عجباً لـ غزال! (88) -ج4 من س حدّ العشق!- للكاتبة:Just Faith{مميزة}*كاملة&رابط معدل*

[Just Faith]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



انا والله خايفة من انقطاع الزفت الكهرباء

قلت انزل لكم اللي كتبته وبكرة جزء كمان

اوعى القفلة الشريرة

خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ خ

[Just Faith]

الفصل التاسع ج1

صباحاً

يقف أمام باب أبيه كغريب غير مسموح له بالدخول ..غير مصدق ما حدث بالأمس وكأنه أوهام .. تحققت جميع أحلامه بيوم واحد .. ما زال صوتها الخجول الموافق على الزواج يرن في أذنه كمعزوفة متناغمة النغمات .. لينتهي اليوم كله على صوت أبيه الحاد عندما حمل مازن الذي غفى على أحد المقاعد وهو جالس ..يدلف به غرفة أمه الفارغة .. أرخى جسده الغض على السرير ودثره بعد نزع حذائه من قدميه الصغيرتين .. ودعه بقبلة وخرج ليصطدم بأبيه الحاج ناصف الذي طالبه بأغرب شيء في الوجود :" فهمي ..هات مفتاح المنزل هنا فقد أضعت مفتاحي ".

دفع أصابعه داخل جيب بنطاله ورفع سلسلة مفاتيحه وقبل أن ينزعها هتف فيه :" أبي هل بحثت جيداً.. فيها مفاتيح المعرض أيضاً.. أليس كذلك ؟!!".

كان أبيه يترقبه بانتظار ماداً أصابعه تجاهه بتعجل لم يكن من أبجديات أبيه مما جعله يغلق كفه على السلسلة بشكل صبور ينافي ما فيه الرجل من فقده لصبره :" سوف أنسخ لك اليوم مفتاح والدي وسوف أبدل جميع أقفلال المعرض نحن نبيع ذهباً ولسنا نبيع طعاماً .. دعنا ننتهي من هذا .. إذا كان الله سترها علينا طول الأشهر المنصرمة لأننا هنا مع أهلنا وهم خط دفاع لن يقتحم أحد الغرباء المعرض في وجودهم ".

هتف أبيه فيه بعدم صبر محاولاً أن يأخذ المفتاح من يده المغلقة عليه :" إن الله لو أراد أمراً سيتمه .. كنا بالماضي أنا وأبي نترك المعرض مفتوحاً ونصعد لأمي نأكل ونرتاح قليلاً ثم نعود فنجد المعرض على حاله .. هات مفتاحك فهمي".

وعى أن أبيه يتقصد مفتاحه بالذات .. خلع المفتاح من السلسلة ومنحه

إياه مستفهماً:" أبي ما القصة بالضبط ؟!!".

وضع الرجل المفتاح في جيب جلبابه العلوي فوق صدره وحرك مسبحته بين كفيه يسحبها جميعها وكأنه يربت عليها بحنان أبوي .. أجلى صوته ثم تحدث بجدية :" من اليوم ستبيت في شقتك .. هنا للطعام فقط ولو لم نكن في اجتماع جميعاً ستتناول طعامك في المعرض كأي عازب في الشارع ".

عقد فهمي حاجبيه مستعداً للمجادلة لتنبت أمه خلف أبيه قادمة من الخارج هاتفة بصوت لائم :" هل ارتحت الآن ناصف .. لن أنساها لك.. ما تفعله لا يليق يا رجل ".

نظر لأمه يطالبها بتفسير فحال أبيه غامضة عليه :" أمي ماذا هناك ؟!".

شبكت كفيها ببعضهما نظرت لناصف الذي كان يخزها بعينيه ألا تنطق ثم سددت نظرها لأبنها :" يا بني أبيك منذ شعر بما بينك وبين شروق وهو لا ينام الليل يظل متيقظ .. ليس لعيب فيكما ولا شك ولكن لحمايتكما بني ".

تمدد جلد جبينه العريض لتتحرك حاجباه بتنافر غريب لدرجة كادا يخرجا عن محيط وجهه ثم ضج بالضحك مما أثار حنق والده :" أنا اليوم كهذا الصغير.. أريد النوم بعد عناء أيام طويلة أشعر بالراحة أخيراً وتجمعت كل إمارات التعب على جسدي ".

هتف فهمي وهو يربت على ظهر أبيه :" نام يا حاج ناصف .. لكن لو كنا نخطط لشيء هناك أحد بالداخل سيفتح الباب عندما تنام أنت ".

ابتسمت زوجته ووضعت أصابعها فوق فمها لتكتم قهقهة تهدد بالظهور ثم عقبت:" قلت له يا بني الولد خلوق والبنت أكثر .. لكن ماذا نفعل بهذا العرق الفلاحي ".
جاء صوت ناصف بارتياح مرهق :" أنها أمانة يا فهمي .. لا أقصد الدنية في أخلاقكما .. فقط هي مسئولية تقبلت حملها.. دعنا نبعد النار عن

البنزين بني ".

ثقل صوت أبيه يدلل على مدى معاناته .. شعر بالإشفاق عليه فمال على جبينه المتغضن يقبله مهدئاً:" لا تقلق والدي .. نم وأرتح البال .. لولا أن شروق تستحق فرحة كأي عروس ما أنتظرت كنت أخذتها لبيتي بعد العقد مباشرة ولكن أنوي أن تكون بداية كاملة لثلاثتنا ".

ربت أبيه على مرفقيه وهو يستفسر بصوته :" من الثالث هذا؟!!.. يسر ".

مجرد تذكر اسمها صار ضرب من برود وكأنها كانت كوب ماء عكر سكب أرضاً مر بحياته لا هو رواه وما حتى ندم على سكبه :" يسر سهل الله طريقها .. لا تعد تذكرها والدي .. كنت أقصد مازن هو أيضاً داخل الحساب يجب أن يعيش حياة جديدة .. مدرسة جديدة وخلق بيئة لا تذكره بالحادث حتى ينسى .. هذا ما نصح به الطبيب من قبل ".

نظرات ذات معنى تحمل الندم في عيني أبيه جعلته يربت على كتفه ثم يغادر الممر الداخلي ..تحرك للخارج وقتها وجدها بغرفة الاستقبال تجمع الأطباق فوق المنضدة .. تجمد أمامها ليعلن لها بشعور متضخم بشكرها :" أتركِ كل شيء يا عروس بالغد ستكون هنا إحدى النساء التي تعملن ستساعدك بكل شيء .. لا ترهقي نفسك يا عروسي ".

