آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الهاجس الخفى (4) للكاتبة: Charlotte Lamb *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          226 - حزن في الذاكرة - كيت والكر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          1028-انت قدري - ريبيكا وينترز -عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          35 - كيف احيا معك - آن مثير - ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-03-20, 04:49 PM   #1

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي زهرة تشرين * مميزة ومكتملة *


بسم الله الرحمن الرحيم






نظرًا لضياع بيانات ما يقارب الشهرين في المنتدى ضاعت معهم نوفيلا "زهرة تشرين " التي قد أنزلتها قبل فترة لذا سأعود وأنشرها



هي حكاية بلهجة بلدي الأردن ومع أبطالنا ريان وجيداء... أتمنى أن تعجبكم

المقدمة

الأردن – عمّـان – في إحدى الأحياء الفقيرة

بعدك على بالي
يا قمر الحلوين
يا سهر بتشرين
يا دهب الغالي
بعدك على بالي
يا حلو يا مغرور
يا حبق ومنتور
على سطح العالي

" مين!!! .... جلالة ريان بمقامه وقدره بسمع هالاغنية.... صدمتني بصراحة..."

ابتسم ريان ابتسامة طفيفة لصديقه وعاد يكمل عمله بنجارة قطعة الخشب أمامه...فأمامه شهر ليسلم العمل لزبونه وهو لا يريد أن يتأخر عليه..... تقدم صديقه ورفيق صباه وشبابه "حمزة" إلى داخل ورشة النجارة الصغيرة وأردف قائلًا بفكاهته المعروفة :
" بس شو هالرومانسية.... ما عرفتك...."
قال ريان بمزاح وهو يضغط على زر المسجل لتتوقف الأغنية التي كانت تصدح منه :
" هيني طفيته ارتحت... ما أثقل دمك..."

قهقه حمزة بصخب ثم أحاط كتفيه مرددًا :
" طيب خلص سكتنا.... مزاجك اليوم مش ولا بد..."

لم يرد عليه ريان واكتفى بشبح الابتسامة المرسوم على شفتيه ليقول حمزة وقد تخلى عن مزاجه المرح بينما ينظر لما يعمل به صديقه :
" شو رح تعمل...؟"

" خزانة... مع انها مش جايبة همها واللي رح اقبضوا مش كتير بس ولا البلاش... "

لاحت علامات التعاطف على وجهه لكنه ابى أن يظهره بنبرة صوته حتى لا يجرح صديقه.... فهو يعلم أن كرامته عزيزة ومن أجلها داس ريان على قلبه :
" الله رح يفرجها يا صديقي..."

نظر له ريان بنفس البسمة التي بدت وكأنها مرسومة على شفتيه دون أن يشعر بها حقًا ثم زاغت نظراته لخارج الورشة حيث لمح هيئة يعرفها.... بل يحفظها حفظًا تمر من أمامه بلمح البصر....
راقب حمزة توتر ريان المفاجئ ونظراته الثابتة على نقطة ما ليتبع بنظره ثم يتحرك بسرعة ويمسك ذراع ريان الذي تحرك برغبة واحدة... الخروج..... هتف ريان بعصبية :
" مش وقت بياختك حمزة... اتركني...."

ليهتف به حمزة بنفس النبرة وان كانت أعلى :
" بطّل (توقف عن) غباء..... بدك تلحق البنت وتعمللها فضيحة... ما عندك عقل تفكر فيه... احكيلي"
تحرك صدر ريان صعودًا وهبوطًا وهو يتهرب من أن ينظر له ورد باقتضاب :
" شفتها ماشية بسرعة ...ففكرت اروح اشوف شو صار... يمكن بدها مساعدة..."

رفع حمزة حاجبه وقال بقسوة اضطر عليها :
" انت آخر واحد رح تحتاج مساعدتك... أو يمكن حتى انك مو موجود بالقائمة.. افهم ريان.... استوعب انه خلص كل شي انتهى بدل ما بكرا تعمللها فضيحة ولا توقعها بمشكلة من ورا حركاتك المتهورة... "

آخر ما يريده أن يسبب الألم لصديقه.... فهو قد ذاقه ولا يزال يذيقه على مر الثلاثة أشهر التي فصلت بينه وبين خطيبته.... لكن ريان لا يريد أن يفهم أنه يجب أن يبتعد وان يتوقف عن دور الحارس... وهذا إذا تطور سيسبب مشكلة هم بغنى عنها...
ربت على كتف ريان الذي عاد ليكمل عمله من دون أن يرد كعادته... فقد بات شحيح الكلام والتفاعل مع أي شخص وزاد هدوءًا وانطواءً أكثر...

" تيسر على شغلك حمزة.. بلاش ما تتأخر.."

لم يسعه أن يفعل الا إلقاء السلام والتحرك خارجًا بينما يرد عليه ريان بهمس مواصلًا عمله بآلية باتت تسيطر على ايام حياته..... نظر ليده التي تهتز بخفة فجمع كفه بقبضة ورفعها أمام عينيه.... يتمنى لو انها تنزل على وجهه... ربما تنسيه هذا الوجع....... ربما تنسيه بـُعدِها...... وربما تنسيه اياها...



روابط الفصول

المقدمة .... اعلاه
الفصول 1، 2، 3، 4 .... بالأسفل

الفصل الخامس والسادس
الفصل السابع والخاتمة





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 01-04-20 الساعة 02:12 PM
Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-20, 08:18 PM   #2

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل الأول


بلهفة قلقة اتبعت خطوات المعلمة التي قادتها لحيث تجلس اختها بغرفة المعلمات وهناك أسرعت فور أن رأت شقيقتها التي تبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة تجلس على إحدى المقاعد باكية... ركعت أمامها وقالت تطمئنها :
" حبيبتي ليه العياط (البكاء) ... عادي يا عمري هاد اشي طبيعي.."
نظرت إسراء لها بعينيها المبللتين وقالت ببعض الخوف :
" انا خفت بس شفت الل..."
ثم صمتت بخجل وانكست رأسها لتبتسم جيداء وتمسك يدها وهي تنهض :
" مو مشكلة... انا جبت (أحضرت) معي اواعي (ملابس) بتعرفي وين حمام المعلمات... "

اومأت شقيقتها ونهضت لتذهبا إلى الحمام وتساعدها بتغيير ملابسها.. بينما في داخلها شعور من السعادة فشقيقتها الطفلة الصغيرة قد بلغت... وأصبحت صبية جميلة.....اصابها القلق عندما اتصلت عليها المدرسة تخبرها بما حدث وان إسراء خافت وأصبحت تبكي بشدة فحملت نفسها وغادرت البيت بسرعة دون حتى أن تجيب على سؤال والدتها القلق.... ربما تبالغ بحماية شقيقتيـّها لكن هما وصية والدها رحمه الله وهي تشعر بأنها والدتهما الثانية وليس اختهما فقط...
أمسكت بكف إسراء وخرجتا من المدرسة تتمشيان الطريق القصير الذي يفصل بين البيت والمدرسة... وهي تتحدث معها بمرح تحاول أن تنسيها ما حصل ولم تنسى قبل أن تصل أن تمر على البقالة الصغيرة الموجودة في نهاية الشارع فانتهى الأمر بها بكيس كبير يحتوي على سكاكر وحلويات من كل الأنواع.... عادة لم تستغني عنها بل تشارك شقيقتيها بالقضاء على كل المحتويات…..

فور أن وصلت البيت هبت والدتها تستقبلهما وهي تقول بلهفة :
" شو اللي صار جيداء..."
ثم نظرت لإسراء التي تقف بخجل فأردفت بتساؤل :
"شو اللي مروحك بكير من المدرسة..."
انحنت جيداء وقالت لشقيقتها بلطف :
" روحي حبيبتي على غرفتك ارتاحي..."

أمسكت بذراع والدتها وسحبتها معها لتجلسا على الاريكة لتبدأ سرد ما حدث والذي انتهى باسراعها لغرفة ابنتها تاركة اياها تبتسم بأثرها بشيٍء من الشرود.... نظرت من النافذة للحي الذي تسكن به والذي يبدو الآن ساكن لا حركة فيه في وقت كل شخص يذهب إلى عمله البسيط.... أشخاص تجمعهم صفة واحدة وهي... الفقر...
استقر نظرها على إحدى المحلات لتجده مقفل على غير العادة... قطبت حاجبيها لكنها رفضت أن تشغل عقلها به ونهضت لتذهب لغرفتها.... فهي بحاجة لراحة عميقة... دون تفكير.... دون هم.... دون أي شيء
*******************
" العروسة حلوة بس مش شايفيتها مايعة بزيادة وكأنها ما صدقت تتزوج.."
ضحكت جيداء وهي تزيح الكاميرا عن كتفها وتلتفت لزميلتها بالعمل " ديانا" المنغمسة بالتصوير دون أن تمنع نفسها من التعليق كالعادة... وقالت بمرح :
" عرسها هاد بدك اياها تكشر (تعبس) يعني.."
نظرت لها ديانا بطرف عينها ثم زمت شفتيها وحركتهما يمينًا ويسارًا بحركة ممتعضة وقالت :
" لا طبعًا... افففففف شوفي كيف القرود الصغار هدول تجمعوا قدام ( أمام) الكاميرا.... وين أمهاتهم..."

