مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة *

[rontii]

مساء الفل و الجمال
اسفة جداااااا للتاخير
حالا و ينزل الفصل باذن الله

[rontii]

الفصل الثاني

يجلس بشرود على احد الصخور الممتدة على طول البحر بينما يتعالى خلفه صوت آذان الفجر من مسجد المرسي ابو العباس يعلن عن بداية يوم جديد ... يوم يحتفل به جميع المسلمين بالعالم ... و من اهم طقوسة صلة الرحم ... الزيارات العائلية المتبادلة ... رؤية الاهل و الاقارب و الاستمتاع بصحبتهم ... تجديد اواصر الاخوة التي تتباعد بدوامة الحياة.
مثل اليوم من عام واحد فقط كان يقف كتف بكتف جوار اخاه الاصغر في مسجد الحي الذي يسكن به و من الجهة الاخرى زوج اخته الصغرى بينما باقي العائلة في انتظارهم لذبح الاضحية و اعداد الافطار.
ابتسم بسخرية و هو يتذكر ماحدث بعدها و كيف اختلفت حياته في كل شئ.
فبعد مرور عدة اسابيع على العيد كان وحيد بين اربع جدران يعاني من الوحدة و الظلم و الخذلان.
لا يصدق حتى الان ما حدث معه خلال هذا العام.
فقط عدة اشهر خسر فيهم كل شئ ... خسر اخوته و زوجته و عمله.
زوجة تنكرت له بمجرد تعرضه لاول مشكلة و اخوة فقدوا الثقة به بدون السؤال عنه او التأكد من جريمته.
و عمل بذل فيه كل جهد ليصل الى ما وصل له. فهو من العام الاول بقسم الهندسة المدنية يعمل في الاجازة الصيفية لا لحاجته للمال بل للتعلم ... للخبرة ... للوصول لحلم يسعى له بكل جهده.
من عام واحد كان على وشك الوصول لمنصب لا يصل له الا من يكبره بعشر سنوات و بلحظة واحدة خسر كل شئ و حتى الان لا يعلم لماذا ... لماذا هو ما يحدث معاه كل هذا!!
استغفر الله بصوت مسموع ... لا يعترض على قضاءه و لكن وجع اصبح يلازمه من كل الخيبات التي تعرض لها و ان كان خيبة خسرانه العمل لا تمثل شئ بجانب خيبة خسرانه لبشر ظن انهم يعرفوه اكثر من أنفسهم .
الاغرب من كل هذا أن من صدقه و آمن ببرائته صديق له بالعمل علاقته به عادية و مدتها لم تكن تتعدى عدة اشهر .
فقط والدته و مالك من يدين لهما بكل الحب و الامتنان .
استقام واقفا يغادر البحر بهواءه المنعش و يتجهه ليصلي صلاة الفجر و من بعدها صلاة العيد .... و بعدها يبلغ والدته بقراره للرحيل .

