آخر 10 مشاركات
روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          [تحميل] بسمة مدفونة في خيالي ، لـ ضاقت انفاسي (الكاتـب : Topaz. - )           »          منحوسة (125) للكاتبة: Day Leclaire (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          معلومة بتحكيها الصورة (الكاتـب : اسفة - )           »          من هو الإسرائيلي رون آراد الذي حذر أبو عبيدة من تكرار مصيره؟ (الكاتـب : اسفة - )           »          324 - زواج مع وقف التنفيذ - جانيت هوج - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : TOMLEDER - )           »          أجمل الأفلام القصيرة..«خاسب الدبابه يا غبى منك ليه».. (الكاتـب : اسفة - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree10Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-02-19, 11:35 PM   #21

little finger

? العضوٌ??? » 440721
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » little finger is on a distinguished road
افتراضي


🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

little finger غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-19, 09:27 PM   #22

زهره راضى

? العضوٌ??? » 307796
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 665
?  نُقآطِيْ » زهره راضى is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

زهره راضى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-19, 12:01 AM   #23

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس
توقفت مادلين أمام باب المطبخ وقد أذهلها التبدل الحاصل في الفناء الداخلي في خلال ثلاثة أيام. فقد أطل الربيع فجاة علي القرية، كتلك الممثلة التي دخلت إلى المسرح على حين غرة وقد تذكرت موقعها على الخشبة.
عادت شجيرات الليلك الخفيفة لترتدي حللها بعد عري كاد أن يكون كاملا وقد اصطفت في طول الفناء كالسابلة المحتشدة على جانبي الطريق في انتظار استعراض ما. أما الحور القطني، المرتفع كالأبراج خلفها فقد راح يناطح السماء الصافية الأديم بأوراقه الخضراء، في حين راحت أشجار التفاح تنشر من براعمها الأريج العطر وتطلقه في الفضاء. وحتى الورود في مقبرتها، بدت أقل تصلبا وأكثر تلونأ، وكان أغنية الحياة قد عادت لترتعش فيها بألوان باهتة، ما تكاد العين تدركها.
استغرقت مادلين في تفكيرها، وهي تتامل مفتونة مشهد مئات الزهور وقد عادت الحياة تخفق فيها بفضل يديها اللتين قامتا على تشذيبها وقلب التربة تحتها. فكم صرفت من السنين وهي ترعى زهورا بيتية في شقتها الصغيرة وهي تحلم بحديقة، كتلك المنبسطة أمامها؟ ولم تستطع إلا أن تجثو على ركبتيها وتهيل التراب الندي على يديها العاريتين.
" هل تأتين؟» توقف الياس على بعد بضع خطوات منها
في الممر أمامها ورمقها بنظرة جانبية. فرفعت عينيها عن تلك الحديقة الحافلة بالجمال ونظرت إليه وقد اصطبغت قسمات وجهها بمسحة زائلة من هذا الجمال المتمثل أمامها.
ومضت الشمس على شعره ومضات ضاربة إلى الزرقة وخرقت قميصه الأبيض لتظهر ما خفي من جسمه، ومن دون سابقة انذار أحست وكأنها تمتلك الرجل والحديقة معا .
تعثرت أفكارها وهي تحاول أن تكون أكثر واقعية. وبقيت عيناها محدقتين به على وسعهما، وافترت شفتاها قليلا وكأنها قد بدأت تحس نفسها في خضم تلك الرؤية التي انتابتها عندما شاهدت روزوود. ذلك الوعد الغامض بشيء رائع الذي يجافي المنطق ويلزمها برجل ومكان، سوف تضطر أن تغادرهما في ما بعد.
قال بهدوء فيما افترت شفتاه قليلا: «أنت جميلة بوقفتك هذه.» ثم خيمت الظلال على قسمات وجهه فأصبحت قاتمة دكناء. استدار ببطء... باشمئزاز، فكرت مادلين... وبدأ يتابع سيره.
سارت وراءه، في الممر، مارة بخميلات الزهور، وعبرا الحقل وصولا إلى مبنى الاستديو، كانت تحس طول الطريق بنشوة عارمة. لم تدرك بسهولة أنهما وصلا إلى منتهاهما، لأنها كانت مأخوذة بالطريقة التي كانت فيها عضلات كتفه تتحرك تحت قميصه، فيما كانت خصلات شعره السوداء ترتفع لتحيي النسيم في خطراته. وأحست بدفء الشمس تحت قميصها بينما راح الهواء يهدهدها بغلاف معطر من
الحياة الجديدة. بدا العالم كأنه يبتسم ليومها الأول من حياتها الجديدة، وإذا كان بالإمكان التخمين من أشياء سهلة كالمناخ والمحيط فإن المستقبل لا يحمل في طياته سوى الأمنيات والآمال.
لدى دخولهما الاستديو بدأ كل شيء بالتحول.
لم يكد الباب يغلق خلفهما قليلا حتى شعرت مادلين باختلاف حاد، وكأن البناء كله قد أثر تأثيرا قويا على الياس كما يؤثر الربيع الطلق على الطبيعة. نظرت في وجهه، لقد تبدلت ملامحه وأيقنت من دون أن تفهم كيف ايقنت، أن ذاك الرجل الذي التقاها في الحديقة الذي وصفها بالجميلة قد تحول لدى اجتيازه عتبة باب الاستديو إلى رجل آخر لا يشبهه في قساوته وانكبابه الدائم على عمله.
نظر إليها فجاة وبفظاظة ظاهرة وقد امتزجت خضرة عينيه بنور قاتم جعلها ترتعش. نظر إلى البيانو عبر المسافة التي كانت تفصله عنه فيما شعرت مادلين وكأنها مخدرة عندما تمتم: «إني أكاد أن أسمع الموسيقى.» فيما لا تزال حدقتاه مسمرتين إلى البيانو، وفجأة نفض رأسه إلى الوراء وراح يحملق فيها.
عبست لنظراته الغريبة تلك، وشحب وجهها عندما أدركت عدائيته وفكرت، يا إلهي، ماذا فعلت لأستحق كل ذلك؟
قال بخشونة: «تابعي، إنك تضيعين الوقت.»
رفت عيناها بارتباك، وكأن العالم كله قد زال من أمامها.
صرخ، فيما كانت لا تزال واقفة في مكانها: «ألم تسمعي؟ لا تقفي هكذا مشدوهة. لدينا عمل نقوم به. إجلسي
إلى البيانو وابدئي بالتمارين.» استدار على عقبيه ومشي متشامخا عبر الغرفة باتجاه مسكنه
تتبعته بنظراتها، وهي مندهشة من تصرفه هذا إلى حد أنها تساءلت ما إذا كان حقيقة قد تكلم معها بهذه اللهجة الفظة أم أنها تتخيل ذلك. وراحت تفرك يديها على طول ذراعيها وقد أحست بقشعريرة باردة. ثم تحولت نحو البيانو.
تعرفت أناملها للحال على المفاتيح وراحت تمزق الهدوء القائم بنوتاتها المهدئة، المالوفة والمتصاعدة من جوف الآلة بتالف وتناغم كليين. أخذت تعزف وتعزف وبايقاع أسرع وأسرع إلى أن خبا صدى صوته في ضميرها.
أغمضت عينيها وأطبقت شفتيها وراحت تعزف بانخطاف كلي. حتي مرخت عضلاتها طلبا للراحة حررت أناملها وأخذت تقوم بحركات سريعة صعودا وهبوطا حتى بدأ الدم يتدفق في يديها،
"حسنا. هذا يكفي.»
جمدت يداها فوق لوحة المفاتيح واحست بحضوره وهو واقف وراء كتفها اليمني واستغربت دخوله عليها من دون أن تنتبه لذلك.
اعزفي هذا.» قال وهو يناولها نوتة جديدة.
أجفلت لدى سماعها لنبرته الآمرة تلك واغبرت عيناها الرماديتان وصارتا أشبه بغيمتين تتلبد بهما السماء وبدت يداها ساكنتين فوق لوحة المفاتيح
" تنفسي."
وثبت في حركة مفاجئة لا إرادية عندمت شعرت بيديه تدلكان جانبي عنقها:
"قلت لك، تنفسي.»
في لحظة مجنونة قررت أن لا تفعل ذلك في تحي ظاهر لإرادته. إلا انها سرعان ما تنهدت وقد بدت حانقة لأن جسمها قد خان إرادتها بسرعة. امتلأت رئتاها فيما راحت أنامله تغرق في عضلاتها المتصلبة وهو يدلكها.
حاولت أن تزيح يديه عنها قائلة: «لا تفعل ذلك.» إلا أنهما لا تلبثان أن تعيدا الكرة.
قال لها بصوت أجش، ونبرة مغناطيسية شبيهة بيديه: اسكتي لا تتحركي. اهدئي.» تلاشت العدائية من نبرة صوته. ولربما كانت مجرد أضغاث من حلم مزعج.
شعرت بالضغط يزول عنها، وبأن كتفيها قد بدأتا ترتخيان وراحت يديها تنحدران رويدا رويدا إلى لوحة المفاتيح ضاغطة عليها من دون أن تحدث أي صوت .
قال لها وقد أرخى يديه حول عنقها. «هذا أفضل. اعزفي الآن.»
بدأت بالعزف وهي تنظر إلى الورقة الماثلة أمامها على البيانو.
عندما وصلت إلى نهاية الورقة بانت وراءها أخرى ثم أخرى فأخرى. أما هي فكانت تعزف وحاجباهامعقودان وعليهما طيف من الخيال الحزين وانشقت شفتاها بتنهيدة صامتة. ثم صارت في الموسيقى، وتحولت تلك النغمات الحزينة والمثيرة للمشاعر إلى أغنية يترنح بها قلبها.
شعرت بلمسة لطيفة على ذقنها تدير رأسها إلى اليمين.
ولم تلبث أن تعرفت إلى تلك اليد على أنها يده. فقد قام الياس إبان عزفها وجلس قربها على المقعد فيما راحت أنامله تحوط ذقنها وهو يحدق إليها وعيناه تتكلمان بصمت.
"هل هذه أغنية الفيلم؟»
أومأ برأسه قائلا: «إنه عنوان الأغنية. لقد بدأت بكتابته في الليلة التي تعرفنا فيها على بعضنا بعضأ.»
أطبقت شفتاها وهي تعبة، كي تطرد ذاك الشعور الذي كان يجتاحها، حاملا معه الدفء وكأنه يعانقها. فقد كان من الأشياء الحميمة أن تعزف موسيقاه وأن تحس بها وتعبر معها إلى حدود اليأس الذي كان سببا في تلك النوتات المحبرة على القرطاس. كأنها تستطيع أن تلج إلى عقله فتقول للعالم اجمع ما رأته هناك. فالاتحاد مع شيء كهذا كان غامرا... ومرعبا .
تملك الياس الشعور نفسه، أيضأ... مزيج من الفرح والرعب معا. وقد راحت تتبينه في عينيه، وتشعر به في ارتعاشة أنامله الدافئة وهي تنزلق من ذقنها إلى عنقها وإلى النبض الخافق في تجاويف حنجرتها.
لم تكن قد أدركت بعد أن أنامله كانت تنزلق حتي تلمس النتوء في صدرها، وسمعت صوتا يصرخ محذرا... تراجعي، يا مايلين، تراجعي الآن، طالما هناك وقت... غير أنها كانت ضائعة في خضرة عينيه التي وعدت بالربيع والولادة والأمل، وراح صدرها يخفق تحت يده كما تخفق الأرض حين تشيع عروسة النهار الدفء في أرجائها.
بدا كل شيء طبيعيا ولا محيد عنه. فقد انتمت إلى الياس
شيبرد منذ اليوم الأول الذي عزفت فيه موسيقاه، وهو أيضا، بدوره، صار جزءأ منها وانصهر في بوتقتها .
بحركة لا شعوريا رفعت يدها قليلا لتغطي يده ولتضغط عليها أكثر وخالت للحظة أنه يبتسم لها من خلف عينيه الهادئتين وثغره المطبق، ولكن فجأة، تحول داكنة في سيمائه وبدا كأنه يتوعد بشر مستطير. وانتشل يده بسرعة عنها وابتعد عن البيانو وراح يحملق بها.
قبل أن تستوعب ما كان يجري أمامها تحول إلى أوراق الموسيقى الأولى ثم رفعها بين أنامله وقال: «اعزفيها مرة ثانية.»
نظرت عابسة إلى أوراق الموسيقى أمامها وقد راحت تغيب عن مرمي نظرها.
"اعزفي.» قال بلهجة آمرة فيما ارتعش حاجباها قليلا وكانها أدركت الكلمة ولم تفقه بعد الجواب المناسب.
"هيا، اعزفي.» صرخ بصوت عال، تحركت يداها بخجل على لوحة المفاتيح وهي تتذكر المطلوب حتى لو لم يقم عقلها بذلك. وصدحت النغمة الأولى بنشاز ظاهر.
صرخ في وجهها: «إجعليها باء مسطحة!» عضت على لسانها وقد أدهشها صراخه وقالت: «هذه باء مسطحة بحق السماء!»
كان يصرخ في وجهها، السافل. وفور استعادتها لصفائها ولصوتها ستقول له إنها لن تقبل منه هذا التصرف.
قال بغضب: «هيا، هيا لقد عزفت اللحن على أحسن وجه في المرة الأولى: ماذا جرى لك؟ وكأنك تلميذة في السنة الأولى. ركزي !»
راحت تركز أكثر. إذ كان التركيز على الموسيقى أفضل من التركيز على عدائيته التي لا سبب وراءها، وأفضل من تذكر ماحصل بينهما أو كاد أن يحصل، أم أن كل ذلك كان من نسج خيالها. أخذت يداها تضغطان أكثر على المفاتيح وبسرعة أكثر، وهي تشظي الهواء بنغماتها الخشنة الناشزة. غير أنها وبغرابة ظاهرة لم تبال لذلك. في الحقيقة، كان يرضيها أن تعزف بنشاز ظاهر، حتي تقوده إلى...
ضربت أخيرا بعنف على لوحة المفاتيح ووثبت فجاة على قدميها وتحولت لتواجهه وقد احمر وجهها ولمعت عيناها، للمرة الأولى في حياتها أحست مادلين بحوافز حقيقية للتحدي، فأرادت أن تصرخ في وجهه وأن تقرع صدره بقبضتها وتصرخ قائلة إنها لم تفقه شيئا وإنها لم تعد تعي وعيده ووعوده التي تثير رغباتها من غير اعتزام الاشباعها، كما الحياة التي قدمت لها بيتا وعائلة ثم اختطفتهما منها لاحقا...
لحسن الحظ أنها لم تكن تجيد لعبة التحدي. فهي لم تلقن قط في أن لها الحق في أن تصرخ وتضرب بقبضتيها وتنتفض ثائرة لدى معاملة الآخرين لها باجحاف؛ هكذاء فهي عندما تكلمت بدا صوتها خفيفا غائمأ وقالت ببساطة:
لا أعتقد أن باستطاعتنا العمل سوية. من الأفضل أن تفتش عن شخص غيري.»
راحت تنظر في عينيه الزمرديتين اللتين اتسعت حدقتاهما ثم أشاحت عنه وغادرت الأستديو، ولم تكد تصل إلى غرفتها حتى ترنحت أمام الباب وهي تمنع ركبتيها من الارتخاء .
يا إلهي، لقد كانت غلطة رهيبة؛ في القدوم إلى هنا، وفي الأمل بأن انتماءها إلى موسيقى إنسان ما، قد يجعلها تنصهر فيه أيضا.
راحت تفكر وهي تبتعد عن الباب بأنها قد تكون أقوى مما تتصور، فهي قادرة على الأقل على مغادرة المكان بمفردها، وقبل أن يطلب أحد منها ذلك. وفيما راحت تعود أدراجها إلى البيت، أخذ عقلها يتشبث بتلك القطعة الصغيرة من الكبرياء وهي تتدلى وراءها كبقية غيمة هزيلة غائرة في السماء .




التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-03-19 الساعة 03:24 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 03-03-19, 12:29 AM   #24

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس
بحثت مادلين داخل خزانات المطبخ عما تحضر به إبريقا آخر من القهوة، ثم جلست إلى طاولة وراحت تحملق إلى حديقة الورد، وهي تشعر بزوال خفقة الحياة فيها كتلك العيدان اليابسة السوداء التي كانت تشرئب باعناقها من الأرض. .
تصلبت وهي جالسة على الكرسي، حين رأته قادما باتجاه المنزل، وقد نكس رأسه وكأنه مستغرق في أفكاره.
كرهت ضعفها في مواجهة رجولته وكيف كان سرواله منسكبا في قالب على رجليه فيما هو يمشي، ومنكباه العريضان و أشعة الشمس تلمع على الخصلات الفاتحة من شعره الأسود.
دخل من الباب بهدوء، ونظر إليها ثم انزلق على كرسي في مواجهتها وناداها: "مادي.» فقطبت جبينها وهي مرتابة من نبرته الناعمة ومن مناداتها بكنيتها هذه التي أطلقها عليها، فلم ينادها أحد بهذه الكنية قبلا. وتابع قائلا: «لا ألومك على ما فعلته، غير أنني لا أريد استخدام عازف آخر. فلا أستطيع استخدام عازف آخر ليس مثلك ."
شعرت بخفقة قلبها اللاشعورية و الغادرة في صدرها وكان حمامة صغيرة كانت محبوسة هناك.
قال لها: «إني آسف لما حصل هناك. فلا أملك حجة
واحدة للطريقة التي عاملتك بها والله يعلم أنك تستحقين أكثر من ذلك...» توقف فجأة وهو يفرك يده على فمه .
"هل أنت تعتذر للطريقة التي لمستني فيها، أم للطريقة التي صرخت فيها بعد ذلك؟» كانت الكلمات تنساب من فمها قبل أن تفقه أنها ستتفوه بها وقد وثب قلبها إلى حنجرتها, فبدت كلماتها وقحة وجريئة.
جمد في مكانه لدى سؤالها، وعيناه شاخصتان اليها وقال بهدوء: "للإثنين معا. ليس معي حق في أن أتصرف في أي من الطريقتين.»
آه، ولكنك فعلت، كانت تفكر. فقد أبحت لك أن تلمسني من خلال قلبي على الأقل...
بقي ساكنأ لا يبدي ولا يعيد، وهو ما يزال يحملق اليها. قال وهو يبتسم بمرارة: لقد تورطت مع عازفتي مرة قبل ذلك يا مادلين ثم تزوجتها، في الحقيقة.»
تساءلت لماذا لم يقل لها دافيد بأن زوجة الياس السابقة كانت هي أيضا عازفته؟
تابع الياس حديثه في نبرة رتيبة مملة:" لقد أحب كلانا الموسيقى، وقد كنت أحمق بما فيه الكفاية وأنا أظن أن هذا يعني أننا كنا نحب بعضنا بعضا. إن جعل هذين الأمرين يختلطان قد نتج عنه كارثة بالفعل، ولست مستعدا لأن أرتكب الخطا عينه مرة جديدة .»
رات مادلين إنعكاسا لذات الألم الذي كانت تراه من خلال مرآتها لسنوات، لذات الدفاع الهش الذي نصبته ضد أي إغراء بالسماح لأحد بالدخول. لا غرو في أن يصبح الياس
باردا لدى دخولها الاستديو للعمل. ويعيش تجربة الألم هذا من جديد.
فجأة، راح ينظر بعيدا عنها وكأنه لم يعد يتحمل رؤية وجهها لمدة طويلة باستمرار.
شرعت تذكره بنعومة: «أنا لست بزوجتك السابقة.» نظر في عينيها، وارتخت أساريره لما رآه فيهما وقال: "لا، لست كذلك.» وبعد برهة راح ثغره يرتعش بشبه ابتسامة وقال: «أنت ساحرة با مادلين، وأنت لا تدرين، أليس كذلك؟»
تذكرت ما قاله لها دافيد في اليوم الذي التقته فيه. فقد قال العبارة ذاتها، أم أن الياس قد ناداها بها أولا ؟ وأحست بوخزة خلف عينيها ورفت أهدابها بصعوبة.
تابع الياس بنعومة: لم أطلق زوجتي فقط، بل أظن أني طلقت العالم كله. وبقيت معزولا لوقت طويل وأظن أني نسيت حينها كيف أهتم وكيف أشعر... ثم سمعتك تعزفين موسيقاي في ذلك اليوم، وسمعتك وأنت تعزفين قلبك عاليا على البيانو، و... كنت كأني سمعت أحاسيسي، وتذكرت أيضا بأنها موجودة. »
كانت ابتسامته ناعمة حتى ليكاد القلب ينفطر لها. ومد يديه عبر الطاولة وأمسك بيديها وقال: «كانني مستيقظ من نوم أو سبات طويل. لقد أعدتني إلى الحياة مجددا، يا مادي. بكل بساطة.»
جلست مادلين ساكنة لا تبدي حراكأ، وهي ما تكاد تتنفس وقد راحت أناملها ترتعش على راحتيه.
"شيء ما يحدث عندما تعزفين الحاني، يا مادي. فهناك
رابط روحي قوي يجعل من الموسيقى تحيا من جديد أيضأ. إنه لشيء نادر، وثمين...» وتقوس حاجباه مثل جناحين أسودين يظللان عينيه وقال:" لن أسمح لهذا الأمر أن يهدم ."
رقت عيناها بارتباك، فألقت أهدابها القاتمة بظلال فوق وجهها الشاحب.
«لا تدوم العلاقات إلى الأبد، يا مادلين.»
أومأت برأسها ببطء. فلا أحد يعلم هذا الأمر، أحسن منها.
"إلا أن موسيقانا ستدوم إلى الأبد. فتلك الموسيقى التي نحن بصدد خلقها، قد تدوم إلى الأبد إذا لم ندمرها باستسلامنا لأشياء قد لا تدوم مثلها .»
شعرت مادلين بأن الزمن يتوقف للحظة، وفي تلك الاستراحة السريعة أنتقل شيء ما قاتم ليحتل المسافة القائمة بينهما، وأحست بأن أساريرها تتجهم، تتجمد في أي تعبير يصدف أن تغلف به وجهها
"مادي.» شد على أناملها بانامله وهو يناديها ثم اتكا إلى الطاولة باتجاهها، وهو يسيطر على انتباهها وقال: اعطيني فرصة أخرى.» كانت كلماته تنساب بنعومة حتى أنها ما كادت تسمعها.
نظرت إلى حيث كانت يداها مغلولتين كطائرين بلا حياة ثم نظرت إليه مجددأ وقد ارتسمت حول فمها ابتسامة واهنة وحزينة وقالت بنبرة تعوزها الفخامة من أجل الموسيقي.»
" نعم، الموسيقى. فلا شيء أهم منها،»
كانت الساعة الصغيرة فوق المجلي تملا السكون القائم
في المطبخ بدقاتها فيما أغمضت مادلين عينيها وأخذت نفسا عميقا وقالت بلطف: «الموسيقى مهمة لي أيضا.» وهز برأسه أملا فيما انفصلت شعرة سوداء من رأسه عن رفيقاتها لتتدلي فوق جبينه .
"هل هذا يعني انك باقية؟»
نظرت مادلين إلى يديها، وهي تتنهد باستسلام وتتساءل ما إذا كانت تستطيع فعل ذلك... إذا كانت فعلا تستطيع قضاء أيامها وهي تراقبه، تستمع إلى موسيقاه تشعر بوجوده، تقترب من عقله لتلامسه عبر مفاتيح البيانو لك، إنها لا تهتم أكثر من اهتمامه هو. ألن يكون أسهل أن تغادر الآن؟ بالطبع، أجل. وسوف يكون ذلك مكانا آخر و يضاف إلى سلسلة أخرى من الأمكنة التي تركت فيها وراءها، فلذة من قلبها، وقالت بهدوء: "يجب أن تكون الأشياء مختلفة، لن تصرخ في وجهي. أريدك أن تعاملني. مثل صديق ..."
ارتخت كتفاه فيما أخرج تنهيدة طويلة. ونظر إليها لبرهة. ثم ببطء، وبحركة احتفالية مد يده عبر الطاولة وقال: "حسنا يا مادلين. أعدك بذلك."
ترددت مادلين، ومع أنها علمت أنها كانت تعرض نفسها لمزيد من العذاب، صافحت يده الممدودة، وهي تمهر بذلك الاتفاق الجديد الذي قام بينهما.
وقف ببطء، وقد بدا حزينا على الرغم من أنه حصل على مبتغاه، وقال: لماذا لا تأخذين بقية النهار لتوضبي مكان اقامتك فيما أقوم ببعض العمل في الاستديو؟ يوجد بيانو في الردهة الأمامية إذا كنت ترغبين في العزف عليه.»
وأمسك بمقبض الباب ثم استدار ونظر إليها قائلا: "لن تأسفي لذلك، يا مادلين، أعدك بهذا.»
راقبته بصمت وهو يغادر، ثم تحولت إلى النافذة لتتبعه بنظراتها فيما هو يعبر حديقة الورد ويختفي وراء الصنوبرات البيض، وهمست: «بلي، سوف أفعل.»
لم تدر كم مضى عليها وهي جالسة هناك، تحملق إلى خارج النافذة، حين سمعت صوت سيارة على الطريق الأمامية مما جعلها تقف على رجليها.
مشت عبر البيت إلى الباب الأمامي ففتحته ونظرت إلى قاطرة قديمة وقد تشقق زجاجها الأمامي على الجهة اليمني.
خرجت من خلف مقود السيارة، امرأة نحيلة، صغيرة الحجم، وكأنها قد سكبت داخل بنطال. وكان شعرها الكستنائي ينسكب فوق كتفيها في تموجات لماعة كثيفة
وحين رأت مادلين عينيها الداكنتين، أضاءت وجهها المستدير ابتسامة.
"مرحبا!» لوحت بذراعها السمراء ثم انحنت لتسحب أكياس البقالة من داخل السيارة.
تقدمت مادلين نحوها للمساعدة وقد ظنت بانها المرأة التي أخبرها الياس عنها وقد أدهشها جمالها الأخاذ غير الطبيعي وقالت: "مرحبا، أنا مادلين شمبرز»
ناولتها المرأة كيسا من البقالة بابتسامة شاكرة وقالت: "لا يمكن أن تكوني أحدا آخر، لا كما وصفك الياس لي. ألم يخبرك عني؟»
" بلي، أنت بيكي، أليس كذلك؟»
بالضبط، فانا ربة المنزل، والمتسوقة للبيت والطاهية... وكل ما تحتاجان إليه.» هزت كتفها بمرح وقالت: «بالمناسبة، أين إيلي؟»
ردت مادلين مبتسمة وقد أعجبتها هذه الكنية: «إنه في الاستديو .»
أمسكت بيكي بالكيس الأخير وأغلقت باب السيارة ومشت متقدمة مادلين نحو البيت وقالت: " لن نفعل شيئا لإزعاجه إذا، يا إلهي انظري إلى هذا المكان" وتوقفت في داخل الباب وهزت برأسها وهي تقول: «يبدو أسوأ في وضح النهار، حتى لنكاد نشتم رائحة الغبار»
" في وضح النهار؟» راحت مادلين تمشي وراءها في الرواق مرورا بالسلالم حتى المطبخ .
ومضت بيكي بابتسامة مالوفة من وراء كتفها. لقد نظفت غرفتك بعد حلول الظلام مما بعثر حبيبات الغبار العالقة هنا وهناك،»
" لم يكن يجب أن تفعلي هذا...»
" بلي، فعلت. لقد اتصل الياس وأتيت مسرعة. هكذا تجري الأمور. ضعي الكيس على الرف إذا سمحت. ألم يسنح لك الوقت لكي ترتبي أمورك هنا؟»
أجابت مادلين وهي لاهية عنها: كلا، فأنا لم أفرغ حقائبي بعد.» و عضت على شفتيها بحيرة ودهشة وهي تتذكر الملابس المنتشرة في غرفتها. " في الحقيقة لقد بدأت بتفريغ حقائبي، نوعا ما.»
" نوعا ما؟ "
هزت بكتفها وهي مرتبكة قليلا. " لقد رميت بكل شيء
أحضرته معي في كل مكان من الغرفة. فقد كنت في سورة غضب .»
نظرت مادلين إليها فيما كانت تقوم بتفريغ محتويات الأكياس وهي تتعجب كيف أن امرأة بهذا الجمال لا تعمل عارضة أزياء بدلا من مدبرة منزل. وسألتها: «هل هناك الكثير من المنازل التي تهتمين بها؟ »
ضحكت بيكي فيما هي تخرج مشطأ من جيبها وتعقص شعرها بدبوس إلى قمة رأسها: «هذه فعلة الياس، لا شك. هو يفعل ذلك. يخرج الناس عن طورها حتى ليرموا بأشيائهم في كل مكان هنا وهناك.» ونظرت إلى مادلين في محاولة الحصول على موافقتها وقد وجدتها، ثم هزت برأسها هزات صغيرة.
ضحكت بيكي وهي تمد يديها في كيس آخر: «لا أفعل ذلك لأكسب عيشي، بل فقط من أجل الياس. أنا معلمة مدرسة وهذه عطلتي الصيفية،»
تراجعت مادلين في أفكارها خطوة إلى الوراء، لكن بيكي استمرت بالثرثرة: «أنا سعيدة لأنه سوف يبقى هنا لبعض الوقت هذه المرة. فهو عادة يبقى لأيام قليلة ثم يغادر إلى مكان آخر... أي مكان آخر.» توقفت لبرهة ونظرت إلى مادلين ثم تابعت: لقد حاولت لسنوات أن أكلمه بشأن السكن هنا بشكل دائم. ربما بمساعدتك أستطيع إقناعه.»
شحبت مادلين وتراجعت هذه المرة خطوة فعلية إلى الوراء، وبدأ كل شيء يظهر واضحا أمامها. بيكي لا تنظف المنازل من أجل كسب العيش، هي تقوم بذلك من
أجل الياس فقط، بيكي تنظف غرفة النوم بعد حلول الظلام... ماذا قالت هي؟ «الياس يتصل، وأنا أحضر بسرعة؟»... وهي الآن تتوسل مساعدة مادلين لإقناعه بالبقاء معها بشكل دائم...
«هل من خطب؟» كانت بيكي مقطبة الجبين ردا على تعابير وجه مادلين.
«لا. لا شيء على الإطلاق.» أجبرت نفسها على الإبتسام وأضافت: «سوف ابتعد عن طريقك الآن .»
كانت الكلمات تعني أكثر من عزمها على مغادرة المطبخ ولكن بيكي لم تدرك ذلك باي شكل من الأشكال.
سوف أعد الغداء في وقت قصير، ثم تقدمت من الثلاجة وفتحت بابها، وابتعدت بسرعة وهي تجعد أنفها باشمئزاز
"أف، يوجد شيء ميت هناك.» نظرت إلى أعلى ووجهها مشرق ثم قالت: "من الآن فصاعدا سوف أكون هنا بشكل يومي، بالمناسبة، إذا احتجت لشيء ما دعيني أعلم بذلك.»
ابتسمت مادلين ببرود وهزت رأسها، ثم اعتذرت وغادرت المطبخ، وهي تتوق إلى إيجاد بيانو والعزف عليه.
لم يرها الياس الصالون في جولتها الأولى في البيت، بل اختار أن يفتح الأبواب الخشبية لجهة غرفة الجلوس عندما مرا بها. شقت الأبواب الآن بجهد كبير، ثم نظرت إلى ما بدت أنها أكبر غرفة في الطابق الأرضي.
كانت قطع قليلة من الأثاث المريح منتشرة في تلك الغرفة وموقد نار من القرميد، وحائط مغطى بعشرات الصور المؤطرة التي قررت مادلين أن تتفحصها في وقت لاحق .
أما الآن، فقد كانت تتوق إلى رفع الغطاء الملقي فوق البيانو الصغير قرب النافذة.
أدهشها أن تجد أن البيانو الأسود القديم بحاجة إلى تلميع، وقد ظهرت عليه بعض الشقوق التي أبرزت الخشب العاري، وكانت المفاتيح العاجية صفراء. لم يكن من نوع الآلة الموسيقية التي يتوقع أن يحتفظ بها الياس شيبرد في بيته.
ولكن ذكرت نفسها، أن هذا المنزل ليس بيته؛ لقد رفض حتى النوم هنا، بالإضافة إلى ذلك، فإن نظرة سريعة إلى الآلة تثبت أنها تلقى عناية حسنة على الأقل من الداخل. ويصدر عنها صوت رنان رائع.
جلست من دون أن تفكر ثانية وتركت البداية الحزينة المقطوعة بيتهوفن سوناتا ضوء القمر تمحو العالم من وجدانها. وفي اللحظات الأول دفعت بكل أفكارها إلى زوايا عقلها، ثم تاهت في الموسيقى.
البيانو كان دائما مهربها الوحيد، ملجأها من حقيقة قاسية لا تستطيع مواجهتها، حريتها من مشاعر حادة لا تستطيع كتمها في داخلها.
في كل مرة كانت يداها تلامسان لوحة المفاتيح كان البيانو يحاكيها وهو يحتفل بانتصاراتها وأفراحها، ويندب أتراحها، ويرثي بأسها. فقد كانت خجولة في طفولتها، وكان التعبير عن مشاعرها من خلال البيانو أهون من مقاسمتها مع أناس لم تعرفهم لمدة طويلة.
توقفت عن العزف، وتركت النغمات الحزينة متعلقة في الهواء كصدي لحالتها. بيكي واقفة في الرواق، ساكنة، لا
تبدي ولا تعيد فيما كانت تتدلى من يدها ممسحة من الريش. وقالت بهدوء: «لقد نسيت مامعني الموسيقى في هذا البيت. فقد مضى على ذلك وقت طويل.»
مزق الصمت القائم صوت أشبه بدوي الرعد وهو يصرخ: "ربيكا !"
استدارت بيكي بسرعة وهي تقول: «ههنا!» وقد أشرق وجهها اشراقة مضيئة .
في ثوان قليلة كان الياس واقفة في الرواق وهو يرفع بيكي بين ذراعيه بابتسامة لم ترها مادلين على وجهه قبلا. وأمسك بوجهها بين يديه وراح يقبلها على وجنتيها ثم وقفا وهما يبتسمان لبعضهما بعضأ وهو غافل عن مادلين وكأنها صارت قطعة من أثاث. 0
بلعت ريقها بصعوبة وقد ظنت أن ما قاله في تجنبه التورط العاطفي ينطبق فقط على العازفات وليس على القائمات على خدمة البيت أو أساتذة الموسيقى .
أدار الياس رأسه فجأة ووقع نظرة عليها فصاح: «لم أدرك أنك هنا. أعتقد أنكما قد تعرفتما على بعضكما بعضا, لماذا لا نجلس وناخذ القهوة؟»
حاولت مادلين أن تبتسم غير أنها أخفقت في ذلك ولم تلبث أن قالت:" في الحقيقة كنت على أهبة أن أصعد إلى فوق. إلا أني أردت أن أجرب البيانو أولا.»
حاول الياس أن يتقدم نحوها قائلا: «جربيه إذا.» إلا انها انتصبت واقفة قبل أن يهم باتخاذ خطوته التالية.
لقد فعلت ذلك. إنه لعظيم، إلا أنني تعبة الآن. أراكما فيما بعد .
مشت بهدوء ولم يكد أسفل السلم يخفيها عنهما حتي أسرعت في خطاها. راح الياس يناديها فيما كانت قد أوصدت الباب خلفها ولم ترد على ندائه. وارتخت مفاصلها وهي متكئة إلى الباب وأمسكت عن التنفس علها تسمع صوته مجددأ وهو يناديها، إلا أنه لم يفعل.
كانت المنضدة تواجهها عبر الغرفة ولم يكن أمام مادلين من مفر، إذ عليها أن تركز على صورتها المنعكسة في المرآة. الصورة التي رأتها بدت لا شكل لها تحت ذلك القميص المجعد. صغيرة، ومثيرة للشفقة بشكل غريب.
تنهدت بعمق وهي تبتعد عن الباب، عبرت الغرفة واقتربت من المرأة حتى لكاد نفسها أن يجعل زجاجها ضبابيا.
وهمست بحزن: «أنت غير مرئية. فهو يستطيع سماعك تعزفين، إلا أنه لا يستطيع رؤيتك، لأنك غير مرئية.»




التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-03-19 الساعة 03:24 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 06-03-19, 12:40 AM   #25

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع
كانت شمس الأصيل تغسل الغرفة بأشعتها الوردية عندما استيقظت مادلين، فجلست على سريرها وتفحصت ساعتها.
لقد نامت أربع ساعات ولم يحرك أحد ساكنا لإيقاظها. ولماذا يفعلان ذلك؟ فكرت باسي فيما راح ذهنها يستعيد صورة الياس وبيكي وهما يتعانقان .
شعرت فجأة بالحنين إلى شقتها، إلى أثاثها، حيث كانت تجد راحتها وأمانها، لدى مشاهدتها روزوود للمرة الأولى اعتقدت أنها ستكون مكانا مماثلا. البيت، الموقع، وحتى حديقة الورد التي قتلها الشتاء بدت تناديها كانها أصدقاء قدامي، ولكن كم بدا ذلك سخيفا وهي تستعيد الأحداث الماضية وتتأمل أن لا مكان لها هنا.
استغرقت أطول وقت ممكن في أخذ حمامها ثم بتجفيفها لشعرها، وارتدائها لملابسها واعادة ترتيب غرفتها... في محاولة منها لتأجيل رحلتها المحتومة في النزول إلى الطابق الأرضي ولقائها المحتوم مع الياس وبيكي الذي سيذكرها بأنها أصبحت دخيلة كما كانت في كل مكان دلفت إليه.
مثل طفل في دثار الأمان، وجدت بعض الراحة في قطعة من الثياب كانت تحبها حبا جما، الفستان القطني الأبيض الذي أصبح رقيقة لتعرضه للغسيل المتواصل ولكنه كان
يتدلى عليها بتموجات ناعمة من العنق حتى أخمص القدمين، وكانت عند ارتدائه، وبكمية الطويلين المتدلين عند المعصم، آية في التواضع الأنثوي. وسرعان ما تساءلت إذا كان ارتداء زي كهذا هو محاولة لا شعورية في مناقضة زي بيكي الهزيل والبعيد عن كل بهرجة .
بيكي، إن ذكري أنوثة بيكي المفعمة بالحياة والنشاط كانت وكانها تسخر من انعكاس صورتها في المرآة وهي بالأبيض من قمة الرأس إلى أخمص القدمين، مع خصل الشعر العديمة اللون والمنسدلة حول كتفيها. وامتدت يدها لتناول الصباغات أو أي شيء، لاعطاء الحياة لشفافية وجهها الشاحب، غير أن سخافة تقليد جمال بيكي قد أدهشها، وتركت الصباغات من دون أن تلمسها. وفيما نفذت كل الحيل لابقائها بعيدة عنهما، غادرت غرفتها وبدأت بنزول السلالم.
كان الياس ينتظر وهو مستغرق في ظلال العصر في الطابق الأرضي من المنزل.
ارتبكت لدي رؤيته، وابطأت ثم توقفت وهي تنظر إليه فيما راح هو ينظر إلى أعلى، ويده ممسكة بالدرابزون ووجهه جامد في تعبير غريب. كان شعره أسود لماعا، وقد بدا أنه أخذ حماما وصفف شعره وهو مردود إلى الوراء كيفما اتفق.
تسمرت عيناه عليها، وهي صامتة تنظر في خضرة عينيه التي كانت تبدو عميقة وكان كل خضرة الربيع كانت تنعكس فيها. ولاحظت أنه كان يلبس الأسود وقد ساهم ذلك في إعطاء وهج لعينيه ولاستجلاب نظرها إلى
ذينك اللونين الأسود والأخضر وابقائه أسيرا هناك.
من دون أن تنبس ببنت شفة رفع يده قليلا عن الدرابزون ومدها إليها ومن دون أن تعي ماهي بصدده، وأخذت بها.
شعرت بوخزة خفيفة في أصابعها وهي تنزلق إلى داخل راحته وخطت خطوة باتجاه فيما لا تزال عيناها محدقتين في عينيه ثم راحت تخطو خطوة أخرى وتوقفت على بعد درجة من درجات السلم وقد أصبح وجهها بمساواة وجهه، إذ لم يعد باستطاعتها أن تتقدم أكثر. وقال بهمسة خفيفة: «تعالي، يامادي، » وأحاطت يداه بخصرها ورفعها نحوه من دون جهد. وتدلت رجلاها في الهواء وخالت قلبها يسبح فوق جسمها كما سبحت قدماها فوق الأرض، ثم أنزلها رويدا. فقد كان قريباجدا منها وعندما شعرت مادلين بضغط أنامله حول خصرها، أفلت يديه وتراجع بسرعة بعيدا عنها.
نظر إلى الأرض في الوقت نفسه، ثم أخذا يتطلعان ببعضهما بعضأ بتردد.
قال بهدوء: «لا بد أنك جائعة، فقد نمت حتى الظهر .»
أومأت مادلين برأسها بحركة قوية وعيناها واسعتان۔ مع بعض خدع الذاكرة، خيل لها أن يديه لا تزالان تحوطان بخصرها.
"هيا بنا.» استدار وهو يمشي أمامها في الرواق باتجاه المطبخ ولحقت به وهي غافلة عما حولها وعيناها شاخصتان إلى حيث كانت قميصه متشبثة وغائرة بين عظم كتفيه.
قال وهو يستدير نصف استدارة: «لقد حضرت بيكي لنا
العشاء قبل أن تذهب. لم أعتقد أنك قد ترغبين في الخروج هذه الليلة،»
دلكت خصرها بحركة لا شعورية فيما هي تلحق به لتمحو ذكرى لمسته. «هل ذهبت بيكي؟
"منذ ساعات .»
كانت ظلال العصر المديدة تملأ غرفة المطبخ، والهواء قد أذعن لكأبة الغسق. وكان المصباح فوق المجلي مضاء إلا أن الظلام لم يكن قد احلولك بعد ليشع أكثر. توقفت مادلين في الرواق وارتجفت وشعرت بانزعاج غامض .
كانت لمسة بيكي في كل مكان من البيت، النافذة فوق المغسلة تلمع الآنية الفخارية الفارغة قد أزيلت عن شرفة النافذة إلى مكان آخر غير مرئي. وفي المختلي المظلل كانت مساحة لماعة من الأرض تمتد حتى الموقد المنظف حديثا، في آخر الجدار، وكانت الكراسي التي تحيط به أكثر لمعانا. وإلى الأمام قليلا، امتدت الطاولة القائمة تحت النافذة المطلة على حديقة الورد، وهي معدة لشخصين، فيما كانت صفحتها تلمع من بين الحصر الصفراء الممدودة عليها.
بقيت ساكنة في رواق الغرفة فيما كان الياس يحرك شيئا يستوي على النار ذا نكهة خاصة
قال لها: «كنت أحتسي الشراب، هلا صببت لي بعضا منه؟»
نظرت إلى إبريق من البلور وإلى كؤوس متناسقة مع الابريق، كانت مصفوفة على الطاولة، بدت ثمينة وفي غير موقعها بين الأنيتين الفخاريتين الجبلينين
الموضوعتين هناك. ابتسمت وهي تسكب الشراب وتفكر بالاضداد التي التقتها في هذا الوقت القصير الذي أمضته في روزوود أعمال التطريز المشغولة بكل تدقيق وإمعان تملأ هذا البيت الخالي من الحب الياس الممزق بين حنوه ودفئه وانقلابه المفاجيء إلى البرودة, الحديقة الميتة وسط ربيع موفور؛ والآن تلك الآنية من البلور في مطبخ على الطراز الجبلي .
إنضم الياس إليها إلى الطاولة وقال بانحناءة بسيطة وهو يرفع كاسه: «في صحتك وطبقا لما قالته بيكي، علينا أن ننهي هذه الزجاجة قبل أن نفكر بالأكل.» رشفت مادلين من الشراب ذي اللون الأحمر القاني وغرقت في إحد الكراسي ذات الظهور المتمادية في الطول. وانزعجت لبقائه واقفا وهو ينظر إليها من أعلى وقالت: «هل حقا، أن كل ما تفعله سيء إلى هذه الدرجة؟»
قهقه قائلا: «لا، فبيكي طاهية رائعة.»
راحت مادلين تحاكي نفسها وتساءلت إذا كان هناك شيء لا تستطيع بيكي أن تقوم به. إنها ربة بيت، طاهية ربما عالمة ذرة في أوقات فراغها. «أعتقد أنك تحبين الشراب؟»
هزت مادلين كتفيها ورمقت كأسها وقد أدهشها وجوده فارغا وقالت: «أعتقد أنه يحتم على ذلك.»
هز الياس برأسه وهو يبتسم ثم تراجع باتجاه الموقد وهو يقول: «أعتقد أن بيكي قد حسبت حسابك. صبي لنفسك المزيد.»
وتساءلت مادلين إذا لم تكن ابتسامتها متكلفة من
الخارج كما كانت عليه من الداخل. وأوقفت يدها حين وصلت اليا نحو الابريق.
كان العشاء مزعجا بصمته. وصرفت مادلين عشاءها بالنظر إلى الظلمة وهي تزحف إلى حديقة الورد خارج النافذة محاولة أن تتجنب نظراته قدر المستطاع.
استهل فجأة حديثه قائلا وقد جعلها تجفل: كان من المفترض أن نتعرف إلى بعضنا بعضا هذه الليلة.»
" ماذا؟»
وضع شوكته بتأن ورفق مبالغ فيهما في صحنه وأخذ ينظر إليهما لفترة طويلة وكأنه كان يتوقع أن تتحركا أو تهتزا بمفردهما ثم قال: «من أجل ذلك خلق الشراب. ظنت بيكي أنه سيكون جميلا أن نسترخي وأن نمضي أمسية اجتماعية رائعة.»
تقوس أحد حاجبيها وقالت: «حقأ»
هز رأسه بكآبة وقال: لن تكون هذه الأمسية ممتعة مثل الأمسيات الإجتماعية، أليس كذلك؟ لقد كانت بيكي على حق. كان علينا أن ننهي الزجاجة.»
كان الظلام شاملا عندما انتهي من غسل الصحون وتجفيفها. فقد كان تنظيف الطاولة عملا أخرق إلى حد ما وكأنهما أشبه بغريبين يحاولان وضع بعض الترتيب في المنزل.
سمعت مادلين الياس وهو يتنهد تنهيدة عميقة فيما كانت تضع منشفتها المبللة على المشجب قرب الموقد كي تجف. واستدارت لتراه وقد أدار ظهره لها فيما كان رأسه منكسا ويداه متكئتين فوق المغسلة.
لم يكن عدلا أن يسلط النور عليه في تلك الطريقة، فكرت مادلين باسي، لأنه كان يشع عليه فيلمع شعره مثل هامة فوق رأسه، يظهر قميصه الحريرية المتشبثة فوق عضلات جسمه التي كانت تهتز عند كل زفرة .
قال وهو يتحول نحوها وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة هازئة: «نحن لسنا صديقين مثاليين، أليس كذلك؟ وإذا كانت هذه الليلة شاهدا على ذلك، فانت تبدين مبتدئة في الحياة الإجتماعية مثلي.»
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت: «إني آسفة، فأنا لست مولعة بالحديث أو بارعة فيه.»
"لا تعتذري، فأنا مثلي."
تنهدا في آن واحد، ثم فيما أخذت شفاههما تعكس
ابتسامتهما المتوترة. استدار الياس محولا وجهه عنها وهو يدعي شد إحدى الحنفيات التي لم تكن بحاجة لشد. ثم قال: «لقد اتصل دافيد هذا العصر،»
قالت متعجبة وهي تنزع خيطا وهميا من أحد كمي قميصها: «أصحيح؟»
لقد أراد أن يأتي ليأخذك إلى العشاء نهار الجمعة.»
إن فكرة مشاهدة دافيد، وأن يكون لديها رفيق، تماما كما الياس لديه بيكي، اصبحت فجأة تروق لها. لن يكون هناك صمت مزعج في أمسية برفقته. الصمت هو ألد أعداء الأشخاص مثل دافيد، إنه شيء قاتم ومخيف يجب أن يبقي بعيدا بأي ثمن، «أعتقد أنني أرحب بذلك. أي وقت سيكون هنا؟"
استدار فجأة ليواجهها غير أن شيئا غريبا ظهر في
سيمائه، وقال: لن يأتي. لقد قلت له بأن لا يفعل.»
ارتبكت مادلين للحظة ثم قالت: لماذا فعلت ذلك؟ »
قال وقد بدأ وجهه يتجهم: «لأنني... لا أريد أي شيء أن يعيق عملنا»
قالت غاضبة: «علي أن أبدأ بالأكل على أية حال.»
هز رأسه باستياء وقال بفظاظة ظاهرة: «إن دافيد من النوع الذي يلهي الواحد عن عمله. وأظن أن آخر ما تحتاجين إليه هو الهاؤك عن عملك .»
بقيت ساكنة برهة من الوقت وهي تحاول أن تصيغ كل ما كان يحصل أمامها من أمور لا تصدق، في كلمات. أخيرا أجبرت نفسها على القول: «أنت قررت؟ »
ضاقت عيناه في محاولة دفاعية، رافضا أن ينظر إليها وقال: «بالضبط، فأنا أعلم ما هو الأفضل في هذا الوضع.»
راحت مادلين تنظر إلى يديها وهما تتحولان إلى قبضتين بيضاوين قبل أن تدرك كم كانت غاضبة. فقد بدا كأحد الآباء المغرورين وهو يحاول أن يدق ناقوس الخطر ضد أحد أبنائه. وقالت بتان وهدوء: ليس لديك حق في أن تتخذ قرارات مثل هذه.» لم تستطع من خلال صوتها الواثق أن تمنع نفسها عن التفكير بأن كان لديه الحق في وجود بيكي بشكل يومي بينما هي لا يحق لها أن تسهر ليلة واحدة بعيدا عن سيطرته .
عندما نظرت إليه أخيرا كانت عيناها قد اصبحتا قاتمتين بلون رمادي عاصف فيما اشرأب ذقنها ثائرا.
وقالت بنبرات حادة ومتقطعة: «إني أعمل عندك، غير أنك لا تمتلكني، وإذا كنت أريد أن أذهب أو أخرج إلى العشاء مع
شخص آخر فهذا ما سأفعله بالضبط. ساتصل بدافيد غدآ وساخرج معه مساء الجمعة.» دارت حول نفسها ومشت بتشامخ خارج المطبخ إلى الردهة. كادت أن تصل إلى السلالم حين أحست بيده تمسك بها
لم يقل شيئة البتة، بل أمسك ذراعها من خلف وأدارها حول نفسها بقوة حتى كادت أن تفقد توازنها. وعندما أصبحت في مواجهته كانت عيناها ماخوذتين به خلف غطاء من الشعر الأشقر الذي غطى وجهها، ولم يبد أنه يعلم فعلا ما عليه أن يفعل.
تغضن حاجباه بارتباك ظاهر وأنزل ذراعها بسرعة وقال بصوت أجش: قد نستطيع أن نذهب سوية ليلة الجمعة. لا لزوم للاتصال بدافيد لياتي كل هذه المسافة.»
" لقد كان دافيد يرغب في القدوم وأنا أحب أن أراه.» نظر إلى عينيها وبحركة أدهشتها رفع يده ليزيح الشعر بعيدا عن وجهها كي يستطيع رؤيتها بوضوح أكثر
أغمضت عينيها بحركة لا شعورية لدى ملامسته له ثم راحت تفتحهما رويدا رويدا. وقال بهدوء: «حسنا. فهمت. فالأمر يختلف الآن، أليس كذلك؟» تراجع خطوة إلى الوراء ورفع يديه وقال: «كنت ذاهبة إلى مكان ماء أليس كذلك؟»
فتحت مادلين فمها باندهاش، ثم ترددت وهي تحملق في عينيه السوداوين تحت ضوء الرواق الشاحب. وهز رأسه وكانه يحاول أن يقرأ تعابيرها في الظلام ثم تحول بعيدا ومشي نحو المطبخ.
تبعته بنظراتها وهي تراه يلتفت إلى الوراء نصف استدارة قبل أن يغيب عن نظرها.
قال من دون تفخيم في نبرته: «سأعمل لوحدي غدا صباحا، كوني في الاستوديو بعد الغداء.» ثم سمعت باب المطبخ وهو يفتح ثم يغلق برفق وراءه.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-03-19 الساعة 03:24 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 08-03-19, 02:33 AM   #26

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن

الربيع. كانت شفتاها تتمتمان بصمت تلك الكلمة وهي

ترفع شباك نافذتها وتتنفس بعمق من نسيم الصباح الدافى

العطر. وقد أضحى ذلك عادة من عاداتها في أقل من أسبوع،

فهي تفتح نافذتها وتأخذ نفسا عميقا وهي تحاول أن

تتعرف إلى تلك الروائح الذكية الجديدة التي كان العالم

يقدمها مع كل فجر، هذا الصباح كانت رائحة الأرض الذكية

الغنية تتصاعد إليها من الحديقة الكائنة تحتها، فتفرح

وينشرح صدرها لمساهمتها في تعزيز هذا المهرجان

الحسي القائم نصب عينيها.

في المدينة، كان الربيع ينساب أمامها وهي في غفلة

عنه. أما هنا، في الجبل، فقد كان الربيع يعود للحياة وهو

يغمر حواسها بفيض من كل عطر ولون.

وراحت تفكر. سيبقى هذا الربيع عالقاً في ذهني حتى

آخر أيامي، على الرغم من كل شيء.

تحولت الحياة في روزوود إلى رتابة مملة من الساعات

المتتابعة. وفيما كان الياس يعمل بمفرده في الأستديو،

كانت مادلين تصرف صباحياتها في حديقة الورد، وهي

غارقة في جمال الطبيعة الخفية. تلك ساعات صفائها

الحقة، لا يعكر صفوها أي شيء.

أما فترات بعد الظهر، فكانت تقضيها مع الياس، في

الاستديو، وهي عاكفة على عملها، في عزف البروفات

والاعادات، فيما كان هو يمرر يديه في خلال شعره، وهو

عابس وغير راض مطلقا عما كان يقوم به. فقد كان واضحا

أنه يدور في حلقة من الاحباط في خلقه وإبداعه ولم يستطع

أن يجد منفذا إلى الخارج. ثم يذرع الغرفة جيئة وذهابا

فيما هو يشتم ويكسر الأقلام ويمزق الأوراق، حتى أنه في

الأمس ضرب بقبضته على الحائط؛ ولكن، لم يكن يلومها

لأجل هذا الاحباط. فقد كانت محادثتهما محدودة في إطار

الموسيقى ولم تتعداها إلى شيء آخر، و كان كلما خاطبها

بقي حريصا على ابقاء نبرته ناعمة ولطيفة ومزاجه

مكبوحا، وطبعه هادئا.

كأن مليون سنة قد مرت منذ أن تصافحا بالأيدى لأول

مرة وتعاهدا على الصداقة، وفي استعادته للأحداث

الماضية والتأمل فيها بدت هذه الصداقة مادية صرفاً.

ففي كل الساعات التي امضياها سوية لم يتبادلا الحديث إلا

في الموسيقى. كانت الرابط الوحيد بينهما. وحتى هذه، في

الوقت الحاضر بدأت عراها بالتفكك بسبب إلهامه المتدفق.

ولشد ما كان يزعجها ظنها بان تكون هي الملامة في عزفها

و أنه على وشك استبدالها بغيرها، وأن معاملات فطامها عن

الموسيقى قد بدأت.

في الأيام الثلاثة التي تلت بقي الياس سجين الاستديو،

رافضا الذهاب إلى البيت لتناول وجبات لعامه، وأخذ

يتحاشى رفقتها ما استطاع. أما هي فقد كانت تعيش يومها

في مرمى مناداته، وقد سربلتها الوحدة بجلبابها.

