15-02-19, 01:26 PM
| #681 | ||||||||||
| مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب  
|  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مش عارفة أول مرة اكون بالموقف ده منكم امس بابا تعب جدا فجريت اشوفه وبالفعل رجعنا للمشفى تاني ضغطه على جدا وده اثر على الكلى وخاصة ممنوع من حجات كتيرة ولا ادوية زائدة كلها بتأثر عليه المهم اليوم انا في البيت وبأمر الله وحده القادر على تيسير المور هيكون باقي لفصل معكم بالليل وان شاء الله بعدها هاحدد يوم انزل فيه الفصل معكم ليكون كامل حتى لا نكون في هذه المرجيحة مع بعض اعتذر منكم وياريت تقبلوا اعتذاري بجد امووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووه | ||||||||||
|  |
|
15-02-19, 01:33 PM
| #682 | |||||||||||
| مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| اقتباس:
ربما اكون ذات وجهة نظر سياسية وهذا ليس بخطأ وراشد وعائلته هم مجرد ناس طبيعين ليسوا بملائكة انما هناك منهم من اخطئوا والاسقاطات السياسة هي حقائق حدثت بالفعل لذا وجب المرور عليها هناك وجهات نظر متعددة للغاية وكل شخص خير يقابله شخص شرير لان الحياة هكذا حتى الأفراد جميعهم داخلهم خير وشر لا لست كما الأعلامين مع اني اقدر وجهة نظر الجميع والابواق المدافعة عن كل جهة وكل طرف كانت ظاهرة في الوطن كله لذا لم اذكر مكان خاص للرواية فهي عامة جدا تخص الجميع لا اتحيز لفئة معينة بل اذكر كل ماحدث امامي بالفعل فليس لي ان افرض رأي على احد شكراااااااااااااااااااااا ااا لنقدك | |||||||||||
|
| |
|
16-02-19, 12:02 AM
| #688 | ||||||||||
| مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| أنا ااااااااااااااااااااااااا اااااااااااا جيييييييييييييييييت ياقمرات ومعي جزء 3 من الفصل السادس وبأمر الله غدا هيكون الجزء الرابع كمان لي ملاحظة صغيرة حتى لا نتعرض لأي اتهام بفرض الرأي فيه جزء هو ضرورة لواقع سيفرض نفسه داخل الاحداث شخصية هتظهر في هذا الجزء لكنها ستؤثر على بطل من ابطالنا وهنشوف تطورات لذا كان لازم تسير بهذا الشكل شكرا لكم قبلاتي وأي اسقاط سياسي أو افكر تعبر عن وجهة نظر خاصة تخص بطل معين من أبطالي امووووووووووووووووووووووو وووووووه | ||||||||||
|
| |
|
16-02-19, 12:04 AM
| #689 | ||||||||||
| مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| الفصل السادس..ج 3 الصحراء الحدودية قابع في مكانه وكأنه هنا من آلاف السنين .. من يراه لا يصدق أنه هنا منذ أسبوع فقط منذ آخر إجازة فاللحظة هنا بأعوام كاملة .. ما زال يختنق من الحياة النظامية .. ربما إختناقه لكونه مضطر أن ينصت لصوت عقله الذي دأب على لومه في خصام أمه التي لم يملك القدرة على فراقها فذهب إليها في إحدى إجازته مقتنصاً غفرانها ولكنها رفضت العودة معه للمنزل ظلت تباشر حياتها الجديدة باتت أفضل بهذا المشروع الذي افتتحته في المنطقة الذي تطور فأصبح مصنع صغير للملابس بعد أن كانت تفكر في افتتاح مدرسة صغيرة لتعليم الفتيات.. عاد وحيداً.. وقتها شعر بالغربة داخل منزله الذي انتهز أبيه غياب الجميع ليحضر زوجته الأخرى وأطفالها لداخله فلم ينل راحته الذهنية .. نعم أخوته لكن هذه الزوجة لم يرتح لها ولا لوجودها .. صار يكره الراحة.. نظر لمكانه الفارغ إلا من الرمال وبعض الأجوالة مملوؤة بالرمال لحمايتهم من الرصاص الغادر هي برج المراقبة الذي من واجباته المكوث فيه بلا نوم ولا راحة حماية لحدود وطنه وحماية باقي أفراد الوحدة .. الحدود الصحراوية مترامية الأطراف .. الرمال الصفراء تحيط به من كل جانب كصفحة ذهبية براقة .. عندما تسقط عليها شمس النهار يتمنى السباحة داخل بحيرتها الذهبية .. انتفض عندما صدح صوت العريف بحدة عسكرية منبهاً :" إنتباه ". كان قد تراخى قليلاً وجعل السلاح جواره فعاد يلتقطه ليضعه أمام كتفه منادياً بقوة وهو يسدد النظر داخل منطقة التسديد بالسلاح:" أفندم ". صوته الصادح دليل على يقظته في هذا الوقت .. ما أن تحرك العريف