مساءا اول ايام العيد

في الوقت الذي قرر فيه الرجال السهر على القهوة كانت النساء مجتمعات بشقة مجاهد في محاولة لمساعدة وفاء و نعمة لانجاز طلباتهما المضاعفة بمناسبة العيد.
و كل منهن تعمل بنشاط على قدر استطاعتها.
و بعد بعض الوقت عادت نسمه لمنزلها لارهاقها الشديد فبعد عودتها بالامس اشترت تحليل حمل منزلي لتتأكد من حملها وكم كانت فرحتها هي و فتحي بخبر الحمل و اوشك على منعها من الذهاب لوفاء خوفا عليها لكنها وعدته بعدم ارهاق نفسها.
و بمجرد معرفة الفتيات قمن بمنعها من التحرك بعد الاحتفال و اطلاق الزغاريد التي ظنها اهل الحي بمناسبة العيد .
اما هند فلم تستطع المكوث طويلاً لزيارة اخوات زوجها لها و حبيبة سافرت لبلدة ناصر لقضاء العيد مع اهله و اقاربه.
جلست نعمة على الاريكة خلفها وسادة كي تريح ظهرها و امامها طبق ممتلئ بورق العنب و طبق اخر ممتلئ بالارز لعمل المحشي و امامها وفاء منشغلة بعمل عدة صواني من الرقاق
اما ابتسام تعمل بذهن غائب في تقطيع و تنظيف بعض الخضروات.
فقالت وفاء موبخة نعمة : نفسي افهم مش ناوية تسمعي الكلام أبدا ... قولتلك انا هاقوم بالشغل لوحدي و اول ما تقومي بالسلامة ارجعي اشتغلي من تاني ... انتي كده جاية على صحتك اوي .
ابتسمت نعمة و قالت : انا معرفش افضل من غير شغل ... بزهق و بعدين انا قاعدة و حاطة مخدات حوليا و لا هارون الرشيد في زمانه .
ثم نظرت لابتسام و قالت : انتي قافلة المحل انهاردة و لا اية يا عسلية .
قالت لها بهدوء : لا مفتوح بس فاندام كلم شهد اخت محمد اللي بيشتغل معاه في الورشة و اتفق معاها تنزل تقف في المحل معايا.
بت طيبة و امينة و عايزة قرشين يساعدوا في جهازها.
لوت نعمة فمها و قالت :الراجل مش بيفكر غير يريحك ازاي و ياريته عاجب.
ثم اضافات بغيظ : وانتي فكرتي في كلامي بتاع امبارح و لا بلتيه و شربتي ميته .
قالت لها بحنق : ما انا قلتلك مش هتفهمي يا نعمة انتي معشتيش اللي انا عشته ... عبده طول عمره شيلك على دماغه مش زي ابويا و امي و اخويا كانو مطلعين عيني .
لو فاندام اتغير و لا رجع لقعدة المزاج و شغل البلطجة مش هلاقي حد يقفله و لا حد يصرف عليا.
كانت وفاء تتابع الكلام بدون تدخل محاولة فهم المشكلة الى ان انفجرت نعمة قائلة : انتي ناوية على جناني يا ابتسام مش كده!!!
بقالك فوق ال10 سنين بتصرفي على نفسك و الشحط اخوكي و مراته و عارفة تمشي أمورك فل الفل يقوم لما يبقى عندك محل و شغل بتاعك و باسمك تقولي خايفة و عايزة أمن مستقبلي ... خايفة فاندام يرجع للصياعة من تاني ... خايفة يهمل شغله و منلقيش ناكل.
بصي يا بنت الناس لولا انك زي اختي مكنتش اهتميت و لا فتحت بوقي لكن مش هلاقيكي بتخربي بيتك بإيدك و اقف اتفرج .
قالت ابتسام بعصبية : يوه يا نعمة قلتلك اللي ايده في المية مش زي اللي ايده في النار .
اخذت نعمة نفس عميق محاولة تهدئة الوجع ببطنها المنتفخة و قالت : افضلي بقى قولي مية و نار و حشرة و فار ... بطلي جو الاعلانات ده وهانروح بعيد ليه يا عسلية ما عندك الست وفاء اهي الله اكبر عليها وقفت على رجلها لا جوز نفعها و لا اهل كانو معاها و مع ذلك لما قابلت الاستاذ مجاهد معشتش دور المتعقدة و رفضت لاء عرفت تميز معدن البني ادم اللي قصادها و عرفت ان صوابعها مش زي بعضها و بعد الجواز حملت و خلفت لا اجلت و لا بلبعت برشام .
و حتى حمادة ربنا يحميه ممنعهاش تطلق من المخفي طليقها و لا منعها تشتغل بالعكس ده هو السبب اللي ربنا كرمها بسببه هو اللي شجعها و اداها سبب تعافر و تنحت في الصخر و تنجح عشان تضمنله حياة محترمة.
تنحنحت وفاء محاولة تهدئة الوضع المحتدم و قالت : استني يا نعمة الكلام مش بالخناق نتكلم بالعقل و المنطق .
اشارت بيدها غاضبة للتتناثر حبيبات الارز و قالت : من امبارح بكلمها لما عرفت عملتها الهباب و دي دماغها حجر صوان .
قالت وفاء بهدوء : فهميني يا ابتسام سبب خوفك اية!!
قالت بضعف : خايفة يتغير او يتجوز عليا او يجراله حاجة بعد الشر ... خايفة شغله يقف و منلقيش شغل تاني.
سألت بهدوء : و منع الخلفة هو الحل!!
حركت رأسها نافية : مش حل بس لازم اضمن مستقبل ابني مش اجيبه و ابهدله .
قالت ببساطة : و ايه اللي يضمنلك ... ايه يضمن انك تعيشي لبكرة ... ايه يضمن انك انتي اللي متتغيريش ... او تتعبي و يجرالك حاجة بعد الشر او حتى ان مشروعك بين يوم و ليلة يفشل!!
ايه اللي يضمن لحودة انك هتفضلي تحبيه و تفضلي بصحتك و يفضل مشروعك ناجح!!!
ليه بتفكري في الامور من ناحيتك انتي بس و مقلبتيش المواقف!!
عايزة تأجلي الخلفة حقك لكن مش من حقك تاخدي القرار لوحدك .
ربتت على كفها و قالت : الحياة كلها مغامرة يا ابتسام مفيش حاجة مضمونة بين ثانية و التانية الحال بيتبدل ممكن و انا بكلمك اطب ساكتة او يجيلي تليفون يقولي كسبت مليون جنية او حد يبلغ عني الضرايب و مشروعي يبوظ.
توكلي على الله و اعرفي ان كل حاجة بتحصلك خير.
لولا تصرفات اهلك كنتي هتبقي بنت ضعيفة و هشة.
لولا قوتك مكنش فاندام حبك او حتى اخد باله منك .
لولا حبه ليكي مكنش نجح في شغله و عملك مشروع يخصك .
و لولا عقدتك من اهلك مكنش المشروع ده نجح لانه بالنسبة ليكي كان تحدي .
كلها خطوات مرسومة خطوة بتسلم للتانية .
تساقطت الدموع من عينها لتنفجر في البكاء ليترك كل منهما ما في يده و يحتوياها.
قالت من بين بكائها : انا تعبانة ... تعبانة اوي .. مبقتش عارفة الصح من الغلط ... مبقتش عارفة انا كده ببعده عني و لا بقربه مني ... بس انا بحبه اوي و من كتر حبي له مرعوبة اصحى الاقي نفسي لوحدي.
قالت نعمة بتعاطف : و ليه تقدري البلا قبل وقوعه يا بنتي اعملي اللي ربنا امرنا بيه و هو قادر يحفظه ليكي ... راعي ربنا معاه ... صوني بيته و شرفه و اسمعي كلامه طالما ميغضبش ربنا ووقتها هتلاقي حياتك حته من الجنة.
قالت وفاء : متخفيش يا عسلية و زي ما انتي بتحبيه هو بيعشقك و الا مكنش وافق باللي رفضه لنسمة ... كل ده عشان ترضي عنه و عشان بيحبك.
يبقى شغلتك تحافظي على الحب ده و تزوديه مش تفرطي فيه و تضيعيه.

