|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
19-02-09, 11:42 PM | #26 | ||||
| الفصل السابع الخطوبة عندما استيقظت كولين لتواجه يوما مشرقا جديدا ، تذكرت ما حدث ليلة أمس ، وكيف أنها ردت على جوليانو بأنها "ليست قلقة لهذه الدرجة" على قوله لها دون اكتراث "سأتزوجك".. و لم يتأثر أبدا برفضها له ، و توقف لإعادة الكرسي مكانها قبل أن يخرج بهدوء من الغرفة . و تركت فراشها ، في وقت ما من هذا النهار ستواجه مدبرة المنزل وجها لوجه . و كما توقعت ، النظرات القاتمة كانت سيدة هذا اليوم . و حتى ايما ، التي كانت دائما مرحة و متألقة ، بدت متأثرة بتصرفات تينا الحادة و غير المبتسمة . و عندما غادرت ايما إلى منزلها ، صعدت كولين إلى غرفتها لتغسل شعرها خلال الوقت الباقي ، و تمنت لو أن هناك وسيلة سحرية تنقلها على الفور إلى إنكلترا ، فوجه تينا كان داكنا مثل الرعد طول اليوم ، و حتى أمادو نجح في أن يبقى صامتا . هل هكذا سيدوم الحال إلى أن تكسب ما يكفي لثمن تذكرتها ؟ و كيف ستكسبها إذا كان جوليانو مصرا على أن يعاملها و كأنها نصف معاقة و لا يسمح لها بأن تفعل شيئا ؟ كان شعرها يشع بالنظافة و الحيوية عندما ارتدت فستانها الطويل الوحيد ، الذي تم غسله الآن عدة مرات مع كل ما تحتويه خزانة ثيابها ، و هكذا أصبحت مستعدة للانضمام إلى جوليانو لتناول العشاء. و لم يكن جوليانو على موعد عشاء في الخارج ، و لا في مكتبته ، بل شاهدته و هو على وشك الصعود على السلم عندما بدأت هي تنزل .و أحست بأنه يراقب كل خطوة تخطوها و هو واقف عند أسفل السلم وعيناه مثبتتان على شعرها الأشقر اللماع ، دون ذكر الاحمرار الفجائي الذي لون خديها لذكرى حرارة جسده بالقرب منها ليلة الأمس . و لم يكن لديها أي شيء تقوله إلى أن وصلت إليه ، فقال والابتسامة في عينيه و قد لاحظ ازدياد الاحمرار الذي غطى وجهها: -كنت على وشك الصعود لأصطحبك . -أوه... و تساءلت في نفسها لماذا لا تستطيع أن تتعامل مع ما حدث ليلة أمس بينهما بطريقة عفوية كما تفعل باقي الفتيات . و دون ذلك الخفقان في قلبها ، الذي بدأ منذ أن شاهدته . و جمعت كل برودها لتتابع قولها : -ستتناول العشاء في المنزل الليلة إذا ؟ و تلاشت الابتسامة عن وجهه على الفور لهذا التصرف المتعجرف . فصاح بها : -توقفي عن هذا يا كولي! و فهمت ما يقصده ، و لكنها تظاهرت أنها لم تفهم محاولة الحفاظ على موقفها : -أتوقف؟ و حاولت تجاوزه و المرور أمامه و رأسها مرفوع عاليا ، و لكنه أوقفها و أمسكها بيده القوية بحزم و منعها من أن تتقدم خطوة واحدة . و نظرت بازدراء إلى يده على ذراعها ، ثم إلى عينيه الزرقاوين. و لكنه سيطر على الغضب الذي أثارته فيه بأعصاب فولاذية : -هذا الاحمرار على وجهك يقول لي إن كولين شادو الطبيعية دافئة. إمرأة بدم أنثوي كامل احتويتها بضع مرات بين ذراعي.. لذا تنازلي عن كبريائك يا كولين شادو . و عادت الابتسامة إلى وجهه ثانية ، و رفع حاجبه و هو يقول ممازحا: -إلا إذا أحببت أن أفعل شيئا لأخرج المرأة الكاملة فيك ، من مخبئها ؟ و تهاوت عجرفتها المصطنعة ، فقالت و كأنها تعتذر ، فهي تعرف تماما أنه لا يمزح ، فقد فعل هذا من قبل : -أنا.. متحفظة بطبعي.. و.. لا تظن أنني أتعمد العجرفة... فمرتين بين ذراعيك تكفياني... -أنت لست بارعة في العد. و بدا أنه تفهم أن تحفظها أمر طبيعي فيها ، فأنزل يده عن ذراعها و أشار بنفس اليد أن تدخل غرفة الطعام . قائلا ببرود : -العشاء يبدو أفضل من هذا الحديث . و مع عودة جوليانو لبروده ، وغضب كولين المختفي وراء تحفظها ، كان جو العشاء غير مريح. و زاد الأمر سوءا بدخول تينا لتقدم الطعام ، و لم تبتسم لأي منهما ، و أخذت كولين تحرك اللحم و الخضار دون شهية ، فقال لها : -ماذا دهاك بحق الشيطان ؟ -لا شيء . و جعله جوابها على حافة الانفجار . فصاح : -بل هناك شيء و حق الجحيم! لم تأكلي ما يكفي لقوت عصفور ، و تجنبتي النظر إلى تينا في كل مرة دخلت فيها إلى هنا... فهل أنت ضعيفة الشخصية لدرجة أن لا تتقبلي فكرة نسيان تربيتك الباردة حتى و لو في بعض الأحيان ؟ هل هذه هي مشكلتك ؟ -أنا لست ضعيفة الشخصية... ربما كانت تظن هذا بنفسها ، ولكنها علمت العكس بعدما غادرت إنكلترا ، و لكنه أطلق غضبا في داخلها ، لم تكن تعترف بأنها تمتلكه ، و أكملت كلامها : -و إذا كانت شهيتي ضعيفة ، فماذا تتوقع غير هذا و تينا تبدو و كأنها تأمل أن أختنق بكل ما آكله . و صمتت فجأة ، مرتعبة مما قالته ، فقد جلس يستمع إليها مطبق الشفتين . و غادره غضبه،و انتابها شعور رهيب بأن كل ما فعلته هو أنها سببت المشاكل لتينا ، و قال : -تينا ؟ و ما دخلها بكل هذا ؟ و أحنت كولين رأسها و قالت : -إنها.. ليست غلطة تينا.. فكلانا نعرف أنها إمرأة تقية متدينة ، و عندها مبادئ أخلاقية عالية.. و لابد أنها صدمت لما... لما شاهدته.. أو لما ظنته ليلة أمس . -آه.. فهمت . و لاحظت في عينيه تلك النظرة اليقظة التي تشير إلى أن عقله يعمل : -تينا تعاملك ببرود كعادتها.. أليس كذلك ؟ فقالت بسرعة "لايهم" ثم أدركت أن ليس هناك من سبب لتنزعج من أجل تينا فكلتاهما خادمتان عنده . و حاولت الابتعاد عن الموضوع فقد أرادت أن تذكره بعملها ، و أنها كلما بدأت العمل سريعا كلما استطاعت مغادرة منزله في وقت أسرع ، و لكن جولينو كان البادئ بتغيير الموضوع . -أخبريني المزيد يا كولين عن حياتك في إنكلترا . -أظن أنني أخبرتك كل ما يمكن أن يقال . -لقد قلت لي إنك كنت تدبرين أمر منزل والدك.. و لكن لا بد أن هناك أكثر من هذا . -لقد كانت.. حياة... غير مهمة . -ألم يكن لديك أصدقاء شبان ؟ و تمنت أن تقول له نعم ، و تذكرت ذلك الولد الذي كان يسكن قربهم و الذي عانقها يوما و ارتجفت لعدم إعجابها بهذه التجربة ، و لكنها وجدت نفسها تقول : -لم تكن أول رجل عانقني . -و لكنك لم تتلقي الكثير من التدريب ؟ -أنا.. لم أصل إلى مرحلة البطولة بعد . و لم تدرك إلى أين يقود حديثه عندما سأل: -و لكن ليس لديك شاب خاص.. في إنكلترا ؟ و فتح الباب و عادت تينا الغاضبة إلى الغرفة ، فأجابت "لا" و لكنها لاحظت أن ردها لم يثر اهتمامه. و توجهت ابتسامته إلى تينا و هو يتحدث إليها بالإسبانية. و التفتت تينا إليها ، فأدركت أنه قد تكلم معها في موضوع نظراتها المستنكرة لها . فقد ابتسمت تينا فجأة بأعرض ابتسامة وجهتها إليها ، و ليس ذلك فقط ، بل استدارت حول الطاولة و تقدمت منها لتصافحها ، و الكلمات تتدفق من فمها ، و لكن بعض الكلمات بدت مألوفة ، فذهلت كولين و سألته : -ماذا.. لقد قالت تينا شيئا عن.. نوفيا والسنيور! أنت لم تقل لها.. أنت لم تقل إنني خطيبتك أليس كذلك ؟ و رد عليها مسرورا : -لقد ظننت أن هذا يسعدك . -و لكن.. و لكنني قلت لك الليلة الماضية إنني لن أتزوجك . -الأمر كان مختلفا ليلة أمس... و أنا أعترف أنني قد استعجلت في اقتراح أن نتزوج.. فلم أكن أدري ماذا سأفعل لو وافقت. و لكنني لم أقل شيئا اليوم عن الزواج منك . -و لكنك.. قلت لتينا ، إننا مخطوبان ؟ -سي.. و لكنك تعرفين جيدا ، كما أعرف ، أن الخطوبة يمكن أن تفسخ بسهولة . و جمدت في مكانها ، فقد أدركت أنه تذكر معاملة شقيقها لإيزابيلا ، و أنه لم ينس و لا للحظة ، العار الذي لحق بعائلته على يد أحد أفراد عائلتها . و هذا سبب عودة الجفاء إلى صوته عندما قال : -و سأقدر لك أن توافقي على اتفاقية ودية عندما نفسخ الخطوبة بيننا بدل أن أسمع بها مثل إيزابيلا و يعرف الجميع بأنك تخليت عني . و كانت تريد أن تخبره أنها لا تنوي المشاركة بأية خطبة زائفة ، ولكن ما قاله أسكتها ، فقد فات الأوان لإنكار الخطوبة إذا كانت لا تريد الإساءة إلى عائلته مرة ثانية . فقد أسرعت تينا خارج الغرفة لتخبر زوجها أمادو ، و لابد أنها الآن تستخدم الهاتف و أن نصف سكان "دورانغو" قد علموا بالأمر. و صاحت كولين بوجهه: -اللعنة عليك يا جوليانو إنريكو . فتساءل بكل براءة : -و ماذا فعلت ؟ -تعلم جيدا ماذا فعلت! أنت تعرف أنني لا استطيع نكران الخطوبة . دون أن.. و توقفت عن الكلام فقد أدركت أنها ألزمت نفسها بهذا . وعلمت أنه أدرك ذلك أيضا ، عندها غادرته القسوة و انفرجت شفتاه ، و تراجع قليلا على كرسيه و قال بنعومة: -لقد فعلت ذلك لحمايتك يا كولين الحلوة . *** في الصباح التلي ، انتظرت كعادتها منذ أن وصفها جوليانو بالمريضة ، إلى أن خرج من المنزل ، ونزلت إلى الطابق الأرضي. يبدو أن لا جدوى من المناقشة و الغضب حول الوضع الجديد الذي وجدت نفسها فيه . هل هذا يعني أنها ستصدق ما قاله جوليانو عن رايان ؟ و قطبت غير قادرة على تصديق أن رايان الذي تعرفه ، يمكن له أن يتقدم لخطبة فتاة ثم يهجرها بعد أن يعلم بأنها ليست الوريثة التي كان يظنها... في الطابق الأرضي ، كان اللقاء الذي استقبلت به يوم أمس لا يقارن أبدا بما لقيته اليوم . فقد استقبلتها تينا بالابتسام وايما بالسعادة و الفرح فمن الواضح أنها قد علمت بخطبة السنيور لها . و تقدمت لتصافحها بحرارة . و بالتدريج بدأ جو المنزل السعيد يؤثر بها ، و حان وقت الغداء ، ثم مضى ، و بدأت تحس بالراحة . و عند منتصف وقت بعد الظهر ، و تينا ترتاح ، وبيللا نائمة ، و ايما تقوم بكوي الثياب كانت كولين تقطع الردهة حاملة بعض ثيابها لتكويها في غرفتها فاعترضتها ايما رافضة تركها تقوم بالعمل بنفسها.. عندها التفتت وجها لوجه مع جوليانو . و أجفلت ، و حاولت أن تقول بأنها لم تكن تتوقع رؤيته قبل العشاء ، و لكنها فوجئت به يتقدم منها ويقبلها على خدها محدثا صوتا عاليا ، و لم تستطع أن تبعده لوجود الثياب بين يديها ، و حاولت التراجع ، و الرد عليه بحدة ، و لكنه منعها بنظرة شيطانية و قال هامسا : -يجب علينا أن نحافظ على المظاهر يا كولين . -آه.. بالطبع . فضحك و قال معلقا : -توقفي عن الجدية يا عزيزتي الصغيرة.. لم تكن قبلة بالمعنى الكامل. -و هل هكذا تراني.. طفلة؟ فابتسم ، و النظرة الشريرة لا تزال في عينيه و قال : -قد تكونين محافظة ، و غير مجربة يا صغيرتي كولين ، و لكن بالرغم من هذا يجب أن تعلمي أنني عرفتك إمرأة ناضجة عندما احتويتك بين ذراعي.. و أن المرأة الناضجة قد أثبتت نفسها في تجاوبك معي . و إذا كان يبحث عن طريقة لمنعها من الجدل ، و إذا كان هدفه السعي كي تحمر خجلا ، فإن كولين لم تخيب أمله ، في أي من المسألتين ، و قالت : -سأراك عند العشاء . -و لكنني أتيت إلى المنزل لأراك. -لتراني؟ لماذا خفق قلبها لكلماته ؟ و لم تجد الجواب رغم التركيز الذي بذلته ، إلى أن ظنت بأنه يريد أن يتحدث معها حول الأسئلة التي تقلقها ، فقالت : -أوه.. بالطبع.. نحن لم نتوصل لاتفاق حول موعد إعلاننا أننا لن نتزوج.. أليس كذلك ؟ و هجرته روحه المرحة في الحال ، وقال لها بجفاء : -سنتكلم في غرفة الجلوس. -سآخذ غسيلي إلى... و فوجئت بغضبه ، و أمسك بثيابها المكوية و رماها على السلم . و أخذها من ذراعها و هو يقول : -سنتكلم الآن.. و جرها نحو غرفة الجلوس الكبيرة ، و بدا عليه أنه يجاهد كي يتغلب على الغضب الذي أثارته فيه ، و قال لها : -هذه أول فرصة لي لأعطيك هذا . و وضع يده في جيبه ، و أخرج منها علبة خاتم . و فتحها ليظهر فيها أبهى خاتم سوليتير الماس رأته في حياتها ، و حدقت غير قادرة على إبعاد نظرها عن ما يلمع و يشع في يده ، ثم قالت و قد خنقتها الدموع : -هذا.. ليس ضروريا ل... -بل ضروري جدا . و أول ما ستنظر إليه تينا الليلة هو الخاتم الماسي الذي يعطيه المكسيكي للأسباسا المستقبلية . زوجة المستقبل ؟ و لكنها لن تصبح زوجته! لقد تمادى كثيرا ، و لن تضع خاتمه ، و لكن جوليانو أمسك بيدها و دفع الخاتم في اصبعها ، و قبل أن تدري ما ستقول ، وجدت نفسها تصيح من الفرح . -أوه ، جوليانو.. إنه خاتم جميل جدا! و بدا أن كلامها أسعده . أو ربما كان ذلك مجرد رضى لأنه تغلب على رفضها ، و لم تتحرك لانتزاعه من يدها . فقال متوددا: -الحلية المناسبة لأجمل يد . و لكن كولين كانت قد استعادت تعقلها ، فجذبت يدها من يده ، و لم يتمسك جوليانو بها ، و أنزل يده إلى جانبه مستعدا لتلقي المعارضة . و لكن معارضتها جاءت هزيلة جدا . -هل ستتوقع تينا أن ترى خاتم الالماس في اصبعي عند العشاء حقا؟ -ليس هذا فقط ، بل هي تتوقع أن أطير بأسرع وقت إلى إنكلترا لأطلب يدك من والدك . -لا تستطيع أن تفعل هذا! و تلقى جوليانو هذا بتكبر المكسيكي المفاخر ، و هو يقول بخشونة : -و هل سيعارض والدك ؟ و اخفضت كولين عينيها ، فهي تشك في أن يكون والدها مهتما بالأمر كثيرا . مع أن أي والد في الدنيا لا يتمنى صهرا أفضل من هذا المكسيكي الطويل الوسيم الثري . و ما من أب يعارض في تسليم ابنته إلى يد تحميها بشكل أفضل منه . و رفعت عينيها لترى الفخر و الكبرياء في نظرته و هو ينتظر ردها . فقالت بهدوء : -ما من أب قد يعترض عليك.. و بالتأكيد لن يكون أبي.. هل هذه عادة في بلدكم أن يسعى العريس لرضى والد العروس ؟ و هز رأسه بالإيجاب ، و شعرت بالسعادة عندما لاحظت أن التوتر المتكبر قد غادره . و قال شارحا : -العادة أن لا يطلب العريس بنفسه هذا مع أنه يكون موجودا بالطبع . فالعادة أن يقوم والده أو شقيقه بالتحدث عنه . و بدت هذه العادة جميلة و رسمية لكولين . وسألت سؤالا لو أنها فكرت به لما سألته : -و هل طبق رايان هذه العادة ؟ فأجاب ببرود : -لقد فعل ، في غياب والده ، لقد أثر على كاهن ابن عمتي بصدقه و جعله يقوم بهذا الدور . و كلانا يعرف كم كان صادقا في مشاعره لإيزابيلا عندما أخبرته أنها لا تتوقع أي مال خاص بها . -شقيقي... -أنه حشرة... سأراك وقت العشاء . و تركها واقفة ، وكان واضحا إنه غير مهتم بكل ماقد تقوله للدفاع عن رايان . لم يكن لديها ما تدافع به عنه ، و لكنها كانت واثقة أنه ، بالرغم من طيشه و حماقته أحيانا ، لم يكن أبدا من النوع الذي يستحوذ المال على عقله ، و لا تستطيع تقبل فكرة أنه يجري وراء المال كوالدهما . *** و ابتسمت تينا لها ونسيت أن تقدم الحساء و هي تقول بدهشة : -أوه.. بونيتا.. كم هو جميل! و وقفت قرب كرسيها مبهورة بالخاتم الرائع في اصبعها. و ابتسمت كولين لها ، لأنها في الحقيقة لا تعرف كيف ترد عليها . و لكن الابتسامة تلاشت حال إن غادرت تينا الغرفة ، فقد دخل جوليانو و أخذ يحدق بها ، و سألها بهدوء : -هل أزعجك شيء ما ؟ -و من أين تريدني أن أبدأ ؟ -لقد كنت تبكين.. لماذا يا كولين ؟ لم تكن تريد أن تجيب ، مع أنها تعلم أنها ستضطر . و سوف يعرف لماذا كانت تبكي قبل أن ينتهي العشاء . وتنهدت بيأس و قالت : -لست واثقة من أنني أعرف ما بي... أنت، أنا ، رايان... -شقيقك؟ -أجل.. في كل مرة تسمع فيها اسمه تصبح شريرا! -و لي أسبابي كما أظن . أهذا ماجعلك تبكين ؟ ألأنني أصبح شريرا عندما أسمع ذكر شقيقك ؟ -أنا لست مسؤولة عما فعل . -أنت تعترفين إذا بأنه مذنب ؟ -لا.. أنا لا أعترف. ومهما تكن صفات رايان ، فأنا أعرف أنه لا يهتم بالمال.. إنه ليس كذلك.. و أنا أعرفه. جوليانو لن يصدق أبدا ما تقوله للدفاع عن شقيقها ، و هي مقتنعة بهذا ، لذا فقد ذهلت عندما قال لها بعد تفكير : -لقد كان علي أن أعيد النظر في رأيي بك يا كولين , و قد يستغرقني و قت أطول لأغير رأيي بشقيقك . و ابتسم لذهولها لما قاله. و أضاف : -هل يسعدك لو وافقت على أن لا أكون شريرا عندما نتحدث عن شقيقك فيما بيننا في المرة القادمة ؟ و لم يكن أمامها مجال للتفكير بمدى تأثير سحره عليها ، فقد دخلت تينا المبتسمة لتقدم الوجبة الرئيسية . و وجدت نفسها تقول بعد أن خرجت تينا : -لقد ذكرت أنك قد أعدت التفكير برأيك بي . -لقد أعدت التفكير برأيي أنك قدمت إلى هنا لاصطياد الثروة ، اعتذاري عن هذا قد فاته الوقت كما أخشى . فهل ستسامحيني يا كولين الحلوة ، لأنني فكرت بمثل هذه الأفكار عنك ؟ -أولم تعد تفكر بأنني... -لا.. لم اعد. و عندما تكلم ثانية ، كان حديثه في موضوع مختلف . و أدركت أن ما كان يفكر به عنها لم يعد مهما أبدا . -يجب أن نقرر بسرعة في أي يوم سنقيم حفلة خطوبتنا. -حفلة خطوبة! و لكن لا لزوم لها.. حقا . و نظر إليها بعينيه الحادتين ، و قال بصوت هادئ : -أخشى أن تكون الحفلة ضرورية . فقد تلقيت التهاني عدة مرات اليوم ، و هذه المكالمةالهاتفية قبل أن أدخل للعشاء كانت من شخص يتمنى لي السعادة ، فقد أصبح خبر خطوبتنا في كل مكان . -و لكن من السخف إقامة حفلة خطوبة و نحن نعرف كلينا أن الخطوبة ستفسخ و أنني لن أبقى هنا طويلا . -هل تفكرين بالذهاب إلى مكان آخر؟ -أنت تعرف هذا. فور أن أكسب ثمن تذكرة السفر ، و هذا أمر آخر أود الحديث فيه، كيف سأكسب هذا المال في وقت أمضي فيه نهاري في كسل دون أن أفعل شيئا ؟ -كنت بحاجة للراحة ، و أنت... -و لكنني لم أعد أحتاج للراحة ، فها أنا عالقة في بلد ليس بلدي ، متلهفة لأقوم بعمل أكسب منه أجرة سفري ، و مع ذلك فكل عرض أتقدم به للعمل يرفض . و كأن هذا لا يكفيني ، فأستيقظ ذات صباح لأجد نفسي متورطة في خطبة إجبارية دون أن يكون هناك مجال للخلاص منها ، لأنه.. لأنه.. -لأن ماذا ؟ - اللعنة عليك! كيف أستطيع نكران الخطبة ؟ لقد عانت عائلتك ما يكفي من إذلال من عائلتي . -و هل هذا يزعجك ؟ -ألن يزعج أي إنسان لديه ذرة شرف و كرامة ؟ -و هل تعترفين بأن شقيقك يفتقر للشرف و الكرامة ؟ و لم تبدو نظرة الشر في عينيه ، كما وعد ، عندما ذكر اسم شقيقها ، و لكنها قلقت ، فقد كانت لهجته حادة مع ذلك . فقالت له بإرتباك : -هل يمكن أن نبقي شقيقي خارج الموضوع ؟ الأمر ينتهي بنا إلى الخصام كلما ذكرنا اسمه. -ألا ترغبين في الخصام معي ؟ -لا.. لا أريد . و لم تكن تريد حقا ، و لكنها في نفس الوقت لم تكن تريد الخضوع . -كل ما أريده.. أن.. أن أخرج من هنا و أعود إلى بلدي . و تأخر كثيرا في الرد حتى ظنت أنه لن يرد ، و كأنه لا يهتم بما قالته . و لكنه أنهى صمته ، و بدا في صوته نبرة سرور لم تكن متوقعة ، و قال : -من المستحيل علي أن أعلن في وقت قريب أن خطوبتنا قد انتهت ، و بما أن الجميع الآن يعرفون بها فلا بد أنك تتفهمين الأمر . -أجل.. فهي تعلم أنه سيكون هناك الكثير من الكلام إذا أعلنا أنهما غيرا رأيهما خلال أربع و عشرين ساعة ، دون ذكر المعاناة التي ستتحملها لعودة تينا إلى إمرأة مشاكسة كما كانت بالأمس . و قال جوليانو : -و لكن.. أظن أننا سنتمكن من تجنب إقامة الحفلة ، و سأذيع بأن صحتك لم تصبح بعد ملائمة لمثل هذه الإثارة . و لم تعترض ، فبالرغم من شعورها بأنها بقوة الحصان ، إلا أنها هي من بدأت بمعارضة فكرة الحفلة . فتمتمت قائلة : -شكرا لك . -و بما أنك متلهفة جدا للعودة إلى أرض ميلادك.. فأنا أقترح ، وهذا يتعلق بموافقتك ، أن نبقى مخطوبين لثلاثة أشهر ، عندها نعلن أننا أخطأنا ، ثم أشتري لك تذكرة سفرك إلى إنكلترا . -ثلاثة أشهر ؟ -هل أنت موافقة؟ -أوافق.. و هل أستطيع العودة للعمل ؟ -ليس من المناسب لخطيبة جوليانو إنريكو غاتورادي أن تقوم بالأعمال المنزلية.. و علمت من لهجة التفاخر هذه أنها لن تستطيع الجدال ، ثم ابتسم ، و غمرتها موجة من الافتتان بسحره ، و قال : -و لكن إذا رغبت ، بإمكانك مساعدتي في أعمالي المكتبية . و اعتادت كولين على العمل المكتبي بسرعة كما البطة معتادة على الماء . و اكتشفت أن عدم معرفتها بلغته ليس عائقا لها . فمعظم أعماله كانت مع شركات أميركية ، و في هذا المجال تركها تعمل . طباعتها على الآلة الكاتبة ، بالرغم من استخدامها لاصبعين فقط ، أخذت تتحسن أيضا ، كما لاحظت بعد أسبوعين ، و أحست بسعادة أكبر لم تكن تتوقعها . و إذا كان خجلها قد بدأ يذوب أيضا فهذا شيء أسعدها أكثر ، و لم تعد تتردد في دخول معقل تينا ، المطبخ ، بل كانت تجد الترحيب هناك كما في أي مكان آخر.. و لاحظت في تينا حرارة أكثر تجاههافي هذه الأيام ، و تمنت أن لا يكون هذا بسبب خطبتها إلى السنيور فقط . و سمح لها أيضا بتذوق الطعام المكسيكي ، دون بهارات كثيرة ، و طعام الغذاء كان يتألف في هذه الأيام من نوع يدعى "تورتيلا" يحضر بعدة طرق : مع فاصوليا و يدعى"فرايجولس" أو الجبنة و يدعى "تاكوس" و التورتيلا المقلية مع اللحم و الفلفل الأخضر و البندورة و الخس و تدعى "توستادس" ، و تورتيلا مطوية محشوة باللحم و الجبنة و الصلصة و