آخر 10 مشاركات
396 - دموع على خد الزمن - جين بورتر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          القبلة البريئة(98)لـ:مايا بانكس(الجزء الثالث من سلسلة الحمل والشغف)كاملة*إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          456 - حطمت قلبي - سارة مورغان ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الستائر السوداء (الكاتـب : ررمد - )           »          305 - في عينيك اللقاء - لي ولكنسون (الكاتـب : عنووود - )           »          389 - رقصة على ايقاع الحب - سوزان ستيفنز (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          343 - غرقت في بحر الشوق - جيسيكا ستيل (الكاتـب : سيرينا - )           »          83 -حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة (كاملة &الروابط)** (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree8Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-19, 12:11 PM   #1

Rinad sy

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 410291
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 97
?  نُقآطِيْ » Rinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond repute
Elk عندما يزهر الياسمين(2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة انينك يا دمشق يبكيني






ستبقين حلمي يادمشق ان تعودي يوما بخير ويأتي يوم يزهر فيه الياسمين في ربوعك نقاءا وحبا وسعادة وامننا وامانا....
يبدأ اليوم مشوار جديد مع ابطال جدد وقصص جديدة تنقل انين دمشق بكلمات قليلة لا تعبر عن الام السوريين سوا القليل القليل ...
عن ابطال غادرو بلادهم بقلوب نازفة مفارقين ذكرياتهم وماضيهم الجميل ...احباباهم ووطنهم ....باحثين عن مكان اكثر امننا ....


عندما يزهر الياسمين ....الجزء الثاني من سلسلة انينك يادمشق يبكيني ..

الغلاف إهداء من وحي الأعضاء






إهداء

إهداء إلى أولئك الذين لن يستطيعوا قراءة كلماتي ... أولئك الذين غرقوا مع أحلامهم في بحر يجهل دمائهم
إهداء إلى أولئك الذين نجوا ووصلوا لبر الغربة ... غربة ينشدون فيها الأمان
إهداء إلى أولئك الذين ماتت أرواحهم وهم يعبرون الطريق بينما أجسادهم لازالت تتابع المسير
إهداء إلى وطن ينزف ... على أمل أن يزهر من جديد
إهداء إلى أرض الياسمين ...

دمشق


المقدمة

ﻣﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ ﻭﻃﻨﻲ .... ﻳﺤﻤﻠﻨﻲ ﺍﻟﺮﺣﻴـــــــــــــﻞ ..
ﻳﻘﺾُّ أﺣﻼﻣﻲ ... ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻟﻴﻠﻨﺎ ﺍﻟﻄﻮﻳــــــــــــــــــﻞ ...
أﻫﺮﺏ ﻛﺎﻟﻄﺮﻳﺪ ﻣﻦ .. ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴـــــــــــــﻞ ..
أﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺩﺍﻓﺌﺔ .. ﻋﻦ ﻭﻃﻦ ﺑﺪﻳــــــــــــﻞ ..
******
ﻓﺮﺑﻤﺎ ...ﻳﻤﻮﺕ ﺍﻟﺤﻠﻢ .. ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ..
ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻤﻨﻌﻨﻲ ﺍﻟﺸﺮﻃﻲ ﻋﻨﺪ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ..
ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻗﻀﻴﺘﻲ ﺗﺤﺎﻝ ... ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ...
ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺗأﺧﺬﻧﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ .. ﻓﻲ أﻣﻮﺍﺟﻬﺎ ﻏﺮﻳﻖ ..
ﻫﻮﻳـــــــــﺘﻲ : ﻣﻬﺎﺟﺮ ... ﺟﻨﺴﻴﺘﻲ : ﺑﻼ ﻭﻃﻦ ..
ﻭﻣﻬﻨﺘﻲ : ﻣﺴﺎﻓﺮ ....ﻣﺪﻳﻨﺘــــــــﻰ : ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺪﻥ ..
ﻋﻼ ﺍﻟﻀﺠﻴﺞ ﺻﺪﻓﺔ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﻮﻗﻒ ... ﺍﻟﺰﻣﻦ ..
ﺍﻧﻘﻠﺐ ﺍﻟﻘﺎﺭﺏ ..ﺿﺎﻉ ﺍﻟﺤﻠﻢ . ﺛﻢ ﺿﺎﻉ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻃﻦ ..

(للشاعر ماجد أمين )



روابط الفصول

المقدمة ... اعلاه
الفصل الأول ... بالأسفل
الفصل الثاني ... بالأسفل

الفصل الثالث

الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل الأخير






التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 08-02-19 الساعة 02:21 PM
Rinad sy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-19, 12:18 PM   #2

Rinad sy

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 410291
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 97
?  نُقآطِيْ » Rinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond repute
افتراضي