بنفس الوقت على القهوة
يجلس كل من مجاهد و حودة و سلطان يتبادلون الاحاديث ليأتي فتى القهوة يضع طلباتهم كوب القهوة و الشيشة لحودة و كوب من الشاي و الشيشة لسلطان و كوب من الشاي باللبن لمجاهد.
قال حودة بغيظ : كنت عايز اخطفلي يومين العيد في اسكندرية بس العربية مش راضية تتحرك .
اخذ سلطان نفس عميق من الشيشة و قال : كلم النجم يشوف فيها ايه ... الواد ايده تتلف في حرير .
قال مجاهد : انت هتشتريها بجد يا حودة ؟
تناول رشفة من كوب القهوة و قال : لا طبعاً ... هشام شافها و قالي متستهلش تمنها و هتقرفني في التصليحات قلت اخدها بس كام يوم من صاحبها بس مكملتش نص يوم و عطلت بنت الجزمة و ضاعت الاجازة .
ابتسم سلطان و قال : يا عم احنا لسه في اولها لو اتصلحت انهاردة تقدر تطلع الفجر على اسكندرية.
قال بعصبية : و انا هجيب النجم منين دلوقتي ده عامل زي فرقع لوز .
ضحك مجاهد و هو يقول : ده انت لو متفق معاه مكنش جه بالسرعة دي .
نظر حودة لمجاهد بعدم فهم ثم نقل نظراته لاتجاة نظرات مجاهد فوجد هشام مقبل عليهم يرتدي بنطال من الجينز و تي شيرت ابيض ضيق يظهر بنيته المتناسقة مع طوله الفارع و يضع خلة اسنان بين شفتاه و يمسد على لحيته الخفيفة و هو يتكلم بالهاتف.
دقائق و دخل القهوة يلقى السلام على من فيها الى ان اشار له حودة.
اقترب بعد القاء التحية و المعايدة على الثلاث اصدقاء و قال ببشاشة : الله اكبر ... اكابر السوق متجمعين ده بينه عيد بجد و لا اية.
ابتسم سلطان لخفة دمه و كذلك مجاهد و قال حودة بجدية : تشرب اية يا نجم عشان عايزك في حوار مهم ... شيسة و قهوة و لا شيشة و شاي.
قال الاخر بخفة دمه المعروفة : شيشة اية يا فاندام عايز تقضي على حنجرتي الذهبية و تنهي مشواري الغنائي قبل ما أبدأ.
هات واحد لمون يروق الدم و قول حوارك.
طلب فاندام الليمون و قال : عايزك تصلح العربية و تشوف مشكلتها ايه .
قال الاخر بتعجب : ما قلتلك فكك منها هتدفع ضعف تمنها تصليح ... و لا انت مش واثق بكلامي.
قال بتأكيد : هو انت فيه زيك!!! طالما قلت انها متنفعش يبقى متنفعش بس اخدتها من صاحبها يومين قلت اطلع افسح بيها العسلية ... بس العربية مش راضية تقوم من امبارح.
نظر هشام بتفكير على هيئته النظيفة و قال : طيب ساعتين زمن اقضي مشوار في السريع باللبس الشياكة ده و بعدها اقابلك في الورشة ... اكون اخدت المفاتيح من الاسطى حسين.
أومأ حودة برضا و هو يفكر في المفاجأة التي يحضرها لابتسام علها تتخلص من بعض الجمود و التوتر المصاحبان لها بالاونة الاخيرة.
قال مجاهد : مفيش جديد يا هشام ملقتش منتج و لا موزع يسمعوك يمكن صوتك يعجبهم.
قال بلامبالاه ظاهرية : و انا هلاقي موزع و لا منتج فين بس في وسط سوق الخضار .
قال سلطان : مفيش حد عليه القيمة من اللي بيصلحوا عربيتهم يوصلك لحد يسمع صوتك.
تأفف هشام و قال : مفيش يا سلطان و لو لقيت مبقاش حد بيحب يخدم حد اليومين دول. كأني هاخد اللقمة من بؤقهم .
قال مجاهد : مفكرتش تروح الساقية و تحاول تشوف فرقة تسمعك و تغني معاهم.
قال حودة ساخرا : الراجل بيقولك عايز يغني هيروح عند السواقي يسمع البهايم و لا ايه .
انفجر مجاهد و هشام بالضحك و قال مجاهد يغالب ضحكته : الساقية دي مكان اسمه ساقية الصاوي في الزمالك بيتعمل فيه حفلات و ندوات و امسيات شعرية و فرق للهواه سواء بيمثلوا او يغنوا.
قال سلطان ضاحكا : العلم نور والله الواحد قال ساقية ايه اللي يروحها دي اتاري طلع الموضوع كبير و احنا منعرفش.
قال هشام : بس يا مجاهد الفرق دي بيكون لها لون موسيقى معين و بيكونوا مجموعة طالعين مع بعض صعب ياخدوا حد جديد و الاهم اني مش هظهر وسطهم و لا هتبان امكانيات صوتي.
كان مجاهد يفكر بطريقة يساعد بها هشام فهو عاشق لصوته و لتفكيره و يرغب بمساعدته .
فاقترح قائلا : طب و النت !!! سجل كام اغنية بصوتك و نزلهم على اليوتيوب ... يا بني ناس كتير بتتشهر كده مشفتش البنت اللي اسمها ياسمين ماهي بدايتها كده و في الاخر الكل عرفها و بدأت تتشهر و تغني و هتعمل البوم قريب.
مسد على لحيته القصيرة و قال بتفكير : والله فكرة حلوة و مجتش في بالي ... اظبطها و اجهز كاميرا كويسة و انزل كام اغنية و التساهيل على الله.
ثم قام قائلا : طيب هاخلع ساعة زمن و اكلمك يا حودة عشان العربية.