رفعت سبابتها تجاهه تحركه يمنة ويساراً برفض كامل :" لا سيد فهمي .. لن أدخل منزلي سيدة غيري .. سأخدمك أنا بنفسي .. أحب هذا .. حتى كوب الماء سيكون عندما تريده قبل ان تفكر بطلبه ".

أراد ان ينال أصبعها بقبلة لكنه تذكر والده بهذه اللحظة ليهتف بمداعبة صوتية :" ما أروعك !!.. وما أجمل روحك شروق ".

ازدانت بشرتها بحمرة طبيعية .. جعلته يندهش منها ..ما هذه المرأة التي تحمر كلما تحدث معها وكأنها ما كانت زوجة ولا أم أيضاً تبدو كبتول بريئة .. لا يعرف لماذا في هذه اللحظة أدرك أن أباه على حق كامل في جعله بعيداً.. خاصة بعدما تحررت روحها من إرهاق كان يجعل مسحة الحزن لا تغادر عينيها صوته المتحشرج خرج هائماً لآذنيها :" شروق ماذا سترتدين غداً؟!!".

أجابته بعفوية :" لا أعرف ولكن أي شيء سيكون مناسب .. ملابس عادية ولا تنس نحن في عزاء ".

هتف ممتعضاً لذا سألتك :" لا ترتدي أسود رجاء .. أكره هذا اللون أصلاً .. ثم أريد أن أشعر بالسعادة بالفرحة ".

تحركت تحمل الأطباق محركة رأسها بنفي :" ربما يجب أن ننتظر حتى يمر أربعين بيشوي ".

هتف بصخب حاد :" أربعين يوماً .. هل حقاً تريدين الإنتظار أربعين يوماً .. كنت أرتب الزفاف بعد فترة حداد مقبولة .. لن أنتظر أربعين كلها أسبوع واحد ونسافر معاً حتى أصفي كل شيء لي هناك وأبيع ما أملكه ثم نعود ولو لم يقبلوا نقلي هنا بفرع الشركة سأقدم إستقالتي ونعود أفتتح مشروعنا الخاص كمعرض جديد مثل معرض أبي الذي يديره فتحي ".

ابتسمت من هذا المشروع الذي خطط له جيداً .. فجميع هذه الخطوات ليست وليدة لحظة إشفاق بل تخطيط كبير لشخص دائم التفكير .. ثم أجابته :" هل يليق اللون البني ليكون رداء لي غداً ؟!!.. أخشى أن يغضب مني العم ناجي ومريم التي أحبها .. لا أريد لهما ان يظنا بنا شيئاً".

كانت أمه تترقب بالخلف .. هتفت بها :" سوف ترتدين ما تحبين وأيضاً سنسعد بكما .. في الغد سنعقد القران وسيكون معنا ناجي ومريم سوف أتحدث معها في الغد وناصف سوف يحادث ناجي .. يا ابنتي الاستئذان يزيل الضغينة .. لا تقلقي أسعدي فقط ".

تحركت من مكانها تتجاوز الرجل أمامها لتعانق هذه السيدة التي من

الله عليها بها وكأنه يعيد لها أمها .. عناق وبريق عبرة جعلتها تعترف :" ماذا فعلت في دنياي جميلاً ليجعلكم لي عائلة؟!! ".

كان صوت ناصف يهديها الإجابة :" المرأة التي تحفظ نفسها وتتق الله تدخل الجنة فما بالك بمن حفظت نفسها مع إغراءات كبيرة يا ابنتي أنت كافحت ضد إرادة أباك وهذا له قدره عند الخالق .. اتقيت الله في أبا مازن .. رغم كل شيء لم تتفوهي وتقولي أي شيء يدينه .. اتقيت الله فجعل لك مخرجاً.. هيا ابنتي أدخلي لتنامي".

كانت زوجته توجهها من فورها فزوجها متوتر للغاية فقلة النوم تجعله كمصاب بالإنفصام.. وقبل ان يتحرك فهمي هاجمه أبوه :" وأنت فهمي انصرف .. دعونا ننام يا أهل المنزل ". زفر بحدة تحرك الرجل بلهفة للداخل ولا يعلم لما هو بهذا القلق لديه شعور بان هناك شيء سيقع ولكنه لا يعلم ما هو .. هتف بصوت مسموع للجميع :" اللهم لا أسألك رد القضاء وإنما أسألك اللطف فيه .. رب مرر هذا الوقت بخير ".

حدته جعلت شروق تقفز للداخل وداخلها تخيل أن الحاج ناصف غير راض عن هذه الزيجة .. حركتها المرتبكة ومغادرتها للداخل جعلت فهمي يغضب فقضم شفته السفلى ومال على أمه :" هل أعجبه الوضع الآن؟!! .. ما به أبي لم أراه متوتر هكذا من قبل ".

رفعت كفيها له مستسلمة :" أباك لديه شعور سيئ .. خائف عليك وعلى فتحي وعلى الفتيات .. خائف ان ينال أحد سوء .. يظل طوال الليل يقرأ القرآن ويدعو بصرف البلاء والتخفيف منه ". استطردت بجدية :" اصعد أنت وأنا سأحادث شروق قبل نومها .. لن أتركها تنام هكذا دامعة .. اصعد وغداً رتب أمرك لتدعوها خارجاً للعشاء.. دللها .. اجعلها تسعد ".

مال عليها مستحسناً ما تقوله قبلها وغادر .. لا يعرف لماذا نقل له أبوه الخوف داخله .. هبط ليلاً ليمر على المعرض مستغلاً الفرصة حتى يفرغ شحنات الرغبة التي اكتظ بها جسده تجاهها ،فلم يجد شيئاً مما توجس منه.. إنما لاحظ شيء بدا له غريباً... لكنه يحدث .. شاهد الشيخ تيمور جالس أمام معرض العم ناجي .. نائم أمامها .. نادى عليه بقوة :" شيخ تيمور ما بك يا رجل .. اذهب لتنام ".

