آخر 10 مشاركات
متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ما هو الباك لينك؟ (الكاتـب : حبيبالعدلي - )           »          أحلام حياتي ... "متميزة"و"مكتملة" (الكاتـب : athenadelta - )           »          طلب تصميم (الكاتـب : Grace Kelly - )           »          برنامج المصمم العربي للكتابة على الصور بإحترافية (الكاتـب : نور صلاح - )           »          فوائد الواقع الافتراضي (الكاتـب : nasserbe4em - )           »          حصاد الامس (الكاتـب : المســــافررر - )           »          155 - السيف والقمر - مارجري هيلتون (الكاتـب : monaaa - )           »          الستائر السوداء (الكاتـب : ررمد - )           »          عز الله ان حبي لك أكبر نقيصه...رواية من اجمل ما قرأت (الكاتـب : taman - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-11-19, 11:18 PM   #1101

مها العالي

? العضوٌ??? » 372455
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 132
?  نُقآطِيْ » مها العالي is on a distinguished road
افتراضي


في انتظار الفصل بفارغ الصبر



مها العالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-19, 11:33 PM   #1102

مريم المقدسيه

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية مريم المقدسيه

? العضوٌ??? » 319925
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 567
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » مريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond reputeمريم المقدسيه has a reputation beyond repute
?? ??? ~
سبحان الله وبحمدة سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضور بانتظار الفصل بشووووق

مريم المقدسيه غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين

رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:22 AM   #1103

bkkaarr

? العضوٌ??? » 94862
?  التسِجيلٌ » Jun 2009
? مشَارَ?اتْي » 37
?  نُقآطِيْ » bkkaarr is on a distinguished road
افتراضي

كده فيه تاخييييير

bkkaarr غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:23 AM   #1104

Mwatena mesrya

? العضوٌ??? » 370157
?  التسِجيلٌ » Apr 2016
? مشَارَ?اتْي » 241
?  نُقآطِيْ » Mwatena mesrya is on a distinguished road
افتراضي

اين انتى يانيمو

Mwatena mesrya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:24 AM   #1105

zezo ali
 
الصورة الرمزية zezo ali

? العضوٌ??? » 400366
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 171
?  نُقآطِيْ » zezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووووووووووووووووور

zezo ali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:38 AM   #1106

نوال ياسين

? العضوٌ??? » 450734
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 236
?  نُقآطِيْ » نوال ياسين is on a distinguished road
افتراضي

يسعد مساكن ويعطيكن العافية لكل أعضاء النتدى وكاتباتو والمبدعة نيرمين نحمد الله

نوال ياسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:49 AM   #1107

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

القطعة الثلاثون
======
_اللي انت عايزه هادفعهولك بس إياك تسافر ..وإلا وديني وما أعبد لا أجيبك ولو في آخر الدنيا ..وهاخد البنت ولو اضطريت آخد روحك قبلها .

يهتف بها إسلام بصرامة وعيناه تتابعان نشوى بقلق وقد انهارت أرضاً تصرخ صرخات قصيرة تكتمها بكفها من آنٍ لآخر ..
ليصمت الرجل على الجانب الآخر من الاتصال وكأنما فوجئ بتدخله قبل أن يقول بسماجة :
_اتكلم على أدك ! مفيش في إيدك حاجة تعملها ..بنتي وحقي أربيها في حضني بعد ما أمها اتجوزت ماهو مش معقول أسيبها لراجل غريب ..طيارتي قدامها ساعة ..انت وشطارتك ..هات الفلوس وخد البنت !
يقولها ذاكراٌ المبلغ المطلوب ثم يغلق الاتصال بعنف دون انتظار الرد الذي اعتبره مسلماً به ..
لينعقد حاجبا إسلام بمزيج من غضب وعجز ..كيف يمكنه تدبير مبلغ كهذا في ساعة ؟!

لكنه يتمالك نفسه بسرعة كعهده في المصائب فيلقي الهاتف جانباٌ ليتوجه نحو هذه المنهارة أمامه فيرفعها من ذراعيها نحوه هاتفاً بغضب خالطه الكثير من الإشفاق:
_هو ده اللي كنتِ مخبياه ؟! الزفت ده كان بيبتزك لما عرف إنك اتجوزتيني ..فاكر إن تحت القبة شيخ مع سمعة الوالد المحترمة ..وطبعاً مارضيتيش تحكيلي عشان كالعادة خفتِ أبعد وأسيبكم ؟!!

تتسع عيناها بدهشة للحظة من ذكاء استنتاجه فتمنحه نظرتها الجواب قبل أن تعود الدموع تنهمر من عينيها وهي تدرك أن أسوأ كوابيسها قد تحقق!!
ذاك الوغد الذي تذكرها وابنتها فجأة بعدما علم عن زيجتها الثانية من إسلام ..لتفاجأ به يطلب منها مبلغاً كبيراً نظير أن يسمح لها بحضانة ريما ..
الخوف الذي ملأها من ساعتها منعها من إخبار أحد محاولة إقناعه باللين أنها لا تملك هذا المبلغ ولا حتى إسلام ..
ماطلته طامعة أن ينسى الأمر بمرور الوقت خاصة وهو مقيم خارج البلاد ..
لكنها لم تتوقع أن يعود خصيصاٌ كي ينفذ فعلته الخسيسة هذه ويرحل بابنتها!!

_مش قادرة أطلب منك أكتر م اللي عملته ..مش قادرة أقوللك رجعلي بنتي ..أنا هاتصرف وأ ..

تقولها بصوت مرتجف يدعي القوة وهي تمسح دموعها بينما جسدها كله ينتفض فاضحاً هشاشة خوفها ليقاطعها وهو يهزها بعنف هاتفاً :
_بنتنا ! ريما دلوقت بنتي زي ما هي بنتك ..على جثتي يخطي بيها خطوة واحدة بره مصر !

ورغم اليقين المطمئن في صوته لكن تصوّر العكس يجعلها تنهار في البكاء من جديد ليسقط رأسها على كتفه فيربت على ظهرها هاتفاً بغيظ رغم إشفاقه :
_أشرف كمان أكيد ما يعرفش ..كالعادة اتصدرتِ للمشكلة لوحدك !

لم ينتظر جوابها الذي يعرفه يقيناً من درايته بشخصيتها ليدفعها برفق هاتفاً بعجلة :
_حسابنا بعدين ! هاغير هدومي عشان ألحق .
يقولها ليندفع نحو غرفته فتلحق به هاتفة بلهفة بين دموعها :
_هتعمل إيه ؟!
_هادبر له المبلغ .
_إزاي؟!
_هتصرف!
يهتف بها بحسم وهو ينهي ارتداء ملابسه ليربت على كتفها بسرعة فتهتف به :
_استناني هالبس وآجي معاك .
_مش دلوقت ..اصبري لحد ما أدبر أموري ومش هاروح من غيرك ما تقلقيش.
يقولها ليعاود التربيت على كتفها بخفة قبل أن يهرول بخطوات شبه راكضة نحو الخارج فتبسط راحتها المفرودة على صدرها وهي تشعر بفرط التفكير يكاد يصيبها بالجنون ..
ترفع رأسها لأعلى بدعاء حار امتزج بشهقات بكائها قبل أن تندفع نحو هاتفها لتتصل ب..أشرف!
=====
_إيه؟! امتى وإزاي؟!
يصرخ بها أشرف بارتياع فتنتفض رانيا جواره ممسكة ببطنها المنتفخ بقلق ليصلها صوته الغاضب وهو يحدث نشوى عبر الهاتف:
_دماغك ده هيوديكي في داهية ! ما قلتيش لجوزك ماشي ..لكن أنا ماقلتليش ليه ؟!

صوت بكائها العاصف على الجانب الآخر من الاتصال يرقق قلبه نوعاً فيهتف بها بعجلة :
_اقفلي دلوقت وأنا هاكلم إسلام نشوف هنتصرف إزاي .

