مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة *

[mayna123]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii

والله و بقى ليكي روايات و بيتعملك تسجيل خضور يا رونتي 😂😂😂😂😍😍😍😍😍
منورين يا بنات
معادنا 9 ونص باذن الله

تستااااااااهلي احلى و اجمل حضووووور

[nonos-88]

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

[ebti]

ليلتك سعيدة... ان شاءالله متواجدة وقت التنزيل...

[rontii]

الفصل الاول


فتحت الفرن و تفحصت ما بداخله لتطمئن على إتمام عملية النضج ثم استقامت واقفة و اغلقته مرة اخرى.
لتنتفض على صوت ابتسام الحانق متخصرة عند باب المطبخ تقول بصوتها المميز : كان لازمته اية كل ده ... فيكِ صحة انتِ تعزمي كل الناس دي ... انتِ واقفة بالعافية و حرارة الفرن دي غلط على اللي في بطنك.
قالت بغضب : اخس عليكِ يا عسلية داخلة هجم كده مش تعملي صوت بدل الفزعة اللي عملتيها دي.
ضيقت الأخرى عينها و قالت : متغيريش الحوار يا نعنع ... هو سي المعلم بتاعك مش شايفك تعبانة و وشك اصفر و بطنك قدامك شبرين ... رايح يعزملي السوق كله.
حركت الاخرى يدها بعدم اكتراث و استأنفت تقطيع الخيار لعمل السلطة و قالت : انا اللي قلت لسلطان عايزة اقول للكل يجي يفطر معانا وقفة عرفة ... مرضتش اخليها اول يوم العيد الكل بيكون عند اهله فقلت نتجمع يوم الوقفة و نقضي اليوم سوا ... الحق يتقال مكنش موافق ثم ضحكت بخفوت و قالت : بس انا سوقت عليه الدلال لحد ما قال امين.
حركت ابتسام فمها يمين و شمال قائلة : اصدق موضوع الدلال ده من اي حد الا منك يا نعمة ده انتِ عاملة زي خفر السواحل و لا نسيتِ زمان لما كنا نحب نلحلحك شوية عشان معلمك ياخد باله كنتِ بتفضحينا يا بت.
تبرمت الأخرى و قالت : يوة انتِ هتفضلي تعايري فيا كده كتير .... يالا طلعي الاطباق برة بدل ما انتِ واقفة زي قلتك كده.
دقائق و عادت ابتسام لتسألها نعمة و هي تنظر لها بتدقيق : اية يا عسلية مش هنقول مبروك قريب و لا اية؟؟؟
قالت الاخرى بعدم فهم و هي تفتح الثلاجة لتخرج المخلل : الله يبارك فيكِ ... بس على اية!!
قالت نعمة بحنق : الخلفة يا هبلة ... حاسة و لا على بالك ... بقالك فوق ال8 شهور متجوزة اهو ... مش اتأخرتِ برضو.
تنفست بعمق و قالت : انا باخد حبوب يا نعمة.
تركت نعمة السكينة و ضربت على صدرها و قالت : يالهوي يا مجنونة .... و فاندام عارف و موافق بالهبل ده .... لية لسه صغيرين !!! و لا مش لاقيين تاكلوا !!! و لا يكنش لسه عايزين تعرفوا بعض !!!
تشاغلت الأخرى عنها بعمل وهمي حتى لا تواجهها و قالت بصوت منخفض : خايفة يا نعمة ... مش قد الخطوة دي دلوقتي ... و طبعاً حودة ميعرفش و لا كان دبحني بدل الخروف اللي هيدبحه بكرة ده.
قالت باقرار : له حق ده انا نفسي عايزة اعمل كده.
لية يا ابتسام تحرمي نفسك و تحرميه من نعمة زي دي !!! الف غيرك يتمناها و كمان من غير ما هو يعرف ...
يا بت كل ما حملتي و انتِ صغيرة تبقي بصحتك و تربيهم كويس و تراعيهم ... حرام عليكِ.
قالت بقلة حيلة : محتاجة يبقى ليا قرش اعتمد على نفسي و مبقاش محوجة لحد ... خايفة من غدر الزمان.
تخصرت الأخرى بشكل مضحك ببطنها البارزة و قالت : انتِ اتهبلتِ رسمي يا ابتسام ... غدر زمن اية اللي خايفة منه الراجل اسد وسط السوق و عندك بيقلب قطة بلدي ... قلتِ نأجل الجواز أجل عشانك ... قلتِ عايزة محل جابلك محل مفيش منه ... قلتِ تشتغل و تفتح ورشتك بقى من البيت للورشة و لا شلة مزاج و لا قعدة قهوة الا يوم الجمعة مع الرجالة ... عايزة اية تاني يا بت؟؟
قالت بتوهان : مش عارفة يا نعمة بس ... بس
قاطعتها بغضب : لا بس و لا هس اهو كده فعلاً هيغدر و لو عرف بمنع الحمل ده هيقلب على وش عمرك ما شوفتيه ووقتها بالعند ممكن يروح يجبلك بدل الضرة اتنين ... مفيش حاجة توجع الراجل قد ان مراته تستغفله و هو مأمن ليها.
اقتربت و ربتت على كتفها و قالت بهدوء : بلاش تخربي على نفسك و اوقفي القرف اللي بتبلعيه ده .
مفيش حاجة مضمونة يا عسلية و ياما ناس حياتهم زي الفل و يروح يخون و يتجوز و بيوت تانية فيها اللي فيها بس لو حد منهم قال اه التاني يتوجع قبله.
خليكي واثقة في ربنا انه مش هيعملك الا الخير و راعي ربنا في جوزك الي يتمنى ليكِ الرضا ... فهماني يا عسلية.