انتفض فجأة فتأكد له أنه كان نائم بالفعل .. استجمع نفسه سريعاً من هذه النفضة وتحدث بتعثر وثقل النوم يقيد لسانه وعقله :" لا .. انتظر الفجر حتى أصليه ثم سأذهب للنوم بعده ".

كتف ذراعيه مرة أخرى وعاد يضم نفسه بينما فهمي يقول له :" لمَ تجلس أمام معرض عمي ناجي ؟!!".

حضرت إجابة واحدة لعقل تيمور فعقب بها فوراً:" هنا المكان مظلم لو غفوت لن يقلق عيني الضوء .. اذهب للنوم يا باشمهندس .. دعني أغفو ساعتين قبل الفجر ".

رغم الدهشة التي تسكن عقله إلا أنه تحرك بالفعل عائداً للمنزل مرة أخرى وهو يلوح له .. تركه مكانه ليذهب للنوم فغداً لديه يوم طويل بدايته ستكون الذهاب لشراء بدلة له وأخرى لمازن .. وثوب لشروق من اختياره .. شيء يليق بها .. والذهاب للحلاق مع مازن أيضاً .. صعد لشقته التي كان قد غادرها بالفعل .. دلف ليجدها على حالها .. منذ طلق الغادرة .. هبط وجمع لها كل متعلقاتها .. كل شيء خصها هنا أرسله مع أبيها بعد أن فشلوا في البحث عنها .. ما زالت الشقة في حال غير مرتب .. كان مرهق لدرجة كبيرة فاليوم كان مرهق .. جلس على الأريكة .. خلع حذائيه وبعد لحظات .. كان يميل على جانبه ليغفو مكانه .. يحلم بيوم الغد وكيف سيكون رب أسرة فيها امرأة كشروق .. ربما ليست صاعقة الجمال لكن قلبها الطيب وابتساتها تمنحها جاذبية لا تملكها فاتنات الكون .. يدعو الله ان يبعد عنهم كل شر .. ويجلب لهم الخير كله .. فالنوايا لو صلحت صلحت الأعمال هذا هو ما يعلمه ..

فتح الباب بغتة فسرق عينيه لينتفض مكانه متيقظ أنه هنا ولم يطرق الباب بعد .. وجد أبيه يقف أمامه فرفع أصابعه يفرك عنقه براحته .. وجد أبيه يرفع قبضته ليمنحه مفتاح الشقة :" أدخل يا فهمي أعرف من ربيت ".

رفض فهمي بابتسامة :" لا يا أبي بعد الزفاف سآخذ المفتاح منك أما الآن لا .. حضرت لأخذ مازن معي سأبتاع لنا بذلتين وكذلك سنمر على الحلاق ".

هتف الرجل بترجي :" لكن لا تكن غاصاً مني يا فهمي ".

أجابه فهمي :" لا يا أبي .. الشيطان له نوزاغه وأنت محق ".

تلون عينيه بشبح خجل جعل أبيه يدرك أن مشاعره قد تحركت تجاهها بتطلب حسي .. فاقترح عليه :" لماذا تنتظر أربعين بيشوي .. اعقد اليوم وخذ زوجتك ومازن وسافر قم بتصفية أعمالك وعد نكون نحن قد جددنا لك كل الشقة ".

أجاب فهمي بهدوء :" رغم ان كل قطعة في الشقة كانت اختياري وحدي ولكن شروق تستحق أن أرمي هذا الأثاث كله ".

اقترح أبيه بهدوء :" سوف ننقل هذا الأثاث لشقة أخيك فخري إنها فارغة تماماً .. أنت تعلم أنه تزوج في شقة إيجار قديم ليحفظ حق زوجته في شقة أبيها .. دعنا نرتبه هنا بحيث لو أراد المكوث معنا كلما نزل إجازة تكن شقته جاهزة .. أنت فقط اختر الأثاث الجديد ونحن سنشتريه ونرتبه لك ".

مال على يد أبيه يقبلها .. ربت أبيه على رأسه الأسود يمسد شعره الكثيف .. ثم سأله حالماً رفع عينيه إليه :" ماذا وسوس لك الشيطان أمس فهمي ".

ضج فهمي بضحكة خبيثة جعلت أبيه يغمز بعينه اليسرى مما خلق جو مرح أزاح توتر أمس .. رفع الرجل الكبير ذراعه ليضعها على كتف ابنه منادياً:" يا آل فهمي ناصف .. أين أنتما ؟!!".

سمعا أصوات أقدام تصدر صوت كفرقعات صغيرة مما يدل على أنها حافية .. كان الصغير حضر بملابسه الداخلية البيضاء بينما تهرول خلفه أمه قابضة على قميص قطني قصير الكمين تجمعه بين كفيها بتجعد دل على أنها كانت تهم أن تلبسه إياه.. حمل فهمي الصغير القافز الذي نادى بقوة :" بابا سيلبسني .. أنت تجعلين أذني تحمر ".

أنزله على المقعد القريب معاتباً:" لا يجوز الخروج في ملابسك الداخلية هكذا .. أنت كبير .. صرت رجل ".

أجابه الصغير :" حاضر ".

مد فهمي لها يده ليأخذ منها القميص .. نفضه أمامه في الهواء ثم بدا بصبر كبير يعلمه كيف يرتديه بنفسه :" هكذا ترتدي بنفسك .. لا ينفع ان تظل أمك تفعل معك كل شيء .. أنت كبير مازن ".

أجاب الطفل :" حاضر .. لكن أن تكون كبيراً شيء صعب ".

ثم نبتت داخل عقله فكرة جعلته يتوهج هاتفاً:" لا بل عمل جميل .. سوف أعلم أخوتي الصغار كل شيء لأني سأكون الكبير ".

بينما الجد ناصف يضحك ممازحاً :"اطمئن فأبيك سوف يجعلك تبدل لهم حفاضاتهم أيضاً ".

مر الرجل بجوار شروق هامساً :" مبارك ابنتي .. اليوم أريدك بكل زينتك وكل ابتسامتك ".

أدركت ان كلام أم فهمي صحيح وأن زوجها يعاني الأرق وهذا ما جعل أعصابه منهارة ولم يقصد أنه غير موافق على الزيجة عندما لحقتها أمس قبل أن تنهار باكية .. ردت بابتسامة هاتفة بخفوت يصل للهمس :" بارك الله فيك أبي ".

