مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة *

[rontii]

مساء العسل
انا جيت و معايا فصلين مش فصل واحد
دقايق و انزلهم عشان العيال فوق كتافي 😣😣😣😣
كل الشكر لام زياد محمود لاني طلعت عنيها في التدقيق

[rontii]

الفصل الثالث عشر

بعد عدة أيام

ينظر حوله بانبهار ... يحاول عدم اظهاره لمن حوله ... أخيرا هو هنا ... على بعد عدة دقائق من الظهور لألاف المتابعين ... جاءت أخيرا فرصته الذهبية التي يتمنى أن ينجح بها.
يحمد الله أنه وصل في الميعاد ولم يتأخر نتيجة لازدحام الطرق ... وصوله في آخر اللحظات لم يتيح لهادي سؤاله على هدية لكنه قرأ السؤال في عينيه وهذا يجعله يشعر بعدم الارتياح ...نعم يعرف هادي ويحترمه لكن ليس بالدرجة التي تجعله مطمئن من تواجد اخته معه طوال الفترة السابقة .
هادي بالنهاية نجم شهير بمجال التلحين والغناء احيانا وسيم ... مشهور ... غني ... تثار حوله عشرات الشائعات وبالتأكيد إحداهما أو أكثر صحيحة فهو ليس ناسك ممتنع عن معرفة الجميلات ... من يدريه أنه لم يحاول أن يتجاوز حدوده مع هدية أو حاول أن يتلاعب بمشاعرها ... لا يعلم كيف يتصرف !!! هل يسألها ؟؟ هل يكلمه ؟؟؟ لكن ماذا سيقول له ؟؟ هل حاولت التحرش بأختي ؟؟ هل حاولت استمالتها عاطفيا ؟؟ هل ...
انتفض من افكاره على صوت هادي الحازم وهو يقول : هشام انسى كل اللي بتفكر فيه وركز معايا هنا ... دقايق ونكون على الهوى ... عايزك واثق من نفسك ومن صوتك ...
غني وطلع كل موهبتك بس كل حاجة اتعلمتها تكون في مكانها متجيش في اغنية خفيفة وتضخم صوتك عشان تبين امكانياته ... الشطارة تدي كل اغنية اللي تحتاجه وبس ... فاهمني !!! مش عايزك تخذلني قدام ناس بتثق فيا وفي اختياراتي ....
لما تسألك تكون على طبيعتك اوعى تتصنع حاجة مش حقيقية فاهمني!!
أومأ بالموافقة وقال : إن شاء الله خير .

في منزل هشام يجلس كل من والده ووالدته جوارهما زينة وهدية وهاني الاخ الأكبر لهشام... في انتظار ظهوره وكل منهم يدعو أن يوفقه في ظهوره ... تتحسر هدية على غباءها الذي أضاع منها أن تكون جواره بهذه اللحظة برغم وعد هادي بإقناعه لوالدها بأن تحصل على فرصة مماثلة .
لكنها بنفس الوقت سعيدة لأخيها وتدعو أن يحقق كل ما يريده .
زينة ايضا في غاية السعادة برغم خلافهما الأخير معه إلا أنها مؤمنة بموهبة هشام وصوته الأثير .
أما على القهوة يجلس سلطان يدخن الشيشة جواره فاندام يشرب قهوته الخاصة وأحد سجائره وجوارهما الطوربيدو يرتشف رشفة من كوب الشاي باللبن الخاص به وأمامه طبق من الفويل تتراص داخله قطع من البسبوسة بالقشطة يأكل منها بتلذذ ويضع منها لسلطان وحوده في أطباق صغيرة يقسم عليهما أن يأكلا معه ... عيونهم وباقي رواد القهوة من سكان السوق على شاشة التلفاز في انتظار ظهور هشام النجم ... الكل يدعو له بالتوفيق والنجاح فهم بالنهاية أسرة واحدة يتمنوا الخير لبعضهم البعض .
حتى مالك وأشرف يجلسا على الطاولة المجاورة لطاولة مجاهد وفي انتظار ظهور النجم الذي تعرفا عليه خلال اقامتهما هنا بالسوق من أشهر قليلة .
وبظهور النجم مع الملحن المشهور صمت الجميع يستمعوا للقاء بكل فخر وسعادة وأمنيات بالنجاح والتوفيق .

كااااااات
وأخيرا نفس عميق وعدة محاولات لعودة نبضات القلب لوضعها الطبيعي بعد أن تزايد عددها في الساعة الأخيرة .
صوت المذيعة : هايل يا هشام صوتك تحفة ... ثم نظرت لهادي وأضافت : طول عمرك بتختفي حبة وتطلع بصوت زي الالماس يا استاذ .
ابتسم هادي بثقة وقال : المهم الناس تقدر قيمة الألماظ ونترحم من الأصوات العجيبة اللي بتطلعلنا كل يومين تلاته .
نظر لهشام وقال : يا لا يا اتش مش عايز اتأخر عن كده ورايا مشاوير مهمة .
خرج هشام وجلس جوار هادي بسيارته وقال : تفتكر الناس عجبهم صوتي ؟!!
أومأ الأخر بثقة وقال : طبعا عجبهم ... انت غنيت حلو أوي والأحلى كانت اجباتك على الاسئلة ... تعليمك ... شغلك ... اهلك ....
شوف يا هشام أهم حاجة في الوسط ده الثقة والثقة مش بس في أن صوتك حلو لاء الثقة إنك متشوفش شغلتك نقطة ضعف أو تعليمك حاجة تتكسف منها ... طول ما انت بتفتخر بأهلك وشغلتك هتكبر في عين الناس أكتر .
أومأ هشام وقال باستنكار : هو أنا ممكن اتكبر عليهم ... أنا من غيرهم مليش لازمه ... أهل الحتة كلهم ليهم أفضال عليا من أول فاندام اللي عرفني بيك لحد كل واحد سمعني وعجبه صوتى .
ضحك هادي وقال : هو كل الأسامي كده عندكو انت النجم وهو فاندام وحكتلي على حد اسمه الطوربيدو .
ابتسم هشام وقال : أنا معرفش الأسامي دي بتطلع ازاي ومين اللي بيطلعها ... ضحك ثم اضاف : حتى اسمى معرفش مين اللي طلعه عليا ...
بس كل اسم لايق على صاحبه ... فاندام معروف في الحته بإنه اممممم فاندام ... اقصد مش بلطجي لكن زي ما بيتقال فتوة الناس الغلابة .
الطوربيدو ده أشهر محامي بالمنطقة تشوفوا تقول مجرد محامي عادي ... لكن تتعامل معاه تلاقي سرعة بديهة وتركيز مفيش منهم تحسه فعلا طوربيدو .
كان هادي يبتسم بسعادة داخلية لنبرة الفخر بكلمات هشام ... نادرا ما تعامل مع ناس من بيئة متواضعة ووجدهم يفتخرون بهذا، بالعكس دائما يشعر بهم يتنصلوا من أصولهم البسيطة بعكس هشام ... حتى هدية حاولت في البداية أن تصطنع ما ليس فيها لكن فشلت تماما بعد أول خمسة عشر دقيقة وعادت للفتاة البسيطة الشعبية حتى وإن لم تعترف .
وبذكر هدية قال هادي : كنت عايز أقابل والدك .
نظر له بصدمة وقال : ليه فيه ايه ؟!!!
ابتسم هادي وقال وهو يعود بتركيزه للطريق : اتخضيت كده ليه ... كنت عايز اتكلم معاه بخصوص هدية ... عايز اعرف هتقدر تكمل ولا وقتي معاها ضاع على الفاضي .
شعر هشان بالتوتر وعدم الارتياح بينما هادي يكمل : هدية صوتها هايل وخسارة موهبتها تدفن ... اختك ميتخفش عليها بنت بمية راجل زي ما بتقول ... وبعدين انت هتكون معاها خطوة بخطوة وأنا كمان هحافظ عليها زي اختى .
بداخله يضحك بسخرية على أخر جملة لكنه يجب أن يقنع هشام ... حتى يفكر جيداً بالخطوة القادمة .
زاد توتر هشام بالرغم من كلمات هادي المطمئنة وقال بعد عدة لحظات : هاكلم بابا النهاردة وأشوف رأيه واظبط معاه معاد بإذن الله .

