آخر 10 مشاركات
سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          أُحُبُّكِ مُرْتَعِشَةْ (1) *مميزة & مكتملة * .. سلسلة عِجافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          زواج على حافة الانهيار (146) للكاتبة: Emma Darcy (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-08-19, 01:50 AM   #1

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile10 63 - ساحرة القمر _ آن ميثر _ د.ك.ع ( مكتوبة * كاملة )






ساحرة القمر

آن ميثر

الملخص

_______

عندما مات جدها الفقير .. وجدت سارة اليتيمة أنه عين وصيا عليها أحد أصدقائه القدامى .. بصفته كرئيس مجلس إدارة لإحدى الشركات .. وذلك ليضمن لحفيدته حياة هانئة خالية من المعاناة والمستقبل المجهول.
اكتشفت الفتاة أن صديق جدها تقاعد عن العمل , وأن ابنه جارود هو الوصى عليها . كرهته سارة لأنه رفضها منذ البداية .. وتعامل معها كطفلة فى الثامنة عشر من عمرها .. عليه أن يتحمل وجودها ببيته لمدة عام.
من النفور والصدام ولد الحب وبقى خفيا مستترا .. إلى أن تفجر فى رحلة إلى جامايكا .. وعندما يموت صديق جدها .. تحدث مفاجآت وتقرر الرحيل ..!!



التعديل الأخير تم بواسطة MooNy87 ; 01-01-21 الساعة 08:43 PM
MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-08-19, 01:54 AM   #2