هتف فهمي بجدية لمازن :" أين سروالك ؟!! لترتديه لدينا عدة أعمال اليوم .. هيا أسرع وسوف نفطر بالخارج ".

هرول الصغير وقدميه تصيب الأرض بصوت فرقعة صغيرة .. نظر فهمي لشروق التي تتحرق لتعرف أين هما ذاهبان .. لكنه لم يجب من تلقاء نفسه تحدث بشيء مختلف :" سوف تحضر لك شمس لتزين عروسي .. هاتفتها منذ قليل ".

كانت تقف حافية القدمين أمامه مما جعله يبتسم وقص عليها اقتراح أبيه فلم تعترض عليه كله :" يسرني أن أعيش في مكان اختيارك أنت فهمي .. لست معقدة من يسر بالعكس كنت مشفقة عليها ولكنها للأسف لم تصن منزل الزوجية ولا حرمة الزوج .. سأصارحك بأشياء الآن وقبل ان نعقد القران .. "

ظهر الصغير في الممر .. يرتدي ساق والأخرى يحملها بأصابعه يكاد يتعثر فيها معقباً :" حاولت ولكن لم أفلح كلما حاولت لا أعرف ".

ناداه فهمي بإشاره من يده ثم عقب:" تعال هنا .. أجلس لتستطيع وضع ساقيك في السروال .".

جلس الصغير فأمره فهمي بصبر شديد رغم تحرقه في معرفة ما تريد أن تقوله له :" ارفع ساقك العارية هذه وضعها في ساق السروال وأنت تفتح لها المجال بيديك ".

فعلها الصغير كما كان يشير له فهمي الذي أكمل :" هيا أغلق الزر العلوي ثم السحاب ".

نفذ الصغير ما تعلمه ليقفز بسعادة :" سأجرب الجوارب والحذاء بمفردي ".

خرج من المكان ليتلون وجهها بشيء من ضيق وكأن همتها قد فترت وعزيمتها على الحوار قد وهنت .. لكنه حثها بهدوء :" ما تقولينه لي لن يبدل من حقيقة أمرنا في شيء .. لكني أريد سماع كل شيء .. لأنني بمجرد أن خرجت من هذا الباب لا أريد أن نذكر قصتها كاملة ..لا جهراً ولا حتى سراً".

شجعتها الكلمات لكن ما ستقوله قد يدينها .. فركت كفيها في بعضهما مد كفيه يحيط يديها لتهدئ من روعها .. أخيراً علقت معترفة :" عندما تقابلنا وكنت مع يسر في بلد عملك وقت شهر العسل لم أكن أعلم أنها تفكر بي بهذا الشكل وتلك النظرية السخيفة داخل عقلها .. الزواج عندي ليس متعة رجل مقابل وضع مادي أناله .. هذا تفكير الرخيصات .. أنا لست هكذا .. لكن ".

كاد يصرخ فيها لا تتفوهي بهذه الترهات .. لولا انتفاضة أصابعها بارتجافة جعلته يضغط على كفيها ويغمغم :" أعرف .. أفهم .. هذه عقليتها ربما لو كانت تسمع لأحد كان وضعها أفضل ".

التقطت داخل صوته عذاب اللوم فهتف ملحقاً:" لست نادم .. صبرت عليها كثيراً ولكن كانت كلما تتحدث تجعلني أريد فصل رقبتها عن جسدها .. لست حانقاً عليها .. أقسم بالله أدعو لها حتى لا تورط نفسها في مشكلات من أجل المال ".

غمغمت بما أرادت منه أن يسمعه :" الزواج من رجل ثري وكبير .. لم يكن خياري ولكن كان لابد لي من تأمين مستقبل لي بعيداً عن أبي .. ومع هذا لم يكن خياري توكيل السيارات كان مشروع أبا مازن .. كتبه باسمي حتى يجعله خارج حسابات أولاده وزوجته الأولى التي تسيطر على كل شيء .. وبالنهاية عندما علموا بأنه زوج وأب لغيرهم اختلفوا معه فمرض ومنعوني حتى أراه .. حضرت خوفاً ووقتها زرت منزل عمي سليم وجدت يسر هناك وفاجأتني بنظريتها تلك فاقترحت عليها أن تجد طريقة لتصالحك بها وسألتهاعن الحمل .. لم أكن أعلم وقتها أنها ستسارع بإدعاء شيء كهذا .. أنا فقط أبري ساحتي من كل شيء حتى كما قلت عندما تمر من هذا الباب لن أفتح الموضوع .. هتف بوجع :" كانت تنام معي وترى جواد في وجهي .. كانت تمقت السيدة فرسان لأنها زوجة جواد .. ما علمته ليس بقليل ".

قسا وجهها وأغتم :" من تستحضر وجه أحد وهي مع زوجها ليست شريفة هذا تصرف عاهرة ".

أدركت زلفتها الحمقاء فعادت تجمع ما سكبته :" أعتذر لم أقصد هذا ولكن .."

اجابها بجدية :" للأسف كانت هكذا.. دعينا نغلق هذا الموضوع ونلقي به في بئر الصمت نهائياً".

اختار مازن هذه اللحظة ليخرج كامل الملابس قائلاًً:" ساعدني جدي على ارتدائهما ويقول لك ماما عندما تبتاعين لي حذاء أجعليه بلا رباط .. فقط ليكون سهل اللبس ".

ابتسمت له ومالت عليه :" حاضر يا عين أمك ".

فكان رد فهمي :" هل جدك ما حملك هذه الرسالة ".

حرك الصغير رأسه بنعم ليجيبه فهمي :" هكذا لي الحق في بعض الغضب .. كنت سأسعد بك لو قلت له .. سأبلغ أبي هو من سيشتري لي كل شيء بعد الآن ".

ألتفت إليه مكرراً:" حاضر بابا .. سأقول له ".

ثم هرول من جديد ينادي من بعيد :" جدي .. بابا من سيشتري لي كل شيء بعد الآن ".

هتف ناصف من الداخل :" تعال مازن .. أقبلك على هذه الحياة التي خلقتها لنا .. وابحث لي عن حذائي دخل أسفل الفراش ".

هرول الصغير ملبياً ليتحدث فهمي بجدية :" صدقيني لم يكن زواجي السابق عن حب .. بل رغبة حقيقية أن تكون زوجتي من نفس شارعنا لا تعلو علينا وكذلك من حثني على الزواج من قريبة جواد زوجة جواد نفسه ..".