[rontii]

تشعر بالسعادة منذ الأمس ... قد تكون معرفتها بالنجم ليست قوية لكنه ابن المنطقة وهذا يكفي لتفرح له وتتمنى أن يصل لتحقيق حلمه فهي لم ترى منه إلا كل خير هو واخوته ... ما يجعلها سعيدة هو استطاعته للوصول لحلمه ... نعم تعلم أنه لم يصبح نجم شباك أو حتى اصدر أحد السي ديهات أو قام بعمل حفلة ما ... لكن يكفي أنه وضع قدمه على أول الطريق وواثقة أنه بالمثابرة والأصرار سوف يصل ... هل ستتمكن بأحد الأيام من تحقيق حلمها !!!!
ما هو حلمها بالأصل لتحققه ؟؟ ارتخت اكتافها بانهزام وهي تفكر ... هي ليس لها حلم ... ليس عندها موهبة ... لا يوجد لها طموح للوصول لهدف محدد كل ما تفعله جيد لكن لا يصل لدرجة الموهبة تطبخ جيدا لكن ليس بجودة وفاء ... صوتها لا بأس منه لكن لا تصلح للغناء كهدية ... تخرجت بتقدير مقبول وهذا لا يؤهلها لعمل دراسات وحتى لو أمكن هي لا ترغب باستكمال دراستها ... حتى عملها قد يقوم به أي شخص مثلها أو حتى أقل منها ... اصبحت بالآونة الأخيرة تقرأ كثيراً ما بين كتب تثقيفية وروايات رومانسية ولكن هل هذه موهبة قد توصلها لشيء ما في أحد الأيام .
حتى الزواج فشلت باختيار زوج جيد بل فرض عليها فرض ادى لفشل الزيجة قبل أن تبدأ .
نهرت نفسها وقالت : هو أنا بس اللي كدة يعني وكل واحدة لازم يكون عندها موهبة وحلم وطموح ... الكل عايز يتجوز ويخلف وخلاص وأنا بنت مين في مصر يعني عشان اكون مختلفة .
قطع حديثها مع نفسها دخول أحد الـ .... حقا لا تعلم التصنيف أنسة ... مدام ... سيدة ... هي كائن هلامي تضع الكثير من المساحيق وترتدي ملابس .... تكاد تتقطع عليها ... ترتدي الكثير من الحلي وتملك هاتف باهظ الثمن ... لماذا تأتي مثلها بحي شعبي كهذا لدكتور نساء ليس بالشهرة الواسعة إلا إذا .... : اتلمي يا تهاني وبلاش سوء الظن ... الدكتور مدحت فعلا لقطة بس مش لدرجة تيجي مخصوص تعاكسه هنا .
اقتربت الفاتنة وقالت بدلال مفتعل : لو سمحتي يا مدام عايزة احجز كشف
قالت بعدائية : أنسة يا مدام أنسة .
قالت الأخرى بميوعة وهي تقيمها : اممم مش باين ... المهم عايزة كشف مستعجل .
ضيقت عينيها وشكها تجاهها يزيد لكنها اخذت بيناتها وثمن الكشف وقالت : طب اتفضلي لحد ما يجي عليكي الدور قدامك حالتين .
جلست الفتاة تنظر بهاتفها بتركيز حتى حان الدور عليها .... وكالعادة لم تأتي سارة اليوم والدكتور مدحت لا يرافقه أحد أثناء الكشف إلا إذا طلب منها مساعدة المريضة إن لم يتواجد معها أحد من أسرتها .
عدة دقائق مرت على دخولها ولم يطلبها الدكتور ... بدأ القلق يساورها فهذه الفتاة شكلها غير مريح ... كالعادة تصرفت قبل أن تفكر واتجهت لحجرة الكشف وطرقت على الباب ثم دخلت سريعا لتجد الفتاة تجلس على حافة المكتب قريبة جدا من الدكتور تمسك يده وكأنها ترجوه للقيام بشيء ما بينما يجذب يده وملامحه صارمة ... غاضبة .
وضعت يدها بخصرها وقالت : مطلبتنيش يا دكتور عشان أساعد حضرتك في الكشف .
نظر لها وأخذ نفس عميق وقال بحزم : بنت حلال يا تهاني ... كنت لسه هاطلبك ... اتفضلي وصلي الأنسة لبرة ثم نظر للأنسة وقال : اتمنى إني وضحت ليكي الموضوع وخطورته .
قالت الأخرى بعصبية : يعني مفيش أمل توافق .
قال بغضب : لا طبعا لا يمكن واتفضلي متضعيش وقتي أكتر من كده .
نظر لتهاني وقال : تهاني سلمي للأنسة تمن الكشف أنا مكشفتش عليها .
بعد أقل من دقيقتين عادت له تهاني وهي تستشيط غضبا وقالت : البت دي كانت عايزة ايه ... دخلتها مكنتش عجباني وشكلها مش تمام .
تنحنح مدحت ولم يرد فهو لا يريد احراجها وبنفس الوقت لن يخرج أسرار مرضاه حتى وإن لم يقبل ما عرضته عليه ... هو معتاد بحكم عمله بين كل فترة وأخرى بإحداهن تطلب منه إما عملية اجهاض أو ترقيع وبكل الأحوال يرفض .
عندما صمت ولم يرد نظرت حولها تتأكد من عدم وجود أحد معهما وقالت : مش مهم كانت عايزة ايه المهم إنها محولتش تعاكسك كده ولا كده ... وكويس إني دخلت بالوقت المناسب قبل ما نعملها قضية تحرش .
انفجر ضاحكا من كلامها وقال مجاريا إياها : لا متقلقيش عليا أنا بعرف ادافع عن نفسي كويس يا تهاني وبفكر أجيب صاعق كهربائي عشان لو بنت حاولت تطول ايدها ولا حاجة أعرف اصعقها .
ابتسمت وقالت : انت كده بتتريق عليا على فكرة يعني ... بس مش مهم ... المهم أنها مشيت كانت شافطة الأوكسجين بتاع العيادة كله ... ومن أول ما دخلت قلت دي مش جاية تكشف دي جاية لحاجة تانية .
قال بتساؤل محاولا إطالة الكلام معها لأطول فترة ممكنة متناسيا مرضاه بالخارج ورغبته بالنوم والراحة ... فقد اصبح الحوار مع تهاني قمة الراحة : حاجة تانية زي ايه يعني !!!
ذهبت لسرير الكشف وقامت بترتيب المفروشات عليه والتأكد من وجود مناديل كافية وقالت : انت اصلك مش عارف قيمة نفسك دكتور ناجح اخلاق وشهم وفوق كل ده وسيم أكيد قالت تدلع عليك يمكن تطب وتتجوزها .
انفجر ضاحكا مرة أخرى وهو من كان يعتقد أنها فهمت الغرض من زيارة هذه الفتاة اكتشف أنها أكثر سذاجة من هذا .
لا يهم ما يهم ما قالته عنه ... ماذا قالت !!! اه نعم اخلاق وشهم ووسيم ... هل هكذا تراني بعينيها الجميلة الواسعة ... وقالتها بفمها الصغير المحتاج للكثير من القبلات كمكافأة على ما تفوهت به .
تنحنح وهو يحاول تنحية أفكاره المنفلتة جانبا قال : سيبك مني وقوليلي طنط عاملة ايه معاكي !!!
قالت ببلاهة : طنط مين ... اه تقصد ماما يعني ... عادي يا دكتور جيبالي الأسبوع ده حتة عريس لقطة ... اه ما احنا كل اسبوع عريس واحيانا اتنين حسب التساهيل يعني .
وقع قلبه من كلامها هل ستتزوج وترحل بهذه البساطة ... سمعها تكمل : المرة دي بقى العريس ارمل وأكبر مني بـ 17 سنة ومعاه ولدين ... ولدين يا دكتور مش ولد واحد وكمان تؤام و عندهم 18 سنة ... شفت بقى لقطة ازاي .
تنهد براحة وهو يقول بضيق من تصرفات والدتها رغما عنه : ليه مامتك مصرة تجيبلك عرسان مش مناسبين ... طيب والدك رايه ايه ؟
قالت بتأكيد : لا بابا بيرفض حتى يدخلهم البيت بس الموضوع كله بيضايقني يا دكتور .
قال : حاولي متزعليش نفسك وبعدين انتِ لسه صغيرة جواز ايه ده اللي مستعجلين عليه ... ما أنا أهو فوق الـ 35 ولسه مفكرتش في الجواز .
وفجأة شعرت تهانى بضيق لمجرد فكرة زواجه لكنها قالت بكل بصدق : أهو أنا بقى هتجنن واعرف السبب يا دكتور ... يعني انت ايه اللي يمنعك تتجوز ... أنا مثلا كل اللي بيتقدموا ليا أشكال غلط مفيش حاجة في إيدي ،
لكن انت تحط رجل على رجل وتختار ... ثم أضافت بتحسر : أصلك مش عارف قيمة نفسك على فكرة يعني .
ضيق عينيه وهو يفكر كأنها قالت اكتشاف نظرية النسبية أو حتى سر القنبلة الذرية ... زواج ... نعم ببداية افتتانه الطبيعي بها برر لنفسه امكانية ترشيحها كزوجة لكنه انشغل بهذه الفكرة بأفكاره اللأخلاقية تجاهها واصبح لا يفكر بها إلا كأنثى جميلة فاتنة مثيرة للغاية ... إذن لماذا يرهق نفسه ويفتك بأعصابه وأمامه الحل واضح كوضوح الشمس لكنه برغم عقليته العملية تناساه ... صدق من قال أن التعليم شيء والخبرة الحياتية شيء أخر ... نظر لها بعمق يبحث عن تأكيد منها لمشاعرها تجاهه لكنه خائف من الفهم الخاطئ فقال بعد فترة صمت مغيرا الموضوع : مش ملاحظة إنك قلبتي على مامتك شوية وحبة كمان هتبدأي تجبيلي عرايس .
شهقت ووضعت يدها على صدرها وقالت باستنكار : لالالا امي ده ايه ... براحتك يا دكتور تتجوز متتجوزش انت حر ... قال امي قال ... أنا بس خايفة على مصلحتك على فكرة يعني .
ابتسم لطريقتها وقال : أنا عارف طبعا إنك خايفة على مصلحتي بس يمكن تقولي لسه خايف اخد القرار وأنا متأكد من صحته مية في المية ... القرار مش سهل ابداً لدكتور اغلب وقته مش ملكة يا مستشفى يا عيادة يا رسالة دكتوراه ومذاكرة ... مش أي واحدة تتحمل كده .
تنهيدة طويلة ثم قالت بحزن : مش بقولك مش عارف قيمة نفسك ... انت الف واحدة تتمناك .
ثم نظرت في الساعة وشهقت وقالت وهي توبخه كأنه هو السبب : بقالنا ربع ساعة نازلين رغي والناس برة زمانهم طفشوا ... ده مش اسلوب على فكرة يعني .
ثم فتحت الباب وخرجت لتدخل المريضة التي عليها الدور بينما ابتسامته تتسع شيئا فشيء لتنقلب لضحكة رائقة .

