آخر 10 مشاركات
عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          من يقنع الظلال ؟ أنك فـ أهدابي.*مكتملة* (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          شظايا القلوب(3) سلسلة قلوب معلقة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          67 - زواج بالإكراه - فلورا كيد - ع.ج ( كتابة فريق الروايات المكتوبة/كـامله )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الوهم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : hollygogo - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-19, 11:52 PM   #791

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي


نشوي مش هتشوف غير أنها قادره ترجع حلمها وتثبت انها نجحت في حاجه كانت عوزاها
ياقوت وزين القريبين حد الوجع البعاد حد الالم 😭😭😭😭لا انتداب تعبت لهم بقي يارب المواجهه تجيب نتيجه




م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 12:08 AM   #792

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

القطعة السابعة عشرة
=======


_صباح الخير يا دكتور .
تقولها ياقوت بنبرة حاولت أن تكون متماسكة وهي تميز ملامح يامن التي امتزج إشفاقها بغضبها خاصة مع وجود ياسمين جواره ..
والتي اندفعت نحوها لتضمها بقوة هاتفة بود حقيقي:
_حمداً لله على سلامتك يا ياقوت ..من يوم اللي حصل واحنا مش عارفين نقابلك ..ولما عرفنا إن الحاجة خرجت بالسلامة قلنا نيجي لك هنا .

_أنا كويسة قوي الحمدلله .
تقولها باعتدادها المعهود محاولة دفع هذا الحرج الذي تشعر به ..كلهم الآن يعلمون عن علاقتها بزين ..يعلمون في أي وضع كانا عندما جرحته في عنقه ..
ياللخزي!

_ليه ما قلتليش الحقيقة ؟!
يهتف بها يامن بحدة فتحركت ياسمين لتقف جواره ثم أمسكت ذراعه بحركة مهدئة ..
بينما ياقوت تحاول استعادة قناع مهنيتها وسط هذه الظروف :
_حقيقة إيه ؟!
_إن الحيوان ده كان بيهددك بأختك عشان يوصل لياسمين ؟!
يهدر بها يامن بنفس الحدة لتغمض ياقوت عينيها بقوة بينما ياسمين تحاول تلطيف
الأجواء:
_رائد قال ليامن على كل حاجة ..بس احنا عايزين نسمع الحقيقة منك .

لكن ياقوت أخذت نفساً عميقاً لتفتح عينيها أخيراً مخاطبة يامن بنبرتها المعتدة :
_الموضوع ده ماعادش يخصك ولا ياسمين بأي حاجة ..بقا يخصني أنا وأختي ..وكتر الكلام فيه هيجيب شوشرة احنا في غنى عنها .

_يعني إيه يخصك والندل ده بيأذيكي بسببي؟!هو فاكر إن ماوراكيش حد ؟!

_هو خلاص ..طلقني !

تقولها بنفس النبرة القوية التي يشهد الله كم جاهدت لتكون بهذا الهدوء ..
ليتجمد يامن من المفاجأة للحظات قبل أن يتبادل مع ياسمين نظرات دهشة سبقت قوله المتشكك:
_بالسهولة دي؟!

_بتثق فيّ يا دكتور ؟!
تسأله بنبرتها المعتدة ليرد بفظاظته المعهودة :
_يتهيالي عدينا السؤال ده من زمان .


هنا تقدمت منه ياقوت خطوة لتعقد ساعديها مردفة بنبرة عملية لاتزال تجيد بها فصل مشاعرها الشخصية :
_شخصية زين مش وحشة زي ما انت فاهم ..بني آدم له ميزات وعيوب .

_دي مصايب مش عيوب!
يهدر بها بانفعال ملوحاً بكفه لترد ياقوت بنفس التماسك العملي:
_راجل سوق ..اتعود يلف ويدور حوالين اللي هو عايزه ..بس لما اتأكد إن ياسمين سعيدة معاك خلاص بعِد عنها نهائي .
لكنه بدا غير مقتنع وهو يهتف بها بانفعال:
_امال اللي حصل ليلتها ..
_اللي حصل ليلتها يخصني لوحدي ..وأنا مش حابة حياتي الخاصة تبقى مشاع !
تقولها بصرامة معتدة مقاطعة سؤاله ليزفر بحنق بينما ياسمين تراقبهما صامتة محاولة ربط الخيوط لتقول أخيراً بود لا تدعيه :
_احنا مش عايزين نتدخل في حياتك الخاصة ..احنا بس عايزين نطمن عليكِ .

فارتجفت ابتسامة ياقوت مع دموعها التي عادت تتكدس في عينيها لكنها شددت ضغط ذراعيها حولها لترد :
_اطمنوا ..أنا كويسة جداً ..والموضوع ده خلص ..نهائي!

فتقدم منها يامن خطوة ليقول بحمائيته المعهودة :
_ماشي ..هاصدقك إنه خلص ..بس لو رجع الندل ده يضايقك ...
_زين مش ندل !
تقاطعه بها بحمائيتها هي الأخرى لمعشوق روحها ..
فأجفل يامن للحظة قبل أن يعود لنبرتها بعض الهدوء:

_انت مصرّ تدخلني في تفاصيل شخصية ..بس ماشي ..زين وقف جنبي في مواقف كتير مكنتش هعديها من غيره ..الحقيقة غير ما هي باينة لك .

_إيه طلع ملاك وأنا مش واخد بالي؟!
يهتف بها بفظاظته الخشنة لترد بنفس
الابتسامة المرتجفة :


_مفيش بيننا ملايكة ولا شياطين يا دكتور ..بس كلنا محطات في حياة بعض ..ومحطته كانت مهمة قوي في حياتي .

تحشرج صوتها في عبارتها الأخيرة واشياً برغبتها في البكاء..
لتتسع عينا يامن وهو يحاول تكذيب هذه
الإشارات التي تصله منها ..
هل أحبته ؟!
وهو الذي ظنها عاقلة ؟!

_عموماً أنا مش محتاج أفكرك إني جنبك لو احتجتيني في أي وقت .
هذا العرض الذي كان ظاهره الفظاظة بينما تعلم هي أي حنان حمائي يخفيه في باطنه...
لهذا اتسعت ابتسامتها المرتجفة وهي ترمقه بنظرة ممتنة ..
ليتنحنح هو مخاطباً ياسمين بقوله :
_ياللا عشان ما نتأخرش على عمي ..مش هايفطروا من غيرنا .

منحته ياسمين إيماءة موافقة ثم مالت على ياقوت تصافحها لتهمس في أذنها -خفية-بخفوت شديد :
_فاكرة لما قلت لك زين لما يحب هيتجنن ؟!



ارتجف جسد ياقوت وهي تفهم ما تعنيه..
لتزداد كثافة الدموع في عينيها فعادت ياسمين لمواجهتها بهزة رأس ذات مغزى كأنما تمنحها تقريراً غير منطوق ..

لكنها -ياقوت- أشاحت بوجهها هاربة من فيض المشاعر الذي يكتسحها الآن بجنون ..

ليجذب يامن ياسمين من كفها في طريقهما للمغادرة ..

لكن وجه ياقوت "الطبيبة" يعاود رسم ألوانه فتستوقفه بندائها فجأة ..
قبل أن تشير للشمس التي قطعت شوطاً طويلاً في رحلة شروقها خلفها قائلة بنبرتها المهنية :
_انت اتعودت تيجي هنا عند الساقية ساعة العصاري وقت الغروب ..المرة دي مختلفة ..زي ما كل حاجة بقت مختلفة ..ياريتك تفهم ده كويس.

ظل يتفرس فيها للحظات كأنه يتدبر هذا المعنى الذي تريد الإيحاء له به ..
قبل أن تشق ابتسامة واهنة شفتيه مع المغزى الذي وصله من عبارتها ..
حقاً ..
فارق كبير بين الغروب القديم ..
وهذا الشروق الذي يظللهم -جميعاً- الآن بدفء وعوده ..
========


_أنت تعرف ياقوت حفيدة الحاجة ثمر ؟! رأيتكما واقفيْن معها ؟!

يسأله عابد باهتمام وهو ينتحي به جانباً مع ياسمين التي سألته بدهشة :
_وانت عرفت ياقوت منين ؟! وتهمك في إيه ؟!
فابتسم ليقول بحسم :
_أريد خطبة شقيقتها !

ألجمتهما المفاجأة للحظات قبل أن يتبادلا النظر ونفس الخاطر يراودهما ..
مرض لجين بالسرقة !!

_ما الأمر؟! لماذا لا تبدوان مرحبين ؟!
يسألهما بقلق ليرد يامن ببعض الحرج:
_الحاجة ثمر سمعتها هنا زي الدهب وأي حد يتمنى يناسبها طبعاً ..بس ..اشمعنا لجين مش ياقوت مثلاً ؟!

لكن عابد بسط كفيه ليقول بهدوء:
_رأيتها ..أعجبتني ..واستخرت الله لأجدني مستريحاً لخطبتها ..كنت أنتظر فقط خروج الحاجة ثمر كي أفاتحها في الأمر .

عاد يامن يتبادل مع ياسمين نظرات قلقة لكن الأخيرة حسمت ترددها لتسأله :
_انت مصرّ فعلاً يعني عليها هي بالذات ؟!
_نعم ..هي بالذات .


قالها بحسم لتتحفز وقفتها فرمقها يامن بنظرة محذرة لكنها عادت تقول بانفعال:
_طيب ..انت شيخ وعارف ربنا ..هاقوللك حاجة بس تحلف إن مفيش حد يعرفها غيرك ..أنا بقولهالك بس عشان تصرف نظر عن الجوازة دي .

مط يامن شفتيه باستياء مشيحاً بوجهه ..
لكنها وجدت واجبها كأخته أن تحذره من مرض لجين ..
لهذا كانت صدمتها كبيرة عندما أطرق برأسه للحظات سبقت قوله بعدها وهو يرفعه بحسم :
_أنا أعرف عن هذا الأمر ..ولازلت مصراً على خطبتها .

_عارف؟!
هتف بها يامن وياسمين بنفس اللحظة ليهز عابد رأسه بنفس الحسم وهو يرفع كفه في مواجهتهما:
_لا مزيد من التفاصيل! ..هو مرض كغيره يستجيب للعلاج ..أنا قرأت عن الأمر كثيراً واستشرت بعض الأطباء واطمأن قلبي لخطبتها .

_معقول يا عابد ؟! الموضوع ده مفيهوش هزار ..أنا معنديش تحفظ على البنت نفسها ..بس انت مستعد تدخل تجربة شائكة زي دي ؟! الفروق بينكم مش مادية وبس ..انت عارف إنها أكبر منك في السن؟!

تقولها ياسمين بتوجس من مستقبل هذه
العلاقة التي تراها غريبة تماماً وغير منطقية ..
ليرد عابد بملامح سمحة :
_أعلم ..لكنني أشعر بارتياح كبير لهذا
الأمر ..وأنا اعتدت الثقة في قلبي .

فعادت تتبادل مع يامن نظرات قلقة للحظات قبل أن يتقدم الأخير منه لتنشق شفتاه عن ابتسامة واسعة وهو يشد بقبضته على كتفه قائلاً:
_مبروك يا "أبو نسب".
ضحك عابد قائلاً:
_لا تبارك قبل أن توافق الحاجة ثمر أولاً ..لقد أرسلت لأمي أخبرها عن الأمر كي تأتي معي .

فهزت ياسمين رأسها قائلة باعتراض:
_والدتك مش هتوافق يا عابد ..أنا فاهمة دماغها كويس ..حتى لو ماعرفتش تعب لجين .
لكن عابد عاد يقول بيقين :
_يدبرها مقلب القلوب كيف يشاء .

فضحك يامن وهو يعاود التربيت على كتفه هاتفاً بمرحه المعهود :
_اتجوزها ياابني ده كفاية أختها شقراط ..وأهه نضمن نتعالج ببلاش كلنا ..حد طايل في الزمان ده يناسب دكتور نفسي ؟!
======

يصعد سيف الدرج نحو شقة قريبة آنجيل بخطوات متثاقلة كأنما يريد معها تأجيل قراره ..
لا يزال عالقاً بين ذنب قديم يريد تكفيره بأي صورة ..
وبين غد يفتح له ذراعيه في رحاب امرأة تتملك قلبه كل يوم أكثر من سابقه ..
امرأة منحته دليل عاطفتها في آخر مرة التقته فيها ..
لكنه لايزال عاجزاً عن الرد !!

يرفع أنامله ليطرق الباب لكنه يوقفها مكانها ..
لقد أتى الليلة يخبرها أنه يعد العدة ليتزوجا غداً ..

يعلم أنه غاب عنها طويلاً الأيام الماضية لكن التردد كان سيد قراره ..
والآن جاء يحسم الأمر لصالح "الذنب القديم"!!

الوقت متأخر نوعاً ليلاً ولم يسبق له زيارتها في وقت كهذا ..
لكنه يكاد يجن من فرط هذا الصراع الذي يعيشه ..
ويريد حسمه الآن بأي صورة !
أنامله التي توقفت في طريقها لا تزال عاجزة عن الطرق ..
بينما كفه الآخر يخونه ليتحسس ميدالية غادة في جيبه ..
بل يعتصرها اعتصاراً كأنما يتشبث بها رغم البعد !!

وشتان الآن بين كف وكف !!
كف واهن متردد يعده بالراحة من الوزر القديم ..
وكف قوي واثق يستصرخه النجاة بما بقي من العمر ..

يخبط رأسه برفق على الباب أمامه تتنازعه صورتان ..
صورة آنجيل الشاحبة تتسرب من بين ذراعيه بنظرتها العاتبة ..
وصورة غادة بفتنتها المعهودة تبتسم له بحب..
ورغماً عنه يتخاذل الكف الأول المرفوع رويداً رويداً ليسقط جواره بينما يزداد الثاني اعتصاراً للميدالية في جيبه ..

يرفع رأسه عن الباب يرمقه بنظرة آسفة مدركاً أنه لايزال عاجزاً عن فعلها ..
يتراجع بظهره ليهبط الدرج شاعراً بالسخط من نفسه وهو لايزال مطوقاّ..
مكبلاً ..
كأنما قدره أن يحرم قلبه السعادة ..
ومن يدري ..ربما لا يستحقها رجل مثله يحمل هذا الذنب على كاهله ..

_وقف عندك... ما بينفع تطلع معي لفوق
ما بيكفي انك ركبت راسك وجيت لهون؟!



يسمعها بصوت قريبة انجيل فيمد رأسه عبر الطابق الأول الذي يفصله عن قاع الدرج ليجدها هناك تحدث أحدهم ..
أليس هذا هو "البلطجي" الذي زعمت أنه يغازلها وكاد يقتحم شقتها طالبة منه هو أن يتزوجها - صورياً- ليحميها منه ؟!

_اشتقتلك يا حلوي!

يهتف بها الرجل الضخم الذي يرافقها وهو يحاول إحاطتها بذراعيه لتدفعه بدلال وهي تتلفت حولها :
_لك اهدى وروق يا مجنون.. ما قلنا نصبر شوي لبين ما تستوي الطبخة.



_ما عاد فيي اصبر .
يهتف بها بالمزيد من اللهفة ويداه تتجرآن أكثر فوق جسدها الذي كشفه ثوبها بسخاء يراه سيف لأول مرة سافراٌ هكذا ..
هل كانت تتصنع ستر ثيابها أمامه هو؟!

_لو رضيت انك تتزوجني وتكتب ابننا باسمك ما كنت اضطريت اعمل هالتمثيلية على الاجدب التاني.. بس شو اقول وشو احكي ؟! .. جبان وخايف من ولية نعمتك التانيي!
_ايييي...ما تذكريني بالبومة هي؟! هاي لو شمت ريحة خبر اني بعرفك رح تطلع روحي!


تمط شفتيها باستياء وهي تستمع لرده السابق فتعطيه ظهرها هاتفة :
_رجال ما بتجي الا بالعين الحمرا..
وانا لاني طيبِة يضيع حقي.

تقولها بغنج مثير ليلصقها الرجل بالحائط القريب مستغلاً ظلمة المكان النسبية لتعيث أنامله فساداً فوق جسدها :
_مانك سهلِة أبدا .. بتعرفي طريقتك هي شو بتساوي فيني..بحبك كتير ..
_وانا ما بحب غيرك.. بس نصبر شوي لحتى تم هالزيجة وبعدا نشوف.

_ما بتحمل حدا غيري يلمسك.
_بس مرة وحدي ليصدق ان الولد يلي ببطني منه هوي وبعدا بوعدك ما رح كون غير لإلك وحدك!

يشعر سيف بالدم يغلي في عروقه وهو يفاجأ بالمشهد الصادم ..
كانت تخدعه !!
تستغل عقدة ذنبه بهذه الحقارة كي تداري عهرها !!!

لم يشعر بنفسه وهو يهبط الدرج بخطوات راكضة ليجذب الرجل الضخم أمامها فيلكمه في أنفه بعنف قبل أن يطرحه أرضاً ليجثم فوقه مفرغاً فيه شحنات غضبه كلها ..