****الفصل الاول ****

في زمن لم يتوقع أحدهم أن يأتي بدأت الحكاية ...
لا يهم كيف ولا متى ... ما يهم أننا وجدنا أنفسنا جميعاً نغرق في شلال من الدماء ... وأيّما دماء ..
دماءنا نحن ... دماء سورية ... وتحولت أرض الياسمين من حلتها البيضاء إلى حلة حمراء ... مشوبة بسواد الدخان ...
ذهب الأمن والأمان ... فقط الخوف والفقد والعجز هو ما عشش في قلوب أهلها ...
لقد رأينا ما لم يخطر على قلب بشر ... وعشنا ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ...
لوهلة اعتقدنا أننا في كابوس ... لكنه طال ... طال كثيراً وكأنّ الصبح بعيد... بعيد جداً
وكأن الليل أصبح سرمدًا ...
سؤال يلّح عليّ ... هل سيأتي يومٌ و تنقشع الغمامة ؟!! هل ستشرق الشمس ، وتعود العصافير لتغرد من جديد ؟!!
هل سيأتي يومٌ وتلتئم الجروح ؟!! هل ستجف الدموع وتورق الابتسامة ؟!!
هل سيأتي يوم وينتهي فصل الشتاء ، و يعلن الربيع عن القدوم ؟!!
هل سيأتي يومٌ نودع فيه الدخان والبارود والقنابل ؟!!
هل سيأتي يومٌ ويزهر الياسمين من جديد ؟؟؟ ....
وهل ... وهل ... هل أنا سأكون عندما يزهر الياسمين ؟؟؟؟
( يا الله منك يا بنت !!! ما كنتي تعرفي تنسي ؟! خلص احرقي هالورقة ... لسا من أول ما طلعنا بالباخرة وانت بتعيدي وتزيدي فيها ... هي أجوبة أسئلتك تحققت ... من شو خايفة لسا ؟؟؟ )
طوت ياسمين الورقة التي كانت تقرأها والتي خطتها منذ عدة أعوام بقلمها ، ووضعتها في حقيبتها ومن ثم استدارت نحو خولة زافرةً عبرات تلك السنوات ... وهي تتمتم بخفوت
( لسا ما عم أقدر صدق انو الكابوس خلص واننا راجعين عالشام ورح نلاقي رفقاتنا وجيرانا ... رح نمشي بشوارعها القديمة ... ونشم ياسمينها ... يا الله شو مشتاقتلها ... )
اقتربت خولة من ياسمين تشد على كتفيها براحتي كفيها ، وبعينين متألقتين فرحاً همست لها :
( صدّقي ... صدّقي ..اطلعي لفوق وشوفي البحر ما أحلاه ، واتنفسي .. بيحقلنا نتنفس ..)
شحبت ملامحها ... والابتسامة التي كانت تلوح على شفتيها اختفت تماماً وتوارت خلف الألم الذي ظهر جلياً في عينيها ... والبحر يعيد لها ذكريات وكوابيس وأشباح لم تعتقد يوماً أنها قد تعيشها ...
يجلس في كمد في عتمة ليلٍ يحيط بهم ... يقبض بيده على كيس يحتوي نقود ويراقب بعينه هاتفه ... ينتظر ذلك الاتصال الذي سيعلن بداية رحلتهم ...
أفكار شتى ... أفضلها يبدو مأساويا ... لكن تنهيداته المتتابعة تنذر بقلة حيلته ...
منظر النار التي أشعلها لبرهة حتى يتخلل الدفء قليلاً إلى عظامه ينعكس لهبها في عينيه ...
أعاد تخبئة النقود ليفرك كفيه ببعض أمام وهج النار غير مكترث بما حوله ..
أجفله كف حطت بحنان على كتفه ... فأستدار يتبين صاحب اليد ... وبعد أن استيقن هويته سأله بنبرة قلقة
( خير بابا ياسمين !! فيكي شي ؟ شو ما قدرتي تنامي ؟؟ )
جلست ياسمين القرفصاء بجانب والدها مربتةً على ساقه
( لا تحملها بابا ... إن شاء الله الله بيسرها وبنوصل بخير وسلامة ...)
دلّك يد ابنته التي استكانت على ساقه يدفئها بيده التي اكتسبت القليل من الدفء ليمنحه ليد ابنته المتجمدة
( شو بردانة ؟؟؟ تعالي قربي حد النار ، اتدفي شوي ..)
نظرت إلى النار بعدم اكتراث رغم أنها تشعر بالصقيع الشديد ... فخيمة في وسط حديقة خلال فصل شتاء اسطنبول القارص مؤكد لن تقيها لا البرد ولا الثلج ... لكن ما يقلقها هو صحة والدها ... فالقلق والتوتر بادٍ بوضوح على محياه ... وذلك لا يناسب رجل يعاني مرض الضغط ..
ثم عادت ببصرها نحوه ...
( في رحمة الله بتدفينا انت لا تهكل هم ... بس قوم نام شوي ريح بدنك ... وكمان ما لازم اتضل النار شغالة ممكن يجي حدا من الشرطة ويقلعنا ... لأن هالنار بيعتبروها خطر عالحديقة وممكن تحرقها كلها ..)
ابتلع غصّة جرحت حنجرته ليلفظ بحشرجة ونظره يتنقل بين النار والخضرة حوله ..
( هلا الزرع أهم من البني آدم ... حسبي الله ونعم الوكيل ...)
عاد ببصره نحو ابنته التي تحدق به ... فابتسم بوجهها ابتسامة عذبة خاصة بها ... متمتمًا وهو يمسح على رأسها
( الله يفرحني فيكي ...)
وضع يده على صدره متلمساً مكان النقود التي خبئها منذ قليل ، ثم دس يده في جيب قميصه مخرجاً كيس النقود منه ، ووضعه في يد ابنته ...
( خبي هالمصاري معك ... بس قلك بتعطيني منهن ... انا حاسبت المهرب اللي رح ينقلنا بالمركب عاليونان ... بس نوصل لهنيك باخد المصاري منك ...)
هزت رأسها مستجيبة له وهي تمسك كيس النقود من يده وتدسه في ملابسها ...
( إن شاء الله منوصل بخير وسلامة ..)
سكب أبو وائل القليل من الماء على النار لتنطفئ ... ووضع فوقها أيضاً القليل من الرمال حتى يخبو دخانها ... ثم استقام كلاهما بغية العودة إلى خيمتهما ... لكن رنين الهاتف في يد أبو وائل أفزعه لدرجة أنه أسقطه دون قصد منه ... فانخفض بعجل يمسك هاتفه من جديد و يتبين هوية المتصل فوجد رقم غريب يتصل به .. لم يجد بدًا من أن يقبل الاتصال ... بينما عيني ياسمين تحدق به بترقب ..
(الو ...مين معي ..)
(ابو وائل ... جهز حالك وتعال عالعنوان اللي رح ابعتلك اياه برسالة ... بعد نص ساعة بدنا ننطلق ..)
ودون أن يسمح لوالد ياسمين بنطق أي حرف أقفل الخط في وجهه ... ثوان ووصلت إلى هاتفه الذي لايزال يحدق به برهبة وصدمة وشيء من عدم التصديق بأنّ رحلتهم ستبدأ حقاً ... رسالة تحوي على العنوان المطلوب ...
فنظر نحو ياسمين التي تمسك بساعده بعينين بعيدتين جدًا عن النعاس وفقط تنتظران بترقب آمراً إياها بوضوح ..
( يلا بابا فيقي أمك لازم نمشي فوراً ...)
***************
يغط في نوم عميق لكنه شعر بيدين تهزان كتفيه ، وبصوت يأتي من البعيد ينادي باسمه ... فقط كلمة واحدة جعلته يقفز جالساً في مكانه
(عبد العزيز ... فيق يللا ... اتصل ابو ناصر ...)
تمتم عبد العزيز قبل أن يذهب عن عينيه ادران النعاس وعقله ما يزال غير واعٍ تمامًا لمكانه في ذلك الفندق القديم ...
( ابو ناصر اتصل ..)
شعر زياد بأنّ صديقه لا يزال تحت تأثير سلطان النوم ... فأعاد على مسامعه مؤكداً
( قوم غسل وجهك وصحصح نحنا لازم نجهز اغراضنا ونمشي ... المجموعة ناطرتنا ...)
هز عبد رأسه مجيبًا صديقه وهو يقفز من مكانه ليسير بترنح قليلاً حتى أنّه اصطدم بالطاولة في طريقه ... تأوه متألمًا ثم استعاد توازنه ليمشي باستقامة نحو الحمام ...
وخلال عشر دقائق كان كلاهما جاهزين
****************
جلس عبد العزيز على الأرض وقد تعبت قدماه من الوقوف ... متحدثاً بصوتٍ مال إلى الحدة قليلاً
( شو لأيمتى بدنا نضل ناطرين .. تجمدنا من البرد وتعبنا من الوقفة ..)
نظر أبو ناصر بطرف عينه بازدراء نحو عبد العزيز .. متمتماً وهو يكز بأسنانه على السيجارة في فمه
( لسا في عيلة رح تجي وتطلع معنا ... بدك تنطر انطر ...ما بدك انت حر ..)
أمسك عبد العزيز حفنة من الرمال ورماها بعيداً كاتماً حنقه من هذا الرجل الذي يذلّهم وكأنه سيقوم بتسفيرهم على حسابه وليس بمالهم ..
اقترب زياد من صديقه وجلس بجانبه القرفصاء يربت على كتفه مهدئًا من روعه
( روق ابو العز ... هونها بتهون ...)
نظر عبد العزيز نحو صديقه بامتنان ... فلولا وجوده لم يعلم كيف كان سيحتمل رحلته تلك ..
دقائق وظهر رجل مع زوجته وابنته التي تبدو في أوائل العشرينيات ..
هز زياد صديقه ينبهه لقدوم تلك الأسرة ... مشيراً نحوها برأسه
فاستقام عبد العزيز واقفاً بجانب زياد يشاهد تلك الأسرة وهي تظهر لهم من بين جنح الليل ... لم يستطع أن يتبين ملامحهم .. فالقمر اختفى تمامًا وراء الغيوم ...
لكن ترحيب أبو ناصر الذي يثير الاشمئزاز جعله يضم غضبه بقبضته راغبًا بتوجيهها نحوه مهشمًا له وجهه الذي لا يحتاج أصلا لما يزيد من تشوهه ... فبروز فكه العلوي ، وأسنانه المتآكل نصفها ، بينما يحتل السواد جزء ظاهراً من نصفها المتبقي ، عدا أنفه المعوج المشابه لاعوجاج أخلاقه يثير الغثيان بما يكفي ... وخصوصًا أن إحدى عينيه أصغر من الأخرى ...
لكن ليس شكله ما أغاظ عبد العزيز بقدر أخلاقه ... فشكله لم يكن سيجعله يبغضه لولا دناءة تصرفاته وخصوصًا أنه سوري أيضاً ... لكنه ممن يتاجر بدم أبناء شعبه ببرودة أعصاب فقط ما يهمه هو المال لا أكثر ..
( شو وأخيراً شرّفت أبو وائل ؟! لتكون مفكر حالك طالع رحلة سياحة ...)
ارتبك أبو وائل في وقفته وهو الرجل الذي تجاوز الستين يقف أمام ذلك الرجل الذي يصغره عمراً كطفل مذنب مبرراً ..
(ما تآخذني يا ابو ناصر بس لحتى لقينا تكسي توصلنا لهون )
هز أبو ناصر رأسه بغير اكتراث متمتمًا بنزق
( يللا اركبوا بالباص لسا عنا شي ساعة ونص لنوصل ما في داعي نضيع وقت زيادة ..)
حمل كل من الحاضرين بعض الحاجيات التي أحضروها ... فرحلة سفر كتلك محفوفة بالمخاطر لا يحتاج بها الشخص سوى لقلة قليلة من الملابس والأهم بعض الماء والطعام وسترة تقيهم من الغرق ...
منذ شهر والجميع ينتظر ركود موجات البحر ليصبح الإبحار عبره أكثر أماناً
وها قد حان الوقت كما أخبرهم المهرب وكل شيء جاهز لنقلهم في رحلتهم ...
تم إجلاس السيدات والأطفال وكبار السن في الكراسي المتوفرة ضمن الحافلة التي بالكاد تستوعب العدد الذي يركبها والذي يفوق سعتها ... بينما بقي الرجال يقفون بتراص في الممر والزوايا الممكنة من الحافلة ...
بقي عبد العزيز وزياد حتى نهاية الصف ليكون نصيبهم فقط الدرجة الأولى في سلم الصعود للحافلة .. تشبثا ببعض وبأطراف الباب الذي بقي مفتوحاً حتى يستوعب الجميع ..
اقترب عبد العزيز من زياد متمتمًا بقهر
( الله يجيرنا .. إذا باص وجايبو ما بكفي غير نصنا .. القارب اللي رح ينقلنا شو رح يكون وضعو ..)
أجاب زياد صديقه وهو يكتم مشاعره من جميع ما يمران به وما مرا به سابقاً حتى لحظتهم هذه .. ويخبئ جميع انفعالاته في داخله كعادته ويقابل كل شيء ببرود
( كلو بيمضى المهم نوصل ..)
نظر عبد العزيز مودعًا العتمة حوله ، وشيء ما يعتصر قلبه وهو يتمتم لنفسه متمنيًا
( ان شاء الله نوصل .. ان شاء الله ..)
انطلقت الحافلة لتتمايل بهم في طرق وعرة ... لم يتوقعوا وجودها في مدينة اسطنبول الزاهية ... فبعد سيرهم عدة كيلومترات على طريق رئيسي انعطفت بهم الحافلة لتدخل ذلك الطريق المحاط بالأشجار والذي ينخفض ويرتفع جاعلًا جميع من بالحافلة يصطدمون ببعض .. وكل فينة وأخرى تسمع التأوهات الخافتة تصدر من هنا وهناك جراء اصطدام الراكبين ببعض ..
بعد مضي ساعة من الزمن على سير الحافلة التي تقل الجميع وقد بات معظم من عليها يعانون من الغثيان ورغبة خانقة بالتقيؤ .. فالازدحام فيها يجعل مجال التنفس ضئيلًا .. إضافة إلى الارتجاجات التي تعرضوا لها .. سكنت الحافلة في مكانها ، واختفى صوت محركها في وسط غابة كثيفة الأشجار مخيفة بشكل مريب وخصوصًا ان عتمة الليل وسكونه وأصوات بعض الطيور تجعل الجو المحيط مخيفًا بطريقة مهلكة .. فلا ضوء حولهم ولا بصيص نور .. حتى أضواء الحافلة انطفأت ...
أما ركاب الحافلة فصامتون بصورة رهيبة ... وكأنهم يحاولون كتم أنفاسهم حتى تنتهي الرحلة ..
