آخر 10 مشاركات
112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          صغيرات على الحياة / للكاتبة المبدعة أم وسن ، مكتملة (الكاتـب : بلازا - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          311- الميراث المتوحش - مارغريت بارغتير -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-18, 08:20 PM   #11

Msamo
 
الصورة الرمزية Msamo

? العضوٌ??? » 366128
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,823
?  نُقآطِيْ » Msamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond repute
افتراضي


مبارك يا احلى كاتبة وطبعا بانتظارك



Msamo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-18, 07:00 AM   #12

أماني 99

? العضوٌ??? » 163162
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,513
?  نُقآطِيْ » أماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond reputeأماني 99 has a reputation beyond repute
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أماني 99 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-18, 02:59 AM   #13

ام لمي ولارا

? العضوٌ??? » 385360
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 59
?  نُقآطِيْ » ام لمي ولارا is on a distinguished road
افتراضي

الف مبروووك اعلان الجزء التاني وفي انتظاااااار

ام لمي ولارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-18, 02:53 PM   #14

Cielo celeste

? العضوٌ??? » 420715
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » Cielo celeste is on a distinguished road
افتراضي

لسه مكملة الجزء الأول اليوم وكنت اتمنى الاقيك ابتديتي الجزا الثاني
وفعلا ...شكراااا من كل قلبي
انت كاااتبة رائعة


Cielo celeste غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-18, 05:32 PM   #15

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي




كان يعتنق "الشك" ...
وكان مذهبها "الكبرياء"...
فأي دين يجمع ذا الهوى ...
وبأي ملّة يتلاقيان ؟!!



(القطعة الأولى)
======

وساعات بنشوف الحب وهو ...
ما يشوفناش...
وساعات يقابلنا الحب،ويمشي..
وماعرفناش...
وساعات بيجينا الحب ويمشي..
كأنه ما جاش...
وكتير بيسيبنا الحب وجرحه...
مابيسيبناش!

=======
لوهلة بدا وكأنه لم يسمع...
حاجباه المنعقدان يتراخيان ببطء ...
شفتاه تنفرجان عن حديث مات على حافتهما...
عيناه شاخصتان في الفراغ تحاولان رسم صورة لهذه التي تتحدث !!

هل هي حقاً ؟!
ماذا كانت تقول؟!
تقول إنها لا يمكنها مواساته ؟!
من ذا القادر على فعلها إذن ؟!!
مهلاً...مهلاً...
تقول إنه فقد ابنه منها كذلك ؟!
ابنه منها ؟!
منها هي؟!
كيف؟! ومتى؟! ولماذا؟!
كاذبة !!
سلطان وساوسه يعاود بسط نفوذه ..
كاذبة...مخادعة...تريد نيل انتقامها بأرخص طريقة ...
لماذا فتحْت لها هذا الباب ؟!

لكن قلبه هذه المرة لم ينزوِ مدحوراً بين ضلوعه كالعادة ...
بل كان يهدر بدقاته في صدره مطالباً بحقه فيها...
اسألها...اسمعها...صدقها ...
أعدها...
أعدها...
أعدها...!

وبينهما كان لايزال هو واقفاً بأنامل تتشبث بالهاتف وكأنه -الآن- كل الحياة...
دموعه الجافة على وجنته تحرقه ليس فقط بمذاق الندم...
بل بالضياع!

_قصدك إيه ؟!

سؤاله المرتجف يغادر أخيراً شفتيه وهو يكاد يرجوها الإجابة...
بل...العكس!
يكاد يرجوها ألا تجيب !!
هذا الجرح الغائر في صدره لن يتحمل نصلاً آخر!!

لكن الصمت ظل اللغة الوحيدة بينهما للحظات قبل أن تغلق هي
الاتصال !
صرخة غاضبة يائسة تنطلق من فمه قبل أن يعيد سؤاله مرة تلو
الأخرى وكأنه لا يصدق أنها حقاً أغلقت الاتصال ...
يعيد الاتصال بها لكنها كما يبدو ...حظرته !

حسابها مغلق في وجهه ...
تماماً كأبواب الدنيا كلها الآن !!

هل تحققت أمنيتهما بطفل كما كانت دوماً تحلم؟!
كما صار هو يتمنى بعدها كما لم يفعل من قبل؟!
والآن...فقده ؟!
تباً...هل هذا حقيقي؟!
لا...هو كابوس آخر من كوابيسه التي لا تنتهي!

عيناه تمتلئان من جديد بدموع عجز وهو يدور بهما في المكان حوله ...
قبل أن يسقط هاتفه أرضاً بيأس ...
دخان أسود كثيف يخنق وعيه ويرجوه العودة للنوم لعله يهرب من كل هذا...
النوم؟!!
أين؟!!
في فراشها هي الذي لم يشغل سواه منذ عاد لسكنى هذا البيت بعد طلاقهما؟!!
أم في فراشهما المشترك بالطابق العلوي الذي لم تطأه قدماه من حينها ...
أجل...
حتى بعد عودته إلى هنا لم يجرؤ أن يعيد الطواف حول مدار ذكرياتهما المشتعلة بالأعلى...
لكن...
ربما هذا هو -بالضبط- ما يحتاجه الآن !

قدماه تتحركان كالمغيّب ...
تصعدان الدرج بخطوات رتيبة نحو غرفة شاركته إياها لأيام
لا يبالغ لو وصفها بأنها تساوي عمره كله...
أصابعه تتلكأ قليلاً حول مقبض الباب قبل أن يفتحه...

يلج للداخل فتجتاحه كل ذكرى تركتها له هنا ...
كل همسة...
كل نغم...
كل لمسة...
كل حكاية استمع إليها على صدرها قبل أن يغفو بين ذراعيها كرضيع هانئ...

ما هذه الأكياس الصغيرة هناك ؟!
يالله!
لا تزال هنا من ليلتها ؟!
مفاجأتها التي لم تتح لها الفرصة كي تخبره بها وقتها ؟!

لازال يتحرك ببطء وكأنه على وشك الولوج في جحيم لا قبل له به ...
لكنه يفعلها بخطوات رتيبة متهالكة مستسلمة لوجع ما عاد له طاقة بمقاومته...
يجلس على الفراش ليفتح أول الأكياس...
قميص نوم سماوي مثير بهذه الأربطة التي تدرك هي أنه يحبها ...
ربما لأنها تمنحه راحة الشعور بالتملك بعد التشابك !
جسده كله يرتجف باستجابة حسية وهو يستحضر صورتها ...
ابتسامتها ...
اشتعالها الذائب بين ذراعيه ...
مذاق أنوثتها الذي لم تنافسها فيه امرأة سواها !

الجحيم في صدره يكوي ضلوعه كياً ومشاهدها مع زين تعاود احتلال الصورة...
فيكز على أسنانه بقوة وهو يحاربها ...
بل يحارب نفسه !


لهذا امتدت أنامله بسرعة تفتح الكيس الآخر هارباً من جحيم هواجسه...
علبة أنيقة مستطيلة فتحها بمزيج غريب من لهفة وتوجس ...
قبل أن ترتجف شفتاه وهو يميز محتواها...
ساعة جلدية سوداء تعدو xxxxبها فوق صورة مطبوعة لهما وهو يضمها لصدره ...
صنعتها خصيصاً له !

_عشان تتأكد إن مفيش ثانية في عمرك هتعدي غير واحنا سوا.

مكتوبة بالأبيض بخطها -الفوضوي- مثلها على بطاقة اختارتها -سوداء- مثله !
يغمض عينيه بقوة على صورتهما مع عبارتها ولازال دمعه الحارق رفيقه في هذه الرحلة البائسة...


_سبتيني ليه ؟! انتِ قلتيلي مهما عملت مش هتبطلي تحبيني؟!

يهمس بها -هذا الطفل- بداخله بلاوعي وكأن كل ما كان...لم يكن!
يهمس ...بل يصرخ بها في وجه كل هواجسه فيردها مدحورة لجحورها ...

لكن "الرجل المغدور" بداخله يعاود صراخه...
_كذبتي ليه ؟؟ ما شرحتليش الحقيقة ليه؟؟ انتِ عارفة طبعي...عارفة انى فتحت لك كل أبوابي عشان كنتِ قدامي كتاب مفتوح ... كنتِ خايفة ما اصدقكيش ؟؟

_وانا امتى كدبتك ؟! كل كلامك كنت ...بصدقه !

يعاود "الطفل اليتيم" الهمس بها بوجع ليصرخ "الرجل المغدور" من جديد ...

_شفتك بعيني بين إيديه....جيت سألتك ما أنكرتيش...قلتيلي كل ده صح...كنتِ مستنية إيه عشان تقولي الحقيقة؟؟



_ كنتِ مستنية إيه عشان تساعديني في حربي ضد نفسي زي كل مرة؟! ليه سبتي إيدي في نص الطريق وانتِ عارفة إني مش هاعرف أعديه لوحدي؟!
يكمل بها "الطفل اليتيم" هذا الحوار بداخله فينغرس رمح الجرح في روحه أكثر ...
ليعاود "الرجل المغدور" المقاومة بصراخه ....
_ما ظلمتكيش...ما خدعتكيش...انتِ دخلتِ حياتي وانتِ عارفة كل عيوبي...وانتِ اللي اخترتِ تكملي وتسحبيني معاكِ لطريق عمري ما كنت هافكر أمشيه تاني بس عشانك عملتها...انتِ ...انتِ...