بالخارج كان فاندام يحرك قدمه بعصبيه بينما سلطان جالس امامه بهدوء يستغفر و يدعو الله في الدقائق المتبقية قبل اذان المغرب
ثم نظر له و قال : بطل العصبية اللي انت فيها دي يا حودة مالك كده روحك في مناخيرك!!
قال الاخر بتهرب : عشان الصيام و السجاير ... انت عارف مشكلتي في السجاير و القهوة.
ربت سلطان بهدوء على كتفه و قال : شكلك متشاكل مع مراتك.
نفخ بحنق و قال : المشكلة ان مفيش خناق ... مفيش كلام ... مفيش حياة.
ننزل الصبح و نرجع اخر النهار ناكل لقمة و ننام.
حياة باردة مش ده اللي كنت مستنيه بعد الحب ده كله ... و كل ما اقولها الحمل اتأخر تقول كله بوقته و مش راضية نروح نكشف و نعرف العطلة منين.
صمت سلطان ثواني يفكر قليلا و عاد يقول : انت عارف مشكلة مراتك قبل الجواز انها مش حاسة بالامان يمكن ده سبب حالتكوا دي.
قال الاخر بانفعال : طب اعمل اية شغل و التزمت ... بيت و فرشت ... بوتيك و جبت ... بلطجة و بطلت اعمل اية تاني يا سلطان!!!
قال الاخر ببساطة : يمكن لانك على طول بتحايل فهي مطمنة انك مش هتقلب ... خد موقف ... مش بقولك اتخانق و ارجع لجو البلطجة بس كتر الدلال بيسوق العوج.
وضحلها انك مش عاجبك حالكوا ده ... حدد معاد لرجوعها يكون مناسب لشغلها ... لازم يوم اجازة تقضوه سوا تخرجوا تسافروا الفيوم و لا جمصة و لا حتى تروحو جنينة الاورمان ... حتى لو تقضوه في بيتكوا بس هيخليكوا تقربوا من بعض.
فاهمني يا فاندام و لا هتتغابى و تفهم الكلام بالشقلوب و تروح تتجنن عليها !!!
اخرج علبة سجائره بدون وعي ليهم باشعال احدهم لكن سلطان قال : انت نسيت انك صايم و لا اية ... استهدى بالله و اعد ادعي في الساعة المفترجة دي و ربنا يحل كل امورك.
تعالى جرس الباب ليذهب سلطان للترحيب بباقي ضيوفه.

دقائق مرت و كان المطبخ ممتلئ بباقي الفتيات ... هند تكمل عمل السلطة و حبيبة تقوم بعمل تقلية الثوم لتحضير الفتة بينما ابتسام تخرج صواني الرقاق من الفرن و نسمة تحضر العصائر و التمر بينما نعمة تضع اللحم بعدة اطباق كي تضعها على مائدة الطعام.
قطع انهماكهن بالعمل دخول وفاء التي قالت : اخيرا سليم نام ... ها قوليلي اساعد في اية؟
قالت لها نعمة وهي تغمز لها : كفاية البسبوسة اللي بالقشطة اللي انتي جيباها ... التوربيدوا مش مكفيه اكلها بالبيت حلف لتجيبي منها هنا عشان يكمل اكلها.
انفجرن البنات بالضحك بينما وفاء تزمجر و تقول : بقى كده يا نعمة ... مش كفاية فضل محروم من اكلي طول شهور الحمل مش لازم اعوضه يعني.
ضحكت حبيبة و قالت : عوضيه يا ستي بس كده رجالتنا بيغيروا و كل واحد يرجع يقول لمراته نفسي في كذا و اعملي كذا زي ما وفاء بتعمل لمجاهد.
اكملت هند : هو يعد معاهم من هنا و يفضل يقول أشعار في اكل وفاء ... وفاء مش مخليا نفسي في حاجة و يرجعولنا هما كمان بيتوحموا على حاجات عجب.
ضحكت نسمة و قالت : حتى فتحى آخر مرة قعد معاهم بعد صلاة الجمعة لقيته بيقولي ابقي اعمليلنا حمام محشي و ام على بالمكسرات ... و لو عايزة الوصفة خديها من الاستاذة وفاء.
ضحكت نعمة بشدة و هي تمسك بطنها و تقول : يالهوي يا بنات هاولد من كتر الضحك ... التوربيدوا تأثيره رهيب و احنا الغلابة ... هو يجري ريقهم بالقهوة و يرجعوا يتأمروا علينا.
تحركت حبيبة تفتح الثلاجة و قالت : الحمد لله ناصر مش بيحب الاكل اوي بس اوقات تطلب معاه فقرة اطلب و اتمنى ... الاول كنت بقوله ريحة الاكل مضيقاني من بعد الولادة و مش عارفة استعبط عليه.
قالت هند : صدق اللي قال اقرب طريق لقلب الراجل معدته .... حتى مدرس التربية الرياضية جالي من يومين يقولي ما تبقي تعمليلنا قرع عسل و لا تطلبي من الاستاذة وفاء ... مجاهد بيشكر فيه اوي ... قلتله و على اية نتعب الاستاذة و عملت له الصنية منمش الا لما خلصها.
الحمد لله عجبته و انا كمان اكلت منها مع اني من أول الحمل مليش تقل على الحلويات خالص.
قالت لها نسمة : ربنا يقومك بالسلامة يارب بقيتي في الكام دلوقتي.
ربتت على بطنها و قالت بسعادة : في السادس و مش عايزة احكيلكوا من وقت ما خالتي عرفت انه ولد و هي شيلاني من الارض شيل.
قطعت ابتسام كلامها و هي تقول بغضب : اومال حودة عمره ما طلب اكلة بعينها مني ليه و لا يكونش طبيخي مش عاجبه.
ضحكت نسمة باستخفاف وقالت : قال طبيخك مش عاجبه هو فيه حاجة فيكِ مش عاجبه فاندام ... بس بلاش هبل.
قالت نعمة بلهجة خاصة : هو انتِ بتعدي في بيتك عشان يطلب و لا يقولك نفسي في اية هو في ورشته و انتِ في محلك و يا دوب ساعة قبل النوم يتم المراد و تناموا ... ثم حركت فمها و قالت بصوت منخفض لكن مسموع : ده لو انتِ رضيتِ و حنيتِ على الغلبان.
تخصرت ابتسام و قالت بغيظ : انتِ يا بت انتِ مش ملاحظة انك بقى لسانك طويل و مبقاش فيه كسوف خالص.
ضحكت نعمة و قالت : و اتكسف ليه ما كلنا متجوزين و عارفين اللي بيحصل هو بعد الجواز و الحمل بقى فيه كسوف ... ولا اللي في بطني ده جة عن طريق المراسلة.
ضحكت حبيبة و قالت : الله عليك يا ابو السلاطين بقى دي نعنع اللي كانت تتكسف من خيالها.
قالت لها نسمة : الكسوف ميأكلش عيش يا اختي و لو فضلت في الجو ده هيطفش و يدور على واحدة متدلعة.
شهقت نعمة و قالت : طب بس يفكر و انا والله لاكون فاتحة كرشه بسكينة الموز اللي عند ناصر.
ضربت حبيبة على صدرها قائلة : سلطان معندوش كرش يا نعمة و اتلمي.
ضحكت وفاء قائلة : يعني اتقهرتي عشان كرشه و مزعلتيش عشان سكينة الموز اللي ناوية تعلم عليه بيها.
لتتعالى ضحكاتهن مرة اخرى تنم على سعادتهن و راحة بالهن.


