حيث مكان تواجد اسيل .. انها تصور حلقتها الاولى للبرنامج الخاص بها .. ذلك الحلم الذي راودها طويلا ليتحقق اخيرا باغرب الطرق .. بحذر دخل الى استوديو التصوير وعيناه تعتادان على ظلمته ببطء .. كانت هناك .. تجلس بشكل ملائكي .. بجمالها .. بشخصيتها .. بثقتها .. بحضورها الطاغي .. كانت في المكان الذي يجب ان تكون فيه منذ البدء .. كملكة متوجة.. لقد هددته لكي يجيء بنفسه ويشاهد التصوير .. من الجيد انه استجاب لهذا التهديد .. لكي يراها بهذه الصورة .. فالان فقط .. اطمأن قلبه عليها .. الان فقط اصبح واثقا بانها ستكون بخير حتى من دونه .. الان تاكد بانه تخلص من احدى مسؤولياته الجسام .. خصوصا .. وعيون ادهم تراقبها بكل هذا الحنان .. وكل هذا الاحتواء .. وكل هذا الفخر .. وكل هذا التملك والغيرة .. غيرة اصبح يتحكم بها على قدر استطاعته .. اخفض راسه ليخفي ابتسامته .. من كان يتخيل ان يتمكن هذان الاثنين من بناء كل تلك الجسور الدموية التي انهدمت بينهما .. من كان يتصور ان يصمدا حتى يصلا الى هنا .. صوت ادهم قطع تفكيره فرفع راسه ليلاحظ بانه تحرك ليقترب منه دون ان ينتبه على ذلك ( انها .. مبدعة .. لقد خلقت .. لتكون خلف الكاميرا .. اليس كذلك )
مط علي شفتيه وهو يتعمد الابتسام بمشاكسة وقد تراجع مع حركة ادهم ليبتعد كليهما عن التصوير كي لا يؤثر حديثهما به ( مممم هل اسمع صوت الغيرة في كلماتك )
باستنكار اجاب ادهم ( غييرررة اناااا .. هل انت .. اوووف علي لوهلة ظنتتك صادقا )
ضرب ادهم كتف علي الذي كان يضحك بخفوت مشاكس امامه وبحاجبين تراقصا بتحدي ( هيا اعترف .. بانك تتمنى لو تكون معها بالبرنامج .. لن يفيدك الانكار ؟ )
رفع ادهم كتفيه مغمغما بتاكيد ( انا معترف .. ولا انكر .. اساسا انا اتمنى وجود اي شيء يجمعنا بها )
صوت نسائي امتلات نبراته بحدة لحظية قطع حوارهما ( يجمعك بمن ؟؟ هل هناك من تشتاق للاجتماع بها بشكل مهني )
التفت كل من ادهم وعلي ليجدا اسيل وقد وقفت امامهما بعدما اعلن المخرج عن استراحة وعيناها تقدحان بلهيبهما .. وبشكل مضحك رفع علي كفيه بعلامة التسليم في نفس اللحظة التي اجاب فيها ادهم بوضوح (اجل .. هناك امراة اشتاق حقا للعمل معها )
رفعت اسيل حاجبيها وهي تتساءل بسخرية تخفي بها غيرتها الغاضبة ( حقا .. ومن هي هذه المذيعة القديرة .. لما لا تخبرنا باسمها كي نتعاقد معها .. وهكذا تقدم برنامجك معها ونحقق لك امنيتك )
ببرود ابتسم ادهم وهو يجيبها بتحدي ( لا يمكننا استدعائها .. فهي لديها برنامج ناجح ومهم .. في المحصلة .. من الجميل رؤيتها حتى لو كانت منفصلة عنا )
ضيقت اسيل عينيها بغيظ وهي تسخر بقسوة ( اااه حقا .. ياللاسف .. دوما ما كانت امثلتك العليا في المذيعات غير متوفرات .. فقط من باب الفضول .. من هي هذه التي حازت على اعجابك المهني المستحيل )
هنا انفجر علي بالضحك وهو يردد من بين انفاسه ( ياللهي يا اسيل فقط لو نظرتي لمرة واحدة جيدا امامك .. ياللهي .. انت حقا كمولد القنابل دون اي رابط )
ضحكاته استثارتها خصوصا عندما رات انعكاسها على وجه ادهم فالتفت وهي تتظاهر باللامبالاة ( لا احتاج ان انظر الى شيء .. ولا يهمني اي شيء .. اشكرك يا علي على دعمك اللامحدود )
كانت ستغادر بغضبها الا ان يد ادهم منعتها وعلي يقف امامها هاتفا ( انتظري يا قطار اليابان .. اووف انت حقا دائمة الصدامات .. اعانه الله عليكي يا فتاة .. هيا الان جئت لاودعك على فكرة )
كلمة ما ان قالها علي حتى نسيت كل شيء وهي تهتف بذعر متسائل وكلام سما يتقافز امام عينينها ( تودعني .. الى اين .. انت ذاهب .. هل تعتقد باني .. ساسمح لك ان تغادر هكذا )
كشر علي بملامحه وهو يتصنع الغضب مغمغما ( وكيف ستمنعيني .. هل ستقيديني يا ترى )
بعصبية ملات نبراتها صرخت ( عليي .. هذا ليس وقت مزاحك .. صدقا .. الى اين انت ذاهب )
ارتجافة مقلتيها وتهدج صوتها في كلماتها الاخيرة جعله يدرك ما تتعرض له من ضغط كبير وهي تحاول التظاهر بانها قوية .. بحنان اخوي ربت على كتفيها هامسا ( اهدئي يا حمراء .. انها فقط .. رحلة عمل .. يجب ان اقوم بها .. انت لن تمنعيني عن زيارة وطني الذي اشتاق له .. اليس كذلك )
بلهفة طفولية همست ( اذن .. لنذهب سويا .. ساحب ان اتعرف على سوريا معك )
اجابها بمداعبة لطيفة ( وانا ايضا ساحب ان تكوني معي ولكن .. ليس في هذه المرة يا صغيرتي .. فانت الان تضعين قدمك على طريق حلمك .. وانا .. احتاج ان ابقى وحيدا قليلا )
امسكت بكفه متشبثة وهي تهتف بنبرة تسلل اليها ذعرها ( ولكنك .. ستعود الينا .. انت لن تتخلى عنا )
حرك علي راس بالرفض وهو يجيبها ( انا لم ولن اتخلى عنكم يا اسيل .. ثم .. انت الان اصبحت كالنجمة تلتمعين في السماء .. لذا .ز اياكي وان تتعلقي بوجود شخص مهما كان .. وعلى فكرة )
وصمت وهو يغمزها قبل ان يلفها لتواجه ادهم وهو ينحني باتجاه اذنها متابعا ( هو كان يعنيكي للتو يا مجنونة .. الم تعلمي بانه لم يعد يرى غيركي في النساء بعد ان ربيتيه بفراقك )
زمجر ادهم بالرفض وابتسامة اسيل تتسع بمشاكسة ( حقااا .. هل انا من يتمناها .. اووه عزيزي ادهم اعذرني فجدولي ممتلئ ولن اتمكن من العمل معك )
ضيق ادهم عيناه وهو يخرج الكلمات من بين اسنانه بعتاب ( هل يعجبك هذا يا علي )
اعتدل علي وهو يهتف بحماس ( اجل يعجبني .. انها تستحق ان تتعب من اجلها كثيييرا جدا .. ولكن .. والاهم .. ان تعتني بها فهي امانتي لك )
عادت اسيل لتلتفت اليه ودموعها تنذر بالهطول وهي تقول ( هل ستسافر .. حقا .. قريبا اقصد )
تنهد علي وقد ظهرت الجدية على ملامحه وهو يجيبها ( اقرب مما تتصورين يا غاليتي .. اوصيكي بنفسك وبسما .. واتمنى ان تترفقي قليلا بادهم .. فعلى ما يبدو انه يحبك )
قطع كلامه صوت مساعد المخرج الذي كان ينادي عليها فارتجفت بتاثر وانقباضة روحها تتزامن مع شعورها بكف تعتصر فؤادها .. وبتلاقائية اشارت براسها بعلامة الرفض وعيناها تخونانها في حراسة دموعها وقد ابى صوتها الخروج من حنجرتها .. بابتسامة احتوت على الامان والحنان همس لها ( لا تبكي .. يجب ان تظلي مشرقة وانتي تقدمين البرنامج .. وساراقبك بفخر كبير يا صغيرتي .. هيا .. اذهبي .. ساكون هنا .. بانتظارك)