_اتركه يا سيف هوي خلاص ما عاد رح يضايقني ..شفت بعينك كيف عم يتهجم عليي ..شفت اننا لازم نتزوج كرمال
تحميني!

تقولها مستمرة في تمثيليتها لكنه ينتهي من الرجل الذي أفقده وعيه تقريباّ..
لينهض مواجهاّ إياها ..
يمد أنامله نحو زر الإضاءة الذي وجده قريباً ليشعله ..
فيرى وجهها بهذا الوضوح كما لم يره من قبل ..
عاهرة !!
كاد يسلم اسمه لعاهرة !!
هل هذا ما كان سيقوده إليه قيد الذنب القديم !!

_أنا سمعت كلامكم ..وعرفت حقيقتك !
يقولها وسط أنفاسه اللاهثة وجسده يرتجف غضباً ..
لتصرخ وهي تغطي وجهها هاتفة بمسكنة :
_بس افهم مني الحقيقة ..ما تئذيني بس اسمع مني.

لكنه لا يملك إلا أن يبصق في وجهها قبل أن يتمالك نفسه ليمنع نفسه بالكاد من صفعها ..
خطواته تتعثر بعدها وهو لا يدري أين يذهب ..
الغضب المشتعل بداخله يعوي كذئب جائع يقتات على كرامته الذبيحة ..
مغفل !!
هكذا وصفته تلك المرأة ليدرك أنه حقاً كذلك !!
كيف أعمته عقدته إلى هذا الحد ؟!
كيف لم يلحظ خبثها وسط الإشارات التي كان يمنحها له علاء فلم يصدقها ؟!
كيف كان هكذا فريسة سهلة لوحش "ذنب الماضي" يقتات عليه حتى كاد يقتله ؟!

لم يدر كيف انقضى الليل وهو يجوب الشوارع يقود سيارته كالمجنون ..
لم تصدمه بشاعة المرأة بقدر ما صدمه رأيها فيه ..
والذي يراه هو نفسه الآن !!
مغفل!!
غبي!!

يضرب بقبضته على المقود للحظات ..
قبل أن يجد نفسه يهرع للمكان الأخير الذي يمكن أن يحتويه الآن ..
"قبر آنجيل"!!

هذا الذي ركع أمامه على ركبتيه ليهمس لها كأنما تسمعه :
_أنا آسف ..عارف إنها كلمة مش هترجع اللي كان ..بس خلاص ..ماعدتش قادر أعيش شايل ذنبك أكتر من كده ..أنا كنت مستعد عشان خاطرك أضحي بعمري ..وبالانسانة الوحيدة اللي حبيتها بعدك ..بس دلوقت بس فهمت ..ان ده ماكانش هيبقى الدرس اللي المفروض أتعلمه ..وان الدرس اللي بجد ..اني ماافرطش في حد حبني وحبيته ..مش هاغلط الغلطة دي تاني يا انجي..هارجع لغادة ..هاحبها الحب اللي ماقدرتش احبهولك ..هاديلها الأمان اللي ماقدرتش اديهولك ..يمكن لو شفت في عينيها الفرحة اللي ماشفتهاش في عينيكي ..ساعتها بس اقدر اسامح نفسي !

عيناه تدمعان بقوة فيقبض كفيه وهو يطرق برأسه ليدعو لآنجيل صامتاً ..
قبل أن يغادر القبر بخطوات متثاقلة نحو وجهته الأخيرة ..
"البازار"!



ولم يكد علاء يلمحه بهيئته المشعثة
وملامحه الدامية بعد عراكه مع الرجل
بالأمس حتى هب مكانه هاتفاً بجزع:
_سيف! إيه اللي حصل ياابني ؟!

لكنه تقدم ليتهاوى جالساً على المقعد أمامه ..مغمضاً عينيه ليقول بنبرة منهكة :
_أنا هارجع معاكم مصر خلاص ..
ثم ارتجفت شفتاه بشبه ابتسامة وهو يستعيد طيف غادة الفاتن متحسساً ميداليتها في جيبه ليردف بنبرة وجدت راحتها أخيراً :
_هارجع لغادة .
=====
في شقة بيللا يجلس مروان ينتظر داليا التي خرجت إليه هاتفة بنزقها المعهود :
_اتأخرت عليك ؟! معلش ..هالبس الشوز بس !

قالتها وهي تتقافز على ساق واحدة ارتدت فردة حذائها بينما تحشر قدمها في الثانية ليبتسم وهو يفتح لها ذراعيه :
_طب سلمي عليّ الأول !

اندفعت كعاصفة بين ذراعيه لتغرق وجهه بقبلاتها السريعة هاتفة :
_أهه سلمت ..ياللا بقا عشان نلحق ..لازم ألف المحلات كلها وأختار أحسن فستان .


_مش عارفة ليه مش عايزة نبعت نجيبه من بره ..دي السنة دي باريس منزلة موديلات تهبل !

قالتها بيللا وهي تنضم إليهما مصافحة مروان لتهتف داليا باعتراض:
_مالهاش لزوم المصاريف الكتير ..احنا أولى بيها ..

ثم عقدت ساعديها بدلال حول عنق مروان مردفة :
_وبعدين أنا كده كده هابقى أحلى عروسة في أي فستان ..صح يا مروان ؟!

_طبعاً !

قالها وهو يقبل جبينها باعتزاز فابتسمت
بيللا ليغلب حنانها الأمومي قشرة النجمة بقولها:
_ربنا يسعدكم ..ياللا عشان ما تتأخروش !

تتحرك داليا جواره لتستقل سيارته وما كادت تفعل حتى هتفت بدلالها المعهود :
_غنيلي !
_نعم ! أؤمر يا عم القمور !
قهقهت ضاحكة وهي تميز استنكاره المرح لتستدير نحوه بجسدها هاتفة :
_يامن قاللي إن صوتك حلو ..وبصراحة هاموت وأسمعك بتغنيلي .

_هنا؟! في الشارع؟!
_ممممم ..عندك حق ..ممكن أتهور وأحضنك وتبقى فضيحة ..خلليها ليوم الفرح ..بس ..اعمللي الأغنية مفاجأة .

_واضح إني أنا اللي هاتهور ..وهاتبقى فضيحة !
شهقت بحدة وهي تفاجأ به يندفع ليغمرها بين ذراعيه للحظة واحدة شعرت بها تحمل مشاعر ألف عام ..
قبل أن يبعدها بتنهيدة حارة :
_هونها يارب !

ابتسمت بخجل مناقض تماماً لهذه الجرأة التي تدعيها معه لتعتدل بجلستها في مقعدها مكتفية بمراقبته بينما يقود ووجهه المحمر يكشف عمق تأثره بها ..

_انت عارف إني حافظة شكل إيدك من ساعة الصورة إياها ؟!
قالتها وهي تدور بطرف سبابتها على ظاهر كفه مروراً بعروقه البارزة ليهتف بها بصوت متحشرج:
_اتشغلي في أي حاجة دلوقت يا داليا وسيبيني أسوق ..لو عايزانا نعيش ليوم الفرح !

فزمت شفتيها كطفلة غاضبة وهي تعيد أناملها جوارها قبل أن تعود لها طبيعتها الفضولية ففتحت تابلوه السيارة أمامها تفتش محتوياته ..


قبل أن ترفع ورقة ما كتب فيها اسم ياقوت عدة مرات مع العديد من علامات الاستفهام !
هذه التي قذفتها بنزق في وجهه هاتفة بعصبية :
_ياقوت ؟! تاني؟! وقف العربية دي حالاً وفهمني ...كااااتب اسمها ليييييييه ؟! ليييييه؟!

وصل هتافها حد الصراخ في كلمتها الأخيرة فأوقف السيارة ليحيط كتفيها بقبضتيه هاتفاً بحدة :
_ما تصرخيش ..افهمي الأول !
_اتفضل ..فهمني..مش دي صاحبتك اللي شفتها في المستشفى يوم الحادثة ؟!


تحشرج صوتها ووجهها يحمر بالمزيد من
الانفعال فكز على أسنانه بقوة وهو لا يدري كيف يتصرف ..
هو لا يدري لماذا لم يمزق هذه الورقة ليلتها ..
تلك الليلة الكارثية التي عثروا فيها على جسد زين النازف بشقته ..ساعتها كان أكثر ما يشغل باله هو مدى العلاقة بين ياقوت وزين هذا ..فاستسلم لعادته القديمة بكتابة أفكاره كي يرتبها ..ولم يخطر بباله أن تقع ورقته في يد حبيبته المجنونة هذه !!

_انت بتفكر فيها ؟! عاجباك ؟! شايفها مناسبة لسنك مش عيلة زيي ؟! واللا شايفها أجمل مني؟!


دموعها ترافق كلماتها في مزيج آلم قلبه ليشدد ضغط كفيه على كتفيها قائلاً :
_بس يا مجنونة .

ازدادت وتيرة بكائها فزفر بنفاد صبر ليضم رأسها لكتفه هامساً:
_أيوة مجنونة ..انتِ آخر ست في الدنيا ممكن تغير ..مش بعد كل اللي عرفتيه عن حبي ليكي ..المفروض دلوقت تكوني باصمة بالعشرة إني مابشوفش غيرك .

استكانت لهذا الحنان الفائض بين حروفه لكنها رفعت إليه عينيها الدامعتين هامسة :
_امال كاتب اسمها كتير كده ليه ؟!


ظهر التردد على ملامحه ليحاول الرد باقتضاب:
_كانت واقعة في مشكلة !
_وانت حليتهالها ؟!
أشاح بوجهه دون رد لتهتف :
_ممكن تحسسني إنك واثق فيّ وتقوللي الحقيقة من غير لف ولا دوران ..مش انت بتقول إني اتغيرت وبقيت كائن مسئول يعتمد عليه ؟!

ازداد التردد في ملامحه للحظات لكنه حسمه ليخبرها بما كان ليلتها ..كان يعلم أن جزءاً من احتواء طبيعتها المتمردة أن تشعر أن من حولها يمنحونها ثقتهم ..لهذا لم يتعجب أن مسحت دموعها بنفسها أخيراً وهي تبتعد عنه هاتفة بإدراك:
_عارفاه طبعاً الراجل بتاع الفيديو المتفبرك ده اللي يامن طلق بسببه ياسمين ..موقف غريب فعلاً ..بس الأغرب رد فعل يامن ..معقول صدقها كده بسهولة ؟!

_يامن اتغير .
_حقيقي ..بس المهم ياقوت دي وصلت لفين وعملت إيه ؟! ..وزين ده ممكن يقرب منها أو من ياسمين تاني؟!

_ساعتها يامن هيقتله وضميره مستريح ..
هتف بها بغيظ ليردف ملوحاً بسبابته في وجهها :
_خلاص عرفتِ ..نقفل بقا الموضوع ده ..احنا خلاص اطمنا إنه طلق ياقوت وسابها لحالها .

أومأت برأسها موافقة ليعيد تشغيل السيارة منطلقاً بها لتهمس به بعد صمت قصير :
_شكراً .
ابتسم بحنان وهو يختلس نظرة جانبية نحوها ليرد :
_هو انتِ هتقلبيها دراما على طول كده أول ما تطق في دماغك أي حاجة ؟!
_مش انت حبتني وأنا كده ؟! عايزني أتغير؟!
تهمس بها بدلال وهي تحتضن ذراعه بذراعيها ملقية رأسها على كتفه لتشعر بتشدد عضلاته مع حركتها بينما يهتف ببؤس :
_أنا مش عايز غير تلات حاجات ..أولا ..تعقلي ..
_مممم؟!
_وثانياً ..تبطلي تتدلعي بحلاوتك اللي تجنن دي ..
_ممممم؟!
والهمهمة ترافقها ضحكة كارثية منها جعلته يتفادى السيارة القادمة في مواجهته بصعوبة لتشهق بحدة بينما هو يزفر مكملاً عبارته :
_وأعرف أكمل بأعصابي التلفانة دي ليوم الفرح !

جلجلت ضحكتها عالية وهي تبتعد عنه لتستقر أخيراً في مقعدها مؤثرة السلامة ..

ساعتان بعدها قضاها معها يحاولان اختيار ثوب مناسب لتفاجئه أخيراً بأحدهم ..

_يجنن يا مروان ..مفتوح شوية بس نسده ب"كاش مايوه"!
_كاش إيه ؟!
_كاش مايوه !
_مايوه آه !
يقولها ليجذبها من معصمها نحوه هامساً في أذنها :
_مش عايز استعباط ..ده فستان فرح واللا قميص نوم ؟!

_هو يبان عريان بس هاقفله ..عشان خاطري ..دي ليلة العمر ومش هتتكرر ..طب ..شوفه عليّ الأول !



لكنه يتناول واحداً آخر طويل
الأكمام ..مغلق الصدر ..منعدم التطريز إلا من حزام عريض على الخصر ليناولها إياه :
_ماله ده ؟! رقيق ومحترم !
_إيه ده ؟! أنا رايحة أتجوز واللا أحج ؟!
تهتف بها باستنكار ليرمقها بنظرة صارمة جعلتها تأخذ الثوبين معها نحو غرفة القياس :
_خلاص ..هاقيسهم الاتنين .

وقف خارج غرفة القياس مترقباٌ وهو يشعر بقرب حدوث مشكلة بسبب قصة الثوب هذا ..

_مروان !
يسمع نداءها خلف الستار فيمد رأسه لتتسع عيناه بانبهار وهو يجدها ترتدي الثوب
الأول ..
الثوب الذي بدا كارثياً حقاً بفتحة صدره المثلثة التي تظهر مفاتنها المكتنزة ..وفتحة الظهر المشابهة التي تطول كثيراً حتى تصل لحدود خصرها !
الثوب نفسه كان يلتصق بها كأنما يحتضن جسدها بنعومة ..لينتهي بذيل طويل ..طويل جداً خلفها ..وقد طرز بزهور رقيقة من اللؤلؤ والماسات الصغيرة ..

_شفت يجنن إزاي ؟!قول إنك غيرت رأيك وهناخده !

حلقه يجف وهو يشعر بأن فتنتها تكاد تفقدها صوابه حقاً ..
فيدخل إليها ليغلق الستار خلفه بإحكام ..قبل أن يستدير نحوها لتصب عيناه العشق في عينيها صباً :

_هناخده !
_بجد يا مروان ؟! فعلاً ده ما يتسابش ..أوعدك هقفله خالص ومش هيبان مني حاجة مع الحجاب !

_لا مش هتقفليه !

يهمس بها بصوت أججته عاطفته وهو يقترب أكثر ..أنامله تستريح على خصرها بينما يضمها لصدره فاحمرت وجنتاها بخجل وهي تشعر بتقاربهما يزكي عاطفتها هي الأخرى ..

_إزاي؟!
_ده هتلبسيه ليّ لوحدي لما نروح بيتنا ..أنا وبس اللي أشوفك بيه !

يهمس بها بهيام وأنامله تطوف فوق ظهرها بين رغبة وتقديس ..ليرتجف جسدها بين ذراعيه وهي تسبل جفنيها غارقة في هذا الشعور اللذيذ الذي يدوخها ..وعاجزة عن مقابلة فيض عشقه في نظراته :

_يعني هنجيب فستانين ؟!
تسأله محاولة السيطرة على نفسها لتشعر بشفتيه على وجنتها:
_واحد ليّ ..
ثم الوجنة الأخرى:
_وواحد للعاشق المجهول !

تشعر بوجنتيها تكادان تحترقان ..بل جسدها كله يكاد ينصهر خاصة عندما شعرت بشفتيه تعانقان شفتيها وهو يقربها منه أكثر ..

_خلاص البروفة يا آنسة ؟!

الهتاف من الخارج يجفلهما معاٌ ..فتبتعد عنه هاتفة لمن بالخارج:
_دقيقة واحدة .

يطلق زفرة حارة وهو يحرك كفه حول وجهه طالباً الهواء قبل أن يهتف بها بغيظ :
_مش بقوللك ماعدتش عايز غير تلات حاجات !

لتزيد ضحكاتها المهلكة بعدها غيظه أكثر ...فيخرج وهو يحكم إغلاق الستار خلفه من جديد ليضرب أحد كفيه بالآخر هامساً لنفسه :
_مالهاش حل ..ماهو يا تعقل هي ..يااتجنن أنا !
======




أمام بوابة بيت الفايد يقف بعد عودته بعد المشفى يراقب اليافتة بشرود ..
فخامتها تذكره بذوق أمه
الكلاسيكي الراقي ..
والاسم يحمل إليه هيبة أبيه الكاسحة ..
هذه التي يظنها يوماً لم تزل إلا بخطإ واحد ..
زواجه الثاني!