بعد خمسة عشر دقيقة كان يجلس في منزل خالته بينما تجلس امامه زينة ابنة خالته و خطيبته في الثالثة و العشرون بكالوريوس خدمة اجتماعية و لا تعمل.
كان يتكلم مع خالته و زوجها و يتأملها خفية عن عيونهما ... حبيبته من الصغر و خطيبته منذ عامان ... كانت جميلة بل رائعة الجمال في نظره بملامحها الطفولية و بشرتها السمراء و شعرها الاسود الطويل و ملابسها الانيقة برغم بساطتها.
انتبه لصوت خالته التي قالت : طيب هاقوم احط العشا على ما جوز خالتك يخلص تليفونه .
نظر لزينه غامزا لها : وحشتيني يا زينة البنات .
قالت بدلال لا يظهر الا معه : لحقت اوحشك ما كنت معاك وقت صلاة العيد .
نظر حوله و قام لينتقل من مكانه ليجلس بالاريكة المجاورة للكرسي الذى تجلس عليه و قال : والله بتوحشيني مسافة ما بغمض عيني .
ضحكت بخفوت و قالت : بياع كلام و بتاع اغاني لازم تقول كده.
قال بصدمة مفتعلة : عندك شك في حبي ليكي يا زوزو اتصدمت بجد.
ضربته على كتفه و قالت مغيرة الموضوع : زعلانه منك يا هشام رفضت الفرح اللي كلموك عشانه ليه!!! قرشين حلوين و اهو خطوة على الطريق .
تأفف قائلاً بجدية قليلاً ما يلجأ إليها : زينة فهمتك اكتر من مرة ان ده مش طموحي و لا دي امكانياتي.
يا زينة انا صوتي مش بتاع اغاني شعبية و لا افراح اغني فيها ورا رقاصة و لا ده اللي عايز اوصله.
لو على الشهرة مفيش اسهل من اني اطلع اغني مهرجان لحمو بيكا و لا اوكا و اورتيجا و في ظرف شهرين اتشهر و اكسر الدنيا بس في ظرف سنة محدش هيفتكرني اصلاً.
هابقى موضة زي اي موضة بتطلع و تختفي
بس انا شايف نفسي في مكان تاني ... مش لازم اوصل للي وصل له عمر دياب.
بس عايز يبقى ليا بصمة و بعد عشرين سنة الناس تفتكرني.
حاولت مجادلته : طيب ما عدوية لسه الناس فكراه و عمل اغاني احلى من بعض.
قال بصبر فهذه نقطة خلافه الوحيدة مع زينة : بس وقت ما طلع اتهاجم و لحد دلوقتي ناس كتير بتهاجمه و تقول هو اللي سبب انحدار الاغنية الشعبية بعد محمد رشدي و العزبي ... و الاهم من كل ده ان خامة صوتي مختلفة عن العزبي او رشدي او حتى عدوية.
انا عارف قدراتي و لما بغني اغنية زي في قلب الليل او محدش مرتاح بحس اني طاير في السما لكن لما بحاول اغني بهية و لا كعب الغزال بحس انه عادي مفيش ابداع في صوتي ... فهماني يا زينة و لا ايه!!!
اومأت بصمت فهي تتفهمه و اكثر من يؤمن بصوته و موهبته لكنها متعجلة لا للشهرة و المال لا ... بل متعجلة لانكشاف موهبته و الفوز بما يستحقه ... تخاف ان يصيبه الاحباط أو يفشل في الوصول لهدفه فتحاول جاهدة التفكير معه و تحفيزه للوصول لما يستحق .
شرحت له : فهماك يا هشام والله بس نفسي تحقق طموحك و أمورنا تتحسن عشان نقدر نتجوز و لا هنفضل مخطوبين كده طول العمر .
زفر بحنق فهو ايضاً يريد اتمام زواجه عليها اليوم قبل غداً لكن ظروفهما المادية لا تساعد ابداً ... قال بعد فترة صمت : بإذن الله هتصرف ... هاعمل جمعية بمبلغ كويس عشان اعرف اجيب العفش و الشبكة جبنا منها الخاتم و السلسلة و معايا كام الف نجيب بيهم غويشتين و حلق.
انا لو استنيت اتشهر عشان اتجوزك ممكن نتجوز بعد 5 سنين .
شهقت و ضربت على صدرها و قالت بثقة : لا بعد الشر قبل العيد الجاي بإذن الله الكل هيشاور عليك و يقول هشام النجم اهو .
قال بحب : بعشق ثقتك فيا يا زوزو .
قالت بصدق : هتصدقني لو قلتلك ان فيه اغاني بحبها بصوتك اكتر من اللي بيغنيها.
ابتسم و هو يمسك يدها يقبلها و يقول : ده لانك بتحبيني.
سحبت يدها سريعا ووجهها يشتعل خجلاً و قالت : لا ده لأن فعلا صوتك اقوى و احسن.
قال بغضب مفتعل : يعني مش بتحبيني!!
قالت و هي تبتسم من مناغشته لها : بتضحك عليا عشان تسمعها مني بس بعينك ... و قامت سريعاً لتحضر الاطباق مع والدتها بينما هو يتتبع خطواتها بحب و سعادة.

ثاني ايام العيد مساءً

يلتهم مجاهد طبق ام علي بشهية مفتوحة و سعادة و هو يداعب ابنه الصغير في كرسيه الخاص و يضع حمادة على ركبته ليطعمه و يدلله بينما وفاء تنهي تقطيع البصل لتضعها على الفخدة الضاني امامها المطلوبة منها في احد العزائم بعد غد من احد اهم زبائنها.
رنين الهاتف جعله يضع حماده جانبه و يرد ببشاشة قائلا : ازيك يا هندسة كل سنة و انت طيب.
رد الاخر بوجوم : و انت طيب يا استاذ مجاهد اسف لازعاجك.
قال مجاهد نافيا : ازعاج اية بس ... طب والله لو انت قريب كنت كلمتك تتغدى معانا انهاردة.
دلك الاخر جبهته باعياء و قال : استاذ مجاهد عارف ان الوقت مش مناسب بس انا قررت استقر بالقاهرة و معرفش حد غيرك فيها و كنت عايز تساعدني الاقي سكن عشان اقدر اشوف شغل و اعمل مقابلات عمل ... ثم صمت لثواني و قال يتأكد : مش انا كده اقدر ادور على شغل بشاهدتي و مفيش اي مشاكل ليا مع النقابة.
اشرف مهندس مدني مقيم بالإسكندرية في الثانية و الثلاثون من عمره ... مطلق ... يتميز بملامح وسيمة كدرتها ظروفه الاخيرة ... طويل نسبياً ... جسد شابه بعض النحافة بعد ان كان مثال للجسد الرياضي نتيجة لظروفه خلال السنة الماضية.
قال مجاهد و هو ينهي اخر ما تبقى من طبق ام علي و يضع ملعقة صغير لحماده بفمه : طبعا يا بشمهندس اشرف انت كده في السليم و النقابة صلحت الوضع بعد حكم المحكمة اللي معانا و برائتك من اي تهم اتنسبت ليك ... لكن ليه هتسيب اسكندرية ... اقصد فرص شغلك هناك أحسن خصوصا ان علاقاتك اكيد اوسع .
ابتسم اشرف بتهكم و قال : علاقات اية يا استاذ كله بان وقت الجد ... اصدقاء العمر اول ما وقعت عملوا ميعرفونيش ... و مراتي طلبت الطلاق قبل حتى ما يتجددلي الحبس الاحتياطي ... حتى اخواتي نظراتهم كلها ادانه و عدم تصديق .
انا مش هاقدر اكمل هنا بالوقت الحالي على الاقل.
عايز اكون وسط ناس ميعرفوش حاجة عني.
اومأ مجاهد متفهما شعور الخذلان الذي كان شاهد عليه.
تعرف على اشرف من خلال قضيته عندما كلمه مالك اخ رنا صديقة وفاء الذي طلبه بعد اسبوع فقط من المشكلة التي حدثت بالحي عندهم ... و كما عرف منه انه يعمل بالاسكندرية بأحد الشركات الكبرى ... لذلك بمجرد القبض على اشرف وجد مالك يشرح له ابعاد التهمة و ثقته ببراءة صديقه و بالفعل تولى الدفاع عنه.

