آخر 10 مشاركات
|
| |||||||||||||
| مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمكم للرواية؟ | |||
| جيدة جدا |     | 87 | 67.44% |
| جيدة |    | 26 | 20.16% |
| عادية |    | 11 | 8.53% |
| دون المستوى |    | 5 | 3.88% |
| المصوتون: 129. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع | |||
 |
| | LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
22-05-19, 02:57 AM
| #862 | ||||||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء 
|  بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفصل الخامس والعشرون والاخير لم تشعر الا وكرم يحتضنها من الخلف، تجمدت للحظات بين ذراعيه... أرادت بعد تمالكها نفسها دفعه بعيد... فإذا به يديرها نحوه وهو يمسك بكتيفها بإحكام حرر احدى يديه وحاوط بها حواء بقوة إلى صدره وراح يشد عليها، ارتطم رأسها بصدره بخفة رغم ضغطه الشديد، انتفضت على عنف نبضات قلبه التي أخذ صوتها يسير في بدنها وأحدث لها قشعريرة... تململت مستجمعه قواها لتتحرر منه لكن احساسها بقطرات دموع تسقط على وجهها دفع بها لترفع عينيها إليه غير مصدقة، لتجده غارقا بالدموع يبكي بهتون. رفعت يدها تضعها على ظهره غير واعية، رغم ما دب به من ألم طفح على وجهه وهي تراقب كل ذلك إلا أنه لم يتأوه ولم يشتكي... تحررت لثانية منه فأمسكت بذراعه السليمة بكلتا يديها تبعده، ابتعد بإرادته وهو ينظر في عينيها المثقلتين بالهموم، بادلته النظر لبرهة فلم تتحمل اكثر فأشاحت وجهها محدثة نفسها بينما تقترب من كرسي لتجلس عليه، فقدماها لم تعدا تقويان على حملها تشعر ان جسدها كله مهدود. "لما تأثرت؟ لما أشعر بالألم لأجله؟" لم يجد كرم شيء يفعله لمنعها، فحدثها قائلا بأنفاس مهدورة وهو يركع عند قدميها ممسكا بإحدى رجليها يقبلها بقبلات عديدة متناثرة كدموعه. "اذن دعيني اعتذر منك، دعيني اطلب العفو والسماح... تجاوزي عني... سأعوضك عن ظلمك وحقوقك المهدورة وأحزانك كلها..." تصلبت حواء في مكانها واصفر وجهها بينما تراه راكعا امامها يقبل قدميها ويتمتم بكلمات مستها فلم تعي على نفسها تجهش بالبكاء معه وراح جسدها بعد تصلبه يرتعش تبكي لبكائه... تبكي له... تبكي نفسها... مازال ممسكا بقدمها قرب شفتيه وارتعاشها يسري إلى كفه وإلى باقي جسده يبكي بمرارة ويغمغم لا يعرف ان كانت تسمع كلماته او لا، فلا طاقة له، حزنه وبكاءه اخذا منه مأخذا عظيم. مستمر بالنحيب الذي يعلو ولا ينقص "انا احبك يا حواء، انا اعشقك لم احب قبلك ولا بعدك اختبرني الله بحبك لكني فشلت... اتوسل إليك ماذا افعل يا حواء؟ لا اتحمل خسارتك ليس بعد كل هذا الذي مر... اعطني فرصة اخرى على الاقل اشفي بها جروحك استحق بعدك عني استحق صدك عني لا الومك لتركك اياي ولا اغضب لهروبك معك كل الحق لكن اعشق التراب الذي تمشين عليه حواء، دنياي انتِ وانتِ دنياي انا متعب يا حواء متعب من قلبي من نفسي من عائلتي من محمد انا سأجن يا حواء" ثم مال اكثر يحضن رجليها الاثنتين إلى صدره رادفا "بالله عليك أسكني قلبي بالله عليك بردي قلبي" وحواء تنظر إليه من خلف عيونها الماطرة ويرتفع نحيبها مع كلامه... لم تتمالك حواء كل هذا الضغط لتسقط مغشيا عليها... قام كرم منفجع القلب يحملها، اوصلها لسريره ومددها عليه راح يمدد اصابعه على خديها يمسح دموعها مرة ويلاطفها مرة اخرى. يهمس بلطف وصوت ضعيف "لا اصدق اني وجدتك، لكنك كالماء اخاف ان تتسربي مني دون وعي، كما تسربتِ في دمي وملكتني". تركها ومشى مبتعدا صوب صنبور الماء باخر الغرفة ليتوضأ، توضأ وضوء الجبيرة واستقبل القبلة ساجدا (الهي عظم البلاء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء وانقطع الرجاء وضاقت الارض ومنعت السماء وانت المستعان وإليك المشتكى وعليك المعول في الشدة والرخاء....) اللهي وسيدي ومولاي (فرج عني، فرج عني فرجا عاجلا قريبا كلمح البصر أو هو اقرب....) (اللهم انت تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سري وعلانيتي لا يخفى عليك شيء من أمري ادعوك دعاء البائس الفقير المستغيث المعترف بذنبه والتقصير وأسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال العبد الضعيف المذنب