آخر 10 مشاركات
جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          أشعلي جمر الرماد (4) للكاتبة الرائعة: jemmy *مميزة & كاملهــ* (الكاتـب : حنين - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          هل تغفر لي - باربرا مكماهون (الكاتـب : سيرينا - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-04-20, 12:39 AM   #631

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي


صاح مفرح بقوة "كلاااااااب ..سأنتقم منكم يا كلاااااب"
صدرت قهقهات من الجانبين حيث يجلس بين ولديه أمام شاشة كبيرة ويمسك في يديه متحكم الألعاب الالكتروني في الوقت الذي ابتسمت مليكة وهي تخرج من المطبخ حاملة صينية تحتوي على عدد من السندوتشات .. فنظر إليها مفرح نظرة سريعة قبل أن يعود للشاشة قائلا" الكلاب يفعلان ما يفعله معي توأميّ غنيم ..لكني لن استسلم"
قالت مليكة بلهجة حازمة لثلاثتهم وهي تضع الصينية أمامهم على المنضدة الصغيرة" أوقفوا اللعب قليلا حتى تأكلوا أولا"
ترك إياد ما في يده وقال مناغشا وهو يلتقط سندوتشا "أحبك يا موكا ..أحبك"
هدر فيه مفرح بتوبيخ زائف " اسكت يا ولد لا تتحدث بهذه الطريقة (ونظر إليها يقول بلهجة مغازلة ) أنا فقط من يخبرها بهذا الكلام .. أحبك يا موكا أحبك"
ابتسمت مليكة ابتسامة واسعة بينما ضحك إياد وقال" إذن فلنقولها سويا"
في صوت واحد كرر مفرح وابنه العبارة بينما ظل أدهم يتابعهما بابتسامة هادئة كعادته وهو يأكل ..فقالت مليكة وهي تجلس على يد مقعد مجاور لمقعد مفرح "كلوا إذن إن كنتم تحبونني"
همس مفرح وهو يمسك بكم ردائها البيتي الأنيق المكون من بنطال وبلوزة" ما رأيك أن تجلسي على حجري بدلا من يد المقعد"
نظرت له مليكة بتوبيخ تشير بمقلتيها على الولدين ..فأمسك مفرح بسندوتش وقضم منه بغيظ.. لتبتسم وهي تراقبه يأكل .. فقد اشتاقت إليه في اليومين اللذين بات فيهما في العاصمة.
بعد قليل لاحظها مفرح تتشمم ملابسها .. فنظر إليها متسائلا لتسأله بدورها "هل تبدو رائحتي غريبة؟"
رفع مفرح حاجبا ورد بلهجة ذات مغزي" لا أظن أنك قد غيرت عطرك وكريمات ما بعد الاستحمام وما بعد الاستيقاظ والخ الخ من قائمة الروائح عندك.. فرائحتك كما هي..(وهمس) أم أن هذه دعوة لشيء ما؟!"
تخضبت وجنتيها وغمغمت "لا تتأمل في شيء فهناك موانع نسائية"
لوى شفتيه ممتعضا فاتسعت ابتسامتها ثم عادت لتتشمم ذراعيها بالتبادل ليقرب مفرح رأسه منها يتشممها هو الأخر بشقاوة فأسرعت مليكة بإبعاده باعتراض هامس "مفرح!.. الأولاد"
بمجرد أن أنهت كلامها سأل إياد" ماذا تفعلان؟"
تجمد مفرح لثانية قبل أن يعتدل ويمسك بسندوتش ويحشر طرفه في فم إياد قائلا" لا يخصك ..كُل"
كتم أدهم الضحك .. فأشار له مفرح بعينيه هو الآخر.. وقال "وأنت أيضا ..ركز في طعامك"
عاد يرفع نظراته لمليكة الجالسة على يد المقعد المجاور فتأمل شعرها الذي عقدته في ضفيرة واسعة مرتخية على جانب واحد و الخصلات المسدلة على جانبي وجهها المليح ..
لتتلاقى عينيهما .. ويسألها بحنان "هل كل شيء على ما يرام؟"
أومأت برأسها بالإيجاب.. فقال" أنا سعيد بأن نومك قد اصبح أكثر انتظاما"
غمغمت بخفوت "اضطررت للجوء للحبوب المنومة كما قلت لك"
رد مفرح متعاطفا" حتى لو كان .. فمن الجيد أن تنامي .. ألا تريدين أن نذهب لطبيب ؟.. تكلمت مع الدكتور أكرم وأخبرني بأنه فشل في اقناعك"
ردت مليكة بهدوء" الأمر بسيط ولا يستحق كل هذا .. واضطرابات النوم نصف الشعب يعاني منها"
تردد قليلا ثم قال بحذر "لربما أردتِ أن تتحدثي معه عن أمور أخرى"
قالت بسرعة " لا أريد أن اتحدث في أي شيء مع أي أحد"
صمت مفرح غير راغب في الضغط عليها ..ثم تعمد أن يغير الموضوع فسألها" وكيف حال الحاج عبد الغني؟.. اتصلت به أمس لأطمئن عليه"
ردت بابتسامة" أبي بخير والحمد لله"
عاد ليسألها " وهل تصالح زوجتيّ بشر وعليّ أم أن الخلاف لا يزال قائما"
قالت مليكة " تصالحتا الحمد لله .. كان مجرد سوء فهم من الجانبين"
غمغم بالحمد لله قبل أن يعود ليلتقط ساندويشا فقالت مليكة" الطعام جاهز لتأخذه .. جزء منه غلفته ليأخذهصاحباك معهما إلى العاصمة .. عليهما فقط وضعه في الثلاجة فور استلامه .. والباقي سيكون من أجل طعامكما الليلة"
أمسك مفرح بيدها وقبلها ثم رفع وجهه إليها قائلا "سلمت يداك"
ربتت على يده بحب يطل من عينيها له .. فاعترف لنفسه بأنها هذه اللحظة أكثر استرخاء لأنها في أيام المانع الشرعي .. وكأن وصالهما هما ثقيلا عليها .. هذه الحقيقة وحدها كانت كفيلة لأن تحزنه مدى الحياة ..لأن تضعه بين شقي رحا .. ما بين حبه واشتياقه لوصالها وحاجته الملحة لها كرجل من جهة.. وبين حبه لها وعدم رغبته في الضغط عليها بما يزعجها من جهة أخرى.. ناهيك عن أن فكرة نفورها منه وحدها هي بمثابة خنجر مسموم مغروس في قلبه منذ سنين اعتاد على وجوده.. قاطعت مليكة أفكاره حين سألته "متى تريدون أن أرسل الطعام؟"
بلع غصة مُرة وأجابها بهدوء " سآخذه أنا إليهما معي في السيارة آخر النهار .. فسنشاهد ثلاثتنا المباراة في بيت الجد صالح .. أخبرني شامل بأنه سيشتري شاشة اليوم وسنقوم بتركيب الطبق وضبطه قبل موعد المباراة مساء "
صمتت مليكة ولم تعقب بينما ظلت نظرات مفرح معلقة بها قبل أن يقول شاردا في ملامحها التي تبهج روحه من مجرد النظر "كثيرا ما تمنيت أن يكون التوأم متزوجين وأن تكوني على علاقة بزوجتيهما.. وتجتمع الثلاث أسر في لقاءات جماعية .. "
ابتسمت مليكة فغمغم باستدراك" أعلم بأنه مجرد حلم .. وبأن كامل سيغادر قريبا وقد يلحق به شامل"
تطلعت فيه بشفقة ثم مدت يدها تمشط له شعره الأسود وهي تسأله" ألا يزال كامل مصرا على السفر؟"
أومأ برأسه بأسف وكل خلية من جسده تتجاوب مع لمسة يدها بشوق بينما غمغمت مليكة مشجعة" فليكتب لهما الله الخير ويلهمهما بالقرار السليم "
أمن على دعائها ثم قال ينفض عنه المشاعر السلبية "أتعلمين بم أخطط إن شاء الله ؟"
ناظرته بتساؤل فأوضح" أن نقضي عطلة الصيف كلها خارج القرية .. أعلم أن أبي سيعارض وبأنك لا تحبين الابتعاد عن القرية لفترات طويلة لكني سأحاول اقناع أبي إن شاء الله.. واقناعك أنت أيضا .. فأنا وأنت بحاجة ماسة لتغيير الأجواء.. فلنقضي شهور الصيف بين شقتي في العاصمة وأحد المدن الساحلية .. أنا حتى غير قادر على البدء حتى الآن في رسالة الدكتوراه .. أشعر بأني مستنزف كليا"
غمغمت مليكة وقد أحست بالذنب لمعاناته بسببها " لن تحتاج لإقناعي أنا معك في أي مكان يريحك إن شاء الله"
قهقهة من أدهم جعلتهما ينتبهان .. فوجدا إياد يقف بجوار أخيه يمسك بقلبه ويمشط على شعر أخيه باليد الأخرى وهو يقول بطريقة مسرحية متنهدا" سلمت يداك يا مليكة .. أنا معك في أي مكان يريحك يا مفرح"
احمر وجه مليكة وضغطت شفتيها ببعضهما بحرج وهي تبعد يدها عن رأس مفرح بينما هتف مفرح وهو يستقيم واقفا ويهم بالهجوم عليه" أتتنصت على حواري مع المُزّة خاصتي يا كلب!"
شهقت مليكة تضع يديها على خديها هاتفة باستنكار "مفرح !!!"
انفجر أدهم وإياد في الضحك والأخير يسرع هاربا من أمام والده بينما نظر مفرح لمليكة قائلا بصبيانية" هما من علماني الكلمة يا مليكة لست أنا"
تطلعت فيه متسعة العينان ويدها على فمها بينما اسرع مفرح خلف ابنه الذي أخذ يتحرك هنا وهناك وهو يتراقص أمامه سعيدا بالإفلات منه ..فتبادل أدهم ومليكة الابتسام قبل أن تترك مكانها مقتربة منهما وهي تصيح "ثواني يا مفرح من فضلك ثواني"
توقف الاثنان عن المطاردة والضحك فنظرت إليهما مليكة بملامح متسلطة قبل أن تقول بحزم" من أين أتت هذه الكلمة الوضيعة؟"
رد مفرح مدعيا البراءة" أنا مؤدب يا مليكة ابنك من قالها"
شهق إياد وقال بسرعة" ألم تسمعيها منه بأذنيك منذ دقيقة!"
ناظرت مليكة زوجها بتوبيخ قبل أن تقول "أتمزح يا مفرح!.. (وتطلعت إلى إياد تقول محذرة ) هذه الكلمة غير لائقة يا إياد"
رد إياد بثقة" أعرف يا أمي ..لكننا نستخدمها فيما بيننا نحن الذكور"
اتسعت عيني مليكة متفاجئة فكتم مفرح الضحك وهو ينظر لوقفتها تسند يد على خصرها قبل أن تسأل بصدمة "من تقصد بـ ..نحن الذكور ؟!"
قال إياد ببساطة يرفع كتفيه" أنا واصحابي"
قالت وهي ترمش بعينيها عدة مرات " أنت وأصحابك تتحدثون عن أي شيء بالضبط لتستخدموا هذه الكلمة؟!!!"
قبل أن يندفع إياد في الإجابة كان مفرح قد لف ذراعه حول كتفي ابنه وكتم باليد الأخرى فمه قائلا شفقة بها "دعي أمر البحث في عالم الذكور لي أنا يا مليكة"
سألته بعدم استيعاب" ماذا يقولون فيما بينهم يا مفرح؟"
قال وهو يرفع إياد ليلقي به خلف رقبته بشكل أفقي ممسكا ذراعيه بيد وساقيه بيد أخرى كما تُحمل الجديان* " قلت دعي الأمر لي مليكتي فأعصابك لن تتحمل الغرف المغلقة لحياة الذكور"
شهقت ورددت بصدمة "يا الهي الغرف المغلقة !.. لهذين؟! "
قالتها وأشارت على إياد ثم على أدهم الجالس يراقب ما يحدث من بعيد بابتسامة هادئة فانفجر إياد ضاحكا من فوق كتفي والده وهو يردد" الغرفة المغلقة"
قال مفرح وهو يتحرك به نحو غرفة الصبيان قبل أن يعض على ذراع ابنه "حسابك معي عسير "
صرخ إياد ضاحكا "انجدني يا أدهم ..انجدني يا أخي"
اتسعت ابتسامة أدهم وهو يترك مقعده ويذهب ليلحق بهما مارا بمليكة التي وقفت تحدث نفسها "يا الهي .. مُزّة! .. وغرف مغلقة لعالم الذكور !.. هل كبرا إلى هذه الدرجة!!"
××××


ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
* جِدْيان : جمع جَدْي وهو ذكر الماعز