يغلق الاتصال بعنف فتهتف به رانيا مستفسرة لتشهق بارتياع وهي تستمع للتفاصيل قبل أن تهتف باستنكار:
_الحقير! سايبهم طول السنين دي وجاي يفتكر دلوقت إن ليه بنت !

_كنت عرفت إن شغله هناك مش ماشي وظروفه مهببة..هتلاقيه لقاها فرصة يبتزها لما عرف إنها اتجوزت إسلام .
يقولها وهو يتناول ميدالية مفاتيحه وهاتفه استعداداً للخروج لتهتف به :
_وهو عرف منين؟!
_الحاجات دي ما بتستخباش ..المشكلة في الغبية اللي ما قالتلناش كل الوقت ده لحد ما ضرب ضربته الجبان .

يهتف بها بضيق نافد الصبر وهو يتوجه نحو باب الشقة لتهتف مدافعة :
_مش غبية ! انت عارف نشوى ما بتحبش تشيل حد همها ..أكيد كانت فاكرة نفسها هتحلها لوحدها ..المهم دلوقت هتعمل إيه؟!
_هاكلم إسلام وأروح له نشوف هندبر المبلغ إزاي ..
يقولها وهو يفتح الباب ليزفر بسخط مردفاً:
_المشكلة إننا حتى لو دفعناله اللي هو عايزه المرة دي مش هيبطل يبتزنا ..ده طماع أنا عارفه .
تعقد حاجبيها بقوة مدركاً صحة ما يقول فتفكر للحظات قبل أن يسري الخاطر على شفتيها فجأة :
_كلم ناصر!

_نعم!
يهتف بها باستنكار فترد بلهفة محاولة إقناعه :
_فكر بس بالعقل! ناصر جدع ..وقف جنبك أيام أزمتك ..وأنا متأكدة إنه لو عرف دلوقت هيكسر الدنيا على دماغ الراجل ده ! انت ما ينفعش تدخل البوليس في موقف زي ده لأنه أبوها ومفيش أب هيخطف بنته خصوصاً إن نشوى ما معهاش ورق قانوني يثبت الحضانة ..وكمان مفيش وقت نشوف حد تاني معرفة نكلمه ..الوقت ضيق !

يعقد حاجبيه وأنامله تعتصر الباب المفتوح هاتفاً من بين أسنانه:
_أكلمه إزاي يا رانيا بعد عملته السودة يوم الفرح ؟! ده سود وشنا قدام الناس كلها !
فتربت على كتفه مهدئة بقولها :
_دي حاجة ودي حاجة ..يمكن تكون دي فرصته يكفر عن غلطته معاكم خصوصاً إن الجوازة دي كانت هتبقى مأساة للكل والحمد لله ربنا عوضها باللي أحسن منه ..أنا متأكدة إنه مش هيتأخر لو عرف ..صدقني هو الحل الأسرع والوحيد دلوقت .

يزداد انعقاد حاجبيه للحظات وهو يفكر فتمنحه إيماءة مشجعة تجعله يزفر زفرة ساخطة قبل أن يغلق الباب بقوة متخذاً قراره و..يجري الاتصال !
=======
في سيارته ينطلق ناصر بسرعة مجنونة نحو المطار ..
منذ كلمه أشرف وهو يجري اتصالاته كي يضمن ألا يغادر ذاك الوغد بالطفلة قبل أن يلحق بهما !
ربما لم يحمل قلبه مشاعر خاصة نحو نشوى لكن مشاعره نحو أشرف لم تتغير طوال هذه السنوات ..صديق يود لو لا يخذله !
كفاه ما حدث تلك الليلة عندما تسبب في فضيحة لا يظنها ستنسى بسهولة !!
كذلك مشاعره نحو ريما كانت حقيقية تماماٌ ..بل لا يخجل من الاعتراف أنها الطفلة الوحيدة التي أثارت بداخله شوقه للأبوة وهو الذي يحاول قدر استطاعته دفن هذا الشعور لأجل سها !

سها!
اسمها يؤجج شعوره بافتقادها حد الجنون ..
وبغضبه منها حد العجز!!
لا تزال تبني في كل يوم ألف حاجز بينهما ولايزال هو يحاول هدمها !!

أفكاره تنقطع بوصوله لأرض المطار فيرصف سيارته جانباً ليعقد حاجبيه بقوة متوعدة وهو يغادر نحو صالة الانتظار ..
يقلب بصره باحثاً بين الوجوه بسرعة حتى يراها هناك ..
ريما تبكي دافنة وجهها بين كفيها !

وفي مكانها كانت ريما تشعر بالخوف وهي لا تفهم ماذا يحدث ..
عندما أخبرتها المعلمة أن والدها ينتظرها بالخارج ظنته إسلام ..
لكنها فوجئت به هو!!
يعانقها ويقبلها ليخرج بها من المدرسة زاعماً أنهما في طريقهما لنزهة ..لكنها سمعت مكالمته مع أمها !

_ريما!
يهتف بها ناصر فترفع وجهها نحوه بضيق لأول الأمر قبل أن تميز ابتسامته المطمئنة وهو ينحني ليحملها متجاهلاً أباها الذي هتف به بحدة :
_انت مين ؟! شيل إيدك عن بنتي!

لكن ناصر أشار لأحد أصدقائه بثياب الشرطة والذي تقدم منهما ليقلب الرجل بصره بينهما هاتفاً بتوجس:
_فيه إيه ؟! أنا ما عملتش حاجة ..دي بنتي ومسافرة معايا وورقنا سليم .

تجاهله ناصر تماماً وهو يقبل وجنة ريما ليقول برفق:
_هاكلم بابا كلمتين وانتِ روحي مع عمو دلوقت .
يقولها مشيراً للضابط صديقه فيصرخ والدها باستنكار:
_تروح فين ؟! الطيارة فاضل عليها ربع ساعة .

يقولها مضطرباً وهو يشعر بتفلت الخيوط من يده ..خاصة وقد اتصل به إسلام منذ خمس دقائق فقط يخبره أنه حضر المبلغ المطلوب وهو في طريقه إلى هنا ..
لكن ناصر ينزل ريما أرضاً ليشير لصاحبه برأسه قبل أن يميل على أذن ذاك الوغد هامساً بصرامة مخيفة :
_مش عايز البنت تسمع كلامنا ..سيبها تمشي معاه بالذوق أحسنلك .

يهم باعتراض صارخ لكن النظرات المتوعدة في عيني ناصر وصاحبه تبث الخوف في عروقه فيتحرك الضابط مبتعداٌ بريما لمسافة مناسبة فيما يرفع له ناصر "بطاقة عمله " بحركة مهددة فيتوجه ببصره نحوه هاتفاً بغضب:
_فيه إيه ؟! أنا مايهمنيش ظابط ولا عشرة ..دي بنتي مش خاطفها !
فيفاجئه ناصر وهو يجذبه بعنف من ياقة قميصه ليشهق الرجل بخوف مع عيني ناصر المشتعلتين بغضبه رغم برودة صوته:
_دلوقت افتكرت إن ليك بنت؟! اسمع بقا اللي عندي عشان معاد طيارتك قرب وأنا صبري قليل ..تحب ترجع الداهية اللي جيت منها بكرامتك واللا أبيتك الليلة دي في الحبس ؟! وقبل ما تفكر بحذّرك ..انت مش عارف الحبس اللي بيوصي عليك فيه ظابط بيبقى عامل إزاي .
_أنا ماعملتش حاجة ..هتحبسني ليه ؟!
يهمس بها الرجل برعب وهو يزدرد ريقه الجاف بصعوبة محاولاً تخليص ملابسه من قبضة ناصر لكن الأخير ضغط بها أكثر على صدره حتى آلمه ليعاود همسه القاسي:
_ألف تهمة وتهمة مستنية اسمك القذر يلبسها ..اللي زيك حلال فيه يتعامل بمعاملته القذرة .
تتسع عينا الرجل بخوف يزداد تدريجياً مع كلمات ناصر:
_عارف في الربع ساعة اللي فاضلالك هنا دي ممكن يتعمل كام بلاغ ضدك ؟! كام واحد يشهدوا إنك اتهجمت عليهم ؟! بلاش! ..كام تسريبة كده يطلعوا إنك بتنتمي لجماعات محظورة ..والأخيرة دي بالذات هتتروق فيها قوي!