رفعت اصبعها بتلويح تحذيري وهي تقول بتهدج ( اجل ستكون بانتظاري .. من الافضل لك ان تكون بانتظاري .. عندما انتهي .. افهمت )
حرك راسه بالموافقة وهو يراقبها وهي تبتعد بخطواتها وتعود للالتفاف اليه بين الفنية والاخرى لتتاكد من وجوده .. راقبها وهي تستقر في مقعدها وتعود لتاخذ هيئتها التمثيلية كمذيعة متناسية كل ما حولها لتركز بما تقدمه .. تنهيدة طويلة خرجت من اعماقه رافقها صوت ادهم وهو يربت على كتفه بتفهم ( لا تقلق عليها .. غادر الان وانا .. ساكون موجودا .. سيكون هذا افضل لها من الوداع المباشر .. اليس كذلك )
نظرة واحدة كانت كفيلة بان يحزم قراره وهو يتراجع بدوره بخطواته مرددا بحزم حنون ( انتبه عليها جيدا .. طائرتي من المفترض ان تقلع في الليل )
حرك ادهم راسه موافقا وهو يتابع بنظراته خروج علي قبل ان تنتقل عيناه الى حيث تجلس اسيل بعيدا عنهما .. كم سيكون الامر صعبا عليها .. ان تتقبل عدم وجود علي في حياتها اليومية .. ربما .. قد يكون ما يحدث هو هدية القدر له .. لكي تندمج اكثر مع عائلته .. لتستعيض به عن وجود علي .. ليتمكن من اعادة الامور النهائية والاخيرة بعلاقتهما الى وضعها الصحيح .. افكار كثيرة تنازعت براسه وقد ادرك انه الان اصبح المسؤول الاول والاخير عنها .. مسؤولية كبيرة سيعمل جاهدا ليكون على قدرها .
كم هي مسؤوليتها في هذه الحياة كبيرة .. قبل يومين فقط انهت بعض مشاكلها وان كانت لا تزال تنتظر اجابة اؤلئك الرجال حتى مع طمانة سمير لها .. واليوم انها لا تكف عن التنقل من مكان الى اخر لكي تفي بكل التزاماتها كمديرة للشركة ومع ذلك .. هاهي تفشل حتى بالتركيز باي شيء سوى به .. بكلماته التي قالها لها في المكتب .. بتلك الاسئلة المجنونة التي تقض مضجعها وتشتت تفكيرها .. متى سيسافر ياترى .. تعلم انه باقرب وقت ولكن متى .. غدا .. بعد غد .. متى تحديدا .. وكيف ستودعه وهي لم تتمكن من الصمود امامه من مجرد ذكر الامر .. ثم كيف ستخبر عماد عن سفره وهو الذي تصالح معه البارحة فقط .. اسئلة واسئلة واسئلة كانت تضج براسها دون اجابة او راحة .. خطواتها العشوائية السريعة ترافقت مع تشوش نظراتها فلم تنتبه الى سكرتيرتها التي كانت تقف عند باب المكتب لذا اصطدمت بها .. اهة خرجت من كليهما قبل ان تهتف السكرتيرة بخوف ( سيدتي اعتذر .. اعتذر حقا لم اقصد .. لقد كنت اغلق باب مكتبك بعدما وضعت به رسالة اعطاني اياها الاستاذ علي لذا لم اراكي وانتي قادمة )
لم تنتبه لاي شيء .. لم تستطع حتى ان تفهم اي شيء مما تقوله تلك السكرتيرة فلقد توقف قلبها عند حقيقة واحدة .. رسالة .. وعلي .. علي ترك لها رسالة .. وهذا .. هذا تحديدا له معنى واحد .. معنى جعل قدميها ترتجفان وهما تبذلان كل طاقتهما للصمود وهي تتجه بترنح نحو مكتبها دون حتى ان ترد على السكرتيرة سوى باشارة صارفة من يدها .. انتفاضات متتالية كانت تصيبها واعصابها تابى الهدوء وكان تيار كهرباء قد مسها بمئة صاعقة قوية .. يديها اللتان امسكتا بالرسالة توقفتا بخوف وصراع ما بين رغبتها لتقرا ما فيها وما بين حدسها الذي يخبرها عما تحتويه .. كلمات تراقصت امام عينيها واخيرا .. كلمات قراها قلبها قبل حتى عينيها ..
( سامحيني ...
اجل سامحيني ... ليس لاي سبب الا لانني قد تهت .. فامام هيبة حضورك وتلك الكلمات التي حاصرت بها فؤادي سقط عقلي بهوة النسيان .. اجل .. لقد اصدرتي حكمك على روحي وهربت فلحقتك روحي ولكن كياني رفض الرضوخ بلا ارادته .. فجسدي يحتاج الى الكثير ليعود الى سابق عهده .. لاعود اليك مرة اخرى كعلي .. علي الذي احببته يوما .. ربما عندها ستعود جسورنا لتبنى على انقاض مشاعرنا المجروحة بسبب تهوري معك .
يبدو انني لازلت تائها لاني لازلت واقعا تحت دائرة النسيان .. هل حقا هذا ما اصبح عليه حالي ام ان ذهني يتعمد التهرب من ذكر الحقيقة .. حقيقة كوني قد اغفلت عن ذكر موعد سفري لك .
سما .. ساعود لاطلب منك السماح مرة اخرى قبل ان اخبرك باني ساغادر الان .. ساغادر مع سلمى كي ارافقها وساسبق ذلك المندوب الذي اخبرتني عنه والذي اتمنى ان يلحقنا باقرب وقت .. اعلم ان كلماتي الان ما هي الا ضربات قسوة اوجهها اليك وكانني لا ابالي .. ولكني .. وبصراحة .. ولاني ابالي كثيرا .. فلقد اخترت الهروب .. اجل .. اخترت ان لا اودعك انت وعماد كي لا اتراجع عن نيتي التي قصدتها .. اخترت ان ابقي نفسي محصورا في ذكريات ليلة الامس .. بابتسامة عماد الخجولة التي كان يرمقني بها بين الفنية والاخرى .. وبنظراتك التي كانت تحاول الهروب قبل ان تعلن الاستسلام .. عندما صدحت تلك الكلمات الشعرية فبدت وكانها صك اعتراف يصف حالتي لك .. بعيني وقتها خاطبتك .. وبلساني رددت تلك الحروف ... احبك جدا .. واعرف ان الطريق الى المستحيل طويل .. واعرف انك ست النساء وليس لدي بديل .. واعرف ان زمان الحنين انتهى ومات الكلام الجميل فماذا اقول ..احبك جدا .. واعرف اني اعيش بمنفى وانتي بمنفى .. وبيني وبينك ريح و غيم وبرق ورعد وثلج ونار .. واعرف ان الوصول لعينيك وهم .. واعرف ان الوصول الى شفتيكي انتحار .. ويسعدني ان امزق نفسي لاجلك ايتها الغالية .. ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية ..ايا من غزلت قميصك من ورقات الشجر .. ايا من حميتك بالصبر من قطرات المطر .. احبك جدا .. واعرف اني اسافر في بحر عينيكي دون يقين .. واترك عقلي ورائي واركض خلف جنوني .. ايامراة تمسك العمر بين يديها سالتك بالله لا تتركيني .. فماذا اكون انا اذا لم تكوني .. احبك جدا وجدا وجدا وارفض من نار حبك ان استقيلا .. وهل يستطيع المتيم بالعشق ان يستقيلا .. وما همني ان خرجت من الحب حيا .. وما همني ان خرجت قتيلا ...
استودعك الله يا صغيرتي ..و استودعه ابنك .. لتكن هذه اخر كلماتي لك .. وان قدر لنا اللقاء مرة اخرى فساحاول ان اعوضك عما فعلته .. اما ان ... فعندها اتمنى ان تذكريني بالخير دوما وان تدعي لي )

