05-04-19, 06:52 PM | #1 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| مـزحــة غـريـبـة السلام عليكم ورحمة الله مــزحــة غــريـبـة * * * قالت جين هيلر وهي تكمل تعريف ضيوفها ببعضهم البعض: وهذه هي الآنسة ماربل! وكونها ممثلة فقد كانت تستطيع أن تعطي كلامها المعنى الذي تريد وكان واضحا أن عبارتها تلك كانت قمة التشويق أو الخاتمة الرائعة! كانت نبرة صوتها مزيجا من الرهبة والاحترام والزهو في آن واحد. كان الغريب في الأمر أن من تم تقديمها للضيوف بكل هذا الفخر لم تكن الا عجوزا رقيقة يبدو عليها الميل للقيل والقال ولذلك ظهر عدم التصديق وشئ من خيبة الأمل في عيون الشاب والفتاة اللذين سعت جين لتعريفهما بها. كانا شابين جميلين: الفتاة (وتدعى تشارميان ستراود) نحيلة سمراء, والرجل (ويدعى ادوارد روسيتر) أشقر الشعر لطيف وعملاق. قالت تشارميان وهي تلهث قليلا: آه! اننا مسروران جدا بلقائك. ولكن الشك كان باديا في عينيها. نظرت الى جين هيلر نظرة تساؤل سريعة فقالت جين ردا على نظرتها: "انها رائعة تماما يا عزيزتي... اتركي كل شئ لها. لقد أخبرتك أنني سأحضرها الى هنا وقد فعلت". ثم أضافت تخاطب الآنسة ماربل: ستحلين المشكلة لهما أعرف ذلك. سيكون ذلك سهلا عليك. نقلت الآنسة ماربل عينيها الهادئتين عميقتي الزرقة صوب السيد روسيتر وقالت: ألن تخبرني عن طبيعة الأمر كله؟ تدخلت تشارميان بنفاد صبر قائلة: ان جين صديقة لنا. أنا وادوارد وقعنا في ورطة. وقد طلبت جين منا أن نحضر حفلتها حتى تقدمنا لشخص يمكن... من شأنه... أسرع ادوارد لنجدتها: أخبرتنا جين بأنك صاحبة القول الفصل في أمور التحري يا آنسة ماربل! طرفت عينا السيدة العجوز ولكنها عارضت بتواضع: آه, لا, لا! لست كذلك. كل ما في الأمر أن من يعيش في قرية مثلي يعرف الكثير عن الطبيعة البشرية. ولكنكما زدتما فضولي حقا. أرجو أن تحدثاني عن مشكلتكما. قال ادوارد: أخشى أن يكون تعبيري مكرورا مبتذلا... انها مجرد كنز مدفون. - أحقا؟ ولكن هذا يبدو مثيرا جدا! - أعرف, مثل حكاية "جزيرة الكنز". ولكن مشكلتنا تفتقر الى اللماسات الرومنسية المعتادة؛ فلا توجد علامة على خريطة ولا رموز الجمجمة والعظمتين المتقاطعتين ولا تعليمات كتلك التي تقول: "أربع خطوات الى اليسار ثم الشمال الغربي..." انها قضية عادية لا اثارة فيها وملخصها هو أين يجب أن نحفر - هل حاولتم الحفر؟ - لقد حفرنا مساحة تقدر بنحو فدانين مربعين كاملين حتى لقد أصبحت الأرض جاهزة لتكون حديقة انتاجية... غير أننا نناقش فقط هل نزرعها بالكوسا أم بالبطاطا! قالت تشارميان فجأة: أيمكننا أن نخبرك كل شئ عن هذا الأمر؟ - بالطبع يا عزيزتي. - اذن, هيا نبحث عن مكان هادئ. هيا يا ادوارد. تقدمت خارجة من الغرفة الصغيرة المكتظة العابقة بروائح الدخان وصعدوا جميعا الدرج الى الطابق العلوي ثم دخلوا غرفة جلوس صغيرة هناك. وعندما جلسوا بدأت تشارميان حديثها على الفور: حسنا, هاك الحكاية! الحكاية تبدأ بالعم ماثيو... أو بالأحرى العم البعيد, البعيد... لنا نحن الاثنين. كان عجوزا بلغ من العمر أرذله وكنت أنا وادوارد قريبيه الوحيدين. وكان يحبنا كثيرا وقد أخبرنا دائما أنه سيترك عند موته كل ثروته لنا نحن الاثنين مناصفة. وقد مات في شهر آذار الماضي وترك كل شئ كان يملكه لنقتسمه أنا وادوارد مناصفة. ان ما قلته توا قد يبدو كلاما قاسيا ولكنني لا أقصد هنا أن موته كان أمرا مفيدا؛ فقد كنا نحبه كثيرا في الواقع. ولكنه كان مريضا منذ فترة طويلة. المهم أن "كل شئ" الذي تركه لنا ظهر أنه لا شئ أبدا وكانت هذه -بصراحة- صدمة موجعة لنا نحن الاثنين, أليس كذلك يا ادوارد؟ وافقها ادوارد الودود قائلا: لقد اعتمدنا قليلا على هذا الأمر. أقصد أن المرء عندما يعلم أن ثروة كبيرة في طريقها اليه فانه لا يبذل مجهودا كبيرا لجمع ثروة بنفسه. أنا في الجيش ولا أملك شيئا يذكر سوى راتبي كما أن تشارميان نفسها لا تملك شيئا انها تعمل كمديرة مسرح وهو عمل ممتع تماما وهي مستمتعة به ولكنه لا يحقق عوائد تذكر. كنا نعقد آمالا على موضوع زواجنا لكننا لم نقلق بخصوص المال لأننا كنا نعرف أننا سنصبح أغنياء تماما يوما ما. قالت تشارميان: وكما ترين فنحن لسنا كذلك! والأنكى من هذا أن "أنستيز" (وهو بيت العالة الذي أحببناه أنا وادوارد) ربما تعين عرضه للبيع ونحن نشعر أننا لا يمكن أن نطيق هذا الأمر ولكن اذا لم نجد أموال العم ماثيو فسوف نضطر الى بيعه. قال ادوارد: ما زلنا بعيدين عن النقطة الحيوية يا تشارميان. - حسنا, تكلم أنت اذن. التفت ادوارد الى الآنسة ماربل وقال: الأمر هكذا. فمع تقدم العم ماثيو بالعمر أخذ يزداد ارتيابا ولم يعد يثق بأحد. قالت الآنسة ماربل: انه سلوك حكيم جدا من جانبه؛ فالطبيعة البشرية فاسدة الى حد لا يمكن تصديقه. - ربما تكونين على حق. على أية حال كان العم ماثيو يعتقد بذلك. كان له صديق فقد أمواله في أحد البنوك وصديق آخر دمر حياته محام فار من وجه العدالة كما أنه هو نفسه قد خسر أموالا في شركة وهمية. وقد بلغ به هذا الأمر حدا جعله يقول دائما ان التصرف الوحيد الآمن والمعقول هو أن يحول المرء أمواله الى سبائك ذهبية ويدفنها. قالت الآنسة ماربل: آه, بدأت أفهم. - نعم. لقد ناقشه أصدقاء له في هذا مشيرين الى أنه لن يحصل على فوائد بهذه الطريقة ولكنه كان يرى أن هذا الأمر غير مهم. وقد قال ان ثروة المرء "يجب أن تحفظ في صندوق تحت السرير أو تدفن في الحديقة". كانت هذه كلماته. أكملت تشارميان الحديث قائلة: وعندما توفي لم يترك أي سندات مالية أبدا رغم أنه كان غنيا جدا. ولذلك نعتقد أن ذلك هو ما فعله دون شك. أوضح ادوارد: لقد كشفنا أنه باع سندات مالية وسحب مبالغ ضخمة من وقت لآخر دون أن يدري أحد ماذا فعل بها. ولكن يبدو ممكنا أنه طبق خطته فاشترى ذهبا ودفنه. - ألم يقل شيئا قبل أن يموت؟ ألم يترك ورقة أو رسالة؟ - هذا هو الأمر الذي يثير الجنون... لم يترك شيئا! لقد فقد وعيه بضعة أيام لكنه أفاق قبل أن يموت وقد نظر الينا نحن الاثنين وضحك... ضحكة ضعيفة باهتة, ثم قال: "ستكونان على ما يرام أيها الغزالان الجميلان". ثم أغمض عينيه (بل عينه اليمنى, وغمزنا) ثم مات. مسكين العم ماثيو. قالت الآنسة ماربل متأملة: أغمض عينه. قال ادوارد متلهفا: هل يدلك هذا على شئ؟ لقد جعلني هذا أفكر في قصة أرسين لوبين حيث كان شئ مخبأ في عين زجاجية لأحد الرجال. لكن العم ماثيو لم تكن له عين زجاجية. هزت الآنسة ماربل رأسها حيرة وقالت: لا, لا أستطيع التفكير بأي شئ في هذه اللحظة. قالت تشارميان بشئ من خيبة الأمل: أخبرتنا جين أنك ستخبريننا فورا عن المكان الذي ينبغي علينا أن نحفر فيه! ابتسمت الآنسة ماربل وقالت: أنا لست بالساحرة, ولم أعرف عمك أو أي نوع من الرجال كان كما أنني لا أعرف البيت أو الأراضي المحيطة به. قالت تشارميان: واذا عرفتهما؟ - حسنا, لا بد أن الأمر سيكون بسيطا للغاية, أليس كذلك؟ - بسيطا! تعالي الى البيت وانظري ان كان بسيطا! ربما لم تكن تشارميان تقصد بعبارتها تلك دعوة الآنسة ماربل جديا, الا أن الأخيرة سارعت على القول: حسنا, هذا كرم كبير حقا من طرفك يا عزيزتي. لقد أحببت دائما أن تتاح لي فرصة للبحث عن كنز مدفون. ثم أضافت وهي تنظر اليهما مبتسمة: وباهتمام دافعه الحب أيضا! * * * | |||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|