[rontii]

في جلسه نسائية قليلا ما تتكرر لانشغال كل منهن بحياته ومسؤلياته لكن اليوم اجتمعن للمباركة لابتسام والاطمئنان على حال كل منهن .
قالت عاليا بشقاوتها المعهودة : مبروك يا عسلية ... بس يا ترى الواد هياخد حلاوة ابوه ولا جنان امه .
ابتسمت عسلية وقالت بفخر : لو خد نص حلاوة ابوة البنات هتقف طابور على بابنا .
ضحكت هدية وقالت تقلد عزف الكمان : تيرارار فينك يا فاندام تسمع الغزل العفيف .
لكزتها عسلية وقالت : بس يا موكوسة مش كان زمانك قاعدة جمب اخوكي من يومين وطالعة في التليفزيون .
لوت شفتيها وقالت : وأنا كان ايه يعرفني إن هادي ناوي يعمل كده .
لعبت عاليا حاجبيها قائلة : مالك يا هدية صوتك بيقلب على شادية أول ما بتقولي اسمه كده ليه !!!
تنهدت بحالمية وقالت : بحبه يا بنات بحبه ... انتو اخواتي ومفيش غيركو احكيلوا ... اختكو اتهبلت وحبت ولا طالتش .
شهقت نعمة التي كانت تستمع لحوارهم بعدم تركيز لانشغالها مع الصغير وقالت : يالهوي عليكي يا هدية انتِ اتجننتي رسمي ...
يعني أنا لما حبيت سلطان كنت شايفة الموضوع صعب أوي وأنا وهو من نفس الطينة وانتِ رايحة تحبي واحد زي هادي ... ده أنا شوفته امبارح وأنا بتفرج على الحلقة يا بت ده بينور في الضلمة .
كتمت عاليا ضحكتها بينما قالت هدية بحزن : وهو كان بمزاجي شوفتي انتِ بتتكلمي عنه ازاي من لقطتين في برنامج لكن أنا كل يوم والتاني معاه نفطر سوا نهزر نغني أبقا مجنونة أو مش طبيعية لو محبتوش .
قالت تهاني وهي تفكر بحالها مع مدحت ... هل من المكن أن تكون أحبته أم أنه .... نطقت قائلة : مش يمكن تعود ... شخص بتشوفيه كل يوم بقى جزء أساسي فى حياتك فافتكرتي إنه حب وهو مجرد تعود وراحة بينكم في الكلام مش أكتر .
صمتت تفكر ثم قالت : وتفكيري فيه طول اليوم وغيرتي عليه من اي حد يقرب له ... خوفي إنه مقدرش أشوفه تاني ... كل ده تعود !!!
ارتجف قلب تهاني من وصفها لكنها انكرت وبشدة ما تشعر به .
كانت كريمة صامتة سارحة بالأيام الماضية التي لم يسأل حازم عنها خلالها وتفكر هل تراجع عن طلبه أم ماذا لكن نحت أفكارها وقالت : المشاعر مش بإدينا بس طالما مفيش أمل يشوفك ويحس بيكي يبقى البعد أحسن ... حتى لو هتنسي حلمك .
شهقت هدية وقالت : لا أبعد مين أنا ممكن اشطب حلمى من دماغي ده خالص لكن أبعد عن هادي مستحيل ... الفكرة نفسها توجع القلب .
قالت عاليا بعقلانية : ووجودك جمبه يوجع القلب أكتر لأنه في يوم من الأيام هيحب ويتجوز وانتِ راهنة حياتك يمكن يشوفك ... ده جنون ... ومتقوليش إن الحب من غير أمل اسمى معاني الغرام ... لا يا حبيبتي الحب من غير أمل اسمى معاني الهبل .
قالت ابتسام : شوفي يا هدية حالتك ملهاش غير حلين الأول تبعدي والتاني تخليه يحبك .
لوت وفاء فمها والتي كانت مشغولة بمكالمة هاتفية مع والدتها واستمعت لأخر جملة فقالت : هو زرار يا عسلية ولا أمر عسكري دى مشاعر وأحاسيس .
قالت ابتسام : أوقات كتير بنكون بنحب ومش واخدين بالنا ... زي ما حصل مع سلطان ونعمة ... فضل يقولها زي حبيبة زي حبيبة لحد ما جالها العريس وخاف تضيع من إيده وقتها بس اكتشف إنه بيحبها .
ابتسمت نعمة وقالت : ياختي متفكرنيش ده كان هيجنني ... ده أنا كنت بمشي أكلم نفسي منه ... بس الحمد لله عقل وعرف مصلحته فين .
ضحكت عاليا وقالت : والله انتِ و هو زي العسل نفسي قصة جوازي تبقى فيها لف ودوران زيكو كده .
قالت ابتسام وهي تضيق عينيها : وانتِ مفيش حاحة كده ولا كده يا لولو .
حركت فمها يمين وشمال وقالت بتهكم : منين يا حسرة انتِ تعرفي عني كده برضو .
سألت بطريقة المحقق كونان : يا بت بقالك بتاع شهرين رايحة جاية مع البشمهندس الجديد ده ومش عارفة تجيبي رجله .
شهقت برعب مصطنع وقالت : أنا وأشرف اخس عليكي ... ده واحد بيضحك مرتين في السنة مرة في عيد العمال ومرة في عيد تحرير سينا وأنا مببطلش ضحك ... يعني إننا نتفق ده في حد ذاته جنون .
قالت ابتسام بذكاء : أهى دي بقى الحكايات اللي دايما بتخلص بنهاية سعيدة .
ضحكت عاليا بتعجب من الفكرة الغير قابلة للتصديق وقالت : إلا حكايتنا يا بنتي أنا وأشرف يا هيموتني من الرعب بسبب سواقته يا هموته من الشلل من كتر التفاؤل اللي مش شايف له أي معنى .
قالت لها : طب عيني في عينك كده ملفتش نظرك ... يعني مهندس و حليوة و اسكندراني يعني هتصيفي ببلاش يا هبلة.
قالت هدية بغضب : أنتو سايبين مصيبتي وقاعدين تقنعوا نفسكوا بقصة حب مش موجودة أصلا ... عايزة أعرف أهبب ايه أنا دلوقتي .
قالت تهاني بهم وحزن : إحنا مش بنختار يا هدية ... شوفي بابكي هيقولك ايه تكملي أو لاء لو كملتي حاولي تلفتي نظره ولو مكملتيش يبقى مفيش حاجة بإيدك تعمليها .
قالت وفاء : كلام تهاني صح هي خطوات مرسومة وإحنا مجرد بنمشي عليها خطوة بتسلمك للتانية وكلها مشيئة ربنا لو مكتوب لك هادي يحبك حتى لو محبوسة في قمقم هيقدر يوصلك .