يتبع









Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 12:41 AM   #632

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

غارقا في افكاره وتائها وسط لُجة مشاعره كانت خطوات كامل شاردة في طريق العودة من مزرعة الوديدي للمواشي .. يمشي في ذلك الطريق الطويل الخالي إلا من بيت واحد هو بيت الجد صالح ومزرعة العمدة في مواجهته وسط سجادة خضراء من الحقول على الجانبين .
أفاق من شروده بمجرد أن لمحها عند البوابة .. فكشرت ملامحه وأسرع الخطى ليعرف ماذا تفعل بالضبط.
كانت ونس قد انتهت بالفعل من آخر الخطوط التي رسمتها على سور البيت الخارجي فاقترب كامل محدقا بعينين متسعتين قبل أن يصرخ بغيظ "ماذا تفعلين يا أنتِ؟"
انتفضت بمجرد أن اخترق صوته سماعتيها .. وعلى الرغم من شعورها بالخوف من مظهره المخيف وملامحه المرعبة إلا أنها قبضت على الطباشير في يدها بقوة ووقفت بحاجبين معقودين ترفع إليه وجها عابسا متحديا جعل كامل يجز على أسنانه بقوة وهو يحاول التماسك حتى لا ينطحها برأسه في رأسها المرفوع إليه بهذا التحدي الساذج غير المتكافئ في أي شيء وهدر بعصبية "أقسم بربي أنا أمسك أعصابي بقوة حتى لا أرتكب جريمة"
خرجت بسمة وأم هاشم من الباب الأخر وخلفهما بعض الفتيات على صوته العالي ..فهتفت الأولى باندهاش "ماذا حدث مجددا؟"
نظر إليها كامل يقول بعصبية مشيرا على الحائط" أنا من يسأل يا باشمهندسة"
تحركت بعض الفتيات لمشاهدة ما فعلته ونس قبل أن يكتمن الضحك .. فزمجر كامل بعصبية جعلت أم هاشم تصيح فيهن وهي تحاول ألا يظهر على وجهها الضحك هي الأخرى" هيا عدن للعمل فوراً.. من سمح لكن بتركه "
حين تلكأن تحركت نحوهن تشيح بيدها فاضطرت الفتيات التراجع للداخل ضاحكات بينما أم هاشم خلفهن للتأكد من عودتهن للعمل في الوقت الذي وقفت بسمة تحاول بكل قوتها الثبات على جدية ملامحها لكن الابتسام تسلل إلى وجهها البارد ليضيئه أمام عيني كامل المدققتان فيها رغم شعوره بالغيظ .. فغمغمت وهي تتحرك نحو ونس "تعالي يا ونس ..قلت لك لا تحتكي به"
بخطوات ثقيلة تحركت معها ونس خطوتين وهي لا تزال تتطلع في كامل تبحث في عينيه عن ذلك الأمير الوسيم بنفس الملامح الذي قابلته من قبل فازداد غيظ كامل ووقف متخصرا يطالع بسمة بنظرات نارية ثم قال باستنكار وهو يرفع حاجبا "أهذا هو كل ما ستفعلينه؟.. تسحبينها من أمامي حتى لا تحتك بي!!"
بشفتين مزمومتين بصعوبة وملامح ضاحكة رفعت إليه بسمة وجهها ترد ببرود متعمد "وماذا تريدني أن أفعل؟ .. البنت كانت ترسم وتلون في الشارع .. والشارع ملك الناس "
مستمتعا بتلك الدقائق للحديث بينهما ومتمنيا أن تستمر لساعات مع هذا الكائن الأنثوي ذو العينين الفيروزيتين قال كامل باستهجان " في الشارع !! تقولين ترسم في الشارع !! .. هذا بيتي باشمهندسة باسمة"
تنحنحت بسمة وقالت "حضرتك أجرت البيت من الداخل أما ما يحدث على سوره الخارجي فأنا مالكة البيت وليس لدي مشكلة فيه"
غمغم ساخرا "حقا !"
أومأت بسمة برأسها مؤكدة ببرود فتدخلت أم هاشم العائدة من عند البوابة الأخرى تقول بلهجة حازمة لتنهي الأمر "حصل خير يا استاذ"
ناظرها كامل بجانب عينيه قائلا بعناد" لا لم يحصل خير يا استاذة"
ضربت أم هاشم يدا فوق الأخرى مغمغمة وهي ترفع نظراتها للسماء" اللهم طولك يا روح !.. هل تريد الشجار يا أستاذ؟"
رد عليها كامل وهو ينظر لبسمة التي وقفت تحدق فيه " أنا لن أطيل في الحديث معكن لأنكن نساء .. لكن لي كلاما مستفيضا مع الحاج سليمان"
غمغمت أم هاشم " هذا أفضل .. هيا يا ونس .. هيا يا بسمة "
كانت الرغبة في مشاكسته تزداد بداخلها فاندفعت بسمة تقول " انتظري يا أم هاشم .. ما معنى لأنكن نساء .. ما بهن النساء ها؟!"
بنظرة لئيمة من جانب عينيه قال مغيظا "لأن الحاج سليمان هو من وقع العقد معي"
ناظرته تعض على شفتها بغيظ فأشاح كامل وجهه هاربا مما يعتريه لتصطدم نظراته بنظرات ونس المتفحصة وذلك الحزن الذي سيطر عليها .. ليس فقط لأنها لم تجد أميرها فيه ولكن لما استشعرته بأن هذا الشاب يصب جل اهتمامه اثناء الحديث على بسمة .. أما الأخيرة فاختلست النظرات نحو الرسوم من جديد وعادت إليها الرغبة في الضحك ..فأسرعت بسحب ونس المتسمرة للابتعاد قبل أن يتفاجأوا بالسيارة التي اقتربت من الناحية الأخرى وركنت بالقرب من البيت.
دققت ونس في ذلك الشاب الذي خرج من السيارة بنفس ملابس وملامح ذلك الواقف أمامها بينما قال شامل وهو يتطلع في الواقفين وخاصة ونس" ماذا يحدث يا كامل؟"
شهقت ونس ورفعت يديها تمسك برأسها وهي تمرر نظراتها بين الاثنين بفك متدلي .. بينما صاح كامل فيه" تعال يا بك ..يا سبب المشاكل كلها"
لم يفهم شامل ولم يعره اهتماما فهيئة ونس المتفاجئة وهي تحدق فيه جعلته يبتسم ويقول لها بلطف يرفع أصبعيه السبابة والوسطى "نحن اثنان.. لم أكن أعرف بأنك لا تعرفين هذه المعلومة"
كانت الصدمة عليها قوية وضربات قلبها تضرب بقوة في صدرها فتراجعت للخلف عدة خطوات وهي تمرر نظراتها بينهما قبل أن تستدير وتهرول نحو البوابة الأخرى لتختفي بالداخل تتابعها نظرات شامل بقلق بينما تحركت بسمة مغمغمة بلهجة مغيظة "هيا يا أم هاشم لدينا عمل ولسنا متفرغات للتفاهات"
بوقفته متخصرا هتف كامل في ظهر بسمة المغادر ووجه أم هاشم التي تتابع صاحبتها "تفاهات !!.. هل هذا الكلام موجها لي يا باشمهندسة ؟!"
لم ترد بسمة بل اختفت في داخل البوابة المجاورة ولحقت بها أم هاشم قبل أن يقترب شامل من الحائط مدققا في الرسوم ويسأل توأمه" ماذا فعلت لها بالضبط؟"
استدار إليه كامل يقول بوجه مقلوب "لا شيء غير أني أخبرتها أنني لست أنت وأن عليها ألا تقف أمام بيتي ..وحينما عدت من مزرعة الوديدي وجدت هذا على الحائط"
اتسعت ابتسامة شامل وهو يتطلع في الرسم بينما أكمل كامل بغيظ" والمعصب والمستفز هو تحديها لي وهي لن تحتمل نفخة مني فتطير .."
انفجر شامل في الضحك فصرخ كامل فيه "إنها هبلاء صدقني ..هبلاااااء (وضرب بسبابته ووسطاه على جانب رأسه مضيفا بعصبية ) لديها مشكلة في رأسها"
جلجلت ضحكات شامل عاليا فصرخ كامل فيه "أنت تضحك يا شامل!! .. أتجد الأمر مثيرا للضحك!"
خرج رأس بسمة مائلا للخلف من البوابة تتابع ما يحدث بين التوأمين بفضول واصابتها عدوى الضحك من مكانها بينما هتف كامل مشيرا على الحائط وهو يقول بغيظ وإنكار" أنا أصلا لا أفهم من هم هؤلاء الناس المرسومين على الحائط"
من وسط ضحكاته قال شامل" انهما شخصان يا غبي ( وأشار على الرسم ) انظر هذه الفتاة الصغيرة ذات الشعر الطويل حتى الأرض هي ونس .. "
ضيق كامل عينيه ورفع زاوية شفته العليا بينما أكمل شامل من وسط ضحكاته "وهذا الطويل الضخم ذو العضلات والشعر الطائر على جانبي رأسه من يا ترى؟"
بإنكار سأله كامل ممتعضا "من؟"
ربت شامل على صدر أخيه قائلا من بين ضحكاته "أنت يا حبيبي"
حدجه كامل بنظرة نارية .. فأكمل شامل من بين ضحكاته يكمل التفسير" هذه صور متتابعة يا غبي بنظام قصصي .. هنا الفتاة تضرب الضخم بحجر .. وهنا الضخم سقط على الأرض ..وهنا الفتاة تمسك بسكين (وانفجر ضاحكا ) والضخم يتوسل إليها.. أنظر يا كامل كيف يتوسل إليها "
طالعه كامل بمقلتين مقلوبتين يطحن ضروسه بينما وضعت بسمة يدها على فمها تكتم أنفاسها حتى لا تنفجر ضاحكة مستمتعة بحالة كامل المغتاظة ليكمل شامل " هنا غرزت السكين في قلب الرجل (وأمسك بقلبه يقول بطريقة تمثيلية ) آي .. وهنا مشهد رائع للنهاية .. كما ترى الضخم .. الذي هو أنت بالطبع معلقا من رقبته ومشنوقا بينما السكين لا يزال مغروزا في قلبه.. النهاية .. وبالطبع تستطيع قراءة الجملة المكتوبة إلا إذا كنت قد نسيت اللغة العربية"
مرر كامل أنظاره المشتعلة بالغضب بين توأمه والعبارة المكتوبة بخط كبير ( ارحل من هنا ) ..فمد شامل يده وسحب يد أخيه يسلم عليه وهو يكمل بتهكم " ألف مبروك عليك المشنقة يا كيمو سعدت من أجلك"
في لمح البصر كان كامل يلوي ذراع أخيه خلف ظهره متمتما من بين أسنانه" إن كنت لن استطيع أن أهشم رأسها فسأهشم رأسك أنت بدلا منها"
كان منظرهما ممتعا أمام أنظار بسمة المختلسة من طرف البوابة المجاورة .. في الوقت الذي قال شامل مستنكرا ومتألما "نحن في الشارع عيب على طولك هذه الأفعال يا أبا نخل "
استمر كامل في لي ذراع توأمه وهو يقول "ستقوم أنت بنفسك بمسح هذا الزفت أو دهانه هل سمعت؟"
قال شامل من بين ضحكاته "حاضر .. أمرك.. اترك ذراعي"
ترك كامل ذراعه فأسرع شامل بإخراج هاتفه من جيبه وبدأ في تصوير الحائط .. لينقض عليه كامل يقول بغيظ "ماذا تصور ؟"
حاول شامل الافلات منه وتركيز الكاميرا بصعوبة على الحائط والتقاط صور متعددة وذراعه الأخر يقاوم أخيه ضاحكا .. حتى طوقه كامل من الخلف ليشل حركته فهتف شامل من وسط ضحكاته" والله عيب عليك أن ترانا الناس بهذا الشكل"
استدار به كامل وهو لا يزال يكبله بذراعيه من الخلف قبل أن تتقابل عيناه بعيني بسمة ويرى ملامحها لأول مرة ضاحكة رغم فمها الذي تغطيه بكفها .. فتنحنحت هي واعتدلت في وقفتها المائلة ترسم الجدية على وجهها بسرعة ولم تجد ما تبرر به وقفتها تلك ولا تداري حرجها إلا أن تسرع برفع الهاتف على أذنها تقول بتأتأة وارتباك "آآ..آلو ..أمي .. هل اتصلت بي؟ .."
أرخى كامل ذراعيه عن أخيه في الوقت الذي اقتربت فيه أم هاشم تسألها باندهاش "لماذا تقفين هنا يا بسمة؟"
بارتباك أجابت بصوت عال وكأنها توصل رسالة ما "الهاتف لا يلتقط شبكة آلو .. آلو"
بوجنتين مشتعلتين وارتباك مراهقة اسرعت بسمة للداخل تشتِم نفسها على تخليها عن وقارها وتحفظها وعلى ذلك البله الذي أصابها بينما وقف كامل محدقا في أثرها بكتفين مسترخيين يديه في جيبي بنطاله والابتسامة تتراقص على شفتيه .
فانتهز شامل الفرصة واسرع بالتقاط الكثير من الصور قبل أن ينتبه لحالة أخيه الساكنة تماما فجاء دوره ليكشر عن أنيابه قائلا وهو يدفعه لبوابة البيت "هيا أمامي لا تقف بهذا الشكل .. هيا يا بني آدم"
بجسد متصلب استجاب كامل أخيرا لدفعات أخيه في الوقت الذي لمحا فيها سيارة مفرح قادمة من بعيد .. فوقفا ينظران إليها حتى استقرت خلف سيارة التوأمين وترجل منها مفرح ملقيا السلام ثم سألهما " ماذا تفعلان في الشارع يا ( نخلتين في العلالي ) ؟"
لم يرد كامل .. كان مسترخيا شاردا يستعيد ملامحها المبتسمة في خياله وعينيها اللتين قبض عليهما منذ ثوان تراقبانه يتساءل في سره أكانت تراقبه هو؟ .. أهي مهتمة بمتابعته؟ .. بينما اسرع شامل بالرد" وصلت منذ قليل واحضرت أشياء كثيرة كنا سننقلها للداخل "
قال مفرح "أهم شيء اشتريت الشاشة؟.. أنا احضرت طبقا هوائيا صغيرا كان لدينا لا نحتاجه "
أجاب شامل "نعم كله في السيارة"
توقف مفرح ينظر للرسوم على الحائط قائلا بتعجب" هل فعلتما شيئا جديدا لونس بنت عيد ؟"
رد شامل بعد أن حدج توأمه بنظرة مهددة حتى يخرس ولا يتفوه بشيء " لا شيء مجرد سوء فهم بسيط (وضرب بخشونة على كتف أخيه وقال ) هيا لننقل الأشياء من السيارة .. هيا تحرك يا بني آدم"
××××




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 12:44 AM   #633

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

وقفت تفرك كفيها بتردد وهي تتطلع في واجهة المعرض الضخم للأجهزة المنزلية فيمركز المحافظة والذي يطل على شارعين ويحمل اسم (دبور)كبيرا في الواجهة .

لقدفضلت أن تأتي بنفسها لمفاتحته فلن يكون الوقوف معه في البلدة مناسبا خاصة وأنها لم تنجح في اقناع هلال بعد .. لكنها تريد أن ترتب لهذا الموضوع وتحسب الحسبة وعدد الأقساط وإلى آخره لأن مهلة شهر ين ستنتهي سريعا .

لا تعرفما الذي أصاب هلال وجعله يتحسس بهذا الشكل من جابر.. وللأمانة هو يتعامل مع الأمر بحساسية منذ أن عاد جابر واستقر وتغيرت احواله لكنها انقلبت لحساسية مفرطة بعد أن ترك هلال عمله بالمصنع.

عادت لتشعر بالشفقة على زوجها فهو مكسور ومكتئب منذ ذلك الحين .

اعتلت نصرة درجات السلم الثلاث أمام المعرض الرئيسي لمحلات دبور للأجهزة المنزلية تشجع نفسها بأن جابر شهم ولن يخذلها وبأنها فقط ستعرف الأسعار وتتفق معه على التقسيط ..

قابلها أحد العمال ببشاشة فقالت وهي تعدل وشاحها فوق رأسها"أريدالمعلم جابر لو سمحت"

نادى العامل على عصفور"ياعصفور الحاجةتريد المعلم"

وقفت نصرة تتطلع حولها بانبهار وهي تتمتم بما شاء الله فالأجهزة المنزلية أمامها كانت مغرية ولامعة وحديثة ومن كل الماركات.. في الوقت الذي اقترب عصفور يقول"أهلاخالةنصرة"

قالت نصرة ببشاشة "كيف حالك يا عصفور وحال أمك؟"

غمغم الأخير"بخير والحمد لله"

قالت نصرة وهي تفرك كفيها "أريد المعلم جابر"

أشار لها لتتقدمه قائلا"سأريك الطريق"

بعد دقيقة كانت نصرة تدخل مكتب جابر بينما وقف عصفور ملتصقا بالحائط جوار الباب المفتوح يتسمع وعيناه تدوران في المكان ليتأكد من أن أحدا لن يلحظه.

في المكتب هلل جابر مُرَحِباً "مَرحبا بأم كريم أنرت المعرض"

غمغمت نصرةبحرج"المكان منير بأصحابه يا أبا ميس"

قال جابر بلهجة معجبة "الحقيقة أن العشاء ليلة أمس كان رائعا جدا يا أم كريم .. لم آكل أطيب منه في حياتي سلمت أيدكن"

غمغمت نصرة بالهناء والشفاء ثم اسرعت بقول ما يدور في ذهنها قبل أن تجبن على قوله "الحقيقة يا معلم جابر أناجئتك طامعة في كرمك"

غمغم جابر بحرج "استغفر الله ما هذا الكلام أنت تأمرين"

اسلوبه المتواضع أثر فيها بشدة خاصة مع الأزمة التي تعيشها حاليا والأفكار التي تعصف بها بشأن كيفية تدبير مصاريف جهاز اسراء .

قال جابر"ماذا تشربين أولا؟"

اسرعت بالقول "لالا أرجوك لاوقت لدي لقد خرجت من عند أبلة بسمة واسرعت إليك قبل أن أعود للبيت ولم أخبر أحد"

لم يحتاج الأمر لذكاء ليخمن سبب مجيئها لكنه قالبهدوء" تفضلي يا أم كريم طلباتك أوامر"

عادت لفرك يديها في بعضهما وقالت "الحقيقة أنت تعرف أننا قد بدأنا في تجهيز حاجيات اسراء..وطلال متعجل لإتمام الزواج .. فكنت أرغب في معرفة نظام التقسيط عندك في المعرض و..."

قبل أن تكمل كان جابر يشير بسبابته لعين تلو الأخرى قائلا "من هذه العين قبل هذه العين وهل لدينا أعز من الاستاذة اسراء"

قالت نصرة بسعادة"جزاك الله خيرا يامعلم جابر هذا هو عشمي فيك ولم تخيب ظني"

قال جابر"إذن تعالي لأريك المعروض وتختاري ما تريدين"

هتفت نصرة غير مصدقة "الآن!..أنا فقط أردت أن أعرف نظام التقسيط"

قال جابر وهو يخرج من خلف المكتب ويتوجه نحو الباب فأسرع عصفور بالاختباء "ما دمتِ موجودة فسأريك الموجود أم أنك تريدين إحضارالعروس لتختار بنفسها؟"

قالت نصرة وهي تلحق به بمجرد أن خرج من المكتب "لا اسراء وكلتني لأختار ما أريده فقط اشترطت عليّ ألا أبالغ في العدد وأن أختار الضروريات .. وبيني وبينك أنا لا أريدها أن تختار لأنها ستختار الأقل سعراً وأنا لا أريدها أن تشعر بأنها أقل من أي عروس أخرى"


قال جابر"تعالي إذن لأخذك في جولة في المعرض"

بعينين مبهورتين تفقدت نصرة ما حولها في الدقائق التالية..ثم وقفت أمام أحدى الثلاجات وفتحتها متفحصة ثم نظرت للأخرى قبل أن ترفع نظراتها لجابر فقال "لو تسأليني عن خبرتي سأقول لك اختاري تلك التي على اليمين.. ربما ليست مبهرة في الشكل كالأخرى لكنها من ماركة مشهود لها بالجودة العالية والعمر الطويل كما أنها أوسع وأكثر راحة (وفتح باب الثلاجة يضيف) انظري أيضا بالداخل تقسيمها أكثر راحة"

قالت نصرة"أنااثق في رأيك يامعلم جابر"

قال جابر مبتسما"إذن هي لك"

احمر وجه نصرة من الحرج بينما نادى جابر" يا عصفور تعال الصق هنا بطاقة بأن هذه الثلاجة محجوزة باسم هلال جمعة وتُنقل للمخزن فوراً هي وكل ما ستختاره أم كريم"

بامتعاض مخفي أومأ عصفور برأسه بينما أكمل جابر جولته مع نصرة التي كانت ساعتها كمن تخطو فوق السحاب.. وهي تدقق وتختار كمايحلو لها.. رغم شعورها بثقل الحمل أكثر فأكثر..