الحقير ابتهال من خضعت لك رقبته وفاضت إليك عبرته وأذل لك خده ورغم لك أنفه أن تحيي قلوبنا وتشرح صدورنا...) (اللهم اسألك دنياي واخرتي، حواء اللهم اسألك قلبي، حواء اللهم يا رب العالمين اللهم يا رب الخلائق اجمعين اسألك أمة من إمائك، حواء) بعد ان شكى إلى الله وسائله مسألته نهض خفيف الصدر والحمل وعاد إلى حواء التي بدأت تفيق وهو يعاينها ترمش برموشها وتحرك ذراعها متململة في مكانها حتى افاقت، لم يحرك كرم ساكنا ولم ينبس ببنت شفة إلى ان استقامت بجلستها ترميه بنظرات مرتبكة... ابتسم لها بحنو لتهيم في ذكراه.... ذكرى يوما قد سرقها من نفسها فلم تعد هي، هي واقفة بجانب محمد تضرب الأرض بقدمها متوترة متعجلة هاتفة به "هيا يا محمد، اسرع اريد الذهاب إلى جامع حيدر خانة" رد عليها ببرود "اصبري لقد اتصلت بكرم أنه في الطريق" زمت شفتيها بطفولية قائلة بدلال وحزن "تعرف اني اكاد اموت شوقا للمرور بجانبه فكيف وانا الآن..." قاطعها محمد بنفاد صبر "التزمي الصمت قليلا فأنتِ تحبين المجموعة الشمسية والفضاء اكثر مني تحبين الدمى اكثر مني تحبين الكتب والالوان والاوراق اكثر مني تحبين الزخارف والمباني والجوامع اكثر مني تحبين نهر دجلة واشجاره تحبين الارض والسماء هل هناك شيء لا تتحرقين شوقا له وتموتين لرؤيته؟ أسألك هل تحبيني انا؟" فرغت حواء فاها ناظرة إليه بعيون متسعة لم يشعر محمد إلا ويد كرم فوق كتفه جفل محمد وهم يلكم كرم ممازحا، فبادره كرم سائلا "وما هو الحب؟ كل تلك الاشياء التي ذكرتها جزء من الحب ان كانت تقوم بكل تلك الامور بهذه المحبة الشديدة معك فيعني هي جزء من حبها لك الحب ان تنام كل العيون وتنام انت ويدها الدافئة تمسك بك. الحب ان تشبع كل البطون وتشبع انت باللقمة من فمها. الحب ان تمرض كل الاجساد وتمرض هي بدل جسدك انت. الحب هو ابتسامة دافئة ويد حنونة وعين قريرة وحضن امن. الحب ليس ان تشارك المك الحب ان تحمل المها مع المك. هكذا الحب ببساطة كل شيء بسيط. وليست التضحية. فالتضحية لا تكون سوى لله سبحانه" في ذلك اليوم قرعت طبول قلب حواء بعنف. ذلك اليوم اغتيلت. ذلك اليوم سرقت. دون وعي ختمت كل ذلك في اعمق نقطة في روحها.... وعادت من ابحارها إلى اللحظات التي حدثت قبل قليل... تذكرت دموع من حولها إلى انسانة. دموع من طهرها من أنانيتها. دموع من اجلى روحها. دموع من علمها الحب. دموع من سعت للحفاظ على قلبه. ابتسمت على جملة "الحب بسيط". لقد تذكرت كل شيء. فأجهشت بالبكاء امام عينيه المترقبتين الجاهلتين بما يجول في خلدها وصراعاتها، يراها تبكي بغزارة ويسيل انفها وتمسح دموعها وانفها بظاهر كفيها كالأطفال. وهي تردد بحرقة وبدوره يتردد في حنجرتها. "حواء لقد قال انه يحبك يحبك!" تحرك كرم من مكانه يدسها بين ضلوعه. بعد مدة ليست بقصيرة وبعد ان هدأت همس بحرارة "لنعد للمنزل وكل شيء تريده سيكون." دفعته من صدره بعيدا عنها كأنها تنفيه، ترنح مكانه ليسقط على الأرض، مبعدة وجهها عنه، القهر قد تمكن منها فنهضت وقبضت على الأوراق الموجودة قرب السرير تخط فيها. "انظر بالله عليك إلى حالتي انا لا اتحمل الاوهام بعد ولا طاقة لي على السخرية والخداع كرم انظر لي. فتاة تشبثت بخيوط العنكبوت فهلكت. فتاة فقدت كل اهلها. فتاة خسرت نفسها. فتاة فقدت القدرة على الكلام. فتاة تعرضت لما تعرضت له. فتاة نبذها زوجها الذي كان يصر على انه ليس زوجها. كرم أنا تعبت أريد الراحة... انا استسلم... لم اعد اريد الحب ولا العشق ولا حتى اسرة سعيدة. تقول تحبني كرم انت، انت جرحتي... اذيتني... دمرتني اكثر من خضر ومحمد... كانا مسخين فلا حرج عليهما. ام انت انا كنت ارى الدنيا من خلال عينيك والا لما عشت إلى هذا اليوم. كرم انت الذي قطع قلبي وفتت كبدي. بقولك اتخذت زوجة، وستكون اسرة خاصة بك مع أخرى غيري. لأرى نفسي كم كنت طفيلية... كم كنت عائق امام سعادتك... كم كنت بلا قيمة ولا وجود. لما ابقيتني؟ لما لم تطلقني حينما طلبت؟ وكان اصرارك على تمسكك بي هدف اتنفس به لأحيا دون شعور مني. وذهبت ارى والدك والدي. ورملة امي. وزينب صديقة لي. واخوانك واخواتك اخوتي واخواتي. بدأت ارى امك عمتي. لكنك عدت وقطعت ذلك الخيط. سلبتهم مني وتركتني وحيدة مرة اخرى. مؤلم... مؤلم، مؤلم يا كرم ان ترمني كالدمية شبعت منها وتملكك الممل منها. لا اعترض على زواجك ولا اهتم بزوجتك فلك الحق... من انا لأعترض؟... فتاة تزوجت لثلاث مرات بأي صفة تفتح فمها؟ لكن كرم ان تخبرني انك ستنشئ اسرة لا تتضمنني! كان ذلك كالسيخ الحامي غرزته في قلبي وحنجرتي. بعد ان بدأت ارى ان الله غفر لي وتجاوز عني وعوضني ورحمني وتجسد كل ذلك بك أنت. لتأتي وبكل قوتك تخبرني... اخرجي من حياتي!. ها انا اخرج... لماذا عدت انت؟. لماذا مصر على تدمير ما تبقى مني؟. الم تخبرني بان اكف أذيتي عنك وعن عائلتك؟ فلماذا عدت؟. انا فتاة سيئة الحظ تجلب الكوارث... اسبب اقسى الاذى لمن حولي وقد اتسبب بالموت حتى. هل عدت لتطردني من عائلتك؟. اقسم بذي الملك والجبروت، انا لم امس عائلتك بأذى ولم اؤذي اختك او اخوك ولم افعل لأي فرد منهم أي شيء لقد التزمت مكاني غرفتك التي رميتني فيها لم اختلط معهم كثيرا لولا اصرار رملة... لم اجتمع معهم ولم افتح معهم حديث ولم اخبرهم عن نفسي حتى لو اردت لن استطيع النطق. لقد سألتني مرة هدى كيف احببت اخي؟. وسألتني امك كيف وصلت لك؟. وسألني اخوك كيف كانت مغامراتكما؟. وسألتني رملة عن علاقتي بك كزوجة؟. سألتني زينب عن نصائح لحياتها المقبلة! تستشيرني! انا يا لسخرية القدر... ورباب لم ازحلق قدمها... ولم افعل لهم شيء لم اعطيهم مخدرات، ولم اعرفها على الشباب فانا لست زانية ولا مروجة للدعارة او المخدرات يا كرم... اخبرني ماذا جرى هل طردتك زوجتك؟. هل تعرف زوجتك انك متزوج بشكل صوري. هل هي فتاة لم تتزوج من قبل؟. هل هي فتاة لم تقتل ابن عمك؟. هل هي فتاة لم تقتل اهلها؟. هل هي فتاة لم تجعلك في موقف ظالم وهي المظلومة والمفروض العكس؟. كرم اخبرني ماذا تعرف عني؟. محمد كان سيئا وحاقدا لكنه لم يظهره لك ومهما حاول اذيتك يحميك الله منه. وانا لدي ابن عم ايضا وتزوجني لكنه لم يتوانى عن اتهامي في شرفي واتهامي بالعهر. لم يتوانى عن ضربي واذيتي امام افراد عائلته وكلهم ملتزمين الصامت شاهدين. أ تعرف شعور ان تنام والخوف ينهش بدنك وتموت ولا احد يحس بك؟. تخيل ان يأتي محمد ويطلب منك ان تفَجر وتعصي الله لأنه ما انت عليه!. كرم الان وقد تزوجت صحيح وزوجتك تحتمي بك وتلوذ بك وتشعر بالأمان بجانبك وشعورك ولن ترضى كلمة تمسها واحساسك بالحماية والحمية عالٍ. انا ايضا تزوجت ومحمد كان يسرق مني الامان... كنت افر منه هاربة واطلب من احد ان الوذ به فلا منجد. محمد كان يدب في اوصالي الرعب والاحساس بعدم الاطمئنان والراحة. كان يستلذ بألمي كان يرقص على آهاتي. كان في كل مرة ينتقم مني بتحريضك علي وتشويه سمعتي عندك وتزوير الحقائق. كان يفرغ كل شيء فيك ليراه فيّ. حتى عرى روحي من كل قطرة امان وسلب مني كل طريق للنجاة. ولقد نجح بذلك ايما نجاح. هذه انا يا كرم. لو لم تكن انت الشعلة المضيئة التي انارت ظلمات روحي... لما صبرت على محمد . ولا بعد ان مات لجأت إليك. فلم اشاء ايذاء اسرتي اكثر. لو لم تكن لما التفتُ إلى احد. هذه انا يا كرم لا حول ولا قوة. تخبطت كثيرا في طريق الظلمات، وانت كنت السراج. لكنك ابيت الا تحطيمه فوق رأسي وتطمس روحي وتمزقني بشظاياك. انا لا الومك ...لا ابدا فانت مظلوم ومخدوع. لكنك فضلت ان تعمي بصرك عن الحقيقة خفت من الاذى صحيح؟. واتخذت موقف الحاكم في الحساب دون بينة معك حق فانا بالنسبة لك عار عليك... وعلى رجولتك. اي منزل تقصده ذلك الذي تبجح بالرجوع إليه؟. فأنا لا مكان لدي فيه لا احد. لا انكر انهم كانوا لي سندا ولا الومهم... فمن نبذها زوجها في نظرهم وتخلى عنها فمن حقهم ان ينظروا لها من زاوية نظره. انا اكتفيت يا كرم. اكتفيت! كم مرة تطلب مني انا اشعر بالوحدة؟، وانا ارى واعيشه الموت!. كرم تعرف عندما اهانني كاظم واتهمني شعرت بأني اقذر من الخنزير نفسه، احتجتك حينها!. شعرت بالقهر والظلم، لم يعد ظهري يقوى على حمله. ورملة حتى وان احكمت عقلها واستقام قلبها فهي الام بالأخير، وكانت ترى انه لا استحق ما انا فيه وابنها تحت الثرى، واحتجتك حينها!. امك التي ترى اني سرقت ولدها وتسببت ببعده عنها وكانت تعتني ببناتها، احتجتك حينها!. ووالدك الذي فقد عضده بسببي وقرة عينيه، واراه جليا على ملامحه ويشع وجهه بسمة لاستقبال اولاده، احتجتك حينها!. وكاظم الذي يراني بؤرة للفساد ومن لطخت اخته، احتجتك حينها!. واختاك يراني حرمتهما السند وجعلته يبتعد عنهما، احتجتك حينها! وعندما زرنا الاموات بكيت وحدي على اهلي، في حين بكى الجميع على محمد، احتجتك حينها!. اذن وانا اين محلي من كل هذا؟. في كل مرة احتجتك... الى زوج، اب، اخ، صديق، اخت، ام، وطن اسرة. لما؟