استدارت لها وهي تستطرد بمكر :
" اكيد أمهاتهم مشغولين بالعرسان... والله انا حزنانة على العريس... شوفي كيف متجمعات فوق راسه... بتلاقيه مش مصدق ويروح على قاعة الزلام (الرجال)... وبعدين حماته مبينة انها قوية... شوفي... شوفي "

فغرت فمها مذهولة وبحلقت بصديقتها... فديانا الشركسية الأصل بملامح جميلة واعين خضراء وشعر أشقر... من يراها لا يعتقد أنها بكل هذا المكر... ورغم ذلك طيبة قلب و" بنت أصول "...
" والله ما في غيرك قوية.... روحي كملي شغلك مو ناقصنا نبتلش مع المدير "

عادت لتصور أحداث الزفاف بقلة همة... فهي متعبة وتكاد تصلب طولها.... ومع هذا مجبرة على انجاز العمل والا ستطرد.... التصوير كان شغفها منذ المراهقة لكنها لم تجد صدد لهذا الشغف الا بالعمل في قاعة أفراح وتصوير مجرياتها التي تتكرر كل مرة.... في البداية كانت مقبلة على هذا العمل بكل حماس زاده خطوبتها وانتظارها لأن تكون هي العروس وغيرها من يصورها... لكن هذا الحماس خفت بل أصبح معدومًا وحل محله غصة ألم تحاول ابتلاعها علها تكوي أحشائها بدلًا من أن تقف عائقًا لتنفسها براحة.....
ابتسمت بمرارة وعادت للتصوير بطريقة آلية... إلا أن ابتسامتها غلب عليها الصدق عندما لاحظت كيف ينظران العروسان لبعضهما.... بحب لم تكذبه فقد بدا واضحًا ليس فقط لها بل لجميع من في القاعة...
اقتربت منهما وقالت ببشاشة :
" يلا خليني اخذلكم صورة.. قربوا اكتر لبعض... ايوا...."

حدقت بالصورة بسعادة ثم قالت بلطف قبل أن تبتعد :
" ألف مبروك... تتهنوا.."

رؤيتها اليوم للسعادة الحقيقية مرسومة على وجه العروسين جعلت قلبها يهدأ... واحتراق مشاعرها يخفت..... وكم تمنت لو اختفى تمامًا.... لكن الحمد لله

*****************

" عشانك مضمون وثقة رح اعطيك 20 دينار... مع اني عارف تفصيل خزانة صغيرة ما يكلف هالقد.... بس هاد لأني دايما بتعامل معك..."

ماذا يقول له!!.... أيسجد شاكرًا ام ماذا لأنه تكرم عليه بأجره...وفوق هذا اوصلها لمنزله! .. لم يكن بحالة تسمح له بالمهادنة والنقاش فقال بسخرية مبطنة وهو يأخذ منه المال :
" انت كريم واحنا بنستاهل... "

أشار له بالسلام ثم سار على قدميه باتجاه المنزل بشرود... مغيب عما حوله... ومطارق جملة صديقه والتي بدت صحيحة لدرجة الوجع تطرقه على رأسه وتزيد من وقود هذا الوجع...
" انت آخر واحد رح تحتاج مساعدتك... أو يمكن حتى انك مو موجود بالقائمة.. افهم ريان.... استوعب انه خلص كل شي انتهى بدل ما بكرا تعمللها فضيحة ولا توقعها بمشكلة من ورا حركاتك المتهورة... "

كيف يمكن أن يبتعد... كيف يمكنه القضاء على حبه لجيداء بهذه السهولة... لقد حاول... كاذب!.... لا هو لم يحاول لأنه لا يريد أن يتوقف عن حبها... لا يريد أن يـُذكر يومًا ما اسمها فلا يكون له وقع على قلبه.... ولا يظن أن هذا اليوم سيأتي أصلًا...
" وهي... شو بالنسبة الها.. معقول نسيتني.... اكيد هسا بتدعي علي لأني ما طلعت زلمة قد كلمته وتخليت عنها... ولأني كنت واحد حقير... اكيد صارت تكرهني وتشوف العمى ولا تشوفني..."

شعر بأن قلبه يتفتت من الألم ومن هول الأفكار التي اتته فتنهد وأكمل سيره متجولًا بين أزقة الحارة...
وقف أمام العمارة المتهالكة التي يقطن بها منزل عائلته... ومنزلها...للحظه التعس... والجميل.... ثم صعد الدرجات القليلة ودخل البيت هاتفًا :
" السلام عليكم... انا اجيت.."

كان أول من استقبله هي شقيقته الصغرى " فاطمة" وهي تخرج راكضة من غرفتها هاتفة بسعادة :
" واخيرا اجيت... كنت بستنى فيك.."

رفع حاجبه باستفهام ونطق متسائلًا :
" خير؟..."

رمشت بعينيها دلالًا وقالت برقة :
" بدي اروح مع صاحباتي مشوار اليوم... "

أبدى الرفض فورًا وقال بصوت لا نقاش فيه :
" هاد الناقص... طبعًا لا... وبعدين انتِ توجيهي لازم تكوني ملازمة كتبك 24 ساعة... عشان تجيبي معدل عالي وتدخلي التخصص والجامعة اللي بتحلمي فيهم...."

امتلأت عينيها بدموع الاعتراض الا ان هذا لم يسمح له بأن يلين فعندما يئست من أن يغير رأيه انطلقت عائدة إلى غرفتها وهي تصدر شتى التذمرات...

لا بأس... سيصالحها... الأهم الان ان يكون معها أكثر حزمًا فهو قد لاحظ مؤخرًا بأنها باتت تهمل بدراستها عكس حماسها في بداية السنة.... يريد أن يراها فتاة جامعية عله فقط يرى شيء جيد فعله منذ وفاة والده وأفاد عائلته.... عله يمحي على الأقل خيبة واحدة من الخيبات التي إصابته...
نظر لجانبه حيث تستقر صورة شقيقه " علي" فوق المنضدة... وجعه الأكبر والتي لا تفتأ تذكره بما اجرم به بحقه عندما وافق أن يعمل في إحدى المصانع حتى يساعده في مصروف البيت....وتأجيل الدراسة بالجامعة لوقتها....وبماذا انتهى الأمر... بماذا....
اقترب من المنضدة ولمس الصورة بأصابع مرتعشة بينما يهمس بداخله لشقيقه :
" حكتلك من قبل انا قديش ( كم) مشتاقلك ومفتقدك كتير....بتعرف علي انا لحد هسا ما قمت تختك من غرفتنا عشان دايما بس اطلع عليه بتخليك متمدد عليه وبتحكيلي قصصك اللي ما بتخلص..... وما رح اقيمه أصلًا لأنه مونسني بوحدتي......
علي... حكتلك اني آسف..... انا آسف كتير.... لأني كنت اناني... ولأني ما كنت نعم الأخ الك... وما قدرت أحقق أحلامك وطموحاتك... وما قدرت اكون مثل ابوي.... انا آسف... "

" الله يرحمه... "
انتفض بخفة ثم لملم أوجاعه واخفاها بداخله جيدًا والتفت لوالدته التي كانت تنظر هي الأخرى للصورة بأعين لامعة وابتسامة مرتجفة وكأنها ترد الابتسامة لابنها في الصورة..
" الله يرحمه " تمتم بهدوء ثم أحاط كتفي والدته وقبل رأسها قائلًا :
" كيف حالك حبيبتي... "

ربتت على خده وردت بحنية :
" انا بخير يمه طول ما انت واختك بخير..."

قبل رأسها مرة أخرى بينما اردفت هي :
" جهز الاكل يلا عشان نتغدا...."

اعترض وهو يضع يده على رأسه :
" معلش يمه... انا هسا مو جوعان بس مصدع... رح اخد حبة مسكن وانام... "

ثم تحرك ودخل غرفته مرتميًا على الفور على السرير بعد حبة مسكن أن كانت تسكن ألم رأسه يعلم تمامًا انها لن تسكن أوجاعه أبدًا.... حدق بسقف الغرفة بفراغ... وللحظة خيل له صورة جيدا فهمس قبل أن يغمض عينيه ويستسلم للنوم :
" جيداء.... انا آسف"

****************
يعلم بأنه لو أراد رؤيتها بهذه الطريقة المباشرة لن يحصل كما حدث الآن بالصدفة.... فهو فور أن خرج من البيت وبينما ينزل الدرجات وجد نفسه وجهًا لوجه مع جيداء الخارجة من بيتها.... في سابقة لم تحدث منذ ثلاثة أشهر...

انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-20, 08:19 PM   #3

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل الثاني

مصدومًا... مشتاقًا كما لم يكن من قبل.... تفحص كل لمحة في وجهها... وكل تعبير يمر عليه بجرأة... يتمنى لو أن تتجمد صورتها الآن ويتوقف الوقت حتى يظل ينظر لها ليكتفي.... وهل سيكتفي؟... لا يظن...
جيداء كانت حبيبته... لا لم تكن بل ما زالت
جيداء كانت خطيبته... وليته يستطيع أن يمحي الـ(كانت) المدسوسة بقسوة بين الجملة..
لكن لا يستطيع... لا يستطيع.... الأمر يفوق قدرته ورغبته... يفوقه بكثير..
بقلب منتفض شاهدها تشيح بوجهها عنه وتتحرك لتنزل الدرج فهتف ذلك المتقافز لوعة بسره :
" استني.. وين رايحة وتاركتيني... كنت مستني اشوفك من زمان.. من زمااااان"

وجد نفسه يناديها بألم تشبع به حتى كاد يطوف :
" جيداء..."