لكن ذلك الوقوف المريب وخصوصًا أن لا شاطئ ولا مرفأ يظهر لهم جعلهم يضجون بذعر ..
بينما أخذت ياسمين التي جلست بجانب النافذة تتلفت يمينًا ويسارًا بحثًا عن ما يطمئنها ... فهي تخاف العتمة حتى أنها معتادة على جعل ضوء خافت بجانب سريرها مضاءً طوال الليل .. حتى إقامتها بتلك الخيمة في إحدى حدائق اسطنبول لم تساعدها على كسر تلك الفوبيا .. فقد كانت تتعمد إضاءة هاتفها ليبدد قليلًا من السواد الحالك لليالي اسطنبول ...
حاولت ضبط أنفاسها حتى لا ترعب أهلها ... وتظهر إحدى نوبات الفوبيا الخاصة بها ...
لكن صوتها الذي خرج مرتعشًا أفصح عما يعتمرها
( شو صاير ؟؟ شو وصلنا ؟؟؟ )
احتضنتها والدتها وهي تتمتم بالمعوذات ... وهم ينتظرون وصول الخبر
هبط عبد العزيز عن سلم الحافلة ينظر حوله ليتأكد من وجود شاطئ قريب ... لكن جملة أبي ناصر بددت أي توقعات لرحلة هادئة قد يتمناها ... وجعلت ما كان يخشاه يطفو على السطح ..
( خلص البنزين يا جماعة رح نكمل الطريق مشي )
هجم عبد العزيز على أبي ناصر يقبض على قبة قميصه صارخًا في وجهه
( كيف ما بتحسب حساب وبتعبي الباص بنزين ليكفينا طول الطريق ... ما بكفي حاشرنا كلنا بباص صغير ..)
نفض أبو ناصر قبضتي عبد العزيز عن قميصه وأخرج من تحت ملابسه مسدسًا وأطلق رصاصة في الهواء .. جعل صرخات الذعر تعلو من الجميع ...
بينما اكتفت ياسمين بشهقة عالية ... ضامةً والديها إليها بذعر عليهما ...
بينما زياد ضم عبد العزيز من الخلف وأعاده للوراء بضع خطوات وهو يسأله بقلق
( صار لك شي ؟؟؟ )
أتت الإجابة من أبي ناصر الذي تحدث بنزق
( هالمرة كانت بالهوى .. المرة الجايا رح تكون بصدرو ... وهلا الكل يمشي قدامي ... ما عنا وقت نضيعو ... يللاااا )
صرخ أبو ناصر وهو يشير للجميع بالمسدس الذي لمع تحت ضوء القمر بالسير أمامه ...
كتم عبد العزيز غيظه الذي بلغ حد الحنجرة .. لكنه مستضعف لا قوة له .. فببساطة يستطيع أبو ناصر قتله في مكانه والمضي قدمًا ولن يسأل عنه أحد في هذه الأرض التي لا تنتمي لها دماءه بل تراه عبئًا عليها وترحب بالتخلص منه ...
عض بأسنانه على شفته السفلى يفرغ فيها قهره وقلة حيلته ... بينما تمتم زياد في أذنه ..
وهو يحاول دفعه نحو الأمام ...
( امشي ... ربك قادر على كل ظالم ...)
اندفع الجميع في فوج نحو الأمام مذعورين من سلاح مُشهرٍ خلف ظهورهم ...
لقد ظن الجميع أنهم فقط يحتاجون نصف ساعة للوصول إلى وجهتهم ... لكن سيرهم امتد لأكثر من ساعة ... ولا أحد يستطيع أن يسأل متى لحظة الوصول وكم يحتاجون للوقت بعد ... فإذا تباطأ أحدهم بالسير من التعب وجد سلاحًا يلكزه في ظهره فيضطره ليعاجل بالخطوات ..
استبد بها التعب والإرهاق والبرد كما البقية ... لم تعد تحملها قدماها التي تمشي ولا تشعر بهما ... لكن الخوف المتواجد خلفها يجعلها تغض الطرف عن الكثير حتى عن العتمة التي يسيرون بها فقد منعهم أبو ناصر من إشعال أي ضوء حتى لا يلفتوا انتباه أي أحد .. لكنها تستمد القوة من يد والدتها التي تتشبث بها ...
لم يكن ما تعانيه بل ما يعانيه الجميع إنهاك للقوى بقدر ما كان إنهاك للأعصاب .. فرحلة كهذه لم يتوقعوا أن تكون بدايتها فقط بتلك الخطورة ...
تعبت كفها من الضغط على يد والدتها فقررت أن تريحها قليلاً ثم تعود لتمسك يد أمها ..
انهمكت بتمرين يدها ليخف تشنجها بينما تسير بسرعة بطريقة آلية لتلحق الركب ... شعرت بقدمها تغوص في الوحل وتعلق به حاولت سحب قدمها لكن التدافع خلفها واصطدام البعض بها ممن يسيرون بسرعة حتى لا تكون فوهة مسدس أبي ناصر هي من تستعجلهم جعلها تترنح في مكانها غير قادرة على ضبط توازنها أو حتى السير ... كادت تهبط في بقعة الوحل التي داست بها .. لكن كف قوية قبضت على ذراعها وانتشلتها بقوة ترفعها جارّةً إيّاها نحو الأمام .. تعثرت قليلاً في مشيها ثم استعادت توازنها ... وتلك الكف مازالت تقبض على ذراعها حتى أصبحت تسير بتوازن ..
نظرت حولها بذعر تبحث عن والدتها ... هامسةً بصوت مرتجف
( أمي ؟؟؟)
اقترب الرجل الذي كان يقبض على ذراعها هامساً لها ...
(اطلّعي منيح قدامك .. مبينة لابسة حجاب أبيض متلك ..)
دققت النظر أمامها وفعلاً لاحظت حجاباً أبيضاً يظهره ضوء القمر الخافت جداً لم تعبأ بشكر ذلك الرجل الذي انقذها .. حتى أنها لم تتنبه لتركه ذراعها وابتعاده .. فقد اندفعت نحو والدتها لتصل إليها وتمسك بها قبل أن يختفي ضوء القمر وتضيع منها ..
زفرت أنفاسها بارتياح وقد شعرت بدفء يد أمها يلامس كفها من جديد ..
( وين رحت عبد العزيز ؟!! )
سأل زياد صديقه الذي شعر بأنه اختفى من جانبه ... فأجابه الآخر وهو يطالع فتاة ترتدي حجابًا ناصع البياض يخلو من أي لون آخر وهي تتخلل الأشخاص الذين يسيرون أمامها حتى أصبحت تسير جنبًا إلى جنب مع امرأة أخرى ترتدي حجاباً مماثلاً للون حجابها ..
فابتسم برضى ... وهو يتمتم
( ما في شي مهم ..)
ركز كل منهما نظره نحو الأمام متابعين سيرهم وصوت لهاث الجميع هو ما يكسر جمود الليل ...
ارتفع صوت بكاء طفل رضيع بشكل حاد ... حاولت والدة الطفل إسكاته لكن بكاءه كان يزداد أكثر حتى بات مزعجاً للجميع ...
اقترب أبو ناصر نحو مصدر صوت الطفل صارخ بوالدته وهو يصوب مسدسه نحوه
(سكتي لابنك وإلّا رح اقتلو بإيدك .. هلا بينبه الشرطة علينا ...)
هزت المرأة طفلها بين يديها في محاولة فاشلة لإسكاته ... فرصة انتهزها البقية للوقوف قليلاً حتى يرتاحوا من عناء السير ... بينما الآخرون يطالعون الموقف وأجسادهم منكمشة من الخوف ... والترقب لشناعة المشهد الذي قد يحصل أمامهم ..
بينما كان زياد يراقب المشهد بعين أخرى ... فصورة ابنه الذي يماثل عمر ذلك الصغير عادت تداهم ذاكرته ... طفله الذي كان يطلق ضحكات الاستمتاع كلما قام بقذفه في السماء والذي انتشله هو وزوجته جثةً هامدةً من تحت ركام منزله .. طوال حياته بقي يجمع نقوده بكد وتعب حتى بنى منزل صغير فوق منزل والديه ليجتمع تحت سقفه مع ابنة عمه التي انتظرته بفارغ الصبر ... حلم تحقق واكتمل بطفلهما الصغير ... سعادة لم تدم لأكثر من تسعة أشهر من عمر صغيره ..
صوت دوي قوي في حيّهم ..أجفل الجميع بينما هو يقف في طابور المخبز ينتظر دوره لإحضار الخبز ... سماعه لذلك الصوت والدخان المتصاعد صاحب انقباضة شديدة لقلبه ... فترك مكانه ودوره ، وهرول نحو منزله ...
ليجده ركاماً لم يعد يظهر من معالمه شيء بينما الجميع يتجمهر خلفه ... صرخ باسم زوجته وهو يدس جسده بين الركام إلى أن وصل إلى مكان نومهما .. تنام وبين ذراعيها طفلهما كما تركهما فجرًا وهو ينسل بهدوء من جانبهما حتى لا يوقظهما ..
صورة لا تزال عالقة في عمق ذاكرته ... تطفو على السطح في كل مرة يرى طفلًا صغيرًا ..
تناهى إلى سمعه صوت تلك المرأة لتنتشله من ذكرياته الأليمة وتعيده للمجهول الذي زج نفسه فيه بقلب ميتوهو يهرب من وطنه بغية إخماد تلك الذكريات التي تحرق كل ذرة في روحه ...
( أحمد إهدا ماما ... إهدا ..)
لفظ المرأة لاسم ابنها جعل زياد يندفع من بين الجميع متخليًا عن بروده ، وهو ينزع عن كتفيه المعطف الذي يرتديه ... أبعد بكتفه أبا ناصر الذي يقف كالصقر أمام المرأة وابنها غير مكترث لفوهة مسدسه ... وسحب الطفل من بين يدي والدته ثم لفه بمعطفه وبدأ بهدهدته
( بابا أحمد ...هششش .. يلا نام .. يلا يا شاطر .. شو بردان !! بعرف الجو برد ..)
خفت شهقات الصغير حتى تلاشت .. لم يكترث زياد بجميع المحيطين به بل بقي يهدهد الصغير وهو يسير نحو الأمام ... بينما والدة الطفل تتبعه وهي تلهث من سرعته ، بينما هو يحدق بذلك الطفل وقد خلد أخيراً للنوم ... لم يكن وجهه يبدو واضحاً لكن صورة وجه صغيره كانت هي من تظهر له من بين العتمة فتشحنه بالقوة ليسير غير مكترث لأحد فقط يهتم لراحة الطفل بين يديه ...
هدوء الطفل وعودة السكون من جديد جعلت البقية تتبع زياد وكأنه هو دليلهم في هذه الغابة الموحشة ... بينما بقي أبو ناصر يراقبه بعينين ضيقتين وهو يسير خلفهم بتلكؤ ...
وأخيراً بعد سير دام لساعتين وأكثر وصل الجميع قرب بزوغ الفجر إلى الشاطئ منهكين خائري القوى ...
ارتمى كل منهم على صخرة يلتقط أنفاسه ... لكن أبو ناصر لم يمهلهم الوقت الكافي ليستعيدوا قوتهم ... فصرخ بهم جميعًا يحثهم على التجمهر قرب قارب الصيد الذي يصل طوله بحدود الستة أمتار ....
نظر عبد العزيز نحو القارب الذي سيقلهم فضرب كعب حذاءه بالأرض يفرغ غضبه وهو يتمتم لصديقه
( الحقير والله كنت بعرف ... هيك قارب كيف بدو يسع خمس و سبعين راكب !!! )
اقتربت والدة الطفل من زياد تسحب طفلها من بين ذراعيه ... شعر بروحه تسحب منه من جديد فلم يهتم بغضب عبد العزيز بل بقي يحدق في ذلك الصغير الذي يلتحف معطفه ..
شعر وكأنها تأخذ منه طفله لا طفلها ...أمسكت بطرفي معطفه تنوي إزالته عن صغيرها لتعيده له لكنه أومأ لها مؤكدًا بإصرار وهو يرفع يده علامة الرفض بأن تعيد له معطفه ... فأعادت إغلاق المعطف حول الطفل وهي تناظر زياد بامتنان ...
بقي الجميع يحافظ على صمته ... لم يعترض أحدهم على صغر المركب ... أو بالأدق لم يتجرأ على الاعتراض .. فجميعهم فكر بإحضار جميع ما يلزمه للحياة من مال وماء وطعام ... لكن لم يفكر أحدهم بإحضار سلاح معه وخصوصًا أنهم تركوه في بلادهم يشعل فيها النار ويجعل الدماء تروي الأرض عوضًا عن حبات المطر ...
لكن ما جعل صوتهم يعلوا ويتجاوزون خوفهم هو ما صرح به أبو ناصر بوضوح
( مين بيعرف يقود المركب ؟؟ أو مين بيتبرع ليتعلم كيف يقود المركب ؟؟ ..)
لكن أول المعترضين كان أبو وائل .. فنظرة سريعة نحو البحر الواسع وذلك القارب جعلت الهلع على زوجته وابنته يبلغ ذروته ..
( شو عم تقول !! يعني مو انت أو حدا من رجالك رح يكون معنا ؟؟؟)
دفع أبو ناصر بمرفقه والد ياسمين مما جعله يرتمي على الأرض جالسًا .. فسارعت ياسمين نحو والدها تتفقده ، وبأعين تطلق الشرر متناسية أي ضعف وقد لاح الخطر لوالديها .. استقامت تنظر نحو أبي ناصر صارخةً في وجهه بما يعتمل قلبها منذ بداية الرحلة
( انت شو مفكر حالك !! مفكر أرواح الناس لعبة بين ايديك ؟! )
رفع أبو ناصر سلاحه بيده يشهره أمامها وأمام الجميع لترهيبهم ... بينما كفه الاخرى الخالية ارتفعت نحو خد ياسمين تلامسه بخشونة وهو ينظر لها نظرات خسيسة تطال صفحة وجهها بالكامل .. مبتسماً بصفاقة وهو يتمتم بأحرف سمجة كصاحبها
( شو .. كأنو الحلوة صار عندها لسان وصارت تحكي !! )
فقط نظرات اشمئزاز هي ما استطاعت أن ترمقه بها وهي ترى سلاحه المصوب نحو والدها الذي لا يزال جالسًا على الأرض ..
شخص واحد انبثق من بين الجميع غير آبه لرهبة السلاح منطلقاً كالشهاب نحو أبي ناصر حتى وصل قبالته فدفعه بقبضته بعيداً عن ياسمين وهو يشتم بصوتٍ عالٍ
( يا واطي عم تتقاوى على حرمة الناس بوساختك ..)
صوت رصاصة دوت وصرخة ذعر أطلقت من قبل الجميع وشهقة كتمتها ياسمين بكفيها ودمعة هبطت من مقلتها رغماً عنها وهي ترى ذلك الشاب الذي وقف أمامها يحميها من قذارة ذلك المهرب يتهاوى على الأرض ...


