آخر 10 مشاركات
Married to a Greek tycoon by Lucy Monroe (الكاتـب : SHELL - )           »          الزواج الملكي (109) للكاتبة: فيونا هود_ستيوارت.... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          443 - سر الأميرة - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-02-19, 02:42 PM   #551

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ياقلبي في انتظارك
دائماً
امووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووو ووه




Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 03:37 PM   #552

ميار111

? العضوٌ??? » 323620
?  التسِجيلٌ » Aug 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,400
?  نُقآطِيْ » ميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond repute
افتراضي

دووووووم مبدعه نرمين

يعجز الكلام عن وصف ابداعك

تغير الاحداث بسلاسه و بشكل مقنع تماماً

بالاول كنت خايفه من قلب قلت لااااا

مو معقول زين و ياسمين

لكن بعدها الاحداث ناااار


رووووعه يا كل الروعه تسلمي


ميار111 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 08:53 PM   #553

Omnya2014

? العضوٌ??? » 425863
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 110
?  نُقآطِيْ » Omnya2014 is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور
😍😍😍😍


Omnya2014 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 09:55 PM   #554

جنة محمود
 
الصورة الرمزية جنة محمود

? العضوٌ??? » 291127
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 624
?  نُقآطِيْ » جنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووووووووووووور

جنة محمود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 10:21 PM   #555

الوفى طبعي الوفى

نجم روايتي ومُحيي عبق روايتي الأصيل

 
الصورة الرمزية الوفى طبعي الوفى

? العضوٌ??? » 375323
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,359
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » الوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond reputeالوفى طبعي الوفى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضور للفصل

الوفى طبعي الوفى غير متواجد حالياً  
التوقيع
تمردت على قلبي وتنكرت لمشاعري... فأنا رجل له ماض.. وان صدف ان سمعتني اناديك بفاتنتي فاهربي, فتلك ستكون لحظة انهياري..

[imgr][/imgr]

[imgl][/imgl]
رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 10:57 PM   #556

Statin

? العضوٌ??? » 404704
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 221
?  نُقآطِيْ » Statin is on a distinguished road
افتراضي

ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد

Statin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 10:58 PM   #557

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

القطعة التاسعة
======
جميلٌ جداً ثوب "الضحية"!
خفيفة هي خطايانا عندما نلقيها على غيرنا...
مريحٌ هو ثوب الشفقة عندما يستر عورة فشلنا...
زهيدٌ هو الحب عندما نقايضه ب"راحة بال"!
هشة...رقيقة...واهنة...
هكذا شكلت أنت صنمي في محرابك ...
فكيف لي أن أكسره؟!
"رانيا"
***********











"هُرَيرتي " الناعمة ...
من أغرقتها تدليلاً حتى نسَت أن لها هذه "المخالب"!
أغمضي عينيكِ ...تهجيّْ اسمي وتذكري ...من أكون ...
حرف بعد حرف بعد حرف...
عام بعد عام بعد عام...
أجل يا "مخملية" الفراء ...يا "ناعمة" الأظافر...
أنا "العمر" الماضي والآتي...
اغضبي...اصرخي...ثوري...
لكن تذكري...
عندما تعصف الريح في وادينا...
فليس ل"برد" قلبك إلا "دفء" أحضاني.
"أشرف"
***********






_ريما!
هتفت بها رانيا تناديها أمام باب مدرسة الأولى التي هرعت إليها لتضمها بقوة ...
فاحتضنتها رانيا بحنان لتهتف بها :
_ماما نشوى،مشغولة النهاردة في المصنع ...هاخدك عندنا البيت .
_خالو أشرف جالي النهارده !
هتفت بها ريما وهي تنزع حقيبتها عن كتفها لتهتف رانيا بلهفة فرحة :
_بجد ؟! أشرف كان هنا ؟! فين ؟! فين ؟!
قالتها وهي تتلفت حولها بتحفز لكن الصغيرة هتفت وهي تفتح حقيبتها :
_مشي ...وسابلك ده .

قالتها وهي تناولها ورقة كبيرة مكتوبة بخط يده الذي تعرفه ...




(كان ممكن أبعتلك رسالة ع الفون بس قلت أكتبها بخطي عشان تطمني إني كويس ...كنت محتاج أبعد عشان أفكر في اللي جاي ...عشان ألاقي نفسي تاني ...انتِ كمان محتاجة تلاقي نفسك بعيد عني ...بعيد عن الجرح اللي كل واحد فينا جرحه للتاني....بعيد عن السور العالي اللي بنيته حواليكي وكنت فاكر إني بحميكي وراه لكن للأسف وقت الجد اكتشفت إني كنت غلطان ...أنا خلاص لقيت طريقي بتمنى انتِ كمان تلاقي طريقك...ويمكن لو طلعنا محظوظين يتقابلوا الطريقين في الآخر)

لم تنتبه لسيل دموعها الذي أغرق وجنتيها وهي تعيد قراءة رسالته التي بدت لها كرسالة وداع إلا عندما هزت ريما كتفها لتهتف بإشفاق :
_هو كويس قوي ...كان بيهزر ويضحك معايا زي زمان ...بتعيطي ليه ؟!أكيد هيرجع!

_هيرجع!
تمتمت بها رانيا بيقين وهي تمسح وجهها بكفيها قبل أن ترسم ابتسامة مصطنعة على شفتيها وهي تمسك بكف الصغيرة لتغادر معها بينما كفها الآخر يقبض على رسالته بقوة ...
فلتحمد الله أولاً أنه بخير بعدما كادت تموت قلقاً عليه طيلة الأيام السابقة ...
هو لايزال يظنها الفتاة القديمة الهشة التي ستجعلها رسالة كهذه تمضي في طريقها بعيداً عنه ...
لكنه لا يدرك أنه من رحم المتاعب تولد قوتنا ...
وأن الخسارة تمنحنا مهارة تمييز المذاق الحقيقي للمغنم!
وهو دورها لتثبت له أنها حقاً تغيرت دونه...
وأن الحب الذي جمع بينهما صغاراً سيبقى يظللهما حتى يواريهما التراب ...
======













_أكتب لك حاجة تاني؟!
سألها رامز بحماس وهو يجلس جوارها على مائدة السفرة حيث فرشت هانيا أوراق رسالتها بفوضوية كالعادة ...بينما حاسوبها المحمول يتوسطهما معاً حيث يساعدها في البحث والنقل ...
لترمقه بنظرة امتنان طويلة سبقت قولها :
_تعبتك النهارده قوي ...بس هانت ...كلها كام يوم وأفك الجبس .

لكنه ابتسم بخبث لتضيق عيناه بنظرة تعرفها مع قوله العابث:
_أيوة بقا ...عايزين نعرف نلعب ...
تشيح بوجهها في خجل لكنه يحيط كتفها السليم بذراعه ليقربها نحوه بخفة مردفاً بنفس الخبث:
_بلاي ستيشن...إوعي تفهميني صح!

تضحك بانطلاق وهي تخفي وجهها في صدره ليداعب شعرها بأنامله قبل أن يفك عقدته ليهتف بها بمرح:



_كل مرة رامز يقول فكي الكحكة...هانيا تقول مبحبش شعري مفرود ...رامز يقوللها هتفرديه ...هانيا تقولله مش هافرده ...وفي الآخر يكتشف إنها بتدلع عشان عايزاه هو اللي يفكهولها !
_أنا بتدلع؟!
تهتف بها باستنكار وهي ترفع وجهها نحوه ليخبط على صدره بكفه قائلاً باعتذار مصطنع:
_العفو يا باش شاويش...الدلع ده للستات التوتو ...إنما انتِ بتعرفي تخطفي القلب كده من غير حركات !

توهجت عيناها ببريق حقيقي وهي تجد في عبارته -رغم هزلها- ما تود حقاً سماعه ...
طوال الأيام السابقة وهو يحيطها بعاطفته غير المشروطة متقبلاً كل هواجسها المتشككة في نجاح زواجهما ...
يدللها كما لم تعرف قبلاً في حياتها ...ينهي عمله مبكراً كي يعود ويساعدها في إتمام دراستها ...
يتغافل عن "عقدتها القديمة" التي ازدادت حدة تطرفها وهي تصر على غلق الأنوار في كل مرة يتواصلان فيها جسدياً ...
الغريب أنها تتحفز منه لأي خطأ تثبت به لنفسها أنها كانت محقة وأنه لن ينجح في اختبارها له ...
وكأنها تريد الهرب من مواجهة شعورها الجديد بالنقص...
لكنه لا يترك لها الفرصة لتفعل !
بل يبدو شديد التفهم...
وافر القناعة بما تمنحه ...زاهداً فيما تمنعه !!

لهذا كافأته بالكلمة التي تدرك كم صار يحبها منها :
_بحبك .
فالتمعت عيناه هو الآخر وهو يتحسس ملامحها بأنامله ليهمس أمام عينيها :
_انتِ عارفة إنك بقيتِ بتقوليها كتير اليومين دول ؟!
_أبطّل؟!
ببعض التحفز تهمس بها ليميل على شفتيها هامساً بما شعرت به صادقاً لأبعد حد :
_الطبيعي إن الحاجة كل ما بتزيد قيمتها بتقل ...إلا في دي ...بحس إني عمري ما هازهق منها ...مش بس محتاج أحس بيها ...لأ...أسمعها منك ..

انتهت كلماته بين شفتيها ليغيب معها في رحلة قصيرة عبر غمام عاطفة تزداد قوة نسيجها يوماً بعد يوم ...
رغم أنه يدرك أنها لا تزال عالقة بشباك هواجسها لكنه سينتظر ...
لهذا أبعدها أخيراً ليتطلع نحو عينيها المغشيتين بعاطفتها هامساً :
_مضطرين ناخد فاصل قبل أن نواصل ...ماما مستنيانا
ع العشا.

ابتسمت بمرح وهي تقف مكانها لتزيح كرسيها قائلة :
_ربنا يجعله بس فاصل خفيف .
شعر أنها تخفي شيئاً خلف عبارتها فسألها وهو يقف بدوره :
_حصل بينكم حاجة ؟!
مطت شفتيها دون رد ليصدر همهمة خافتة سبقت قوله :
_الموضوع إياه !

_مش ممكن يا رامز ...قايمة نايمة تحلم
بالبيبي ...محسساني إني ماليش قيمة في الدنيا
إلا بيه ...أنا عارفة إنها بتعاملني كويس جداً وخصوصاً بعد اللي حصل مؤخراً...وبصراحة ما بتضغطش عليا بكلام يتاخد عليها ...كله ع المحسوس بس أنا فعلاً متضايقة
لإني حاسة إنها زعلانة .

ابتسم وهو يربت على وجنتها ليقول برفق:
_ما هو لو سيف يتلحلح كده ويعملها هتلاقي حد تاني تحط عليه أملها في حمل اسم العائلة المصون...لكن قدرك يا بنتي تبقي الشماعة الوحيدة المتاحة حالياً لتعليق
الأمنيات .

هزت رأسها توافقه لتعاود سؤاله بحذر:
_هو صحيح سيف مابيتجوزش ليه ؟!
_عاقل!
قالها وهو يحرك حاجبيه مغيظاً إياها لتخبطه في كتفه بكفها الحر فضحك ضحكة قصيرة ليردف ببعض الأسف:
_أنا آخر واحد ممكن تسأليه عن سيف ...طول عمره شخصية مقفولة على نفسها ...العاقل اللي مخه أكبر من سنه ...راجل البيت بعد أبوه...لكن أنا كنت عامل دور أحمد رمزي في الفيلم ...
ضحكت للتشبيه المطابق فابتسم بدوره مردفاً :
_عشان كده طول عمرنا بعاد عن بعض ...أنا بالنسبة له الماجن الزنديق...وهو بالنسبة لي معقد ومكلكع ...بس أقوللك الحق ...ساعات بحس إني لو كنت سمعت نصايحه من زمان كانت فرقت معايا كتير .

أومأت برأسها موافقة ثم ترددت لتسأله بحذر:
_تفتكر ...هو وغادة ...ممكن ؟!
عقد حاجبيه للحظة والخاطر يصدمه ليكرر خلفها :
_هو وغادة إيه ؟! لا لا لا ...مستحيل طبعاً !
_ليه مستحيل ؟!
_أولاً ...مش راكبين على بعض ...هو يمين وهي شمال ...
ثم تنحنح عندما رأى نظرة استياء حميتها لصديقتها ليردف :
_مش قصدي شمال يعني شمال ...بالعكس دي إنسانة كويسة جداً وممتازة...
قطع عبارته للمرة الثانية عندما لمح نظرة استياء غيرتها هذه المرة ليحك شعره بأنامله مردفاً بمرح:
_بصي ...هو واضح إن الموضوع ده شائك وواضح إن فيه إجماع على كده ...فاحنا ننزل للحاجة ونقفله أحسن .