عندما استدارت له كان بعينيها نظرة ضربته بسهم غادر... نظرة قاسية لا تعبير بها... ولكنه ولسبب لا يدريه وجد بها ذكرى كاملة ليوم وزمن كان وقودًا لألمه.... ولسبب لا تدريه هي كانت تشاركه نفس الذكرى...

عودة إلى ما قبل ثلاثة أشهر...

عيناه شاخصتان بالفراغ...ميتتان... مستسلمتان لقراره والذي أخذه بعد صراع مؤلم حارق له... يجلس على الكرسي أمام إحدى طاولات المقهى الصغير.... وينتظرها منذ نصف ساعة.... نصف ساعة مرت عليه كأنها عشر ساعات.... بالرغم من بطأها في تأجيل المحتوم إلا أنه كان يفضل أن ينتهي الأمر بسرعة حتى يستطيع أخيراً.... مواساة نفسه.... نعي نفسه......
أبصر هيئتها تدخل من الباب وتتقدم منه بعد بحث قصير عنه بعينيها..... اعتدل بجسده واجبر نظراته أن تحفر سطح الطاولة الامع بدلاً من أن تمران عليها وتكشفان خوفه الشديد....
" مرحبا... ريان..."
اغتصب ابتسامة لطيفة وقال بخفوت وهي يشير للكرسي المقابل له :
" مرحبا.... تفضلي..."
سحبت الكرسي وجلست عليه برشاقة مبتسمة هي الأخرى ابتسامة عريضة شديدة..... التصنع.... لم تخفى عليه أبداً.... بل زادت ألمه وسخطه على نفسه....
تنحنح ليجلي صوته ويقرر الدخول بالموضوع مباشرة فلا تفيد المقدمات المهذبة بشيء..... قال بتردد :
" في موضوع مهم بدي أحكيلك إياه..."
يكاد يقسم انها تعرف كل شيء.... متوقعة لكل حرف سيقوله إلا أنها اكتفت بالقول بنبرة بعيدة :
" أنا بسمعك...."
تلاعبت أصابعه بالخاتم الفضي المزين لبنصره يتحسس كل نقشة فيه وقال بصوت خرج منه مهزوز مضطرب :
" احنا هاي الفترة... ابتعدنا عن بعض كتير... في حاجز كبير وضخم وقف بينا وما قدرنا نتعامل معه ابدا... أو انا ما قدرت اتعامل معه... أنا.... أنا.... احنا لازم ننفصل...."
وجهها الأسمر اعتراه شحوب بسيط مع صدمة باهتة ليستمر الصمت بينهما لفترة لم يرغب بعدّها.... أخذ نفس مرتجف وسحب الخاتم من اصبعه ليضعه على الطاولة أمام نظراتها المراقبة لكل حركة منه بشكل غريب..... ثم فجأة ابتسمت ابتسامة مبتورة وتمتمت بصوت منخفض إلا أنه كان لأذنيه شديد الوضوح... والتوجع :
" يمكن معك حق... احنا ما رح نقدر..."
قطعت كلامها وهي تخلع الخاتم وتضعه بجوار خاتمه بسرعة ثم تقف تداري نظراتها المخذولة ودمعاتها الهاربة :
" أنا لازم اروح على الشغل.... تأخرت... آسفة لكل اشي ...."
تأوه من دون صوت يراقب خيالها الطويل نسبياً وهو يختفي شيئاً فشيء... يتسرب من حياته وهو يقف عاجزاً أمامه... مكبلاً بضعفه وقلة حيلته.... وجد نفسه يناجي طيفها دون أن تخرج الكلمات على لسانه....
" جيداء... ارجعي... ولو لثانية.. "

قدميها كانتا تتسارعان في خطواتهما... تريد أن تصل البيت بسرعة.... تريد أن ترتمي على فرشتها وتبكي طويلًا.... لقد توقعت أن هذا سيحصل... مهما أنكرت بالبداية.. إلا أنه حصل..... وريان قد قرر أن يستغني عنها عندما وجد بأن كل الأبواب قد أُغلقت بوجهه... وأنها هي لن تستطيع مساعدته بشيء....غبي.... وغبية لأنها قد صدقت حبه...

شهقة خانتها فخنقتها بكفها ثم حمدت الله أن المقهى لم يكن بعيدًا عن البيت... فهي تكاد ترى أمامها من شدة اضطرابها.... وتوجعها....

دخلت المنزل وتجاهلت على غير العادة تحية والدتها لتهرول تجاه غرفتها والدموع قد بدأت بالفعل تنهمر من عينيها بينما والدتها تهتف من ورائها بفزع :
" جيداء.... حبيبتي شو في... شو صار"

همست بصوت مكتوم قبل أن تغلق باب الغرفة بالمفتاح %
" بس اتركيني لحالي ماما... رح اكون منيحة"

ارتمت على السرير وأطلقت العنان لشهقاتها لتخرج من سجنها القصري...
رباه.... ما هذا الوجع الشديد..
لماذا قلبها تشعر وكأنها انكمش على نفسه وأصبح ينزف ألمًا...
ضربت صدرها بخفة وتمتمت من بين دموعها السخية :
" رح اكون منيحة... وكل شي رح يمر... وكل شي رح ينـّسى"

أما هو...
فدخل البيت لكن عكس أن يهرب إلى غرفته... وقف وجهًا لوجه مع والدته بهيئتها الذابلة الحزينة.... وأخذ ينظر لها ببعض التوهان
لتمد يدها وتتلمس خده بحنان قائلة :
" شو مالك حبيبي... ليه رجعت بكير من شغلك... "

ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة ثم ما لبث أن ضحك متسائلاً بتهكم :
" أي شغل..؟"

عندما شاهد دهشتها وعدم استيعابها اكمل بذات السخرية التي تخفي وجعًا هائلاً :
" شغلي بالنجارة... ولا شغلي بالدهان... ولا شغلي بمساعدة البليطين... ولا شو... حدديلي عشان كل شغل ما شاء الله ما بقعد فيه يومين إلا وأنا تاركه... فبدي اعرف اي واحد بتقصدي عشان أجاوبك.... ولا احكيلك... انا أصلًا ما يشتغل هالفترة... بتعرفي ليش يما... لأنه صاحب الشغل ما صبر علي وعلى انشغالي بعزا اخوي... فاستغنى عن خدماتي "

كانت الأم تحدق به ملئ عينيها وتكاد لا تصدق ان من يتحدث بهذه الدرجة من اليأس والاستسلام هو ابنها ريان... منذ وفاة علي وهو بحالة غير طبيعية لكنها لم تدقق بالأمر وانشغلت بفاجعة أن أحد أبنائها قد فارق الحياة....
قالت بتلعثم وهي تلمس كتفه :
" شو صاير معك ريان.. جيداء مالها اشي..."

ذكر اسمها كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير.... فجسده تشنج بوضوح... ووجهه شحب وكأنه استوعب أمر انفصاله عنها الآن...
لينظر لعينا أمه ويقول بصوت مهزوز :
" جيداء... جيداء راحت... طلعت من حياتي... وانا اللي دفعتها لهيك... ما في جيداء... خلص "

ابتعد عن والدته بحركة عصبية وتوجه لغرفته المشتركة مع أخيه الراحل بينما تهتف من وراءه بصدمة :
" شو حكيت... ريان... كيف فسختوا؟... مش معقول"

رمى جسده المثقل بالآلام على سرير شقيقه يتمنى لو أنه الآن معه... بروحه الشابة المفعمة بالحياة... لطالما كان علي مبتسم لهذه الحياة العافرة مهما عبست بوجهه... عكسه هو
اغمض عينيه وترحم عليه بهمس... ثم نام... نوم لم يريحه ولا لثانية...

بعدها بيومين... بعد اجتماعات مع كلتا العائلتين... من جهتها والدتها وأعمامها... ومن جهته والدته... وفقط فهو قد رفض أي من أقاربه أن يأتي معه... ذهبا إلى المحكمة لفسخ عقد القران
كانت جيداء جامدة بلا أي تعبير يظهر على وجهها فور خروجهم من المحكمة... وكان هو يتتبعها بخفية ويحاول إخفاء ما يعانيه
جيداء ليست بالنسبة له فتاة خطبها ولم يتوافقا فانفصلا برقي.... إنها أكثر من ذلك... أكثر بكثييير...
والآن هي قد خرجت من حياته وأخذت معها قلبه لتترك فراغًا هائلًا مكانه...

عودة إلى الوقت الحاضر...

قطعت هذه الذكرة بأن أعطته ظهرها وأكملت نزول الدرج... فلم يملك الحق هذه المرة أن يوفقها... أن يخبرها بأنه ... مشتاقٌ إليها

نزل خلفها بعد لحظات بخطوات مهمومة.. يشعر وكأن جبل يزرح فوق كتفيه.. فيميل جسده بتعب مهما حاول أن يعتدل..
نفس الحال مع قلبه ينكمش ألمًا... مهما حاول النسيان...

قبل أن يدخل إلى ورشته الصغيرة وقف ينظر لخيال جسدها المختفي بعجز... بقهر تام

*********************
"قال جيدا قال... مين مفكر حاله... ولا نسى إنه احنا انتهينا خلص.."

أوقفت خطواتها المتسارعة تنهت من شدة عصبيتها وغضبها...
رؤيته وجهًا لوجه أمرًا باغتها وجعلها تتذكر كل ما حصل... تتذكر كل ما حاولت نسيانه...
تبًا له..