دقائق و اكتمل العدد باستثناء عبده و زوجته لوجوده بالاسكندرية لقضاء عدة ايام هناك. يجلس فتحى بهدوء يقرأ من مصحفه الصغير بينما ناصر يتناقش مع سلطان عن اخر أخبار التجار و السوق.
اما مجاهد فتوسط المجلس و هو يجلس حمادة على قدمه و سليم على القدم الأخرى و يقول بسعادة : الواحد مكنش عارف اهمية نعمة الولاد الا لما جربها ... الحمد لله على رزقه و نعمته و عقبالكوا كلكوا يارب.
امن الرجال على كلامه و قال ياسر يناغشه : بس اوعى تتجنن و تأكل الواد بسبوسة بالقشطة و لا عسل و طحينة انا عارفك مجنون و تعملها.
ضحك مجاهد و قال : ليه شايفني عبيط ثم نظر له بمكر و قال : مش قبل ست شهور عشان أبدأ اجرب معاه الاكل ده.
لينفجروا ضاحكين على مزحته.
بعد بعض الوقت كان الجميع متراصين على منضده السفرة على رأسها سلطان جواره من اليمين والدته التي استيقظت للتو من نومها و على شماله نعمة التي اخذت توزع الطعام للجميع بينما هو يحاول معها لتجلس و تتولى حبيبة و البنات وضع الطعام لازواجهن لكنها اصرت على إكرام ضيوفها و الاعتناء بهم بالرغم من تعبها و ارهاقها الواضح.
و بين احاديث جماعية و اخرى جانبية انتهى الافطار و انتقلوا للجلوس بالانترية.
مالت ابتسام على فاندام قائلة : مالك يا حودة مكشر كأن حد قاتلك قتيل ...
رد ببرود : لا بس الصيام و قلة السجاير ... انهاردة هاوصلك و هاسهر برة معرفش هارجع امتى نامي و متستنيش.
رفعت حاجبها و قالت : هتروح تسهر فين و مع مين يا فاندام ... و اول عيد يعدي عليك معايا تسيبني و تسهر برة.
قال بتهكم : تاني عيد يا عسلية و العيد اللي فات اول ما قربت منك قوليتلي تعبانه و هتفتحي المحل من بعض صلاة العيد عشان ساعة رزق و نمتي من الساعة 9.
و اديني بقولك اهو عشان مكنش بحط العقدة في المنشار لازم تشوفيلك حد ثقة يقف في المحل بغيابك و تظبطي مواعيدك و تاخديلك يوم اجازة كل اسبوع ... عايز احس اني متجوز مش قاعد في بنسيون.
ارتد وجهها في مفاجأة من صرامته و تحوله ... هل هذا ما كانت تقصده نعمه بالوجه الثاني لفاندام ... هل استغلت حبه لها حتى اكتفى من دلالها وقرر تغيير معاملته لها.
نظرت لها و قالت بوجه شاحب : طيب يا فاندام لما نروح هنبقى نتكلم مينفعش الكلام ده هنا.
نظر لها بصرامة و قال : شكلك مفهمتيش يا ابتسام انا مش باخد رأيك و بنقاشك انا بقولك قرار لازم يتنفذ ... شكلك فهمتِ حبي و صبري عليكِ ضعف ... لكن بسيطة يا بنت الناس كل ده نقدر نصلحه.
صمتت في بهوت من هجومه و صرامته و قالت : كده يا فاندام اهون عليك تكلمني كده.
قال من بين اسنانه : طالما انا هونت عليكِ و مش حطاني في حسباتك يبقى لازم انا اخد موقف يا ابتسام.
صمتت و قررت عدم المتابعة لشعروها ان اي كلام الان سيؤدي لتفاقم الوضع.
اما حبيبة كانت تجلس جوار ناصر و تساعد بنتها الصغيرة على النوم بينما ينظر ناصر لها بسعادة و هو يقول : البت نسخة منك زي القمر.
ضحكت بخجل و قالت : لا بس واخدة برضو من ملامحك الحلوة.
قال بحب : هو انا حلو كده برضو !!! اية مش عايزة تجيبي اخ و لا اخت للمفعوصة دي
شهقت بخفوت و قالت : هو انا لحقت اخد نفسي يا ناصر ده يا دوب جرح القيصري بدا يخف و انت تقولي حمل تاني.
ربت على يدها و قال : من حبي فيكِ نفسي اجيب منك بدل البنت 4 و بدل الولد 5.
ضحكت حبيبة بسعادة و هي تتأكد من اختيارها مرة بعد أخرى و قالت : ربنا يبارك فيك و ميحرمنيش منك أبداً يارب.
جلست هند بتعب جوار ياسر الذي مال عليها قائلاً بقلق : لو تعبانة تعالي نروح.
قالت تنهت : انت عارف انا بعد الاكل بتعب شوية و بعدها ببقى زي الفل.
قال بغضب : قلتلك مش لازم تصومي انتِ صحتك مش مساعدة لكده خالص.
قالت تراضيه : هو يوم بنستناه من السنة للسنة مقدرش افوته و ربنا بيقدرنا على الصيام.
نظر لها بحب و قال : يا بنتي خايف عليكِ الناس كلها تحمل تتخن الا انتي تحملي تخسي ... امي فضحتني و كل ما تشوفني تقولي براحة على مراتك و متتعبهاش ... الست فاهمة الدنيا غلط و فاكرة ان ابنها مقضيها قلة ادب.