Rinad sy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-19, 12:54 PM   #3

Gigi.E Omar

نجم روايتي و راوي القلوب وكنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Gigi.E Omar

? العضوٌ??? » 418631
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 3,166
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Gigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك carton
?? ??? ~
لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين 💙 لا تتنازل عن مبادئك و إن كنت و حدك تفعلها ✋️
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

و بداية جزء جديد معاكي يا رينو 😍😍😍😍 عجبتني المقدمة جداا 😍

و الف مبرووووك على لقب كاتبة 😍😍💙 ...تستحقيه 😍😍🌷🌷

هقرأ الفصل الاول ورجعالك بتعليق 😍🌸


Gigi.E Omar غير متواجد حالياً  
التوقيع
" و استغفروا ربكم "
رد مع اقتباس
قديم 20-01-19, 01:12 PM   #4

شموخي ثمن صمتي

? العضوٌ??? » 179150
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,118
?  نُقآطِيْ » شموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شموخي ثمن صمتي غير متواجد حالياً  
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
رد مع اقتباس
قديم 20-01-19, 02:09 PM   #5

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء المسك والعنبر... الف مبروك اللقب ومبارك افتتاح الرواية الثالثة لك ان شاءالله تكتب لي المتابعة معك...

الرواية حصرية ام ك سابقاتها غير حصرية؟...

موفقة بإذن الله تعالى... في حفظ الله ورعايته...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 20-01-19, 11:51 PM   #6

نزووف

? العضوٌ??? » 130402
?  التسِجيلٌ » Jul 2010
? مشَارَ?اتْي » 451
?  نُقآطِيْ » نزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond repute
افتراضي

الف الف الف الف الف مبرووووك الروايه الجدديده و بدايه حلوه ❤❤❤

نزووف غير متواجد حالياً  
التوقيع
:qatarw_com_52228917
رد مع اقتباس
قديم 21-01-19, 12:45 AM   #7

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتك سعيدة... فصل حلو تسلم اناملك المبدعة المميزة عليه...

ربنا يفرج عن كل البلاد العربية والإسلامية...

ابو ناصر الذي يتاجر بارواح البشر ويكدس الأموال من تلك الاوراح منه الكثيرون وينسوا ان هناك يوم قيامة سيحاسبون فيه على كل صغيرة وكبيرة وهم ليسوا اي كبيرة ارتكبوا هم ارتكبوا جرائم قتل وحملوا في رقبتهم الالف الاوراح ( بصراحة عجزت عن التعبير وايصال ما اريد)، ابوناصر اليوم مستقوي ولكن له يوم لا مفر منه وممكن هذه الليلة هي ليلته مع اني اتمنى ان يتم اجباره على ركوب القارب معهم خاصة ان سلاحه وقع منه وارجو ان يكون عبدالعزيز من تحصل عليه مع اني اتوقع انه اصيب وسيترك خلفهم لكن لا الأفضل ان يتعذب مثلما عذبهم وعذب غيرهم...

ابو وائل ككل رجل عربي اضطرته الظروف ان يخرج من بلده ولكن لماذا اختار نفس الطريق الذي اوصله ل اسطنبول لماذا لم يعد بطريقة اسهل وآمن له ولزوجته ولابنته خاصة انه يريد العودة لبلده وليس الفرار منها فهو جرب الاهوال كي يصل مع عائلته لتركيا لماذا يمر بهم من جديد من نفس الاهوال ان سلم المرة الماضية ممكن لن يسلم هذه المرة وخاصة ان ياسمين فتاة شابة في اوائل العشرينات اي لو كانت في 22 قبل 7 سنوات كانت لازالت طفلة في 15 والخاطر اكبر عليها الان وهو غير قادر على حمايتها وهاهو ابوناصر تطوال عليها ولولا ان معهم عبدالعزيز الشاب الحامي الدماء الذي يراعي عرض بنات وطنه ولا يرضى عليهم شيء ماذا كان سيفعل ابو وائل اذا تهجم عليها لا اعتقد ان احد كان تحرك...