قالها وهو يعطيها ظهره متوجهاً نحو غرفة نومهما لتلحق هي به هاتفة باهتمام :
_لا مش هنقفله...أنا حاسة إنهم لايقين جداً على بعض ...
لكنه وقف مكانه ليربت على وجنتها قائلاً :
_ياحبيبتي ...شغل الأفلام بتاع البطل والبطلة اللي بيتقابلوا في بلاد غريبة ويجمعهم الحب ده مش هينفع هنا ...
_ليه؟!
فتنهد بحرارة ليقول بجدية هذه المرة وهو يعد على أناملها هي:
_واحد...أسباب تتعلق بسيف ...ماافتكرش إنه يحب شخصية منطلقة زي غادة ...سيف طبيعته متزمتة شوية ...اتنين ...أسباب تتعلق بغادة ...أفتكر بعد اللي حصل بسببي مش هاتفكر تقرب من العيلة دي ...
مطت شفتيها بحنق عند عبارته الأخيرة ...
فمال على وجنتها بقبلة سريعة صاحبت قوله :
_ماقصدتش أقلب المواجع بس الكلام جاب بعضه ...
ثم استمر في العد على أصابعها :
_تلاتة...أسباب تتعلق بأمي ...مش هترضى بعد صيامه الطويل عن الجواز ده كله يفطر على واحدة أرملة...انتِ عارفة تفكيرها !

عقدت حاجبيها بضيق حقيقي وهي تدرك حقيقة مبرراته ...
لكن حدساً ما بداخلها يخبرها أن سيف هو دواء غادة الحقيقي ...
غادة تحتاج رجلاً حقيقياً يعوضها عما واجهته في حياتها ...
رجلاً لا يكترث لماضيها بل للصورة الرائعة التي صارت عليها ...
أجل ...غادة صارت النموذج المثالي للمرأة في نظرها بعدما تغلبت على عقدتها القديمة ومع شعورها هي بالذنب نحوها تريد حقاً الاطمئنان عليها ...
خاصة أنها بخبرتها القديمة عن صديقتها رأت بين حكاياتها لها- عبر الانترنت- عن سيف ما جعلها تشعر أنه صار يحمل مكاناً خاصاً لديها ...

_سرحت في إيه يا بسطويسي؟!
انتزعها بها رامز من شرودها لتهز رأسها وهي تتوجه نحو خزانة ملابسها ...قبل أن تنتبه لما قاله ...

_بسطويسي؟! انت قلت بسطويسي؟!!
هتفت بها باستنكار فضحك ضحكة عالية وهو يحرك حاجبيه لها مشاكساً قبل أن يقول بنبرته المشاكسة :
_بسطويسي اللي بيتكسف يغير هدومه قدام جوزه .

_والمفروض إنك كده بتستفزني عشان أغير مبادئي!
_سلامة مبادئك يا بسطويسي...كلنا فدا مبادئك يا بسطويسي!

قالها وهو يقرص وجنتها بخفة ليطبع عليها بعدها قبلة خفيفة قبل أن يأخذ هاتفه ليغادر الغرفة تاركاً لها حرية تبديل ملابسها وحدها كالعادة ...
فتنهدت بحرارة وهي تفتح خزانة ملابسها تتطلع لمحتوياتها ...
لا تزال تصر على ارتداء ملابس تخفي تشوه كتفها ...
وفصل الشتاء هذا يساعدها كثيراً ...
لكنها صارت تحتاج حقاً لرؤية أنوثتها في عينيها هي ...قبل عينيه !
تحتاج لترميم هذا النقص الذي يزيد خوفها من فقده يوماً بعد يوم ...

تحتاج -وتعترف بخجل- أن ترى نظرة تقييم ذكورية عالية الدرجة في عينيه !
وتحتاج هذا أكثر وهي الآن في طريقها لحماتها التي صارت تمثل لها نظرة الآخرين لحالها !!
لهذا امتدت أناملها تتخير ما جعلها تتردد لحظات ...
قبل أن تحسم قرارها لترتديه ...

وفي مكانه على الأريكة بالخارج كان هو جالساً يمارس أحد ألعابه الاليكترونية المفضلة على الهاتف ...
شعر بها تقترب لكنه لم يرفع رأسه وهو منهمك في اللعب ليقول بشرود :
_دقيقتين ...هاخلص الماتش وننزل ...

ثم تغضن أنفه قليلاً ليأخذ نفساً عميقاً بينما يردف ولازالت عيناه معلقتين بالشاشة :
_الله عليك يا بسطويسي ...مش ده البرفيوم اللي طلعت روحي أقنعك تحطه ...ورفضت عشان اسمه "سك.."...
انقطعت عبارته وهو يرفع عينيه إليها أخيراً لتتسعا وهو يرمقها بانبهار ...

كانت ترتدي ثوباً نبيذياً من الصوف الخفيف بياقة مرتفعة غطت رقبتها كعهدها طوال الأيام السابقة ...
ياقة طرزت تطريزاً أنيقاً على منطقة الصدر التي أبرزها ضيقه فقد كان يلتصق بجسدها مبرزاً منحنياته لتتوقف آخر حدوده عند منطقة أعلى فخذيها اللتين زادهما الجورب الأسود الشفاف الطويل فتنة ...خاصة مع الكعب العالي الذي كانت ترتديه ...

_انتِ هتنزلي لأمي كده ؟!
قالها بصوت مبحوح وعيناه غارقتان في تفاصيلها بنظرة أرضت كبرياءها الأنثوي ...
لترد بصوت لم تستطع كتمان الخجل فيه رغم مكابرتها:
_الفستان قصير شوية بس تحته شراب !
لكنه ألقى هاتفه جانباً ليهب واقفاً معتقلاً خصرها بين ذراعيه بينما يكرر عبارته باستنكار :
_هتنزلي لأمي كده وبتقعديلي أنا ببجامات الكساء الشعبي في البيت ؟!
_أنا بلبس بجامات كساء شع...
انقطعت عبارتها بين شفتيه وأنامله تندس بين خصلات شعرها المفرود على ظهرها لتشعر بحرارة عاطفته ...
لكنها أبعدته برفق هاتفة باستنكار خجول:
_اتأخرنا على مامتك ...
_مامتي مين ؟!
يقولها بتشتت عبر عينيه المشتعلتين بفتنتها هي مما جعلها تضحك وهي تخفي وجهها في صدره لتزداد قوة ضغطه على خصرها بين ذراعيه قبل أن تطلق شهقة عالية وهي تشعر به يدفعها نحو الأريكة ليعاود إكمال ما بدأه ...

_رامز ...مامتك مستنيانا ...
تقولها عبر أنفاسها اللاهثة وهي تحاول الابتعاد لكنه يتناول هاتفه بسرعة ليتصل بوالدته قائلاً بنفاد صبر:
_أيوة يا ماما مش هاقدر آجي ...واحد صاحبي تايه وبندور عليه ...
كتمت ضحكتها بصعوبة وهي تراه يعاود ميله نحوها وأنامله تجيد عزفها العابث على بشرتها ليكون آخر ما تعيه كلماته لأمه قبل أن يغلق الاتصال:
_اسمه ؟! اسمه بسطويسي؟! ادعي بقا ما نلاقيهوش !
=======



_أهلاً بعروستنا!
قالتها "الست أفكار " وهي تستقبل لجين في بيت الحاجة ثمر مع العريس الجديد المنتظر ...
لجين التي كانت ترتجف وهي ترى من النظرة الأولى نحوه مصير هذه المقابلة ...
الرجل شديد الوسامة...أنيق الثياب رغم مهنته البسيطة التي عرفتها ...
لقد كان أملها أن يكون ذا عيب يجعله يرضى بها ...
أي عيب وهي كانت ستقبل كي تنال "شرف الزواج" الذي يبدو أنه بعيد كالسراب !!
لهذا جلست واجمة تنتظر منه أن يفتح معها حواراً لكنه ظل صامتاً بينما الحاجة ثمر تتبادل الحديث مع "الست أفكار" ...

_أكيد البسبوسة دي من إيدك يا لجين ...عروستنا ست بيت شاطرة قوي.

قالتها أفكار في محاولة لجعل "البضاعة" تحلو أكثر في عين العريس الذي ظهر قراره واضحاً على محياه خاصة عندما تعلقت عيناه بصورتين معلقتين على الجدار للجين وياقوت ...
فقال بنبرة مواربة :
_أنا شفت أختك مرة ...وقالولي إنك توأمها .

العبارة الصادمة التي لم تحتمل الكثير من التأويل جعلتها تنكمش مكانها خزياً بينما قالت الحاجة ثمر باعتزاز:
_هم صحيح توأم بس مش شبه بعض ...كل واحدة ربنا خلق لها جمالها...وخلق معاها العين اللي تشوفه...

ثم ضمت كتف لجين لتقربها نحوها مردفة بنفس الفخر الذي لا تدعيه :
_يابخت اللي هياخد جوهرة زي لجين في بيته...مش بقول كده عشان بنت بنتي ...لا ...عشان أنا عارفة قيمتها كويس ...
ثم رمقته بنظرة حادة ناسبت استطرادها :
_وعشان كده مش هاديها لأي حد إلا وأنا عارفة إنه يستاهلها .

تعرق وجه الشاب وهو يشعر بهيبة ثمر تجتاحه رغماً عنه ...
شيئ ما في هذه المرأة رغم بساطة حالها وهيئتها يكسبها وقاراً يجعل من أمامها ينكمش أمام هذه الفخامة...
فخامة تفرض نفسها رغم بساطة حال البيت الذي يراه حوله ...
لهذا وجد نفسه يتمتم بفتور :
_طبعاً...طبعاً...

وفي مكانها كانت لجين تراقبهم وقد عادت أفكار للثرثرة مع ثمر وعاد العريس لصمته مطرق الرأس ...
ماذا تنتظر؟!
تماماً ككل مرة ...
"العروس الدميمة" تزهدها العيون وتقارنها بشقيقتها "العروس الفاتنة" التي تزهد هي عطاءاتهم الفقيرة !!
سبحان الله !!
هي لا تريد من هذه الحياة إلا رجلاً طيباً...
لا تريده وسيماً ولا غنياً ولا أنيقاً كما تحلم بهذا ياقوت ...
تريده فقط أن يستر خيبتها !!
خيبتها التي تراها تتجسد أمامها كل يوم في لقب يذبحونها به هنا ...
"عانس"!
لكن يبدو أن مجرد الحلم بهذا رفاهية لفتاة "دميمة" مثلها !!

امتلأت عيناها بالدموع فأطرقت برأسها هي الأخرى تنتظر بفارغ الصبر أن تنتهي جلسة التعذيب هذه كي تعود لغرفتها الآمنة...
تجتر مرارتها ...خزيها...وحلمها ...وحدها !!!

لهذا ما كاد ينصرف الشاب مع المرأة حتى هرولت نحو غرفتها لتغلق بابها عليها وتنخرط في بكاء صامت على فراشها....
لكن باب الغرفة فُتح ليطل من خلفه وجه ثمر البشوش التي اقتربت من سريرها لتربت على ظهرها المواجه لها برفق للحظات ...
قبل أن تسألها فجأة :
_بتصدقي وعد ربنا يا بت؟!
توقفت لجين عن البكاء لتستدير وتواجه جدتها بنظراتها المتسائلة ...
فابتسمت ثمر وهي ترفع رأسها لأعلى مردفة :
_لما رب الكون يقول (وفي السماء رزقكم وما توعدون) يبقى نصدق وعده...يبقى القلب يطمن ...والعين تتملا ...والعقل يبطل خوف ...
ثم عادت تهبط بنظرها نحوها لتردف بشرود :
_عارفة يا بت يا أوبرا؟! كل يوم قبل مااحط راسي ع المخدة الشيطان بيوزني ...خصوصي بعد وقعتي الأخرانية في المستشفي...يقوللي هتموتي وتسيبيهم لمين ؟! هيضيعوا من بعدك ...بس برجع أستغفر ربي وأقول لا ...بناتي رزقهم متحوش لهم ...أنا ماحوشتش قرش ولا أرض ...أنا حوشت لهم عمل صالح ابتغيت بيه وجه الكريم ...واللي بيبتغي وجه الكريم ما بينضامش أبداً ...

ثم تلت قول الله تعالى ...
(وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً)

مسحت لجين دموعها وهي تتغالب على حزنها لأجل جدتها قبل أن تقوم من رقدتها لتحتضن رأسها وتقبله هامسة :
_ربنا يديكي طولة العمر يا ستنا .
فجذبتها ثمر لصدرها تربت على ظهرها بحنان ناسب قولها :
_ربنا هيراضيكي يا بنت قلبي ...بس كله بأوان .
========
على سطح بيت ثمر فرشت ياقوت سجادة بسيطة الحال جلست عليها تراقب السماء المظلمة في هذا الوقت من الليل ...
صوت القرية المميز حولها بمزيج من نقيق الضفادع وصوت صرصور الحقل ...
صوت يمنحها السكينة حتى في هذه الظلمة الحالكة ...
سكينة لا تجدها هناك تحت أضواء العاصمة ...
سكينة تحتاجها الآن وهي تشعر بالخواء بعدما حطم الموج أكبر قصر رمال بنته أحلامها يوماً ...

زين ...!
ابتسامته...وسامته...كلامه المنمق ...نظراته الذكية...أناقته المفرطة...
كل هذا لا يساوي شيئاً أمام لحظات شفافية "نادرة" شعرت فيها أنها نفدت لقلبه ...
أجل ...لم تكن واهمة ...!
صحيحٌ أنها مجرد لحظات قليلة لكنها كانت تكفي امرأة -بذكائها- لتدرك أنها قد بدأت تقتحم حصونه ...

تقتحم حصونه ؟!
ابتسامة ساخرة مريرة تشبه الدموع ترتسم على شفتيها وهي تتذكر حديث يامن ...
تسترجع كل رواياته عنه مع ياسمين ...
ياسمين التي لاحقها منذ زواجها برامي ...مروراً بزواجها من يامن وانتهاء بسفرها لماليزيا ...
تراه يعشقها إلى هذا الحد ؟!!