كانت بيكي تحضر يوميا لتنظيف البيت وتحضير

الطعام، وعلى الرغم من أن وجودها كان يخفف من هذا

الصمت المخيم على المنزل، إلا أن مادلين لم تكن تشعر

بارتياح لوجودها.

وكان نظراتها المذهلة وعلاقتها الودية

مع الياس لم تكن بكافية لارعابها، فقد كانت مادلين تشعر

بأن تيارا خفيا من العدائية بات يسري تحتها من دون أن

تدرك كنهه، لأنه لم يكن موجودا قبل ذلك.

خلصت في استنتاجها إلى أن الياس قد يكون أفضى

إليها بأن عازفته الجديدة كانت تضيق الخناق عليه بطريقة

ما، وتثير عند بيكي غرائزها الدفاعية إلى أقصى درجة.

لم تكد تصل إلى آخر استنتاجها هذا، حتى بانت بيكي.

فقد سمعت مادلين صوت سيارتها وهي تقف في الطريق

الخاصة خارجا، ثم فتح الباب الأمامي وأغلق وراءها.

كشرت تكشيرة لا شعورية لدى علمها بدخولها إلى

المنزل، إلا انها سرعان ما شعرت بالذنب وهي تدغدغ هذه

الفكرة. ليست الغلطة غلطة بيكي إذا كانت قد ولدت جميلة،

ولا في أن يكون الياس قد راح يشعر ازاءها بمشاعر

وأحاسيس لم يكن ليشعر بها تجاه مادلين. وتنهدت وهي

تستعيد ذكرى أطباق الفطور المغطاة بمناديل السفرة والتي

كانت بي تصعد بها إلى الاستديو كل يوم فيما كانت هى

تتناول طعامها وحيدة في بيتها. ونادرا ما تعود بيكي

أدراجها قبل مضي ساعة، ولم يكن ذلك يحتاج إلى كبير

عناء في تصور كيف كان الأثنان يصرفان تلك اللحظات.

عندما نزلت مادلين إلى الطابق السفلي كانت بيكي منحنية

على الأرض وهي عاكفة على فرك أرض المطبخ فيما كان

شعرها مشدودا إلى الوراء تحت شريط أزرق، ووجهها يلمع

بقطرات العرق الناضجة منه. وكانت كالعادة ترتدي بنطال

الجينز المقصوص وقد صار زيها العملي في عرف مادلين.

وإلى ذلك، فقد كانت مر تدية قميصا خاليا من الكمين، بهت لونه

الأحمر واقترن بلون من الزهر الضبابي. وقد بدت، كما العادة،

مذهلة. وجلست على عقبيها وراحت تمسح أعلى ذراعها على

حاجبيها فيما كانت مادلين تولج إلى الغرفة.

استهلت بيكي كلامها قائلة: “القهوة جاهزة، أظنك

تستعدين لقضاء صباح آخر في الحديقة.

أشارت مادلين بأناملها إلى شعرها المعقوف كذنب

المهر في قمة رأسها وراحت تحدق في الجينز الباهت

والرث وقميصها ذا المربعات، الفضفاض. وقالت: لدينا

الكثير من العمل لنقوم به.

هزت بيكي رأسها وهي تقول: لقد كانت والدة الياس

تهوى هذه الحديقة، مثلك تماما.” وترددت وهي تبتسم

ابتسامة خفيفة وأضافت: لربما هي الآن تنظر من عليائها

إلى هذا المكان وهي تضك ضحكة عريضة إذ قد جاء من

يرعى ورداتها ويهتم بها.

كان ذلك أول محصلة من الأخبار عن هذه المرأة التي

جعلت من هذا المكان منزلأ مثاليا وهي تغذيه بحبها. وعضت

على شفتها السفلى ثم قالت: “هل كنت تعرفينها جيدأ؟”

هزت بيكي برأسها وقالت؛ "ليس بالشكل الذي كنت أحب

فيه أن أتعرف إليها. فقد انتقلت إلى برايتون سكوير قبل

سنة من موتها.”

“ولكنك أعجبت بها.

“بل أحببتها، فقد كانت امرأة رائعة.

قالت مادلين: “اعتقد أنها كانت كذلك.” ثم غرقت فـي

تفكيرها وهي تتذكر كل تلك اللحظات التي شعرت فيها

بحضور تلك المرأة العحبب في البيت، في الخميلة. ثم

أضافت: "لهذا السبب لم أكن أعلم لماذا كان الياس يكره

هذا البيت.

راحت بيي تحدق في عينيها في نظرة ملؤها الوعيد ثم

قالت: “لا تعلمين شيئا عن الياس، ألـيس كذلك؟”

بدت وكأنها في مجال الاتهام، فيما هزت مادلين

برأسها وهي تشعر فجأة بأنها مذنبة لجهلها.

قالت بيكي: “حسنا، فيجدر بالياس أن يصارحك بما

يريد منك أن تطلعي عليه، وليس أنا.” ترددت ثم طقطقت

بلسانها قليلا وكانها قد ندمت لكونها كانت مقتطبة على هذا

النحو الفظ وأضافت قاطة: لم أكن أقصد أن أصرئ فى

وجهك. والله عليم بذلك، وأعتقد أنك تعانين بما فيه الكفاية

بالعمل مع إيلي.

أخفضت مادلين من نظرتها وراحت تغمغم قائلة: “لم يعد

يفعل ذلك كثيرا الآن. أو على الأقل، فهو يحاول أن لا يفعل.

لقد توصلنا إلى اتفاق.

أجابت بيكي ببساطة قائلة: “هكذا سمعت أو هكذا تناهى

إلى مسمعي.” وأضافت وهي تنظر في دلو الماء الممزوج

بالصابون: لم أصدقه حين قال لي الياس إنكما تعاهدتما

على أن تكونا صديقين.” قالت تلك الكلمة الأخيرة بسخرية

ظاهرة وكأنها لا تصدق الأمر.

أفلتت الكلمات من فم مادلين قبل أن تدرك أنها ستتفوه

بها: “لا أعجبك كثيرا، أليس كذلك؟” ورمقتها بيكي

مندهشة.

قالت أخيرا: “لا أعرفك تماما.” ثم اشتبك حاجباها فيما

راحت تتفحص مادلين ثم أردفت: “تذكرينني قليلا بأمه.

فقد كانت وسيمة مثلك، وباردة مثلك تقريبا.” و أنشأت تحدق

في ثوبها ثم قهقهت فجأة وقالت: “بالطبع، فلم يكن للموت

أن يفاجئها أبدا وهي في لباس كهذا. أما نمطها فكان فى

القبعة البيضاء والقفازين وفستانها الشفاف.

غمغمت مادلين: “لا يتوجب علي أن أرتدي الأبيض. فقد

أكون تلاشيت.

تنهدت بيكي: "ليس هذا ما يقوله الياس.” وانحنت

لتستأنف عملها في فرك أرض المطبخ قبل أن تتفوه مادلين

بأي حرف وتابعت: “النساء أمثالك يبدين جميلات في كل ما

يرتدين. إني أشعر بالغيرة منهن حتى الموت، بصراحة.

راحت مادلين تحملق، وهي مصعوقة، إلى شعر بيكي

اللماع وهو يهتز مع حركات ذراعيها النشيطتين وهمست:

“ولكنك بارعة الجمال، فأنت أجمل امرأة رأيتها في

حياتي.

جلست بيكي على عقبيها مجددا ونظرت إليها بنظرة

ملؤها الحيرة: “جميلة ربما، ولكن لست ببارعة الجمال.

ليس مثلك.”

مالت برأسها إلى مادلين وهي تنظر بتجهم قائلة: “يا

إلهي، حتى أنك لا تعرفين هذا. ألـيس كذلك؟”

بلعت مادلين ريقها، وهي ترف أهدابها فيما راحت

بيكي تقهقه عاليا. وفجأة، وكأنها تذكرت أنها لا تحب

مادلين، انحنت على عملها وقالت بصوت أجش: “والأن،

خذي فطورك واخرجي من هنا. فأنا سأغادر اليوم عند

الظهر، وأمامي الكثير من العمل لانجازه قبل ذلك!

ترددت مادلين لبرهة ثم همست: لقد نسيت شيئا فوق.

تحولت مهرولة في الرواق، وصعدت السلالم في أقصى

سرعتها وكأن هذا الشيء كان على أهبة أن يختفي قبل أن

تسنح لها الفرصة برؤيته. ودخلت غرفتها بسرعة وتوقفت

عند المرآة، وهي تلهث"وقد راحت عيناها تتسعان ملؤهما

الدهشة والتساؤل فيما انشقت شفتاها قليلا.

جميلة؟ تجهمت أساريرها قليلا وهي تتفحص في

انعكاس صورتها في المرأة. فقد اكتسبت بعضا من اللون

بسبب تواجدها المستديم في الخارج؛ ولكن، وفيما خلا

ذلك، فقد كانت تبدو رقيقة ولطيفة كما كانت هي الحال دائما

بعينيها الرماديتين بلونهما الفاتح، بشرتها الفاتحة أيضا،

على الرغم من تعرضها للشمس؛ شعرها الفاتح أيضا

وأيضا معقوف الآن على شكل ذنب المهر... وكل شيء فيها

كان أشبه بتلك الصورة التي تعرضت كثيرا للشمس فبهت

لونها. إلا أن ذلك ليس بالجمال. فالجمال يستدعي الانتباه.

وكل انسان يعلم ذلك. فالجمال يتجسد في أشخاص أمثال

بيكي ممن يفضن حيوية ولونا

، حيث تتحول الوجوه اليهن مراقبة.

تنهدت وهي تشعر بانخداعها، وكان بيكي قد أعطتها

هدية ملفوفة بذوق، تبين فيما بعد أنها علبة فارغة.

عثر عليها الياس بعد ساعة في حديقة الورد وهي

منحنية فوق كوكبة من الأغصان الهشة والجافة. وهي تزيل

عنها ما علق فيها من أوراق وحشائش صمغية، وتمهد

كومة التراب بعناية.

تناهى صوته من ورائها: “إنك تضيعين وقتك.” وغزلت

على ركبتيها وأدارت رأسها بسرعة، مندهشة.

عندما رأى وجهها ابتسم في الحال، ثم بطريقة لا

شعورية، مد يده ومسح بقعة من التراب كانت عالقة على

طرف أنفها، ثم قال: “رائع.” وارتبكت فجأة لشكلها الخارجي

، فقد كان سروالها رطبا وأسود اللون نزولا من

عند الركبتين وفيه أخاديد طويلة من التراب العالق على

بيديها. استطاعت بطرف عينها

جا فخذها حيث مسحت

أن ترى خصلتين من شعرها قد تحررتا من عقدتهما وهما

تسبحان طليقتين في النسيم العليل. ومدت يدها لتمررهما

خلف أذنيها ثم توقفت فجأة وقد أدركت أن يديها كانتا

ملطختين بالتراب. قام هو بذلك جالسا القرفصاء قريبا

منها، وأخذ يراقب يديه وهما تلمان شعث تلك الخصلات

المتشردة التائهة وترو ضانهما.

أخذت مادلين تراقب وجهه وقد انشقت شفتاها قليلا عن

ابتسامة، وقد أثار دهشتها كم بدا مختلفا تحت الشمس،

بعيدا عن أضواء الاستديو الاصطناعية. كانت خضرة عينيه

تتناغم مع براعم شجيرات الليلك في مؤخرة الحديقة خلفه

وشعره يرتعش ويتماوج في زرقة خلفيتها سوداء. حتى

أن ثغره بدا ألطف وأقل اكتئابا.

مال برأسه باتجاه خميلة الورد وقال: “إنها ميتة، أنت

تعلمين ذلك.

تمتمت: “لا.” ومدت بيديها نحوه وأمسكت بأنامله

وقادتها إلى حيث كانت علوج التطعيم في قاعدة الخميلة،

تحت التراب. “تحسس ذلك؟ تلك الدرنة القاسية في ساق

النبتة؟ ثم هنا، بلطف الآن... ذلك النتوء البسيط؟ هذه هي

البداية. إنها تعود إلى الحياة.” ابتسمت وهي تنظر إلى

العيدان القاسية والجافة وقد سحرتها معجزة الربيع

الناهض من غفوته. وقالت: “أليس ذلك أكثر الأشياء إثارة

للدهشة؟ أن تشعر به تحت خفق نبضك؟”

عندما حدقت في وجهه ثانية، أربكها تعبيره. للحظة،

فقط لحظة، كانت عيناه تعكسان أحاسيس قلبها، حنانه

الظاهر في نظرته الناعمة... ولكن فجأة تجهمت أساريره

وسحب يده منها بفظاظة.

شد على ركبتيه ووقف وكأن تلك اللحظة لم تحدث قط،

راح ينظر حوله إلى العشرات من شتل الورد التي كانت

مادلين قد عملت على تنظيفها من الأجسام الغريبة. وشذبت

الأرومات القصيرة في أصل الشجرة وقال: لم ألاحظ من

قبل كم عملت هنا.

“لا أدري كيف كان باستطاعتك أن تلاحظ؟ فأنت لم تغادر

الاستديو منذ أيام.

رمقها بنظرة فيما راحت هي تنظر إلى يديها المسبلتين

على طول فخذيها وكأن شيئاً ما في عينيه قد جعلها تنظر

إلـى ذاك المكان.

قال بنبرة تعوزها الفخامة: “إني مغادر الاستديو اليوم.

يمكنك التمرين فيه إذا أحببت أو تأخذين فر صة بعد ظهر هذا

اليوم. لن أعود قبل المساء.

ارتخت كتفاها ببطء فيما كانت تراقبه وهو يبتعد باتجاه

البيت، إلى حيث بيكي. وكانا قد غادرا حين دخلت المنزل

لتتناول طعامها.