هتفت بشهقة محتدة :" أعجبت بها فهمي حقاً؟!!".

لوح بيده رافضاً :" لا .. ليس كما فهمت .. فقط أعجبت بالرقي .. بالذكاء .. الأصل .. منيت نفسي أن تكون هذه مثل تلك .. لكن قدر الله وما شاء فعل.".

تنفس متنهداً ثم عبر لها عما يريده منها :" دعينا نقتسم أنفسنا مع أنفسنا ".

ضيقت عينها وعقدت بين حاجبيها ثم بستطت ملامحها بعد لمحة تفكير في هذا الرجل الذي يحتاج تأكيد على رضاها أن لم يكن حبها له :" نعم فهمي سأقتسمك مع نفسك يا كل نفسي ".

هل المرأة تستطيع دفن مشاعر كانت تجاه أي امرأة أخرى ؟!!.. كان سؤال يهرول داخل رأس فهمي منذ فترة وحصل على إجابته الآن .. هتف بصوت مسموع :" نعم .. أنتِ كل نفسي بالفعل ".

لم يشاهدا مازن وهو قادم .. بل للحظة لم يشعرا به .. كان الكون كله قد رحل بلحظة إلا من سواهما فقط تواصل بصري سلبهما الوجود .. لم يفقها شيئاً إلا باندفاع الصغير ليقف بينهما هاتفاً :" وأنا .. لقد جعت ".

مال عليه فهمي ونظرته مسددة لشروق حمله لصدره يقبله على خده مسترضياً :" هيا بنا يا قلب أباك نفطر بالطريق ونحن نبتاع لك بذلة العرس ".

لوح لها وفعل الصغير بالمثل مقلداً .. ليجد صوت أبيه خلفه :" مر على عمك زين العابدين لتحضر منه وثيقة زواج شروق ووشهادة وفاة زوجها ".

ضربت زوجته على صدرها :" أبعد الله الشر عن ابني .. عندما تريد قل أبا مازن". هتف مازن مقاطعاً باستفسار :"بابا فهمي ؟!!".

طوح الرجل الكبير كفيه في الهواء :" ما هذه الحيرة .. سنقول المرحوم لنريح عقلنا وقلبينا أيضاً .. لا زوج لشروق سوى فهمي ..".

استدار لزوجته مداعباً بمشاكسته التي لا تنتهي :" هل أعجبك يا ست أم فهمي ". ابتسامتها الهادئة له هي نور حياته كلها .. لم تكن رفيقة درب فقط كانت سند وعون بكل المحن التي مرت بهم..

هذا جعل فهمي يستدرك أنه لابد له ان يتعامل بطريقة مميزة مع الوضع حتى يمر بعائلته من الفترة الصعبة .. لكنه سعيد للغاية مما يحدث تفهمها وصدقها جعله يجلها بشكل أكبر مما شعر به تجاه أي امرأة استدار بكنزه الصغير الذي كان يحمله ليقول لها :" شروق بعد عودتي سنذهب لزيارة الرائد هادر ".

لوحت له مؤكدة أنها ستكون في انتظاره .. داخلها شعور بالدين لهذا الرجل الذي أنقذ طفلها .. لولاه ما دأب الفريق على بحثه .. هذا شعورها وخاصة أنها حضرت بنفسها وشاهدت الدولاب وتحته عالم من الأسرار ..

السعادة هي ما رسخت داخلها .. بأيام عادت لحياتها وكأن الماضي ما كان أبداً .. حتى مازن تأقلم مع الجميع وكأنه ولد هنا في هذا البيت .. الحب هو ما يجعل الراحة تمكث في القلوب ..

*******************

[Just Faith]

" لماذا عدتِ سهر ".

حركت كفها لعمها القلق حتى لا يستفسر أكثر ..حاولت ان تقترب لتهمس في أذنه لكنها لاحظت هبوط رحيل من فوق الدرج فهتفت بصوت مسموع :" أشعر أني قد التقطت جرثومة ما .. فحلقي يؤلمني .. هاتفت المشفى لكل يتولى أحد من زملائي المناوبة النهارية فلن أغادر اليوم ".

سمعتها رحيل فما كان منها سوى أن لفت فمها وأنفها بما يشبه اللثمة حتى لا تلتقط أي مرض .. عادتها تفعلها بلا حياء .. هتف فيها مناع :" لا تخشين على نفسك سيدة رحيل .. أصلاً أريد الرحيل ببناتي لمنزلنا .. الضيافة قد طالت شكراً لك ".

هتفت رحيل من مكانها الذي يبعد حوالي متراً ونصف المتر حيث سفح الدرج :" لا .. حاج مناع .. سمراء لن ترحل عن منزل المرحوم .. ثم لا تنس أنها بعدة ولا يجب ترك منزلها خلال العدة .. أنت تعلم أهل البلدة وكلامهم الذي لا ينتهي .. يكفيها كل يوم من الصباح حتى المساء بالخارج ".

كانت ترمي بإهانة مبطنه التقطها الرجل بحكمته .. ولكن صوتها المتجبر أزعجه للغاية فقرر أن يضع لها حداً لا يمكنه أن يتركها تتحكم في طفلته هكذا أو تشكك في أخلاقها لو ظهر حملها:" ابنتي أشرف من بنات البلدة جميعها .. كل يوم أنا معها عند مقبرة زوجها .. لا تتركه حتى وهو تحت التراب ..ثم منزلها هناك بشقتها التي كانت تعيش فيها مع زوجها .. كلنا نذكر أن المرحوم باسم طيب الله ثراه ما رضي بالبقاء هنا .. رفض هذا .. اسمحي لنا سنغادر ولن يستطيع أحد منعنا ".

دلف سنمار بتلك اللحظة ليجيب على خاله :" لا نفعلها يا خال ولكنا نرجوك .. سمر هي ما بقي لنا من باسم .. أمي رحيل لم تقصد مضايقتك أبداً .. رجاء راعي ظروفها هي أم وقلبها مجروح ".

كلماته كانت داعية لها ان تهطل بدمعاتها على وجنتيها الذهبيتان بسمرتها المعهودة مسدت عينيها طرف طرحتها ثم صار صوتها ينتحب هامساً بغمغمة مبللة :" والله لم أكن أقصد غير الصالح .. لو كانت حامل سيقول الناس قصص كلها فقط لأنها لم تستقر ببيتها ".

