آخر 10 مشاركات
أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          " بين الصمت والهمس ...حكايا تروى " * مميزة * (الكاتـب : همس القوافي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          للحب, الشرف والخيانة (101) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة* (الكاتـب : سما مصر - )           »          قيود ناعمة - ج1سلسلة زهورالجبل - قلوب زائرة - للكاتبة نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          رهين الشك - كارول ويستون - عبير دار الكنوز [حصرياً على منتديات روايتي] (الكاتـب : Andalus - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: الثاني الشبابي الذي احببتوه ؟ والمفضل لديكم ؟
ملاذ و ايوب 30 71.43%
شهم وسراب 11 26.19%
ديالا و امجد 1 2.38%
المصوتون: 42. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree34Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-03-20, 02:33 AM   #41

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي


الفصل السابع

"إلى غرفة العمليات "
دقات قلبها باتت تقفز صاخبة عن معدلها الطبيعي .... ركضت ديالا مندفعة.... لاهثة ... إلى غرفة التبديل.... تُجَّاري بسرعتها الريح العاتية
لا تدري متى وصلت ... ؟ وكيف وصلت !
لا تدري حتى كيف نزعت ملابسها التي عليها و متى ارتدت زي العمليات الخاص "بالدكتورة ديالا" ....!
كل جزء من الثانية تتأخر به يجعلها ترتبك و تغضب لأنه قد يودي بحياة إنسان ... وهي من سخرت نفسها و روحها وتحملت لأجل الإنسانية التي لم يستولي عليها جبروت مؤيد ...
جرت بالممر مرفرفة .... ومع ذلك شعرت أنه طويل رغم قربه ... يلاحق جريانها أحد الأطباء الأكفاء بالمشفى ، موازٍ لسرعة ساقيها المنطلقتين ..... هامسًا ببعض الكلمات التشجيعية ... بأنها على قدرٍ من تحمل المسؤولية لتنقذ قلبًا أخر ... فيضاف لقاموسها الطبي المرموق و المخطوط بنجاحاته نجاحا آخر !
جمعت ديالا شعرها و رفعته كُليًا للأعلى ....
لتدخل إلى الغرفة وتجد مراهقًا ممددًا على سرير الطبي
هرولت إليه ... تجاهد لتفحص جسده .... وتقيم حالته ...
توقف الطاقم الطبي ليطالعها بذهول و أسارير منفرجة .... ينظرون إلى سرعتها لفحص المريض ... إلى حاجبيها المعقودين ... الى كل جزء من أناملها يهرول معها و يتحرك بخفة ... عازفة على قلبه لحن العودة إلى الحياة !
صدح صوت الممرضة بغتة لتربك إندفاع ديالا وهي من تكره الثرثرة أثناء عملها الحساس ... لتقول لديالا وهي تراقب المؤشرات الحيوية للمصاب ..
" مؤشراته سيئة للغاية..."
تأففت ديالا غضبًا ..... لكنها لم تصدم احدًا و قد أصبحوا بداريةٍ تامة .... عن ثورتها الغاضبة بكل حالةٍ حرجة تستقبلها .... باشرت إحدى المسعفات التي كانت معه بالطريق لقراءة معلوماته بشكل عملي متسارع
" تعرض المريض لعدت طعنات و صلت للقلب .. وصوله إلى هنا على قيد الحياة يعد معجزة "
نفضت ديالا رأسها لترمي اي خيال لتوتر قد يربكها
لتسمع صوت صفير جهاز القلب محذرا .... نظرت إليه بوجل لترى أن النبضات انخفضت عن المطلوب أي أنها ستخسر المريض حتما....
" ملقط"
تابعت البحث بين ندوب قلبه الجريح عن مصدر النزف لوقفه ... اليأس بعد لحظة بدأ ينال منها ... توقف نزيفه لكن حالة المريض سيئة ..
نطقت ديالا بصعوبة ... وهي تستمر بعملها و قد باتت ستستسلم
" تبقى معلومات أخرى ؟ "
لتقول الممرضة بيأس
" تأخر أصدقاؤه بالإبلاغ .... وهذا ما زاد من حالته حرجًا"
ازداد تعرق جبين ديالا الذي استمر ... ليقول الطبيب بصرامة وحدة
" لا ترتبكِ "
زفرت ديالا بإرهاق ... وهزت رأسها تأييدًا .... عارفة بأن كثرت التوتر له عواقب وخيمة ستعيق عملها ..
تنفست بعمق ....واستمرت إلى أن استمعت إلى صفير الجهاز مجددًا .... هنا بدأت ديالا حقًا تشعر أن قواها البدنية خارت تماما ....
التفت الطبيب الذي معها إلى الممرضة أمرًا
" لقد فقد الكثير من الدم... احضروا خمس وحد إضافية "
... عندما عاد صوت الممرضة ملبية و هاتفت المختصين بالأمر سريعًا
" نريد وحدات دم تقيد بإسم المريض أمجد نظمي "
.... بينما الطبيب يراقب المؤشرات أعلن بوجل عن توقف القلب لدى
" أمجد "
اما ديالا توقفت مصنمة تنظر إلى وجهه الأبيض
الى جفونه المفتوحة .. و عينيه اللامعتين توسلًا ليعيش ...
همست و قد توقفت يديها عن العمل .... بلحظة سلبت عقلها وهي ترى تخطيط القلب أصبح كخطٍ مستقيم ليعلن توقف حياته .... .
افلتت منها همسة ملتاعة " أمجد "
صوت الصفير لتوقف القلب
جعل ملامحها تكفهر .. وعقلها يرفض بجنون موته .... أما قلبها أضحى ينزف ألمًا بنزيف قلب " أمجد " الذي أمامها ... و بين يديها الخائبتين .... طافت نظراتها الجريحة... لتتوحش وتناديه بأسى
" أمجد "
عزمت ديالا وقد عادت لتحرك
يديها تبحث عن حل ٍ ما
ولسان قلبها يحثها لإنقاذه مجددا
همس الطبيب الخافت وصلها فأرعش أوصالها
" لقد فقدناه .... "
أمسك رسغها لتدفع يده و صرخت
" سأنقذه.... لن يموت أمجد وانا هنا "
تبحث بين ثنايا قلبه .... على بصيص أمل كي يعود خفقان قلبه ... تتحرك نظراتها كالممسوسة ... و العرق يتفصد جبينها الملاصق بخصل هاربة من شعرها .... عيناها الغائرتين ... متسعتين بتأهب ...لكن الطبيب أمسك رسغها مجددا .... موضحًا الأمر بحزم
لكن المواضيع اختلطت ..... و تداخلت المواقف برأسها
لا تشعر سوى بقيد مؤيد يكبلها
لتجن وتتلوى روحها المعذبة فداءً لأمجد .....
تمتمت هامسة بإصرار وقد فقدت أعصابها رغم تعبها
" سأقف لك يا مؤيد ... لن أسمح بموته "
بعد لحظات قليلة
همست لذاتها البائسة ..." ثم ماذا الآن ؟"
.... لازال القلب متوقفا رغم عملها كل شيء تعلمته بدراستها للطب بدقة
الجميع يحاول ثنيها عن المتابعة !
يهمسون بنظرات بعضها عملية و أخرى متعاطفة لاصفرار وجهها الشاحب
"لن تقفي بوجه قدره ... توقف القلب"
هزت رأسها رفضا ثم لجأت لصعق قلبه ... تتوسله برجاء ...." هيا عد "
تتذكر وجه حبيبها " أمجد " .... تتذكر ابن عمها الذي لطالما أثبت احقيته بملكيتها ...
دفاعه ..... وعيناه اللتان كانتا تضخان بأوردتها " أملًا ورديًا " ... وذاك اليوم الاسود ... يوم سفره هاربًا بابنة مؤيد .... وهي خوفًا عليه أمسكت بجناح الغراب الحالك... قشة نجاته ... كانت كفيلة لتغرقها هي ... و تقحم بعالم اسود .... إن أغمضت عينيها أو فتحتهما لن ترى إلا السواد الدامس

ودون وعي همست كالأموات
" يالله خسرته...."
لتخر على الأرض ساقطة بإنهاك مع عودة قلب أمجد للحياة

************************

قلبت سراب عينيها بضجر ..... سئمت من تنشق ابنة عمها الناحب ...
كانت ملاذ جالسة على السرير ... ترطب يديها بحذر ... تتلمس خدشًا صغيرا... يكاد لا يرى... وتبكي.... !
لقد بدأت سراب بالتفكير فعليًا بضربها ... عسى أن يشتد عودها اللين !
حسنا كان الأمر مرعبًا
ووقعه جللًا على فتاة مثلها ...
لكنها منذ ساعتين و أكثر تبكي كالبؤساء منذ عودتهم... حتى بعد أن استحمت وقفت أمام المرآة … تشزرها بنظراتٍ حادة ... مؤنبة .. وتحملها الذنب باهتياج الفرس وكأنها حرضتها .. !!
أما سراب جالسة على الكرسي تسند كوعها على ذراعه و وجهها بسبابتها .... ترد على نظراتها بنظرات مملة من عرضها الدرامي
دخلت نهلة زوجة عمها إلى الغرفة .... فمسحت ملاذ عيناها و ابتسمت برقة...
فبدت رقيقة أكثر بانفها الأحمر اللامع ...
لتضع نهلة شرابا ساخنًا ...
توصيها بأكله حتى يمد جسدها بالحرارة و القوة …
لكن سراب ثارت من هذه الحركات الهزلية
فهدرت بها غاضبة بسخط
" ألم تكتفي ؟.. بكاء و بكيتي
… و استدريت عطفهم .... متى ستكبرين يا ملاذ وتتخلي عن هشاشتك المقرفة …. أقسم أني سئمت من هذرك …هذه ليست رقة بل إنها .... إنها ضعف "
فغرت ملاذ شفتيها..... تستمع لتقريع ابنة عمها الموجع ...
و التي مزقت شغاف قلبها المرهف ....
ترقرقت عينا ملاذ بالدموع .... فارتفع احمرار وجه سراب لحالتها التي تكره .....
'تبًا الدموع مجددا '
شهقت ملاذ ثم قالت بإختناق
" انتي قاسية "
صمتت سراب ... وهزت رأسها مستفسرة بعينين يتطاير الشرر بهما
" ماذا قلتي ؟؟؟ "
اقتربت منها وجلست على السرير ... لتقول بعلياء وتكبر ...
" ألا تظني أنك من هي لينة بشكل زائد.... انظري إلى كفي ... انظري "
لتتبع ملاذ كفها قبل أن تشكلها إلى قبضة قوية
" انتي هكذا تماما.. ليونتك تجعل الجميع هنا و بالخارج ....يشكلك بقبضته على أهوائه... "
رفعت سراب ذقنها ... وهي تنظر لعميق عينيها السوداء
قائلة بفظاظة
" لكن قسوتي لا تُشكل ... بل حصينة... و مترسة جيدًا "
حركت ملاذ شفتيها بارتياع حقيقي... لكنها تشجعت لتقول بدفاعٍ واهي
" لكن القاسي يُكسر "
ابتسمت سراب بسخرية ..... " صحيح يكسر لكن من شخص واحدٍ مثله ... وليس من كل أحد "
وهنا اشتعلت عيناها ليختلط لون عينيها النرجسية بنيرانها الثائرة... بينما ملاذ اخفضت نظراتها هاربة بعيدا عنها !
عندما توقفت سراب مغادرة ... قالت ملاذ بفضول... وهي تسأل حتى تختلق حديثا لا يجعل ابنة عمها تقلب عليها
ناقمة ..
" سراب من هذا الذي أنقذني "
استدارت سراب ببطئ .... مفكرة بسبب سؤالها المباغت …
'تبا هل تفكر بأيوب'
لتقول وهي تحاول سبر اغوارها لتعترف ... كعادة سراب و أسلوبها مع الجميع
" ابن خالتي .... "
صمتت قليلا لتقول بفضول أكبر ....
" ولماذا قلتي اسمي الحقيقي ؟ "
اخرجت سراب صوتا متفهما من حلقها ... لتعود لجلوس أمامها .... ثم اقتربت منها ... تقابل وجهها لتهمس كمن يأتمن سرًا
" إياكِ و ان يعرف أحد ... ابن خالتي ... به شيء غير طبيعي … لقد حاول قتل امه "
شهقت ملاذ برعب حقيقي لتقول بلعثمة
" ماذا ؟.... أقصد.... لماذا؟"
إلتمعت عيون سراب دهاء و خداعًا أرعن ...
" لا أدري ! .... كثرت الأقاويل... البعض يقول أنه "
صمتت .... وهي تضحك ساخرة بداخلها .... من الرعب الجلي الظاهر على قسمات وجه ملاذ المنتظر !
مدت اصابعها ، فلمست بغيظ شعرها الاسود الناعم
"أنه مصاب بالمس من جنية بشعرٍ أسود ... "
صرخة خوف أفلتت من شفتي ملاذ الرقيقتين ... لتسكتها سراب
" لذلك .... إن حصل و رأيته لا تتكلمي معه .... احذري "
هزت رأسها نفيا قاطعا ...
" ابدا .... ابدا …لن أتكلم.... سراب انا خائفة "
مطت سراب شفتيها .. لتقول بنبرة باترة شديدة الوطئة
" حسنا الآن فهمتي ما السبب .... لذلك اخبرته أنك من عائلة فقيرة .. حتى لا يلقي بالًا بكِ ... "
زفرت ملاذ... تحمد الله أن سراب لحقت بها ... قبل أن تجيبه هي كالغبية!
تابعت سراب بقوة ... قائلة بحذر ... وقد سدت الثغرات المتبقية من قصتها المختلقة
" لو اخبرته اسمك أريام و ابنة من انتي ... كان سيلتصق بك حتى يصب لجام جنونه عليكي "
ارتفع صدر ملاذ و انخفض بخوف
" أرجوك يكفي .... سيتوقف قلبي .... انا الآن أحسد شعركِ الأحمر "
و ما إن فتح باب الغرفة فجأة لتطل جدتها حتى قفزت ملاذ كقطة مجفلة ملتصقة بسراب … ثم عادت لجلستها الطبيعية .... عندما احست بتصلب جسد سراب همت جدتها لاحتضانها فتشبثت بها .. و أسندت ملاذ رأسها بتعب على كتفها
…. ابتسمت سراب بظفر ...و اقتربت من جدتها الملتاعة على حال ملاذ.... التي تظنها انها مرتعبة من حادثة الخيل …
وقفت برشاقة الفارسات …. ثم سارعت لتقول بسخرية
" هزيها على قدميك ِ يا جدتي كما كنتي تفعلي لها..... حتى تسكت وهي طفلة "
وغادرت الغرفة مطمئنة وقد وصلت لما أرادته .. !

**************************

أصوات الرصاص بالغرفة.. يتردد صداها بصخب
ما أن يفرغ مخزن سلاحه ... حتى يباشر بتعبأته بمهارة من جديد
بغرفة مربعة الشكل
تبدو كئيبة بجدرانها المطلية بدرجات البيج الباهت يسكن بها بعيدا عن كل أحد...
لا يهمه سوا أن أمامه هدف واحد .. واحد فقط
ينظر إليه بعين واحدة ليطلق بتركيز و سرعة

" لن ينسى صاحب الحق حقه و لو بعد حين "

رفع دمية كبيرة على شكل فزاعة خشبية .... وأعاد التصويب نحوها بنجاح !
صرخ بزئير النصر .... وقد ارتاحت أعصابه ليجلس على الأرض و صدره يجرش كالطاحون من التعب... يرتفع وينخفض بشدة ...
سمع صوت أزيز هاتفه ارتفع ... ليكفهر وجهه عندما رأى رسالة .... عتاب و توبيخ من عمه !
" كبرت يا أيوب ، لكن لا تكبر على أباك الذي رباك "
ضحك ساخرا... و قد ألقى الهاتف بعيدا
" و نعم التربية "
بعد ساعة وصل الي بيت والده ... كان أيوب ينظر بجمود بارد لأحمد .... لا مكان للهفة أو الشوق ... مجرد الألم يطل من عينيه عندما يراه ويرى صورا كثيرة تتوالى تباعًا
.... أما أحمد فبثه نظرات ... لائمة ...و متألمة ... بعيونٍ مشتاقة إلى التشبع من
وجه ولده بشقه الوسيم ... الشبيه بملاحة وجه أمه ... المختلط بخشونته كرجل ذي بأس
و النصف الآخر ....
بعينه المشوهة ... و خط طولي ماسخ حفرته السنين .... فزاد ظهوره !
" المسخ "
لقبه من أبناء جيله بالصف ... بالجامعة..... بالعائلة ... وبكل مكان
كان يسمعها إن باحوا بها او نطقتها أعينهم
تذكر زوجة أبيه التي كانت تضعه بالغرفة صباح ومساء ...
و هو أيوب كان طفلا صامتا ... كئيبًا يبكي بداخله الشوق لامه....
و ترتجف أوصاله خوفا من فقد امه ...
ينتظر أياما و سنوات طالت عودتها !
"وقد تحقق ما خافه "
عزيزة زوجة أبيه كانت تحتجزه بغرفته بعيدا عن أختها الحامل.... ابعدته عنها حتى لا تراه وتتوحم عليه ... فتنجب مسخا آخر
كان أيوب يسجل كل شيء بدفاتر عقله الطفولي بصمت ظاهري منافي لضجيج الذي بداخله .... حتى يبوح به لأمه شاكيًا... وتأخذ حقه !
لكن اين امه ....؟
والده قال أنها ....لم تعود
ولن تعود .... وضاع حق أيوب....
لم تكن زوجة أبيه تضربه ... لكنها لم تكن تطبطب عليه أيضا
كانت تقوم بواجبها اتجاهه
لأجل ابيه .... تطعمه ... تغسل ملابسه التي يتبول عليها ليلا على مدار سنوات رغم تخطيه سن العاشرة .... !
يعترف بحق انه لم يسمعها تشكي منه ...
كم فعلها عمًدا متذكرا توبيخ أمه الحنون ... امِلًا عودتها إن فعل ما يغضبها
لكنها لم تأتي أيضا..
لقد أشتاق.. لضحكها.. توبيخها...
يحن إلى لمسات امه ... الى طبخها...

كبر أيوب و اشتد عوده ... ولا زال طفلا يضنيه فراقها ....
انتبه إلى عزيزة زوجة أبيه بعد أن ألقت التحية باقتضاب و رد بمثلها .
خلفها أخيه محمد يركض إليه بصعوبة في مشيته بسبب مرضه ... يتعلق به وقد حفته السعادة لحضور أيوب ..... رغم ثبات ايوب إلا أنه
ابتسم له ... لبراءته الطفولية رغم تخطيه الاربعة عشر عاما ... ينظر محمد إليه بعينين صغيرتين متباعدتين يمتلأن زهوًا به .. ارتفعت خطوط وجنتي وجهه المفلطح من فرط تبسمه ..
فيرد ايوب متفهما ترحيب شقيقه محمد .... رغم ثقل لسانه ... وكلماته قليلة الفهم وتصفيقه الفرح المبالغ به
لم يزعج ذلك ايوب ابدًا ، محمد كان إضافة جميلة ...
اخًا يفخر به رغم أنه من مرضى الاحتياجات الخاصة
لكنه محمد كان يشعر به أكثر من الذين يمتلكون الكروموسومات الطبيعية .... يتعامل معه بحب ... و بروح البشر النقية الناصعة .... ولم يعر حكما ظالما لوجهه المشوه !

بعد قليل وضعت عزيزة كوبين من الشاي.... لكن محمد نظر إليها وصرخ مطالبا بكوب له أيضا ..... حاولت أمه أن تسايره .... لكنه كان مستاءَ ولم يصمت حتى وقع الكوب الساخن على قدم أحمد
شهق محمد بإجفال .... بينما أحمد نهض على حيله وقد تنططت الشياطين أمامه ..
امسكه من ذراعه بقوة... يود تهشيم وجهه ... لكن التعقل المتبقي لديه اثناه
امسك احمد يديه عنوةً إلي خارج الغرفة .... مهددًا إياه بضربه إن حاول النزول او سمع بكاءه
فقام محمد بدوره بالبكاء عنادًا بهم
كل تفكير ايوب بتلك اللحظة وهو يمسك بمحمد أنه "ضعيف " ووالده استقوى على ضعيف آخر ليكون مرتاحًا ....
إن لم يكن قادرا على احتواء حاجات أيوب وهو صغير طبيعي ... فكيف سيتفهم حاجات أخيه بوضعه الخاص!
صراخ محمد المسكين الذي ينادي أيوب يرجوه البقاء .... يرجوه إن يذيقه القليل من الشاي
فغر محمد عينيه وهو يتلقى صفعة على وجهه الأبيض فما كان منه .... الا دفع والده بعناد ... وركض إلى كوب ايوب و رماه أرضا

كان ايوب يشاهد فلما مجانيا أمامه لأبٍ و أم يجهلان التعامل الخاص و الصحيح مع ابنهما فأثر عليهما سلبًا بشخصيتهما و جسدهما!
... أحمد الذي خطت السنين التجاعيد على وجهه بمسحة عناء ملفته... ذقنه الشائبة .... و عيناه الصقريتين بدتا أقل حدة واكثر هما وتعبًا !

عزيزة الصغيرة زوجة أبيه كبرت من همومها وملاحقة محمد لتتجنب توبيخ والده ... رغم عدم امتلاكها لأي اطفال غير محمد إلا أن تعبها المضاعف كان كمن انجت أكثر ... !
همس أيوب بداخله ساخرا بيأس :

" دمرت بيتين بدل أن تعمر ولو واحدًا، أينما كنت يا أبي تكسر نسائك بتفوق"

غادر ايوب بدون شعور من والده ... غادر ليمشي و يقف عند منزلهم ..
حيث لا مكان لامه .... حيث لا وجود لأشجارها .... لورودها ... ورائحتها !
" وما نفع الرخيص اذا ذهبت الغالية"

___________________

ممدة على الأريكة الجلدية ... تغط بنومٍ عميق لساعات بعد أن فقدت وعيها من التعب ....
لقد استهلكت نفسها و قواها
كانت كالبركان الثائر ..لكنها سرعان ما خمدت
مجرد تشابه اسماء جعلها ديالا تسقط !
اهتزت جفون ديالا دلالة على استيقاظها ....
عندما عاد لها وعيها توجست خيفةً
تطلعت حولها لتتذكر ما حدث .... فجلست بشكلٍ مفاجئ ... جعلها تشعر بالدوار العنيف يلف رأسها ... كل شي أمامها الآن يتحرك و يتراقص!
أُفلت تأوهًا متألمًا من بين شفتيها الجافتين …. مسدت أعلى أنفها بتعب ... بتلك اللحظة دخل الدكتور محمود إليها ثم منحها إبتسامة لطيفة اهدئتها قليلًا الا انها ديالا كانت محرجة منه و مما حدث
أخفضت ديالا رأسها خجلة .... و توقفت أمامه .... تمتمت معتذرة باحترام عمّ حصل معها .... !
تود الهرب من أمام وجهه لكنه أمرها بالجلوس ... بينما هو استدار ليجلس خلف مكتبه
توترت ديالا وجلست.... كانت تحاول أن تستشف و تقرأ الكلام الموجود بداخل عينيه ...
الدكتور محمود المسؤول عن المشفى و الكادر الطبي تقريبًا ….
شخصية إنسانية بحته و هذا ما سعى لتعليمه لتلاميذه ....
كان ابيض الوجه بشعر فضي خفيف برأسه … بشوش و
يعتبر من الأطباء الذين استفادت من طباعهم و على يديه تعلمت الكثير
حاول أن يتكلم بنبرة هادئة ليقول برزانة
" كيف اصبحتي الآن "
توردت و جنتيها خجلا لتقول بصوت مرتجف
" بأفضل حال الحمد لله "
قال بهدوء و بصوت خفيض النبرة كطبيعته
" ديالا أنتِ لست مجرد طبيبة عادية .... انا فخور أن هناك طبيبة بعمرك وعلى هذا القدر من الكفاءة "
تمتمت شاكرة.... لكنها كانت متخوفة من القادم .. فقال بعملية وهو يشوح بيديه يحاول اصال فكرته
" نحن صحيح أننا أطباء لكننا نمرض ، نمل ، نتعب .... "
ابتلعت ريقها وجل ، وهو يتابع و يراقب توتر ملامحها
" بعد الذي حصل اليوم ... أنصح بأن تأخذي إجازة ... لفترة ... "
اتسعت عينا ديالا لتقول بنبرة عالية دون قصد " لا دكتور ... لا احتاج "
شعر الطبيب بتلك اللحظة بشيء ما خاطئ .... بنفسية ديالا... من ردت فعلها..
أخفضت ديالا رأسها ... و رجفة صغيرة احتلت جسدها
و هي تتخيل انها ستبقى بوجه مؤيد أوقات إضافية
سيكون جحيما قاتلا بحقها ... انها تحتاج أن تبتعد قبل أن تحطم ..
عملها هو سلاحها الوحيد الذي تتمسك به أمامه
اليوم صباحًا ... تحملت سماجته .... وهي ترجوه الذهاب للمشفى ... لكنه أخرها بعد موافقته
بعد أن ... أن حصل عم يريد من متعته
كانت تود الصراخ به .... و أن يذهب لإحدى زوجتيه ويبتعد عنها
ألا يوجد غيرها !!
لقد تحملت و مثلت الاستجابة طائعة ... وكانت بين يديه كما يرد
و النتيجة انها تأخرت و كادت أن تخسر مريضا ، لتحمل دمه برقبتها لأجل راحة " مؤيد اللعين "
التفتت إلى الطبيب الذي يراقب سرحانها....و نفور ملامحها..... يتمعن بشحوب وجهها ... لتتأكد شكوكه بأن امرا مريبا بحياتها
فقال بهدوء .... بمسحة التسامح الرائقة على وجهه
" ديالا "
لكنها و قفت فجأة و استندت على المكتب بكفيها لتقول بتوسل
" أرجوك دكتور.... أنا لا أريد اي اجازة ..... ما أخذته كافي بالأيام السابقة.... اخاف ان اعتاد و أنسى مهنتي "
رفع الطبيب رأسه... ثم عاد للوراء مستندا لظهر كرسيه .... ليقول بمحاولة إقناع وإن بدت قاسية بحق ديالا
" نحن نتعامل مع أرواح .... الخطأ منا يساوي موت إنسان "
اندفعت ديالا قائلة بدفاع
" وأنا أنقذت "
ليقول بجدية ودون مواربة
" توترك ..... عصبيتك.... هما ما كانا سيجعلناكِ تودي بحياة المريض "
استكانت.... لتغزو القتامة وجهها.....
لكنها بدأت تنكر ... لتقول بهمسٍ خافت
" انا أنقذته"
عندما شعر بإحباطها ... حاول إنهاء الكلام
" ديالا لم أشأ اخبارك أمامهم.... لكنك بمرحلة ما ... سببت نزيفا دون قصدك.... الخطأ يا بنتي بالطب غير مقبول بتاتا .... كل شيء بسجلك وانجازاتك سيمحى وقتها ولن يشفع لكِ ! "
عادت للوراء بخيبة حتى سقطت على الكرسي ... و أجهشت بالبكاء ....
تركها تبكي ... لن يواسي او يجامل بحياة إنسان وضعت بين أكفهم... لكن لباقته... و بصيرته بمستقبل مشرق لبراعة ديالا جعلاه يقول ببشاشة
" لن أعطيك اجازة ... لكن سترافقينني بالعمليات .. تراقبين من جديد ما أفعل ... و تتعلمي اين أخطأتي ... انا على كل حال فخور بالإدراك عندك و جميع محاولاتك الناجحة لإنقاذه "
ابتسمت ديالا من بين دموعها ... و ذقنها ترتعش من البكاء لتقول بخفوت
" شكرا لك على كل شيء ... أعدك بأني سأكون افضل "
ليرد مبتسما و بإصرار رفع معنوياتها ..
" أنت الافضل دائما "
غادرت وهي تعيد حساباتها .... هل إسم أمجد ما اربكها .... وما جعلها ستخسر مهنتها !
أم إسم أمجد ما دفعها لإنقاذه... ؟

تائهة وهي تمشي بالممر الطويل ... تذكرت عندما حضر إلى هنا يهرول من النفس الممر الذي هرولت به .....
وقف مقابلا لها غاضبا ... عاتبًا لينظر إليها بعينين مشتعلتين ... يمسح جسدها بنظرات قاتلة من رأسها لأخمص قدميها ..... ليقول بقسوة ووجع
" لقد انطفأ وهجك "
لتبتسم .. وترد بتأكيد بنفس الألم ....
" نعم ، بيديك "
إلتمعت عيناها بالدموع .... لقد راقبت خروجه بذاك الوقت .... وقلبها بات يهدر ...و يأمرها بلحاقه .... لكنها توقفت لأجله .... لأجل نبضٍ منه يدق بقلبها !
وها هي الآن تقف بنفس الممر ....
وفعلت ما فعلته تلك الليلة
وضعت السماعة الطبية بأذنيها..... و أمسكت القطعة المعدنية المدورة
ثم ضعتها على قلبها ... لتستمع مغمضة العينين ... تبستم بسعادة حقيقية وهي تسمع لنبضه بداخلها نبضةَ... نبضة !
لتتأكد انها على قيد الحياة به!

*******************
صباحًا
بجانب البركة الصغيرة... مدت قدميها إلى المياه الباردة التي تحب برودتها المنعشة
تنشقت الهواء ملئ رئتيها.. وبدأت بتحريك المياه بقدميها ، دندنت بصوت خفيض ناعم ثم بدأت بالغناء مع ندى الصباح
" انت تقول وتمشى ونا اسهر ما أنمشي ياللى مبتسهرشِ ليلة يا حبيبى "

خائفة من سماع الوالي لصوتها فيوبخها كلما غنت !