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 - الجد والحفيدة



مشت المضيفة الجميلة في ممشى الطائرة ثم وقفت عند مقعد أحد ركاب الدرجة الأولى وخاطبته مبتسمة :
" ستصل الطائرة خلال ربع ساعة يا سيد كايل".
كان الرجل مستغرقا في دراسة كومة أوراق موضوعة أمامه , ألا أنه رفع رأسه حالما سمع صوتها:
" ماذا؟ آه , نعم , ربع ساعة , شكرا".
وأومأ برأسه ثم عاد الى أوراقه , فغادرت المضيفة الى مكانها عند مؤخرة الطائرة.
نظرت الى زميلتها المضيفة وقالت بأسف:
" بصراحة , لم تخب آمالي بهذا الشكل من قبل".
أبتسمت الفتاة الأخرى متسائلة:
" لماذا؟".
" حسنا , لوجود جارود كايل كمسافر معنا بالطبع , وتوقعت , لسمعته المشهورة , أن يلاحظ وجودي على الأقل".
وضحكت الفتاة الأخرى:
" هل هو جذاب؟".
" أنه مقبول الشكل , بل أعتقد أنه غير جذاب أطلاقا , وجهه قاس وأنا متأكدة بأن أنفه مكسور , أنه ضخم , نحيف , وله شعر فضي غريب اللون".
" يا له من مسكين!".
قالت الفتاة الأخرى مصغية بأستمتاع:
" أنك بلا شك , تحاولين تسفيه الفكرة الشائعة عنه , أي واحد هو؟".
" سأريك أياه , حين يغادرون الطائرة".
ثم عادت لأتمام واجباتها.
ودهش جارود كايل , عند نزوله من الطائرة , لملاحظته أن المضيفتان تحدقان فيه بدقة , فبادلهما النظرات وتساءل:
" هل هناك شيء خطأ ؟ هل شخرت في نومي أم ماذا؟".
أبتسمت الفتاتان بحرج وقالت أحداهما:
" أرجو أن تكون قد تمتعت برحلتك يا سيد كايل".
أومأ برأسه تحية لهما ثم سار بأتجاه أبنية المطار , وأذ أختفى عن ناظريهما خاطبت الفتاة الثانية الأولى قائلة:
" هل قلت بأنه غير جذاب؟".
أثناء ذلك عومل جارود كايل معاملة شخصية مهمة من قبل رجال الجمارك , فأجتاز قاعة الأستقبال حاملا حقيبته بيده واضعا معطفه على كتفه , حيث وجد جون ماتيوز , مساعده الخاص , في أنتظاره.
" أهلا ماتيوز".
" أهلا , هل تمتعت بأجازتك؟".
" جدا.... كان الصيد رائعا وبطريقتي المفضلة".
" هل حصلت على أي شيء؟".
" يعتمد جوابي على معنى سؤالك , كيف صحة الرجل العجوز؟".
" جي كي؟ بخير , هل ستذهب لرؤيته الليلة؟".
نظر جارود الى ساعته قبل أن يجيب:
" أعتقد ذلك , أنها الخامسة والنصف الآن , لنذهب لتناول بعض القهوة وأخبرني خلال ذلك بما جرى في غيابي".
نظر مات الى جارود مفكرا ثم قال موافقا على أقتراحه:
" أنها فكرة حسنة".
ودخلا الى مقهى قريب.
قال مات بعد جلوسهما بلحظات:
" هناك مفاجأة غير متوقعة لك , هل تريد معرفة ما هي؟".
أشعل جارود سيكارة :
" بالتأكيد , أرجو ألا يكون أندماج برادفورد مرة أخرى؟".
" كلا , حيث أنتهينا من تلك الصفقة , جي كي أتمها بنفسه, أظن بأنه فكر بأهمية أستلامه المسؤولية في غيابك , لا أعتقد بأنه سيتقاعد تماما في يوم من الأيام , ما رأيك؟".
أمسك جارود سيكارة بيده وتمعن في النهاية المتوقدة :
" ثم ماذا؟ ما هي المفاجأة ؟ لا تحاول أثارة شكوكي يا ماث".
وأرتشف مات بعض القهوة قبل أن يجيب:
" قد تجد الموضوع مسليا , أذ يبدو وكأنك حصلت على مكافأة , ما لم ينجح محاموك في تخليصك منها وهذا أمر في مستطاعهم أداءه".
حدق جارود في وجهه بفضول:
" مكافأة؟ ما الذي تتحدث عنه؟ أي مكافأة؟ ماذا؟".
" حصلت على وصاية طفلة".
" هل تعني بأنني عينت وصيا على طفلة ما؟".
وبدا جارود منذهلا.
"شيء من هذا القبيل".
أرتشف جارود قهوته مرة واحدة وخاطب ماث بتجهم :
" لا أعرف ما الذي تتحدث عنه يا ماث! أخبرني التفاصيل من البداية".
" أن الحكاية بسيطة جدا , أختارك أحد العجائز أن تكون وصيا على حفيدته حتى تبلغ سن الحادية والعشرين أو الثمانية عشر , لست متأكدا من السن المطلوبة تماما".
" أي عجوز؟".
" رجل يدعى جفري روبنز , توفي منذ أسبوعين".
"جفري روبنز ؟ وهل أعرفه أو ربما الأصح القول هل عرفته من قبل؟".
" كلا , كان رئيسا للعمال في مستودع بريدجستر مدة أربعين عاما".
وبدا الغضب واضحا على وجه جارود:
" ماث أنني أحذرك........".
فضحك مات مستطردا:
" تمالك نفسك ولا تلمني , فالحكاية صحيحة ووالدك يعرف تفاصيل الموضوع , ويبدو أنه كان على معرفة بجفري".
" وأخيرا ! ها أنا أنجح في أستخلاص بعض المعلومات , وكبف تعرّف عليه والدي؟".
" أعتقد أنهما باشرا العمل سوية في تجارة الأنسجة , ألا أن صلتهما أنقطعت حين غادر جي كي المكان ليؤسس شركته الخاصة , ثم ألتقيا ثانية أثناء الحرب الى أن نقل والدك مكتبه الرئيسي في أوائل الخمسينات الى لندن وأنقطعت علاقته بجفري حينئذ".
" ما لا أستطيع فهمه , هو أنه أذا كانت علاقته بوالدي وثيقة فلم لم يجعله وصيا على حفيدته؟".
"ما حدث هو أن روبنز جعل من رئيس مجلس أدارة أنسجة كايل وصيا على حفيدته ولم يعلم بأن والدك متقاعد ومنحك المسؤولية وهو لا يزال في سن الثامنة والخمسين".
أطفأ جارود سيكارته بغضب وقال:
" يا ألهي , لكن هذا حدث منذ عدة سنوات!".
" نعم ,لكن روبنز لم يعلم بذلك , كما لا أعتقد بأنه توقع وفاته بهذه السرعة حيث كان لا يزال في الثامنة والستين من عمره".
" حسنا , يا له من مأزق حرج! وماذا عن والدي الطفلة؟ أين هما؟".
" توفيت والدتها أثناء الوضع وكان والدها ضحية هزة أرضية في جنوب أميركا حيث كان يعمل كمندوب لأحدى مؤسسات التأمين".
" آه , حسنا لنبدأ رحلتنا الآن وفي مستطاعك أخباري المزيد في طريقنا الى المدينة".
خرج أبنية المطار المدفأة , زاد ضباب شهر كانون الثاني من برودة الأمسية , رفع جارود ياقة معطفه وخاطب ماث بمرح قائلا:
" كان علي البقاء في جامايكا فترة أطول , من يرغب في العودة الى لندن في مثل هذا الوقت من السنة؟".
وسمح ماث لجارود قيادة سيارة المرسيدس الفخمة.
" تعلم جيدا بأنك لا تستطيع الأبتعاد فترة طويلة عن لندن , أنها تجري في عروقك حيث الصفقات المالية , المؤسسات التجارية وأجتماعات الرؤساء والمنافسات الدائمة".
هز جارود كتفيه بلا مبالاة وبدأ قيادة السيارة بمهارة:
" أنك تجعلني أبدو بمظهر الآلة".
كشر مات وحدّق في المصابيح المتألقة خارج المطار:
" أنك أبعد ما تكون عن الآلة , بل أن هذا يغضب والدك أحيانا".
أطلق جارود ضحكة قصيرة:
" أنها الغيرة , لا شيء غير ذلك يا ماث, أذ ليس بمقدور العجوز قبول فكرة العيش بهدوء , وأعلم بأنه يتمنى لو ولد بعد ثلاثين عاما من تاريخ ميلاده".
ضحك مات بدوره:
" أه نعم , في عصر السيارات السريعة , الفتيات الجميلات والمتع الأخرى".
" شيء من هذا القبيل , والآن أخبرني عن الطفلة كيف تبدو؟".
هز ماث رأسه :
" لا أدري , لم أرها بعد ,كل ما أعرفه أنها ما تزال في المدرسة".
" وما هو رأي والدي؟".
" أظن أنه بأنتظار عودتك الى البيت لمناقشة الموضوع , أراد أن يرسل في طلب عودتك ألا أنني أقنعته بمدى حاجتك للأجازة".
" شكرا , ذلك ما أثار أستغرابي , أذ ليس من عادة جي كي أتخاذ قرار بدوني".
" أظن بأنك ستسمع كافة التفاصيل قريبا , أذ يتوقع منك الذهاب الى مالثورب هذه الليلة".
" ماذا؟ حسنا , لعله من الأفضل له تناسي الموضوع".
" هل تعتقد أن ما تقوم به صحيح ؟ خاصة وأنك تعرف طبيعته وأرتفاع ضغط دمه.........".
" حسنا ,حسنا ".
دمدم جاروج بنفاذ صبر.
" حسنا , ماث , سنذهب الى الشقة أولآ لأترك أمتعتي هناك , يا لها من حياة! ستة أسابيع في جامايكا , وخلال ساعة واحدة من وصولي لندن أشعر وكأنني لم أغادرها أبدا".
وصل جارود وماث ضواحي مالثورب في مساء اليوم ذاته .
فضل جي كي , دائما الحياة في الريف وحافظ على بيت العائلة هناك , رغم وفاة غالبية أعضائها.
وبيت العائلة مبني حسب الطراز الجيورجي , وأجريت عليه تحسينات كثيرة بمرور الوقت , مما حوله في النهاية الى خليط معماري لا ينتمي لعصر معين.
أما في الداخل فقد بذل والد جارود جهده لأقتناء كل ما هو ثمين وفاخر فأثار بذلك أعجاب وحسد الجيران والأصدقاء , وأحاط البيت بسياج عال يمنع عن سكان البيت عيون المتطفلين , وتوقف جارود بسيارته أمام البوابة ليتيح للحارس هدلي فرصة رؤيته , قبل أجتيازها.
" ها نحن هنا أخيرا , هل لاحظت أزدياد الحراسة مؤخرا؟".
" يخشى والدك سرقة مقتنياته الثمينة".
قال ماث بينما أوقف جارود السيارة أمام باب المنزل .
" وكل قطعة جديدة يشتريها تضاف الى المجموعة".
" وتزيد من خوفه , آه , أن الجو بارد فعلا , هل سقط الثلج بعد أم لا؟".
" كلا , ولا أظن أن الجو بارد الى هذا الحد , أنها لم تصل درجة التجمد بعد وألا لما تمكنت من القيادة بسرعتك تلك".
" أتراهنني؟".
تساءل جارود مداعبا.
أنحنى كبير الخدم أمامهما بأدب وقال ردا على تحية جارود له:
" مساء الخير يا سيد جارود أرجو أن تكون قد تمتعت بأجازة جيدة".
" رائعة , وكيف صحة والدي ؟".
ثم سار نحو مؤخرة السيارة وسحب حقيبته بسهولة.
تقدم موريس مسرعا وتناول الحقائب:
" أن والدك بخير يا سيد جارود , وهو في أنتظارك في مكتبه , هل تتناول العشاء؟".
" كلا , ليس اليلة , سأراك فيما بعد يا ماث".
أومأ ماث برأسه وتبع موريس الى الطابق الأول , بينما سار جارود عبر الصالة ليدخل غرفة واقعة في النهاية البعيدة .
كانت الصالة مضاءة بشكل جميل , وفرشت الأرضية بسجادة ذات لونين أزرق وذهبي , أما غرفة المكتب فأرضيتها مفروشة بسجادة ذات لون أخضر وجدرانها مبطنة بأكملها تقريبا , بالكتب المجلدة الفاخرة , كتب يعلم جارود أن والده لم يقرأ أيا منها , أذ لم يكن والده محبا للقراءة بل كان رجلا عمليا فضل دائما أنجاز أعماله بيديه , الى أن أصيب فجأة بنوبته القلبية الأولى منذ عدة سنوات وأقتنع حينئذ أن مواصلته العمل بطريقته المتعبة سيقوده الى الموت خلال أقل من عام , لذلك سلم رئاسة مجلس أدارة شركات كايل الى أبنه جارود مع محافظته على دور المشرف الفعال في كافة النشاطات , ألا أنه نسي خلال أتخاذه لقراره ذلك أن لجارود مخططاته الخاصة وأنه حالما أستلم المسؤولية رغب بأن يكون المدير الفعلي بدون اللجوء الى أستشارة والده ألا نادرا , رغم ذلك أحس جي كي بالأعجاب لتصميم أبنه وفكر بأنه كان سيفعل الشيء ذاته لو كان في مكانه.
كان جي كي جالسا على كرسيه المفضل قرب النار , ورغم أن المنزل كله مزود بالتدفئة المركزية , ألا أنه أحتفظ بالموقد القديم في تلك الغرفة.
أبتسم بحرارة عند دخول جارود الغرفة وقال:
" أهلا , أجلس هناك.... هل الجو بارد في الخارج؟".
" ليس تبعا لما قاله ماث , ولكنني أقول بأنه بارد جدا".
ضحك جي كي وقال:
" أن جو البحر الكاريبي أفسدك , لا أعرف كيف تستطيع تحمل الحرارة , أما بالنسبة لي فأعطني ليلة خريفية وموقدا حقيقيا وسأكون ممتنا جدا".
" أنك متقدم في السن يا جي كي".
وضحك جارود أذ رأى أنكماش والده نتيجة الملاحظة , فتابع بسرعة:
" لنحاول ألا نضيّع الوقت في مسائل سخيفة , ما فحوى ما سمعته عن أختياري كوصي على طفلة ما؟".
" نعم , سارة روبنز , حفيدة جفري".
" لكنها مسألة لا تصدق! ولم أختارك وصيا على حفيدته".
" لم يخترني أنا بل أختارك أنت: جارود كايل مدير شركات كايل".
" أنه أدعاء رسمي فقط , فأنت تعلم جيدا أن الوصي المختار هو أنت ولا علاقة لي بالموضوع , على كل أنت لم توضح الأمر بعد".
هز جي كي كتفيه العريضتين أستهانة ,كان هناك شبه كبير بين الوالد وأبنه, الشعر الكث رغم أن تقدم جي كي في العمر أحال لون شعره الى الرمادي مما زاد في عمق ملامحه.
" حين كنت شابا , كنت وجفري أصدقاء مقربين , وحين توفيت أبنته وزوجها بعد ذلك , أحس بالأضطراب والقلق لمصير الطفلة وخاصة بعد وفاة زوجته خلال فترة الحرب , مما دفعه الى التفكير بمصير الطفلة , أذا ما أصابه مكروه".
" ولكن لم أختارك بالذات ؟ ألأنك غني؟".
" لو كنت تعرف جيفري روبنز , لما قلت هذا , كان رجلا شريفا وذا كبرياء ولو أراد المال لأستطاع الحصول عليه بسهولة , أذ أتيح له العديد من الفرص للأغتناء لكنه رفض ذلك , كلا , أظن أن أختياره جاء نتيجة ليأسه , لا أعتقد بأنه كان يعرف حالة قلبه , أو على الأقل لم يبلّغ أحدا بالأمر , وأظن أنه أمل بالعيش لحين بلوغ سارة سنا معينة تؤهلها للزواج والأستقرار, ألا أن ذلك لم يحدث".
وتنهد جي كي بعد لفظه الجملة الأخيرة.
" وماذا عن الطفلة ؟ هل ألتقيت بها بعد وفاة جدها؟".
" لم أرها أبدا".