_انتِ قتلتيني .
الآن يتحد "الطفل اليتيم" و"الرجل المغدور" ليهمسا بها معاً ...
فيضع كفه على صدره ...
يغرس فيه أنامله وكأنه بهذا سيخفف بعضاً من هذا الألم !

وأخيراً يجد الجرأة ليفتح الكيس الثالث ...
فتتسع عيناه بإدراك وهو يميز محتواه...
ثوب طفلة وردي مع زوج من الجوارب الصغيرة ...

الكيس الرابع ...الخامس ...السادس...
وسادة صغيرة برسوم طفولية...لهّاية أطفال...لعب صغيرة ملونة...

_مبروك يا "طيب"...مبروك يا "بابا"!

صرخة عالية تجتاح صدره فلا يدري هل غادرته حقاً أم ظل صداها يفتت حناياه فحسب !

هذه كانت مفاجأتها له ليلتها!!
هي كانت تحمل طفله من وقتها ؟!!
والآن...ماذا حدث ؟!!
فقدته ؟!
مات كابنه من سيلين؟!
كيف؟! ومتى ؟! ولماذا ؟!


_متعرفش أد إيه بحلم بابننا أو بنتنا...يااااه يا يامن...عمري ما اتمنيت حاجة في حياتي أد ما بتمناه .

كأنه يسمعها الآن بصوتها ...
فترتد الذكرى ألف سهم في صدره !!
لقد فقدت حلمها ...
تماماً كما فقد هو حلمه...وفقد نفسه...وفقدها!!

_كدابة...خاينة...اوعى تصدقها ...اوعى ترجع للطريق ده تاني!

سلطان وساوسه يعاود بسط نفوذه ...
لكن قلبه هو الآخر يعاود التعلق بأشيائها التي تركتها هاهنا على الفراش ...
وتركت ما يماثلها أثراً في روحه...ليهتف بلوعة:
_خذلتها ...وخذلت نفسك قبلها !

ووسط هذه الحرب لم يستطع إلا أن يطلق آهة عالية وهو يمسك رأسه بين كفيه يهزه بعنف ...
لم تعد له طاقة بهذا الجحيم الذي يواجهه وحده ...
لهذا قام مترنحاً من جلسته ليلقي نظرة أخيرة على الفراش ...
قبل أن يشيح بوجهه بعنف ليغادر الغرفة عدواً وكأنه يهرب من شيطان !!

لن يقوى على الرجوع هنا ثانية...
"دونها" !
والإضافة الأخيرة كانت من قلبه الذي لايزال يتمرد على سلطان وساوسه ...
لكنه لم يعد قادراً على المزيد من هذا الصراع ...
صوت رنين هاتفه يتزامن مع وصوله لردهة المنزل فيتوجه نحوه بلهفة تراجعت نوعاً وهو يميز اسم نبيلة ...
ليفتح الاتصال بسرعة فيفاجئه خبر هانيا...
كأنما تنقصه الكوارث!!!
======
_ليه قلتِ له كده ؟!
سألها وجدي -والدها- وهو يتقدم نحوها بعدما سمع حديثها معه...
كانت تعطيه ظهرها فتملك كتفها بأنامله ليديرها نحوه ...
قبل أن تنحدر عيناه لبطنها -البارز- في قميص نومها بما بدا كإشارة ذات مغزى ...

_ما كذبتش...هو فعلاً خسر ابنه مني...مش هاخلليه يشوفه ولا يعرفه .

قالتها بنبرتها-الحادة المكسورة- التي صارت تميزها مؤخراً ...
فتأمل عينيها الممتلئتين بدموع لم تعد تسقط !!
أجل...منذ غادرت مصر إلى هنا وهي لم تعد تبكي ....
وكأنها تركت "دموعها" مع "حبها" هناك ...حيث وطن "القلب" و"الجسد"!!
كان يعلم أن استسلامها لرغبته في الحضور معه إلى هنا ليس سوى قناع ل"انتقام" تريده ...
هذا الإدراك الذي يجعله يزداد يقيناً أن ياسمين "القديمة" لا تزال تهوي في بئر ليس له قرار...
وأن هذه النسخة "المستحدثة" منها ستحمل الألم للجميع ولنفسها قبلهم!

_انت سمعته زيي؟! هو كان بيكلمني صح؟! مش بيتهيألي؟!

تمتمت بها بصوت -بالكاد - يسمع وهي تناوله هاتفها،
وبنبرة مهتزة عاطفية -شاذة- وسط كل هذه القسوة الباردة التي صارت تحتل صوتها ...
فغص حلقه بمرارته لأجلها وهو يتقدم منها أكثر ليحتضن كتفيها بكفيه بينما يهز رأسه في إجابة صامتة بالإيجاب...
قلب الأب بداخله يستشعر هول إحساسها الموجع وما تفضحه كلماتها من اشتياق..
لكنه يؤثر الصمت مكتفياً بمؤازرته الصامتة .

عيناها الشاردتان تزيغان قليلاً وهي تغيب عنه بطوفان يجتاحها من ذكراه الخائنة...

الآن ينتابها نفس الشعور الذي اكتسحها ليلة غادرت بيته -بمنامتها- بعد مواجهتهما ب"فيديو" زين !

نفس الإحساس بالضعة والإهانة وهي تجوب الشوارع بملابس بيتية تلاحقها نظرات الناس بين فضول واتهام حتى وصلت لبيت أمها ...
بواب العمارة ليلتها لم يناولها النسخة الاحتياطية من مفتاح الشقة فحسب ...بل منحتها عيناه نظرة شاركه فيها أغلب من تعرفهم...
دهشة...إشفاق...شماتة...حسرة تمتزج بفخر من صدق تنبؤه فيما تخفيه خلف كل ذاك النجاح..
"نجمة العلا البراقة" هوت محترقة بفضيحة !
ضعيفة...هشة...مكسورة..و...مكشو� �ة!
عارية!
أجل...هذا بالضبط ما شعرت به وقتها ...والآن يتعاظم هذا الشعور بعد مكالمته هذه لها...
ربما لأنها أدركت أنها -وإن ابتعدت- لم تبتعد...
أجل !
لا تزال قدماها عالقتين في بركة وحل عشق مريض!
أو ربما العكس!
هي حلقت بعيداً بعيداً حتى ما عادت عودتها ممكنة!
الشعوران متناقضان ..لكن كلاهما صادق ..كلاهما حارق...كلاهما مهلك لو تعلمون!

ضحكتها الساخرة المرة تغادر حلقها أخيراً عالية لتناسب هتافها العصبي:
_مكلمني يقوللي إن ابنه من مراته التانية مات ...فاكر إن اللي بيننا لسه زي زمان ...فاكر إني ممكن أرجع أطبطب وأداوي...
ثم لوحت بذراعيها لتبتعد عن مرمى ذراعيه مردفة بنفس النبرة :
_حقيقي اللي اتعود ياخد ما بيديش .

_وهو فعلاً كان بياخد ما بيديش؟!
غمغم بها بحاجبين منعقدين شاعراً بحذر من يخطو بحقل ألغام قد ينفجر في أي لحظة ..
انفجاراً كهذا الذي داهمه الآن وهي تصرخ بانفعال:

_مش عارفة...مش فاكرة...ومش عايزة أفتكر...كل اللي عايزاه إنه يخرج من حياتي للأبد .
زفر زفرة حارقة وهو يقترب منها ليعاود التربيت على كتفيها مهدئاً بقوله :
_معنى إنه اتصل بيك دلوقت لأي سبب إنه عرف الحقيقة وصدقها.
_زين قالله...بس كالعادة وقف محتار يصدقه واللا ما يصدقوش.
_زين؟! وانتِ عرفتِ إزاي؟!
هتف بها بقلق مدركاً عدم اتزان تصرفاتها مؤخراً لتؤكد له ظنه بقولها :
_كلمني وحكالي وعايز يقابلني .
_يقابلك فين ؟!
_زين هنا في ماليزيا.
قالتها بنبرة عادت إليها "حدتها المكسورة" التي امتزجت الآن باعتداد أنثى يلاحقها رجل كزين ...
ليتسمر هو مكانه للحظات مصدوماً قبل أن يهتف بها بغضب لم يملك كظمه:
_انتِ اتجننتِ ؟! إزاي توافقي تتكلمي معاه بعد اللي حصل؟! مجرد وجوده معاك في مكان واحد هيأكد عليك التهمة وكلام الناس مش هيرحمك.

التوت شفتاها بابتسامة ساخرة تنضح قسوة لا مبالية لتحتد نبرته أكثر بينما يردف :
_لو فاكرة إنك كده بتنتقمي من يامن فاعرفي إنك بتنتقمي من نفسك قبله ...وأنا مش هاسمح لك بكده.
_تسمح لي؟!
لفظتها قاسية ساخرة مستنكرة وهي تبتعد عنه خطوة -كعهدها- بينما لا تزال "حدة شظاياها المكسورة" تجرح كل من يحاول
الاقتراب منها:
_حقك إيه عليّ عشان تسمح أو ما تسمحش؟! هو أنا كنت سمحت لك تسيبني أنا وأمي زمان؟! سمحتلك تيجي هنا تتجوز وتخلف وتعمل حياة تانية بعيد عني؟! الحاجة الوحيدة اللي سمحتلك بيها كانت نصيحتك في جوازي من رامي...ومش محتاجة أقولك ندمانة أد إيه .