وبعد عدة اشهر تم تبرئة اشرف من التهمة المتهم بها لكن بعد ان خسر زوجته و اصدقائه و اخوته فيما عادا والدته التي كانت متأكده من برائته.
فاق من افكاره على صوت اشرف يقول : انا مليش مواصفات معينة بالسكن يعني حتى لو اوضة و حمام هيبقى تمام ... ثم ضحك بسخرية ... انا اخدت على نومة البورش و السجون.
قال مجاهد بعزم : لا طبعاً اوضة و حمام اية ... مهندس كبير زيك لازم نشوفله سكن يليق بيه و ان كان على الشغل هاشوف معارفي يمكن الاقي حاجة مناسبة بس ابعتلي السي ڤي بتاعتك عشان اقدر اعرضها عليهم.
قال أشرف متحرجاً : انا مش عايز اتعبك و لا احرجك مع معارفك ... وعارف اني عشان الاقي شغل مش هيكون بسهولة ... هيفضل فيه قلق حوليا بعد القضية بتاعتي ... حتى بعد حكم البراءة هتفضل الشبهات حوليا .
قال الاخر بتأكيد : ماهو عشان كده بقولك اساعدك لان معارفي عارفين ان عمري ما بترافع عن حد الا و انا واثق في برائته ... عشان كده هيبقى الموضوع اسهل و لو ملقتش يبقى ادينا جربنا يا سيدي.

انهى المكالمة على وعد بإرسال ورقة ببياناته و مؤهلاته الدراسية
و بعد دقائق سمع صوت والدته تقول بحنان : لسة برضو مصر تنقل القاهرة.
اقترب منها وهو ينحني ليقبل يدها بحب و قال : انا كرهت هنا يا ماما مش قادر انسى اللي حصل الفترة اللي فاتت مش قادر اشوف الصور على الحيطان من غير ما افتكر اخواتي و اللي عملوه.
كل شارع باسكندرية بيفكرني بهالة او بحد من اصحابي اللي كانو زي الاخوات.
بس ألومهم ازاي و اخواتي عملوا اكتر منهم
محتاج ابعد عشان اقدر انسي يمكن بعد فترة اقدر اسامح ... لكن دلوقتي صعب ... صعب اوي افضل هنا.
و اوعدك اني هاجي ازورك كل ما ظروفي تسمح.
ربتت على كتفه و قالت : انا مش هسيبك لوحدك الا لما امورك تستقر على الاقل اكون اتطمنت عليك.
قال بيأس تمكن منه بعد الاحداث الاخيرة :
متقلقيش عليا مالك احتمال كبير يكون معايا ... ساب الشركة و جايلو شغل كويس بالقاهرة و اقترحت عليه نسكن مع بعض بس لسه مردش عليا.
قالت بنبرة حاسمة : خلاص لو مالك هيجي معاك يبقى اسيبك على راحتك لكن لو منزلش معاك يبقى رجلي على رجلك مش هاسيبك لوحدك .
ضمها له بحب و قبل أعلى رأسها و قال : ادعيلي يا ماما ... انا من غير دعواتك معرفش كنت خرجت منها ازاي و لا هاعرف اعمل حاجة في اللي جاي .
قالت بحنانها المعهود : بدعيلك في كل وقت و كل ادان يا ابني ... ربنا ينور بصيرتك و يبعد عنك كل شر ... و يحنن قلبك انت و اخواتك على بعض يارب.

بعد خروجها بدقائق اعلن هاتفه عن استقبال اتصال هاتفي ... نظر للهاتف وجده مالك فرد ببشاشة نادرا ما ترتسم على وجهه : ازيك يا ابني فينك من يومين!!
رد الاخر بارهاق : انا هنا اهو بس كنت بخلص الورق عشان انجز ... عملت فيش و تشبيه و جبت الورقة من مكتب العمل و سحبت الملف بتاعي من الشركة ... و بعدها انشغلت في العيد و تجهيزاته
سأله اشرف باهتمام : و الشركة التانية عرضها كويس!!
رد ببديهيه : كفلوس مش فارقة كتير لكن كأسم و سمعة طبعاً احسن كتير ... شركتنا خلاص اسمها بقى في الارض بعد الفضيحة الاخيرة و كلها كام شهر و الادارة كلها تتغير او تتباع و في الحالتين كل الموظفين هيمشوا
اومأ اشرف بتفهم و قال : على خيرة الله انا كلمت مجاهد عشان يشوفلي سكن مناسب و اعتقد هناك المكان قريب للشركة و لا رأيك ايه!!
قال مالك : فعلا المسافة مش كبيرة نص ساعة بالكتير .
فتح اشرف دولابه يتفحص ملابسه ليكون مستعد بمجرد اتصال مجاهد و اكمل قائلاً : فيه جديد مع اختك و جوزها
زفر الاخر بحنق و قال : مش قلقان الا عليها اول ما بسافر بيستفرد بيها و ابويا و امي صحتهم مش حمل مشاكل و قلة ادب ... و هو عايز واحد يقفله.
سأل اشرف : و هي مش عايزة تطلق برضو!!
ضحك بسخرية و قال : رنا كل ساعة بحال ... حبة بحبه ... حبة مش طيقاه ... حبة هيتغير و حبة مش عيزاه.
ملعون ابو الحب اللي يذل البني ادم كده.
تفهمه اشرف ... فمشكلته كبيرة و ان كان مكانه سيكون له نفس التصرف.
قال بعدم اقتناع : حاول تفصل يا مالك هي ملهاش ذنب.
قال بانفعال : مقدرش افصل الموضوع اكبر مني ... عارف ان الغلطة مش غلطتها و اني بظلمها و انا بحملها ذنب غيرها ... لكن في الاول و الاخر دي اختي يا اشرف مقدرش اشوفها بتتهان منه و افضل ساكت.
قال الاخر بعصبية : اختك مش مغصوبة و وافقت بمزاجها يبقى ليه انت تتنازل عن حبك عشانها!!
قال بغضب : لاني بشر يوم ما يضربها هاغلط فيه و هاروح اضربه و هي هتبقى ما بينا جوزها من ناحية و اخوها من ناحية ... اه هي عارفة ان اخوها حيوان بس مش هترضى ان جوزها يضربه و يهينه. و انا خايف غصب عني اتعصب عليها و ازعلها بسبب الحيوان اخوها.
افرض في يوم رنا اتطلقت تفتكر ده مش هيأثر على علاقتنا سواء مخطوبين او متجوزيين ... اختي و اهلي هيعملوها ازاي و هي اخت الراجل اللي مرمط بنتهم.
اغمض عينه بتعب و هو مقتنع مئة بالمئة بكلامه بينما قلبه له رأي اخر .
اغلق كل منهما مع الاخر و هو يفكر في دوامته الشخصية و كيف السبيل للخروج منها الى بر الامان ليكون من حقهما الحياة بطبيعية ككل من حولهما .