رن هاتفها فوجدت المتصل زميلتها ناديا.. رفعت الهاتف إلى اذنها وقالت بهدوء وهي تكمل سيرها :
" السلام عليكم.... صار(حدث) اشي.."

" لأ.. بس المدير حكالي استعجلك.. أنا عارفة عنه بدو إيانا نشتغل على فيديو العرس بسرعة عشان العرسان بدهم إياه.."

ضمت شفتيها بنزق وتمتمت باستسلام :
" طيب هيني جاي بسرعة.."
تأففت بداخلها.. فمدير قاعة الزفاف التي تعمل بها يحب أن يشعر من يعملون عنده وكأنه وظفهم شفقة... بطلباته التي لا تنتهي وعصبيته الزائدة....

أدخلت الهاتف بحقيبتها وشحنت نفسها بمزيد من الطاقة التي ستعينها على تحمل باقي اليوم بروتينه المعتاد....

**********************
أخرج من جيب قميصه علبة الدخان ليضع عود سيجارة بفمه5 ويولعه بالولاعة وهو يقف عند باب الورشة ويراقب الرائح والغادي...
اليوم كأغلب الأيام.. لا عمل لديه.. ولا يوجد قطعة خشب يشتغل عليها... فطلبات النجارة تأتيه على فترات متقطعة طويلة... من أناس يشاركونه نفس الفقر وقلة المال ...

مج من سيجارته بهدوء والتفت على الصوت الشهير لسيارة بيع الخضراوات... وقفت السيارة أمامه ونزل منها شاب نحيف بأوائل العشرينات ليسلم عليه ببشاشة :
" ريان كيف حالك... زمان ما شفتك.."

رمى السيجارة على الأرض وداس عليها بينما يسلم على الشاب بنفس بشاشته :
" من الله بخير... انا اللي ما شفتك من زمان... بطلت تيجي على الحي كتير.."

حك الشاب شعر رأسه بحرج وقال :
" والله بوزع الشغل على أكثر من منطقة.. عارف أنت الأوضاع.. "

ربت على كتفه وتجاوزه ليقترب من السيارة قائلًا بمرح :
" أحيت والله جابك... الحجة بدها شوية خضار أصلًا.. "

اشترى بعض البندورة والخيار ووضع الأكياس جانبًا ليلقي التحية على الشاب قبل ذهابه وإلا الأخير يسأله سؤال باغته :
" اه احكيلي متى رح يكون عرسك .. "

خفتت ابتسامته وتنحنح... ماذا يقول له مثلًا!
هز رأسه بابتسامة متشنجة ورد :
" لسا بكير عالعرس... "

استشعر الشاب عدم راحته فلم يعقب على كلامه بأي رد فضولي وودعه ذاهبًا لرزقه...
أما ريان حمل الأكياس وصعد للبيت لتسقبله والدته عند الباب بوجه غير مفسر... ادخل الحاجيات للمطبخ بينما تتبعه أمه قائلة بتوتر :
" ليه هسا اجيت ؟... ولا بس عشان الأغراض وبدك ترجع "

تصنع المرح بقوله وهو يتقدم منها :
" ما رح أرجع انزل... حاس حالي مشتاقلك..."

أنحنى بطوله الفارع وضخامة جسده وعانقها غارسًا وجهه برقبتها التي تعبق بالرائحة الأمومية... لطالما كانت والدته تملك هذه الرائحة الخاصة بها والتي تسكن أعصابه فور أن يشمها منذ أن كان صغيرًا إلى الآن...

ربتت على ظهره بحنان... تداري ألمها عليه هو بالذات... لقد بات ريان وحيدًا والهموم تزداد بحملها على ظهره بمرور الأيام...
تتمنى لو أن باستطاعتها فعل شيئًا له... تتمنى لو أنها تستطيع إرجاع خطيبته له... تعلم تمامًا أن هذا أكثر ما يوجعه..... لكنها عاجزة عن هذا الأمر وخصوصًا أن ريان رفض التكلم به رفضًا قاطعًا...

تذكرت خطيبة ابنها أو من كانت خطيبته ...جيداء... فتاة طيبة مكافحة تحمل اعالة والدتها وشقيقتيها على ظهرها دون أي تذمر...
أعجبت بشجاعتها منذ بداية تعرفها عليها... وقد باركت ارتباطها بابنها وخصوصًا بتشابه الظروف بين الطرفين... فظنت أن هذا الارتباط سيكون بلا أي حساسيات مادية أو غيرها...
لكن ريان على ما يبدو لم يكن يظن نفس الأمر...
وفي نفس الوقت تتفهم دوافع ابنها وأسبابه لكن لا توافق عليها وقد أخذت تحاول كثيرًا أن تقنعه دون جدوى...

" وين فاطمة... ما سمعتلها صوت.."

ارتكبت بينما بداخلها تشتم ابنتها الشقية المتهورة... فالمفروض أن تأخذ امتحانها وتعود للمنزل فورًا... لكنها لم تعد للآن...

انتفضت على صوت ريان يعيد سؤاله بنبرة حادة كالسيف :
" وين فاطمة يما.."

وعندما لم يجد منها غير النظرات المرتبكة.. مسح وجهه بعصبية وقال بصوت ينذر بالشر :
" يعني عاندتني بالآخر... ورمت كلامي ورا ظهرها وراحت المشوار اللي بدها اياه... طيب رح تشوف"

توجه ناحية باب البيت بغضب ووالدته تجري وراءه وتهتف بلوعة :
" يمكن تأخرت بس.. اهدا بس أنت.."

فتح الباب ليجد شقيقته تقف أمامه بجسد مرتعد ونظرات خائفة ثم هتفت فورًا باندفاع :
" والله ريان.. أنا.. "

أمسكها من ذراعها وسحبها بخشونة للداخل وأغلق الباب خلفه بعنف اهتزت له الجدران ثم استدار لشقيقته التي اختبأت خلف جسد والدتها برعب... وجد نفسه يصرخ بهيحان ويفرغ كل الطاقة السلبية والاحباط الذي يستفيض منه كل يوم :
" مش أنتِ طلبتِ مني تروحي وأنا حكيت لأ... بتعرفي شو يعني لأ صح.. ليش تعانديني... اه ليش... ناقصني حدا يعمل فيكِ اشي.... ولا وحدة من البنات تضحك عليكِ... أو حدا يخطفك ولا يقتلك...
عيدي اللي عملتيه مرة ثانية يا فاطمة وشوفي شو رح يصير فيكِ.... بس عيدي..."

قالت باعتذار وهي تبكي :
"انا آسفة.. ما رح اعملها مرة ثانية... "
عاد ليصرخ بعصبية :
" ما بدي اسفك.. على غرفتك بسرعة وجهك ما بدي اشوفه.... وإذا بالتوجيهي ما جبتي معدل عالي يا فاطمة.. فش جامعة... فهمتِ... "

اعطاهما ظهره وخرج من المنزل يتصارع مع ذباب وجهه...

*******************

عندما عادت من العمل وجدت عمها ينتظرها أمام باب البناية... تفاجأت فهو من عادته أن يتصل بها قبل أن يزورهم....
أسرعت إليه هاتفة بدهشة قلقة :
" عمي... خير في اشي صار..."
ربت على كتفها وأجاب بنبرته الحنونة :
" بس كنت قريب من هون وقلت ليه ما آجي اطمن عليكم لأنه مرت فترة طويلة شوي وانشغلت فيها عنكم.. وبعدين ما حبيت اتصل فيكِ وازعجك"
أخذت منه الأكياس التي يحملها وقالت باعتراض :
" تزعجني!...مستحيل انزعج منك عمي... وبعدين مش الأحسن لو رنيت علي بدل ما ضليت (بقيت) واقف.. "
ابتسم لها ورد وهو يصعد معها الدرجات :
" ما طولت وأنا واقف لا تخافي... "

فتحت باب البيت ودخلت هاتفة :
" ماما اجى عمي حسن"
ظل واقفًا عند الباب مطرقًا برأسه ووقفت هي بجانبه بدافع الاحترام حتى أتت الأم مرحبة وهي ترتدي اسدال الصلاة :
" تفضل يا خوي... تفضل... "
بعد وقت قصير...
شرب رشفة ساخنة من كأس الشاب وقال بامتنان :
" تسلم ايديكِ حبيبتي.... زي دايمًا"
ابتسمت له جيداء دون رد ليقول هو باستفهام :
" وين إسراء وشيماء..."
قالت الأم باحترام تكنه لشقيق زوجها :
" كمان شوي وبرجعوا من المدرسة..."

لم تكد تنتهي من جملتها إلا والباب يطرق فتقف جيداء لتفتحه وتدخلا الفتاتين سعيدتين بوجود عمهما هنا....
استقبلهما باحتضانه... فهو لطالما اعتنى بهما واعتبرهما كأطفاله الصغار... وكيف لا وهما ابنتي المرحوم شقيقه والذي كان يكن له قدر كبير من الحب والاحترام....
توجهتا الفتاتين إلى غرفتهما وأعلن هو بحياء عن رغبته بالانفراد بجيداء للتحدث بموضوع هام....انسحبت الأم بهدوء وجلست جيداء بجانب عمها قائلة بفضول :
" خير إن شاء الله عمو .."
أحاط كتفها بذراعه ورد بطيبة :
" كل الخير حبيبتي..."
تابع عندما أحس بفضولها يصل أوجه :
" في واحد متقدملك... هو ابن صاحب قديم إلي..."
شعرت بالصدمة التامة وضاعت الكلمات من رأسها لتهمس بتلعثم :
" شو.. عمي.."
ابتسم مواسيًا وقال ليقنعها :
" حبيبتي... هو بعرف إنك فاسخة خطبتك وما عنده مانع... لأنه شافك مرة معي وأعجب فيكِ..."
هبت على قدميها وجسدها ينتفض رفضًا لمجرد التفكير بهذا الأمر وقالت بنفور تام :
" لا ما بدي... أنا آسفة بس ما بدي أتزوج أبدًا... اعتذرله عمي..."