وأسترخى في كرسيه في وضع مريح :
" أردت الذهاب الى بريدجستر في الأسبوع الماضي , ألا أنني قررت الأنتظار و...........".
" وتترك لي آداء المهمة.... يا لك من ماهر!".
كشر والده وقال:
" حسنا جارود , أصررت دائما على القيام بكافة واجباتي , لذلك لم أرغب هذه المرة بالتدخل في شؤونك الخاصة".
" حسنا , حسنا... ما الذي ستفعله الآن ؟ بشكل جدي رجاء؟".
قطب والده جبينه :
" حسنا , أعتقد أنه من السهل الطعن بالوصية , وليس من الصعب أثبات أن المعني بالأمر هو أنا وليس أنت ثم أنهاء مسؤوليتي قانونيا لأنني متقاعد , ثم أن الأختيار تم بدون الحصول على موافقة الوصي المقترح وهذه نقطة مهمة".
" يا له من مأزق! وما الذي سيحدث للطفلة أذا ما تخلينا عنها؟".
" أظن أنها ستوضع في ميتم أو شيء من هذا القبيل , ما لم نقم بتزويدها بالمال الكافي لأنهاء دراستها".
" أين هي الآن؟".
" مع أحدى الجارات , ولكن بما أن للجارة سبعة أطفال فقد أخبرت المحامي بأنها لا تستطيع أبقاءها معها فترة طويلة".
" يا لها من طفلة مسكينة , أظن أنك تتوقع مني زيارتها؟".
" على أحدنا الذهاب لرؤيتها على الأقل".
" ثم ماذا بعد ذلك ؟".
وفك جارود قميصه العلوي وتنهد بأرتياح مضيفا:
" أن الحل الأفضل هو التكفل بنفقاتها , أليس كذلك؟".
" أرغب برؤية حفيدة جفري يا جارود وأرجو أن تجلبها معك لزيارتي".
رفع جارود حاجبيه أستغرابا :
" هل أنت جاد؟".
" لم لا؟".
" أعني أن تجلب الطفلة الى هذا المكان ثم تعيدها ثانية الى مكانها! ألا تعتقد بأن هذا سيدفعها الى تجاوز قناعتها؟".
" كلا لا أظن حفيدة جفري ستفعل ذلك , أذ لا بد أنه رباها بطريقة تجعلها واثقة من نفسها".
" كم هو عمرها الآن؟".
" لا أدري بالضبط , ربما في الخامسة عشر".
" الخامسة عشر؟ ألا تعلم بأن فتاة بهذه السن هي شخص بالغ؟".
" كيف تعرف ذلك يا جارود؟ أو ربما تغير ذوقك النسائي مؤخرا؟".
رمى جارود بقية سيكارته في النار ثم قال بغضب:
" لو أن شخصا آخر تلفظ ما قلته الآن.......".
" أعرف أعرف".
ونهض والده واقفا:
" ربما كنت محقا , ربما لم تعد طفلة , أذا كان الأمر كذلك فستكون مهمتنا أسهل.... جارود أردت دائما أن تكون لي أبنة , آه أعرف بأنني أردت أبنا في البداية , ولكن بعد ذلك.....".
ثم تنهد.
سار جارود متوجها نحو الباب وعلّق بسخرية:
" أيها الأخ , أنني متعب وسأذهب للنوم , فكر بالأمر وأخبرني بقرارك في الصباح".
عض والده شفته وبدا عليه الأرتياح.
" حسنا , جارود , لقد وضحت رأيك , يا لك من قاس".
نظر جارود الى والده وأسف لما قاله ألا أنه لم يستطع ألا أن يقول :
" أنني حصيلة ما صنعته يداك , صورة لك".
عادت سارة روبنز من المدرسة مع بريان ماسون , أكبر أبنلء السيدة ماسون , جارة جدها منذ أكثر من خمسة عشر عاما , وبقيت سارة معهم منذ وفاة جدها , ورغم أن الفترة لم تتجاوز الأسبوعين ,ألا أنها أحست وكأن سنوات طويلة مرت بأنتظار تقرير مصيرها.
صدمت سارة حين علمت بوصية جدها وقراره بأختيار غريب وصيا عليها , لو أنها علمت من قبل , بسوء صحة جدها لفكرت بترك المدرسة والبحث عن عمل ملائم لها , ألا أنه كان بصحة جيدة وقويا ولم يشك في شيء , ولم تعلم سارة عن مرضه ألا بعد وفاته.
كانت السيدة ماسون وزوجها الضئيل خاصة أذا ما قورن بضخامة زوجته , عطوفين عليها , ألا أن سارة لم ترغب بالبقاء معهما الى الأبد.
أذ كان المكان صغيرا , وكان سرير سارة في غرفة الجلوس , وعرض بيع بيت جدها , ألا أنه من المستبعد الحصول على سعر مقبول عند بيعه ,وتم وضع الأثاث الصالح للبيع في غرفة واحدة ,بينما فرغت بقية الغرف من محتوياتها.
كانت هناك سيارة مرسيدس ضخمة أمام بيت عائلة ماسون ,ذلك المساء وقال برايان:
" آه , أنها مرسيدس! لا بد أنها تعود الى أحد رجال السيد كايا , جاء بحثا عنك!".
هزت سارة رأسها وأحست بجفاف حلقها , أذ أنها حاولت ومنذ أن أخبرها المحامي بالوصية , نسيان قصة الوصي عليها , والآن وقد رأت السيارة الفاخرة أمام البيت أنتابها الرعب من جديد.
نظر اليها برايان بغرابة:
" ماذا حدث؟ أنك شاحبة تماما! ليس هناك ما يستدعي الخوف يا سارة, أتمنى لو كنت في مكانك ليرعاني رجل بمثل هذا الغنى....".
نظرت اليه سارة بأحتقار وقالت:
" المال؟ هل هذا هو كل ما تفكر به؟ أحس الآن بأنني بضاعة معروضة للبيع......!".
ضحك برايان وعلق:
" حسنا , لا يبدو عليك ذلك , من الأفضل ألا تفكري بشيء قبل لقائه , أذ قد يصبح متيما بك!".
" هل تعني بأنه عجوز؟".
" وهل هو عجوز؟".
" نعم , لا بد أن يكون عجوزا , أذ أنه كان صديقا لجدك".
" نعم , حسنا .... لندخل الآن ولنلتق به".
دخلا الممر الضيق لبيت ماسون وسمعا أصواتا مختلطة تنبعث من غرفة الجلوس , فنظرت سارة الى برايان بترقب.
بادلها برايان النظرات ثم فتحت السيدة ماسون باب غرفة الجلوس ثم أغلقته بهدوء.
" جاء السيد كايل لرؤيتك , أو هذا ما يقوله على الأقل , أذ أنه أصغر سنا مما توقعت ولم أرغب , بالطبع , في طرح الأسئلة عليه".
أحتفظت سارة برأيها لنفسها , كانت السيدة ماسون أمرأة تحب طرح الأسئلة وكان لتعليقها معنى واحد , وهو أن السيد كايل رفض الأجابة على أسئلتها , وأضافت السيدة ماسون:
" أنه في أنتظار رؤيتك ...".
وأذ لم تعلق سارة بشيء واصلت السيدة ماسون :
" سأصحبك أذا ما رغبت بذلك....".
" كلا , شكرا".
أجابت سارة بأستياء.
تصلبت السيدة ماسون وطوت ذراعيها على صدرها:
" آه , نعم , بالطبع..... أذا كان هذا ما تريدين يا سارة".
" من الأفضل أن أدخل لوحدي يا سيدة ماسون".
" حسنا جدا , تعال معي يا برايان".
وتوجها الى المطبخ , بينما تنهدت سارة وحاولت أستجماع شجاعتها ثم فتحت باب غرفة الجلوس ودخلت.
لدى دخولها , نهض الرجل واقفا , كان طويل القامة ونحيفا ولون شعره أشقر كما بدت على وجهه السمرة أوحت لها بأنه قضى عطلته في مكان مشمس , وكانت لعينيه زرقة لم تر مثلها من قبل , لم يكن وسيما , فكرت سارة بعصبية , ألا أنه لم يكن أيضا في عمر جدها.
وأذ دهشت لمرآه ,كانت دهشة الرجل أكبر لمظهرها:
" هل أنت سارة روبنز؟.
سأل متعجبا.
" نعم يا سيد كايل , أنا سارة روبنز ".
" كم تبلغين من العمر؟".
" سبعة عشر عاما".
" سبعة عشر؟".
وسحب علبة سكائره ثم طلب منها السماح بالتدخين فأومأت برأسها موافقة:
"ظن والدي أنك في الخامسة عشر , ولكن ها أنت....".
وتوقف للحظة ثم واصل:
" هل تنوين ترك المدرسة قريبا؟".
" أستطيع ترك المدرسة في أي وقت أشاء".
أجابت سارة بحذر متأملة أظافرها لتتحاشى النظر اليه :
" حين كان جدي حيا.... أردت أن أواصل دراستي الثانوية ولكنني الآن.........".
" حسنا سارة روبنز , هل لديك أسئلة ترغبين بسؤالي أياها؟".
" أنك أصغر مما توقعت".
" ربما , أذ أرتكب جدك خطأ صغيرا في وصيته , أذ وضع مستقبلك بين يدي رئيس أدارة شركات كايل متوقعا بقاء والدي في منصبه".
" والدك؟ هل تعني بأن والدك كان على معرفة بجدي؟".
" صحيح , لسوء الحظ , تقاعد والدي منذ عدة سنوات بسبب سوء صحته , وأنا الآن مدير مجلس أدارة الشركات وأحمل الأسم ذاته , جارود كايل".
" ذلك يوضح الأمر كله".
وبدا على سارة الأرتياح.
" نعم بالنسبة اليك على الأقل ".
وتأملها مفكرا , وبطريقة دفعت سارة للأحساس بالحرج , أنه موقف لم يتوقعه جدها أطلاقا , حين أضاف ذلك المقطع الأخير الى الوصية.
" أخبريني.... هل لديك أقارب؟".
" كلا ".
وأحتقن وجهها أحمرارا وشغلت نفسها بدفع خصلات شعرها الأحمر الطويل عن وجهها.
" وماذا كنت ستفعلين لو أن جدك لم يضف ذلك المقطع االأخير من وصيته؟".
وأزداد أحساسها بالحرج , وأدراكها لسخريته المرة رغم عدم تغير ملامح وجهه.
" كنت سأترك المدرسة فورا وأبدأ البحث عن عمل ما".
" مثل ماذا؟".
" لا أدري- في مكتب ما أو ربما سأدرس التمريض أذا شعرت بالرغبة في دراسة التمريض".
وبدا عليه الضجر بعد نفاد أسئلته.
أستدار جانبا وتمشى ثم وقف قرب النافذة.
" ألا أن المقطع أضيف, أرتد معطفك ولنغادر المكان".
" نغادر؟ ".
وأتسعت عينا سارة الخضراوان دهشة.
" مؤقتا فقط , أذ يرغب والدي برؤيتك , أما بعد ذلك فسنبحث الموضوع فيما بعد".
أرادت سارة أن تجادله , أرادت القول أنها لا تعرف شيئا عنه وأنها لا تريد مغادرة المكان المألوف لديها الى مصير مجهول , ألا أنها لم تكن في مركز كايل , كان بنظرها رجلا أكبر منها سنا بكثير , لذلك تخلت عن رغباتها وأومأت موافقة وتوجهت الى المطبخ لتوضح للسيدة ماسون ما حدث.
كانت سيارة المرسيدس البيضاء مريحة جدا حتى بعد أن غادر جارود بريدجستر وبدأ القيادة بسرعة أكبر , وأنتابها طوال الوقت أحساس المستغأيقنت أن ملابسه الفاخرة ثمينة جدا ,وبدا معطفها الأزرق رخيصا جدا وخاليا من الذوق في حضوره , وتصورت بأكتئاب ما سيحدث عند ألتقائها بوالده , كان الأبن ممثلا لسلطة الأثنين وبدا عليه الأمتعاض لسبب ما , وخمنت بأن يكون وجودها سبب ذلك.
تنهدت ونظرت الى الجهة الأخرى.
" أخبريني , هل قضيت بعض الوقت خارج بريدجستر؟".
قطبت سارة جبينها وفكرت قبل أن تجيب:
" أثناء العطل فقط زرت بلاكبول مرتين ولندن ثم هاستينغ".
" ألم تسافري خارج بريطانيا؟".
" كلا , أظن أنك سافرت كثيرا , أليس كذلك؟".
" نعم....".
أجاب ببرود دفع سارة للأحساس بغباء سؤالها.
" ما هي أهتماماتك أذن؟ ما الذي تفعلينه في وقت فراغك؟".
" أحب القراءة وسماع الموسيقى , وأعتدت الذهاب مع جدي , الى المسرح في ليدز أو لمشاهدة فيلم في السينما".
" ما هي مادتك المفضلة في المدرسة؟".
" هل تعني مادتي المفضلة أو التي أجيدها؟".
وبدا عليه الأستمتاع:
" هل هناك فرق؟".
" نعم , أن مادتي المفضلة هو الأدب الأنكليزي لكنني أحبذ الرسم".
" الرسم؟".
سأل جارود متعجبا:
" أتحبين الفن؟".
" نعم وأجتزت الأمتحان بتفوق لكن مدرسة الفن , الأنسة فتش , مثيرة للضجر , أعني أنها..........".
وبدا عليها التردد لأختيار الكلمة الملائمة :
" في أي حال , لا أحد يحبها لذلك لا أجدني أهتم كثيرا بالفن".
أستدار جارود بالسيارة الى شارع جانبي يؤدي الى مالثروب , وأنتبهت سارة الى جمال أصابعه المم*** بمقود السيارة بمرونة , أصابع طويلة وقاسية , ويدان قويتان.
كان الوقت مساء حين وصلا الى البوابة الخارجية ووجدا هدلي في مكانه المعتاد , نظرت اليه سارة وأرتجفت لمرآه.
قال جارود أذ أحس بعصبيتها:
" لا داعي للخوف , أنها عملية روتينية أذ أن لوالدي مجموع من المقتنيات الثمينة ويرغب بحمايتها".
عضت سارة شفتيها وأنتبهت لفخامة المكان غير المألوفة بالنسبة اليها رغم أنشغالها بالتفكير في لقائها المقبل مع الأب.
وعند أقتراب السارة من باب المنزل , فتح موريس الباب بسرعة.
" أنه رئيس الخدم , أنا مقتنع بأنه وضع ردارا في المطبخ يستطيع بواسطته معرفة أقتراب السيارة من الباب".
لم تستطع سارة مقاومة رغبتها بالضحك , ورغم أن جارود لم يقل شيئا يساعدها على تخفيف أرتباكها ألا أن سلوكه بدا أفضل , ربما لأنه كان على وشك التخلص من مسؤوليتها , وأذ غادر جارود السيارة , غادرتها سارة أيضا بدون أنتظار مساعدة أحد ,ووقفت محدقة في مظهر موريس الواقف عند الباب.
" مساء الخير سيد جارود , أن والدك في أنتظارك في صالة الأستقبال".
" شكرا موريس".
وصعد جارود الدرجات بسرعة ثم ألتفت فرأى سارة ما تزال واقفة في مكانها:
" تحركي يا سارة روبنز , أنا متأكد بأنك لست خائفة".
تصلبت سارة وتسلقت الدرجات أيضا.
" كلا يا سيد كايل , لست خائفة".
فأبتسم جارود بسخرية:
" ألست خائفة؟ لا بد أنك فريدة أذن , أذ ظننت أن ظروفا كهذه تمثل عبئا ثقيلا على طفلة مثلك".
تبعت سارة جارود الى الصالة الفخمة ونظرت حولها بأعجاب ثم ركزت أهتمامها على جارود الذي وقف ليراقبها بسخرية واضحة:
" أعتاد جدي القول أن الأحمق يخاف , أذ يتساوى الشجاع والجبان عند الموت".
أحنى جارود رأسه تحية لتعليقاتها:
" أعتقد أن لجدك سلوك الحكيم , أليس أختياره أغنى رجلا موجودا كوصي على حفيدته أفضل دليل على ذلك؟".
نظرت اليه سارة بدهشة:
" ما الذي تعنيه يا سيد كايل؟".
" أن أبني شخص متهكم".
قال صوت من ورائها:
" سمعت بوصولك يا عزيزتي , مرحبا بك في مالثروب".