الخاطر الأخير غرس سهماً بصدرها لم يكن ليكون بهذه القوة !!!
تراها تغار؟!
ممّن وعلى من ؟!
هل صدقت قصة حب نصبت قوائمها على عمود واحد
والآن تتعجب سقوطها ؟!

_قاعدة عندك كده ليه يا دكتورة ؟!
قالتها ثمر عبر أنفاسها اللاهثة عقب صعودها للدرج فتحركت ياقوت مكانها لتسألها بقلق لم يعد يفارقها عليها بعد مرضها الأخير:
_مش قلنا ماعدتيش تطلعي سلالم يا ستي ؟! تعالي استريحي!

قالتها وهي تفسح لها مكاناً جوارها جلست فيه ثمر بحركتها البطيئة قائلة :
_حسيت بيكي وانت طالعة ...وشك مقلوب من ساعة ما رجعتي من مصر .
_لا ...أبداً ...
قالتها منكرة وهي تشيح بوجهها فتفحصت ثمر ملامحها لتصدر همهمة خافتة قبل أن تبدأ في التسبيح على أصابعها كعادتها ...
ولما انتهت تطلعت للسماء قائلة بنبرة ذات مغزى:
_القمر غايب والدنيا ضلمة...سبحان من يغير ولا يتغير .

لكن ياقوت أطرقت برأسها دون رد ...
لتردف ثمر بنبرة متثاقلة :
_كنت بفكر نجدد شوية في البيت ...
_ولازمتها إيه المصاريف يا ستي؟!
هتفت بها ياقوت بطبيعتها -المادية- التي وجدت لها مبرراً حقيقياً هذه المرة بينما تردف:


_الحمد لله مستورين والفلوس موجودة بس الأمر ما يسلمش ...أنا ولجين على وش جواز ...ومحتاجين مصاريف ياما...وانتِ ربنا يبارك في عمرك لازم أضمن إن دواكِ يبقى على طول موجود .

فتنهدت ثمر لتقول بحزن :
_أختك مش عاجباني ...نفسيتها وحشة من ساعة مقابلتها للعريس الأخراني...عايزة أفرحها بأي حاجة .
هنا ربتت ياقوت على كفها مدركة سبب رغبتها هذه وقد كان هذا كافياً لتقول بحنان :
_خلاص يا ستي اللي تشوفيه ...انتِ أدرى بالصالح !

فابتسمت العجوز عبر أسنانها المكسورة لتضم رأس ياقوت في حجرها تداعب خصلات شعرها وتحصنها برقيتها المعهودة التي استسلمت لها ياقوت تماماً لتجد دموعها تسيل أخيراً رغماً عنها ...
قبل أن يرتجف جسدها كله ببكائه وهي تلصق وجهها بجلباب جدتها أكثر كأنما تتشمم به رائحة الأمان الذي ترتجيه ...


انتظرتها ثمر صابرة حتى هدأ بكاؤها رغم تقافز قلبها المريض في صدرها فزعاً لتسألها أخيراً :
_إيه اللي ينزل دموعك العزيزة دي يا بنت أشواق؟!
انتحبت ياقوت بضعف ولاتزال تخفي وجهها في جلباب جدتها لتقول أخيراً بين دموعها :
_قلبي واجعني قوي يا ستي .
_قلتلك حافظي عليه ماسمعتيش الكلام .
عتابها على حدته كان حنوناً ...جعل ياقوت تهمس بألم ولا تزال عاجزة عن مواجهة عينيها :
_غصب عني ...مين يشوف حلمه قدامه وما يمدش إيده يمسكه ؟!
_والحلم طلع كابوس؟!
غمغمت بها ثمر بقلق ينهش قلبها لتهز ياقوت رأسها موافقة وهي تحكي لها عن الأمر محاولة احترام خصوصية مهنيتها قدر المستطاع ...
لتنهي حديثها بقولها :
_من ساعة ما عرفت وأنا قلبي بيوجعني قوي ...مش عارفة هاحط عيني في عينه تاني إزاي !
_ومين قاللك هتشوفيه تاني؟!
هتفت بها ثمر بصرامة جعلت ياقوت ترفع عينيها إليها بهلع فثمر لم تتدخل يوماً في عملها !!!

_البيت ده مش هتخطيه برجلك تاني ...الراجل اللي يستحل حرمة راجل غيره ما يتآمنش على عِرض!
_بس يا ستي أخته ذنبها إيه ؟! دي حبتني وحاسة إن
علاجها ممكن يكون على إيدي !
_انتِ مش أشطر دكتورة في مصر ولا اللي جابك ماجابش غيرك ...بنتهم ربنا يتولاها ...لكن بنتي أنا مش هتخطي البيت ده تاني .
قالتها ثمر بوجه احمرت أخاديده انفعالاً وقلبها يبدو وكأنه يجاهد ليخرج من صدرها ...
لقد صدق حدسها!!
ثمرة قلبها حلقت نحو النار تظنها نوراً لكنها لن تتركها
لضلالها !!!
لهذا ما كادت تلمح الرفض على ملامح ياقوت المتذمرة حتى هتفت بها بعينين نافذتين:
_هتكسري كلمتي يا بنت أشواق؟!


تجمدت ملامح ياقوت للحظات وهي تشعر بصراع كبير بين مهنيتها وعاطفتها ...
مهنيتها التي تؤنبها على تركها لحالة همسة بعد الشوط الكبير الذي قطعته ...
وعاطفتها التي تدفعها لطاعة ثمر بل والهروب من عالم زين هذا قبل أن يلطخها سواده ...

_هتكسري كلمتي يا بنت أشواق؟!
عادت ثمر تهتف بها بنبرة أكثر صرامة جعلت دمعة حارقة تنسل أخيراً من طرف عين ياقوت ...
لكنها مسحتها وهي ترفع رأسها وجذعها لتقوم من رقدتها وتواجه جدتها بكلمات حسمت قرارها:
_ما عاش اللي يكسر كلمتك يا ستي !
=======







تسألون عن الحزن؟!
سلوها الآن وهي تجلس على ركبتيها أمام قبره بقلب ذاب كل سواد "حقده القديم" لتبدو من خلفه قروح ألم فقده ...
ألم لم يخففه عزاؤها أنها دفنته هنا في مصر كما كان قد يوصيهم دوماً !
تسألون عن الندم؟!
سلوها الآن وهي تتمنى لو يعود بها العمر ساعة...دقيقة...بل لحظة واحدة ...لحظة واحدة تخبره فيها أنها سامحت ...عفت عن الجرح القديم رغبة في عناق حقيقي لرجل فتحت عينيها على حبه ...
تسألون عن اليأس؟!
سلوها الآن وهي تطرق برأسها شاعرة أن الكون في عينيها أضيق من سم الخياط !
من بقي لها كي تعود إليه تستند بحماه ؟!!
من؟!

"كفٌّ"يمتد من خلف كتفها ...!!
تشعر به فتلتفت نحوه دون أن ترفع عينيها لوجه صاحبه ...
لا حاجة لها كي تفعل !
إنه ...زين!
من سواه قد يكون هنا الآن ؟!!

يامن ؟!!
لا !
لن تكون من الحماقة أن تنتظر منه حضوراً بعدما كان بينهما آخر مرة ...

وكأنما يسخر القدر من خاطرها ليفاجئها بحكمه!!!

"كفٌّ" ثانٍ يمتد من الجانب الآخر لرأسها والذي التفتت نحوه ودون أن ترفع وجهها إليه كذلك ...
عرفته من خاتمها ذي الفص الأسود في بنصره ...
ودبلة -قديمة جداً- في خنصره عمرها يقارب عمر هواه الذي استعمر صدرها كمحتل غاشم منذ سنين مراهقتها ...
هو هنا حقاً؟!
أم هو مجرد وهم صاغه إحساسها ب...
بماذا؟!
هي لم تعد تفهم بماذا تحس!!

الدمع يتكاثف في عينين لاتزالان -فقيرتين- عن نزفه...
لكنها ترفع وجهها أخيراً لتحدق في وجهيهما ...
زين الذي بدا لها غاضباً مكبلاً كما لم يكن من قبل ...
ربما لأنه يوقن من قرب مواجهة عنيفة مع يامن ...
وربما لأنه يخشى عليها وحدتها الآن دون سند أمامه...
وربما لأنه أدرك أخيراً أن خسارته -الآن- لا رجعة فيها !

ويامن الذي بدا لها غريباً كما لم تره من قبل ...
ملامحه الجامدة لم تحمل لها أي تعبير ...
وحدها عيناه كانتا دافئتين بل مشتعلتين بلهفة أبت أن تصدقها !!!

أي كف منهما تقبله لتستند عليه ؟!
دعم زين ؟! احتواؤه؟! سنده اللا مشروط ؟!
أم يامن ؟! بكل ما صار يحمله الاسم لها من ألم وخذلان ؟!

لهذا أغمضت عينيها عن كليهما للحظات متجاهلة الكفين الممتدين ...
ثم استندت على -كفيها هي - لتقف ببعض الصعوبة مع ظروف حملها ...
قبل أن تدفع -كليهما- ببرود قاس عن طريقها لتهرول بخطوات مندفعة نحو سيارتها هناك هاربة من الموقف كله ....
=========
لم تدرِ كم ظلت تجوب الشوارع بسيارتها عبر غلالة من الدموع لم تغادر عينيها كعهدها مؤخراً...
دوامة تدور بها ولا تدري كيف منها الخلاص ...
صورة أبيها لا تفارق ذهنها مع كلماته ...

_خايف عليكِ تندمي ...أنا مش هاعيش لك العمر كله ...خايف لو وقعتِ المرة الجاية مابقاش جنبك !


هل رحل حقاً هكذا فجأة ؟!
مجرد انفجار دبره وحوش بلا ضمير !!!
رحل دون أن تملك القدرة لتسامحه ؟!
قلبها "الأسود" حرمه وحرمها لحظات دفء صادقة في أيامه الأخيرة !!
أي خسارة هذه ؟!
وأي عِوضٍ بعدها ترتجيه ؟!!
نجمة "العلا" لاتزال تهوي في بئر خطاياها ...
مهووسة الكمال تنتبه الآن لصورتها المشوهة في مرآتها المكسورة !!
ألا سحقاً لغرور أنفسنا عندما يبدل ستر ذنوبنا عُرياً؟!!

ينتهي بها المطاف أمام باب شقتها التي كانت تعيش فيها مع أمها ...
أمها ؟!
تراها الآن فخورة بها ؟!
هل هذا هو حصاد ما زرعته فيها سنوات ؟!!
هل هذه هي القوة التي حصنتها بها لتواجه خطوب الحياة ؟!
لقد خذلتها ...وخذلت نفسها قبلها !!

تغمض عينيها بألم وكفاها يستندان على باب الشقة المغلق ...
صورة أمها اللائمة تحتل ذهنها وعيناها تعاتبانها بحسرة ...

_أين ياسمين؟!
أضعتِها...أضعتِها ...أضعتِها...؟!

والجواب تتمتم به شفتاها المرتجفتان بإقرار مذنب ...
_أضعتُها.

لكنها ترفع رأسها أخيراً في محاولة بائسة للتماسك ...
تفتح الباب لتجده واقفاً أمامها وكأنه كان ينتظرها ...
يامن !

_انت دخلت هنا إزاي ؟! مين فتح لك ؟!

تصرخ بها بجنون فجرته انفعالاتها العاصفة التي كانت تقتات على ما بقي من تماسكها ...
لتفرغ غضبها في الخادمة المسكينة التي وقفت ترتجف مكانها والتي تقدمت هي نحوها لتمسك بذراعها وتدفعها للخارج مردفة بنفس الصراخ الهائج:
_مش قلت لك ماتفتحيش لحد ...؟! مش عايزة أشوف حد ...اطلعي بره ...

هرولت الخادمة تهبط الدرج بسرعة لتلتفت هي نحو يامن الذي بقي واقفاً مكانه صارخة بنفس الجنون :
_وانت كمان اطلع بره .

لكنه اقترب منها ليغلق الباب بحزم قبل أن يمسك ذراعيها بقوة وقد فقد كلماته ...
لا يعرف كيف يواسيها في مصيبتها هذه التي يدرك أن ذنبها لن يفارق قلبها عمرها كله !

عندما سمع الخبر كان كالمجنون يريد الوصول إليها بأي طريقة ليفاجأ بخبر عودتها هي إلى هنا !
اللهفة التي ملأته لرؤيتها من جديد كانت أقوى من أي شعور اجتاحه ...
أقوى من غيرته من زين إذ رآه هناك...
أقوى من ألمه إذ يراها في هذا الحال...
بل وأقوى من قلقه إزاء صراخها الهستيري هذا ...

لكنها كانت مغيبة عن كل هذا ...
"الدوامة" إياها تبتلعها بلا رحمة فيتخبط رأسها بين جدران مشاعرها المضطربة...