نفض مناع جلباب يخفض من حرارة غضبه فهي دائماً تتحدث بما يغضب :"سنمار اجعلها تصمت بنات عائلتنا الجميع يتشرف بوضع التراب اللواتي يسرن عليه فوق رؤوسهم ".

ثم صدح صوته بقسوة غير معتادة :" هيا سهر .. اصعدي وأجعلي أختك تهبط هيا .. ستغادر الآن .. تاركين هذا المكان لنعود لمنزلنا وخيرنا ".

تحركت سهر لتصعد ولكن رحيل تمسكت بها هاتفة :" والله لم أقصد .. سمر أرملة باسم الغالي ..آخر رائحته .. أنا أتحدث عن الناس وضمائرهم العاطلة .. لا تأخذوها من هنا فروحي معلقة بها ".

بلحظة بدأت تتهاوى لتسقط تحت أقدام سهر .. مما جعل سنمار يهرول تجاهها .. بينما لم يحرك مناع ساكناً ينتظر نهاية هذا المسلسل .. تحركت سهر للخلف تجاه حقيبة يدها مخرجة منها عطرها الثمين لترش منه على الهواء الذي أمام مجرى تنفس رحيل التي بدأت تفيق متمسكة بسنمار ترجوه :" لا تتركهم يغادرون سنمار .. على الأقل يتركون لنا سمر فقط ".

هتف مناع من الخلف :" لا أترك بناتي وحدهن في بلده كلها أناس عاطلون وتفكيرهم قاتل .. لقد ضيعت عمري من أجلهم .. لن أتركهم الآن ".

توسله سنمار من مكانه :" خال مناع .. لا أحد يتحدث عنهما من يفعل هذا سأتكفل به وأقتله .. سمر أرملة أخي وقدرها من قدره عندي .. وسهر أختي منذ ضياع وجنة .. رجاء لا تغادر خال مناع ".

أسقط في يد الرجل بينما سهر تراجعت للخلف لتدعمه في قراره .. طوح كفه مشيراً لها :" اصعدي انظري سمر لمَ تأخرت هكذا لنذهب للمقبرة ؟!!".

أحاط سنمار بكتف رحيل لتقف مكانها بعنايته وما زالت على حالتها الواهنة بإدعاء تجيده .. حتى جعلها تجلس فوق إحدى الأرائك المتناثرة في البهو الكبير ..

*****************
دلفت لغرفة باسم القديمة حيث قطنتها أختها لتتنسم راحته في أركانها .. لم تجدها لكن صوت خرير الماء بالحمام أعلمها مكانها .. تحركت تعدل من الفراش المتغضن .. تمد ملاءته وتشد من الغطاء القطني الخفيف وتجمع ملابس أختها المتناثرة هنا وهناك .. ملابس سوداء بكل مكان .. أختها لا ترتدي سوى السواد حتى ملابسها الداخلية سوداء بلون الحزن .. لا تعترض على الحزن خاصة مع باسم الذي ذهب وهو في زهرة شبابه .. لكنها تخاف على سمر .. ألا تأكل ولا تنام .. كلحظات استيقاظها تجلس تحادثه أمام قبره وكأنه يسمعها .. وجدت قطع من ملابسه طوتها ووضعتها بالخزينة الخاصة به ..

خرجت سمر من الحمام تستند على الجدار وبيدها منشفة وبرية ناعمة تمسح فيها قطرات الماء على وجهها .. نظرت إليها سهر تلتقط لمحات الشحوب والصفرة التي علت بشرتها لتحدثها بلوم شديد :" لا تأكلين جيداً .. لا تنامين .. هذا لا يرضي باسم في قبره سمراء".

صرخت فيها بصوت باكي منهار :" باسم لم يمت .. قلبي يعلمني أنه حي .. لم يمت .. شعوري هو هكذا .. ثم أنا سمر .. هو فقط من كان يناديني سمراء .. لا أريد أن أسمعه من سواه ".

رفعت سهر كفيها أمامها ترجوها الهدوء :" حاضر .. حاضر .. سمر وباسم حتى لأنه شهيد ".

زفرت أنفاسها بغضب يائس ماذا تقول لهم لن يصدقوها .. تراه .. دائماً تراه أمام عينيها وداخل عقلها ..

تحركت بوهن شديد لا تقوى على التنفس تجلس على أقرب مقعد لتتحرك لها أختها تجثو أمامها على ركبتيها :" ما بك سمر؟!!".

أجابتها وهي تفرك جبينها تحاول الوصول برأسها لأفاقة قوية :" لا أعرف سهر أشعر بجسدي غريب علي.. مرهقة جداً وكأن هناك بدايات لمرض يهاجمني ".

سألتها بخبرتها المعتادة فهذا عملها طبيبة نسائية :"سمر .. متى كانت آخر دورة شهرية لك ".

حاولت سمر التذكر لتجيبها :" آخر مرة كانت قبل زواجي بأسبوعين تقريباً".

ابتسامة هادئة حلت بسهر تهمس وهي تضع راحتها على بطن أختها :"معنى هذا أنكِ عندما تزوجت كنتِ مؤهلة للحمل يا صغيرة .. من أن تكوني بفترة الأمان ".

ركزت سمر عينيها على كف أختها التي تربت برفق على بطنها المسطح كمن يربت على جنين حقيقي بين أيديهم ثم هتفت :" هل أنت واثقة سهر ؟!!.. حقاً".

وضعت كفها على بطنها وهي تمسده وصوتها يلتقط شزرات سعادة غمرته :" هل تعرفين سهر معنى هذا؟!!.. أن باسم حي ؟!!".

ارتفعت أختها على ركبتيها قليلاً تعانقها مستدركة الوضع :" سوف ننتظر أسبوع واحد نكون خلاله قمنا التحاليل لنتأكد .. لو أعلنا الخبر الآن .. ستجدين من يقول كان الحمل في الحقيبة معها وهي ذاهبة لزوجها ".

زفرت سمر بحنق :" تباً لهذه العقول المتحجرة .. ننتظر المهم نطمئن ".

مالت رأسها للخلف مضجعة تهمس بينها وبين ذاتها :" آه يا باسم .. تركت قطعة منك تحت أضلعي لتظل حياً.. كنت تحب الحياة .. هكذا أنت تؤمن بالحب والحياة ".