تغضنت ملامحه بألم هزم غضبه وهو يرى إلى أي مسخ مشوه تحولت صغيرته ...
ياسمين حلوة الشكل والروح لم تعد سوى نار تحرق من حولها وتحترق معهم !
هذا الذي ازداد يقينه به وهو يراها تقول بنفس النبرة بينما عيناها عاميتان عن ألمه:


_أنا وافقت أجي معاك هنا بس عشان أبعد بابني عن أب زيه ...مش هاسيبله اي حاجة كانت شركة بيننا ...لا المطعم ولا ابني ...لكن ده مش معناه إني هاسمح لأي حد يتدخل في حياتي ..أي حد حتى لو أب لسه فاكر يحس بالذنب دلوقت .
=======





التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:37 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-18, 05:34 PM   #16

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


نبيلة...داليا...رامز ...
يراهم كلهم يقفون أمام الباب المغلق لغرفة المشفى ينتظرون النبأ!
خطواته التي كانت راكضة منذ سمع الخبر الآن تتثاقل ...تتباطأ وكأنه ...خائف؟!
نعم...القلق شعور رحيم لو قارنناه بوحش الذعر عندما تنهش مخالبه روحنا !
هل يفاجئه القدر بفقد جديد ؟!
لا...لن يحتمل هذه المرة !!

هدير نبضاته الصارخة يعوي بين ضلوعه مع تلاحق أنفاسه عندما وصل إليهم أخيراً ليقول بنبرة مرتجفة:
_حصل لها إيه؟!
ولم يكد يتم آخر حروفه حتى ترنح في مكانه ليسنده رامز بسرعة هاتفاً رغم قلقه:
_امسك نفسك يا يامن...بإذن الله هتبقى كويسة .
زاغت عيناه بنظرة مشتتة وهو يشعر بارتجافة جسده التي عجز عن تمالكها ...
بينما انخرطت داليا في بكاء عنيف وهي تراه بهذا الانهيار .
أكثرهم تماسكاً -للعجب- كانت نبيلة التي كانت عيناها الحزينتان تتابعان الوجوه بألم صامت ...

فتح باب الغرفة أخيراً ليخرج منه الطبيب قائلاً بنبرة عملية:
_عملنا اللي نقدر عليه...الحالة شبه مستقرة ...حروق درجة تانية في الكتف والرقبة...
ثم صمت لحظة ليردف :
_كسر مضاعف في ذراعها اليمين .
هنا انهارت قوة نبيلة هي الأخرى لتنسى كل ما تعلمته طوال عمرها عن كبرياء النجمة وتنخرط في ولولة خافتة ...
بينما شحب وجه رامز برعب مع سؤاله للطبيب:
_هترجع زي الأول؟!
_هتتحسن بالوقت بس ماقدرش أجزم بكده.
قالها الطبيب ببعض الإشفاق الذي منحهم إجابة لم يجرؤ على قولها في هذه اللحظات العصيبة ...
ليزداد شحوب رامز وبكاء داليا ونبيلة ...
بينما بدا يامن وكأنما امتصت كل الصدمات السابقة انفعالاته لتترك وجهاً جامداً ...
عينين تتابعان ما يجري بلا شعور ...
لكنه ما كاد يرى جسد هانيا الذي استقر ساكناً فوق الفراش وقد غطته الضمادات حتى تذكر فجيعته...
بعيداً عن هنا...
في مكان ما ...
يرقد جثمان طفل له يواريه التراب!
طفل ؟! بل ربما اثنان!!
ياسمين لا تكذب...
لا ...بل فعلت !!
أما لهذه الحيرة من آخر؟!
الدموع الحارقة تعاود احتشادها في صدره لكنه يقاومها بكل قوته ...
ماذا إذن عن نحيب قلبه ...كيف عساه يقاومه؟!
=======







التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:37 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-18, 05:35 PM   #17

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


وقف رامز أمام فراشها في المشفى يراقب ملامحها الساكنة ولا تزال غائبة عن وعيها ...
يكاد يفقد صوابه قلقاً عليها بعد إصاباتها التي يدرك أن علاجها لن يكون سهلاً...
لكن جزءاً بداخله يكاد يصرخ فرحاً لأنها لا تزال على قيد الحياة...
وكفى بها نعمة!!
الرعب الذي عاشه منذ سمع أحدهم على الهاتف يظنها ميتة وحتى وصل إليها لن ينساه ما عاش!!

وكلمتها الأخيرة التي اختارت أن تخصه هو بها تزلزل روحه ليس فقط بمعناها بل بتوقيتها !!
هي اعترفت له بحبها عندما ظنت أنها ستموت!
اختارت أن تكون هذه آخر كلماتها في الحياة كما ظنت!
هل يحتاج اعترافاً أبلغ من هذا؟!!

حبيبته العنيدة لا تزال قادرة على بعثرة شتات نفسه ...
كما لا تزال قادرة على جمعه من جديد في كيان لم يعترف بمعشوقة سواها ...
فقط لو تفيق الآن ..لو تسمح له أن يحدثها من جديد...
أن يعتذر عن تهوره...جفائه...تباعده...وقلة تفهمه!!

التقت عيناه بعيني نبيلة التي كانت تجلس على طرف الفراش ...
والتي وقفت الآن لتفسح له هو المكان قائلة بين دموعها:

_خليك معاها لحد ما أحاول أوصل لرانيا ...تليفونها مقفول ...يامن بيصلي في الأوضة اللي جنبنا.

لم تفارق عيناه ملامح هانيا وهو يهز رأسه بلا معنى قبل أن يجلس ليتناول كفها "السليم" محتضناً إياه بين راحتيه ...
كان يدرك ما ينتظرها من ألم جسدي عندما تفيق لكنه كان يذوب اشتياقاً للحديث معها ...
لدفن رأسها العنيد هذا في صدره حتى ينزع عنه عناء أفكاره ويزرع بدلاً منها اعترافاً بأن لا حياة لأحدهما دون صاحبه ...
ولتقبيل فمها العزيز هذا الذي أخيراً نطق بما كان يشتاق لسماعه!

_هتقومي بالسلامة...هترجعي أحسن من الأول ...عارف إن دماغك ناشف وهتغلبيني عشان ترجعيلي بس من النهاردة مش هاسمح تعيشي لحظة واحدة من غيري ...
قالها بصوت غلبه تأثره بدمعة سقطت من طرف عينه ...
ليرفع كفها نحو شفتيه بقبلة عميقة مع همسه:
_وحشتيني يا حبيبتي...وحشتيني قوي .



وفي مكانها منزوية في جانب الغرفة كانت داليا تراقبهما برعب ...
هانيا تشوهت!
احترق پعض جسدها وربما لن تعود قادرة على استعمال ذراعها اليمنى...
أي امرأة عادية ستزلزلها صدمة كهذه...
فما بالها هانيا التي روحها في دراستها وعملها!
هل ستقوى على مواجهة الأمر...
أم أن هذه الحادثة ستكسرها؟!
رامز يكاد الآن- يموت خوفاً عليها ...
لكن ماذا عن غد...وبعد غد؟!
هل يحبها هذا الحب الذي يجعله يحتمل أنوثتها الناقصة ؟!
أم سيتخلى عنها كما فعل من قبل ؟!

هنا أجهشت في بكاء صامت وهي تشعر بالاختناق ...
هل هكذا شعرت هانيا بعد محاولتها -هي- الفاشلة للانتحار؟!
هل جربت هذا الرعب الذي تعيشه -هي- الآن ؟!
هل هو قصاص القدر منها أن تتألم كما آلمتهم؟!

الضربة موجعة للجميع هذه المرة...ولن ينجو منها أحدهم إلا لو تكاتفوا كعائلة في كنف يامن كالعادة ...
يامن ؟!!
أين يامن؟!!!!
========
_الله أكبر.

_بتصلي ليه؟!
إيش عرفك إن ربنا هيقبلك؟!
إيش عرفك إنه أصلا راضي عنك؟!
لو بيحبك ما كانش حصللك كل ده؟!
مالوش لازمة دعاءك ولا صلاتك!

_الله أكبر.
يهتف بها بصوت أعلى محاولاً التغاضي عن هذه الوساوس الشيطانية التي عادت تجتاحه بقوة أكبر ...

ابنك مات من غير ما تحضنه ..
من غير حتى ما تشيله...
يا ترى ابنك من ياسمين مات إزاي ...
ليلة ما زقيتها من ع المرجيحة...
معقول تكون انت اللي قتلته؟!

_الله أكبر.
يرتجف بها صوته من جديد محاولاً التركيز في صلاته لكن المارد هذه المرة لا يرحم...

_انت غلط...كل تفكيرك غلط ...وياريتك بوظت حياتك لوحدها ده انت بتضيع الكل معاك.
_انت صح...مفيش حد يستاهل تديله الأمان ...كلهم هيبيعوك...هيسيبوك...هتموت لوحدك زي أبوك...ماتديش حد فرصة يخدعك.
_انت غلط...فين الرصيد؟! فين تمن العشرة ؟!
_انت صح...العمر ما بقاش مستحمل جرح جديد.
_انت غلط.
_انت صح.

_السلام عليكم ورحمة الله ...السلام عليكم ورحمة الله.