صمتت و بدأت لتخطيط مقدما لسفر الوالي اليوم الذي سيذهب لإحضار أمجد عنوة ... لقد سمعت السر الذي باح به لسراب بالأمس!
.... المهم انها ستذهب و ترى والدها وتقضي وقتًا طويلًا معه
ستمشي بالسوق الشعبي .... وتشتري المثلجات و كل هذا ايضًا معه !
ستمشي بجانبه كأبنة مع والدها " ملاذ ابنة عمران "
اتسعت ابتسامة ملاذ لمجرد الفكرة ثم ضحكت كالبلهاء وهي ترمي جسدها على العشب حول البركة .. وتكمم فمها من ضحكاتها المستمتعة
عادت لتكرر دندانتها
"انت تقول وتمشى ونا اسهر ما أنمشي ياللى مبتسهرشِ ليلة يا حبيبي "

__________
بعد ساعتين ...
العبوس احتل وجهها الجميل .... لقد اتصلت مرارا ليعطيها أن الرقم خارج نطاق الخدمة....
مشت دون هوادة....
لا تريد الرجوع إلى القصر ..... وترى سراب القبيحة
تريد الاختلاء بنفسها والبكاء على حظها العثر دون وجود أحد
غيرت طريقها القصير لتمشي مسافة أطول حتى تعود للقصر
مخفضة الرأس ... تركل كل حجر يعترض طريقها
أتاها صوته الاجش
" سيخرج الذئب ليأكل ليلى لأنها سلكت الطريق الطويل "
استدارت .... لتجد ايوب ورائها .... رباه ما أتى به ...
" أنه أيوب الذي انقذها " ابتلعت ريقها الجاف
" أيوب المجنون كيف علم طريقها ؟"
احمرار خفيف ظهر على وجهها.. فسره هو على أنه خجل
تنحنح ايوب ... ليقول بمودة
" اعتذر على اجفالك "
لكن ملاذ بقيت صامته لنتذكر أخبار سراب له أنها تعيش بالقصر معهم .... لا تدري هل تطلق قدميها لريح و تهرب ... ام ترد عليه وتنتهي
نظرت حولها .. وهي تهمس لذاتها عن استحالة فعله لأي شيء بها ... بمكان ٍ مكشوف كهذا
ابتسمت بارتعاش
" أنت لا شأن لك.... انا فقط سرحت قليلا "
جرح وجهه يخيفها عندما لمحته كاملًا ...وغير قادرة ألا تنظر إليه .... وتشيح عينيها شيء ما يجذبها إليه مسيرة !
اقترب أيوب منها... ليهدر قلبها خوفا ... متمنية لو أنها لم تغيير طريقها و تصادف الذئب!
ليقول أيوب بجراءة ... و عينيه تشتمل شعرها الأسود
" أرى من الأسلم أن ترفعي شعرك ... لأنه ما شاء الله ملفت جدًا "
هزت رأسها ... وصوت سراب الأبح برأسها
"أنه مصاب بالمس من جنية بشعرٍ أسود "
لكنها هذت بتصميم وهي ترتجف
" أحمر ..."
عقد ايوب حاجبيه بغير فهم
" لم أفهم "
وضعت يدها على شعرها كالبلهاء ... لتقول بارتعاش
" سأصبغه بالأحمر "
قطب ايوب حاجبيه ثم ضحك بخشونة ... ليقول ممازحا بتحذير له سطوته
" إياكِ.... إنه جرم "
فهمته ملاذ بغبائها انه تهديد مبطن.... لتلتمع عيناها بالدموع وتبكي ....
ارتبط أيوب فعلًا .... لقد بكت مثل ذلك اليوم و أكثر ..
لم يتكلم فقط اخرج أيوب منديلا من جيبه و منحها إياه ... فمسحت دموعها به ... شكرته و اعادت المنديل إليه مبللا بدموعها دون أن تنتبه .... مشغولة بقهرها من والدها الذي لم يرد عليها ...
تجاوزته وهي تعيد شعرها للخلف ... اعترض طريقها... لترفع عينيها وتلتقي بعينيه ...
نطق أيوب بنبرة مهتمة ، مسلوبا بوساع عينيها
" بإمكانك اخباري.. بما تريدين "
استدارت بكليتها إليه .... و رائحة عطرها .... عطرها
الشبيه بعطر أمه ، تغلغلت بأنفه .. عينيها تحمل نفس نظرتها الحزينة
قالت بإجهاد حقيقي ... فظهر صوتها الناعم متعبًا ... وهي تمسح أنفها الأحمر
" أريد تناول المثلجات... من السوق الشعبي "
..... لا تدري كيف مشت وركبت السيارة بجانبه .... لقد كانت مغيبة ... مرهقة فعليا ، نظرت ملاذ إلى هاتفها ... و زفرت أنفاسها المرهقة عندما لم تجد اتصالا من أحد
توقفت السيارة بالسوق ..... وعندما أوصى أيوب البائع بطلبه
عينيها توسعتا و التمعتا عند دورها .... ضحكت ملاذ بتشدق عندما رأت بائع المثلجات يفعل حركات بهلوانية بيديه
حركاتٍ بدت ماهرة جدًا ... يوهمها بإعطائها البوظة .... ليسحبها قبل أن تقوم بالتقاطها ... كانت تضحك و تتقافز مرارًا حتى تنالها وتظفر بها .... نظر أيوب إليها وقد كان مستندًا على باب السيارة ويديه بجيبه .... ليبتسم بتعجب وقد بدت ملاذ له طفولية جدا... !

إنتهى الفصل السابع

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 02:34 AM   #42

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن
" شكرًا"
استدار أيوب بجلسته كليا ... بعد أن كان يحاول إعطائها شق وجهه السليم حتى لا تراه !
لكن ما إن نطقت بشكره حتى استدار كليًا إليها ونظر الى ملاذ
مأخوذا لولهة ... وقد رأى بسواد عينيها البراقتين إمتنانًا حقيقيًا ... امتنانًا بث لديه الرضى النفسي من ذاته ... وإن بدا مشوشا و مضطربا من الداخل ... تضارب شعورين لدى أيوب بتلك اللحظة شعور السرور لأنه كمن أعطى شيئا ثميناً لها ... ويستحق الشكر عليه ..
وشعور الحزن الذي تسلل إلى قلبه العطش الحزين و كم عنت له الكلمة ..!
. المعضلة الكبرى كانت بإجحاف من حوله بشُكره !
" شكرًا " كان يود أيوب أن يعيد الكلمة إليها هذه المرة ... بنفس حرارة الأمتنان التي شددت على حروفها وهتفتها
" شكرا على شكرك إياي والذي لم يمنحني اياه أحد قبلًا "
أمسكت ملاذ الحبة الثانية من المثلجات و بدأت تأكلها بتلذذ ... تغمض عينيها وهي تتمتع ببرودتها و تلعق شفتيها بلسانها مما طالهما من ذوبان المثلجات ... لتعود وتنهم منها ...
كان أيوب مسحورا بملائكية شكلها كأي رجل رغما عنه .. راجيًا أن تعيد شكره مرة آخرى ليس منةً عليها وإنما لأسلوبها بلفظها عندما تتحرك شفتيها ... !
تذكر ايوب نفسه عندما كان طفلا مطيعا بصغره ...طالبًا متفوقا بدراسته ... ثم شابًا متساعدًا حالما يحتاجه شخص ما يلبي !
لكنه ابدا لم يسمع الثناء من أحد... بل كان واجبا محتما عليه وقد يحصل على الشكر بعملية دون أن يلقي قلبه بالًا !
بدى محروما ولم يتذوق طعمها بلسان قلبه كما الآن!
تبسمت ملاذ له وقد أنهت تناولها ....
و استنتجت خلال نصف ساعة من جلستها معه انه أيوب ليس مريضًا .... وإنما سراب متبليه كاذبة!
كيف يمكن لسراب بجبروتها أن تكون ابنة خالته !
نطق أيوب ليكسر تبادل الصمت بينهما فقال ممازحًا
" لا اصدق أنك تضحكين الآن "
تضرج وجه ملاذ بإحمرار لذيذ … فوقفت وقد همت لتغادر ….لتقول برقة
" يجب أن أعود للمنزل الآن ... "
لكن أيوب لم يبدو عليه انه يريد إنهاء التحدث معها
ليقول يدعي التأنيب وهو يرفع حاجبه ..
" ما هذا هل انتهى دوري الآن بعد توصيلك...؟
لن ترحلي قبل أن نتعرف ..."
شعرت ملاذ انها بورطة كبيرة .... هي لا تستطيع كشف حقيقتها ستقتلها سراب لا محالة!
ماذا ستقول له .... جلست على مضض متوترة
.. وبدأت تقلب الموضوع برأسها ... تفكر بكلمات سراب لتخرج باستنتاج واحد ليس له ثانٍ أن سراب تحب أيوب!
أشعل أيوب سجارة و بدأ ينفث دخانها ... ينظر إلى ملاذ التي بدأت تتوتر وتلعب بعلاقة حقيبتها .... لينتقل نظره إلى شعرها الهفاف الذي ترميه إلى الخلف بنزق وتوتر خفيف .... ليبان إليه تدوير وجهها وطول رقبتها واضحًا ...
.... كانت تصرفات ملاذ بالنسبة إليه جذابة لانها تنبع من طبيعتها و لا تحمل أنواع الإغراء لإقاعه كغيرها ... انخفض بصره إلى فمها الأحمر بعد تناول المثلجات.. لم ترحم شفتيها الجميلتين من قضمهما مرارًا .... ليزفر أنفاسه المثقلة ...
"تباً إلى أين انحدرت يا أيوب "
واخيرا نطقت بجملة جعلته يضحك ... وقد نطقتها متلعثمة بدفاعٍ ركيك
" أنا ركبت معك لأننا أقرباء .... اقصد أنك قريب سراب .. ولو كان غير ذلك ما كنت لأقبل الركوب معك "
لكنها استغربت من ضحكته ...بعد أن نفث دخان سيجارته مرة أخرى واطفئها
ماذا به هل رمت إليه نكته ؟
لكنه نظر إليها مبتسما ليقول وقد أسره لب عينيها
" أنا يا دعجاء العينين ... لم أكن لأعرض عليك الركوب معي سوا لأننا معرفة ...."
غمزها بعينه ليقول بصوتٍ أجش " لو أنك غريبة ما كان مني طلب ذلك "
لكن ملاذ كعادتها عندما تحرج ... تغير الموضوع ...بعد أن ترفرف برموشها الطويلة ثم تسأل سؤالا محرجًا لتزيد من طين احراجها بلة
" ما سبب تشوه وجهك ؟ "
صمت أيوب وقد باغتته بسهمِ سؤالها الذي أصاب أعماقه
... رغم انه تذكر حقارة عمران كشريط يلتف أمام بصره ...لطفلٍ صغير يرمى ويضرب ... وقد برخ جسده الطفولي على طاولة زجاجية كسرت من قوة ارتطام جسده بها … لكنه تكلم بهدوء متداعي
" حادثة صعبة تعرضت لها بطفولتي "
عبست ملاذ متعاطفة ليقول أيوب ساخرا
" هل خفتي منه ؟ "
لكنها قالت باندفاع " لا والله"
سرعان ما صمتت و قد شعرت انها تكذب هربت بنظراتها منه … لتقول كمن تلبس بجريمة ...
" خفت قليلا بالولهة الأولى .. لكن الآن صدقني ليس مخيفا "
محافظًا على سخريته ... قشرته القوية التي يحمي نفسه بها همَ قائلا
" بات جميلا بعد أكلك للمثلجات ؟"
ابتسمت لترد عليه بذات التلاعب
" ربما …"
كانت ملاذ تحاول الرد عليه بحذر ... حتى لا تخطِئ وتقع فأيوب على ما يبدو ليس سهلًا ...
تبادلا خلال الجلسة الحديث عن الدراسة ... عن هوايتهما لتصدم بأنه يحب الركوب الخيل كسراب... و أنهما بطفولتهما كان والديهما صديقين يجتمعان بسهرات ٍ ليلية و جمعات ٍ كثيرة … و يأخذانهما بجولة
على الخيل !
وضعت ملاذ يدها على خدها متحسرة و كم تمنت لو أنها عاشت هكذا لحظات طبيعية ... الا انها دوما محرومة من والدها و طيفه…. تعتصر مخها فلا تخرج الا بمواقف ضئيلة مع والدها تعد على الأصابع
قطع سيل أفكارها سؤال أيوب
" وأنتي منذ متى تعرفين العزف و الغناء "
تلتمع عيناها بمرحٍ وشغب وقد تذكرت أمرا فعله والدها دون أمر الوالي
" أبي سجلني بمعهدٍ خاص ... لأن جدي الوالي يرفض ذلك لقد وبخني مراتٍ عديدة غلى غنائي بالقصر "
قال أيوب مستغربًا " أنتِ تناديه جدي ؟ "
انسحبت الدماء من وجه ملاذ لتقول كالبلهاء
" ها.... نعم هو طلب ذلك فأنا و إخوتي بعمر أحفاده "
نظرات أيوب بدت مكتومة... لا يتذكر من الوالي إلا هيبته ... ثم وجد نفسه ينأى عن كل من في القصر ... ليلتقي مع سراب بعد مَدِّها جسر الوصال معه لتعود علاقته قوية مع ابنة خالته و شبه جيدة !

قال أيوب مستفهما
" هل يعتبر الوالي الغناء منكرًا"
مطت شفتيها... لتقول بلا مبالاة ...
" لا أدري ربما لمن يعيشون بالقصر ... أو شخصية وهرة مثله لا تقبل ذلك "

لقد كان تبادل الحديث بينهما دون حواجز ... سريعا وقد تعمقا بالتساؤلات...هما شخصين لا يعرفان بعضهما و يخرجان لاول مرة سويا خطر هذا الحديث ببال ملاذ انها تعلم انه غريبًا و خاطئا بحقها لكنه جميل بعيدا عن قيدها !
كان أيوب على قدرة فذه بجذب الكلمات منها
وهي أيضا جذبت اهتمامه ...قد تبدو ملاذ للبعض طفولية هادئة الطباع... الا أنها بدت لأيوب حالمة ... طموحة و ...دافئة!
نهضا إلى السيارة مكملين ثرثرتهما ...
وقد بدأ بإحراجها متلذذا بحمرة خديها
" غني لي... لو مقطعًا واحدًا "
اعتدلت بجلوسها ....وكتفت يديها برفضٍ باتر
" مستحيل "
كل شيء كان يمشي بشكل لطيف .... ربما لم يشعر بالفرح من سنوات كما الآن !
لكن غصة استحكمت حلقه
عندما رن هاتفه ورفض الإجابة فقالت بوداعة
" أجب ربما أمك "
صوت صرير أعجال السيارة عندما توقف فجأة ...!
جعلها ترتعب.... وقد بان الغضب جليًا على وجهه الذي مسحه بكفيه !
" انها زوجة أبي .... والديّ مطلقان منذ زمن "
تظاهر انه لم يسمع أسفها ... ليتبدل حاله ويعود لطيفًا كما كان " هاتي هاتفك "
سألته بوجل و ارتباك " لماذا ؟ "
رد ايوب ببساطة " أريد أن اعطيك رقمي "
فقالت ملاذ بحدة غير مقصودة من شدة توترها ... وهي تشير بيديها رفضًا
" لا داعي صدقني ! "
ازدردت ريقها....ليخطف ايوب هاتفها من يديها مسجلا رقم هاتفه و يكتفي برنة واحدة لهاتفه ليسجل اسمها هو أيضا
توترت ملاذ
" أرجوك لا تتصل بي... فأنا حقًا أخاف ولا أريد اي مشكلة "
فتحت باب السيارة لتنزل لكنها التفتت إليه مرة آخرى
" ورجاء آخر ... لا أريد لسراب أن تعلم بخروجنا ... ولا حتى بأي شيء"
ابتسم لها بخشونة .. قاطعًا وعدًا إليها ... ليهمس مطمئنا
" حاضر يا دعجاء العينين.. "

*****************************

بعد أسبوعين

لقد كانت عودتها الى المنزل بعد مناوبتها بالمشفى أشبه بمحكومٍ يساق إلى حبل المشنقة ظلما ...
اي واديٍ سحيق رمت نفسها به و لأجل من !
لأجل أمجد ابن عمها الذي تركها... ولم تسمع عن أخباره شيئا منذ ... سنوات
لقد نسي وجودها .. و بترها من حياته نهائيا ... عارفة أخباره من سراب التي لا تتوانا عن الشماتة بسذاجتها ... انه كان يأتي كل فترة بزيارة قصيرة و يغادر ... لقد تخلى عنها وهي من تخلت ذلك اليوم عن ذاتها ..... وروحها.... حالما ارتضت أن تكون فديًا وزوجة لمؤيد .... حتى رغما عن جدها الذي اقتنع بحمايتها لأمجد الذكر الوحيد لامتداد الوالي !
تذكرت عندما شاهدته غارِقًا بدمائه كالجثة تركله أقدام رجال استأجرهم مؤيد لجعله يعترف اين فر " بنسمة" إبنته !
نسمة ذات السبعة عشر عاما وقتها هربت وما ارتضت لنفسها أن يزوجها والدها قاصرًا لأحد معارفه .... فذهبت لتحتمي بأمجد فاستثارت حميته ليوصلها إلى عمها .. لكن بعد ايام اكتشفت ان أمجد غدر بها ليتزوج نسمة .... !
وهي البلهاء كأي حبيبة لبست ثوب التضحية وقدمت نفسها قربانًا لمؤيد !
ومازالت تدفع الثمن كل يوم لأنها أحبت !

فتحت ديالا باب المنزل ... لتجد الأضواء جميعها مشعلة .... وعدد لا بأس به من الطاولات المرصوص عليها ما تشتهيه النفس من الحلويات و العصائر ....
أسفل الدرج المزين بالبلالين تقف من طرفيه ضرتيها .... من جهة صفاء و من الناحية الأخرى عائشة وكل واحدة بجانبها بناتها ... وملامحهن متوترة ... وقد تلاشين النظر إليها !
.... رفعت بصرها أعلى الدرج فوجدت مؤيد ينزل بجهامته ... وهو يبتسم إبتسامة واسعة حتى بانت أسنانه جميعها
يرتدي بدلة رسمية كحلية اللون .... وكانت ذقنه الشائبة مشذبة بما يليق بها ... رمق مؤيد ديالا وقد عقد حاجبيه الكثين وهو يرى فستانها الازرق الطويل
الذي بدت به كالحوريات !
وهي بادلته النظر بعينين مستغربتين من أسباب هذا الإحتفال
فتساءلت بسخرية مريرة هل تزوج الرابعة؟
ليته يفعلها و يهجرها قليلا !
اقترب مؤيد .. لتلتف ذراعيه محتضنًا جسدها مقبلا وجنتيها بحرارة الحب الذي يكنه لها....
وأي حب هذا الذي يجعله يتمنى وشم شفتيه على وجنتيها دائما .... !

قبلته جعلت جسد ديالا الرافض له يشتعل بحرارة النفور !
همس أسفل أذنها وقد لفحتها أنفاسه التي تكره
" كل عام وانت بخير حبيبتي "
قربها منه متأبطًا كتفيها مجبرا اياها على التحرك.... وتوقفا عند الطاولة ... أمام أنظارهم جميعا .... ديالا بتلك اللحظة فغرت عينيها بعدم تصديق عندما وجدت قالبًا كبيرًا من الحلوى مطبوعٌ عليه صورة تجمعهما وفوقه شمعة على شكل شمعتين تشكلان الرقم تسعة و عشرين !
أمسك مؤيد يدها بقوة مهيمنة .... وهي نظرت إليه بطرف عينها توجسًا مما ينتوي ليشتد فمها غضبًا كخطٍ مستقيم …
التصق مؤيد بها " ابتعد .."
قالتها وقد حاولت دفع جسده الصخري.... لكن مؤيد حاول وان بالإكراه.... الاقتراب من جسدها الذي اقشعر رفضًا مجددا .... فما كان منه إلا أن يسند ظهرها إلى صدره ويده اليمنى فوق يدها يمسكها عنوة ليقطع قالب الحلوى معها .. ويده الأخرى تكبل مقدمة خصرها يفرض نفسه عليها حتى لا تبتعد.
همس بإصرار مخيف وأنفه يمر على فكها كالمحموم
" سنقطعها سويًا "
لكن يد ديالا تيبست من ضغط يده فتابع الفحيح أسفل أذنها
بنبرة سليطة قاطعة وكأنه يأمرها أن توقع مثاق جديدا بعبوديتها
" ستتمني كأمنيتي أن نبقى سويًا ... سويًا إلى الأبد... "
أبعدت وجهها بقرف إلى الجهة الأخرى وقد بدأت تشعر أنها ستتقيأ مافي جوفها عليه ... ليعيده توجيههُ عنوة مقابلا له ... لاحظت ديالا أن الشرر بدأ يقدح من عينيه الحاقدتين ليقول من بين أسنانه
" رغما عن الجميع .... سنضيء شموع عمرك معًا "
واخيرا صدح صوتها الضائق ذرعا ... لتقول بإنفجار
" معك لا أضيء شموعي بل اطفئها "
ارتفع صدرها بانفعال ... وهي تزج جسده بكل قوتها لتقول بصوت ميت من تمادي أفعاله
"اليوم ليس عيد ميلادي مؤيد "
قبض على وجهها يعتصره بين أصابعه القاسية
... وقد بات سيهشمه من عنف ضغطه قائلا بصوت جليدي
" بل اليوم حلوتي ... تاريخ زواجنا .... وهو تاريخ ولادتك وما قبله لم يكن لكِ وجود "
جابهته بقوة تحسد عليها أمام ضخامة مؤيد وجهامته المرعبة...
" بل ما قبله كان لي وجود قبل أن تكون أنت فيه "
صفعة قوية كادت أن توقعها لكنه لم يسمح لها بالوقوع بل سند جسدها بيده
ليقرع قلبها فزعًا ... من غضبه الكاوي
قصف صوته صارخا بجنون
" سيأتون البنات و يعايدون عليكِ و تقبلين الهدايا "
هزت رأسها عنادًا " كلا "
صفعها مرة بشكل اقوى ... وهو يقف باعتداد طبيعي بارد
راجيًا خرسها حتى لا يؤذيها أكثر
.... فما كان من عائشة الا أن تمسك البنات الصغيرات الملتصقات بها وتدخلهن إلى إحدى الغرف!
إلا أن مؤيد اوقفها ليتقدم امام احدى البنتين وجلس على عاقبيه أمام الصغيرة ذات الخمس سنوات .... وفتح هديتها ليخرج أحمر شفاه اشتراه هو بعد أن تخيله على شفتيها المتقلبتين بطبيعتهما... .. نهض عائدا الى ديالا الواقفة بثبات رغم ارتياعها ... لينظر شازرًا ... ليقول ببساطة
" انظري ماذا احضرت لك لجين ... ضعيه أمامهم حتى لا تخف "
تراجعت ديالا للوراء بصمت تتأمل هيئته الجبارة .... ثم ردت بإستهزاء رغم التعب الذي نال منها خلال لحظات
" وهل خافت الصغيرة لأني لم أضع أحمر الشفاه .. ام خافت من جنون غضبك "
'آه' لم تقدر ديالا على كبحها عندما صفعها بظهر أصابعه الغليظة التي تحوي خاتمًا فضيًا كبيرا فأصاب أسنانها .... لترتمي بقسوة على مؤخرتها ... وهي تكمم فمها النازف
صرخ أمرًا ... وهو يمرر يديه على شعره
" اعتذري ...لنكمل إحتفالنا العائلي "
نفضت رأسها برفض باتر
هلعه بعد أن شاهدت سقوط جزءٍ من سنها بيدها ... رغم خوفها ....
إلا أن ديالا نهضت لتقول مشددة بعذاب والدم يخرج سيلا من داخل فمها لتشير بسبابتها
" لن أعتذر..... وليكن بعلمك سأطلب الطلاق عند عودة جدي"
لأول مرة لا يعز عليها شعرها الطويل وقد تمنته قصيرا عندما قبض عليه بشدةٍ أوجعتها .... سحبها معيدًا اياها أمام المائدة... يحاول إخضاعها عنوة لتجلس على الكرسي فلم تقبل ليتوحش كالوحوش المفترسة........ ثم .....أختلط صراخ الجميع مع صراخه الغاضب مما

إلا ديالا اغمضت عينيها وقد وجدت ساقيها ترتفعان وتطيران وقد دفعها إلى الجدار الصلب ... لتشهق ... وقد توسعت عينيها عندما احست بظهرها قد ارتطم به وانزلقت بدونية على الأرض
ألم قوي مر على طول ظهرها وقد شعرت أنه تفتت .. فلم تجد الجرأة على زفير أنفاسها من الألم! ...
ألم ٌ أقوى من الم سقوط سنها أمامها.... الم مضاعف يشبه تحطيم عنفوانها وتهشيم كرامتها !
تطلعت حولها لتجد الجميع فر هاربًا وتركها بمواجهة الوحش ومن سيقف بوجه مؤيد وقد بدأ جنونه كعاصفة هوجاء مخيفة تبتلع ما حولها ... وتكسر كل ما على الطاولات محطمًا إياه
تأوهت ديالا وهي تحاول تحريك جسدها الموجوع ... فأمسكت بقدم الطاولة لكنها انزلقت أكثر لتفترش الأرض ممدة على ظهرها بألم كبير لا تقدر على احتماله ...
بدت ديالا ضعيفة ... مهانة .....فدمعت عيناها ...تبكي حالها ... شهقت عندما سمعت خطواته القادمة
فجثى مؤيد على ركبتيه ... ممسكا رأسها يتفقده... وعندما رفعها لفحتها انفاسه الساخنه كبركانٍ ثائر يوشك على حرقها دون رحمة

... أطلقت صرخة هادرة... ألحقتها بدموع ساخنة
عندما حملها إلى الغرفة النوم بالأعلى ... وضعها فوق السرير بتأني... خائفا من ضياع قطعها المكسرة كائنية ثمينة هشمها بلحظة غضب ... جلس مؤيد بجانبها ...محتويا وجهها يمسح بإبهاميه دموعها... ثم ينتقل إلى شفتيها يمسح الدماء عنهما مرارا ... أما عينيه المتحفزتين فكانت تمشط صفيح وجهها بوهر
رفع شفتها العليا التي انتفخت بوضح كبير يإصبعه بحذر... لينظر متفحصا سنها الذي كسر ... لكن ديالا نحت راسها جانبا بيأس... ثم قالت بتعب متوسل وهي تشهق ..
" طلقني ... ما تفعله حرام "
لكن مؤيد تجاهل مطلبها ..... ثم دس يده بجيبه و أخرج قلم الشفاه من جيب سترته ... ليخطه على شفتيها المرتجفتين قهرًا ... كما أراد
بكت كمدًا لتقول عاجزة
" هل تريد أن أقبل يدك لتتركني ؟ سأفعل إن كنت تريد ذلك "
أمسكت كفه الضخمة التي ضربها بها ... لكنه نزعها فورًا .... ليشرف من فوقها مندفعًا دون ان يضغط بجسده كان فقط يقبل شفتيها المجروحتين ... يمسح الدماء عنهما متذوقًا ألمها ... يحاول أن يكون رقيقًا .... وألا يؤلمها كلما خطر بباله انه قد يخسرها قريبًا
بدأت تأن بإرهاق مما نال منها ... بعد أن أحسنت صنعًا و تلقت سوءه ببسالة تحسد عليها
فكرت كيف ستتخلص مما ابتلت به نفسها بيديها !
أنينها المرهق ارتفع علوه عندما رفعها مسندًا جبينها لصدره بعدما فتح أزرار الفستان لينتزعه بصمت... وهي استسلمت ليديه التي يمسد بهما ظهرها بمسكن الآلام قبل أن يلبسها منامتها .... !
دموعها بدأت تسيل بتقهقر ندما و شهقاتها لم تعد قادرة على كتمها ... فخرجت كنشيج متحسر رغما عنها .
وما نفع الندم؟ ألم يكن واجبا عليها أن تعد للألف قبل أن تقبل الزواج من مؤيد ..
.... أمسك يديها يحتوي أصابعها الرفيعة بين يديه
…ضحك ساخرا وهو يدلكهما برقة بدت غريبة عليها من خشونته ..امسك بخاتم زواجهما الذي تلبسه تلاعب به متسائلا بحيرة حزينة بدت ظاهرة بصوته
" لماذا لم تحاولي ان تحبيني ؟ ... هل كان صعبًا"
اشتدت قبضة ديالا على الغطاء .. بعدما افلتت يديها منه
لترد عليه بوجوم وهي تتنهد
" حاولت... "
ليقر بعنفٍ مع وهو ينظر بعينه الحاقدتين إلى وجهها الشاحب ...
" لكنه هو حال بيننا وكفته رجحت " ..
تغضنت ملامحه لتبان اخاديد وجهه ... بينما كور قبضته وضرب فخده .... متابعا بعتابٍ قاسي
." انظري ماذا فعلت اليوم لأجلك ... وانتي ماذا فعلتي بجحد !"
انتفضت ديالا على سريرها ... لتهمس بوجوم أكبر ... و ما عاد يفرق معها شيء من جنونه
" لم تفعله لأجلي بل لأجلك.... لأنك تحب نفسك فقط "
صاح بها .... وأسنانه تشتد من غضبه الملتهب
" الهدايا التي حضرت لك.... الزينة التي وضعت بكل المنزل .... تفضيلي لك على عائشة و صفاء ما إسم ذلك "
أنهى حديثه بصرخة... جعلتها تغمض عينيها مجددا و ترتجف أكثر لتهتف بيأس
" لا اعلم ربما أنانية... ربنا ظلم واستبداد ، لكني ما اعلمه أن الذي يحب لا يضرب ...لا يهين ويشتم ... يستوصي بنسائه خيرا ولا يفرض أمورا تبدو جنونية "
و ياليته توقف الأمر على ذلك.... رغم صلابتها وعدم خضوعها الظاهري أمامه كانت تحتمل عنفه وما إن يذهب حتى تنهار ... لم يكن الأمر موضوع إهانة جسدية
كم طالت الرضوض عظامها ... و كم حصل جسدها بطريقة مهينة مذلة لأي امرأة .....
كم تحملت أن تشهد خسارتها لخصل شعرها التي يبقى جزءً منها بيديه فيزيد من ذلها ..