ليمر على باقي أبراج المراقبة في الوحدة حتى استرخت كتفا خالد مكي وهبطت كفه .. مد يده داخل جيبه ينال علبة سجائره انيسته الوحيدة في هذا المكان الموحش .. ما زال غير راض عن وجوده هنا رغم أنه تعلم الكثير لكن هناك شيء يقتله هنا الصمت مع الذنب .. فض علبته وأخرج واحدة من سجائره .. أشعلها .. معترفاً أن وحدته أفادته كثيراً عندما بدأ يدرك مدى ما وصل إليه من خنوع .. كلما علم عن فتحي زوج ابنة خالته وكيف يقف جوار عائلته وكيف يحمي الجميع كل هذه المعلومات والمواقف جعلته يدرك الفارق بينهما وماذا رأت فيه أسما .. حتى عندما علم من أمه أنه طرد أسما لخلاف بينهما تألم ولكن ألمه لم يكن سوى ألم أخ على أخته لأنها لم تكن تستحق سوى الأفضل.. رفض فكرة التدخل عالماً أن أسما لم تعد له فلم يرد أن يزيد الأمر سوءً بينهما وبالفعل عادت أمورها تسير بسلاسة عندما حضرت عائلته وأعادتها.. وهذه أول علامات الرجولة التي كان يريدها أن تنتابه .. نعم أدرك أن أسما منذ طفولتها كانت أخته فقط ومن جعله يفكر بها كزوجة هي أمه التي بسببها فقد الأخت والصديقة الوحيدة في حياته.. لذا صار يشعر بالوحدة الحقيقية وكأنه وجد وحيداً في هذا الكون الشاسع، وكل مكان ينتقل إليه داخل حدود الوطن صار يقف فيه مدركاً أنه على أعتاب الجحيم ذاته بأي لحظة قد يباغتهم هؤلاء المخترقون الجدد للحدود .. أنماط أكثر خطورة على الوطن فكل من غادروه بالماضي تحت دعوى الجهاد عادوا مجاهدين مدججين بكافة أنواع السلاح ولكن هذه المرة لم يعد العدو هو من كان ضد الدين من بلاد غربية ولكنه صار كل من قال لا دين مع السياسة وكل من طالب بعودة أرباب الدين للدعوة فقط بل كل ما كان خارج ميثاقهم.. أطماع جديدة تفت عضد الوطن .. لكنه خلال الأشهر الماضية تعلم شيء جديد ألا ينظر داخل نفسه فقط .. أصبح كل ما يهمه بهذه اللحظات الذود عن تراب وطنه .. شيء لم يكن مع الولادة ولم تفلح أمه في زراعته داخله .. ولا أبيه كذلك قد نجح في جعل إنتماءه لعائلته شيء مقدس .. هذا الشيء نجح فيه شخص واحد فقط .. هو الضابط طاهر البيلي رجل جعل له الإنتماء حياة وليس هدف .. يضحي بذاته من أجل جنوده وليس العكس كما كان يشاع عن الضباط الذي لم يعرف أحدهم من قبل .. لكنه الآن بات يعرف أحدهم مدركاً أن الخارج قد يصدر صورة سيئة حقيقية لكنها فردية ليفت عضد الوطن في شبابه .. كان طاهر عندما يقف منادياً فيهم :" وحوش .. مستعدون ". يجعله يظن أنه أسد في الصحراء مستعد ان ينهش قلب أي أحد قد يفكر في الإقتراب منهم .. شخص فاق توقعاته فلم يصدق انه سيصادف مثله هنا في الصحراء .. شريف لأبعد حد .. بسيط بتواضعه يأكل معهم ويطلق النكات الساخرة على كل شيء حتى على نفسه ..تزداد قوته على مر الأيام.. يتعهد بالويل كل من يقترب من وحدته لديه يقين أنه على أبواب الجنة .. دائماً يهديهم قوله :" خلف هؤلاء العصاة أبواب الجنة أدركوها بالشهادة ". ارتعد فجأة جسده عندما هبط كف على ظهره في هذا المكان الخالي مما جعله يضع سلاحه في صدر من خلفه ، بدورة واحدة على عقبيه كان يسدد السلاح بينما الآخر يرفع يديه لأعلى فيرى ملامح قديمة قدم طفولته بالشارع الشعبي ولكن ملابسه العسكرية تماثل ما يرتديه هتف بصوته عندما تطلع جيداً فيدرك هذه الابتسامة الناصعة البياض :" بيشوي ناجي .. لا أصدق ". بلمحة كان يندفع تجاهه فيما هتف الآخر الذي ما زالت كفيه موجة لأعلى بمرح بهيج :" ابعد سلاحك يا خالد حتى لا تضغط خطأ فتقتلني ". أزاح سلاحه وعلقه على كتفه ثم اندفع بكل جسده تجاه الجسد الشاب :" لا أصدق أنك هنا دون عن كل الناس ". كان عناق أخوى بينهما وكأن كل منهما يتنسم رائحة الزمان الغابر في طفولة مفقودة بينهما .. عندما كانا طفلين يتحليان بشقاوة لا تنتهي.. بعد قليل جلسا متجاورين يتحدث بيشوي :" بالفعل لم أصدق وأنا أرى اسمك بسجل المناوبة هنا .. لقد انتقلت اليوم وطلبت من الرائد طاهر أن أكون معك هذا اليوم في مناوبتك ". لحظة مرت أثارها ذكر الضابط طاهر داخل عين خالد كأنها نوع من الترتيل أو التجويد .. شيء من