يسلم أخيراً من صلاته التي عجز عن إكمالها وسط كل هذه الوساوس التي منعته حتى أن يرفع رأسه بالدعاء!
رأسه يفور!
هذا هو التعبير الأدق لما يشعر به الآن !
ليته كان يستطيع الآن التمدد على هذه الأرض يفرغ دموعه دون أن يراه أحد...
لكن هل يمنحه هذا الراحة ؟!
شعر بأناملها على كتفه فالتفت نحوها لتلتقي عيناهما في حديث مفعم بمشاعره...
أمومتها "المستحدثة" تبدو كنسمة هادئة وسط هذا الجحيم الذي يصطلي بنيرانه ...

_أزمة وتعدي...ما تشيلش هم .
قالتها مغالبة شعورها الخاص بالأسى وقد اعتبرت مجرد التعبير عن حزنها الآن أنانية!
يامن ضج بهذا الوزر الذي ثقل على كتفيه...
أما آن الأوان أن تحمله عنه؟!!

عناقها الحاني يمنحه نسمة أخرى فيستجيب له مستسلماً ...
قبل أن يسألها بصوت مهتز:
_فين رانيا ؟!
ترددت قليلاً وقد فكرت في إخفاء الأمر عنه ...لكنها خشيت غضبته فأخبرته بأمر أشرف بألطف طريقة ارتأتها ...
ومع هذا علا وجيب صدره وهو يستمع إليها صامتاً مذعوراً للحظات قبل أن يسألها بنفس النبرة المهتزة:
_ماعرفتيش عامل إيه ؟!
_رانيا معاه في المستشفى دلوقت ...لسه ماعرفتش اللي حصل لهانيا.

قالتها بقلق وهي تشعر بقرب انهياره خاصة عندما شرد ببصره للحظات قبل أن يعطيها ظهره قائلاً بحميته التي لم يفقدها وسط هذه الظىوف:
_هاروح أنا أجيبها وأطمن على أشرف ....ماتقوليلهاش حاجة انت عارفة إنها مش هتستحمل تسمع الخبر وهي لوحدها .

قالها ليغادر الغرفة لكنها لحقت به لتستوقفه بندائها:
_كنت مختفي فين قبل الحادثة؟!
سؤالها يرده لهمّه الكبير فيرفع رأسه لأعلى بزفرة حارقة جعلتها تلح في سؤاله ليجيبها أخيراً بنبرة ميتة :


_ابني من سيلين مات...ياسمين كمان كانت حامل...وخلاص!

صرخت بجزع وهي تلطم وجهها قبل أن تجذبه بين ذراعيها لتربت على ظهره محاولة السيطرة على ارتجافة جسدها...
لو تركت لصرخاتها الآن العنان فلن تتوقف...
لكنها تعلم أن هذا لن يفيده ...
هذا الذي يبدو الآن واقفاً بتماسك ليس سوى كيان مفتت سينهار في أي لحظة!!!
ماذا تفعل؟!
ماذا تفعل؟!!!
ماذا تقول لتواسيه؟!
طالما سمعتهم يقولون إن المصائب لا تأتي فرادى...
لكن ما يحدث له الآن يفوق تحمل البشر!!

لهذا لم تجد ما تمنحه له سوى حرارة عناقها ودعواتها الصامتة قبل أن تغمغم بصوت أنهكه نحيبها:
_ما تحملش نفسك فوق طاقتها ...انت شلت كتير .
_أنا ضيعت الكل!
قالها مختنقة بندمه...بعجزه...بحسرته...

ليخترق سمعه نحيب داليا من الجوار وقد أتت منذ دقائق لتستمع مصادفة لمصيبته!
والتي انهارت مكانها جالسة تبكي بصمت فتوجه نحوها لينحني على ركبتيه أمامها قائلاً بنفس النبرة الميتة:
_ما تخافيش ...كل حاجة هاتبقى كويسة.

يالله!
كم تقاوم الآن رغبة ملحة في احتضانه...
ك-اعتذار- عن سابق مصائبها ...
ك-امتنان- عن طول رعايتها لها وشقيقاتها...
ك-رغبة- في الشعور بالأمان الذي تفتقده الآن !

لكنها تدرك أنه سيغضب لو فعلتها لهذا اكتفت بالتربيت على كتفه متمتمة:
_أنا آسفة.
كانت المرة الأولى التي تعتذر له فيها بعدما كان من محاولة انتحارها...
بل بعد فضيحة تلك الليلة في القسم وافترائها على مروان ...
لهذا منحها نظرة حانية ثم أغمض عينيه بألم يصرخ بين جنباته وتبخل عنه الشفاه...
قبل أن يستقيم واقفاً ليغادرهما بخطوات مترنحة تلاحقه نظرات داليا الملتاعة ...

لكنه ما كاد يتحرك بضع خطوات حتى رأى رامز عبر باب غرفة هانيا المفتوح منكباً على كفها يقبله بمشهد فطر قلبه...
أهذا الذي اتهمه يوماً بالخيانة؟!
أهذا الذي ظنه لا يستحقها؟!
ضحية أخرى لمبدئه اللعين
"لو شكيت متكملش"
هذا الذي ظنه طوق نجاة والآن يدرك أنه لم يكن سوى طوق نار حول رقبته ورقبة من ظن نفسه يحميهم...

لهذا لم يشعر بخطواته وهو يقترب منه ليتوقف أمامه حيث رفع رامز إليه عينين دامعتين دون أن يترك كف هانيا ...

_عرفت منين اللي حصل لها عشان تروح لها؟!
_هي كلمتني!
غمغم بها رامز بنبرة مرتجفة ليعاود يامن سؤاله بصوته الجامد الذي يوشي بقرب انهياره:
_قالتلك إيه؟!
ازداد الوميض الملتاع في عيني رامز الدامعتين لترتجف شفتاه وهو يستعيد تلك اللحظات العصيبة ...
قبل أن يعود ببصره نحو هانيا دون رد..
هنا عاد يامن يقول بنبرة غريبة هي للجواب أقرب:
_قالت لك إنها بتحبك ؟!
_وأنا كمان عمري ما حبيت غيرها ...
قالها رامز بانغعال حار ليردف آسفاً :
_أنا غبي...غبي...غبي عشان ما فهمتهاش...غبي عشان ضيعتها...
ثم عادبوجهه نحو يامن مردفاً بحزم من لن يقبل رفضاً:
_بس لسه الوقت ما فاتش عشان أصلح غلطتي.
_يابختك.
تمتم بها يامن بابتسامة مريرة حملت طعم البكاء قبل أن يغادر الغرفة يجتر مرارة حصاده....
=======







التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:37 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-18, 05:37 PM   #18

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


_عايزة أستأذنك في حاجة...رد علي بسرعة .

تركتها له "رسالة صوتية" بنبرتها الباكية لكن يبدو أنه لم يرها ...
عاشقها المجهول الذي تحتاج الآن الشعور بوجوده..
كما تحتاج استئذانه في -أمر ما - تريد فعله وتظنه سيغضبه!
ظلت تراقب هاتغها في يدها للحظات قبل أن تلقيه جانباً بيأس !
عيناها تنتقلان بجزع بين هانيا التي لم يفارقها رامز ...
ونبيلة التي ترى أثر تجاعيد الحزن على وجهها لأول مرة !
يامن لا يبدو بخير...
هي لم تره هكذا يوماً!!
ماذا عساها تفعل ؟!
وكيف تساعده؟!

الفكرة تلح على ذهنها لكنها ترفضها بالكثير من النفور،،،
وأخيراً انتفضت من مكانها لتنفذها ...
استأذنت من نبيلة في الخروج بحجة واهية ثم اندفعت لتغادر متجهة نحو مكان بعينه...
كانت تدعو الله أن تكون متذكرة للعنوان جيداً...
لهذا ما كادت تتأكد من بواب البناية حتى صعدت الدرج بسرعة نحو الشقة المنشودة التي طرقت بابها ...
ولم يكد يفتح لها حتى بادرته بقولها:
_دكتور مروان ...أرجوك خلليك جنب يامن ...هو محتاجك.
=======

لم يستطع تمالك مفاجأته وهو يراها واقفة أمام باب بيته...
معذبته الساحرة...
وامرأة قلبه التي لم يرَ سواها من بين نساء العالمين !
داليا هنا...؟؟

هنا في بيته ...؟؟
بيته هو ك"مروان" لا ك "حبيب مجهول" تطارده كسراب مجنون!!!

لهذا تجمد مكانه للحظات أساءت هي فهمها لتهتف بين دموعها المنهمرة:
_مااعرفش حد غيرك ممكن يقف جنبه دلوقت ...أنا عارفة إنك صاحبه الوحيد وخسرتوا بعض بسببي ...أنا آسفة ع اللي عملته وهاقول ليامن ع الحقيقة بس أرجوك ما تتخلاش عنه دلوقت
بالذات.

تمالك نفسه بصعوبة وهو يحاول البحث عن صوته الذي خرج منه متحشرجاً مع سؤاله :
_هو إيه اللي حصل ؟!



مسحت دموعها بأنامل مرتجفة لتروي له الكوارث الأخيرة ...
فاتسعت عيناه بصدمة ليهتف بجزع:
_ويامن فين دلوقت؟!
_راح لرانيا المستشفى ومن ساعتها ما رجعش.