ياسمين فتاة تحلم بالعودة ل دمشق والواضح انها في الطريق لكن هل معها اهلها والدها ووالدتها او احدهما تخاذل ممكن الرصاصة اصابت احدهما بالانتظار...

عبدالعزيز الشاب الذي ايضاً اختار الفرار من بلده ولكن من خارج من داره قل مقداره وهاهو علم ذلك خير علم وهاهو يعود لها لان نار البلاد افضل من نار الغربة، هل سيكون بينه وبين ياسمين نصيب لاني اعتقد انه اعجب بها ولكن ليس لهذا دافع عنها بل لأنها ابنة وطنه ووالدها ليس قادر على الدفاع عنها وان اي فتاة اخرى كان فعل نفس ما فعل مع ابوناصر...

زياد الآخر فر هارباً بسبب موت زوجته وابنه لكنه الان عائد فهل سيجد من يبني معها حياة جديدة لن تنسيه ابنة عمه الحبيبة ولا ابنه ولكن ستعطيه الحياة الجديدة مع الامل...

انطلقت الرحلة لكن لازالنا امام القارب من اصابته الرصاص من وصل ليونان من اكمل المسير ومن وصل للوطن كله بانتظاره في الفصول القادمة ان شاءالله...

موفقة بإذن الله تعالى... في حفظ الله ورعايته...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 22-01-19, 10:50 AM   #8

Rinad sy

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 410291
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 97
?  نُقآطِيْ » Rinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond repute
افتراضي

الله يبارك فيكن جميع ...... كتير سعيدة باللقب... فورا طلع قدامي اول ما فتحت صفحتي ...وجعل بداية يومي جميلة ان شالله كون بستحق هيك لقب ....
لتوضيح هالرواية غير حصرية كسابقتها ....حاليا انا اخدة اجازة من الكتابة بس عم حاول انشر هون عالمنتدى جميع القصص الي كتبتها سابقا ...
الي الشرف اكتب شي حصري لمنتدى وحي الاعضاء بس ظروفي غير مساعدة حاليا ...
ولتوضيح رحلة الابطال ليس عودة الى الوطن وانما استكمالا لهجرتهن لاوروبا انطلاقا من تركيا ...تفاصيل الرواية ستظهر طريق الرحلة ...
والطريق والمصاعب الي مر فيها الابطال مأخوذة من عدة قصص لناس عاشوا مرارة هالتجربة وحكوا عنها ....
القصة مكونة من ستة فصول طويلة ...
اتمنى تعجبكن حتى النهاية ..............ولو كانت مع الكثير من الدموع


Rinad sy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-19, 09:43 AM   #9

Rinad sy

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 410291
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 97
?  نُقآطِيْ » Rinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond reputeRinad sy has a reputation beyond repute
افتراضي