دخلت غرفتها و هي تخلع حجابها و تتأفف بغضب بينما لحقتها اختها و اغلقت الباب بعنف و هي تقول : ينفع اللي عملتيه ده ... حماتي تقول علينا اية دلوقتي.
تخصرت تهاني و قالت بصوت حانق : هو انا اللي عملت و لا حماتك و خطيب الغفلة اللي عملوا ... ناس في منتهى قلة الادب و قلة الذوق .
قالت تحية بارتباك : هما خايفين عليكي وأحمد قلقان من تأجيل الجواز تاني او ان أمه ترفض عشان اللي حصل .
قالت بغضب و صوت مرتفع : و هو ايه اللي حصل ها ... ايه اللي حصل فهميني ... ربنا رزقني براجل حيوان و كله من تحت راسك و لسة ليكي عين انتي وهو تتبجحوا في وشي .
قالت تحية بعصبية : من تحت راسي ليه ان شاء الله هو انا اللي قلتله يضربك و يفضحنا في الحته كلها.
ردت بانفعال : انا وافقت عشان جوازتك تتم ... طبعا مينفعش الصغيرة تتجوز قبل الكبيرة و لازم الكبيرة توافق على اي حد عشان الصغيرة تبطل لوية بوز و تلقيح كلام و تبطل تحسسني بالذنب اني واقفة في طريق سعادة طيور الحب.
ردت ببجاحة : ماهو انا برضو معذورة مش هافضل مخطوبة العمر كله لحد ما ست الحسن و الجمال تستنى الشاطر حسن.
ضربت كف بأخر و قالت : و اهو يا ستي رضيت بالهم و الهم مرضيش بيا ... لا وفضحني و فضح العيلة كلها انبسطتي كده .
قالت بنكران و هي تربت على كتفها : ماهو رجع و اعتذر و عرف غلطته و قابل باي شرط منك.
نفضت يدها و هي تقول بغضب و دموع القهر تنحدر على وجهها : إعتذر ... إعتذر بعد ما فضحني ... ضربني و جرجرني بقميص النوم اللي ايدي طالته عشان استر نفسي ... اعتذر بعد ما سمعتي بقت على كل لسان ... بعد ما خلا اخوكي ضربني و بهدلني و لولا فاندام كان طلع مطوته و خلص عليا.
و لو نسيت كل ده و سامحت هانسى اني اتكشفت على راجل غريب بعد ما روحنا المستشفي في انصاص الليالي و مكنش فيه غيره يأكد اني بنت و اني صاغ سليم.
انتي ايه يا شيخة مبتحسيش ... اصلك مجربتيش كسرة النفس و نظرات الشك و تلقيح الكلام ... برغم ان الدكتور مدحت اكد اني لسه بنت لكن بشوفها في عيون الكل شك و اتهام و شماتة و مصمصة شفايف.
تعلم ان أختها لديها كل الحق لكن ماذا بيدها ان تفعل بعد خطوبة مستمرة من ثلاث سنوات و تم تأجيل الفرح مرة أخرى لطلاق اختها و كل هذا لرفض والدتها زواجها قبل أختها الكبرى .
قالت تدافع بباطل برغم عدم اقتناعها : و هو كان هيعرف منين ان مش كل البنات زي بعض و ان يعني .... ان يعني في انواع و فروق.
ضحكت بتهكم و اجابت بسخرية : مكسوفة اوي ... محرجة تتكلمي في المواضيع دي قدام اختك الكبيرة و تقولي ان حظي الاسود طلع نوع الغشاء عندي مطاطي و مش بيحصل علاقة من اول مرة بسهولة ... لا يا حبيبتي متتكسفيش ... المنطقة كلها عرفت و عملوا دراسات و ابحاث على حالتي.
و بدل ما اقضي الصباحية بتاعتي في بيتي قضيتها في المستشفى بيحاولوا يرجعوا وشي و ضهري زي ما كانوا.
نظرت لها اختها بتعاطف و قلة حيلة فما حدث لاختها كان في غاية القسوة وان سبب رغبتها الحقيقية في زواج اختها هو اتمام زواجها من احمد انما في قرارة نفسها تعلم انها على حق.
فتحت فمها تبحث عن كلمات تواسيها بها لكن اختها سبقتها صارخة : اقسم بالله يا تحية لو اتكلمتي انهاردة في الموضوع ده تاني هافتح باب الشقة و اطفش من وشكوا.
حرام عليكو بقى سيبوني في اللي انا فيه.
ربتت تحية على صدرها تسترضيها و قالت : حقك عليا متزعليش انا هاسيبك لحد ما تهدي و اوعدك مش هاكلمك تاني في الموضوع ده
و تركتها تبكي حظها العثر و خيبتها الثقيلة و فضيحتها التي اصبحت على كل لسان.

جلست على طرف السرير تنهت و تتأوه ليدخل سلطان بعدها مباشرة و يقول بلهفة : مالك يا نعمة تعبانة و لا ايه!!
تأوهت مرة اخرى و قالت : لا ده حبة دلع و هيروحو لحالهم.
حرك رأسه نافيا : لا وشك لونه اصفر و شكلك مش عاجبني ... تعالي نطلع على المستشفى نطمن و نشوف فيه ايه.
قالت باعياء : هيكون ايه بس الواد بيتشاقى شوية جوة ... و بعدين انت ناسي ان الدكتورة منى في الحج و مش هترجع قبل أسبوع .
قال :الدكتور مدحت هنا و قال انه هيقضي العيد هنا و اكيد هيكون موجود في المستشفى نكشف و يطمنا.
ضربت على صدرها و شهقت قائلة : يالهوي على اخر الزمن عايز راجل غريب يكشف عليا لا يا اخويا انا زي الفل.
ابتسم و قال : طبعاً محبش راجل يشوف طرفك يا نعناعة بس صحتك عندي اهم من غيرتي عليكي يا بت.
طيب افرضي كان تعبك ده تعب ولادة هتستني لحد ما الدكتورة ترجع.
اشاحت بيدها و قالت : نبقى نكلم ام فاروق الداية تيجي تولدني و خلاص.
وقتها تمنى سلطان ان يشهق و يضرب على صدره كما فعلت هي من دقائق فقال و هو يمسح على رأسه : شكلك اتجننتي هتولدي على ايد داية و الدكاترة مغرقة البلد ليه مستغني عنك و لا مش لاقي أكل عشان اجيبلك احسن دكاترة فيكي يا بلد .
قومي نروح المستشفى الخاص اللي في الميدان هنلاقي اكيد بدل الدكتورة عشرة طالما مش عاجبك الدكتور مدحت.
قامت بتهالك و هي ترتدي طرحتها و قالت : انا مش هاقدر امشي لأول الشارع شوفلنا توكتوك يوصلنا.
اومأ موافقا لكنه قال : هاجيبلك توكتوك من عيوني بس ربنا يستر و متولديش جواه حاكم دول بيسوقوا كأنهم في الملاهي .