[rontii]

صباح اليوم التالي.

وقفت بإنهاك أمام حوض الحمام تحاول الاستقامة لتفاجئ بحودة خلفها يسندها ويفتح المياه ليغسل وجهها بكل حرص .
اغلق المياه وأحضر المنشفة وهو يقول باهتمام حقيقي : تحبي نروح للدكتور !!! دي تالت مرة تجيبي اللي في بطنك في اقل من ساعة .
لم تجد القوة للاعتماد على نفسها فأسندت رأسها على صدره قائلة : مكنش مفروض اكل البرتقان ... بس كان نفسي فيه أوي ... اكلته من هنا ومعدتي قلبت من هنا .
قربها أكثر له وهو يقبل أعلى راسها وقال : فترة وتعدي بإذن الله وبعدها تعوضي وتاكلي كويس عشان صحتك وصحة اللي فى بطنك .
رفعت نظرها له وقالت : خايف عليا يا حودة .
زفر بحنق وهو يجذبها خارج الحمام وقال : هتفضلي طول عمرك غبية يا ابتسام .
قالت بعصبية وهي تبتعد : عسلية .
نظر لها بعدم فهم ليجدها تقول : اسمي عسلية مش ابتسام ... ابتسام ده بتاع نصبة الشاي ... لكن عسلية ده اسمي اللي انت سمتني بيه من أول ما حبتني ... اسمي اللي حرمتني اسمعه منك من يوم ما حصل اللي حصل .
ابتسم ابتسامة جانبية لم تفهم معناها وقال وهو يرفع يده باستسلام ضاحك : تمام تمام ... دلوقتي انتِ عسلية لكن وقتها كنتي ابتسام بنت صباح ... اللي زنها وكلامها الفارغ أثر على كهربة المخ عندك وخلاكي تغلطي غلطة زي دي ... من امتى يا ابتسام بتسمعي لامك ها ... طول عمرك ماشية ورى دماغك ولما هي تقول شمال انتِ تقولي يمين ولو فيها موتك .
قالت تدافع عن نفسها : كنت خايفة .
انفجر : خايفة من ايه فهميني بقالنا سنة متجوزين تقريبا عملت ايه يخوفك ... خونتك !!! رجعتلك وش الفجر شارب !!! ولا يمكن قاعد من غير شغل وانتِ اللي بتصرفي عليا .
نظرت للأرض كطفلة مذنبة وقالت : خفت تتغير والاقيك مش جمبي وارجع لهم تاني يبيعوا ويشتروا فيا .
قال غاضبا : ده اللي تعرفيه عني ... حتى لو اتغيرت أخري هاعمل ايه ... أنا زي ما أنا من وقت ما عرفتيني وما اتعدلش الحال إلا أخر سنتين بس لا عمري هينتك ولا استقويت عليكي ... وانتِ عارفة كويس إني وقتها لو كنت عايز اتجوزك كنت هاعملها غصب عنك وعن أهلك كلهم ... بس أنا قلت مبقاش راجل لو اتجوزتك غصب ... يبقى اجي دلوقتي وافتري عليكي !!!
اقرت بذنبها قائلة : بعد اللي حصل معملتش حاجة غير إني بفكر في كل اللي بتقوله ... اكتشفت قد ايه كنت غبية وحمارة ... قد ايه خوفي منهم خلاني ابوظ حياتي ... قد ايه إني ضعيفة برغم إن الكل فاكرني قوية .
اقتربت منه تتمسك بكفه الضخم وقالت : أنا غلطت ومعترفة ... سامحني يا حودة خلينا نبدأ من جديد وننسى اللي حصل واوعدك ما هعمل أي حاجة قبل ما ارجعلك .
رفع يدها وقبلها وقال : مش بقولك غبية يا عسلية هو لو مكنتش سامحتك كنت هابقى واقف كده معاكي ... كنت عملت كتير أوي بس مهونتيش عليا ... بس كان لازم افهمك غلطتك في حقي .
لفت ذراعيها حول خصره وقالت : أنا بحبك أوي أوي يا حودة ... انت احلى حاجة حصلت فى حياتي .
جذبها لحضنه يعوض اشتياقه لها بالأيام الماضية وقال : وأنا يا بت مقدرش أعيش من غيرك .
تسألت : يعني خلاص مش زعلان صح !!!
وضح : لا طبعا زعلان بس بنفس الوقت فاهم سبب قرارك الغبي عشان كده هحاول انسى .
أومأت موافقة وقالت : أيوة صح ... انسى واوعدك غبائي مش هيتكرر تاني .
************


رن الهاتف برقم حبيبها لتفتح الخط سريعا فمنذ حلقة الأمس وظهور هشام على التلفاز وهي تكاد تطير فرحا وخصوصا بعد أن عرفه بعض الناس اليوم أثناء تجولهم بأحد المحلات لشراء ملابس جديدة له .
تتذكر فرحته عندما تعرفت عليه طفلة صغيرة وطلبت أن تلتقط له صورة قائلة له أنه مشهور لأنه ظهر بالتليفزيون .
تعلم أن الطريق أمامه طويل وأن هناك الكثير من المشاكل ستواجه علاقتهما بحكم طبيعتها الغيورة وطبيعة عمله الجديد لكنها تتمنى أن يستطيع تحقيق حلمه وتكون معه خطوة بخطوة .
ندائه لها جعلها تدرك استغراقها في افكارها لتضحك وهو يقول : عم يا صاحب الجمال ارحمني ده أنا ليلي طال ... شوف لي جمال على قد الحال يعوض صبري اللي طال
عم يا صاحب الجمال الجمال .
ضحكت بسعادة وقالت : يا سيدي يا سيدي اخيراً رضيت عني وبتغنيلي كمان .
قال بصوت منشرح : على طول راضي عنك يا زوزو بس انتِ اللي كنت زعلانة ولا نسيتي .
قالت بدلال : لا منسيتش بس غصب عني يا حبي وانت عارف .
ضحك بثقة وقال : هو لو مكنتش عارف كنت هاسكت لك ... كنت هاجي اكسر عضمك .
تأففت باصطناع وقالت : ولا تقدر تحط إيديك عليا .
ضحك بصوت عالي وقال : ده أنا مستني اللحظة اللي اقدر احط ايدي عليكي يا زوزو ... هتشوفي اللي هيجرالك .
احمر وجهها من وقاحته وقالت : اتلم يا نجم بدل ما اشتكيك لعمو .
ثم قال الجملة الشهيرة لكل شباب الجيل : يا بت انتِ مراتي ... مخطوبين لبعض من وانتِ في اللفة وكلها كام شهر والبلية تلعب ونتجوز .
قالت متهربة من كلامه خجلا : صوتك قلقان يا هشام مالك .
زفر بحنق وقال : انتِ الوحيدة اللي بتفهميني يا زوزو .
الحت : طب احكي لزوزو يمكن ترتاح .
قال : هادي عايز يقابل ابويا عشان يقنعه إن هدية تغني ويتولى هو مسؤوليتها ... طيب ولو بابا رفض هيرضى هادي يكمل معايا ولا هيقفش ويخلع ولو بابا وافق مش هبقى مطمن غير وأنا مع هدية خطوة بخطوة وده ممكن يعطلني ....
مش أنانية مني يا زينة إني أفكر بنفسي بس ما صدقت الفرصة جات ...
هدية ماسكة في الموضوع كأنه لعبة ... صوتها حلو ويمكن أحسن مني بس متأكد بمجرد ما تتجوز وجوزها يرفض الغنى هتنسى كل حاجة وترميها ورى ضهرها .
قالت بتعجب : وليه افترضت إن جوزها هيرفض مش ممكن يشجعها .
قال بإقرار : الراجل بطبعه ميحبش مراته تبقى أحسن منه ... أي راجل ده اللي يوافق يبقى في الشارع والكل بيشاور على مراته ولا واحد يوقفها ويسلم عليها ومش بعيد يبوسها تعبير عن إعجابه بفنها ... ولو وافق بالأول يبقي حاجة من الاتنين يا طمعان فيها وشهرتها وفلوسها اللي بتجيبها من الغنا يا السكينة سرقاه وبعد الجواز هيرفض وتبدأ المشاكل ويحصل طلاق .
شهقت زينة قائلة : يالهوي عليك يا هشام انت قعدت تفكر في كل ده حب وجواز وطلاق ... كل ده عشان عايزه تاخد فرصتها .
قال بعصبية : لازم أفكر يا زينة دي اختي ... مش تحكم فيها بس خايف عليها وخايف على فرصتي ... كنت فاكرك هتفهميني .
قالت سريعا : فهماك والله العظيم فهماك بس انت بتفكر لبعيد أوي واحنا مش ضامنين الوضع لأسبوع قدام مش يمكن حاجة تحصل وتقلب كل الموازين ... ممكن منتج بعيد عن هادي يكلمك ... ممكن هي لما تدخل في الجد ميعجبهاش الحال وتبعد من نفسها ... أو يمكن تحب وتتخطب قبل ما تكمل مشوارها ... سيبها على الله يا هشام ... زي ما جاتلك فرصتك لحد عندك هتدبر باقي الأمور لوحدها .
قال براحة : أنا قلتلك إني بحبك النهاردة .
قالت بتنهيدة سعيدة : لا شكلك نسيت .
ابتسم وقال : بحبك أوي يا زينة ونفسي اتجوزك في أسرع وقت ... ربنا يقدرني وأقدر أوفر قرشين نقدر نفرش ونعمل الفرح بيهم .
قالت بسعادة وتمني : يا رب يا هشام يقرب البعيد يا رب .