ضحكت بشدة و احمر وجهها لمحاولتها خفض صوت ضحكتها و قالت بعد مدة : هو الواحد فيه صحة للكلام ده.
قال بامتعاض : اهو مش بتفتكري الصحة و نصايح الدكتور الا لما نيجي للموضوع ده.
ضحكت و ضربته بخفة على يده قائلة : بس يا ياسر لو حد سمعنا هتبقى فضيحة.
اما نسمة فجلست بوهن غريب عليها و فتحي ينظر لها بقلق قائلا : بقالي يومين بقول انك مريضة و انتِ تأكدي انك تمام ... شكلك انهاردة زادني قلق و لازم بكرة اشوف اي مستشفى شغالة نروح نكشف و نطمن.
قالت تنظر حولها بقلق : انا اصلي شاكة في حاجة بس مش عايزة اعشمك ويطلع فشنك.
قال بقلق : طيب قوليلي بس عشان مش مرتاح إطلاقا ... لون بشرتك باهت و اكلك شبه معدوم.
عدلت من حجابها التي لم تعتاد عليه برغم ارتدائها له من عدة اشهر و قالت بحرج : انا يعني بقول نجيب تحليل حمل من الصيدلية و نشوف يمكن الحالة اللي عندي دي من كده.
نظر لها بسعادة و قال : و عندك شك بحاجة زي كده و مش عايزة تقولي.
قالت بحزن : ما انا كل شهر بكون مستنية و اول ما يحصل تأخير اقول يبقى الشهر ده اكيد فيه حمل ... الشهر ده كنت فاقدة الامل و اديها اهو متأخرة 5 ايام و مش عايزة اعشم نفسي يا فتحي ... الكل ربنا كرمه مفضلش غيري انا و ابتسام.
احتوى يدها و قال : ده رزق بتاع ربنا وقت ما ربنا يأذن ... كل شئ بمعاد يا نسمة و طالما بندعي و اهلنا راضيين عننا يبقى منقلقش أبداً.
اومأت له موافقة فهكذا هو فتحى يجيد احتوائها و تفهمها و ادخال الطمأنينة لقلبها.
بقربهم اخذت وفاء تهدهد سليم بينما مجاهد يحاول اطعام حمادة بصبر و هو يقول : لو عايز يرضع قولي لنعمة تدخلك اي اوضة و اكليه.
قالت و هي تداعب سليم : لا انا رضعته قبل الفطار على طول ... لسه مفاتش ساعتين بس تلاقيه مخضوض من الدوشة.
اومأ موافقا و هو يقول : له حق مش متعود على الزحمة دي و لسة بكرة لما اخواتي و عيالهم يجوا الواد هيطفش مننا.
ضحكت و قالت : لا عايزينه يطلع اجتماعي كده و يحب الناس.
ابتسم و هو يحتضن حمادة و قال : لا طبعا لا ابوه و لا امه كده ده احنا محدش بيحب اللمة و الناس زينا.
مالت عليه بحب قائلة : ربنا يبارك فيك و يكون زيك و الناس تحبه زي ما بتحبك.
غمزها قائلا : طب اية ما تيجي نروّح ونسيب العيال لامي ده انهاردة ليلة مفترجة.
ضحكت و قالت بدلال هامس متستعجلش على رزقك الليلة طويلة لحد صلاة العيد.
بعد بعض الوقت غادر كل منهم الى منزله بعد قضاء يوم لا ينسى مع الاصدقاء على وعد من نعمة و سلطان على تجدد اللقاء كلما سمحت اوقاتهم بنفس المنزل كي تظل علاقتهم قوية مهما تغيرت ظروفهم.
مددت نعمة جسدها على السرير و هي تأن بتعب في حين خلع سلطان جلبابه و جلس بالقرب من قدميها ليتناولهما بهدوء و يبدأ التدليك بهما في صمت و هو يقول بعتاب : مبقتيش تسمعي كلامي يا نعمة خلاص.
فتحت عيونها التي اغلقت من الارهاق و شهقت قائلة : ما عاش و لا كان اللي يكسرلك كلمة يا سيد الناس.
تضخم قلبه من الحب بفعل كلماتها التي تشعره انه البطل المغوار و انها لم و لن ترى مثله أبداً لكنه قال بعتاب اشد : قلتلك صحتك مش حمل التعب ده اجيبلك حد يساعد و لا حتى نجيبه جاهز لكن تقفي يومين بطولهم تطبخي حرام عليكِ لو مش خايفة على نفسك خافي على الروح اللي في بطنك ... خافي عليا ممكن يجرالي حاجة لو بس تعبتي و لا سمعتك بتقولي اه.
قالت بلهفة و فرحتها لا تسعها من كلامه الذي اصبح يتفنن به بالاونة الاخيرة ليجعلها تشعر انها ملكة متوجة على عرش قلبه : بعد الشر عليك يا حبيبي اوعي تقول كده انت لو بس جالك حبة برد بكون حاسة نفسي زي العيل التايهه ... انا من غيرك مسواش حاجة.
ترك قدميها و اقترب منها و احتواها بحب و قال : كلمة حبيبي طالعة من بقك زي الشهد يا أحلى نعمة في حياتي.
احضتنه بدورها و قالت : انا بحبك اوي يا سلطان و محستش اني عايشة الا لما اتجوزتك.
رد : و انا معرفتش طعم الدنيا الا لما اخدتك في حضني.
ربنا يبارك ليا فيكِ و يرزقنا بالذرية الصالحة يارب.
قالها و هو يقترب من شفتيها بهدوء رحبت به متلهفه لقربه الذي اصبح لها الحياة.