هل من الممكن ان يموت المرء من الكلمات .. هل لازال في هذا العالم رسائل تحمل في طياتها كل هذه المشاعر .. بقوة ضربت بقبضتها على قلبها عل انين وجعها ان يخف .. ياللهي .. مالذي تفعله الان هنا .. ومالذي ستفعله في غيابه .. لقد اشتاقته قبل حتى ان يمر بضع ساعات على فراقه .. عادت لتضرب قلبها بقبضتها مرة اخرى وجفونها تعلن استسلامها لتترك العنان لدموعها المنهمرة مع انين اهتها الخارجة من اعمق اعماقها .. بترنح وقفت وهي تنظر الى باب مكتبها .. مالذي تفعله هنا .. عاد التساؤل ليغزوها .. وعادت قدماها لتتحرك بلهفة راكضة نحو هدف تحلم ان تراه رغم معرفتها بانه سراب .. وهناك .. وقفت بوجل .. وقفت بخوف .. وقفت بترقب .. امام باب مكتبه .. ويدها تمسك بمقبضه .. لم تعد رائحته تملا المكان .. ولم يعد الدفء عنوان الوجود هنا .. وحشة ملاتها بفراغ احتلها من الداخل مستنفذا كل احاسيسها .. هو ليس هنا .. صوت احدهم لم تنتبه له ردد الكثير من الكلمات .. كلمات لم تستوعب منها سوى قوله بان علي غير موجود وبانه وزع كل مهامه على اعضاء مكتبه .. تقهقرت خطواتها اخيرا .. تقهقرت ونفس السؤال يعود ليرجها بكل عنف وقسوة .. مالذي تفعله هنا ؟؟