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:17 PM   #3

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2 - قلبك أرحم


أستدارت سارة لتواجه نسخة متقدمة في السن لجارود كايل , بأستثناء الأختلاف في لون الشعر والتجاعيد في وجه الأب , أبتسم لها بحرارة وبدا مختلفا عن الأبن في سلوكه وعن الصورة التي رسمتها في ذهنها عنه.
" أنت , أنت السيد كايل؟ سيد كايل صديق جدي؟".
" صحيح".
ثم أستدار نحو رئيس الخدم :
" أغلق الباب يا موريس , وخذ معطف الآنسة روبنز , تعالي يا عزيزتي وتناولي الشاي معي في الصالة".
ثم نظر بأتجاه أبنه متسائلا :
" هل ترغب بتناول الشاي معنا يا جارود؟".
خلع جارود معطفه بحركات كسولة بطيئة فأحست سارة بأضطراب غريب يسري في جسدها , لم تفهم طبيعة ذلك لأنها لم تشعر به من قبل , ألا أنها أدركت أن الأحساس الغريب يتملكها في حضور جارود فقط , من الواضح أنها لم تلتق برجل مثله من قبل ألا أن الأمر يتعدى ذلك.
وأحست بالحاجة الى هز رأسها لأبعاد تلك الأفكار عنها.
هز رأسه نفيا جوابا على سؤال والده:
" كلا لا أعتقد أنني أريد ذلك".
" أتصلت لورين بك مساء وتريد منك الأتصال بها".
" صحيح , وماذا قلت لها؟".
" أخبرتها أنك مشغول حاليا".
وكانت لهجته ساخرة فأحست سارة بالتوتر الكامن بين الأثنين.
أستدار جارود وبدأ صعود السلم بدون الألتفات وراءه وأبتسم والده قبل أن يمسك ذراع سارة ليقودها الى الصالة.
أسترعى الديكور الرائع أهتمام سارة , السجادة , الكراسي ذات اللون الأسود والخشب المحيط بزوايا الصالة , وأنتبهت الى جهاز التلفزيون المزود بمسجل كبير , ثم هناك النقوش المزينة للسقف , وكأن المشهد كله مأخوذ من فيلم.
" هل تحبين المكان؟".
وبدا عليه السرور لأعجابها.
" أنه رائع , لم أكن أعلم بوجود مثل هذه الأماكن في يوركشاير ".
ضحك وقال:
" آه يا سارة , يا لها من ملاحظة شابة منتبهة , وعليك أن تدعيني جي كي لتفرقي على الأقل بيني وبين أبني".
لم تعرف سارة كيف تجيب لذلك أكتفت بالأأبتسام , وقرع جي كي الجرس طلبا للخادمة.
" أجلسي يا سارة , أريد أن أعرف كل شيء عنك وعن جدك".
جلست على الكنبة كما طلب منها , متحاشية دعك تنورتها المدرسية.
وتساءلت في داخلها عما سيقوله الخدم عنها , أذ أنها لا تشبه أيا من زوار مالثورب , كان المكان دافئا وفكرت بأنالمرء لا يحتاج أرتداء ملابس سميكة في هذا المكان.
جلبت الخادمة صينية الشاي ووضعتها على المنضدة المنخفضة قرب سارة وبعد أن ذهبت جلس جي كي مقابل سارة وقال:
" هل تستطيعين صب الشاي".
كانت أكواب الشاي صغيرة وجميلة ألا أن سارة أستطاعت أتمام مهمتها بنجاح بدون أن تسكب الشاي وأضافت الحليب على شايها والحليب والسكر على شاي جي كي , كانت هناك فطائر ساخنة مغطاة بالمربى والقشدة ألا أنها لم تأكل غير القليل أذ لم يفارقها الأحساس بالعصبية.
نظر جي كي الى علبة السكائر الذهبية وسألها:
" هل سمح لك جدك بالتدخين؟".
" كلا , كما أنني لا أحب التدخين".
" حسن جدا أنها عادة سيئة لدى المرأة , مع ذلك قد تمنح الأنسان شيئا يتسلى به أثناء المقابلات وغيرها , والآن أخبريني , عن نفسك , مدرستك , خططك زكيف كنت تقضين وقتك مع جفري؟".
كان من السهل والمريح التحدث اليه وكان أقل أثارة للخوف من أبنه , فتلاشى أحساسها العصبي لحرارة أهتمامه وأخبرته كل شيء حتى عائلة ماسون , واصفة تفاصيل حياتها بدقة أسترعت أهتمام جي كي , الى حد نسي مرور الوقت الى أن دخل موريس الصالة مقاطعا أياهما:
" هل ستبقى الآنسة للعشاء؟".
سأل موريس بأدب.
" بما أن الساعة الآن هي السابعة فأظن أن أقتراحك هو الأنسب , أليس كذلك؟".
وأومأ برأسه بأتجاه سارة.
" ولكنني لا أرتدي الملابس الملائمة للعشاء ".
دمدمت سارة وخشيت حضور جارود ونظراته المتفحصة لملابسها.
" ليس لذلك أهمية يا عزيزتي , لن اغير ملابسي أنا الآخر ولا أظن جارود سيبقى للعشاء معنا , أليس كذلك يا موريس؟".
" غادر السيد جارود المكان منذ نصف ساعة , وطلب مني أخبارك بأنه سيتأخر".
أبتسم جي كي بسخرية:
" صحيح؟ يا له من سلوك مؤدب ! حسنا يا موريس , العشاء لأثنين".
" نعم سيدي".
وأنسحب موريس بهدوء.
وأسترخت سارة في مكانها وأحست بالراحة لعدم حضور جارود العشاء معهما.
ثم قطبت جبينها فجأة , أذا كان جارود قد غادر المكان فكيف ستعود الى البيت.
" سيد....جي كي".
" نعم؟".
" أذا كان أبنك قد غادر المكان كيف أستطيع العودة الى البيت؟ أعني هل هناك باص أو محطة قطار قريبة؟".
هز جي كي رأسه وقال:
" سيأخذك بوتر الى البيت".
" بوتر؟".
" سائقي الخصوصي".
وسألت سارة نفسها عن جارود كايل , لا بد أنه ذهب لزيارة أحد أصدقائه , ثم تساءلت عما أذا كان متزوجا , ثم أين زوجة جي كي؟
" هل أن زوجتك.........؟
وتوقفت لأحساسها بأنها بدأت التدخل في شؤون لا تعنيها , فقال:
" أستمري , ما الذي أردت السؤال عنه؟ أذ سألتك الكثير حتى الآن , ويحق لك الآن طرح بعض الأسئلة , لا تقلقي".
" أردت سؤالك عن مكان زوجتك؟".
" تعيش زوجتي في جامايكا".
قال بهدوء.
" آه".
وبدت الدهشة واضحة على وجهها , فأبتسم قائلا:
" هل تظنين أن وضعنا غريب؟ عبري عن رأيك بصراحة".
" وهل تعيش أنت هنا؟".
" نعم , معظم الوقت".
" أذن نعم , أظن أن وضعكما غريب , هل أنتما مطلقان؟".
" كلا , منفصلان فقط , هيلين لا تشبهني أذ أنها تحب الحياة الأجتماعية , كما تحب المناخ الحار , أصيبت منذ فترة طويلة بأحتقان الرئتين , ونصحها الأطباء بعدم البقاء في أنكلترا أثناء الشتاء, لذلك أنتقلت للعيش في جامايكا".
" وتركتك لوحدك؟".
" حسنا , أكتشفنا وبعد قضاء سنوات طويلة معا بأننا مختلفان وحياتنا منفصلة لذلك كان من الطبيعي أن تفضل العيش بعيدا ولوحدها".
" يا له من أمر فظيع".
وتنهدت سارة مضيفة:
" أنا آسفة".
" لم تأسفين؟ أن هيلين سعيدة وأنا كذلك , لسنا أعداء وجاء أنفصالنا بناء على رضانا معا منذ كان جارود في الثامنة من عمره , هيلين تنتمي لعائلة غنية من يوركشاير وأعتقد بأنها أحبتني في البداية , رغم أنني لم أكن متأكدا من ذلك , في أي حال أبدت ما يكفي من الأهتمام للزواج مني وبهذه الطريقة زودتني بما يكفي من المال لتوسيع شركتي".
ودهشت سارة لحديثه مما دفعها للسؤال:
" أتعني , أتعني أنك تزوجتها من أجل ثروتها؟".
" أنك تجعلين المسألة تبدو وكأنها حسابية باردة ,أن الشباب وحدهم قادرون على كشف الحياة لضوء النهار البارد , أما ما أقوله أنا فهو أن زواجنا تم بناء على أتفاق متبادل , حيث دفعت لهيلين فيما بعد كل فلس أقترضته منها , لذلك لا أجدني أشمئز لتصرفي , هل تشعرين بذلك نحوي؟".
" أوه , حقا , لا علاقة لي بالأمر , أعني , أنني لا أعرف حقائق الكثير من الأشياء , كما أنني لست قاضية".
"كلا , ربما لست كذلك , ألا أنك تجعلينني أرى نفسي كما يراني الآخرون , لا بد أن جارود سيسر لسماعك وأنت تخبريني عن حقائق الحياة الأساسية , وأعتقد أن بأمكانه هو الآخر أن يكون قاسيا أحيانا".
وفكرت سارة متذكرة سخرية جارود منها وكلماته المبطنة , بأن ما قاله جي كي معقول جدا.
مرت الأمسية بسرعة الى حد أن سارة لم تصدق أذنيها حين أخبرها جي كي عن حلول وقت عودتها الى البيت , وأنتابها أحساس بالأسف لأنها ستغادر المكان.
ألا أن جي كي أثار أستغرابها حين قال:
" هل ستأتين مرة أخرى يوم الثلاثاء؟ لا أستطيع دعوتك غدا أذ أن جارود دعى بعض العاملين في الوزارة وستكون الأمسية مملة".
أرتدت سارة معطفها.
" نعم سآتي أذا ما أردت ذلك".
" جيد , جيد , رؤيتك أذا بعد غد , الى اللقاء".
" الى اللقاء جي كي".
أجابته وتبعت موريس الى سيارة الرولس رويس الموجودة عند أسفل السلم.
كانت السيدة ماسون متشوقة لسماع ما حدث عند عودة سارة الى البيت في شارع ميد.
" ما الذي سيحدث لك ؟ هل ستعيشين مع السيد كايل وزوجته؟".
وبحثت سارة عبثا عن كلمات تطفىء بها فضول السيدة ماسون خاصة وأنها تعلم بأن ما ستقوله للسيدة ماسون سيتردد بين سكان بريدجستر خلال أيام قليلة.
" لم يتقرر شيء يا سيدة ماسون , كل ما حدث هو أنني تعشيت مع السيد كايل الأب ,والذي كان يعرفه جدي , أما الرجل الذي جاء هنا فهو الأبن".
" هل أخبرته بأنك لا تستطيعين البقاء معنا فترة طويلة؟".
" لا أعتقد أننا تحدثنا عن ذلك أطلاقا يا سيدة ماسون".
" ما الذي تحدثتما به أذن؟".
" قضينا معظم الوقت متحدثين عن جدي".
وتمنت سارة أنتهاء فترة الأستجواب وفكرت بأنه كان عليها أعداد الأجوبة في طريق العودة الى هنا".
" هل تمانعين أذا ذهبت الى سريري الآن؟".
" لا مانع لدي , ومتى ستعرفين ما الذي سيحدث؟".
" سأتناول العشاء مع السيد كايل يوم الثلاثاء , وقد أستطيع تحديد ما الذي سيحدث حينئذ".
" ماذا تعنين بذلك؟".
نظرت سارة بيأس:
"بصراحة , لا أدري يا سيدة ماسون , أذ حدث كل شيء بسرعة ولا أجدني قادرة على التفكير بوضوح الآن ,قد أذهب لرؤية رئيسة الممرضات في المستشفى لسؤالها عما أذا كانت ستقبلني كمتدربة".
" أن أبنتي ليلي وأنا حاولنا ذلك قبل وفشلنا".
وأرادت سارة أن تقول بأن ليلي البالغة من العمر الثامنة عشرة لا تحب أي شيء له علاقة بالعمل فلا عجب في أنها فشلت في ذلك , ألا أنها كبحت رغبتها في الأفصاح عن ذلك وتوجهت الى الطابق الأول لتغتسل منهية بذلك الحديث.
وصل بوتر مساء الثلاثاء , في سيارة الرولز ليأخذها الى مالثورب , فقالت السيدة ماسون بعد محافظتها على الصمت طوال اليومين الأخيرين:
" أظن بأنك ستنظرين الى نفسك بأعتبارك أفضل منا , من الآن فصاعدا يا آنسة روبنز؟".
حدقت سارة في وجهها بدهشة:
"لم أفعل ذلك يا سيدة ماسون؟".
وبدا على السيدة ماسون الندم لفلتة لسانها:
" أوه لا شيء , لا شيء , أذهبي الآن ولا تتأخري في العودة".
أحست سارة بالضياع والوحدة في مقعد السيارة الخلفي , وحتى تلهفها لتناول العشاء في مالثورب لم يخلصها من أحساسها الحزين , ها هي الآن في منتصف الطريق بين الحياة السابقة والجديدة , تزعجها السيدة ماسون من ناحية بينما يشعر رجل عجوز عرف جدها ذات مرة بالأسف من أجلها.
كانت البوابة الخارجية مفتوحة لدى وصولهما ,لم ينطق بوتر بكلمة واحدة طوال الطريق وحرص على أغلاق الحاجز الزجاجي بينهما , ولم تلمه لذلك , ربما لم يكن مألوفا لديه الحديث مع من يقلهم بالسيارة.ألا أنها كانت سترحب بأي شيء يساعدها على تجاوز قنوطها.
صعدت السلم بعد أن فتح موريس الباب , سامحا للضوء الدافىء بالتسلل الى الخارج , دخلت البيت بسرعة فقال موريس:
" مساء الخير يا آنسة , هل الجو بارد في اخارج؟".
أسترخت سارة قليلا وخلعت معطفها:
" أنها باردة جدا , وأعتقد أنها ستثلج قريبا".
أبتسم موريس بطريقة ودية , ثم جاء جي كي من أحدى الغرف:
"آه سارة , ها أنت هنا , تعالي بسرعة , موريس أجلب لنا الشاي".
" نعم سيدي".
وأبتعد موريس بسرعة , بينما تبعت سارة جي كي الى غرفة مبطنة بالكتب , كان هناك رجل آخر يجلس قرب النار وتعرفت عليه بسرعة , أنه المحامي الذي بلّغها وصية جدها , السيد غرانت:
" أهلا سارة".
قال مبتسما:
" أنك تبدين بخير كيف حالك؟".
" بخير شكرا ".
وسألت جي كي:
" هل قاطعت شيئا".
أغلق جي كي الباب:
" كلا أطلاقا , أذ أن جو موجود هنا من أجلك , أذ كنا نناقش ظروفك الخاصة , سارة , أكتشفت أثناء تبادلنا الحديث في المرة السابقة , أن هناك الكثير مما يجمع بيننا , أو على الأقل أننا نملك أحساسا مماثلا بالدعابة ".
وأبتسم مضيفا:
" أنني أودك يا سارة وأحتجت بعض الوقت لأقرر ما سأفعله, حسنا , لقد أتخذت قرارا , وأذا وافقت , ليس هناك ما يحول دون تحقيقه".
أرتجفت سارة رغم حرارة الغرفة ثم جلست على كرسي منخفض:
" ما الذي تتحدث عنه يا جي كي؟".
" أنت ومستقبلك, هل قررت شيئا ما بصدده؟".
" أتصلت هاتفيا برئيسة الممرضات في المستشفى العام يوم أمس , وحددت لي موعدا لرؤيتها عند نهاية الأسبوع , وآمل أن توافق على تعييني كمتدربة".
" هل هذا ما تريدينه حقا؟".
" أبديت دائما بعض الأهتمام بالتمريض ".
وأحمر وجهها عند أجابتها السؤال.
" وأذا أفترضنا أن جدك ما زال على قيد الحياة , ما الذي كنت ستفعلينه حينئذ؟".
" كنت سأبقى في المدرسة عاما آخر ولقدمت الأمتحانات النهائية".
" والآن لنفترض أنك تملكين الخيار فما الذي كنت ستفعلينه بصراحة؟".
" آه ,العديد من الأشياء , أعني أنني أحب الأدب الأنكليزي والمطالعة , كما أحب الرسم , كنت سأسافر كثيرا وأرسم كثيرا".
ورفعت كتفيها دلالة اليأس وكررت :
" العديد من الأشياء".
بدا على وجه جي كي السرور ونظر الى غرانت:
" كما توقعت , أنك شابة عاقلة , حسنا يا سارة ,أذا ما وافقت فبأستطاعتك العيش معي في مالثورب مدة عام واحد , أقول عاما واحدا لأن شبان هذه الأيام يودون الأستقلال بحياتهم بأسرع وقت ممكن ولا أريد منك الأحساس بأنك مدينة لي بأي شيء , أنني أعرض عليك هذا لأنني أريده , بقدر ما هو من أجلك".
" آه لكن.......".
" بلا أعتراض , أصغي فقط , مهما كان مخططك للمستقبل , في أستطاعة ذلك الأنتظار فترة عام , خلال هذا في مستطاعك عمل أي شيء ترغبين فيه , وأن تتمتعي بحياتك , في أمكانك السفر , أذ أنني أذهب الى الولايات المتحدة بكثرة وقد تعلم جارود هناك الى حد أعتقد بأنه أميركي أكثر منه أنكليزيا , ثم أنني أسافر بأستمرار الى أوروبا , كما في أمكاني أخذك في رحلة فنية , لا بد أنك ستتمتعين بذلك".
" أستدارت نحو السيد غرانت وقالت:
" رجاء ,لا أستطيع قبول العرض , أعرف أن جدي أوصى بذلك لكن لا بد أنه كان مجنونا حينئذ , جي كي ليس مدير مجلس الأدارة الآن , بل أن أبنه هو المدير ولا بد أن هناك مخرجا ما من هذا المأزق".
" سأستشير جارود في هذه المسألة بالطبع".
قال جي كي متضايقا أذ أنه لم يحب معارضة أي شخص له.
" يا له من تقدير كبير".
أنبعث الصوت الساخر من ورائهم , وكان جارود قد دخل الغرفة بهدوء ووقف ليراقبهم ببرودته المعتادة , أستقام في وقفته واضعا يديه في جيبيه
" أنه لمن الرائع تقدير مشاعري الى هذا الحد يا جي كي , وهو أكثر مما توقعت منك , ما لم يفهمه أحد منكم بصدد الوصية هو أننا أذا قبلنا جزءا منها فعلينا في النهاية قبولها بأكملها , بمعنى آخر , أن الآنسة روبنز ستحصل على ما يدعمها ماليا طوال حياتها ولن يكون بمقدور أحد تغيير ذلك فيما بعد".
" ما تقوله فظيع".
صرخت سارة محدقة في وجهه.
أما جي كي فعلق قائلا:
" نعم فظيع , أن حديثك لا معنى له أذ أننا سنكون مسؤولين عن سارة حتى تبلغ الثامنة عشرة من عمرها فقط , أما بعد ذلك وحتى لو رغبت هي , الأمر الذي أشك في صحته , في المطالبة بأي شيء فلن يحق لها ذلك".
" صحيح؟ ".
وتنهد جارود بصوت مسموع :
" هل تعتقد فعلا أن في أمكانك التخلص من مسؤولية شخص قبلت بنفسك تحمل مسؤوليته لمدة عام؟ ما الذي جرى لك يا جي كي؟ ما الذي جرى لعقلك المادي الذي طالما تفاخرت فيه؟".
" من الواضح أنني وهبته أياك لتضيفه الى ما تملك , كيف تجرؤ على الوقوف هنا وأهانة ضيف في منزلك؟".
" أهانة؟ أنني لم أهن أحدا , كل ما فعلته هو ذكر الحقائق كما أراها , أذ أنني لا أعاني مثلك بأختلاط قراراتي بالعواطف".
وأخذت سارة بالأرتجاف بوضوح الآن , أنها لم تتعرض لمثل هذا الموقف في حياتها من قبل.
" رجاء , رجاء , لا تقل شيئا آخر , أذ لا أريد سماع أي كلمة , أنا آسفة , آسفة".
وخطت بسرعة مجتازة جارود , فتحت باب الغرفة وأندفعت الى الصالة غير شاعرة بما تفعله بأستثناء أحساس واحد ألح عليها وهو الرغبة في الفرار بسرعة , وأصطدم بها موريس حاملا صينية الشاي.
" ولكن الى أين ستذهبين يا آنسة روبنز ؟".
" أرجو أن تناولني معطفي أذ أريد الذهاب الى البيت".
" أترك ذلك لي يا موريس , سارة , سارة.... ما الذي أستطيع قوله؟ يجب ألا تدعي أبني يزعجك .... أنه رجل أعمال وهذه طريقته الوحيدة في التعامل , وهو يشبهني في رغبته بالحصول على ما يريده , يجب ألا تدعي خلافاتنا الصغيرة تزعجك".
" خلافات صغيرة! لا تستطيع تسمية ذلك الجدال خلافا صغيرا , أنه لا يريدني هنا , وصرح عن رأيه بوضوح كما أنه ولسبب ما لا يثق بي , لن أكون سعيدة هنا وتحت هذه الظروف".
" أوه سارة , أريد منك البقاء معي.... أليس هذا كافيا؟".
" لكنك لست الوصي بل هو الوصي".
" نعم ولذلك يجب أن يخجل لسلوكه ".
دمدم جي كي غاضبا .
هزت سارة رأسها.
" أريد الذهاب الى البيت , أعني العودة الى بيت عائلة ماسون".
"| ليس لديك بيت يا سارة , أعقلي , جارود لا يعيش هنا دائما بل يمضي معظم وقته في لندن أو خارج البلاد , وأؤكد لك أن الأمر لا يستحق القلق".
واصلت سارة هز رأسها:
" رجاء , دعني أرتدي معطفي أذ أريد ترك المكان".
ضغط جي كي على نفسه وأستدعى موريس.
" شكرا لكل شيء , هل هناك أحد سيأخذني الى البيت؟".
" موريس أخبر بوتر , أتمنى أن تغيري رأيك يا سارة".
نجحت سارة في رسم شبح أبتسامة على شفتيها ثم فتحت الباب ونزلت السلم ركضا , قبل أن تدخل السيارة نظرت وراءها فلمحت جي كي واقفا لوحده عند أعلى السلم فأحست بالدموع تنهمر على خديها , حينئذ أدركت بأنه هو الآخر يعاني من الوحدة مثلها , وفكرت بأن الوقت متأخر لتغيير رأيها.
في بداية الأسبوع التالي , قابلت سارة رئيسة الممرضات في المستشفى وأخبرتها بأنها ستبلغها نتيجة المقابلة خلال الأيام المقبلة , ولم يعد أمام سارة غير الأنتظار والقلق , وحاولت في وقت فراغها التفكير في العديد من المشاريع لتبعد عن ذهنها شبح جي كي ومالثورب وأكثر من أي شخص آخر شبح جارود كايل.
ذات صباح , عند نهاية ذلك الأسبوع , جاء مدير المدرسة لرؤيتها بينما كانت تقرأ في المكتبة , قال:
" ها أنت هنا يا سارة , في مكتبي زائر في أنتظارك".
" زائر؟ ولكن من هو؟".
" السيد كايل , كايل؟ أن الأسم مألوف بالطبع , منسوجات كايل , هل تعرفينه؟ هل هو قريب لأحد مالكي مصانع النسيج؟".
وشحبت سارة متسائلة:
" هل هو شاب أم عجوز؟".
" في أواسط الثلاثينات كما أتوقع".
" أنه أذن رئيس مجلس أدارة شركات النسيج , هل ذكر ما الذي يريده مني؟".
دهش مدير المدرسة:
" رئيس مجلس الأدارة؟ كلا , لم يقل شيئا , ألا أنه بدا نافذ الصبر لذلك عليك الأسراع لرؤيته , أنه موجود في مكتبي وسأذهب أنا الى غرفة المدرسين".
" شكرا جزيلا ".
وأبتسمت سارة ثم سارت مسرعة نحو مكتب مدير المدرسة , وسألت نفسها عن سبب زيارته , طرقت الباب ثم دخلت مترددة.
كان جارود جالسا على حافة مكتب المدير يدخن سيكارة وبدا وسيما وأنيقا كالعادة , أرتدى بدلة غامقة اللون , وتضارب لون بشرته مع لون شعره الأشقر , بدا عليه الغنى واضحا والسطوة كذلك , وأذ دخلت الغرفة نهض واقفا بينما بقيت هي مترددة عند الباب.
" أما أن تدخلي أو تخرجي".
قال بأختصار فدخلت وأغلقت الباب وراءها.
فحص ملامحها فلاحظ شحوب وجهها والظلال المرتسمة تحت عينيها:
" أنت لا تبدين بصحة جيدة".
أستقامت في وقفتها وقالت:
" أنني بخير يا سيد كايل".
أجابت بهدوء.
" حسنا سأحاول تصديق ما تقولينه , والآن أخبريني , هل عثرت على عمل؟".
" أنني في أنتظار نتيجة المقابلة مع رئيسة الممرضات , وآمل أن أحصل على نتيجة جيدة".
" أتصلت برئيسة الممرضات بنفسي هذا الصباح وقد أخبرتني عن موافقتها فأخبرتها بأنك لن تذهبي".
" فعلت ماذا؟ سأذهب طبعا , ويجب أن أتصل بها الآن لأخبرها........".
" كلا , لن تتصلي بها".
قاطعها بنعومة:
" لأنك لن تكوني بحاجة للعمل , بل ستأتين للعيش في مالثورب , على الأقل لمدة عام كما أقترح والدي".
رفعت سارة رأسها بكبرياء وقالت:
" كلا يا سيد كايل , لا رغبة لي في القدوم الى مالثورب لا الآن ولا في المستقبل".
" ولكنك ستأتين .... والآن لا تدعينا نضيع الوقت.... سأتحدث مع مدير المدرسة بنفسي بينما تقومين بجمع حقائبك أذ لن تعودي الى هذا المكان بعد الآن".
" لا تحاول أستخدام أساليب غرف الأجتماعات معي يا سيد كايل لأنها لن تنجح معي".
" أساليب غرف الأجتماعات؟".
قال مندهشا:
" أنك لا تعرفين معنى ما تقولينه حتى".
" حسنا قد تكون محقا , ألا أنك لن تستطيع أجباري على عمل أي شيء".
وضع يديه في جيبي معطغه.
" آه حسنا يا آنسة روبنز , أنت مخطئة أذ تتناسين أنني وصيك وأمتلك سلطة مطلقة عليك , ألا أذا حاولت أخذي الى المحكمة لأثبات عكس ذلك , وهذا أمر أشك في نجاحه أذ أن محاميّ أفضل بكثير من أي محامي آخر ستوكلينه".
لم تصدق سارة ما سمعته :
" ولكن لماذا؟ لماذا؟ منذ أسبوع فقط أقترحت بأنني.... لا داعي لتكراره أذ تعرف أنت ما قلته".
" أذكر جيدا ولم أغير رأيي كثيرا , رغم ذلك , يريد والدي منك الذهاب للعيش معه ,وفي أمكانه أن يكون مقنعا جدا".
وبان في عيني سارة عدم أقتناعها:
" لا أستطيع التصديق بأن جارود كايل القوي , مالك شركات كايل وسيد العالم يقتنع بما يقوله والده".
ورأت في عينيه أعجابا ألتمع في الزرقة الغريبة.
ثم قال بهدوء:
" يعاني والدي من مرض القلب لذلك تقاعد عن العمل في وقت مبكر وعانى يوم الجمعة الماضية من نوبة ثانية , ولست مستعدا للمخاطرة بحياته أو صحته أرضاء لرغباتي , وأذا ما رغب بك الى جانبه بهذه القوة فسيحظى بما يريد".
حزنت سارة لما أصاب جي كي وتساءلت:
" وماذا أذا رفضت؟".
" أنني متأكد أن قلبك أرحم من قلبي".
" أنه كان محقا في رأيه ".