[rontii]

في منزل اخر يسيطر على جدرانه البرود و الهدوء جلست ابتسام تفكر في كلام حودة و من قبله كلام نعمة.
تتحرك بقلق من مكان لمكان و هي تحدث نفسها تشعر بالتشتت و الضياع.
اصبح الأمر لها هاجس مرضي فالحق يقال من وقت زواجها .... لا ... من قبل خطوبتها حتى بفاندام و هو لا يتردد في اجابة اي طلب لها ... يراعيها ... و يطمئنها ... لم يتصرف معها بطريقة تثير داخلها إحساس عدم الأمان ... لكن لا تعلم لماذا هي دائما خائفة ...
هي ليست خائفة منه بقدر خوفها من المستقبل ... من الايام ... هل سيتفهمها ام سينفذ تهديده!!
ترددت داخلها كلمات نعمة ... لا يوجود شئ مضمون و الله قادر على تغير الحال في غمضة عين ... إذن لماذا لا تستمتع بحياتها!!!
عند هذه الفكرة قررت طرد الوساوس من عقلها و دخلت انعشت نفسها بحمام دافئ و ارتدت قميص نوم اسود مفتوح من الجانبين حتى منتصف الفخذ و عليه فصوص كبيرة من النحاس بفتحة واسعة من عند الصدر حررت شعرها من قيوده و مدت يدها لاحد الارفف في دولابها الخاص لتخرج شريط منع الحمل التي خبأتة بعناية وهي تفكر هل ان الاوان للتخلي عنه و اصبحت مستعده لاستقبال طفل تتولى مسؤليته!!!
هل من الممكن ان يتغير فاندام ليعود لشخصيته قبل الزواج و يهمل عمله و يعتمد عليها و على عملها كما فعل والدها معها!!!
اتجهت للمطبخ ووقفت امام القمامة بنظرات شارده تفكر لتحزم امرها بعد دقائق و تتجة لزجاجة المياة بعد ان وضحت القرص بفمها و اتبعته بعدة رشفات من المياة لتعود لغرفتها و تخبئه كما تفعل كل يوم.
ستحاول اصلاح ما افسدته بخوفها و عمليتها الزائدة ثم تفكر و تقرر ماذا ستفعل بامر الحمل.
بعدها جلست على الاريكة في انتظاره بعد ان اختارت احد الاغاني الشعبية الراقصة حتى ترقص عليها معه بعد عودته.
نظرت للساعة وجدتها الحادية عشر ... لا يهم ستنتظره حتى تعتذر له عن غبائها بالطريقة الوحيدة التي يتفهمها الرجال.
بعد نصف ساعة اصابها الملل فقررت مشاهدة التلفاز حتى عودته.

دارت المفاتيح بالباب في حوالي الثانية بعد منتصف الليل ... دخل ليفاجئ بشكل ابتسام الغير معتاد عليه بالمرة
ممددة على الاريكة الخشبية ترتدي جلباب شبيه بجلباب نانسي عجرم الشهير باختلاف اللون و الهاتف جوارها و التلفاز مفتوح على احد البرامج ... نائمة و يكاد يجزم انها داخل احد احلامها العجيبة.
يبدو انها كانت في انتظاره و غلبها النعاس من التعب
اغلق التلفاز بهدوء و اتجه لها يحملها كطفل صغير بين يديه القويتين.
تمطت بكسل و فتحت عيونها بارهاق لتجد وجهها قريب من وجهه حودة لتبتسم بحلاوة و هي تقول بصوت ناعس : اتأخرت اوي يا حودة ... ثم وضعت يدها حول رقبته و اكملت : وحشتني يا فاندام.
ابتسم و هو يشكر سلطان بداخله على نصيحته و قال : و انتِ وحشاني اوي يا عسلية ... بعدها وضعها برفق على السرير ليحتفلوا سويا بليلة العيد في محاولة لعودة مسار حياتهما للطريق الصحيح.
بعد بعض الوقت تركها غارقة في نومها و اتجهه للحصول على حمام دافئ ليلحق صلاة العيد و بعدها يفتح المحل بدل عنها حتى لا يزعجها في نومها.