ثم نظرت للسماء من خلال النافذة المفتوحة الستائر :" آه يا الله ليتني أكون .. رحمتك بي ليكون هناك طفل ".

طرقة صغيرة على الباب جعلتها تدرك أنه عمها هتفت بصوت مرهق :" تفضل عمي ".

أدار المقبض وأطل برأسه داخل الغرفة هاتفاً :" ألن تذهبِ سمر".

كانت سهر أسرع في الرد عليه :" لا عمي سترتاح اليوم ".

حاولت سمر الاعتراض لكنها عاندتها :" أنت تحتاجين الراحة ليستمر ما تريدين ".

دفع مناع جسده دالفاً للداخل مستنداً على الباب من الداخل بظهره :"

كم أكره هذه السيدة .. من يصدق أن هذه السلعوة تنجب شاب كباسم .. سبحان مقسم الأرزاق .. أشارت له سهر ليقترب منهما ففعل بترحاب مرجحاً أنها ستتحدث عما كانت تريده منذ قليل أسفل .. لكنها منحته سعادة ذات بعد جديد عندما همست داخل أذنه :" سمر حامل بنسبة 90% ".

نظر لسمر .. ثم أغلق عينيه وعاد وفتحهما ليفيق من صدمته :"هل ما تقولينه حقاً؟!!".

كان يخاطب سهر ولكنه يحدق بسمر التي خجلت من الموقف رغماً عنها .. أكدت له سهر ما يريده :" سنقوم بالتحاليل اللازمة عمي ".

أراد المزاح معها :" نعم هكذا سنزيد .. كم انتظرت هذه اللحظة منذ كنتما صغيرتان .. كنت أريدكما ان تملئا المنزل أطفال ".

وضعت سهر كفها على كتفه :" لو كنت تزوجت عمي منذ طفولتنا كنت تحتفل بزواج أولادك الآن ".

زفر برضى كامل :" لقد جربت حظي مرة واحدة وأنتما تعلمان انفصلنا بعد أن بدأت تضايقكما ".

مالت تحضنه بينما سمر تقبض على كفيه بنعومة تغمغم سهر :" عمي لولاك ما كنا أكملنا تعليمنا ولا شعرنا بالأمان ".

ربت على خدها براحته والأخرى كانت تربت على رأس سمر مقسماً:" والله يا بنتاي لم أشعر أنكما غريبين عني .. كنت دائماً أشعر أنكما من صلبي ".

انتهز الفرصة ليملأ قلبهما بابتسامة مرحة عندما صدح صوته بمرح مازحاً:" باسم هذا كان رجل .. أفلح فيما أخفقت فيه أنا ثلاث أعوام زوجاً ولم أفلح في إنجاب برغوث ".

ابتسمت سهر وانشقت شفتا سمر عن وهن حزين جعله يهتف بها :" الحمل لا يحب الحزن .. رضاك الله بامتداد باسم فلا تضيعينه أنتِ .. صار مسئوليتك الحفاظ عليه ".

جاء صوت سهر معاتباً:" نتأكد أولاً أنه حمل وليس شيء آخر .. قد يكون .. ".

رفع كفه مقاطعاً :" لا هو حمل .. أمثال باسم لا يقطع الله منهم الدنيا .. طيبون ويجب أن ينجبوا .. يعني السلعوة رحيل أنجبت وهو الطيب لا .. تفاءلي يا سمر .. أنت حامل ".

همهمت سهر بعدةنصائح :" سنعرف بالتحليل .. لكن لن نعلم أحد أسبوعين أو حتى أسبوع .. وأنتِ يا سمر رجاء كلي جيداً ونامي جيداً ولا ترهقي نفسك لمدة شهرين حتى يثبت الحمل ".

الموقف كان حميمياً ذكرها بما شاهدته بالصباح تستدك مجيبة :" عمي حقاً.. هذا الصباح رأيت الدكتور مجدى هداية هناك مع العمة وضاء وابنهما وحيد .. لو رأيت عمتي وهي تقبل ساقيه وهو يحتضنها كطفلة صغيرة .. ما أجمل عشقهما ".

تحسر الرجل بصوته :" ماذا نفعل الأخيار قد أذلهم زمنهم لحكمة والعاطلون كهذه رحيل جالسة ولا تخسر شيئاً .. فقط خداع وشماتة ".

وكأن عيون سهر كانت تجيب عليه :" يمهل ولا يهمل ".

لحظات أمل داخل بوتقة الحزن جعلت سمر تتمنى داخلها أن يعود ليشاهد طفله مرة واحدة ثم يغادر مرة ثانية .. ضرب من جنون حقيقي .. لكنه أمل ..

***********************
لم يصدق الجميع أن المحاكمة قد استغرقت كل هذا الوقت ولكنها بالنهاية حكمت بأحكام عادلة ها هو من أراد قلب ابنته ليكمل هو سيطرته وفساده يكبل بالقيود ليودع بالسجن .. حاول محاميه أن يكسر من شهادة فرسان بضربه بالقضايا التي تم هربها منها .. لكن القاضي لم ينصت إلا للأدلة الدامغة .. قبل أن يتم النطق بالحكم النهائي .. دلف أحد الحراس ليميل على القاضي فيسمح للشخص بالدخول للقاعة .. هناك حاول الشخص الذي عرف ذاته على أنه محقق بالشرطة الدولية ولديه أمر فعلي بالقبض على فرسان دحية بناء على تبليغ من شرطة وطنها وكان معه الأوراق اللازمة .. كان جواد يدرك أن هناك شيء غير طبيعي سحب مرفق رشاد هاتفاً به بهمس خافت لكنه مهدد بوعيد :" ترجم لي بالعربية ما يقال وبسرعة ".

.. بدأ يعلمه ما يحدث ونظراته هناك على منصة الشهود حيث الفتاتين تتمسكان ببعضهما .. جيوكندا تتمسك بفرسان كما تمسكت بها ذات يوم .. هتف جواد باستدراك :"هذه الجلسة لم تكن سوى فخاً .. كانوا يريدونها هنا .. بالذات ..".

وقف مكانه وهويجذب رشاد من مرفقه آمراً:" ترجم لهم ما أقول ..".