بعد بعض الوقت قالت نصرة "أريد أن أعرف إجمالي التكاليف وقيمة القسط يا معلم جابر"

قال جابر" هذا الامر لا تشغلي بالك به سأسويه أنا مع هلال"

اسرعت نصرة بالقول "هلال لا يعرف..أقصد لم أخبره بأني سأمر عليك"

رد جابر ببساطة "لا بأس الأجهزة التي اخترتِها موجودة.. وستظل بالمخزن حتى تطلبونها أو تخبروني فأوصلها حتى باب البيت"

فركت نصرة كفيها ثم قالت "الحقيقة أردت أن أعرف المبلغ والاقساط لأقنع هلال لأنه.. لأنه متحرج من الطلب منك"

فهم جابر بأن هلال يأخذ هذا الامر أيضا على كرامته فقال مطمئنا "لا تشغلي بالك يا أم كريم وخذي وقتك وأزيحي هم الأجهزة الكهربائية من رأسك .. هي لكم من الآن لو تريدين أن أرسلها بسيارة في أي وقت فقط أخبريني.. عموما هي عندي في المخازن حتى تطلبوها"


قالت نصرة متأثرة" جزاك الله خيرا يا معلم جابر ورزقك السعادة وراحة البال ..سأذهب أنا الآن"

رد جابر"في أمان الله "

استدار ينظر للثلاجة التي اختارتها نصرة ثم صاح بغضب " عصفور .. أين البطاقة التي طلبت أن تلصق عليها ؟"

بارتباك قال عصفور" حالا ..حالا"

بمجرد أن اقترب أشار له جابر بيده بنفاذ صبر أن يسرع الخطى .. ثم أخذها منه وكتب عليها بنفسه وألصقها على الثلاجة قبل أن يقول" يا شعبان تعال هنا ومعك الرجال وحركوا هذه إلى المخازن في ركن وحدها هي وكل ما سيأتيك باسم هلال جمعة "

تحرك شعبان بسرعة بينما قال جابر لعصفور بعبوس " وأنت تعال يا فالح لألصق بنفسي على الأجهزة التي اختارتها أم كريم وكف عن المرقعة "

××××



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 02-04-20 الساعة 01:28 AM
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:31 AM   #634

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

راقبها تقترب من بعيد .. ساهمة شاردة .. ليست على حالتها الطبيعية .. فجز على أسنانه وسأل نفسه بقنوط.. أيضربها ..أم يحبسها ويغلق الباب بالجنازير حتى لا تخرج وتغيب دون أن يعرف عنها أي شيء ؟..
لولا أنها جعلت أم هاشم تتصل به وتخبره بأنها معهم في مشروع بسمة لكان يدور باحثا عنها في البلدة كلها منذ ساعات فقال بغيظ "هل شرفت يا ست هانم ؟"
انتبهت ونس من شرودها وأسرعت بإحاطة عنقه بذراعيها تطبع على خده قبلة تلو الأخرى بمزاج رائق ..فاتسعت عيني عيد وتنحنح بحرج قائلا " احتشمي يا بنت عيد .. ماذا تفعلين! "
ابتعدت ونس قليلا ثم شكلت أمامه بأصابع السبابة والوسطى قلبا وهي تتطلع فيه بسعادة فاندهش لحالتها قائلا " ألهذه الدرجة أعجبك وجودك مع الفتيات هناك؟!"
أسرعت ونس بإخراج الدفتر من جيبها وكتبت بحماس" أحببت وجودي هناك والعمل مع البنات .. أريد أن أكون معهم كل يوم "
عقد عيد حاجبيه يقرب عينيه مما كتبت ثم قال مرددا "تعملين معهم؟"
أمسكت ونس بجلبابه وأخذت تتقافز على قدميها أمامه كطفلة مترجية .. فهرش عيد في رأسه قبل أن تكتب ونس "أرجوك يا أبي.. أرجوك ..أرجوك"
فكر عيد قليلا .. أيتركها لتبقى معهن طوال النهار خاصة وأنه علم أن نصرة أيضا تعمل هناك وبهذا يطمئن على وجودها في مكان آمن وأنها ستشغل نفسها بشيء بدلا من توريط نفسها في مشكلة بسبب اندفاعها ؟.
اقتربت ونس لتقبّله من جديد فأبعدها قائلا " احتشمي قلت يا بنت ما هذه الميوعة !"
قوست فمها للأسفل لاستعطافه مترجية فعبس في وجهها ليبدو حازما أمامها حتى لا يشعرها بأنها نجحت في استدرار عاطفته .. فهي محتالة في السيطرة عليه وعلى قلبه وبدلالها عليه هذا تضعفه فقال بغموض "هيا فقد اعددت الغداء يا ست هانم اذهبي واغرفيه لنا.. ودعيني أفكر في الأمر"
اقتربت لتقبله من جديد فرفع سبابته لها محذرا من الاقتراب .. لتتسع ابتسامتها الساحرة التي تسرق قلبه ثم أسرعت تسبقه للبيت بكل همة ونشاط وطاقة سعادة كبيرة تملأها منذ أن اكتشفت أن أميرها موجود ولم يتبدل .. وأنه عاد .. وستراه كل يوم .
أما عيد فتلفت حوله بتوجس شاعرا بأن هناك من يراقبه لكنه لم يرى أحدا في ضوء شمس الغروب المنعكسة على حقول الذرة أمامه فاستدار يدخل البيت لكن تلك القشعريرة الخفية ظلت تسيطر على جسده وتشعره بالقلق .
××××
في المساء
قهقهت مليكة وقالت " ونس هذه مجرمة .. احببت ما فعلت بالتوأمين "
قالت بسمة وهي تجاورها في المطبخ تساعدها في إعداد صنفا من الحلوى" هي فعلت ذلك انتقاما من كامل .. يا إلهي لو ترينه كيف كان يتفتت من الغيظ "
تأملتها مليكة بنظرة متفحصة .. إن مزاجها اليوم رائق ومفعمة بطاقة غريبة لم ترها عليها منذ سنين طويلة حتى وهي مخطوبة لزوجها السابق .. فقالت بلهجة ذات مغزى وهي تراقبها تفتح الثلاجة وتلتقط منها حبة جوافة " أنا أيضا مندهشة مثل أم هاشم من أنك تستطيعين التفرقة بين الاثنين ..وحده مفرح من البلدة كلها من يستطيع .. أنا مثلا حينما قابلتهما شعرت بأنني أمام شخصين متطابقين في كل شيء يصعب عليّ التفريق بينهما "
انتهت بسمة من غسل حبة الجوافة وردت على مليكة ببساطة" بصراحة أنا متعجبة مما تقولان حتى البنات في مشروعي مثلكما .. لكني في الحقيقة أراهما مختلفين صحيح نفس الملامح بالضبط لكنهما مختلفان صدقيني "
وضعت مليكة الصينية في الفرن وأشارت لبسمة ليخرجا من المطبخ فسبقتها الأخيرة وهي تضيف موضحة "شامل يبدو بسيطا ودافئا ومتواضعا .. أما كامل .. يا ستار يا رب .. انسان متعجرف مغرور يشعر بأنه لا يوجد رجلا وسيما غيره على الأرض"
بمكر قالت مليكة وهي تجلس على الأريكة في الصالة تطوي ساقيها تحتها "ألا تلاحظين بأنك تتحدثين عن كامل أكثر من شامل بل تتحدثين عن كامل منذ أن حضرت؟ "
بارتباك قالت بسمة مبررة "أنا فقط كنت اشرح لك ما فعله هذا الغليظ المتعجرف اليوم منذ وصوله.. صدقيني يستفزني ويعصبني من مجرد النظر إليه"
بنظرة شك تطلعت فيها مليكة فقالت بسمة بغيظ" لماذا تنظرين إليّ بهذا الشكل ؟"
مطت مليكة شفتيها تشيح بنظراتها بعيدا عن نظرات بسمة النارية فقالت الأخيرة "أشعر بأنه يتعمد استفزازي أنا بالذات .. ولا أعرف إن كان ذلك لارتباطي السابق بسيد صبرة .. أم أنه لا يذكرني ولا يذكر صلتي به .. ( صمتت لثوان تفكر ثم غمغمت ) مؤكد لا يذكرني فلم يرني إلا لبضع ثوان "
نظرت إليها مليكة متسعة العينان قبل أن تسألها بذهول "ماذا قلت؟ .. توقعت أنك تتحدثين عن ظهورك مع سيد في المجلات الالكترونية لكن أنت تقولين لم يرني سوى بضع ثوان !!..ما معنى هذا الكلام؟!!"
عضت بسمة على شفتها تناظر مليكة ببراءة مصطنعة وترمش بعينيها عدة مرات .. فتحفزت الأخيرة وهتفت بوعيد" ليلتك سوداء يا بسمة .. هل هناك ما لا أعرفه يا بنت الوديدي؟!"
غمغمت بسمة بملامح طفلة مذنبة" كنت سأخبرك لكن حدثت أمور شغلتني يا موكا "
شهقت مليكة وقالت بتوبيخ "قلت ليلتك سوداء انطقي بسرعة"
خلال الدقائق التالية قصت عليها بسمة عن المشاجرة التي حدثت منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف ..فظلت مليكة تناظرها بعينين متسعتين حتى انتهت من سرد ما حدث في المشاجرة التي شاهدتها بين أحمد وسيد من جانب وكامل من جانب أخر لتختم حديثها قائلة "للحظة شعرت على البوابة بأنه سيهجم عليّ .. كان ينظر لي بنظرات مدققة غريبة قبل أن يستدير ويركب سيارته ويغادر "
بشرود غمغمت مليكة " حقا إن هذه الدنيا صغيرة جدا .. غريبة هذه الصدفة.. والأغرب أنك لا زلت تذكرينها"
وضعت بسمة حبة الجوافة على الطاولة الصغيرة أمامها وأمسكت بإحدى الوسائد من فوق الأريكة وحضنتها تقول "بالتأكيد كونهما توأمين متطابقين ومن جنسية أخرى هو ما لفت انتباهي "
تساءلت مليكة "وهل مفرح يعرف هذه المعلومة؟"
حركت بسمة كتفيها وردت" بالتأكيد لا يعرف فلا أظن بأن كامل يذكرني"
هزت مليكة رأسها شاردة تحاول استيعاب الأمر ثم غمغمت "صدفة غريبة أيضا أن يتعرفا على مفرح بعدها ويحضرا إلى هنا (وعادت تسألها ) هل أنت متأكدة بأنه هو .. أقصد ربما اختلط عليك الأمر بتوأمين أخرين"
جادلتها بسمة " اختلط عليّ الأمر مع توأمين من نفس البلد العربي وبنفس التطابق وبنفس الملامح .. هما فقط فقدا وزنا كبيرا عن ذلك اليوم .. (وصمتت قليلا تفكر ثم عادت تقول بثقة )صدقيني هما .. وكامل هذا هو من تشاجر مع سيد وشامل من جاء مسرعا مع والدهما لفض الاشتباك (واسرعت بالقول وقد تذكرت شيئا ) آه نسيت وكانا يمتلكان مطعما بجوار الفيلا "
ردت مليكة مفكرة "هما بالفعل مطعمهما بجوار الفيلا كما أخبرني مفرح ..وبالفعل فقدا وزنا كبيرا كما أخبرني أيضا (وضربت كفيها ببعضهما تقول وكأنها تذكرت شيئا ) انتظري أنا لدي صور تخص مفرح في صالة الألعاب الرياضية على اللابتوب واعتقد بأن لهم صورا قديمة عند بداية تعارفه معهما"
عقدت بسمة حاجبيها وراقبتها تنتفض واقفة وتسرع للاختفاء بالداخل لعدة دقائق كانت بسمة فيها قد أكلت حبة الجوافة بشرود .. لتعود مليكة تحمل اللابتوب وتجلس بجوارها تطوي ساقا تحتها وتفتحه وهي تقول "لن أنام الليلة إلا إذا وجدت لهما صورة قديمة قبل أن يفقدا الوزن لأتأكد من قصتك الغريبة هذه"
سألتها بسمة" هل تحتفظين بصور مفرح كلها هنا؟"
ردت مليكة متنهدة وهي تبحث في صور كثيرة وتختار ملفات قديمة التاريخ " أفرغ هاتف مفرح من الصور أولا بأول وأنسخ له كل فترة نسخة من قوائم الاسماء وأرقام الهواتف لأنه كما تعلمين لا يكف عن إضاعة هاتفه .. ولولا التقنيات الحديثة في الاحتفاظ على حسابك على الانترنت بنسخة من قوائم الاتصال لتعطل عمله وفقد أرقام عملائه في كل مرة يضيع فيها الهاتف "
ضحكت بسمة قبل أن تهتف مليكة بانتصار "وجدت ملف الصور التي تخصهما "
اقتربت بسمة لتحشر رأسها بلهفة غير مبررة أمام شاشة اللابتوب مدققة بعينيها الفيروزيتين ثم صاحت بانتصار هي الأخرى "هما .. ألم أقل لك"
ناظرتها مليكة باندهاش فأسرعت بسمة بالإشارة لكامل في الصورة "هذا هو المتعجرف كامل وهذا شامل"
تطلعت فيها مليكة باندهاش ثم عادت لتدقق في الشخصين اللذان يبدوان متماثلان ثم سألتها بارتباك "كيف عرفتِ وتكلمتِ بهذه الثقة؟"
عقدت بسمة حاجبيها وقالت باستنكار "لماذا تشعراني أنت وأم هاشم بأن لدي قدرات خارقة .. فمفرح يفرقهما بسهولة .. (وأشارت على الشاشة تقول) انظري بنفسك لعيني هذا المتعجرف ونظرته الطاووسية و… (صمتت قليلا تشيح بيدها في الهواء تبحث عن تعبير مناسب ثم قالت ) وتلك الروح التي بداخل جسده ..وانظري لدفء وبشاشة توأمه "
ضيقت مليكة عينيها وجعدت جبينها وهي تقترب من الشاشة وتلصق وجهها بها فقالت بسمة بغيظ وهي تستقيم واقفة لتبحث عن وشاحها" أنا سأغادر قبل أن ترفعي لي ضغطي "
صاحت مليكة باعتراض " والجُلّاش الذي بالفرن! "
غمغمت بسمة بمزاج عكر " لا أريد منك شيئا "
أسرعت مليكة بالقول بجدية" عموما لا تشغلي بالك بكامل ..ولا تدققي على كل ما يصدر منه.. حاولي تجاهله مادام يستفزك"
هزت بسمة كتفيها تقول بكبرياء" أنا لست مهتمة به أصلا .. ولدي الكثير ليشغلني عن سخافته وعجرفته ..(واستدارت فجأة تقول) أتعرفين بما يشعرني كامل هذا؟"
صمتت مليكة تنتظرها لتكمل وشعورها يتأكد أكثر فأكثر بأن بسمة تهتم كثيرا بكامل بالذات.. بينما أكملت الأخيرة "يشعرني بأنه طفل صغير مشاكس .. بل .. طفل ضخم يتعمد ازعاج من حوله "
ساد الصمت .. فشعرت بسمة أنها بالفعل تتحدث عن كامل كثيرا لتقول باستدراك وهي تلف الوشاح حول رقبتها "أنا ذاهبة فالوقت قد تأخر .. اتمنى أن يكون حمادة قريبا من هنا وإلا سأطلب من أحد الغفر احضار توكتوك لي"
خاطرة مرت بذهن مليكة أشعرتها بالقلق على صديقتها .. فأسرعت بقولها قبل أن تتمادى بسمة في شعورها بالاهتمام بكامل فتصدم " عموما يا بسمة تحملي التوأمين حتى تنتهي مدة العقد .. أو يسافر كامل قريبا وتتخلصي من عجرفته"
استدارت إليها بسمة تسألها بحاجبين معقودين "يسافر؟!"
هزت مليكة رأسها تؤكد لها ثم قالت وكأنها ترسل إليها رسالة معينة "أجل يا بسمة هذا ما علمته من مفرح ..كامل قد قرر الهجرة لأمريكا والعمل هناك كشيف في أحد الفنادق الكبرى ..وقد حصل على التأشيرة بالفعل وينهي باقي الإجراءات حاليا .. كما أنه يحاول اقناع اسرته بتصفية كل شيء والسفر معه أو بعده ليفتتحوا مطعما هناك ويعيشوا في أمريكا للأبد .. وهذا الأمر يحزن مفرح كثيرا"
بوجوم رددت بسمة " يهاجر!"