إجلال أطلق بعده تنهيدة طويلة .. بعدها وضع كفه على الأرض وحمل حفنة من رمال راح يتنسمها بعشق هائم ثم عاد ووضعها بهدوء حريص وكأنه قد يؤذيها :" هذا الرجل جعلني أعرف قيمة كل حبة رمل من هذه .. غيرني حقاً". نظر إليه صديق طفولته القديمة معقباً بغير تصديق :" هل أنت حقاً خالد مكي .. خطيب أسما السابق ". اضطرب كانه لا يصدق أن كل الشارع كان يعلم بما كان يفعله بابنة خالته .. ارتعد خالد لذاك الاستنكار مدركاً كيف كان هو ليعلق عليه :" لا لست هو .. خالد السابق مات كلياً.. هذا الخائن قتل فور معرفتي العشق الحقيقي وبات الموت أحب لي من الحياة كنذل ". تعجب بيشوي من درجة إتقان الصدق بالعمق في صوته .. أستند للخلف على كثبة صغيرة من الرمال الناعمة :" منذ وفاة زوج خالتك وصرت شخص آخر .. أصبحت حتى لا ترد على سلامي فتركتك ". ثم أردف بجدية منذرة :" كنت قادم لأقاتلك ". نظرات خالد المستنكرة تلتها نظرة خزي تخللت روحه ليدرك بيشوي أنه عرف خطأه .. تعداه صوت خالد بهدوء معتذر :" آسف حقاً .. لحظة إنفعالي على أسما دفعت العم ناجي .. ندمت على هذا كثيراً وكم أردت المرور عليه لكني كنت خجل منه ". الصدق جعل بيشوي يبتسم فيجيب بهدوء :" لم أعلم ما حدث من أبي ولا من مريم .. بل من الشارع فصابر صبي المقهى لا يكف عن الثرثرة ". ابتسامات تحمل الخجل وتحمل المساندة أفادت كلاهما.. خمس دقائق بينهما أحدثوا تغير جذري .. جلسا يتحدثا معا بهدوء وذلك بعد ان صفيت النفوس :" أتتذكر بيشوي كيف كان لقاؤنا الأول ". ابتسامة واسعة افترت عن أسنان بيضاء تضيء في الظلام عندما يحل .. مما جعل خالد يهتف به :" هنا لا تضحك فابتسامتك هذه تعلن للعدو عن وجودك .. ما زالت ككشاف ضوء ". هتف الآخر وهو يسحب لأعلى منديل كاكي اللون معقود على رقبته فيخفي به فمه :" هذه الحيلة علمني إياها أحد الضباط كان يسخر من الضوء المشع بأسناني .. كان يقول الله معي سأموت بسبب أسنانك هذه .. أنا أجاورك يا رجل ستقتلني معك أنك تكشف عن مكانك بها ". ضحك خالد معقباً:" نعم هل اخترت الانتقام مني بقتلي اليوم لذا جئت تكشف للعدو مكاننا ". ضحكا معاً مستهينين بكل ما في الكون من مباهج هم على حافة الحياة يعانقون الموت .. سأله خالد بنوع من الحديث فقط الذي يخرج لقتل الوقت :"أين هذا الضابط الآن ؟!!". نظر بيشوي إليه نظرة لامعة بفعل عبرة تجمدت داخل عينيه حائرة أين طريقها ثم خفت بخشوع صوته :" لقد نال الشهادة ". حسرة نامت في عين خالد مترافقة مع صوت حسير من صديقه الذي يجدد معه عهد الصداقة :"كنا في مهمة علمنا فيما بعد أن الإخبارية هي كمين منصوب سيصيب أي أحد خرجنا وهناك علمنا بأن الموت هو المصير الحتمي .. لكن صديقي الضابط لم يتراجع وقف مكشوف الصدر عندما هم الإرهابي بتفجير القنبلة رمي نفسه عليه كل ما رأيناه أجزاءه تتناثر بكل مكان ورائحة لحمه المشوي دلفت لأنوفنا ملهبة قلوبنا جميعاً.. حمانا وفدانا بروحه وقتها صمدنا فقضينا على العدد الذي كان متواجد ليواجهنا ،وجمعنا أشلاء شهيدنا الضابط في سترة تخص أحدنا .. لكن هذا الساخر علمنا أن الرجولة موقف .. لم يكن يخاف الموت كان يسخر منه فقط حتى واجهه ببسالة وانتصر عليه بقوة ". نظرات خالد كمن يقتات على أبجدية أحرف جديدة جعلت بيشوي يكمل :" نعم الموت ينتصر على الرجل عندما يفر منه .. إنما مع من يلقاه ليعانقه يكون منتصر في معركته مع الموت ". هداه خالد صوت جاد :" هو حي عند ربه .. يكفي سيرته العطرة". "أراكما قد أصبحتما أصدقاء تتبادلا الأسرار " جسده الثقيل الرشيق اندفع ليجلس أمامهما كما هي عادته يتفقد كل شيء بنفسه.. هم كلاهما بالوقوف ليؤديا التحية العسكرية المعتادة لكل رتبة أعلى منهما .. ضحك بقهقة وهو يشير لهما قبل ان يتحركا هاتفاً:" هنا الموت لن يفرق بيننا لا جندى ولا ضابط .. هل مع أحدكما سجائر نفذت سجائري ". هذه أبجديات طاهر البيلي وسيظل محافظاً عليها حتى الموت . مد كلاهما يده لداخل جيبه وصار أمامه علبتان مستعدتان ليأخذ منهما .. أخذ من كل علبة واحدة وراح يضع أحدهما فوق أذنه معلقة والأخرى أشعلها من عود الثقاب المشتعل بيد خالد هاتفاً :" سأجعل الأخرى للمساء حتى يصل التعيين غداً.. كونا يقظين فاليوم أشعر به غير هادئ". وقف مغادراً المكان وهو يشير لهما ألا يتحركا .. كان خالد ينظر له بكل إحترام وكأنه ينظر لأبيه .. مما جعل بيشوي يسأله :" نظرتك للرائد طاهر نظرة تقديس ". التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 16-02-19 الساعة 02:02 PM | ||||||||||