وقفت في رواق المطبخ وهي مذهولة من حدة ما كانت

تشعر به. فلم تكن الوحدة، أو الحسد، أو الغيرة، أو خليط

لهذه المشاعر. فقد كان أعمق من ذلك وأقوى... أشبه ببذرة

متنامية من الثورة، ليس فقط كونها منبوذة بل لكونها غير

جديرة بالإعتبار أيضا. فقد غادر مع بيكي من دون الاهتمام

على تركها لوحدها، وكأنها أضحت مثل الآلات التي تطفا

عندما لا يحتاج إليها. بالنسبة له فهي ليست بإنسان من لحم

ودم، بل زوج من اليدين لا وظيفة لها خارج لوحة المفاتيح.

فالمرة الوحيدة التي اعترف فيها بوجودها كانت عندما

أدت أداء أشبه بأداء الحيوان المدرب في الاستديو، ولكنها،

هي أكثر من ذلك. فهي كائن بشري

أيضا، امرأة، مثل

بيكي... وقد أن الأوان كي يلاحظ ذلك.

أمضت أطول وقت حتى فترة بعد الظهر وهي تستحم

وتغسل شعرها وتعزن قوتها البدنية عبر تلك الحركات

التقليدية التي لم تكن لتلجأ إليها قبلا.

إنتهت عند الغسق وكانت سعيدة من جراء ذلك. وأعجبتها

الطريقة التي كان فيها النور الوردي يجمل صورة وجهها،

ولم يرق لها شيء في منظرها الخارجي وقد ادهشتها

صورتها المنعكسة في المرآة.

عملت على رفع شعرها فوق قمة رأسها فيما كانت بعض

الخصلات متدلية فوق حاجبها ومعقوفة فوق أذنيها.

واسرفت فى استعمال الصبا غ وبدت عيناها خامدتين وراء

رموشها الكثيفة وقد جعلها الكحل تبدو أكثر سواداً.

كان فستانها من دون كمين، باللون الأزرق الفاتح

وكانت قد اشترته لحضور احدى حفلات تلامذتها

الموسيقية. تلك هي المرة الأولى التي ترتديه. في ذلك

الوقت شعرت بالإرتباك لأنه يلتصق بزوايا جسدها،

وسخرت من ياقته العالية، لكن الآن هي مسرورة لإرتدائه.

أما التنورة فكانت واسعة تلتف حول وركها عندما

تتحرك، قد امتحنت تأثير

ذلك أمام المرآة بعينين واسعتين

وجلتين. فلم يكن باستطاعتها أن

تحدد الخط الذي يميز

بين ما هو مغر وما هو سيىء الذوق، غير أن شيئا واحدا

كان أكيدا وهو أنه لن يكون بمقدوره أن يتجاهلها وهي

بلباسها هذا.

إذا حاول أن يختبىء في الاستديو مجددا الليلة، فكرت،

ساخرج وأنا أتهادى بحذائي ذي الكعب العالي وألح عليه

أن يأخذني إلى العشاء. فهذه الليلة لن اتناول طعام العشاء

بمفردي.

ترنحت قليلا وهي تتهادىء بحذائها ذي الكعب العالي

عندما سمعت الباب الأمامي يغلق بعنف.

كان واقفا في آخر السلم عندما نزلت وكأنه كان ينتظرها

لتعلن عن دخولها. بادلته النظر بجر أة فيما هي تنزل درجات

السلم وهي تشعر بحفيف الحرير على ساقيها. وابتسمت

لدى سماعها صوت تنفسه بين أسنانه.

راحت عيناه تطوفان عليها قبل أن تصبح على مرمى

يديه، ثم توقفتا عند عينيها في نظرة باردة وكأنها قوة

ملموسة تنذر بدفعها إلى الوراء.

قال بقرف ظاهر: “كدت أنسى اليوم الذي نحن فيه.” ثم ومن

دون أن ينبس ببنت شفة، استدار ومشى بعيدا في البهو عابرا

المطبخ وخارجا من الباب الخلفي وقد أغلقه بعنف وراءه.

وقفت مادلين على السلالم وقد شلت حركتها وهي

مصعوقة من ردة فعله، وأفكارها تردد مرارا وتكراراً أن

كون المرء غير مرئي ليس شيئاً سيئاً، لكن أن يشاهد، ثم

ينبذ، فهذا أسوأ، أسوأ بكثير.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-03-19 الساعة 03:24 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 09-03-19, 03:47 PM   #27

عايشة عوض

? العضوٌ??? » 439350
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 151
?  نُقآطِيْ » عايشة عوض is on a distinguished road
افتراضي

شكراااااااااااااااااااااا اااا

عايشة عوض غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-19, 12:35 AM   #28

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع

لم تدر مادلين كم مضى عليها من الوقت وهي واقفة على السلم وقد مات فيها

كل حس وفكر بعد خروج الياس من الغرفة ببرودة ظاهرة. لكنها بدأت تدرك ذلك لدى

سماعها نقرة خفيفة على الباب الأمامي، ولدى شعورها

بوخزة في يدها القابضة على حاجز السلم. كأن تلك القبضة

كانت كل ما يمسك بها عن الوقوع.

عادت إلى وعيها وقالت: “أدخل.” وسمعت صوت الثوب فيما هي تتحرك.

دخل دافيد من الباب، ونظر إليها، ثم همس قائلا: “ياإلهي.” وراحت عيناه تطوفان حول شعرها وفستانها، وبلع بريقه كتلميذ تملكه الإضطراب وحملق بها بنظرات إعجاب

جعلت مادلين تشعر بأن الروح التي سحقها الياس تعود للحياة ببطء،.

همست قائلة: “شكرا، يا دافيد.” وهي تهبط بقية الدرجات. ووقفت على رأسي قدميها لتعانقه، ويداها تستريحان على كتفيه العريضتين وهى متعجبة من كونها قد صارت قادرة على الإتيان بهذه الحركة. كان الأمر سهلا
مع دافيد إذ أن ما يبدو منه، كان يشجع تلك الظاهرة العاطفية نحوه. وقالت مادلين وهي تقترب منه: “لن تدري أبدا كم أنا بحاجة لذلك.
تلمست يداه خصرها وانحنت إلى الوراء وهي مأخوذة

بنظرته الساحرة. وكان تعبير وجهه غريباً عن ملامحه

العادية، الواثقة. كما كان الصمت غريبا عن طبيعته،

وشعرت مادلين بلمعان إطراء لا يحتاج إلى كثير كلام.

ابتسمت وهي تحدق في عينيه الكستنائيتين وخصلات

شعره المتشابكة، الداكنة على رأسه وقالت له: “تبدو في

غاية الجمال هذه الليلة.” ولاحظت أن قميصه الأزرق

يتناسق في لونه مع فستانها وكان ذلك أشبه بالمصادفة

الغريبة.

نفخ صدره وأطلق تنهيدة، وكأنه يستعيد قوته الخطابية.

وقال: “لن أحاول حتى أن أقول كيف تبدين. فلم يخترعوا بعد الكلمة المناسبة.

احمرت مادلين وأزاحت هذا الإطراء جانبا بهزة من كتفها.

سألها: “هلا نذهب؟”“

ترددت مادلين وقد قطبت جبيئها ثم سألته قائلة: “إلى أين؟!".

“إلى العشاء، بالطبع. فلدينا حجز في الهيل توب إن...

ألم يقل لك الياس بأني قادم؟”

عضت على شفتها السفلى بين أسنانها وتجهمت قائلة:

“في الواقع ما قاله لي هو أنك لن تأتي...

رد عليها قائلا: “ولأنه قال بأني لن آتي، فقد أخذت

بكلامه.

حاولت مادلين أن تبتسم وقالت: “في الحقيقة لقد

حاولت أن أتصل بك و أقول لك بأن تأتي باي حال، ولكن كنا

مشغولين كل هذا الوقت...” وهزت كتفها وهي تحاول التهرب من سواله ،وتتساءل كيف غاب هذا الشيء عن ذهنها.

وأضافت: “أعتقد أنني نسيت..”

تردد قليلا، ثم تكلم ببطء وعيناه تطوفان في حيرة

ظاهرة فوق شعرها وفستانها: “تعنين أنك لم تتوقعي

قدومى؟”

أمسكت عن التنفس للحظة وذهنها يفتش عن عذر يبرر

مظهرها الخارجي، ولم تلبث أن أفرجت عنه بضحكة

واهنة وقالت: “كنت على وشك بان أذهب إلى العشاء

بمفردي. فقد مللت ارتداء سراويل الجينز وقمصان

الرياضة والبقاء محبوسة هنا...” وتوقفت قليلا وتنهدت

وهي تنظر إليه وأضافت بصراحة كلية لا غبار عليها:

“ولكنك لا تعلم أبدا كم أنا سعيدة لكوني في صحبة أحد.

خاصة صحبتك.

رفع ذقنها باثنين من أنامله وراح يتفحصها بعينيه.

وخفضت عينيها بدل أن ترد عليه، فيما أخذ يسألها عن

الياس: “أين الياس؟ ينبغي أن أحيه على الأقل قبل أن نغادر".

ردت من غير تفكير: “ألا يمكن تأجيل ذلك؟ في الحقيقة،

إني جائعة.” وأسرعت إلى خزانة المطبخ وتناولت شالها

الخفيف وحقيبتها واستدارت نحوه وهي ممتلئة حبورا.

فقد كان واقفا ويداء غارقتان في سرواله وهو يحدق إليها

بفضول.

“بالطبع يمكن تأجيل ذلك، في الواقع ليس من الضروري

أن أراه.” وأمسك بيدها وهو يبتسم لها بتعبير جعلها

تشعر أن دافيد كان حساسا ويعرف بالحدس أكثر مما

يظن معظم الناس. ثم أردف: “تعالي، يا ملاكي، دعينى

آخذك بعيدا عن هنا.

يقع مطعم هيل توب إن على رابية تطل على البلدة

الصغيرة، على بعد بضعة أميال عن روزوود. كان مكانا

أنيقا وبعيدأ عن الإدعاء، بأرضيته الخشبية وجدرانه

القرميد.

قالت مادلين بعد أن جلسا إلى طاولة في إحدى الزوايا

قرب الموقد: “إنه لمكان جميل.

“إنه خلفية مثالية لك.”

كان ذلك أحد الإطراءات البديهية التي كان الناس

يستعملونها في تلميحاتهم، ووجدت مادلين نفسها تستمتع

بها قليلاً. تنهدت وهي تهز رأسها ثم قالت: “إنك دائما تقول

ما تمليه المناسبة، يا دافيد. فالإطراء من اختصاصك،

أليس كذلك؟”

مال برأسه، وقد ارتسمت على وجهه إمارات من الحيرة

المزدوجة بالدهشة وقال: ““وهل يزعجك الإطراء؟!”

ابتسمت بنعومة وقالت: “لا، بالطبع لا. لكن أحس بأنك

تردد ما قلته لي مئات المرات. فقد قلت إنك تمثل الجزء

اللطيف في الشراكة القائمة بينك وبين الياس. إنه جزء من

عملك، أليس كذلك؟ تعمل على تلطيف الأجواء فيما يعمل

الياس على تعكيرها.

كان غارقا في سكونه حتى في ما إذا كان يتنفس. ولم

يحول عينيه الداكنتين عنها بل بقيتا عالقتين بعينيها.

وأخيرا أجاب: “نعم، إنه جزء من عملي وهنا تكمن

الصعوبة، أليس كذلك؟” وتقوست شفتاه بابتسامة هازئة

وأشار إلى نادل الشراب وهو يقول: “لا أحد يعلم متى أعني ما أقول فعلا.

بعد ست ساعات، وقد تجاوزت الساعة الثانية بعد

منتصف الليل كان دافيد يضغط بأصبعه على شفتيه اللتين

ارتسمت عليهما ابتسامة سخيفة وقال بصوت هامس"

“صه، يجب أن لا توقظي التنين.

هزت مادلين رأسها بارتباك وهي تتهادى تحت ثقل

ذراعه الممدودة حول كتفيها فيما هما يترجلان من

السيارة باتجاه البيت، وأعادت عبارتها للمرة العاشرة

وهي تتعثر على بلاط الممر الأمامي وقالت: “التنين لا يزال

نائما.

خاطبت نفسها، فيما تحاول العثور على المفاتيح في

داخل حقيبتها، لقد قمت بذلك بالفعل حتى انتشيت. وأتكأت

عليه في محاولة لإسناده إلى الحائط على يمين الباب، إلا

أنه لم يلبث أن عاد لينزلق إلى الأرض وبعناد لا يرحم،

فأسرعت للإمساك به من تحت ذراعيه. وراحت تشد به إلى

الأعلى وبطريقة عمودية.

بحركة خرقاء حاول أن يمد يده حول كتفها مجددأ ولكنه

لم يفلح إلا في إزاحة شعرها وتحريره من الدبابيس، فطار

الزر الذي كان يربط فستانها عند الرقبة.

دفعت الباب برجلها إلى الوراء وهي تئن تحت ثقل جسم

فيما كانت تحاول أن تسحبه إلى الداخل في محاولات

يائسة. أسندته مقابل الجدار وحاولت تثبيته بيدها فيما

امتدت يدها الأخرى لتضيء النور في الغرفة ثم تحولت

مسرعة لإغلاق الباب وإقفاله خلفهما...

إنزلق مجددأ إلى الأرض. وهذه المرة انبسطت قدماه،

واتكا ذقنه على صدره، فيما لا تزال الابتسامة البلهاء

مرتسمة على شفتيه، حتى وهو نائم.

تنهدت وهي تحرك رأسها وتتساءل كيف ستستطيع رفعه

مجددا.

تحولت لتضع حقيبتها وشالها على الطاولة في البهو

ولم تتمالك نفسها حين رأت الياس متكأ بصمت إلى باب

- غرفة الجلوس .وتراحعت قليلا إلى الوراء وقلبها يخفق

خفقانا سريعا لما أثار وجوده من إجفال.

كان واقفا، لا ينبس ببنت شفة، وقد غادرت الحيوية

عينيه، وخلا وجهه من أي تعبير. وكانت أخاديد عميقة تشق

طريقها عبر شعره وكأنه مرر يديه خلاله مرة إثر مرة،

وتدلت خصلات عنيدة من شعره الداكن فوق جبينه. نظر إلى

حيث كان دافيد مسترخيا على الأرض مقابل الحائط وهو

غافل عما يحيط به، ثم عاد لينظر إلى شعرها المنبوش

وفستانها المتجعد.