××××




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:38 AM   #635

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح اليوم التالي
وقف شامل أمام طاسة الزيت الكبيرة الموضوعة أمام أحد محلات الفول والطعمية في القرية وأخذ يراقب بقامته الطويلة العامل الذي يلتقط من عجينة الطعمية بأصابعه ويكورها ويلقي بها في الزيت في أقل من ثانية ثم يعود إلى طبق العجين مرة أخرى بسرعة ويلتقط أخرى وهكذا .
كان شديد التركيز على حركة العامل السريعة ولم يلحظ ونس وهي تقترب وتقف لتحدق فيه وقد أخبرها حدسها بأنه هو أميرها وليس توأمه فوقفت في ركن كما تفعل دوما تكتب في دفترها الطلبات .
قال شامل للعامل" حسنا يا عيسى دعني أجرب أنا"
ضحك الشاب وافسح له المجال بينما قهقه المراقبون وهم يرون هذا الغريب الذي يقف بملابسه وحذائه الرياضيين بجوار طاسة الزيت الكبيرة الخاصة بالطعمية.
قال شامل لعيسى" لا تخف لقد غسلت يدي جيدا"
ضحك عيسى ووقف يتطلع فيه بينما كور شامل أصابعه ووضعها في عجينه الطعمية وألقاها في الزيت بسرعة وعاد إلى العجينة مرة أخرى يلتقط أخرى .. فصفق عيسى ضاحكا ليقول أحد الواقفين بإعجاب "طبيعي أن يكون ذلك سهلا عليه .. فكما نعلم فهو يمتلك مطعما فاخرا في العاصمة"
غمغم شامل وهو يركز فيما يفعل" لكني لست سريعا مثله"
بعد قليل ترك شامل للعامل ليكمل ما يفعل ثم أسرع بإخراج الطعمية الناضجة من الزيت للمصفاة الكبيرة قبل أن يأخذ من الواقفين القراطيس الورقية الفارغة التي يحملونها ويسأل كل منهم بكم يريد من الطعمية ثم يلتقطها ساخنة بين أصابعه ليضعها في القرطاس الورقي حتى لمحها تقف في ركن خلف الواقفين الذين كان أغلبهم شبابا.. فأسرع بإنزال نظراته .
قال المعلم صاحب المطعم الجالس أمام المحل "يا عنتر تعال لتأخذ طلب بنت العم عيد ..لا تدعها تقف بهذا الشكل وسط الشباب "
خرج عنتر لأخذ النقود منها وقرأ ما تريد ثم عاد للداخل بينما الأخيرة تختلس النظرات بجانب عينيها لشامل الذي كان يختلس إليها النظرات هو الأخر حتى أنه قرر أخذ ما جاء من أجله من طلبات بعد أن كان ينوي البقاء لوقت أطول معهم .. وتلكأ قليلا حتى تنتهي هي من طلباتها .
بجوارها وقف شابان مراهقان وأخذا يتهكمان عليها ويقلدان حركاتها حينما كتبت في الدفتر ورفعته لعنتر منذ قليل.. فلمحتهما ونس وكشرت عن أنيابها تطالعهما بعبوس .. بينما تقبض شامل بقوة يراقب الأمر بتأني فهو مدرك لحساسية وضعه في المكان..
ضحك الشابان وأخذا يشيران لها بإشارات تعني بأنها صماء مقطوع أذنيها ولسانها فزمجرت ونس واشاحت لهما بذراعها أن يبتعدا في الوقت الذي قبض شامل على الكيس في يده بقوة في وقفته خلف طاولة الطعمية وحرك عينيه في المكان متسائلا إن كان أحد سيتدخل من الواقفين اللاهين عما يحدث خلفهم.
قهقه الشابان وبدأ في إغاظتها فلمحهما أحد الواقفين وكتم ضحكه بينما زجره الأخر قائلا " عيب عليك والله "
نظرت ونس حولها تبحث عن حجر في الوقت الذي هم شامل بالتدخل لكن صيحة صاحب المحل كانت حازمة "ولد ! .. احترم نفسك "
التفت الواقفون وتحرك بعضهم بحمائية لإبعاد الشابين فهدأ شامل بينما وقفت ونس تنظر للشابين بوجه مقلوب متحفزة ..
أما صاحب المحل فكان حازما وطرد الشابين قائلا "اذهبا لن أبيع لكما اليوم"
فوقف المراهقان يترجيان صاحب المحل بحرج بينما أخذت ونس من عنتر الكيس وتحركت مبتعدة بعد أن ناظرت الشابين بقرف ..
وقف شامل يتحدث مع عيسى لمدة دقيقة يشكره على هذه التجربة الجديدة عليه قبل أن يتحرك خلفها محتفظا بمسافة كبيرة بينهما حتى لا يلاحظ أحد ..
في الطريق كان ذهن ونس مشغولا بأميرها .. إنها متحمسة للذهاب اليوم للعمل عند بسمة حتى تراه وتعطيه هديتها .. حدس ما جعلها تلتفت خلفها فرأته من بعيد يسير على أول الشارع فاشتعلت وجنتاها وعادت لتنظر أمامها بسعادة .. وهي تتساءل ..ترى ما اسمه؟.. لم تذكر الفتيات أمس اسميّ التوأمين رغم كل ثرثرتهما حولهما .. فغمغمت في سرها بتبرم "لماذا لا يثرثر الناس في الأمور التي أريد أن أعرفها فقط"
أما شامل فظل خلفها محتفظا بالمسافة الكبيرة نسبيا بينهما يريد فقط أن يطمئن بأنها ستصل بخير وفي الوقت نفسه لديه فضول لمعرفة أين تسكن ..
لا يستسيغ أن تترك هكذا وحدها تتعامل مع الجميع وتتلقى السخافات من البعض .. صحيح هو ليس بجاهل عن طبيعة الحياة في المجتمعات الريفية وبأن الجميع يعرف بعضه وبأن عليها أن تعتمد على نفسها ..لكن ما كونه عنها في المرات التي جمعتهما جعله يضع تصورا لشخصيتها ويراها مندفعة أكثر من اللازم وبما لا يتماشى مع امكانياتها الجسدية .. وهذا يشعره بالقلق عليها.. فلن يسلم الأمر معها كل مرة ..عليها أن تكون أكثر حرصا وألا تستفز الأخرين أيضا .. ولم ينس وقفتها المتحدية بكل سذاجة أمام كامل أمس ..وذلك الرسم الذي رسمته على الحائط .. صحيح الأمر كان فكاهيا ومضحكا ..لكن ماذا لو كان مع شخص أخر غير كامل .. شخص مؤذي سهل استفزازه .
راقبها تدخل أحد البيوت على الطريق الرئيسي للقرية .. بيت صغير بسيط وحيد وسط الحقول يبدو من هيئته الخارجية أن صاحبه صانعا للفخار ..فتأملها من بعيد وذلك الرجل العجوز قصير القامة يدخل خلفها ثم تأمل المكان وتلك الحقول الخضراء حولهما .. والتي تشعره أكثر بالقلق عليها وهي تتحرك وحدها ذهابا وعودة .. ثم أكمل طريقه يحاول تذكر اتجاهات العودة للبيت وهو يتفحص الصور الخاصة برسوماتها على الحائط في هاتفه .. فاتسعت ابتسامته قبل أن يغمغم" ما بك يا شامل؟ .. ماذا يحدث معك بالضبط؟!"
××××
كان قلبها يدق بعنف .. وجسدها كله يرتجف بشدة .. وأنفاسها تسحبها إلى صدرها بصعوبة ..
نظرت حولها تفكر إن كان هناك مفر ..لكنها ذكرت نفسها بأن أي حركة من الممكن أن تستفزه .. هذا إن كانت تستطيع الحركة أصلا فحتى صوتها تشعر به محشورا في حلقها غير قادرة على الصياح وطلب النجدة.
أقترب من المنضدة التي تقف فوقها وبدأ يتشممها ثم رفع أنظاره إليها وهو يلوي عنقه ويخرج لسانه خارج فمه .. ليقف بعدها على قدميه الخلفيتين مقتربا من قدميها يتشممها فلملمت بسمة أطراف العباءة وانكمشت على نفسها وهي ترتجف متمنية أن تأتي إحدى الفتيات مبكرا عن موعدها لتنقذها.
في بيت الجد صالح بحث كامل عن شهبندر فلم يجده .. فخرج لساحة البيت ينادي بصوته الجهوري" شهبندر ..أين أنت "وبدأ يصفر ..
سمعته بسمة من خلف الجدار القصير الفاصل وحاولت التحدث " هننننا "
لكن صوتها خرج همسا مبحوحا وقلبها أوشك على أن يخترق قفصها الصدري رعبا.
خرج كامل من البوابة التي وجدها مواربة يشتِم في سره وهو يتلفت حوله قبل أن يقترب من البوابة المجاورة المفتوحة ويمد رأسه ينظر بحذر ثم خطى خطوتين إلى الداخل ووقف مصدوما.
كانت بسمة أمامه تقف فوق إحدى الطاولات منحنية للأمام قليلا ومنكمشة في رعب واضح .. وقد انزاح وشاحها بالكامل عن رأسها ووقعت بعض الخصلات الطويلة لتغطي جزءا من وجهها.. بينما شهبندر يقف على قدميه الخلفيتين يتشمم حولها بفضول.
بمجرد أن رأته بسمة وتقابلت عيناهما أغمضت عينيها بمزيد من الخوف والحرج فهدر كامل بقوة" شهبندر ..تعال هنا فورا"
بطاعة أنزل الكلب قدميه الأماميين واستدار يقترب من كامل الذي ظل يحدق فيها وفي تلك الهيئة التي تجمدت عليها لدقائق .. وتمنى لو يلتقط لها صورة على هذا الوضع الغريب والمثير ..لكنه اقترب منها بحذر يسألها بقلق" هل أنت بخير؟"
حاولت التماسك بكل قوتها وبحثت في عقلها لاستحضار ذلك القناع البارد التي تختفي خلفه لكنها لم تستطع .. كانت لا تزال ترتجف بشدة ..
مد كامل يده نحوها ليساعدها على النزول لكنها لم تقدر إلا على أن تجلس على عقبيها متكومة على نفسها فوق المنضدة حتى لم تستطع أن تزجره على عرضه لمساعدتها .. كل ما قدرت عليه هو أن تهمس بصعوبة "أرجوك اذهب من هنا"
تنبه كامل لأنه أصبح في داخل المكان ..وبأنهما وحدهما رغم أن البوابة مفتوحة لكنه كان متفهما لحساسية الوضع فقال وهو يبتعد للخلف خطوتين "طمئنيني أولا هل أنت بخير؟"
استجمعت قواها .. وبقايا من كبريائها وقالت بصوت مبحوح معاندة" أنا بخير ..اذهب أنت و…هو"
نظر كامل لشهبندر ثم سألها" أتخافين الكلاب إلى هذه الدرجة؟.. إن شهبندر غير مؤذي ما دام لم يهاجمه أحد"
غمغمت بصوت مبحوح "اذهب أرجوك"
نزل كامل على عقبيه إلى شهبندر يقول بتوبيخ وهو يفرك رأسه بين يده" ما الذي أتى بك إلى هنا يا شهبندر ..حسابك معي عسير (ودفعه ليتحرك قائلا )هيا اسبقني إلى البيت فورا "
تحرك الكلب مبتعدا فأنزلت بسمة ساقيها في بنطالها الجينز الأزرق تحاول الوقوف لكنها كانت لا تزال ترتجف حتى أنها شعرت بعدم اتزان وكادت أن تسقط .
بحركة عفوية منحها كامل ساعده وبتلقائية أمسكت بذلك الساعد حتى لا تسقط .. لكنها أسرعت بترك ساعده بسرعة بمجرد أن وقفت على قدميها أرضا ورفعت تلك الخصلة المغرية من شعرها وهي تقول ببعض العصبية المبحوحة" أرجوك اخرج من هنا ولا تدع ذلك الكلب يدخل هنا أبدا"
تحرك كامل خطوتين للخلف بمجرد أن سمعا أصواتا تأتي من الخارج ثم دخلت بعض الفتيات بحذر من البوابة مبتعدات عن شهبندر الذي كان في استقبالهن في الشارع ووقفن يتطلعن في كامل بذهول.
بعد ثوان دخلت أم هاشم من البوابة تنظر لشهبندر باندهاش ثم تطلعت في بسمة وفي كامل وسألت" هل حدث شيء يا بسمة وجهك يبدو غريبا؟"
تحرك كامل للمغادرة بينما رفعت بسمة الوشاح على رأسها تتطلع في العيون المندهشة وقالت بعصبية لتبرر سبب وجوده بطريقة غير مباشرة " لا شيء سوى أننا اصبحنا تحت رحمة الحيوانات المفترسة تقتحم علينا بيوتنا .. ولا نحظى حتى باعتذار لائق"
تصلب ظهر كامل عند البوابة ..ثم استدار يرد بحاجب مرفوع "أين الحيوانات المفترسة يا باشمهندسة؟ .. شهبندر كلب لطيف ومدرب .. دخل المكان ليتفقده بفضول (ومال برأسه يسألها بلهجة مستفزة) هل أذى حضرتك؟"
هتفت قائلة "كيف لم يؤذني وأنا كدت أن أموت رعبا بسببه"
تطلعت أم هاشم في بسمة المنفعلة ثم في كامل الذي يقف بالقرب من البوابة يديه في جيبي بنطاله الرياضي والذي حرك كتفيه لها يقول مستمتعا باستفزازها "وما ذنبي أنا أنك تخافين الكلاب ؟.. هل سأتحمل أنا خوف كل انسان يخاف من الكلاب ؟..غريب والله؟!"
عادت أم هاشم تتطلع في بسمة التي هتفت بعصبية وهي تقترب منه وترفع سبابتها في وجهه "الاعتذار من ابسط قواعد الذوق يا أستاذ"
كان قلبه يدق بشدة .. يتراقص في صدره بهستيريا وكانت أمام عينيه شهية في عصبيتها وذلك الجنون الذي يتراقص في عينيها الزرقاوين وهو يستشعرها محرجة من منظرها أمامه منذ قليل .. فاتسعت ابتسامته فجأة وضرب كفا بكف مشيحا بوجهه بينما انفجرت نبضات قلبها كمفرقعات الاحتفالات في سماء مظلمة وهو يبدو أمام عينيها وسيما إلى حد .. مزعج !. ليتجمد اصبعها في الهواء وهي تحدق فيه قبل أن يعود بوجهه إليها قائلا بلهجة ساخرة وهو يهز رأسه "نعتذر يا استاذة باسمة .. (واستدرك مصححا ) أقصد يا باشمهندسة .. اعدك بأن هذا الأمر لن يتكرر وسنحرص على ألا يقترب شهبندر من بوابتكم أبدا .. (ومال برأسه قليلا يسألها بهدوء مستفز وبتلك الابتسامة التي تتراقص على شفتيه ) هل هذا كافي؟"
حين لم ترد .. رفع اصبعيه السبابة والوسطى إلى جانب رأسه محييا ثم أجبر نفسه على المغادرة وهو يصفر لشهبندر الذي أسرع خلفه ..بينما وقفت الفتيات يكتمن الضحك ويغمزن هامسات فيما بينهن عن وسامته وطوله وابتسامته الجميلة.
راقبت أم هاشم وقفة بسمة وتحديقها في أثر كامل والغيظ وشيء أخر غامض يبدو على ملامحها ..ثم استدارت للفتيات تطلب منهن الاسراع بالانتهاء من الافطار حتى يبدأن في العمل لتقترب بعدها من بسمة تقول باهتمام "بسمة .. هل أنت بخير .. تبدين شاحبة جدا .. ألاحظت كيف ينطق اسمك؟!"
انتبهت بسمة وأدارت وجهها نحوها تسألها بحاجبين معقودين" ماذا قلت .. لم اسمعك!"
أما كامل فدخل بوابته يغمغم مبتسما بما طرأ على ذهنه فجأة فقد مرت سنوات طويلة منذ أن جاءته خاطرة شعرية حين كان يكتب الشعر في المرحلة الثانوية "وأسافر بين زرقة عينيكِ.. أصارع الموج .. وأهزم الحزن .. ثم يطويني الحنين "
××××
بعد ساعة
هتفت الحاجة نحمده باستنكار " ما معنى أنك ستأخذي السيارة وتقوديها في البلدة .. أتريدين أن تأكل الناس وجوهنا !"
بصبر شديد هي تحترفه قالت مليكة " ولماذا ستأكل الناس وجوهكم يا حاجة نحمدو .. هي سيارتي ومركونة منذ مدة والناس تعرف بأني استطيع قيادة السيارة .. كما أنني استأذنت من مفرح وأذن لي "
هتفت نحمده باستنكار "ولمَ لا تطلبين أحدا من اخوتك لتوصيلك ( وأكملت بلهجة متهكمة ) ألا يرسلون لك السيارة دوما في كل متر تتحركينه"
ردت مليكة وهي تعدل من عباءتها الصباحية " لا أحد من اخوتي متفرغ في هذ الساعة حتى مفرح غير متفرغ لاصطحابي فهو في مركز المحافظة يتابع بعض الأمور وأنا أريد أن أذهب سريعا لمشروع بسمة وأعود قبل أن يحضر الأولاد من المدرسة "
وقف أحد الغفر أمام الباب المفتوح يقول "السيارة جاهزة يا ست مليكة "
قالت نحمده "إذن أجلي المشوار حتى يتفرغ أحد لإيصالك "
هتفت مليكة باستنكار "و هل أنا معاقة!! .. لقد اجبت على اسئلتك وأخبرتك بأن مفرح قد أذن لي .. السلام عليكم "
قالتها واستدارت مغادرة بينما جزت الحاجة نحمده على أسنانها واتصلت بمفرح الذي بادرها بالقول " نعم أمي "
هتفت بغيظ " كيف سمحت لزوجتك المصون بنت الحسب والنسب أن تقود السيارة يا مفرح .. أترغب في أن تكون سيرتنا على كل لسان في البلدة! "
صمت مفرح قليلا ثم سألها بهدوء" ولماذا سيتحدث الناس عن سيرتنا يا أمي.. هل خرجت زوجتي عارية لا سمح الله "
صاحت أمه بغضب " لا توجد نساء تقود السيارات في قريتنا يا مفرح "
بهدوء قال مفرح "أيوجد قانون في القرية يا أمي يمنع قيادة النساء للسيارات أو يعتبر أن قيادتهن عيبا ؟! .. وحتى لو يوجد علينا بتغييره ..ما المشكلة أن تقود مليكة سيارتها فالمشوار بسيط في داخل البلدة "
اندفعت أمه متخلية عن الحذر الذي تتبعه دوما معه بشأنها وقالت "ولماذا لا تنتظر السنيورة أن يتفرغ أحد ليوصلها ..فما أهمية هذا المشوار حتى لا يتم تأجيله !"
قال مفرح بلهجة حازمة "أمي .. من فضلك .. هذا الأمر يخصني مع زوجتي .. وحينما سيتحدث الناس كما تقولين سيتحدثون عن زوجة مفرح .. وأنا لا أرى فيها مشكلة أن تقود مليكة السيارة فلا هذا أمر ضد الدين أو يسيء لها .. ومركز المحافظة تملأ شوارعه النساء يقدن سياراتهن بشكل طبيعي .. عموما اطمئني الناس كلها تضع لمليكة صوالحة بفضل الله مكانة خاصة بين نساء القرية .. وبالمناسبة لم أحب أسلوب حديثك عنها يا أمي وأتمنى ألا تكوني تستخدمين هذه اللهجة معها لأن هذا سيحزنني كثيرا وأنت وعدتني أنك ستحترمين ما يحبه ولدك ..أليس كذلك؟"
ساد الصمت .. وتقبضت نحمده تمنع نفسها من الانفجار بقول ما يدور في عقلها بينما شعر مفرح بأنه كان حادا معها فقال لتلطيف الأجواء" أتريدين شيئا من المركز يا غالية .. "
بغيظ مكتوم ومزاج عكر " لا أريد شيئا يا مفرح وما دمت لا ترى فيها عيبا فأنت حر يا ولدي "
قال مفرح مستاء من أن يغضبها " أنا أحجز قاعة صغيرة للاحتفال بعيد ميلاد أدهم سأدعو فيها مدرسيه واصحابه بالمدرسة ككل عام وبالطبع ستنيرين أنت الاحتفال يا غالية "
ردت نحمده بقرف " أنا لا احضر هذه المناسبات وأنت تعرف .."
صمت مفرح قليلا ثم قال " كما تريدين يا أم مفرح .. عموما إن اردت شيئا اتصلي بي وسأحضره لك وأنا قادم .. السلام عليكم "
اغلقت نحمده الهاتف وقالت بغيظ " يكفي عليك حضور الست السنيورة (واسرعت بالاتصال بفايزة تقول ) دوما أقول لك أن بنت الصوالحة سحرت لابني وأنت تقولين لي بأن هذه المعتقدات ليست حقيقية .. (وصرخت بغل ) ولكني بعد كل هذه السنوات أؤكد لك أنها قد ربطت قلبه بعمل سحري سفلي عند أحد الشيوخ البارعين .. حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مليكة يا بنت الصوالحة "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:40 AM   #636