تشحب ملامح الرجل وهو يتراجع عنه بظهره قائلاً بصوت مرتعد:
_بس ده ظلم .
فيبصق ناصر على الأرض جواره في إشارة ذات مغزى ليقلب شفتيه بازدراء:
_البجاحة ليها ناسها فعلاً .

يسمع الرجل صوت النداء معلناً وصول طيارته فيتلفت حوله بتردد يحسمه ناصر وهو يلوح بسبابته قرب عينه حتى كاد يصيبها:
_تنسى "أخت أشرف" وبنتها نهائي ! المرة الجاية مش هاديك تحذير قبل ما تلاقي نفسك في مصيبة انت مش أدها!

يقولها مشيراً لنشوى ب"أخت أشرف" كأنه يصفها عفوياً بالصفة الوحيدة التي يجدها لها في نفسه ..
وربما لأنه لا يزال عاجزاً عن نطق اسمها بعد شعوره الرهيب بالذنب نحوها ..
وربما ب"نزعة صعيدية فطرية تربى عليها صغيراٌ" أراد إبعادها -شخصياً- عن هذا الأمر وليكن للرجال فحسب!

لايزال الرجل يتلفت حوله بترقب كأنه ينتظر وصول إسلام بالمال لكن ناصر يلكمه في صدره ببعض العنف هاتفاً بازدراء:
_فاهم يا "......."؟!
ينهي سؤاله بسبة بذيئة يرتعد لها الرجل أمامه خاصة مع النظرة القاسية في عينيه ليومئ برأسه في استسلام قبل أن ينحني ليلتقط حقيبته لكن ناصر يعاود قوله بنبرة آمرة:
_استنى ! لسة الأهم !
فيعاود الاستقامة بجسده ليلتقط ناصر ورقة من جيبه ناوله إياها مع قلم :
_ده تنازل منك عن حضانة البنت ..تمضيه الأول وأنا هاوثقه بطريقتي!

فيرفع إليه الرجل عينين صاغرتين قبل أن يوقع باستسلام ليقول أخيراً بنبرة ساخطة :
_ألحق طيارتي بقا.
لكن ناصر وضع الورقة في جيبه ليقول بنبرة آمرة :
_فاضل أهم حاجة ..هتنادي ريما دلوقت وتقوللها بالحرف اللي هاقوللك عليه !

وفي مكانها وقفت ريما تناظرهما بقلق طفولي رغم محاولات الضابط اللطيفة للتواصل معها ..
لترتجف بخوف وهي ترى ناصر يشير لها أن تقترب ..
تتقدم نحوهما بارتباك وعيناها تحاولان فهم ماذا يحدث ..
لم تكن صغيرة إلى هذا الحد كي لا تفهم ما يدور ..
والدها يريد المال كي يوافق على أن تبقى مع أمها ..
ويبتعد هو من جديد !
وإلا فسيرحل ويأخذها معه بعيداً عن هنا!!

لهذا لم تصدق حنانه الزائف وهو يحملها ليقبل وجنتيها قبل أن يقول ما تلقنه من ناصر:
_أنا آسف ! انتِ بس كنتِ واحشاني وكنت عايزك تقعدي معايا شوية ..انتِ جميلة قوي وأنا بحبك ..خلليكي فاكرة كده حتى لو بعدت ..خللي بالك من ..ماما!

تدمع عيناها بشعور طفولي بالنفور ..
حتى في هذا العمر الصغير يمكنها تمييز الكذب !!
لهذا ما كاد ناصر يتلقفها منه ليحملها هو حتى دفنت وجهها الباكي في كتفه ..
فيما رمق ناصر الرجل بنظرة زاجرة تزامنت مع الإعلان الثاني عن طائرته فغادر مسرعاً تلاحقه نظرات ناصر المزدرية ..
والذي ربت على ظهر ريما برفق قبل أن يتناول هاتفه ليتصل بأشرف كي يطمئنه ..
======
_الظابط البطل أنقذني زي ما كنت دايما تحكيلي ..

تهتف بها ريما مخاطبة نشوى من بعيد وهي تفتح لهما ذراعيها بينما يتقدم ناصر نحوهما جوار أشرف حاملآ إياها ..
فيتجمد إسلام مكانه جوار نشوى وهو يشعر بحجم الصراع في داخله بين حقده على صاحبه ورغبته في شكره ..
إذا كان حاله هو ..فماذا عنها هي؟!
لقد هاتفه أشرف يخبره بما كان ويعتذر له عن إبلاغه ناصر بالأمر فلم يكترث سابقاً إلا بسلامة ريما ..
لكنه الآن وهو يشعر بالطمأنينة على الطفلة يجد القلق ينهش صدره من اتجاه آخر !
هي !
كيف تقيم الأمور في هذه اللحظة ؟!
كيف حال قلبها الذي طالما أتعبه ؟!!

عيناه تتوهان عن العالم كله وتتركزان على ملامحها في هذه اللحظة كأنما يتبين فيهما نتيجة اختبار لم يعش في حياته أقسى منه ..

يراها تتركه لتركض نحوهما فتعميه غيرته وهو لا يدري لأيهما يركض قلبها قبل نظراتها ..
لكنه يبقى مكانه مختارا خلفية المشهد ..!
يبصرها بعينين مغشيتين بجحيم عاطفته وهي تتلقف الصغيرة من بين ذراعي ناصر الذي وقف مطرقا برأسه بمزيج من خزي وحرج ..
تمطرها بقبلاتها وتعتصرها بين ذراعيها مستعيدة روحها التي ظنتها فارقتها ولن تعود ..

لكن ريما تقطع هذا اللقاء العاطفي الصاخب وهي تلتفت نحو ناصر من جديد هاتفة:
_كنت زعلانة منك بس خلاص ..انت بطلي .

فيتلقاها هذا الواقف بعيدا كصفعة على وجه غيرته ..
لو كان هذا شعور ابنتها ..فماذا عنها هي ؟!
يطرق برأسه وهو يشعر بكل ذرة في جسده تشتعل ..ثم تنطفئ !
أي جحيم هذا !

_بابا!
تهتف بها ريما وهي تتفلت من بين ذراعي نشوى لتركض إليه هو بسرعة فينحني ليحملها بين ذراعيه مخفياً صراعات ملامحه في شعر الصغيرة التي طوقته بكلا ذراعيها هاتفة بين دموعها:
_كنت عارفة إنك هتيجي وتاخدني في حضنك تاني ..انت بابا اللي عمره ما هيسيبني أبداٌ .
_أبداً ..أبداً ..
يكررها وهو يغرق وجهها بقبلاته قبل أن يعاود إخفاء وجهه في كتف الصغيرة كأنه يخفي معه كل انفعالاته ..

يزدرد ناصر ريقه بتأثر وهو يراقب الموقف بحرج ..
فيما تنهمر دموع نشوى وهي تجد خطواتها تنسحب نحو إسلام وصغيرتها ليحط ذراعاها أحدهما فوق كتفه والآخر على ظهر ابنتها ..
الرعب الذي عاشته طوال الدقائق الماضية يكفي عمراً بأكمله ..
لكنها لا تنكر لحظات السكينة التي غشيتها وهي تشعر بظله هو يحميها ..
لهفته الصادقة ..سرعة تصرفه لتدبير المبلغ المطلوب من علاء رغم أنه لم يكن يملكه ..غضبه من ذاك الوغد لأجلها ووعيده أن يلقنه درساً لو رآه ..
ربما شاء القدر أن يتصدر ناصر مشهد البطولة -كما عاشت عمرها قديماً تراه -
لكن قلبها الآن يدرك أن إسلام كان البطل الحقيقي هاهنا ..
ولو خفي دوره عن كل العيون فستظل صورته نقشاً على مقلتيها هي!