خطواته تتوغل نحو الداخل أكثر ..
نظرة طويلة نحو الملحق الخارجي حيث غرفة همسة التي صارت
خالية منها ..
نافذتها المفتوحة التي تفتقد رفيقة سنوات ..
ابتسامة شاحبة تظلل شفتيه وهو يجبر قدميه على الولوج أكثر ..
هناك نحو ذاك الممشى الجانبي في الحديقة حيث شاركته ياقوت السير دوماً ..
يستعيد صورتها ذاك اليوم بهيئتها الهزلية ..
نظارتها المربعة ..تنورتها القديمة ..وبلوزتها المهلهلة ..
ملامح رائقة بصفاء قلبها ..وشفتين مهلكتين بقوة فتنتها ..
وعينان ..عينان بحجم الكون كله !!

آهة خافتة تغادر حلقه وهو يشعر أن بيته ..لم يعد بيته ..
لماذا لم يخرج من المشفى نحو شقتهما يتلمس هناك بقايا منها ؟!

لكن هل يجرؤ على العودة هناك حقاً بعدما كان هناك ؟!

نفس النظرة الغامضة تلتمع في عينيه وهو يشعر بوجوب اتخاذ القرار الصعب ..
بيت الفايد لن ينير إلا بشمسَيْ عالمه ..
شمسين لن تشرقا يوماً خلف الظلال ..
إنما مقامهما سماء دون غيوم ..
وإن كان يعلم كيف يعيد همسة ..فهل يملك الثقة نفسها نحو ياقوت ؟!

زفرة حارقة تغادر حلقه وهو يغالب ألم جسده باستراحة نالها على أريكة قريبة ..فكيف يغالب ألم قلبه ؟!

_حمداً لله ع السلامة يازين .
يقولها رائد "الشاهد الصامت" على أوجاعه فيلتفت نحوه ليقول بنبرته المهيمنة :
_الله يسلمك ..ارجع انت بقا لهمسة عشان ما تقلقش ..وأنا أول ما أفوق هاجي لها ..أخبار الشغل إيه ؟!

بدا بعض التردد على وجه رائد الذي اخترق قناعه المعدني طيف من قلق جعل زين يضيق عينيه بتساؤل :
_فيه حاجة مش تمام ؟!
_مشاكل خفيفة ..ما تشغلش بالك .
يقولها رائد متوقعاً منه المزيد من
الاستفسارات لكن زين بدا شديد الزهد حقاً في سماع أي شيء الآن ..

_لو فيه حاجة اعمل اجتماع مع مجلس
الإدارة وسووها .

فاتسعت عينا رائد بدهشة وهو يشعر بغرابة قريبه ..
منذ متى يترك زين الفايد قراراً لمجلس
الإدارة يتخذه وحده دونه ؟!
هل هو حقاً متعَبٌ إلى هذا الحد ؟!

_عايز أناااام .
يقولها زين عبر نبرته المرهقة وهو يعيد رأسه للخلف ليرمقه رائد بنظرة مشفقة وهو يمد له كفه مساعداً ..
هذا الذي اتكأ عليه زين لينهض لولا دخول الخادمة تحمل طلب أحدهم لزيارته ..
ولم يكد يسمع الاسم حتى اتسعت عيناه بصدمة ..

ياسمين ذو الفقار هنا ..تريد مقابلته !
=====









_نورتِ بيتك من تاني .
يهمس بها يامن لها وهو يفتح لها بوابة بيتهما الداخلية لتدلف إلى الداخل ..
عيناها تطاردان أطياف ذكرياتهما الخاصة هنا فتقسم أن تعيدها جميعاً دون تفريط هذه المرة ..

_كان بودي أشيلك ..بس الوضع حالياً حرج !
يقولها مشيراً لانتفاخ بطنها البارز في شهرها التاسع الذي بدأ لتوه ..
فتبتسم وهي ترد مزاحه بهمسها الدافئ:
_شايلني في قلبك يا طيب .

يرد لها ابتسامتها بمثلها وهو يحتضن كفها براحته ليصعد بها نحو الأعلى ..
يفتح لها باب غرفتهما التي لم تلجها منذ تلك الليلة البعيدة ..
ذكريات سوداء بلون أثاثها تعاود تلطيخ ذهنها رغماً عنها ..
لكن لون الجدران الأبيض يتسق وهذا الشعور الجارف في أعماقها ..
فتلتفت له هامسة:
_احضنني !

لم يكن يحتاج منها هذا الأمر الراجي وهو يشعر بحاجة كليهما لفعله الآن ..
لأن يلتصق كل منهما بصاحبه متذوقاً نكهة الراحة في آخر الطريق ..
لهذا ضمها إليه بقوة حانية وهو يستعيد ذكرياتهما الهانئة معاً منذ البداية ..

امرأة الألوان ..
ساحرة الفوضى ..
عروس البحر ..
سيدة عالمه التي قلبته رأساً على عقب!!

_فيه هدية منك مستنيكي تلبسّيهالي !

يقولها فترمقه بنظرة متسائلة ليتحرك مبتعداً كي يفتح أحد الأدراج الجانبية مستخرجاً ما يعنيه ..
تلك الساعة السوداء التي طبعت صورتهما على "المينا" الخاصة بها ..

_عشان أتأكد إن مفيش ثانية من عمري هتعدي غير واحنا سوا!
يقولها بصوت أرجفته عاطفته مذكراً إياها بكلماتها الخاصة التي كتبتها ..
وهو يستعيد المرة الأولى التي رأى فيها هديتها هنا ..
لتغمض هي عينيها بقوة كأنما صدمتها الذكرى هي الأخرى قبل أن تتحرك نحوه بنظرات فاضت بعاطفتها ..
تتناولها منه لتلفها حول معصمه بأنامل مرتجفة قبل أن ترفع ساعده نحوه تقبل معصمه ..
هناك عند عرقه النابض تترك لرحلة شفتيها مُستقرّاً كأنما تبثه عشقها يجري في دمه ..

فيتناول وجهها بين راحتيه لتعانق نظراته عينيها ..

ألَق العسل فيهما يعود لصفائه بعد طول تعكر ..
والابتسامة الهانئة على شفتيها تنطق بألف ألف أحبك ..
ألف اعتراف تلقفته شفتاه ليردها لها بمثله ..

يزيح عنها حجابها برفق لتعرف أنامله طريقها بين خصلات شعرها ..
انشغال شفتيه لم يعرقل مهارة أنامله في صنع جديلته التي طالما تمنى صنعها ..
والآن يجعلها تشهد في كل يوم عهد غرامهما الجديد ..

_عايزك تعزفي لي النهارده ع الكمانجا ..لسه عاينهالك هنا من يومها ..فاكرة أول ليلة عزفتي لي فيها هنا ؟!

يهمس بها بعينين لامعتين فتتسع عيناها وكأنما نسيت ما يحكي عنه ..
لكنه يتحرك ليفتح تلك الخزانة الجانبية فيستخرجها لها مع ذاك الثوب الذي فرده أمام عينيها :
_ اخترته نفس اللون بتاع فستان ليلتها ..بس راعيت اختلاف المقاس .

تضحك رغماً عنها وهي تميز اللون
الأرجواني للثوب القصير بسيط التصميم الذي يناسب منحنيات جسدها مع الحمل ..
فتطلق صيحة إعجاب قصيرة قبل أن تدمع عيناها انفعالاً وهي تتلمس الكمان بين أنامله :

_ياااااه يا طيب ..ماتعرفش وحشني العزف عليها أد إيه .

_طب ياللا ..غيري هدومك وأنا مستنيكي .

يغمزها به بعبثه الفظّ الذي لا يليق
إلا به ..
فتضحك ضحكة صافية وهي تتحرك
بالثوب نحو الحمام القريب ..
تبدل ثيابها وهي تشعر بذكرى الليلة الأولى بينهما تطوقها ..
تغمرها بعبق بنفسج يشبه لون ثوبها الذي اختار لونه ..
تتزين له كأجمل مرة تود لو يراها فيها ..
تخرج إليه حافية القدمين كتلك الليلة ..
تتلمس أناملها بطنها كأنما تتفقد ثمرة عشقهما ..
قبل أن تخطو إليه لتجلس جواره على
الأريكة الجانبية تتفحص ملامحه الحبيبة وقد جلس عاري الجذع إلا من سروال منامته الأسود كعهده فيبدو لها كأوسم مرة رأته فيها ..

يناولها الكمان برفق فتأخذ نفساً عميقاً لتبدأ أناملها التراقص باللحن الشجيّ ..

عزف الكمان لديها لم يكن مجرد هواية ..
بل استرداد هوية !
كان ذكرى والدتها ..ابتسامة فخرها بها ..
والآن يحمل لها شعوراً آخر باكتمالها معه هو !!
كيف تخبره كم كانت تحتاج هذا العزف كي ترسخ قدماها أكثر في أرضها الجديدة ؟!

تغمض عينيها باستمتاع حقيقي وهي تترك روحها محلقة بين ربوع ماضٍ رحبة ..
وأطياف غد ملونة بأطياف قوس قزح كخاتمه ..
ينتهي اللحن فتفتح عينيها لتعانق نظراته ..
قبل أن تترك الكمان لتلقي رأسها على صدره متعلقة بذراعيها في عنقه ..

_كل حاجة فيكِ بتحضنني ..حتى اسمك ..يامن وياسمين ..كأن حروفك بتحضن حروفي .


يهمس بها بعاطفة انصهرت بها همساته وهو يشدد ضغط ذراعيه حولها ليرتجف جسدها للذكرى فترفع وجهها نحوه هامسة:
_انت كمان بقيت بتحضنني بكل ما فيك .
_لآخر يوم في عمري .

يهمس بها بنكهة الوعد فتغيم عيناها بنظرة مشتتة التقطها بخبرته القديمة بها ..
ليطبع على شفتيها هدية ناعمة سبقت همسه وأنامله تستريح على وجنتها :
_مخبية عني إيه ؟!
تسبل جفنيها للحظات ليصلها همسه :
_لما عينيكي بتهرب مني كده بعرف إن فيه حاجة واقفة بيننا .

لكنها تستجمع شجاعتها أخيراً لتعاود مواجهته بعنفوان نظراتها :
_فعلاً ..بصراحة ..أنا رحت لزين النهاردة .
======
ظل للحظات غير مستوعب عبارتها قبل أن يردد خلفها :
_رحتِ لمين؟!

الخوف يتملكها للحظة واحدة ..
لكن الرباط الغليظ الذي يزداد سمكه بينهما يوماً بعد يوم يجعلها تضغط براحتها على صدره الذي كان ينبض الآن بجنون هاتفة :

_الصفحة دي كان لازم تتقفل بقا يا يامن ..ماكنتش هاقدر أكمل حياتي عادي وأنا حاسة إن فيه حاجات لسه متعلقة ..خصوصاً بعد موقف ياقوت وأذاها بسببي .

احمر وجهه بانفعال وهو يحاول كظم غيظه كي لا يؤذيها عائداً لنقطة الصفر بينهما من جديد ..
لكنها استجمعت كل شجاعتها لتضغط براحتها صدره أكثر مردفة :
_ماكنتش لوحدي ...داليا كانت معايا .
_داليا ؟! بنت خالتي؟!
يهتف بها باستنكار لترد بعنفوان مدافع:
_هي صاحبة الفكرة وبصراحة أنا كنت مترددة ..مروان حكالها اللي حصل وهي كلمتني ..قالتلي إن زين لازم يشوف مني أنا وقفة قوية عشان محدش تاني يتأذي بسببي ..رحناله المستشفى لقيناه خرج ..فرحناله البيت .

_البيت ؟! انتِ وداليا؟!
هدر بها بحدة وجسده ينتفض مكانه بحركة أجفلتها لتهتف به بصوت مرتجف:
_أرجوك يا يامن ..اسمعني للآخر ..أنا كان ممكن مااقوللكش بس أنا مش عايزة أخبي عنك حاجة .

خبط بقبضته على الأريكة جوارها ليصرخ بها بغضب :
_المفروض تقوليلي قبل ما تروحي ..مش بعدها .
_ماكنتش هتوافق ..وأنا كان لازم أحط حد للموضوع ده .

أشاح بوجهه بانفعال فضحه ارتجاف جسده الذي كان يرتج الآن لكنها لم تغادر رحاب حضنه مكتفية بصمتها بينما تستعيد تفاصيل لقائها بزين ..

_اتفضلي يا ياسمين .
صوته كان منهكاً تماماً يختلف عن نبرة "اللطف الممتزج بالهيمنة "التي اعتادتها منه ..
لا ..الأمر لم يكن فقط إرهاق جسده ..بل شعرت وكأن روحه كذلك مستنزفة ..

_داليا بنت خالة يامن .
تقولها مشيرة نحو داليا التي تنمرت
ملامحها وهي تتفحصه بدورها ..
مظهره يمزج جاذبية كاسحة بهيبة مطلقة يجعلها تقسم أنها لم ترَ رجلاً مثله من قبل ..هل هذا رجلٌ خرج من المشفى لتوه ؟!
لكن أفكارها تنقطع وهي تميز وجود رائد الذي وقف يراقب الوضع بتحفز رغم قناعه المعدني على وجهه ..
كلاهما مميز بهيبة طاغية تشعرها
بالقشعريرة !

_مروان هيعلقك لو عرف إن قاعدة تبحلقي للرجالة كده ولا زينات صدقي في الأفلام القديمة !

تزجرها بها نفسها سراً فتتجاهل أفكارها لتلتفت ببصرها نحو ياسمين ..

_هم موضوعين اتنين هنقفلهم ..وبعدها هاسيبك ترتاح .
تقولها ياسمين بصرامة امتزجت برقتها الفطرية ..
لتلتمع عينا زين بومضة ذكاء خاطفة سبقت قوله بنفس الصرامة :
_اعتبريهم اتقفلوا !

اتسعت عينا داليا بانبهار وهي تميز طريقته الغريبة في إدارة الحوار وكأنما استنكف أن تكون الكلمة الأولى فيه لياسمين .
ياسمين التي لم تتعجب رده ..فقد كانت تدرك أنه من الذكاء كي لا يسألها عن تفاصيل ما تعنيه ..
لهذا تنهدت بحرارة وهي ترقق لهجتها بقولها:

_يبقى مافضلش غير إني أشكرك على كل مرة وقفت فيها جنبي ..
هز رأسه بشبه ابتسامة لتردف هي بنبرة ذات مغزى:
_وأوصيك على ياقوت .

عيناه تتسعان قليلاً وهو يشعر في هذه اللحظة أنها سبرت أغوار روحه بسحر صداقتهما القديم ..
والحقيقة أنها كانت في نفس اللحظة تزداد يقيناً من حدسها ..
زين يحب ياقوت حقاً !
هذا البريق المتوهج -الحيّ -في عينيه عندما ذكرت اسمها يختلف كثيراً عن نظراته القديمة الجليدية نحوها هي ..

هو رغبها هي كرفيقة طريق ..لكن قلبه اختار ياقوت كتوأم روح !
هذا الذي وجدته الفائدة الحقيقية المنشودة من هذه الزيارة ..
لهذا تأهبت كي تغادر لتودعه بقولها :
_لما بنحب بجد مابنقدرش نجبر رجلينا تمشي إلا في طريق واحد ..يااما نهاودها ..يااما هنفضل واقفين .

لم يدرِ هل تتحدث بها عن نفسها ..أم عنه هو ..لكنها كانت نصيحة مثالية على أي حال !



_عملتي إيه هناك ؟!
ينتزعها بها يامن من شرودها لتتنحنح مستعيدة تماسكها ..
ثم تروي له باقتضاب تفاصيل اللقاء القصير فيهتف بحدة :
_أيوة برضه مافهمتش كان لزومه إيه !
_ممكن تهدا وأنا أكمل ؟!
يزفر بقوة وهو يعاود الإشاحة بوجهه لتردف هي:
_زين مش وحش زي ماانت فاهم ..وحمائي جداً للي يخصوه ..هو لما قرب من ياقوت كان كل تفكيره إنه يحميني منك فاكر إنك عايز ترجعني وبتضغط عليّ ب"البيبي" ..كل اللي عمله كان عشان وعده لي إنه مش هيخللي حد يحرمني من بنتي ..عشان كده كان لازم يسمعها مني صريحة إني بحبك وعايزة أكمل معاك ..وإني بحله من وعده وماعدتش محتاجة حمايته !

شعر بعروقه تكاد تنفجر غضباً وهي تسمعه تتحدث عنه بهذه الطريقة لكنها استطردت بنفس العنفوان:
_كان ممكن أحترم غيرتك ومااقوللكش كل الكلام ده لولا إن ياقوت دخلت في المعادلة ..وإحساسي إنهم هم الاتنين بيحبوا بعض بجد ..عشان كده مش عايزاك تبقى متحامل على علاقتهم لإني واثقة إنهم هيكمللوها ..زين مش هيسيبها تضيع من إيده وأنا شبه متأكدة إنه طلقها عشان يرجع يتجوزها في النور مش في الضلمة .