|
| |
|
16-02-19, 12:05 AM
| #690 | ||||||||||
| مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| أجابه من فوره وهو يشير حيث سار :" هذا الرجل علمني ما لم يعلمه لي أبي ولا أمي .. جعلني أعرف أن كل حياتي السابقة كانت هراء .. كنت فيها أكبر خائن ". مسد الرجل الشاب جبينه منتظراً .. هذا بالفعل ما فعله خالد عندما تنهد ببطء ثم همس بصدق :" نعم خنت أمي عندما لم أعلمها بزواج أبي من أخرى .. خنت أبي عندما لم أواجهه بأخطائه وفضلت التلاعب به لأكسب منه ما أريد كنت أبتزه عندما يرفض لي مطلباً.. خنت خالتي بعد موت زوجها الذي كان أحن شخص علي عندما لم أقف بجواره كابن لها وأخ لبناتها .. خنت أسما عندما وافقت أمي أن أتزوجها لتكون مساعدة لأمي حتى لا أغادر جوارها تركتها تصارع أمي منفردة .. ضربتها وشوهت سمعتها بعد كل المطالب الظالمة التي طلبتها أمي .. وخنت وطني في كل هؤلاء .. ألست خائناً حقاً". عقد بيشوي يديه على ركبته المنثنية أمام صدره وهو يهتف :" ربما حان الوقت لنتعلم آلا نخون أنفسنا .. بعد ان تحولنا فجأة لقتال بعضنا البعض .. لم أصدق هذا إلا بعدما رأيته بعيني ورأيت قتالهم الشديد لنا ". تعجب خالد من بيشوي ليسأله :" لماذا صرنا على هذه الحالة ؟!!". أجابه بتؤدة تحمل يقينه :" التشدد هو السبب .. الوطن أهم .. يجب علينا أن نقتل التشدد بكل حالته .. لدينا أيضا متشددين وبشكل قاسي.. ". هتف خالد مجادلاً بذات الاتجاه :" لم أكن قارئ للأحداث ولكن هنا تعلمت الكثير .. يجب قبول الآخر هو كما كان يقول زوج خالتي رأيكم مشورة فلا نرفض أي مشورة ". أجابه بيشوي بيقين ثابت :" شر الأعمال تلحق بأصحابه عاجلاً أم أجلاً فالزمن لا يتجاوز أي شيء .. والظلام سينجلي والحقيقة ستعتلي الطريق بالضوء ". نظر لبعضهما البعض عندما دار الضوء عليهما من فوق البرج المرتفع فوق أعلى نقطة في الوحدة ليضعا همهما في مراقبتهما للمكان الذي أوشك على الظلام الدامس فقرص الشمس الدامي قد غطس ببحر الرمال الصفراء مخلفاً لوحة ربانية رائعة التكوين .. كان ظهر كل منهما للآخر متلاحمين مساندين لبعضهما كل منهما يحمي الآخر ..أن الحقيقة مهما غابت أو غيبت لابد لها من عودة .. والليل مهما طال ظلامه يأتي بعده فجر الأمل .. صارا جسدان صامتين يشردان في أول تعارفهما بالماضي ..وكأنهما تعاهدا على هذا بالفعل .. خالد في منزل خالته حيث كان شبه مقيم فرحاً بفانوس رمضان الذي أحضره له زوج خالته الصغيرة التي كانت دائماً تحمله لمنزلها وكانت أسما طفلة ذات شهرين من عمرها .. وقف بالقرب من رأس الطفلة الصغيرة وهو يدور بالفانوس ليري الصغيرة الفانوس :" ما معنى رمضان خالتي ". حمله زوج خالته ليهبط به أرضاً:" تعال هنا حتى لا تسقط على رأس أختك أسما فتضرها .. أنا سأجيبك ". هتف الصغير:" كنت أريها فانوسي ..نعم يا زوج خالتي أعلمني ". كان الرجل يعشق روح كل الأشياء فأجابه بهدوء ينجلي داخل عينيه بريق عشق :" رمضان هو الشهر الذي أمرنا الله فيه بالصيام له والقيام تعبداً.. ليعودنا الرحمة والخير والجمال في الأخلاق .. يكف في كل مسيء عن إساءته .. فيه تعفف وكثير من الحب ". كلمات لم يفهمها كلها بوقتها فهتف في زوج خالته :" يبدو رمضان جميلاً.. سأذهب لألعب مع أولاد الشارع بالفانوس .. سأريهم فانوسي الكهربي الجديد ". بالشارع بعد برهة ** من داخل نافذة منزله ..