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

خرج كامل بعد وليمة الإفطار التي اعدها شامل ليتمشى قليلا مع شهبندر .. وبمجرد أن فتح البوابة تفاجأ بونس تقف هذ المرة على بعد أمتار من البيت ترسم بمقدمة حذائها كالعادة على الأرض وقد ميزت على الفور بأنه توأم أميرها .. بينما جز كامل على أسنانه وحرك انظاره بينها وبين الحائط الذي لا تزال الرسوم تزينه وقال بامتعاض" سأتكلم أنا مع مفرح حتى يتكفل هو بدهان الحائط الذي خربه المجانين وإلا لن أمرر الأمر "

طالعته بعبوس وبمقلتين مقلوبتين ..فضرب كامل كفيه ببعضهما مغمغما باندهاش" لا حول ولا قوة الا بالله !..لا أعرف من أين تأتين بنظرات التحدي هذه وأنت بنفخة مني تطيرين لكوكب أخر .. الصبر من عندك يا رب"

قالها وتحرك مع الكلب مغادرا ثم رفع هاتفه يقول لشامل في رسالة صوتية على الواتساب" أنت يا زفت أخرج للشارع وتخلص من المهبولين الموجودين أمام البوابة والا سأتصرف أنا ولن يعجبك ما سأفعل"

عقد شامل حاجبيه وهو يستمع للرسالة وبدأ قلبه يدق لا إراديا بقوة بعد أن استقرأ ما يقصده أخوه فأسرع يخرج من البيت نحو البوابة..

رفعت ونس رأسها بمجرد أن لمحت خيال يخرج من البوابة واحمرت وجنتيها حينما رأته..

إنه هو الأمير .. جني المصباح.

بابتسامة وسيمة قال شامل "صباح الخير رأيتك منذ ساعة تقريبا لكني تحرجت من الحديث معك أمام الناس"

اقتربت ونس ومدت يدها له بكيس تحمله فتناوله شامل منها عاقد الحاجبين قبل أن يفتحه ويخرج ذلك الإناء الفخاري على شكل المصباح ملون ومزخرف بنقوش مبهجة خطفت قلبه من أول لحظة.. فاتسعت ابتسامته أكثر في الوقت الذي رفعت ونس أمامه دفترها وقد كتبت "هذه هدية بسيطة على انقاذك لي تلك الليلة"

بحرج سألها شامل سعيدا "ولماذا هذا الشكل بالذات أليس هذا مصباح علاء الدين؟"

اومأت برأسها ثم عادت تكتب فمد رأسه فوقها يقرأ "لأنني شعرت بأنك مثل جني المصباح خرجت لي من العدم لتنقذني"

قهقه شامل بسعادة فاتسعت ابتسامتها تتطلع فيه بعينين لامعتين وقلب يقفز بجنون في صدرها.

استند شامل على البوابة خلفه وقال" هدية مقبولة (وتفحص المصباح قائلا ) أنت موهوبة جدا في الرسم والتلوين ما شاء الله.. (وأضاف بجدية) أتعلمين بأن هذا المصباح سيكون أكثر دقة واحترافية في الصنع لو استخدمتِ الصلصال الحراري؟"

ضيقت عينيها باهتمام فأضاف شامل "ستجدين منه في المكتبات الكبرى وتشكيله سيكون أسهل بكثير من الفخار العادي وتلوينه أيضا لكنه سيحتاج لفرن درجة حرارته عالية"

كتبت ونس في دفترها "صلصال حراري؟.. هذا اسمه؟"

لم يعتد شامل بعد على فكرة أنها لا تسمع ولا تتكلم أو ربما كان متألما من الفكرة لكنه أومأ برأسه ثم قال" ستجدين طرقا رائعة على الانترنت أنا شخصيا جربته في بعض المرات فأنا أيضا أحب أن اصنع هذه الأشياء..( وهرش في رأسه يتفحص المصباح في يده ) لكني لست بهذه الموهبة في التشكيل والتلوين "

كتبت ونس بسعادة "أعتقد بأني قد سمعت عنه أثناء دراستي في المدرسة لكن ربما كان له اسما أخر"

سألها شامل بفضول " أ لازلتِ تدرسين؟ "

عبست ونس في وجهه ثم كتبت شاعرة بالإهانة " هل أبدو أمامك مراهقة !"

اتسعت عيني شامل مندهشا ثم اتسعت ابتسامته يهرش في رأسه بحرج ولم يقدر على منع نفسه من تقييمها بنظرة سريعة من رأسها حتى قدميها قبل أن يغمغم بحيرة ضاحكا " لا أعرف "

نظرته الخاطفة تلك فجرت رجفة في أعصابها وأشعلت نارا في وجهها فأشاحت به بعيدا ولسانها يلعب في جانبي خديها من الداخل بحرج ثم عادت لتكتب في الدفتر متصنعة العبوس " أنا لست مراهقة .. أنا عمري ثلاثة وعشرون عاما "

رفعت الدفتر في وجهه بعصبية فأبعد شامل رأسه للخلف قليلا ثم قرأ وضحك لتعود وتكتب " وأنهيت دراستي بدبلوم فني صناعي فوق المتوسط نظام الخمس .. هل تفهم؟ ..فوق المتوسط قسم زخرفة .. أي تعتبر شهادة معهد وليس ثانوية"

رفعت الدفتر أمام أنظاره مجددا بعصبية حتى كادت أن تلصقه بوجهه فقال شامل وقد شعر بأنه أغضبها "حسنا فهمت رغم أني لا أفهم الفارق لكني فهمت"

عادت ونس تكتب" وحصلت على مجموع يؤهلني لكلية الفنون التطبيقية "

رفعت الدفتر بيد ووقفت متخصرة في وقفة استعراضية باليد الأخرى تناظره بافتخار فبدت أمامه شقية وشهية ..فسألها شامل بفضول " رائع ..هذا يناسبك جدا لماذا لم تلتحقي بها؟ "

سكتت عن الحركة تتطلع فيه للحظات بحزن قبل أن تسحب نفسا طويلا إلى صدرها وتكتب بملامح جادة" الكلية خارج المحافظة .. ولم أرغب في أن أجهد أبي ذهابا وإيابا وهو في هذا السن .. كما أن الكلية مصاريف الأدوات والخامات فيها مكلفة جدا يكفي أنه تحملها خلال خمس سنوات في المدرسة بصعوبة.. خلاصة الأمر قررت ألا أكمل تعليمي .. النهاية "

قرأ شامل ما كتبته ولونت الجدية والتعاطف ملامحه فأسرعت ونس بسحب الدفتر وقالت منهية الموضوع" عموما سأبحث عن شغل الصلصال الحراري على الانترنت"

قال شامل "أعرف بعض المواقع الأجنبية المتخصصة في التعليم سترين الفيديو وتنفذين بسهولة "

عبست ونس على ذكر المواقع الأجنبية فلا تعتقد بأن لغتها الانجليزية قد تساعدها فقال شامل وكأنه قد خمن ما يدور برأسها "لو ستجدين صعوبة في البحث في المواقع الأجنبية من الممكن أن أرسل لك الروابط .. هل لديك هاتف ؟(ثم صحح باستدراك خوفا من أن يكون قد جرحها ) أقصد واتساب أو طريقة تواصل كتابية عبر الانترنت؟"

باندفاع أومأت ونس بالإيجاب وأخرجت الهاتف من جيبها تريه له بسعادة فقال شامل متخليا عن ذلك الحذر الذي يذكر به نفسه وتوأمه دوما في القرية " إن أردتِ من الممكن أن أرسل لك روابط المواقع على الواتساب"

احمرت وجنتيها واشتعل وجهها .. ففكرة أن تراسل الأمير الوسيم فكرة تفوق كل خيالاتها الحلوة .. لكن حذر الانثى بداخلها جعلها ترفع حاجبا ثم تكتب له" اعطني رقمك وإن لم استطع الوصول لتلك المواقع سأرسل لك"

اتسعت ابتسامة شامل وهرش في أرنبة أنفه بحرج ثم أملاها الرقم سريعا .. فعبست وهي تدونه على هاتفها وأشارت له أن يعيده ببطء.

اشفق شامل عليها وبدأ في املائه ببطء قبل أن ترفع إليه هاتفها ليتأكد من الرقم لتحفظه ..فأومأ شامل برأسه مؤكدا ثم قال "شامل"

تطلعت فيه بعينيها اللوزيتين بتدقيق فكرر "اسمي شامل "

بابتسامة بلهاء على وجهها غمغمت ونس في سرها" ما أحلاه اسماً .. ( ثم جعدت جبينها تفكر ) لكنه صعب النطق فهذه (الشين )لو حاولت بلساني المقطوع هذا مائة عام لن انطقها مثلها مثل حرف (السين) في اسم ونس .. لكن من الجميل أن ينتهي اسمي بحرف ليبدأ اسمه بالحرف الذي يليه "

كتبت اسمه على الهاتف فأضاف وهو يراقبها" شامل غنيم نخلة"

تجمدت لثانية ثم رفعت رأسها إليه متسائلة .. فتساءل في سره أهي لهذه الدرجة ضعيفة السمع وتحتاج لقراءة الشفاه كما بحث وقرأ الأيام الماضية عن ضعاف السمع ؟..

كرر شامل نطق اسمه كاملا فحركت ونس رأسها تبحث حولها وتشير على إحدى النخلات باندهاش.. فقهقه شامل ورد وهو يضع يدا في جيبه بينما الأخرى تكاد تحضن المصباح إلى صدره "أجل نخلة كهذه"

انفجرت ونس ضاحكة بفمها الواسع الذي يتوسط صدغيها العريضين فشاركها شامل الضحك وللحظة شعرا بأنهما في داخل فقاعة ملونة معزولة عن العالم .

كشر شامل عن أنيابه فجأة يتصنع الجدية وقال بتهديد مزيف "هذا اسم عائلتنا وهي من العائلات العريقة في بلدنا "

كتبت له ونس في الدفتر "أنت من بلد أخرى أليس كذلك سمعت الفتيات يتحدثن"

أومأ برأسه فكتبت " تتقن لهجتنا جيدا .. لكن سماعتي تلتقط أحيانا لكنة بسيطة في كلامك وكلام توأمك لكني لن استطيع التأكد من ذلك فسماعاتي تخذلني أحيانا أو كثيرا لا أعرف .. وقد لا تلتقط كل شيء بوضوح فلا أعول عليها كل ما اسمعه"

عاد إليه الوجوم ونغزه قلبه .. فهم بأن يسألها عن حالتها بالضبط لكن خروج أم هاشم من البوابة المجاورة نبه شامل لأنه قد سرقه الحديث مع ونس.



قالت أم هاشم وهي تنقر على كتف ونس فاستدارت لها الأخيرة وكأنها قد ايقظتها من حلم" ماذا تفعلين يا بنت الشيخ عيد؟ .. (وأشارت برأسها تضيف بلهجة حازمة) إن كنت قد أتيت من أجل العمل فهيا الى الداخل فأنت قد تأخرت وأنا حازمة في مثل هذه الأمور "

استدارت ونس بملامح معتذرة ووجنتين مخضبتين بالأحمر لشامل وتحركت بصعوبة إلى داخل البوابة الأخرى بعد أن ودعت شامل بنظراتها اللامعة التي تشده إليها شدا..



وبمجرد أن دخلت ..رفعت الدفتر في وجه بسمة بابتسامة منتصرة مكتوبا فيه " لقد وافق أبي على أن اعمل لديك"

بينما غمغمت أم هاشم على البوابة بلهجة لطيفة وهي تعدل من وشاحها بحركة أنثوية عفوية "بالإذن يا استاذ كامل أو شامل على حسب من تكون"