[rontii]

بعد انتهاء صلاة العيد و امام الساحة الشعبية التي يتم بها الصلاة في الاعياد اجتمع الرجال كل منهم يعيّد الاخر و ينسقوا سويا ترتيب ذبح الخراف عند الجزار فيما عادا فاندام الذي يقوم بالمهمة وحده.
نظر لسلطان قائلاً : سيبك انت من محمد هيعملك فيها جزار من السلخانة و انا اللي معلمه الدبح من سنتين ... انا هافتح المحل لابتسام و اشوف حد يقف فيه و اجيلك بعد ما ادبح انا.
قال سلطان و هو يربت على كتفه : مش عايز اعطلك ماهو بعد الدبح فيه التقطيع و التوزيع
قال الاخر ببديهية : هاطلع اللحمة لابتسام و اجيلك اخلص و بعدها ارجع البيت و انجز انا و هي في ساعة زمن.
و بينما الجميع منشغل بالمباركات قال التوربيدو بترحاب : ازيك يا دكتور ... اية اللي خلاك تصلي معانا العيد ده كل عيد بتكون في البلد.
رد الاخر ببعض الضيق : حالتين ولادة يا مجاهد طلعوا من تحت الارض وصلت الحاج و الحاجة بالليل و رجعت بسرعة و متابع مع التمريض الوضع لحد ما اخلص صلاة العيد و اطلع على المستشفى.
الدكتور مدحت في الخامسة و الثلاثون طبيب امراض نساء و ولادة يمتلك عيادة بالحي و يعمل باحد المستشفيات الحكومية بالمنطقة.
متوسط الطول ابيض البشرة يرتدى نظاره رفيعة بشعر خفيف زحف الصلع بجزء منه و جسد معتدل لا هو ممتلئ بالعضلات و لا شديد النحافة.
قال مجاهد ببساطته المعهودة : متاعب المهنة يا دكتور هتعمل اية بقى ... مش كنت تختار تخصص سهل كده مفيهوش حالات طارئة.
ابتسم مدحت قائلا : هو لو الموضوع يجي على قد الطوارى كانت سهلة لكن التعامل مع الستات و اسألتهم صعب اوي يا مجاهد
واحدة خايفة تشرب شاي الا الجنين يتلسع و التانية عايزة وصفة عشان الواد تطلع عيونة ملونة و التالتة عايزة تولد يوم عيد ميلادها مع ان لسه فاضل شهر على معاد ولادتها
انطلقت ضحكات مجاهد عالية و هو يقول : انت هتقولي على الستات و دماغهم انا بشوف العجب في قضايا الخلع و الطلاق بس مش هننكر منقدرش نعيش من غيرهم ... هما اللي عاملين لحياتنا معنى ... ربنا يرزقك بزوجة صالحة تعرفك قيمتهم.
ابتسم و قال : عارف والله قيمتهم كفاية اللي بيشوفوه في الحمل و الولادة.
صوت مزعج اقتحم حوارهم جعل مدحت ممتعض و مجاهد يصمت و يتحول وجهه لواجهه باردة لينطلق الصوت قائلا : امي دعيالي في صلاة الفجر انهاردة اني الاقيكو متجمعين و اكلمكو سوا.
لطفي ... نجار باحد ورش النجارة بالمنطقة ملامح مصرية ممتلئ قليلا متوسط الطول
قال مجاهد ببرود : خير يا لطفي عايز اية مني انا و الدكتور!!!
قال بابتسامة لزجة : عايزكو تتوسطوا ليا عند تهاني الا سايقة الدلال ... روحتلهم كذا مرة عايز الصلح و هي رافضة حتى تتكلم معايا كلمتين و تسمع الكلام اللي عندي.
قال مدحت بتهكم : و انا اتوسط ليك ليه دي لو اختي كنت خلصت عليك يوم عملتك الهباب و قبل ما اخلص عليك كنت هضربك علقة زي اللي اخدتها الغلبانة ... مع ان ده مش اسلوبي.
رد مجاهد ببرود اعتاد عليه مع امثاله : شوف يا لطفي انا في العادي عمري ما امشي في قضايا طلاق و خلع الا لما احاول مرة و اتنين اصلح بينهم ... لكن في حالتك مقدرتش اتدخل يومها و لا هاحاول الا لو حسيت انها عايزة ترجع و ممكن ساعتها اقنع اهلها.
قال لطفي بصفاقة : بس اهلها موافقين و مرحبين و لما بروح بيبقى ناقص يشيلوني من الارض شيل.
بس هي اللي راكبة دماغها و رافضة مش فاعم ليه.
طب تصدق بالله اخر مرة امها كانت هتضربها عشان تطلع تكلمني بس انا قلتلها لا مش عايزها ترجع بالغصب ... اصل كله الا الضرب و خصوصاً في الجواز.
رد مدحت بتهكم و قال : اه صحيح كله الا الضرب ... على اساس لما يومها كنت واخدها بالحضن مش ضاربها بالحزام و مشلفط وشها.
رفع يده و قال : معذور يا دكترة و اي راجل مكاني دمه حر هيعمل اكتر من كده ده سمعة و شرف مش لعب عيال.
قال مجاهد من بين اسنانه بغضب و هو يمسكة من مقدمة ملابسه : اخرس يا لطفي متخليش الجنونة تجيلي و اعملك قضية سب و قذف و تشهير غير الضرب و العلاج اللي فوق ال21 يوم.
قضية هتخلص من اول جلسة و هتاخد تعويض يخليك تشحت بعد سماع الشهود اللي اولهم الدكتور مدحت و تقرير المستشفى اللي بيثبت عنفك معاها.
لو فتحت سيرة الشرف و السمعة دي تاني او حاولت تشهر بيها باي طريقة هاخليك تبيع اللي وراك و اللي قدامك سمعني و لا اقول تاني.
ابتعد عدة خطوات للخلف بعد ان خلص ملابسه من مجاهد و قال : خلاص يا متر انا قلت ارجعها من غير مشاكل و قواضي و في الاخر اسمها بقى مطلقة.
انا راجل و ميعبنيش طلاق و لا حتى جواز ممكن اتجوز بدل الواحدة اربعة و الف مين يتمنى لكن هي بقى مين هيرضى بيها و هي مطلقة ... خليها تبور في بيت ابوها و الله الغني عن ده نسب كله مشاكل.
و انسحب سريعا بعد ان لمح فقدان مجاهد لاعصابه و نيته الواضحة لضربه.
قال مدحت محاولا تهدئة مجاهد : اهدى يا مجاهد و صلي على النبي ... ده واد دماغه تعبانه من كتر البرشام اللي بيضربه.
قال مجاهد و هو يعدل ياقه جلبابه الابيض : واد مستفز و امها دماغها متركبة شمال ... البنت زي الفل اخلاق و جمال و تعليم عالي ... كل ده عشان بقت 27 و محدش اتقدملها يجوزوها واحد بيفك الخط بالعافية و لسه عايش في زمن التخلف و الجهل.
قال مدحت باستياء : انا معرفش ظروفها بس يومها صعب يتنسي. انا شفت حالات كده كتير بس هي كسرتها كانت صعبة و خصوصا أن اهلها صدقوا كلاموا ... فضحها في المنطقة كلها و خلا سيرتها على كل لسان ... يومها كانت بتبوس ايده حرفيا عشان يخليني انا او حد غيري يكشف عليها و يأكد انها صاغ سليم ... مش حب فيه قد ماهو خوف من اخوها اللي جه يكمل اللي بدأه الحيوان ده.
حرك رأسه قائلا : انت ناسي اني كنت حاضر معاك يومها و شفت كل التفاصيل ... ثم اضاف بتهكم ... المنطقة كلها كانت متابعة الاحداث بث مباشر بعد ما جرجرها من بيته لبيت ابوها ... و لولا فاندام و سلطان و انا اللي اصرينا نطلع بيها على المستشفى كان زمانه خلص عليها هو و اخوها
قال الاخر ببديهية : مش ناسي و الا مكنتش اتكلمت معاك بتفاصيل تخص مريضة عندي الكل كان شاهد على اللي حصل غير انك المحامي بتاعها اللي متطلع على تفاصيل اكتر مني بكتير.
قال مجاهد : الحمد لله يومها فاندام قدر يعقل اخوها و اتكلم معاه بالهداوة لحد ما رجع لعقله و بعدها مسك لطفي بهدله.
تسأل مدحت : هي البنت دي بتشتغل!!!
قال مجاهد : كانت قبل جوازها بتشتغل لكن بعد اللي حصل امها مش راضية تنزلها الا و هي معاها و حبساها في البيت بحجة كلام الناس.
صمت مدحت بتفكير و قال : ربنا يعملها الخير و يعوضها باذن الله.
رنين هاتفه قطع حوارهم لينسحب معتذرا حتى يلحق بالمشفى حيث بدأت احدى مريضاته بالمخاض.