وكل هذا نبع من قوتها الواهية التي تنتفض رافضة وصوله لديالا القديمة .... المزدهرة قبل أن يحل عليها كخريف أصفر دائم
قاطعها بهيمنةٍ ديكتاتورية ليشير إلى صدره قائلا
" انتي التي اوصلتنا لذلك ... وانا رجل .. رجل لا يقبل استصغار زوجته به "
شهقت بصدمة بدت واضحة على وجهها المكدوم
" أناا .. "
هز رأسه مؤكدًا .... يموج بنيران الغضب التي تتأجج بالمزيد كلما تذكر نقصه ... !
كلما تذكر الفروق الواضحة ... والبائنة كوضوح الشمس بينهما .. ليهمس بخفوت مرعب
" نعم انتي .... لطالما ذكرتني بفرق العمر بيننا.... لطالما ما وشت نظراتك من استياءك لشكلي الذي كبر ... ومن شيبي الذي احتل جزءً يسيرا من رأسي .... وانتي ديالا الفتاة الصغيرة اليانعة... التي ذبلت مع كهلٍ مثلي! "
اخذت تنظر إليه بذهول.. قائلة لتتأكد من فكره الناقص
" هل تراني بهذه السطحية "
ضحك مقهقها بسخرية... ليقول بمقت
" بل أقرأ عيناك بوضوح "
صمتت... و صمت هو أيضا ... ليعود ثائرا قائلا بغضبٍ جلي
" لكني رغما عنكِ رجل... لدي طاقة شابة و رغبة قوية أفضل من أبناء جيلك... اهتم بذاتي و شكلي قدر المستطاع لأجل أن تحبيني "
أمسك كتفيها.... ليهزها بقوة..... وقد شعر بذلته بسببها ... ليقول بصوت حارق
" اللعنة .... هل تريدين أن أرتجي حبك الآن حتى تحبينني ولو قليلا "
تنفس بشجن تلبس قلبه.... ليتحسس خدها بأنفه ويستنشقه ملئ رئتيه
" .... انا تركت شأن ابنتي وحقي من ذلك الحقير ... لأجل قلبك يا امرأة ..... أرجوووووكِ .... ارجوك حبيبتي احبيني ولو قليلًا .... أعطني قلبك"
نظرت ديالا إليه دون تعبير بملامح باردة .... وفضلت الصمت على نقاش عقيم ليس له نتيجة مرجوة
لتهمس بداخلها ساخرة
" وقلبي بعيد كل البعد عن قلبك "

*******************************

ليلا
يكره الليل وخفافيشه السوداء الحائمة فوق رأسه ....ترفرف أسرابًا بجناحيها الاسودين ... تنناوب لتهبط وتغرس مخالبها الجارحة بلفيف ذكرياته فتهبشه هبشًا لتغمره بالوجيعة و القهر !
.. الليل و كبد الليل ...
وآه من خفافيش الليل المترصدة لجواهرٍ لامعة مثل أمه...
منذ أربعة و عشرين عاما إلى الآن ...
يعني له شيئًا واحدًا ...... وهو عندما دق ناقوس الخطر بليلة مجحفة استبيحت أمه أمام ناظريه .... لقد شهد على ما طالها من ظلم واجحاف .... و تفاصيلًا أخرى مهينة يداريها و إن بقت محفورة بدهاليز ذاكرته .... حاملا دين ثأره على كتفيه وقد وجب سداده !
مقسمًا بأغلظ الايمان انه سيهدر دم عمران ويتشربه بكل جزءٍ من رجولته أُمتهن و ذُل .... وبعدها لا يهتم إن تعفن خلف القضبان !
هو فقط يحتاج الوصول إليها... ليقبل كفيها الحنونتين ... ويتنعم برضاها ... حتى يبل شوقه الذي لا ينضب
رفع هاتفه ... مرسلا رسالة نصية إلى عمه محمود !
" اتصل بي ... إن لم تكن مشغولا "
دقيقتين بينما أشعل سجارته و واطفئها .... كان اسم عمه يضيء هاتفه
رد عليه أيوب ... ليأتيه صوت عمه مهللا ببشاشة " أهلا بمن تذكر عمه ! .... كيف حدث ذلك يا فتى "
ضحك أيوب مجاملا.... ليقول بنبرة بدت غريبة على محمود
" أعلم أنك مشغول بالمشفى هذه الفترة عماه ، لكني أريدك بأمر ضروري "
رد محمود مستمعا بجوارحه ليقول بتودد
" ما هو "
توحشت عينا أيوب بقتامة جلية على ملامحه ... ليقول بصوتٍ اجش
" أمي .... أريد الوصول إليها "
صمت محمود قليلا وقد توترت أعصابه ...ليقول مرتبكًا
" لكن يا ولدي انا لا..."
هدر صوته على الهاتف مقاطعا بصوتٍ يرفض الجدال
" عماه لم أعد صغيرا لتخدعني ... لقد رأيت بطفولتي ما يشيب له الرأس... حتى اكون واعيا "
زفر أنفاسه متعبا... يمشي بشرفة منزله كفهدٍ جريح يتألم .... متناولًا كأس مياه بارد علها تطفئ النار المتأكلة بأحشائه ... ليقول بجفاف متصلب
" أعلم ما حاول والدي زرعه برأسي عن كذبة وفاتها "
تلعثم محمود.... وهو من حارب قول احمد بإقصائها عن حياة ايوب بأي شكل ... هل سيأتي الآن ويقف ضده مجددا أم معه ؟
قال بمهادنة
" لكن يا ولدي "
هتف ايوب منتفضا لكرامته و كرامة أمه اللتان هُدرتا كفايةً !
" بدون لكن انت تهينني عماه ....أريد لأمي أن تعود أينما كانت حتى لو بأقصى بقاع الأرض.... تحت حماية ابنها ... و اعتقد اني أصبحت رجلا واهلا لذلك "
عم الصمت من جهة عمه ... الذي ظن ايوب انه اغلق الخط من سطوته فقال بعدما تطلع لهاتفه متأكدا
" لماذا انت صامت ؟ "
صرحّ محمود قائلا .. وقد وصل لطريق مسدود غير نافذ بأي شكل .... معترفا بأن طريق الكذب طال ولا بد من كشف الحقيقة وإن كانت مريرة عليه
" بالحقيقة يا ولدي لا أدري ماذا أقول لك "
بتعب و إرهاق بدني و نفسي نالا من ايوب بضراوة ... فهمس بنبرة رخيمة
" قل يا عماه.. ولا تحرق دمي ... يكفيني الأعوام العصيبة التي مضت "
ثم قال محمود بتمهل متعاطف ... يحاول تجريعه صعوبة الأمر
" أمك تزوجت منذ زمن "
مصدوما وقد أخرسته الحقيقة .... وصوت امه المنادي بإستجداء يتردد صداه بأذنيه اللتان ترفضان التصديق
" أمك تزوجت ومنذ زمن '
يشعر بتحطيم قلبه الملظى بحرقةٍ مفاجئة ......
اعصابه المشدودة انتقلت الي الكأس الزجاجية التي تحطمت بيده... وسيل دماءه ينزل كخطوطٍ مشتعبة
' وما قلبك يا أيوب إلا أرضا خصبة للألآم قد أنبتت '
أغلق الخط على صوت عمه الذي يناديه بقلق ... !
رافعا رأسه للسماء بإنتفاض حقيقي ... يتنفس بسرعة فجائية ... مستوعبا و اخيرا ما باح به عمه ... حاول ايوب تحريك شفتيه ... لتهتز حدقتيه بإرتياع وهو يهمس بجنون
" تزوجت.. تزوجت "

***********************

واقفة بثبات .... و أنفها يرتفع بشموخ لا تخفضه إلا لإستقبال كف جدها لتقبلها بخفر وتسير معه لغرقته
متجاهلة وصول أمجد ابن عمها المحفوف بدموع نهلة وأحضان نساء العائلة و العلقتين ملاذ و فريدة المتوسدتين صدره من الجانبين !

بعد اللحظات بغرفة الجلوس الفخمة ... حيث يقف امام صورة جده واعمامه .... كالصورة المثيلة.... لصورة المؤطرة بغرفة جدها
كان أمجد مكتفا يديه خلف ظهره
مشت سراب بخفة الريشة .... و وجنتيها ترتفعان بسخرية ... عندها شعر أمجد بأحد ما خلفه ...استدار .... لينظر إلى سراب التي اقتربت بهدوءٍ رتيب لتقول بكلماتٍ ملغمة
" الحمد لله على سلامتك من هربٍ طال ولم يدم "
كم يود تحطيم ابتسامتها الواسعة المستفزة ... تلقف يدها الممدوة وقبض عليها بخشونة
فهمّ ليقول بصوته القوي الهادر ... وعينيه النافذتين لداخلها تسبر أغوار عميق عينيها النرجسيتين
" أبناء الوالي لا يهربون يا ابنة العم ... قد يغيبون ليعودوا لمكانهم أقوى و ذوُّ بأس .. "
نظرت لكفها الأحمر من ضغطه ... فقالت باستهزاء وهي ترفع حاجبها
" رغم أنها لم تفلح مع من سبقك من ابائنا وعمومنا ... لكن لا ضير من التجربة "
ضحك بتشدق ... ممسدا لحيته السوداء الكثيفة ليهمس بغلظة
" لا تقلقي يا ابنة العم... أمجد الوالي لا يترك ما هو حق له.....لا تنسي اني الحفيد الوحيد.... لا منافس لي ... ثم كل شيء بقبضتي تحصيل حاصل "
انتبه للعرق الأخضر الذي برز بجبينها كلما غضبت او أستفزت.... !
ليتابع بقوة ... وهو يبسط كفه على صدره مربتا
" انتي و باقي بنات العائلة بحصني ... "
وهنا اشتعل فتيل غضبها لتقول بجفاف
" لقد اضعت واحدة ويعد هذا كافيا لنعرف أنّ حصونك قد حطمت "
انتفضت إختلاجات عديدة ... وغضبا طافح استثاره من كلماتها المهينة. .. لكنها استدارت حتى تتركه يذوب بأفكاره وجلد ذاته مما حصل لديلا بغيابه !
وقبل أن تصل للباب قال بإهتياج " ما هي اخبارها "
استدارت لتقول ببراءة
" من هي ؟ "
مسد لحيته بصبر ... لا يوجد أبرع منها بضحد حلمّ اصبر الناس ...
قال وهو يشزرها " ديالا ، كيف هي ؟ "
مطت سراب شفتيها بتفكير ثم قالت دون اهتمام
" وما أدراني ! "
صرخ وقد نجحت باغضابه ...
" سراب "
هزت رأسها بتعنت ... وهي تقول محذرة
" لا تصرخ بي .... "
اقتربت وهي تنظر بعينه اللتان تتقاذفان شرار الغضب لتقول بكلمات صفعته
" انت الأدري بما خلفته أعاصيرك "

فقال بلهجة قاتمة وقد تجعد جبينه ...
" ماذا تقصدين "
تجاهلت قوته ووسيطرته اللتان يحاول فرضهما عليها... لتهمس بسخرية مبطنة
" ديالا بمقام حماتك ... اذهب إليها واطمئن بنفسك..."
هتف موبخًا وقد لمست وترا حساسا بمكانة ديالا لديه !
" هذا مزاح سمج ... "
تخصرت سراب وعقدت حاجبيها ورمته بنفس نظرته ... لتشمخ برأسها .. قائلة بقوة
" انت من بدأت المزاح يا حامي الحمى .... تقول بنات عمي بحمايتي .... و قد أحرقت إحداهن لتحافظ على شعلتك مضاءة وتقف الآن بسخف معتدا بنفسك "
همس بخفوت مخيف ... وقد جزعلى أسنانه بقوة
" أنا لم أحرق احدًا هي من اختارت و قالت ألا ابحث ورائها ... ألا أحاول جعلها تلمح طيفي .... هناك امور لا شأن لك بها لا تعرفيها بيننا ... فلا تحكمي "
ضحكت بتهكم .... لتقول بأسف مصطنع
" وفعلت ما طلبته منك.... أخبرني يا أمجد ... وانت تنظر لنفسك بالمرأة هل ترى رجلا بحق ! "
لكم الحائط بجانبه ... لكنها لم ترمش حتى.... فقال محذرا وقد تمالك نفسه من اهانتها الكبيرة جدا بحقه
" سراب... اضبطي لسانك "
أشارت إليه بإتهام ... وقد ردت عليه بمثل طريقته.

" انت من عليه ضبط أفعاله... من عليه ألا يكون رجل آليا يحرك كيفما كان ... بل رجلا مفكرا .. مدبرا "
ربتت على عضل يده القوي الواضح للعيان ... لتقول بحدة جرحته
" الرجال ليسوا بقوة الجسد وتربية العضل وهم كثر مللناهم ! .... بل الرجال الحقيقين بالأفعال فأبهرنا ... "
همس بفحيح غاضب
" سترين أنك مخطئة بحكمك المتغطرس!"
ابتسمت بإزدراء عند خروجها... و توقفت ثم استدارت ليرى في عينيها كتلة نارية تتدحرج منهما.... فقالت بعلياء و وثقة
" ارجو ذلك .... حقا أرجوه.... غلطة اخرى و سأقف بوجهك واحارب بكل قوتي و مكانتي حتى لا تصل لأعتاب باب الوالي "

*********************************
بعد يومين
لم ترد على اتصالاته التي باتت مُلحة كثيرًا
لقد بدأ الخوف يتسرب إليها من ايوب... انه يحاوطها كثيرا رسائل بالصباح و مكالمات بالمساء ... او مكالمات فجائية تربكها أمام عائلتها .... كان الأمر لطيفا ممتعا.... وسعيدة حقا به ... لكن تطلبه الزائد لترد عليه ... أصبح خانقًا .... !
هل ستستمر على هذه الحالة!
' لماذا تشعر بشيء ما يثقل قلبها خيفة اتجاهه .... '
فتحت خزانة ملابسها ... لتدس يدها تتحسس مكان الهاتف الذي خبأته بين طيات ثيابها... وقد حولته لوضعية صامته ....
قررت ملاذ الاتصال به لتنهي ما بينهم من جنون ارتكباه لحد اللحظة
... وما بدء بلحظة جنون بخروجها معه .... لا تريد أن تحب وتتعلق و تخسر ثانيةً
إن كانت تخسر بالسابق دون حول منها .... فالآن ستخسره من كذبها !
لذلك قررت إنهاء الأمر من بدايته .. قد تحزن ! ... قد تتألم انها خسرت شخصا اعتادت عليه خلال الأسابيع الماضية ...رجلًا جميل القلب و الروح مثله ... يسمعها و يمازحها.. ويتقبل دلالها المكروه من اقرب الناس لديها بترحاب ... لكن لن تحتمل أن يكشفها بثوب الكاذبة !
اتصلت به.... و ما إن سمعت صوته المتعب حتى نسيت ماذا ستقول و عزمت عليه
فسألته بلهفة " انت بخير؟؟؟ ماذا بك "
سمعت صوت الزفير الواهن لأيوب .... صوته الخفيض
اليائس لو انها لا تعلم مقدار قوة ايوب خلال هذه المدة القليلة ....لظنت انه يبكي قبل أن ترد ... قال بهمس لكنها التقتطه بأذنيها المرهفتين
" أنا متعب .. كم أتمنى الموت لعلي ارتاح "
شهقت ملاذ و قالت بجزع حقيقي... لتقول بتأنيب رقيق ... انعش أوردته
" بعد الشر .. لا تقل ذلك ايوب "
ضحك ضحكة ميته..... ليسأل بإجهاد
" هل تخافين علي ؟"
تضرجت وجنتيها... لتقول بصوت خافت و ناعم جدا
" ن ... نعم أرجوك لا تذكر الموت انا أكرهه ...ايوب انت تستحق السعادة و الأفضل دائما ... كن بخير "
قال برجاء ٍ حار... وقد وصل ذروة التعب .... متمسكا بأمل خافت قد ينشله من غيهب الظلام الذي يقبع به
" كوني معي "
ردت بتيه... وكفها تلطم خدها بخفة
" ها !"
ليقول بحرارة .... و مرارة حنظلية بجوفه .. وقد لمعت بذهنه فكرة ما بشكل مباغت
" كوني معي ملاذ ، إن تقدمت لأهلك هل تقبلين الزواج بي !"
وارتخى فكها السفلي لتقول بانصعاق مرة أخرى
" هاااا"
و ما يقضي على شخص متخبط بحياته كأيوب إلا قرار خاطئ بلحظة توهجت مشاعرا فائضة داخله.... وقد ظنها معدمة..... !

انتهى الفصل الثامن

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 10:34 AM   #43

ام دانه 2020

? العضوٌ??? » 417610
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 494
?  نُقآطِيْ » ام دانه 2020 is on a distinguished road
افتراضي

أتمنى من الكاتبة الاستمرار في باقي القصه و استرجاع القصول المفقودة في وقت لاحق او إيقاف الروايه

ام دانه 2020 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 04:42 PM   #44

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام دانه 2020 مشاهدة المشاركة
أتمنى من الكاتبة الاستمرار في باقي القصه و استرجاع القصول المفقودة في وقت لاحق او إيقاف الروايه
عزيزتي الفصول قاعدة بتنزل ضمن تنسيقها الصحيح راجية تفاعلكم ان امكن علما بانه تم تنزيل ٥ فصول يوم أمس


Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 07:40 PM   #45

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

#دع_وزرك_عني
الفصل التاسع

خفقات قلبها ترتج بعنف… مع كل دقة صاخبة
مولدة اهتزازات تقبض على معدتها من الإرتباك ......
لا تدري ماذا حصل بعد تلك المحادثة التي بثت لديها شعور الفرح و القبول .....
بعدما نوت قطع ذلك الخيط الوهمي الذي بدأ ينسج خيوطه
و ايوب تفوق باحتواء الاحتياج الكامن لديها لروح الأنثى الخجولة التي بداخلها !
لقد بدأت ملاذ تهتم بنفسها بشكل ملحوظ أمام عيون عائلتها المتصيدة
اهتمام يبدي تساؤلات عده تتهرب منها ببراءة مكشوفة .....
تسرح كثيرا ولا تصغي لحديث من حولها ...... وقد كانت مفصولة تماما عنهم !
لكن نظرات سراب المدققة ابدا لم تغفل لدقيقة عنها ... تراقب وتسجل .... وتغطي عليها بحنكة !
لاحظت كثرت تبسم ملاذ فجأة كالبلهاء دون سبق انذار!
تلتقط اشارات لا تعجبها من تصرفاتها ... وردود فعلها الوردية مع كل أحد
... صوتها الخفيض أصبح يغرد فتشزرها سراب على تلك الدندنات المغردة ليل نهار
.... كانت سراب موقنة ان ملاذ بدأت تفرد جناحيها بسماء الحرية لكنها تعلم أيضا …. أن عصفورة قصرهم مهما اتسع قفصها ستقع خائبة بعدما أن تصتدم بقضبانها فتكسر مجددا !

****

لقاء جديد ...
لكن ملاذ هذه المرة متوترة ...
خائفة ... وقلبها تبا له كم أصبحت تفكر به فيتسارع... ويتسارع... تكاد تسمع هدره ...
امام الحديقة العامة ...توقفت مقابل إحدى السيارات المصفوفة ....
لتعدل من هيئة شعرها الذي يتطاير هفهافا عكس ما صففته ..طلت شفتيها الورديتين بلمعة خفيفة زادتهما حلاوة ....
لم يخطر ببالها أن بالسيارة من الممكن أن يكون بداخلها أحد ما ... يضحك مستمتعا ....
و يتأمل تصرفاتها بفجاجة دون حواجز كيف تعدل من أناقة هندامها ... او ترش عطرها ويستقر رذاذه على جلدها ... كيف تبتسم لزجاج السيارة ببشاشة راضية عن ذاتها ...
أراد أن يقهقه .... الا انه اكتفى بأن فتح زجاج السيارة بغته.... لتشهق ملاذ وتقفز مرتاعة ...مصدومة للوراء !
عيناه الزرقاوين الشهوانتين تبتلع كل أنشٍ بجسدها !
بينما هي محرجة فتراجعت للخلف ببطئ ... و عيناها الخائفتين هربتا من نظراته المخترقة بوقاحة
دخلت بوابة الحديقة التي ينتظرها ايوب بها .... وتوقفت عندما رأته يلوح لها ... تشعر أن خطوات قدميها أصبحت ثقيلة بعيدة عن الوصول إليه!
اقترب أيوب.... فأخذت تتأمل هيئته المطمئنة .... أرادت أن تتحسس حرارة خديها ... مع كل خطوة يمشيها مقتربا منها فتجعل أنفاسها المتسارعة تحبس ولا قدرة لها على زفرها ... و اخيرا أصبح مقابلا لها بجاذبيته !
متى اصبح تشوه وجهه جميلا لعينيها ؟...
امتدت يده بجرأة لوصال يدها لمرتعشة... يضغط عليها علها تهدئ ليقول بصوت اجش
" كيف حالك "
اشاحت ملاذ بصرها عنه ... وهي تقول همسا
" الحمدلله ...أعتذر عن التأخر "
قال وهو يتأمل ملاحة وجهها الناعم.... وعينيه رغما عنه تضيقان شمولا لجسدها و ما اظهره بنطالها الجينز بوضوح حقيقة ساقيها الرشيقتين وقد رسم سرجه العالي حدود خصرها الصغير ..... وتلك البلوز البيضاء المتسعة لايدري من زاد الآخر جمالًا هي ام صاحبتها !
رفع أمامها تذكرتين .... ليكشر حاجبيه بمشاكسة .... قائلا بتلاعب يعجبها
" اعلم أن مواعيد الإناث غير موثوق بها ... لذلك امامنا خمسة دقائق حتى ندخل لسينما حتى نشاهد فيلم رائعا"
ابتسمت بجذل ... لتقول برقة " رومانسي "
هز رأسه مؤكدا ... ليحرك حاجببه قائلا بذات التلاعب " جدا ... جدا "
لم تكمل ساعة من الفلم .... حتى خرجت مطرودة !
احمرار خديها اللذيذ جعله يندم على اغضابها
لم يجد الا فلما واحدا بالصالة الأخرى وما يدريه انه سيكون رعبا
لقد فضحته رسميا بصراخها .... عندما شاهدت رأس إحدى الشخصيات يقطع فجأة
و دون انذار... !
لقد مشت هذه اللقطة بالسلامة... امام لقطة وقوع الرجل بين أنياب الوحوش !
خدشت يده وهي تتمسك به وترتجف خوفا ... " أكله الكلب "
يحاول كبح ضحكته بقدرة جبارة
كل هذا الوحش أصبح كلبًا !
حقا أراد ايوب إخراجها من البداية لكنه داخليا كان دنيئا لأنه يستمتع بتمسكها ولمسها العرضي له .. حتى عندما خرجا بعد تأفف الحاضرين
بقيت ملتصقة به !
والان تقف جانبا مكتفة ذراعيها بحنق …. تشيح وجهها عنه ... وتود فعلا قتله !
تهمس بداخلها غيظا
' هذا آخر التخيلات الوردية '
واخيرا نطق مسترضيا ....مع التفاتها إليه مكشرة الجبين ..تعقد حاجبها مختصرة اي حديث معه
" أعتذر ... اقسم لك اني لم اكن أعلم انه سيكون رعبا "
لم ترد عليه .... تبا له كم تريد أن تذهب للحمام وتبكي قليلا ... قليلا فقط !
أمسك ساعدها واقترب منها ... لترفع رأسها ... فشاهد تلك النظرة البراقة التي تداريها...
يلعن غباءه الف مرة لضيقها.... ولما وضعها به من احراج ... وخوف !
" ما رأيك أن اعتذر على طريقتي .... مثلا مثلجات بطعم الشوكولا؟ تجعلك تسامحيني ؟"
هزت رأسها نفيا .. لترد بهمس سمعه كترنيمة
" بل بطعم الليمون "
قال بحماسة حركت قلبها
" احلى مثلجات بطعم الليمون ستحضر أمامك... يا دعجاء العينين "
استدار مسرعًا ... وابتسمت حقا لطيبته .... لكنها اختفت ببطئ... بل انعدمت
عندما وجدت ذلك الشخص أمامها عند الباب الخارجي ... عيناه الزرقاوين تبثانها شعورا ترفضه.... و ايماءاته الوقحة جعلتها ترتجف .... كان يلعق شفتيه بشهوانية مقرفة
جعلت جسدها يصب برودة مثلجة تشل أطرافها !

جالت بعينيها الخائفتين ... تبحث عن ايوب .. !
اما الشاب استغل خوفها و اقترب بخطواته إليها ...ترى بنظراته نفس تلك النظرات للوحش بالفلم الذي شاهدته بالصالة
تلك الخفة بالمشية ثم الانقضاض على الفريسة
عادت تناجيه بسرها " ايوب "
وصدرها يرتفع و ينخفض بوجل حتى أصبح الشاب أمامها....
همس بصوت راغب .. جعلها تنطوي على ذاتها ...وقد مد كرته إليها
" هذا رقمي اتصلي بي يا حلوة "
تبا ماذا يرى بها !
تجاوزته ... لكنه قطع الطريق عليها وقد سده بجسده .. لتجز على أسنانها
" ابتعد "
لكنه تقدم منها... حتى كاد أن يلتصق بها.... فهمس ساخرا
" فتاة حلوة مثلك ..ماذا يعجبها بمسخٍ مثله.. عندما رأيتك تتأنقين ظننته لشخص يستحق هذا الجمال "
تحاول أن تجسر على نفسها .... ولا تبكي
الا تكون كفأر حشر بمصيدة !
بدأت تفكر هل تصرخ لتنادي ايوب ؟
أم تتوسله أن يبتعد
كان مأخوذا برموشها المتقلبة التي ترف خوفا .... فقال باصرار قاطع
" لن اذهب حتى أخذ رقم هاتفك واتصل بك "

" وانت ايضا لن تذهب الا بعد ان اتصل بالاسعاف من هاتفك"
كانت ملاذ جامدة … ترى ايوب وهو يرمي المثلجات أرضًا بغضب !
مخيف .... عيناه قاسيتين … محمرتين كالدم !
إلا أنها مطمئنة ساكنة لوجوده....
تنفست إكسير الحياة ليده المفتوحة حتى تأتي إليه .... ركضت دون تفكير ... تدس نفسها وقلبها يدق ... و يدق كحرب الطبول !
اخفت نفسها بكتفه تمحو من عقلها تلك النظرة المقززة
نطقت بارتعاش ايوب …
تمنت أن ينظر إليها.... يضاحكها ثم يخرجان من هنا
لكن ايوب بعالم آخر... حيث يقلب فالما اخر ...بعنوان " الانثى الضعيفة ."... عندما رأى ملاذ تذكر تخبط أمه وروحها ترفرف بين أنياب ذلك الوحش
عمران آخر ....
خسيس آخر ....
دفع ملاذ للوراء ويديه تجد طريقهما للكمه ….
تعددت الصور .... وروحه تزأر بوجع يفتك به .... الأن ايوب لم يعد طفلًا وقد قتلت طفولته بمهدها مسبقا
تجمعوا الناس حولهم يحاولون إبعاد ايوب الذي كان يضرب بوحشية !
يلكم و... و همسها بأذنه
وإن اختلفت الأصوات.... يلهث وصدره يجرش متحشرجا
" لن تقترب منها … "
ابتعد الجميع عنه وقد يأسوا بإبعاده
وصله هسيس صوتها الباكي... يراها تغطي عينيها .... و إحدى النسوة تقف بجانبها ... تهادن بها بحنية حتى لا تخف و تهدأ!
تمسك بيديها المتجمدتين تبعدهما عن وجهها المختنق من البكاء...
لكنها ترفض شرب الماء... ترفض كل شي ... فقط ترجوه التوقف ....
شعر أيوب انه فقد أعصابه ....
وقد أيقظ المشهد الوحش الراقد بداخله
اخافها منه بدل أن يطمئنها
اقترب منها و هي ركضت إليه تحتضن جسده... ويديه تكسر كل القيود المانعة عنها ترتفع على رؤس اصابعها متعلقة بعنقه.... وتشهق بوجل احتضنها ...!
وقربها أطفأ ناره.... الجمه عما مضى ... راضيا كل الرضى بوحودها و اخيرا قلبه المهجور وجد ساكنا يقطنه!
مسد على جسدها... فزادت تعلقا به تأبى الانفصال عنه ...
. وذاك الاخرق مسجى ارضا كالذبيحة!
من بعيد مراقبا الأحداث ككاميرا بشرية متحركة ...
رفع نمر هاتفه مخبرا سراب بكل ما حدث و بصورة موثقة !