تنقطع أفكارها عندما يرفع إسلام وجهه أخيراً لتلتقي عيناهما للحظة واحدة ..
لكنها حملت مشاعر ألف دهر ..
الخوف الذي قرأته عيناها يجعل أناملها تتشبث بكتفه بقوة وهي تعض شفتيها كأنها تعتذر ..
لكنه في هذه اللحظة كان عاجزاً عن قراءة عينيها ..
وقد بدت له كطلسم جهل شفراته !

نظراته تتحول نحو ناصر الذي تقدم منهما بخطوات حاسمة ليتنحنح بخشونة وهو يستخرج الورقة من جيبه ليناولها لإسلام متحاشياً النظر لنشوى تماماً مع قوله مراعياً وجود ريما :
_ده تنازل عن حضانة البنت وما تقلقش ..اللي حصل مش هيتكرر تاني .

فيبتلع إسلام غصة حلقه وهو يهز رأسه بما يشبه الشكر عاجزاً عن فعل المزيد ..
لكن ناصر لم ينتظر ما هو أكثر بل انسحب بصمت ..
نظرات نشوى تلاحقه ..ونظرات إسلام تلاحقها هي !!
نظراتها تشيع رحيله بعينين متسعتين ..
وعيناه تصرخان بعينيها أن كفاني خذلاناٌ !
أنفاسها متلاحقة كأنما تعدو في سباق ..
وأنفاسه متجمدة حد الموت !
الدهشة ترسم أخاديدها فوق ملامحها ..
دهشة ..رآها هو انبهاراً!!
ولو قرأ ما في قلبها لأدرك أنها في هذه اللحظة بالذات كانت تشعر أنها ترى ناصر لأول مرة!
أجل ..لأول مرة ترى صورته خارج إطار"الوهم" القديم !
تراه كما هو ..
لا قديساً ولا شيطانا ..
لا فارساً ولا قرصاناً ..
لا بحراً ولا ناراً ..
بل هو هو ..
مجرد رجل يحمل من العيوب كما يحمل من الميزات ..
حتى ملامحه التي عاشت عمرها تراها أيقونة السحر الآن تراها باهتة ..
كصورة جميلة إنما ..ليست لها!

_عايزة أروح !
تقولها ريما قاطعة أفكارها لتلتفت نشوى نحوه لكنه كان يغض الطرف عنها مكتفياً بعناقه لابنتها وهو يسير بها ..
لهجته مرحة كعهدها لا تشي بهذا الصدع الذي يزداد تشققاً في جدار روحه ..
بينما كانت تسير هي كالمغيبة وصراع مشاعرها يزداد احتداماٌ ..
ترفع عينيها لأشرف الذي كان يسير جوارهما صامتاً فيرمقها بنظرة متوجسة مدركاً بحدسه أثر موقف كهذا على علاقتها بإسلام ..
بطلها القديم الذي طالما غزا أحلام "أنوثتها"عاد ليقتحم الصورة بمشهد لن تنساه "أمومتها" كذلك ..
فمن ذا القادر على المنافسة مع صورة كهذه ؟!
========
_أنا آسف!
يقولها هيثم بوجع حقيقي حفر ملامحه وهو يجلس معها على الأريكة خارج الغرفة التي احتجزت فيها والدتها في المشفى منذ وصولها ..
لترد بحسرة متوجعة بين فيض دموعها :
_لو جرالها حاجة هنبقى خالصين !

يشهق بارتياع وكأن الفكرة لم تخطر بباله ليعتصر كفها في قبضته هاتفاً بانفعال:
_انتِ فاكرة إني كنت قاصد اللي قلته ؟! إزاي تفكري ..؟!
_مش هافكر ..خلاص ..ماعدتش هافكر ..اللي بيننا خلاص انتهى .
تقاطعه بها بحسم غريب على مشهدها الواهن الهش الذي اعتصر قلبه ليغمض عينيه بقوة عن صورتها ..وعليها !

_انت مش قاصد اللي قلته ..انت عارفني كويس وواثق فيّ ..بس انت عايز تصدق إني وحشة عشان تلاقي عذر إنك تسيبني ..وأنا مدياك بدل الواحد ألف!

تقولها عبر دموعها بيقين من تحفظ خلجاته كلها فيتمتم باسمها بعذاب :
_شهد !

لكنها تسحب كفها منه لتمسح دموعها قائلة :
_مش هدافع عن نفسي تاني ..مش هاقوللك عملت إيه وليه ..ولا حتى هافكرك باللي ما عملتوش ..

تقول عبارتها الأخيرة بنبرة ذات مغزى مدركة النار الحقيقية التي تشتعل لأجلها روحه ..
فيرفع إليها عينيه بالمزيد من التشتت لتردف بشبه ابتسامة :
_كنت عارفة اللي بيننا هيخلص أول ما تفتكر ..بس أنا اللي صممت أعيش الحلم للآخر ..غصب عني ..انت قربت مني بنفسك وشفت ..حياتي كلها مفيش فيها غيرك انت ..وهي!

تشير برأسها نحو الغرفة التي ترقد فيها أمها فيخفق قلبه بعنف وهو يدعو الله بكل ما أوتي من قوة أن تفيق المرأة من انتكاستها ..
لن يحتمل ذنباً كهذا!

لو كانت هي قد آذت أباه فقد كان يستحق عقابه ..
لكن هذه المرأة لا تستحق أن يصيبها سوء ..
لن يسامح نفسه لو نالها مكروه بسببه !

_روح انت استريح ..انت بقالك هنا معايا يومين ..كفاية كده .

تقول عبارتها الأخيرة بنبرة ذات مغزى لكنه يهز رأسه باعتراض قائلاً باستنكار مرير:
_يعني أكون السبب في المصيبة وما أبقاش جنبك كمان ؟!

ابتسامتها في هذه اللحظة بدت له كزهرة تنبت وسط الصخر!
كيف لم ينتبه طوال هذا الوقت لقوتها الدفينة كهذه ؟!
خاصة وهي تتحدث بهذه الطريقة بالغة الرقة ..بالغة الصلابة :
_هتعدي! زي كل حاجة وحشة شفتها هتعدي! هتقوم بالسلامة وتعرف الحقيقة وتسامحني ..وأنا هارجع لحياتي ..هاشوف شغل تاني بحبه ..هاخد الكورسات اللي كنت قلتلك عليها ..واحتمال آخدها ونسافر شوية عند أعمامي في الاسكندرية وممكن أنقل الجامعة هناك ..فرصة أشوف ناس جديدة وأماكن جديدة ..الحياة مش هتقف .

لم يشعر بهذه الدمعة الكبيرة التي تجمعت في طرف عينه إلا عندما هددت بالسقوط ..
حديثها عن الرحيل يمزق قلبه بسكين بارد ..
يكاد يستصرخها ألا تفعل ..
أن تبقى هنا جواره ولو بعيدة كفاه أن يطمئن عليها من بعيد ..
لكن صوت رنين هاتفه يحمل له ما بدا وكأنه رسالة من قدره ..

رنينه برقم أمه !
يجيب الاتصال ليخبرها باقتضاب أنه لن يعود اليوم أيضاً فيروعه هذا القلق المرتاب في صوتها ..
عيناه تنتقلان بعذاب حقيقي بين نظرات شهد التي تمزج رجاءها بتفهمها ..
وبين هاتفه حيث ترجوه أمه العودة ..
فيغمض عينيه بألم عاجزاً عن اتخاذ القرار !

_فاقت!
تهتف بها الممرضة تنتزعه من هوة تردده وهي تخرج من غرفة والدتها فتنتفض شهد مكانها لتهرع إليها ويفعل هو المثل بعدما يغلق الاتصال مع أمه بكلمات سريعة ..

_حمداً لله على سلامتك ..الحمد لله ..

تكررها شهد بحرارة وسط فيض دموعها وهي تنكب على كفها تقبله ..
فيما يقف هو مكانه يرمق المرأة بنظرات آسفة قبل أن يجلس جوارها على طرف الفراش لتلتفت نحوه قائلة بصوت مرتجف لاهث وبكلمات متلعثمة :
_اللي قلته ..بنتي.. فعلاً ؟!