***الفصل الثاني ****

جرى زياد على الفور نحو صديقه وهو يراه يهوي أرضاً ... متمتمًا بقلق وهو يسند ظهره بيده ويتفقد جسده ليعلم مكان الرصاصة
( انت منيح ؟؟ )
انخفضت ياسمين أيضاً جالسة قرب عبد العزيز ، وهي تطالعه بوجه شاحب ... تسأله بصوتٍ مرتعش وقد لاحظت احتقان وجهه بالدماء وتجعد جبينه
( ليش هيك عملت ؟؟؟ هاد ابن حرام ما بيهمو إلا المصاري ..)
تغاضى عبد العزيز عن سؤال ياسمين ، وتوجه ببصره نحو زياد يجيبه بصوتٍ مختنق وهو يبتلع ألمه حتى لا يزيد من ذعر الجميع ..
(لا تخاف أنا منيح ... الرصاصة اجت برجلي ...)
نظرة سريعة ألقاها زياد نحو ساق عبد العزيز جعلته ينطق دون إعادة تفكير ، وهو يتجه ببصره نحو المهرب
( انا بعرف قود المركب .. بس خلينا نضمد جرح رجلوا ..)
تمتم أبو ناصر بنزق وهو يستدير موليًا ظهره لهم
( معك عشر دقايق بس لأن المركب لازم يمشي ... في باخرة رح تلاقيكن بنص الطريق مشان تطلعوا فيها ، وتكمل فيكن عاليونان ... ما بدنا تتأخروا عليهن )
التف البعض حول عبد العزيز يطمئنون عليه .. بينما استغل الآخرون الفرصة واتجهوا نحو القارب وجلسوا فيه ...
شق زياد جزء من بنطال عبد العزيز ليعاين الجرح في ساقه متأملاً ألّا يكون بالغاً ويستطيع الصمود حتى اليونان على الأقل ...
أخرج من الحقيبة التي يحملها خلف ظهره بعض الماء وسكبه فوق الجرح ...
قاطعته ياسمين بلهفة وهي تحتضن حقيبتها وتفتحها
( أنا معي معقم وشاش جبتهن للاحتياط ... ورح أعطيه مسكن ودوا التهاب بلكي يساعدو لحد ما نوصل ...)
نظر عبد العزيز نحوها بحاجبين متقاربين .. فسألها بأول ما خطر في ذهنه ...
(انت عم تدرسي طب؟؟؟ )
صوته الذي ركزت به لأول مرة جعل عينيها تتسع متمتمةً بهذيان ... وقد توقفت عن الحركة وهي تطالعه
(هاد انت ؟؟)
موجة من الألم جعلته يعتصر عينيه متمتماً
( هلا عطيني شي مسكن .. وبعدين منتعارف ...)
أجابها عبد العزيز وهو يلهث من شدة الألم ... مما جعلها تسارع بفتح حقيبتها وإخراج ما يحتاجه ...
تكفلت ياسمين بتضميد جرحه .. بينما أسنده زياد وتولى مهمة إعطاءه حبتين قدمتهما له ياسمين ....
مضت العشر دقائق .. فزمجر بهم المهرب .. حيث ركب الجميع في القارب باستثناء زياد وعبد العزيز ، وياسمين ووالديها ، وأم أحمد التي بقيت أيضاً معهم تود الاطمئنان على صديق زياد
( يلا عالسريع ... لازم ما نتأخر أكتر من هيك ...)
وقف عبد العزيز وسار وهو يعرج على قدمه دون أن يقبل أن يسنده أحد ... متخطياً اثناء سيره بشكل متعمد المهرب .. . وقد رمقه بنظرة ازدراء وهو يتابع سيره بينما يتتبعه البقية يناظرون المهرب أيضا باحتقار ليستقلّوا القارب مع البقية ... بينما وجّه المهرب زياد ببعض التعليمات حتى يتمكنوا من الوصول إلى الباخرة التي ستكون في انتظارهم خارج المرفأ في عرض المحيط ..
جلست ياسمين بجانب والدتها ومن الطرف الآخر كانت والدة ذلك الطفل الصغير هي من تجلس ... بينما على الطرف المقابل لها على مسافة قريبة كان يجلس ذلك الشاب الذي ساعدها لمرتين على التوالي وعرّض حياته للخطر لأجلها ... تراقبه بطرف عينها متنقلة ببصرها تارة نحو قسمات وجهه وتارة نحو قدمه المصابة لتطمئن أنّه لا يتألم وبخير ... تحمد الله في سرِّها أنّه لم يخسر حياته بسببها ، وتمقت في ذات الوقت الظروف والضعف اللذان اضطراها لأن تعايش محاولة تحرش صريحة بها وأمام والديها اللذان كانا في خطر أيضا ... محاولة تحرش لم تعلم إلى أي حال كانت ستؤول لولا تدخل ذلك الشاب ...
بشرته السمراء وعينيه الفاحمتين توحيان بأنه عانى الكثير في حياته ...
لم تنتبه إلى أنّها شردت في تفاصيل وجهه لكن إماءة خفيفة برأسه يطمئنها أنّه بخير ظنًا منه أنّها تطالعه بقلق نبهتها لفداحة تصرفها ... فأومأت له بترحيب هاربةً بنظرها عنه وقد تداركت الموقف حتى لا يكشفها وادّعت الانشغال بالمرأة التي تجلس بجانبها وبالطفل في حجرها ملامسة خده وهي تلاعبه ...
( انتِ جاية لحالك ؟؟....)
سألت ياسمين بفضول وهي ترى المرأة وحيدة دون أحد معها ... فأجابت تلك المرأة بارتباك
( انا وابني بس ...)
برغم توقعها الإجابة لكن التأكد منها جعلها تعيش شيء من الصدمة ... كيف لفتاة تقاربها عمرًا ، وعلى كتفها طفل لم يتم العام الأول من عمره وتتحلى بتلك الشجاعة لتسافر وحدها وتتحمل أعباء تلك المغامرة ...
فتحت ثغرها ترغب بسؤالها عن ذلك ... لكن ضغط يد والدتها على ساقها جعلها تلتفت بسرعة نحوها تتبين حالها ... ارتفع حاجبي والدتها بالنهي ، ورسالة مبطنة من عينيها ألّا تسأل عما يدور بخلدها ... فكل من على القارب يحمل همًا ، ومؤكد ليس ترف العيش ما أودى بهم هنا ولا حاجة لمن يذكرهم بألمهم وينثر الملح على جراحهم ...
بقي فم ياسمين مفتوحاً لكن ما نطق به ليس ما دار بذهنها لكنه سؤال آخر
( اسمعتك عم تنادي ابنك احمد ... بس انت شو اسمك ؟؟؟)
نظرت والدة الصغير بلمحة نحو ياسمين وهي تجيب باقتضاب عائدة بتركيزها نحو طفلها تدثره جيداً
( خولة ..)
جواب بارد كبرودة كل شيء حولهم جعل ياسمين تتوقف عن أسئلتها ، وتركز في السماء
التي اختفت الشمس منها تماماً واندمجت فيها الغيوم بتلاحم مريب ...
وبدأ الضباب يتكاثف من حولهم شيئاً فشيئاً .... حتى باتت الرؤية غير واضحة تمامًا
كان الجميع يجلس بشكل متراص حتى يتسع لهم القارب ، ويترقبون السماء بوجل ... يخشون من حظهم العاثر ... فهم في فصل الشتاء واندماج الغيوم ببعض والضباب الذي تكاثف يبث الريبة بينهم ... حتى ان الهمهمات ارتفعت
عندما أصبحت الرؤية حولهم شبه مستحيلة ، والجميع يتلفت بكافة الاتجاهات علَّهم يرون شيئًا ...
تمتمت خولة بذعر وهي تتشبث بصغيرها بقوة بينما تتلفت بسرعة حولها ...
( وين صرنا نحنا ؟؟؟)
تعلقت نظرات زياد بتلك المرأة وطفلها ... يشاهد الذعر المرتسم في تقاسيم وجهها الشابة وحدقات عينيها التي تهتز بريبة ... بينما أيضاً الخوف يسكن قلبه فهو من تبرع بتولي قيادة الرحلة ، وحدوث أي مكروه لأحد الركاب قبل وصولهم للباخرة التي من المقرر إتمام الرحلة بها سيجعله يهلك في عقدة الذنب ... ازدرد لعابه وهو يشعر به أشواكاً توخز حنجرته ... ولا كلام لديه يستطيع به طمأنة من حوله ، وخصوصاً وهو يسمع تساؤلها ، وعينيها تعلقت بعينيه تناجيه بهما أن يطمئنها ...
لكن تمتمة عبد العزيز المتأفف وهو يصفق يديه ببعض ...
( ما في غير الله بيعرف نحنا وين ..)
جعلته يخفض رأسه وكأنه يؤكد كلام صديقه ... وعيني والدة الطفل لا تفارق سكناته ... وبالتالي حركته تلك قطعت الشك باليقين في داخلها ... إنهم تائهون في عرض البحر ..
فبدأت تلطم على وجهها تارة ، وتحتضن طفلها تارةً أخرى وهي تمتمتم بعبارات الأسف له
( سامحني يا امي ... أخدتك عالموت برجليّ ... يا رب رحمتك فينا ...)
تظافرت الغيوم مع الخوف الذي أصبح واضحاً في عيون الجميع بعد أن توقف الجميع عن التذمر مكتفين بالصمت وكل منهم يضم الآخر إليه بقوة وكأنهم يودعون بعض ...
وبدأت زخات من المطر تهطل عليهم ... فزادتهم تشبثا ببعض ...والخوف من ارتفاع الموج بسبب المطر يقرع طبولًا في صدورهم ...
كل منهم يتساءل هل انتظار موعد موتهم على أرض وطنه أصعب أم الموت الذي يهددهم كل فينة وأخرى أصعب ... لكن لا جواب وخصوصًا أن لا سبيل لهم للعودة ولا يعلمون أيضًا أين يسيرون ...
تمتم أحدهم وقد بدأ يرتجف بشكل جنوني ، وينتفض بطريقة سببت بارتجاج القارب
( بدنا نموت .. بس أنا ما بدي موت ...ما بدي موت ... ليش ما عم تفهموا ... انا ما اجيت لهون لموت ..)
أمسك به من حوله بشدة محاولين تثبيته ... بينما علت شهقات بكاء كانت على ما يبدو مكتومة لكن منظر ذلك الشاب وهو ينتفض بذعر ،والقارب يتأرجح فاض على كأس صبرهم فلم يعودوا يحتملوا الكتمان أكثر ... وصوت اصطكاك الأسنان بسبب ثيابهم الرطبة بفعل المطر والرياح القارصة بات واضحًا .. معلنًا عن طريقة أخرى قد ينتهي بها حتفهم وهو التجمد في عرض البحر ...
لا أحد منهم يستطيع التخفيف عن أحد ولا أحدهم يستطيع طمأنة حتى نفسه ...
لأكثر من ساعة يبحرون دون وجهة ... والضباب الكثيف يخفي عنهم اتساع البح ، وحبات المطر تثقل فتغرق ثيابهم المبللة أكثر فأكثر ..
أرادت خولة إعادة المعطف الذي يتدفأ به صغيرها لصاحبه ... فقد ازرقت شفاة زياد مما لا يدعو للشك بأنه متجمد من البرد ...
لكن زياد رفض بقوة رغم ما يعانيه ... وآثر أن يستمد الطفل الدفء من معطفه عوضًا عنه ... ليس فقط لأنه يذكره بابنه لكنه آثر الصغير على نفسه ...
( خلي على ابنك انا كبير بتحمل ..بس هو طفل ما بيتحمل ..)
قالها زياد بحزم مخفيًا قدر استطاعته اصطكاك أسنانه من شدة البرد ..
فخضعت خولة لإصراره معيدةً لف صغيرها بالمعطف تدثره به بقوة وهي تدس بين يديه قطعة خبز رطبة يسد بها جوعه فقد علا بكاءه من جديد ...
أما ذلك الشاب الذي استكان لبعض الوقت بين أيدي الآخرين الذين قاموا بتثبيته ليس فقط لتهدئته بل للحفاظ على ركون القارب عاد للانتفاضة من جديد وبدأ بالهذيان بكلمات مبهمة غير مفهومة ، والتحرك بشكل جنوني أخل بتوازن القارب بشكل خطير .. فبدا وكأنه أصابه مس وقد فقد تمامًا الأمل بالنجاة ...
صرخة مشوبة بالتفاؤل انطلقت مهدئة الجميع لينصتوا بتمعن
( صوت باخرة يا جماعة ... صوت باخرة ...)
هدوء تام عم على سطح المركب وهم يضعون أيديهم أسفل آذانهم ممعنين في إرهاف سمعهم لما يتعدى صوت البحر ... لتتعالى بعدها صرخات الجميع وضمهم لبعض بسعادة وهم يتمتمون بالحمد ...
(عنجد صوت باخرة ..الحمد لله يا ربي الحمد لله .. الله نجانا ..الحمد لله ما طلع المهرب كذاب ...)
بدأت الباخرة تظهر لهم بوضح من بين الضباب الذي بدأ ينقشع رويدًا رويدًا وهم يلوحون بأيديهم ويصرخون
بأعلى صوتهم لجذب انتباههم ..
اقتربت الباخرة .منهم حتى أصبحت تجاورهم ... أطل رجل عليهم من الأعلى ملقيًا لهم بسلم مجدول من الحبال ...
ثم بدأ الجميع بالتدافع نحو السلم للصعود ... كان بعضهم كالثيران الهائجة يريد تجاوز جميع من أمامه حتى يصل إلى طرف السلم ..
كادت خولة أن تنزلق للخلف فهي تتخلى عن التشبث بأي شيء عدا صغيرها ... صرخ زياد ملاحظًا اختلال توازنها من شدة التدافع ، وهو يمد يده للهواء دون مقدرة منه على الوصول إليها
(انتبهيييييييييييي ..)
نظرة خاطفة نحو الخلف ألقتها ياسمين وهي تتشبث بوالدتها .. بعد أن سمعت تلك الصرخة ...فتنبهت لميلان خولة البطيء نحو الخلف دون مقدرة منها على التشبث بشيء لأن ذلك يعني التخلي عن صغيرها ...
فتخلت ياسمين عن الإمساك بوالدتها جاذبةً خولة نحوها بكل ما أوتيت من قوة حتى سقطت بجانبها ....
حينها صرخ زياد بأعلى صوته بعد ان أطمأن عليها مفرغا ما مر به من هلع خلال لحظات .. وقد أيقن أنها ستغرق مع طفلها لا محالة ... صرخ بهم جميعا مؤنبًا
( اهدووووو ... رح نغرق بعض إذا هيك منضل ... بس شوية هدوء الباخرة كبيرة وكلنا رح نطلع بس الرحمة يا جماعة ... الحمد لله ما خسرنا حدا لحد هلأ .. شو صار معكن ..)
انتظم الجميع في وقفتهم ، وتوقفوا عن دفع بعضهم ... وهم ينظرون لبعض برؤوسٍ مكنسة وكأنهم أحسوا بخطئهم ...
ثم بدأوا بصعود السلم الواحد تلو الآخر بهدوء ...
اقتربت خولة من السلم وهي تراه يتأرجح بوجل ، وناظرت طفلها ... كيف ستتمكن من الصعود ومن ضم طفلها بذات الوقت ... قواها خارت ، ويداها قد تجمدت .. لن تقوى على ذلك ..
فتراجعت نحو الخلف فاسحة المجال لغيرها حتى يصعد قبلها ....
لاحظ زياد ترددها وتراجعها نحو الخف .. فانتظر أن يفسح له المجال للاقتراب منها ...
شعرت خولة باقترابه فتعلقت عيناها به وهي تبثه ضعفها ....
فمد يديه نحوها آمراً
(أعطيني اياه ...)
هزت رأسها بالرفض متشبثة بابنها أكثر ... فهمس لها برقة
( اوثقي فيني .. رح نكون وراكي ..)
سألته بتوجس
(كيف بدك تطلع على هيك سلم بأيد وحدة ..)
أشار إليها بيديه أن تعطيه الطفل وهو يناظرها بحنان
(ما عليكي عندي حل .. انت اعطيني اياه .. ورح تلاقيني وراكي ..)
مدت خولة طفلها نحوه بيدين مترددتين .. فتلقفه منها بسرعة مشيرًا لها برأسه بعد أن ضم الصغير إليه بأن تصعد ...
عيناها تتنقلان ما بين السلم وما بين صغيرها وهي تشعر بحضنها باردا إثر ابتعاده عنها ... بقلب معلق بذلك الصغير وقد تركته معه ... صعدت درجات السلم بتردد حتى وصلت للأعلى ..
إقترب زياد من عبد العزيز آمرًا إياه وهو يشير له برأسه ويديه شارحا له ما عليه فعله
( عبد العزيز .. امسك طراف الجاكيت من تحت اربطها من ضهري من ورا ، والأكمام اربطهن ورا رقبتي ... بس اربطهن منيح لحتى ما يفلتو ويوقع الولد ...)
نفذ عبد العزيز على الفور ، وشد أطراف المعطف بقوة ... تأكد زياد بأن الطفل سيبقى مضمومًا لصدره بفعل إحاطة معطفه به ... ثم صعد ببطء على السلم وهو يمسك تارة بالطفل وتارة بالسلم ...
إلى ان وصل للأعلى حيث كانت خولة بانتظاره بيدين مضمومتين لبعض بخوفٍ يقطع الأوصال ، وبفؤاد فارغ إلى أن وصل زياد إليها ... حيث حرر الطفل من حضنه ومنحه إياها ... فضمته إليها وهي تبكي بسعادة وتقوم بشمه وتقبيله بنهم وكأنه سافر عنها لأعوام ..
بينما يتابعها زياد بابتسامة عريضة ظهرت على شفتيه لأول مرة منذ بداية الرحلة ...
أومأت له بالشكر ، ومن ثم تبعت البقية إلى حيث وجههم العاملين على الباخرة الصغيرة
ضغط عبد العزيز على كتف صديقه منبهًا إياه .. وهو يشاكسه بخشونة
( شو؟؟؟ وقعت وما حدا سمى عليك ؟؟؟ )
نظر زياد نحو عبد العزيز بعينين ضيقتين متمتمًا باستهزاء..
( شوفو مين عم يحكي ... اطلع على رجلك قبل ما تحكي عني ..)
نظر عبد العزيز نحو قدمه ومن ثم حكَّ مؤخرة رأسه بيده وهو يمعن التفكير بكلام صديقه مجيبًا ..
( انا كنت عم ساعدها مو أكتر ..)
أجابه زياد الذي تابع سيره تاركًا عبد العزيز واقفًا وراءه بمزاح
( أي وانا كنت عم ساعدها ..نفس الشي ..)
*******************