[rontii]

تأفف بعدم صبر ها هو أسبوع يمر بدون رؤيتها وهشام لمدة ستة أيام لم يحدد ميعاد مع والدها وفقط بالأمس قال له أن والده ينتظره غداً ... برغم نبرة الشك بصوت هشام وسؤاله أكثر من مرة ليتأكد من أنه سيزور بيتهم المتواضع بأحد الأحياء الشعبية لكنه أكد عليه حضوره بالميعاد المتفق عليه .
من كان يظن أن بُعدها سيتسبب في هذه الحالة من الضيق والغضب لغيابها ... يكلمها يوميا يستمتع بالحوار معها بأي شيء وكل شيء لكنه ببساطة يريد أن يراها ... يتناول إفطاره معها ... يضحك لها ... يرى ردود أفعالها المميزة والمختلفة ... لهذه الدرجة اصبحت هدية ذات قيمة بحياته !!!
لن ينكر أنها شغلت قلبه قبل أن تشغل عقله لكن لا يعلم خطوته القادمة معها كل ما يدركه أنه يريد أن يراها فقط .
ها هو أمام منزلها بيده علبة من الشوكولاتة وباقة ورد وحقا لا يعلم سبب إحضاره هذه الباقة غير أنه تخيل فرحتها بها .
دقائق وكان يجلس في صالة المنزل المصمم كأغلب البيوت المصرية القديمة .
يجلس أمامه هشام والأخ الأكبر هاني ... يكاد ينفجر ضاحكا من نظرات هشام المستنكرة لباقة الورد ... بينما الأخ الاكبر هادئ وصامت كأن الأمر لا يخصه .
بعد لحظات دخل والدهم بهدوء ورحب به .
بدأ هادي الحديث محاولا تنسيق الكلمات التي ولأول مرة غادرته فوجد نفسه يتكلم في شتى الأمور إلا ما اتى له فقال : سعيد إني اتعرفت بحضرتك ... بصراحة هشام والأنسة هدية قمة الأخلاق والأدب اكيد راجع لتربية حضرتك .
ربت الأخر على صدره وقال : تسلم يا استاذ ... الشرف لينا هشام طول اليوم في سيرتك بيعزك ويحترمك جداً .
ربت على قدم هشام الجالس جواره وقال : هشام اخ صغير أدب وصوت وموهبة محدش يقدر ينكرها وقريب هيكون له مستقبل هايل في الغنا .
قال الآخر بتساؤل : هشام بس ... طب وهدية !!!
اختارت هدية هذه اللحظة لتدخل تحمل بيدها كاسات زجاجية مليئة بأحد المشروبات الغازية ترتدي فستان ناعم من الشيفون الروز وتجمع شعرها بديل حصان مرفوع وتضع القليل ... القليل جدا من مساحيق التجميل ... رقيقة ... ناعمة ... غير متكلفة كما عرفها دائما .
وجد نفسه يقف ويذهب لها في خطوة أثارت تعجب من حوله بما فيهم هدية ... تناول منها الصينية ووضعها على الطاولة الخشبية وجلس وما زال ينظر لها ليجد نفسه يقول فجأة : أنا جاي النهاردة طالب إيد هدية وأتمنى ان حضرتك مترفضش .



انتهى
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

[rontii]