*****

بعد اسبوع
حول هذه المائدة العامرة بأطباقها الشهية .... لطالما تمنت ملاذ. وجود والدها ولو ضيفا بعائلته !
صوت ضحكاتهم المرتفع ... وهمهماتهم التي تعتبر لغة غريبة عليها لا تجيد التعامل معها.. تجعلها تلوذ عنهم جانبا
....بينما الكلٌ محفوف بأحبائه
أما هي ملاذ ابنة عمران فلا يليق بها إلا كأبيها
الإقصاء وحيدة!
لم تستطع أن تمنع تلك الغصة المسننة بحنجرتها
او إيقاف تلك الغيرة المتشعبة حول قلبها ... فتنعكس وضوحا على صفيح وجهها الذي بهت ... غيرة تذبحها من بنات عمومها وسندهن المتين .... ولكن من يهتم بها ؟
من يهتم بها اذا هوت !
اخفضت ملاذ رأسها وزفرة مثقلة حارة من الهموم خرجت من شفتيها ... و افكارها السوداوية عن حال والدها تدور بعقلها دون رحمة !
اخذت تتلاعب بصحنها الذي لم تأكل منه إلا القليل
.... ألا يستغربون غياب أخباره ؟ ... وما سببه !
هل يمكن أن يكون مريضا أو أصابه مكروه ما
رفعت رأسها مجددا تتساءل و قلبها يشتعل بإستعار الجحيم ... كيف للوالي أن يكون سعيدا !
لقد خسر والدي ديالا و امجد بحادث مريع قبل سنوات !
والآن يضحك بتشدق
مستغنيا عن أولاده جميعا ليكتفي بعمها القاسم و أمجد ابن عمها ... !
توشحت عيناها بدموع تنخزها فتحاول حبسها ومداراتها عنهم...
رغما عنها تطرف نظراتها ليمين الوالي فتجد أمجد و امه " نهلة" بجانبه تسكب له الطعام بحب كلما فرغ صحنه
الفرحة التي بها نهلة الآن جعلتها تعطي مساحة أكبر لفريدة المستمتعة بالمأكولات الدسمة التي صنعتها جدتها على شرف أمجد!
وعلى اليسار "الملكة الحمراء ".. سراب ابنة عمها اليوم تخلت قليلا عن وقارها .... وبدأت تتدلل على والدها وإن كان بأسلوب خفي ..
وجدها يمازح سراب وقد ظنته لا يعرف المزاح ابدًا ....
يجلس بزهو و هو يطالعهم
للحظة واحدة تخيلت ملاذ انها تأكل و بجانبها والدها ....
والدها وإن كان بعيدا ... فهو يعلم انها لا تحب اليخنة المضافة للأرز مثله تماما

والدها يعرف وإن كان بعيدا انها تخجل أن تبدي رفضها لما يقدم إليها ....
لربما لو كان موجودا الآن سيستبدله لها
... بقطع من الدجاج المشوي التي قدمت أمام أمجد !
اغمضت عيناها الغائمتين .... ورفعت الملعقة إلى فمها وسرعان ما توقفت على شفتيها
يا ترى إلى متى ستبقى مهمشة ... ليس الأمر متعلقا بجلوسها بعيدا عن مائدة جدها
... وانما مبتورة الوصل عن حياة والدها !
كم هو شعور فتاك وقاتل أن تشعر بأن عمران ليس فردا ناقصا... وإنما زائدا هو و ابنته ... !
لم تنتبه ملاذ إلى جدها الذي كان يراقب اختلاجات وجهها المنغص ... متمعنًا بنظراتها دون أن تشعر !
"ملاذ "
التفت إلى عمها القاسم الذي نادى عليها ... لتنظر ملاذ إليه بوجهٍ خجول
ابتسم لها ثم نهض من مكانه ليجلس جوارها ....
فاخفضت رأسها سريعا و عادت لتتلاعب بطعامها... لا تدري لما تخجل و تتوتر منه.. رغم ان عمها قاسم لطيف جدا معها.... وكان له باع طويل بلقاء والدها …أحاط قاسم كتفيها مقربا اياها منه... ليقول مكشرا بلطف
" انتي لم تأكلي شيئا بعد "
رفعت بصرها إليه ومشاعرها الحزينة باتت تهتاج بداخلها
.. وتلك الغصة تعود لتنخز حنجرتها ... فبدت ظاهرة بصوتها الخافت
" ... انا شبعة"
ربت على كتفيها ... مدركا لما تمر به...
متذكرا فتاته الحمراء عندما فقدت أمها و غيرتها التي صبتها على أمجد و عائلته....
تماما كما تتلصص الآن النظر لعطف نهلة الأمومي الذي تغدقه على أولادها ....
" عماه هل لي بطلب "
ابتسم رغما عنه عندما نظر لوجه ملاذ ... لازالت عاداتها الطفولية موجودة اذا أرادت شيئا تهمس به همسا!
هز رأسه مشجعا لها... قائلا بدفئٍ يخصه لرقتها... !
" بالطبع هل تحتاجين شيئا "
وهنا عادت عيونها تبرق بدموعها الخفية ... لتقول بألم
" نعم أحتاج أن أعرف أخبار ابي ... انها مقطوعة منذ حوالي شهر "
قبل جبينها... ويده تربت على خدها ... وداخله يصرخ
" تباً لجبروت عمران وقلبه الذي لا يرق لأجلك "
لكنه قال مطمئنا
" لا تقلقي ربما لديه عمل ما "
ردت بصبر نفذ من شوقها وخوفها
... لتشوح بيديها انفعالا حتى وقعت معلقتها التي لم تنتبه لصوت صداها وقد صمت الكل منتبها إليها
"و أي عمل يجعل هاتفه مغلقًا .... او يجبره على ترك الفندق ؟"
ارتبك قاسم ... مستوعبا حقيقة ما تقوله لكنه لا يملك الصلاحيات لتحدث
" لا تقلقي كما اخبرتك عزيزتي "
و اخيرا سقطت دموعها وتبا لسخرية سراب و تعاطف البقية معها ... ستنفجر
… ردت عليه بعتاب
" كيف لي ذلك عماه .. لا يوجد لديه من يهتم به سواي "
" أريام "
صوت جدها الرخيم الذي هدر فأجفلها لتصمت وتنظر اليه .. ورغما عنها الجمت لسانها هيبته المخيفة و أخاديد وجهه القاسي

أشار إلى الدرج بهدوء ... لتتبع حركة أصبعه مسيرة ... قائلا بنبرة لا تقبل النقاش
" اصعدي للأعلى يبدو انك مرهقة "
شحب وجهها... وشعرت بتلك اللحظة بحرارة الاحراج تغزو جسدها ... فهمت رسالته انها تجاوزت الحد المسموح الذي منحها إياه الوالي بالسؤال عن أبيها...

لكن نظرة أمجد الحادة التي منحها اياها انها بحمايته فلتقل ما تشاء شجعتها!
اما روحها التي تغلي بداخلها جعلتها تتجاهل عن فهم أمره .. التفتت لعمها و نظرت إليه برجاء.... لتهمس فبدا صوتها المتحشرج واضحا بأحقيتها لرؤية أبيها
" اخبره أن يتصل بي ... وأني أعلم ان هناك امرا ما يعطله عني... "
أعاد الوالي نداءها بتحذير
" أريام "
لكنها لم تعد تسطيع التحمل أكثر... لتبكي دموعا منهكة تزاحمت بعيونها .... ثم نهضت ....
لكن شعور الذنب الذي يطرق وجدان قاسم لما وصلت إليه بجزئية ما بحياتها
الندامة التي تأكله لأنه أعاد أخيه تحت حكم الوالي
مفكرا لو انه تركه بعيدا مع عائلته لربما كان الحال افضل !
... نهض ممسكا برسغها قبل أن تخطو اول درجة ... محتضنًا اياها بأضلعه .. مسد على شعرها ....
لتقول بتنشق. ... و دموعها الساخنة تجري على قميصه
" اخبره اني اشتقت إليه كثيرا ... و إني كل ليله أنتظر تحقيق وعده الذي قطعه ... "
لم تستطع المتابعة فبكاءها ... غلب سيل الكلمات المتراصة بداخلها .... بلغ حقوقها المعلقة التي اصبحت أمنيات تتمنى الحصول عليها كل ليلة ... بلغ الوعود التي قطعها وتركها دون تنفيذ !

*******************

لا تدري لما الكأبة استعمرت روحها ...
لماذا تجهد عقلها المسكين ... وتجلد ذاتها بما مضى و بما أتي ....
عاد جسدها يختض بالبكاء
وكلمة " أحبك " تفعل الأفاعيل بها !
و يا ليته ما نطقها...
غضب عارم اشتعل بقلبها .. فوضعت كفها على موضع قلبها تدلكه برفقٍ عل نبضاته الهادرة ترفق بها ....
تقلبت ملاذ و دفنت رأسها بالوسادة لتزيد وتيرة بكائها
تتذكر آخر لقاء بينهم
تتذكر أيوب قبل أسبوع ..
لقد كان يوما مرعبا منهكا بحقها !
أثناء مكالمة ليست طويلة و إنما كانت ملحمة عاطفية بحق مشاعرها التي لم تعرف الا السلام ...
وقد اخبرته تخت ضغط سراب وتهديدها انها تريد الانفصال عنه !
ذلك اليوم عندما وصلت البيت ... عرفت المعنى الأقوى للخوف .... كل ما حصل معها بكفة و علم سراب بكفة أخرى
لقد فتحت سراب عليها بوابة من جهنم.... جلدتها باسواط نارية
تهدد وتتوعد بإيصال الأمر للوالي !
وهي سراب لا يقف بوجه نذرها شيء !
لم يرتح بالها حتى علمت أنها لم تخبر ايوب حقيقة نسبها!
وفي اليوم التالي رفعت الهاتف تحت أنظار سراب الواقفة والشرر يتطاير من عينيها ...
فما كان منه إلا أن قال بصدق متمسكا بها
" هل تقبلين الزواج بي "
نيته الصادقة التي أصابت مشاعرها بمنتصف الهدف و عرتها ناسية حقيقتها الموجعة!
... فتجاهد بتخبط لسترها وهي الأدرى انها لن تتحمل نتيجة معرفته لكذبتها .... ولن تتحمل هذه السرعة التي تؤول بها الأمور .... ردت بصوت مرتعش
" أيوب انت تتكلم بأمور .... قد تندم عليها لاحقا "
نهرها ايوب بحدة قاطعة
" لا ... اقسم لا مكان لندم "
لكنها هذه المرة كانت ترجوه حقا ... ترجوه الترفق بها .. ألا يوقظ بها ما تخاف الاعتراف به
" أيوب أرجوك يبدو انك مازلت متعب منذ البارحة ... ارتح قليلا "
لكنه قال بتعب صريح .... يقصدها بكل جوارحه
" لم أشعر بالراحة الا بقربك مثل البارحة !
انا بأمس الحاجة اليكي فلا تتركيني"
صمت قليلا مزدردا ريقه.... يتخيل وجهها ... بحنقه ...
بابتسامته الرائقة
و حتى ملامحه المغضنة عند بكاءه
جميلة بكل الاحوال مريحة بغنة صوتها المميزة ...
سيتحمل فقدها بعد ان اعتاد وجودها ...
انه يحبها نعم يحبها .... نطق مغيبا بتذكر تفتصيلها
" الشيء الوحيد الذي اسعدني انتي .. "
لكنها حاولت ردعه
و سراب تقف جامدة ... هادئة
و ملاذ لم تعد تحتمل فظهر الألم جليا عليها من اعترافه الذي اعتصر قلبها
" أيوب "
الا انه رد مغيبا بحرارة ضمتها .... قائلا مما يجيش بصميم قلبه
" أحبك ملاذ "
سكنت ... وعيونها تطفر بالدموع.. لتقول بنبرة مجروحة ... تجاهد حتى تنطق بها وهي تقسم انها تعرف صدقه
" أيوب يكفي ... هل تسخر مني ... أم انك تراني أضحوكة "
لكن ايوب فغر فمه....و حاجبيه منعقدين بتوجس يراجع ما قاله ... ! ليهمس بخفوت
" ماذا ؟ "
صمت قليلا وهو يسمع نحيبها ... ليسأل بخشونة وقد كاد أن يخلع شعره باصابعه التي مرت به
" لماذا تبكين "
فردت بصوتها الناحب
" لأنك تستغبيني "
ضحك ساخرا على نفسه... يبدو ان خسارتها اقتربت .. وحانت
وهل يحظى ايوب الا بالخسارة .... ووجع الخسارة!
فهمس بصوتٍ متالم خشن
" لأني قلت احبك... اكون استغبيك؟ "
لم يسمع شيئا سوى هسيس البكاء ... ليقول معاتبا ويده تمسح وجهه بقوة
" تبا لعقلك ملاذ إلى أين نحدر فكرك ... "
لكنها ردت بقوة ... ودموعها كالخيوط تسيل بلا توقف
" إلى أين أنت انحدر تفكيرك بي "
صرخ بها بقوة زلزلتها... بل ارعبتها... لانها نفضت دواخلها و أيقظتها .... فتحاول مدارات ذلك الشعور الئليم الذي يلوي قلبها ...
" حبي لك انحدار ؟ ... طلبي للزواج منك ؟ ... و ان ابدي اعجابي بشخصك و برائتك انحدار ؟ "
هزت راسها سلبا كأنه يراها.... فما كان من سراب التي أمامها الا ان تتوقف عند نافذة مدبرة ظهرها وقد عقدت يديها للخلف... تهمس بضجر مما يحدث
' تبا ملاذ متى كبرتي !'
وعندما أحببت لم تجدي الا ايوب.... ايوب '
اما ملاذ .... انحنت خائبة ... لا جرأة لها على المحاربة و القتال انها اضعف من ذلك ... لتهمس بخفوت متعب
" انت لا تعلم شيئا "
رد بغضب بليغ
" بل اعلم أنك لا تبادلينني ما اشعره "
عادت لتبكي ... ليزفر انفاسه بثقل .. ليقول بجسارة وقد فضل الانسحاب الآن على الأقل
" لما البكاء ؟ ... انسي ما قلته ملاذ ... اعتذر "
عضت باطن خدها ونادته
" أيوب "
تنهد متعبا ... مغمض العينين ... ليناديها متذوقا إسمها
" نعم يا ملاذ "
فقالت بسرعة دون إنقطاع...وهذه المرة هي من اغمضت عينيها ... تضغط عليهما بشدة قبل أن تتفوه بما لا تريد
" لا أريد أن نبقى سويا ...أريد الانفصال عنك ..."
صوت رده الاجش أتاها كالصاعقة...
" كما تشائين "
وانقطع الوصل و الكلام....
و لم يمر أسبوع على عدم اتصاله ... حتى باتت لاتفهم نفسها
هل تريد فراقه ام اقترابه
لم تعد تعلم شيئا سوى أنها تريد البكاء.... وأن قلبها يؤلمها بشدة
تريد رؤية أبيها و التوسد بحضنه علها ترتاح قليلا ....
او يؤنس وحشتها التي هي بها
وكلمات سراب الغاضبة توجعها بشدة
" ابكي للصباح وانحبي..... جربي الاتصال به ولو بالخطأ وتلقي يا ملاذ! "

*********

دخلت وصوت كعبها يطرق بالأرض اللامعة لبلاط المشفى
تمسك بيدها اليسرى حقيبقة صغيرة
تسير و كل من مرت بهم ينظر الى بهائها وهي تعرف وجهتها تمامًا إلى أين....
كانت ملفته بمشيتها المميزة
وظهرها المنتصب ... وعينيها لا تحيدان ابدا تنظر فقط أمامها
اعادت ترتيب شعرها وطرقت الباب الخشبي المعلق عليه لافتة بإسم ديالا ثم دخلت !
توقفت ديالا مقطبة الجبين مستغربة بل ذاهلة من حضور سراب
" سراب "
فردت الأخرى ... وهي تغلق الباب خلفها
" بل الحقيقة "
جلست سراب على الكنبة دون أن تسلم عليها أو أن تسأل عن حالها
" أريد قهوة لأني لن أتأخر .. "
لكن ديالا خافت حقا فهمست بتوجس
" ماذا هناك أقلقتني"
رفعت سراب حاجبها تتعمد إلامها بقوة
" تعرفين ان أمجد عاد بالطبع!"
فهمست الآخرى بهدوء تحسد عليه …. لكن الحزن بدا ظاهرا على صفيح وجهها
" اعرف ... "
تسألت سراب ساخرة وهي تدعي عدم المعرفة....
" أريام؟ "
لكنها ضحكت بقوة .. لتقول باستفزاز اكبر
" اااه فريدة .... نسيت الحمقاء الأخرى "
لعقت ديالا شفتيها ... ثم قالت بصبر
" سراب ماذا هناك "
رفعت سراب ساقا فوق الآخرى لتقول بجدية
" جيد لندخل بصلب الموضوع .... "
لكن طرقات خفيفة على الباب ... صاحبها اعطاء ديالا الإذن بالدخول …. فقال الشاب معتذرا بلباقة
" اسف على المقاطعة "
أعطاها بطاقة دعوة خاصة باسمها .. ليقول بنفس اللباقة
" دكتورة ديالا يسرنا أن تكوني من الأعضاء الناصحين لجمعية حقوق المرأة ... تفضلي كرت الانتساب وننتظر حضورك "
ارتبكت ديالا .... ونظرات سراب زادت الأمر سوءا ... لتقول بارتباك
" يشرفني ذلك لكن "
لكن الشاب قاطعها مقنعا
" نتمنى حضورك فعلا .... السيدة هند زوجة الدكتور محمود هي من رشحتك "
قالت بخفوت وهي تبتسم شاكرة له
" حسنا شكرا لك "
ما إن خرج حتى ارتفعت قهقات سراب الرنانة …. فقالت ديالا بغضب
" لما تضحكين "
صمتت وهي تنظر إلى عيني ديالا الكبيرين … لتقلل منها
" أتساءل عن النجار اين بابه ؟ "
ضحكت مرة أخرى... وهي تكويها بحرارة قولها ....
وداخل سراب بقول فل تتألمي... لتتابع القول بصراحة زعزعت دواخل ديالا
"... كيف ستقفين لتطالبي بنصرة المرأة وانتي إمرأة للاسف مهانة ... معنفة ألا ترين انه رياء نوعا ما ... امراة مثلك تحتاج الحماية لا أن تحمي!"
فنهرتها ديالا... وقد وقفت كمن لسعها عقرب
" ما شأنك "
مطت سراب شفتيها
" شأني أنك حفيدة الوالي.. اين حقك "
فقالت الأخرى بمراوغة
" اضاعه جدك "
لكن سراب رمتها لتسكتها ... قبل أن ترميها ديالا بمهاترات لا فائدة بها.... فقالت بهدوء
" لو كان يعلم ما تمرين به لوقف له بالمرصاد "
ضحكت ديالا ساخرة هذه المرة لتهز راسها بتساؤل
" وانتي ماذا تعرفين "
أشارت سراب نحو عينيها لتقول بقوة ... وهي تشير حولها ...
" لدي عيون بكل مكان حتى بمنزلك.... تكفي لأعرف كم الإذلال الذي تعيشيه"
ابتسمت ديالا بتصنع … وقد بدأت حقا تغضب
" شكرا لك ... انا راضية بحياتي هكذا "
لكن سراب لازالت تسعى لإثارة غضبها ... فقالت بإمتهان
" يليق بك دور البائسة ... ابدعتي "
وقفت وهي تنوي الخروج... لتقول ديالا من خلفها
" إلى أين ... لم تخبريني هدف زيارتك "
" هدفي كان أريام التي لم تحادثيها منذ أسابيع .. لكن تذكرت أن يدك الان لازالت بطور التعافي ... "
كزت ديالا على أسنانها قائلة
" قاسية "
لكن سراب بدت مستمتعة بهذه المجادلة فقالت هازئة
" أفضل من اكون مغفلة ... انتبهي الاسنان الصناعية ليست كالطبيعية لا تحتمل للضغط عليها "
توسعت عيني ديالا ....و ابتلعت ريقها لتناديها بهمس شاحب
" سراب "
ردت سراب قاطعة كل المسافات و المقدمات ... ! لتقول مشددة وهي تقف بكبرياء
" إذا اردتي الطلاق سأقف بجانبك حتى تناليه "
فتسائلت ديالا بضعف بدأ يظهر
" و أمجد؟ "
صرخت سراب بها موبخة
" وما شأنك به "
لكن ديالا قالتها دون رادع ....
" أحبه ... وانا لا أضمن مؤيد قد يؤذيه"
قالت سراب بتأكيد ... كالبوة شرسة ...
" لا يقدر "
ردت ديالا بخوف.... وكم تمنت أن تبثها سراب املا حقيقيا بالخلاص
" فعلها مرة ماذا يعجزه الآن!"
اقترب سراب منها … لتقول بنزق
" حمقاء... اهربي بنفسك ".
حركت ديالا راسها بفزع...
لتقول وقد بدأ جدارها الواهي بالتحطم
" انتي لا تعرفين كمية الجنون الذي به... انه قادر على قتلي "
كتفت سراب ذراعيها لتقول بصبر
" و مالحل ؟ "
فقالت ديالا مستسلمة..... وقد جلست مكانها!
" لا حل سوا أن ابقى معه "
لكن سراب بداخلها تقسم
ان الأمر أعظم و اكبر من ذلك !
جلست بجانبها ... وكفها تحط على كتف ديالا .... فتأوهت ديالا بألم تجاهلته سراب... تنظر لعمق عينيها الخضراوين .... فتبثهما قوة
" ديالا .. اعترفي بالسبب الاخر .... لا اكون سراب حفيدة شاهر الوالي ... ان لم يكن هناك امرا اخر "
وهنا عندما شاهدت تذبذب ديالا تابعت... بنبرة قاطعة !
" قولي وعليك الأمان ... أخبرتك سأقف بجانبك "
فهمست ديالا وهي تغمض عينيها بتعب .. خجلة من ذاتها ووضعها
" تنازلت له عن ميراثي وحتى عن أرض ابي وعمي عمران.... "
وهنا كان دور سراب لتقف ..لتقول موبخة
" تبا لك جدي استأمنك عليها لتغدريه "
تجمعت الدموع بعيون ديالا ... لتقف أمامها .. قائلة بدفاع مخجل ...
" اجبرني ... جسدي بوقتها لم يحتمل كل هذا الضرب "
تمالكت سراب نفسها لتنفث غضبها .... هامسة بحذر
" إياك أن يعرف جدي ... إياك ... خصوصا موضوع الأرض ... كله عندي "
سالت دموع ديالا .... لتقول بقهر نال منها
" لو كانت معرفة جدي لا تهمني لكنت طلبت الطلاق منذ أول ليلة أهانني بها!"

**************
كقطبين متنافرين تشاهد صورته من هاتفها ....!
تهمس توعدا ناريا

" لا اكون سراب حفيدة الوالي إن لم اجعلك يا مؤيد تدور حول نفسك! "

صوت طرقات الباب..... جعلتها تنظر لمن دخل مذهولة
… مبهوتة من جمال طلته ووسامته....
وقد ظنت ان امثاله لا يأتون الا على التلفاز … او على المجلات
... طار كل ما خططت له لتناقشه مع ضيفها القادم بالطريق
لتقول بحدة وهي تحاول الحفاظ على ثباتها وقوتها !
" من حضرتك ؟ "
ابتسم متقدما منها برزانة مشيرا إلى ذاته بثقة ... معرفا عن نفسه
" انا .... شهم الجابر "

انتهى الفصل التاسع

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 07:41 PM   #46

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

الفصل العاشر بالمشاركة التالية 👍

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 07:42 PM   #47

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

#دع_وزرك_عني
الفصل العاشر

من بعيد يتلصص النظر إليها....
كما تعود منذ سنوات
يحاول أمجد إشباع ذلك الشوق الذي لا ينضب بداخله
هو القريب الذي بات غريبا
وهو الحبيب الذي آل الزمن عليه ليتحول عدوا !
كلمات سراب الهامسة تلفح رأسه كلعنة القيت عليه تعويذتها فلا تريحه
" وانت تنظر لنفسك بالمرأة هل ترى رجلا بحق "
نفض رأسه ... وعينيه رغما عنه تطلعت إلى المرأة الأمامية بالسيارة ... فتذبلان صاغرتين عندما التفت إليها منتبها لديالا وهو يراها تركب بالسيارة بجانب زوجها بكل هدوء ....
وضع يده على قلبه يسب هدوئها اللعين ... فيهدر غاضبا و الغيرةً تفتك بقلبه
هدوئها أثار بداخله ضجيج لا تَعرف أسبابه السكينة ...
فتيل الغضب والألم يشتعلان بأحشائه
" الرجال الحقيقين بالأفعال فأبهرنا "
ضائع ... حائر
لا يدري ماذا يفعل !
موصوم بالخيانة ....
... بقلة الحيلة و صون الأمانة !
اشتدت يديه على المقود لقد عاد لقصر الوالي قبل سنوات .... وقد قرر أن ينصرها وقد ظلمت بسببه دون قصده
ودّ لو يدافع عن ذلك الحب بقوة إن احتاج الأمر أن ياخذها ويرحل ... فليخسر كل شي و يكسبها
وما طعم الحياة إذا لم تكن ديالا بها !
وما نفعها اذا اختفت من حياته !
كم أراد أن ينتزعها من احضان مؤيد العدو الغاشم الذي استولى عليها بلا حق وهي حقه المشروع !
حاول أن يكون عادلا مدافعا ... وهو من صرح بحبها منذ الصغر أمامهم جميعا دون رادع.
مستحلفا جده لتكون قسمته من الدنيا و نصيبه !
حاول و يقسم مرارا لنفسه اللائمة .... متوسلا قلبه اليائس من بعدها أن يتجلد بالصبر ليتحمل العيش دونها !
و كيف له أن ينسى طيف ديالا
صاحبة الجديلتين الطويلتين بلون السنابل المداعبة لخيوط الشمس !
تذكر سن المراهقة كيف نشأت غيرته وقد فارت مشاعره بجموح لتنهش صدره كما الآن عندما قام صديقه بإبداء إعجابه بها ...هرول مصارحًا امه بحبها ... لتتحايل عليه قائلة أنها مجرد تهيؤات تخِيل له ... لأنه شديد التعلق ببنات عمه !
رد عليها امجد بذات التخبط والضجر الفتي انه لا يشعر بذلك إلا معها ... فتضحك امه بتوتر وتوليه ظهرها
ومرت السنوات و دخل أمجد الجامعة و كبرت ديالا صاحبة الجديلتين بما يكفي لتُطلب لزواج فيكبر حبها ويتبلور بقلبه
أدرك أمجد تماما.... أن النقاط يجب أن توضع بمكانها الصحيح بحياته ...
يحبها ...و يطوق بتشدق لوصلها لكن في اللحظة والسن المناسبين !
ثم اتت المرحلة الأصعب المصارحة .... ابتسم بوجيعة
يتذكر ذاك اليوم ... ربما ابتسامتها ما شجعه وضحد توتره
او نظرة الحب التي بادلته اياها من عينيها الخضراوين و اللتان أصبح لونهما داكِنا بما يكفي لتبرزان فيذوب صبابة بهما!
تذكر ذلك اليوم الذي عاد به ... إلى الوطن بعد طلب جده لذلك !
فصعد الدرجات بتعب حتى وصل لغرفته و توقف مصدوما بل مسمرا من هول ما رأى......
سمع صوت أنينٍ مكتوم ....
وقلبه يقرع و يهتف "إنه صوت ديالا"...
عاد ينخزه صارخا بهلع... وكيف له أن يجهل غنته ….
تقدم ببطئ متخفيا بظلام الممر ...
فإندفعت الدماء الحارة لأذنيه.... وقد شعر بصقيع مثلج يمتد على طول ظهره
انفاسه حبست تماما وهو يراها ممدة على سريره ومؤيد يجثم فوقها .. يقبلها شفتيها بشراهةٍ .... جعلت معدته تختض قرفا
توسعت عيناه وهو يراه يلوثها ... ويديه تتلمسها بطريقة أثارة حفيظته ...
وتلك الصورة التي بناها على مدار سنوات يختل وضوحها لتصبح عكرة !
أكثر ما يقتله هو انها مستسلمة وربما مستمتعة ...
…و كل هذا بغرفته وعلى سريره حتى يشعر بالاحتراق بصحوه ونومه !
لقد كانت من مصغرها أمامه وقد ولد حبها بداخله مع ولادتها
.. بأول صرخة بكاء اطلقتها لتثب حضورها بدنيا قلبه ...
من اول نظرة ألقاها عليها وهي رضيعة بمهدها وقد تفتحت كوردة منتعشة !
من اللحظة التي عرف انها مميزة لديه....
داراها محافظا عليها سنوات وهي ابنة عمه .... عرضه .... وصونها واجب عليه !
ما قد يمسها من كلام يمسه قبلها .....
ليأتي الآن ويشاهد أبشع وأفظع مشهد قد يتعرض له عاشق لنخاع مثله لينكسر شيء بداخله لا يمكن إصلاحه !
ليزيد الأمر سوءً أنه لا يملك الحق بدفعه عنها و إيقافه !
طوبا له و لنفسه التي صبرت عما رأت ... متمنيا لو انه مات و لم يشهد موقفا بات منخورا كالخبيث بذاكرته
زفر نفسا قويا... ثم ضرب المقود براسه بقوة .. ليقول مزمجرا متلظيا
" لا حق لي بها .... يالله متى سأعتاد "
يتمنى عله يفقد ذاكرته من تلك اللقطة الشنيعة وينسى !
ولكن هيهات لذاكرةٍ تعصف اضيف لجرحها ملحًا فألهبته "
إن تحكم بذاكرة عقله.... فهل له القدرة على حكم قلبه !
غضبه الناري اشتعل وهو يدور بسيارته عائدا للقصر حاقدا ناقما على سراب التي نبشت جرحه !

