08-04-19, 10:15 PM | #1 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| شبح الشقة اليُسرى _ حسن الحلـبى أ.حسن الحلبى يكتب : شـبـح الشقة اليُـسرى *** الصيف ، والعرق ، والشعور الخانق .. أكره الشمس جدًا ، وأتمنى لو أنّها تتحوّل فعلًا إلى برتقالة كونيّة هائلة ، يلتهمها الليل كلّ غروب ! أتوقّف بسيارتي عند بقالة متواضعة ، يجلس فيها رجلان يبدو عليهما الكبر جليًا.. - السلام عليكم .. - وعليكم السلام .. يقولها الاثنان ، وينهض أحدهما ليقترب مني بخطوات متثاقلة .. - تفضّل ، هل أستطيع خدمتك بشيء ؟! أنظر إليه وإلى ملامح وجهه المتغضّنة .. كم يبدو لطيفًا ! - نعم ، جزاك الله خيرًا .. أبحث عن شقة مفروشة للإيجار ، وأريدها أن تكون مريحة ورخيصة الثمن .. هل تعرف أحدًا هنا يملك شققًا بهذه المواصفات ؟! يبدو على ملامحه التفكير ، ينحني ويقترب مني ، يشير بإصبعه إلى بناية كبيرة من بعيد : - تلك ، أتراها ؟! اسأل عن الحاج ( عيسى ) ، هو صاحب العمارة .. وسيهتمّ بك ، وسيؤجّرك أحسن الشقق .. ينطلق صوت المسنّ الآخر الجالس في البقالة : - عمارة الحاج ( عيسى ) يا ( أبو إبراهيم ) ؟! - نعم .. - لكنّك تعرف ما يقولون عنها ! تلفت انتباهي الكلمة ، أنظر للمسنّ الآخر وأقول : - ماذا يقولون عنها يا حاج ؟! يبتسم المسنّ المدعو ( أبو إبراهيم ) ويلتفت لي ، ويقول بلا مبالاة واستهزاء : - أساطير .. كلام بلا معنى عن مخلوقات تظهر ليلًا لسكان الشقق العلوية .. عن صرخات ، عن خيالات لوجوه .. أشياء خيالية تصلح لقصص الأطفال الساذجة .. أبتسم : - كانت هذه الأشياء تثير شغفي وأنا طفل .. هل ما زال البعض يصدقها ؟! - هذا ما يقولونه .. - وماذا عن الشقق السفلية ؟! - لا يوجد فيها شيء .. الأمور أكثر من رائعة هناك .. - إذًا هذه الأوهام تحدث لمرتادي الشقق العلوية فحسب ؟! - نعم .. العمارة من سبعة طوابق ، والطابق الأخير لم يسكنه أحد منذ أعوام ! * * * | |||||||||||
08-04-19, 10:16 PM | #2 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| جلست مع الحاج ( عيسى ) لنصف ساعة .. أخبرته عن عزمي الشديد على استئجار إحدى الشقق العلوية ، وأنّني مستعد لتحمل كافة المسؤولية ، وأنّني لن أهرب من الشقة ، ولن أزعج أحدًا بصراخي إذا حدث شيء .. ولكي أطمئنه أكثر ؛ دفعت له أجرة شهر مقدّمًا ! هكذا ارتاح واطمأنّ ، وبدأ يعبّئ الأوراق الرسمية : - لا تظنّ أنّ الأمر يتعلّق بالشائعات .. لا أحد يحب أن يقول الناس أشياء كهذه عن بنايته ، لكنّ الأمر حقيقي تمامًا .. أنا لم أر شيئًا بالنسبة لي حتى الآن ولم أعرف لماذا ، لكنّ كلّ من سكنوا بالأعلى كانوا يغادرون الشقة في اليوم التالي وقد تطابقت أقوالهم إلى درجة مفزعة .. أسأله باهتمام وقد وضعت يدي أسفل ذقني : - مثل ماذا ؟! - صرخات ، وجوه تطل من خلف زجاج النوافذ .. صوت خطوات في الليل ، صرير أبواب .. دقّات من داخل خزائن الثياب الكبيرة ، أشباح تمشي في الممرات قبل الفجر .. أشياء كهذه .. أفكّر : - كم شقّة في الطابق الأخير ؟! - اثنتان .. - وفي الاثنتين تطابقت الأقوال عن الأشباح والأصوات ؟! - لا .. هذا كلّه في الشقة اليمنى فحسب ! - واليسرى ؟! يخفض رأسه ، يقول بهمس : - لست متأكّدًا ، لكنّني لا أنصحك ! - لماذا ؟! - انتحر فيها عدّة أشخاص ، تاركين بعد موتهم رسائل يقولون فيها أنّهم لعبوا مع شبح الشقة ، وأنهم سيموتون ! - لعبوا معه ؟! - نعم .. و .. ويسلّمني الأوراق : - .. هكذا انتهت الأوراق الرسمية ، وسأوصلك إلى غرفتك .. نركب المصعد حتى الطابق الأخير ، نخرج منه وأقف أمام باب الشقتين ، اليمنى واليسرى .. أنظر له : - سآخذ اليسرى .. ينظر لي كمن ينظر إلى مجنون : - بعد ما أخبرتك كلّ شيء ؟! - لا زلت أظنّ أنّ في الأمر خدعة ما .. يهزّ كتفيه ، يفتح لي باب الشقة ، يعطيني نسخة من المفتاح ، ينظر لي ويقول : - عسى أن تمرّ هذه الليلة على خير .. أدخل من الباب وأغلقه ، أضع الحقيبة التي كنت أحملها ، والعلبة التي ساعدني الحاج ( عيسى ) بحملها .. فجأة أحسست بشيء يراقبني ، التفت بسرعة ووجدت كلبًا لطيفًا صغيرًا .. قذرًا ، يبدو على وجهه العطش الشديد ، ويقف خارج الباب .. نهضت ، اقتربت منه ، أجفل فأبطأت ، تراجعت قليلًا وفتحت الحقيبة وأخرجت منها علبة ماء ، حرّك ذيله بسعادة واقترب ، ضحكتُ له ووضعت بعض الماء في يدي، سقيته .. بدا عليه الانتشاء والنشاط .. فجأة سمعت صوت الحاج ( عيسى ) ، دقّ على الباب معلنًا عن هويته ، فتحت له لأجد معه قدرًا تتصاعد منه روائح شهية .. - ما هذا ؟! بدا عليه الحرج ، لكنّه حاول إخفاءه بابتسامة : - أصرّت الحاجة أن تذوق شيئًا من طعامنا .. نوع من الترحيب لا أكثر .. - أشكركما جدًا .. أخذت القدر منه وقد بدا على وجهي التأثر ، اتجه إلى المصعد ، لكنّه توقف ، التفت لي وكأنه تذكر أمرًا ، وقال : - .. إن لم أخبرك ، فالشبح الذي هنا ليس شبحًا آدميًا ؛ بل شبح كلب !! ـــــــــــــــــ | |||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|