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:21 PM   #4

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3 - أيتهما تجعله سعيدا ؟

قاد جارود السيارة بعيدا عن باحة المدرسة بينما راقبتهما مجموعة من الصبيان كانوا يلعبون كرة القدم , نظرت سارة الى الوراء بنوع من الأسف , فقال جارود:
" لا أصدق أن للمدرسة تأثيرها العاطفي عليك".
" ليس بالنسبة لشخص مثلك".
بينما شدّت بأصابعها على حقيبتها المدرسية.
لم يكن شارع ميد مزدحما في تلك الساعة من الصباح , وكانت السيدة مايسون واقفة عند البوابة تتحدث الى جارتها السيدة أشرود , تنهدت سارة حين رأتهما فقال جارود:
" والآن , ما الخطأ ؟ هل تخشين تقولاتهما؟".
وكانت لهجته متهكمة.
" آه , لن تستطيع فهم ما أقوله".
صرخت سارة بينما أوقف جارود السيارة قريبا من المرأتين , فتح باب السيارة ووقف الى جانبها.
" مرحبا ثانية , قد تشعرين بالراحة أذا ما علمت بأن سارة ستغادر المكان".
خاطب جارود السيدة ماسون بوقاحة.
" ستغادر المكان؟ ".
كان صوت السيدة ماسون خشنا.
" هل تعني بأنها ستعيش معك؟".
أبتسم جارود بكسل:
" بل مع والدي يا سيدة ماسون , كنت أعلم بأنك ستسرين للتخلص من مسؤوليتها".
لم تستطع السيدة ماسون الأجابة لدهشتها , ثم أذ تنبهت لوجود السيدة أشرود الى جانبها تجرأت على الأجابة:
" لا أدري ما الذي تتحدث عنه يا سيد كايل".
" لماذا؟ حيث وضحت منذ البداية أنك لن تستطيعي الأحتفاظ بالفتاة فترة طويلة".
" أعرف, لكن- حسنا- أنا..........".
" لكنك لم تتوقعي حدوث ذلك , أليس كذلك؟ بل توقعت أن تذهب سارة الى المستشفى للعمل بدون أي مساعدة منا , أليس هذا صحيحا؟".
أحمر وجه السيدة ماسون .
" لم أفكر بما قلته, كما أنه ليس من حقك أن تخاطبني بهذه الطريقة".
أثناء ذلك بقيت السيدة أشرود صامتة تتمتع بالحوار المتبادل :
" حسنا , يسرني ذلك".
ثم ألتفت الى سارة وقال لها:
" أذهبي لحزم متاعك وأذا ما أحتجت أي مساعدة......".
هزت سارة رأسها وأقتربت منهما , نظرت اليها السيدة ماسون بغضب:
" ستغادرينا أذن؟".
فأومأت سارة برأسها وأكتفت السيدة ماسون بالنظر اليها.
فأحست سارة , لأول مرة , بالراحة لوجود جارود.
لم يأخذ حزم متاعها وقتا طويلا , وأذ حملت حقائبها خارج البيت لاحظت توقف جارود قرب السيارة مراقب السيدة ماسون المنشغلة في حديث طويل مع جارتها , وأذ رآها رمى عقب السيكار وتناول حقائبها وأثناء وضعها في السيارة قال هامسا:
" لم يكن المشهد سيئا , أليس كذلك؟".
غهزت رأسها موافقة.
شكرت سارة السيدة ماسون لعطفها , لأنها في الواقع عطوفة رغم أختلاط مشاعرها بالحسد , ثم ودعتها وسارت نحو السيارة شاعرة بعيون الأمرأتين تراقبانها , وأدركت أن البلدة كلها ستعرف القصة في وقت لن يتجاوز المساء.
جلس جارود خلف المقود بعد أن فتح باب السيارة لها.
" أدخلي بحق السماء, ليس هناك من يهددك بمسدس مصوب الى ظهرك".
وأدركت سارة بأنه يعرف تماما ما يجول في خاطرها , فأطاعت أمره ودخلت السيارة ,وأخيرا أسترخت في مقعد السيارة الوثير وتنهدت.
" حسنا , أنتهى الأمر الآن , يا لك من طفلة مدجنة! أنني لا أتذكر أبدا أتخاذي موقفا كهذا حين كنت في عمرك".
" لا أظن أنك قادر على ذلك".
أجابت نتيجة ملاحظته اللامبالية.
ضحك جارود وعلّق:
" ذلك أحسن , أظهري القليل من التمرد , أذ أنك ستلتقين في حياتك الجديدة بالعديد من الشباب وسيلتهمك الأقوياء أذا أصررت على سلوك مسلك الفأرة".
" رجال مثلك!".
تساءلت سارة بغضب وبلا تفكير.
وكان جواب جارود ساخرا:
" كلا أيتها الطفلة, أذ أنني لا أصنف تحت ذلك النموذج , ألا أنني سأراقب ما سيحدث وسأحظى بمتعة كبيرة نتيجة ذلك".
" أنك قاس".
قالت بصوت عال وهي تشد قبضتها بقوة.
" صحيح؟ تذكري ذلك دائما وستكون علاقتنا جيدة".
كانت لسارة غرفتها الخاصة في مالثورب , وحين قادتها هستر الخادمة الى هناك , لم تستطع كبح فرحها لمرآى الغرفة.
وألتزمت هستر الصمت أذ رأت سارة تدور في الغرفة متفحصة كل ما فيها بفضول وفرح , كانت السجادة الوردية الناعمة تغطي الأرضية بأكملها , خزانة الملابس الكبيرة وطاولة الزينة , لون غطاء السرير يطابق الستائر السميكة , أنتظرت هستر عدة دقائق ثم توجهت نحو باب آخر في الغرفة وفتحته:
" ها هو حمامك يا آنسة سارة".
ودخلت سارة الحمام بسرعة لتلقي نظرة فواجهتها صورتها في مرآة كبيرة أحتلت الجدار , أما الرف الصغير فقد وضعت عليه كل مواد الزينة والصابون المعطر وفكرت سارة بأنها ستقضي ساعات طويلة لتجرب كل الأنواع , فكل ما كانت تمتلكه في تلك اللحظة هو قلم أحمر شفاه واحد ومكحلة صغيرة.
نظرت سارة الى هستر بفرح لا يخفى وقالت:
" شكرا جزيلا".
فأبتسمت هستر وسارت نحو الباب :
" لا تشكريني بل أشكري السيد كايل".
" جارود؟".
تساءلت سارة بلا تفكير:
" كلا ليس السيد جارود يا آنسة بل السيد جي كي".
" آه , آه نعم بالطبع".
" سيكون الغداء جاهزا خلال ربع ساعة وسيقدم في الصالة الصغيرة".
" أين هي؟".
" أذا ما وصلت الى الصالة , أنا متأكدة بأنك ستجدين أحدا يرشدك الى المكان".
أجابت هستر ثم غادرت المكان مغلقة الباب خلفها.
بعد أن ذهبت , بدأت سارة فتح حقائبها ووضعت ملابسها على الفراش , ثم تذكرت الغداء بعد قليل , لذلك توجهت الى الحمام أولا لتغتسل بسرعة قبل وجبة الطعام , كان الحمام رائعا وتمنت لو تقضي وقتا أطول متمتعة بالنظر الى نفسها من كل الجهات , الأمر الذي لم تفعله من قبل , ألا أنها أسرعت لأرتداء ملابسها , الزي المدرسي والقميص الأبيض وظنت بأن ذلك ملائم في الوقت الحالي ثم أسرعت الى الطابق الأرضي.
وأذ سارت في الصالة الكبيرة , أدركت سارة بأنها المرة الأولى التي ترى فيها مالثورب خلال النهار , وتلهفت لأستكشاف الخارج , ربما ستخرج بعد الغداء ,وحين أدركت بأنها ستعيش في هذا المكان فعلا , أنتابها أحساس غريب بالرهبة , وكان ذلك طبيعيا أذ أنها فتاة في السابعة عشرة من عمرها وصلت منذ ساعات قليلة الى مكان غريب عنها , كما أن هناك العديد من الأشياء التي تتلهف للتعرف عليها , فنزلت درجات السم بسرعة وقفزت الدرجتين الأخيرتين معا.
كان موريس واقفا في الصالة ,يصنف بعض الرسائل , أبتسم لمرآها وقال:
" أرجو أن تكوني مرتاحة في غرفتك يا آنسة".
" مرتاحة؟ أنها رائعة, آه موريس , أنني فرحة جدا ,ولا أظن أنني أستطيع تناول شيء الآن....".
ضحك موريس ففكرت سارة بأنها ستحبه أذ أنه مختلف عن بقية السعاة الذين قرأت عنهم , أذ أنهم جميعا عجائز وصارمون , أما موريس فكان في الأربعين من عمره , نحيفا وطويل القامة.
" أنا متأكد بأنك ستجدين الطعام شهيا الى حد لا يقاوم , هل تعرفين أين السيد جارود ووالده؟".
وأذ ذكر موريس أسم جارود عاد لسارة ترقبها.
" كلا , لا أدري".
" أذن تعالي معي".
وقادها عبر الصالة وخلال المدخل الى غرفة لم ترها من قبل , كانت أصغر من غرفة الجلوس , ألا أنها مؤثثة وفق الطراز نفسه , كانت السجادة حمراء وطقم الكراسي أخضر , وفكرت سارة بأنها غرفة أستخدمت في الأيام الماضية من قبل السيدات للتطريز أو الخياطة , ألا أنها ديثة الطراز الآن ومزودة ببوفيه رائعة.
جاء جي كي بنفسه للقائها مبتسما بحرارة:
" حسنا يا سارة , هل تظنين بأنك ستكونين سعيدة هنا؟".
" آه جي كي يا له من سؤال".
قالت سارة بحماس ثم لاحظت فجأة وجود شابة أخرى جالسة على الكنبة المقابلة , مراقبة أياها بعينيها الزرقاوين , كانت أنيقة وجميلة وذات شعر أحمر قصير , كانت ملامحها مثيرة وذات جسد رشيق , ولاحظ جي كي نظرات سارة فأستدار لتقديمها الى الفتاة.
" تعالي وقابلي لورين ماكسويل , لورين هذه سارة روبنز".
لم تنهض لورين..... بل أكتفت بمد يدها نحو سارة التي صافحتها بحركة خرقاء مدركة بأن عليها الكثير لتتعلمه أذا ما أرادت لقاء الناس في المكان الجديد , تفحصت لورين ملابس سارة ولاحظت سارة أناقة لورين وذوقها الرفيع في أختيار ملابسها.
" أنت أذن سارة , كنت متلهفة لمقابلتك".
كانت سارة متأكدة بأن لورين لا تبدي أهتماما بأي أنسان ما لم يكن لذلك الأنسان تأثير خاص على حياتها , وعلى العموم لم تكن سارة تعرف بماذا تجيبها فأكتفت بالصمت في أنتظار تعليق جي كي:
" تملك عائلة لورين الأرض المحاذية لأرضنا , نعرف بعضنا منذ كانت لورين طفلة , وهي تعتبر مالثورب بيتها الثاني".
أبتسمت لورين بطريقة مثيرة وقالت:
" عزيزي جي كي".
تساءلت سارة لنفسها لم أحست بعدم الراحة لكلمات لورين؟ ربما لأنها ظنت أنها ستعيش لوحدها مع جي كي في مالثورب بدون أن تتوقع لقاء شابات أخريات يعتبرن مالثورب بيتهن الثاني , وأدركت بأنها لن تحب لورين لسخافتها.
بقيت سارة واقفة وكأنها في أنتظار فرصة ملائمة للهرب , ألا أن جي كي ناولها قدحا مملوءا بعصير البرتقال وطلب منها الجلوس على مقعد قريب من لورين.
" أتمنى لو يسرع جارود في الحضور أذ أنني سأموت جوعا".
" حاول شيرادن الأتصال به طوال اليومين الأخيرين ألا أنه فشل لأن جارود كان مشغولا بأعماله الكثيرة".
" أعمال! لم لا يعيّن جارود نائبا عنه يقوم ببعض أعماله وهكذا يتيح لنفسه الحصول على بعض الراحة؟".
" لأنه يحب عمله".
قال جي كي برضى:
" ما كان لشركات كايل قوتها الحالية بدون شخصية جارود".
" أتعني طريقته الخاصة في معاملة النساء؟".
علقت لورين ببرود فهز جي كي كتفيه:
" ما هي علاقة النساء بعالم الصفقات المالية؟ ".
علّق جارود بكسل بعد دخوله الغرفة:
" لورين أنك ترسمين لضيفتنا صورة سيئة عني , ما لم تكن قد رسمت لنفسها واحدة حتى الآن بالطبع".
" تعال وأجلس يا عزيزي وسأبين ما أعني".
" لن يكون ذلك ضروريا".
أجاب ناظرا الى سارة :
" هل تظنين أنك ستحبين العيش هنا يا سارة روبنز؟".
هزت سارة رأسها:
" لا أستطيع أبداء رأيي الآن وخاصة بعد وصولي بفترة قصيرة".
أجابت بحزم فنظر اليها بأعجاب خفي:
" حسنا , أنا متأكد بأن جي كي سيبذل أقصى جهده ليجعل أقامتك سعيدة".
ثم أستدار نحو جي كي وقال:
" سأغادر بعد الغداء".
فقالت لورين محاولة التودد اليه:
" أوه جارود , هل هذا ضروري؟".
" " نعم يا عزيزتي".
أجاب جارود بأستهزاء:
" لدينا أجتماع مهم يوم غد مع حاملي الأسهم بصدد مشروع جديد مع شركة أميركية للأنسجة وأجد حضوري ضروريا لأظهار دعمي للمشروع".