_اهدي يا ماما ..هاقوللك كل حاجة والله ..بس اهدي ..
تهتف بها شهد برجاء لكن المرأة تشير لها بكف مرتجف قائلة بنفس الصوت الواهن :
_اخرجي وسيبيني معاه لوحدنا .

تنطق شهد برفض سريع راجٍ لكن المرأة تصر على ما تطلبه فترمق شهد هيثم بنظرة راجية قبل أن تتحرك لتغادر الغرفة ..

_احلف على كتاب ربنا إنك تقول الحق ..وماتخافش ..أنا كويسة..

تقولها المرأة بصوت مرتجف فيقسم لها كما طلبت قبل أن يتنهد بحرارة ثم يروي لها القصة التي تبرئ ابنتها كما عرفها كاملة بتفاصيلها ..

_حسين رجائي كان هو اللي ورا قتل سيدة ؟!
تقولها المرأة أخيراً بإدراك فيومئ لها هيثم برأسه بخزي لتغمغم بعدها بأسف:
_دلوقت بس افتكرت ..النظرة الغريبة في عينها لما عرفت عن موت سيدة ..الظابط اللي جه قابلها بعدها ..الليالي اللي كانت بتسهرها ودموعها ما بتنشفش .

فأطرق بوجهه بالمزيد من الخزي ليرد:
_أنا آسف على اللي قلته ..غصب عني انفعلت واتهمتها ظلم ..
_حبيتها؟!
تسأله المرأة مباشرة بعد صمت قصير ليصمت بدوره مكتفياً بإغماض عينيه فتتأوه هي بقوة قبل أن تشير للباب قائلة :
_اندهها يا ابني ..وامشي انت ..

_لا أنا هافضل معاكم لحد ما أطمن عليكم .
يقولها بإصرار لكن المرأة تبتسم له بمرارة قائلة :
_عمر الجرح والدوا ما يبقوا في نفس الإيد ياابني ..قصتكم خلصت قبل ما تبدأ ..يعلم ربي إني اتمنيتك ليها من كتر ما حسيت إنها بتعزك..بس ما يقدر على القدرة إلا ربنا ..روح لحالك ياابني ..روح لحالك .

كلمات المرأة على بساطتها تبدو وكأنها تقطع الخيط الرفيع الأخير بينهما ..
فينهض من مكانه بتثاقل ليتحرك نحو الباب ..
يخرج لتتلقفه نظراتها الملهوفة مع هتافها:
_قلتلها إيه ؟!
_ما تخافيش ..قلت الحقيقة .
يقولها ببساطة مرة وكأن الحقيقة في حد ذاتها لا تخيف!
فأغمضت عينيها بقوة لتكتف ساعديها قائلة :
_هتمشي؟!
_هامشي !
يقولها بلهجة من أجبروه أن يسكب روحه على الأرصفة ويقف مشاهداً إراقتها ..
فتفتح عينيها لتقول له بتماسك مصطنع:
_يومين تلاتة كده وارجع بس خد حاجتك ..نكون رجعنا البيت .
تختم قولها بابتسامة بمذاق الدموع قبل أن تتحرك لتدخل الغرفة وتغلق بابها خلفها ..
فيشعر وكأنما ألف باب تغلقه روحه بينهما كذلك!
======
على مكتبه في عمله يجلس ناصر يراقب الحائط بشرود ..
ذهنه متخبطٌ بأفكاره بين "العملية الجديدة" شديدة الخطورة في عمله ..وأحداث الأمس المثيرة المتعلقة بنشوى ..
يشعر ببعض الارتياح مزيحاٌ القليل من وزر شعوره بالذنب نحوها ونحو شقيقها صديقه ..
لكنه كذلك يشعر بالخزي والحرج من إسلام ..
لا بأس!
هو كان خطأه من البداية عندما وافق سها على هواها وسيتحمل توابعه على أي حال !

صوت طرقات خافتة على الباب تقاطع أفكاره فيلتفت نحوه لتتسع عيناه بصدمة وهو يميز الطارق ..
أو بالأدق ..الطارقة !

_نشوى ..اتفضلي!
يقولها وهو يقف مكانه بنبرته العملية التي لم تخفِ تحشرج صوته فاضحة صدمته بحضورها ..
وتوجسه من سبب هذه الزيارة !
فيما تقدمت هي بخطوات بطيئة وعيناها تنتقلان بثبات بين ملامحه التي تعرفها -أو التي ظنت أنها تعرفها - وبين اسمه المكتوب على اليافتة الذهبية فوق مكتبه ..
كأنها لا تصدق أنه هو ..هو!

تجلس على الكرسي أمام مكتبه فيجلس بدوره ليتنحنح قائلاً بنفس النبرة المتحفظة :
_خير؟!

سؤاله يكشف خفية عن تعجبه لزيارتها وتود لو تكشف له السبب الحقيقي ..

_أيقونة شخصيتك هي "الهروب" ..لازم تتعلمي تواجهي ..الوهم بيكبر لنا حاجات كتير بيخللينا نديها أكتر من حقها بكتير ..الخوف ..الحب ..التقدير ..كل دي حاجات لازم نتعامل معاها بميزان حساس جداً لأنها لو خدت أكبر من حجمها هتبلعنا واحنا مش حاسين .

تسمعها في ذهنها بصوت ياقوت في محادثة سابقة لهما فتزداد يقيناً بأهمية هذه المواجهة الآن بينها وبينه ..
لن تهرب ..ستواجه !
ستواجه "وهم الحب" الذي عاشت عمرها السابق ناسكة في محرابه ..
ستواجه "سيف الخذلان" الذي سقط على عنق كبريائها ..
ستواجه "شظايا انكسارها" التي أدمت روحها لسنوات وظنت جراحها لن تندمل ..

_شكراً .
تقولها بنبرة قوية غريبة عن خنوعها المعهود أمامه فتدهشه قليلاً لكنه يطرق بوجهه قائلاً بتحفظ :
_مفيش داعي للشكر ..بالعكس ..يمكن دي كانت فرصة أقدم اعتذار مناسب عن اللي حصل مني قبل كده .

ابتسامة واهنة تزداد قوة على شفتيها رويداً رويداً مع ردها :
_أنا مش بشكرك عشان رجعت ريما ..
يرفع إليها عينيه بتوجس متسائل لتردف بنبرة أقوى:
_أنا بشكرك عشان ما حضرتش الفرح ..عشان وقفت المهزلة دي قبل ما نكملها ..عشان من غير ما تقصد فوقتني من وهم خد من عمري سنين ..وعشان بسببك عرفت يعني إيه حب حقيقي ..

يرتجف صوتها في عبارتها الأخيرة فيدرك عمن تتحدث ..
ربما لهذا عاد يطرق برأسه وهو يشعر بطيف صديقه يقف بينهما فيما تستطرد هي بحرارة تتملك حروفها :
_حب يبني ما يهدش ..يسند ما يوقعش ..حب يطمن ما يخوفش ..حب تآمنه على بكره مش يهددك بامبارح ..حب ما تحسبوش أيام لا ! مواقف ! ..حب أستاهله ويستاهلني .

يعود ليرفع عينيه إليها بنظرة خلاص!
كأنما حرره هذا الصدق -الذي يبزغ بين حروفها كالشمس- من أغلال ذنبه القديم ..

_معاكي حق .يمكن خسرت صداقتي معاه بس شهادة حق ..إسلام راجل حقيقي ويستاهل كل كلمة قلتيها وزيادة ..
يقولها ببعض العاطفة التي تتخلل لأول مرة حديثه المتحفظ المعهود معها فتعاود النظر إليه شاعرة بالمزيد من الغرابة ..
كيف يمكن أن تكون هي هي نفس الملامح ..
نفس الشخص ..نفس الصوت ..
إنما هو بعيد ..بعيد جداً عن هذا "الصنم" الذي نصبه الوهم للحب في ساحات قلبها ؟!!