غمغمت بها بخوف مس قلبه وصورتها الآن تعود به لذكراها القديمة معه ...
صغيرته الباكية التي تحتضن ثوب عيد لم يقدّر لها ارتداؤه!
لكنه تمالك مشاعره ليقول بخشونة لم يتعمدها:
_دقيقة واحدة أغير هدومي وآجي أوصلك ...وبعدها هاروح ليامن أنا عارف هلاقيه فين .
_ما تشغلش بالك بيا أنا هارجع لوحدي .
قالتها بحرج وهي تعود خطوتين للوراء ليهتف بها بنفس الخشونة التي ولدتها مشاعره المتناقضة في هذه اللحظة:
_ترجعي لوحدك إزاي الساعة دي؟! مش كفاية جيتي لوحدك؟!

أجفلت من حدة لهجته وهي تعود خطوة أخرى للخلف حتى كاد يعتذر لكنه أطبق شفتيه بقوة ليختفي من أمام ناظريها بداخل شقته...


ولم يكد يفعل حتى مدت رأسها بفضول نحو الداخل تراقب محتويات شقته...
كانت تعلم أنه يقيم وحده مع سفر والديه للخارج وأن هذه الشقة قد صممها بذوقه الخاص ...
لا بأس بذوقه على أي حال !
الطراز الحديث الذي تفضله ...جدران خالية من اللوحات ...إلا من لوحة واحدة غريبة الشكل لمربعات متداخلة متباينة
الأحجام . ...

_ذوقه معقد زيه!
همست بها لنفسها في امتعاض لكنها تذكرت الوضع فاحتضنت جسدها بذراعيها لتفكر ...:
_المهم يلحق يامن ويقف معاه.

وفي غرفته كان هو يبدل ملابسه بأقصى سرعة..
ورغم شعوره بالقلق على يامن لكن ابتسامة واهنة ارتسمت على شفتيه وهو يفكر ...
إنها هنا!
صغيرته الحمقاء الشجاعة جاءت بقدميها تعتذر منه رغم كبريائها المعهود انطلاقاً من شعورها بالمسئولية نحو يامن ...
نقطة مضيئة يحتسبها لها وسط تاريخها الحافل معه !
اتجه نحو المرآة بسرعة ليعدل ملابسه قبل أن يخرج بسرعة تعثر معها في طرف السجادة ليهتف لنفسه :

_امسك نفسك يا مروان عشان ما تتقفشّ...خبي لهفتك دي شوية.

ويبدو أنه قد نجح!
وجهه الجامد لم يحمل بعدها أي انفعالات وهو يخرج إليها ليغادر معها إلى سيارته التي فتح لها بابها بحركة رأتها غريبة على رجل بفظاظته...
لهذا لم تكد تستقر جواره حتى تفحصته بنظرة جانبية ...
نظارته ؟؟!!!
أين نظارته؟!!
ألهذا بدا لها شكله غريباً عن "الأصلع القبيح" الذي تعرفه؟!

_نظارتك اتكسرت يوم الحادثة.
قالتها بما بدا كعبارة ساذجة وسط هذا الجو المشحون لترتسم على شفتيه ابتسامة ساخرة ناسبت قوله:
_كانت فرصة سعيدة أعمل ليزك...فيه حاجات كده بنزعل لما نخسرها لكن بنكتشف بعدين أن خسارتها مكسب.


انكمشت في كرسيها وهي تدرك مغزى عبارته لتتصارعها رغبتان...
إحداهما مدفوعة بضميرها بالاعتذار له من جديد عما تسببت به حماقاتها
والأخرى مدفوعة بكبريائها بالصراخ فيه ألا شأن لها بمشاعره اليائسة نحوها !!
وبينهما آثرت الصمت لتشيح بوجهها عنه أخيراً مكتفية بتأمل الطريق...

بينما لم يكد ينهي عبارته حتى تعجب من نفسه هذا الذي قاله...
لكن ما حيلته؟!
ملحوظتها البسيطة عن نظارته ذكرته برأيها فيه .."الأصلع القبيح" الذي تستنكف أن تكون له!!
كبرياؤه الرجولي لن يرضى بغير هذه الطريقة في معاملتها وجهاً لوجه...
ولتبقَ لقلبه "مساحته الخاصة" في عالمه "التخيلي" معها حيث لا هيمنة لكبرياء بل السطوة للمشاعر فحسب!

هذه هي المعضلة!!
عندما يراها يتذكر الفتاة المنحلة التي شاهد بعينه خطاياها ...
والتي يرى في عينيها نفورها من "الأصلع القبيح"...
لكن عندما يتحدث معها خلف سِتره لا يكاد يميز إلا صغيرته الباكية على الدرج والتي تنتظر منه أن يمد لها يده !
فهل من مستقبل لهذه العلاقة ؟!
وهل سيبقى في عينيها مجهولاً للأبد؟!!

انتبه من شروده عندما وجد أناملها تتحرك على شاشة هاتفها ليلمح صورة حسابه هو المستعار ...
فازدرد ريقه بتوتر وهو يراها تكتب شيئاً لم يتمكن من قراءته ...
تباً!
هاتفه نفد شحنه والآن يرقد جثة هامدة على مكتبه بعدما نسي أمره !!
ترى ماذا تكتب هذه ؟!
والآن؟!

_أحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى...لا تبتعد...فلم يعد هناك معنى للأمان في حياتي إلا بك .

كانت أكثر عبارة رومانسية كتبتها لعاشقها المجهول منذ عرفته لكنها لم تتعجبها في نفسها ...
هي حقاً تحتاجه الآن ...كسند...
كوطن تدرك أنه لن يلفظها مهما بلغت ذنوبها عنان السماء ...


_وصلنا .
قالها باقتضاب خشن متحاشياً النظر نحوها فعادت ترمقه بنظرة جانبية وشعورها بالرهبة منه يزداد ...
وهنا فقط طفا لذهنها سؤال لا تدري كيف لم تنتبه له طوال هذه الفترة...

_دكتور مروان ...انت عرفت منين مكاني الليلة إياها ...وازاي قدرت تنقذني في الوقت المناسب؟!

خفق قلبه بعنف وهو يستعيد ذكرى هذه الليلة التي تحكي عنها والتي يحاول تناسيها ...
لكنه لا يملك الآن جواباً لسؤالها هذا ...
لهذا ظل ينظر أمامه متحاشياً النظر إليها مع قوله :
_مش مهم ...انزلي بسرعة عشان راكن مخالف.

رمقته بنظرة مغتاظة وهي تود لو تلكم هذا الفظ المعقد في أنفه ...
كلما يدفعها ضميرها للندم على ما فعلته به تزداد يقيناً أنه لا يستحق الأفضل!

لهذا ترجلت من السيارة لتصفق بابها خلفها بعنف قبل أن تتذكر ما جعلها تذهب إليه من الأساس فانحنت بجسدها عبر النافذة قائلة بصوت عاد إليه قلقه:
_خد بالك من يامن .

التفت نحوها لتلتقي عيناها بعينيه في لقاء قصير وجد صداه في نفسها ...
نظرته لم تكن فظة متعجرفة ككلماته ...
بل كانت دافئة حانية....وأيضاً عاتبة !

لكنه أفسد كل هذا عندما قال بنفس النبرة الخشنة:
_لما تبقي لابسة قميص قصير زي ده على بنطلون ضيق ما توطيش في الشارع كده !
انعقد حاجباها بدهشة للحظة قبل أن تعتدل في وقفتها بسرعة لتعدل ثيابها منتوية أن ترد عليه بوقاحة...
لكنه لم ينتظر ردها وهو ينطلق بالسيارة بسرعة تاركاً إياها خلفه تغلي غيظاً وحيرة ....
========






التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:37 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-18, 05:40 PM   #19

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


_أشرف!
تمتمت بها بين دموعها وهي تقف أمام فراشه في المشفى ...
لم تستطع الصبر عندما تأخرت عليها هانيا لتجد نفسها -على غير عادتها- تأتي إلى هنا وحدها ...
لقد أنقذوا حياته على آخر لحظة كما أخبرها الطبيب بالخارج لكنها وحدها تعلم أن الأمر لم ينتهِ ...
قلبها الذي توقف عن النبض منذ سمعت الخبر وحتى رأته الآن أمامها لن ينسى هذا الفزع الذي عاشه...
كيف فعلت به هذا؟!
كيف وجدت القوة؟!
أي قوة؟!!!
تخليها عنه كان منتهى الضعف!!
بل منتهى الحقارة بعدما كان بينهما من حب العمر!!

_أشرف ...انت سامعني؟!

فتح عينيه بوهن لتتسعا قليلاً عندما رآها قبل أن يعاود إغماضهما لتنهار جالسة جواره على طرف الفراش غارقة بدموعها ...
ذراعاها يتشبثان به مع كلماتها المبعثرة:

_لا...ما تغمضش تاني...افتح عينيك ...أنا عارفة إنك زعلان مني....أنا آسفة...بس ...انت فاهمني...انت الوحيد اللي فاهمني من غير ما أتكلم ...فاهم أد إيه بتعذب وانت مش معايا ...

انتهت كلماتها بفيض آخر من دموعها التي استسلمت لها للحظات ...
قبل أن تعاود رفع وجهها نحوه مردفة :
_أنا مش عايشة وانت بعيد...مش عارفة نفسي من غيرك...كل الوشوش بقت شبه بعضها وكل يوم بقى زي اللي قبله...عايشة بس على أمل إنك ترجع زي الأول وترجع لي كل حاجة معاك ...