[rontii]

انهت صلاتها و جلست تقرأ بعض آيات القرآن لعلها تنجح في تهدئتها قليلاً ... بمجرد سماعها تكبيرات العيد عادت بالذاكرة لآخر صلاة للعيد مع والديها ... لتعلو شهقاتها و تنخرط في البكاء و هي تتذكر تفاصيل كل عيد ... بداية من تحضيرات العيد و شراء الملابس الجديدة و النوم المبكر ليلة الوقفة ... و ايقاظها وقت أذان الفجر الصلاة و من بعدها النزول لصلاة العيد ... الكثير و الكثير من التفاصيل التي لا تنتهي لكونها نشأت طفلة وحيدة ببلد عربي آخر فلم يكن لها سوى والديها ... لهذا بعد وفاتهما بحادث السيارة الذي أودى بحياتهما قررت العودة إلى مصر برغم عدم معرفتها لأي من أقاربها لكنها تعبت من الغربة و ان كان هنا وحيدة و هناك وحيدة لكنها اشتاقت لبلدها.
و بالرغم من عودتها منذ عدة أسابيع لكنها لم تحاول التعرف على أحد او الاختلاط بمن حولها ... بحثت عن عمل و تحمد الله ان وجدته سريعا نظراً لخبرتها و عملها بإحدى أهم المستشفيات بالبلد التي كانت به و من يومها لا تفعل اي شئ سوى الذهاب للعمل و العودة من العمل ... حياة مملة ... رتيبة ... باهتة ... و لكن اي حياة ستحياها وهي وحيدة بدون والديها.