، ان جرح احد غيري سعت له الدنيا وداوته، اما انا فتكالبت علي!. لما؟، ان اصيب احد غيري اذى اجتمع الجميع على تطيبه، وانا يغرزون اصابعهم اكثر في جرحي!. لما؟، ان زجر احد في وجه احد غيري ركض الجميع لأخذ بمظلوميته، اما انا فيسعون لخنقي لأني تسببت بغضبه علي!. لما؟، ان شعر احد غيري بالوحدة سيتحول إلى مسكين ما بعده مسكين والكل عليهم ودا وحدته، اما انا فيؤيدوني تحت الارض ويوارون وجودي!. لما؟، ان احب احد غيري فله الحق بالحب وعلى الجميع ان يقف بصفه ويسانده ويوصلونه لمحبوبه، اما انا يحكم علي النفي من رحمة الله!. وانا كتب علي اقسى من الوحدة. وانا رأيت الموت اكثر من الألم نفسه. انا!!... طلبت الحب ومددت يدي له وارجعها لي اسوء من المبتورة ارجعها سقيمة لا تصلح بأن امدها مرة اخرى. لم ارد ان تعرف اي شيء. لقد سمعتك في الشقة سمعت كل حديثك. لكن يا كرم انا رماد... لست سوى رماد. روحي احترقت وحتى الرماد اوشك من كثرة التطاير على النفاد. ذلك التطاير هو الصدمات والابتلاءات والآلام. والان عدت تريد ارجاعي وتبكي علي؟. ليس هناك شيء لأغفره لك. اتركني كرم وطلقني كل ما اريده من هذه الدنيا ان لا اسبب لك مزيدا من الألم". يلاحق كرم كلماتها بعين قلبه وروحه التي تنزف ألما وقهرا، يهتز كالسعفة في مهب الريح لا بل كالمحتضر حين سكرة الموت. جعد الاوراق بين كفيه من شدة قبضه عليها حتى تمزقت بعد ان تبللت بدموع عينيه وهوى على الارض يبكي، لم يستطع الصراخ وهو يجاهد على التقاط زفراته. تغيرت الوانها على حاله فنزلت عنده بتوتر وارتباك، تترأسها الحيرة، تمسح على صدره وظهره تارة بكف مزدانة وهي ترى لون وجهه يخطف امام ناظريها وينتفض بقوة، لم ترى في حياتها كلها أحدا ينتفض جسده مثله، لم تجد بدا من احتضانه فاحتضنته بكل جراحاتها تهمس له في قلبها. "كرم، كرم... اهدأ!". سكن بين ذراعيها وهو جاثي على الارض بركبتيه، فهمس بصعوبة وبصوت متحشرج وبروح ممزقة. "حواء، انا احببت محمد كثيرا لأني احب عمي طالب بشدة ولأنه ولد وعمي الكبير في العمر... لا اعرف كيف تحولت الامور لأتعلق به وارعاه كثيرا بحكم اني اكبر منه عمرا؟.... لا بل بسببه هو من جعلني محور حياته والشمس الذي يدور حولها... لذا اهتمت به وبكل صغيرة وكبيرة حتى تغير بعد وفاة عمي وانعزل عني وانا ايضا انشغلت عنه بعملي ومشاغلي وهو كبر وعرف كيف يخفي عني ويمثل علي.... لا قد يكون تغير يوم حاربه عمي حين اختار ما يحب على ما يراه عمي يستحقه.... عمي اراده خليفة له، كان يحبه بجنون فهو ولده وقد رزق به على كبر.... لكن يبدو ان الاحمق لم يفهم حب والده وعلق كل شيء برقبتي... حواء انتِ لستِ مذنبة بل المذنب انا. انا من حول محمد لما تحول اليه، وبما انه بسببي، فحتى السرقة انا السارق، ورباب انا سبب ما هي عليه، واهلك انا من أخذكِ منهم ورجعوا لكِ لانهم شعور بحاجتكِ لهم... وفوق كل ذلك انتِ، انتِ انا سبب في كل ما انت فيه من آلام وجراحات وابتلاءات ذنبك هو اني احببتك. ام من ترددين بأنها زوجتي! انا لم اتزوج فقط عقدت عليها... منحها نظرات تحمل خزيه بينما يكمل بوجوم... الحقيقة يا حواء لم اعقد اصلا... أوه، اقصد عقدت لكنه باطل لأنها ما زالت في ذمة رجل قبلي. ما قلت له لك والقيته على مسامعك... كان لي ...كنت اسمعه لنفسي لعلي افيق من سكرة حبك ... اوضح لنفسي وليس لك.. كنت انفي نفسي وليس انتِ... كنت اذبح نفسي وليس انت... لم اكن اظن انك ستتألمين! بل انا فحسب... ظننتك لا تبادليني عشقي؟ وأنت التي رفضتي وصالي قبل السفر؟ نسيت او تناسيت انك قد فقدت عائلتك للتو! استعجلت الأمور أعلم ذلك الآن وافهمه!. إذن يا حواء من مسبب الكوارث وصاحب سوء الحظ؟ من المبتلى؟. حواء انتِ لا تحتاجيني، بل انا من احتاجك!!. بالله عليك حاولي قطع انفاسك... هيا امسكي انفك واضغطي عليه... إلى متى تستطيعين التحمل دون هواء؟. هكذا انت بالنسبة لي. حواء بالله عليك لا تشربي الماء وانظري كم تستطيعين الصبر؟. هكذا انت بالنسبة لي. حواء ان كنت انا بالنسبة لك كعنينك ان ذهب نورهما فتستطيعين العيش دونهما معتمدة على حواسك الاخرى. اما انت بالنسبة كقلبي ان توقف او اقتلع فلا جزء من ثانية استطيع العيش دونه. حواء، انا الذي دون اسرة ولا وطن. انا الآن اشعر بنبي الله يوسف كيف شعر وعانى يوم غدر به اخوته وخانوه وغدروا به. الآن انا اشعر واحس بعشق نبي الله يعقوب لولده. الآن انا اعيش عشق زليخا ليوسف. انا الان واحد في ثلاثة. اسمعي لا تهتمي بي فقط افعلي ذلك لنفسك. لنعد إلى البيت ونبرئ ساحتك وبعدها ارحلي بوجودي... اقسم برب الكعبة اني لن امنعك ولن اقف في طريقك ولن استخدم صلاحيات اني زوجك. ما الفائدة من وجودي ان لم اكن لك ما تشائين واعطيك ما تريدين!". رمقها بتوسل فاض من حمرة مقلتيه الدامعتين، فهزت رأسها موافقة لكنها اصرت ان يبقى هذه الليلة في المستشفى وستبقى معه. وباتا ليلتهما على وجل بعد تلك الانفجارات التي انفجاراها. .................... في الصباح اليوم التالي استيقظ كرم من نومه بألم لا بأس به، ليس بكبير ولا قليل بعد جرعة من المسكنات والحبوب منومة. وقعت عيناه على النائمة على السرير الذي يقابله بإرهاق ظاهر من شخيرها الخافت وبعض الدموع المتعلقة بأطراف رموشها وحجابها ساقط عن رأسها كاشف عن شعرها القصير فالتاع قلبه لرؤيته... سيحطم اصابع من مدت إليه. لا ينكر انه جميل عليها هو الاخر وتعلقه بشعرها الطويل ليس لطوله لكن لأنه شعرها هي وحبها له طويلا... فقصره لم يقل من جمالها شيء بل بالعكس يظهر براءتها اكثر. قام من مكانه متحاملا على نفس واتجه صوب الحمام... غسل يديه ووجهه وخرج. عاد إليها عز عليه إيقاظها فتركها لدقائق، خرج فيها قاصدا الطبيب ليعان حروقه ويرطبها؟ فلقد عزم على عدم اخبار احد من عائلته، ستساعده حواء لمدة فقد قرر ارسالها لعائلتها بمليء ارادته. بعد مدة من الزمن لا يتجاوز الساعة بقليل عاد فوجدها مستيقظة جالسة على سريرها بابتئاس... نظر لها هاله منظرها التبست عليه الامور، هل تورم عيونها واحمرارها من النوم او البكاء. القى عليها تحية الصباح فأومأت له بإيجاب ولم تقل اكثر من ذلك ولم تفصح. ساعدته بلبس قميصه واتجها صوب السيارة. قادت حواء السيارة كما طلب لمنزل عائلته واطاعته بالأمر وكان الصمت هو الضيف المشرف لا يقابله سوى دقات قلب كرم المثقلة وانفاس حواء الخافتة. وصلا للمنزل وارتجلت حواء بعد ان ركنت السيارة وساعدت كرم بنزول تمسكه من ذراعه السليمة وخلال ذلك همس لها كرم بان يمثل ان كتفه مخلوعة ولا تجعل احد يقترب منه او يحتضنه والا سيموت من الألم ان لمسه احدهم فأومأت له بتفهم، وكان كما اراد. فتحت حواء الباب بارتباك فشدد كرم على كفها ودلف. دخلا بهدوء لحظات قبل يتجمع جميع افراد العائلة حولهما... فلقد اتصل بهما ليلة البارحة واخبرهم بإيجاد حواء ومثل لهم التمثيلة... فكان الجميع في انتظارهما بنهر من الدموع الحارة. استقبلت رملة حواء في احضانها واتجهت هدى لأخيها فأوقفها قائلا بألم وتوقف الجميع يستمعون إليه وحواء تنظر له من خلف ظهر زينب التي سحبتها من احضان والدتها. ارجوكم لا احد يحضنني لن اتحمل الألم وستسوء حالتي اكتفوا بحواء رجاءً... فارتفعت الاصوات بالدعاء والشكر يتخللهما البكاء. انتهى اللقاء بحواء كل دقيقة في حضن احدهن من ليلى المنهارة وهدى الباكية وزينب المتشوقة ورملة قلب الام والمحبة، والقلق والفرح والحزن واللهفة لرؤية صغيرتها ولم تنسى رمق كرم بين الفينة والاخرى. واخير صالح الذي بكى هو الاخر رغم كبر سنه وشيبته يحتضنها. على مائدة الطعام الكل يأكل بهدوء ومن ضمنهم حواء وكرم يمثلان أمام الكل فحضر كميل وزاد الارباك فوق الصمت... كذلك لم يستطع احتضان كرم فليلى قامت بإعلامه ومنعته اكتفى بترحيبه والدعاء والتفت إلى حواء غير مصدق، لكنه ابتسم لها وحمد الله على سلامتهما. وقال بعد الترحيب. "كاظم عند رباب واخبرني انه سيخرجها الليلة". اهتزت حدقتا حواء وانتبه كرم لارتعاشها وهي تمسك بالملعقة. فاستأذن كرم للصعود لغرفته، تدخلت رملة راغبة في الاختلاء