ارتجف جفناه المغمضان وقد كانت هذه الاستجابة الوحيدة التي نالتها ...
لتهمس له بعدها بألم:
_أنا لما قفلت الشباك ما قفلتوش في وشك انت...قفلته في وش خوفي وعجزي وقلة حيلتي...الحرب اللي بعيشها كل يوم ومش عارفة أتصرف فيها لوحدي...انت عارف إني عمري ما خدت قرار لوحدي...عمرك ما سبتني أحس الإحساس ده ...أنا مش ندلة ولا بايعة...أنا تايهة يا أشرف...تايهة وخايفة ومرعوبة ومش عارفة أعمل إيه ...

لم تكد تتم عبارتها حتى ألقت نفسها على صدره من جديد ...
حتى وهو بهذا الوهن لايزال قادراً على منحها الدعم!

_انتِ بتعملي إيه هنا؟!

الهتاف المستنكر خلفها أجفلها لتنتفض مكانها وهي تلتفت نحو نشوة التي اقتربت منها مردفة:
_ليكِ عين تيجي لحد هنا بعد اللي عملتيه ؟! اتفضلي اخرجي .

مزيج من الشعور بالإهانة وقلة الحيلة جعلها تتيبس مكانها ...
لكن ...لا بأس !
أشرف سيتصرف كالعادة !
حتى وهو في هذه الظروف سيعنف شقيقته ويطلب منها هي البقاء!
صحيح؟!

لكن صمته الذي طال رغم فتحه لعينيه مراقباً الموقف جعل شفتيها ترتجفان وهي تلتفت نحوه متمتمة بتساؤل:
_أشرف...أخرج؟!
_......
باستنكار تكررها:
_أخرج؟!
_....
بعدم تصديق:
_أخرج؟!
_.....
برجاء:
_أخرج؟!

كانت تتمتم بها في كل مرة بشعور مختلف لكن جوابه الصامت ظل كما هو ...
لقد خذلها كما خذلته...
جازاها عن سلبيتها سلبية...والبادي أظلم !

_أخويا هيقوم بالسلامة بيكي أو من غيرك...هيقوم عشان نفسه وعشاني وعشان بنتي وعشان مصنع أبونا يرجع زي زمان ...ودلوقت من فضلك سيبيه عشان هو محتاج يرتاح .

قالتها نشوة بنفس النبرة اللائمة لتتجمد دموع رانيا على وجنتيها وهي تعود ببصرها نحو أشرف الذي نظر إليها نظرة لم تفهمها ...
لأول مرة لا تجد لغته سبيلاً لأذنيها ...
قبل أن يشيح بوجهه عنها في حركة قاتلة لامرأة بوضعها !!

لم تشعر بنفسها كيف لملمت ذراعيها اللذين كانا متشبثين به جوارها ...
كيف حملتها قدماها لتقف ...
لتغادر الغرفة ...
لتهبط درج الطابق دون وعي ...
الطنين الذي طغا على كل ما حولها يجتاح أذنيها ...
خاسرة!
خاسرة!
هل بعد كل هذا خسران ؟!

_رانيا!
ظل يامن يرددها بقلق وهو يجدها على هذا الحال أمام مكتب
الاستقبال في المشفى لتلتفت نحوه تغمغم بعدم تصديق:
_أشرف طردني ...خلاص ما بقاش عايزني .

عقد حاجبيه بقوة وهو يتأوه بخفوت ليربت على ساعدها قائلاً بنبرته المهتزة:
_المهم إنه بخير...معلش...هو أكيد لسه مش في وعيه ...


قالها ليجذب جسدها المتيبس نحو الخارج بينما يبذل ما بقي من طاقته كي يسيطر على انفعالاته ...
_هنرجع له بكرة يكون بقى أهدى ...المهم إننا اتطمننا عليه ...

_أشرف طردني...
ظلت تتمتم بها شبه واعية طوال الطريق وكأنها لا تصدق أنه فعلها هكذا ببساطة...
بينما كان يرمقها هو بنظرة آسفة وقلبه يكاد يتمزق من مشهدها الموجع هذا ...
ها هو ذا حصاد يده !!
"بنات قلبه" اللائي قضى عمره يحاول حمايتهن وإسعادهن الآن هو سبب تعاستهن كلهن!

_احنا رايحين فين؟!
سألته وهي تستعيد بعض إدراكها مراقبة الطريق الذي تسير به السيارة ليخبرها باقتضاب عن حادث هانيا محاولاً التلطف ...
ظلت تصرخ بجزع للحظات فاضطر لإيقاف السيارة كي يهدئها ....
كان يعلم أن الأمر لن يكون يسيراً مع شخصيتها هي بالذات ،
والتي زادتها مواجهتها الأخيرة مع أشرف انكساراً ...
لهذا ظل يحاول تهدئتها متوقعاً المزيد من دموعها ...
لكنه لم يتوقع صراخها الهائج وهي تواجهه لأول مرة بهذه الحدة:
_ابعد عني...ماعدتش هاسمع كلامك...انت السبب في كل اللي حصل لي ...في كل اللي بيحصل لنا كلنا ...انت السبب .

ارتد بوجهه عنها مصعوقاً من هجومها المفاجئ قبل أن يجتاح
الألم ملامحه بعدم نكران ...
هو لم يكن يحتاج أن يسمعها ...
هو يحترق بها في كل لحظة...
ويبدو أنه سيظل يفعل طويلاً...
========
سيارته تتوقف في مكانه المنعزل المفضل بعدما أقلّ رانيا للمشفى ليترك كل شيئ خلفه ويأتي إلى هنا ...
لم يعد يستطع التظاهر ...
لم يعد يملك رغبته في أن ينهار وحده ...
كما تعود طوال عمره ...

يترجل من السيارة ليتحرك بضع خطوات ...
السماء مظلمة تماماً هذه الليلة وكأن الكون بأسره ساخطٌ عليه !


رأسه يفور بأفكاره والمشاهد تتوالى بعينيه تباعاً...


_ابنك مات خلاص يا يامن....ما عدتش محتاج تخطط عشان تخلص مني ومنه...مات من غير ما تحضنه مرة واحدة ...خللي شكوكك تنفعك وانت بتتعذب كل يوم بذنبه .

بصوت سيلين الغاضب يسمعها فتكوي صدره بالندم ...
صور الصغير التي طالما تهرب منها تطفو الآن تباعاً في ذاكرته لتسيل دموعه دون توقف ...

_وانت مكلمني عشان أواسيك؟! للأسف مش هاقدر ...وعلى فكرة...انت ما خسرتش ابنك من سيلين بس...انت خسرت ابنك مني أنا كمان.

بصوت ياسمين مستحدث القسوة تدوي في ذاكرته فلا يشعر بساقيه يتخاذلان ليسقط مكانه على الأرض ...
يريد الصراخ هاهنا حيث لا يسمعه أحد...
يريد الاختباء...كما كان يفعل وهو بعد طفل صغير عندما كان يخشى بطش أبيه أو يخجل من عار أمه...
يريد الهروب من ذنوبه...من همومه...بل من نفسه !!

مشهد هانيا غائبة عن الوعي وأمامها رامز الذي ساعد -هو- في زيادة الهوة بينهما ....
مشهد داليا بثوبها الممزق ليلة وجدها في قسم الشرطة ومشهدها بعد محاولتها الفاشلة للانتحار ...
مشهد رانيا المصعوقة بعدما حدث واتهامها له بأنه السبب ...

مشهد تلو مشهد ...
خنجر تلو خنجر يطعن في صدره وهو عاجز عن مقاومة الألم...

يفتح كفيه ببطء أمام عينيه وكأنما يروعه أن يراهما الآن ...
خالييْن!
حقيقة ومجازاً!!
حصاد هذا العمر كله الآن...صفر!

لقد سقط في بئر الخسران الذي ظل عمره يدور بحذر على حافته ...
وليته سقط وحده...بل جذب كل من أحبهم ليسقطوا معه !

هنا لم يشعر بنفسه وأنامله تمتد لتقبض على حفنة من التراب قبل أن يرفعها ليسقطها على رأسه !!

رائحة التراب المبلل بالندى في هذا الوقت تزكم أنفه وتعاند كل طباعه الوسواسية بالنظافة لكنه لا يبالي...
بل بدا وكأنه يعاقب نفسه بنفسه !!


_يامن!
بوجل يهمس بها مروان الذي وصل لتوه بعدما أدرك بحدسه لأين سيلتجئ يامن في هذه الظروف...
ليروعه المنظر!!!
يامن جالس على الأرض يبكي ويهيل على رأسه التراب...
حتى أنه لم ينتبه لوجوده!!

أجل...
حتى عندما جلس قبالته على الأرض لم يتوقف عن وضع التراب على رأسه بحركة آلية بطيئة تزامنت مع بكائه المرتجف...
هز مروان كتفيه بقوة يحاول إعادته لحالته الطبيعية مع هتافه المنفعل:
_امسك نفسك يا يامن ...كل حاجة هتتحل .
لكن الأخير بدا وكأنه في عالم آخر من هواجسه السوداء التي ابتلعت روحه في ظلمتها ...

لهذا جذبه مروان ببعض العنف ليوقفه مكانه قسراً بينما يهتف بنفس القلق :
_اتكلم...طلع اللي جواك ...أنا عارف إن اللي حصل مش سهل...بس ما تسيبش نفسك تنهار ...انت أقوى من كده...
_أنا ؟! أنا ؟!
يتمتم بها يامن وسط بكائه و نظراته الزائغة ليشد مروان على ساعديه فيلتفت نحوه مردفاً بتشتت:
_أنا مش عايز أبقى أنا ...زهقت إني أبقى أنا...