كانت نظراتها تسدد عليه يبدو واثقاً .. بينما هو يراها فارهة في هذا الطاقم الكلاسيكي السكري اللون الذي كان قد اختاره لها ووضعه في خزينتها لترتديه .. لم تحصل على لحظات من النوم والراحة .. تبدو الآن في حالة من الرعب الكامل .. بينما هذا المفتش يأمر حراسه بالقبض عليها فيهتف جواد لرشاد :" ترجم بسرعة .. أنا جواد دحية المحكم الدولي .. لي الحق في المثول كمحام عن السيدة فرسان دحية ".

*************
لا يصدق أحد أن هذه الصهباء تدفع هذا المقعد المدولب بهذا الوقت الباكر لتدخل عرفة مشددة الحراسة قد أمر صاحبها أمس بعدم رضاه عن وجودها بينما هي تصر عليهم تحدق فيهم بشراسة :" إنها أم الرائد هادر دحية .. هل ستتركونها لا تراه ".

لهم نصف ساعة يجادلونها :" سنأخذها نحن وتفضلي سيادتك ".

لم يصدقوا هذ الجنون وفي هذا الوقت من الجولة التفقدية التي يجريها الأطباء المستشاريين الذين سيعدون تقرير يجعل المشفى في الحضيض .. لو وجدوا عدم نظام بها .. لم يصدقوا نفسهم عندما دفعت بقدمها سلة القمامة العمودية المعدنية لتسقط أرضاً محدثة ضجيجاً يصم الآذان ثم سحبت المقعد للخلف داخلاً المصعد الذي لم يلحق به أحد ..

********************


اقبلوا الجزء ده على ما انام شويةواقعد اكتب الباقي

امووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووه

[ديناعواد]

مستنين على نار ويكون باسم لساعيش

[قول يا رب]

ايه يا كبيره قلبك حيحن علينا شامه ريحه باسم
معقولهمش مات وده خدعه لزوم الدواعىالامنيه يا ريت

بس متغاظه من رحيل كده كتييييييييييييير عليها فى الروايه هى وزاهر زيحى الxxxxب دى من هنا
فضى المكان للدلع والحنيه

اه ونادره معاهم كمان
منتظره على نار الباقى

[gabrice]

ياااااه لو اللي فبالي صحيح جاحنا هنهيص ونفرفش لو الميت يطلع ماماتش متجيناش امل عالفاضي قولي للعفروتة تخف بلاش فهمي وعليتهم سيبيهوم فحالهم مش عاوزين اذى ثاني وفرسان حياترى حيحصل معاها ايه فالمحكمة ؟و جسور بتخبص في ايه

[nana41]

ايه ده هى وصلت لام هادر ازاى 🤔🤔 مايقدر على القدرة الا ربنا مالهاش حل الصهباء ديه
هتمنعنى من الدخول هدخلك وهجيب لك امك كمان فى ايدى كمان😂😂
من الاول قلت انى حاسة ان موت باسم ملعوب هو صحيح ماماتش🤔
ياترى يافهمى هتلحق تدخل دنيا والا يسر واعوانها هيخربوا عليه بسرقتهم للمحل
الغريب فى الموضوع ان تيمور اتغير180 درجة وبقى صالح كدة بعد كل الاعمال الفاسدة اللى اشترك فيها
الزفت مهاب ده مش هيجيبها البر واكيد هو اللى بلغ عن فرسان
مازلت منتظرة مشهد معرفة جواد بحملها اكيد هيبقى مشهد لوز اللوز😌😌

[Nora mohammed]

حضور صباحى
لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 11 والزوار 5) ‏Nora28*, ‏asmaefar, ‏الأسيرة بأفكارها+, ‏علا عبد المنعم, ‏رافع 2007, ‏Mmariem, ‏جنة محمود, ‏روح تائهةS.A.E, ‏بنت الملحس, ‏lolitaas, ‏امي احمد

[lolitaas]

جميييل جمييل جميييييل
تسلم ايديكى بس متتاخريش علينا

[الأسيرة بأفكارها]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

ههههههه فهمي تم طرده من المنزل لان والده قلق على شروق وهي أمانة في رقبته....وهو تفهم ذلك ووعده ان يبيت بمنزله انت رائع فهمي..........

..........

مبارك لكما فهمي وشروق سعيدة جدا من أجلكما.....في انتظار عقد قرانكما أعزائي...

............

أوووه ان العم ناصف يشعر بأن شيء سيئ سيحدث وهو السرقة التي خططت لها يسر أبعدهم الله وكشفهم..........

.............

ان تيمور يقوم بحراسة المكان فلا يعلم متى سيسرقون أولئك المقتاء...........

..........

هههههههه ناصف شاكس فهمي وكم أسعده تفهم فهمي له.......... وكم أحببت صبرك ومراعاتك لمازن فهمي الحمد لله عوضك الله خيرا..........

...........

رائعة أنت شروق لقد أخبرت فهمي كل شيء قبل أن تبدأ حياتكما الزوجية وهو تفهم ذلك أتمنى لكما السعادة................

............

كم أمقتك رحيل وراقني جدا كلمات والد سهر وسمر ومدافعته عن ابنته الرائعة........رحيل تمثيلك المقيت ذاك تستحقين عليه جائزة الاوسكار بالخبث والدناءة كم أود ضربك وبشدة.............

.............

كم يؤلمني حال سمر فهي تشعر ان باسم حي ولم يمت وكم اتمنى ذلك فهي تراه دوما.... ومن الممكن ان تكون حامل سعيدة من أجلك سمر وحزينة على حالك في آن واحد.....كم أنت رائع مناع بحبك وعطفك على فتياتك الصغيرات...........

.............

راااااائع انت جواااد لن تدع أحدا يؤلم أميرتك وستدافع عنها بكل تأكيد سعيييدة جدا..........

................

ههههههههههههه جسور لم تهتم بمنع الأمن لها بل قامت بالدخول واصدار ضجة أيضا آخذة والدته إليه هههههههههههههه أحسنتِ يا فتاة هكذا أودك دائما ...
ولنرى مالذي سيحدث بينهما ستكون مواجهة قوية...........

.........

سلمت يداك على الفصل الرائع ماما إيمي....

وفي انتظااااااار القااااادم بلهفة كبيرة جدا جدا.....

حفظك الله ورعاك.....

تحياتي وقبلاتي ومودتي لك حبيبتي...