وضعت يدها على شعرها بطريقة لا شعورية قائلة

أصيب دافيد بأعياء مفاجىء.

“ذلك واضح.

انتظرت أن يكمل حديثه بيد أنها تحولت عنه وقد صار

الصمت مربكا بينهما ومضت لتنحني إلى جانب دافيد

وجعلت تملس خصلات شعره الداكنة وتردها إلى الوراء، ثم

قالت وهي تتظاهر باللامبالاة: “هل ستساعدني لنرفعه إلى

الطابق الأعلى ؟".

سمعت وقع خطواته وهو يقترب منها ورأت يديه

العريضتين، القويتين تمتدان وترفعان دافيد. تنحت قليلاً

من طريقه، نظر الياس إلى رأس دافيد وهو يتدلى على

كتفه ثم نظر إليها وسألها: “إلى غرفتك أم إلى غرفة

الضيوف؟”

تنهدت قائلة وهي تغمض عينيها: “بلا مزاح، أرجوك.

إني تعبة.

““وما يجعلك تظنين بأنى أمزح؟”

فتحت عينيها ونظرت إليه وهي تحاول أن تقرأ تعابير

وجهه، إلا أن وجهه بقي خاليا من أي معنى. تحولت أخيرأ

إلى إحدى الغرف الملاصقة لغرفتها في الطابق العلوي.

أضاءت نور الغرفة وأزاحت الغطاء عن السرير وتنحت

جانبا من الغرفة فيما راح الياس يمدد دافيد على الفراش

ويخلع عنه حذاءه، وسترته، ثم غطاه برفق ونعومة يثيران

الدهشة، وكانه أبا يساعد ابنه الصغير في الإيواء إلى فراشه.

تراجع قليلا إلى الوراء وهو يتمطى فكاد أن يصطدم بها.

وصعقا لكونهما قد صارا متلاصقين، التقت أعينهما

للحظة، ثم راحا ينظران إلى أسفل وكأنهما قد تملكهما

الرعب لما شاهداه في نظراتهما.

أمسكت مادلين عن التنفس، فيما راحت تحدق في يده

اليمنى التي باتت قريبة من يدها اليسرى حتى لكادت

أناملهما أن تتلامس.

ارتعش بنانه قليلا وكاد أن يلامس بنانها، وانقطع

تنفسها وهي تنتظر وتنظر، وقد ملكتها الدهشة، أناملها

ترتفع قليلا باتجاه أنامله في حركة آلية. وبدت أناملهما

فجاة كأنها مستقلة في كينونتها، وهي تمثل مسرحية لا أحد

منهما كان باستطاعته التحكم بها أو السيطرة عليها.

عندما لامست أطراف أناملها، وبطريقة عرضية، ربما،

كانت نتيجة الاتصال مذهلة.

خمدت مادلين التنفس ورمقته بطرف عينها فرأت صدره

يتقدم على نحو متقطع نحوها. بنظرة مختلسة إلى أعلى

رأت التوتر حول ثغره وعينيه، والأخاديد المرتبكة في

حاجبيه وهو ينظر إليها عاجزا عن التحكم في ما كانت يده

تقوم به.

راحت أنامله تصعد إلى أعلى يدها وهي تعبر التجاويف

في أوتار يدها، ثم أحاطت بالمعصم برفق حتى شعرت

بصعوبة في التقاط أنفاسها. وانشقت شفتاها قليلا من

الدهشة وفي محاولة لاستعادة قليل من الهواء فيما كانت

عيناها زائغتين. فتحتهما على وسعهما مذهولة.

أدار الياس ظهره سريعا وقد جعل رأسه ينحني فوق

كتفيه وقال بصوت جش مسموع: “اللعنة عليك.

مدت يدها لتلمسه وقد انعقد حاجباه في حيرة وقبل أن

تلمس يدها ظهره قال: “اخرجي من هنا.” فجمدت في

مكانها ويداها لا تزالان ممدودتين في حركة بلهاء.

عندما لم تتحرك أمسك بيدها وراح يجرها إلى البهو

ودفع بها بقوة إلى غرفتها. فنظرت إليه وقد أخذت منها

الدهشة ماخذأ.

كان يحملق بها وكأن خضرة عينيه كادت أن تنسكب

باتجاهها وسألها ببرودة قائلا: "ما الذي جعلك تظنين أني

كنت سأنهي ما بدأه غيري؟”.

سكن تعبيرها وشحب لونها وهمست قائلة: “لا أصدق

أنك قلت ذلك.” وأسرعت إلى غرفتها فدخلتها وأغلقت الباب

وأقفلته وراءها. ولم تدر كم مضى عليها وهي مستندة إلى

الباب تحملق في الظلام حين سمعت نقراته على خشب الباب.

سمعته يقول لها من خلال خشب الباب الذي كان يخنق

صوته: “مادلين. مادلين، أرجوك. علينا أن نتكلم. دعيني

أدخل.

أخذت تخاطب نفسها وهي تبتسم بمرارة. دعيني أدخل.

تلك كانت المشكلة منذ البداية. أدع شخص يدخل، ما كان

يجب أن أفعل. تركت نفسي أشعر من جديد، وما كان

علـي ذلك.

“مادي؟ مادي! دعيني أدخل!

من دون أن تصدر صوتا راحت تكون فوق شفتيها كلمات

أغنية ساخرة للأطفال، ثم دقنت وجهها بين يديها.





التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 23-03-19 الساعة 08:05 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 10-03-19, 09:37 AM   #29

فتووني

? العضوٌ??? » 438175
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » فتووني is on a distinguished road
افتراضي