صرخ بعبارته الأخيرة فجأة ليشق صوته صمت المكان حولهم ...
فدمعت عينا مروان وهو يراه ينفض ذراعيه هو عنه ليستمر في صراخه الموجع:
_مش عايز أبقى حريص...مش عايز أبقى موسوس...مش عايز أمشي جنب الحيط وأنا فاهم إني كده في أمان...مش عايز أتظلم بس خايف أظلم...مش عايز أتجرح بس غصب عني بجرح....أعمل إيه ؟! أعمل إيه؟!!

صمت مروان قليلاً محاولاً منحه الوقت الكافي لاستيعاب انفعالاته ...
كان يعلم أن ما يمر به صديقه ليس بالهيّن!


الطوفان الذي بدأ بفضيحة ياسمين التي تناقلها الناس،
مروراً بطلاقه لها رغم أنه يدرك أنه لم يعشق امرأة كما عشقها ...
وفساد حياة بنات خالته اللاتي يعدهن بناته هو ...
وانتهاء بأحداث الليلة العصيبة...
كل هذا يحمله يامن على عاتقه وحده !

_ساعدني يا مروان .
تمتم بها يامن أخيراً وهو يستند بجبهته على كتف صديقه وكأنما استنزفته انفعالات الدقائق الأخيرة كلها ...
ليربت مروان على ظهره قائلاً:
_انت عارف إن انت صاحب عمري وعمري ما أتخلى عنك.

ظل يامن على وضعه للحظات قبل أن يرفع إليه عينيه بقوله:
_عايزك تشوفلي دكتور كويس ...عايز...أتعالج.

تلكأت حروفه الأخيرة فاضحة عذاباته لتتسع عينا مروان بتأثر وهو يدرك قيمة اعتراف رجل كيامن بهذا الأمر ...
لكنه أيضاً كان يعرف أنه يحتاج هذا فعلاً...
لهذا صمت قليلاً قبل أن يرد:
_أعرف حد كويس جداً...بس هتثق في رأيي؟!
أومأ يامن برأسه وهو يرفع إليه عينين منهكتين ليستخرج مروان من حافظته بطاقة بعينها ناوله إياها ...

_ياقوت سليمان...لو فعلاً بتثق فيا هتثق في اختياري .
========






التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:38 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-18, 05:42 PM   #20

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


أجواء القرية الساحرة من جديد...
موعد عودتها الأسبوعي من العاصمة التي تقضي بها أغلب أيامها لكنها تعود هنا لتقضي عطلة الأسبوع مع جدتها ...
"الحاجة ثَمَر" التي عاشت عمرها متكيفة مع مهنتها التي يراها البعض مهيبة ذات رهبة ...
"مغسلة أموات"!
أجل ...مهنة غريبة تؤديها تطوعاً بعد مصابها في ابنتها لكن كما يبدو أنها كانت طريقتها لتهوين الأمر على نفسها ...
كلما تذكرنا الموت هانت في عيننا نوائب الحياة !

تبتسم بترقب ممتزج بالسخرية وهي تتوقع المحادثة التي ستسمعها عندما تضع قدميها على أول الطريق ...

_بنت أشواق أهه رجعت من مصر؟!
_البيضا واللا السودا؟!
_السودا!
_سودا سودا بس دمها زي العسل...ربنا يكرمهم وما يجعلش حظهم زي أمهم!

المحادثة التي تسمعها كل مرة تقريباً بنفس المنوال للمرأتين الجالستين على سلم بيتيهما على الطريق تتابعان الرائح والغادي ...
يظنانها لا تسمع !!
أو ربما تعلمان ولا تكترثان!!
من هي كي يعيرها أحدهم انتباهاً؟!!
هي دوماً طرف المعادلة الذي يساوي الصفر!!

ولدتها أمها مع شقيقتها كتوأم غير متماثل لتنال شقيقتها النصيب الأعظم في كل شيئ بينما لا يتعدى نصيبها هي القشور!
الجمال ...التعليم...الذكاء...العمل...ا لحب ...
كل هذا تحصده شقيقتها باقتدار يليق بها بينما لا يليق بها هي إلا الفشل !

صوت نهيق حمار قريب يقطع أفكارها فتلتفت هناك نحو رجل طيب منحها ابتسامة ودعاء فابتسمت بدورها وهي تشعر برائحة القرية تعاود منحها الأمان رغم كل شيئ...
هنا الناس الطيبون الذين قد تحمل كلماتهم بعض الجفاف لكن قلوبهم بفطرتها تميل للحب ...
تعثرت في قالب طوب على الطريق فأطلقت سبة قصيرة ليتبادر لسمعها صياح الأطفال الضاحكين حولها:

_هاقول لأمك يا سامي إنك بتكعبل الناس في الطريق ...هتعلقك!

قالتها ل"الشيطان الصغير" الذي تعلم أن هذه واحدة من هواياته المؤذية ...
ليتراقص الصغير بجسده يميناً ويساراً في حركة لامبالية جعلتها تضحك رغماً عنها مدركة أنها لن تنفذ تهديدها ككل مرة ...

استمرت في طريقها عبر شوارع القرية الضيقة حتى وصلت أخيراً لبيت جدتها لتهتف بمرحها المعهود :
_أنا جيت يا حاجة "ثمر"..."أوبرا" وصلت!

كانت تطلق على نفسها هذا الاسم منذ رأت جدتها هذه المذيعة الشهيرة على شاشة التلفاز لتقول لها بعدم تصديق:
_شبهك قوي الست دي...شفتي يا بت...البخت مش بالجمال.

جدتها العفوية لم تكن تجد غضاضة في تذكيرها كل مناسبة أنها ليست في جمال شقيقتها ...
ربما لأن المرأة العجوز -بعد مصابها في ابنتها الفاتنة- أدركت أن جمال المرأة قد يكون وبالاً عليها ...

لكن -لجين- لم تكن تعلن ضيقها من هذه التعليقات ...
على الأقل هي تنجح في مداراة هذا الضيق بمزاحها الساخر وضحكتها التي لا تكاد تغادر شفتيها ...
هي تعودت تقبل خسائر الحياة منذ تعلمت أنها ليست عادلة !

_حمدالله ع السلامة ...خسيتي كده ليه يا بت...أكيد ما بتاكليش!
هتفت بها الحاجة ثمر وهي تتفحصها ببصرها لتقترب منها فتعانقها بحنان دافق قبل أن تقرص وجنتها بقولها التي تميزه لكنتها الريفية:
_عاملالك طاجن معمر ودكر بط يستاهلوا بقك ...خشي غيري هدومك وتعالي .
ابتسمت لجين وهي تقبل يد جدتها لتداعبها بقولها:
_الشوية اللي أخسهم باجي هنا أعوضهم...افضلي كده زغطيني يا حاجة ثمر لحد ما أربرب وأبقى شبه دكر البط الغلبان اللي دبحتيه .
ضحكت ثمر عبر أسنانها التي فقدت بعضها مع السن لتقول ملوحة بكفيها:
_ياختي كلي...هي الست تبقى ست إلا لما تربرب كده وتسمن وتملا عين العدو.

ضحكت لجين بانطلاق لترد مستسلمة:
_طول الأسبوع بحاول أنسى كلامك ده بس آجي هنا والروايح تشعشع...تسلم إيدك يا حاجة.
ابتسمت المرأة وهي تدعو لها بحرارة لتبتعد عندما سمعت صوت الآذان مع قولها:
_هاصلي العصر على ما تغيري هدومك .

تنهدت لجين بشرود وهي تراقب ابتعادها قبل أن تتلفت حولها بحذر وهي تقترب من السلم الداخلي للبيت والذي يقود لغرفة صغيرة جداً يستخدمونها في التخزين ...
هبطته بخطوات متمهلة كي لا تسمعها المرأة ولم تكد تصل لبغيتها في ذاك الإناء الفخاري المدفون هناك في مكان لا يعرفه سواها حتى انحنت على ركبتيها لتزيح قطعة القماش القديمة عن فوهته ...
ألقت نظرة سريعة تطمئن على كنزها الصغير قبل أن تفتح حقيبتها بسرعة لتضع "حصيلة" هذا الأسبوع ...
خاتم -ماسي- التمع فصه في الضوء لتلتمع معه عيناها قبل أن تقبله قبلة تقدير وتضعه مع بقية كنزها هناك ...
أناملها تعمل بسرعة لتعيد إغلاق الإناء الفخاري وإخفائه كما كان ...
قبل أن تتنهد بارتياح وهي تستقيم واقفة لتغادر المكان بخفة صاعدة نحو غرفتها ...
لكنها ما كادت تفعل حتى سمعت طرق الباب بتلك الطريقة التي لا تميز سوى شخص واحد...
لهذا ابتسمت وهي تهرول نحو الباب لتفتحه هاتفة بعاطفة لم تستطع إخفاءها:
_ياقوت! حمدالله ع السلامة .
=======

وقفت أمام مرآتها تتأمل شكلها بعينين فقدتا بريقهما المعهود...
زين يلح في لقائها منذ وصل إلى هنا وهي تؤخر هذة اللقاء كل مرة بعلة مختلفة ...
لكن إلى متى الهروب؟!
فلتقابله ولترَ ماذا يريد !