بحواء لنفسها لكنه منعها قائلا: "احتاج لزوجتي بجانبي... اعذرينا عمتي". وقبض على كف حواء وصعد بها تحت انظار الجميع المتشوقة لرؤيتهما والقلقة عليهما. ما ان دخل الغرفة حتى اقفل الباب وسحب حواء لصدره. فسمحت لنفسها ان تستكين على صدره. بعد برهة كلمها كرم وهو يبعدها "حواء سنخفي امر حروقي على الجميع لا احد ولا حتى كميل يجب أن يعلم عنها. هذا وثانيا انتِ قوية... واجهي كاظم ورباب... هما في امس الحاجة لكِ فاحتضنيها وكوني لها خير معين. اما ما تريدينه فهو لك فقط لمدة اتحسن انا بها وتهدأ الاوضاع سآخذكِ بنفسي لعند اختك او اي مكان ترغبين به". اختلج قلب حواء ورفعت رأسها نحوه غير مصدقة فأومأ لها مؤكدا. في المساء مجتمعين في غرفة المعيشة قبل قدوم كاظم ورباب يأكلون الفاكهة ويتحدثون فيما بينهم بسعادة ليوجه صالح في نهاية كلامه حديثه إلى كرم قائلا: "ماذا حصل معك في الغربة.. وماذا فعلت؟". تراجع كرم بجسده للخلف بينما يحرص على ان لا يلمس الاريكة بظهره واجاب ساخرا. "ابي... لم اندم بحياتي على شيء ولم اتحسر سوى على تضيعي ايام عمري هناك... في الاول كانت صعبة فبعدي عن زوجتي... تلكأ ثم اعقب... وعنكم لا يطاق... بعدها اعتدت على ذلك إلى ان اكتشف اني مخدوع واوشكوا على سرقتي...". اجتاحت الصدمة الجميع وسقطت قطع الفاكهة من افواه من كان يضعها، اما حواء ساكتة لم تحرك ساكنا مطأطأة رأسها... نظر لها كرم من طرف عينه فأحزنه حالها... ليس بيده شيء فواصل قبل ان يطالبه احد بذلك. "كان الدكتور لبيب يخدعنا لسنوات بأنه شريك جدي لكن اتضح الان بأن جدي اشترى منه نصيبه... لكن استطاع تزوير العقود ببارعة. لسنين وهو يقاسمنا مالنا.... سلمته لشرطة وعدت، وعلي الرجوع فلدي موعد في قسم الشرطة". استغفر الله صالح ودعت ليلى من كل قلبها على الظالمين والمغتصبين... كل ذلك في جهة وكميل الذي ينظر لحواء ويموت ليعرف ما حصل في جهة... فالكل من خشيتهم على حواء لم يفتحوا أفواههم بشيء وبقوا يتكلمون بأمور مضحكة هم كميل رغم عن الجميع بسؤال حواء... "حواء... ماذا حصل معك هناك؟ وكيف عاملوك؟ واين وضعوك؟.... آه، اسئلة كثيرة وبعد كل هذه المغامرة كيف وصل لك كرم!!؟" تغيرت ألوان حواء وراحت يدها تهتز بشدة قبضت عليها بكفها الاخرى تهدأ منها بلا فائدة فأخفتها خلف ظهرها ومد الجميع اعناقهم لها، وفي الاثناء دخل كاظم يحمل رباب، قطع عليهم حديثهم بل وانساهم ما كانون يتكلمون به. فقامت حواء اولهم قافزة متوترة لاستقبال رباب. همس كاظم لرباب: "نحن في البيت الآن الا تريدن رؤية امك وهدى وزينب...". كلما تحدث دفنت رأسها في ذراعه أكثر... رفع رأسه ينظر للجميع بدون وعي شد من قوة امساكه لرباب وتجمد في مكانه لرؤية حواء تنظر لهما بعيون غريبة. فتمتم لرباب وحواء هنا الا تريدن رؤيتها... ثوان لا لحظات والقت رباب نفسها من حضن كاظم وركضت نحو حواء باكية. كانت حواء متسمرة قبل لحظات إلى أن حاوطت رباب خصرها بذراعيها واجهشن النسوة بالبكاء، تألم كرم لحال اخته وزوجته. راحت رباب تردد ببكاء: "هذه انتِ حواء صحيح؟" وهي تشد من حضنها وتشم حواء وتصيح: "اجل هذه رائحتك هذه انتِ! حواء، انا اسفة... انا لن اعود لمثل ذلك... ما زالت اختك صحيح؟ انتِ لن تتخلي عني ستغفرين لي... اعدك لن اشرب شيء مرة اخرى والتزم بصلاتي ولا اؤذيك... هو لم يؤذيكِ صحيح؟ لم يقص شعرك وما زال طويلا دعيني اراه"، ومدت رباب كفها لحجاب حواء في غفلة عنها ونزعته فتطاير شعرها... صرخت زينب وغض الشباب ابصارهم ونزلت رباب تحت قدمي حواء تبكي وتصرخ مصدومة: "لا، لااااا كذب ما زال طويل لم يضربها قاسم ولم يقصه لا لم يجز شعرها!". وحواء في مكانها لم تتحرك فقط شاحبة حد الموت، فهرول كرم يضع لها حجابها ورملة امسكت رباب تحتضنها لتفقد وعيها في حجر رملة. التفت الجميع إلى كاظم الذي همس بأسى: "انا اسفة يا حواء... لولا تسرعي وغضبي الذي اعماني لما حصل كل الذي حصل!. وتراجع للكرسي الذي خلفه يرتمي عليه فلم يعد يقوى مسترسلا: انه خطأي... انا اسف لظلمك!