********

دائما كانت تعتقد أن من يملك ميزة المظهر... يفتقر للجوهر لكن "شهم الجابر " اثبت النقيض بجلسة واحدة!
متحدث ... لبق و سلس بالتعامل …
و من الرجال المتسمين بالثفل والزرانة … و نضاجة العقل!
محافظا على جلسته الهادئة قال شهم بصوت اجش
" هل لي بسؤال؟ "
أسبلت سراب جفنيها برفعة، كان شهم غشيما عن فهمها بشكل صحيح ... لتقول بنبرة قاطعة مشددة وهي ترفع لسانها بمماطلة
" كلا ... "
لكنه ظنها انها تمزح لتبدو حصينة .... فتابع قوله بذات النبرة الهادئة
" لماذا تريدين إعادة الأرض "
نهضت سراب من مكانها لتقف شامخة مقابلا له .... لتقول بجلافة وصلف
" أخبرتك ألا تسأل لك أن تنفذ وتقبض "
نظر شهم إليها مبهوتا لأنها احرجته ماليًا ... فقال مرتبكا
" عذرا أنستي "
انها سراب الوالي
لا تقبل بإدخال اي احد لحياتها ... الا بإحجامه و إعطاءه مكانه المناسب ولا تُسأل !
ابتسمت بتكلف لتقول ببرود
" بإمكانك المغادرة الآن... رقم هاتفي معك ... أخبرني بكل جديد "
نهض و العديد من الاسئلة تطوف برأسه ... يوصي نفسه بالصبر حتى تنتهي مهمته معها على أتم وجه !
جلسة قصيرة ... جعلته يضع تحتها مئة خط " الليدي أوسكار التي أمامه مغرورة " ...
بعد لحظات دخل أمجد كزوبعة مدمرة يهتف بها منفعلا بنبرة وحشية بعد ما شاهد مغادرة شهم من بعيد
" من هذا ؟ "
تمتمت سراب مسمية بداخلها متصنعة الاجفال... لترمش عدة مرات فتقول بسخرية
" وإن أخبرتك ستعرفه؟ "
تحركت بخطوات متكبرة ... وهي ترميه بنظرة مزدرية....
فلحقها....
" سراب "
قصف صوته الخشن مناديا عليها بصدى صالة الجلوس الكبيرة
مما زاد من استفزازه بعدما تجاهلته للمرة الثانية ...
كان بحالة كلمة غضب قليلة بحقها.... يعارك الشياطين التي تتقافز بوجهه الواجم … فقال محذرا بغضب وهو يسد باب الصالة بجثته
" لست متفرغا لمهاتراتك الغبية سراب من هذا "
زادت من استفزازه وهي تعلم أن أمجد غاضب لسبب آخر و يفرغ اشتعاله المبالغ بها !
لكنها بجنون قررت أن تتلاعب بالنار علها تشبع فضولها ...
جازفت وضغطت على وترٍ حساس مخيف .... فأمجد تعمى بصيرته عند غضبه!
أشارت بيدها ليهدأ فقالت بمراوغة
" على مهلك يا ابن العم ! لأجل صحتك "
زفر نفسا عميقا ثم رمى المزهرية الكبيرة لتتهشم لقطع صغيرة.... اما سراب فجلست على الكنب واضعة قدما فوق اخرى بكل بهاء !
وحاولت تمالك أعصابها و احتوائها للموقف !
عينيه كانتا كقطعتين دمويتين
حارقتين بدتا كفوهة بركانية تميز بحّممها ... فقال ببطئ كمن يتهجأ كلماته
" من الذي كان هنا ؟ "
ردت بذات النبرة وهي ترفع حاجبها المقوس
" لا شأن لك … التهي بنفسك "
صرخ بها بقوة مزلزلة
" سراب "
وقفت أمامه كسهم منطلق .... لتقول بحدة
" لاا تصرخ بي .... "
ضغط على قبضة يديه كمن امسك شيئا ما ... قائلا بتوبيخ
" اقسم اني سأهشم راسك الفارغة "
ردت ببرود تحسد عليه وهي تبتسم
" خسئت ... "
صرخ بها شازرا ... لتنزل فريدة من غرفتها وتراقب مالذي يحدث...
توسعت عينيها عندما رأت أمجد يقترب من سراب الواقفة بثبات
" ألا يوجد كبير لك ... نتحمل تصرفاتك ونصمت .... بوقت تظنيه خوفا الا انه شفقة "
توسعت عينيها لتقول بتساؤل غريب رغم قوته
" و على ماذا تشفق ؟؟ هل تراني معلولة ام بلهاء !! "
ثم قالت مشددة ترميه بنظرات مُهينة
ثم ليكن بعلمك لا ولن يكن لي كبيرًا سوا جدي ... "
ضحك وهو يمسد ذقنه.... ليقترب أكثر ويرى ملامحها التي قست عن كثب ... ليقول بخفوت هازئ
" بماذا تفاخرين ؟ "
ابتمست ببرود و ذقنها ترتفع بشموخ متحدي ... لترد بهدوء ظاهري.... وهي تشمله بنظراتها الحادة
" بعقلي يا مقتول العضلات "
هز رأسه بملل ... ليقول بجلافة
" الا يوجد لديك سوى هذه السيمفونية لعزفها على مسامعي .... صدقا .... صدقا لا يهمني رأيك "
افلتت ضحكة متهكمة منها ... لتسبل عينيها بلا مبالاة ... قائلة بسخرية
" لهذا السبب بالذات أمليها عليك ... فأنت شخصية أنانية بحتة لا تهتم سوى بنفسك "
سحب نفسا قويا... جازا على نواجده... يحاول أن يكون هادئا قدر المستطاع ليقول بخفوت محذر
" اسمعيني لن اطيل الكلام.... تعقلي .... تعقلي .... ثم تعقلي ..."
ابتسمت لتعود النار تنشب بداخله.... ليتابع قوله التحذيري
" كل شخص يدخل سأكون بعلم به ... لن ياخذ اي قرار إلا بعد مشورتي "
وهنا أرجعت سراب رأسها للخلف و قهقهت ..... وكم تمنت بداخلها لو كان فعلا سينفذ قوله ....
مسحت دمعة افلتت من طرف عينها اليمنى ... لتحمحم قائلة بسخرية
" اووف اضحكتني فعلا ... يا عفو الله ... ابن عمي الذي ترك البلاد سنوات فارًا بفتاة و فوق ذلك تزوجها دون اخبارنا ملحقا ايانا بفضيحة علنية... من قراراته المتسرعة التي اتخذها وحده ..... ابن عمي الذي رمى ابنة عمه وتركها تتعذب بجهنم لتذهب فداء له .... يملي علي أوامره... "
وهنا تحولت تلك الضحكة و ملامحها المنفردة إلى أخرى متجهمة ... حراقة... تنذر بقتله... لتقول بهسيس متوعد
وهي تشير خلفه " اسمعني جيدا أوامرك على عائلتك التي تقف خلفك لا تسري علي .... ضعها حلقا باذنيك علك تحفظها "
وعادت الي زهوها بنفسها المعتدة .... متابعة بذات الصلف
" أنا سراب الوالي لا أُؤمر .... ولا أهدد ...
فلا تجعلني انفذ قسمي لأني سأكون أكثر من سعيدة وانا ألوح لك بيدي وليست من اي مكان بل من نافذة الوالي تحديدا "
صمت و أمام عينيه تعاود صورة ديالا تستحضر .... متسائلا عن أي جهنم هي بها وماذا يحدث معها ..
قال منهيا الحديث و نظراته تنقلت من خلفه إلى امه الواقفة .... ثم عادت إلى سراب
اشار بسبابته منذرا بوعيد قادم
" حسابك كثر.... انفك المرتفعة ستسقطكِ مغروزة عليها يوما ... دمي ودمك واحد فلا تغتري بشيء نملكه جميعا "
صدرت من شفتيها المزموتين حركة رافضة مستفزة ... لتقول باعتزاز وهي تنظر إلى نهلة واليه
" لا انا مختلفة... دمائي نقية تماما فأنا ابنة الوالي من جهتين! "
اصابعه مرت على شعره الكثيف وكم تمنى الصاقها على وجنته... لكن ذرة التعقل المتبقية لديه تمنعه !
" اقترح انت تذهبي عن وجهي قبل أن أدق عنقك "
وقبل أن تتحرك.... صدح صوت جدها الاجش.... ليقول مترصدا
" ومن يجروء على دقها وانفي يشم الهواء "
قال الأثنين سويا بصدمة الجمتهما عن التهجم على بعضهما
" جدي "
أشار لهما بعينه ليغادرا ... فتحركا كل من أمامه ... واثقين أن يومهما لن يمر بأمان !
دق بعصاه الأرض... ليقول معاتبا كنته التي تكاد تنفجر غيظا
" وانتي تقفين يا نهلة ولا تفضين نزاعهم ... "
قالت بتدارك.... وهي تشيح وجهها عن عينيه الصقرية
" لقد أتيت منذ قليل ثم إن طويلة اللسان هذه سبت حفيدك الوحيد يا عمي "
تغضن جبينه.... ليقول بنبرة باترة ذات مغزى.... اخرست نهلة
"سمعت قولهما جيدا ... سراب تعتبر حفيدتي الوحيدة إن تكالب عليها من حولها! "

*****

لم تشعر بالمياه التي تغيرت ببرودتها وهي تحت الدش منذ اكثر من نصف ساعة
تتطلع لسقف الحمام وتتنهد وهي تدعوا ان تكون سراب صادقة وأهلا لتعيد الأرض لجدها...
فتغادر هذا البيت دون عودة ولو وضع وزنها ذهبا .... متنازلة عن كل شي له ... وستبدأ من جديد و تطوي صفحته
نظرت إلى جسدها ... تتحسس بقعه الداكنة المؤلمة....
تتسأل بيأس هل ستذهب يوما ما ؟
ثم تنتقل يديها إلى شعرها المبتل ...
لتتسائل مرة اخرى هل سيأتي يوم وتحب شعرها كالسابق رغم انه الان السبب الرئيسي بألمها....
هل يعقل انها تتألم من بفروة رأسها كأنها مشرحة من بطش قبضته الفولاذية !
اجفلت عندما شعرت بيديه توضعان على كتفيها.... ارتعاشة مخيفة شعرت بها
هل يعقل أن يكون سمع ما تفكر به....
امسك مؤيد بسائل الاستحمام و بدأ بوضعه على جسدها... ثم دعكه ...
كم أرادت البكاء... حتى بالحمام يحاصرها من الاختلاء بذاتها !
تهمس لنفسها بالصبر ... و كأنها تحادث سراب
" اسرعي ارجوكي لا أظن اني بت قادرة على التحمل أكثر ! "
ثم افلتت من شفتيها المزموتين تأوهًا حارقًا وقد مرت يده على كدمة الموجودة أعلى كتفها
حاولت التخلص منه وهي تبعد يديه لتقول بارتعاش
" سأنتهي من حمامي اخرج من هنا ! "
لكنه لم تبدو لديه النية بالخروج !
ظل واقفا يتطلع إليها بنظرات فجة... حارقة شملت جسدها
الذي اخفته بالمنشفة فبدت شهية لديه
...مشت ديالا بوجل تحاول تجاوزه .. لكنه قبض على مرفقها ليقول برغبة صريحة
" أريدك ... "
سحبها معيدا اياها إلى الحمام ..... وقد أعجبه الوقوف تحت رذاذ الماء معها ....
سارع بعجل ليخرج قميصه من بنطاله بعد أن فك ازراره واحدا تلو الآخر
كم تتمنى لو أن الشباك اكبر فتخرج منه...
أمسكها مؤيد من رأسها ليقبل ذقنها بقوة .... و داخلها يجيش معترضا " لن أتحمل "
فلم تجد نفسها الا وهي تدفعه بعيدا عنها
.... انفاسه تملأ الحمام من قوة هدرها.... يشتهيها وكأنه ما عرف زوجة قبلها ... بل وكأنه لم يمس جسدا قبلها او بعدها
يطوق لتقبيل شفتيها و يستشعر نعومتهما .... أعاد الإمساك بها .... وهي تحاول جاهدة الابتعاد ... لتضع يديها حاجزا منيعا
" مؤيد توقف .... اسمعني "
يهمهم بتلذذ انه يسمعها .... وهو يقربها من جسده عنوة ... يباغت شفتيها بقبل فجائية جعلتها تختض .... ضغط على يديها المصابتين بقوة .... يود الاستشعار باستجابتها معه.. وإن كان كذبا
صوت تأوهها الذي شاركه بظفر .... عينيها المغمضة بألم ... يعرف و يدري انها لا تطيقه .... لكنه سيغمض عينيه أيضا .. و يتخيل ما يبتغيه و يتمناه منها !
الرضى...
شعرت ديالا بروحها تطبق عليها .... ومعدتها بدأت تنقبض...
تملصت منه وهي تقول بإنهاك " ابتعد اشعر اني سأتقيء "
اعادت شعرها للوراء.... لتتسنا له الرؤية بوضوح اكبر .. كان مؤيد يلهث وصدره يرتفع و ينخفض انفعالا ... اما عينيه تقدحان شرارا تعرفه
امسك بها ثم الصقها بالحائط ... ويديه خلف ظهرها حتى لا تتأذى ....
وشفتيه الجافتين عاثت البحث عن نقطة استجابة ترويهما ..... لكنها بدت مقاومة رغم انها الطرف الأضعف ....
تنقلت قبلاته على طول رقبتها.... و الفرحة شقت طريقها لقلبه عندما شعر بإرتخاء جسدها ....
ما إن رفع عينيه المتوهجتين برغبة ضارية..... حتى صدمه اصفرار وجهها ويدها التي تكمم فمها بقرف ....أشارت له بيدها الأخرى أن يبتعد إلا أنه ظل واقفا كالطود .... فلم تشعر ديالا بنفسها إلا وهي تتقيء على جسده المتمسك بها .... و تخر واهنة ... مغيبة... لكنها أمسكها ....وقد بدأ الارتعاب يزحف لقلبه خوفا عليها !

*****

تدور بيده مسبحته التي اعتاد حملها....
و امامه كوب من الأعشاب و رائحته الزكية تعبق مع سخونته ...
قال ببشاشه يخصها بها
"ذات الشعر الأحمر لا زالت محتالة ... ترشي جدها بكوب من الأعشاب حتى لا يغضب "
ابتسمت بتودد... و عينيها تؤكد قولها
" تهون علي نفسي ولا يهون علي غضبك "
أمسك الكوب ليرتشف منه .... ثم أعاد النظر إليها... ليقول بهدوء مهيب
" لسانك سليط يا ابنة قاسم "
احمرت وجنتيها ... لكنها ردت عليه بدهاء
" بالحق يا جدي "
ضحك بخفر ... ليقول بنبرة خشنة وهو يرفع مسبحته ....
" لا اكون جدك اذا لم تكوني انتي من اغضبته "

ضحكت سراب.... وقد نزعت عن ذاتها وجه البرود بوجود جدها !
لتقول معترفة
" قليلا .....لكن صدقني انه أخطأ بحقي .... و انا لا ارتضي المهانة لنفسي ! "
قال ناصرا لها ... وهو يتأمل ملامحها الرخامية ...
" ولا انا أرتضيه .... سأجعله يعتذر لك ِ "
ربتت على كفه ... و رأسها يرتفع بجذل من قوله.... لترد بتأكيد ... تحاول إعطاءه الراحة... فمهما كان جدها بهيبة ملكية طاغية ... فإنه العمر به كفاية !
" لا داعي يا جدي سيأتي و يعتذر بنفسه ! "
قال مباغتا .... يجس نبضها ...
وأنتِ لن تعتذري له ؟ "
قالت بدفاعية .... رغم هدوئها
" بماذا اعتذر على صراحتي معه .... لا أذكر انك ربيتني على الكذب... وانا ما اعتدته سلوكا لي أتبعه "
ارتشف من الكوب مرة أخرى .... ليقول مغيرا الموضوع!.
" كيف اصبحت اريام .... الا تزال حبيسة بغرفتها "
ارتبكت قليلا ... فقالت سراب صراحة
" نعم ... تريد رؤية والدها ... فما رأيك ان تأذن له بالقدوم ؟ "
زفر الوالي مهموما ... ليقول بنزق كلما تذكر عمران
" بعده افضل لا يأتي إلا ويضعنا بالمصائب "
ردت سراب.... لتقول بجراءة !
" ربما لو كان تحت عينيك سيكون حاله افضل ! "
كشر الوالي ... وهو يهز رأسه رفضا... ليقول بصوت ٍ عميق..
" عمران بذرة فاسدة ... أليس ولدي !... و كل أب يدري مكنون أبنائه "
تسألت بحمية.... تحركت بداخلها لتقول بفتورٍ غريب
" وما ذنبها "
قال بصوت اجوف محققا ما أرادت سماعه بصراحة
" ذنبها انها ابنة عمران ... وستتحمل وزر ابوته طوال حياتها "
قالت بمراوغة ... وهي تنهض لتضع الكوب بالصينية كوسيلة تهرب مما باحت به ....
" هو عمي وابنك فهل الوزر يتبعنا نحن أيضا ؟ "
أمسك كفها ... لتلين نظرتها لثنايا وجهه .... فقلبت كفه لتقبل ظهرها ... قال راضيا عنها
" مالذي تحاولين الوصول إليه ؟ "
جلست بجانبه وهي ما تزال متشبثة بكفه
"احاول ان أصل انها حفيدة الوالي فهذه تكفر عن تلك ! "
ضحك متشدقا ليقول بصوت رخيم
"محتالة "
رفعت كفها باستسلام لتعاود تطلبها !
" محتالة ... محتالة لكن دعه يأتي ليراها على الأقل "

صمت قليلا ليقول بصوت كاره... مهموم من أفعال عمران
" حياته اما بالفندق.... و بالمصح .... الم أقل لك أن الأب يدري مكنون أبنائه !
وانا لا استأمن ولدي على ابنته "
اقشعر بدن سراب مما قال جدها
... فهمست لذاتها بضيق
' يبدو أن القدرة القوية على معرفة أسرار الوالي ستشقيني حتما '
ليلا
" أريام "
لهاثها الساخن جعل شفتيها بيضاوين متشققة بسبب حرارتها المرتفعة ....
لعقت ملاذ شفتيها وهي تنهت بتعب ... و مواقف كثيرة و أصوات أكثر تتداخل برأسها
" يا دعجاء العينين "
فتحت عينيها بألم وهي تشعر بالحرارة تشع منهما ككل جسدها
الذي يختض ونهلة تضع لها الكمادات الباردة على جبينها الساخن ... همست ملاذ بتعب ويدها تتمسك بيد نهلة الموضوعة على رأسها ... لتبتسم والهلوسة بدأت تجعلها تنادي نهلة بما تمنت منذ مصغرها .... أن تناديها مثلما تناديها فريدة وامجد .....
رغم انها كلمة صغيرة لكنها توقفت على رأس لسانها خجلا من البوح بها لامرأة لم تلدها ....
" امي " وعيناها الذابلتين نصف مفتوحه من الإرهاق ....
وابتسامة زوجة عمها لها وإن كانت عادية لكنها شجعتها أكثر .... لتبتلع ريقها الجاف وتناديها مجددا بكلمة لم تنطقها ابدا ... ولم تشبع شوقها المضني ....
لأول مرة تعصي اباها الذي كان يريها صورة امها ... ويحدثها عنها بالمرات القليلة التي رأته بها ... تقوست شفتيها لترتجف تعبا
وتعود لتنادي تلك الصورة الصغيرة لأمراة اطلق عليها أم جهلت طعم حضنها و حنانها ! ولعلها تستحضر طيفها
... ردت عليها نهلة وهي ترى اختضاض جسدها الورقي الباكي !
" انا معكِ حبيبتي لا تخافي ستزول حرارتك !"
رأسها يتقلب بألم من الطنين الذي بداخلهما لا تسمع سوى صوتها الأجوف المحشور بهما !
فتحت عينيها المرهقتين لتجد أمجد مكتفا ذراعيه يتطلع إلى تقلبها !
أمجد الذي كان يسب عمه بداخله ... مستخسرا به فتاة مثل أريام و براءتها وطهرها
يتمنى أن يجمعه مع سراب سويا بغرفة واحدة ويدق رقبتهما و لتعم السعادة!
صوت تألمها .... كلما وضعت أمه كمادة جديدة على عينيها ..
وكفها المرتجفة التي تمسك كف أمه تشبث بها كالطفلة كلما اجفلت من برودة الماء
تماما كما كانت تفعل وهي صغيرة... تتعلق بأذيالها .....
" حرارتها لا تنخفض .... يجب أن يراها الطبيب "
صوت امه المتوتر جعله ينخفض على عاقبيه جالسا أمام أريام ليربت على رأسها بحنية !
فتحت ملاذ عينيها بإرهاق لترى أمجد الذي يبتسم لها ... لتمسك اصابع يده الكبيرة و تضيع كفها الصغيرة بهما فقالت كأنها تسجديه " أمجد " !
نظر لأمه ليهم قائلا " سأحضر لها طبيب هذا لن يجدي! "
هزت أمه راسها تأييدا ... لكن ملاذ همست برفض هلع " لا "
نظر أمجد إليها متعاطفا... ومتفهما خوفها ... حاول مهادنتها ليتوقف نشيجها
لكنها أبت لتقول ببكاء
" لا أريد أرجوك... "
نظر إلى أمه متغضن الجبين ليهمس بخفوت
" هل تخاف ؟ "
تنهدت أمه من التعب " احضره مبكرا يا ولدي.... قد تسوء حالتها ليلا و لن نجد طبيبا "
أمسكت ملاذ بالقماشة التي على رأسها ورمتها لتعود باكية
قال أمجد بحدة مصطنعة
" ماذا بك يا ملاذ تحملي قليلا ... "
قلبت رأسها تبحث عن وضعية تريحها من ثقله لتنادي أمجد الذي استدار مغادرا ... فلتفت إليها ملبيا " اريد ابي احضره ... أنت الوحيد القادر على فعل ذلك ... او خذني إليه .... "
نشجت بتعب و إرهاق
" لن أتحمل ابتعاده أكثر أرجوك احضره "
أما أمجد استدار مغادرا و داخله نارا متبقية ... تولعت من بكاء أريام الحزين يتمنى افراغها بعمه لتأكله و تحرقه !
لكن مهلا ليجده أولا ...

********
وضعت يدها على معدتها المتوترة .... والألم يهتاج و يتجدد بها !
سارع لستر جسدها بعد أن نظفه من تقيؤها ....
و عينيها الميتتين بنظرتهما تسيلان كشلال لا ينضب
طرقات خفيفة على الباب... و عائشة بوجه ممتقع عندما وجدته عاري الصدر مع ضرتها... أعطته الكيس وبه ما طلبه ....
هربت من عيون ديالا التي قتلتها لوما .. لكن الآخرى نظرت بيأس لها وماذا بيدها أن تفعل إذا مؤيد أمر !
اخرج جهاز كشف الحمل من الكيس و ديالا قلبها يخفق بهلع
ثم أمسكها عنوة لتنهض لكنها أبعدت يديه القويتين عنها لتقول بإستياء
" مالذي تفعله أخبرتك اني لست حاملا "
رد مؤيد ببساطة وهو يبتسم بسماجة....
" جربيه لن تخسري ! ... سأساعدك على النهوض"
أمسك مرفقها ليجبرها على التحرك باتجاه الحمام ... اما هي فتأففت بتوتر لتقول بمسايسة
" مؤيد .. ... انا متأكدة انا لست حاملا ... هذا برد ... الطبيب اخبرك اني لن أحمل "
دفعها ويده تسند جسدها الضعيف على قوة جسده ....ليقول بتهكم وهو يلفح خدها بقوله !
" بعد أن رزقت بثماني بنات .... أصبحت على دراية متى تكون إحدى زوجاتي حاملا.. ثم إن الطبيب قال اذا التزمت بالعلاج ستحملين "
لعقت شفتيها بتوتر ...لتقول بإرتعاش
" و افرض اني حامل "
قبل كفها الموضوعة على صدره ليقول بحالمية
" سأكون اسعد رجل بالحياة "
تبا لك ... لم تجد نفسها الا وهي تقول بتعنت ....
" وانا سأكون اتعس إمرأة بالعالم .... "
ضحك بخشونة..... ثم يده اشتدت حول كفها يكاد ان يهشمها.... لكنه همس لها
" انهضي وجربيه ... ولا تجعليني أدخل معك... واجبرك على ذلك .... ! و ادعي الله ألا تكون النتيجة سلبية حتى لا تنالي ما تحُكني يدي لفعله "
بعد لحظة نظر لساعة يده
... منذ خمس دقائق وهي تغلق على نفسها باب الحمام....
طرق الباب بقبضة قوية مناديا عليها لكن الصمت كان الرد الوحيد !
مسح تعرق جبينه .... ليدفع الباب بكتفه حتى فتح ....
وجدها على الأرض تبكي بصمت والجهاز بيدها!
جلس أمامها يمسح دموعها .. فقال بتوجس " سلبية؟ "
عادت لتبكي بيأس وجسدها يرتجف فما كان منه إلا أن يحتضنها !

يقفون ثلاثيتهم منتظرين انتهاء الطبيب من فحصها
وجه أمجد شع محرجا وهي ترفض أن يعطيها ابرة بالعضل
حتى سراب التي نهرتها لم تفلح بثيها عن طفوليتها اتجاه ابرة صغيرة ..... !
بعد لحظات خرجت نهلة لترتاح قليلا بغرفتها....
و سراب جلست أمامها وهي ترتب الأدوية على الطاولة المستديرة لترى مواعيدها
توقف أمجد خلفها !
لتتطلع إليه بطرف عينها ثم تعود لمباشرة ما تفعل !
ليقول بإرتباك
" أنا "
قاطعت قوله لتقول بترفع وهي تنظر لعمق عينيه
" لا عليك اعلم أنك كنت غاضبا مسبقا و ليس مني ! "
ضحك ساخرا وهو يتطلع اليها دون مبالاة
" من قال سأعتذر لكِ ؟ "
مطت شفتيها بحنق لتقول ببرود
" الأصول يا ابن عمي "
التفتا الاثنين لهمهات أريام
ثم قال أمجد بصوت غير راضي
" سأكلم عمي غدا صباحا ليأتي "
ابتسمت سراب هازئة … وهي تشوح بيديها بملل!
" لن يرد على هاتفه .... كلمناه كثيرا ! "
" ايوب "
تصنمت سراب بجلستها ... لتتجمد ملامحها كسطحٍ رخامي باهت ... أما أمجد عقد حاجبيه بتوجس ليقول مشدوها
" ماذا تقول ؟ "
ابتلعت سراب ريقها .. وهي تتمالك نفسها ... لتقول بهدوء
" لا أدري ربما تنادي والدها ! ...."
اصابعها اخذت تطرق على يد الكرسي بتوتر عل أريام تنزعج وتصحو
كانت سراب بداخلها تدعو الله ألا تعود أريام وتنادي أيوب
وتحققت امنيتها بشكل عكسي ..و عادت لتناديه بوضوح رغم تحشرج صوتها ...
اظلمت عينا أمجد وقبل أن يتحدث رن هاتف سراب .... لتتسع عيناه ... وسراب تراقب تغير ملامحه من المتصل الذي يلمع على شاشة هاتفها … أمسك الهاتف واعطيها اياه وقلبها يقرع
وقد ظنت أن أيوب اتصل بها!
لكنها ضحكت ساخرة وهي تقول له لتغيظه " آه ... ديالا ... ما رأيك ان تجبها عني "
ظل واقفا مستفزا .... لكن ووجه الاسمر بدأ يشحب تلقائيا .... اما سراب فتحت الخط لتسمع اهتزاز صوت ديالا وببكائها .... لتسأل بارتياع جعل أمجد يقف مترقبا بحواسه ....
" ماذا هناك ؟ "
شهقت ديالا باكية " أنا حامل "
افلتت ضحكة متهكمة من سراب.... التي اسبلت عيونها وهي ترى توتر أمجد ... لتقول بصوت أوصلته إليه بغطرسة
" مبارك.... يال سعادتي سأصبح خالة !"

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 07:43 PM   #48

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

#دع_وزرك_عني
الفصل الحادي عشر

تمتماتهن المغتاظة بالأسفل بدت قريبة لسمعها وإن اختلطت مع أصوات الخضار الموضوعة بزيت القلي !
بينما كانت صفاء الغاضبة تحرك بخليط ما بين يديها... كانت عائشة تسكتها متأففة
" لا أدري دافعها الرئيسي لتتحمل .... لو كنت مكانها لرحلت! "
ابتسمت عائشة لتقول باستخفاف من عقل ضرتها
" لكن أنتي مكانها فعلا يا صفاء ... فإرحلي "
استدارت صفاء و الحنق يملي وجهها الاحمر المتعرق من حرارة المطبخ ... ويدها تلوح بمغرفتها لتقول بصوت مخنوق
" لكن انا لدي أسبابي هناك ثلاثة بنات برقبتي ... لا قادرة على تركهن... ولا قادرة على اخذهن "
انخفض صوتها لتقول باستهزاء يائس
" و هذا إن سمح لي برؤيتهن أصلا "
تنهدت عائشة لتقول بروية
" ماذا يحصل معك يا صفاء ... مؤيد لم يتزوجها حديثا "
اشتدت قبضتها لتقول بغيرة ذبحتها لا قدرة لها على كبحها
" الذي يحصل إني إمرأة بقدر حزني عليها لكني أغار على زوجي منها ... قلبي يحترق دوما كلما رأيت حبه لها... بل ليس حبا أنه متيم بها .... مسحور يا عائشة ! "
سرحت نظرات عائشة المنغلقة لتقول لها بتعقل ... وهي تكمل تقشير البطاطا التي بين يديها بمهارة
" اهدئي و انتبهي لبناتك .... ليس لنا حكم على قلبه " .
هدرت صفاء بها غاضبة... تجز على أسنانها .... وهي تخطو لتجلس قبالتها على الطاولة
" انت لا تشعرين بناري "
ارتفعت نظرات عائشة الجريحة... لتقول بصوت مثقل ... وجرح قديم قابع بنياط قلبها ينخر أنوثتها التي قتلت بزواج مؤيد عليها
" بل انا من تعرف ....
هذا تحديدا ما شعرت به عند ما خطت قدمك هذا المنزل! "
تلكأت نظرات صفاء لتقول بإرتباك .. تبوح بمخاوفها
" لكن انا لي أسبابي للموافقة من الزواج ... وصلت لعمر كبير ... تعبت من كلمة " عانس " أردت أن أكون زوجة لها بيتها. ... أردت أن أصبح أما
وقد خفت أن أشيخ قبل سماعها... خشيت أن اموت ولا احد بجانبي "
ارتفع حاجبي عائشة لتقول بملامح باهتة باردة لا تعكس عم يعتمل في قلبها
" و هل كانت هذه الأمنية لا تتحقق إلا بزيجتك من زوجي "

طافت ملامح الخزي والحزن على وجه عائشة لتقول بهوان
" وهل دق بابي غيره ... ثم انك لم تعترضي "
ابتسمت عائشة .... تتذكر تلك الأيام المجحفة ...
جسدها الذي هزل من كثرة الحمل و الولادة ترقبا لوصول ولي العهد الذي لم يشأ له الوصول ... فحكم عليها انها ام البنات وكأنها تعمدت ألا تزرع برحمها إلا بذرتهن !
مقررا أنه حان عليه تغير الوعاء الحامل لأطفاله لعل بها خللا عسيرا .... تنهدت عائشة بقلبها لتقول بفتور خافت
" لكل منا أسبابه بقبول شيء لا يريده! "
لكن صفاء لازالت تدور بدائرة مفرغة .... تتلقاها ضرتها بصبر فذ … لتقول الأخرى بحسد
" بجمالها و حسبها كله يؤول طوعا لرغباتها ! "
ردت عائشة ببساطة وهي تنهض ..... و قد منحتها السكين التي تقشر بها!
" قشري البطاطا أفضل من أن يأتي مؤيد بغته ويفرغ سلاحه الذي ينظفه خارجا براسك! "
و لحظة واحدة تلاقت نظرتين الأولى طافت وجعا ... ولا تدري ما دورها ظالمة ام مظلومة!
و الأخرى أسبلت لها جفنيها تبعث السلام .... !
استدارت لتخرج.... لكن الصرخات الضاحكة من لجين التي تركض باتجاهها أوقفتها .... ترفع يديها حتى تحملها .... لكن عائشة تبعت ابنة ضرتها لتقول بمودة
" أتركيها لولو خالتك متعبة "
همست ديالا وهي تنخفض لمستواها.... وتحملها..فبدت نظرات عائشة غير راضية بتاتا... لكن ديالا ابتسمت لتقول بسعادة متداعية
" لا مع لجين أكون بأفضل حال "
توجهت ديالا بها للحديقة الخارجية ..... اما لجين فأخذت تتلاعب بخصلات شعر ديالا بانبهار ... تلفها حول اصبعها الصغير .. لتقول هامسة بطفولية
" بابا يقول إن السلاح خطر... "
أومأت ديالا برأسها لتقول مؤكدة
" صحيح "
وضعت لجين اصبعها على فمها تفكر بما رأته ... لتقول متعجبة وهي تمط شفتيها دون رضى
" خالتي لماذا يلعب به بابا إذا كان خطرا "
هبطت بها أرضا ... وعينيها تلمح مؤيد الذي يجلس على الكرسي و أمامه منضدة صغيرة يفرد عليها أجزاء سلاحه و ينظفه بمهارة! ...
نظرت ديالا إليه و عينيها تشتعل كمدا لتقول بتحشرج
" لا تقلقي صغيرتي والدك كبير و محترف بالتعامل مع أسلحته ... يعرف جيدا كيف يطلق وأين يصيب هدفه "
صوت يمنى من بعيد .... تلوح لها بإحدى يديها حتى تراها ... ويدها الأخرى تحمل بها قفصا صغيرا تداريه
... فينقبض قلب ديالا رغما عنها وهي تتطلع إليها لتراها تكبر لتشبه اختها نسمة !.... توقفت وهي تلهث قائلة بتعجل و استنجاد
" خالتي ... يا خالتي ...ألست طبيبة انظري الى عصفوري يبدو حزينا منذ أن مات العصفور الذي كان معه ! "
جلست أمامها واصابعها تنقر القفص.... لكن الطائر بدا خاملا... يائسا مثلها تماما ... نظرت ديالا ليمنى وقالت بتودد
" اطلقي سراحه ... دوائه الحرية ! "
احتضنت الصغيرة القفص...لتقول بجزع
" لكني أحبه "
وضعت ديالا يدها على كتفها الرقيق ...تحاول أن تنادي ولو مرة وتهتف باسم الحرية وتنجح بنيلها دون خوف .... دون أي سد منيع يقف بوجهها ! .... قالت ديالا بصوت مترفق ....
" إن كنتي تحبينه حقا ستخرجينه من قفصه .... لن ترضي موته أمام عينيك الحلوتين ... هل تحبين أن تحبسي بقفصٍ مثله طوال عمرك"
تلكأت يمنى... وهي تقضم شفتيها بتوتر
" لكن "
أمسكت ديالا يدها و اخذت القفص لتضعه أرضا...اما الصغيرتين فكانتا تراقبان تحركاتها بدقة ... قالت ديالا وهي تبتسم بسعادة ... وقلبها يختض وكأنها هي من ستحرر من هذا الحبس
" سنحرره سويا .... حتى يصبح سعيدا .... ضعا يديكما فوق كفي وسنبدأ العد "
أمسكت الطائر بيدها... لتجتمع كف الصغيرتين معها وكأنهما يساعدانها ...
" حسنا "
تلك اللحظة الذي طار بها العصفور محلقا وهو يحوم فوقها كأنه يشكرها لأنها أعطته حقه المسلوب ...
للحظة تمنت و أرادت أن تتمسك بقدميه وتهرب معه .... اشرأبت رقبتها وهي تراه يعلو ثم دماء أردّته ... و سقط على الأرض
ميتا مع ابتسامتها الي اختفت مع الطلق الناري !
" مسكين من يظن أن بالحرية أمانًا يحميه من لقاء حدفه .... "
تلك السحابة السوداء التي تغيم فوق رأسها ذلك الشبح الذي يرعبها في كل طرفة عين
إن مؤيد السفاح ليس بشريا ... بل هو قاتل للسعادة لا يعرف سوا الأنا .. هادم اللذات و صفر الإنسانية!
يده لازلت مرتفعة بالمسدس الذي اطلق به .... اما الفتاتين هربتا مذعورتين من المشهد !
و ديالا لازالت قابعة أرضا...
دونا كما أرادها دائما .... لينظر لها من علياءه !
وكلماته بانت أكثر وقعا عليها من دوي الرصاص ... لتبقى جامدة باهتة وكأنها الطلق أصاب قلبها .