الآن تنزاح الغشاوة كاملة ..
تصفو الرؤية بعد طول تشوش ..
يدرك القلب حقاً أي شفرة كانت صحيحة لفك رموزه ..
وأي لحن كانت تشتهيه آذانه ..
فلا ضلال بعد ولا تشتت ..
وقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر!

تنهض من جلستها شاعرة بانتهاء غرض الزيارة تماماٌ كما أرادته ..
منذ عادت للبيت بالأمس وهي تشعر بروحها مهتزة ..مضطربة ..
ليست هي فحسب ..
إسلام كذلك ..رغم أنه قضى ليلته نائماً معها على نفس الفراش وبينهما ريما ..
لكنها كانت تشعر أن الصغيرة ليست فقط هي ما بينهما ..
بينهما رواسب الماضي العالقة التي آن لها الآن أن تسقط في القاع إذ لا مكان لها سواه تاركةً لهما نقاء السطح !

_أنا آسف.
صوته يستوقفها عند الباب فتغمض عينيها براحة ..
ربما يكون هذا الاعتذار هو آخر ما ينقصها كي تغلق هذه الصفحة للأبد ..
كي تتخلص من نقمتها على حبه و ..تسامح!

_الحب الأول ممكن يبقى وهم ..بس المشاعر اللي عاشها القلب فيه بكل طاقته وعنفوانه أكيد حقيقة ..ولو كان إكرام الميت دفنه ..فالأولى بالحب ده إننا نودعه بما يليق ..مش بلعنات وحقد وسوء ظن ..لكن بابتسامة وتنهيدة خلاص ورضا ..ويقين إن اللي اختاره القدر أفضل .

من جديد تسمعها بصوت ياقوت فتدمع عيناها موقنة أنها كانت على صواب ..
الآن فقط توقن بكل حواسها أنها كانت كذلك !

تغادر مكتبه شاعرة بطاقة هادرة تتفجر في شرايينها ..
برغبة عارمة في العدو ..في الضحك ..في الصراخ ..
تحس وكأن بداخلها مارداً طال حبسه في قمقمه وآن له أن يتحرر ..
تبتسم مغمضة عينيها وهي تستحضر ملامح إسلام شاعرة بطوفان مشاعر يكتسح أنوثتها ..
أنوثتها التي تعترف الآن أن لم يجد العزف على أوتارها مثله ..
تفتح عينيها أخيراً وابتسامتها تتحول لضحكة مكتومة متذكرة واحداً من تعليقاته الوقحة ..
لكن ضحكتها تتجمد على شفتيها وهي تراه -حقيقة- واقفاً أمامها ..
والغضب الهائج في عينيه لا يحتاج لتأويل !
======
_إسلام!
تهتف بها وهي تتشبث بكفها في ساعده بارتباك محاولة تبرير وجودها هنا لكنه لا يمنحها الفرصة وهو يحرر ذراعه منها ليعطيها ظهره مبتعداً بخطوات شبه راكضة ...
السواد الذي ملأ عينيه في هذه اللحظة كان أكبر من أن يتجاهله !
منذ توجه لمكتبها في المصنع منذ قليل ليجده خالياً منها وهو يشعر بالنار التي تكوي صدره تمنحه الجواب المنطقي لسؤاله أين يمكن أن تكون ..
لكنه لم يتوقع أن يكون الجواب قاسياً هذا الحد ..
يراها بعينيه وهي تغادر مكتبه ..
ملامحها التي طالما اتشحت بعبوسها صارت تبتسم وتضحك!
هل كان مخطئاً من البداية في خوض حرب لم تكن له ؟!

يصل لسيارته فيستقلها لينطلق بها بسرعة فيراها عبر المرآة واقفة مكانها خلفه وملامحها تصرخ بالذنب ..
لكن هذا لم يشفع !
صورتها في المرآة تبتعد وتبتعد فيود لو يملك ذات الأثر في قلبه ..
لو يتلاشى هذا الحب الذي لم يجنِ منه سوى الخذلان !

لكن ما الذي كان يتوقعه بعد موقف الأمس؟!
"البطل" أنقذ طفلتها وأصلح بموقف واحد خطايا ماضيه كلها ..
لم تكن تحتاج منه سوى موقف بسيط كهذا كي تنسى ..
وهو؟!
هو كيف ينسى؟!
كيف ينسى عذاباته بها ولها طوال تلك الأيام السابقة ؟!
هكذا ؟!
صار كل ما منحه لها مجرد رماد تذروه الرياح؟!

يسمع هاتفه يرن باسمها لكنه يغلقه في وجهها مراراٌ ..
لم يعد يريد سماع المزيد من الأعذار ..
هو اكتفى من هذه الحرب الخاسرة !
لن يريق دماء كبريائه أكثر!

عشرات المحاولات منها لكن رده لم يتغير ..
كان يمكنه إغلاق الهاتف ببساطة لكن جزءاً بداخله كان لايزال يأنس بمحاولاتها التي توقفت أخيراٌ بعد ساعات كان الليل فيها قد أسدل ستره على المرئيات ..
يشعر بتنميل في ساقه بعد القيادة طوال هذه الساعات لكنه لم يكن يريد التوقف ..
هو فقط يريد النسيان ..التشاغل ..
فكر في الاتصال بياقوت لكنه كره شعوره بالخزي أمامها ..
يكفيه شعوره بهذا أمام نفسه !!

الخاطر الأخير يزكي المزيد من غضبه فيخبط بكفه على المقود للحظات قبل أن يعقد حاجبيه بقوة متخذاً قراره ..
المرأة لا تُنسى إلا بامرأة سواها ..
مرحباٌ بالعودة للضلال القديم !

الخاطر الأخير يحشوه رغبة فائرة تتدفق في عروقه فيتناول هاتفه ليتصل برقم ما وما كاد يسمع صوت صاحبه القديم حتى هتف بمرح مصطنع:
_إزيك يا "..." ..معلش مقصر معاك من يوم ما رجعت مصر بس أكيد سمعت عن المصايب اللي بترف فوق دماغي ..لكن الصراحة وحشتني أيام الشقاوة ..ظبطلنا ليلة حلوة كده على ذوقك ..ساعتين زمن وأكون عندك !
=======
الواحدة بعد منتصف الليل ..
أمام الشقة التي ابتاعها لياقوت والخالية الآن منها بعد ذهابها للقرية يقف أمام الباب الذي استند عليه جبينه بإرهاق كأنه لا يملك المزيد من القوة ليولج المفتاح فيه ويدخل !
اليوم كان عاصفاً بحق على رجل مثله لم يكد يلتقط أنفاسه من صراع طويل تحمّله بصبر ظهر في ملامحه الهزلية وإن ظل باطنه يصرخ بعكس كل هذا ..
والآن فقط يود لو ينسى كل شيئ ..
لو يغمض عينيه فلا يرى وزر كتفيه بل يستسلم للسقوط ..

يزفر بقوة وهو يبتعد قليلاً ليفتح الباب لكنه يشعر بظل خلفه يجعله يلتفت ..
إنها هي!
تجلس على الدرج المؤدي للطابق العلوي ورأسها المستسلم للنوم يستند على الجدار البارد ..

ينعقد حاجباه وهو يبتلع غصة حلقه ليتوجه نحوها ..
شفتاها شاحبتان ترتجفان بشدة في نومها الاضطراري هذا ..
يمد كفه برفق ليخزها في كتفها فتنتفض شاهقة مكانها لتهتف به بانفعال :
_كنت فين ؟!
لكنه لم يجب سؤالها وهو يشيح بوجهه عنها قائلاً ببرود قاس:
_انت هنا من امتى؟!
_من ساعة ما سبتني ..قلت أكيد مش هترجع بيتنا وهتيجي في الآخر مهما لفيت .
تقولها ببعض الخزي الممتزج بانفعالها فيعطيها ظهره قائلاً بنفس البرود القاسي:
_امشي دلوقت عشان مش هابقى مسئول عن أي حاجة أقولها أو اعملها .