_جاي ليه ؟! عايز مني إيه ؟!
لاتزال تصرخ بها بهستيرية فيحاول السيطرة على انتفاض جسدها بذراعيه لكنها تنفضهما بعنف لتبتعد عنه صارخة بينما تشير لأصابعه :
_افهم بقا ...افهم...لو انت لسه لابس الخاتم بتاعي فاكر إن ممكن يبقى لسه لنا أمل مع بعض فأنا دفنت خاتمك زي ما هادفن كل حاجة ممكن تربطني بيك .
_مش هتقدري!
يقولها بحزم واثق وهو يعاود الاقتراب منها وعيناه اللتان طالما بحثتا عن قرينة الحب في عينيها الآن تلقيان مرافعة بثبوته !!!

_لأني هنا ...وهنا...
"هنا" الأولى أشارت بها سبابته الواثقة نحو قلبها ...
و"الثانية" ارتجفت بها رغماً عنها وهو يلامس بطنها ...

وهَن...وهن...وهن...!
وهنٌ يفتت ما بقي لها من قناعات قوتها !!
لو تملك الآن أن ترجوه أن يبتعد ...
يبتعد لأقصى الأرض فلم تعد لها طاقة بمقاومة ...
وهن لم تكن لتسمح به طبيعتها المحاربة في موقف كهذا !!!

لهذا لم تشعر بنفسها وهي تضرب بقبضتيها على بطنها لتصرخ بنفس الجنون الهستيري الذي قادها للقنوط من كل شيئ:
_لو ده اللي هيربط بينا مش عايزاك ومش عايزاه ...مش عايزاه ...

ظلت تصرخ بعبارتها الأخيرة وهي تسلط جنونها على لكماتها لبطنها حتى بح صوتها ودون دموع ...
بينما كان هو يحاول تهدئتها دون جدوى وكلماته تذوب على حائط صلب توارت خلفه ياسمين الحقيقية بهشاشتها وضعفها ...
ياسمين التي استنزفها أخيراً كل هذا الوجع لتسقط مغشياً عليها بين ذراعيه ....
=========



_ماما!
تهتف بها برجاء وهي تفتح لها ذراعيها بينما تعدو نحوها لكنها تشيح بوجهها عنها بعد نظرة عاتبة تعرفها منذ كانت صغيرة تتلقى عقابها على أخطائها بنظرة كهذه ...

_ماما!
تهتف بها من جديد وهي تقترب منها لكنها كانت تبتعد ...
تبتعد وتبتعد حتى اختفت تماماً تاركة إياها وحدها تبكي !!

فتحت عينيها أخيراً وقد استردت وعيها لتدور بهما في الغرفة حولها ...
أين هي ؟!
هي تذكر هذا المكان ...
معقول؟!

_أحسن دلوقت ؟!
همسه الحاني يترافق مع تربيته على وجنتها لتنتفض مكانها هامسة بصوت مبحوح من فرط الصراخ :
_انت جبتني هنا إزاي؟!
_بالعربية !
رده المقتضب يستفزها أكثر لكنها كانت حقاً أضعف من أن تثور!
لماذا أتى بها إلى هنا ؟!
إنه "الشاليه" الذي اشتراه لها على البحر ...
يالله !!
رغم قصر الأيام التي قضتها هنا لكنها تذكر كل لحظة قضتها فيه ...
لا ...لا ينقصها هذا الآن ...
لا تريد أن تذكر ...لا تريد !!
لهذا أغمضت عينيها بقوة بينما هو يردف ولايزال يربت على وجنتها برفق:
_نقلتك المستشفى بعدما أغمى عليكِ وبعدين جبتك هنا ...
_مش هاقعد هنا دقيقة واحدة ...
قالتها بعناد بارد وهي تحرك ساقيها لتغادر الفراش لكنه ثبت كتفيها بقبضتيه ليقول بحزم صارم:



_مش هتخرجي من هنا إلا لما أنا أقول ...ودماغك الناشف ده تنسيه من النهارده...الشاليه مقفول علينا من جوه والمفتاح معايا...يعني مفيش خروج ...وحتى لو حاولتِ تصرخي محدش هيسمعك ...انتِ عارفة إن محدش بييجي هنا في الشتا .
اتسعت عيناها بصدمة من كلماتة لتتلفت حولها هامسة بغضب:
_يعني إيه ؟! خطفتني؟!
فاشتدت قبضتاه على كتفيها وعيناه تواجهانها بنفس النبرة الحازمة :
_محدش بيخطف مراته...بس لو عايزة تعتبريه كده ...براحتك.

اغرورقت عيناها بالدموع العصية على السقوط فودّ لو يضمها لصدره لكنه هو الآخر كان يرزح تحت وطأة انفعالات الساعات السابقة...
رؤيته لزين هناك ...لكمته وتهديده له بالقتل ...بحثه عنها بعدها لينتهي به المقام في شقة أمها ...عودتها التي تزامنت مع صراخها الهستيري ...الجنون الذي أصابها وهي تضرب بطنها بقبضتها ...سقوطها فاقدة للوعي بين ذراعيه ...
كل هذا كان كثيراً على احتماله !!
لهذا لم يفكر كثيراً وهو يقرر أن يهرب بها من كل العالم إلى هنا !!
لا يعرف مدى صحة هذا القرار في حالتها هذه ...
لا يعرف تبعات هذا عليها ...وعلى طفلتهما...
كل ما يعرفه أنه لم يعد قادراً على الابتعاد ....
سيكون معها ولو رغماً عنها !!

كان يتوقع غضبتها لهذا لم يندهش عندما تحاملت على ضعف جسدها لتدفعه عنها وهي تغادر الفراش لتقول عبر الصوت المبحوح :
_انت فاكر إني خلاص مابقاش ليا ظهر؟! فاكر إني بقيت لوحدي هتبيع وتشتري فيا زي ماانت عايز؟!

آلمه أن تشير لمصابها بهذه الطريقة فوقف بدوره ليسند جسدها الذي يتوقع سقوطه في أي لحظة مع هذا الضعف الذي يدرك أنها تداريه باستماتة قبل أن يقول لها بنفس النبرة الحازمة :
_ولو وراكِ الدنيا كلها ...مفيش حد...مفيش حاجة هتاخدك مني تاني.

هزت رأسها الذي تضرب فيه الآن آلاف المطارق لتنفلت منها أنّة خافتة ...بينما عيناها الزائغتان تدوران في المكان حولها بعدم تصديق :
_انت بتعمل كده عشان تحاسبني على آخر رسالة بعتهالك عن زين ؟!
هنا وضع كفه على شفتيها يمنعها الاستطراد بينما يقترب بوجهه من وجهها حتى كاد يلاصقه وعيناه تشتعلان بنظراتها :
_أولاً...اسم الزفت ده ماعادش ييجي على لسانك ...

شيئ من الخوف يمر عبر غلالة الدمع العنيد الذي يطوق نظراتها ...
ليردف هو بنفس النبرة الحازمة التي يداري خلفها طوفان عاطفته :
_ثانياً...أنا واثق إن اللي بعتيه ده مزيف.
_واثق؟! يامن واثق؟!
بتهكم مرير تتمتم بها بعدما نزعت كفه من على شفتيها لتهز رأسها مستطردة :
_من امتى بتثق في حاجة وفي حد ؟!



لكنه ازدرد ريقه ببطء وعيناه تحملان لها اعتراف عشق أبت تصديقه :
_لو مش هتغير عشانك يبقى عشان مين ؟!
شهقت شهقة عالية كتمت بها انفعالها وهي تهرب من عينيه بكفيها اللذين دفنت فيهما وجهها مع تمتمتها بتنمر واهن:
_للدرجة دي صعبانة عليك ؟! انت بتضحك عليا واللا على نفسك ؟! نسيت إني حافظاك زي خطوط إيدي؟!
لكنه نزع كفيها عن وجهها ليعاود احتلال نظراتها بعينيه اللتين فاضتا ببوحه :
_وعشان حافظاني بسألك ...يعني إيه أبقى مش قادر أعيش من غيرك ؟! يعني إيه أحارب نفسي عشانك ؟! يعني إيه يبقى عذابي وفرحتي بإيديكي انت وبس ؟! يعني إيه أموت في اليوم ألف مرة وأنا بفتكر أيامنا سوا وخايف ماترجعش؟! يعني إيه ؟!
ترنح جسدها الواهن ليسند خصرها بكفيه وهو يلصق جبينه بجبينها ليهمس بين شفتيها :
_يعني كسبتِ رهانك عليا...بقولهالك وعمري ما قلتها لحد قبلك...ولا هاقدر أقولها لحد بعدك...

ثم صمت لحظة يتمالك نفسه قبل أن يبتعد ليبسط راحتها على كفه يرسم عليها هو بأنامله رمزهما الأثير لحرف الياء الذي انثنى طرفه بشكل القلب ...
القلب الذي أعلن ملكيتها هي له أخيراً مع اعترافه الصريح:
_بحبك .

رفعت إليه عينيها فجأة بصدمة لثوانٍ قبل أن ينفجر البركان !!
طوفان الدمع الذي حبسته الآن يتحرر خلف كل السدود ...
دموعها المفقودة عادت ...وعاد معها كل شيئ!!!
جسدها يرتجف بين ذراعيه ببكائها الذي فاجأه بقوته بعد طول تماسكها ...
ليفقد اتزانه للحظة وهو يراها تسقط منه أرضاً لكنه دعمها بذراعيه ليسقط معها هو الآخر ...
يخفي رأسها في صدره مغرقاً وجنتها الظاهرة بقبلاته قبل أن يرفع جسدها فوق ساقيه يهدهدها كطفلة ...
فتدفعه عنها ببعض العنف لكنه لا يفلتها من بين ذراعيه محتملاٌ مقاومتها حتى تراخى ذراعاها ليفاجأ بأناملها أخيراً ...
تتشبث بقميصه !!!
صوت أنينها الباكي يميته ويحييه...
بقدر ما يثير ألمه لأجلها بقدر ما يمنحه الأمل أنها عادت ...
"امرأة الألوان" خرجت أخيراً من بوابة "الأسوَد" التي كادت تلتهم روحها...
"ساحرة الفوضى" عادت لرقصتها العفوية على إيقاع قلب تثق بحدسه...
"عروس البحر" بعد غربتها على الشاطئ قفزت من جديد في بحر لم يعترف بغيره سيداً ...
ياسمين عادت ..
أمه...وطفلته...وصديقته...عادت. ..عادت...

يعتصرها بين ذراعيه وأنامله تتلمس كل إنش من جسدها يلصقها به وكأنما يخشى أن تفارقه من جديد ...

_مات يا يامن ...مات...مات وهو بيترجاني كل يوم أسامحه وأنا رافضة أنسى...بجلده بإيدي على ذنبه القديم كإني ملاك مابيغلطش...مات وآخر حاجة عملها كانت إنه طبطب عليا قبل ما يروح يشتري هدية لبنتي ...هسامح نفسي إزاي؟! هاعيش كام عمر عشان أقدر أنسى غلطي في حقه ؟! ليه يمشي ويسيبني فجأة كده زي ما عمل زمان ؟! بس المرة دي الفراق دبحني ...دبحني يا يامن ...

ألصق وجنته بوجنتها ولايزال يهدهدها على ساقيها وقد عجز عن الرد ...
ماذا عساه يقول وهو خير من يدرك أي عذاب من الندم تعيشه الآن وعاشه هو قبلها مثله ؟!!
لكنه كان يدرك في هذه اللحظة أنها لا تحتاج كلماته ...بل حبه !
لهذا اكتفى بهذه الجلسة لدقائق طالت كأنها دهر قبل أن تتحول شهقات بكائها المرتفعة لنحيب صامت ...
فأبعدها قليلاً ليقف ويحملها بين ذراعيه متجهاً بها نحو حوض الاستحمام ...
يخلع عنها ملابسها غير المريحة ليوقفها تحت شلال الماء الدافئ ...
يغسل لها شعرها الذي استطالت خصلاته ويراقب عينيها المغمضتين بأسى وكأنها مغيبة بسيل من الدموع ...

والحقيقة أنها كانت حقاً مغيبة...
كمسافر عاد لما يفترض أنه وطنه وأهله فيصدم بكونه غريباً!!
من هي ؟!
من هي حقاً؟!!
ماذا فعلته بنفسها وبأقرب الناس إليها ؟!
أين قوتها المزعومة التي ما زادتها هاهنا إلا وهناً وخذلاناً ؟!!
فلتبكي ولتبكي ولتبكي لعل هذي الدموع تطهر روحها ...

تشعر بشلال الماء يتوقف ليجذبها هو خارج الحوض قبل أن يجفف جسدها بمنشفة ليضع عليها قميصاً مريحاً كانت قد تركته هنا في آخر مرة ...
تباً لهذا العطر الذي يفوح منه يذكرها بنعيم كان لها يوماً ...وضاع!!
لا تزال غير قادرة على فتح عينيها مكتفية باستسلامها بين ذراعيه وهو يقودها نحو الفراش من جديد ...

أنامله تمتد نحو خصلات شعرها المبتلة لتسمعه يهمس لها بحنانه الذي لم تدرِ كم افتقدته سوى الآن :
_لو تعرفي كام ليلة نمت وأنا بحلم إني بضفر لك شعرك زي ما علمتيني !

كلماته تزيد دفق الدمع على وجنتيها فتمسحه أنامله المرتجفة التي انتقلت لشعرها يصنع لها جديلته ...
"سنبلته" الذهبية التي شهدت عهد عشقها القديم له ويقسم أن تشهد عهد عشقه هو الجديد لها ...
هذه التي استقرت الآن على جانب كتفها ...
قبل أن تستقر هي بكليتها بين ذراعيه تخفي جسدها الضئيل في رحابة جسده مستشعرة "أبوة" طالما افتقدتها في علاقتها معه...
وتغرق في دوامة مشاعرها أكثر وأكثر ....
=======
_ياسمين حالتها مش كويسة...مابتردش عليا ...دايماً تايهة وسرحانة...