عاد يلتفت نحوها بحدة وهو يشعر بغرابة هذا الذي تحكيه ليحافظ على صمته دقائق طويلة بعدها استكانت هي فيها برأسها على صدره لتهمس أخيراً بنبرة أكثر هدوءاً :
_أوعدك تكون دي آخر حاجة أعملها من غير إذنك ..بس الصفحة دي مكنش ينفع تتقفل غير كده .

لكنه بقي صامتاً يفكر في كلماتها ويستعيد معها حديث ياقوت عن زين هذا ..
هل هو متحامل عليه حقاٌ ؟!
لكن ولو!
سيبقى يكره هذا الرجل ولا يطيقه ولو أجمعت الدنيا أنه من الأولياء الصالحين !!


_هتفضل ساكت كده كتير ؟! دي أول ليلة لينا هنا بعد الشهور دي؟!

تهمس بها بدلال عاتب وهي تمرر سبابتها على لحيته ولاتزال تسند رأسها على صدره ..
لكنه بقي محافظاً على ملامحه الصامتة الغاضبة ..

_خلاص بقا يا طيب !
تهمس بها بالمزيد من الغنج الذي يليق بها وهي تسبغ عطايا عشقها على بشرته لكنه تناول وجهها أخيراً بين راحتيه ليهمس أمام عينيها بحزم :



_هاعديها المرة دي ماشي ..بس سيرة الراجل ده ماعادتش تيجي بيننا ..تمسحيه من دماغك بأستيكة ..انتِ ماتعرفيش أنا ماسك نفسي عنه إزاي !

تومئ برأسها شاكرة تفهمه النادر لتمنحه أجمل ابتساماتها ..
فيبتسم بدوره وهو يميل نحوها معيداً عهد عشقهما القديم في نفس الغرفة التي شهدت أبهى عصوره ..
الليل يشتعل بصخب العاشقين بعد انقشاع الغيوم جميعها ..
وما أجمل السكن بعد طول صراخ ...
======


_هانيا !! أنا رجعت يا أهل الدار !!

يهتف بها رامز بمرحه المعهود وهو يلقي حقيبة سفره جانباً ..
لكن الصمت المريب حوله في الشقة يربكه ..
ليس الصمت فقط ..بل الظلام !!
الظلام المطبق إلا من شموع ذهبية صغيرة تصنع طريقاً إلى غرفة نومهما ..

ابتسامة ذاهلة ترتسم على شفتيه وهو يتتبع مسار الشموع بعدم تصديق ..حتى يصل لباب غرفتهما الموارب ..
يفتحه ببطء لتتسع عيناه أكثر مع انفراجة شفتيه وهو يميزها أمامه ..

هي؟!
هل هي حقاً ؟!!
لا ..لا ..مستحيل!!!

كانت تبدو كشمس صغيرة وسط ظلام الغرفة إلا من شموعها الذهبية ..وتلك اللمعة الذهبية لقميص نومها ..
قميص نومها ؟!!

نعم ..هذا الذي احتضن تفاصيل جسدها بنعومة ..بفتحة صدر واسعة انحدرت عن مفاتنها ..
طويل جداً يكاد يلامس الأرض لكن فتحته الجانبية تصل لحدود خصرها مبرزة رشاقة ساقها على طولها ..

يقترب منها مأخوذاً وعيناه تدوران على تفاصيلها بلهفة عاشقة ..
عيناه تحاولان قراءة عينيها لكنها كانت تسبلهما بقوة وهي تشبك كفيها معاٌ كأنما تبذل مجهوداً خرافياً لتظهر أمامه هكذا ..

أنامله تحط على خصرها بوله ولازال يحاول اقتناص نظراتها ..فتفتح عينيها أخيراً محاولة استجماع شجاعتها ..

يرفع ذقنها نحوه هامساً بصوت متهدج :
_أنا بحلم ؟!
ابتسامتها تخضب وجنتيها وهي تهز رأسها نفياٌ ببطء مغوٍ ..
ليردف وأنامله تجيد عزفها على بشرتها ..
_يبقى مت ودخلت الجنة !
_بعد الشر عليك !
تهمس بها بجزع وأناملها ترتفع لشفتيه فيقبلهما بقوة قبل أن تنسحب عيناه لكتفيها ..
هذين اللتين تلمستهما أنامله بعدم تصديق وهو يميز نعومتهما ..
نعومتهما ؟!!

_هانيا؟!
يسألها ذاهلاً مجفلاٌ وقد ارتد للخلف فجأة لترد وقلبها يخفق بقوة :
_عملت عملية التجميل !
_لوحدك ؟! من غيري؟!
يهتف بها باستنكار بعد صمت قصير مشفقاً عليها من خوض تجربة كهذه وحدها ..
فترتجف ابتسامتها مع خيط من الدموع
سال على خدها :
_عملتها ..عشانك !
_عشاني؟! عملتيها عشاني ؟! عشان تبقى حلوة في عيني؟!

يهتف بها بنفس النبرة الذاهلة فتخفي وجهها في صدره وجسدها ينتفض باعتراف صريح ..
الآن فقط يمكنها القول أنها تحررت من عقدتها القديمة ..
حررها هو بحبه ..
وحررت نفسها بسطوة شعورها أنها تريد أن ترضيه !!

تريد الشعور بهذا الجسد الذي سخطت عليه عمراً دافنة أنوثته تحت أطلال ماضٍ قديم ..
واليوم تريد استعادة زهوها بها أمام معشوقها !!

_ليه ما قلتليش ؟!
يسألها وهو يلصق وجنته بوجنتها على صدره بينما يضم جسدها نحوه بقوة شعوره ..
_كنت ..كنت خايفة العملية ماتنجحش!
صوتها المرتجف يثير حميته فيعاود رفع ذقنها نحوه هامساً بانفعال:
_انتِ عارفة إنه مكنش فارق معايا .
_بس كان فارق معايا أنا !
_اشمعنا دلوقت بالذات ؟!
_عشان فهمت وحسيت ..حسيت إن حبي ليك مش هيبقى كامل طول ما انا غرقانة في عقدتي القديمة ..حسيت أد إيه انت بتحبني ومتمسك بيّ تحت أي ظرف ..ومابقتش خايفة حبي ليك يضعفني قدامك ..حسيت إني خلاص ..بقيت حابة أشوف نفسي حلوة في عينيك ..من غير مااحس إنه عيب!

تهمس بها بعمق عاطفتها ليتأوه بقوة وهو يشدد ضغط ذراعيه حولها ..
عيناه تدمعان وقلبه يضخ الدم في عروقه بقوة تكاد تصيبه بالجنون ..
أن يسمع منها ..منها هي بالذات هذه الكلمات ..
أن يشعر بها بهذه النعومة ..بهذه الرقة ..
بهذه الأنوثة ..
وبهذا العشق بين ذراعيه ..
لهو النعيم بعينه !!

يريح جبينه على جبينها لتستشعر خفقاته هادرة تحت كفيها المبسوطين على صدره ..
_عارفة ؟! أنا مش عايز أعمل حاجة دلوقت غير إننا نفضل سوا كده للأبد ..
فتبتسم وهي تميز حرارة شعوره ..
لكنه يبتعد عنها فجأة هاتفاً:
_لا ! أنا كذاب ..أنا عايز أعمل حاجات كتير قوي دلوقت!

تضحك ضحكة عالية وهي تراه يحل أزرار قميصه ليخلعه عنه بسرعة ...
قبل أن يجذبها من معصمها مردفاً بانفعال:
_بس أولاً ..هنفتح كل أنوار الشقة ..كلها ..شرطك القديم ده بقا تنسيه خاااالص !

_رامز !
تهتف بها باستنكار وهي تراه يجذبها خلفه ليفتح الأنوار جميعها قبل أن يعود بها إلى غرفتهما ليفتح آخر الأنوار ..

يرمقها بنظرة طويلة متفحصة وقد بدت له في هذه اللحظة كأجمل مرة رآها فيها ..
بل أجمل مما حلم يوماً !!

شعرها الجميل ينسدل على كتفيها بعيداً عن "الكحكة المعتادة"..
وجسدها يتوهج ببريق أنوثة تستصرخه هو وحده ..
خاصة بهذا اللون الآسر الذي طالما داعب
أحلامه !!

تكتف جسدها من جديد بساعديها وهي تسبل جفنيها شاعرة بأنها تكاد تحترق ..
لكنه يجذبها من كفها نحو المرآة ليقف خلفها ..
يضم خصرها فيلصق ظهرها بصدره هامساً وهو يخاطبها عبر المرآة :
_بصي كويس ..أحب أعرفك بأجمل ست في الدنيا ..واللي خلاص عيني ما بقتش تشوف غيرها ..هه..إيه رأيك في ذوقي؟! شفتي جميلة إزاي ؟!

يهمس بها ببطء مغوٍ وأنامله تتحرك على بشرتها ..
تشاركه رحلة طويلة مستعيداً كل خبرته لدغدغة أنوثتها وهو يشعر بهذه اللحظة حاسمة حقاً في علاقتهما ..
يشعر كم تحتاج الآن لأن ترى نفسها هكذا ..
بهذه الفتنة الصارخة ..
بهذا العشق المتأجج ..
وبهذه اللهفة التي تكتسحهما معاً ..

بينما تغمض هي عينيها لأول وهلة عاجزة عن مواجهة صورتها هكذا في المرآة ..
لا تكاد تصدق أنها هزمت الهاجس القديم ..
أنها استعادت بهاء جسد تود منحه له كاملاً دون قيود ..
لكن همسه يصلها دافئاً ..مشعلاً إياها أكثر :
_افتحي عينيكِ ..شوفي أد إيه انتِ جميلة ..وفي عينيا أجمل !

شعورها يكاد يتفجر بين جنباتها كألف لغم ..
بخفقات قلبه الهادر خلف ظهرها مع همسه الذي لا تدري كيف يؤرجها هكذا بين نيران عشق ونعيم سكينة لم تشعر بها من قبل هكذا إلا بين ذراعيه ..

لهذا تجد الجرأة لتفتح عينيها أخيراً فتقابل عينيه في المرآة ..
مشهد قديم مظلم ل"بيللا" في موقف مشابه يحاول اقتحام الصورة ..
لكنها صارت تملك من القوة ما يمكنها من ردعه ..
هذا المشهد يخصها هي ..
هي وحدها ..!!
لرجل لم تعشق سواه ولم يعشق هو غيرها ..
رجل ستمنحه الروح والقلب والجسد ..كما منحها هو من قبل كل هذا !!
ولا عيب ..
لا عيب ولا حرج !!
لا عيب ..ولا حرج!!

الخاطر الأخير يكسبها المزيد من الجرأة فتتشابك أناملها بأنامله على بشرتها لتنساب عطايا عشقه سخية بين شفتيه ..
تحاول الاستدارة نحوه لكنه يمنعها ..
يشد ظهرها نحوه بقوة أكبر كأنما يريد أن يرسخ المشهد بعينيها أكثر وأكثر ..
مدركاً أنه هاهنا فقط يدحض عقدتها القديمة ..
اللحن العاصف بينهما تزداد وتيرة صخبه فتستجيب له بكل جوارحها ..
ترى نفسها معه عبر المرآة فتشعر بخجل فطري ..
وليس خزي مرضيّ ..
ترى عاشقين يتشاركان لذة محللة دون ما يبرر الشعور بالانتقاص..
وترى نفسها كما وصفها تماماً ..
امرأة جميلة ..لكنها بعينيه أجمل !


تشعر بقميصها أخيراً يسقط تحت قدميها لكن ليس وحده ..
معه تسقط بقايا هواجسها القديمة لتستقبل معه عهد عشق جديد ..
دون حواجز هذه المرة ..
دون أي حواجز!
======











_مش جايلي نوم !
يرسلها لها مروان على هاتفها ..ليتبعها برسالة من حساب "العاشق المجهول":

_كيف ينام من تكونين غداً عروسه ؟! وكيف تغفل العين والقلب يتقافز بين الضلوع فرحاً بكِ ..كنتِ حلماً بعيداً جميلاً واليوم صرتِ حقيقة قريبة أجمل ..وبينهما لازلت طفلاٌ يتعلم أبجدية غرامك ..بدأها بألف أحبك ..وينهيها ..بياء ..ياء نداء للقريبة أبداٌ مهما تباعدت السبل ..للحبيبة أبداً مهما تشابكت الظروف ..وللمليكة التي احتلت كل عصوري وبسطت على أزمنتي جبروت سلطانها !


تبتسم وهي تقرأها على فراشها لتضطرب خفقاتها بزلزال لطيف صار يخصه هو وحده ..
فترد على "العاشق المجهول":
_أنت أيضاً سيد كل عصوري .

وترد عليه ك"مروان":
_أنا كمان مش جايلي نوم ..متوترة قوي وخايفة ..أول مرة من زمان أفتح دولابي وأحضن فستان العيد القديم بتاعي زي زمان .

لم يصلها رد لدقائق طالت فعادت ترسل إليه :
_انت زعلت مني ؟! مش قصدي إنك مقصر معايا ولا حاجة بس غصب عني حاسة إني خايفة قوي .

لا رد أيضاً !!
شعرت بالتوجس وهي تتصل به هذه المرة ليفاجئها الرنين الرتيب ولا رد أيضاً ..

_رد يا مروان ..خلاص ماقصدتش أضايقك .
ترسلها مرة تلو الأخرى فتزداد توجساً مع عدم الرد أيضاً ...
لتصلها رسالته أخيراً ..

_أنا قدام الباب ..افتحي!

ظلت تتفحص الكلمات لبضع ثوانٍ بعدم تصديق قبل أن تغادر غرفتها عدواً لتفتح باب الشقة فتجده أمامها ..

هيئته تبدو مشعثة تماماً بما يناسب رجلاً غادر بيته بأقصى سرعته ..
تبتسم فيجذب كفيها بين كفيه ليقربها منه هامساً بلهجته المميزة التي تمزج حزم رجولته بحنانه :
_ماقدرتش أستنى لحظة واحدة وانتِ بتقولي رجعتِ تحضني فستانك القديم .

تدمع عيناها فجأة وهي تلقي نفسها بين ذراعيه لتطوق خاصرته بكل قوتها ..
فيربت على ظهرها برفق وهو يتحرك بها ليدخل مغلقاً الباب خلفه برفق ..

_لو يامن صحي دلوقت وشافني هتبقى مذبحة ولا بتاعة القلعة .

يقولها مسرياً عنها ومحاولاً احتواء ردة فعلها المتطرفة التي يتفهمها ..
فتكتم ضحكتها في كتفه لترفع وجهها نحوه هامسة :
_كل مرة بتفاجئني إنك أقرب ليّ من كل حد حتى من نفسي .
_امال خايفة ليه ؟!

يهمس بها وهو يحتوي وجهها بين راحتيه ..
لتهمس له وعيناها تدوران على ملامحه بعشق جارف:
_عشان كل ده حلو ..حلو قوي لدرجة إني مااستاهلوش ..كل ماافتكر نفسي زمان ..بحس ..

_شششش..أنا حبيت داليا زمان ..وبموت في داليا دلوقت ..

يقاطعها بها واضعاً سبابته على شفتيها ..قبل أن يقبل جبينها مردفاً :
_كل يوم بتثبتيلي إنك اتعلمتي من دروس زمان ..وإني كان عندي حق أستناكي في آخر الطريق ده مهما طال ..وآخرها كان موقفك مع زين وياسمين ..داليا بتاعة زمان خلاص اتعلمت تبقى مسئولة وتراعي اللي حواليها زي ما بتراعي نفسها ..
ثم انتقلت شفتاه لوجنتيها مع همسه :
_داليا بتاعة دلوقت تستاهل كل لحظة حب حوشتهالها العمر ده ..

_مروان !
تهمس بها بحرارة أذابتهما معاً لتشعر بشفتيه تنجذبان لشفتيها ..
لكنها شهقت فجأة عندما سمعت صوت باب إحدى الغرف يفتح!
ففتح هو باب الشقة بسرعة ليخرج وتغلقه هي خلفه لتستند عليه بظهرها ..

_واقفة ع الباب زي الشحاتين كده ليه ؟!

يسألها يامن الذي كان قد قرر أن يبيت ليلته هنا معها هي وبيللا كدعم مناسب لهما في ليلة كهذه ..
صوته كان ناعساً وهو يميز وقفتها الغريبة ..لتتلعثم حروفها :
_كنت ..عطشانة ..
_آه ..وبتشربي م القُلّة اللي ع الباب ..واللا بعتتي تشتري مية ديليفري؟!

يسألها بالمزيد من الشك وهو يقترب أكثر ليميز أنفه رائحة عطر مروان المميز فتلتمع عيناه بفهم سبق قوله الساخر:
_آآه ...قلتيلي بقا عطشانة ..وعمك "السقّا" كان مواعدك ع الباب؟!