××××


يتبع







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:44 AM   #637

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد قليل انتحت بسمة بونس جانبا بعدما أخبرتها أم هاشم بأنها وجدتها تقف مع أحد التوأمين وكانا يضحكان .. ولا تدري لمَ تساءلت في سرها لأول وهلة أهو كامل أم توأمه .. ولا تدري أيضا لمَ شعرت بالانزعاج ليس فقط لأنها تخاف على ونس ولكن لفكرة أن تكون الأخيرة قد تصالحت مع كامل وكانا يضحكان .. لكن انطباعها عن كامل وعجرفته جعلها تستبعد أن يكون هو..
عادت تنفض عنها تلك الأفكارالتي وصفتها بالتافهة وغمغمت في سرها " كامل أو شامل ما شأني أنا .. المهم أن أحذر البنت الساذجة من التمادي في الأمر "
وقالت لونس التي وقفت تتفحصها بحاجبين معقودين منتظرة لتعرف ماذا تريد أن تخبرها به " اسمعي يا ونس .. هذان الشابان في بيت الجد صالح غريبان عن البلدة وحتى لو كانا من أهل البلدة تعرفين بأنه لا يصح أن تقفي مع أحدهما وتتسامري ومثل هذه الأمور"
أطرقت ونس برأسها بوجنتين مشتعلتين.. فرفعت بسمة لها ذقنها وأكملت" أنا اتحدث معك لأن أمرك يهمني ولأني أخشى عليك من كلام الناس خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي أراك فيها تحتكين بأحد التوأمين .. كما احذرك من أن يصل الأمر للعم عيد فأنت تعرفينه أكثر منا "
حاولت ونس الهرب بنظراتها معترفة بكل ما تقوله بسمة لكنها لا تعرف كيف توقف هذا الاندفاع الذي تشعر به تجاه شامل فعادت بسمة تقول "هل تتفقين معي فيما أقول؟"
بفتور أومأت ونس برأسها ايجابا ..فربتت بسمة على كتفها مغمغمة " هيا اذهبي إلى العمل "
في الخارج ركنت مليكة سيارتها الصغيرة أمام البوابة وترجلت منها تطل عليهن بأناقتها المعتادة في عباءة من قماش الجينز وبتلك الهالة التي تخصها من الوقار الممزوج بالجمال الارستقراطي الهادئ .. فهللت ونس لرؤيتها واسرعت تهرول إليها كطفلة تطوقها بذراعيها .
استقبلت مليكة احضانها بسعادة وتأثر قبل أن تدخل لتحيي الجميع وتقول" كيف حالك يا خالة نصرة مبارك لأسراء سامحيني لم استطع الحضور"
ردت نصرة ببشاشة في جلستها أمام إحدى الطاولات تقود عمل الفتيات "بارك الله لك يا أميرة يا بنت الأمراء"
استدارت مليكة لبسمة تقول بلهجة شقية "أخيرا استطعت المجيء لأنشر بركاتي على المشروع.. أعرف بأنكن كنتن في انتظارها.. (واخفضت صوتها تقول لبسمة بإغاظة ) واطمئن على أن المكان خالي من الكلاب "
ناظرتها بسمة بغيظ لتقول أم هاشم" هل اخبرتك بما حدث صباح اليوم؟ "
نظرت مليكة لبسمة بنظرات متشفية ثم قالت لأم هاشم "قصت لي الأمر على الهاتف منذ قليل "
قالت أم هاشم بسعادة" تعالي تعالي فقد اكتملت الجلسة بحضورك (وصاحت في الفتيات خلفها ) واحدة منكن تحضر كرسي لبنت الصوالحة"
ضحكت مليكة فعادت إليها أم هاشم تقول بلهجة طفولية متفاخرة وهي تعدل من هندامها " هذا بعض الاستعراض أمامك لأريك بأني مسيطرة على الوضع ..وأراقب الشاردة والواردة هنا "
ضحكت الفتيات الثلاث وشاركتهن ونس ثم قالت بسمة مازحة وهي تنظر لمليكة بنظرة حاقدة" احقد عليك لأنك تتقنين قيادة السيارة يا بنت الصوالحة"
طالعتها مليكة بنظرة متعالية من فوق كتفها وردت بفخر صبياني مغيظة "هذه أشياء نتعلمها منذ الصغر حبيبتي في عائلتنا ..قيادة السيارة .. ركوب الخيل (وسألت بسمة سؤالا خبيثا تعرف اجابته جيدا ) هل تركبين الخيل ؟"
مطت بسمة شفتيها بامتعاض بينما انفجرت أم هاشم ضاحكة فظهرت غمازتيها ثم قالت بتأثر "اشتقت لهذه اللحظات المراهقة المشاكسة بيننا والله .. واشتقت لأيام الدراسة ولحياة خالية من الهموم والتفكير في المستقبل .. اشتقت إليكما جدا يا بنات "
عاد الوجوم لوجه مليكة وهي تعود بذاكرتها للخلف .. لأيام الدراسة .. فعضت أم هاشم على شفتها قبل أن تتدخل بسمة وتقول بتهكم مقصود " ما بك يا أم هاشم لمَ كل هذا التأثر هل تنتظرين ظروفك الشهرية يا فتاة"
أشاحت أم هاشم بيدها مغمغمة "الهرمونات كلها منفجرة عندي يا اختاه لعدم الاستعمال"
عادت الضحكة لوجوه الثلاثة بينما عقدت ونس حاجبيها تحاول فهم المزحة وشكت بأن سماعتيها لم تلتقط جيدا ما قالته أم هاشم وضحكن عليه .
بعد قليل أغلقت مليكة الهاتف بعد أن طمأنت مفرح على وصولها لبسمة وسمعت إحدى الفتيات تهتف وهي تدلك ذراعيها "أخيرا الاستراحة( ثم هتفت بسعادة جمة) هيا يا بنات فلنبدأ الحفل"
رفعت مليكة حاجبيها في جلستها على أحد الكراسي الخشبية وراقبت فتاة أخرى تجري نحو البوابة لتغلقها ثم بدأت الفتيات بالتجمع حول نصرة ..فغمغمت بتساؤل "ماذا يحدث؟"
ابتسمت بسمة بينما ردت أم هاشم بامتعاض "هذا وقت المرقعة"
قالت بسمة بهدوء موضحة وهي تراقب نصرة التي تركت مقعدها الخشبي وافترشت الأرض بينما تحلق الفتيات يجلسن بجوارها على هيئة دائرة وكل منهن تفتح ما احضرته كلقمة بسيطة للغداء " البنات يأخذن نصف ساعة راحة عند الظهيرة فيستغلين وجود نصرة لتطبل وتغني وهن يرقصن"
اتسعت ابتسامة مليكة وردت" حقا .. هل سأرى المواهب اليوم؟"
ردت أم هاشم بلهجة ساخرة " مواهب ليست كأي مواهب (وصاحت في إحدى الفتيات التي قررت أن تفتتح الحفل) هيا أري الضيوف المواهب فهذا ما أنتن فالحات فيه لكن عند العمل تتحولن لكسيحات "
ردت الفتاة الواقفة في منتصف الدائرة استعدادا للرقص "أتدرين يا أم هاشم أن من أسباب حبي للعمل هنا هو وجود الخالة نصرة وطبلتها؟"
نظرت أم هاشم لبسمة ومليكة وقالت مستنكرة "أرأيتن الجيل الفاسد!"
قهقهت الفتاتان ثم قالت بسمة " دعيهن يفرغن بعضا من الطاقة فهذا هو الشيء الذي يخفف عنهن صعوبة الواقع .. أنا شخصيا ابتهج حينما أراهن يرقصن ويغنين وكأنهن بلا هموم "
قالت أم هاشم معترفة وهي تتطلع في الجالسات حول نصرة " أنا أيضا .. لا أنكر ذلك "
جلست ونس بجوار نصرة تنظر للفتيات فأزعجها صوت الطبلة .. فسماعتها تضايقها مؤخرا أكثر من السابق لهذا قررت نزعها لتستمع بدونها فأذنيها تلتقطان الأصوات العالية جدا بدون سماعة وصوت الطبلة مميز وجميل حتى لو كان بعيدا بدون تدخل تلك السماعة السخيفة التي تعصبها حين تلتقط الأصوات بتشويش .
قالت نصرة بوجه طفولي مفكرة " ماذا سأغني؟ .. ماذا سأغني؟ .. سأغني أغنية جاءت في رأسي صباح اليوم"
وبدأت في الضرب على الطبلة فقالت مليكة مقاطعة" هناك سؤال أريد أن أسئله لك يا خالة نصرة .. أنت بسم الله ما شاء الله صوتك رائع وينافس أقوى المغنيات المحترفات وتذكرينني بمطربات شعبيات شهيرات كخضرة محمد خضر وجمالات شيحة "
هتفت نصرة بحب وهي تضرب على صدرها "إنهما حبيباتي ومثلي الأعلى "
ضحكت مليكة وأكملت" وسؤالي الذي دوما أريد أن اسأله لك هل فعلا كان معروضا عليك كما سمعت أن تعملي مغنية لكن والدك رفض "
ردت نصرة بفخر طفولي وقد احمرت وجنتيها أكثر من احمرارهما "هذا صحيح .. حين كنت في الرابعة عشر جاءت الست جمالات شيحة إلى هنا لتحيي حفلا وقد تسللت إلى حيث يضيّفونها وأصريت عليها أن تسمعني .. (ورفعت عينيها بتأثر لأعلى شاردة وكأنها تستعيد الذكريات الجميلة واضافت ) وقتها انبهرت الست جمالات بصوتي وأخبرتني بأنني أمتلك صوتا يطعمني الشهد إن احترفت الغناء .. ولكنها طلبت مني أن أنتظر حتى يكتمل صوتي فلا يجب أن أرهقه في فترة المراهقة .. المهم عدت للبيت وأنا في غاية السعادة ولا أستطيع أن أصف لكن كيف شعرت ومطربة شعبية ذات صيت مثلها تستحسن صوتي .. (وعادت تنظر للمستمعات إليها بانبهار من الفتيات الشابات حولها وتضيف بحماس طفولي) ولن تصدقن أنها جاءت مرة أخرى بعدها بأربع سنوات فمنعني أبي من الخروج من البيت حين علم بوجودها في البلدة .. لكنه فوجئ بأنها تذكرني وبأنها سألت عني أهل البلدة فأتوا يخبرون أبي بأنها تطلب رؤيتي .. المهم تحرج أبي وتركني أذهب إليها .. وأخبرتني الست جمالات وقتها أنها تستطيع مساعدتي في تعريف الناس بصوتي ومن الممكن أن أنضم لفرقتها وألف معها كل المحافظات لأغني .. وقالت لأبي لتقنعه بأنه إن وافق على ذلك سترعاني كابنتها لأنها متحمسة لصوتي جدا"
سألتها إحدى المراهقات" ولماذا لم تذهبي معها يا خالتي هل رفض والدك ؟"
ردت نصرة ضاحكة بحرج وهي تمسك بطرف وشاحها وتغطي به فمها "ليس والدي فقط من رفض بل هلال أيضا رفض بشدة وأمرني بألا أذهب وأصر على أبي أن يعقد عليّ حتى لا أتهور وأذهب .. كان يعرفني أحب الغناء جدا "
هتفت احداهن بهيام "يا عيني يا عيني على الحب والغرام .. أين نحن من قصص الحب هذه .. حسرة علينا "
هتفت نصرة بغيظ" لأن أيامنا كانت أبسط بكثير .. أما أيامكن فمعقدة بأشياء لا يعلم بها إلا الله .. يكفي أني وهلال تزوجنا بالأساسيات في بيتنا وعلى قدر حالتنا المادية .. ولم يكن هناك تلك الطلبات المبالغ فيها حاليا ولم نكن نتنافس مع أحد "
صرخت الفتاة الواقفة في منتصف الحلقة بتبرم" الوقت يجري يا بنات وأنا تعبت من الوقفة"
اسرعت نصرة تطبل من جديد وبدأت تغني بصوتها الجميل:
من حبي فيك يا جاري
يا جاري من زمان
بخبي الشوق أداري
لا يعرفوا الجيران
غمغمت مليكة باستحسان" الله! .. أحب هذه الأغنية جدا وتذكرني بذكريات جميلة "
بينما لاح أمام عيني بسمة فجأة وجه كامل حين ابتسم هذا الصباح .. فأسرعت بهز رأسها وكأنها تنفض عنها ذبابة متطفلة وهمست لنفسها بامتعاض" لا توجد ميزة في ابتسامته أصلا ..فهي صورة طبق الأصل من ابتسامة توأمه"
أما أم هاشم فوجمت ملامحها وهمست في سرها" لماذا هذه الأغنية بالذات .. أنا لست في حالة نفسية جيدة لأتحملها"
وحياة حبك ما شبكنا
غير شِبّاكوا وشِبّاكنا
وعيون تنده وتشاور
وتدوب شوقها ببسمة
وعيون تفهم وتحاور
وتسلم ويا النسمة
في الخارج كان التوأمان أمام البوابة يستعدان للعودة للعاصمة وشهبندر يطل هو ولسانه من نافذة السيارة .. فتنامى لمسامعهما صوت الطبلة والغناء من الداخل فنظرا لبعضهما وابتسما وكل منهما يفكر فيمن تخصه.. ركب شامل أمام المقود يتطلع في هاتفه متسائلا إن كانت ونس ستراسله على الواتساب أم لا .. بينما جلس كامل بجواره يغلق باب السيارة لكن التفكير فيها لم يغلق في رأسه بعد .. ثم تحركت السيارة مودعة بيت الجد صالح على وعد بالعودة في الأسبوع القادم .
لما تصادف ع السلم
وتصبح ولا تسلم
قلبي بيرقص م الفرحة
والدنيا تدور حواليا
ماعرف إن كنت أنا رايحة
ماعرف إن كنت أنا جاية
وأخبي الشوق وأداري
ليعرفوا الجيران
اسرعت أم هاشم إلى داخل المخزن واختبأت في إحدى أركانه تداري دمعا مصرا على أن يسيل على وجنتيها .. وحاولت بقوة أن تطرد صورته التي تصر أن تتجسد أمام ناظريها فضربت على رأسها عدة مرات توبخ نفسها "أفيقي يا أم هاشم وتحكمي في نفسك ..هل أنت صغيرة على هذه المراهقة !"
لكن كلمات الأغنية كانت تأتيها من الخارج وتتسلل إلى قلبها بكل خبث وإصرار على إيلامها .. وتتحالف مع الدموع المصرة على التدفق من مآقيها .. لكن أم هاشم بكل تحدي لنفسها أصرت على مسحها ..وعلى استعادة سيطرتها على نفسها ومشاعرها كما تفعل دوما .. ثم سحبت نفسا طويلا وتحركت عائدة وصوت طبلة نصرة لا يزال يدق على قلبها لتفتح له باب الجراح الموصد عليها بألف قفل :
يوم ما تخبط على بابنا
وتجينا يا اعز أحبابنا
أهلك هتكلم أهلي
وتفرح عيني وقلبي
والقى الدنيا بتندهلي
في عنيك الحلوة حبايبي
واقول لك ايه يا جاري
هقولك قايدة ناري
وأخبي الشوق وأداري أدراي
لا يعرفوا الجيران
نادت مليكة أم هاشم تسألها" أين ذهبتِ؟"
غمغمت الأخيرة وهي تداري وجهها" كنت أتأكد من عدد الطلبات التي تم انجازها في انتظار أن تنتهي وصلة المرقعة هذه (وهتفت في الفتيات بحزم ) هيا انتهت فترة الراحة منذ عشر دقائق "
بتبرم تحركت الفتيات لتعدن للعمل .. فقالت مليكة وهي تغمز بسمة "حازمة هذه البنت"
ردت بسمة معترفة" الحقيقة تستطيع ببراعة ادارتهن أكثر مني أشهد لها بذلك"
نظرت مليكة لساعتها ثم قالت بسرعة "تأخرت ..والأولاد على وشك الوصول علي أن أذهب بسرعة"
هتفت بسمة "بهذه السرعة!"
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:46 AM   #638