ينظر طفل جديد خجول للأولاد من نفس عمره بعيون بنية تحمل الأمل داخلها، فقد انتقل للشارع حديثاً منذ أيام قلائل مع عائلته لانتقال عمل والده إلى العاصمة بعد ان كان في إحدى القرى النائية .. سبب إنتقالهم للعمل هنا هو مرض أم حنا وهو أخو بيشوي الكبير جعل ناجي يطلب نقل عمله حتى يسهل عليه تمريض زوجته بإحدى المستشفيات الحكومية الجيدة هنا بالعاصمة .. جذب أنظاره واخترق قلبه الصغير مشهد ساحر للفوانيس والأناشيد التى يرددها كل الأطفال، بنات وصبيان،وهم يتمتعون بلعبهم.تمنى أن يمتلك فانوساً ففكر بداخله،سأطلب من أبي واحداً لألعب به مع أخوتي. اتخذ من مراقبة الأولاد منهاجاً يومياً له؛يحدق بهم وبفوانيسهم، ويستمع لأغانيهم الرائعة حتى صار يحفظها ويرددها بينه وبين نفسه.ولكنه لم يجرؤ على أن يطلب من أحدهم اللعب، حتى رأى طفل وجهه أبيض بشوش يذهب إلى فتاة صغيرة سقطت ويساعدها على النهوض. حادث نفسه، يبدو طيباً، سأطلب منه أن يشركني معه باللعب. تقدم متردداً خشية أن يقابل بالرفض، وإذا تم رفضه لن تكون سوى مرة من مرات عديدة قوبل بها بالرفض كثيراً ، إذاً لن تكون أول مرة؛ فهو لا يعلم لماذا أو ما يعيبه ليرفض الأطفال اللعب معه في القرية القديمة.شجع نفسه وليجرب حظه ربما تغير. "هل من الممكن أن ألعب معكم." نظر خالد ذي السبع سنوات لذلك الوافد الغريب الأسمر ذا الجسم النحيل الذي تضيء ابتسامته بطريقة راعت استغرابه ورد: "طبعاً ممكن اسمي خالد، ما اسمك؟" رد الصغير ذو السنوات الست: "اسمي بيشوي." ابتسم خالد قائلاً ببراءة :" اسمك صعب ولكن سأحفظه ". تدخل تيمور الطفل الكبير الفقير الذي تعمل أمه طوال اليوم وتتركه في الشارع حتى تعود :"أنت ابن العم ناجي الساكن الجديد في المنزل المقابل للحاج ناصف الصائغ ." هز بيشوي رأسه موافقاً: "نعم.. أنت تعرف أبي؟" تحرك أحد الأولاد من الخلف اسمه خليل متحدثاً بقسوة بعد أن هز رأسه رافضاً: "أنا أبي يعرفه وكان يتحدث عنه البارحة."ثم دفعه بقوة في صدره ليسقط أرضاً وهو يردد: "العب بعيداً، ابتعد بعيداً عنا." "لماذا! حرام عليك يا خليل." صرخ خالد بغضب وهو ينحني على الطفل الباكي ويربت على ظهره ليجعله يستقيم،وسط ضحكة شامتة من خليل الذي رد بجفاء: "اتركه إنه اربعة ريشة لا مكان له بيننا." الكلمة ليس لها معنى بقاموس مفردات كِلا الطفلين اللذين تجمدا، أحدهما دموعه تبلل وجه والآخر استفسار للكلمات الجديدة على أذنيه. فأردف خليل عندما استمر تعبير وجوه الطفلين أمامه بالجمود والوجوم: "يعني قبطي،مسيحي." رماها في وجهه كأنها سبة؛ فانصرف وهو يجمع أطراف الخذلان الذي مني به. تركهما خلفه يتجادلان، وصراخ خالد يرتفع: "وما في ذلك إنه دين السيد المسيح ،لا أفهم لما دفعت الصغير." فصرخ الآخر بشراسة: "يكفي إنه مسيحي." مسيحي...مسيحي...هل ذلك مرض أم ماذا؟ تموجت بداخله أسئلة من المعرفة الجديدة عليه. دخل على والدته يبكي جرحين، جرح أحدهما نازف بفخذه فقد سقط على حجر ناتئ بالأرض،أما الآخر ففي كرامته التي أهينت لسبب يجهله، وكلمة مسيحي تتخبط داخله بوجع. بعدما أدركت والدته ما حدث من طريقة سرده لها كل ماجرى جلست تفهمه :"المسيحية ديننا نحن نعبد الله بطريقتنا وداخلنا يقين بالحق والأخلاق ". ،واردفت لتفهمه أكثر ما تعني الفوانيس،إنها فوانيس رمضان.سأل وهو مذهول من الاسم: "وما رمضان؟" فأجابت والدته بهدوء حذر تخاف أن تفقد ابنها: "إنه شهر الصوم عند المسلمين." فاتبعها بسؤاله:"وما المسلمين؟" فاستمرت بالشرح لتفهمه الفرق بين الدين المسيحي والدين الإسلامي. همس لها: "انا معجب برمضان، فالإسلام يبدو مبهجاً في صومه." دخل والده قائلاً عندما سمع الحوار من وسط منزلهم البسيط، فقد كان يجلس على الكنبة العريضة قريبة من الغرفة المتواجدين داخلها:"بل صيامنا أفضل، صحيح إننا لا نمتنع كلياً عن الطعام ، لكننا نأكل ما لا روح فيه ونشرب الماء، ونمتنع عن كل ما يطيب لنا في المأكل والمشرب، ونصوم أيام أكثر تقارب الشهرين تقرباً لله؛ أما المسلم، لا يأكل أو يشرب من الفجر للمغرب، ويصوم شهر واحد هو رمضان فقط." وربت أبوه على ظهره بطريقة تحذيرية تحمل التهديد في طياتها.