****************************

كرسيها الهزاز لا يساعدها لترتاح بل يزيد من توترها
....لم تنم تلك الليلة .... وأفكارها التي نظمتها حتى النهاية دخلت بدهاليز ومتاهات لا قرار لها ... شعرت أن كل شيء خططته سيذهب هباءً ...
في الوقت التي كانت به ابنة عمها عاقرا عن الحمل ..
في ذات الوقت التي قررت سراب أن تفك قيدها... أتت معضلة اخرى كبلتها
بكاء ديالا البارحة لم تفهم أسبابه هل كان يأس المساجين من خلاء السبيل أم لأن فطرت الأمومة بداخلها تحققت اخيرا بعد سنوات و قد ظنت أن رحمها صحراء قاحلة لا تينع!
نهضت متحركة الى غرفة ملاذ ... ولا تعلم اليوم ما بها ليست سراب الوالي من تسلم ذاتها لما يعتمل بقلبها ....
لكنها اليوم بدت كأنها بخطر تتوقع حصول شيء سيء!
"ملاذ "
لكنها لم تسمع ندائها نائمة بعمق بعد تعب اضناها... نظرت إلى انتظام تنفسها ... لتجس بيدها حرارتها التي انخفضت للحد الطبيعي..... فتقع عينيها إلى علبة الدواء المفتوحة لابد أن نهلة سقتها دوائها!
رفعت الغطاء المنحسر لتغطيها جيدا به ....
بعد لحظات من جلوس سراب أمامها رمشت ملاذ و جفنيها المثقلان يتفتحان بصعوبة عصية...
تترقب سراب صحوتها مغتاظة.... من طريقة استيقاظها وهي تفرك عينيها مرارا تتمسح كالقطط ثم تبتسم لمن يقابلها
" صباح الخير "
ابتسمت سراب تلك الابتسامة الجانبية الساخرة التي تشتهر بها لتقول بصوتها الابح
" سندخل على المساء.... كيف تشعرين "
نظرت ملاذ لها مليا ... ثم عدلت من جلستها ... لتقول بهدوء خافت بسبب نومها الطويل
" بخير الحمد لله "
كانت عينا سراب بتلك اللحظة شاردة ... متباعدة... وقلبها اليوم يرسل إشارات منقبضة لتشعر ......و كأنها بخطر
" وجهك يبدو شاحبا "
وصوت ملاذ الذي نبهها أن تتجلد أكثر. . الا تبدو مكشوفة ... لتقول سراب بتلقائية
" اشتقت للخيول "
رأت سراب تغضن جبين ملاذ قرفا .... والتي رفعت الغطاء على جسدها أكثر.... لتتخفى به رويدا
نطقت سراب بصوت تحاول جعله طبيعيا قدر الإمكان
" هل تودين الذهاب معي؟ "
وقبل أن ترفض ... تذكرت المرة الأخيرة.. عندما رافقتها .... مستذكرة اللقاء الأول لها مع أيوب
وقبل أن تخرج سراب هتفت ملاذ بحماسة الذكرى
" نعم "

*************

نظرات نهلة الغير راضية عن خروج ملاذ التي لازالت لم تشفا جيدا ...
لكنها أثرت الصمت أمام حبيبة جدها !
توقفت فريدة بجانب سراب لتقول بصوت منخفض
" وانا اريد الإتيان معكن "
وقبل أن ترد سراب قاطعتها نهلة معترضة
" لا ... أنتِ لديك دروس "
ترقرقت عيني فريدة لتقول بتوسل
" امي أرجوكي "
لكنها قالت وهي تجحد سراب بنظراتها
" لن يعجب أمجد خروجك دون إذنه "
عرفت سراب ما ترمي إليه زوجة عمها فقالت بفتور وهي تتلاشى النظر إليها
" ابقي يا فريدة … واسمعي كلمة أمك و خذي الأذن من اخيكِ "
شددت على كلمة اخيك قاصدة استفزاز نهلة التي قالت معاتبة
" وانت الا يجدر بكِ ذلك ؟ "
لكن سراب أولتها ظهرها بتحقير... متجاهلة زوجة عمها بأسلوب وقح قائلة ببرود جّم
" هيا أريام لنخرج "
فغرت نهلة عينيها.... و التي أخذت تتمتم ساخطة من أفعالها التي لا تطاق !
بالطريق شعرت باهتزاز هاتفها وهي تقود سيارتها ثم نظرت إليه لترى إسم " شهم " ردت عليه بعد أن ركنت سيارتها جانبا
" مرحبا... أنستي اعتذر عن الازعاج "
قاطعته بصلف متعجل ليختصر
" هل من جديد "
هز رأسه بنعم.... كأنها تراه ليقول مؤكدا بثقة
" نعم على كل حال أنا اقتربت من منزلك !"
بإستياء حالها قالت بتسلط
" إذا إستدر وعد ادراجك أنا خارج البيت "
لكن شهم ظل محافظا على صبره... ليقول بروية
" متى ستعودين "
ثم صحح قوله
" أقصد أريد رؤيتك ... سأحصل على الأرض خلال أيام! "
هتفت سراب وقد بدأ توترها يتفتت لتقول أمره حتى يكمل واجبه....ضاحدة فرحتها المبطنة حتى لا يبان واجب فعله عظيما
" سأُملي عليك مكاني تعال إلى هناك "
وأغلقت الخط !
أما ملاذ كانت مسافرة بأمنية لقاء وحيدة ....
تريد صدفة واحدة مجددا تجمعهما سويا كتلك المرة
ترضي قلبها الذي يدق الآن على سيرته !
بعد نصف ساعة بينما هي تمسك بالخيول بمهارة ..
لتتمشى بهن بسرعات مختلفة دون امتطاء
نزل شهم من سيارته... و توقف عند الحاجز الخشبي ... ينظر إلى سراب بانبهار حقيقي ...
بينما يلمح فتاة أخرى بقربه لم يتمعن ملامحها جيدا....كان تمسك بالحاجز الخشبي بتوتر !
اقترب لجانبها ونظره ما زال مصوبا اتجاه سراب ...
التفتت ملاذ إليه
ليقول شهم مبتسما بهدوء خفي وهو يلمح وقفة سراب البادية بها كفارسة قوية ببنطالها الجلدي الاسود ...
لاشيء يميزها إلا داخلها الواثق و المعتد بنفسه .... وربما خارجيا شعرها الأحمر
بياضها بشرتها كان ناصعا و كأنها أروبية ....
فحسب ما علم به شهم من خلال بحثه !
أن سراب لديها جذور غربية من وجهة الام... وهي الأكثر شبها بجدتها الاجنبية أيضا!
الغريب أن كل المعلومات التي جمعها عنها مكشوفة ... ولا ريب بها !
التفت إلى الفتاة الأخرى ... ثم كشر مفكرا اين رآها ؟
ليقترب ملقيا التحية عليها... لتردها بحياء !
فقال بلباقة اتقنها " انا شهم .... يبدو انك تعرفين الآنسة سراب جيدا"
ارتاحت أساريرها قليلا لتقول بنبرة هادئة
" نحن بنات عموم "
وسهم فجائي اخترق رأس شهم
أوراق عدة... صور عديدة معلقة نصب عينيه.... ودوائر حمراء
كيف له ألا يذكرها
" أريام عمران شاهر الوالي "
هي سر الوالي الحقيقي الفتاة المجهولة نسبيا... وبمعلومات خفية ... !
صوت صهيل الخيل جعله يترقب قدوم سراب التي لمحته لتعطي خيلها لسائس وتتقدم باتجاهه
!
وقوف شهم بجانب ملاذ هكذا يجعلها تشتم رائحة لا تعجبها ولن تتسرع بتفسيرها فدور شهم بات قريبا على الإنتهاء !
لازال يترقب وصولها مبتسما بحماقة...
لحظة هل يظن أنه سيربكها بلحيته الشقراء الداكنة ... او تشتيت ذهنها بعينيه الخرفيتين !
نعم هو نجح بداية بهذا الجانب لكنه غبي.. سراب عندما تفتن تصبح شديدة الفظاظة ... !

********************

جالسة على سريرها تحتضن ساقيها وهي تهتز للأمام والخلف ..... ستجن حتما ستجن !
لازالت الصغيرتين تبكيان بخوف ... تعيدان وتزيدان بما حصل معهما!
وهي أيضا تود البكاء.... أغلقت اذنيها بكفيها تمنع وصول نحيبهما الخائف ...
رسالة على هاتفها فتحت محتواها ... لتشرق دواخلها

" سأحصل على الأرض خلال أيام ... و سنتخلص من الختيار ال**** وتباشرين بمعاملة طلاقك... كل شي خططته بشكل جيد ... صبرا سأجعله يموت قهرا أمامك "

دفع مؤيد الباب كأنه بحرب .... وجه الوحش يزداد سوادا... عيناه تنذران بكمين ما !
قال بجمود دون أن يبدي شيئا لها
" ارتدي ملابسك سنخرج "
صدرها بدأ يرتفع وينخفض من دخوله ... .. لتقول بارتعاش
" إلى أين؟ "
قال حانقا وهو يجز على أسنانه
" لديك نصف ساعة فقط "
بدائرة الكره حيث وضع اسم أمجد على قمتها يبدو أن سراب ابنة عمهم ستطغى على تلك الدرجة!
بدأ مؤيد يسبها بأفظع الألفاظ تلك اللعينة الحمراء هل تتذاكى عليه!
البارحة مساءً التقى مع شهم الجابر .... الشاري الذي سيدفع مبلغا جيدا للأرض بهدف استثمارها …. لكن الشك الذي بداخله....
الأسئلة الكثيرة التي طرحها لنفسه أن الغالبية تعرف ان هذه الأرض للوالي
فلماذا أتى إليه ؟؟
شكوكه اللحظية جعلته يبعث شخصا لمراقبته .. ليصعق الآن عندما أخبروه بلقاء شهم وسراب بمزرعة الخيول!

ضرب أمجد بغضب جده عرض الحائط!
بحث عن رقم عمه الجديد دون كلل ...
ليتصل عليه مرارا دون إجابة … فقرر تسجيل رسالة صوتية ... يقول بها باستاء و عصبية جلية
" عد للقصر عماه ... ابنتك مريضة جدا ...وتهذي باسمك إن كانت تهمك ولو قليلا اسال عنها .. قم بواجبك "
لكنه لم يلقى أي رد... .
أعاد الاتصال ... لترد عليه إمرأة بصوت مائع جعل الدماء تغلي بجسد أمجد مجددا!
فقال هادرا
" من انتي ؟؟ "
ردت بضحكة وقحة لتقول بمساخة
" انا حورية الدنيا والجنة... "
فقال غاضبا... عاجزا عن كتم
نيرانه.
" أعطني عمران "
فردت بذات الوقاحة وهي تخفض صوتها
" عمورة يستحم الآن "
وضحكة أخرى ماجنة جعلته يرمي بالهاتف بعيدا !
يهمس بسره حانقا
"ابنته تبكيه وهو ... وهو "
لم يصدق جده عندما أخبره ان لا شي بالدنيا يمنع عمران عن ابنته سوى متعته !

**************
دفعها أمامه حتى كادت أن تقع
والف سؤال ... والف شريط يدور بمخيلتها عم يريده بها !
قالت بارتعاش وهو يصفع الباب من جهتها
" ماذا هناك "
لم يجبها ... كان يقود بسرعة خيالية .... يتعمد ارعابها ... واللعب على أوتار نفسيتها المشتدة
صرخة أه اطلقتها وهي تحتضن معدتها ... ليخفف من سرعته دون النظر إليها....
ما إن وصل لوجهته ....حتى انتزع هاتفها
يفتش به وهي بدأت كفأر حبس بمصيدة ...
وجهها أصبح اصفرا .. ونوبة غثيان آخرى بدأت تشعر بها
بحث بسجلات الهاتف... ينظر لكل اتصال لهما بيومه وساعته
فتش تطبيقات المراسلة على هاتفها
ثم توسعت عينيه
"" سأحصل على الأرض خلال أيام ... و سنتخلص من ذلك الختيار
ال**** وتباشرين بمعاملة طلاقك... كل شي خططته بشكل جيد ... صبرا سأجعله يموت قهرا أمامك "
هدر بتساؤل " لماذا ؟ "

ارفقها صفعة جعلت جبهتها ترتطم بمقدمة السيارة أمامها .. شد مؤيد شعرها للخلف ليقول وقد فقد أعصابه ….
" تودين الطلاق.... ستأخذين ابني ام ....... ابنة عمك الحقيرة ستجعلك تجهضينه.... هذا الطفل حلمي .... تودين قتل حلمي! "
صرخ بقوة ويده الأخرى قبضت على فكها لتشعر ببطن خديها ينغرسان بأسنانها .... اغمضت عينيها لتصرخ متأوهة من قبضته ....
لكنه شدد أكثر لتصرخ بآه متوجعة !
لينفض رأسها بقوة معيدا اياه للوراء ..... صراخ بها أمام وجهها
" آه ؟.... آه ماذا تعرفين عن الوجع "
صرخت به وهي تبعد يديه
" اتركني ... "
لكنه رد بوحشية..... ارعدت أوصالها
" لاااا ... انا قدرك وانتي لي ... لا يفرق بيننا الا الموت ... ونصيب كل من يفكر بذلك الموت أيضا "
شهقت وحدقتيها تهتز رعبا .... لتقول بخوف
" ماذا تقصد "
تركها ليقود السيارة .... متقدما من مكان سراب وشهم الواقفين ... وقبل أن ينزل سحب مسدسه ... لتمسك ديالا يده بفزع
" لاا....لا تفعل "
ابتسم ابتسامة مقيتة تحمل كل معاني الكره و الافتراس
" بل سأقتلها و أمام عينيك .... لنرى كم ستخسرين بعنادك "
بكت .... لتقول بتسليم و توسل
" اسمعني... هذا كان قبل معرفتي بالحمل... انت اهنتني … وهي قُهرت لأجلي.... دعنا نعود وأقسم لك اني سأكلمها امامك وأقول لها اني لك ... ولن اتركك "
نحيبها ازاداد وهي تعلم فشلها بإقناعه ... دموعها لن تقف بوجهه
دنا مؤيد ليهمس امام خدها ... وشفتيه تمشي بدروب وجهها ليقبل زاوية فمها بقوة
" هي جَنت على نفسها ! "
لم تشفع عيني ديالا لها.. نزل مؤيد من السيارة.... ليحبسها بها مؤمننا السيارة جيدا
وهنا جُنت ديالا و أخذت تطرق على الزجاج بجنون وتصرخ !
مستمتعا بعجزها و بصراخها المكتوم …. استدار وهو يأخذ وضعية التصويب بمسدسه
ليهمس بخفوت
" اصرخي لن يسمعك أحد ....
لن يقدروا على اخذك! "

*************
سيارات الإسعاف تلمع لتدخل ألوانها من زجاج المنزل ....
تحقيقات كثيرة .... ختمت بمن اشعل الغاز بالغرفة ؟ ....
الآم قاتلة ! أم الصغير مريض نفسي مما عاشه وفعلها

دخل احمد إليها قائلا ببرود ميت وهو يتأمل حالتها المنهارة برأسها المطأطأ

" اذهبي سراب ولا تعودي ... هل تودين أن يكبر ابنك عارفا أن امه حاولت قتله "

صمتت وعينيها تدمع بغلالات و دموع كثيرة تتجمع وتنهمر تباعا
" سأمنح الطفل الذي ببطنك إسمي لأخرج من خطيته .... لكن لا تعودي للبلد ! "
صوت شهقتها عندما استيقظت من النوم … تنادي ابنها بارتياع... " أيوب " ثم شعرت ب " كريم " الذي
اقترب لحضنها يتمرغ به .... وهي تشتم رائحة أخيه به !
تبحث عم فقدته ولا يعوضه سنين مضت ...
"موقنة أن الوجع يزاد ولا ينسى مع مرور سنوات !"

انتهى الفصل

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 07:43 PM   #49

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني عشر

مستمتعا بعجزها و بصراخها المكتوم بالسيارة ...
استدار مؤيد وهو يأخذ وضعية التصويب بمسدسه
ليهمس بخفوت
" اصرخي لن يسمعك أحد ....
لن يقدروا على اخذك! "
جنون ديالا وصل أوجه ...
تشعر أنها أذى كبير لعائلتها
أمجد ... جدها ... والآن سراب !
سلب منها كل شيء مادي و معنوي
خسرت ذاتها ...والآن سيجعلها تخسر القلائل المتواجدين بنطاق حياتها....
صرخت بهستيرية وهي ترتجف هلعا بل يأسا صريحا
" اللعنة على مؤيد وبطش مؤيد الذي لا نهاية له "
عينيها الدمويتين كانتا تفصحان عن كم الألم و الخوف بشكل صريح...
تدري وتعلم أنه لا يمزح و سيفعلها دون أن يرف له جفن !
ضربت فخديها .... لتهمس لذاتها اللائمة لقد أخبرت سراب أن مؤيد قادر على القتل اذا اقترب أحد ما من ممتلكاته
لم تصدقها ... لم تصدقها !
وعقل ديالا بدأ يغيب تدريجيا خلال ثواني معدودة
تفكر وتتساءل ماذا ستفعل ؟ ومضة جعلتها تقدم على أكثر الأشياء جنونا قد تخطر ببالها
وبكل تسرع غير مفكرة بعواقب فعلها عبثت بفرامل اليد
حتى تحركت السيارة منحدرة للخلف بقوة
كل شيء كان سريعا أمام عيون مؤيد ....رصاصته الموجهة بمنتصف رأس سراب... استدارته عندما رأى السيارة تعود للخلف مهورة بقوة وفجأة صوت الارتطام المدوي للسيارة
توقف مسمرا مكانه ووجهه المكفهر ذبل فجأة مما رآه لقد قتلت نفسها مفضلة الموت على البقاء!
وهو من أوشك على القتل لأجل بقائها
*****

لم يتبقى له سوا ذلك الصندوق المحمل بعبق ذكرياتها سويا ... لا ينقصه إلا صوتها الرقراق وهي تناديه
" أحمد "
في تلك الركنة المنزوية حيث يجلس احمد بالمستودع
يقلب بصور زفافهما التي لم يتلفها الزمن .... فتبدو أمام عينيه لقطات متحركة وهو يستذكر ويعيش لحظتها مجددا !
تارة يجلد قلبه بسادية مجحفة ... معاقبا روحه الحمقاء التي عافتها ...
وتارة يختلق الأعذار لنفسه مقسما أن رجولته ما كانت أهلا لتحمل حتى يقف بجانبها بتلك السهولة!
لاموه بالأمس واليوم هو من يلوم نفسه .... لربما توجب عليه التأني أكثر بمسألة حساسة كهذه
من بعد ذلك اليوم كاذبا هو إن شعر بالراحة التي بحث عنها وقد رمى يمين الطلاق عليها .....
والآن وبعد سنوات عديدة من زواجه بعزيزة ... يفكر ماذا لو بقي مع سراب حتى اللحظة !
هل كان النسيان حليفهما فيمضيان قدما كفا بكف !
أم كانا بوضع أسوء من السابق على فرض إن كان هناك ما هو أسوأ ...
يحاول تذكير نفسه بما حصل من سنوات
لكن ذاكرته أبية تعاديه و تناوره حتى لا يتذكر سوا جمال مبسمها.... و الحنين لطيب معشرها و حلو الأيام معها ....
فينقلب كل شيء عليه حنظلا مريرا يلوي حلقه !

********

واقفين أمام غرفة المعاينة ...
عيناها تطلقان شرار وهي تقف مقابلا له ...غاضبة ...ثائرة لكن ورغم ذلك تحاول البقاء ثابتة!
كتفت ذراعيها و كل شيء تعيد ترتيبه هوينًا بعقلها ... إتصال مؤيد بها من هاتف ديالا ...
وجودهما بمنطقة قريبة ... اي انهما و بالطبع شاهدا تواجد شهم معها ؟
اسئلة كثيرة لا أجوبة لها الا من ديالا
أما مؤيد ... فكان كوعل صغير مرتاع سلبوه أمه ...
حدقتيه تهتزان جبنًا ...هل حان موعد خسارتها !
جلس على كرسي الانتظار المقابل لغرفة الفحص ... صرخة متألمة أطلقتها ... جعلته يثور هائجا ليقف بتوتر.... ودّ لو يدخل فقط ليعرف أنها بخير ..
بتلك اللحظة سراب كانت عيناها تشتعلان بحمرة الغروب...
همسها الساخط الذي بلغ سمع مؤيد
" تقتل القتيل وتمشي بجنازته "
هذه المرة كانت نظرات سراب بجموحهما هي القاتلة ... مخفتين وهما تحرقانه عندما ادار وجهه إليها ...
أخذ نفسا عميقا مناقدا لاختلاجات صدره... قائلا بصوت حاقد عليها
" أصمتي انتي السبب... بل جميعكم السبب... انتم القتلة ... لماذا تحاولون أخذ زوجتي مني "
كان يبدو بهيئته المهرقلة ... أنه يعاني وهي تعلم ان شعورالتملك الذي يستشعره لديالا جعله خاويا دونها لمجرد لحظات قليلة تركته بها ...
تعمدت أن تحرق قلبه المريض فقالت بنبرة واثقة هزت أعماقه
" لم تكن لك... ولن تكون .... ... لو بقيت بين يديك الدهر كله ... تضربها و تجلدها ديالا ليست لك... إن امتلكت كل موجود بحياتها وحبستها بقلعة وكبلتها بقيودٍ حقيقة.... لن تمتلك قلبها قطعا ! "
اهتزت حدقتيه ليطل منهما جرح عميق .. اظنك وجهه ليصبح أسودا ... كلمات سراب أنها الحقيقة التي يرفضها... هي له وإن أبت!
تكلم مؤيد بنبرة خطرة وبدأ انفعاله يتصاعد شيئا فشيئا
" انتي ماذا تريدين "
هدرت سراب به ساخطة... متسائلة بجدية وهي تتشدق برقبتها
" انت مالذي تريده؟..... إهانة حفيدة الوالي إثم تستحق عليه عقابا "
روحه السوداء اشتعلت لترتفع وتباغت إحمرار لهيبها ... ليقول باستخفاف
" وانتي هل تظنين نفسك قوية حتى تقفي بوجهي وتعاقبيني.. لا تفاخري بقوتك الضئيلة أمام اعصاري "
ضحك مجهدا... ليقول وهو يستعيد صلابته مستقلا بها ... ساخرا
" انت لاشيء مجرد سراب ... ذاتا من انتي حتى تقفي بوجهي! "
ابتسمت وقد اخفضت رأسها لترفعه فجأة وقد توحشت نظراتها كساحرة واثقة من طلاسم تعويذتها ... لتقول بوعيد حارق
" انا عزرائيل الذي سيقبض على روحك قريبا جدا "
ضرب الحائط بقبضته الصلبة ليقول مخيفا اياها بملامحه المظلمة
" ألا تخافين أذيتي؟ "
هزت رأسها المرفوع برفض جعله يُستفز ليقول بهذيان هستيري مهددا وعينيه خائفتين .... تزيغان كلما تذكر الحادثة
" إن حصل لها شيء سأقتلك أمام الجميع ....هي بالداخل بسببك ... أنا سأخسر طفلي حتما بعد تلك الضربة القوية التي نالتها !.... سأخسرهما بسببك أيتها ال.... "
خروج الممرضة جعلهما يتوقفان عن تلك الحرب الكلامية الطاحنة... اقترب مؤيد منها ليسأل بخوف
" كيف هي الآن "
ابتسمت الطبيبة التي شعرت أن هناك امرا جللا ... فقالت بلباقة وهي تتابع مسيرها
" أفضل حالا لكنها نائمة ... الطبيب سيخرج بعد قليل ليبلغكم عن وضع حالتها الصحية "

********

كان يقود السيارة بهدوء مناقض عن نية دواخله كيف سيستجوب التي بجانبه ويسحب أقوالها بدفتر عقله ...
حسنا لا يظن أن أريام شخصيتها ضعيفة عموما .... لكنها خانعة بشكل خاص أمام سراب
عندما جاء لسراب إتصال يعلم من صاحبه جيدا.... طلبت منه أن يُقل أريام للبيت وإن رآهما أحد ما سويا ألا تخبرهم سوى أن سراب طلبت منه ذلك !
واريام قبلت دون أي سؤال ... رغم الكثير الواضح التي نطقت به عينيها ..
قالت بارتعاش وهي تسبل أهدابها
" هل يمكنك انزالي هنا ... أقصد اني أريد النزول !"
لكن شهم واصل القيادة ناظرا لها مبتسما بحلاوة مطمئنة
" لا تقلقي سأنزلك أخر شارع وتكملين لوحدك حتى لا يراك أحد "
احمر وجهها لتقول مقاطعة بنعومة وهي تعقد حاجبيها
" الأمر ليس كذلك انا أريد الذهاب لمركز حواسيب أعرفه "
كان تفكير شهم بتلك اللحظة ... أن وجهّة أريام هي الشيء الوحيد القادر على خلق حديث معها !
وقد أكدت شكوكه ما إن قالت بحذر
" لكن لا تخبر سراب "
عيناه الذكيتين تطلعت إليها .... تهرب نظراتها بعيدا عن ابتسامته .... وقد شعرت أنها كشفت متلبسة بنيتها لمقابلة ايوب وقد خانتها الكلمات لاختراع كذبة متقنة !
اما شهم فهمس لذاته بتسلية
"حسنا هي ليست خانعة تماما يبدو أن خلفها امرا لا يرضى الليدي أوسكار "
انخفضت نظراتها الهاربة بعيدا .. بعد أن وافق شهم أوصالها لوجهتها ...
خلال دقائق نزلت من السيارة لتبتسم شاكرة ... و بقي شهم مصطفا يتأمل مشيتها الرشيقة التي تتباطئ عمدا... و قد أخبرها أنه سينتظرها بالأسفل دقيقتين احتياطا إن لم تجد أحدا ليأخذها لمنزلها وافقت ملاذ على مضدد !
بعد لحظة وصلت مركز الحواسب...
تساءلت هل هي ضعيفة أمام أيوب لهذه الدرجة حتى تأتي بقدميها لمكان عمله !
قضمت سبابتها .... لكنها صعدت الدرج ...تتذكر بأي طابق مركزهم..... لقد كان ايوب يهاتفها ملحا عليها لتأتي و يراها بالعمل لكنها كانت ترفض !
أرادت أن تستدير وتعود ..لكن انفتاح الباب فجأة من أحد الزائرين جعلها تدخل ...
خطوتين إلى اليمين وكانت تتنفس الصعداء وهي تراه مركزا بالشاشة الحاسوبية التي أمامه .... أنامله تتلاعب بالأزرار دون رؤيتها وكأنه يحفظها غيبا ......
الهدوء العجيب الذي يحط عليها كلما رأته .... تقدمت خطوتين للباب حتى تلاقت نظراتهما ...
عيناها التقطت انعقاد وانبساط حاجبيه ... شفتيه اللتان تحركتا بنداء اسمها دون صوت....
وقف متقدما منها دون تصديق ...
أساريره انفرجت... وعيناه تتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها بلهفة و ذهول !
همسه الاجش فرحا
" هذه حقيقة أم إني احلم بكِ حتى بيقظتي "
تلك الحرارة التي تشع من عينيه جعلت وجهها يحمر خجلا... اخفضت ملاذ بصرها .. ليشعر أيوب بتضخم قلبه وهو يرى انسدال شعرها الليلي .....