احمرت وجنتاها بخجل لترد بالمزيد من التلعثم :
_سقا إيه ؟! مش فاهمة ..عموماً أنا شربت ..تصبح على خير .
قالتها وهي تهرول نحو غرفتها تلاحقها ضحكاته الخشنة :
_اتهدي يا شحرورة ونامي ..وابقي خديلك إزازة مية حطيها جنبك.

يقولها ساخراً قبل أن يتحرك ليتناول هاتفه ويتصل بمروان ولم يكد يسمع صوته حتى هتف به بنفس النبرة الساخرة :
_طب كنت ادخل نعمللك شاي .
_أنا أعصابي على آخرها ومش ناقصك يا يامن .
يهتف بها مروان بتوتر يداري حرجه ليستمر يامن في مزاحه :



_ليه يا عريس؟! ده حتى عروستنا ست العاقلين مجرجراك وش الفجر لبيتها ليلة فرحكم لغرض لا يعلمه إلا الله ..فرحان فيك بشكل !!

يقولها ضاحكاً بصوتٍ عالٍ ليستفز مروان أكثر الذي هتف به بمزاح خشن :
_هي دي وقفتك جنبي ليلة فرحي يا صاحبي ؟!
فيضحك يامن من جديد هاتفاً بوقاحة هذه المرة :
_ماهو لو مكنش الباشا هيتجوز بنت خالتي كنت وجبت معاك بنصايحي الذهبية بحكم خبراتي العامرة في المواضيع دي ..بس انت عارف بقا الموضوع دلوقت محرج .

_اخرس يا يامن ..أنا غلطان أصلاً إني كلمتك.
_أنا اللي مكلمك بالمناسبة بعد ما اكتشفت تعدّيك السافر على حرمات بيتي يا وغد ..زمان كانت بتطير فيها رقاب دي يا ولد !
هتف بها يامن بنفس المزاح المشاكس ليكتم مروان ضحكته وهو يرد :
_من بكرة هتبقى في بيتي ومش هارجعهالكم تاني أبداً ..وانت بالذات لو عُزت تشوفها مش هادخللك !

ورغم أنه كان يمزح لكن العبارة وخزت قلب يامن حقاً مع مكانة داليا بالذات لديه ..
لهذا غص حلقه غصة حقيقية ليصمت قليلاً ..
قبل أن يقول بجدية تامة تسربت منها عاطفته السخية :
_خللي بالك منها يا مروان ..مهما عملت ماتزعلهاش .

فابتسم مروان وهو يشعر بحقيقة مشاعر صديقه ..وكيف يعتبر نفسه أبا داليا حقاً وليس مجرد ابن خالتها !!

_في عنيا يا كبير ..اطمن انت بقا وخش نام .
_أخش أنام أكيد ؟! مش هاصحى على صوتك عند الباب تاني يعني ؟!

يقولها يامن بنبرة عاد إليها مزاحها ليختم
الاتصال بضحكته العالية قبل أن يتوجه نحو غرفة داليا التي طرقها ليهتف من خلف الباب :
_نمتي يا عطشانة واللا لسة ؟!

فتكتم ضحكتها لترد بشقاوتها المعهودة :
_نمت وبحلم ومغطية رجليا عشان "العاوّ"!
_ماشاء الله ..زينة البنات اللي رافعة راسي ومشرفاني ..هو أنا خلفت إلا داليا ؟!

يهتف بها مشاكساً قبل أن تسمع صوت خطواته يبتعد فتبتسم بسعادة حقيقية وهي تعانق وسادتها ..
قبل أن ترسل لمروان رسالتها الأخيرة لهذه الليلة :


_فكرت في الأغنية اللي هاتغنيهالي بكرة ؟!
لكنه يرد برسالة غامضة تلاعبت بخيالاتها ..
_خلليها مفاجأة !
=========










أحبك...
أحبك...
أحبك...
كلمة بقالها أيام وليالي تدوب فيا
عايزة تروحلك وانتي بعيدة...
بعيدة عليا..
والكلمة اللي أنا عايش بيها
رح دوب كل الشوق فيها
وحقولها وأعدها وغنيها

حقول أحبك حقول أحبك
واعيش أحبك أعيش أحبك

أحبك ...أحبك ياااااا حياة قلبي..



تدمع عيناها وهي تستمع لصوته عبر الميكروفون فوق منصة العرس يردد كلمات هذه الغنوة ..
لقد قضت ليلتها تفكر أي لحن سيختار ..
ورغم أنها لم تحب الكلاسيكيات يوماً وكانت تصفها دوماً بكلمتها "خنيقة"...
لكن هذا اللحن مسها ..وربما الكلمات ..
وربما لأنه هو من يغنيها ..
بصبغته الفريدة التي تلون كل شيء بطيفه الساحر ..


كان يغني أمام الحضور وعيناه لا تغادران عينيها ..كأنما لا يرى في هذه اللحظة سواها ..هي فحسب!!

بكرة خلاص هاقوللها ..
روحي لها ..قلبي لها ..عقلي لها ..
وهاقوللها هي الهنا ..هي المنى كل المنى ..
هي حياتي كلها ..
بحبها ..بحبها !!


تشهق للمفاجأة وهي تراه ينهي اللحن
الأخير بأن يضم خصرها نحوه ليرفعها ويدور بها ..فتتشبث بعنقه وسط تصفيق الحضور وصفيرهم العالي ..
لتهمس في أذنه بما سمعه هو وحده :
_وأنا بموت فيك !

تشعر بصخب دقاته تحت كفيها اللذين بسطتهما على صدره وهو يخفضها أرضاً أخيراً ..ليقبل وجنتها بعمق ..

لكنه لم يترك "الميكروفون" من يده وهو يشير نحو منظم الحفل إشارة خاصة قبل أن يخاطبها عبر الميكروفون :
_ودي مفاجأتي اللي محضرهالك من سنين مش عارف عددها ..



تتسع عيناها بترقب وهي تلاحظ انخفاض
الإضاءة في القاعة لتراقب الشاشة هناك والتي بدأت في عرض مفاجأته التي خطفت قلبها !!

العشرات من الصور لها في مراحلها العمرية المختلفة وبأوضاع مختلفة ..
طفلة بشعرها المشعث ..تعدو تارة ..وترسم تارة ..تضحك تارة ..وتعبس تارة ..صورة بضفيرة كستنائية تحتضن بعض الكتب ..صورتها المرسومة وهي تجلس على السلم محتضنة ثوبها ..صورة وهي تخرج لسانها بشقاوة عذبة ..صورة لها وهي تتشاجر مع أحد الصبية ..ثم عدة صور لها في مراحل متقدمة من دراستها ..لتنتهي بصور عقد قرانهما ..ثم صورة لها التقطاها حديثاً وهي بين ذراعيه !!

كانت كثافة الدموع في عينيها تزداد مع كل صورة وكأنما تشعر أنه حقاً ملك عمرها كله ..
أمسه وغده ..
قلبها يتقافز بين ضلوعها بجنون فلا تجد لها ملجئاً إلا صدره تدفن فيه دموع تأثرها !!

الأضواء تعود من جديد مع صفير الحضور وتصفيقهم لكنها لا تشعر إلا بحاجتها له وحده ..
تسكب دموعها بين ذراعيه مع رجفة جسدها التي احتواها بحنان وهو يبعد الميكروفون جانباً ليهمس في أذنها :
_بتعيطي ليه دلوقت ؟! ماعجبتكيش؟!


كان يعلم الجواب لكن سماعه منها مع رجفتها اللذيذة هذه بين ذراعيه شيء آخر :
_عجبني جداً ..انت تجنن .

صوتها المرتجف بدموعها يجعله يبتسم وهو يضمها نحوه أكثر هامساً:
_هو أنا فلوسي حرام يا بنتي ؟! أدفع أد كده ل"الميكب ارتسيت" عشان تبوظي الشغل في أول الليلة !

تضحك وسط دموعها وهي تخبطه بكفها على صدره ليتأوه بمبالغة فترفع وجهها نحوه أخيراً ..لتميز ما صنعته زينتها بقميصه الأبيض !!!

_بوظتلك القميص!!
تهمس بها ببعض الخجل وهي تمسح عينيها دون حذر ..لكنه يبتسم وهو يضمها نحوه أكثر هامساً بهيام :
_بس صلحتيلي العمر كله !!

وفي مكانه على المائدة كان يامن يراقبهما بحنان وهذا "الفيديو" الذي صنعه مروان يقع في قلبه موقعاً عظيماً ..كأنما يعيد له ذكرياته الخاصة ..

_عفارم عليه الولد مروان ده ..شكله حبّيب كبير !
تهتف بها بيللا باستحسان وهي تصفق بكفيها لترد ياسمين بفرحة مشعة :
_هو وداليا يستاهلوا السعادة دي ..

ثم مسدت بطنها بأناملها مردفة :
_اوعي يا يمنى تعمليها وتقرري توصلي النهاردة وتبوظيلنا الفرح .
لكن يامن يهتف وهو يشبك أنامله بأناملها فوق بطنها :
_فشر! دي بنت يامن حمدي ..يعني ماجستير نظام ..دكتوراة تفاصيل ..رئيس قسم جودة ..هم تسع شهور يعني تسع شهور ..لا يوم زايد ولا يوم ناقص .

_حرام عليك يا يامن ..
أنا خلاص استويت ..عايزاها تيجي بقا .
تهتف بها ياسمين ببؤس مصطنع لكنه يهز سبابته نفياً هاتفاً :
_عيب يا ماما ..كده بتلعبي في جيناتي وأنا مااسمحلكيش!!

تنطلق ضحكاتهما عالية تشاركهما فيها نبيلة التي كانت تتنهد بارتياح وهي تراقب هانيا ورامز اللذين استقرا على مائدتهما القريبة جوار أشرف ورانيا التي بدت عليها السعادة بحملها الجديد مع هذه الثقة النابضة التي كانت تشع بملامحها ..

كيف تصف هذه السعادة التي تشعر بها أخيراً وهي ترى القدر قد منحها الدور الذي بخلت به على نفسها طويلاً ..
دور البطولة كأم !!

بينما كان يامن يشعر بنفس الاطمئنان وهو يدور بعينيه على بنات خالته جميعاً ..
قبل أن يميل على ياسمين ليسألها باهتمام:
_انتِ لسه بتحسي إنك بتشوفي سيلين ؟!
سؤالها يصدمها للحظة وكأنما نست هذا الأمر مع أحداث الأيام السابقة ..
لتشحب ملامحها وهي تستعيد منظر لباس الطفل الملوث بالدم والذي وجدته في سيارتها ..

_لا ..خالص ..بس انت شفت معايا اللي كان في العربية !

تقولها بقلق ليقبل وجنتها وهو يضمها نحوه مطمئناٌ بقوله:
_اللي ع الهدوم ده مكنش دم ..ده صبغة حمرا ..مقلب سخيف ممكن يكون أي حد
عامله ..ماتشغليش بالك ..أنا متأكد إن سيلين في لندن ..واتجوزت كمان .

انفرجت شفتاها قليلاً وهي تستكين على صدره ..
إذن رؤيتها لسيلين كانت محض هواجس ..
لهذا اختفت بانشغالها وشعورها المستحدث مع يامن بالأمان ..
وتبقى قصة القميص الملوث هذه مجرد مقلب..
لماذا تشعر إذن أن الأمر يفوق هذا ؟!

تشعر بأنامله تتشابك بأناملها كأنما يدفع عنها هواجسها ..
فتبتسم وهي تميز خاتميه في إصبعيه ..
كلاهما يقسم لها أن هذا الرجل لن يكون إلا لها ..هي فقط !
فتتسع ابتسامتها وهي تميزكذلك لمعة خاتمه الملون في إصبعها يتراقص بفتنة تحت الأضواء ..
لتتنهد أخيراً بارتياح وهي تمسد بطنها بأناملها الحرة ..

وعلى مائدة مجاورة كانت نشوى تجلس مع ابنتها ريما تراقب باب الدخول بعيني دامعتين ..
لقد تأخر ناصر ..
تراه لن يأتي ؟!
هو وعدها بالحضور بعدما دعته هي كي تظهر معه في هذا الحفل تمهيداً لإعلان
علاقتهما للجميع رغم اعتراض أشرف ..

_أروح أرقص مع العروسة يا مامي ؟!
تسألها ريما لترد بنصف تركيز مراقبة حركات الصغيرة المبتعدة ..
هي لا تفهم نفسها !!
تشعر أن بداخلها امرأتين متناقضتين !!
إحداهما متنمرة متمردة تريد إثبات ذاتها فحسب ..
والثانية هشة واهنة لا تريد سوى ضمة حنون من رجل أحبته !!

رجل كهذا الذي دخل الآن أخيراً من باب القاعة بوسامة كاسحة وأناقة لا تليق إلا به ..
قلبها يخفق له هذه الخفقة "المراهقة" القديمة التي ترسم على شفتيها ابتسامة لهفة ..
ابتسامة ولدت وماتت في نفس اللحظة وهي تميز وجود سها جواره !!

كيانها يشتعل بغيرة هوجاء وهي تميز فتنتها المعهودة ..قوامها الممشوق الذي زاده ثوبها الأسود الأنيق جاذبية ..شعرها الذي رفعته بتصفيفة منمقة لتترك بعض خصلاته الفاتحة تتموج حول وجهها ..وجهها الجميل الذي زينته برقة ...وأخيراً كفيهما المتشابكين وسط الزحام !!

لماذا أحضرها معه هذه المرة أيضاً ؟!
ما الذي يريد أن يثبته لها ؟!
أنها راضية بوضعهما الجديد ؟!
هي اقتنعت بهذا منذ المرة السابقة ..فما الداعي لزيادة التأكيد ..؟!
إلا إذا كان غرضه الحقيقي أن يشعرها بمكانة زوجته عنده !!

ملامحها تنطفئ فجأة وهي تطرق بوجهها ببؤس ..
والخفقة "المراهقة" تتحول لأخرى "خائبة" حاولت مداراتها بقناع قوتها المعهود ..

تشعر بهما يقتربان فترفع رأسها نحوهما ..عيناها تلتقيان بعيني أشرف الذي يرمقها بنظرة تمزج ضيقه بإشفاقه فتواجهه بابتسامة مصطنعة وهي تقف مكانها لتصافحهما ..

_مساء الخير ..مبروك !



تقولها سها وهي تمد لها كفها بنظرة متفحصة كأنما تخضعها لمقارنة أنثوية معهودة فتشعر نشوى بالخزي أكثر مدركة نتيجة المقارنة ..
لكن ظهور ريما في خلفية الصورة يغير النظرة تماماً !!
فلم تكد تظهر خلفهما حتى التفت نحوها ناصر ليبتسم وهو يحملها بين ذراعيه هاتفاً :
_أهلا بجميلة الجميلات ..وحشتيني !
تعانقه الصغيرة بقوة فيرتجف قلب نشوى وهي تشعر أخيراً أنها تملك ما يجعل كفتها تميل في الميزان !!

خاصة عندما علت ضحكة ناصر والصغيرة تقبله بشقاوة طفولية هاتفة :

_ريحتك لمون ..هارسمك وألونك بالأصفر .

لكن سها تتدخل لتحمل الصغيرة عنه فتقبلها بحنان هاتفة :
_وأنا ريحتي إيه ؟!
فتغمض الصغيرة عينيها كأنها تتشممها بقوة لتهتف أخيراً وهي تفتح ذراعيها :
_ريحتك بكل الورد ..كله ..هارسمك وألونك بألوان الطيف ..انتِ جميلة قوي زي باربي!

_أوووه ..سويتي!
تهتف بها سها وهي تقبل الصغيرة لتداعب شعرها بأناملها ..فتشعر نشوى بالغيرة من جديد وهي تستشعر غرابة الوضع الذي هي فيه ..

يمد ناصر يده لمصافحتها فيلتفت له قلبها "المراهق" قبل عينيها . .
تشعر به يضغط كفها ببعض القوة فتفاجأ بذبذبة جسدها تستجيب!!

زوجها السابق كان يصفها بالبرودة ..
وربما كان هذا أحد أسباب فشل زواجهما ..
طالما كانت تستشعر معه أنها تقف على أرض جليدية ..تمنحه جسداً بلا شعور ..
ربما لهذا تستشعر الآن قيمة ناصر بهذا الدفء الذي دغدغ به أنوثتها ..

لهذا لم يكن غريباً أن احمرت وجنتاها بقوة أثارت هذه المرأة أمامها رغم ادعائها البرود ..
سها!!

سها التي شعرت بقبضة باردة تعتصر قلبها وهي تراها تحمر خجلاً من مصافحة بينما خيالها يدفع إليها أوتوماتيكياً بالمزيد من المشاهد العاطفية بينهما فتتقلص معدتها بانقباض ..
أي جحيم هذا الذي توشك أن تعيشه بل وتزعم عنه رضاً؟!

_واقفين ليه ؟! اتفضلوا اقعدوا !
يقولها أشرف بنبرة مهذبة لم تخلُ من ضيق وهو يشعر بهذا الجحيم الذي لا يعرف سبباً عاقلاً يجعل هؤلاء الثلاثة يلقون أنفسهم به !!