تدعى "انشيلادس" . و لكن الطبق المفضل لديها إضافة إلى القهوة بنكهة القرفة ، كان الفلفل الأخضر الحلو المحشو بالجبنة و المغموس بالبيض ، المطبوخ . و تأملت كولين نفسها في مرآة غرفة نومها قبل أن تنزل إلى الطابق الأرضي لتبدأ عملها يوم السبت . لقد قال لها جوليانو إن لا لزوم لأن تعمل اليوم ، و لكن هناك بعض الرسائل يجب أن تطبعها يوم الاثنين ، الأفضل أن تطبعها اليوم ، و ابتسمت لنفسها في المرآة ، و قد لاحظت أنها بدأت تكتسب اللون الأسمر ، و أن هذا يناسبها . و تركت المرآة ، و فكرها مشغول بجوليانو ، لم يكن قد لمسها منذ اليوم الذي قبلها و هي تحمل الغسيل بحيث لم تتمكن من منعه . و تذكرت أيضا ذلك اليوم الذي عاد فيه باكرا ليجدها في ثوب استحمام قديم من أيام المدرسة تتمشى قرب بركة السباحة . و كانت قد أنهت كل ما لديها من عمل... فقالت له : -لقد كنت أعمل . و ابتسمت ، فقد أنهت الذي تركه لها ، و بدت و كأنها تشعر بالذنب لأنه ضبطها و هي ترتاح . و أجاب ضاحكا: -أنا واثق من هذا.. و لكن يسمح لنا جميعا ببعض التسلية . و تجولت عيناه عليها و هي في ثوب السباحة . الطريقة التي تكلم بها معها ، و الطريقة التي توقف بها أمامها و انحنى حتى أصبح وجهه قريبا منها ، كلها كانت تشير إلى أنه يلمح إلى أن خطوبتهما تسمح له ببعض التسلية ، و عندها تأكدت و قد اقترب وجهه منها كثيرا ، أنه سيعانقها. شعورها بأنها لن تمانع ، جعلها تنهض بسرعة و تقول بخشونة : -سأذهب.. و أستحم . و دخلت المنزل ، و لاحقتها ضحكة جوليانو ، و أسعدها سماع ضحكته ، و سألت نفسها : ماذا هناك في هذا الرجل الذي جعل مشاعرها الداخلية تثور بهذا الطريقة . و غادرت كولين غرفتها ، و أخرجت معها الصينية التي كانت تينا تصر على أن تحضرها لها كل صباح إلى غرفتها.. و نادت تينا بمرح قائلة : -بونس دياس تينا.. و ردت تينا التحية و هي تبتسم ، ثم توجهت نحو المكتبة ، و غادرها مرحها عندما فكرت بالساعات التي ستقضيها قبل رؤية جوليانو عند العشاء . و دخلت المكتبة ، عندها لم يعد لديها أي وقت للتفكير لماذا يجب أن تنزعج إذا لم تشاهد جوليانو قبل العشاء . فقد كان هناك في المكتبة ، و لم يخرج . و لاحظت أن تعابير وجهه كثيرة الجدية و هو يقفل سماعة الهاتف ، و عرفت أن شيئا مريعا قد حدث . فسألته بسرعة : -ماذا.. حدث ؟ و لم يجب جوليانو على الفور ، و لكنه ثبت نظره عليها ، و أحست من تأخره في الكلام أن ما حدث ، لا بد أنه يعنيها ، فسألته : -ما الذي حدث ؟ لا بد أنه حدث شيء ما.. أليس كذلك ؟ و هز رأسه متجهما : -شقيقك... لقد أصيب . **************** يتبع... | ||||
20-02-09, 04:18 PM | #27 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| تسلم ايدك يا زهرة وفى انتظار التكملة ربنا يعينك | |||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|