تعالى صوت والدته بالاستغفار ثم قامت و جمعت سجادة الصلاة و هي تقول بعتاب: يا ابني منزلتش ليه تصلي مع الرجالة في الساحة ... طب انا منزلتش عشان ركبي مش حمِل طلوع و نزول سلالم ... كنت روح مع اختك و ابوك و سلم على الرجالة.
قال و هو ينظر للشارع من النافذه بقلق و توتر مبالغ فيه : انتِ ليه مش عايزة تصدقي انهم هيقبضوا عليهم ... اي حد بيروح يصلي بالجامع يتمسك... و لا انتِ نسيتِ ... عيزاني اروح عشان يقبضوا عليا تاني.
قالت بقلة حيلة : لا حول ولا قوة الا بالله ... يا ابني هو احنا في بورما يقبضوا على المسلمين ... اللي حصل معاك كان صدفة ... كنت في المكان الصح بس في الوقت الغلط ... ابوك عمره ما فوت صلاة بالجامع و عمر ما حد ضايفه بكلمة ... اقتربت تربت عليه و تقول و قلبها يتوجه عليه : ده نصيب و مقدر و مكتوب ... الحمد لله ربنا وقلبك ولاد الحلال و خرجت بس مش هتفضل موقف حياتك كده ... لازم تنزل تشتغل و نشوف الناس و تنفض الخوف عنك.
دلك جبهته بتعب و قال بتهرب و هو يتجه لغرفته كي يحتمي بها : انا تعبان و هادخل أنام محدش يصحيني لو حد جه يعيد علينا .... انا مش عايز اشوف حد.


يا ليلة العيد انستينا و جدتتي الامل فينا يا ليلة العيد.
بهذه الكلمات انهت هدية احتفالها الخاص بقدوم عيد الأضحى ... فبعد عودتها من صلاة العيد ساعدت والدتها بعمل افطارهم الخاص لاول يوم العيد ... فهو يوم له طقوس خاصة و اولها ان يكون الافطار عبارة كبدة بكل انواعها و بطاطس المحمرة و سلطة الطحينة التي تتميز بعملها و الكثير من ارغفة العيش الطازجة و بعدها يبدأ الاعداد لعمل صواني الرقاق و طبق كبير من الفتة و قطع من اللحم الضاني.
و ها هي بعد انهاء تناول الافطار دخلت حجرتها و قفت أمام المراة تتمسك بفرشاة الشعر كانه ميكروفون و تقمصت صوت كوكب الشرق و اندمجت بالغناء تمنى نفسها بان تقف باحد الايام على احد المسارح بحفلة خاصة بها هي ليتسمتع الجميع لصوتها و تتعالي التصقيفات و التهليلات لجمال صوتها و سمو مشاعرها اثناء الغناء.
هدية في الخامسة و العشرين ... ملامح جذابة عيون سوداء واسعة ... شعر اسود مموج ... ابتسامة تخطف القلوب ... وجه بشوش ... صوت مميز قادر على خلق حالة من السلام النفسي لمن يسمعها.
و كالعادة قطع جلستها اخيها الاكبر هشام ... الشهير بهشام النجم و الذي هتف قائلا : هو انتِ معندكيش دم واقفة قدام المراية لحد ما بقيتِ مجنونة رسمي و سايبة ماما واقفة لوحدها في المطبخ.
هشام النجم في السابعة و العشرين ... يعمل ميكانيكي سيارات ... وسيم ... ملامح مصرية اصيلة ... طويل بجسد متناسق و ملامح مريحة ... صوته لا يقل جمالا عن صوت اخته و حلمه الغناء و لهذا تم تلقيبه بالمنطقة بالنجم.
التفتت له و هي تضع فرشة شعرها و قالت : و انت موقفتش معاها تساعد ليه ... و لا عشان انا البنت الوحيدة وسط ولدين اتكتب عليا اخدمكوا و انتو بشاوات محدش عايز يشيل كوباية من مكانها.
ضحك باستمتاع و قال : يا بنتي جددي ... مش بتزهقي من نفس الكلمتين كل يوم ... محسساني انك بتعملي حاجة اوي ... انتِ طول اليوم قدام المراية يا ماسكة تليفونك و كبيرك تشيلي طبقين مع ماما وقت الغدى.
قالت بغضب : انا مش بعمل حاجة صح !!! طيب يا نجم ابقى شوف مين هيغير ملاية سريرك و يكوي هدومك و ينقع تيشرتاتك عشان يطلع منها الشحم و ريحة البنزين.
تراجع و اقترب يقبل رأسها و قال بفزع مصطنع : لا انا اقدر برضو ده انتِ اختي المفضلة من بين كل اخواتي والله ... انا بس بحب اعاكسك.
وضعت يدها بخصرها و رفعت حاجبها بغرور مصطنع و قالت : ايوة كده اظبط الكلام عشان منقلبش على بعض و يالا خليني اروح اشوف ماما بتعمل اية و اساعدها.
انتهى

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

[rontii]

[rontii]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 73 ( الأعضاء 17 والزوار 56)
‏rontii, ‏عبير السبات, ‏basma asr, ‏Hanan anz, ‏Samaa Helmi, ‏meryamaaa, ‏Aloa, ‏M.M.k, ‏ماردينيا, ‏miromaro, ‏Merna miroo, ‏دوسة 93, ‏نغم, ‏Booo7, ‏nonos-88, ‏زهرورة, ‏هازان محمد

[miromaro]

ايه الحلاوه دي.. فرحانه اوي اني ان شاء الله هتابعك فصول