ورغم رنة التهديد التي تسمعها منه لأول مرة بهذا العنف لكنها تحركت لتقف قبالته ..
نظراتها تقابل نظراته بقوة بعيدة تماماً عن خوفها القديم ..
_حقك تقول وتعمل اللي انت عايزه بس اسمعني الأول .
_مش عايز أسمع منك حاجة ..سمعت وشفت بما فيه الكفاية .
بروده يختلط الآن بالمرارة التي غرست نصلها في قلبها هي لتحيط ساعديه بقبضتيها بقوة قائلة بإصرار:
_هتسمعني ..وهتصدقني .

ورغم مسحة الإعجاب العابرة التي طوقت نظراته بهذه القوة النابضة في كلماتها لكن البرود عاد يكسو عينيه وهو يتحرك ليفتح باب الشقة فيدخل وتدخل هي خلفه لتغلقه خلفها ..

_أنا غلطت عشان رحت من غير ما أقوللك ..بس أنا وقتها مافكرتش غير في حاجة واحدة بس ..
تقولها بنفس النبرة القوية فيلتفت نحوها بوجه متجهم واختلاج عضلة فكه تفضح كظمه لغضبه ..

_طول عمرك معاه مابتفكريش غير في حاجة واحدة بس!

بروده المشتعل يبدو كصفعة على وجهها وخاصة بهذه الكلمات ..
فتدمع عيناها رغماً عنها وهي تتقدم نحوه ببطء ..
وبمزيج غريب من وهن وقوة تأتي حروفها مشبعة بانفعالها :
_يمكن قبل النهارده كانت حاجة مختلفة ..لكن اللي خلاني أروح المرة دي إن الصفحة دي كان لازم تتقفل ..كان لازم أشوفه بحجمه الحقيقي بعدما الأيام أثبتت لي إني كنت مغفلة ..كنت عايزة لأول مرة في حياتي أواجهه وأنا حاسة إني مش ضعيفة وفاقدة الثقة في نفسي ..بالعكس ..عندي القوة إني أروح لحد عنده وأشكره ..أحسسه إنه رجع غريب زي ما كان ..وزي ما المفروض يفضل ..

دموعها خانتها في حروفها الأخيرة لتسيل على وجنتيها فيزداد انعقاد حاجبيه وهو يرمقها بنظرة عميقة غامضة ..
والصمت الثقيل يفرض نفسه بينهما بعدها لدقيقة كاملة ..

_أول مرة تشوفني بعيط وما تمسحش دموعي ..

تقولها بعتاب واهن وهي تكتف ساعديها بينما عيناها تغرسان رجاءاتها في حدقتيه ..
لكن صوته لايزال يصلها بارداً متباعداٌ :
_عشان ماعدتش واثق إني لوحدي كفاية .

تغمض عينيها للحظة متمالكة قوتها ثم تفض اشتباك ساعديها لتستخرج من جيبها ما رفعته أمام عينيه ..
دبلة فضية !
هذه التي ألبسته إياها ثم احتضنت كفه براحتيها قبل أن ترفع إليه عينيها بنظرات قوية هادرة ناسبت اعترافها الذي جاء أخيراً:
_أنا بحبك .

تهمس بها صادقة حارة قبل أن تطبع شفتاها هديتهما الناعمة فوق شفتيه لكنها تفاجأ ببرودته !
نظرته الغامضة لم تتغير ..كذا ملامحه التي بدت وكأنها قدت من صخر !

ترتد للخلف مصدومة للحظة ثم تمسح وجهها بكفيها شاعرة بالخيبة ..
لكنها تتقبلها بعمق شعورها بأنها يجب أن تحتمل..
كما سبق واحتملها هو!

_أول مرة ما تلمسيهاش.
يقولها بنفس البرود الغريب عنه مشيراً لشامة عنقه فتهز رأسها لتهتف بنبرتها القوية:
_عشان مابقيتش محتاجة ألمسها ..مابقيتش محتاجة دليل إني مش شايفة غيرك ..الصورة المهزوزة وضحت خلاص ..مابقاش فيها إلا انت وبس ..انت ..آه ..

تنقطع عبارتها بآهة خافتة وهي تفاجأ به يسحبها بقوة نحوه ليعتصرها بين ذراعيه ..
بروده القاسي يذوب وينصهر فوق نيران شفتيها مانحاً إياها عفوه قبل عاطفته ..
يدرك أنها لن تعترف اعترافاً كهذا إلا لو كانت تعني كل كلمة ..بل كل حرف فيه ..
اعترافها الذي بدا له وكأنه بعث بعد عدم !!
قبلاته تترنح على بشرتها بما يبدو كهذيان عاشق لا يكاد يصدق هذا النعيم الذي فتح له ذراعيه !
يشعر بمذاق دموعها يكدر مذاق قبلاته فيرفع وجهه ليمسحها بأنامل مرتجفة ..
همسها الحار يخترق صدره كسهام من نار :
_اوعى تبطل تعملها ..اوعى ..خلليني طول عمري واثقة إني مهما الدنيا خذلتني هلاقي حضنك أوسع منها ..هلاقيك بتمسح دموعي وبترسم بدالها ضحكة ..ضحكة ماعرفتهاش من قلبي غير معاك .

_الحمد لله ..الحمد لله ..
يهمس بها فجأة مغمضاً عينيه بقوة وهو يغرس رأسها على صدره فتروعها دقات قلبه الهادرة بعنف تحت أذنيها ..
بينما يصلها صوته مرتجفاّ بانفعاله :
_عارفة كنت فين قبل ما آجي هنا ؟!
السؤال الحذر يسطع في عينيها فيزدرد ريقه ليعاود إغماض عينيه مخبراً إياها عن مكالمته لصديقه وعما كان ينتويه ..
تشهق بارتياع لتتراجع عنه هامسة :
_خنتني؟!
_ما قدرتش !
لم يتعدّ الفاصل بين سؤالها وجوابه ثانية واحدة كأنه نطقها في نفس اللحظة ..
كأنه خشي أن تلوث مجرد الفكرة عقلها ولو لهذا النذر اليسير !!

_رجلي اتسمرت قدام شقته ما قدرتش حتى أرن الجرس ..افتكرت إن إسلام القديم اللي اتولد من جديد ماعادش ينفع يرجع ..بيكِ أو من غيرك مش هاخسر نفسي تاني .

ورغم الفظاظة النسبية للعبارة الأخيرة لكنها رفعته في نظرها أكثر لتشتعل عيناها بوهج عاطفتها أكثر وأكثر ..
فتبتسم فجأة وهي تحيط وجنتيه براحتيها هامسة :
_الظاهر إني نشرت عدوى "الدبش"! مش المفروض في المواقف اللي زي دي تقوللي إنك شفت صورتي وحسيت إنك ما ينفعش تكون لستّ غيري وكلام في السكة دي يعني !

فيضحك ضحكة قصيرة قبل أن يغمزها هامساٌ :
_طب بمناسبة السكة دي يعني ..الشقة دي مش بتفكرك بحاجة !
تصدر همهمة قصيرة وهي تهمس بشرود عبر ابتسامتها:
_ليلة فرحنا .
_بالظبط! عليكِ ليا ليلة هنا ..وأنا رخم وعايزك تسددي ديونك دلوقت!
يقولها ثم ينحني ليحملها فجأة فتتشبث عفوياٌ بذراعيها في عنقه هاتفة باعتراض مستنكر:
_نزلني ..مش هتعرف تشيلني ..هنقع سوا ..هيجيلك انزلاق غضروفي ..آه ..

تمتزج تأوهاتها بضحكاتها القصيرة وهي تراه يتجاهل كلماتها ليتحرك حاملاً إياها نحو الغرفة المجاورة ..
ثم يضعها برفق على الفراش ليستقيم ممسكاً بظهره هاتفاً:
_عيب يا عسل ..لن نقبل التشكيك في قدراتنا بأي صورة ..سنعتبرها إهانة تستوجب الرد اللائق .