يتبع ٣




noor elhuda likes this.

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 05:30 PM   #425

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي صرخة عنفوان انثى الفصل ١٣



صرخة عنفوان انثى
المشاركة الثالثة و الاخيرة


مالذي يفعله هنا ؟؟؟ .. الى اين تقوده قدماه دوما .. مهما هرب .. مهما قاوم .. مهما صمد .. في النهاية يجد نفسه يقف عند بابها .. ليومين كاملين نجح بتجنبها .. ليومين شغل نفسه بلقائه مع اؤلئك الافراد الذين قابلهم في حفلة سما .. ليومين اغرق نسه بسلسلة من الخطط والاجراءات التي تاكد من خلالها بانه سينجح واخيرا .. بثاره النهائي من عمه .. غدا .. ستبدا اول الاخبار التي ستصله عن تحركاتهم .. مساوماته معهم نجحت .. لقد اجبرهم على الاستماع له في النهاية .. اجبرهم على التصريح بخطتهم .. بكل تلك الادلة التي كان يجمعها بالسر عن عمه .. بكل تلك الاسرار التي اصبح يعلمها عن ذلك العالم القذر .. والان .. وبعدما شارفت الامور على النهاية .. ورغم كل المنطق الذي يؤكد عليه ضرورة ابتعاده عنها .. وعده لها بان لا يقترب .. كالمجنون .. يقوده قلبه .. ينسيه عزمه .. اصراره .. ثاره .. انه يشتاقها .. لم يرها .. لقد التزمت حجرتها وكانها تؤكد له بانها تعاقب نفسها بنفسها لتعاقبه .. بانها تبتعد عن الجميع ليس لانه امر بهذا بل لانها هي تريد .. تصرفاتها التي تضعه دوما بصراع متواصل مع عقله .. هل هو فقط يشعر نحوها بالمسؤولية .. اليست زوجته .. من يخدع .. ابتسامة ساخرة قاسية مظلمة شقت ثغره وعناد يحرك يده ليفتح بابها .. لم يطرقه .. لم يستاذنها .. لن يخضع لاي شيء تريده منه .. نظراتها التي واجهته مسببة انتفاضة بقلبه كانت خير جواب له .. ياللهي .. انها تمتلكه حقا .. بصوت تعرف عليه بصعوبة غمغم ( مساء الخير .. لازلت على قيد الحياة اذن يا .. زوجتي .. اعذريني .. لقد قطعت خلوتك لاني اردت ان اخبرك باني تكلمت مع عمي اليوم وطلبت ابنته منه بشكل رسمي كزوجة لي .. وبصراحة هو رحب بهذا و .. مالذي تفعلينه ؟؟ )
كان تساؤله المستنكر نتيجة لردة فعلها التي لم يتوقعها .. برودها وهي تلتفت عنه وهي تتم اخراج ملابسها من دولابها وكانه غير موجودا اصلا .. توقفت يدها عن العبث بملابسها المصفوفة امامها للحظة قبل ان تعود لحركتها وقد اخرجت اول ما وقع فيها .. ببطء تراجعت خطوة وهي تغلق باب الدولاب وتضع ذلك القميص الابيض الذي اخرجته دون خطة منها على السرير .. وبنفس البرود الذي تحاول التشبث به بكل قوتها مدت يدها لتفتح السحاب الخاص بثوبها الذي ترتديه وقد تعمدت استمرار تجاهلها له . تعلم انها تلعب بالنار ولكن ليس امامها اي خيار اخر .. انفاسه التي شعرت بلفحتها وشعيرات عنقها تتراقص مع تلك القشعريرة التي اكتسحتها مع اقترابه منها اوقفت حركة يديها الخرقاء في محاولاتها العقيمة .. نيران شبت بكل خلية من خلاياها ويداه تستقران على ظهرها .. كيف ينتظر منها ان تصبر على غيرتها عليه .. كيف ينتظر منها ان تتقبل زواجه من اخرى على ان تكون هي فقط مجرد دميته .. كيف يفعل هذا بها رغم كل ما بينهما .. لمساته المعذبة على طول سحاب ثوبها احرقتها بذبذباتها الكهربائية .. انه يتعمد فعل هذا بها .. يتعمد ان يثبت لها بانه يعلم مدى تاثيره عليها رغم كل تظاهرها بالبرود .. دوار اثارة زلزلها جاعلا اياها تتمايل باتجاهه بلا اي ارادة منها وتلك اللمسات تذيب كل اواصلها .. الى اين يود الوصول معها .. صوته بنبراته النارية تلاعب بكل تعقلها وهو يهمس باذنها ( هل حقا .. تظنين انك .. قادرة على اللعب بي .. من هذا الجانب )
بصوت ارتجفت نبراته بدمعاتها المحجوزة غمغمت ( بل .. هل ترى ما نفعله ببعضنا )
والتفتت ببطء لتجد نفسها قريبة منه لدرجة لا تفصلها عنه سوى بعض ذرات الهواء .. ببطء رفعت يديها لتستقران على صدره وهي ترفع راسها نحوه بكل انوثتها مناجية اياه ( هل ترى يا احمد الى اين تودي بنا احكامك )
نار شبت بروحه وقلبه وكيانه وكل ذرة فيه تستجيب لها بجنون .. رائحتها التي اصابته بالدوار جعلته يغمغم بتشتت ( علا .. يكفي .. الى هنا ويكفي .. اعتقد اننا سنتجاوز كل شيء في النهاية .. ثم .. انت سبب هذه الاحكام )
اخفضت راسها لتستند بمقدمته على تجويف رقبته وخصلات شعرها تثير كل جنون بداخله وتنسيه كل قراراته .. صوتها الهامس استفزه ( انت .. من تدخلت اولا بحياتي .. انت .. من تلاعبت بكل قوانيني )
حاول الابتعاد عنها ولكنه فشل في اصدرا امر عقله لباقي جسده المتشنج في محرابها .. حركة راسها الرتيبة التي كانت تحتك برقبته وهي تنقله ليتموضع على صدره جعلته يهتف بحدة لحظية ( لم يعد يهم .. لا يهم من فينا البادئ .. المهم .. النتيجة .. ترى .. هل ستقبلين وجود ابنة عمي كحقيقة تخبئ الظلام الذي تختبئين فيه ؟)