كم أشتاق لسواد عينيها ... لشعرها الهفهاف الذي يرضيه بقدر ما يزعجها..
يده امتدت لورائها مغلقا الباب لتبقى ثابتة وهي تشعر أنه بات قريبا منها جدا .... هذه المرة كان أيوب يتمنى أن يأخذها بعناق يهدئ عضلات صدره النافرة...
اصابعه اقتربت بإرتعاش لترفع شعرها عن وجهها .... لكن تلك النظرة من مقلتيها جعلته يعود للخلف محافظا على مسافة آمنة بينهما .. مزدردا ريقه !
همس بحرارة و ابتسامته تتسع
" لا اصدق انك فعلتها اخيرا "
همست بخفوت هادئ ... وكأنها تبوح لنفسها بذات الأمر
" ولا أنا "
شعر بارتباكها... بات يعرف معنى كل تقليبة من رموشها ...
وعندما تخلل اصابعها الرقيقة خصل شعرها الليلية لترجعها للخلف .. يشعر أنه يحفظها فعليا بكل جزئيه مهمة و عابرة !
قال محاولا إبعاد خجلها
" ما رأيك أن نخرج لمكانٍ ما "
لكنها هزت راسها رافضة بتوتر
" لن أتأخر "
اعتدل بجلسته .... منتظرا منها إكمال قولها... لتقول
بنبرتها الناعمة
" انا أتيت لأقول لك شيئا ..."
حثها مشجعا لتكمل
" قولي ملاذ أنا اسمعك ... "
كل شي بدأ يتوالى ...من اول لقاء .... حتى آخر مكالمة ....
لكن كل شيء خططت لقوله ذهب بالهواء لتستبدله بكلمة واحدة
" اسفة ... "
ذبلت ملامحها.... ولا تدري ما عليها قوله .... قال بصوت قوي اجش
" على ماذا؟ "
عينيه الزيتيتين تأسر سواد عينيها التي ترجوه فهمها! وهو يأبى سوى الوصول لعمق عينيها.. لتهمس بصوت خفيض
" انت تعرف على ماذا "

حك ذقنه مفكرا قائلا وحاجبيه يرتفعان ليصدر حكما ساخرا
" تأسفين على انك لا تحبيني "
علا صوتها الرقيق لتقول برفض قطعي
" لا .. "
وعاد الاحمرار لوجهها... عينيها بدأتا تلمعان بشكل غريب ليقول أيوب بجمود دون أي لمحة ابتسامة
" جبانة "
ارتعاش ذقنها.... و شحوب ملامحها .... جعله يريد الضغط عليها أكثر لتبوح بما يقلقها ..... ليتابع بقوة
" تخافين من المصارحة بمشاعرك ..! "
توقفت فجأة وهي تهمهم لتغادر .... لكنه أمسك ساعدها ليوقفها عنوة ... فقالت بصوت متعب.
" انت تربكني .. "
جسدها الذي يرتجف بين يديه ... أنفاسها المتسارعة الحارة .... جعلته ينظر إليها ليقول بعاطفة جياشة لا قدرة له على كبحها
" انا أحبك.."
دمعة غدرتها وهي تسقط على خدها ... لقد وعدت نفسها أنها لن تبكي أمامه ....
لقد رأى غلالات دموعها بما يكفي خلال تلك الفترة معا ....
انخفض راسها بيأس وضيق من نفسها ... ليرفعه لها بيده الآخرى
قائلا بإلحاح
" قولي اي شيء "

و مجددا عند ما تحشر بزاوية ما ... ترفرف برموشها لتقول بغباء وتوقع نفسها بمأزق كبير

" شهم بالأسفل... يجب أن انزل قبل أن يصعد "
يده أمسكت بمرفقها.... ونار بدأت تهب نفهاتها بقلبه
" من شهم ؟ "
صمتها ... جعل يده تضغط بخشونة موجعة ... لتتلوى بتأوه ناعم " آه " وهي تحاول تحرير يدها .... قال بانفعال وهو يجز على أسنانه
" انت ليس لديك قلب ... "
شهقت وهي تهمس كمن تلقى تهمة
" أنا .. "
هدر بها.... وهو يهزها
" كيف لك ذلك ... تأتين مع رجل غريب .... ثم تذكرين اسمه وانا أبوح لك بحبي "
دوار داهمها... ماذا فعلت بنفسها ؟... لماذا اتت !
همست باختناق
" أتركني... "
قال رافضا ... والغيرة تنهشه دون رحمة
" لا ... لن أتركك !... ليس مجددا ملاذ "
قالت بتهرب وهي تتفلت من بين يديه العصيتين
" انت تُخِفني ..... تخنقني... تحاااصرني دائما ... "
نهرها مشددا ليقول بحيرة
" تركتك أياما .... فلماذا أتيتِ ! ... "

شهقة أفلتت منها .. وهي تهمس بإختناق
" أخبرتك "
صبره بلغ حده.... يديه ارتفعتا حتى كتفيها... يهزها بقوة عل قلبها ينتفض لانتفاضته.... فتشعر به ولو قليلا ...
جسده المنفعل كان أكثر ارتجافا و استفزازا ... عينيه تسبران غور عينيها دون حياد
" تكرهين حبي ... وتبغضين تصرفاتي.... ثم تسمي توددي إليك محاصرة...!
فَعلى ماذا أتيت عندي تأسفين ؟ "
دموعها بدأت تنهمر دون توقف .... شهقاتها التي بحنجرتها تشعرها انها ستختنق حتما... ضغط يديه خف.... لكن كل تفصيلة بجسده كانت منفعلة !
يديه تمسدان ذراعيها صعودا ونزولا .... يحاول تهدأت روعِها ... ليقول بنبرة ثقيلة
" لا تبكي ... "
و كأنها اخذت الأذن بذلك .... كان أيوب يقف أمامها بهيمنة تستظل بها لتريح مما يضمر بقلبها .... شعور الخوف من افتضاح أمرها .... الخوف من خسارت حبه وثقته .... حبه لم يكن يحاصرها بشكل مقرف.... بل كان شيئا غريبا مختلف ... يروي الجزء الضمأن بها! .... فتشعر بالضيق ببعده
قال اخيرا بصلابة وهو يتركها ليمسك مفاتيح سيارته التي على مكتبه
" .. سأوصلك أنا لبيتك "
مسحت عينيها سريعا لتقول بتحشرج " أيوب "
نظر إليها و عينيها تدعوه صراحة ليتقدم منها
فتابعت بتلكؤٍ حزين ...
" لم أرد أن يكون لقائنا اليوم هكذا .... "
وضع أيوب يديه بجيبي بنطاله... متمعنا النظر بها وهي تفغر شفتيها بمحاولة عاجزة للشرح ... مشى و توقف بخطواته قريبا منها !
و ذلك الشق المشوه الوسيم الذي ترى بنقصه كمالا ....
جعل خوفها يفتر .... وقلبها ينبض بحرارة وهي تراه بوضوح اكبر ..
قد يكون اللقاء الأخير بينهما الآن ... ولن تجمعهما صدفة أو ميعاد
نظرت لعينيه فبدتا أكثر عطفا وهو يرى تخبطها....
متفهما تلك المشاعر التي تمر بها ... همس وعينيه تلتمع رأفة دافئة وهو يتأمل ملامح وجهها المحمر
" قولي ما تشعرين به .... ...اعدك أني سأتفهمك "
تلك السعادة التي أطلت من عينيها وهي تتحد مع إطلالة نظرته التي تحب
وأي الكلمات الآن تصلح أمام وقفته المؤثرة بها .... وكلماته التي كانت تبلسم جرحها
كان قريبا حد الخطر .... وجهه كان قريبا جدا حتى أنفاسه تضرب وجهها ....لا تدري كيف تجرأت و رفعت اصابعها لتلمس جرح وجهه..... اغمض عينيه وانفاسه بدأت تثقل من برودة اناملها
لعقت شفتيها و أيوب كان بعالم آخر مغمض العينين ...
همست بإسمه.. ليفتح عينيه المسدلتين.. فتصعقه شفتيها الحلوتين وهما تبوحان بكلمة بقدر ما طاق لسماعها لم يتوقع أن تقولها اخيرا
" أحبك "
أذنيه بدأت تطنان .... كلمتها بدت واضحة رغم همسها ....
و وقع قولها جعل بقلبه أكاليلا تزهر جنة ...
... تنهدت ملاذ براحة وهي تبتسم لابتسامته ... ثم استدارت لتخرج هاربة ... وفورة مشاعرها أعطتها جناحين ابيضيين تحلق بهما وتختفي
كما اتت
وقف مصدوما .... طائقا بكل حواسه يتنغم بما باحت شفتيها به وصدى همسها يتكرر بأذنه .... !

**********

" زوجتك ليست حاملا "
قبضته ارتفعت لتحط على الطاولة بقوة مزلزلة... ليقول بعنف
" أجرينا اختبارا منزليا "
قال الطبيب بهدوء باتر......
" احيانا يعطي الاختبار نتائجا خاطئة ! "
قال مؤيد بذات النبرة الإتهامية القاسية
" ما يضمنني انها لم تكن حاملا ؟ ربما أُجهض بالداخل وانا لا أدري... "
قال الطبيب وقد بدأ صبره ينفذ
" مؤيد هناك فحوصات مخبرية تثبت ذلك ... زوجتك من المستحيل ان تحمل بطريقة طبيعية"
لكن نظرات مؤيد الغاضبة .... رشقت سراب و كأنه يتمنى حرقها
" كله بسببك "
توسعت عيني سراب... ليكمل اتهامه وهو ينهض من مكانه ليقول صارخا بانفعال وحشي
" انتي السبب قتلتي ولدي ... اللعنة عليكم من عائلة ... تقف حائلا بسعادتنا "
وقفتها الجامدة ... و عينيها التي تشعان هدوئا مخالفا لما يرتجف بقلبها
تتسال كيف تتحمل ديالا هذا الغضب .. ؟
لكن سراب ردت ببرود ... وهي تبتسم بتصنع التقطه على انها سخرية صريحة
" نظف أذنيك جيدا . . لا يوجد طفل .. ديالا لم تكن حاملا... " .
لكنه حرك رأسه رفضا
نظرات الاتهام تنتقل من سراب إلى الطبيب الذي يقف برقي .. ليقول وهو يجز على أسنانه
" كان يجب أن افهم من اصرارك للاتيان بها إلى المستشفى التي تعمل بها زوجتي ... لقد خططتم لذلك ... اتفقتما على قتله "
لكن الدكتور محمود شعر أن تصرفات مؤيد الغير سوية تدل على انه يعاني من أمراض نفسية .... قد تجعله يؤذي دون أدنى تفكير
" سيد مؤيد هدء من نفسك .... اخبرتك زوجتك ليست حامل اصلا ...."
قاطعه مؤيد صارخا .. وجبينه يتصفد بحبات العرق من الجهد الذي يبذله
" اسمعني اقسم أن اختلق فضيحة أمام الجميع... اريد إخراج زوجتي "
لكن الطبيب هذه المرة قال بلهجة قاطعة لا نقاش فيها
" زوجتك تحت المراقبة ، كتفها مخلوع ... بالإضافة انها يجب ألا تتحرك بالفترة القادمة... جهاز الرقبة سيجعل تحركها صعبا "
مسح وجهه بعنف ليرد مسرعا... وكأنه خائف من احتمال عدم عودتها
" سأوفر ما تحتاجه بالمنزل .... لكني الآن أريد إخراجها هل تفهم "
قال الطبيب بمحاولة إرهابه عم ينتويه
" هل توقع على عاتقك ... وتتحمل المسؤولية "
لكن رد مؤيد المباشر ... أسكته
" نعم ... أريد إخراجها "
صوت جزمتها التي طرقت بالأرض غضبا ... لتقول مذهولة من انانيته
" يا عديم الإنسانية.... إنها بحالة يرثى لها ... وتريد إخراجها "
ودون مراعاة لحرمة المكان قال بفجاجة
" اخرسي انتي ... لا شأن لك "
لكن لسان سراب لم يكن قادرا على السُكات في تلك اللحظة
....هي ليست ديالا لتحتمل جلافته وقلة تهذيبه ... فقالت مهددة وهي ترفع سبابتها
" بل كل الشأن لي .... الشرطة ستحقق معك..... و خلال ذلك ستبقى ديالا تتلقى العناية هنا "
وبعد عدة ساعات
ضحكت ساخرة وهي عائدة للبيت....
مؤيد يالله لم تتوقع ذلك الجنون .. !
جنون .. جنون ما حصل...
لولا رجال الأمن ... و حل الدكتور محمود لكل شي بشكل سلمي لأصبحت بخبر كان !...
دخلت للمنزل تجر جسدها بتعب .... بينما وجدت العائلة تجلس بالصالة ....
نظراتهم المتوترة جعلتها تشعر أن هناك امرا ما!
ولم يخطئ حدسها ... وصوته من ورائها يرعد
" أين كنت لكل هذا الوقت "
فقالت كاذبة وهي تدري أنها تشتري مزيدا من الجدال
" بمزرعة الخيول "
فقال أمجد بهدوء وهو يتقدم ليقف قبالتها
" كااذبة "
التوت شفتيها بشبح ابتسامة لتقول بنزق
" جيد أنك عرفت ذلك .... "
حاولت مجاوزته لكنه سد طريقها... ليكتف يديه قائلا بإلحاح اكبر
" إين كنت لكل هذا الوقت "
في هذه اللحظة تحديدا كانت تتمنى قتل رجال جميعا .... حتى هذا الحائط الوحيد المتبقي لامتداد العائلة
فقالت بترفع من شدة حنقها
" لو أردت أن أقول ذلك لقلت .... ابتعد عن وجهي ... شياطين العالم تتقافز بوجهي الآن "
قال بصوت غليظٍ قاسي
" حركاتك الغاضبة لا تصمتني.... الآن وحالا ستقولين اين كنت ومع من ؟"
لكن الروح الشيطانية التي بها أرادت إوجاعه فقالت بتململ
" يهمك ؟ "
هز رأسه مؤكدا .... فقالت ببطئ وهي ترشق نهلة بنظرات منتصرة مسبقا...
" كنت مع ديالا .. بالمشفى "
أظلم وجهه ... وتغضن حاجبي أمجد ... ليقول بحدة باترة لا تقبل مراوغة حديثها
" ماذا بها !! "
مطت شفتيها لتقول ببساطة متناهية
" ماتت "
توسعت عينه صدمة ... وشهقات بنات عمومها جعلتها تغضب .. لتقول بتحقير
" هل ارتعبت ... ؟ أم تريد أن تكون اول العارفين بموتها "
لكن غياهب قلبه المحبة.... روحها التي بروحه ... جعلته يمتعظ وكأنه يبصق قولها
" بعد الشر عليها "
تقدمت منه .. لتهمس بفحيح موجع لرجولته التي تستهين بها ...
" بل كل الشر محطوط عليها ... يا فخر الرجال "
هذه المرة عينيها تتحديان الانكار من عينيه ... تتحديان بغض قولها ...
وقبل أن تتجازوه مجددا أمسك رسغها ليدفعها للوراء .... لكنها توازنت لتبقى واقفة.... انفاسها المستفزة جعلت خصلات شعرها الأحمر تتطاير كثورٍ على وشك الهجوم فقالت محذرة
" ابتعد يا أمجد "
اقتربت أريام منها بجزع ... كفها تمسك بذات الرسغ و كأنها تحميها من غضب ابن عمها الذي بدأ يتشكل .... فقال مصمما وهو يقف أمامها
" لن ابتعد ماذا حصل لها ؟ "
فقالت لتزيد اشتعال غضبه
وبهذه اللحظة تشدقت لاغضابه... فيخرج أمجد اسوء ما فيه وترميه خارج اسوار هذه القصر المنيف
" بصفتك من تسأل؟ "
فقال بذات البرود
" ألا يكفي اني ابن عمها "
ردت عليه بتكلف .... تبتسم تلك الابتسامة اللعينة .. ويدها تخرج هاتفها من جيبها تراقصه أمام وجهه
" اتصل بزوجها وسأل عنها "
لكنه وخلال لحظة كان يبعد أريام عنها ليدفع سراب للخلف بقوة ...
عقل سراب البركاني بدأ يثور.... وهي تراه مع مؤيد وجهين لعملة واحدة بنفس ااجنون
" سراب قولي ماذا حصل معها ؟؟ "
صدرها كان يرتفع بانفعالٍ واضح.... همست بصوتٍ مبحوح
" ما الحل مع من يسرق أرضك وعرضك"
هتف بها ضائقا وهو يشوح بكلتا يديه
" تراوغينني "
فقالت رافضة برفض قطعي .... وهي تقف بجمودها.... وبكل بأس تلملم غضبها الذي أفلت منها ....
" بل سأُريك الصورة التي تلح على رؤيتها بوضوح يا ابن عمي ... لذلك أجبني على سؤالي "
نبرة صوتها الحاقدة وهي تتذكر الحرج و الغضب الذي رماها به مؤيد... جعلها تقول باستنفار وهي ترى تخبط أمجد
" لا حل مع من يسرق أرضك وينتهك عرضك إلا الدم .... "
عينيه توهجتا بلمعة غريبة . .. تعطيانه صورة واضحة أن ديالا بخطر ... خطر يغفل عنه منذ سنوات ...
تراجع أمجد و استدار منطلقا لغرفة الوالي التي يختلي بنفسه بها ... راكضا نحو جده و وكلمات سراب النارية تشعله ..... تشعله دون إنطفاء
أما نهلة التي شعرت بانفلات زمام الأمور التي تحركت عكس ما نوت ... هي أرادت من ولدها أن يضع لها حدا ... بأحقيته كرجل وحيد بهذا المنزل مستغلة وطيس حميته إتجاه بنات عمومها!
لتجد أن سراب بجبروتها الذي لا يهزم .... قلبت الموازين و اخذت أمجد تحت جناحها .... همست برهبة وخوف الأم بداخلها
" أمجد "
نظرت نهلة لها بلوم ... وسراب كانت هادئة ظاهريا كاشفة أوراق نهلة.... ردت سراب على نظراتها شزرا ...
وهي ترفع رأسها عاليا ... وقد خمد لظى نيرانها ... لتهمس بخفوت بارد مخيف
" فليشهد الله اني حاولت حماية ولدك يا زوجة عمي .... لكن انتي من دفعه لهذا السفح "

********************************
اليوم الثاني

كان شهم يقف مستندا على سيارته يتأمل أضواء القصر وهي تضاء لتنير عتمة ليل المكان... كل شيء كان خياليا تماما ....
يصلح ليسمى بقصر الأميرات الجميلات مع جدهن الوحش!
لقد اتصلت به سراب بالأمس تشكر جهوده و يقدر الثمن أتعابه ....
وهو قرر أن يقبض الثمن على طريقته ليحضر إلى القصر ...

تعمد شهم أن يكون بأبهى حلة.... مرتديا بدلة كحلية اللون مع قميص ابيض... جعله يبدو مشعا بشقرته
كان شهم يعرف تماما تأثير الاناقة على سراب
فتح الباب .... ليقف نمر متوتر الملامح من رؤية شهم
فقال الاخر بجرأة وهو يمسك بباقة الورد بيده الأخرى
" أريد رؤية الوالي ""

******

بالبركة الخلفية ..... يشاهد جلوسها وحيدة .... وعينيه المتعبتين تضحكان من تبرمهما الطفولي اعتراضا من أفعال ابنة عمها المشاكسة!
ركضت ملاذ هاربة من المياه التي رشقتها بها فتضحك فريدة بتسلية
..... مشت من بين أشجار الزينة المتباعدة .....
ثم اخذت تركض لتعود لداخل القصر لكن شهقة أفلتت منها وعينيها لا تستوعب بعد رؤيته أمامها .... أبيها هنا.....
" بابا "
كانت قدميها تسابق الريح
بسرعتهما وهي تكرر مناداته بلهفة اللقاء... وقلقٍ اضناها ليالٍ عديدة..
ركضت اليه حتى حاوطت رقبته بيدها تشده بقوة لا تقبل الانفصال .....
وهو اخذها لأحضانه يدور بها كطفلة صغيرة فرحة بعودة والدها من سفره ....
يالله كم يؤلمه قلبه كلما نادته... نشيجها الخافت يخرج رغما عنها حتى من بين ضحكاتها !
لامته وصوتها المختنق الباكي يفتح نتوء صدره الملتحمة
" أين كنت كل هذا الوقت بابا"
لا يدري ماذا يجيبها ... الألم كان جليا على ملامح عمران المرهقة ... و عيناه نظرت لأبن أخيه بإمتنان .... ابن عبدالله شبيه أبيه بكل تفصيلة .... من حميته... حتى سرعة غضبه و سرعة هدوئه .... فقال بهدوء وهو يتلمس شعرها
" العمل... كان لدي عمل مهم... "
انتزعت نفسها منه .... و قلبها ينقبض بألم لتهمس بآه متوجعه من قوله
" العمل .... العمل.. وانا لست ضمن أشيائك المهمة "
اقترب منها محيطا وجهها النظر يكفيه ليهمس بأبوة حانية
" ملاذ حلوتي أعدك أن.... "
قاطعته وهي تنتزع يديه عن وجهها .... لتقول بحرقة قلبها وقد سئمت
" لا بابا لن تشتريني بالكلام مجددا "
نظر لها عمران بلوم ... فقالت مجددا وهي تذرف دموعها وقلبها يتلوى ألما
" لا تنظر الي هكذا.. إما أن تأخذني لأعيش معك ... أو انا بنفسي أعفيك من ثقلي عليك "
كان عمران يعلم أنه فشل ، فشلا ذريعا بأثبات أبوته ... كيف لملاذه !!
البياض الوحيد بسواده أن تختفي من حياته هكذا !

**********
تتمايل بمشيتها حتى رأت جدها ...
الذي كان يجلس على الشرفة وهو يراقب عمران من علو....
همست بالسلام لكنه لم يلتفت إليها
توترت سراب وهي تستشعر أن هناك امرا ما يجعله غاضبا منها ....
ليس جدها من يوليها ظهره !
همست بتودد
" جدي "
هتف بها برخامة صوته
" قفي مكانك "
توقفت مكانها جامدة ، مسمرة ... لتقول بارتعاش حاولت إخفائه بفشل
" هل بدر مني أمرا ما ضايقك ؟ "
قال الوالي بغلظة
" أتعلمين أكثر ما أكرهه يا سراب؟ "
ابتعلت ريقها بتوتر .... ليقول متابعا بنبرة صوته الرخيمة
" الكذب .... وانا ما ربيتك إلا على الصدق "
قالت بدافع بثه خوفها
" وانا أعلم أنك لا تصدر حكما دون دليل قطي يا جدي "
قال بسخط وهو يقبض على عصاه بقوة
" من هو شهم الجابر "
صمتت... وهي تشعر أن أنفاسها توقفت... فقال بغموض
" لماذا تصمتين "
اخذت نفسا عميقا ... واجلت صوتها لتقول بنبرة بعيدة عن الهدوء
" س.... سأشرح كل شيء ... "
لكنه وجهه المكفهر... جعله يقول بنبرة متسلطة
" تأخرتي بالشرح يا سراب ... بعد مطلبه ليدك اليوم وضعتني بموقف صعب "
انسحبت الدماء من وجهها لتهتف بصدمة
" ماذا ؟؟؟ شهم ماذا فعل"
نطق جدها كلماته ببطئ .... جعلها تشعر أن الأرض تدور بها
" شهم الجابر طلبك لزواج "

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 07:44 PM   #50

Dalia bassam

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 410881
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 321
?  نُقآطِيْ » Dalia bassam is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث عشر
الحكاية لم تنتهي بعد .... ستائر الحياة بذلك اليوم لم تسدل أشرعتها كما تمنت....
الأميرة الهاربة بقي طيف الوحش المخيف دوما يحاوطها ليفزعها !
احتضرت سراب بعالم الأموات ...
لقد شعرت بهم وهم يحملون جسدها فوق النعش يمشون به ليصل مثواه الاخير !
يتمتمون بكلمات غريبة تتوسطها حوقلة وتهليل ....
حواسها تعمل لكنها مقيدة بسلاسل وهمية.... تجعلها مكبلة لا تتحرك ....بكماء لا تتكلم ..... مغمضة العينين لا تقشع إلا العتمة!
أحست باقترابهم يبدو أنهم يمشون بها لقبرها ...
ظلام حالك و عينيها مغمضتين قصرا ....
أصوات نعالهم تقرع داخل اذنيها ....
يبدو أن دورها بالحياة قد انتهى فعليا...
ودعت دور الزوجة المثابرة التي جاهدت كمقاتلة قوية لتبقي عماد بيتها راسخا!

ودعت دور الابنة التي وصمت عائلتها و احنت رؤوسهم وإن لم ينطقوا ....!
ودعت دور الأم وقد هشمته بقتل فلذة كبدها معها ...
أليس بالموت راحة .... لماذا لا تفقد الشعور بالتفكير والألم"
.... ذرفت عينيها دموعا حراقة انسابت على خديها
"يبدو أن روح الألم تبقى حية لا تموت وإن فنيَّ الجسد...."
هسيس ايوب الباكي... صدرها الذي يحط عليه ثقل ما يخنقها...
كهرباء تصعق جسدها .. جعلتها تنتفض مرارا....
تتعذب ببرزخها وهي تتقلب بجحيم فعلها ... حدثت نفسها
" ياويلي ماذا فعلت بأولادي"
اختنقت... لتشعر سراب بسكرات الموت عقلها بدأ يترجم لها أنها لم تمت بعد .... بل إنه العذاب !
كانت تشعر بتلك اللحظة بالمعنى الحقيقي لانسلاخ الروح عن الجسد .....
العذاب هو كل ما تشعر به
" حتى بالموت لا توجد راحة.... العصاة لا يهنئون بموتهم وقد فرطوا بأمانة روحهم .... "
كانت الأفكار تتدفق عليها.... لتبث بقلبها الخوف من جديد
وهي تسأل وماذا بعد ؟ !
مرت لحظات طويلة.... حتى تفتحت عينيها .. جهاز التنفس موضوع على وجهها ..... اسلاك عديدة موصولة بيدها
جالت بعينيها .... لترى أمها بثوبٍ أسود ممدة على الاريكة مقابلا لها
رمشت بعينيها عدة مرات تتأكد انها تراها حقا .... ....
زفرت أنفاسها .... و اناملها تتحرك
إنها تشعر ..... لازالت تشعر .....
دخل سامر إلى الغرفة.... ليتوقف وتتدرج الصدمة على ثنايا وجهه .. ركض إليها.... يمسك بيديها بين راحتيه و يقبل رأسها مرارا ...
مرت أربعة أيام دون أن تستيقظ ... دخلت سراب بغيبوبة مفاجئة .... جعلتهم يعيشون بأسود و اصعب أيام حياتهم وقد توفيت مروة بذات اليوم ليلا ...
إنهمرت دموعها تباعا عندما شاهدت أمها وهي تركض إليها فزعة.... وقد استيقظت من نومها للتو
بعد ربع ساعة جلست بمساعدة الممرضة.. وكان العتب و القهر يرتسمان وضوحا على وجه أخيها و أمها ..
سراب عادت للحياة لكن دون حياة و لن تعد كالسابق..... !
اخفضت بصرها ... ويدها ترتعش برهبة حتى وصلت لبطنها.... كان سامر يتهرب من النظر إليها...
اردفت سراب بصوت منهك خائف
" ماذا حصل... لم افقد طفلي صحيح.... أنا أشعر به !"
فقال بقسوة خرجت رغما عنه متألما ... وقد كان سيفقد اختيه معا بنهار وليلة......
" هل يهمك ... ألم تحاولي قتل طفليك.... "
صمتت قليلا لتسبل ملامحها أكثر ... لتقول باهتزاز ضعيف....
" أردت لهما و لنفسي الراحة.... "
سار من جانب أمه ليتحرك مقابلا لها .... فقال بإجهاد الايام العصيبة.... فخرج صوته خشنا على غير عادته
" مجرد انك امهما تقرري لهما الموت !!! ... بأي شريعة... بأي دستورٍ أمومي ذكر ذلك "
لكنها وفجأة تذكرت ايوب.....
همسه المنادي.... . اصابعه التي تلمست كدمات وجهها وندوب قلبها تذكرت اخر حضن.... اخر اغماضة لجفونه بين ذراعيها!
فهمست بوجل.... وصوتها يرتعش وهي تنظر لأمها بتوسل ... امها التي أصبحت هرمة خلال أيام ...
" أمي أين أيوب؟؟"
لكن مريان احنت رأسها و عادت تبكي جراحها ..... فأدارت سراب بصرها نحو سامر الذي بقي واقفا بملامحه التي فترت ... فصرخت بعويل باكي
" لماذا لا تقولون شيئا...."
دموعها بدأت تنهمر كزخ المطر.... فقال سامر بوجههٍ متغضن تعيس
" أخذه والده .... "
فتابع بمرارة الغصة....
" نفذتي من فعلتك بعد أن قيل أن أيوب كان يعبث بالجرة وأنت نائمة.... كل العائلة و أهل المدينة يظنون أن ولدك مجنون ... من يصدق أن طفلا صغيرا.... نحيل الجسد حملها للغرفة... "
وضعت يديها على اذنيها تشعر بالخزي ... بالعار مجددا يعصف بها... فقالت وهي تجز على أسنانها بألم
" يكفي يا اخي لا تقتلني أكثر لم أعد احتمل بعد "
لكنه تجاهل بكاء أمه التي نهضت وهي تضع يديها على فمه ليصمت لكنه تابع بذات الغصة المتشعبة وهو يبعد كفها
" هل تعرفي من قام باختلاق تلك الكذبة؟ "
مسحت دموعها.. تحاول تنظيم أنفاسها التي بدأت تقل
فقال " أحمد "
وهنا انسحب الهواء من صدرها تماما .... وقبل أن تزفر بارتياح
" لا تسعدي كثيرا يا اختي ....لأنه فعل ذلك مقابلا لسفرك معنا دون عودة للوطن .. والا سيزجك بالسجن "
نفضت رأسها وقد بدأت تفقد ذرة الصبر لديها .... فقالت باستبعاد واهي
" أحمد لا يفعلها.... لن يبعده عني "
اقترب سامر من سريرها ... يحاوط جسدها بقبضتيه من الجهتين ليحشرها بالمنتصف
فقال بقهر على حال أخته
" أحمد لن يتزوج و تزوج.... احمد لن يهينني... وقد أذلك بشيء انتي لا ذنب لك به....
يكفيكِ رفعه أعلى من قدره ..... لأنه حطك دون قدرك.. وما يمنعه الآن عن استبدالك بزوجته أما لأيوب بدلا عنكِ "
عادت تلك اللحظات أمامها .... أحمد وعروسه السارقة .... ستسرق ابنها أيضا الم تكتفي بزوجها و بيتها و الآن ابنها!