قالها يامن عبر الهاتف مخاطباً ياقوت بخفوت بينما يقف في ردهة الطابق السفلي من الشاليه منتهزاً فرصة نوم ياسمين ...

_ممكن أعرف تفاصيل أكتر؟!
سألته ياقوت باهتمام رغم ضيقها بالوقت المتأخر ليلاً الذي يحدثها فيه ليخبرها عن آخر التطورات ...
قلبها "المكلوم" يتوجع بحسرته وهو يحكي لها عن لقائه بزين هناك في المقابر وكيف انتهى ...
تراه -زين- يعشق ياسمين إلى هذا الحد ؟!
حد ملاحقته لها هنا حتى بعد علمه بعودتها لزوجها ؟!
لكنها نفضت عنها هذا الخاطر لتعود لدرع مهنيتها ملتقطة منه ما تلا ذلك من تفاصيل انتهت بقوله :
_ومن ساعتها ساكتة وما بتبطلش عياط.

تنحنحت لتجلي صوتها ثم قالت بنبرة محايدة :
_اعترافك بالحب في الوقت ده صدمها ...كانت متوقعة بعد السكرين اللي بعتته إنك هتبعد أكتر ...وده اللي هي كانت عايزاه عشان تخلص من الضغط وتخرج نفسها من دايرة هتفضل تلف فيها من غير لزوم...وفجأة كده ييجي يامن جديد مختلف ...يامن بيقوللها إنه واثق فيها ومش مصدق إنها تغلط...يامن مش مكسوف ومش متردد يقوللها إنه بيحبها ...يامن محتاجاه دلوقت أكتر من أي وقت في حياتها ...كرامتها بتقوللها ماتصدقيش وابعدي ...بس قلبها بيقوللها حاسبي أحسن تخسريه من غير ما تسامحيه زي ما عملتِ مع والدك ...ولأنها لسه مش قادرة تاخد قرار فلسه تايهة بينهم .

صمت قليلاً يتفكر في حديثها الذي أقنعه ليرفع بصره نحو الأعلى مراقباً أي حركة تشي باستيقاظها ولما لم يجد عاد يسألها هي بقلق:
_والمفروض أعمل إيه دلوقت ؟!
_حِبّها!
قالتها ببساطة أغاظته وجعلته يهتف باستنكار فظ :
_جبتِ التايهة ؟! مش عارف الحقيقة من غير اقتراحاتك دي كنت هاعمل إيه!
ابتسمت رغماً عنها مع عفوية رده لتجد بساطة لكنتها القروية تتسرب عبر حديثها :
_جرى إيه يا دكتور ؟! يادي العيبة !أنا اللي هاقوللك تدلع مراتك إزاي ؟!

صمت طويلاً لكنها تفهمت قلقه لتعود لها نبرتها المهنية مع قولها :
_ماتقلقش ...استحملها الفترة دي لحد ما تعدي ...ياسمين دلوقت هتنزل م الجبل اللي كانت فاكرة نفسها واقفة فوقه...هتبتدي تشوف غلطها وتحط إيدها على نقط ضعفها ....احنا خطينا الصعب واللي باقي مقدور عليه ...وأنا معاك متابعة أول بأول .

أغلق معها الاتصال شاكراً بكلمات مقتضبة قبل أن يتصل بنبيلة التي لم تنقطع اتصالاتها به منذ اختفى هاهنا ....
ولم تكد تسمع منه ما حدث حتى هتفت باستنكار:
_خطفت البنت يا يامن ؟!
_انتِ هتعملي زيها ؟! هي مش مراتي وده بيتي؟!
قالها بغضب مكتوم محاولاً عدم رفع صوته لتهتف نبيلة بنفس الاستنكار العاتب:
_ده وقت عِند وغصب في حالتها دي؟! هاتها لي يا يامن ...هاتها في حضني وأنا هاعرف أتعامل معاها !
تحشرج صوتها في عبارتها الأخيرة برجاء بررته عبارته بعدها:
_الزعل غلط على حملها يا يامن ...مش هسامحك لو ابنك المرة دي جرى له حاجة !
عبارتها العفوية ترده لذنبه القديم لكنه يبتلع غصة حلقه ليقول باقتضاب:
_بنت !
_بنت؟! بجد؟! البنات رزقهم واسع وكلهم خير ...ياربي!!
هتفت بها بفرحة لم تستطع كتمانها لتعاود قولها بقلق :
_بس برضه ماينفعش تحبسها عندك ...هاتها وسطنا حرام عليك.

_هو أنا بعذبها ؟! أنا أدرى بحالتها ومتابع حالتها مع دكتورة نفسية كمان ...
قالها بنفاد صبر ليتهرب من إلحاحها بقوله :
_خللي بالك انتِ م البنات ...ماتقلقيش علينا .

قالها ليغلق الاتصال بسرعة مدركاً إلى أي مدى تغيرت نبيلة وتغيرت علاقته بالتبعية معها ...
ثم زفر بقوة وهو يعاود الصعود للأعلى ...
نظراته تتعلق بجسدها الساكن في نومه بلهفة وكأنه لا يصدق أنها حقاً عادت ...
يتمدد جوارها ليتحسس ملامحها بأنامله التي هبطت بخشوع ذائب نحو بطنها ...
هنا طفلته منها !
طفلته التي لم يدرك أنه حقاً يشتاقها إلا الآن !!
ترى كيف سيكون شكلها ؟!
لا يهم !
ما يعنيه أنها قطعة منها ومنه...وكفى!!


صورة ابنه من "سيلين" تعاود القفز بسلطان وساوسه للذنب القديم ...
لكنه هذه المرة كان من القوة بمكان أن نفض عنه هواجسه هذه لينحني فوق بطنها بقبلات ناعمة حذرة ...
لتصدمه حركتها تحت أنامله !!!
رفع رأسه بصدمة وهو يعاود تحسس بطنها ليتيقن من حركة الجنين التي جعلت جسده يقشعر تأثراً بها ...
ابنته تشعر به ...
تتجاوب معه ...
الدموع تملأ عينيه وهو يجرب هذا الإحساس لأول مرة فيرفع رأسه لأعلى بحمد العلي القدير ...
قبل أن ينتبه لتململ ياسمين في نومها وكأنما أزعجتها حركة جنينها !

لكن الحقيقة أنها كانت تعيش كوابيسها الخاصة التي صارت قلما تفارقها ...





عتاب أمها ..نداء أبيها ...صوت الانفجار ...الدخان الأسود...النيران ...
وطيف بعيد باهت لعابد ...
عابد ؟!
أين عابد ؟!
هل سيرحل هو الآخر؟!
تنتفض من نومها مفزوعة فتجفله حركتها قبل أن يجدها تلقي بنفسها بين ذراعيه فجأة تتشبث بعنقه بقوة وبكاؤها الصامت يعاود تدفقه دون توقف ...
ضمها إليه برفق مهدئاً وهو يربت على ظهرها للحظات ..قبل أن يبعدها ليمسح دموعها بكفيه هامساً :
_قومي معايا ...أنا عارف دواكِ.

لكنها تهز رأسها رفضاً كالمغيبة لا تكاد تعي مما يقوله شيئاً
إلا فقط هالة وجوده حولها ...
هنا جذبها برفق من ذراعها ليقف ويوقفها معه قبل أن يتوجه بها نحو الحمام حيث فتح لها صنبور المياه ...


_اتوضي!
الكلمة على بساطتها تصدمها كأنها نسيتها مع ما نسيته !
لهذا وقفت مشدوهة لبضع ثوانٍ قبل أن تشرع في الوضوء ودموعها المتدفقة تأبى التوقف ...
ولم تكد تنتهي حتى ناولها المنشفة لتجفف جسدها ثم جذبها برفق خلفه ليتوجه بها نحو خزانة الملابس حيث جذب لها وشاحاً ساتراً وضعه فوقها ...
قبل أن يسير بها نحو زاوية الغرفة حيث استقبل القبلة ليرفع يده بالتكبير ويسمع تمتمتها به خلفه ...

يستحضر خشوعه طارداً وساوسه قبل أن يعلو صوته
بالتلاوة ...
والإلهام يرشده لسورة "الضحى " عقب الفاتحة ...
ولم يكد يصل لقوله تعالى ...

"ما ودعك ربك وما قلى ..وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى"...

حتى شعر بها خلفه تجهش في البكاء لكنه لم يقطع صلاته مستمراً في تلاوته يعيدها مرة بعد مرة ...
يركع فيطيل الركوع ...
يسجد فيطيل السجود ...
يدعو له ولها قبله وهذا الشعور المهيب يملأه أنه في حضرة الملك الذي يستحي أن يرفع العبد يده إليه فيردهما صفراً خائبتين !!
ولم يكد يسلم من صلاته ليلتفت نحوها حتى وجدها لا تزال ساجدة ...
فانتظرها صابراً لعلها تدرك هاهنا ملجأها وراحتها ...
وقد صدق حدسه !!

ففي مكانها وجبينها يلتصق بالأرض في خشوع ذليل كانت تشعر وكأنما تلقي وزرها عن عاتقها ...
كانت تدرك أنها ابتعدت كثيراً كثيراً ...
لكن النور القادم من بعيد يناديها ...
يطمئنها ...
ويغسل درن روحها ...




نورٌ لن تطفئه الخطايا مهما عظمت ...
ينبئنا أن لو أتينا بقراب الأرض خطايا نادمين مستغفرين
لأوتينا بقرابها مغفرة ....
=========

_لو شفتك حواليها تاني هاقتلك ومش هاخد فيك ساعة سجن واحدة !

يتذكرها بصوت يامن عندما التقاه أمام قبر وجدي بعد رحيل ياسمين العاصف ودفعها لكليهما ...
يتحسس ذقنه حيث موضع لكمة وجهها له يامن عقب عبارته ولم يردها له !
ربما لأنه كان يرى معه بعض الحق هذه المرة !
ياسمين لا تزال أسيرته بعقد زواج وهو "الدخيل" هاهنا!!
لكن هل سيستمر هذا الوضع ؟!
هل سيتركها الآن تحت رحمة مجنون كهذا ؟!
لكن ماذا عساه يصنع وهو مكبل برفضها هي لمساعدته ؟!!

أطلق صيحة غاضبة وهو يخبط سطح مكتبه بكفه !!!
ياسمين أخبرته أنها سترفع قضية طلاق وهو سيساعدها في الاحتفاظ بطفلها ...
علامَ إذن كان كل هذا التخطيط مع ياقوت ؟!!

ياقوت؟!
اسمها الذي استحضره ذهنه يقلب مشاعره الغاضبة للنقيض ...
ارتياحٌ رهيب يغمره يمتزج بنشوة غامضة ...
احساس مميز تختص بها هي ...يستمد تميزه من شعوره المتناقض بها ...
ياقوت ...بلسم الطبيبة الشافي ...
ياقوت...ذكاء المرأة النادر...
ياقوت...قوة الأنثى المثيرة لحواس صياد مثله...
ياقوت...جمالٌ بكر مدفونٌ ينتظر من يزيح عنه اللثام !

وماذا عن ياسمين؟!
هل تجوز المقارنة هاهنا ؟!
ياسمين المرأة الكاملة التي يرتجيها زوجة...
لكن ياقوت ...!

تنهد بعمق عند الخاطر الأخير عاجزاً عن إكماله !!!
يود لو يعترف أنها "مجرد طريدة" يستمتع بصيدها ...
لكن- احترامه- لها يمنعه من "تهميشها" إلى هذا الحد !
ربما ...ربما لو شعر للحظة أنها لا تستحق احترامه هذا لوضعها في خانة "الطريدة" بضمير مرتاح ...
ساعتها سيتلذذ بصيد امرأة أخرى هي صورة من "زوجة أبيه"!

انقطعت أفكاره فجأة عندما انتبه أنها اعتذرت عن جلسات همسة لثلاث مرات متوالية...
اليوم ...ألم يكن من المفترض بها أن تأتي؟!
نظر في ساعته للحظة قبل أن يتناول هاتفه ليتصل بها ...

وفي غرفتها بالمركز تجاهلت اتصاله لمرتين ...
قبل أن تستجمع بأسها لترد ...لم يعد هناك جدوى من تأجيل المحتوم ...

_إزيك يا ياقوت ؟!

تغمض عينيها بقوة شاعرة بعظم ما توشك أن تفقده ...
ليس هو نفسه ...بل "أحقية الحلم بمن يشبهه"!!
ربما ثمر محقة !
من مثله لا ينظرون لمن مثلها إلا نظرة واحدة فقط !!
هي "ابنة الخادمة" ورثت عن أمها عارها ...
و"ابنة الثري" الذي لم يورثها جاهه ولا ماله ...بل خطيئته !
و"الجبين " الموصوم بالسواد لا يشفع له بياض جسد ناصع!

_خير؟!

تقولها باقتضاب متجاهلة تحيته ليعقد حاجبيه شاعراً بالغرابة ...
ألم يتجاوزا مرحلة فظاظتها هذه في الأيام السابقة ليعرف بعض الود طريقه بينهما ؟!