لوهلة ساد الصمت بينهما وضربات قلبيهما تتعالا .. يداه اللتان ارتفعتا بتلقائية لتتلمسا جسدها وصراعه الواضح المتناقض بين ان يضمه او يبعدها يظهر جليا بارتجافتهما .. ببطء شديد رفعت راسها عن صدره لتترك تيار الهواء الثلجي يضرب النيران التي اشعلتها وعيناها تنصهران بداخل عيناه بعتابها ( هل .. تدرك باننا .. كان من الممكن .. ان يكون .. كل شيء بيننا مختلف .. هل تعلم .. باني لازلت احلم بحياتنا لو فقط .. قابلتك منذ البدء .. قبل ان .. تتحطم كل جسورنا .. بثأرك )
صدق نبراتها زلزله .. لازالت تتعمد ان تجعله يعيش باحلامها .. لازالت تحاول بث صور حياتهما المستحيلة بمخيلته دموعها التي انهمرت قتلته .. يده ارتفعت لتزيلها قبل ان تتشارك شفاهه بالتقاطها بقبلاته التي اخذ ينشرها على وجهها .. عادت كلماتها لتثير جنونه وهي تتم عبارتها بتهدج ( انا .. انت .. كان من الممكن ان تكون لنا فرصة اخرى .. فرصة نعيش فيها لنفسينا .. لو فقط . تعترف باحاسيسك ومشاعرك لي .. لو فقط تسامحني .. لو فقط تقبل بتعويضي لك .. حتى لو بدمائي )
تلاحقت انفاسه المتسارعة اصلا واعصار من تناقض الاحاسيس يصيبه .. ما بين رغبته ونفوره هتف بصخة معذبة ( كفى .. قلت توقفي يا علا )
ولكنها كانت في حالة من اللاوعي سببها وحدتها التي اجبرت نفسها عليها .. افكارها التي حاصرتها طويلا .. حيرتها ومخاوفها .. بيد ثلجية فتحت اول ازرار قميصه لتتلمس تلك الرصاصة المتموضعة على صدره وهي تقول بنبرة اقرب الى النحيب ( انت .. انت مالذي تفعله بي .. لما تجعلني اخسر كل كبريائي امامك .. تجعلني اتوسل اليك وقد قدت اذناك من الصخر .. لما هذه القسوة معي .. )
رفعت راسها نحوه لترى انعكاسة عذابه في التماعة عيناه المقاومة .. بخفوت ساخر من نفسها اتمت جملتها ويدها ترتفع لتحتضن رقبته مقربة راسه من مستوى راسها ( انت .. تتعمد قتلي .. في كل مرة تسحقني .. دون ان تشفق علي .. تتعمد قتل احاسيسك نحوي .. قتل ذاتك التي تستسلم لي .. كلامك عن الزواج .. كلامك عن خيانتك لي .. عن رغبتك بالثار .. كل هذا لعبة .. كل هذه اوهام منك .. اوامر عقلك المظلم الذي يتعمد ان يتشرب عذابي ومع ذلك .. لا يستطيع الابتعاد عني .. ولكنه نسي امر مهما )
بصعوبة ازدرد احمد لعابه وهو يحاول التمسك بحافة وعيه كي لا ينزلق بدوامة تلك الرغبات الوحشية التي توقظها بداخله بهذيانها .. بلمساتها العشوائية .. برائحها التي تسلبه قوته .. راى النيران تندلع بعينيها وهي تتم كلماتها هذه المرة بحروفها المزلزلة ( لكل اثم ثمن .. ولكل عقاب اثر .. فيوم لن تجدني حتى لترى ثارك يا احمد .. لذا .. للمرة الاخيرة .. ارجوك فقط .. ان .. يكون عقابك لي ... بعيدا عن حبنا .. بعيدا عن غرامي الذي اقع فيه للمرة الاخرى )
تهديدها اثار كل عوامل جنونه فانتفض مبتعدا عنها وهو يهدر ( انت .. تجاوزت كل حدودك .. يا .. )
قاطعته وهي تشير باصبعها نحوه ( وانت تخاف مني .. تتحدى نفسك بابتعادك عني .. اتعلم .. انا ايضا ساتحداك .. ان تتمكن من تنفيذ عقابك .. ان تتم زواجك كما تريد .. لذا .. وقبل ان تخسر .. استسلم وكف عن تعذيبنا )
جلجلت ضحكة احمد الهستيرية قبل قوله بكل قسوة نبعت من احساسه العاجز امامها ( يبدو .. يبدو انك تثنين نفسك كثيرا ..صدقا يا علا .. مالذي تحولين الوصول اليه .. هل تعتقدين انك هكذا ستغيريني .. ستؤثرين علي .. ستتلاعبين بقراراتي ) وصمت قبل اقترابه منها خطوة وهو يهزها هاتفا بكل ما يعتمل بقلبه من تشوش ( مالذي تفعلللينه بي .. مالللذي تطلبينه مني .. الا تشعرين بنزيف قلبي وانا ارى فيكي خيال اختي .. كيف تقترحين علي ان انسى .. ان استسلم لاحاسيسي .. برايك عندما يسالني علي عن امه بما ساجيبه .. هل لديك حل عبقري .. ) ودفعها بقوة بعيدا عنه حتى كادت ان تتعثر بالطاولة التي بجانب السرير وهو يلتفت عنها هادرا بكل استهجان مستنكر ( مالذي تقترحينه يا ترى .. كثمن تدفعينه انتي لي .. كثمن يرضي الجميع .. كثمن اواجه به علي وانا اخبره بانك من اختار حياته بدل حياة امه.. وبانك من انهى حياة والده ايضا )
صمت ساد للحظة في المكان قبل ان يستمع شهقة علا الباكية وصوت معدن ارعبه وجعله يلتفت اليها ليرى حركة يدها الفجائية وهي تتناول السكين الموضوع على طبق الفاكهة الموجود بجانب سريرها وتشق معصم يدها في نفس اللحظة التي امسكت فيها القميص الابيض وقدمته له مع السكين هاتفة ( اخبره بان ثاره قد تم هكذا )