" جارود رغم عودتك من أجازتك منذ أسبوعين فقط , ألا أنك منغمس الآن بالمشاريع حتى قمة رأسك , تذكر بأن كل شيء كان على ما يرام عند غيابك , وكان في أمكانك الأنتظار حتى نهاية الأسبوع المقبل لتحمل المسؤولية من جديد , هناك حفلة راقصة محلية يوم السبت ووعدتني من قبل بمصاحبتي اليها ثم أن هذه منطقتك ويجب أن تبدي بعض الأهتمام بالمراسيم المحلية".
لم يجبها جارود لوصول موريس معلنا بأن الغداء جاهز , جلسوا لتناول الطعام في الغرفة الصباحية , وجلسوا حول طاولة دائرية وبشكل حميم وتمنت سارة لو كانت هناك مسافة فاصلة بينهم , أذ أن صغر المكان جعلها تحس بالعصبية , مما أفقدها السيطرة على نفسها وأسقطت الشوكة على الأرض مرتين , كانت الوجبة لذيذة , قدم لهم أولا كوكتيل فواكه ثم اللحم المشوي وأخيرا حلوى التوت البري , وأرتاحت سارة لفكرة مغادرة جارود المكان بعد الغداء.
أذ سيمنحها ذلك فرصة معرفة المكان قبل عودته.
عند أنتهاء وجبة الغداء , قال جي كي:
" سنقوم هذا المساء بجولة حول المكان وأظن بأنك ستتمتعين بذلك".
" آه , ذلك رائع, أذ أنني لم أر خارج المنزل أطلاقا خاصة وأنني جئت المرتين السابقتين بعد حلول الظلام".
بدا على لورين الضجر وقالت:
" أيتها الطفلة العزيزة , كنت أظن أنك ستفضلين الجلوس في مكان دافىء , في ظهيرة يوم بارد من أيام كانون الثاني".
أحمر وجه سارة وأجابت:
" لا أظن أن الجو بارد الى هذا الحد يا آنسة ماكسويل , ولكنه بالطبع , أذا لم يرغب جي كي....".
" هراء! سنذهب بالتأكيد ,أذ أنني أريد أن أريك الأسطبلات وسيعلمك دافيوث ركوب الحصان في المستقبل , هل تستطيعين ذلك؟".
" تعلمت بعض المبادىء في المدرسة وخرجت مع بعض الأصدقاء عدة مرات , ألا أنني لست ماهرة تماما".
فرك جي كي يديه فرحا وقال:
" رائع , على الأقل لست جاهلة كليا".
نهض جارود واقفا:
" يبدو لي أنك ستكونين مشغولة تماما يا سارة ,وأذ يبدو لي أن الوالد يمر بمرحلة طفولية ثانية , أظن بأنكما ستتمتعان بصحبة بعضكما".
ضحكت لورين لتعليق جارود ثم نهضت واقفة , ولم يبد على جي كي الأستياء.
" ربما تشعر بالغيرة يا جارود , خاصة وأنك في سن ملائمة للزواج وأنجاب الأطفال , من المؤسف أنك مشغول دائما أذ بسبب ذلك لا تفهم معنى المتعة".
" هل تظن أن سارة ستفضلني كوالد؟ أنا متأكد بأن علينا سؤالها رأيها؟".
أحنت سارة رأسها وتمنت في قرارة نفسها أن يتوقفا عن المجادلة في حضورها.
" أظن أنك تتمتع بالأستهزاء بي يا سيد كايل , أما بصدد أتخاذك والدا , فأنني أفضل عدم القيام بذلك الدور".
ضحك جي كي وأبتسم جارود لتعليقها ثم أنحنى أمامها تحية :
" والآن يا لورين, ما الذي ستقومين به؟".
تنهدت لورين مجيبة :
" سأعود الى هازلدين , ما لم تقترح شيئا آخر".
هز جارود رأسه:
" ليس الآن , على العودة الى لندن بأسرع وقت , ألا أنني سأحاول العودة لحضور حفلة يوم السبت".
" صحيح؟ كم أنا فرحة".
" لا أضمن ذلك تماما , ألا أنني سأحاول جهدي وسأتصل بك تلفونيا يوم السبت لأخبرك بقراري".
وكان عليها الأكتفاء بذلك , غادر جارود الغرفة ليستعد للمغادرة فتبعته بعد أن ودعت جي كي وأبتسمت لسارة بأدب.
أسترخت سارة بعد مغادرتهما فقال جي كي:
" ماذا حدث؟ أنها معاملة لورين , أليس كذلك؟".
" شيء من هذا القبيل".
" تناسي المسألة كلها , أن جارود هو مركز الأهتمام , وحين يسافر تنقطع لورين عن زيارتنا , أنها فتاة طيبة ألا أنها تحاول فرض تعاليها على من تلتقي بهم , فلا تدعي لها فرصة لذلك وأعتقد بأنها أدركت جيدا , ومنذ اللحظة الأولى , بأنك لست فأرة مسكينة تستطيع هي السيطرة عليها".
قال جي كي عندما غادر جارود المكان بسيارة السباق السريعة :
" ذات يوم , سيقتل نفسه بهذه الطريقة ".
ثم نسي قلقه وتمتع بأخذ سارة لرؤية كنوزه الثمينة.
كان هناك الكثر مما يجب أن تراه سارة حتى أنها أحست بالتعب , البيت نفسه تحفة جميلة بصالاته , غرف الطعام , غرف النوم , الحمامات , وتشمله تدفئة مركزية , ثم تبعت جي كي الى ملحق خاص بالمنزل يحوي لوحات جي كي الثمينة فقط , ورغم أن سارة تمتعت بالنظر الى اللوحات ألا أنها لم تفهم رغبة جي كي في شرائها وخزنها بدون أن يدع لبقية الناس متعة النظر اليها , ألا أنها لم تصرح برأيها علانية لئلا تجرح مشاعره , وأحبت أكثر مجموعته الثمينة من الآنية الزجاجية والكريستال , وتمتعت بالنظر الى أحجار الشطرنج المنقوشة بشكل ماهر.
" هل تلعبين الشطرنج يا سارة؟".
" نعم , أذ أعتدت اللعب مع جدي مرة واحدة أسبوعيا , كان يحب لعبة الشطرنج".
" أعرف ذلك , وأنا الآخر أعتدت اللعب منذ سنوات , حسنا , أظن أن في أمكاننا تخصيص أمسية للعب سوية من الآن فصاعدا".
أخذها بعد ذلك الى الأسطبلات حيث عرفها على المدرب والخيل ذات الأسماء الأسطورية أبولو , بيرسفون , وأثينا , وحصان أبيض سماه الأسكندر.
" ما رأيك بأختيار الأسماء اليونانية لها؟ أخترتها بنفسي , حيث قضيت عدة أشهر مع جارود في اليونان منذ سنوات وأصبحت مهووسا بالأساطير".
مسدت سارا أنف أثينا:
" أنا الأخرى أحب الأساطير خاصة قصص هومر الرائعة".
بدا على جي كي الفرح :
" كما قلت لك يا سارة , هناك الكثير مما يجمع بيننا , سنذهب في الربيع الى هلينوس حيث ترين الجزر بنفسك".
" هلينوس؟".
" أنها جزيرة في أيجون ولدي منزل هناك , حيث نستطيع قضاء بعض الوقت هناك أذا رغبت".
" حسنا جي كي , هل أنت متأكد مما تريد؟ أعني من وجودي هنا أولا؟ أذ لم نناقش المسألة حتى الآن".
" لم النقاش؟ أريد منك البقاء هنا كما أردت أنت المجيء".
" نعم , نعم أردت المجيء الى هنا ولكن ليس للأسباب التي ذكرها جارود".
" ليذهب جارود وأسبابه الى الجحيم , أن له عقلية مرتزق , ثم أنه متعود عل المنافسات والصراع الى حد أنه نسي وجود ما هو شريف وأخلاقي بين الناس".
هزت سارة كتفيها ولم ترغب بالجدال حول جارود , ولم ترغب بحضوره المثير للأضطراب , مع ذلك كانت ترغب في أعماقها بالتخلص من تأثيره عليها رغم علمها بصعوبة الغاية , كان هناك شيء خفي يثير أحاسيسها عادة كلما رأته , أنه أحساس لم تعرفه من قبل , أقنعت نفسها بأنه لم يكن أحساسا حسيا , لأنها كانت على معرفة سطحية بالرجال , أذ حاول جدها توعيتها في هذا المجال وخاصة بصدد الفرق بين الرغبات والأهواء الطارئة والحب الحقيقي , أخبرها جدها أن الحب عاطفة دافئة وعميقة ومختلفة عن العلاقة الطارئة , والمشاهد التي تراها عادة على شاشة التلفزيون في الأفلام التجارية لا علاقة لها بالحب- هذا ما أخبرها جدها ولكنه لم يوضح لها طبيعة الأحاسيس الغريبة التي تنتابها حاليا , أحمرار الوجه والأضطراب , الخوف والتعلعثم في نطق الكلمات البسيطة , أستنتجت أخيرا أن حضور جارود يخيفها ويثيرها في الوقت نفسه .
راقبها جي كي بعينيه الحادتين:
" ما الذي تفكرين فيه الآن؟".
أحمر وجه سارة وهزت رأسها :
" لا شيء يهم يا جي كي".
أخبرها جي كي فيما بعد وأثناء تناولهما الشاي سوية:
" سنذهب غدا الى ليدز , أرغب برؤيتك مرتدية بعض الملابس الجميلة".
" ولكن لدي ما يكفي من الملابس , كل ما في الأمر أنني كنت مستعجلة للنزول قبل الغداء فلم أجد الوقت ملائما لتغيير ملابسي المدرسية".
" كلا سارة , هذا لا يكفي يا عزيزتي , دعيني أولا أوضح لك شيئا بدون أن أثير حفيظتك , أعرف أن ملابسك جميلة وأعرف أن جدك بذل جهده لأختيار الأحسن لك , ولكن عليك أن تفهمي الآن , مهما كانت كلماتي مؤذية , أنك ستلتقين بالعديد من الأثرياء وذوي النفوذ , وسيتوقع الجميع حضورك بملابس ملائمة لمركزك".
" ولكنني لست صاحبة مركز حقيقي".
" بالعكس , أن لك مركزك الخاص بغض النظر عما قاله جارود وستعاملين هنا معاملة أبنة لي , أذ تمنيت دائما أن أرزق بأبنة , لم تستطع هيلين في البداية , أما في النهاية فلم ترغب بذلك- ولم يكن بأستطاعتي عمل أي شيء".
" كان في أمكانك تبني طفلة ما ".
قالت سارة متأملة ما قاله.
" أعرف , لكن الأمر كان مختلفا , حسنا , قد لا تصدقين بأنني كنت أود جفري روبنز كثيرا , صحيح أنني لم أره في السنوات الأخيرة , ألا أنني لم أتوقف أطلاقا عن التفكير به , ومن الواضح أنه كان يفكر بي أيضا".
" وهكذا سلم حفيدته وأعباءها لك".
" لا تشعري بالمرارة رجاء".
وبدا عليه الغضب حينئذ:
" سارة , بحق السماء , أعتقد بأن لموقف جارود تأثيرا واضحا عليك ,أنني الآن الوصي الفعلي وليس في أمكانه , حتى لو أراد ذلك , عمل أي شيء للحيلولة دون ذلك".
وتنهد مضيفا:
" حاولي فهم موقفه , أنه مسؤول عن الآلآف من الناس العاملين معه , وأذا ما أصبح نتيجة عمله , قاسيا فلأنه يجب أن يتصرف بهذه الطريقة , هل تتوقعين وجود رجل في مركز جارود قادر على الأنصات لكل أقصوصة وهمسة؟ أنك حالة أستثنائية لي فقط , أما بالنسبة لجارود فما أنت سوى مسؤولية أخرى تضاف الى أعبائه".
" أفترض أن ما تقوله صحيح".
وصبت لجي كي الشاي مرة ثانية , بينما تناولت فطيرة تفاح ساخنة.
" هل أستطيع طرح سؤال عليك؟".
" بالطبع , لك الحق في ألقاء أي سؤال ترغبين فيه".
" ما هي العلاقة بين جارود والآنسة ماكسويل؟".
" لورين؟ ظننت أن الأمر سيثير فضولك ,لورين تعرف جارود منذ سنوات كما أخبرتك , أنها أصغر منه عمرا , ألا أنها لم ترغب بشخص آخر سواه منذ ألتقت به".
" وماذا عن جارود؟".
" جارود؟ أنه سؤال صعب يا سارة , أنه رجل له شخصية غير معروفة حتى بالنسبة الي , في لندن , هناك صديقة له تدعى تريسي ميرك والدها طبيب أخصائي في شارع هارلي , وهي عارضة للأزياء , ويبدو أن لديها الكثير من الأجازات أذ تصاحب جارود في كل مكان يتوجه اليه حين يكون في المدينة , وجاءت هنا مرتين مما أثار غضب لورين , يبدو أن جارود يحب كلتيهما , وأن الفتاتين تحبانه كثيرا , ألا أنني لا أعتقد أنه يرغب بالأختيار الآن , أنه في الخامسة والثلاثين من عمره ويجب أن يفكر جديا , بالزواج وتكوين عائلة له ,ألا أنه يحب ويقدر حريته , ذهب في فترة عيد الميلاد الى جامايكا لزيارة والدته هيلين وبقي هناك ستة أسابيع لوحده بدون أن يصطحب أيا منهما , وهكذا أختارت لورين الذهاب الى سويسرا مع والديها لقضاء العطلة هناك".
" ومن هي التي تفضلها أنت؟".
وضع جي كي كوبه في الصحن وقال:
" حسنا , من الطبيعي أنني أعرف لورين , لذلك تستطيعين القول بأنني أفضلها , ألا أنني لا أعرف أيا منهما ستجعله سعيدا ".