تبتسم وهي تتلفت حولها مستعيدة ذكرياتها البائسة في هذه الغرفة التي شهدت انكسارها ليلة زفافهما الكارثية ..
لكنها تعاود الالتفات نحوه بنظرة عاشقة ليجلس جوارها على طرف الفراش وعيناه تناظران عينيها بفيض عاطفته الآسر ..

_إسلام ..بلاش هنا ..خللينا نروح شقتنا أحسن !

تهمس بها برجاء فتتعجب من هذه الشعلة التي توهجت في عينيه فجأة والتي ناقضت العبث المتنامي في صوته بينما سبابته تشير لشفتيها:
_عارفة قبل "إسلام" اللي بتقوليها أول مرة دي كان ممكن أوافق ! بس دلوقت ..
يقطع عبارته فجأة فترمقه بنظرة متوجسة وهي تشعر بخلاياها كلها تتقافز ترقباٌ ..
قبل أن تنطلق ضحكتها المتفاجئة وهي تراه يميل عليها فجأة فيزيح عنها وشاحها ثم يغمزها هاتفاٌ:
_على بركة الله !

ضحكاتها التي يشعر بها لأول مرة منطلقة هذا الحد تصيب قلبه بدوار لذيذ يفقد معه كل ذرة من تعقله ..
يغيبها ويغيب معها في طوفان اكتسحهما معاٌ ..
اسمه ينبعث من بين شفتيها ك"ترنيمة خلاص" يتلوها قلب ملّ طول سجنه في منفى ..والآن يجد له وطناٌ ..
فيردها لها قلبه بهذا اللحن الخاص ..الخاص جداٌ الذي لم يعرفه إلا معها ..

اللحن الذي هدأ أخيراً وأنامله تتلمس وجهها بحنان ناقض العبث الشغوف في حروفه :
_كنت مراهن نفسي وكسبت الرهان .
_على إيه ؟!
تهمس بها بوجنتين محمرتين خجلاً وهي تظن نفسها تعرف الجواب لكنه فاجأها بقوله :
_إن "التين الشوكي" ألذ من كل البرقوق اللي دقته في حياتي .

فتتسع عيناها للحظة قبل أن تفهم ما يعنيه فتعقد حاجبيها لتقرص وجنته بقوة مؤلمة ناسبت الوعيد في عبارتها :
_طيب ..هاقوللك نصيحة أخلص بها ذمتي من ربنا عشان نبقى على نور من أولها ..لو جبت سيرة البرقوق ..لأ! لو لمّحت بس بسيرة برقوقة واحدة بعد كده ..قول على نفسك يا رحمن يا رحيم !

يتأوه بمبالغة وهو يحك وجنته بعدما تركتها هاتفاً :
_ربنا ع المفتري .
تبتسم وسط نظراتها المتوعدة القوية فتبدو له كأشهى مرة رآها فيها ..
عيناها الصافيتان خاليتان من شوائب الجرح القديم فلا تترقرقان إلا بالحب ..
وجنتاها مشتعلتان بخجل يوقن أنه خير من يشعل أحطابه ..
شفتاها صامتتان إنما صارختان بهذه العاطفة التي صار يدرك كم هو لذيذ قطافها ..
وأنفاسها دافئة متدثرة بعاطفة لا تعرف البرد ..
باختصار ..
هي جنة تقولبت في امرأة !

_أحبك وانت شرِس!
يغمزها بها بنبرته العابثة قبل أن يطوقها بين ذراعيه فتتنهد بحرارة هامسة :
_وأنا بحبك على بعضك كده يا هندسة !

مزاحها المفاجئ بعفويته يبدو غريباً على أذنيه فيرفع حاجبيه بدهشة هامساً:
_هاللا هاللا ! مش مصدق وشك الجديد ده ..مش واكل معايا ..قومي يا بنتي شوفيلنا دبشتين من بتوع زمان .

تضحك ضحكة عالية وهي تدفن وجهها في كتفه فيضمها إليه بقوة أكبر ..
قبل أن يبتسم ليقول بحنان جاد :
_عايز أنا كمان ألبسك دبلتي ..بس لما أعمللك فرح !

_فرح؟!
تهمس بها باستنكار تشوبه الكثير من اللهفة التي لم تستطع إخفاءها ..
فيتلمس وجنتيها الممتلئتين بأنامله هامساٌ :
_عاهدت نفسي أعملها من يوم فرح سيف ..مش هانسى نظرتك يومها ..كنت بس مستني أحس إنك فعلاً عايزة تكمللي معايا ..
ثم صمت لحظة ليقبل جبينها بعمق مردفاً:
_المرة دي هتلبسي الفستان الأبيض وانتِ فرحانة .

لم تستطع منع دموع انفعالها وهي تخفي وجهها في كتفه فربت على ظهرها برفق متفهما فورة مشاعرها ..
قبل أن يطبع على عنقها قبلة ناعمة ناسبت همسه :
_أنا كمان عايز الدنيا كلها تشهد على فرحتي بيكِ .

_بس إزاي؟! ما ينفعش .
تغمغم بها باعتراض وهي ترفع إليه عينيها أخيراً فيرد بابتسامة حانية وهو يمسح بقايا دموعها :
_لا ينفع !..الفرح هيبقى لحبايبنا القريبين منا بس ..ماما واخواتي وعمو علاء وفرصة نلحق سيف قبل السفر ..وأكيد أشرف وعيلة رانيا .

_هابقى مكسوفة قوي يا إسلام !
تتسع ابتسامته مع هذا الخجل المستنكر الذي لون اسمه بين شفتيها فتلمسهما بشغف هامساً :
_هتبقي عسل يا عسل!

عيناها تفيضان بهذا العشق الغامر الذي اكتسحه هادراٌ ليعاود ضمها بين ذراعيه منذراً بمعركة عاطفية جديدة قبل أن يتذكر ما يجعله يسألها بقلق:
_فين ريما؟!

لهفته القلقة تمسها بصدقها فتتيقن من صدق شعوره لتجيبه بابتسامة ممتنة :
_هتبات مع رانيا النهارده .
فيبتسم مطمئناً قبل أن يغزو العبث صوته من جديد :
_حلو قوي كده اطمنا ..قوليلي بقا احنا كنا وقفنا فين كده ..فكريني !

تضحك ضحكة قصيرة وهي تعد نفسها لتلقي المزيد من عطايا عشقه التي ترفعها ملكة فوق عرش لم تحلم بمثله يوماٌ ..
جميلٌ هو الحب الذي يرمم صدع روحنا بهذه البراعة فيعيد جدارها صلداً لامعاً كما كان ..
مهيبٌ هو الصرح الذي تبنيه عقولنا قبل قلوبنا لأناس يستحقون تشييده ..
لذيذٌ هو مذاق العِوض بعد طول مرارة الحرمان ..
وعظيمٌ هو القدر الذي يرضينا متى رضينا به !
=======
انتهى الفصل


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 01:15 AM   #1108

Tamaa

? العضوٌ??? » 407831
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » Tamaa is on a distinguished road
افتراضي

اخيرا إسلام ونشوى.. صبرنا ونلنا والحمد لله ههههههههههههه، نيرمي شكرا على الفصل الرائع
ضايل المحروس زين وياقوت
وأهم شي ما تنسي حبايبي هانيا ورامز بمشهد إلها لما تعرف إنها حامل
نيرمينو ممكن تحقيقها لأمنيتي


Tamaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 01:37 AM   #1109

مها العالي

? العضوٌ??? » 372455
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 132
?  نُقآطِيْ » مها العالي is on a distinguished road
افتراضي

الله الله على اسلام العسل
تضرب نشوى عجبني جدا وكذا اغلقت أبواب الماضي كله
واخيرا اسلام ونشوى يعيشوا في سبات ونبات ويعملوا احلى فرح ويخلفوا صبيان وبنات
😍😍😍😍😍👌👌👌👌👌👌


مها العالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 01:39 AM   #1110

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,957
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الخيرات ناكرة امشي الفصول بسرعة لشوف احلى اتنين ياقوت وأختها شو راح يصير معن

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.