أيمكن أن تخطب مرة أخرى... غير ريان.. هذا مستحيل بل ضرب من الجنون... وهي مهما بلغ غضبها وحنقها ووجعها... لا يمكن أن تدخل بعلاقة أخرى وهي ما زالت معلقة بأذيال العلاقة السابقة!

انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 01:36 AM   #4

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

معلش ياجميل

البداية جميلة جدا

ريان ليه اتخلى عن جيداء

وهى واضح جدا حبها القوى ليه




ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 05:34 PM   #5

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل الثالث

إنها تحب ريان... هذه حقيقة لا يمكن أن تنفيها بعناد... إنها ما زالت تحبه وتحاول محاولة جبارة نسيانه والمضي بحياتها... اعتباره شخص عابر لم يكن لها نصيب معه... ومع هذا لا يمكنها إدخال شخص آخر لحياتها وقلبها مشغول....ليست بهذه الأنانية أبدًا..

خرجت من الحمام وهي ترتجف بردًا وتضم نفسها بالمنشفة التي احتضنت جسدها المبلول... إنها تكره فصل الشتاء فهو يمر كئيبًا باردًا بلا حياة معها... وشتاء هذه السنة كان أكثر برودة...
ارتدت بجامتها الدافئة ووقفت أمام المرآة تمشط خصلات شعرها الرطبة... لقد ورثت الشعر الأسود الناعم من والدها بينما شقيقتها أخذتا لون الشعر البني الغامق من والدتها....

جلست على السرير تنظر لغرفتها الصغيرة بتأمل... غرفة هادئة بلون حيطانها البيضاء التي بدأت بالتقشر وأثاثها البسيط... لكنها تحبها جدًا
وفيها ذكريات كثيرة قريبة من قلبها...وذكريات أليمة أيضًا
هنا قفزت سعادة بنجاحها بالثانوية العامة... هنا تقافز قلبها فرحًا بخطبتها لريان...
هنا بكت بحرقة على وفاة والدها... وهنا أيضًا بكت بوجع على انفصالها عن ريان..
طرقات خفيفة على باب الغرفة جعلتها تقول بهدوء :
" ادخلي.."
دخلت شقيقتها شيماء على استيحاء قائلة بتردد :
" مشغولة اشي؟... بدي احكي معك.."
ابتسمت لها بدفء ثم ربتت على جانبها من السرير وقالت :
" تعالي حبيبتي..."
تأملتها بسكون وهي تجلس بجانبها... شيماء الأكبر عمرًا من إسراء والبالغة من العمر ستة عشر عامًا... أكثر هدوءً وتعقلًا.. وأكثر كتمانًا..
قالت بلطف بعد أن لاحظت توتر اختها البالغ :
" احكي حبيبتي.. ما تخافي.. شو في"
فركت شيماء اصابعها ببعضهما البعض علها تنفس عن توترها وقالت بتلجلج :
" أنا... قصدي بتعرفي فاطمة أخت.. ريان.."
وعلى الرغم من الارتعاش الذي أصابها فور ذكر اسمه إلا أنها فضلت التركيز على ما ستقوله شيماء... عقدت حاجبيها وردت بتساؤل :
" آه.. مالها...؟ "
هنا قررت شيماء أن تلقي قنبلتها مرة واحدة وتنتهي من هذا الهم :
" شفتها قبل كم يوم واقفة.. مع.. مع شب.. "
وقفت جيداء من مكانها هاتفة بصدمة :
" ايش!!.."
تمتمت شيماء بتردد قلق :
" أنا ما كنت بدي احكيلك.. بس.. بس ما قدرت اتجاهل الموضوع..."
وضعت كفها على فمها تحاول ابتلاع صدمتها والوصول لتفسير مناسب...
أيمكن أن هناك من يغرر بالفتاة... ما تعرفه عنها بأنها مهذبة ودائمًا كانت تقابلها بالابتسامة المرحة..
ابتلعت ريقها وقالت لأختها القلقة باطمئنان :
" لا تخافي حبيبتي... تصرف منيح منك إنك حكتيلي... أنا رح أتصرف"
ابتسمت لها شيماء بارتجاف ثم استأذنت وذهبت لغرفتها.. وهنا هي ارتمت على السرير... تفكر... ماذا لو علم ريان بالموضوع.... حتمًا لن يمر على خير... أبدًا أبدًا...

في الصباح...

استيقظت باكرًا وارتدت ملابسها وفطرت على عجل لتلحق الفتاة قبل أن تذهب لمدرستها... للآن لم تعرف ماذا يمكن أن تخبرها... لكنها على الأقل ستحاول فتح باب الحديث معها والذي أُغلق منذ ما حصل...
خرجت من البناية تتحسر على عدم رؤيتها إياها إلا وهي تراها تمشي ببطء على بعد خطوات منها... ابتسمت بشجاعة ثم أسرعت من خطواتها إليها حتى وصلت فوضعت يدها على كتفها وقالت ببشاشة :
" فاطمة.. كيفك حبيبتي.. شو أخبارك.."

التفتت إليها فاطمة ببعض الدهشة ثم قالت مبتسمة :
" جيدا!.. أنا منيحة أنتِ كيفك.."

مشت بجانبها محاولة التحكم بألا تظهر أي توتر... صعب جدًا أن تكون وتتكلم معها بأريحية بعد فتور علاقتهما لكنها مضطرة .. والفتاة يجب أن تشعر بالأمان علها تخبرها بما يحصل... علها تساعدها.... من كل قلبها تريد مساعدتها فهذا الطريق الذي تسلكه خطر بكل ما للكلمة من معنى... قالت برفق :
" الحمد لله على كل حال... أكيد رايحة على المدرسة شو رأيك نمشي مع بعض.. طريقك من طريقي.."
شعرت بها تضطرب وتشد على حمالة الحقيبة ثم تقول وهي تقهقه بخفوت :
" طبعًا... طبعًا"

خلال الطريق لم تتكلما بشيء يذكر.. بدا وضعهما غريب... لقد مر ثلاثة أشهر عن انفصالها عن ريان وهذا أدى لأن تضطرب علاقتها مع شقيقته ووالدته... فكانت تلقِ السلام ما أن قابلتهما صدفة ... كان يكبلها الحرج الشديد لا أكثر... والآن تتمنى ألا تثير ريبة الفتاة وتشككها فهذه الطريقة الوحيدة لمساعدتها...
وصلتا لمفترق الطرق فالتفتت لفاطمة وقالت بوداع :
" طيب حبيبتي مضطرة أروح هسا... بالتوفيق يا رب..."

ابتعدت عنها بعد أن القيا التحية ومشت بطريقها ببطء حتى توهمها بأنها ذهبت وما أن شاهدت فاطمة تستدير وتكمل طريقها حتى استدارت وبدأت تسير خلفها بهدوء وحذر وما ساعدها وجود عدة أشخاص على أطراف الشارع...
توقفت خطواتها بتخشب عندما رأتها تقف فجأة عند شاب طويل القامة ونحيف الجسد ويبدو عليه " الزعرنة" البلطجة .... كانت مجرد ثانيتين ابتسم لها وابتسمت له ثم أكملت سيرها.... وتحرك خلفها
تمالكت نفسها وأكملت تتبعهما هي الأخرى حتى وصلوا إلى المدرسة وهناك رأت الشب يغادر وفاطمة تدخل المدرسة مبتسمة
تمالكت نفسها وذهبت لعملها... شاردة تفكر بأي ورطة قد وقعت فاطمة.... وكيف لها أن تساعدها

*******************
بجبين يتصفد عرقًا وملامح احمرت من شدة المجهود الذي يبذله كان يرفع على ظهره عدة أحجار بناء ويصعد بها الدرج ليوصلها لمكان التجميع... ومع أن الجو بارد وهم بفصل الصيف إلا أن المناخ يتغير وينقلب إلى حمم وقت الظهيرة... وهو الوقت الذي يعمل به لحظه التعيس...
أزاح الثقل عن ظهره ووضعه ببطء على الأرض ثم استقام يتنفس بسرعة يستعد لينقل الحمولة الـ... التي لم يعد يحسب عددها!
اقترب منه المشرف على العمل وقال بلطف وهو يمده بقارورة ماء صغيرة :
" الله يعطيك العافية... خد اشرب وبرد عن حالك..."

تمتم بشكر خافت ثم تناول منه القارورة ليشرب منها ثم يغسل بها وجهه بينما يقول الرجل بعملية :
" تقريبًا مش ضايل كتير لنقل المواد... يومين على الأكثر..."

مرر أصابعه بشعره المشعث وهو يقول بهدوء :
" منيح طيب.. خليني ارجع بلاش اعطلك "

اوقفه الرجل مناديًا :
" ريان إستنى ..."