منظر ما ان راه احمد حتى تصلبت كل اواصله .. دماءها التي لونت نظرة عينيه بلونها الاحمر اوقفت قلبه عن النبض .. ترنحها بهذه القوة امامه ايقظ حواسه ليتحرك وهو يهتف بجنون صارخ ويده تضم جرحها بنفس القميص الابيض ( هلل جننتي .. مالللذي فعلتيه بنففسك .. هلل جننتي )
بلهفة حملها بين يديه وهو يرى نظرتها المستكينة باطمئنان ويدها الاخرى ترتفع الى وجنته وهي تهمس بخفوت ( ارايت انك تحبني .. ارايت انك لا تحتمل الاذية لي )
لم يرد عليها .. لم يكن بحالة تسمح له بالتفكير سوى بانقاذها .. خطواته الراكضة قادته الى السيارة .. صوته بح بصراخه على رجاله وهو يلقي باوامره لهم ليقود احدهم السيارة التي تقله معها .. كان يرجوها بلا وعي ويه تتخلل خصلات شعرها المنتشر على ذراعه التي تحملها وعلى قدمه التي تسند راسها ( ابقي معي .. ارجوكي .. لا تغيبي عن وعيك .. ابقي معي )
ابتسامتها استفزته اكثر وهي تغمض عينيها وتفتحها ببطء مثل عذاب خالص لروحه .. الم يحمل زوجته التي قتلها هكذا .. الم يعيش نفس الالم .. كلا .. ليس نفس الالم .. فقلبه الان يرفض الاستسلام .. يرفض التصديق بانها من الممكن ان تموت وتتركه .. من الممكن ان تنفذ تهديدها له وبنبرة كادت ان تفتك باعصابه سمعها تساله بحشرجة ( ح .. حبيبي .. هل .. تحبني )
اراد ان ينكر .. ان يصرخ بها ان تصمت .. ان يطلب منها ان تنساه .. لقد انتحرت بسببه .. ولازالت تساله عن حبه .. اي جنون تحمله بقلبها .. اي احاسيس مهما هرب منها تنفجر بوجهه هكذا .. بخضوع .. وبقلب انتفض وكانه ينبض نبضاته الاخيرة .. همس .. ببطء . بالم .. باستسلام .. بانهيار كامل ( انا .. احبك .. بكل جنون .. الدنيا .. و .. اكرهك .. بكل كلمات العالم .. فاي .. كفتي الميزان .. سترجح يا علا ؟؟ )
سؤال اتعبه طويلا .. ارهقه كثيرا .. منذ عرفها .. منذ تعامل معها .. اي الكفتين سترجح .. هل حقا سيتخلى عن كينونته لاجلها .. هل حقا يجب عليه ان ينهي هذه الحرب ويسلم مقاليده لها .. ابتسامتها التي انارت وجهها اقلقته اكثر .. فتلك السكينة التي رسمت صفحة وجهها جعلته يثق بانها تعلم جوابها .. تعلم اي الكفتين سترجح في النهاية .
رائحة المطهرات التعقيمة .. رائحة الادوية التي تقزز النفس .. ذلك اللون الابيض المنتشر في كل مكان .. كلها امور تكرهها .. امور تذكرها بتلك اللحظات التي عاشت فيها ظلمتها .. ظلمة قادتها الى بركان من الاحداث .. ولكن .. رغم كل شيء فالوضع الان مختلف .. انه موجود .. انه يجلس بجانبها وقد اسند راسه ليخبئ وجهه عن الجميع .. ذلك الرجل المسمى زوجها .. ذلك الرجل الذي اثار كامل جنونها حتى كادت ان تنهي حياتها بشكل فعلي ودون اي تفكير .. ولكن .. لقد سمعتها واخيرا منه .. سمعت كلمة الحب التي انتظرتها طويلا . سمعت ما ارادته ليصبح الموت بعدها هيننا .. هذا الرجل المهيب اعترف بكل وضوح بعشقها .. رفع راسه ببطء وكانه استشعر استيقاظها ومراقبتها له .. غضبه الذي ظهر جليا على وجهه اخفها ولكنها تجاسرت وتشجعت وهي ترفض الهرب بنظراتها .. وبكل تهورها .. وبكل ما يجيش بصدرها من سعادة .. التفت لتعطيه ظهرها تاركة مساحة في سريرها المرضي وهي تهمس بتعمد بطيء ( لما .. لا ترتاح قليلا .. الى .. )
ولم تكمل جملتها لتترك له حرية خيار فهمها .. لم تكن واثقة من صحة تعاملها معه بهذه الطريقة .. من استمرار ضغطها عليه باحاسيسه المشوشة وبمشاعرها المتقافزة .. انتظرت .. وانتظرت .. وانتظرت .. قلبها المرتجف كارتجافة جسدها ابى ان يصدق مقاومته .. ان يصدق اعراضه عنها .. سمعت صوت اغلاق باب حجرتها الذي كان كصفعة زلزلت كيانها .. يبدو انه لا فائدة .. التفت نحو كرسيه الفارغ الذي كان يحتله قبل قليل .. الى اين ياترى بعد كل هذا .. هل يجب ان تنفذ تهديدها وتبتعد .. هل معنى اعتارفه انه سيتخلى عن زواجه الذي جاء يتغنى به عندما دخل حجرتها .. هل .. هل .. هل .. اسئلة تزاحمت كتزاحم دموعها لتتراجع امام عصف احاسيسها المترقبة مع صوت انفتاح باب حجرتها .. انه هنا مرة اخرى .. لقد عاد .. اذن لماذا غادر قبل قليل .. ل .. كل شيء توقف وهي تشعر بجسده الذي انضم اليها في سرير المشفى الصغير .. يداه اللتان احاطتا وسطها وراسه الذي استند على راسها وهو يضمها بقوة ليلتصق ظهرها بصدره الذي يغلي كمرجل بنيران حارقة .. وبصوت جمع غضب عاشق همس باذنها ( اياكي .. ان تكرريها .. اياكي .. ان ترحلي .. دون ان ااذن لك .. هل فهمتي .. ان اردت موتك .. فانا من سيقتلك )
ابتسمت رغم همجية كلماته .. انه يقاوم ضعفه بعكس تصرفاته .. انه يدواي كبريائه الجريحة بقسوته الظاهرية عليها .. هدوء طغى على روحها وهي تغمض عينيها لتنام . في احضانه .. ورائحته تحويها باثارتها .. وقلبه يعزف كاجمل موسيقى سمعتها يوما .