طوت الورقة التي كانت بحوزتها بعناية ، وأعادتها لحقيبتها متمتمةً بمرارة
(اللي شفنا كان كبير ...)
أشارت بإصبعها نحو رأسها ، ومن ثم ضربت بقبضتها على قلبها متابعةً بحرقة
( كيف بدي انزعو من راسي ومن قلبي ... الخوف اللي عشنا ...الموت الي شفنا ...الناس اللي ماتوا وخسرناهم ...)
جالت ببصرها في أنحاء الغرفة المرتبة والصغيرة نوعًا ما التي يبيتون فيها على متن الباخرة ... والتي تحوي سريرًا يتسع لشخصين ، طاولة صغيرة ، كرسيان ، وخزانة جدارية لوضع الأمتعة ...
فنقودهم لم تسمح لهم بارتياد غرف الدرجة الأولى ...لكن مع ذلك كانت مرتاحة بتلك الغرفة رغم صغرها ..
ازدادت قتامة عينيها البنيتين وذكريات تفيض بالمرارة لزوايا تبعد أشد البعد عن هذه التي تقطنها الآن ...
بينما خولة تقف ورائها تستمع إليها ، وتشاركها العلقم ذاته ... فبرغم ادعائها المرح لكن عبق الذكريات اختلط مع رائحة مياه البحر .. الرائحة التي علقت في خياشيمهم بطريقة مزرية ...
فاستندت بظهرها على الجدار المجاور لباب الحجرة ... تتنهد مرة تلو أخرى وقد تمكنت ياسمين من إغراقها في ضحل ذكرياتهما مع البحر ..
لتتمتم هي عوضًا عنها بأسى وبمرارة تفوق القيح ... وقد شاركتها التمعن بتفاصيل الحجرة التي يقطنونها خلال الرحلة
( يا الله شو في فرق بين هالغرفة وبين الغرفة اللي ركبنا بالباخرة هديك ...)
قاطعتها ياسمين وهي تتحدث باشمئزاز ورائحة نتنة بدأت تشتمها تخرج من عمق عقلها ... مما أثار غثيانها
(غرفة !! أي غرفة .. ليش اللي حطونا فيها كان اسما غرفة !!! قولي زريبة ، قولي مكب زبالة ... بس ممكن توصفيها بأي شي غير اسم غرفة ..)
سعادة لم تكتمل ... كل منهم يهنئ الآخر بالسلامة وقد أشرقت وجوههم ... فلقد تجاوزوا أخطر جزء في الرحلة ... ووصلوا لبر الأمان بسلامة ... ابتسامتهم غطت وجوههم المرهقة والشاحبة ..لكن ذلك لم يدم طويلاً عندما وجّهوهم جميعًا نحو عنبر السفينة أو بالأدق أسفل السفينة ... حيث هبطوا إليه بواسطة سلم حديدي ...ليجدوا أنفسهم أمام مكان لا تحتمل حتى الحيوانات العيش فيه ... فانحسرت الابتسامة عن وجوههم ليعود الوجوم يخيّم عليهم ...
لم يكن هناك سوى بضع قطع من القماش ممدودة على أرضية واسعة وكلها ماء ... والبرد قارس بشدة لدرجة الاعتقاد بأنهم في ثلاجة .. ورائحة المطر تختلط بزنخة ماء البحر فتمنحهم رائحة شديدة النتانة جعلت بعضهم يتقيؤون الهواء ... فبطونهم خاوية منذ عدة ساعات ... لذا لم تجد أمعائهم ما تفرغه ... وهذا كان في صالحهم فلا ينقصهم المزيد من الروائح وما يزيد بشاعة المكان الذي هم به ...
اتخذ كل واحد مكاناً له ... جلس عبد العزيز بإعياء فقد هدّه الألم والتعب وقلة النوم ... ومد ساقه المضمدة وقد كان يسير عليها بعرج واضح لكنه تحامل على ألمه ...
جلس زياد بجانبه أيضا غير عابئين بالمياه التي بالأصل تبلل ملابسهم تماما فقد بلغ الإعياء ذروته ... ودون أن يشعروا وقد استكانت نفوسهم قليلًا للاطمئنان غط معظمهم في نوم عميق يلفظون فيه ما عايشوه لساعات ...
استيقظ عبد العزيز من سباته ... حيث شعر بثقل شديد على كتفه لدرجة تشنجت بها عضلات كتفه ... دلك عينيه الناعسة ومن ثم نظر إلى كتفه يتبين مصدر الثقل فوجد رأس زياد يتكئ على كتفه وهو غارق في النوم ... وقد صدر عنه شخير عالٍ قليلًا مؤكدًا عدم راحة نومه ... تحامل على نفسه حتى لا يزعج صديقه لكن ألم تشنج كتفه اضطره أن يتململ قليلاً حتى يخفف ذلك الألم مما أيقظ زياد ... فاستوى في جلسته معتذرًا من صديقه وهو يدلك عينيه
(ما تأخذني عبد العزيز كسرتلك كتفك ... بس ما حسيت على حالي ...نمت متل الميت ...)
ربت عبد العزيز على ساق زياد الممتدة مجاورة له بحنان اخوي
(لا تقول هيك ...هالرحلة كسرتنا كلنا ...)
نظر عبد العزيز حوله وهو يستشعر العتمة التي تشتد متابعًا :
(شو الساعة ؟ كأنو رح تصير الدنيا الليل ... معقول بدنا نهار كامل لنوصل عاليونان ...)
أرهف زياد حواسه مدققاً بما حوله وهو يتمتم بشك
( كأنو ما عم تمشي الباخرة ... شو القصة ..)
هز عبد العزيز رأسه مؤكداً وهو يرخي سمعه جيداً لما حولهم
( معك حق ... شو معقول نكون وصلنا ونحنا مو حاسين )
اتكأت والدتها برأسها وظهرها على جدار السفينة ....لتريح ظهرها قليلاً ...
فتمددت هي بجانبها وقد ثقل جفنيها غير عابئين بما يلم بهم ...فمنذ أن وطأت اقدامهم قعر السفينة والتي أكدت لهم إضافة إلى ما مروا به سابقا أنهم أصبحوا أقل شأنًا حتى من الحيوانات ...
طافت أنفسهم وتخدرت مشاعرهم حتى باتوا لا يشعرون بأي شيء يصيب أرواحهم أو أجسادهم ...
وضعت رأسها على حجر إمها وغطت بسبات كما البقية ... لكن صوت طرق أزعجها ففتحت عينيها تتبين مصدر ذلك الصوت الذي أقلق نومها الذي بالأصل غير مريح البتة ...
وجدت صديق ذلك الشاب الغريب الذي انقذها يخبط بيده على الباب الذي يغلق العنبر المتواجدين فيه وصديقه يراقبه من الأسفل ...
فتح أحدهم ذلك الباب مقابلًا الشاب بتجهم وهو يؤنبه ..
( شو بدك ليش عم تدق .. مو قلنالكم ما بدنا صوت مشان ما حدا يعرف بوجودكن ..)
( يعني قصدك نحنا وصلنا )
سأل زياد وقد فهم ذلك من كلام هذا المتجهم الذي أطل عليه ... لكن الآخر بدد أماله كلها بتصريحه
( لأ لسا ما طلعنا أصلا ... نحنا ناطرين القسم التاني ورح نوصلكن سوا ...)
جحظت أعين الجميع وهم يطالعون فوهة الباب ...وخفوت الضوء ينذر بالغروب ...فتمتم زياد بامتعاض
( ولأيمتى رح ننطر؟؟ ...)
رد ذلك الرجل بنزق وقد نظر للبعيد حيث علت الأصوات والهمهمات في الأعلى
( خلص هي وصلت الدفعة التانية ما في داعي للنق ، ونحنا بكل الحالات ما فينا نبحر إلا بالليل لحتى ما حدا يمسكنا على حدود اليونان )
لا كلام قد يجيبه به ... فقط تراجع نحو الخلف وعاد للجلوس مكانه منتظرين بقية الوافدين ... حيث لم يمضي وقت طويل حتى بدأوا بالهبوط إليهم واحدًا تلو الآخر ... لكنهم وكما يبدوا من أشكالهم أسوأ حالًا منهم جميعاً ... فلا أحد منهم يملك أي حقيبة ...
هبطوا إليهم وجوههم شديدة الشحوب ....ويمشون بعدم اتزان ..كاد احدهم ان يقع فأمسك أحد الجالسين به ..
سألوهم عن حالهم وما الذي أصابهم حتى باتوا بهذا الشكل وكأنهم رأوا أشباحا بطريقهم ... فتولى أحدهم والذي كان وضعه أفضل من البقية بشرح ما مروا به ...
لحسن حظنا تم ارسالنا بقارب وقد ظننا أننا الأسوأ حظاً ... لكن كما يبدو أننا كنا رحلة خمس نجوم ...
هكذا فكر كل من وصل من الدفعة الأولى ...عندما علموا أنه تم جلب الدفعة الثانية عبر بلم (قارب مطاطي) حيث أجبرهم المهرب على رمي جميع ما يحملونه من حقائب وطعام حتى يتسع لهم القارب ...أغمي على بعضهم بينما تقيأ البعض الآخر في البحر إضافة لتعرضهم للغرق ... فالموج كان يتعالى وتندفع المياه إلى داخله ...
حالهم البائسة جعلت البقية الذين لم يكونوا أوفر حظاً لكنهم شعروا بمعاناتهم ... أن يعينوهم ... حيث تبرع بعض الشباب بتخفيف المياه عن الارضية ومنحهم شيء من الطعام والماء الذي يحملونه ... ومد بعض الثياب التي تمكن البعض من الاستغناء عنها
كان زياد ينهر عبد العزيز الذي يصّر على المساعدة متحاملاً على ألمه إلى أن استقر الجميع بوضع مقبول قليلاً ... أخبرهم الكابتن أن الرحلة ستمتد لعدة أيام ... وأنهم سيبقون في خطر حتى يغادروا الحدود التركية ...
لحسن الحظ كان هناك بعض المؤن على الباخرة ... لكن كان عليهم تنظيم توزيع تلك الأطعمة على الجميع دون أن يحدث أي مشاكل وأيضا بطريقة تكفيهم حتى انتهاء الرحلة ... وقد كانت الأطعمة عبارة عن جبنة المثلثات إضافةً لعلب التونة والخبز
كان التوزيع يتم للأطفال بالدرجة الأولى ثم للنساء فالكبار بالسن ثم الشباب ..
أما المياه فكان عليهم الانتظار لفترات طويلة حتى يقوم طاقم الباخرة بتشغيل مضخة تحلية المياه ليقوموا بالشرب ...
اقترب زياد من عبد العزيز واضعًا أمامه علبة من التونة وكسرة من الخبز ...آمرا إياه بتناولهم
( يلا مد ايدك واتغدى ...)
ضحك عبد العزيز باستهزاء ...
( ليش نحنا عرفانين الليل من النهار لنعرف فطور ولا غدا ولا عشا ..)
( هلا مد ايدك وخلصني .. ما رح نقضي عمرنا هون ..)
أبعد عبد العزيز الطعام من أمامه ... وأخرج من حقيبته القليل من حبات التمر وبدأ بتناولها فنهره زياد
( هلأ هدول بدن يشبعوك ... خدلك لقمة عالقليلة ... شوف ادي نحفت ... صار لنا شي ستة ايام وانت اكتر الوقت مقضيها تمر ومي بس )
أجاب عبد العزيز بأسى وهو يتهدج بصوتٍ مختنق محاولا التحامل على غصة احتلت حلقومه ... ومرارة الحنظل فيه
( لو فيني ما دوق لقمة أكل أو شرب ما بقول لأ ... بس لازم نتحمل ...انت مو شايف الدور عالحمام !!!
لكن حمام واحد بدو يكفي أكتر من 200 شخص ... طابور طويل عريض عليه ... منيح ما الناس بتعملها بتيابها لحد ما توصل .. هي اذا ما بعضهن عملها عنجد ما تيابنا كلها مي ... الغريب رغم هالبرد وتيابنا اللي ما نشفت ولسانا عايشين .. تقول عم نعاند الموت عناد ... ولا ليكون الموت عاجبو حالنا فتركنا نموت عالبطيء ..)
ربت زياد على كتفه ...
( وحد الله ..الا ما تفرج ..)
مسح عبد العزيز دمعة استغلت ضعفه وبوحه بمكنوناته لتتعلق بأجفانه ... بينما يمتص بزفرة حادة باقي دموعه ...
( ونعم بالله ..)
صوت عالي قاطع حديثهم
( وصلنا على المياه الإقليمية لليونان ... شغلة يوم ونص ومنوصل لآخر اليونان ... الحمد لله على سلامتكن ..)
احتضن زياد صديقه وقد شقت ابتسامة طرف ثغره ... وهو يتمتم في أذنه
(يلا هانت ... هي وصلنا ..)
تعالت التهاني والمباركات ، والجميع فرح بوصولهم لليونان ، وقرب انتهاء رحلتهم ...
اندست ياسمين في حضن والدتها تحيط خصرها بسعادة وهي تمرغ رأسها فيه ...
فرحلتهم الشاقة والمخيفة سيمضي أسوأ جزء فيها ... وسيتبقى القليل حتى يتمكنوا من الوصول إلى شقيقيها في ألمانيا ...
اعتصرت خولة طفلها الصغير بين ذراعيها وهي تنهال عليه بالقبل بينما تذمر ذلك الصغير واخذ بالتململ في أحضانها من هجومها العاطفي عليه ....
لم تغفل عين زياد عن حركاتها تلك فازدادت قتامة عينيه ... واندملت الفرحة التي تألقت قليلاً في مقلتيه ... وهو يتمتم لنفسه بصمت
( لو إني عملت متل هالعالم وسافرت من قبل كان هلا ابني ومرتي حدي، وعم أحضنهن وانا فرحان انو خلص وصلنا لبر الأمان ، وما عاد في صوت رصاص وقتل ... )
هز بعدها رأسه وهو يتعوذ من الشيطان الرجيم ... وقد عاد لرشده وخرج من تأمله ... فهو مؤمن بقضاء الله ويعلم أن أجل زوجته وابنه قد انتهى وبجميع الحالات لن يكونا معه ... لكن الإنسان يبقى تداعب خياله وقلبه كلمة لو ... لو أنّهم معه ...
فرحة دامت لبضع ساعات ....
أصوات عالية .. تخبط ..ارتطام .. ومياه تتدفق كسيل جارف إلى قعر السفينة حاملةً كل من فيها ليرتطم بعضهم بجدرانها ... وبدأ منسوب الماء يرتفع في داخل السفينة وهي تنخفض اكثر فأكثر ضمن الماء ...
جثث تطفو .. صراخ وطلب للنجدة .. ألواح كسيرة تنتشر على صفحة الماء ... وظلام دامس يحيط بهم