_ناسيانا ليه ؟!
بلهجته المميزة بين الهيمنة والود يقولها لتجيبه بتحفظ :
_كنت لسه هاكلمك .
_صحيح؟!
نبرته يتخللها بعض العبث المقصود لمغازلة عذرية قلب يثق بأثره عليه ...
لتطعنه عبارتها في الصميم:
_عشان أعتذر عن حالة همسة .

كز على أسنانه بقوة وهو يشعر بمزيج غريب من الأحاسيس ...
نزعة "الصياد" بداخله تدفعه للإحساس بالخيبة من تفلت طريدة كهذه من يده ...
لكن هل هذا هو ما يملأه الآن فحسب؟!
لا...
غصة تخنق حلقه وهو يتصور رد فعل همسة على هذا القرار ...
همسة التي تعلقت بها بشدة حتى كادت تنافسه في مكانته هو لديها !!

لهذا صمت لحظات ليعاود القول بنبرة أكثر خشونة :
_احنا مش اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده ؟! إيه الجديد ؟!

التوت شفتاها بابتسامة ساخرة لم يرها وهي ترد بحزم مقتضب:
_معنديش حاجة زيادة أقولها ...ربنا يوفقكم مع دكتور غيري .

استشعر أنها ستنهي المكالمة هكذا فهتف بغضب لم يملكه :
_هو إيه لعب العيال ده ؟! انتِ فاكرة مشاعر الناس لعبة ؟! تعلقيها بيكي وبعدين تسيبيها ؟!
_كويس جداً إنك فاهم إن مشاعر الناس مش لعبة !!
قالتها بعتاب مبطن خلف واجهة معتدة كعهدها ليردف بتشكك :
_قصدك إيه ؟!

دمعت عيناها رغماً عنها وهي تشعر أن إنهاء الأمر ليس بهذه السهولة التي تخيلتها ...
قلبها يكاد ينفطر كأنه فقد عزيزاً ...
مشاهد متتالية من حديقة بيته ...غرفة همسة ...ابتسامتها ...نظرتها ...عناقها ...
كتبها التي تقرأها لها ...
و...هو!!
هو الذي مس أعمق نقطة بقلب عاشت هذا العمر كله تخاف عليه أن يُمَسّ!

من اليوم لا زين !
لا "حلم"!
لا "رجل" يرفع رأسها ورأس ثمر ويجعل أباها يندم على ذنبه القديم !!
من اليوم ...لا "أمل"!
أو ...فلتعد للبحث ...لعل القدر الرحيم يمنحها العوض!

الخاطر الأخير أمدها ببعض القوة لتعاود القول متجاهلة سؤاله :
_بعد إذنك عندي شغل ...هاكتب تقرير بتطور الحالة وأبعتهولك عشان لو هاتكمل مع حد تاني .
_مش هاتكمل مع حد تاني ...وانتِ اللي هتشتغلي معاها ...
هتف بها بصرامة استفزتها لينظر في ساعته مردفاً :
_عندي اجتماع مهم دلوقت ...هاجيلك بعد ساعتين .
كادت ترد بعبارة قاسية تغلق بها الاتصال في وجهه لكنه فاجأها عندما أغلق هو الاتصال !
======
_انتِ صحيح هاتسيبي همسة ؟!
سألها رائد بقلق وهو يجلس أمامها على مكتبها في المركز بعد نصف ساعة فقط من محادثتها مع زين لترد بابتسامة مرتبكة :
_هو لحق يقوللك؟!
لكنه تجاهل عبارتها ليسألها بضيق حقيقي:
_ليه ؟! ده أنا ما صدقت حد يفرق معاها !
شبكت أصابعها أمامها مطرقة الرأس لتغمغم بشرود :
_انت دراعه اليمين ...وأكيد عارف علاقته بيامن حمدي وياسمين ذو الفقار .
تجمدت ملامح رائد للحظات وكأنه فوجئ بمعرفتها قبل أن يعود لوجهه قناعه الجليدي مع قوله :
_وده يضايقك في إيه ؟!
_يضايقني في إيه ؟!
هتفت بها باستنكار ترفع إليه عينيها الثائرتين خلف نظارتها ليهز كتفه بقوله خلف قناعه المعدني :
_محدش يقدر يضربك على إيدك ويقوللك اعملي وماتعمليش ...خلليكي في شغلك وخلاص.

_كان نفسي أحسبها زيك كده ...بس للأسف عندي حسابات مختلفة !
_أنا عمري مااترجيت حد ...بس عشان همسة...
يقولها بنبرة لانت كثيراٌ وجعلت صوته يرتعش بكلماته لكنها قاطعته بقولها:
_أرجوك ما تكملش ...لو أقدر ماكنتش هاستنى منك رجاء ولا حتى طلب ...ربنا عالم حبيت همسة أد إيه وكنت أتمنى فعلاً أكمل معاها بس ...غصب عني ...

عقد حاجبيه بقوة وهو يفكر في سبب ما تفعله ...
بينما استطردت هي بنبرة أكثر عاطفية :
_فيه دكتورة زميلتي ممكن أرشحهالكم ...هاشرح لها التكنيك اللي كنت ماشية عليه وممكن أتابعها من بعيد لبعيد ...بس مش هاقدر أدخل البيت ده تاني .

_زين ضايقك ؟!
دمعت عيناها للحظة بعد سؤاله لكنها وارت هذا خلف قناع قوتها لتقول باعتداد :
_مالوش عندي حاجة عشان يضايقني ...كان بيننا شغل وخلص .

زفر زفرة قصيرة وقد أنبأته ملامحها أن الأمر محسوم ...
على الأقل من جهتها هي !
لكنه يشك أن لزين رأياً آخر !
لهذا قام من كرسيه ليرمقها بنظرة آسفة حملت الكثير من امتنانه مع قوله :
_مفيش قدامي غير إني أشكرك ع اللي عملتيه...
ثم أشاح بوجهه للحظة قبل أن يعود ليرمقها بنظرة عميقة وقد راوده حدسٌ ما جعله يردف بنبرة غامضة :
_ وأنا لسه عند وعدي ...أي حاجة تحتاجيها في أي وقت ما تتردديش تطلبيها مني .

ورغم شعورها بالامتنان لكنها وقفت مكانها لتقول باعتدادها المألوف:
_متشكرة جداً ...بس ماافتكرش هنتقابل تاني .
فالتوت شفتاه بابتسامة "غريبة" لم تدرِ ساخرة أم مشفقة ...
قبل أن يغادرها وقد عاد إليه قناعه المعدني بخطوات واثقة لا تشي بما يفور في صدره من مشاعر ...
=======

"صائد كنوز"!
وماذا يضيرني لو كنت حقاً كذلك؟!
أحمقٌ من يغض الطرف عن بريق اللؤلؤ في عينيكِ بعدما أهلكه شغفاً ...
وما كان الحمق يوماً من صفاتي.
فرصة واحدة لكِ كي تبتعدي...
وبعدها كل الفرص لي ...بالاقتراب!
"زين"
==========
تحدثني عن لذة "الصياد"؟!
دعني أحدثك إذن عن متعة "الطريدة" وهي ترد له شباكه خاوية !
تحدثني عن مهارة استكشاف الكنوز؟!
دعني أخبرك إذن "أصول" استخراجها !
تحدثني عن تاريخ "قديم" لملك غازٍ؟!
دعني أروِ لك إذن حكاية "متجددة" لملكة لا ينكسر تاجها ...لا تستسلم قلاعها ...ولا يخون جندها ...
تحدثني عنك؟!
بل دعني أحكِ عني ...
فحكايتك قتلوها بحثاً على المقاهي والأرصفة ...
وحكايتي سيخلدونها في مجلدات التاريخ !
"ياقوت"

=======
وصلت سيارته أمام المركز ليشير للسائق بالتوقف ليهم بالترجل لولا أن لمح رائد يخرج !
عقد حاجبيه بشك وهو يراقبه يتحرك بملامحه الجامدة كعهده قبل أن يستقل سيارته ليتحرك بها مبتعداً ....
ما الذي كان يفعله هنا ؟!
ولماذا لم يخبره أنه قادم ؟!
ولماذا اختار هذا التوقيت بالذات مدركاً انشغاله بالاجتماع الذي أنهاه سريعاً قبل ميعاده ...
ربما لو لم يكن قد فعلها لما علم عن مجيئه هنا شيئاً !!

ممممم...رائد يخفي شيئاً ما عنه...
شيئاً يتعلق بياقوت هذه !!
لن ينسى همساتهما المختلسة ولا لكزته لكتفها عندما رآه ...
كذلك لن ينسى كيف تعمدت استفزازه لتجعله يتدخل في جلسات همسة معها ...
ماذا عساه يدور بين هذين الاثنين ؟!
وما الذي تخفيه هذه المرأة خلف واجهة الطبيبة المكافحة ؟!
لا بأس ...
سيحكم الشرك هذه المرة ولن يسمح لها بالفكاك !!

وعند الخاطر الأخير ترجل من سيارته ليتوجه نحو المركز حيث غرفة مكتبها التي طرق بابها ليدخل دون انتظار إذنها في بداية نارية لمواجهة لا يدري إلى أي حد ستكون ساخنة...

لم يكلف نفسه مشقة إلقاء تحية مع ملامحها المتحفزة التي تنمرت وهي تلتفت نحوه لتستدعي كل قوتها بقولها :
_عندي جلسة كمان خمس دقايق .

هل فوجئت به ؟!
الغريب أن لا!
قراءتها الذكية لشخصيته أنبأتها أنه لن يقبل برفض ...أي رفض!
"ابن الأكابر" الذي ولد وفي فمه "طاقم ملاعق" من ذهب لن يرضى بكلمة "لا" يقذفها أحدهم في وجهه !

_ما احنا مش هناخد خمس دقايق !

يقولها بنبرة متحدية عبر عينين نافذتين وهو يقترب منها أكثر ...
توقعته سيجلس أمامها على كرسي المكتب لتفاجأ به يقترب من كرسيها هي ليستند بكفيه على حافة المكتب جوارها يراقبها من علوّ...
لم تستطع منع ارتجافة جسدها لقربه المستفز هذا لكنها رفعت نحوه عينين غاضبتين مثله بينما هو يقول ونظراته تتفحص ملامحها :
_دقيقتين تفهميني إيه اللي حصل ...ودقيقتين أقنعك تغيري رأيك أياً كان السبب اللي بتتخلي عن همسة عشانه.

ابتسامتها الساخرة من ثقته بنفسه تثير المزيد من غضبه الذي تحكم به بينما هي تعود للخلف مستندة على ظهر كرسيها لتعقد ساعديها أمام صدرها قائلة :
_هي دقيقة واحدة هاقوللك فيها اللي يخليك تمشي فوراً ...وتقفل الباب وراك .

كز على أسنانه بغضب مكتوم من هذه اللهجة التي لم يعتد أن تحدثه بها امرأة !
بينما وقفت هي مكانها لتناطحه رأساً برأس مردفة :
_لو مدام ياسمين حابة شهادتي بخصوص دكتور يامن فأنا لسه عند رأيي اللي قلتهولك قبل كده ...

اتسعت عيناه بصدمة من عبارتها ليفقد كلماته ...
هل قالت "ياسمين" و"يامن"؟!
هي عرفت !
بينما هي تستطرد باعتدادها الذي خالطه الآن بعض الشماتة :
_بس للأسف عندنا حاجتين استجدوا ....الأولى إن دكتور يامن قطع شوط كبير في العلاج فعلاً وبقى متوازن نفسياً ...يعني كطبيبة معالجة ليه بأكد إن مفيش ما يمنع حضانته للطفل ...
عقد حاجبيه بغضب هادر لتردف هي بنفس النبرة :
_والتانية إني ما أظنش الأمور هتوصل لكده حالياً...لا دكتور يامن هيسمح إنه يخسرها ولا هي هتقدر تستغنى عنه ...
ثم ابتسمت ابتسامة مغيظة لتنهي حديثها بقولها :
_مفيش داعي بقا نلف وندور ..."هارد لك" يا زين بيه .


ضغطت حروفها الأخيرة ببطء لكنه لم يكن ليعترف بهزيمة ...
صحيحٌ أنها أمسكت بزمام المبادرة عندما فاجأته بعلمها عن غرضه الحقيقي من استقطابها لكن لا يزال في جعبة الصياد الكثير ...
لهذا سيطر على ملامحه رافضاً الاعتراف بهزيمته أمامها ليقول بنبرة محايدة:
_ومين قاللك إني كنت عايزك إنت بالذات عشان ده بس؟! فين همسة من حساباتك ؟! إحساسي إنك ارتبطتي بيها زي ما هي ارتبطت بيكي ...إيه اللي يخليكي فجأة كده تدوسي على مصلحتها؟!
_وانت بتخاف قوي على مصلحتها ؟!
ازداد انعقاد حاجبيه و"القمرين السجينين" خلف نظارتها يشتعلان الآن مع استطرادها :
_بتخاف عليها قوي وانت واخدها سلمة توصللك ليا وواخدني أنا نفسي سلمة توصللك لياسمين ؟! بتخاف عليها قوي وانت حابسها في أوضة برة بيتك اللي ممنوع تدخله وتحس بحقها في بيت أبوها ؟! بتخاف عليها قوي وانت بتستعر تواجه بيها الناس ومخبيها عن عينيهم عشان ما تسيئش لصورة زين بيه العظيم ...