لكن رانيا تتقدم لتربت على ظهره بإشارة داعمة قبل أن تحيي الجميع برقة لتسحبه هو بعيداً قائلة بعدها بتعقل :
_سيبها لوحدها معاهم عشان تقدر تقيم التجربة .

لكنه يرمق نشوى التي بدت مشتتة زائغة العينين بنظرة حانقة ناسبت قوله :
_خايف عليها قوي ..خايف تختار غلط مرتين .
لكنها تهز رأسها قائلة بابتسامة هادئة :
_ماتخافش عليها ..نشوى عاقلة .
_بس جرح زمان لسه معلم فيها !
يقولها آسفاً دون أن يدري إلى أي مدى كان مصيباٌ ..

فعلى المائدة كانت نشوى مغيبة تماماً بذكريات مراهقتها مع ناصر ..

خلليك فاكرني ..
ياللي بجمالك وبعيونك دول آسرني ..
خلليك فاكرني ..
وإن حس قلبك يوم بقلبي ..
ابقى زرني ..

اللحن ينبعث على المسرح فيذكرها بعهدهما القديم ..
كيف كانت ترتجي منه ولو نظرة ..
كيف انكسرت روحها عندما لفظها يوماً لتعيش بعده حياة معوجة ..

وكيف يمكن أن تستقيم حياتها به من جديد الآن !

_شايف مين هناك ؟! ده سامر ..هاروح أسلم عليه !

تهتف بها سها بعفوية وهي تغادر المنضدة لتشعر نشوى بالكثير من الراحة لهذا ..
هذه الراحة التي تخلخلت كثيراً وهي
تلاحظ تغير ملامح ناصر للضيق وهو يتابع زوجته بعينين كأنما التصقتا بها !!

_انتم متعودين تروحوا سوا كل مكان كده؟ !


تقولها بعتاب خفي ليلتفت نحوها بحدة
لأول وهلة ..
قبل أن يتنحنح ليقول بهدوء:
_سها صاحبتي قبل ما تبقى مراتي ..عارفة عني كل تفاصيلي ..هي اللي بتنظم لي وقتي ومواعيدي ..تقريباً مابعرفش أتحرك خطوة من غيرها .

مخالب الغيرة تعاود نهشها بقوة ليبدو هذا جلياً في عينيها ..
_انت بتقوللي كده عشان أغير ؟!
تسأله بنبرة مرتجفة نما فيها طيف تنمر مستحدث ليرد بنفس النبرة العملية :



_بقوللك كده عشان تقدري الوضع كويس ومايحصلش مشاكل بعدين ..مش عايزك في أي وقت تجرحيها وأنا متأكد إنها مش هتحاول تجرحك ..الدنيا كلها عارفة أنا بحبها أد إيه ..لكن حقي إني أتجوز تاني ..وهي موافقاني على ده ..

يزداد الضيق في ملامحها أكثر ..
لكنه كان من الذكاء أن يدير دفة الحوار ..
ويعلم أنه معها فقط تكفيه ابتسامة وعبارة غزل ..

_انتِ جميلة قوي النهاردة ..الأحمر حلو قوي عليكِ !

لم يكن مخطئاً في تقديره وعبارته تلقيها من أقصى اليمين لأقصى اليسار ..
تداعب الوتر المنسيّ في قيثارة أنوثتها فتطلق هذا اللحن الذي لم يعرفه قلبها لرجل غيره ..

شفتاها تتجملان بابتسامة ..وقلبها يتزين بخفقاته ..
وعيناها تتكحلان بهذه النظرة المعجبة في عينيه ..
كل هذا يمنحها أملاً في الغد !!

لكنه لم يلبث أن حاد ببصره عنها من جديد مراقباً زوجته التي انخرطت في حديث طويل مع المدعو سامر هذا وقد بدت منشغلة عنه حقاً ..

_بعد إذنك ..دقيقة واحدة !
يقولها غير منتظر ردها قبل أن يتجه نحوهما تلاحقه نظراتها المترقبة ..
قبل أن تغمض عينيها بألم وهي تراه يبسط كفه على ظهر سها في حركة ملكية واضحة طوال حديث ثلاثتهم هناك ..كأنه يدحض بهذا غيرته !!

_غريب قوي ناصر ده !

تلتفت بحدة نحو مصدر الصوت لتجد إسلام واقفاً جوارها يضع كفيه في جيبي سرواله مردفاً :
_قليل قوي لما الواحد يلاقي راجل بيحب مراته كده .
_انت إيه اللي جابك هنا ؟!
تهتف بها بحدة متطرفة فجرتها مشاعرها المهيضة ليسحب الكرسي أمامها دون استئذان قائلاً :
_أشرف عمل الدعوة عامة للمصنع كله .
_بس محدش جه غيرك .
تهتف بها بغيظ ليهز كتفيه هاتفاً ببرود ظللته ابتسامة :
_أنا راجل ذوق ومابكسفش حد .

تغضنت ملامحها بازدراء وهي تود صفعه ..!
لا تدري لماذا يتملكها هذا الشعور دوماً كلما تراه ..
منذ ابتلاها أشرف به في المصنع وهو يثير حنقها ..
صحيح أنه ماهر في عمله حد العبقرية لكنها لازالت غير قادرة على نسيان ماضي أبيه !!
تستشعر أن في الأمر خدعة ما ..
فليس من الطبيعي في هذا الزمان أن يفعل رجل مثل ما فعل هو بهذه المثالية كي يصحح خطأ والده !!

ابتسامته الباردة مع نظراته المتفحصة لها تزيد غيظها منه لكنها وجدتها فرصة ..لمَ؟!
لتثير غيرة ناصر ..ربما !!
هو هرع إلى زوجته بمجرد أن رآها تحدث أحدهم ..فهل سيفعل المثل معها ؟!!

وأمامها كان هو يتفحصها باهتمام يناقض ابتسامته الباردة ..

هو كان ماراً بالمصادفة قريباً من هنا ليرى ناصر وزوجته فيتذكر دعوة أشرف لزفاف أخت زوجته ..
هذه الدعوة التي لم يكن ينتوي تلبيتها ..
لولا رغبته في استكشاف هذه العلاقة الغريبة التي يمكن أن تجمع ناصر بنشوى ..
وازداد فضوله ضراوة وهو يراه يجالسها هاهنا منذ قليل ..زوجته تتركه معها ..ليسرّ إليها بكلمات تجعل وجنتيها تحمران خجلاً ..

أي "حمار" يمر من هنا سيدرك أن هذه الغافلة المتنمرة شبيهة "التين الشوكي"معجبة بذاك الضابط الوسيم ..
لكن ثمة مشكلة بسيطة أنه متزوج !

متزوج من امرأة يحبها بجنون كما يعلم !!
فما العلاقة المريبة التي يدور حولها كل هذا ؟!

_هو ناصر عايز يتجوزك ؟!
يسألها مباشرة دون مواربة لتجحظ عيناها بدهشة هاتفة :
_هو قاللك ؟!
فابتسم ابتسامة مغيظة ليرفع حاجبيه مجيباً :
_انتِ اللي قلتيلي !

احمر وجهها بغضب وهي تود في هذه اللحظة كعهدها أيضاً أن تصفعه !!
لكن ..لماذا ؟!
أليس من المفترض أن يعلم الجميع عن الأمر؟!
ألم تدعُ ناصر هنا لهذا السبب ؟!
لماذا الآن تشعر بالخزي من اكتشاف هذا المتحذلق للأمر ؟!

_انت بتتدخل في حاجات كتير
مالكش فيها ..ولازم تفهم إن وجودك معايا دلوقت زي وجودك عندي في المصنع ..غير مرغوب فيه !

تهتف بها لاهثة الأنفاس بفظاظة لكنه أشار بعينيه نحو ناصر الواقف هناك ليقول بابتسامته المستفزة :


_لو مكنتيش عايزاني أقعد كنتِ رفضتِ م
الأول ..بس واضح إنك كنتِ عايزة تقارني رد فعله مع مراته برد فعله معاكِ .

اتسعت عيناها بصدمة مع شهقتها وهي تشعر به قد قرأ أفكارها ببساطة ..
ليضحك وهو يقف مشيراً لها بسبابته ووسطاه جوار رأسه بتحية تشبه تحية الكشافة ليهتف أخيراً :
_نصيحة خبير في الأمور العاطفية بلاش السكة دي ..خسرانة !

احمر وجهها بانفعال وهي تشعر بمزيج ذكائه وجرأته يفقدها قدرتها على النطق ..


فانفرجت شفتاها تبحث عن إهانة مناسبة لكنه أشار نحو منصة العرس ليهتف وهو يبتعد دون أن ينتظر ردها :
_أوبااا ..العريس هيغني تاني ..ألحق أنا "أشروف" بقا أبارك له قبل الزحمة .

تلاحقه بنظراتها مغتاظة وهي تود لو تقذفه بالمزهرية أمامها ..
"أشروف"!!!
يقولها كأنه صديق قديم وليس ابن الرجل الذي دمر مستقبل أخيها من قبل !!
تعاود التفاتها نحو ناصر الذي بقي واقفاً مكانه رغم رؤيته لإسلام يتحدث معها فتلتمع الحسرة الخائبة في عينيها لتطغى على أي شعور آخر ..

وعلى المسرح كان مروان يهمس لداليا بينما يحتضن راحتها على كتفه :
_حضّرت أغنيتين ..سمعتِ بتاعتي ..ولسه بتاعة العاشق المجهول ..

فتطلق ضحكة مستمتعة وهي تتأهب للسماع بكل جوارحها ..
ليبدأ هو غناء اللحن الذي اختاره :

يدك التي حطت على كتفي
كحمامة نزلت لكي تشرب
عندي تساوي ألف أمنية
ياليتها تبقى ولا تذهب
الشمس نائمة على كتفي
قبّلتها ألفاً ..ألفاً ولم أتعب !


يقرن قوله بفعله في العبارة الأخيرة فيتعالى الصفير والتصفيق للحضور من جديد ...
فتخفي وجهها في صدره شاعرة أنها الآن حقاً تملك الدنيا بين كفيها !!
======
_مبروك يا شحرورة ..لو الولد ده قل أدبه كلميني أربيه !

يهتف بها يامن مشاكساً وهو يودعهما أمام باب شقتهما ليخبط كتف مروان بقبضته ..
لكن الأخير دفعه بكلي قبضتيه هاتفاً بمشاكسة مشابهة :

_ياللا يا بابا ..بيتك بيتك ..خلااااص ..القطة دي بقت تبعي .

تضحك داليا بمرح وهي تتابع مزاحهما الذي امتد لما يشبه عراكاً بالأيدي ..
انتهى بقول يامن وهو يضع رأس مروان بين ساعده وزنده هامساً جوار أذنه بصوت خفيض:
_مش عايز أضغط عليك قوي ..عشان لو الليلة مكملتش ماتلبسهاش فيّ !

لكن مروان حرر نفسه بسرعة ليرد له حركته بحركة مفاجئة لاوياً ذراعه خلف ظهره :
_عيب يا كبير ..ده احنا بنروح نفس الجيم .
قهقه يامن ضاحكاً وهو يحرر نفسه منه ليربت على وجنته هاتفاً :
_لا كده اطمنت عليك .

احمر وجه داليا بخجل وهي تشعر أن همس يامن كان يحمل شيئاً من الوقاحة..
بينما تقدم منها يامن لتتحول ملامحه لحنانها المعهود قبل أن يقول لها بجدية :
_مبروك يا ست البنات .

دمعت عيناها وهي تشعر به حقاً في هذه اللحظة كأب يسلم ابنته لزوجها ..
هذا المشهد الذي حسدت عليه ياسمين يوماً ..
والآن تعيشه بمنتهى الروعة !
فامتدت ذراعاها تهمان بعناقه لكن مروان جذبها نحوه هاتفاً :
_جرى إيه يا آنسة ؟! احترمي وقفتي حتى!

_شفتي ؟! بيقوللك آنسة في ليلة زي دي !! قلت جوازة مضروبة محدش صدقني !

يهتف بها يامن مشيراً بسبابته نحو مروان الذي جذب داليا لداخل الشقة قائلاً بينما يغلق الباب خلفه :
_الله يبارك فيك يا دوك ..خللينا نشوفك !

ثم عاد يفتح الباب مردفاً :
_ومش عايز ألاقيك ع الباب م الصبح ..مش هافتح لك !


يقولها ليعاود إغلاق الباب بعنف ليضحك يامن وهو يخبط الباب بقبضته مرة أخيرة قبل أن يهبط الدرج مغادراً .

وبالداخل تقدم هو من داليا الغارقة في ضحكاتها ليبتسم وهو ينزع عنها حجابها
قائلاً :
_جاهزة ؟!
فتتسع عيناها بحرج لتهمس مصدومة :
_لإيه ؟!
_هنصلي! دماغك راح فين ؟!
يقولها ببراءة مصطنعة لتضحك وهي تستدير لتعطيه ظهرها هاتفة بمشاكسة شقية :
_طب ساعدني أقلع الفستان .

_ماهو أنا لو ساعدتك تقلعيه مش هنصلي !

يهمس بها في أذنها بجرأة احمرت لها وجنتاها لتجد نفسها تهرع نحو غرفتهما لتخلعه بنفسها ..
قبل أن ترتدي -ما انتوت ارتداءه- لهذه الليلة ثم تحركت نحو الحمام القريب تزيل زينتها وتتوضأ ..

تخرج إليه بإسدال صلاتها فيبتسم بحنان وهو يتقدم نحو مكان قريب ليؤمها للصلاة ..
ولم يكد ينتهي حتى التفت ليضع أنامله على جبينها ..


اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه ..وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه

فتعبس ملامحها وهي تزيح أنامله عنها هاتفة بتنمر :
_اشمعنا بتقوللي كده ؟! أنا عملت إيه ؟!

فيضحك ضحكة عالية وهو يجذبها لحضنه هاتفاً بينما يعضّ وجنتها الممتلئة برفق:
_يا مجنونة ..ده دعاء بيتقال ليلة الدخلة ..للستات كلها ..مش للمجانين اللي زيك بس !



تتأوه بدلال وهي تحرر نفسها منه لتهب واقفة وضحكاتها تغرد في أذنيه ليقف بدوره ثم يجذبها من كفها نحو الشرفة القريبة قائلاً :
_فيه مفاجأة هنا ..ما شفتيهاش !

ترمقه بنظرة متسائلة فيفتح الشرفة لتفاجأ
بالأرجوحة الكبيرة المعلقة هناك والتي اندفعت نحوها لتجلس عليها هاتفة بانبهار :
_رهييييبة ..مش ممكن ..من زمان كان نفسي في واحدة زي دي ..عرفت منين إني هاموت عليها ؟!

يميل رأسه بحركة ذات مغزى قائلاً :
_أحلام سيادتك أوامر ..

ثم أردف بمكر عابث:
_ليها أغراض في الشقاوة برضه ..هاعلمهالك بعدين !

هزت رأسها بمزيج براءة وعدم فهم لا
تدعيه...
ثم ابتسمت وهي تعيد قدميها للأرض قبل أن تعدو نحوه لتتعلق بعنقه هاتفة بدلالها العاشق:
_مالكش حل !
تقرنها بقبلة على وجنته فيسحبها للداخل قبل أن يميل على شفتيها بلقاء حار لفحهما معاً ..
لتشعر برغبتها في الانسحاب من أمامه !!


تعدو بخفة نحو غرفتهما فيلحق هو بها ليخلع عنه قميصه قبل أن يحتويها بين ذراعيه هامساً :
_حرام عليكِ ..مش كفاية كده جري وراكِ؟!

ترتجف بين ذراعيه وهي تشعر بحرارة عاطفته تفوق قدرتها على التحمل ..
خوف طبيعي يعصف بها ممتزجاً بخجل عفتها بينما يخلع عنها إسدال الصلاة ..
خجل يجعلها تغمض عينيها ..
لكن شقاوتها الطفوليه المعهودة تدفعها لأن تفتحهما متفحصة أثر ما يراه عليه ..


نظرته المبهورة ..أنفاسه اللاهثة ..ارتعاش سبابته التي يشير بها نحوها بينما يصمت للحظات طالت ..قبل أن يهمس لها بصوت مبحوح:
_مين اللي اختار لك القميص ده ؟!

فتعود للخلف شاعرة ببعض الخوف يعاود اجتياحها ..لكنها تجيبه :
_أنا !

يقترب منها ببطء يجعلها تعود للخلف أكثر مع سؤاله التالي :
_عامدة متعمدة ؟!
تبتسم رغماً عنها لتطلق شهقة عالية وهي تتعثر في الفراش خلفه لتسقط فوقه قبل أن تشعر بأنفاسه تظللها ..
_ردي ..عامدة متعمدة ؟!
صدرها يعلو ويهبط بانفعال لكن طبيعتها المشاكسة تجعلها تهز رأسها إيجاباً هاتفة
بدلالها المعهود :
_عاجبك واللا مش عاجبك !!