ولما التفت له مستفسرًا وداخله مالًّا وقد ظن بأنه يريد الثرثرة بوقت لا يناسب أكمل الرجل مقترحًا :
" في كمان نفس الشغل رح يبدا بعد اسبوع ففكرت أعرض عليك تيجي... فشو رأيك..."

مستسلمًا لا يريد إلا مال يستطيع به مجابهة الحياة ولو قليلًا... وتلبية حاجات عائلته دون عجز وافق دون تردد :
"إن شاء الله.."

بعد وقت ليس بقصير كان يخرج من مكان العمل ممسكًا بيده المال الذي استلمه ومحدقًا به ببعض.. الجرح...
مسح جبينه وسار ببطء وهو ينظر لما حوله بتأمل... مكان بأرضية متربة والعمال على قدم وساق لبناء العمارة الضخمة الموجودة بحي فاخر... كان يختلف عن حارته الضيقة والبيوت المرصوصة بجانب بعضها كعلب الكبريت والشوارع الضيقة والمحال المتواضعة... ورغم كل هذا أهلها يستقبلون هذه الحياة بابتسامة متعبة ويتعايشون معها برضا...
إلا هو... لم يكن يومًا راضيًا بهذه العيشة.. كان شابًا طموحًا يحلم بشهادة جامعية وأسرة وبيت رائع يكون مسؤول عنه بكل سعادة...
وقد حاول واقنع نفسه بأن لا شيء مستحيل.... دراسته بالجامعة لم تتم رغم معدله العالي بالثانوية العامة... كان والده قد توفي آنذاك ولم يترك لهم إلا بضع قروش كسبها من عمله البسيط... ومع هذا اقترح على نفسه بتأجيل الدراسة حتى وصل سن الرابعة والعشرون والتقى بها... وأحبها حب لم يظن أنه سيحبه لأحد... لم يتردد بالتقدم من لخطبتها وخصوصًا بتقارب ظروفهما... لكن خطبتهما مرت عليها سنة كاملة وهو لم يجهز أي شيء... لا بيت... لا أثاث... لا شيء
شعر وقتها بأنه طفل عاجز... وجاءت وفاة شقيقة وزادت الطين بلة.. فمقهورًا متألمًا قرر تركها.... وكان ذلك كمن ينزع جلده عن لحمه...

انكمشت ملامحه بألم ليرن هاتفه ويقطع عليه لحظات لم يكن يفضل تذكرها.... فتح الخط وقال بنبرة منخفضة متعبة :
" هلا حمزة... كيفك..."

" منيح الحمد لله... شو وينك.. مريت على الورشة وما لقيتك..."

ابتسم وقال بعجلة :
" طيب هيني جاي... مش تروح.."

" لا يا سيدي مش رايح... هيني بستناك"

عندما وصل لورشته كان حمزة يقف عند مقهى صغير ويتكلم مع صاحبه باندماج فاقترب منه وألقى التحية ثم ابتعدا الاثنان ودخلا الورشة وحمزة يقول بفضول :
" وين كنت... استغربت إنك ما كنت يشغلك زي دايمًا... "

تشاغل بترتيب الأدوات وهو يجيب بصدق... فحمزة الوحيد الذي يمكن أن يخبره ما يحصل معه من دون حرج أو خجل :
" لقيتلي شغلة بسيطة ليوم واحد وأجر منيح فقلت ليش لأ... وهسا خلصت..."

ابتسم له حمزة بحب أخوي وقال برفق :
" الله يعطيك العافية... "

تساءل ريان بمزاح وهو يتحرك لبجلس أمامه عند طاولة خشبية صغيرة في زاوية المحل :
" خير إن شاء الله... حاسة إنه في ورا زيارتك إنّ... اطربني يلا.. "

حك حمزة شعره بارتباك وهو يقهقه بحياء ثم قال بتردد :
" قررت أكمل نص ديني.."

عقد ريان حاجبيه بعدم استيعاب لحظي ثم ما لبث أن فغر شفتيه بذهول... فحمزة كان من الرافضين للزواج... بل من الكارهين له والمتخوفين منه... هتف بتعجب :
" قررت تتزوج... خير.. خير شو اللي غير رأيك..."

تهرب حمزة بنظراته عن مراقبة ريان المتفحصة وقال بخجل حانق :
" عادي... أعجبت فيها وقررت أتزوجها..."
مال ريان مستندًا بذراعيه على الطاولة وهامسًا بمكر :
" ومين هي سعيدة الحظ؟..."

بنفس الخجل المضحك رد حمزة :
" زميلة إلي بالشغل.. "

ارتسمت على شفتيه بسمة حقيقية وقال بصدق :
" الله يوفقك حمزة.. رح أوقف معك خطوة بخطوة لا تقلق... "

بادله صديقه الابتسامة ثم خفتت قليلًا وهو يتذكر وضع صديقه... الواقع بين قلبه وعقله والذي لم يحصل على والاستقرار لحد اللحظة...
موجوع هو لأجله ويتمنى لو أنه باستطاعته فعل أي شيء ليساعده... أي شيء....
قال بهدوء وكأنه يواسيه :
" والله يوفقك أنت كمان... بدعيلك من كل قلبي.."

رمقه ريان بنظرة سريعة نازفة ثم وقف وبدأ يعمل.. بل يتظاهر بالعمل وهو يناغشه دون مرح فلم يجد إلا أن يتركه ينفرد بنفسه دون حرج... واستأذن للذهاب لعمله......

أفلت ريان آلة القطع من يده لتستقر على الطاولة وشرد بوجه واجم وقلب مفطور... ألا لهذا الألم أن يختفي... حتى لو لثانية هو راضٍ..

تحرك متوجهًا لخارج المحل بعد أقفله بعدم رغبة بعمل أي شيء اليوم..... سائرًا بلا هدى... فوجد نفسه يصعد إلى المنزل وحاجته للنوم ونسيان كل ما بعقله تسيطر عليه.... صعد الدرجات تزامنًا مع نزول شخص لم يتعرف عليه إلا عندما اقترب منه أكثر... وقف متصلبًا وهتف بدهشة :
" عم حسن.."
إنه عمها...من أطيب الأشخاص اللذين قد التقى بهما... سلم عليه بحرارة وهو يقبل يده باحترام قائلًا :
" كيف حالك يا عمي... والله إلي زمان ما شفتك..."

ربت حسن على كتفه وقال بصوته الوقور :
" كيفك يا ابني... شو أخبارك..."

"أنا الحمد لله بخير.. "

رمقه حسن بنظرة عتب رقيقة وهو يقول بطريقة مباشرة :
" ليه بطلت تسأل وبطلنا نشوفك... شو يعني اللي صار بخليك تقطعنا "

اضطرب واختلجت ملامحه إلا أنه قال باندفاع وهو يمسك ذراع حسن ويشد عليها بتأكيد :
" أبدًا... أبدًا ما بقدر أقاطعكم... وخصوصًا أنت يا عمي... يشهد الله إنك مثل الوالد ومعزتك بقلبي كبيرة... بس شو بده الواحد يحكي.. مشاغل ورا لقمة العيش.... أنت بتعرف ... "

ابتسم له ابتسامة سمحة أضاءت وجهه المجعد بعلامات الزمن والكبر وقال بصوت أثار بقلبه الطمأنينة... وكلام انشرح له صدره :
" عارف يا ابني... عارف وعاذرك.... بس الحياة بدها تستمر بوجودنا أو عدمه... بتعبنا أو عدمه... بمعاناتنا أو عدمها رح تستمر... ما دمنا ماشيين على طريق الحق وواثقين بحكمة وإرادة كل شي بهون..."

أطرق برأسه بإنصات واهتمام لما يقوله وما أن انتهى حتى قال بخفوت :
" ونعم بالله... "
نزل حسن بقية الدرج وهو يقول ببسمة طفيفة :
" يلا خليني أروح...."

أوقفه قبل أن يذهب وهمس بتلعثم والخجل يملئه :
" عمي... أنا كنت بدي أعتذر على اللي صار... أكيد أنت عرفت السبب.... الحقيقي ورا فسخ الخطبة.... بتمنى بس تتفهم أسبابي... أنا..."

قاطعه حسن وهو يرمقه بنظرة ذكية غامضة لم يفسرها بينما يقول بلطف :
" فاهمك ريان... لو أني مش متفهمك وزعلان منك كان ما شفتني واقف هسا وبحكي معك.... أنت ابني الثاني ومش عشان هالسبب ممكن أزعل وأقاطعك... بالنهاية الزواج قسمة ونصيب.... وأكيد كل واحد رح يكمل حياته بهدوء ويلاقي الشريك المناسب إله...."

توسعت عينيه... هل ما يقوله صحيح!.... بل هل ما فهمه من كلامه صحيح.... أيمكن أن يأتي يوم وتتزوج جيداء بغيره...... بغيره!!!
نظر لحسن بنظرة مصدومة يختبئ بها الرعب بشكل مكشوف يشعر بأنه فقد النطق بينما ألقى حامد السلام عليه ونزل الدرج خارجًا من البناية حتى أختفى عن عينيه.....
جيداء... جيداء
إن فعلتِ هذا سيصيبني الجنون... أو ربما أموت من القهر والعجز.... والألم

انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 05:35 PM   #6

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل الرابع

ثاني يوم على معرفتها بما يحدث مع فاطمة... أو ربما الثالث.... عقلها مشغول تريد أن تبصرها على الحق وابعادها عن هذا الطريق... تشعر بأنها إن ماطلت وانتظرت أكثر لتطمئن لها فاطمة سيكون قد فات الاوان.... حائرة بشدة ولا تعلم كيف تتصرف....
أخرجت نفسًا متعبًا من بين شفتيها ثم رفعت ذراعها لتنظر لساعة معصمها التي استقرت على الساعة السادسة مساءً...
اليوم ومع أن ليس لديها تصوير بحفلة زفاف إلا أنها اضطرت للتأخر..
أمسكت بحقيبتها تشدها على كتفها ثم ركبت الحافلة تتزاحم مع باقي الأشخاص لترتسم بعينيها نظرة حسرة وهي تكتشف أن لا مقعد فارغ لها... كادت أن تنزل قبل أن يتحرك السائق إلا أن أحد الأشخاص قال أوقفها قائلًا بتهذيب وهو ينهض من مكانه :
" تعالي تفضلي أختي.."