كانت تمسك بيمينها ثوباً رمادياً يضيق عند الصدر ويتسع كثيراً بعده بذاك الطراز الذي يميز الثياب التي ترتديها النساء في فترة الحمل ...
بينما حملت يسارها ثوباً أكثر أناقة من ال"دانتيل" بلون "المسطردة" المميز لموضة هذا العام وقد جعله تصميمه المميز بقَصة في منتصف الخصر يخفي بطنها الذي كان قد بدأ بروزه...
رفعت كليهما أمام عينيها بتردد لا تدري أيهما ترتدي...
أنوثتها -المهدورة المطالبة بالقصاص- تميل للثاني ...
لكن "أمومتها" التي طالما اشتاقت الإحساس بها تتشبث بالأول !

ورغماً عنها ارتسمت على شفتيها ابتسامة واهنة وهي تتذكر فرحتها عندما علمت بهذا الحمل ...
عندما ظنت أنها بلغت عنان السماء بحلم ليس كمثله حلم...
بحب ليس كمثله حب ...
قبل أن تسقط من عليائها ليدق عنقها بكل قسوة!!

_ما تخافش...مش هاكرهك...بالعكس...هاحبك الحب اللي ما قدرش هو يحبهولك...أو يحبهولي...هاحبك أد ما حبيته...وأد ما كرهته!

همست بها بألم تحدث صغيرها عبر المرآة قبل أن تتأوه بخفوت لتلقي الثوبين أرضاً بينما تتهاوى جالسة على الفراش...
ملامحها تحكي ألف حكاية للوجع...للخيبة...للخذلان...
كيف تصف شعورها عندما سمعت صوت يامن في تلك المكالمة أخيراً بعد فرقة هذه الأشهر...
كيف تصف زئير كبريائها ... صهيل غيظها...زمجرة رغبتها في الانتقام...
ووسط كل هذا عويل قلب بائس تعلم الكره بعد طول حب...
تدركون معنى أن يتعلم القلب الكره بعد طول حب؟!
أن تكفر النبضات بسيدها ومرشدها وهاديها؟!
أن يعاند الدم مساره في الأوردة حتى ولو فيها الهلاك؟!
أن تنكتم الأنفاس طوعاً حتى تختنق الروح قبل الجسد؟!
حب؟!
ألا لعنة الله على هكذا حب !!

طرقات رفيقة على باب غرفتها تحيل ملامحها من النقيض للنقيض...
الحدة المكسورة تعاود رسم قناعها لتستقبل أباها بقولها المتحفز:
_قبل ما تسأل ...أنا خارجة أقابل زين...مش عايزة نصايح لأني مش هاسمع غير كلام نفسي وبس.

تنهد الرجل بحرارة وعيناه تميزان في مشهد الثوبين المرميين على الأرض صراعها الذي تخفيه عنه ...
ربما كانت تصرفاتها هذه لتثير غضبه في أي موقف آخر لكن الآن هو لا يشعر معها سوى بالذنب...والقلق!
ابنته التي طالما كانت شمساً يفتخر بها اليوم صارت كرة من نار تحرق كل من يقترب منها وتحترق هي قبله...
لهذا تمسك بحكمته وهو يجلس جوارها على طرف الفراش قائلاً برفق:
_ماشي...بس انتِ عارفة معنى إنك توافقي تقابليه دلوقت إيه؟! عندك استعداد في المرحلة دي تدي أي وعود؟!
لكنها لم تبدُ حتى وكأنها تفكر أو فكرت في شيء بل تجمدت ملامحها مع قولها :
_هاسمع منه الأول ...زين عاقل ودماغه موزون ...أكيد مش هييجي لحد هنا إلا لو محدد موقفه كويس.
_وموقفك انتِ؟!
غمغم بها بضيق لم يملك كظمه وهو يشير لبطنها مردفاً:
_انتِ مش بتختاري مصيرك لوحدك...فيه روح تانية دلوقت متعلقة فيكِ...اعقلي كل خطوة بتمشيها.
ضحكتها الساخرة قاطعت عبارته وهي تقف مكانها بنظرات ذات مغزى ليزفر هو قائلاً بانفعال:
_عارف انتِ عايزة تقولي إيه ...عشان اللي في دماغك بالضبط مش عايزك تكرري غلطتي...انتِ بالذات مش هتستحملي تعيشي بذنب طفل تايه بين أمه وأبوه.

هنا تحولت سخرية ابتسامتها لبعض الحسرة لتشرد ببصرها قائلة:
_أبوه مش هايبقى أصلاً عايزه...هيفضل طول الوقت شاكك هو ابنه واللا لأ...عارف ده معناه إيه؟!
_مش يمكن لو سمع منك أنت الحقيقة يصدقك .
قالها برجاء خفي لتجيبه بنفس النبرة الشاردة:
_يااااااه...ياما زمان سمع مني...ياما قال إنه بيصدقني وإني عنده غير كل الناس ...لكن وقت الجد اكتشفت إن اللعبة خسرانة.
التمع إشفاق غامر في عينيه...هذا الذي استفز كبرياءها لتعاود "حدتها المكسورة" تناول الدفة بقولها :
_أنا اتأخرت على زين ...من فضلك سيبني أغير هدومي .

هز رأسه بيأس من مجادلتها ليقوم فيغادر الغرفة إلى صالة منزله الواسعة حيث استقبلته زوجته بقولها المستنكر:
_أنا مش عارفة إنت إزاي متهاون معاها كده...لو حد شافها مع زين ده هتأكد على نفسها الفضيحة...احنا ما صدقنا الموضوع اتلم شوية بعد ما رامي اعتذر وقال الفيديو متفبرك.
فصمت قليلاً دون رد لتردف بنبرة إكثر ليناً :
_يمكن ماليش حق أتدخل لأنها مش بنتي...بس كفاية تكون بنتك انت وأخت عابد عشان أخاف على مصلحتها زيه بالضبط...
رفع إليها عينين ممتنتين ثم أحاط كتفيها بذراعه ليجلس جوارها على الأريكة قائلاً :
_أنا فاهم ياسمين كويس...ظروف تربيتها خلت عندها هوس بالكمال...استحالة تعترف لنفسها إنها ضعيفة أو محتاجة حد...زي ما هو مستحيل تتقبل فكرة إنها تغلط...حشرت نفسها في قالب الست المثالية ...عشان كده اللي حصل عمل لها عدم اتزان...ياسمين مش عايشة مجرد صدمة عاطفية عشان جوزها سابها...ياسمين دلوقت بتدافع عن إنجاز سنين عملته لوحدها ...إنجاز مش هتسمح لحد يشكك فيه...إنجاز اسمه "ياسمين ذو الفقار" نفسها.
رمقته بنظرة مستفسرة ليتنهد مردفاً:
_والدتها الله يرحمها علمتها تحول كل نقط ضعفها لقوة...عاشت طول عمرها تخبي ضعفها جواها وتترجم حزنها وألمها لنجاح...حتى لما اتجوزت رامي وطلع حيوان قعدت فترة تحاول معاه رافضة مبدأ الفشل...وبعد طلاقهم فتحت المطعم وأصرت تنجح في حياتها العملية...كل ده جميل قوي من بره...لكن الحقيقة إنها ما عالجتش نفسها من جوه...عشان كده طبيعي دلوقت تنفجر...تثور...تتمرد ...تتصرف عكس طبيعتها القديمة ...ودوري دلوقت أبقى جنبها بس من غير ضغط ...عشان وقت اللزوم أقدر أحميها من نفسها.
همهمت بتفهم لتربت على كفه ثم سألته بفضول:
_انت عايزها ترجع ليامن ده ؟!
_أنا عايزها ترجع لنفسها الأول .
قالها حازماً قبل أن يفسر باستطراده :
_أنا كنت رافض الجوازة دي من الأول ...لكن هي أصرت...ومع الوقت ابتديت أحس بتأثير يامن عليها...ياسمين حرفياً زي ما تكون اتفتحّت معاه...ضحكتها...كلامها...هزار� �ا...نجاحها...كل ده كان له شكل تاني بعدما اتجوزته...وبصراحة أنا عاذره في موقفه بعد اللي شافه...أي راجل مكانه مش هيعديها خصوصاً إنها رفضت تدافع عن نفسها.
_شكلي هابتدي أغير رأيي...فعلا ساعات الحب لوحده ما بيبقاش كفاية...ياسمين حبته وهو خذلها...إنما زين ده شكله شاريها قوي ...جاب لها حقها من رامي...وواجه يامن بالحقيقة...ده حتى جه وراها لحد هنا...ممكن فعلاً يكون علاجها الحقيقي .
قالتها زوجته بحماس ليزفر بحنق قائلاً:
_أنا لو شفت زين ده قدامي هاضربه...انت ناسية إن هو السبب أصلاً في مصيپتها دي؟!
_غلطة وشكله ندم عليها وبيحاول يصلحها ...مادام پنتك عنيدة زي ما بتقول خللينا ندي زين ده فرصة...
قالتها ببعض الحيرة لتردف بقلق حقيقي:
_عابد راجع من السفر بكرة...وخايفة من أول مقابلة بينهم...انت عارف أفكاره الجديدة.
فتأوه وجدي بقوة ليقول حانقاً:
_أهه عابد ده يستاهل القلق أكتر منها...ربنا يستر.
=======







التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:38 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.