، ارجوك اعفي عني وارحمني من صورتك التي بقت عالقة في ذهني وكلما هممت بالنوم ترآءت لي". استدارت حواء نحو كرم برأسها الذي كان واقفا بجانبها فأمسك بكفها وجرها خلفه يصعد بها للأعلى قبل ان تنهار، كادت تسقط فحملها متناسيا آلامه فهي بالكاد تسبب له شيء لهزلوها وخفة وزنها. لم تتحرك ولم تعترض وبقت ساكنة على صدره... وضعها على السرير وهو يخاطبها بقلق استنزف روحه ونهش له قلبه: "حواء، اناي... هواي... لما لا تصرخين؟ لما لا تغضبين ؟ اعترضي ! ابكي! اصرخي! هيا حبيبتي اجهشي بالبكاء!" لا ردة فعل. وهي غارقة في غيابه نفسها تشعر بروحها تغرق اكثر فاكثر وليست هناك قشة تتعلق بها... تتخيل نفسها عالقة في القاعة... وانكسار كاظم وحزن صالح وألم البنات وحال رباب هالها حالها، هزها هزا تريد الصراخ والبكاء... الفتاة تدمرت وجُنت وهي جزء من السبب في حالها. فتذكرت احد احاديث رملة... "حواء على الانسان أن يلتفت إلى نفسه (بل الانسان على نفسه بصيرة وأن القى معاذيره) الم يقل الله ذلك في محكم كتابه لو ماذا قلتي وابديتي عكس ما أخفيتي لا يشفع لكِ... لن يغير افعالك ولا يمحي اثارها... ان كنت انا وغيري سنصدقك بل لنقل ستنطلي علي وعلينا تبريراتك... لكنك لستِ بغبية حتى تصدقين ان الله لا يطلع على فؤادك... ان كنت تخاطبينه بلسانك وتخبرينه عكس ما تضمرين سيتجاوز عنك... من تخدعين بذلك نفسك؟!. محال ما تقولينه بعظمة لسانك لن ينقذك من شباك نفسك. لذا لا تقولي انك ضحية ومسكينة والامر خارج عن ارادتك... والذنب ليس ذنبك... ولم تفعلي ما فعلته برغبة منك... لو القيت اخطائك على عاتق اي شيء... كما ترمينه على بيئتك ووضعك وعائلتك ومجتمعك و... و... ووالديك والشيطان والهوى والحب والكبت لذا يكفي هروبا وواجهي نفسك واعترفي بما تخفين وليس بما تريدين الافصاح عنه". بقت حواء تغرق في نفسها تريد ان تتمسك بأي يد تُمد لها ستقبل المساعدة ستغفر له... سترضى به... سترسو وتستريح اخيرا من تلاطم الزمان بها وهيجان امواج روحها... يد كرم... كرم هو المنقذ من الظلمات الذي أرسله الله لها... ستهلك من دونه. كرم هو البر الآمن والحبل المنجلي والكهف الحامي... كرم هو العشق الذي لم تحلم به. كرم هو الاستقرار الذي طالما بحثت عنه. كرم هو الوطن الذي طالت غربتها عنه. استقام مبتعدا عنها فأمسكته بكف مرتعشة وسحبته لناحيتها فانقاد لها... ومال نحوها شرعت تفتح ازرار قميصه وهو ساكن بين يديها فكتبت على صدره "ارجوك هل لا حضنتني!. هل لا انسيتني من اكون!. هل لا ابتعدت بي عن هذا العالم". واخذ كرم يتهجى الحروف بعيون متسعة وأنفاس لاهثة ليقول وهو يبتلع ريقه: "حقا يا حواء أ لا تمانعين؟". "فكتبت أرحني يا كرم". فقال وهو يضع رأسها على صدره: "سأريحك يا راحتي وريحانتي". ومددها كرم على سريرهما يروي شفتيه من رحيقها وهام بكل روحه في روحها وسحبها معه لراحته... واثناء ذلك لم يغمض احدهما عينه عن الآخر وهي تشعر ان جروحها تلتئم بلمساته. وينسيها خوفها الذي طال التصاقه بها، ورعبها وتلعن جهلها به، والساعة التي منعته وابعدته عنها. لو لم تفعل لكانت داوت جروحها منذ زمن وزال خوفها ووجدت منزلها ومستقرها. يهمس بين كل قبلة ولمسة: "حبيبتي، كلمة حبيبتي قليلة بحقك. البراءة تأخذ براءتها منك. والنعومة تتعلم النعومة منك. والجنة تسكن بين ذراعيك. والنعيم موجود على صدرك". ولم يكن بأفضل منها يلعن حمقه وغبائه بهروبه منها فالآن يشعر بروحه وكيانه ورجولته. سامح لها بتمسكها بها حتى ادمت ظهره غير مكترث فريحانته تطلب اللجوء في روحه. وهي تتجاوب معه بآهاتها ودموعها. في صباح اليوم استيقظت حواء في حجر كرم فتحت عينيها ببطء تنظر في وجهه الذي يطل عليها وهي تراه جالس باستقامة طاوي احدى رجليه اسفل رأسها، نهضت مرتدة بعنف هلعة وقلقة، فلقد تذكرت انه لا يستطيع النوم على ظهره وقفزت للخلف مديرة ظهره إليها والذي تمزق جلده والدم يابس عليه في عدة اماكن. رفعت يديها لوجهها واعية لما فعلته به وهو يشاهدها بحذر واستمتاع لينفجر ضاحكا على دمعة تسللت من عينها فرفعت له رأسها بسرعة على ضحكه مذهولة وهي تهمس دون صوت فقط يقفز قفزا من مقلتيها المتسعتين رعبا. "تضحك لذعري لما سببته من الم واذى لك؟". ولمحت اثناء ذلك ارهاق وجهه الباسم لتردف: "اذن الليلة كلها لم تذق طعم النوم". استدارت وهي تمسك بطرفي الغطاء تنزل من السرير لتغتسل. فهمس لها بكل عشق اوجده الله: "حواء، حواء انا كل ما فهمته من الذي حدث لحد الآن هو ان الله خلقني لأجلك انت فقط... هنيئا لي عليكِ وبكِ ومن مثلي اعطاه الله حواء حوراء لا تضاهيها ولا حور من حور الجنان، مبارك لي ولك". منحته نظرة مستحية لما يشير إليه ثم استدارت تفر من تربص مقلتيه العاشقتين، قلبها ينبض فرحا وعشقا لا يقل عن خاصته. .............. بعد اسبوع من تتويجه بالملك لها، مالكا لروحها وجسدها بعد تلك الليلة لم يكن يدعها إلا لجلب الطعام لها هذا وقد ملاء ثلاجته بكل شيء فهي لم تخرج للعائلة والتزمت السرير فقط تلتحف بأغطيته فحسب حتى عنايتها بكرم كانت شبه معدومة فهو كان يهتم بها حتى بتحميمها لولا الصلاة لما قامت. ولم تكن تغفو الا على قدمه... وهي الآن غافية على حجره يمسح على رأسها ويستمع لأنفاسها الرتيبة... وهو يفكر بما يجري معها فهي لم تبكي ولم تنهار صامتة الا من بعض الاشارات ولم تمنعه عنها لأسبوع لقد جرب الاقتراب منها بعد تلك الليلة متيقنا انها ستصده وانها كانت في صدمة وما فعلته كان محض لحظة سكرة الألم... لتصدمه هو وتسعده في نفس الوقت. وكان تجاوبها معه امان له ولقد عرف انهيارها حدث بسبب رباب عندما رأتها زعزعت لها روحها وسلبتها الامان الكاذب والاستقرار الوهمي الذي حاوطت نفسها به... فكانت خطوتها لتثبيت ملكية قلب كرم وروحه وجسدها باسمه وانها لن تغادر وطنها... مع انكسار الذات الذي لم يجبر بعد ارجع وجهه لها يمنع ألمه يهمس في اذنها: "حواء ريحانتي... أ تفضلين الذهاب لعائلتك؟... لتغيير الجو... لا تخافي لن اسمح لكِ بالرحيل وسآتي لأصحبك متى شئتِ... انقلبت حواء على ظهرها بعد ان افاقت من غفوتها وهي تستمع له وتنظر في عينيه". لتهيم مقلتيه على صفحة وجهها بعشق وهو يبتسم لها من بينها بحنو هامسا: "حسنا حبيبتي عليك ان ترتاحي من كل همومك ومن كل شيء ومني لا تتقيد بي وارحلي لأختك وبعدها سنلتقي فلدي كلام طويل معك جدا... طويل جدا". بعد ذلك اليوم سافرت حواء إلى تركيا. سافرت لتبني نفسها وتكون امرأة يستحقها. سافرت لتثبت له بأنها لم تعد ظلال امرأة بل امرأة كاملة بظلالها وقلبها وروحها. سافرت لتبين له انها ليست ثمرة يابسة منقطعة ومرمية على الارض بل ثمرة من فرع وأصل يانع. سافرت لتمحي عنه القلق الذي يساوره بوجودها وتعود امرأة تمحي عنه القلق وتعطيه القوة. سافرت لتبدأ معه بصفحة جديدة. لكنهما لم يعلمان انه سافرت وبذرة امانهما وحبهما وعشقهما واستقرارهما مستقرة في احشائها. النهاية التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 05-07-19 الساعة 04:34 AM | ||||||||
|  |
|
22-05-19, 12:14 PM
| #866 | ||||
| نجم روايتي  
| الحب ان تنام كل العيون وتنام انت ويدها الدافئة تمسك بك الحب ان تشبع كل البطون وتشبع انت باللقمة من فمها الحب ان تمرض كل الاجساد وتمرض هي بدل جسدك انت الحب هو ابتسامة دافئة ويد حنونة وعين قريرة وحضن امن الحب ليس ان تشارك المك الحب ان تحمل المها مع المك هكذا الحب ببساطة كل شيء بسيط وليست التضحية فالتضحية لا تكون سوى لله سبحانه" | ||||
|
| |
|
22-05-19, 12:18 PM
| #867 | ||||
| نجم روايتي
| روعة ابدعتي كم الاحاسيس والشجن ولكن ارحتي قلبيهما ونفسهما اخييييرا وارحتينا من البكاء لاول مرة بقفلة سعيدة ههههههه صدمت بانتهاء الرواية ولكن هكذا الاشياء الجميله وتبقي صحبتنا الطيبه وكلماتك كبلسم احييييك فاطمه ابدعتي وصحيح اتنكدنا معك ههههه بس كله يهون في سبيل متعة القراءة لقلمك الجميل اتمني لك التوفيق والتميييز دائما والسعادة في الدارين اسعد الله قلبك وانار دربك وظللك بظله يوم لا ظل الا ظل | ||||
|
| |
|
22-05-19, 04:49 PM
| #868 | |||||||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس:
شكرا لرأيك حبيبتي يسعدني دائما واعتز به بشدة ههههه ان شاء الله الخاتمة ايضا كلها زغاريط وفرح امين يا رب لا حرمني الله منكم جزاك الله عني خيرا على كلمات وتشجعيك و تعليقك ورأيك احبك في الله وادامك لي صديقة وتبقين معي في قلبي وفي قلب الرواية إلى الابد امين يا رب ولك اضعاف ما دعوتي في دنيا والاخرة | |||||||||
|
| |
|
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
82Likes
العرض العادي