فتحت فمها لتعترض لكنه ابتعد وعاد للخلف بعيدًا عن مقعدها فلم تجد إلا أن ترمي جسدها المتعب ممتنة له بداخلها على هذه الشهامة....
تتابعت الصور أمامها من الشباك إلى أن توقف نظرها على شيء محدد تزامنًا مع توقف الحافلة عند إشارة المرور... المدرج الروماني.... إحدى أبرز آثار بلدها وأقربها لقلبها.... مدرج ضخم كانت يعتبر قديمًا مسرح كبيرًا تجري فيه العروض المسرحية والغنائية.... وإلى الآن تقام به الحفلات والعروض....
ربما هو قريب لقلبها لأن منظره مهيبًا يجعلها تشعر بالفخر.... أو ربما لأنه كان بيومٍ من الأيام يحمل ذكريات صافية لا تشوبها شائبة ومحاطة بفقاعة حب كان من السهولة أن تتلاشى....

" والله إنك جبانة... إذا اختك الصغيرة طلعته كله وأنتِ واقفة مكانك..."

من على بعد عدة درجات تجلس متشنجة بخوف وهي ترفع رأسها ملتفتة له ولشقيقتها الصغرى حيث يقفان عند آخر درجة... عند القمة... هتفت برعب :
" ما بدي... إذا من هون وحاسة أنه رح يغمى علي... أنزلوا ريان بلاش يصير فيكم اشي وتوقعوا..."

لم تصلها إلا ضحكاتهما المستمتعة والساخرة منها فزمجرت بغضب طفولي ونهضت لتصعد الدرجات باندفاع نحوهما بينما انخفضت ضحكات ريان وهو يراقبها بحذر خوفًا من أن تقع وهي غير منتبهة.....شهقت فور أن استقرت بجانبهما وتمسكت بالحائط خلفها تحاول قدر الإمكان عدم رؤية الدرج من هذا العلو :
" كتير بخوف... حاسة رح نوقع ..."

امسك بكفه يضغط عليه بدفء...بيمما خجلت هي من نظراته لها... وتساءلت كيف يمكنها أن تتصرف بهذه العفوية أمامه... وهو الذي لطالما كان يلاحقها بالنظرات التي تمتلئ كلامًا وبالصمت الذي يفيض مشاعرًا.... وهي لطالما قابلت كل هذا بنفس الصمت.... تنتظر ولم يخب انتظارها....

" حبيبتي عادي ما رح يصير اشي اهدي أنتِ بس.... اطلعي على المنظر ما أحلاه..."

مستجيبة له رفعت رأسها ونظرت لما حولها بانبهار... عمّان كلها أمام عينيها... ببيوتها وقصورها وابراجها...
ابتسمت والتفتت له قائلة برقة :
" المنظر بجنن..."

" ولسا بكون أحلى بالليل بس بتعرفي بسكروه بكير..."

اومأت متفهمة ثم مالت قليلًا لتنظر شقيقتها وتقول ببشاشة :
" شو إسراء عجبك المشوار..."

أومأت إسراء وهي تبتعد عنهما لتلهو بينما استدار ريان لجيداء مبتسمًا وعينيه تشع بحب منعش ثم امسك بيدها اليمنى يتلمس خاتم خطوبتهما المستقر بخنصرها.. متسائلاً بلهفة شديدة:
" مو مصدق ويجي اليوم اللي رح ينتقل فيه هاد الخاتم لايدك اليسار.... متى جيداء... متى.."

لم تجد ما ترد به عليه واحمرت ملامحها حياءً فاخفض رأسه قليلًا وطبع قبلة رقيقة على كفها هامسًا :
" بحبك كتير..."
انزلقت دمعة وحيدة من زاوية عينها لم تحس بها وهي متشبثة بنظرها على المدرج إلا أن تحركت الحافلة فرمشت ومسحت وجهها باضطراب...
رباه... ماذا دهاها لتتذكر الآن ما يجب عليها نسيانه... ريان مجرد شخص عابر ويجب أن ينتهي من حياتها... ويجب أن تشطبه تمامًا من ذاكرتها...
توقفت الحافلة عند المكان الذي تنزل به دائمًا فترجلت منها وتابعت الطريق سيرًا دون أن تشعر بما حولها... وكأنها داخل صندوق مغلق... يخنقها ويزعجها... لكن لا يجعلها تشعر بمحيطها أبدًا...

********************
بعد اسبوع... وقت الظهيرة

راكضًا بجنون يسابق الريح بعد أن أخبره إحدى الصبية بوقوع صديقه بشجار مع إحدى شبان الحارة فترك كل ما بيده وذهب ليلبي نداء الأخوة...
وقف لوهلة مذهولًا وهو يشاهد حمزة يتعارك بالأيدي مع الشاب ثم أسرع إليهم هاتفُا :
" وحدوا الله... شو اللي صار..."

وقف بينهما وحال دون تشابكهما مرة أخرى زاجرًا :
" خلص..زلام انتوا مش ولاد صغار.."

وقفا يلهثان والشرر يتطاير من اعينهما ليقول بحزم :
" شو المشكلة..."

قال حمزة بغضب :
" ولا اشي خلينا نمشي"
حاول ريان أن يفهم ما الأمر إلا أن حمزة مشى من أمامه تاركُا أياه مع الشاب الذي التم عليه أصدقاءه.. نظر له بتساؤل ثم لحق بحمزة ليمسكه من كتفه ويديره إليه قائلًا بجدية :
" شو اللي صار حمزة..."

لاحظ بوضوح تهرب عينا حمزة من مواجهته فازداد قلقًا بينما يسمع رده :
" ولد حب يتولدن بس... بس انا حطيته عند حده"

ناداه ضاغطًا على أسنانه بقلة صبر :
" حممممزة"

تأفف ثم قال مسرعًا :
" صار يتفلسف عن شغله... حسسني إنه بشتغل وزير... خلص سيبك منه... "

صمت فور أن شعر أن النقاش يمس زاوية حساسة بالنسبة إليه... تنهد وقال بخفوت :
" وين كنت أنت... ليه مروح بكير... "

" اليوم أخذت اجازة وكنت جايلك بالطريق..."

عينيه لمحت من بعيد هيئة خطيبة صديقه السابقة فأمسك بذراع ريان حتى يسحبه معه بهدوء دون أن يجعله يراها ويقلب عليه المواجع... إلا أن الحظ لم يستجب له هذه المرة وريان استدار بسرعة فور أن سمع صرختها المتألمة...
................

تسير مبتهجة بين أزقة الحارة التي يقطن بها بيتها وهي تمسك بكيس كبير ممتلئ بحلويات وسكاكر هي أكيدة بأن شقيقتيها يحبوها ..... لقد استلمت راتبها اليوم وعلاوة على ذلك أخذت إذن بأن تغادر العمل مبكراً... تريد أن تقضي اليوم كله مع والدتها وشقيقتيها وتعوضهن ولو قليلاً عن غيابها المستمر عن البيت بحكم عملها... معرفة ما هن بحاجة إليه ولو انها متأكدة بأنهن لن يخبرونها حتى لا يثقلن عليها... كما دائما يقولن...... لا يعرفن كم أن وجودهن بحياتها هو المعين الذي يجعلها تصبر على مرارة العيش.... وعلى كدها المستمر بتوفير كافة احتياجاتهن من دون أن تمد يدها وتطلب من أحد.... سواء غريب ام قريب...
تنهدت بعمق ثم رفعت يدها لتنظر لساعة معصمها.... لم يبقَ وقتًا على عودتهما من المدرسة.... يجب عليها أن.....
" آآآآآآه...."

ترنحت بينما تتداخل الصور أمامها ويدها بتلقائية افلتت الكيس ليقع على الأرض وتتناثر محتوياته..... رمت جسدها على الحائط بجانبها تستند عليه ورفعت كفها تمسد على رأسها حيث تعرض لضربة كرة قدم أحست بها اخترقت دماغها اختراقًا.....
سمعت أصوات أقدام تقترب منها... ثم ذراع تمسك بها وصوت انثوي يتسلل إلى مسامعها :
" بسم الله عليكِ.. شو صارلك.... أنتِ منيحة يا بنتي..... ولك الله لا يعطيك العافية منك لألو.. شوفو شو عملتوا...."

حاولت التحرك قليلا والابتعاد عن الأصوات الموبخة والمعتذرة شاعرة بالحرج يغرقها غرقًا.... لكنها لم تستطع أن تفتح عينيها من شدة الضربة....
" جيداء... "
انتفصت فور سماعها لهذه النبرة القلقة.... نبرة مألوفة لسمعها حد الوجع... تعرفها وتحفظها مهما أنكرت.... والآن ليس الوقت المناسب لها.... ابدًا ابدًا...
" جيداء... أنتِ منيحة... ردي سامعيتني..."