ان يواجه الانسان قدره على هيئة صدمات متتالية لهو امر مهلك .. لقد جن بالتاكيد .. لقد قام بكل ما سخر منه وتحداها ان تنجح به .. اجل لقد غيرته .. غيرت كل اولوياته .. غيرت كل معتقداته .. وهو .. استسلم لها .. حتى عندما قام باخر محاولة للابتعاد عنها وعدم تنفيذ طلباتها .. لم تقده قدماه الا الى رواق المشفى قبل ان تعود بارادتها ليرتمي في احضانها .. ان يفقدها .. ان تموت .. كم تغنى بمقدرته التي تناثرت كذرات الغبار البارحة عندما واجه هذه الحقيقة بشكل فعلي .. والان هرب بكل جبن للمرة التي لم يعد يحصي عددها .. بعد ان القى باوامره للرجل الذي اصطحبهما لكي يحرسها ويعيدها الى المنزل بعد ان يطمئن الاطباء عليها .. قرر ان يسافر الى الصعيد .. قرر ان يرمي نفسه بين يدي خطر عمه ليبتعد عنها .. ربما من الافضل له ان يسلم نفسه للموت كي لا يتسبب هو بموتها .. رنين هاتفه قطع استغراقه بكل تلك الافكار وهو يقود السيارة باتجاه وجهته .. اسم ما ان التمع امامه حتى اجاب بسرعة ولهفة ( اجل يا عادل .. هل حدث اي شيء ؟ هل ..)
ولكن .. لم يكد ينهي كلامه حتى قاطعه عادل بصوت لاهث ( لقد اخبرني الرجل الذي زرعته بين رجال عمك بان عمك قد وصلته معلومات خطيرة ما ان سمعها حتى بدا بتكسير الزجاج في مكتبه وهو يصرخ بجنون بانه سينتقم ممن خدعه .. وبانه سيسلب من ذلك الحقير الذي يظن نفسه زكيا اغلى من يملك .. وبان فخ المصاهرة سيرتد بالنيران على صاحبه .. كلمات لم يفهمها اي شخص ولكن على ما يبدو انها موجهة لك .. يبدو ان هناك من حذره منك )
لم يكن احمد في وضع يسمح له حتى بالتفكير بنفسه .. كل ما كان يرتج بكيانه هو كلمة واحدة .. ( بانه سيسلب من ذلك الاخير اغلى ما يملك ) .. تهديد اعمى عينيه وصورة انتقام عمه من زوجتته تعميه .. وبنبرة هادرة صرخ وهو يوقف سيارته بشكل جنوني قبل ان يلتف بها نحو الطريق العكسي ليعود ادراجه ( علااا يا عاادل .. عمي سيهددني بعللااا .. اذهب الييها الان لتحمييها .. خذ كل الرجال الموجودين في المنزل واذهب الى المشفى .. الان وفورا )
ذكريات عن عقاب سيصيبه نفضت فؤاده بخوف اكبر .. لقد اخبرته .. بان ثمن ما يقوم به سيكون اختفاءها .ز فهل كانت تتنبا بهذا .. مالذي حدث .. كيف علم عمه عنه .. ما هو الاتصال الذي جاء اليه .. هل حقا كان يعنيه .. بالتاكيد كان يعنيه .. فهو الوحيد الذي تكلم عن المصاهرة في اليوم السابق .. كلعبة اراد فيها ان يظهر ولاءه لعمه اكثر واكثر .. اذن كيف انقلبت الدنيا .. هل سيفقد علا كما فقد زوجته .. هل سيعيد التاريخ نفسه .. اسئلة واسئلة كانت تظلل بسوداوية كل تفكيره .. ليته لم يتركها .. ليته لم يغادر .. ليته بقي في احضانها .. هل هو سعيد الان بهربه منها .. ليته فقط يدركها .. ليته فقط يصل اليها قبل فوات الاوان .. احلام وكوابيس تخالطت براسه وهو يسرع بقيادته بجنون اكبر غير عابئ بحياته .. وكل ما يهمه ان يصل في الوقت المناسب .. ساعة مرت كالجحيم عليه وهو يسابق السيارات بطريقه .. ساعة فصلت اتصال عادل به وقد حمل صوته هلعا ارعب احمد الذي صرخ متسائلا ( عاادل .. مالذي حدث .. اجبنيي )
اعاد اعادل كلماته ببعض الهدوء اللاهث ( لقد .. لقد كاد .. عمك .. كاد بالفعل .. ان يحصل على .. ثاره منك .. لولا فضل الله .. ورعايته )
صرخ احمد بهستيرية ( علااا .. هل تاذت علااا .. هل هي بخيير )
صرخ عادل بدوره بتوضيح مستدرك ( ليست علااا .. لقد اخطانا .. انه علي .. لقد كان يستهدف علي .. وكلنا خرجنا لحماية علا تاركين الطفل بحماية الله .. ولولا .. ولولا فضل الله .. وامي .. لكان علي الان في عداد الموتى )
علي .. علي .. المفترض ان الجميع يعلم هذا .. اليس كذلك .. المفترض ان اغلى شخص على قلبه هو علي .. فكيف اخطا هكذا بسهولة .. كيف اعتبر ان اغلى شخص لديه هو علا .. هل هذه الحقيقة .. هل نسي كل مسؤولياته بسببها .. هل كاد ان يفرط بابن اخته لاجل جنون مشاعره الغير منطقية .. ياللهي الى اي درك اوصله قلبه واي وحل غرق فيه وهو يبتعد عن هدفه الاساسي الذي اقسم ان يناله .. لقد سمح لضعفه للمرة الثانية ان يخدعه ويوقعه باكبر فخ نصب له .. باحتقار ملا كيانه ادرك انه تحول حقا الى دمية حمقاء يتلاعب بها الجميع ويستخفون بها.. وكل هذا بسببها .. بسبب حبه الغبي لها .. بسبب ضعفه نحوها .. ضعف يجب ان يموت الان وحب يجب ان يعدم ان اراد هو الحياة .. بقوة اوقف سيارته على جانب الطريق وروحه تكاد ان تزهق وهو يسمع كلمات عادل الذي اتم قوله بعد ان ظن ان سكوت احمد سببه صدمته الخائفة على الطفل ( انت تعلم بان امي بمئة رجل .. لقد شعرت بحركة غريبة في حجرة الصبي بعدما ذهبت الى المطبخ لتعد له رضاعته .. ولانها رات الجلبة التي حدثت ونحن نغادر فتسلحت بالحذر .. وعادت ادراجها الى المطبخ لتجلب سكينا قبل ان تعود الى حجرة الصغير .. حيث باغتت الرجل الذي كان قد تسلل الى هناك لييقتله .. وبفضل الله نجحت باصابته وكادت ان تمسك به الا انه نجح بجرحها ومغافلتها والهرب منها خصوصا وقد جاء رجال الامن الخاصين بحراسة بوابة المنزل بعدما سمعو صوت صراخها المستنجد .. )
وصمت قليلا وهو يسمع انفاس احمد العاصفة كحمم البركان دون ان ينبس باي شفة .. وبتاكيد حاول فيه تلطيف الاجواء غمغم ( ان الصغير بخير .. كما ان امي بخير .. و .. )
لم يكمل كلامه بعدما ادرك بان احمد قد اغلق الهاتف بالفعل .. اغلقه دون ان يوضح مالذي سيفعله كرد على فعلة عمه .. هل .. هل سيبدا الان الحرب بشكل واضح وصريح .. بقلق التف عادل نحو احد الرجال الذين كانو يقفون امام حجرة علا قائلا ( مراد .. ربما يجب ان نجهز انفسنا لنلتحق باحمد .. كما .. اعتقد ان الاوان قد ان لنتصل بالشرطة .. فلا ادري .. مالذي سيفعله احمد الان ولكني اؤكد لك بانه فقد عقله )
كلمات قالها وهو يشير نحو الرجال ليعممها الا انه تفاجئ بخروج علا من باب الحجرة المرضية وهي تقول بحزم مخيف ( ساذهب معكم ايضا .. و .. يمكننا ان نطلب مساعدة شركة الحماية المسؤولة عن تامين شركتنا .. هم قادرون على مدنا بحرس شخصيين .. ليحرصو على سلامة امك .. وسلامة علي .. و .. احمد )
تنحنح عادل وهو يشير براسه بالرفض مغمغما ( لا اعتقد يا سيدتي .. لا اعتقد ان وجودك سيفيدنا .. للتو .. كاد خوف احمد عليكي ان يودي بحياة الصغير .. و )
قاطعته بصخة هادرة رافضة ( لن تمنعني .. افهههمت .. لقد تجرا ذلك الوغد .. على الوصول الى ابني .. لقد خط نهايته بيده .. انا ساتي .. سواء بارادتك او برفضك .. لذا ... اياك .. ان تجادلني .. احمد في خطر وهذا هو المهم )
تشوش لم يعلم معه كيف يتصرف .. هو واثق بان احمد سيوبخه على سماحه لها بالقدوم .. ولكن .. هو ايضا ليس بيده ان يمنعها وهي المتحكمة الثانية بالرجال .. فحتى لو انكر الامر فهذه مسؤوليتها المشتركة مع احمد .. واحمد لا يرد على هاتفه ليجعله يقنعها .. بحركة سريعة اظهر موافقته وهو يتحرك امامها تاركا لها حرية اتباعه وكل افكاره تتركز بما يجب عليه فعله .. وكيف بامكانه ان يحمي صديق عمره .
روابط الاغاني المذكورة