قام يدخل عند أخوه الكبير ليلعب معه وهو يفكر بين الكلمتين التي أوضحتهما له والدته، وفي رمضان ذلك الشهر المبهج الذي هو أفضل من أي عيد من الأعياد. كان كلما مر بالمسجد ازداد إعجابه بمظاهر ذلك الدين، فكان يطل على المصلين داخل المسجد يتلصص على وقوفهم متحدين في صفوف. كانوا بالنسبة له كجنود خلف قائدهم الذي يؤمهم في الصلاة.وعلم الفرق بين الصلوات وأنواعها، واعجب بصلاة التراويح والقيام. فكان يسمع تلاوة الشيخ للقرآن، وإلى خطبه ومواعظه؛ وعلم إن المسلم من سلم الناس من يده ولسانه، وعلم إن المسلم يعمل الخيرات ويعظم مكارم الأخلاق، كما يأمرهم السيد المسيح ..وعلم إن المسلم والمسلمين والإسلام معناها واحد وهو التسليم لله...فكان دائم السؤال ولا يجد إجابة تشفي فضوله. ذات يوم سمعته جدته مريم أم أبيه المقيمة معهم وهو يجادل والدته عن رمضان، فقالت بحدة:"ستضع رأسنا في الوحل يا حفيد مريم، أنت قتلك أرحم." ونصحت أمه بل أمرتها: "عمديه قبل أن يلحد." ردت والدته بشيء كان يجهله: "عمدناه يا أمي مريم بعد ولادته." فردت جدته بذات الحدة: "عمديه مرة ثانية." وقتها فقط علم إن العداوة هي الخط الرفيع الذي يسير عليه، فحتى جدته مريم الرحيمة عليه شعر أنها تفضل قتله، لماذا؟ لا يعلم؟ وزادت مرادفاته بكلمتين جديدتين، الإلحاد والتعميد.ففضل أن يظل معجباً سرياً برمضان وصار ينتظره كل عام ليسبح في أجواءه ورهبته ومشاعر لا يستطيع تحديدها والإمساك بخيوطها داخله، ولكنها تشعره بالراحة والطمأنينه. ابتسم بداخله لقول سمعه من إمام المسجد الذي كان زوج خالة خالد صديقه السري وهو يردد بابتسامته الهادئة لخالد يوماً، إنه رمضان. وكأن الاسم كافي لكل جميل ورائع. اسم شارح وافي لكل مبهم داخله، إنه رمضان. كان زوج خالته دائماً يقدم الحلوى له وللأطفال بعد الصلاة وعندما استفسر منه خالد :" لماذا تعطي بيشوي حلوى وهو لم يصلي معنا ؟!!".. يجيبه زوج خالته مربتاً على رأسه :" كل إنسان رسول .. يجب عليه أن يقدم نفسه بأفضل ما فيه من أخلاق ورحمة .. الله لا يضره إيمان شخص أو كفره .. سيحاسب الجميع على هذا يوم القيامة .. لكنه يؤكد على البر وهو حسن الخلق مع الجميع .. وقد كان رسولنا ذو خلق عظيم يجب أن نتخذ مواقفه آسوة لنا .. إياك والتشدد في أي شيء .. كن وسطياً فخير الأمور أوسطها ". لماذ لم يكن كزوج خالته وكبر مثل أبيه مكي .. كلما تذكر زوج خالته لام ذاته أكثر .. مرت أعوام شب فيها بيشوي عن الطوق، ودخل المدرسة الإعدادية ينتظر رمضان بلهفة... وجاء رمضان.بل جاء رمضان سيئاً حزيناً بطعم المرارة يرتدي سواد الحداد، عندما تم تفجير الكنيسة التي كانت جدته تصلي بها على يد مسلمين.صرخ لا...المسلم لا يقتل كما كان شيخ المسجد يردد وهو يستمع له سراً... كيف قتلوا بشر وهم مسلمين... إذاً هم ليسوا بمسلمين... لا إنه الإسلام... هو السيئ... دين القتلة دين الإرهاب. أليس هذا ما كان يردده العم ميخائيل، ابن عم أبوه المهاجر بأمريكا والذي كلما حضر، ليس له سوى تكرار كلمة الإسلام دين الإرهاب حتى ضج منها بيشوي، ووجد نفسه يفتخر بمسيحيته، وصار كلما قابل أحداً ويتعرف عليه يقول: "أنا بيشوي ناجي، مسيحي."حتى لا يقابل بالنفور من عدم معرفة دينه، مثلما حدث مع خليل، وشعور داخلي أن الإسلام موصوم بعار الدم...ملوث بدماء الإنسانية... بعد أعوام كثيرة أبتعد فيها خالد عن الشارع تدريجياً وخاصة بعد وفاة زوج خالته .. سمع بيشوي عن الجيش والخدمة العسكرية عندما كان أنهى الشهادة المتوسطة بالمدرسة الصناعية .. فقد أعفي اخيه الأكبر منها لكبر سن أبيهم ناجي ووصل للستين .. سافر أخيه حنا بعد حصوله على شهادته للعم ميخائيل ولم يعد .. أما هو فقد ذهب لأداء الخدمة العسكرية .. هكذا علم أول قوانين الخدمة .. سيظل بها عامين كاملين .. كان بالماضي يتآوه ليحصي الأيام لينهي هذا العبء ولكنه جعل هناك أفاق جديدة أعلمته أن العيب ليس بأي دين ولكن بالمستفيدين منه .. هناك متشددين بأي ديانة وهناك معتدلين كذلك .. كزوج خالة خالة وكأبيه الذي كان يتعامل معه بتفهم محذراً لكنه متفاهم .. كان يتمنى أن يكمل تعليمه ليحسن حالته ويحصل على عمل أفضل من هذا المعرض