همست بارتجاف وهي تحاول أن تعتدل بجسدها :
" أنا منيحة... ما صارلي اشي...."

فتحت عينيها ليقع بصرها عليه أولاً ثم ينتقل بتهرب لما حولها... حمدت الله على ابتعاد الناس عنها قليلاً... مسحت وجهها باضطراب وعدلت حجابها ثم نظرت للأسفل حيث ما اشترته سابقاً مفترش الأرض بعشوائية..... أصابها بؤس مفاجئ ورغبت بالبكاء بكل غباء ..
انحنت لتلتقطهم الا ان من تجاهلته همس بحدة :
" أنا رح المهم... ارفعي حالك...."

أرادت أن تعترض لكنها اعدلت عن ذلك وخصوصًا أن وقفتهما بهذا الشكل أمام جميع سكان الحي لم يساعد.... فتركته يفعل ووقفت تشيح ببصرها عن الجميع بحرج.....

أخذت الكيس منه فور أن انتهى وتحركت لتبتعد الا انه قال :
" بتحبي اخدك للمستشفى...نتطمن.... تتطمني...."

نظرت له نظرة امتزجت فيها العصبية والصدمة لتجده يبتسم بسخرية موجعة... وكأنه مثلها موقن صعوبة فعل هذا.... على الأقل منه...
لتقول بفم مزموم غضبًا... أو ربما توترًا... :
" لأ.... شكرًا الك... سيد ريان..."

وتركته مبتعدة غير مدركة بأن كلمة" سيد " التي سبقت اسمه.... احس بها تثقب قلبه من شدة وقعها عليه....

اقترب منه حمزة بتمهل وربت على كتفه قائلًا برفق :
" ريان..."

التفت إليه ووجهه قد استحال إلى لوحة جامدة لا تعابير فيها وقال ببرود وهو يتخطاه :
" تعال ادخل.. تأخرت على شغلي..."

بينما داخله يتعذب بالهمس القلق.... أحقًا هي بخير!

***********************
جلست مع شقيقتها قليلًا تتسامر معهما وتتطمأن على أحوالهما قبل أن تذهب إلى سريرها تريح جسدها المتعب عليه....وتخلص عقلها من التفكير... وتهدأ قلبها من الانتفاض....
ليلة وحيدة رغبت بها أن تستريح ولم تلقِ نفسها بهاوية الهموم.... مجرد ليلة واحدة وستعود كما كانت...

في الصباح أول شيء خطر على بالها هو موضوع فاطمة والحل الذي لم تصل إليه بعد...لكن وكأن الله وقف معها وأنقذها من التفكير والقلق.... رأتهما.... وهي بطريقها لموقف الحافلة رأت فاطمة والشاب يقفان على بعد خطوات منها وهذه المرة كانا يتكلمان.... بنفس اللحظة التفت فاطمة بوجهها قليلًا ولمحتها....
الرعب الذي ارتسم على وجهها كان غير طبيعي...ورأتها تصرف الشاب باضطراب دون أن تحسه بما حصل ثم تتحرك ناحيتها هامسة باهتزاز :
" جيداء... أنا..."

لم تبدِ ناحيتها أي ردة فعل حتى لا تشككها بأنها تعرف بالموضوع قبلًا.. ربما تكون ردة فعلها عكسية!....
قالت بهدوء بارد :
" مين هاد؟..."

مسحت فاطمة وجهها ثم عادت لتتلاعب بأصابعها بارتباك وهي ترد كاذبة :
" هاد.. ما.. ما بعرف.. كان يسألني عن محل "

رفعت حاجبها وقالت هذه المرة وهي تشد على كلماتها :
" مين هاد فاطمة... ما كنت أعرفك بتكذبي.."

ظلت مطرقة برأسها للحظات ثم رفعته لها بوجه شاحب ومقلتين دامعتين ثم هتفت ببكاء :
" ما عملت اشي غلط.. صدقيني.."

وضعت يدها على كتفها وضغطت عليه برفق قائلة بصوت لطيف :
" فاطمة اهدي... ما دامك مش عاملة اشي غلط لا تبكي... أنتِ زي أختي الصغيرة وأنا بس قلقت عليكِ... فإذا ما بدك إياني أتدخل خلص براحتك..."

هزت فاطمة رأسها نفيًا ثم مسحت وجهها وهي تقول بصوت يحمل آثار النحيب :
" مجرد شب تعرفت عليه.. وحبيته... وهو كمان يحبني قلي بس يصير معه مبلغ منيح رح يتقدملي..."

قضمت شفتيها قلقًا.. فيبدو أن ذلك الشاب قد لعب عليها وهي صدقته ببساطة... ابتسمت وقالت بتروي :
" طيب أنتِ كيف صدقتيه... كيف وثقتِ فيه.."

هتفت فاطمة بانفعال :
" وليه يكذب مثلًا... لا مستحيل أنا متأكدة إنه بحبني..."

حافظت على ابتسامتها رغم الخوف الذي تشعر به وقالت بنبرة رفيقة :
" طيب... شو رأيك عشان نتأكد تعملي شغلة رح احكيلك عنها.. ووقتها إذا طلع بحبك عنجد رح وقف جنبك اكيد "

بفضول ولهفة نظرت لها فاطمة متسائلة :
" شو هو... "

التفتت ومشت لتسير الأخرى بجانبها وقالت بنبرة عادية :
" احكيله انه أخوكي عرف إنك بتحكي معه... وإنه عصب كتير بس أنتِ روقتيه وحكتيله إنه رح يجي يخطبك... وإنه بستناك بالبيت... وشوفي رده... "

أبدت فاطمة علامات التردد على وجهها فظلت جيداء على نفس الابتسامة وربتت على خدها قائلة بأخوة :
" فاطمة حكتلك انتِ مثل أختي وما بدي غير مصلحتك بس... ألك القرار طبعًا... "

وودعتها... متمنية بداخلها أن تفعل ما قالته حتى تريح ضميرها بالكامل.... وحتى لا تضطر للتدخل أكثر... فهذه منطقة خطرة... كل ما يتعلق بريان خطر وتحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان....

وقد كان.. تحققت أمنيتها ورأت فاطمة تنتظرها أسفل العمارة وعلى وجهها ألم.... برموش مبللة وعينين منتفختين....
وقفت تنظر لها ببعض الشفقة... لا يمكنها أن تلومها إنها فتاة مراهقة في سن ما زال يكتشف الحب ويبحث عنه عند أي أحد... ويصدق خدعه بكل سهولة....
اقتربت وقالت بهمس :
" صباح الخير..."

لتنفجر فاطمة ببكاء طفولي جذب بعض الأنظار إليهما وهي تقول بحسرة :
" معك حق... بعد ما حكتله هالحكي اختفى تمامًا وبطل (لم يعد) يرد على التلفون.... كان... كان كذاب"

لم تلحق لتواسيها وتهدأ من بكائها إلا وهي ترى ريان يخرج من محله فجأة حتى لمحهما فتقلصت ملامحه قلقًا وأقبل عليهما هاتفًا :
" شو اللي صار... شو مالك بتعيطي فاطمة... "

رباه!... ما هذا الموقف المحرج.... لم تتوقع أن فاطمة ستبكي بهذا الشكل... توترت فور أن سلط ريان نظراته عليها يسألها :
" أيش مالها فاطمة...حدا اتعرضلكم"

رفعت فاطمة رأسها ورأتها توشك على الأقدام على تصرف أغبى ما يكون... وهو الإفصاح.... لتتقدم منه غير واعية بقرب المسافة وتقول بعجلة :
" تهاوشت مع صاحباتها وشفتها بالطريق.."

لمحت بنظراته تشكك لتبتلع ريقها وتستدير لفاطمة وتحدجها بنظرة تحذير خفية :
" خلص ما بستاهلوا تعيطي عشانهم... اهتمي بدراستك احسنلك...عشان تجيبي أعلى المعدلات..."

ثم رفعت نظرها لريان المتأمل الصامت... فأصابها خجل مفاجئ أثار حنقها لتقول مسرعة :
" أنا لازم أروح.. عن اذنكم"

راقبها شاردًا حتى اختفى خيالها عن ناظره... وكاد أن ينسى وجود شقيقته بجانبه إلا أنها أفصحت عن وجودها بسؤال ضغط على الجرح النازف أكثر :
" ريان... ليه تركت جيداء... والله إنها بنت منيحة..."

انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 05:37 PM   #7

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
معلش ياجميل

البداية جميلة جدا

ريان ليه اتخلى عن جيداء

وهى واضح جدا حبها القوى ليه


شكرًا جدًا لأنك بتدعميني في عز إحباطي... ❤️❤️❤️❤️


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:51 PM   #8

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

بعد الشر عليكى من الاحباط ياقمر

جيداء بالرغم من صدمتها فى ريان الا انها قررت تساعد اخته

ريان بيحبها وبيقاوم نفسه

تسلم ايدك


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 10:50 PM   #9

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

خير وحصل عشان أشوفها أقرأها بإذن الله
❤❤❤❤❤😘😘


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 11:08 PM   #10

Khawla s
 
الصورة الرمزية Khawla s

? العضوٌ??? » 401066
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,978
?  نُقآطِيْ » Khawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم ايدك ياقمر ♥♥
ريان زاااااكي🤩🤩🤩


Khawla s غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.