_ممممم ..والله كنت محضر بروجرام هايل يبدأ بفستان الفرح التاني اللي اشتريناه ..
يقولها وهو يدور بسبابته على ملامحها ..
ليردف وهو يقربها منه أكثر :
_بس مادام اخترتِ ده يبقى تستحملي نتيجة اختيارك !

قلبها يرتج بقوة وهي تغمض عينيها تتلقى عطايا عشقه بمزيج من لذة وخوف !!
خوف يطفو على السطح فجأة وهي تستعيد ذكرى تلك الليلة التي كاد فيها ذاك الرجل يغتصبها لولا أن أنقذها !!

رغماً عنها يقفز المشهد لمخيلتها فيرتج جسدها بانفعال مرتعب لا تملكه ..
فتهمس عبر شهقات صدرها :
_كفاية يا مروان ..أنا خايفة !

يرفع عينيه إليها ليروعه شحوب ملامحها المفاجئ ..وهذه الرعدة التي تسري من جسدها نحوه ..
مع هذه الدموع التي تسربت عبر جفنيها المغلقين ..


_افتحي عينيكي ..

يهمس بها بقلق امتزج بحنانه وهو يعتدل في جلسته فيشعر بالهدوء يعود إليها تدريجياّ عقب ابتعاده ..
يجذبها من ذراعها نحوه لتعتدل بدورها فيضمها لصدره وهو يشعر بالغرابة ..
_دي تاني مرة تكرري الكلمة دي من امبارح ..خايفة مني؟!

يهمس بها برفق قلق وهو يربت على ظهرها ليصله همسها المبحوح :
_مش منك ..
_امال ..؟!
يقطع تساؤله بإدراك وهو يفطن أخيراً لسر تقلبها المفاجئ هذا ..

هي روت له تفاصيل تلك الليلة الكارثية عندما كانت تظنه "العاشق المجهول" ..
لكنها تجنبت تماماً الحديث عما كان من ذاك الحيوان وقتها ..
كيف لم ينتبه أن ليلة كهذه ستبقى تحمل لها أثراّ كهذا الذي يراه في ملامحها ؟!
ربما لأنها لم تتطرق إليها يوماٌ في حديث ..
منعها خزيها ..وخوفها !!

_بصي في عيني ..
يهمس بها بحنان وهو يرفع ذقنها نحوه مغالباً فورة عاطفته نحوها لتهز رأسها بعجز وهي تمعن في إغلاق جفنيها ..

_يعني كنتِ شجاعة قوي وانتِ بتختاري قميص زي ده ؟! ودلوقتِ خلاص ..خايفة !

يهتف بها بنبرته المرحة محاولاً تخفيف بعض الضغط عنها ..
لتبتسم وهي تعاود إخفاء وجهها في صدره ..

فتنهد بعمق ليربت على ظهرها هامساٌ وكأنما يخاطب طفلة :
_طيب ..بصراحة كده ؟! انتِ خايفة من الموضوع نفسه ؟! واللا خايفة على صورتك في عيني لو افتكرت ليلتها ؟!

تدرك حينها أنه وصل لسر هذا الذي يجتاح كيانها ..
فتشعر بالكثير من الامتنان له أن أعفاها من التفاصيل ..
تتردد قليلاً وهي تشعر بالمزيد من الخزي والخوف ..
لترفع له سبابته ووسطاها كجواب غير منطوق ..ولاتزال تخفي وجهها في صدره ..

يضحك ضحكة مطمئنة وهو يتناول كفها يقبل باطنه قبل أن يميل بها ليعيد إسناد جسدها على الفراش ..
فينظر إليها من علو ..بينما أنامله تداعب وجنتيها برفق :
_ليه ما كلمتنيش في الموضوع ده قبل النهارده ؟! لو كنت فاكر إنه مأثر فيكي كده كنا حليناه من بدري ..بدل ما نضيع الليلة المفترجة دي !

مزيج من الانفعالات يغمرها وهي تشعر
بالخزي يطوقها ..
لكنه يميل نحوها ليتخلل شعرها بأنامله هامساٌ برقة أكبر :
_لو كنتِ خايفة من صورتك في عيني ..تبقي لسه مافهمتيش داليا عندي تبقى إيه ..ولو قلقانة من الموضوع نفسه ..فانتِ متجوزة واحد كل همه في الدنيا يسعدك وبيخاف عليكِ أكتر من نفسه !

كلماته على بساطتها كان لها مفعول السحر في روحها ..
لهذا وجدت نفسها تفتح عينيها أخيراً ..
لكنها عاودت إغلاقهما عفوياّ وهي تراه ينحني ليقبلهما بعمق عدة مرات ..
قبل أن يضمها إليه من جديد برقة هامساً في أذنها :
_بحبك يا مجنونة ..بحبك في كل حالاتك.

ابتسامة صغيرة تنبت على شفتيها وهي تستجيب لزخات الأمان في عناقه الدافئ ..
تتسع رويداّ رويداً وهي تراه يدلل أنوثتها بمراعاة ساكباٌ في أذنيها أروع عبارات الغزل ..
وهذه الحرارة المشعة لعاطفتها تظللها غيمة كبيرة من أمان هو فقط سره !!
ابتسامة تشتعل أخيراً كألف شمس صغيرة وهي ترد له عطايا عشقه بمثلها ..
الحواجز بينهما تذوب ..
تذوب ..
تذوب ..
والخوف يتهاوى برياح عاطفة تجتاحهما فيستسلمان لدوران لا نهائي ..

وأخيراً ..لا يبقى سوى خفقات قلب هادرة ..
تتذوق اكتفاء سعادتها قطرة ..قطرة !
=====










تغادر جيلان مبنى النيابة بعينين زائغتين وهي تتلفت حولها شاعرة بأن قدميها لا تكادان تحملانها ..
هل كان هذا الكابوس حقيقياً ؟!

_معلش يا ماما ..الحمدلله إنها خلصت على كده .

يقولها إسلام بتوتر امتزج بإشفاقه وهو يراقب ملامحها التي بدت وكأنما اكتسحها الهرم فجأة بعد أحداث الأيام السابقة ..
الحكاية بدأت ببلاغ قدمته إحدى السيدات بخصوص "مركز التجميل" الذي تمتلكه تتهمهم فيه باستخدام مواد غير مطابقة للمواصفات تسببت في حروق لوجهها ..

لتجد نفسها تدور في دوامة من التحقيقات تسببت في التحفظ عليها بالسجن !!
هي ..جيلان هانم ..تقضي سبعة ليالٍ كاملة في الحبس كالمجرمين !!

_روحني ع البيت بسرعة !
قالتها ملاحظة عدسة كاميرا صحفية تلتقط لها صورة ما فأحكمت وضع نظارتها الشمسية على وجهها لتستقل سيارته جواره ..

_الموضوع ده غريب جداً ..بدأ فجأة وخلص فجأة كده ..منين الست تبلغ ..وبعد كام يوم تتنازل عن البلاغ والحكاية تتلم بقدرة قادر !


يقولها إسلام بشك حذر وهو يلتفت نحوها مردفاً:
_انتِ رأيك إيه ؟! ليكِ عداوات مع حد مُهم ؟!

تشرد ببصرها والهمّ يلون ملامحها بينما تهز رأسها بحيرة :
_أبداٌ ..
ثم تنهدت بألم لتسأله:
_اوعى يكون أخوك عرف حاجة ؟! هو مش ناقص!
هز رأسه بحركة مطمئنة وشعوره بالإشفاق نحوها يتزايد بينما يرد:
_قلت له إنك مسافرة كام يوم تغيري جو .


تأوهت بقوة لتنخرط فجأة في بكاء هستيري صارخة :
_إيه اللي بيحصللي ده يا ربي؟! فجأة كده حياتي كلها بقت كابوس ..إيه المرمطة اللي شفتها دي؟! عملت إيه في دنيتي عشان كل ده ؟!

يتنهد بألم وهو يضمها نحوه بذراعه بحنان هاتفاً :
_اهدي يا ماما ..نحمد ربنا إنها جت على أد كده ..أنا من زمان مكنتش مرتاح لفكرة "البيوتي سنتر" ده ..مشاكله كتير وانتِ ماعدتيش فاضياله !



_هو السنتر وبس؟! أنا كأني صحيت م النوم لقيت حياتي اتقلبت ..الراجل اللي كانت الدنيا كلها بتحسدني على حبه ..ولادي اللي طلعت بيهم م الدنيا ..صورتي وشكلي قدام الناس ..كل ده في لحظة ..يروح مني كده !

تهتف بها بين شهقات نحيبها ليشدد ضمته الحنون لها ..
ورغم ضيقه ببعض تصرفاتها لكنه كان يشعر حقاٌ بالإشفاق نحوها ..
هي لم تكن أكثر من امرأة استيقظت فجأة لتجد عمرها كله مجرد فقاعة زائفة !!
لهذا تنهد أخيراً قائلاً بنفس النبرة المشفقة :


_مالهم ولادك بس ؟! هيثم هيخف بإذن الله حالة مؤقتة وهتروح ..وأنا جنبك أهه !

تستجيب لسيل دموعها الصامت بعدها وهي تشعر كمن سقطت من علياء هرمها لتجد نفسها جثة ممددة فوق سفحه ..
حياتها كلها صارت هشيماً تذروه الرياح ..
وأخيراً أزمة حبسها هذه ..قصمت ظهرها حقاً !!

تشعر بتوقف السيارة فتلتفت نحو إسلام الذي بادرها بقوله :
_اهدي شوية عشان خاطر هيثم ..مش عايزينه ياخد باله من حاجة .


تومئ برأسها مطيعة لتمسح دموعها وهي تغادر السيارة نحو بيتهما ..
لقاؤها الدافئ بهيثم يبدد بعض كآبتها قبل أن تخلو بنفسها في غرفتها ..
ولم تكد تفعل حتى فوجئت برقم غريب يرن على هاتفها ..
تجاهلته مراراً قبل أن تضطر أخيراً للرد ..

_ليلة سجن ياقوت تساوي أكتر من سبع ليالي ..بس أنا عديتها المرة دي!

الصوت الغريب المهيمن يصلها فيرجفها ببرودته الصارمة لتدرك أنه من كان خلف ما حدث لها ..
_انت مين؟!

تهتف بها بحدة لكنه يتجاهل الرد ..

_شيليها من دماغك عشان مااحطكيش أنا في دماغي ..واديكي شفتي اللي بحطه في دماغي بيحصلله إيه !

اقشعر جسدها بخوف حقيقي وهي تشعر أنها صارت حقاً واهنة دون أي سند ..
فتجمدت كلماتها دون رد ..

_آه ..كنت هانسى ..

صوته المهيمن يقاطع شرودها لتتأهب حواسها وهي تنتظر بقية حديثه :

_الشقة اللي خليتيها تخرج منها مطرودة قدام الناس بكرة الصبح تكتبيها باسمها ..هابعت حد من طرفي يستلم العقد ..وتمنها هيوصلك كامل .

انفرجت شفتاها بذهول وهي لا تدري بماذا ترد أمام صوت الرجل الذي يبدو بهذا الجبروت ..

_قولي موافقة يا هانم ..عشان ماافسرش سكوتك إنه رفض وأتصرف على الأساس ده .

صوته بدا شديد التهذيب رغم نبرة التهديد التي جمدتها مكانها ..
هي تعرف من مثله جيداً ..

قديماً كان حسين نفسه واحداً منهم ..يأمر فيطاع ولا راد لأمره ..
لهذا لم تجادل طويلاً وهي تجد نفسها تغمغم :
_ماشي .
_عظيم جداً ..كنت عارف إنك ذكية وهتفهمي الوضع كويس!
يغلق بها زين الاتصال لتلقي الهاتف جانباٌ وتنخرط في البكاء من جديد متهاوية على
الأرض تنعي خساراتها ..
وشاعرة بالمزيد من الضآلة !
======




_مش كفاية كده يا ياقوت وترجعي مصر بقا ؟!
يقولها إسلام عبر الهاتف فترتجف شفتاها وهي تعاود تحسس القرط الأحمر في أذنها ..
كيف تخبره أنها تجبن عن العودة ؟!
أنها تريد أمانها هنا في حضن ثمر ؟!
وأنها تخشى أن يخذلها قلبها باشتياقها ؟!

_سيبني شوية يا إسلام !
تقولها باعتداد لم ينل منه ضعف روحها ليزفر زفرة مشتعلة جعلتها تسأله باهتمام :
_انت مالك؟! هيثم كويس؟!


لكنه يتردد قليلاً ليخبرها عما حدث لأمه خلال الأيام السابقة وشكوكه عن الأمر ..
فتتسع عيناها بشك ..
هل يمكن أن يكون ما تفكر فيه حقيقياٌ ؟!

_وماعرفتوش مين ورا الحكاية دي؟!
_للأسف لا ..انتِ عارفة البلد دي ماشية إزاي !
يقولها باستياء لتشرد ببصرها للحظات ولاتزال تتحسس القرط في أذنيها ..قبل أن تقول أخيراً :
_سيبها لله .
_تعالي يا ياقوت ..هيثم ما بيبطلش يسأل عليكِ ..ماتستسلميش لضعفك ده ..صدقيني علاجك في الشغل ..خللينا نبدأ نأسس المركز بتاعنا ونشوف حالنا بقا كفاية اللي راح .

تتردد قليلاً لتمنحه رداً مموهاً قبل أن تغلق الاتصال و تعاود التفكير فيما حكاه لها ..
هل فعلها زين حقاً ؟!

والجواب يصلها بعد دقائق في صورة منه على هاتفها لعقد ملكية الشقة التي تسببت جيلان في طردها منها بفضيحة ليلة سجنها الكارثية !!
لهذا اتسعت لها عيناها بصدمة وهي تفهم كل شيء ..

_الشقة بقت بتاعتك رسمي ..هاسيبلك العقد مع رائد ..تقدري تاخديه أول ماترجعي لجلسات همسة .

كلامه كان شديد العملية مناقضاً تماماً لكل هذه المشاعر التي تكتسحها الآن ..
زين انتقم لها !
أخذ حقها ممن ظلمها ورد لها صفعتها عشراً !!
لم تجرب هذا الشعور أبداً من قبل ..
طوال عمرها وهي تجابه الدنيا محاربة شريفة وحدها ..
سيفها بأحد ذراعيها وبالآخر تحيط ثمر ولجين تحميهما غدرات الزمن ..
والآن يأتي هو ليشعرها أنه هناك ..
في ظهرها ..حولها ..يتوعد كل من تسول له نفسه أن يؤذيها !


قلبها يخفق بجنون وهي تشعر بحاجتها الماسة الآن أن تراه ..
تلقي بنفسها بين ذراعيه معانقة هذا الأمان الخصب الذي يمنحه لها عشق رجل مثله !
لكن عقلها يعيد موازنة المعادلة بحسابات أخرى ..
زين لفظها من عالمه ..قد تتفهم دوافعه وتحترمها ..
لكنها ستبقى غصة في قلبها العمر كله !!

_انت عارف إني مش هاقبل حاجة مادفعتش تمنها.
ترسلها له مكتوبة ليرد برسالة مكتوبة كذلك :
_عارف ..بس كان لازم انتِ كمان تعرفي إني مش هاسمح لحد يأذيكيِ وأنا عايش .

الدموع التي حملت اسمه تملأ عينيها ..
والقلب الذي يخفق له يقرع صدرها بعنف ..
وإن كانت لا سلطان لها على الأولى ولا الثاني ..
فلها كل السلطان على كلماتها التي خرجت بنكهة النهاية :
_ماعدتش تشغل نفسك بيّ ..دايرتنا خلاص اتفتحت وخرجنا منها ..

والرد يتأخر كثيراً هذه المرة ..قبل أن تصلها كلمته المكتوبة الوحيدة :
_ارجعي .

تعقد حاجبيها بغضب وهي لا تدري كيف تفهم كلمته ..
إلى أين ترجع ؟! وإلامَ ترجع ؟! بل إلى من ترجع ؟!
هل يظنها -بغروره- طوع أمره تذهب وترجع كيف شاء؟!

جسدها ينتفض مكانه وهي تشعر برغبة عارمة في تكسير هاتفها ..لعلها تتخلص من هذه الحرب التي يزجها فيها هذا الرجل دون هوادة ..

_همسة محتاجالك ..كمللي الطريق لآخره .

تكاد تسمعها بصوته الآسر وهو يعاود إرسالها مكتوبة فتغمض عينيها بوجع دون أن تجد رداً هذه المرة ..

هاتفها يرن من جديد بعدها لكن برقم رائد هذه المرة يطمئن عليها ..
قبل أن تستمع لما جعل جسدها كله يرتجف من جديد وهي تميز صوت همسة الملائكي :
_وحشتيني ..ارجعي .