الذي فتحه أبيه ليعينه على الحياة وخاصة بعد وفاة أمه التي أخذ مرضها كل ما يملكونه من مال حتى معاش أبيه كان قد استبدله لمواجهة الأعباء المالية لمرض أمه .. هنا بالجيش وجد من ييسر له الأمر عقيد كتيبته اسمه محمد البنان .. قيده في إحدى المعاهد الهندسية التي تمنح شهادة يستطيع عن طريقها ان يكمل دربه لإحدى كليات الهندسة.. هنا تعلم أن لا تفرقة .. كلهم حماة للوطن ومن يموت يكون شهيداً.. بعد الخدمة الإلزامية تطوع هو ليكون فرد دائم بهذا الكيان الذي شعر أنه يد الوطن الحانية .. ها هو بعد ست سنوات كاملة من تطوعه يعود فيعاني مرة أخرى مع مفردات التفرقة بين قطبي الوطن .. ارتبك الوطن بثورة منتفضة أطلقوا عليها الربيع العربي .. ثورة عظيمة على كل المفاسد ولكنها بأهدافها النبيلة وجدت من يستفيد منها ويعتلي صهوتها .. مع بلاد لا تتعافي أبداً.. تئن تحت وطأة الفقر والجهل والمرض .. عادت مرة أخرى همهمات بالتفرقة وصار يسمع لفظ كتابي .. وآخر مرة ذهب لإجازته كاد يخرج للقتال مع من وقفوا لأخته وأبيه وكادوا يغلقون لهم معرضهم أو يكسرونه .. بدلاً من حماية أهله عنه .. كأنه هنا يحمي أشخاص آخرون غير أبناء وطنه .. لم يدرك الجميع بعد أن الخلافات جميعها لا تخدم سوى أهداف دولة واحدة زرعت بيننا بوعود أجنبية فصارت كيان يدق ممصاته الأخطبوطية داخل كل أراضينا كيان يعتنق الصهيونية .. هتاف حاد اخترق الصمت فجأة ترافق مع صوت رصاص أمطرت به السماء ليجعل الجميع في حالة تأهب .. لم يأخذ الارتباك سوى لمحة من عمر الزمن الفاني .. صدح صوت خالد :" هذه أشهر فضيلة كيف يهجموا اليوم .. ما أبشعهم ". كان صوت الرائد طاهر الذي اندفع متجاوراً معهم :" الحرب حرب .. لا توقيت لها .. هيا اندفعوا لداخل الوحدة سأحمي ظهركما ". كان يدرك بإشعار خفي يلوك قلبه أن هناك شيء رهيب سيحدث. رفع خالد رأسه لأعلى فنظر سيارة جيب مكشوفة مثبت عليها مدفع ويتقافز منها رجال ملثمون بالسواد .. كانو يطلقون الرصاصات الغادرة في كل مكان .. بالمقابل كان هناك رصاصات تنطلق من داخل الوحدة الكل يدافع عن مكانه .. عن عقيدته .. بعد لحظات مريرة انفجرت الجيب بسبب جندي تسلل إليها ليفقد العدو أكبر قوة يحملها في هذا المدفع .. هاجم الرجل المتحكم بالمدفع ، فلم يعد هناك فرق بين الشخصين داخلها، صارت لهباً متصاعداً للسماء... لله وحده من بيده الحساب والميزان، العدل الحق بالقسطاط، إنه رب الملكوت ورب الأرواح طيبها خبيثها، بيده الحساب وإليه المرجع... الجثث تتناثر كلما مرت لحظة من الطرفين تتساقط .. ونداء الفريقين الله أكبر .. لوحة حزينة لما شققنا به الصف باستخدام الدين .. لنكون أعداء له أكثر ممن يعادونه من الخارج .. صرخ في الرجلين خلفه :" هيا بسرعة للوحدة .. لو استطاعوا أسرنا لن نسلم من التعذيب لينالوا معلومات .. هيا بسرعة ". كان خالد يصر على البقاء متجمداً في مكانه وبيده سلاحه لا يكف عن إطلاق الرصاصات تجاه من احتموا بهيكل السيارة المشتعلة :" دعني معك سيادة الرائد ". صدح صوت طاهر به وكل همه هو تأمين خروج مجنديه فقد أدرك أن الوقت ليس لصالحهم:" هذا أمر يا دفعة ". سحبه بيشوي من يده :" هيا خالد هناك واجب يؤدي .. الرائد طاهر في عناية السماء ". هرولا للخلف حيث الوحدة فمكان خدمتهما كان بخارجها بعدة أمتار .. تعثر بيشوي بجثة أحدهم فسقط عليها .. مما جعل خالد يهتف فيه وهو يسدد السلاح في محاولة لحمايته :"قف هيا .. ". نظر له بعد أن حدق في وجه الرجل المسجى من خلال الضوء الذي يطل من خلال الأضواء المعلقة بأسوار الوحدة ثم هتف بجدية :" هذا العريف ..لن نتركه خلفنا هو مصاب ". كان يقبض على ملابس العريف ويجره جراً على الأرض يجذبه بقوة حتى يأخذه للداخل .. صدح فيهم صوت طاهر من الخارج حيث هو بقوة مقهوراً :" أدخلا.. هناك خيانة .. يعرفون أماكننا بالتحديد ". كان خالد محتار أيعود لطاهر أم يدفع بيشوي للداخل .. بلحظة فارقة .. وجد بيشوي ينفعل واقفاً ويدفع خالد ليهبط على الأرض فيتلقى هو رصاصة بديلاً عنه .. انتفض جسده وسقط مكانه فوق العريف المسجى .. مال عليه خالد جاذباً جسده ليأخذه للداخل ..