احمر وجهه بانفعال صارخ لتعقد هي ساعديها أمام صدرها مردفة بتهكم شامت :
_قوللي صحيح بعد الفيديو بتاعك انت وياسمين ....المفروض مين اللي يستعر م التاني ...انت واللا همسة ؟!

عبارتها المهينة جعلت جسده يتحفز في وقفته بعنف أجفلها قليلاً خاصة وهي منه بهذا القرب لكنها لم تهتز وهي تنظر في ساعتها قائلة :
_الدقيقة خلصت ...زي ما توقعت ...خلص الكلام !

قالتها ثم أشارت للباب في حركة موحية لكنه رفع كفه فجأة ليمسك كفها بعنف صدمها وهو يقترب بوجهه منها قائلاً بقسوة أخافتها:
_الكلام يخلص لما أنا اللي أقول ...واللي قلتيه ده هدفعك تمنه غالي قوي ...أنا ما يتقالليش لأ.

السكين ...
الجلباب الأحمر ...
الوشاح الممزق ...
السكين ...
الأصابع الغليظة ...
الصوت الثمل ...
السكين...
الساعة المكسورة ...
السكين ...
السكين ...
السكين !!!

المشهد القديم يطفو فجأة من جديد لمخيلتها فيرتجف جسدها رعباً ...
كل حصون قوتها لا تسعفها هاهنا في هذا الموقف وهي ترى فيه نفس الصورة الذكورية الغاشمة !
لكنها أبداً ...أبداً لن تكون الصورة الأنثوية الخانعة !!

لهذا نفضت كفه بعنف لتهتف بحدة تسربت منها لكنتها القروية المميزة رغماً عنها :
_وأنا محدش يشتريني ولا ليا إيد بتوجعني هتمَسَك منها !

تحكم في غضبه بصعوبة وهو يرمقها بنظرات حارقة للحظات سبقت كلمته المتوعدة :
_هنشوف!

قالها ثم اختفى من أمام ناظريها في لحظة حتى شكت أنه لم يكن حقاً هنا !!
لتنهار بعدها جالسة على كرسيها مخفية وجهها بين كفيها ...
لقد اقتصت من جرحه لكرامتها ...
من إهانته لذكائها ...
لكن ماذا عن وجع قلبها الذي سقط في جحيم "التعلق"؟!!
ماذا الآن وقد رحل "الحلم"؟!!
=========
بعد أسبوع ...

فتحت عينيها فجأة لتتلفت حولها ...
أين يامن ؟!
لقد اعتادت وجوده متيقظاً جوارها عقب استيقاظها من النوم طوال الأيام السابقة ...
لهذا انقبض قلبها وهي تنهض من رقدتها لترفع غطاءها عنها ...
قبل أن تقوم لتبحث عنه ...
هبطت الدرج نحو الأسفل لتجد المكان كله خالياً منه !!

تكدست الدموع في عينيها وهي تتوجه نحو باب الشاليه تفتحه لتجده مغلقاً من الخارج ...

هل حبسها هنا وغادر ؟!
ازداد انقباض قلبها والدموع التي صارت أبخس بضائعها تسيل بلا توقف على وجنتيها خاصة عندما لمحت عيناها هناك بقايا من بالونات كان قد أعدها لها في زيارتهما الأولى هنا ...
والآن صارت مجرد بقايا مهترئة !!!

توجهت نحوها لتمسك إحداها بين أناملها بأسى وفزع غير مبرر يتملك قلبها الذي أرهقته كثرة الخطوب ...
فجلست مكانها تبكي بانهيار صامت ...

وعلى الباب وصل يامن لتوه بعد عودته من شراء بعض الحاجيات وما كاد يفتح الباب حتى فوجئ بجلستها البائسة هناك في الزاوية فألقى ما بيده جانباً لتبادره هي بعدوها الملهوف نحوه قبل أن يتشبث ذراعاها بعنقه وصوت نحيبها العالي يمزق أذنه ...
فهتف بجزع مشفق وهو يضمها نحوه ليربت على ظهرها مهدئاً:
_أنا آسف ...كنا محتاجين حاجات وقلت ألحق أشتريها قبل ما تصحي...آسف يا حبيبتي ..آسف...

لم ينتبه لأثر كلمة "حبيبتي" التي نطقها بعفوية إلا عندما شعر بجسدها يستكين بين ذراعيه فجأة لتخف حدة بكائها ...
فتنهد بارتياح وهو يبعدها قليلاً ليتفحص ملامحها المتعَبة بإشفاق خاصة عندما فتحت له كفها ببطء ليرى بقايا البالونات الممزقة فيه ...
قبل أن ترفع إليه عينين شاكيتين دون حديث كعهدها طوال الأيام السابقة...
لكنه رفع كفها نحو شفتيه بقبلة عميقة ليهمس أمام عينيها :
_ولا يهمك...هاعمللك غيرهم...تعالي شوفي جبت إيه ...
قال عبارته الأخيرة وهو يجذبها من كفها نحو الأكياس التي وضعها أرضاً لينتقي منها كيساً بلاستيكياً كبيراً حوى العديد من البالونات الملونة ..

_هاقعد النهارده كله أنفخهم لك زي زمان ...فاكرة ؟!

يقولها بحنانه الذي امتزج بالأسف...بالندم...وبالعتاب ...
لتجيبه بإطراقة رأسها الصامتة لكنه تقدم منها ليرفع ذقنها نحوه مردفاً بحروف تقطر عشقاً:
_ولو مش فاكرة ...هافكرك...وعد مني أرجع لك كل ساعة حلوة عشناها ألف ساعة...ألف يوم...لا...ألف سنة .

عضت شفتها بقوة وكأنها لا تصدق أن ينطلق لسانه بهذا الحديث هكذا دون محاذير ...
هل تغير حقاً كما يبدو؟!
أم أنه مجرد حلم تعيشه مفتوحة العينين ؟!!
حسناً ...فلتعِشه فحسب ...لقد ملت الأسئلة !!

لهذا اقتربت تخفي وجهها في صدره دون كلمات ليقبل رأسها بعمق قبل أن يحيط كتفيها بذراعه ليحمل بقية الأكياس ويتوجه بها نحو المطبخ الصغير هناك ...

_اقعدي هنا واتفرجي بقا على إبداعات الشيف يامن ...

قالها ببعض المرح محاولاً إخراجها من حالة التشتت التي تعيشها هذه الأيام ...
لكنها بدت غائبة الذهن والوعي فشمر كمي قميصه ليشعل الموقد هاتفاً :
_بيض مقلي بالروزماري زي ما بتحبيه اليومين دول!

رمقته بنظرة مندهشة فهي لم تجرب هذا المذاق إلا قريباً جداً وبعد انفصالها عنه ...
كيف عرف؟!

ويبدو أنه قد قرأ سؤالها في عينيها عندما غمزها ليردف:
_احنا برضه بنعرف نجمع معلومات من الفيس ونراقب من بعيد !

تزينت شفتاها بشبه ابتسامة وهي تغمض عينيها بينما رائحة الطعام تصلها شهية حقاً لتشعر بحركة يمنى في بطنها شديدة الوطء هذه المرة مما جعلها تطلق آهة خافتة وهي تمسد بطنها ...
فتوجه هو نحوها لينحني على ركبتيه أمامها قائلاً بقلق:
_انتِ كويسة ؟!
لم تزد عن إيماءة واهنة فمد أنامله يمسد بطنها لييعاود السؤال بحنان فاض بين حروفه :
_بنتي جعانة ؟!

رمقته بنظرة عميقة وهي تسمع منه كلمة "بنتي" هذه التي أشعرتها بالغرابة ...
كيف انقلب حالهما هكذا في غمضة عين ؟!
يامن هذا مختلف ...
ليس كيامن الذي صرخت يوماً بكل قوتها أنها تكرهه...
ولا حتى كيامن الذي امتزج عشقه بدمها منذ سنوات ...
هو يبدو وكأنه ولد من جديد !!!
لكن ماذا عنها هي ؟!!
هل تزعم أنها هي لم تتغير؟!

ابتسامة مريرة ترتسم على شفتيها البائستين دللها هو بشفتيه بقبلة سريعة قبل أن يقف ليجذب كفها قائلاً :
_الجو النهارده دافي شوية...تحبي نطلع نفطر على البحر؟!

كان يعلم أنها لن تمنحه رداً كعهدها طوال الأيام الماضية ...
لهذا لم يعطها فرصة الجواب وهو يجذبها مع صينية الشطائر التي أعدها ليسير بها نحو الخارج ...
توقفت مكانها للحظات عندما شعرت بقدميها خارج الشاليه وهي تتلفت حولها بتشتت وكأنها لا تصدق أي عالم جديد وجدت نفسها فيه فجأة...
هل غادرت ماليزيا ؟!
هل عادت لمصر؟!
هل عادت ليامن ؟!
لنفسها؟!!

شيئ من الخوف يتملكها فتتشبث بذراعه رغماً عنها كطفلة تائهة لكنه كان يستوعب هذا الطوفان من المشاعر التي تجتاحها ...
قلقه عليها يكاد يقتله لكن عزاءه أن ياقوت تتابع معه حالتها على الهاتف وتخبره أنها لا تزال في مرحلة الصدمة ...

_رايحة فين ؟!
يسألها وهو يراها تهم بالاستلقاء على أحد كرسيي الشاطئ الموجودين هنا تاركة له الآخر ...
قبل أن يجذبها برفق ليجلسها جواره على نفس الكرسي قائلاً بحزم عاشق:
_مش هاسمح لحاجة تفرقنا...ولا حتى كرسي!

أغمضت عينيها بتأثر من عبارته لتستلقي مريحة رأسها على صدره فقبل رأسها برفق ليبدأ في إطعامها بحذر خشية أن ترفض كعهدها طوال الأيام السابقة التي لم تتناول فيها إلا النذر اليسير من الطعام ...
لهذا تنهد بارتياح وهو يراها تنهي شطيرة كاملة في إنجاز غير مسبوق ...
ثم قبل وجنتها بعمق ليرفع ذقنها نحوه هامساً أمام عينيها :
_عايزة أسمع منك كلام كتير ...كل حركة...كل كلمة...كل نفس عشتيه بعيد عني ...

لا يزال يامن الجديد هذا يثير ارتباكها ...
كيف تألف هذا التغير الذي أصابهما؟!
الآن هو من يدلل ويبوح ويغازل ويستنطقها الحكايا؟!!
ألم يكن هذا الدور قديماً حصرياً لها ؟!!

_لو مش عايزة تتكلمي دلوقت مش هاضغط عليكِ...بس عايز أنا كمان أحكي لك عن كل اللي حصللي في غيابك...

لايزال همسه الحار يلهبها بأنفاسه وعيناه الحبيبتان تناجيان عينيها فترفرف أهدابها للحظات قبل أن تشعر بشفتيه تعزفان اللحن القديم على بشرة وجهها مع استطراده :
_مش عايزة تكمللي حكاية يامن اللي مفيش حاجة عنه ياسمين ماتعرفهاش ؟!


جفناها يرتجفان قليلاً قبل أن تفتحهما لترمقه بنظرة مشتتة عبر غيمة من الدموع ...
لكنه لم ييأس بل ضمها إليه أكثر حتى كاد يلصقها به ليقول بنبرة محايدة :
_أنا عرفت بعدك ست ...أثرت في حياتي قوي ...

شيئ من الحياة عاد للعينين الذابلتين بينما تحفز جسدها في رقدته وشفتاها تنفرجان قليلاً كأنها على وشك الحديث فأدرك أنه قد أصاب هدفاً ...

_مش هاحكي لك عنها غير لو طلبت انت مني!

ببعض المكر يقولها محاولاً إخراجها من قوقعتها الصامتة وقد صدق ظنه عندما تغيرت النظرة المشتتة في عينيها لأخرى حادة نوعاً ...سبقت صمتاً طويلاً مشحوناً بالانفعالات ...
قبل أن تنطق أخيراً بأول كلمة منذ أيام التزمت فيها الصمت المطبق:
_احكي.

هنا تنهد بارتياح وهو يضحك ضحكة قصيرة بينما يعاود ضم جسدها نحوه قائلاً :
_هاحكي لك كل حاجة ...عشان تكمللي صُفَح كتاب مفتوح قدامك...كتاب اسمه يامن !
=======

_إزيَك؟!
يضم مروان الهاتف لصدره بقوة وهو يأخذ نفساً عميقاً بعدما سمع صوتها السابق ليعيده لأذنه قائلاً ببعض التحفظ :
_الحمدلله.
لم يفلح تحفظه في حجب دفء صوته عنها ليرتبك صوتها وهي تعاود القول بحرج :
_آسفة لو بزعجك باتصالي ...بس بقى لك تلات أيام ما جتش الجمعية...وقلقنا عليك .
_لا باجي ...بس بلاقيكي مشغولة فمابحبش أعطلك.
قالها غير قادر على منع فرحته بشعورها بافتقاده الذي ينطق به صوتها والذي حمل الآن الكثير من الخيبة :
_بجد ؟! طب ليه ؟!
الخيبة المستنكرة في صوتها تزيد سعادتها بمشاعرها الوليدة نحوه لكنه يتخطى هذا ليسألها بحنان صوته الرجولي:
_انت عاملة إيه ؟!
_كويسة ...شفت اللي حصل لعمو وجدي؟!
تنهد مروان بأسف مسترجعاً الحادث الإرهابي الذي تناقلته وسائل الإعلام ليقول بأسى حقيقي:
_الله يرحمه ...نحتسبه شهيد !
_يامن ده بومة...وشه وحش على كل الستات اللي عرفهم ...سيلين ابنها مات وياسمين أبوها برضه مات ...