حلوة كلش تججننننننننننننن

فتووني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-19, 12:23 AM   #30

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العاشر
كان الصباح في منتصفه حين استفاقت مادلين على صوت الرعد وهو يدوي بعيداً. فتمددت ساكنة في فراشها لبرهة من الوقت وهي تحدق في السقف وذهنها شارد
ومرتبك. تنهدت أخيرا ونهضت من فراشها واجتازت الغرفة حتى وصلت إلى النافذة ونظرت إلى الطقس المكفهر في الخارج بعد أول عاصفة مطرية. كان كل شيء يبدو مبللاوكئيبا، حتى حديقة الورد، غرقت في الوحل، وكان ذلك
مفيدأ لها على ما يبدو.
راحت ترتدي ثيابها بحركة بطيئة تعوزها الحيوية والنشاط فيما كل أحاسيسها مخدرة، حتى أنها لم تعد تجرؤ على مقابلة الياس بعد الذي جرى في الليلة الماضية. ماذا يهم لو ظن الياس أنها عزمت على مشاركة دافيد المخدع، أو أنها متحجرة القلب إلى درجة أن تقبل ببديل عنه في اللحظة الأخيرة؟ فمجرد إقدامها على عملكهذا يجعل منها مومسا وامرأة تحيا حياة البغايا.واعتبارها كذلك أفضل، في الوقت الحاضر، من الاشفاق عليها والرثاء للحال الذي هي عليه. امرأة وحيدة تحاول التمسك بأذيال خيالاتها ونزواتها في محاولات يائسة، وقد سلب لبها ذاك الوهم في كونها هي والياس باتا جزأين من وحدة متكاملة، وعاجزين عن مواجهة شك القوة التي تدفع بهما وتشد عراهما... إلا أن ذلك لم يكن سوى خيالات شبحية لطفل غير محبوب لم تتح له فرصة النمو بعد.
تجهمت أساريرها وهي تحاول التركيز في مضمون تلكاللحظات المشتتة، حين شعرت بشيء اشبه بسلك كهربائي يربطها به... راحت تخاطب نفسها قائلةإنك ترغبين في إقامة نوع من الإتحاد الروحي الباطني مع الياس، إلا أن ذلك لم يكن موجودا قط بالنسبة له.لقد أرادك إلى جانبه، لأنك الشخص الوحيد الذي يعزف موسيقاه كما يرغب في سماعها. ثم بدأت في تعقيد الأمور بطلبك المزيد، حتى أكرهته على نبذك مرة بعد مرة، وازداد الوضع سوءا وانعكس ذلك نشازا في العزف) ابتسمت إبتسامة حزينة لأنها لم تعد قادرة على إسماعه ما كان راغبا في سماعه منها.
قطبت جبينها ورفت أهدابها سريعا وهي تحبس دموعها فيما كانت ترتدي ثيابها. وضعت ساقيها في جوربين من النسيج الصوفي الناعم وارتدت كنزة صوف رمادية سميكة طويلة، ثم مطت شعرها وتركته يتهدل حيثما أراد. أما عيناها الرماديتان فكانت تعوزهما الحيوية، تحولت عن النظر إليهما في المرآة بعد أن رمقتهما بنظرة خاطفة. بدا المنزل تحت رحمة العاصفة الهادرة في الخارج،كان كثيبا وقاتما كمزاجها وهي تهبط السلم إلى الطابق السفلي، ثم باتجاه الضوء الشاحب الصادر من المطبخ. امتدت يدها لا شعوريا لتلمس بعض الأشياء القائمة في طريقها. الطاولة الأثرية في البهو وإنائها الفارغ من زهور الربيع، والخشب اللماع لهيكل الباب المودي إلى المطبخ. أشياء أخرى لم تدرك وجودها إلا منذ أسبوع، وستبقى عالقة في ذهنها حتى آخر أيامها.أحست بقلبها يثب من مكانه وهي ترى الياس جالسا إلىطاولة المطبخ. كان مرتديا زي الركض السميك من عنقه إلى كاحله.وكان يبدو متوعدا في أساريره، كتلك الطبيعة المكفهرة الموحشة التي كان يحدق إليها من خلال النافذة. إلا أنه بالنسبة لمادلين، بدا أيضا حاملا للوعود. كان هناك شيء ما خلف ذلك القناع البارد المخادع الذي كان يغلف وجهه ،شيء ما دافء ومليء بالحيوية وبالتحديد ذو قيمة. فقد كان على هذا النحو، شبيها بحديقة الورد، وراحت تتساءل إذا كانت قد رأت أيا منهما يزهر.
كانت ذراعاه معقودتين على الطاولة ويداه تحيطان بكوب من القهوة الساخنة. أدار وجهه بسرعة لدى ولوجها الغرفة وتدلت خصلة من شعره الأسود فوق جبينه على شكل فاصلة.حيته برقة: “صباح الخير.” وعبرت الطاولة إلى حيث كان إبريق القهوة جاثما على الرف. وسالته: “أين بيكي؟” وأحست بثقل عينيه عليها فيما كانت تتلمس بارتباك ابريق القهوة. أجابها: "اليوم يوم سبت، وهي لا تأتي في نهاية
الأسبوع.” رمقته بنظرة فوجدت أنه عاد ليركز اهتمامه على سيول الأمطار المنزلقة على النافذة الزجاجية، ثم ملأت كوبها من تلك القهوة السوداء الحادة واتكأت على الرف.
“أعتقد أن دافيد لن يصحو من نومه قبل ساعات.
هز برأسه وهو غافل عنها، ولاحظت كم كان يبدو تعبا. رأت بقعا شاحبة تحت عينيه، وأنه غير حليق، وشعره أشعث وكأنه لم ينم جيدا تلك الليلة. وثبت من مكانها حين أدار وجهه ليجدها تحملق إليه. قالت بسرعة في محاولة لإخفاء ارتباكها:
"تبدو تعبا."
"وأنت"
هزت بكتفها وراحت تنظر إلى قهوتها وهي تتساءل بماذا تجيب، غير أنه قال بصوت أجش ونبرة رتيبة وكأنه في صدد استظهار خطبة عن ظهر قلب: “أريد أن أحدثك عن ليلة البارحة والموسيقى، وما تعتريني من مشكلات في تأليفها. فكل شيء مرتبط ببعضه بعضا، كما تعلمين.ولكنني لم أشأ أن أعترف بذلك.
تشبثت مادلين بكوبها بيأس وأخذت تنظر إليه وكأنه يحوي أسرار العالم ولم تستطع أن تنظر بعيدأ ثم غمغمت قائلة: “أعلم ذلك. لست مضطرأ لأن تقول شيئا، فأنا السبب في عدم قدرتك على الكتابة.”بقي صامتا لوقت طويل. وجازفت واختلست نظرة إليه وتوهجت وجنتاها بارتباك.
أسند ذقنه بين يديه ونظر من خلال النافذة ثم قال: “إنها غلطتي، لا غلطتك. كان يجب أن احتاط لذلك منذ اليوم الأول الذي التقيك فيه في شقتك. فقد كان الأمر واضحا...” توقف قليلا وقد تجهمت أساريره وتابع قائلا: “... أن الأحاسيس ستقف حاجزا أمام أية علاقة عمل بيننا.” أغمضت مادلين عينيها لبرهة، وقد أحست بعذابها حين راحت تتذكر كيف أنهت حياتها بسرعة وشوق كليين لتلحق به. وقد بدت حينها كإحدى المعجبات الملتاعات والتائقات لنظرة ورعاية من ذاك الذي كان سببا في هيامها وافتتانها.
عض الياس على شفتيه وهو يراقبها ثم قال: “لقد كنت أحسب أن غياب المشاعر هو السبب في كل المتاعب، ولكن الليلة الماضية اكتشفت أنني مخطىء، أليس كذلك؟” قال ذلك ثم استطرد: “أنا أعرف أن ذلك لا يفيد بشيء لكن الليلة الماضية.... بعد وضوح كل شيء... تهدم السد المنيع. ولم أستطع التوقف عن الكتابة. بقيت طيلة الليل أعمل حتى أنهيت أغنية العنوان.
حاولت مادلين أن تبقي مشاعرها دفينة في أعماقها. فجأة لم يعد يهمها شىء مهما كان. العزف هو كل ما يريد منها، ولم يعد يهمها إذا تركت فلذة من قلبها في مكان مؤقت جديد، فكل ما كان يهمها هو اليوم وربما غدأ، أن تخرج وإياه الموسيقى إلى حيز الوجود، وأن تبقى إلى جانبه أطول مدة ممكنة.
تابع الياس قاللا: “ليس علينا أن نشعر المشاعر والأحاسيس نفسها اتجاه بعضنا بعضا كي نصنع الموسيقى العظيمة، يا مادلين.وحتى لو كانت الموسيقى هي كل ما نقوم به سوية،فهي اكثر بكثير مما يستطيع الناس تحقيقه في حياتهم” كانت عيناه وهو يتكلم بليغتين في نظرتهما العميقة باخضرارها، لطيفة وناعمة بما تكنه من احساس غير مقروء.إبتلعت ريقها بصعوبة وحاولت أن تحبس دموعها. هذا معنى كلامهم، عندما تكلم الشعراء القدامى عن الحب الذي لا يعوض ولا يجازى. فهذا ما يعتبرونه آلام التضحية بكل شيء... في تقديم حياتك وكبريائك وآخر معاقل احترام الذات على مذبح التضحية... من أجل أن تكون قريبا من الإنسان الذي لا يمكن أن تعيش في منأى عنه حتى و أنت تعلم أن شعورك لن يكون متبادلا.
راحا يحملقان ببعضهما بعضا فيما حل صمت مطبق واضح مرتبك بينهما حتى كاد أن يملا الغرفة ويخنقهما معا، دخل دافيد فجأة إلى الغرفة بسرعة وفي اهتياج صاخب، مثل ولد صغير بريء يخرج من الكنيسة، لا كرجل كان يعاني من الآثار البغيضة التي يسببها الإسراف في الشراب. وألقى التحية عليهما قائلا: “عمتما صباحا.
حاولت مادلين أن تستجلب ابتسامة بارعة إلا أنها اخفقت في ذلك.
ضحك دافيد وهو ينظر إليها وقال: “أعتقد أنك حملتني على ظهرك ليلة البارحة؟”
هزت برأسها وهي تشير إلى الياس وانحنى دافيد انحناءة ساخرة وقال: “شكرأ، يا صديقي القديم، واعتذاري منك، يا ملاكي.” مشى إلى حيث كانت جالسة فجثا على
ركبتيه قبالتها وقد بدت قسمات وجهه نادمة على نحو ساخر وأردف قائلا: “لقد تصرفت بفظاعة ليلة البارحة، ولك كل الحق في أن تغضبي مني... مع أني واثق من عدم قدرتي على احتمال ذلك إذا حصل.” وارتفعت عيناه السوداوان هما تستميحان المغفرة منها، غير أن مادلين شعرت بتيار خفي من الندم الحقيقي. قالت بهدوء: “لا بأس عليك، يا دافيد.” فيما كان يقف ويبتسم بابتهاج وقد ترك فيها شعورا بالغباء كونها صدقت جديته.
قال وهو ينظر إلى الياس: “الحقيقة، أنها حاولت أن تضيع رشدي ثم حاولت أن تصل إلى مبتغاها مني. لكنني قاومت حتى النهاية. وأظن أنك فخور بذلك “