بعد نصف ساعة اقتربت احدى الممرضات بوجهها الصبوح و ابتسامتها الهادئة و هي ترحب بالمعلم قائلة : سلام عليكم ... ازيك يا معلم ... خير ان شاء الله .
نظرت لها نعمة بغيرة و قالت و هي تمد يدها : بولد يا حبيبتي ... مراته و بولد زي ما انتي شايفة اهو .
اقتربت تحتضنها بمودة كأنها تعرفها من سنوات و قالت : انتي بقى نعمة !!! ابتسام ياما حكتلي عنك ... انا كريمة اللي ساكنه في بيت القاضي ... ابويا الاستاذ حامد الله يرحمه.
خجلت نعمة من نفسها و طريقتها ... فهي تنسى كل تعقل بمجرد اقتراب اي انثى من سلطان فابتسمت بحرج و قالت : اه العسلية برضو حكتلي عنك.
اومأت كريمة و قالت : انا رجعت مصر من 3 شهور بس ملحقتش اتعرف على حد ... بس ابتسام محلها قريب من البيت فعشان كده اتعرفنا ... و دايماً تحكي عنك و عن الاستاذة وفاء و نسمة.
ابتسمت نعمة بتعب و قالت : اه ما احنا دايما مع بعض ... يقطعني مجاش في بالي اقولك تفطري معانا امبارح ... بس ملحوقة تعالي اتغدي معانا بكرة عاملة فخدة ضاني تستاهل بوقك الحلو ده.
كان سلطان يتابع الحوار و يتابع تقلبات زوجته المجنونة ... من دقائق تقول انها على وشك الوضع و الان تدعوها على وليمة تحتاج ثلاث ايام لاعدادها.
ضحكت كريمة بهدوء و قالت : مش بتقولي داخلة تولدي.
ابتسمت نعمة و قالت : لا ده حبة تعب و هبقى زي الفل لسه معادي كمان اسبوعين و يمكن اكتر ... بس وقفة المطبخ و الدبح و اللحمه بقى ... انتي عارفة خلتني تعبت شوية.
جذبتها كريمة من ذراعها و اشارت لسلطان كي يلحقهما و قالت : طيب نطمن الاول عليكي وبعدها نشوف موضوع الفخدة الضاني ... انهاردة موجودة دكتورة نشوى تكشف عليكى وتطمنك باذن الله.
و بعد الكشف و تأكيد الطبيبة بالراحة التامة و عدم الوقوف لمدة طويلة اصر سلطان ان يقوم بإيصال كريمة معهما بينما شدت نعمة على حضورها غدا برغم تأكيد الطبيبة على عدم بذل اي مجهود لكن نعمة اكدت انها أعدت كل شئ و لا ينقص سوى وضع الطعام بالفرن .

انتفض من نومه يتصبب عرقاً و ينظر حوله برعب ... التقط عدة انفاس متلاحقه و هو يتاكد انه على سريره بمنزله ... رفع كفه يمسح بها على وجهه و هو يحدث نفسه : مفيش فايدة كل يوم نفس الكابوس كأني عايشه.
زفر في حنق و التقط احدى السجائر من علبتها الموضوعة على المنضده جانبه .
عادة سيئة التقطها بعد خروجه من السجن .... هل كان حقا سجن ام معتقل ام مكان لامتهان انسانية البشر .
نفض الغطاء عنه و هب واقفاً و اتجه لشباك حجرته و فتحها ... لعل هواء الفجر ينعش روحه الصدئة ... لعل هدوء المكان يتسرب الى داخله و يصبغ عليها بعضاً منها.
نفس عميق من سيجارته و رفيقته منذ خروجه ... نعم فهو حبيس حجرته من اليوم الذي خرج فيه من السجن ... كان اجبن من التعامل مع من حوله .... كان اضعف من النسيان و البدء من جديد ... كان متخاذل ليترك اخته تحمل كل المسؤلية وحدها بما فيها مسؤليته هو ... فلولاها لما اضطر للذهاب لجلسات العلاج النفسي التي تكلفها مبلغ ضخم كل شهر و برغم هذا بذلت جهد كبير لتوفير تكاليفها و جهداً اكبر لاقناعه كي يذهب و يلتزم بها ... لا ينكر انها احدثت فارقاً كبيراً معه لكنه مازال عاجزا عن النسيان و التعاطي مع من حوله.
ضرب بقبضته حافة الشباك وقال بصوت مسموع نوعا ما : شفت ايه انت عشان تنهار كده ... حظك الحلو و دعوات ابوك و امك وقفتلك ولاد الحلال و مشفتش حاجة من العذاب اللي كان غيرك بيشوفه.
القى سيجارته و وضع كفيه على وجهه و هو يقول : بس فاكر كل حاجة كانت بتحصل حوليا ... فاكر الظلم و المعاناة و الذل اللي كتير غيري شافوه جوة ... كل ما بغمض عيني بفتكر و كل ما بنام بشوف نفسي مكان واحد منهم ... اسقط كفيه و تهدلت اكتافه و رفع نظره للسماء و قال يااااارب.
ضوء خافت اضاء امامه لينظر برد فعل تلقائي فوجد بالشقة الموجودة بالبناية المقابلة فتاة ترتدي اسدال ابيض تستقبل القبلة و تصلي بكل خشوع ... هو لا يتذكر إن كان رأها قبل ذلك ام لا ... أعاد النظر بينما الستائر تتطاير بفعل نسيم الليل فتظهر الفتاة لحظة و تختفي لحظات ... غض بصره سريعا و هو يستغفر ليغلق شباكه و يبتعد ليجلس بتعب على سريره لثواني ثم ينهض بعزم ليتجه للوضوء كي يصلي قيام الليل و يحمد الله على رسالته له .