_لا حول ولا قوة إلا بالله ...هو انتِ لسانك ده ماعليهوش فرامل؟!
قالها باستنكار من عبارتها ليروعه صمتها الطويل بعدها وصوت أنفاسها التي تلاحقت فتنهد بحرارة ليعاود سؤالها بنبرة أكثر رفقاً بعد دقيقة صمت كاملة :
_بتعيطي؟!

لم يصله منها رد لكنه كان يدرك أنها تفعل ...
ومن يفهمها مثله ؟!!
إنها تداري عاطفتها خلف "سلاطة لسانها" هذه
لهذا أغمض عينيه على صورتها ليقول لها بنفس النبرة الحانية :
_الحادثة فكرتك بحادثة والدك ووالدتك الله يرحمهم ...حسيتي بياسمين كأنها مكانك وقتها ...بس الفرق إن هي دلوقت كبيرة ...لكن انتِ وقتها كنت صغيرة ...مش فاهمة يعني إيه موت ...يعني إيه فراق ...يعني إيه حد بتحبه تصحى م النوم فجأة ما تلاقيهوش .

صمتت طويلاً بعدها وهي لا تدري بماذا ترد ...
كيف يفهمها هكذا ؟!
كيف أدرك أن هذا بالضبط ما كان يملأ رأسها عندما سمعت الخبر ؟!

_صعبانة عليا قوي ...حاسة إني أنا اللي حسدتها .
نطقت بها أخيراً بصوت كتمه بكاؤه ليسألها بصبر:
_على إيه ؟!
_على كل حاجة...حب يامن ليها ...منظرها وباباها بيسلمها من إيدها ليامن يوم فرحهم ...منظر عمري ما هيبقى عندي زيه...نجاحها في شغلها ...روحها الحلوة اللي مخلية كل الناس تحبها .

صمت قليلاً يستوعب منطقها ثم عاد يقول لها بنفس الصبر الحنون:
_في يوم من الأيام هتلاقي واحد يحبك زي حب يامن ليها ويمكن أكتر ...يمكن مش باباكي اللي هيسلمك من إيدك ليه ...بس الدنيا عوضتك عن الأب بيامن نفسه...وانتِ عارفة إنك انتِ بالذات عنده زي بنته...ولو على نجاحها في شغلها فانتِ بقيتِ ممتازة في كليتك ...أما عن الروح الحلوة ...فعايز أقوللك إن ناس كتير بتحب روحك دي ...ويمكن انتِ نفسك ماتعرفيهمش .

كلماته هبطت على قلبها برداً وسلاماً وهي تشعر أن مجرد الاستماع إليه جنة ...
جنة لم تطؤها قدماها من قبل مع غيره ...
لا...ليس الأمر مجرد إرضاء لغرور أنوثتها فقد سمعت من قبل اعتراف غيره بالحب ...
لكن منه هو يبدو الأمر مختلفاً ...
ربما لأنه يجمع بصورة واحدة كل الصور الرجولية التي افتقدتها ...
الأب ...الصديق...العاشق ...
كم يشبه عاشقها المجهول الذي اختفى فجأة ليذرها بعده عالقة في تيه مشاعرها ...
ربما لو كان معها الآن لاختلف الأمر ...
لا ...
لم يكن ليختلف !
أو ...ربما !!!

حيرتها تعاود غزل شباكها حول عاطفتها من جديد لكنها تهرب من كل هذا الصراع بسؤالها المحايد :
_أخبار العيادة إيه ؟!
تنهد بارتياح مدركاً أنها تجاوزت مرارة ذكراها ليجيبها :
_أهه ...بكرة هاروح أختار لون الدهان والسيراميك.
_آجي معاك ...أنا ذوقي حلو .
_ودي هتستأذني فيها يامن إزاي دي؟! هتقولي له رايحة أنقي السيراميك مع صاحبك ...عشان يعلقني أنا وانتِ على باب زويلة .

ضحكتها العالية تخترق أذنه كألف لحن صاخب وممتع !!
يشاركها فيها للحظات قبل أن يصله صوتها المتردد :

_ممكن أسألك كام سؤال محيرينني.
_ممكن بس مش وعد أجاوبك على كله ...اللي مش هاقدر أجاوبه هاقوللك عليا واحد .

تضحك باستمتاع جذل ومرحه يرضي طبيعة "الطفلة" بداخلها لتصمت قليلاً قبل أن تعاود أسئلتها المترددة :
_انت ليه سامحتني بسرعة كده ؟! واحد غيرك مكنش بص في وشي تاني؟!
هنا كان دوره ليصمت قبل أن يجيبها بصوته الذي مزج دفئه بحنانه :
_يمكن عشان شايفك زي ما كنت بشوفك زمان ...بنوتة صغيرة بتلعب ع السلم في البيت القديم ...
_قصدك عَيّلة ما يتاخدش على كلامها ؟!
ببعض الغضب تسأله ليجيبها بنفس النبرة الدافئة :
_قصدي بنوتة كبرت قدام عيني ...غلاوتها تشفع لغلطها .

"غلاوتها"؟!
هل قال حقاً "غلاوتها"؟!!
الكلمة على بساطتها ترضي "الأنثى" بداخلها ...
تفجر ألغام عاطفة بصدرها واحداً تلو الآخر ...
وتجعل دقات قلبها تتقافز بجنون هادر على لحن تجده أذنها غريباً ...
ويجده قلبها "وطناً"!!
فتعود لتسأله ...كأنما ترتشف من مذاق هذا الإحساس قطرة قطرة :
_انت فاكرني وأنا صغيرة ؟!
همهمة إيجاب جعلتها تسأل بلهفة :
_فاكر إيه ؟!
_فاكر شعرك البني الطويل اللي كان على طول منكوش...فاكر شقاوتك وانتِ بتتشاكلي مع الولاد اللي أكبر منك...فاكر ركبتك على طول متعورة وعليها ميكروكروم من كتر العفرتة والتنطيط ...

ضحكتها المستمتعة تملأ أذنيه فيغمض عينيه بهيام للحظات ...
قبل أن يردف بأسى:
_وفاكر يوم وفاة والدك ووالدتك وانتِ حاضنة فستان العيد وقاعدة ع السلم .
_انت عارف إن الفستان لسه عندي ؟! بحضنه كل مابحس إني لوحدي .
هتفت بها بعفوية وهي تشعر أن الحواجز بينهما تتلاشى واحداً تلو الآخر ليسألها هو باهتمام :
_وامتى آخر مرة حسيتي فيها إنك محتاجة تحضنيه.
_مش فاكرة...من زمان ماعملتهاش ...يمكن بعدما فقت من محاولة انتحاري الفاشلة.
همهمته المتفهمة كانت جوابه وهو يستعيد ذكرى ذاك اليوم الكارثي ...
وكذلك هي التي استطردت بنبرة آسفة :
_قالوا لي إنك جيت المستشفى يومها ووقفت جنب يامن رغم اللي حصل.
_هتصدقيني لو قلت لك إنه كان أصعب يوم عدى عليا في عمري كله ؟!

قلبها يرتجف بصدرها وعبارته "البريئة" ظاهراً تصلها كأقوى اعتراف بالحب ...
لتمتلئ عيناها من جديد بالدموع وهي لا تدري بماذا ترد ؟!
كيف ترد عشقاً كهذا خائباً ؟!
كيف تدفعه خلف ظهرها وتمضي؟!
كيف ترفض؟!
بل كيف تقبل و"وعدها" منحته لرجل قبله ؟!!
رجل ربما لم تعرف شكله لكنها عشقت روحه ؟!!
الصراع الرهيب يعاود اجتياح روحها فتهرب منه من جديد وهي تنتبه للموسيقا التي تأتيها مع خلفية صوته فتسأله :
_بتسمع إيه ؟!
_دي أغنية كاظم الجديدة "حدثيني" .
لكنها مطت شفتيها باستياء لترد:
_ماليش في كاظم بيفصلني ...عايز حد رايق وباله طويل ...
يضحك متفهماً طباعها النزقة لكنها تعاود القول بتردد :
_بس ممكن أسمعها يمكن تعجبني...هي حلوة...
_قوي ...

وبصوته الدافئ الذي حمله كل ترانيم عشقه بدأ يسرد الكلمات ...

حدثيني حدثيني عن حديث المقل

وعن الشوق وعن الشوق وليل الغزل

لك ثغر حسنه يذهلني

وحديث فيه طعم العسل

لك خد لونه من خجل

آه ما أجمل لون الخجل

عجلي بالوصل يا مؤنستي

فأنا المقتول إن لم تصلي

حلوتي حلوتي حلوتي

لن تغيب الشمس عن ليلتنا

إن حرقناها في نار القبل


حلوتي حلوتي

افعلي المعروف تجزي مثله

والنوايا هي كل العمل

انت لي دنيا على علاتها

وأنا أهواكي يا عمري رغم العلل.

كرر العبارة الأخيرة بنبرة وصلتها عامدة...ملتهبة...حارقة...
عصفت بوجدانها كله فلم تشعر ودموعها تسيل على خديها من جديد ...
تعاصر هذا الشعور الذي يتملكها بطغيان قاهر ...
من هذا ؟!
من هذا حقاً؟!!
هل هو مروان الذي تعرفه منذ سنوات ولم تدرك أنها لم تعرفه حقاً إلا منذ أيام ؟!!
كيف تبدل في عينيها هكذا؟!
أي سحر امتلكه ليجعل من مجرد كلمات جنة بأسرها من نعيم لا ينفد ؟!
بل أي حب يزعم أنه يحملها نحوها ليكون بهذه القوة وهي لا تدري؟!

ليت الأمر بيدها !!
ربما لو لم يكن قلبها عامراً بغيره لما طمعت في من هو خير منه !!
لهذا تحشرج صوتها بعد صمت قصير أحاطهما مع كلماتها التي وصلته ملطخة بدموعها :
_آسفة...أنا قلبي مع حد تاني.

قالتها لتنهي الاتصال بعنف قبل أن تنخرط في بكاء عنيف ...
ربما لو كانت داليا القديمة اللعوب لما وجدت غضاضة في التلاعب بمشاعره حتى يعود عاشقها المجهول ...
لكنها الآن لا تستطيع فعلها ...ولا هو يستحقها منها !!!

لهذا ما كادت تهدأ حدة بكائها حتى تناولت هاتفها من جديد لترسل ل"المجهول":
_عمري ما احتجت لك وسبتني ...كنت دايماً جنبي ...أرجوك ارجع ...

لم تدرِ كم مرة كتبتها وكأنما مع كل مرة تفرغ بعض انفعالاتها ...
قبل أن تجد بعض سلوانها في قراءة محادثاتهما القديمة ...
وأخيراً في- صورته الوحيدة- التي أرسلها لها ...
فلم تسمن ولم تغنِ من جوع!!
والتي عادت تتأملها الآن بالمزيد من التفحص لعلها تجد شيئاً يخبرها عن كينونته ...

مهلاً...كيف لم تنتبه لهذا من قبل !؟!!
قامت بتكبير الصورة عدة مرات عندما لاحظت شيئاً ما جعل عينيها تتسعان بترقب ...
ففي خلفية الصورة كانت تبدو مرآة تعكس لوحة...
لوحة لعدة مربعات متداخلة مختلفة الأحجام !

هي تذكر أنها رأت هذه اللوحة من قبل !!
أين ؟! أين؟!!
ظلت تعصر مخها للبحث عن الجواب لتنفرج شفتاها بصدمة وهي تتذكر أخيراً...
شقة مروان ...
إنه...هو ..."مروان"!!
=======
انتهى الفصل التاسع



























=========


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 11:42 PM   #558

جنة محمود
 
الصورة الرمزية جنة محمود

? العضوٌ??? » 291127
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 624
?  نُقآطِيْ » جنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
فصل ولا اروع 💙💞💝💙
يامن يامن واحلي بوكس طير زين احلي كلمة احبك حبيبيتي اجمل احتواء واجمل سند واجمل ابوه لياسمينه طفلته حبيت حبيت يامن الجديد 😍😍😍
ياسمين والتخبط و مرارة الفقد للمرة الثانية و انهيار حصون عيونها بداية العودة سيدة الالوان تحبو لتتعلم خطواتها الجديدة تخاف الخزلان وتخاف ضياع الفرصة
ولسوف يعطيك ربك فترضي ماجمل اليقين بالله


جنة محمود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-19, 01:05 AM   #559

جنة محمود
 
الصورة الرمزية جنة محمود

? العضوٌ??? » 291127
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 624
?  نُقآطِيْ » جنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond reputeجنة محمود has a reputation beyond repute
افتراضي

اخيرا رانيا عرفت من هو العاشق المجهول خائفة من ردة فعلها ليتها لا تخسر حب مثله

جنة محمود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-19, 01:07 AM   #560

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

اوووووباااااااااا يااااررروووح الررروووح اشتقت للقراءة
.
اوووووويييلللي شكد حلوة الواحد يقرا وهو مرتاح ..

الفصلللللين يجنن يجنن


Malak assl غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملاك عسل
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.