هزت مادلين رأسها بارتباك ظاهر، أما الياس فرفع أحد حاجبيه الداكنين وقال بجدية ظاهرة: “الحقيقة هي أنه في كل تلك السنوات التي قضيناها معا، لم ألمحك أبدا بهذه الصورة.” وبعد تردد بسيط حدج دافيد بنظرة متمعنة وتابع قائلا: لماذا ليلة البارحة بالضبط؟” توقف دافيد عن الضحك لحظة، ثم اخفى ارتباكه بضحكة متوترة وهزة كتف ملؤها الاستنكار وقال: “أعتقد أنه هناك دائما أول مرة في كل شيء.” ووثبت مادلين من مكانها لدى تصفيقه بيديه وتابع قائلا: “الآن، من يريد أفضل عجة لم يذق أحد مثلها في حياته؟” عبر إلى البراد في خطوتين طويلتين ثم دلف بجسمه في الأعماق وهو يفتش في محتوياته قائلا: “هلا أحضرت بعض الصحون، يا ملاكي؟ لدينا الكثير من الأعمال لنناقشها معا. ومناقشة الأعمال تصبح أفضل مع الأكل.” راح يثرثر على نحو متواصل، فيما هو يحضر العجة،بسيل من المواضيع المتشابكة، سائلا نفسه تارة، ومجيبا عن أسئلته طورا، وهو غافل عن صمت رفيقيه.
جلسوا جميعا إلى الطاولة. دافيد على رأسها والياس ومادلين في الجهتين المتقابلتين وتغيرت نبرة دافيد وتصرفه وصارا أكثر جدية. إستهل قائلا بكآبة وهو يقطع العجة بشوكته ويتفحص اللقمة قبل ادخالها في فمه: “حسنا يا ولدي، هل أنتما جاهزان لكي تصبحا نجمين؟” اختلسا، الياس ومادلين، نظرة خاطفة إلى بعضهما بعضا ثم تحولا إلى دافيد وهما حريصان على إبقاء تعبيرهما طبيعيا وساله الياس قائلا: “عم تتكلـم؟”
ضحك دافيد وهو يهز حاجبيه وقال: “فكرة بارعة لتحقيق هدف وجعلنا أثرياء.” وتابع قائلا: “أعلـم انك لا تعير الناحية المادية اهتمامك يا الياس، ولكن لا أحد غيرك حول هذه الطاولة يملك حسابك في المصرف. بالإضافة إلى ذلك، كلما كانت الدعاية للفيلم ولاسطوانته جيدة، ازداد مبيع أشرطة التسجيل وازداد استماع الناس لموسيقاك
وهذا كل ما يهمك، أليس كذلك؟”
أذعن الياس لفكرة دافيد بهزة مترددة من كتفه وقال:"وما هو شأني أنا ومادلين في أن نصبح نجمين؟ فنحن بصدد تسجيل الأغنية للفيلم وليس الظهور فيه."
ابتسم دافيد ابتسامة النصر قائلا: “ربما لا، لكنكما ستمثلان. لقد أخبرت المنتج عن ملاكي هذا. فهو يريدكما أن تظهرا على غلاف الألبوم. ألم تفقها بعد، ما أقول؟ وسيكون للصحافة اجتماع في الهواء الطلق. فالفن يحاكي الحياة إلى آخر المعزوفة. وعندها ينتهى كل هذا ستصبحان الثنائي العاطفي الأكثر تشويقا منذ...” توقف ورمق وجه مادلين الخالي من أية ردة فعل، ثم قال متابعا: ما الخطب، يا ملاكى؟” جلست ساكنة تنظر إلى وجه الياس وسالته في نبرة خفيفة: "ماذا تعني بعبارة الفن يحاكي الحياة؟” هز كتفه، ثم ابتسم بارتباك قائلا:" لم أعن أنها كانت بالطبع، فقط كل شخص سوف يعتقد أنها كانت.” استمر في ابتسامته تلك إلى أن انتبه إلى عدم إدراكها لما كان يتفوه به فقال: “الفيلم، يا مادلين. الحبكة. مؤلف موسيقى مزاجي
في قصة حب عاصفة مع عازفته،..” استوقفته نظرتها فقال لها: “ألم تعرفي، بعد ما هو محتوى الفيلم؟”“ هزت مادلين برأسها وقد خدرتها هذه المصادفة الخاطئة والمحرفة. فهذا ليس بالفن الذي يحاكي الحياة، إنما الفن الذي يسخر من خيالاتها ونزواتها الكامنة فىي أغوار نفسها. وهمست بسرعة قائلة: “لا أستطيع ذلك.” ورأت الياس، من طرف عينها وهو يهز رأسه وينظر من خلال النافذة وقد استدق فكه.
تابع دافيد حديثه فى محاولة لإقناعها: “لا تكوني سخيفة، إنها مجرد صورة، ولا ننسى أنها ستدر عليك كثيرا من المال. فصورة دعائية بارعة كهذه ستفتح المجال
لأرباح هائلة من الأسطوانات.” أخذت نفسا عميقا وحاولت ان تبتسم إلا أنها أخفقت.
فلم يكن هناك من طريقة لإفهام دافيد من دون أن تصرخ بالحقيقة عاليا. كيف سيفهم أن الشيء الوحيد الذي كانت تريده من حياتها هذه، هو أن يقع الياس، في حبها؟ و أن مجرد مشاهدتها الياس وهو يدعي أنه يحبها أمام الكاميرا، مع علمها بأنها خدعة، كان أكثر مما تستطيع تحمله؟ ونظرت إلى يديها وهما ترتعشان بتوتر فوق حضنها وحاولت أن تستجمع قواها.
عندما نظرت أمامها مجددا، كانت أكثر رباطة جأش فيما كانت ابتسامتها باردة. وقالت:
-"إذا كان هذا من أجل مصلحة العمل فعلا، يا دافيد، لأن أظهر على الغلاف، يمكنك
أن تستخدم أحدا غيري... يكون أكثر ملاءمة. عارضة ازياء ربما..."
هز دافيد رأسه وقال:
- “لا، فالمؤلف الحقيقي والعازفةالحقيقية... هما اللذان سيكونان وراء نجاح هذا الشيء،وتسويقه. بالإضافة إلى ذلك فقد حضرنا جلسة التصوير وقد وعدت المنتج بأنكما وافقتما على الاشتراك. فأنا من باعه الفكرة، يا ملاكي.
شعرت مادلين بأن أحشاءها تغادر جسدها ولن يبقى في داخلها شيء. وسوف تصبح مثل الصدفة الفارغة.وردت بحدة قائلة:
-"ما كان يجب أن تفعل ذلك.
هز الياس برأسه وهو يحملق فيها فلم تستطع إلا أن تشحب تحت تأثير نظراته الخضراء الباردة. وعندما بحثت عن الأمان والراحة في وجهه لم تعثر إلا على قلة الصبر ومسحة من الغضب.رد دافيد قائلا:
-“إنها مجرد صورة يا مادلين. فهي لا تعنيشيئا. فلا يتوجب عليكما أن تعجيا ببعضكما بعضا...”
تردد قليلا وعيناه تتحولان من واحد إلى آخر. قاطعه الياس فجأة قائلا بنبرة شبيهة باصطدام الجزء الضارب من المعدن بالفولاذ البارد:
-“إنها محقة. يمكن استخدام عارضة. فلن يفقه الجمهور الفرق”
هزت مادلين برأسها وهي مستعجلة الإجابة قائلة:
-“وجهي ليس ملائما للتصوير ويمكنك أن تقع على أحد غيري ممن يستوفون الشروط.”
وفجأة تحولت نظرتها أكثر حدة ونظرت إلى الياس وهي تقول:
-“بيكي مثلا.
حملق الياس بها، من دون ن ينبس ببنت شفة، فيما استعجل دافيد بالكلام مقاطعا:
-“بيكي؟ إنك تمزحين.
سألته مادلين: “وهل تعرفها؟”
“بالطبع أعرف عنها فالياس يتكلم عنها معظم الوقت...” فأجفلت مادلين قليلا لهذه العبارة، فيما تابع دافيد مخاطبا: “... لكننا لم تلتق بعد ولكن لم يخطر على
بالي قط أن استخدمها لعمل كهذا...” قاطعته مادلين وهي تحاول إخفاء ألمها وقالت: “ولما لا؟ فهي ستكون رائعة. إنها واحدة من أجمل النساء اللواتي التقيتهن في حياتي. سيفرح المنتج لدى وضع صورتها على غلاف الألبوم، وإني واثقة من أنها ستفعل ذلك بملء خاطرها." شعرت بنظرة الياس الباردة. وعندما نظرت إليه هز كتفيه. قال الياس موجها حديثه إلى دافيد: “ربما ستوافق على القيام بذلك. وماذا يهم من يحتل الغلاف، طالما أن الجمهور قد قبل بالفكرة؟”
تجهم وجه دافيد، ولكنه، بعد تقييمه لمدى التوتر بين الياس ومادلين، تنهد مستسلما وقال: “حسنا، إذا كنتما ترتئيان أخذها بعين الاعتبار، فسنفعل ذلك.” ثم هز كتفه مرة اخرى وكأن القرار كان غير منطقي. وقف الياس فجأة قائلا: “هيا بنا، سأتبعك حتى وصولنا إلى الضيعة،ثم نتوقف عند بيكي حيث يمكنك الاجتماع بها بنفسك" وقف دافيد وعيناه الداكنتان تلمعان في فوضى وقال وهو يفرك يديه في محاولة ظاهرة، مليئة بنوايا الفسق والدعارة، إلا أن جواب الياس أرجعه القهقرى وقد بات مرعوبا.:“لا تفكر فيها أبدا هكذا، يا دافيد.” فيما كانت عيناه تلتمعان بدفاع ظاهر. وتابع قائلا: “ابعد بيكي بعيدا عن هذه الأشياء.” رفع دافيد أحد حاجبيه وكأنه قد تعرض لهجوم وقال: “أعلم ذلك. لطالما كنت أعلم هذا.” أغمضت مادلين عينيها وتحولت بهما بعيدا، فلم يجب أن تتألم كثيرأ لدى سماعها الياس يقول بصوت عال ما كانت تعلمه منذ فترة طويلة، إلا أنها تألمت نوعا ما. كان دافيد واقفا بقربها وهو يبتسم لها ابتسامة غامضة. ومد يده وأخذ ذقنها بين راحته بأصابعه بلطف وقال: “اتصلي بي يا ملاكي، في أي وقت.” وتحولت نظراته إلى .الياس قائلا: “لا تمانع في أن تتصل بي مادلين؟” نظر إليها نظرة باردة وقال: “يمكنها أن تفعل ما يحلو
لها. لنخرج الآن من هنا.” بقيت مادلين جالسة مكانها وهي ساكنة بعد انصرافهما بسيارتيهما. فكرت بحزن لو كان لي أصدقاء لكنت اتصلت بهم الآن;لكنا تبادلنا أطراف الأحاديث وضحكنا وربما بكينا قليلا، ثم لكنت شعرت بتحسن) وقفت بعد وقت طويل، مثل امرأة طاعنة في السن ومشت ببطء ومن دون حيوية عبر البيت إلى ردهة الاستقبال، وجلست هناك في مواجهة صديقها الأوحد ووضعت يديها على لوحة المفاتيح، وأخذت تتكلم الحانا بينما في الخارج كان المطر لا يزال ينهمر.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 23-03-19 الساعة 08:05 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:23 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.