انتهى

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

[rontii]

نزلته على مشاركة واخدة لاني ملحقتش اقسمه
شوية و رجعالكو و يارب يعجبكو

[ام زياد محمود]

تسجيل حضور



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 17 والزوار 13) ‏ام زياد محمود, ‏سندريلا هند, ‏ام وزوجه, ‏nouhailanouha, ‏amana 98, ‏امونتى المسكرة, ‏Gehan hassan, ‏sarah anter, ‏Dina abd elhalim, ‏Aloa, ‏Khawla s, ‏مزوووووون, ‏عبير سعد ام احمد, ‏زهرة الغردينيا, ‏Raghad3060, ‏riri.com

[ام زياد محمود]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 17 والزوار 14)

‏ام زياد محمود, ‏سندريلا هند, ‏ام وزوجه, ‏nouhailanouha, ‏amana 98, ‏امونتى المسكرة, ‏Gehan hassan, ‏sarah anter, ‏Dina abd elhalim, ‏Aloa, ‏Khawla s, ‏مزوووووون, ‏عبير سعد ام احمد, ‏زهرة الغردينيا, ‏Raghad3060, ‏riri.com

[عبير سعد ام احمد]

تسلم ايدك ياقمر قصل رائع
نعمة فصلتني ضحك بعد ماكانت هتاكل كريمة باسنانها بسبب غيرتها
علي سلطان رجعت وعزيمتها علي الفخدة الضاني
حودة كمان وهو مفكر ساقية الصاوي ساقية بجد واراضي وكدة
عجبني كلام وفاء اوي مع ابتسام
قلبي وجعني علي اشرف بجد له حق يبعد عن الدنيا كلها
هو اخر شخص ذكر في الفصل مش اشرف صح لان اخته واقفت معاه
وشجعته يروح لطبيب نفسي عكس اشقاء اشرف ولا هو اشرف

[Khawla s]

الفصل بغايه الروعه حبييت مشهد وفاء وابتسام ونعمه كلامهم صح بس العبيطه الخوف مسيطر عليها وحوده عايز يسافر وغيرلها جو يختاااي لو عرف انها بتاخذ حبوب للحمل ليكسر الدنيا😂😂

نعمه متت ضحك كل همها الفخذ الضاني 😂😂من يومها مجنونه على قوله مزززي سلطاني 😂😂

اشرف احزنت عليه حقه يترك اهله ويبعد مش قليله الفضيحه الي حصلت معه والكل اتخلى عنه وبستنى اعرف عنه اكتر
مش هو الي واقف عالشباك 🤔وكريمه هي الي بتصلي

نجم حاسه انه رح يلاقي حلمه وينشهر
تسلم ايدك ياقمر عالفصل الرائع❤❤😘😘

[ولاء حنون]

تسلم ايديكي الفصل رائع جدا 💖

[ام زياد محمود]

الظلم ظلمات يوم القيامه

اشرف الانسان المحب لعمله والمتفانى فيه وقع فى مكيدة وواضح جدا ان حد لفقله تهمه او حاجه حصلت دخل بسببها السجن ومحنته دى فقد بسببها زوجه عديمة الاصل لأنها صدقت على زوجها التهمه وماصدقت طلبت الطلاق واخوات اغبيه كانو اسوء مثال للأخوه بتركهم لأخوهم فى محنته مفيش طبعا كان واثق فيه غير امهوصديق اتعرف عليه من فترة قليله
مالك اللى كان نعم الصديق ودعم اشرف واخته رنا المتذبذة فى مشاعرها ناحية جوزها هى غبيه جدا انها تقبل تعيش كدا فى صراع المفروض هى بنفسها اللى تاخد قرار وتضع حد لجوزها يايكملوا بالمعروف يا كل واحد يروح لحاله وواضح كدا ان اخت جوز رنا تبقى حبيبة مالك

هشام الشاب الطموح اللى نفسه ياخد فرصة فى عالم الغناء حبيت جدا تعامله مع مجاهد وحودة وحب زينه وثقتها فيه

تهانى للأسف بتعانى من تبعات طلقها فى انها لازم تسامح الحيوان اللى فرج عليها الناس بسبب غبائه تحية دى مستفزة ورخمه

اعتقد اللى شاف الكابوس يبقى حازم اللى اتقبض عليه وبقى خايف يخرج للشارع بسبب التجربة القاسية اللى مر بيها والظلم اللى شافه بدون ذنب واللى كانت بتصلى ممكن تكون كريمة المغتربة العائدة وحيدة بدون اهل متهيألى هيكون ليهم قصة حلوة


حبيت جدا نصايح وفاء ونعمه لابتسام اللى بتضيع نفسها بخوفها وتصرفها المنفرد فى تأجيل الخلفه بدون معرفة حودة وهو بيعمل كل حاجه عشان يسعدها اتمنى تعقل قبل ما يعرف الموضوع واكيد غضبه مش هيكون فى مصلحتها ابدا

مجاهد دا عسل بحب جدعنته جدا ووقوفه مع المظلوم وبصراحه المشاهد بتاعته بتجوعنى خالص يارونى

نعمة شربات بتنسى اى حاجه اول ما حد يقولها كلمة حلوه طيبة جدا وقلبها ابيض وغيرتها على سلطان عسل اوى

فصل ممتع جدا جدا تسلم ايدك ياقمر

[ام زياد محمود]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 48 ( الأعضاء 25 والزوار 23)

‏ام زياد محمود, ‏seham26, ‏كريستااال, ‏Aya youo, ‏ناهد احمد+, ‏Fairtulip, ‏Nada Abd Reda, ‏ولاء حنون, ‏أميرةالدموع, ‏هديرخلف علي, ‏نهى حمزه, ‏م ام زياد+, ‏صابرة عابرة, ‏Khawla s, ‏Better, ‏باسم محمد ابراهيم, ‏امونتى المسكرة, ‏عبير سعد ام احمد, ‏ام وزوجه, ‏nouhailanouha, ‏Gehan hassan, ‏sarah anter, ‏Aloa, ‏مزوووووون