فقالت وهي تتحرك وتضرب اخاها بجنون .... وصدرها المتعب يهدر كجريش الرحى ... توسعت عيناها الذابلتين وهي تهز رأسها رفضا فصرخت بنواح
" أيوب ابني ... انا من تعبت و سهرت و تحملت ما لا يحتمل لأجله.... لن يستطيع حرماني منه !"
أعادها لجلستها ليقول مفتحا عينيها على حقيقةٍ ترفض رؤيتها فصرخ بها
" قادر يا اختي لأن القانون معه... لا يمنح اما فاقدة لأهليتها العقلية.... طفلها لتؤذيه.... أحمد سيكسب حضانته ..."
دفعته عنها بكل قوتها وهي تصرخ .... لكنه ابتعد من تلقاء نفسه متألما على حالها ... لتقف على قدميها المرتجفتين ..... الغير قادرتين على حملها ...فسقطت أرضا مع اول محاولة تخطي بائسة .... اقترب سامر محتضنا اخته .... لتدمع عيناه وهو يحاول ضمها لصدره كانت تقاوم ضمته بوهن من هزالة جسدها وهي تهذي ... فزعة
" سأذهب إليه .... سأتوسله .... انا أموت بدون ايوب ... انا أموت دون ولدي "
اخذتها مريان من بين يدي سامر تضم سراب لصدرها فوق جرحها اللاهب وهي أم ثكلى تفهم معنى ما تقوله ابنتها ونار الفقد تشتعل بأحشائها اشتعالا... فقالت بتودد أمومي
" اهدئي يا بنتي لم افرح بعد بعودتك لحضني ...."
تشبثت سراب بها كالغريقة تعافر و تصرخ بتعب صدرها
" أنا اموت بدون رائحة ابني... بدون صوته .... لن أحتمل بعده.... اتركووني أذهب إليه .... أيوووب آه "
وعاد الظلام مجددا ليتلقفها بين غياهب سواده المعتمة .... لاسراب عادت سراب .....
ولا حقها عاد إليها المسلوب عاد إليها....
.....
********
(سراب الحفيدة)

صمته ليومين جعلها تغلي كفاية ...
تعمد بهما ألا يرد على الهاتف....
متجاهلا ايضا تقريع رسائلها فلا يريحها برده ....
بل يريد فضولها الذي يقحمها بالمشاكل.... فلا يجعلها تنام ليلا او نهارا
هذه المرة سراب ستدخل إلى حياته مجبرة برضاه هو...! وبعدها فلها حق الخروج برضاها....!

فوق الحصان الأسود المميز كفارسته التي تمتطيه .... شاهدت دخوله عبر البوابة الخشبية.....
غضب ناري يحرق الأخضر واليابس يخرج من عميق عينيها البنيتين لينعكس كوهج الغروب المحمر ..... فيجلده من بعيد بسياط نظراتها الحادة ...
وثَبت بحصانها الأسود اليه....
وهو بقي واقفا مكتفا ذراعيه بثبات ... يبتسم تلك الابتسامة الودود التي تشعرها بالحنق اضعافا !
رفع الحصان قدميه الأماميتان عاليا أمام وجه شهم ..... وصهيله العنيف يتردد صداه بالمنطقة .....
شدت اللجام عليه ليخنع الحصان لأمرها ويتوقف بأخر لحظة عن تحطيم وجه شهم الجميل .... وكم طاقت لذلك ..... ربتت على رقبة حصانها وقد اجهد من فارسته المستبدة !
قفزت عن ظهر الفرس برشاقة أعجبته وهو يرى سلاسة تعاملها مع أمر صعب كهذا ....
وتوجهت لتقف أمامه ثم وفجأة رفعت كفها عاليا وهي تزأر .... لكنه التقط معصمها المرتفع قبل صفع وجه.... ابتسامة شريرة ناشزة ارتسمت على شفتيها... جعلته يعرف تماما أن اهتياج سراب ليس له حد لإيقافه ..... لكنه هو شهم الجابر سيردعه وإن كان بالقوة !
" التفاهم لا يكون هكذا يا أنستي... "
همسها بتهذيب مشوب بسخرية مبطنة.... ارتفعت نظراتها على يده القابضة على معصمها جعلته تنزع يدها بقوة .... كانت قريبة ... يشعر بهدير أنفاسها التي اختلطت مع أنفاس حصانها.... استدارت بخفة و بحركة من يديها جعلت الحصان يتوجه طائعا ليعود إلي مكانه
تبا كم هو معجب بها .... قوية ... حازمة... نارية... تماما كما يحب.... مختلفة عن سخف البنات !
اغمضت عينيها وزفرت نفسا قويا .... ثم نظرت إليه بوداعة وهي تعيد شعرها الأحمر للخلف ... لتقول مقلدة تهذيبه وهي تشمخ بذقنها
" الآن يمكننا الحديث سيد شهم .... انتظرني على الكرسي الخشبي ذاك "
استدار ليرى ما تشير إليه بسبابتها.... ليجد كرسيا خشبيا بمقعدين متقابلان مفصلا ليتسع لاربعة أشخاص مع طاولة تتوسطه !
كل شيء مميزا بغرابته كصاحبة المكان تماما ...
بعد دقائق احضر له الحارس فنجاني قهوة .... كانت قدم شهم تهتز ... و اصابعه تطرق فوق الطاولة كلحن منتظم ... هز رأسه بتلاعب وهمس
" يبدو انها تستد حقها وستجعلني أنتظر .... "
وقف مقررا المغادرة وقد بدأ يضيق من تصرفاتها
" إن كان طلبك لزواج مني جديا .... فعليك أن تحترم تأخري.... فأنا إنسانة لا اتفق مع المواعيد "
استدار إليها.... ليراها تعقد شعرها بكتلة حمراء متجمعة ككرة صوفية ...تاركة غرة شعرها من جانب واحد منسدلة.... بقي شهم واقفا ينظر إليها بشي من الانبهار وهو يرى تقاسيم فكها التي ظهرت بوضوح .... !
عاد لمكانه.... يرمقها بعينيه المصفرتين.... لتقول بنبرة جدية
" هل ستكون صريحا ... أم ستتلاعب بحديثك و تريد دورا آخرا.... كدور القط و الفأر مثلا "
عند ما ظهر صف أسنانه... ارتشفت من القهوة التي بين يديها... تحاول تشتيت تركيزها ..... فقال بعد برهة
" لا يليق بكِ دور الفأرة فأنتي اشجع من ذلك "
فقالت بفظاظة وهي تتأمل حلاوة مبسمه ... وشبكت يديها سويا أمامها فوق الطاولة
" لكن دور القط يليق بك بجمالية شكله .... وبتلاعبه وغدره !"
وضعت الكوب على الطاولة.... وضحكته تخترق شيئا ما بداخلها لا يحق له التسرب إليها بتلك الومضة .... فقال مستفزا سراب
" أوه هل هذا أول اطراء بجمالي .....أخذه ممن ستكون خطيبتي "
ضحكت بتهكم.... لتقول وهي ترفع رأسها بغرور
" يهمك أعترافي بجمال مظهرك؟... الحقيقة و سامتك هي الشيء الوحيد الملفت بك.... لأني لا أرى بجوهرك الداخلي جمالا يبهرني لالتفت إليه "
ارتفع حاجبه ...واختفت ابتسامته ... لتتورد أعلى وجنتيه.... فقالت سراب مغيرة الموضوع لتقول بحدة
" كنت تعلم أنك اذا حادثتني بهذا الموضوع قبل جدي .... سأرفضك ! "
فقال هو بذات الحدة
" بيننا إتفاق مبرم وانا أريد أن اقبض..."
ضربت الطاولة بقبضتها..... فقالت وهي تشرئب غضبا
" اتفاقنا كان مبنيا على مبلغ مالي.... وليس لتحصل علي!.... انا أرفع واغلى من أن تكسبني رهنا باتفاقية لم تفلح بها حتى "
إلا غضبها.... لايريد الوصول لطريق مغلق معها .... تلك الأفعى التي أمامه يجب أن تخرج من و كرها ليحكم قبضته على خوانقها فقال وهو يخرج من جيبه ورقة ما وضعها أمامها ليقول بنبرة ... جازمة ... قاطعة
" صك أرض الوالي أمامك ... حلال ٌ عليكي ... أو ستبقى الارض ملكا لي و اكتفي بها ثمنا"
انذار آخر انه أخطأ .....عينيها تتوهج وهي تقرأ فحوى الورقة .. فقالت بنبرة سلطوية وهي تنظر إليه بنظرة مهيبة ... وكأنه يرى جدها أمامه
" أنت تلعب بعداد عمرك... أخبرتك انا لست بندا من تلك الاتفاقية لتحصل علي بهذا السخف "
فقال موبخا .... يحاول اقناعها وهي تجاهلت تعجبيها بوصول الصك الذي أمامها بسهولة من مؤيد لشهم ...!
" أنا لا أريد مالا ... أريدك خطيبتا لي... و الأرض ستكون لكِ بيوم عقد قراننا !"
اعتدلت بجلستها واضعة قدما فوق اخرى لتقول بسفور وهي تتامل إحمرار وجهه
" ما يدريني انها ليست لعبة!... او أن الورقة مزورة ... أريد ضمانا "
قال بثقة لا يملك غيرها حاليا
" لا ضمان الا قولي ...."
لعقت شفتيها لتقول بصلف
" عذرا ! ...وانا لا اثق بك "
مسح شعره ... ليقول صراحة مما ينبع من قلبه ...
"سراب أنا معجب بك.... لا أعرف كيف تكون المقدمات ... لكن أنا دخلت البيوت من أبوابها "
اشاحت وجهها لناحية الآخرى... لا تريد أن تبتسم بحماقة !!!..... لا تريد لكلامه أن يفرحها .... كما تشعر الآن بكل سخف ..وقفت و قالت ببطئ وهي تسبل أهدابها
" بناتُ الوالي مهرهن غالي كقدرِهن العالي.... لن تقدر على تكبد دفعه "
فقال وهو يفز ناهضا على طوله... يسلب عينيها بنظراته الساحرة...
" سأقدر... اعطني فرصتي "
أرادت أن تمشي دون أن ترد ... دون أن تعطيه املاً حقيقيا .....
" سراب "
استدارت إليه بعد أن انتظر قولها ... فقالت بخفوت
" أنت بدأت الحديث و طلبتني من جدي .... إذن باقي الكلام يُبت بينكما وليس معي "
حيت نفسها انا تملصت بطريقة جيدة ... لكنه سأل بإلحاح
" إذا وافق لن ترفضي صحيح ؟ "
ارتسمت على فمها إبتسامة جانبية ... لتقول بصوتها المبحوح
" لا تطمح كثيرا فالوالي لا يعجبه شيء..."
إقترب منها... قربا خطيرا لكليهما... فقال بلطافة ونبل
" أعدك أن اسعدك و... "
قاطعت قوله وهي تستشيط استفزازا
" هل تعرف أكثر ما يغضبني؟ "
ضحك لتبدل حالها... فقال مبتسما
" كلا...."
تغضنت ملامحها نفورا .. و عرق اخضر بجبهتها ينبض وضوحا أمام عينيه .. ليثبت حقيقة استفزازها
" الكلام الغزلي ... وباقات الورد تجعلني مستفزة... بماذا
ستنفعني الورود اذا ذبلت... ماذا سيجلب لي الكلام الطائر بالهواء ... "
حملق بعينه دون تصديق فقال مستغربا
" انسي الورد هل يوجد فتاة لا تحب الغزل "
فقالت بكِبر ورقبتها تتشدق لتطوله....
" اعتبرني مختلفة فتاة لا تعترف بالغزل ولا تعرف قوله .... لأنه يجعلني اريد التقيؤ من كم الكذب الذي به ... الأفعال السديدة تغلب الأقوال ووقتها فقط أعجب بك بعقلي "
نظر لسبابتها وهي تدق رأسها.... فقال بتسلية
" يبدو أن التعامل معكِ ليس سهلا.... وانا الذي يريد الحصول على قلبك ايضا"
تراجعت خطوة للوراء ... لتقول بلا مبالاة
" احصل على عقلي اولا .. فمضمار قلبي شائك و طويل... وإن صعب الامر عليك لازلنا بالبداية"
هذه المرة هو من قاطعها .... فقال باعتراف حقيقي دافئ
" اياكِ قول ذلك... انا يعجبني اختلافك... صراحتك ... حتى فظاظة تعاملك.... لكن يجب أن تعلمي أني رجل يذوب بالغزل لذا يجب انه تعرفيه ... لأني لن أتنازل عنه مطلقا"
هل خجلت من قوله حقا.... رفع يده مودعا لها ... و ابتسامته اختفت وشعور الضيق يحتكم به ... امسك الورقة ودسها بجيبه ... ثم اخرج هاتفه مرسلا رسالة بكلمة واحدة " تم الأمر "

******
لم يصدق حتى طلع الصباح ..... أنامله كانت تتفحص تنفسها .... في كل ثانية يمرر اصابعه فوق نبضها .... ... يتأكد من وجودها قربه حية ترزق ...
قبل جبينها لتإن بألم فيرتاح كلما سمه صوتها .....
يدها الرقيقة ملفوفة بجبيرة ابتلعتها فلا تظهر إلا رؤوس اناملها.....
رقبتها التي اشتاق ليقبل طولها المهلك مخفية بجهاز الرقبة .....
طلع الصباح و عائشة أتتها باكرا لترى ما تحتاجه ديالا ثم أخذتها للحديقة الخارجية وقد استشعرت توتر ديالا ونظراتها الجوفاء اتجاه مؤيد .... راقب مشيتها العرجاء... تتباطئ بتعب كلما مشت بين مسافة و أخرى .... همست عائشة بنبرة مليئة بالتعاطف وهي تسندها
( سأرجعك للغرفة اذا تعبتي ؟ )
فقالت بصوت ضائق متحشرج
( لا أريد العودة ... الغرفة تخنقني )
كانت عائشة تسترق النظرات لديالا ... ولا تدري لما تذكرت أول مرة حضرت بها إلى هنا….. يالله كم تغيرت.... رغم حُسنها الذي لم ينقص ابدًا ... الا أن مسحت الحزن كانت تطغى أكثر !
فقالت ديالا بخفوت وهي تحاول الاستدارة بكل جسدها…. ممسكة بيدها السليمة يد ضُرتها
( عائشة .... )
شهقة بكاء خرجت من حنجرتها دون دموع .... شهقة ناحبة …من بين العديد المكبوت بداخلها ..
شهقة عبرت عن عجزها و قلة حولها
( أريد الهرب... لن احتمل يوما آخر )
أما عائشة ... حاولت أن تريح تلك النظرة الخائفة .... المطلة من عينيها الواسعتين ... فقالت بحنية .
( اصبري لتتعافي وبعدها لكل حادث حديث )
اشتد فم ديالا إبيضاضا تحاول كبح غصة دموعها ... بينما عائشة تمنحها تلك النظرة الامومية فتحتوي ما تفقده من حاجة
( .... كيف انتي الآن حبيبتي )
أرادت فعلا أن ترد عليه
" حالي أفضل بدونك " … لكنها صمتت و مؤيد كان يرى تغضن ملامحها بنفور ... أدار ذقنها عنوة قائلا بحدة
( ديالا انا أكلمك )
لكنها دفعت يده... بعد أن عصت أمره ... فقالت زوجته بقلق ...
( مؤيد هي مرهقة... دعها على راحتها )
قبل قمر رأسها... مغمض العينين وهو يستنشق عبيرها وهي تختض من الداخل ... فقال بخفوت
( لا بأس بهدنة صغيرة ... كلينا يحتاج ذلك )
امسك هاتفها من جيبه بعد أن استولى عليه ... ليرى من يتصل ... فقال بملامح مظلمة …. وهو يرشق ديالا بحدة
( هذه سراب)
مد الهاتف الإتجاه عائشة ... قائلا بسطوة
(خبريها أن ديالا لا تريد الرد على أحد…أو اخبريها انها نائمة )
ارتفع صوت ديالا بغضب وهي تحاول النهوض وقد فاض كيلها منه
( عائشة أعديني للغرفة )
لكنه أمسك كفها سليمة رغما عنها .. يحاول جذبها إليه حتى يرافقها للغرفة فقال بصوت خطير … و قد رمى عائشة بنظرة اخطر
( عائشة اذهبي لمساعدة صفاء .... انا سأدخلها(
دفعته عنها رغم الم جسدها .... قائلة بضراوة
( لا أريدك ... ابتعد عني)
تطلع حوله إلى عائشة التي بدت متوترة حائرة والى بناته اللواتي خرجن تباعا .... فقال بتهديد حازم
( ديالا)
نفضت رأسها قائلة دون اهتمام
( أصفعني هيا .... افعلها ليس جديدا عليك ..)
أرادت استفزازه.... اعطته دعوة صريحة لضربها لكن عائشة أمسكت بكتفيه ..... لتقول مخففة من حدة الشرر بينهما ....
( مؤيد هدئ من غضبك ... هي متعبة لا تنسى ماذا قال الطبيب ! )
لكن ديالا تمنت أن يفقد أعصابه ويضربها..... سترتاح بالمشفى دون الحاجة لرؤية وجهه المستفز … فقالت وهي ترمقه باستخفاف
( دعيه يضرب ... قد يأتي الله بنهايتي على يديه و ارتاح منه )
صرخ بها ..... وهو ينفض يد عائشة عنه
) أصمتي اللعنة .... فقدتي عقلك )
صمتت تجابهه لنتظر اليه بقوة .... فهمست بخفوت مميت
( ..... أنا أكرهك.... اكرهك )
بوحشية سحبها لطرطتم بصدره .... غير مهتم بالجبيرة القاسية التي ضربته تلوت بين يديه متأوهة من تخبطها قائلة بغضب
( اترك يدي ....)
بتلك اللحظة خرجن البنات تباعا .... و صفاء كانت تفتح ستارة المطبخ بوجل ... فقالت بإرتعاش من جنون اللحظة الذي يعيشه
( مؤيد ليس هكذا ... البنات ينظرن إليك)
دفعها لتسقط أرضا معميا وهو ينحر ديالا بعينيه البركانيتين ... شهقن الفتيات و خلال لحظة إحدى بناتها ركضت وساعدتها على النهوض ... فقال أمرًا
(أدخلي البنات وإلا اقسم اني سأفرغ غليلي بكن)
وقتها اشتدت يد مؤيد فوق كتف ديالا المرضوض... فقالت دون أن تأبه وهي تتلوى تحاول التملص من يديه
( .... أكرهك .... اكرهك)
إحدى يديه ارتفعت لشعرها وقبضت عليه ليدور بها بغتة ويسند جسدها على كتفه ... والأخرى أمسكت بأنامل يدها البارزة يتلمسهما من الجبيرة ...
( اعيديها)
نظرت إليه نظرة جانبية مقيتة ... وعينيه الكريهتين قريبتين منها فتأبى أن يرعب غابتيها العاصفتين همست مجددا
( أكر… آآآآآآه...)
وقبل أن تكملها..... ارتخت قدميها من الألم ... فرفع بقبضته على شعرها جسدها الهزيل الذي تهاوى .... فقال بشراسة
( لم أسمع جيدا ماذا قلتي )
قرب رأسها لاذنه مستمعا لصيحتها المذبوحة ..
ويده البغيضة أخذت تمسح دموعها المنهمرة من فيض الألم.... قال مؤيد بجفاء
( .....في المرة القادمة لن يشفي غليلي سوى بتر أصابعك... ولسانك هذا إن نطق بكرهي)
تنشقت ألما.... تحاول كتم بكائها عن بناته....
كم أرادت انه تقول له
" نطقها قلبي قبلهما "
لكن جسدها يؤلمها.... وروحها المهزومة مصابة بكل مرة تقاتله بها فلا تنتصر.... اشتد فمها الأبيض كخطٍ مستقيم.... كتمت به نحيبها... أما صفاء أشارت لعائشة المرتاعة بأخذ الفتيات.... فحضرت و أدخلتهن ....
إقتربت عائشة منه ..... لتقف بوجهه..... فقالت بتوسل
( أستحلفك بالله يكفي يا مؤيد .... بحق العشرة التي بيننا أتركها الآن... وستكون راضيا !... يكفي ما رأينه البنات )
استلتها عائشة من بين أحضانه.... فقال قبل أن يعتق جسدها المرتجف فقال بخواء " تعقلي"
لم ترد ديالا... كانت سارحة وهي تتذكر نهاية العصفور حيث تقف....
عادت عائشة بها للغرفة.... أعطتها أدويتها.... وتفقدت حال أصابعها ... استمعت بحزن لتممات ديالا الغير مفهوم " لن أبقى "
جلست عائشة بجانبها... ودموعها العزيزة عليها أخذت تذرف .... متذكرة ذلك اليوم عندما أرقد ابنتها
" نسمة " طريحة الفراش لانها رفضت الزواج !
مسحت دموعها وخرجت لتجد صفاء تقف عند باب الغرفة تقضم شفتها اقتربت منها وهي تربت على صدرها قائلة بخوف
)يا ويلي يا عائشة .... أقسم بالله توقعت انها ماتت عندما هوى جسدها )
اخفضت عائشة رأسها بقلة حيلة..... فقالت وهي تعتصر جفنيها متذكرة وقفت البنات
( هل قالت البنات شيئا عم حصل؟؟ )

قالت صفاء بتعاطف ...
( لولو و ابنتك ياقوت خافتا جدا ... )

*************

بعد شهرين
شعرها الاسود مرفوع بعشوائية جعلت منها طفلة رائقة .. و كأنها عادت صغيرة حقا !
" ملاذ "
نبرة أبيها الخشنة ... حديثه بكثرة معها شعورا غريبا على مسامعها.....
بقدر جمالية الأمر.... بقدر خوفها أن تكون سعادتها معه لحظية وستنتهي
يناديها باسمها الذي نسوه الغالبية ….. فيخفق قلبها تعلقا به
ربما بات الأمر متأخرا الآن وهي شابة عشرينية أن تشعر بالمعنى الحقيقي لحنان و دلال الأب .....
شعور الحنق يكبر بداخلها ... أبيها عمران... حنون بشكل لا يوصف ..... فلماذا يرونه بتلك الصورة المشينة .....
قالت بصوتها الرقيق..... وهي تقلب الخليط.....
" انتظر قليلا بابا "
كان عمران يبذل مجهودا يحاول القيام بدور الأب على أتم وجه ... ابنته لا تعرف ذلك التوتر الخفي الذي يحاول تداركه بقلبه ... فقال بنبرة عالية
" سيبدأ فلمك المفضل بعد قليل .... "
شهقت ملاذ عندما فتحت الفرن ووجدت الطعام الذي حضرته .. محترقا... مطت شفتيها بضجر لتقول بإعتراض
" لاااا لماذا احترقت "
ضحك عمران ملئ شدقيه ... فقال بترفق وهو يتقدم نحوها
" لا تحزني نفسك ...خدمات توصيل الطعام كلها تحت أمرك سُكرتي "
مطت شفتيها ... ليأتي إليها مراضيا وهو ينزع القفازات الحرارية من يديها .... نظرت إليه تتأمل تلك الأقواس التي تظهر عندما يضحك ....
حنين من الان لعينيه السوداوين البراقتين... همست بسعادة متحشرجة
" بابا "
فرفع عمران بصره إليها ....فقالت وعينيها تغيمان بسحابة حزينة
" لم أكن اريد أكثر من ذلك .... انتظرت كثيرا لأعيش هذه اللحظات معك ....! "
وفجأة احتضنته بقوة ..... يديها تلتف على مدار ظهره .... فقالت بتطلب ونبرة صوتها تختفي
" لا تفكر بتركِ مجددا بابا ... أريد منك تعويضا عن كل يوم عشته وحيدة .... عن كل لحظة احتجتك بها ولم أجدك... "
رفعت رأسها إليه...لكنه كان ساهم النظرات يحاول التباعد عنها ..... ومشاعره تتخبط وتتضارب أكثر....
هذا تحديدا ما كان يؤرق أبوته… ويفكر به ،حتى من قبل ولادتها وهي أن تُكبل حريته!
حاوط وجهها بكفيه مقبلا رأسها.... قائلا بخشونة
" ... دعينا الآن نستمتع بيومنا سويا ! "
كانت تدري أنه لن يبقيها معه طويلا.... وكأن شهرين معه كفيلان لتنسى سنواتٍ بدونه!
بينما ضمير عمران المتبقي لديه تحرك مؤنبا.. عندما جلست ملاذ بجانبه على الأريكة متكئة تلقائيا برأسها على كتفه تطلب منه حنانه ... اغمض عمران عينيه بضياع وصوت سمر يعصف برأسه
" لا تتركها... "
*****

ذلك اليوم أصوات الجدال علت بالممر
… حاولت سراب كبح فضولها ..... لكن صوت جدها كان مرتفعا أمرا أمجد
( لا شأن لك بديالا...)
اشتعل أمجد غيرة فقال بغضب دون احترام الوالي ....
( كيف لا شأن لي إنها تعيش بتعاسة بسببي وانت لا تفعل شيئا )
كان الوالي يجلس على كرسيه صامتا ..... فقال أمجد متابعا حديثه
( دع الفتيات يذهبن إليها! ... على الاقل لنطمئن على حالتها )
فقال جده ببساطة تحمل مغزى ليس بسيطا إطلاقا
( أنا كلمتها هي و زوجها والاثنين بألف خير )
لكن أمجد قال وغضبه الاهوج يتصاعد
( أقولك لك يا جدي إنها.. )
فهدر به الوالي بصوت أصعقه ... ليصحو وقد أحس انه زاد الامر سوءا بتجاوزه للحد
) أمجد ... انتهى )
صمت أمجد .... ليتابع الوالي بصوته الجاهوري الاجش
) لن يخلفني على هذا الكرسي غيرك .... لا إبن ولا أي حفيدة تؤثر على مكانك ....)
رد أمجد بنبرة منخفضة
) أطال الله بعمرك يا جدي ... )
اكمل الوالي بدهاء
) لكن سراب تؤثر .... لانها الاكفئ بالإضافة ان نصف أملاكي موكولة إليها لتديرها !)
لا زال الاثنين صامتين بين صدمة أمجد الظاهرة بوضوح و سكون جده !
قال الوالي بثقل ...
) سلطة بدون دراية لا تنفع ... وأن تمسك أنثى كل شي وحدها أيضا لا ينفع !)
كانت سراب ترهف السمع ....
مغترة بذاتها مما يمتدحه جدها و علمه أمجد .... لكن كلمات جدها التي تلت صعقتها لتشهق بصمت....
) لذلك تزوج سراب و امتلك كل شيء رهنا ليديك..... (
وقف أمجد على طوله .... وعينيه محتدتين فقال ببطئ شديد اللهجة
) لو لم يبقى لي مكان أنام به .... و درت أشحد شق خبز يابس.... لن اتزوجها )
فقال بعمق صوته.... رافضا رفضا قاطعا
( أعتذر يا جدي ارفض ...)
دخلت سراب كزوبعة ترفل بجلبابها الاسود دون إذنٍ لدخول .... وقف ثلاثتيهم كلٌ يقابل الآخر بشرارات الحنق و الاستنكار .... فقالت بتكلف
( وانا أرفض ... )
اقتربت من جدها وهي تشمخ بذقنها... لتقول بكبرياء
( كيف لك يا جدي أن تسأل ابن عمي خطبتي.... وانا اعتبر مخطوبة ... )
فقال جدها متسع العينين وقد توقعها أن ترفض
( هل وافقتي ؟؟..... ترتضينه زوجا لكِ)
تخصر أمجد بوقفته.... ليقول بسخرية
( ماشاء الله عن اي خطبة تتحدثون )
تجاهلت ابن عمها وعينيها تتحدث مع جدها ... تعاتب فعلته.... فقالت بتكلف
( غدا سأبلغ شهم موعدا للقدوم إليك .. لتتفقا ..)
نقلت نظراتها الساخرة نحو أمجد … لتقلب عيونها بتملل
)أما أنت يا أمجد لا أراك يا ابن عمي... إلا كأخٍ لي لا أكثر رغم بغضي لك تحت اي مسمى ....(
رمته بسهام لسانها السليط
( ثم اني لا أرتضي لوحيدنا المتزوج فعليا.... أن يدور شحاذا بوجود مُلكنا ..والملك لله وحده!)

والآن بعدد مرور شهرين على الأمر.... تتلاعب بخاتم خطبتها تارة..... و تمسك مجلة لفساتين الزفاف لتختار فستان خطبتها بعناية لذوقها الصعب
أمسكت سراب هاتفها لتقول وهي تزفر أنفاسها بنزق من نمر الذي تأخر بالاتصال بها بعد أن بعثته ليراقب شهم …. رد عليها فقالت بتملق
( يبدو انك كبرت على التقصي يا نمر ؟)
تنحنح نمر بحرج ... فقال بإختضاض لا يعرف كيف يشرح الأمر برمته
( بصراحة لا أدري ماذا اقول لكِ ... السيد شهم له أكثر من نصف ساعة وهو يجلس بالمطعم مع زوج الدكتورة ديالا )

*********
قبل ساعتين تماما من اللقاء

ينظر إليها بإشتهاء بعد حرمان... الهدنة ما زالت مستمرة و مباتها عند البنات طال ....
ترفض سماعه ... ترفض الجلوس بجانبه بأي مكان .... ووقت اجتماع العائلة ترفض الحضور !
كان فستانها الوردي لا يفصل جسدها بإغواء وإنما يظهر جمالية سحرها الحقيقي
شهقة افلتت منها وهو يكبل خصرها عندما دخلت لغرفتها وقد ظنته خرج ....
جذبها عنوة فالصقها جسدها اللين بجسده .... وقال بصوت يفيض بمشاعر محمومة
) ألن تصفحي.... وتنتهي حربك..؟(
كانت ديالا تتخبط قرفا ....تبعد يديه الغليظتين عن جسدها وتإن رفضا .... أما هو متحكما بها يثبتها .... و يقبل رقبتها بشوق....
سكنت ديالا قليلا مجهدة .... عندما قبل شفتيها الرافضتين بقبلته المغتالة
....
عندما ابعد مؤيد شفتيه .... ونزع قميصه بسرعة ... وعينينه الجريئة تعريها من ثوبها ... وقبل أن تجتازه رفعها بخفة .... وهي بدورها احنت رأسها إلى كتفه تمنع وصول شفتيه الغازية لشفتيها و بكل قهرها وغليلها لم تجد نفسها إلا وهي تغرز أسنانها بلحم كتفه مستمتعة بطعم دماءه ... لتفر هاربة إلى غرفة البنات متحامية بوجودهن ......


انتهى الفصل الثالث عشر

noor elhuda likes this.

Dalia bassam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:46 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.