أعقب هذا خرج بسرعة أفراد من الوحدة يسحبونه للداخل .. وكذلك وقف خالد بسرعة يهرول مع زملائه .. كان الرصاص يتطاير في كل مكان حولهم ..بالنهاية احتموا خلف أسوار المكان .. ونظموا أنفسهم بأوامر الضباط وظلوا يدافعون عن مكانهم رافضين الهزيمة .. دقائق فارقة .. دلف للداخل آخر الجنود وجميعهم يذكرون أمر الرائد طاهر لهم بالدخول للمكان .. أخيراً تم الاتصال بالقيادة العامة للمنطقة الذين سيتولون هذا إرسال نجدة لهم ثم فجأة توقفت الرصاصات المعادية .. أعقبها سماع أصوات سيارات بالخارج دلالة على نهاية الهجمة .. الموقف كان قاسي على خالد الذي وقف بالقرب من مدخل الوحدة الحجري .. يبحث بعينيه عن رائده الذي غير معالم حياته مسبقاً والآن ضحى بنفسه حتى ينقذهم.. ينتظر الرائد طاهر .. يسأل الجنود الذين دلفوا بآخر دفعة :" أين الرائد طاهر؟!!". فلم يحصل على جواب شاف كل شيء يجعله يفقد عقله .. لأول مرة يشعر بدمعته الحارة تهبط على أحد .. دمعة لم يذرفها على أبيه عندما غادر المنزل .. دلف أخيراً أحد الضباط يعلن أن كاميرات المراقبة رصدت خطف الرائد طاهر البيلي من قبل العناصر الإرهابية .. لحظات كانت هي أهم ما لدى خالد .. لام نفسه ليته ما استمع إليه .. كان يجب عليه العودة معه .. عاد ينظر للداخل بجدية هناك آخر أنقذه ونال عنه الرصاصة .. دلف حزيناً للداخل .. وجد شفاه سمراء تحتها أسنان بيضاء تتحدث :" دعوني أنا بخير رصاصة الكتف لا تقتل .. افحصوا غيري ".. رفع خالد له كفه مستسلماً وبدأ يمد يديه لمن يحتاج عونه .. في التصدي للموت الكل سواء .. لا لون ولا دماء مختلفة .. كلها دماء لأبناء وطن واحد .. كان يحمل الجنود المصابين مع زملاءه .. بينما بيشوي يبتسم .. يشعر بطعنة في جانبه تحت ذراعه الذي أحكم زملائه ربطه حتى لا ينزف كثيراً خاصة الرصاصة لم تستقر في كتفه خدشته فقط ..ظل يسند بذراعه السليم مصاب آخر وكأن أبجديات الموت علمتهم الإستهانة بكل شيء في الحياة فيهدر فيه خالد بسخرية :" أغلق فمك .. هي أسنانك البيضاء هذه ما كشفتنا ". ضج بالضحك لحظات حتى توقف بغتة منادياً بصوت واه:" خالد ..". صوته جذب صديق طفولته ليحضر متلهفاً:" بيشوي ما بك .. قلت إصابه الكتف لا تقتل ". مد بيشوي أصابعه تحت إبطه متسللاً بها للخلف قليلاً ثم عاد بها مبللة بدكنة قرمزية متحدثاً بوهن :" ولكن إصابة الظهر تقتل ". كان يسقط على ركبتيه فلم يدرك الصدمة في عيني خالد الذي فقد بسمته تدريجياً وكأنه يستوعب ببطء عقل غليظ الفهم.. يرى صديق الطفولة يهوى أمام عينيه وكأن الشجاعة التي كان بها هي مجرد تشبث بالحياة بما يعرف بحلاوة الروح .. أطلق ساقيه للريح يهوى جوار صديقه يتفحص ظهره الذي استحال للون الأحمر بدل من اللون المعتاد للبذات العسكرية .. حشرجة تصدر من بين أسنان بيشوي وأنفاسه الطريدة من داخل جسده تهتف بحب الوطن مهما كانت مشاكله سيظل في عيون من يحمونه أجمل وطن .. نظر خالد لمكان الشظية التي استقرت في جانب بيشوي وهتف بالجميع :" كيف لم تلاحظوا هذه الشظية ". سؤال يطرحه على ذاته أكثر من الآخرين .. ظل ينادي على صديق الطفولة الذي اعاد ليحميه من الموت :" أبق معي .. لا تذهب .. الإسعاف قادم ". لم يصدر عن بيشوي سوى همهمات التقطتها آذان من حاولوا مساعدته بجوار خالد :" مريم .. مريم ". كان يهتف باسم أخته وكأنه يوصي بها الجميع .. صرخ خالد وهو ينظر للجسد الساكن بين يديه .. ثم هتف :" آآآه يا ابن بلدي .. الدم واحد ". لأول مرة يرى مقولة الدين لله والوطن للجميع هي حقيقة ماثلة أمام عينيه .. تطبيق للحياة .. من سيحاسب الجميع هو سالب الروح ومحيها .. أما الوطن وجب على كل شريف حمايته من أبناءه قبل أعداءه .. مهما كانوا فالوطن لا يقسم لفتات .. ******************* التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 16-02-19 الساعة 02:03 PM | ||||||||||
|
| |
 |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
2Likes
.png)
العرض العادي