الفصل الرابع عشر


وجد هادي نفسه يقول فجأة : أنا جاي النهاردة طالب إيد هدية وأتمنى ان حضرتك مترفضش .
شهقت هدية بصدمة بينما وقف هشام بغضب أما هادي ... هل حقا ما قال ... طلب يدها ... يريد الزواج ... هكذا بدون تفكير ... تخطيط ... أخذ رأيها ... إبلاغ جدته !!!
هو هادي الشريف الذي تخيل لحظة إختياره لشريكة حياته بآلاف السيناريوهات وأبداً لم يكن ما حدث الأن من ضمنها ... هل أصابه الجنون ... أم تعاطى أحد المحظورات قبل حضوره .
قطع الصدمة التي حدثت للجميع صوت والدهم الذي قال : هاني خد اخواتك وسيبوني مع الاستاذ هادي .
لماذا يشعر أنه عاد طالب بالمرحلة الابتدائية وناظر المدرسة سوف يوبخه على مغازلته لزميلته بالفصل .
تنحنح وقال : أنا اسف على الطريقة اللي اتقدمت بيها ... ثم ابتسم بإحراج وقال : الصراحة مكنتش مخطط وإلا كنت أخدت رأي الأنسة هدية وبلغت هشام وجبت جدتي معايا .
قال الآخر بهدوء حازم : وليه عايز تتجوز بنتي؟؟
نظر له بعدم فهم ليوضح الأخر : اقصد اخترتها هي ليه ... أكيد حواليك بنات كتير أحلى منها ومستواهم أعلى منها ومن نفس الوسط بتاعك يعني هتفهمك أكتر من بنتي ...
خصوصا إن الجرايد كل يوم والتاني بتنشر ليك أخبار جديدة مع واحدة شكل ...
ولا انت شفت في بنتي صوت حلو ومغنية تقدر تنجح فقلت تتجوزها وتشهرها وأكيد هيكون نجاح وشهرة ليك .
كان هادي بالبداية غير منتبه لمغزى الكلام إلى أن وصل لأخر جملة فانتفض قائما وقال بغضب محاولا التحكم بأعصابه حتى لا يخطئ بكلمة في رجل بعمر والده رحمه الله : أنا مش محتاج اشتهر على كتاف واحدة ست ... لو انت متعرفش مين هادي الشريف يا ريت تسأل عليا ...
ولا أنا كيس جوافة عشان أعرض مراتي واشتهر على قفاها ....
بعتذر لحضرتك لو دي نظرتك ليا يبقى كأن الطلب مطلبش .
تفاجئ عبدالسلام من ثورة هادي ... يعترف أنه لا يعرفه جيداً إلا من كلام هشام المتناقض مع أخباره الفنية ... نعم ساوره الشك والقلق على ابنته فهو يقرأ ويسمع الكثير ومن حقه أن يطمأن ... قد يكون أخطأ بالتعبير عن مخاوفه وجرح كرامة ورجولة هادي لكنه الأن اصبح مطمئن له .
ابتسم وقام يدفعه بلين للجلوس ويقول : اهدى بس يا ابني واعذر عمك العجوز ... الكلام خاني ... هدية هي البنت الوحيدة اللي ربنا كرمني بيها ولما ربنا يكرمك بالبنات هتفهم قلقي وخوفي عليها ...
متنكرش إن المجلات والبرامج رسمالك صورة تقلق شوية وده جواز مش شريط كاسيت ناوي تنتجه .
جلس هادي يحاول العودة للهدوء متفهما كلام والدها فسمعته بالسوشيال ميديا سيئة وهو ابداً لم يهتم بتصحيح صورته والإشاعات المثارة حوله ... أيضا طريقة عرضه الغبية وتوقيتها مثار للشك ... حقا للرجل اسبابه ولو طرده الأن سيتفهم تصرفه .
سمع صوت عبدالسلام يقول : اشرب البيبسي عشان نعرف نتكلم ... مقولتليش بقى اخترت هدية ليه !!
شوفتها زوجة مناسبة ولا فيه اسباب تانية .
قال بثبات ودون خجل يعترف لنفسه قبل أن يتعرف لوالدها : اكتشفت إني بحبها ... يمكن مكنتش عارف ده إلا لما شوفتها النهاردة عشان كده جه طلبي بطريقة غريبة ووقت أغرب ... كنت متضايق الأيام اللي فاتت عشان مبقتش تيجي ... قلت تعود أو وحشني خفة دمها وعفويتها ... لكن لما شوفتها النهاردة عرفت إني عايزها تكون مراتي ... عارف إني ميصحش أكون صريح كده مع حضرتك بس ... عايزك تكون مطمن إن الموضوع مش إعجاب وقتي أو نزوة مؤقته .
قال الأخر وهو يبتسم بإعجاب لصراحته ووضوحه : طيب وعلاقاتك السابقة .
تنحنح وقال : هو لو قلت إن كل اللي بيتنشر ده كلام صحافة هتصدقني ... بعترف إن الغلط مني مكنتش بهتم انفي أو اكذب وكل واحدة عايزة تتشهر تزورني مرة ولا اتنين وأي حفلة أكون فيها تتصور معايا وتبدأ الصور تنزل سواء بتحريض منها أو من صحفي عايز خبر يفرقع ... وأنا مكنتش مهتم لأني مكنتش مخطط لجواز على الأقل بالوقت الحالي ...
بس أوعدك من هنا ورايح مش هتلاقي أي خبر عني ممكن يسئ لسمعتي .
قال الوالد بهدوء : طيب والغنا والتمثيل ... موافق عليه ولا هترفض .
دلك جبهته بخجل وقال : الصراحة من زمان وأنا مخطط إن مراتي ميكنش ليها علاقة بالوسط ده ... هحاول أقنعها رغم إن موهبتها لا يختلف عليها اتنين لكن بالنهاية أنا راجل شرقي ... ادعيلي تقتنع إن أكون جمهورها الوحيد ثم أضاف بخفة دم : وممكن اخليها تغني قدامكو برضو .
ضحك عبدالسلام بشدة لخفة دمه وبساطته ثم قال : ربنا يقدم اللي فيه الخير ادينا فرصة نفكر واخد رأيها وابلغك بأقرب وقت .
قام هادي واقترب يصافحه باحترام وقال : وأنا في انتظار ردك بأقرب وقت ... ياريت تبلغ هشام إني منتظره بكرة في معادنا وأيً كان الرد بالموافقة أو الرفض ده ملوش أي علاقة بشغلي مع هشام .



أما بالخارج فقد تحولت هدية لتمثال من الرخام بينما هاني يجذبها وهو يضحك وهشام يكاد يجذب شعره من الغضب والغيظ .
دخلوا جميعا لحجرة هدية ليقول هشام بعصبية : انتو متفقين مع بعض وبتمثلوا علينا صح .
قال هاني بعقل : ولو متفقين ده كان هيبقى منظرها ... اختك هتقع من طولها من المفاجأة .
قال بتهكم : اختك ولا فاتن حمامة في زمانها ممثلة بالفطرة .
نظر هاني لها وحرك كفه أمام وجهها وقال مبتسم : لا يا راجل مش للدرجة دي البت مصدومة بجد .
ثم ربت عليها وقال : هدية ... هدية ... يااااا هدية .
انتفضت فزعة على صوته العالي بأخر نداء وقالت بشرود : ايه بس يا هاني .
غمزها هاني وقال : جالك عريس وهنخلص منك اخيراً .
نظرت له كطوق نجاة وقالت : هو فعلا اتقدملي ولا دي تهيؤات .
ضحك هاني : لا مش تهيؤات هادي الشريف بجلالة قدره اتقدملك .
صاح هشام بغضب وقال يزجر هاني : انت يا عم هتجنني موافق إن واحد زي هادي يتجوز اختك ... دي لسه متعاقبة على اللي عملته من ورانا انت بارد كده ليه !!
قال هاني الذي لا يفصله عن هشام غير عام واحد بهدوء : برغم إني لسه زعلان منها على كدبها ومحبش إنها تكمل في حوار الغنى دا لكن ايه اعتراضك على هادي بالظبط !!
مش ده يا نجم اللي صدعتني بكلامك عنه قد ايه محترم واخلاق وعنده ضمير وبيعامل البنات اللي بتيجي تلف حواليه إزاي .
قال هشام : ايوه ده كلام عن شخص عادي بتعامل معاه لكن جواز الموضوع كده لازم تفكير بجد ... بشوفه حد محترم اه ... بس الفيس والتويتر مليان صور واخبار عن غرمياته .
قال هاني : طب لما هو البنات حواليه كده بص لهدية ليه .
قال هشام بتفكير : يمكن لقاها محترمة وأي راجل مهما كان صايع لما يحب يتجوز يشوف حد يثق في اخلاقها ... أهي تبقى بنت اخلاق ومعدنها كويس تتحمله وهو يصيع ويعيش حياته وهو واثق إنها مش هتفتح بقها وهتبوس إيديها إنه اختار واحدة زيها .
قال هاني بدفاعيه : وايه زيها دي مالها هدية يعني !!
رد هشام : يا عم انت هتصدق نفسك بص حواليك ... إحنا فين وهو فين ... إحنا في سوق الخضار وهو واخد فيلا في احسن مكان في البلد فاندام بيشطبهاله ويحكي ويتحاكى عنها ... إحنا ناس على قد حالنا وهو تعليم اجانب ولسانه بينطق اربع لغات ... إحنا صغيرين وهو كبير .
وقف هاني وقال : انت خلاص شفت نفسك ومش عاجبك عيشتنا ... من دلوقتي شايفنا صغيرين وكمان شوية تستعر مننا ... الشهرة والفلوس كمان سنة ولا اتنين هيغيروك .
دافع هشان : انت اهبل وأنا لو مكسوف من اصلي كنت قلت في التلفزيون إني ميكانيكي وخريج دبلوم وإني من السوق ولولا اهله مكنتش وصلت لواحد زي هادي ...
بس أنا واقعي إحنا هنا مش حدوته الف ليلة وليلة ده واقع وكلامي ده عن نظرة الناس لينا مش نظرتي أنا ... نظرة أهله والمجتمع اللي هو جاي منه .
كانت هدية معهما بجسدها أما عقلها وقلبها ففي مكان أخر في صراع أشد من صراع هشام وهاني .
فالقلب يكاد يتوقف من السعادة والعقل ينهره للتصديق !!
القلب يقول أنه شعر بها ورأها بعين قلبه !!
والعقل يقول أنها مجرد فكرة ليجعل والدها يوافق على الغناء .
القلب يقول وهل سيرتبط ويعلن للناس من أجل خطة غبية لا تخصه بشيء !!
والعقل يجادل أنها مجرد تحدي له أن يصل بها للشهرة ... أن يكون على قدر وعد وعدها اياه .
يدافع القلب باستماته قد يكون أحبها ... أحب عفويتها ومصداقياتها أحبها لأنه تعرف عليها عن قرب وعرف كم هي انسانة جيدة كم تحبه وتشتاق للحظات قليلة معه .
لكن العقل نهرها وكان لها بالمرصاد أن من هو مثل هادي حوله الكثيرات والكثيرات وبالتأكيد هناك سبب غير معلن يفسر اختياره لها وبالتأكيد أن هذا السبب لا دخل له بالحب والمشاعر .
تنهدت بانهزام وقالت لعقلها وقلبها : مهما كان السبب هامسك في الفرصة ... كفاية اكون معاه ... مش يمكن ... يمكن يحبني زي ما بحبه .