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

في المساء
بمقلتين مقلوبتين كان جالسا يناظرهما مباعدا ما بين ساقيه ويديه في جيبي جلبابه البسيط .. بينما الصمت الرهيب يعم الجلسة بشكل مضحك .. فازدادت حرارة وجنتي اسراء وهي تتطلع بعينيها العسليتين في والدها الجالس أمامها بهذا الشكل وضحكة تريد أن تفلت منها بينما هرش طلال في رأسه بحرج وبعض الضيق وسأله للمرة العاشرة تقريبا" كيف حالك يا عمي؟"
أجابه هلال بنفس الاجابة" بخير والحمد لله .. كيف حالك أنت "
من المطبخ نادته نصرة "يا هلال .. يا أبا كريم"
بشفتين مزمومتين وضع هلال قدميه في الخف وتحرك متبرما يترك الصالة متجها نحو المطبخ.. فاستقبلته نصرة بتوبيخ هامس "ماذا هناك يا رجل هل ستكبس على أنفاسهما طوال الوقت؟"
هتف باستنكار" وهل تريدين مني أن أوصلهما لباب غرفة النوم واغلق عليهما !.. ألا يكفي بأنه يحدثها طوال اليوم في الهاتف .. هذا الولد لا ارتاح له .."
اسرعت نصرة بوضع كفها على فمه لتسكته وهي تقول بتوبيخ هامس "اخفض صوتك يا هلال سيسمعك .. أنا فقط أقول اتركهما بضع الدقائق وحدهما فهما في صالة البيت ليسا في غرفة مغلقة عليهما"
ناظرها هلال بمقلتين مقلوبتين لثوان ثم نادى خلفه" يا كريم"
عقدت نصرة حاجبيها ..فأتى كريم مسرعا ليقول له هلال مشيرا له بعينيه" اذهب واجلس في الصالة .. تفهمني أليس كذلك"
بابتسامة محرجة هز كريم رأسه مختلسا نظرة سريعة نحو أمه قبل أن يذهب ..فعاد هلال ينظر إليها بتحدٍ صبياني جعلها تضرب كفا بكف وتنظر للسماء وتشتكي في صمت ..فمط هلال شفتيه وقال وهو يستدير "انتهي من هذا الطعام حتى يأكل ويغادر ..أنا متعب بشدة من العمل وأريد أن أنام"
اسرعت نصرة بمناداته قبل أن يغادر فاستدار إليها بملامح متسائلة.
اعتراها الارتباك الشديد .. فمنذ أمس وهي مترددة في إخباره بأنها ذهبت لمحل جابر ولا تعرف هل تخبره بأنها بالفعل قد اختارت وبأنه وعدها بتخزين البضاعة باسمهم أم تحاول أن تقنعه أولا ليذهب معها وكأنها المرة الأولى ؟..والسؤال الأهم هل سيخبره جابر بما حدث؟.
عادت تستبعد من رأسها الخاطرة الأخيرة ..فهي تثق في أن جابر رجل حكيم وذكي ولن يتحدث مع هلال من تلقاء نفسه .
ضيق هلال عينيه وسألها باندهاش "هل ناديتني لتسمعيني سكاتك يا نصرة؟!"
جبنت نصرة من إخباره.. فأسرعت بقول أول ما جاء إلى رأسها "ما هي احوالك في العمل الجديد؟"
لاح الضيق على وجه هلال ورد بوجوم" أنا غير مرتاح بالمرة يا نصرة ..أشعر بالمهانة وأنا اتلقى أوامر من شاب أرعن في العشرين من عمره لا يحترم سن ولا يحترم أحد ..لكني أصبّر نفسي على أمل أن يشفى والده وينزل للعمل ..فالرجل صحيح سخيف ومتعجرف كابنه لكنه على الأقل يتعامل بمهنية اكتسبها بخبرة السنين"
اشفقت نصرة عليه.. فربتت على صدره مشجعة وهي تقول "أعرف يا هلال بأنك غير مرتاح ولا أجد ما أقوله لك إلا أن أدعو بأن يرزقك الله برزق أولادك"
أومأ هلال برأسه بغير رضا واستدار مغادرا المطبخ بعد أن قال "اسرعي في الطعام يا نصرة أنا صدقا متعب جدا وأرغب في النوم مبكرا .. فاليوم اضطرت لحمل الاخشاب مع العمال لغياب بعضهم "
شعرت نصرة بالشفقة عليه وبالخزي من نفسها أكثر.. فهذه أول مرة تخفي عنه شيئا أو تفعل شيئا دون علمه ..لكن عناده بشأن التعامل مع جابر هو ما دفعها لفعل ما فعلت فهو الحل الاسهل والأقرب من المنطق والذي سيرمي من فوق اكتافهم نصف الحمل تقريبا .. فرفعت نظرها للسماء تقول" حِلّها من عندك يا رب أنا تعبت من التفكير"
في الصالة نظرت إسراء لكريم الجالس أمامهما على نفس مقعد والده يلعب على هاتفه ثم سألت طلال في محاولة منها لفك جمودها معه "ماذا فعلت في مشكلتك مع المدير؟"
رد هلال مطمئنا "لا بأس أصريت على أن أوضح له سوء الفهم مثلما نصحتني وهو تفهم الأمر"
غمغمت إسراء" الحمد لله"
تسللت يد طلال ليضعها فوق يدها الموضوعة بينهما على الأريكة فأسرعت بإبعاد يدها بحرج وهي تختلس النظرات لكريم المستغرق في اللعب ثم عادت لطلال تحدجه بنظرات موبخة جعلت الأخير يبستم بشقاوة وهمست بلهجة حازمة "قلت لك لا أحب هذا يا طلال .. لو كررتها صدقني ....."
قاطعها طلال يرفع كفيه في الهواء مستسلما وهو يقول بسرعة "آسف ..آسف يا أبلة ( ثم أضاف بلهجة ذات مغزى) صبرني يا رب على الأيام المتبقية"
بلهجة عملية وببعض الحرج قالت اسراء "طلال أريد أن أتحدث معك في موضوع ..وفضلت أن يكون وجها لوجه"
عقد طلال حاجبيه وقد شعر بالقلق من جديتها ..لتقول اسراء" أنت تعلم بأن مهلة الشهرين هذه لن تتيح حتى لأغنى العائلات تجهيز إحدى بناتها بكل شيء ..وتعرف أيضا حالة الغلاء في البلد هذه الأيام .. لهذا أنا اشترطت على أمي ألا تشتري إلا الأساسيات .. بالطبع لن نقل في التجهيز عن أساسيات البيت العصري لكن ما قصدته بأني لا أريد أن أدخل في سباق ..كم غسالة أحضرت وكم ثلاجة وكم فوطة وهذه الامور (وبلعت ريقها تكمل )ولأكون صادقة ..لو كانت حالتنا المادية تسمح بشراء أكثر من ذلك لم أكن لأفعلها ..فأنا أرى أن ما يحدث حاليا هو نوعا من المبالغة المقيتة التي يجب أن نكف عنها"
اتسعت ابتسامة طلال وقال" الحقيقة أنا لا افكر في هذه الأمور ولا أركز فيها (واكمل بلهجة حارة شقية ) أنا كل ما افكر فيه هو اليوم الذي ستكونين فيه حلالي حتى لو سنُزَف في الشقة فارغة"
اختلست النظر لكريم ثم أطرقت برأسها بخجل شديد قبل أن تتنحنح وتستحضر حزم المعلمة وتقول "ووالدتك؟.. أنا أخشى ألا يعجبها ذلك مثلما لم يعجبها حفل الخطبة"
رد طلال " بصراحة أنا لا أعرف رأي أمي .. ولا أذكر يوم زواج أخي حمدي ماذا كانت تفاصيل الزواج خاصة وأنه قد حدث منذ عدة سنوات لكن ما أنا أكيد منه أن الأمر سيمر كما مر يوم الخطبة إن شاء الله "
قالت اسراء بإصرار" لكني قلقة يا طلال"
قال طلال مطمئنا "لا تشغلي بالك سأتحدث معها في هذا الأمر"
بلعت اسراء شعورها بالضيق وبغصة مُرة في حلقها وأطرقت برأسها شاردة ..فبرغم من صدقها في أنها لا تحب المبالغة ولا ترغب في أن تدخل في منافسة سخيفة للمفاخرة بما ستجهز به بيتها .. لكن ضيق الحال سيجعل الجميع يخمن بأن ذلك بسبب ظروفهم المادية التي لم تعد تخفى على أحد.. وليس لأنها جادة في رغبتها في عدم الدخول في منافسة مع أحد ..
ليتها ميسورة الحال لتقف بكل شجاعة وتصر على ما تنويه دون أن يعايرها أحد بضيق الحال .
قطع شرودها دخول والدها وهو يقول بابتسامة صفراء مصطنعة "إسراء أمك تغرف الطعام ..هلا ساعدتها؟.. فلابد وأن طلال قد شعر بالجوع "
××××
بعد يومين
مساء
أغلقت ونس باب غرفتها عليها وعادت للهاتف بحيرة تزداد كل دقيقة .. تكاد تجن وترسل لشامل على الواتساب .. خاصة حينما علمت بأنه قد غادر مجددا وبأنه يأتي ليوم وليلة أو أكثر كل اسبوع ثم يعود للعاصمة .
أمسكت بالهاتف وباندفاع تعبت من إيقافه كتبت على الواتساب " مساء الخير "
انفجرت ضربات قلبها بعنف وهي تحدق في الرسالة التي وصلته وظلت تنظر في الهاتف كل دقيقة لترى إن كان قد قرأها أم لا .
في المطعم كان شامل يقف في المطبخ مع الطباخين يخبرهم بآخر التعليمات قبل إعادة افتتاح المطعم في اليوم التالي بعد توسعته وتجديده بينما كامل في صالة المطعم يتابع مع العاملين ترتيب المقاعد وديكور المكان .. لينتحي الأول بعد قليل جانبا ويخرج الهاتف من جيبه يضحك من نفسه ساخرا مما يفعله من سلوك مراهقين صغار على مدى يومين وهو يتطلع في الهاتف كل ساعة تقريبا متأملا في أن ترسل له ونس أية رسالة.. وتسارعت دقات قلبه حينما وجد رسالة على الواتساب من رقم غير مسجل ..
دقق في الصورة الرمزية للرقم فوجدها صورة حديقة من الورد مختلفة الألوان .. فكتب بسرعة "مساء النور "
انتفضت ونس بمجرد أن أضيئت شاشة الهاتف معلنة عن وصول رسالة وحين قرأتها انفجرت دقات قلبها بعنف شديد .
كتبت " هذا .. أنا"
ابتسم شامل وكتب " مرحبا يا .. أنتِ"
كتبت " هل تعرف من أنا ؟"
اتسعت ابتسامة شامل وكتب "أمممم.. دعيني أفكر "
باندفاع كتبت" هل هناك أكثر من فتاة تراسلك ؟"
قهقه شامل وانفجرت ضربات قلبه فحك جبينه غير مصدق لما يحدث معه فهو ليس غشيما وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مع فتاة لكنه يشعر بالفعل بأنها المرة التي.. (لم تحدث له من قبل) .
كتب شامل " وهل هذا يهمك؟"
ساد الصمت لبرهة قبل أن تكتب ونس لتداري اندفاعها " لا .. لا يهم "
كتب شامل بمكر " إذا لمَ كنت تسألي ؟"
ارتبكت ونس وتركت الهاتف تقضم أظافرها .. إنها ترغب في أن تكون تلقائية معه .. تريد أن تتتبع شعورها تجاهه .. وفي الوقت نفسه تخشى بأن يظنها فتاة سهلة ومنحلة ..
أضيئ الهاتف باستلام رسالة جديدة فأسرعت بقراءتها " ألا زلت موجودة؟"
غلبها الاندفاع وغلبتها تلقائيتها فكتبت "سألت لأني كنت أريد أن أعرف هل ستعرفني دون أن أخبرك أم لا "
ترددت قليلا ثم ضغطت على زر إرسال.. فابتسم شامل وكتب بمشاكسة " وهل هذا يهم ؟"
ساد الصمت للحظات فهرش شامل في رأسه وهو يشعر بقلة صبره في انتظار ردها .. وتأكد له بأن ما يحدث معه يحدث معها هي الأخرى .
كتبت ونس " يهمني أكثر مما تتصور "
بمجرد أن قرأها شامل أسرعت ونس بحذفها ثم ضربت رأسها بيدها عدة مرات موبخة بينما رفع شامل حاجبيه وهو يرى الرسالة التي حذفت من أمامه .
صوت كامل من خارج المطبخ يناديه "شامل تعال لحظات أريدك "
فصاح الأخير " قادم "
قبل أن تكتب ونس له " لا بأس انس الأمر"
كتب شامل لينهي حيرتها " أجل أعرف بأنك ونس الشقية "
اتسعت ابتسامتها وهزت قبضتيها في الهواء بانتصار .. ثم ألقت بنفسها للخلف على السرير ترفع قدميها في الهواء بالتبادل بسعادة قبل أن يضيء الهاتف من جديد فاعتدلت تلتقطه وهي ترفع عن وجهها شعرها الكستنائي المموج ثم تقرأ " كيف حالك يا ونس؟"
كتبت بحماس " أنا بخير .. كنت أريد أن اسألك عن روابط المواقع الأجنبية التي حدثتني عنها "
كتب شامل يرد " حاضر .. هلا اعطيتني بضع ساعات فأنا مشغول في ترتيبات المطعم الخاص بي لأن إعادة افتتاحه غدا وهناك الكثير من العمل لإنجازه "
كتبت ونس " لا بأس سأنتظر منك الرد .. آسفة على الازعاج ( وجه محرج مغطى بكفين ) "
كتب شامل " لا يوجد أي ازعاج أبدا ..لنتحدث فيما بعد .. سلام "
كتبت ونس "سلام"
ثم عادت لتستلقي وتحدق في سقف الغرفة الذي أكلته الرطوبة تضع كفها فوق قلبها وتتنهد بحرارة تنافس حرارة وجنتيها وهمست في سرها " اليوم لن أنام .. لربما أرسل لي في وقت متأخر وأنا نائمة "
أما شامل فأعاد الهاتف لجيبه يحدث نفسه" تبدو مختلفة على الواتساب .. بل تبدو أكثر رزانة وهدوءً"
جاءه صوت كامل من بعيد عصبيا " يا شامااااال "
هدر شامل بانزعاج وهو يتحرك ذاهبا إليه "قلت حاضر يا زفت حاضر "
×××××
في ساعة متأخرة من الليل
في الظلام.. وعلى صوت حشرات الليل ونقيق الضفادع تحرك ذلك الظل .. يمشي بالدراجة بجوار الترعة برتابة وبطء .. حتى توقف بجوار أحد الحقول .. ليتحرك ظل ذلك الشخص الذي فوق الدراجة ويكور قطعة من القماش رائحة البنزين تفوح منها بقوة .. فيخرج ولاعة ويشعل طرف القماش قبل أن يلقيها بأعصاب باردة على أحد الحقول..
وظل ساكنا لثوان يشاهد النار التي بدأت تأكل في جزء من المزروعات قبل أن تتحرك الدراجة بهدوء ويواصل طريقه مبتعدا.
بعد دقائق كان أحد الاشخاص يطلق صفيرا متتاليا قبل أن يطلق صوته صائحا "حريق .. حريق في حقل أولاد عابد "
نهاية الفصل التاسع
مع حبي
شموسة