عالعين موليتين

https://youtu.be/QG94ZeUCAB8

احبك جدا ..
https://youtu.be/LReYqo6xniU

الفصل القادم باذن الله سيكون الفصل الاخير قبل التوقف برمضان وبعدها ساكمل الرواية وهي بصراحة مش كتير مطولة وغالبا بعد رمضان هيكون فاضل من ثلاث الى اربع فصول والخاتمة
موعد الفصل القادم في ٥ مايو لانه سيكون فصلا طويلا جدا باذن الله



حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 08:49 PM   #426

Rima08

? العضوٌ??? » 410063
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,391
?  نُقآطِيْ » Rima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond repute
افتراضي

اختي العزيزه موهبتك نعمة لا تبخلي بها علينا أنا أتابع كلمات الرواية مثل. نبض القلب فصل جميل كل يوم مع منتدى رواياتي هو جمال الكلمات والمشاعر المرهفة شكرا لكم للعطاء الجميل

Rima08 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 10:57 PM   #427

Hoba Nasry
 
الصورة الرمزية Hoba Nasry

? العضوٌ??? » 435719
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 545
?  نُقآطِيْ » Hoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond repute
افتراضي

رغم اني متفهمه رغبة على إنه يلاقى روحه و يرجع لوطنه وريحة أهله اللى افتقدها بس متضايقه إنهم هيفترقوا حتى لو لفتره
جميل مشهد إجتماع الشباب في شقة على و رقصهم و مؤزرتهم لعلى علاقة الصداقة و الاخوه مرتبطة بحبهم و دعمهم لبعض
و فرحت بمصالحة على و عماد لأنهم فعلا أب و إبنه
أسيل و أدهم علاقتهم على المسار الصح أخيراً لأن حبهم قوى و حقيقى
أحمد و علا بتواجههم تحديات كبيرة يا ترى هيعرفوا يواجهها هنعرف الفصول القادمة
الفصل روعه مبدعه 💝💝💝 و قلمك رائع
منتظره أعرف مسار حياة الشخصيات هيمشى ازاى و علاقة تامر و نسيم لأنها اتعذبت كتييير اوووووى مفتقده الأمان و دفئ العائله و علاقتهم متميزه.... بالتوفيق يارب دايما


Hoba Nasry غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 11:09 PM   #428

ميمو كوكي

? العضوٌ??? » 433845
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 422
?  نُقآطِيْ » ميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond reputeميمو كوكي has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل جميل ومتنوع حب و غرام وحزن واكشن يعطيك العافيه
بانتظار الجديد بشوق 😎😎😎😎😎


ميمو كوكي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 11:36 PM   #429

مروان الخلوفي

? العضوٌ??? » 440723
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » مروان الخلوفي is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله وبحمده سبحان الله العضيم

مروان الخلوفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 12:06 AM   #430

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل كان اكثر من رائع 😍😍كل الاوراق انكشفت واعلنت الحرب ياترى حيقدروا احمد وعلا وسما وادهم يقفوا في وجه عمهم الي هو اس الشر والبلاء عجبني موقف علا في المشهد الاخير خليها تنفض عنها الذل وتقوم تحارب عشان نفسها وابنها وحبيبها ..احمد ده مجنون بيحبها وبيقاوح حنشوف لامتى حيفضل صامد ..مراد امتى حتعرف قيمة يارا عندك وانك بتحبها طالما مش شايف غيرها وتعرف ان اختها ليلا مجرد وحدة انانية وحقيرة بتستغلك بس ياترى انت حتقبل ده ..علي سافر مشتاق لبلده واكيد حيرجع لوطنه لقلبه سما ..تامر مسكين بيحارب عشان نسيم وهي مش راضية تعترف له انها مش تسنيم خايفة يحصل حاجة لتامر بعدها تفوق نسيم ..😖😖مشهد الاغنية والرقص كان روووعة ..منتظرينك الفصل ااجاي .وجمعة مباركة ياعسل 💐💐

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.