[rontii]

وضعت يحيى بحرص في سريره وخرجت من الغرفة تحضر العشاء لقرب اقتراب حضور سلطان وهي تفكر هل سيوافق أم سيتحجج بالعمل ككل مرة ... لكنها تشعر بالتعب والملل ومن حقها أن تفعل كما يفعل الجميع .
تأففت وهي تنظر للساعة لكنها انتفضت على صوت الباب وصوت سلطان وهو يقول : سلام عليكو يا نعنع .
قالت وهي تقترب منه : عليكم السلام يا سلطان .
وبعد ربع ساعة اغتسل خلالهم وارتدى ملابسه المنزلية المريحة وجلس على مائدة الطعام وقال : أومال الحاجة فين !!! نامت ولا ايه .
قالت : لا اتعشت وقالتلي هتصلي العشا وتسمع حبة قرآن في الراديو لحد ما تخلص آكل وتدخلها شوية .
أومأ موافقا وقال : اتعشى وادخلها بإذن الله .
تنحنحت وقالت : وأخبار الشغل ايه !!
ابتلع طعامه وقال : بخير الحمد لله على أخر الأسبوع نفتح المحل الجديد ظبطت كل حاجة فيه ... اللي هيقفوا فيه والبضاعة اللي هتزيد والورق والحمد لله .
قالت بصدق : ربنا يوفقك ويرزقك من اوسع الأبواب يارب .
نظر لها وقال : خير يا نعمة مالك ؟!!!
قالت سريعا : عايزة اصيف يا سلطان اطلع يومين تلاتة اسكندرية ولا رأس البر ... زهقت من الحبسة وشغل البيت .
عاد يتناول طعامه وقال بهدوء : مش فاضي يا نعمة اسيب المحلات لمين .
قالت بعصبية : سيبها لأي حد ... اتصرف مش حكاية يعني .
ضيق عينيه وقال : عايزاني أسيب مالي ومال اخواتي وأروح أفسح الهانم عشان زهقانة .
قالت بغضب : أنا مراتك وليا حق عليك واشمعنة انت تاخد بالك من مالهم وكلهم سايبين إيدهم خالص .
قام واقفا وقال بصوت خطير : والله عال اخلي اخواتي البنات يقفوا في المحلات وأنا على وش الأرض .
قالت بمهادنة : أنا مقصدش كده طبعا ... يعني خلي أجوازهم يجوا يقفوا كام يوم على ما نتفسح ونشم هوا .
جلس وقال يكبت غضبه : محدش منهم فاضي للدلع بتاعك ده .
كان دورها هذه المرة فوقفت وقالت وهي تضع يدها بخصرها : يا سلام ما انت كل أسبوعين تلاتة تقف لناصر في محله وتراعيه على ما يسافر لشغل ولا للبلد ولا حتى يروح يفسح حبيبة ولا هو حلال ليهم وحرام علينا .
قام سريعا جاذبا ذراعها بخشونة وقال : والله عال يا نعمة كنتي زمان بتكلميني وعينك في الأرض دلوقتي بتردي كلمة بكلمة .
قالت وهي تحاول جذب يدها : كنت وقتها نعمة البت الغلبانة اللي بتجري على لقمة عيشها وانت معلم السوق لكن دلوقتي أنا مراتك وده حقي عليك .
وعندما عجزت عن جذب يدها قالت : ااه إيدي يا سلطان هتضربني ولا ايه .
رفع يده وقال : يبقى تلمي الدور ولما أظبط أموري أبقى أشوف ينفع ولا مينفعش .
قالت تكبت بكاءها وهي تلملم الأطباق : اللي تشوفه يا اخويا ... ولو منفعش مش مهم وأنا أجي ايه جمب اللي بيسافروا ويتفسحوا .
وتركته ذاهبة للمطبخ بينما هو استغفر الله وذهب لحجرة والدته التي تهلل وجهها لرؤيته وقالت وهي تربت على كتفه بدون مقدمات : حقها يا ابني مطلبتش حاجة عيب ولا حرام
زفر بحنق وقال : ما أنا مشغول ومش فاضي للكلام ده .
قالت : وهتفضى أمتى إن شاء الله ... بقالكو سنة وزيادة جواز ومخدتهاش خرجتها إلا 5 أيام أول جوازكوا ......
وكل ده والبنت ساكتة ومفتحتش بقها .
جادل : ماهو أنا مش بلعب أنا بشتغل وعندي محل هيتفتح كمان كام يوم ... مفيش تقدير للظروف .
ابتسمت وقالت بحب : هو فيه حد بيقدر زي نعمة ... يا ابني من أول يوم جواز وهي شايلة البيت وشيلاني على راسها ... ده غير عزومة اخواتك وعيالهم كل خميس ... دي مبتخليش حد يشيل كوباية من مكانها يبقى أقل واجب تقدرها زي ما هي مقدراك انت وأهلك .
قال بعصبية خفيفة : هو فيه مرة جاتلي فيها شغلانة حلوة إلا وما جبتلها هدية دهب ماهو ده تقدير برضو .
سبحت على مسبحتها بهدوء ثم قالت : بالنسبة لنعمة إنك تاخدها تمشيها على كوبري عباس وتجيبلها كوباية عصير قصب أحسن من غويشة ب4 الاف جنية ....
هي برضو ست يا ابني وشايفة اخواتك وخصوصا حبيبة كل كام أسبوع سفر هنا وهناك ... من حقها تغير وتقارن وإن كان على الشغل ناصر بيسبلك محلاته ... فيها ايه لما تسيبله شغلك 5 أيام تغيروا جو وترجعوا وأهو مال مراته برضو هيخاف عليه زيك .
أومأ بهدوء وقال : ربنا يعمل اللي فيه الخير .
حثته : روح راضيها بكلمتين متخليهاش تنام زعلانة .
قبل يدها وقال : حاضر يا ست الكل .
دخل غرفته فوجدها تنام على السرير وتعطيه ظهرها وتدعي النوم .
اقترب وهو يخلع تي شيرت بيجامته ثم جلس جوارها وقبل أعلى رأسها وقال : حقك عليا يا نعمة ... ليكي عليا أخلص إفتتاح المحل وبعدها اخدك أسبوع ونطلع على اسكندرية .
في ثانية كانت نعمة مستديرة وتجلس أمامه وتقول بفرحة طفل صغير : بجد والله هنروح اسكندرية .
ابتسم بحب لطيبتها وقال وهو يجذبها لحضنه : طبعا يا نعنع ينفع يبقى نفسك في حاجة ومعملهاش لا عشت ولا كنت .
قالت بلهفة : بعد الشر عنك يا معلم .
سألها : يعني مش زعلانة !!
قالت سريعا : ازعل منك انت يا سلطان ... ده حب ليك ... أنا طماعة ونفسي في كام يوم تبقى ليا لوحدى محدش يشغل بالك عني ولو خمس دقايق .
قبلها بحب وهو يزيح عنها جلبابها و قال : وأنا كلي ليكي يا نعمة ومش بشوف غيرك .

[rontii]