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:51 AM   #639

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العاشر
بعد اسبوعين
في موعدها ككل يوم لزيارة مزرعة العمدة نزلت بسمة من التوكتوك وارتبكت حينما وجدت تلك السيارة السوداء الضخمة مرابطة أمام بيت الجد صالح.
هل عاد؟
بعد اسبوعين لم يظهر فيهما عاد.
استدارت تدخل المزرعة متقبضة وهي تتساءل أ جاء هو أم توأمه أم الاثنان معا؟ ..
في حالة من الغضب من نفسها تحركت بعد أن حيّت العمال متجهة إلى الصوبات وهي تنهر نفسها على هذا الاهتمام الذي يسيطر عليها منذ أن جاء هذا المتعجرف ليسكن في بيتها ..
لماذا لا تتجاهل وجوده ؟
لمَ تهتم لذهابه أو عودته ؟..
ما قالته لها مليكة وما لاحظته أم هاشم عن التغير الذي يحدث لها في وجوده يشعرها بالغضب من نفسها .. فهي تعطيه حجما وأهمية اكبر مما يستحق .. تفكر فيه أكثر مما يجب .. يستعيد عقلها وجهه وهيئته وكل ما يخصه بتكرار مقيت يعصبها ويشعرها بالغيظ والغضب .. يشعرها بأنها تفقد تحكمها في ذاتها ..
وهذا يخيفها ..
عند اقترابها من مدخل الصوبات لمحته..
أجل إنه هو الذي يتحدث مع العمال ويشير على بعض الاقفاص التي يبدو بأنها سترسل اليوم لمطعمه في العاصمة..
التقت العيون بنظرة خاطفة جعلتها تسرع بدخول الصوبة في تجاهل مزيف.. وجعلته يسحب عينيه بسرعة عنها حتى لا يلاحظه العمال ..
لكن قلبه كان يناقض هيئته الهادئة الجادة المتعالية.. قلبه كان يقفز ويرقص كطفل صغير سعيد يستقبل المطر في يوم شديد القيظ ..
لقد انشغل في إعادة افتتاح المطعم الأيام الماضية لكن ذهنه كان معها طوال الوقت..
كانت تحاصره .. تخرج إليه من كل الزوايا والأركان.. تقفز الى مخيلته مهما ألهى نفسه عنها ..حتى أنه حاول أن يعود لشلة الأصحاب ليقضي معهم بعض الوقت كما كان يفعل أحيانا لكنه كان فاقدا للشغف.. شاردا عنهم .. حتى شامل كان مختلفا هو الأخر وهذا ما لاحظه الجميع .. فاستغل أول فرصة استطاع فيها هو وتوأمه الحضور وحضرا في وقت مبكر جدا من اليوم .. يسبقهما الشوق لملاقاة الأحبة.
فشامل أيضا منجذب لتلك الهبلاء .. هذا الأمر أصبح هو اكيد منه .. يكفي بأنه لا يكف عن التحدث معها على الواتساب طوال الوقت .
بعد قليل خرجت بسمة من الصوبة .. بعد أن تممت على الوضع فيها وبعد أن شعرت بالثقة في نفسها وهي ترتدي اليوم ما تحبه من الملابس.. بنطال من بناطيلها الجينز التي تحبها وعليه بلوزة ربيعية طويلة وذلك الوشاح الذي يغطي نصف رأسها .
بإنكار لما يعتريها من مراهقة أنثوية متأخرة تحركت بسمة تبحث عنه بنظرات مختلسة من طارف عينيها .. وبمجرد أن لمحته يتحدث في الهاتف زفرت بضيق وغمغمت لنفسها "لماذا يقف ناحية البوابة ما قلة الذوق هذه !"
تحركت نحو الداخل تتمشى بهدوء وروية وهي تغمغم "فلننتظر قليلا حتى ينتهي سعادته من المكالمة ويفسح الطريق .. فلست في مزاج لرؤية هيئته المستفزة"
لمحتها عيناه وهي تتجاوز الصوبات وتدخل للداخل وهو الذي كان ينتظر مرورها عند البوابة ليراها عن قرب .. فحانت منه نظرات مختلسة للعمال المشغولين بتجهيز الاقفاص التي تخص مطعمه والتي ستنقلها إحدى الشاحنات بعد قليل وتحرك خلفها وهو لا يزال يتحدث في الهاتف .
ساقتها قدماها نحو مزارع الفاكهة والتي هي في البقعة الهادئة نسبيا في أخر المزرعة وبحدس الأنثى استشعرت وجوده خلفها حتى قبل أن تلتقط أذناها حديثه في الهاتف فزفرت وقررت تجاهله وتصنع عدم ملاحظتها لوجوده .
راقبها كامل بذهن شارد عما يقال له في الهاتف وتأملها كيف تتحرك بخفة غزال بين أشجار الفاكهة .. وبخطوات هادئة سار بالتوازي على الناحية المقابلة
صرخت أمه في الهاتف" هل تسمعني يا كامل أم أني أحدث نفسي"
انتبه كامل وقال "اسمعك يا سوسو ..اسمعك والله حاضر لا تقلقي لقد رتبت هذا الأمر معه"
غمغمت بسمة بقرف" سوسو !"
قالت سوسو متنهدة " إذن سأترك لكما الأمر لأن أبوكما عنيد وأنا تعبت والله ..طلبت منه ألا يخرج للمطعم اليوم وأن يستريح وبأنكما تركتما من يباشر الأمور فيه لكنه مصر بل إنه منذ الصباح يتخذ مقعده المعتاد في المطعم ويباشر هذه وتلك"
قال كامل مطمئنا" اتركيه يفعل ما يريد مادام لا يجهد نفسه"
باستهجان أخذت مخيلة بسمة تتصور شكلا لمن تدعى (سوسو ) هذه .. وانتابتها حالة من الغيظ المكبوت من اهتمامها أصلا بالأمر ومع هذا غمغمت في سرها وهي تمد يدها وتلتقط عنقودا من العنب "قمة الوقاحة"
سألته سوسو بانزعاج" وأين شامل لا يرد عليّ؟"
رد كامل وعيناه تتابعان بسمة التي التقطت عنقودا من العنب "شامل في البيت ربما يضع هاتفه على الوضع الصامت سأخبره بأن يتصل بك"
بحركة استعراضية رفعت بسمة العنقود بعد أن مسحته بكفها وكأنها تثبت لنفسها وله أنها لا تنتبه لوجوده وبدأت تلتقط من طرفه بفمها حبة عنب كما كانت تفعل دوما وهي صغيرة .. تتسابق هي ومليكة لالتقاط حبات العنب وأكلها بهذا الوضع ..فاتسعت ابتسامة كامل وهو يتابع ما تفعل .. وتفوه ببعض العبارات المودعة لأمه بدون تركيز قبل أن يغلق الخط ..ثم توقف يتابعها من تلك المسافة التي تفصل بينهما متمتما بما جاء على لسانه:
" تلهو كطفلة ولا تبالي
بقلب يصبو لمُحال "
ثم هرش في أرنبة أنفه ينظر حوله ليتأكد من خلو المكان .. لكنه عاد يحذر نفسه من أي تهور يفكر فيه بانتهاز الفرصة للتحدث معها.
كان الالحاح بداخله شديدا للاقتراب واختلاق أي حجة للحديث ..
أي حديث حتى لو مشاجرة كما يحدث دوما فعليه أن يعترف لنفسه بأنه اشتاق إليها بشدة .. لكنه عاد وذكر نفسه بأن ذلك لا يصح هنا .. ذكر نفسه بمفرح وبأن شيئا متعمدا كهذا يعيبه كصديق .. وذكر نفسه بمصلحتها فلو رآهما أحد لن يكون ذلك جيدا.. فاستجمع قواه وهم بالمغادرة ملقيا عليها نظرة سريعة ليملأ عينيه برؤياها وهي تلهو بالتقاط العنب بفمها كالفتيات الصغيرات ترفع العنقود وتمد شفتيها لتلقط واحدة فتدفقت الحمم السائلة في عروقه دفعة واحدة قبل أن تجحظ عيناه فجأة في اللحظة التالية ويسقط قلبه بين قدميه .
كانت بسمة قبل ثوان على حالتها تدعي اللامبالاة وتعيش لحظات طفولية لا تعرف كيف سيطرت عليها فجأة .. وفي خضم صراعها الفكري وفي لحظة تتسارع فيها المشاعر المتناقضة بلعت حبة عنب كاملة بحجم عقلة الأصبع وخلال ثوان كانت تختنق حتى أن العنقود سقط منها أرضا.
مالت بسمة للأمام تحاول اخراج الحبة التي وقفت في بلعومها وحاولت السعال لكن الاختناق كان شديدا وبدأت تتوسل لنفس واحد ..في الوقت الذي أسرع كامل نحوها يسألها بجزع "باسمة هل أنت بخير؟"
في الثانية الأخرى وحين لم ترد كان كامل يضرب بباطن يده على ظهرها ضربتين متتاليتين لإسعافها لكن ذلك لم يسعفها بل مالت بجذعها للأمام أكثر تشهق بقوة طلبا للهواء وشحب لونها تماما..
و للحظة ظنتها النهاية .. وقد ازداد شعورها بالاختناق ..
وبرغم ذلك كان شبح الخوف من الناس يظهر أمامها كفزاعة حتى وهي على حافة الموت.. فأشاحت له بيدها ليبتعد.
انه ذلك الرعب الخفي من ألسنة الناس ..
ذلك الشعور البشع بأن يخطئ الأخرون فهمك ..
الخوف ..
من سياط الألسنة الجارحة والخيالات المريضة التي ترعبك حتى وأنت تصارع ما هو أكثر رعبا ورهبة ..
حتى وأنت تصارع الموت .
تجاهل كامل حركتها واقترب أكثر مستمرا في الضرب على ظهرها بحزم وإصرار وعقله يعمل بسرعة لاستعادة خطوات الاسعافات الأولية لحالات الاختناق مقررا أن يلجأ للخطوة التالية إن لم تستجب .. فضغط على عنقها من الخلف لتميل للأمام أكثر وضربها بباطن يده على ظهرها .. فخرجت حبة العنب من حلقها وسعلت بسمة بشدة قبل أن تنزل على ركبتيها أرضا وهي تشهق بقوة شديدة تسحب أكبر قدر من الهواء إلى صدرها .
تنفس كامل الصعداء ونزل على ركبته بجوارها يسألها وهو يلهث هو الأخر وكأنه كان يختنق معها" باسمة أأنت بخير؟ حاولي السعال ..واسحبي نفسا عميقا "
أشارت له بذراعها دون أن تنظر إليه بأن يبتعد .. فأشفق عليها أن تكون مرتعبة إلى هذا الحد من أن يراهما أحد رغم اللحظة الصعبة التي مرت بها منذ دقيقة .. فقال بلهجة حازمة "حاولي السعال يا باسمة"
بدأت بسمة تسعل وتشهق بشكل متتابع فنظر كامل حوله يبحث عن مصدر للمياه قبل أن يستقيم واقفا ويسرع إلى صنبور أرضي يملأ منه كفيه ويعود إليها قائلا "ضمي كفيك وخذي بعضا من الماء لتشربي "
بنفس وقفتها على ركبتيها رفعت كفيها فكانتا ملطختان بالطين فعادت لإنزالهما أرضا ودخلت في نوبة سعال متتالية ليسرع كامل بمد كفيه بالماء بسرعة يقربها من وجهها ..
أشاحت بسمة بذراعها أثناء صراعها لتنظيم أنفاسها لتخبره بأن يذهب ..فهدر فيها بحزم" اشربي أولا وسأنصرف بعدها فورا ..هيا"
كانت ترتجف ..
وكانت تشعر بالخوف ..
وكيف لا تشعر بذلك وقد اقتربت من الموت منذ لحظات .
وكانت بحاجة ماسة للاستسلام.
بحاجة ماسة للكف عن التفكير.
وبحاجة لشربة ماء من كف ممدود إليها.
رفع كامل كفيه نحوها بإصرار.. فمالت برأسها لتشرب من بين كفيه رشفتين .. استقام بعدها كامل واقفا ..وتحرك خطوتين متثاقلتين للخلف يرفع شعره عن جبهته بمشط يده قبل أن يسرع مغادرا يبحث عن شخص مناسب ليرسله إليها.
لم يجد كامل حوله سوى عمال المزرعة الذين لا يزالون منشغلين برص الاقفاص فوق الشاحنة التي وصلت منذ دقائق .. فخرج من البوابة بخطوات سريعة واتجه إلى بوابة المشروع يتفحص وجوه الفتيات اللاتي بدأن في الوصول قبل أن يميز من بينهن أم هاشم التي رفعت حاجبا وهي تراه يدخل بهذا الاندفاع عبر البوابة فأسرعت بهندمة وشاحها على رأسها ليقول كامل بلهجة جادة "يا أنت ...يا hr"
اقتربت أم هاشم وهي تتساءل في سرها أهذا شامل أم كامل قبل أن يقول الأخير " باسمة .. اذهبي لباسمة بسرعة .. هناك في المزرعة تحتاج لمساعدة"
طارت الشقاوة من وجه أم هاشم وسألته بسرعة وهي تتحرك مع خطواته "ماذا تعني؟؟.. ما بها بسمة"
قال كامل بعبوس "اذهبي إليها الآن في المزرعة ستجدينها عند أشجار الفاكهة"
اسرعت أم هاشم بقلق تدخل المزرعة مهرولة واستعادت بسرعة خريطة المكان من الذاكرة حين كانت تأتي إلى هنا وهي صغيرة مع البنات فتلفتت حولها تنادي بهلع" بسمة"
بعد دقيقة كانت بسمة تحاول النهوض وهي تنطق بالشهادتين براحة وقد انتظمت انفاسها رغم ذلك الشعور غير المريح في قصبتها الهوائية ..فأسرعت أم هاشم نحوها تسألها بقلق "ماذا حدث يا بسمة ما بك؟"
بعد دقائق كان كامل لا يزال واقفا بجوار الشاحنة التي أوشكت على المغادرة و كل ذهنه مشغولا بها حتى خرجت تمسك بذراع صاحبتها وتمشي ببطء حتى دخلت للبوابة الأخرى.. فزفر براحة وسمح لنفسه أخيرا بالاسترخاء و..
استعادة ملمس شفتيها وطابع حسنها على كفه ..
××××
يتبع

بقية الفصل على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t464653-65.html







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 01:53 AM   #640

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد ساعة
كتبت ونس على الواتساب وهي تقف في ساحة المشروع "أنا وصلت منذ قليل "
في بيت الجد صالح اسرع شامل بفتح الرسائل بلهفة بعد أن انتهى من الاتصال بوالدته وكتب " وأنا أيضا وصلت منذ قليل"
اتسعت ابتسامتها بفرحة شديدة وأدخلت خصلاتها الكستنائية الفارة من الوشاح وكتبت " حمدا لله على سلامتك "
كتب شامل " ونس "
"نعم"
ترددت أصابعه على الأحرف للحظات ثم كتب" احضرت لك شيئا لكني لا أريد أن اعطيك إياه أمام العاملات فسأتركه بين البوابتين وانتظري مني إشارة لتخرجي لالتقاطه"
نظرت حولها بارتباك وقضمت ظفرها قبل أن تكتب "حاضر"
خرج شامل وتأكد من خلو الطريق من المارة قبل أن يضع كيسا ملفوفا بين البوابتين ويسرع بالدخول مغلقا البوابة ثم كتب "وضعتها"
خرجت ونس تنظر للفتيات خلفها ثم التقطت الكيس وعادت للدخول وهي ترتجف ..
ترتجف رهبة .. وترقب .. وسعادة.
الأيام الماضية لم يكفا عن الحديث ..بدأ بالصلصال الحراري وتلك الروابط التي أرسلها لها ..وتطورت للدردشة عن أجمل التصاميم التي رأتها من الصلصال الحراري وتمنت أن تنفذها ..ثم تطور بعد ذلك لتبادل المعلومات عن بعضهما البعض فصور لها شامل المطعم .. وصور لها تصاميما للكعكات صنعها بعجينة السكر أعجبتها بشدة .
لم تستطع ونس الصبر ففتحت الكيس لتجد علبة كبيرة من الصلصال الحراري .. وعلى الرغم من فرحتها الشديدة إلا أنها ولأول مرة تتحكم في ردة فعلها فلم تقفز ولم تهلل كالأطفال .. وإنما لاحت الفرحة ممزوجة بالتأثر على وجهها .. ربما لأنها لم ترغب في لفت الانتباه..
وربما بسبب ذلك النضج الذي أصابها مؤخرا .. والذي أخرجها من عباءة الطفولة والتلقائية وتجاهل ردود أفعال الأخرين لتدخل في عباءة أخرى .. تشعرها بأنوثتها .. وتثقلها بكل قلق الأنثى وحيرتها ومخاوفها وأحلامها..
أحلامها مع الجني الأمير ..
كتبت له ونس على الواتساب "صلصال حراري ( قلب أحمر) "
شعر شامل بالسعادة لسعادتها وكتب "أعرف بأنك لا تخرجين من القرية كثيرا ويصعب عليك الحصول عليه "
أتاها صوت نصرة من عند الطاولات تناديها فأشارت لها بأن تصبر وفكرت قليلا قبل أن تكتب "كم ثمنه لأدفعه لك؟"
عقد شامل حاجبيه ورد" إنه هدية"
احمرت وجنتيها وكتبت بجرأة "لماذا؟"
اتسعت ابتسامة شامل وأجاب " لأنك قد أهديتني هدية هل نسيتِ ؟"
ازداد اشتعال وجهها فحركت كفها أمامه عدة مرات تهوّي عليه ثم رفعت انظارها للسماء الصافية أمامها تفكر قليلا قبل أن تكتب "ولكني أريد أن أدفع ثمنه .. أنا معي نقود فقد قبضت مرتبا أسبوعيا من عملي هنا ومصرة أن أدفع ثمن الصلصال "
فكر شامل قليلا ثم كتب" ما دمت مصرة .. أريد ثمنه عينيا وليس ماديا.. اصنعي لي شيئا من الصلصال "
أعجبتها الفكرة فكتبت " مثل ماذا؟"
نادت عليها نصرة مجددا فاستدارت إليها بعبوس ثم عادت لتقرأ رد شامل "لا أعرف .. ربما ميدالية أو أي شيء ترينه مناسبا "
أسرعت بالكتابة " حسنا أتفقنا .. مضطرة أن أذهب الآن"
قبل أن يرد شامل كتبت " شامل"
" نعم"
" شكرا جدا جدا جدا جدا جدا بحجم السماء"
ارسلتها وأسرعت نحو الفتيات تتخذ مكانها بجانب نصرة بعد أن مالت وقبلتها على وجهها قبلة سريعة جعلت حاجبا نصرة يرتفعان وابتسامتها تتسع باندهاش .
××××
أوقف السيارة بصمت أمام بيت العسال وقال دون أن ينظر إليها" إن كنت ستعودين قبل أن انتهي من أعمالي فاخبريني من سيوصلك من بيت العسال قبل التحرك ..وإن أردت أن تنتظري حتى أنتهي من أعمالي وآتي لأن أعيدك فلا بأس ..ولكني سأتأخر قليلا اليوم "
مطت شفتيها وسألته بلهجة متهكمة "كيف أخبرك وأنا لا أمتلك هاتفا"
حدجها بنظرة نارية بجانب عينيه ورد "استخدمي أحد هواتف بيت العسال لإخباري "
جزت كاميليا على أسنانها وهزت ساقها بعصبية .. فأكمل جابر ببرود "سأتصل بعلاء العسال ليرسل أحد أخوته حتى يأخذ ميس إليك عندما تعود من المدرسة"
قالت بغيظ " وهل سأبقى بدون هاتف هكذا كثيرا حتى تتعطف عليّ سيادتك؟ "
بهدوء شديد وبدون أن ينظر إليها قال جابر بلهجة قاطعة "لم أقرر بهذا الشأن بعد "
تطلعت فيه بعينين ناريتين تشعر بالغيظ وهو ينظر أمامه متجنبا النظر إليها ثم قررت الاستمرار في تجاهله كما تفعل في الأسبوعين الماضيين حتى يرضخ لها في النهاية ويعود إليها مشتاقا ..
إنها حرب إرادات .. وهي تسعى لكسبها .. عليها ألا تبدأ بالصلح .. فقد حاولت في تلك الليلة التي عادت فيها لكنه أصر على المبيت في الغرفة الأخرى .. وكبريائها لن يسمح لها بالتنازل واستعطافه ..
فتحت باب السيارة تهم بالخروج ثم عادت تنظر إليه لتسأله" ولماذا ستتأخر اليوم؟"
أجابها باقتضاب "سأنهي لأمي إجراءات سفرها للعمرة فزين يلح على حضورها ..ومتعجل ..وانتهى من أرسال طلب زيارة لها .. فعليّ أن أكمل باقي الأوراق "
بدون تعقيب تحركت كاميليا تترجل من السيارة أمام بيت العسال .. فتحرك جابر مغادرا وهو يفكر .. هل يعيد لها هاتفها ويكتفي بهذا الوقت الذي منعه عنها؟.. أم يتركها وقتا أطول؟ ..
المشكلة التي يعترف بها أن هناك أمور بديهية لا تقال وهو تعب من القول والشرح ..تعب من ارشادها وتقويمها خلال سنوات زواجهما ..هناك جزء فاسد في ذلك القلب الذي يقع في صدرها لم يقدر على علاجه .. ولا يعتقد أن هناك حلا إلا أن يدعو لها الله بالهداية .
أما المعضلة التي باتت تؤرقه هي .. ماذا بعد؟ .. إنه قد هجر غرفتهما ويشعر بالراحة في الغرفة الأخرى .. ويتعجب كيف انقلب شعوره بها للنقيض بهذا الشكل .. حتى جمالها الأخاذ الذي كان يبهره في الماضي لم يعد يؤثر فيه .. وذلك الجدار الذي نشأ بينهما أصبح أكثر طولا وصلابة وحجبها من أمام عينيه فلم يعد يراها ..ولا يريد.
أجل عليه أن يعترف بأنه لم يعد يريد أن يراها .. أصبحت تذكره دوما بنفس مريضة وقلب اسود ..
انعطف بالسيارة يخرج للشارع الواسع وضميره يناطحه .. يذكره بأنها زوجته والحياة لن تستقيم بينهما بهذا الشكل فإن كان لا يرغب في تنفيذ ما أصبح يفكر فيه بجدية وهو الانفصال من أجل ميس حتى لا تربى بعيدة عنه أو ممزقة بين والديها .. فحياة بهذا البرود بينه وبين كاميليا في البيت ليست وضعا صائبا أيضا ..
على أية حال هو غير قادر أن يضغط على نفسه حاليا للعودة للتعامل معها كالماضي … ربما بعد فترة .. لكن حاليا لا يرغب في أي شيء .. حتى حقوقه كرجل واحتياجاته لم يعد راغبا في أن يحصل عليها ..وعليه أن يتحمل هذا الوضع كالأعزب عقابا له على سوء اختياره ..على سذاجته حينما قرر الزواج وتخيل بأنه يجازي نفسه بالارتباط بامرأة جميلة ولم يبحث ولم يتأكد من جوانب أخرى فيها ..
حانت منه نظرة سريعة للسماء وهو يتمتم في سره "اللهم إني لا اسألك رد القضاء ولكني اسألك اللطف فيه "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:50 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.