كلهم يناشدونها الرجوع للعاصمة ولايعلمون أي جحيم تخشاه هناك ..
لقد عاشت عمرها كله "جبلاً راسخاً" يناطح سواد العالم بصلابة قمته ..
واليوم تشعر كأنما نسف هذا الجبل نسفاً بينما هي مضطرة للمواجهة من جديد ..
تغلق الاتصال بوعد جديد مموه لتعود لشرودها ..

صوت طرقات خافتة على الباب يقاطع أفكارها فتغلق الاتصال مع همسة بسرعة لتجد ثمر تدخل حاملة صينية قديمة رصت فوقها بعض القطع من "البطاطا المشوية" ..وخلفها لجين بملامحها السمحة ..ورابحة بشقاوتها الطفولية المعهودة ..

_لقيناكي حابسة نفسك في أوضتك ..قلنا نيجي احنا .
تقولها ثمر بعتاب حنون وهي تتربع لتجلس على الأرض بوهن ..

_ريحة البطاطا مهفهفة يا ستنا ..كل حاجة من إيدك ليها طعم تاني ..


تهتف بها رابحة وهي تتناول إحدى القطع تقشرها بلهفة لتضحك لجين وهي تشاركهم المجلس لتجذب ياقوت من ثوبها :
_اقعدي يا توتة وكلي معانا ..وحشتني لمتنا !

فتبتسم ياقوت ابتسامة صافية حقيقية وهي تشاركهم الجلسة ..
ترى ثمر تقشر لها قطعة من "البطاطا" لتناولها إياها بنظرة حانية ..
تسمع صخب رابحة المستسلمة دوماً لثرثرتها ..
وتشعر بحب لجين الصافي الذي يترجمه مرحها لدعابات لطيفة ..
فتأخذ نفساً عميقاً وهي تغمض عينيها لتأخذ قرارها:

هل كانت تسأل نفسها كيف ستواجه العالم بعدما نسف جبلها؟!
بحب هؤلاء هي كانت وستكون ..
ياقوت سليمان ستبني جبلها ثانية ..إنما بقواعد جديدة هذه المرة ..
ولمسة القرط بعدها كانت بنكهة مغايرة ..
نكهة التحدي!
=======




_عمو علاء!
تهتف بها غادة بترحاب وهي تستقبله في البيت قبل أن تجذبها إيناس لحضنها هاتفة بحنانها المعهود وسط أنفاسها اللاهثة :
_وحشتينا قوي !

تستجيب لعناقها باحتياج كاسح وهي تشعر بأن روحها ردت إليها معهما ..
قبل أن تهمس إيناس لها خفية بخفوت:
_سيف كمان رجع معانا ..عشانك.

تتسع عيناها بصدمة للحظة قبل أن تسمع صوت زوج أمها خلفها يهتف بود مصطنع :
_اهلاً أهلاً ..اتفضلوا ..

ثم يرمق إيناس اللاهثة بنظرة متفحصة كريهة سبقت قوله :
_معلش سلمنا
عالي ..لو نقدر كنا ركبنا لكم أسانسير مخصوص .

قلبها ينقبض بلوعة وهي تخشى أن يحرجها أمامهم ..
لكنه يتقدم ليصافحهم بتهذيب مصطنع مقدماً لهم واجب الضيافة بنفسه ..

ومع هذا ظل علاء يرمقه بنظرة متوجسة وهو يشعر بخبرته أن هذا الرجل يظهر
خلاف ما يبطن ..

_أنا قررت أنقل شغلي هنا في القاهرة ..عمك والد أحمد صحته بقت مش عاجباني ..ومحتاج أكون جنبه !

يقولها علاء مراوغاً مخفياً سببه الحقيقي في العودة لمصر ..

فتبتسم هي له قائلة بارتياح:
_عظيم يا عمو ..كده ممكن أنا كمان أرجع أشتغل مع حضرتك !

_والست اللي جوه دي هتسيبيها لمين ؟!
يهتف بها زوج أمها بفظاظة أظهرها طبعه الحقيقي لتلتفت غادة نحوه هاتفة :
_ما تقلقش ..أنا هاخد أمي معايا في أي حتة أروحها .

يحمر وجهه بانفعال لكنه يعود ليضيق عينيه هاتفاً بلهجة عاد إليها ودها المصطنع:
_مش القصد يا بنتي ..بس والدتك محتاجة رعاية ..وانتِ مش محتاجة شغل !

فتكز غادة على أسنانها بغضب وهي تلعنه سراً قبل أن تعود للالتفات نحو إيناس قائلة :
_وحشتيني قوي يا أنّا ..أخبار صحتك إيه ؟!

تتجاوب إيناس معها في حديث ودي
ملاحظة نظرات الرجل القميئة لها ..والتي جعلتها لا إرادياّ تسحب تنورتها لأسفل ..

بينما هتف علاء بضيق :
_احنا مش هنتقل عليكِ الزيارة دي ..هاستناكي بكرة بإذن الله عشان نشوف قصة الشغل دي .

_هو الشغل ده هيبقى في القاهرة ؟!
يسأله الرجل ليرد علاء بهدوء:
_أيوة .
_طب وهاتقعد هي فين ؟!
يعاود سؤاله كمن يهتم ..ليرد علاء بنفس النبرة :
_هاوفر لها سكن مناسب هي والحاجة !

_آآه ..بس أنا مش عايز مراتي تسيب بيتي .

يهتف بها الرجل بسماجة ..
لتشحب ملامح غادة وهي ترد :
_محدش هيراعي أمي غيري .

_يبقى تقعدي بيها هنا وبلاها قصة الشغل دي !
يهتف بها الرجل بنفس النبرة المستفزة ليردف :
_وبعدين شغل إيه وليه ؟! هو أنا قصرت معاكي في حاجة يا بنتي ؟!

تشعر بالدم يغلي في عروقها وهي تراه مصراً على الظهور بهذا المظهر أمامهما ..
فيمنعها العودة إليهما!

ترمقه بنظرة مشتعلة لتتجاهل قوله وهي تقول لعلاء باعتداد :
_هاكلم حضرتك في الموضوع ده بكرة يا عمو ونتفاهم .

_طب يا جماعة نورتونا !
يقولها الرجل بفظاظة صريحة هذه المرة ليحمر وجه إيناس بحرج وهي تشعر وكأنه يطردهما ..
بينما وقف علاء ليرمق غادة بنظرة ذات مغزى ناسبت قوله :
_هاستناكي يا غادة ...نستأذن احنا بقا عشان ورانا مشاوير ..ألف سلامة للحاجة .

وقفت غادة بدورها وهي تلعن الظروف التي جعلتها رهينة لفُجر هذا الرجل ..

لتصافحهما من جديد بحرارة وعيناها
تحملان اعتذاراً ..واستغاثة !!

لكن علاء رمقها بنظرة مطمئنة قبل أن تعانقها إيناس بحرارة لتغادر خلف زوجها مجبورة ..

ولم تكد غادة تغلق الباب خلفهما حتى التفتت نحو الرجل هاتفة بحدة :
_انت إيه ؟! لا عندك ضمير ولا شفقة ..سيبني بقا أنا وأمي نتنفس بعيد عنك !

تقولها غافلة عن عيني أمها التي كانت تراقبهما عبر باب غرفتها المفتوح ..
ممددة الجسد على الفراش بلا حول ولا قوة ..

بينما يتقدم الرجل من غادة ليمسك ذراعيها بعنف هاتفاً :
_عايزة تهربي مني تاني بعد ما رجعتيلي برجليكي ؟!

_اخرس ..أنا مارجعتلكش انت ..أنا رجعت
لأمي !

تهتف بها بحدة وهي ترى جرأته تفوق الحد هذه المرة ..
منذ عودتها وهو يحاول اصطيادها وحدها كي ينال منها ..
وهو ما لم تمكنه منه على أي حال ..
لكن أن يتجرأ ليمسكها هكذا ووالدتها تراقب فهذا يعني أنه وصل حداً آخر من السفالة ..

_سيبني يا حيوان ..أمي صاحية ..حرام عليك ..ماتخلينيش أصوت وألم علينا الجيران !
تهتف بها بضراوة وهي تحاول التملص منه لكنه يكتم فمها بأحد قبضتيه قبل أن يحملها من خصرها نحو الغرفة ..
نفس الغرفة التي تنام أمها على أحد فراشيها ..
تتلوى بين ذراعيه وهي تحاول عض كفه الممسك بها ..
لكنه يتغلب عليها بقوته فتحاول ركله أسفل بطنه وتنجح في مسعاها ليطلق هو آهة
عالية ليفلتها مرغماً ..

تتحرر من بين ذراعيه لتطلق صرخة عالية وهي تحاول الفرار من مرمى ذراعيه ..
لكنه يحاصرها في زاوية الغرفة ليخلع عنها حجابها ثم يحاول خلع قميص منامتها بينما يعاود تكميم فمها ..

_كفاية تقل بقا ..من ساعة ما جيتي وأنا صابر عليكي وبقول مسيرها تحن لزمان ..فاكرة زمان يا حلوة ؟! المرة دي هتبقى أحسن ..ماعدتيش خام زي الأول.

بمنتهى القذارة يقولها وهو يحاصرها بثقل جسده ..
وخلفه أمها تراقب المشهد بعينين جاحظتين ..
الدهشة ..الصدمة..الاستنكار ..القهر ..
ثم الندم !!
كل هذه المشاعر تكتسحها بجنون وهي تميز بشاعة هذا الذي يحدث ..

صرخة عالية تطلقها روحها غير مسموعة لكنها تفتت كيانها كله وهي تشعر أخيراً بحجم الجرم الذي ارتكبته في حق ابنتها ..

وهاهو ذا الرجل الذي باعت الدنيا لأجله ..
يتجاسر لينتهك ابنتها ..وأمام عينيها !!

دموع العجز تتسرب من عينيها وهي تحاول تحريك جسدها دون جدوى ..
تحاول الصراخ دون نتيجة ..
يالسخرية !!

لقد عاشت عمرها السابق تسمع وترى وتتحرك لكنها فقدت نعمة "الشعور "..
نعمة التمييز بين الحق والباطل ..
بين الذهب والتراب !!

والآن ..تستعيد هذا الشعور ..
لكن مع عجزها ..عجزها التام عن فعل أي شيء!!!

دموعها تنهمر أكثر..
وصراخ غادة المكتوم مع المنظر أمامها يجعل دقات قلبها تتقافز حد الجنون ..
حد الألم ..
جبينها يتعرق وهي ترفع وجهها للسماء بدعاء أخير ..
تستدعي كل ذرة من قوتها كي تتحرك ..
أو حتى تصرخ طلباً لأي نجدة ..
لكن محاولتها لا تزيدها إلا عجزاً ..
سيل الدموع ينعي قهرها ..
والألم الذي يشق صدرها تزداد ضراوته ..
عيناها تغيمان بتلك النظرة التي تدرك بعدها أن العالم لن يعود كما كان ..

لكنها عبر الغمامة الأخيرة ترى غادة تنجح في دفعه عنها بقوة لتضم ثيابها فوقها..
قبل أن يتعثر هو ليسقط بكامل ثقله للخلف عبر النافذة الزجاجية التي تسمع صوت تهشمها ممتزجاً بصرخته الطويلة ..
والتي يهيأ إليها أنه سيصمت بعدها للأبد ..

فتبتسم "ابتسامة خلاص"أخيرة تتزامن مع دموعها الحارة ..
ونظرتها النادمة نحو غادة ..
ثم رفعة عينيها المستغفرة للسماء ..
قبل أن تغمضهما تماماٌ ..
وقلبها يلفظ آخر دقاته طالباً العفو !
======
انتهي الفصل السابع عشر


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 01:52 AM   #793

Miush

? العضوٌ??? » 404902
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 228
?  نُقآطِيْ » Miush is on a distinguished road
افتراضي

مش عارفه أوصلك قد ايه واحشني قلمك سلمتي
عودا احمد بعد غياب طويل اوجعنى ❤


Miush غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 05:45 AM   #794

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

حمد الله علي السلامة يا نيمو وحشتينا و وحشتنا سينابون ❤ الفصل جميل قوي مشاهد ياقوت تدخل القلب بجد .. مشهدها مع اسلام و مشاهدها مع ثمر و هقول مشاهدها مع زين لان طول الوقت حاساهم مع بعض رغم بعدهم .. حالة فريدة بصراحة احييكي عليها لما بقرا مشاهدهم بفهم كلامك لما قلتي انهم كانو فكرة لرواية لوحدهم هما فعلا تفاصيلهم غير .. تسلم ايديكي ❤

amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 08:40 AM   #795

Safo85

? العضوٌ??? » 396892
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 39
?  نُقآطِيْ » Safo85 is on a distinguished road
افتراضي

صحيح انا قليل جدا بل نادرا ما بشارك بتعليق بس بعد هيدي المفاجأة والمجهود الجبار يلي عملتيه يا نيمو لتنزلي فصلين مرة واحدة ولأول مرة ما بقدر الا ما قللك يعطيكي العافية ومشكورة فصلين ولا اروع يعني رجعت وبقوة

Safo85 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 08:49 AM   #796

Mera Rogy

? العضوٌ??? » 444455
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 13
?  نُقآطِيْ » Mera Rogy is on a distinguished road
افتراضي

اذابت قلبي نعومة حروفك .. دمتي مبدعة

Mera Rogy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 12:33 PM   #797

عهد الحر
 
الصورة الرمزية عهد الحر

? العضوٌ??? » 305991
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,579
?  نُقآطِيْ » عهد الحر is on a distinguished road
Rewity Smile 3

يسلمو على الرواية موفقه بانتظار المزيد من الاحداث المشوقة في الفصل القادم

عهد الحر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 02:29 PM   #798

حناان محمد

? العضوٌ??? » 373975
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 516
?  نُقآطِيْ » حناان محمد is on a distinguished road
افتراضي

ليه بس ما طولتيش شوية
الفصل يجنن
كل كلماتك ممتعة ومبهرة وتخترق القلوب
حبييتى نيمو حمدلله على سلامتك
ما اجمل الرجوع الى متابعة فصولك
تحياتىه


حناان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 05:14 PM   #799

حناان محمد

? العضوٌ??? » 373975
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 516
?  نُقآطِيْ » حناان محمد is on a distinguished road
افتراضي

التعليق السابق كان قبل ما اعرف ان فى فصل تانى
تجننى يا نيمو
الفصل روعة
زين ده حكاية
يا نهار ابيض على الجمال
هو فى ه
لها حق ياقوت تغرق فيه
دا احنا من موقعنا هذا مش قادرين نقاومه
مش عاىفة انا ليه شايفة زين فى صورة احمد عز
قمر كده وبرنس ومسيطر
تسلم ايديكى يا احلى قمرية


حناان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 05:28 PM   #800

Tamaa

? العضوٌ??? » 407831
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » Tamaa is on a distinguished road
افتراضي فصل مبهر

عودة بقوة
الحمدلله على سلامتك وعودتك بخير 💖
انصدمت لما شفت في فصل ثاني وما كنت منتبهة عليه
حبيت إنك حليتي مشكلة رامز وهانيا لأنهم أكثر ثنائي حبيتهم، وطلب من معجبة صغيرة 😙، ممكن يكون أول حمل إلهم توأم 😍😳
غادة.. متى راح تيجيها الأيام الحلوة.. حسيتها أكثر حد توجع بهالقصة.
ياقوت وزين قطبين مختلفين لكن جمالهم لما يتجمعوا سوا.. مستنية اللحظة اللي برجعوا يتزوجوا فيها.
ومتشوقة لردة فعل لجين لما تعرف برغبة عابد الزواج منها 💖
مرواان وداليا ثنائي رهيب عاملين زي توم وجيري 😂 بس بحبوا بعض.
أشرف ورانيا فرحتلهم بالحمل الجديد وبتمنى شخصية رانيا الجديدة يكون إلها دور لحتى تساعد نشوى تعرف وين تروح باختيار قلبها.
ناصر أناني كثير وزوجته حقيرة، بعتذر للكلمة لكن ما إلها غير هالوصف..
إسلام.. حلو الإنسان يصحى على نفسه ويبدأ يصلح أخطاؤه ويحب يعيش حياته صح لهيك بتمنى إله نهاية سعيدة تسعده هو ونشوى.
سيف.. راح يبدأ الآن طريق الألف ميل تجاه غادة وحاسة راح تكون طريقه صعبة وخصوصاً مع الظرف يلي دخلته لو اتهمت بجريمة قتل زوج أمها.
كاتبتنا الحلوة ما تنسي بيلا من مشهد حلو بينها وبين يامن... حابة كثير شوف مشهد إلهم لوحدهم لعلاقة الإم بابنها بعد ما اتصالحوا سوا وكل واحد تعلم من أخطاؤه.

ما بعرف إذا نسيت حدا
لكن بانتظار ابداعاتك الأسبوع القادم إن شاء الله
دومي بخير
قارئتك المحبة حنين داغر


Tamaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.