عطلة جديدة له بالأسكندرية ... يجلس في صالون منزل سلمى ينتظر حضور والدتها التي دخلت بسخط واضح لا يعلم مصدره ... أو يعلم لكن يتجاهل... فأي أم مهما أخطأ ابنها لن تحب من يتعدى عليه بالضرب وهو ومجدي رحلة طويلة من الخلافات والشجارات .
جلست وقالت مباشرة : ازيك يا مالك ... أنا عايزة افهم بقى ... انت مستعجل على الجواز وده حقك لكن هتتجوز وتسببها هنا بين 4 حيطان وانت طول الأسبوع في القاهرة ويا دوب ترجعلها جمعة وسبت ... ودي حياة بقى إن شاء الله !!!
بص يا ابني الجواز مش هيتم إلا لما تشوف شغل هنا .
كانت سلمى تجلس جوارها بعد أن احضرت بعض من العصير والكيك فقالت : أيوة يا ماما بس إحنا متفقين ....
قاطعها مالك وقال : استني يا سلمى لازم أنا اللي أوضح لطنط الوضع ... حضرتك أنا من أول يوم مبلغ سلمى إن شغلي بالقاهرة وإني هاخد شقة هناك إيجار ويتم الجواز هناك ... طبعا عندي شقتي هنا تمليك بس لسه مستلمتهاش وبدفع اقساطها والاستلام خلال سنة ونص ولما استلمها هاشطبها وتكون هي الأساس .
وقفت بحدة وقالت : ايه الكلام الفارغ ده ... انت فاكر إني ممكن أوافق إن بنتي تبعد عني .
قال بهدوء حازم : إحنا مش مسافرين الإمارات يا طنط دي القاهرة ساعتين ونبقى هنا وأنا لازم أجي كل أسبوع عشان أشوف أهلي واطمن على رنا ... اكيد هي هتبقى معايا .
قالت بعناد : لا طبعا مش موافقة ... اطمن عليها إزاي وهي بعيد مش يمكن تضربها ولا تستقوى عليها !!
قام واقفا وقال بغضب : ليه شيفاني بلطجي مش بتشطر إلا على الستات ولا مش راجل عشان لما ابنك يضرب اختي هاقوم اضربله اخته ... لا وقتها هاجي هنا واخد اختي غصب عنها وعنه واضربه هو واربيه من أول وجديد .
قالت بصراخ : انت اتجننت رسمي وجاي تشتم ابني وتشتمني في بيتي .
قال بتهكم : الجنان اللي ابنك فيه ياريت تنصحيه يتعالج ويعالج مراته اللي قبلت بالذل ده عشان قال ايه بتحبه ... أنا أعرف كويس احافظ على بنات الناس مش متجوزها عشان اهينها وابهدلها معايا حتى لو اخوها ميعرفش معنى الرجولة ... دي حاجة هي ملهاش ذنب فيها .
كانت سلمى تتابع بوجع ما يحدث هذا ما كان مالك يخشى منه الصدام المتكرر بينه وبين عائلتها وهو لا يترك حقه ومعه كل الحق فلن تكون سعيدة إن تقبل اهانة امها له .
وقفت وقالت بغضب : بس كفاية خلاص ... كفاية خناق ارجوكوا ...
ماما أنا اللي اخترت إني أكون معاه بالقاهرة عشان نبعد عن مجدي ورنا ومشاكلهم اللي ملناش ذنب فيها ...
وأنا واثقة في مالك إن عمره ما هياخدني بذنب اخويا .
اقتربت امها تجذبها من معصمها وقالت وقد فقدت السيطرة على اعصابها : انتِ اكيد حصل في دماغك حاجة ... بتنصريه عليا ... فاكره كده هيحترمك يا غبية ... كده هيعرف إنك مش قادرة تستغني عنه ويبيع ويشتري فيكي ويهينك ويذلك ... لازم تكوني الأقوى والمسيطرة على كل حاجة وميعملش حاجة إلا بعد موافقتك .
قالت الأخرى بتعب لأفكار امها المغلوطة : هي مش حرب يا ماما ... إحنا مش أعداء ... ده جواز قايم على التفاهم والاحترام والمودة مش قايم على الخناق والسيطرة والعنف ... أنا عايزة اخلف أطفال اسوياء مش مشوهين نفسيا زي مجدي وزيي أنا كمان .
تجاهلت امها ما قالته سلمى وسخرت منها وقالت : بكرة تشوفى لما ترجعي معيطة بعد ما يرميكي ويزهق منك ومن ضعفك وغباءك .
ثم تركتها ودخلت متناسية وجود مالك الذي كان يتابع كلام والدتها وهو يدرك أن الخطأ من البداية منها ... من أسلوب تربيتها الخاطئة وتحكمها بزوجها رحمه الله الذي لاحظه بأكثر من لقاء مما أدى لأن يكون مجدي نقيضه وأن تحرص سلمى على تجنب اختيار رجل ضعيف أو أن تكون نسخة من والدتها .
نظر لها وجدها كطفلة صغيرة تائهة بعيونها دموع محبوسة ترفض السقوط .
مد يده وجذبها له بين احضانه متخليا عن أي تعقل أو منطق فقط يريد أن يطمئنها .
وبمجرد أن استقرت بين زراعيه انطلقت دموعها الحبيسة ببكاء مرير يظهر كم هي ضعيفة تحتاج لمن يحتويها .
وقتها فقط ادرك سبب تمسكها به وأدرك أنه لن يستطيع أبداً التنازل عنها مهما كانت الصعاب وأنه سيكون لها الأمان والسكن قبل أن يكون الحب والزوج .



يتبع
https://www.rewity.com/forum/t440100-96.html

[rontii]

الله يسامحك يا عسلية
كان هذا لسان حالها منذ لقاءها مع البنات و سؤال عسلية المعلق ... هل اشرف لم يلفت انتباهها حقا .... لماذا هل هي عمياء ... بالطبع لا فنظرها و لله الحمد ستة على ستة ... اذن اين المشكلة ... هي عدة مشاكل اولهمها عدم تفكيرها بالزواج في الوقت الحالي فمسؤليتها كبيرة ... ثانيهما انها لا تريد الحب ... ذلك الحب الجارف الذي يلغي معه العقل لتكون معدومة الشخصية هي تريد مشاركة و احترام و تفاهم ... ثالثهما اشرف نفسه ... اشرف بعد محنته من المستحيل التفكير في بداية حياة جديدة و الثقة بشخص لا يعرفه ... لهذا فالموضوع مرفوض جملة و تفصيل و يجب ان تتوقف تماما عن التفكير بهذه التراهات التي تفوهت بها عسلية .... الله يسامحك يا عسلية
جذب المقعد أمامها و قال : كان بدري عليكي يا عاليا بتكلمي نفسك خلاص.
شهقت و قالت : اية يا عم حد يهجم كده مفيش مقدمات عشان الخضة دي.
ابتسم بسماجة و قال : العم اللي هو انا بقالي حبة بشاورلك بس انتِ مش معايا و نفسك في العسلية.
ضحكت بصوت منخفض حتى لا تلفت لها النظر بكافتريا الشركة و قالت : لا عسلية دي تبقى ابتسام مرات حودة فاندام ... اكيد تعرفه.
اومأ قائلا : اه طبعا اعرفه ... و مالها بقى العسلية.
وضعت يدها على خدها برعب مفتعل و قالت متناسية كل ما كانت تفكر به : اوعى تنطق اسمها كده قدام فاندام ... ده انت ممكن تروح فيها.
قال بعدم فهم : يا بنتي مش انتِ اللي بتقولي ان اسمها عسلية.
قالت نافية : لا اسمها ابتسام و عسلية ده اسم دلع هو و احنا البنات بس اللي ننادي بيه مش اي عابر سبيل كده.
قال بتهكم : عابر سبيل ... تشكر يا ذوق ... سيبك دلوقتي من حودة و عسليته و ركزي معايا.
استمعت لكلامه و نفذته حرفيا لتنظر لملامحه القريبة و تعود تتذكر كلمات العسلية ... اغمضت عينيها تلقائيا و هي تقول لنفسها : الله يسامحك يا عسلية.
ابتسم اشرف و هو ينظر لها مغمضة العينين كطفلة صغيرة شهية يجب تقبيلها و عضها من خدودها ... ماذا ... تقبيل من !!! عض خدود من !!! هل جننت !!! لا لا هي كطفلة صغيرة و هذه الطفلة هي التي تحتاج للتقبيل و ليست هذه الفتاة الكبيرة الناضجة المبتسمة المتفائلة المقبلة على الحياة بطريقة مغيظة مستفزة
وجد نفسه بدون وعي يردد جملتها بدون ادنى فهم و ليته لا يفهم : الله يسامحك يا عسلية.
لتفتح عينيها سريعا و تنفجر ضاحكة لافتة نظر كل من حولهم ليقول لها ذاجرا : اية يا حجة هتلمي علينا الناس.
لملمت ضحكتها بخجل و قالت : طب انجز يا هندسة و قول عايز اية!!!
قال بهدوء عكس الافكار العحيبة التي انفجرت داخله : عايز اخد اجازة يوم الخميس الجاي و عايز اعرف اية النظام اقدم طلب و لا ابلغ بشمهندس ممدوح شفوي و لا ابلغ الإدارة و لا اية بالظبط؟
نحت كل افكارها و تكلمت بعمليه بحتة تشرح له بالتفصيل الإجراءات الادارية المتبعة لطلب اجازة و بداخلها تتسال لماذا لن يأتي و ما اسباب اجازته و هل سيسافر للاسكندرية من يوم الاربعاء ام .... نهرت نفسها قائلة : و انتِ مالك انتِ يا حشرية ركزي في نفسك و ملكيش دعوة بحد.