Rinad sy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-19, 05:31 PM   #10

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد والجوري... فصل حلو تسلم اناملك المبدعة المميزة عليه...

اصبحت الاوارح رخيصة عند الغير وغالية عند صاحبها والذي اختار الفرار من وطنه ليدخل جحيم يقامر بحياته اما النجاة او الموت وبل الاهل لا يعرضون ارواحهم فقط بل ارواح اطفالهم انا لا الوم احد لكن لماذا خيار الانتحار هذا لماذا بما انهم قامروا بحياتهم في هذه الرحلة اما الحياة واما الموت لماذا لم يبقوا ويقامروا بحياتهم في بلدهم ففي النهاية في وطنهم العزة والكرامة وليس الامتهان الذي يمرون به ولازال طريق الامتهان طويل، ولحقيقة البشر تناسوا ان الأعمار بيد الله، ويومهم المكتوب في صفائحهم لا مفر لهم منهم ...

انا اعتقدت ان الرحلة هي رحلة العودة لكن لا هي رحلة الهروب من وطنهم والتي لازالت امامهم طويلة فهل ستخسر ياسمين والدها ووالدتها اثناءها وخولة هل ستفقد ابنها لان هذا ما فهمته لان لم يتم الاشارة لهم و الغرفة فيها خولة وياسمين ومن الواضح ايضاً ان النصيب لم يحدث بين عبدالعزيز وياسمين فهل عبدالعزيز ايضاً لن يصدم خصوصاً مع اصابته وما حدث عندما بدأت تغرق السفينة، وزياد فكرت ان خولة وابنها من سيجد السلوى معهم بعد ان يتزوج من خولة اعتقد ذهبت بافكاري بعيداً، هل فهمت وجود ياسمين وخولة في سفينة اخرى هي رحلة في المستقبل...

بانتظار الفصل القادم لمعرفة ماحل بالسفينة ومن تم انقاذه ومن قضى نحبه...

موفقة بإذن الله تعالى... في حفظ الله ورعايته...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.