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:23 PM   #5

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 - الحمل الوديع

توجها يوم الجمعة , كما أقترج جي كي الى ليدز , كان هناك محل أزياء نسائية يدعى مارتيللي ولا يسترعي الأنتباه من الخارج , طلب جي كي من السائق الوقوف أمامه , وكان داخل المحل عالما مختلفا , عالم أزياء نسائية رائعة وثمينة , لم تحلم سارة بوجوده خارج لندن على الأقل , وكان لجي كي ذوق ممتاز فأختار لسارة ملابس لاءمت جسدها النحيل الى حد الكمال : الألوان الحارة كالأحمر والأصفر ثم الأخضر أكثر من أي لون آخر , ولما بدأت سارة أرتداء الواحد تلو الآخر فكرت بأن جي كي ستشتري لها فستانين أو ثلاثة , ألا أنه أشترى في النهاية , كل ما أعتبره ملائما لها من بدلات نسائية جميلة , فساتين سهرة , تنورات.... وأخيرا معطفين أحدهما من الفراء لترتديه مساء , أضافة الى مجموعة بلوزات شتوية , أعترضت سارة حين رأت كومة الملابس المتزايدة , ألا أن جي كي كان متمنعا الى حد لم ترغب فيه بأثارة غضبه , وأدركت حينئذ صحة ملاحظة جارود عن أستعداد والده لشراء أي شيء ترغب فيه.
زارا بعد ذلك محل أحذية وأشترى لها مجموعة أحذية وصنادل وزوج أحذية طويلة الساقين , من الجلد الخالص , حينئذ توصلت سارة الى الأقتناع ألا فائدة من الأعتراض خاصة وأنها بدأت الأحساس بالتعب.
وأخيرا عادا الى البيت عصرا لتناول الشاي , ومساء لتناول العشاء سوية لوحدهما , وفضلت سارة البقاء مع جي كي في البيت حيث كان عطوفا وطبيعيا أكثر معها بشكل تستطيع فيه نسيان ماضيها الأجتماعي المختلف.
أتصل جارود بوالده يوم السبت ليخبره بأنه لن يستطيع حضور الحفلة , وكان جي كي قد ذكر الحفلة لسارة ألا أنها لم تبد أهتماما لحضورها , أذ لم ترغب بالذهاب الى مكان مكتظ بالناس حيث تكون محط أنظار الجميع , وكانت في الغرفة حين أتصل جارود بجي كي.
" ما الذي يمنعك من المجيء ؟ أنت تعرف جيدا أن لورين تتوقع مصاحبتك لها".
لم تستطع سارة سماع ما قاله جارود غير أن جي كي قال غاضبا:
" كلا , كلا , سارة لا ترغب في الذهاب".
أحست سارة بالدم يغلي في عروقها والأحساس الغريب يعاودها , لم يرغب بالمجيء , لأنه ظن بأنها ستطلب مصاحبته وهكذا يكون معلقا بينها وبين لورين , أحست بالغضب اشديد ينتابها , كيف يدرؤ على التفكير بتلك الطريقة.
بعد عدة دقائق , أعاد جي كي سماعة الهاتف الى مكانها بغضب:
" حسنا ليذهب الى الجحيم".
" ماذا جرى يا جي كي؟".
" لا بد أنك سمعت لن يأتي الى الحفلة رغم وعده للورين".
" هل لديه عمل مهم؟".
" كلا , وهذا هو الجانب الأسوأ , أنه سيذهب الى مونت كارلو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع فوستر ميرك".
" من هو فوستر ميرك؟".
" أنه والد تريسي , وبلا شك سترافقهما ترايسي , أنه يعتبر فوستر صديقا مقربا منه خاصة وأن الفرق بين عمرهما هو عشر سنوات فقط".
أحست سارة بأنقباض في بلعومها , كان عليها أن تدرك من قبل أن رجلا مثل جارود يقضي غالبية وقته خارج البلد ولا بد أنه يحيا حياة مثيرة ومهمة أكثر من حضور حفلة محلية راقصة , ومع ذلك أحست أحيانا بأنها تحبه لأنه جعلها تشعر بالأمان.
" سمعتك تذكر أسمي , لم ذلك؟".
" أقترح بأن أذهب مع لورين بنفسي , كما لو أن لورين ترغب بصحبة عجوز مثلي".
" آه........".
ونظرت سارة الى أصابعها محاولة أيقاف نفسها عن تخيل أشياء لا وجود لها , من الواضح أنه لم يفكر بها أطلاقا , أنه يعتبرها طفلة يهتم بها والده لا غير , وكانت سارة غبية الى حد صدقت فيه أنه يعتبرها شيئا آخر أكثر من مجرد أزعاج دائم له.
" هل تريدين الذهاب أذن؟".
دهشت سارة لسؤاله :
" أنا , كلا, أنني أشعر بالسعادة أكثر هنا".
" حسنا , سأذهب أذن لأستحم وسأراك عند العشاء يا عزيزتي".
بعد أن ذهب , أصغت سارة الى بعض الموسيقى الحديثة ثم بدأت بالرقص والدوران حول المكان , كانت الموسيقى سريعة جعلتها تنسى كل شيء , وكانت تائهة في عالمها الخاص حين عاد جي كي ووقف عند الباب مراقبا أياها قبل أن يقول:
" أرى أنك بدأت بالأستقرار".
" آسف , أستمري أذ أحب أن أراقبك , ذلك الفستان يلائمك تماما".
كان فستانا قصيرا , وأخضر اللون ومن الصوف مما أتاح أبراز تفاصيل جسدها الجميل , وكان شعرها الأحمر متناثرا على كتفيها بلا أنتظام , ثم قال جي كي:
" لم ألحظ هذا من قبل يا سارة , ألا أنني أعتقد بأنك ستكونين أمرأة جميلة".
أحمر وجه سارة وأكتفت بالهمس:
" جي كي".
" حسنا أنها الحقيقة..... وأعتقد بأنني سأشتري لك سيارة".
" أوه كلا , رجاء , لا تشتري لي أي شيء آخر , ليس لأنني لا أقدر ما تفعله , ولكن لا تبذر نقودك علي".
" هراء , أنك في حاجة الى سيارة سباق صغيرة".
وتذكرت سارة كلمات جارود الساخرة عن كيفية دفع والده لشراء سيارة لها , وأقشعر بدنها للفكرة , أذا عاد ووجد السيارة أمام المنزل فعليها أن تتوقع أسوأ رد فعل.
أعترضت مرة أخرى ألا أنه أكتفى بالضحك وقال:
" سأتصل بهورنز يوم الأثنين وسأرى ما لديهم من سيارات ".
أعتادت سارة في الأسبوع التالي لفكرة العيش في مالثورب , كانت أيامها مكتظة بالنشاطات المختلفة وأذا ما حدث وبقيت في المنزل , قضت وقتها في غرفة المكتبة متفحصة الكتب التي لم يقرأها جي كي , وتعلمت ركوب الحصان مع دايفوث , ثم كان عليها تلقي دروس قيادة السيارات بينما وضعت سيارتها الخاصة في الكراج.
وأكثر أهمية من أي شيء آخر تعلمت سارة الثقة بنفسها , ورغم أن من زارهم خلال تلك الفترة هم عائلة ماكسويل , الأب والأم والأبنة والطبيب لاندري من القرية فأنها تعلمت فن الحديث بشكل تدريجي , لم تتحدث معها لورين كثيرا بل عاملتها ببرود متعمد , ألا أن والدها دونالد ماكسويل كان رجلا ساحرا وأنشغل بالحديث مع سارة عن أهتماماتها المختلفة , أما جنيفر ماكسويل الأم فأنها كانت أقل مودة وأبدت ما يدل على أعتبار سارة محظوظة.
وفكرت سارة بأنها لا تستطيع ألا أن توافقها على رأيها , مع أختلاف واحد هو أنها لا تستطيع التكهن بما سيجلبه لها المستقبل.
ذات مساء أخبرت سارة جي كي بأنها ستذهب الى للتسوق , ألا أنها تركت السيارة في سوق بريدجستر وأخبرت بوتر أنها ستلقاه خلال ساعة بعد أن تشتري بعض الأشياء , ثم توجهت الى بيت عائلة ماسون , ورغم مغادرتها المكان منذ أسبوعين فقط ألا أنها أحست بغربة المكان عنها , طرقت الباب ففتحت ليلي ماسون الباب .
" يا ألهي , أنها صاحبة السعادة ياأمي".
لم تهتم سارة بملاحظتها بل دخلت مباشرة حيث وجدت السيدة ماسون في المطبخ:
" أهلا سيدة ماسون , كيف حالك؟".
تفحصتها السيدة ماسون بدقة , معطفها الموهير بقبة من الفراء والمظلة الجميلة في يدها :
" ها قد جئت ثانية , لم أتصور ذلك أبدا".
"لماذا؟".
" لأنك عدت لأخذ حاجياتك مثل أرنب مذعور مصطحبة معك ذلك الرجل معاملا أياي كالغريبة في بيتي".
" لكنه لم يدخل البيت".
" كلا , لكنه وقف عند البوابة مراقبا أياي كالصقر , ولم أجرؤ على دخول المنزل , حتى غادرت أنت أخيرا".
" لا تقولي ذلك يا سيدة ماسون".
" لا تعارضي ما أقوله , أذ أن ما تفعلينه لا يليق بنا".
" ما الذي فعلته؟".
" ذهابك مع رجل غريب قبل أن تخبريني مسبقا بما سيحدث".
" لكنني لم أعرف مسبقا , أصيب والده بنوبة قلبية و.......".
" وطلب رؤيتك لست غبية لأصدق حكايتك هذه".
" لا أعرف ما تعنيه بصراحة , أذ أنك تعرفين قصة الوصية كما يعرفها كل شخص آخر".
" وذلك الرجل , السيد كايل هو الوصي عليك...... أليس كذلك؟".
" نعم.....".
" ما قلته صحيح أذن".
" كلا , أنك لا تفهمين , أنني لا أعيش مع جارود...........".
" وهل أصبحت تدعينه جارود الآن؟ والآن غادري المكان حالا قبل أن أنادي سيريل ليأتي ويدفعك خارجا , أذ لا أريد رؤية فتاة مثلك".
" سيدة ماسون , لم أقم بما يخجل صدقيني , أنني أعيش مع والد ذلك الرجل.....".
" ولكنك قلت بأنه أصيب بنوبة قلبية".
" نعم".
" والآن, غادري المكان يا آنسة روبنز , أذ لا أرغب بسماع المزيد عنك , لست بحاجة لأزعاج نفسك بالمجيء لعرض ملابسك الجديدة أنني أعرف معنى ما حدث , أذ لست غبية الى هذا الحد".
هزت سارة رأسها ثم أندفعت الى الخارج بعد أن دفعت ليلي جانبا.
ركضت خارج المنزل وواصلت ركضها في الشارع حتى وصلت الى السيارة.
كان بوتر جالسا خلف المقود يدخن سيكارته , ألا أنه أطفأها حالما رأى سارة قادمة.
" هل أنهيت التسوق يا آنسة؟".
" نعم شكرا يا بوتر".
بدأ بوتر قيادة السيارة بينما جلست هي في المقعد الخلفي , لعله لاحظ أكتئابها ودموعها , ألا أنه لم يكن متعودا على التدخل في شؤون مستخدميه , والى أن غادروا البلدة كانت دموعها قد جفت , ألا أن الأذى بقي كما هو , لم تكن تتصور أن بأمكان أي أنسان أن يكون سيئا الى هذا الحد ,أذ أتهمتها اسيدة ماسون بأشياء.. لا بد أنها كانت مدركة خطأها , لم فعلت ذلك أذن؟ هل هي الغيرة؟ هل سمحت السيدة ماسون لأحساسها المرير بالسيطرة على سلوكها الطبيعي؟ لم تعرف سارة الأجابة , ألا أنها كما قالت السيدة ماسون لن تفكر بالعودة ثانية الى هناك.
لوح لها هدلي , حارس المنزل , بيده حين مرت السيارة , فردت التحية متناسية آلامها للحظات , خاصة وأنه لم يعد بمقدورها تغيير أي شيء الآن.
كانت قدماها مبللتين , فخلعت حذاءها عند دخولها الصالة , قدم موريس للترحيب بها وتناول معطفها قائلا:
" أن السيد كايل في غرفته يرتاح بعض الوقت , هل تريدين بعض الشاي؟".
" نعم رجاء , هل تستطيع تجفيف زوج الحذاء؟ ".
ثم ناولته أياهما وسارت الى غرفة الجلوس محاولة في الوقت نفسه أبعاد صوت السيدة ماسون عن ذهنها.
أبتسمت أذ وجدت في أنتظارها مفاجأة أعدها جي كي : مجموعة أسطوانات حديثة , فأسرعت لأختيار بعضها والأصغاء اليها , ثم رفعت الصوت أعلى ما يمكن محاولة بذلك التخلص من أحزانها , وسمحت للموسيقى أن تذيب كل قيودها , أغمضت عينيها ورقصت بأسلوب المراهقين الذين راقبتهم طويلا على شاشة التلفزيون , كان الصوت مدويا الى حد لم تسمع صوت وقوف سيارة السباق السريعة أمام المنزل ,أو حضور أي شخص الى أن أستدارت فوجدت جارود مستندا الى أحد الأعمدة مراقبا أياها , كان لا يزال حاملا معطفه السميك وقطرات المطر تغطي شعره , بدا نحيفا وطويلا وجذابا الى حد أثار الخوف فيها.
وتوقفت سارة فجأة , مدركة حالتها الغريبة : شعرها المتناثر وقدميها الحافيتين أسرعت فأطفأت الجهاز وفجأة ساد الصمت بينهما.
لم يقل شيئا ألا أنه واصل النظر اليها والى جسمها ووجهها وللحظات الى شفتيها , تساءلت سارة أذا كان قد نظر من قبل الى لورين , بهذه الطريقة فجعلها مسحورة به , أستقامت في وقفتها وأستدارت فتحرك هو الآخر.
أستدار وذهب ليتناول معطفه الى هستر والتي كانت مقبلة من المطبخ تحمل صينية الشاي لسارة , تناول صينية الشاي وعاد الى الصالة ليضعها على الطاولة.
" الشاي جاهز يا آنسة سارة ...".
قال بأستهزاء.
جلست وبدأت صب الشاي قائلة:
" شكرا , وهل تريد تناول الشاي يا سيد كايل؟".
هز رأسه رافضا وأشعل سيكارة .
" وكيف حالك؟ يبدو لي أنك بدأت أعتبار المكان بيتا لك".
أقترب ووقف الى جانبها فتساءلت في قرارة نفسها عما أذا كان مدركا لما يثيره فيها من مشاعر ثم قررت أن الأحتمال مستبعد أذ أنها لم تكن بالنسبة اليه غير طالبة مدرسة.
" آسفة أذا كانت الموسيقى قد أزعجتك".
قالت بهدوء مرتشفة شايها.
" آه وهل كانت موسيقى ؟ " وأضاف مستهزئا : " لم أدرك ذلك".
لم ترغب مناقشته وقالت:
" لم أسمع السيارة".
" وهل يثير هذا أستغرابك ؟ هل سررت لرؤيتي؟".
" وهل يتوجب عليّ ذلك؟".
أبتسم جارود:
" أنني وصيك , ألست كذلك؟".
" أنك العديد من الأشياء ".
وأحنت رأسها مرة أخرى.
" ماذا تعنين ؟ ما الذي أخبرك أياه جي كي؟ ".
وبدا عليه الفضول رغم تحفظه.
" نادرا ما نتحدث عنك , وقبل أن تكتشف بطريقة ما أريد أخبارك أن لدي سيارة سباق الآن".
كشر بوضوح الآن :
" آه , ما هو نوعها؟".
" ترايمف , ألا أنني لا أستطيع قيادتها أذ ما زلت تحت أرشاد المدرب , لذلك لن أشق طريقي بسرعة مجنونة الآن".
" يا له من أمر مؤسف , ويا له من لسان سليط ,منذ أسبوعين ما كنت تجرؤين على مخاطبتي بهذه الطريقة".
أحست سارة بأحمرار خديها ثم تساءلت:
" ألم أجرؤ فعلا؟".
هز كتفيه ووضع سيكارته في فمه , ثم فتح زر قميصه العلوي وتخلص من ربطة عنقه ,كالعادة , كانت ملابسه ثمينة ومفصلة لتلائمه , وتساءلت سارة عما أذا كانت لورين تعرف عن عودته , وفيما أذا كانت ستأتي لقضاء الأمسية معه , وأزعجتها الفكرة فأدركت بأنها واقعة تحت سيطرته رغم أنها لا تراه الا قليلا.
جلس على كرسي مريح قبالتها وقال:
" أرى أن جي كي أشترى لك بعض الملابس أيضا".
وحين أومأت برأسها أيجابا , واصل:
" أن هذا الفستان يلائمك تماما".
كان الفستان عسلي اللون ضيقا , له فتحة جانبية , كان الصدر مطرزا باللون الأخضر.
وأذ رفعت رأسها لاحظته مغمضا عينيه , فنهضت واقفة بهدوء وأرادت الأنصراف لتغتسل وتصفف شعرها , ألا أنه فتح عينيه حالما مرت بجانبه فقال:
" هل ستهربين؟".
" كلا , كلا أطلاقا.... أرجو المعذرة أذ أريد الأستحمام وتغيير ملابسي".
" سأراك عند العشاء أذن".
" وهل ستبقى؟".
" ألا يحق لي ذلك؟".
" هل ستأتي الآنسة ماكسويل؟".
" كلا , ما لم تكوني دعوتها قبل مجيئي".
" كلا , بالطبع لم أدعها".
وضغطت سارة بقوة على يديها .
" رائع , أرتدي فستانا جميلا وسآخذك بعد العشاء الى أحدى الحفلات".
وتسارعت دقات قلبها :
" حفلة؟".
" نعم حفلة , حيث نلعب ونفوز ببعض المسابقات".
" لا أظن أنك تريد مثل هذا النوع من الحفلات , وأنت تعرف ذلك".
" كلا , أورافقك الرأي , ألا أنني أعدك بأنها ستكون حفلة رائعة".
" ماذا عن جي كي؟".
نهض جارود واقفا وقال بحسم:
" سارة , أنك وصيتي , أذا أحببت ذلك أولا , وأذا ما قلت بأنك ستأتين الى الحفلة فهذا يعني أنك ستأتين".
" حقا؟ ".
وألتمعت عيناها ببريق غريب.
" هل ستأتين؟".
أرتجفت سارة وتركت الغرفة متوجهة نحو الطابق الأول.
أغتسلت في الحمام الفاخر مستخدمة الماء المعطر , غسلت شعرها ثم جففته وأنتبهت الى تزايد أهتمامها بسبب قرب حلول موعد الحفلة , وفكرت بأن من السخافة التفكير بهذه الطريقة ألا أنها لم تستطع التحكم بعواطفها.
بعد ذلك تفحصت ملابسها بأهتمام لم تظهره من قبل , وأختفت من رأسها صورة السيدة ماسون وكلماتها الجارحة , فأحست لذلك بعرفان الجميل لجارود كايل.
أختارت أخيرا فستانا من الشيفون الوردي , فتحة الصدر مدورة ومنخفضة , وأكمام طويلة , ضيق عند الصدر وعريض أسفل ذلك ,كان فستانا قصيرا من طراز حديث أبرز أنوثتها وجمالها , لم تفعل شيئا بشعرها بل أكتفت بتمشيطه وتركه منسدلا على كتفيها , وأخيرا نظرت الى أنعكاسها في المرآة فأبتسمت راضية.
كان جي كي وجارود في الصالة الصغيرة حين توجهت الى هناك لأنها أستطاعت سماع صوتيهما , ولاحظ جي كي قدومها فقام لأستقبالها:
" أنك تبدين رائعة , لم أرك ترتدين هذا الفستان من قبل , أنه جميل جدا".
أبتسمت سارة بأضطراب وسارت معه الى الصالة حيث كان جارود في أنتظارهما.
أرتدى جارود بدلة غامقة اللون وكان لتناقض لون شعره وبشرته جمالا أذاذا.
ناول سارة عصير ليمون فتناولته منه بيدين مرتجفتين ,أبتسم جي كي وعلّق :
" يجب أن تذهب الى مكان ما الليلة بهذه الملابس الجميلة".
نظرت سارة بأتجاه جارود فأحنى رأسه وقال:
" أنها ذاهبة الى مكان ما يا جي كي , ستذهب معي الى الحفلة".
قطب جي كي جبينه:
" ماذا تعني بقولك أنك ستأخذها الى حفلة؟".
" أعني ما قلته بالضبط".
أستدار جي كي نحو سارة ثم الى جارود مرة أخرى:
" ما الذي تعنيه بأخذ هذه الطفلة معك؟ أنها أصغر سنا من أن ترافقك الى أماكنك المعتادة".
وبدا على جارود الضيق وأحست سارة بالأنقباض في صدرها :
" سأصطحبها الى حفلة عيد ميلاد هوارد لوسون الحادي والعشرين , أذ وعدته بحضور الحفلة منذ عدة أشهر".
" كما وعدت لورين بمصاحبتها الى الحفلة الراقصة ونقضت الوعد بدون أي أهتمام".
" كلا , لم أنزعج ولأضف الى معلوماتك , لم أكن أرغب بمصاحبة لورين الى الحفلة".
" لذلك ذهبت الى مونت كارلو مع تريسي ميرك بدلا من ذلك!".
تحركت سارة بقلق وكرهت جو الخصام العائلي المحيط بها.
" حسنا ذهبت الى مونت كارلو مع فوستر ميرك".
" ألم تذهب معكما تريسي؟".
" كلا.... ما الذي تريد معرفته يا جي كي؟ هل تريد مني وصف ما فعلت تلك الليلة كي تسمع سارة وتفكر جيدا قبل أن توافق على الخروج معي؟".
" حسنا ,ذهبت الى مونت كارلو مع فوستر توجهنا الى الكازينو وقامرت طوال الليل ".
أنتابت سارة القشعريرة ثم غيّر جي كي موضوع الحديث:
" هل ستذهبان الى حفلة هوارد أذن؟".
" أذا كانت سارة لا تزال ترغب بالذهاب.... هل تظنين بأنك ستشعرين بالأمان في صحبتي؟".
هزت سارة كتفيها ثم تساءلت:
" هل أنت متأكد من رغبتك في الذهاب؟".
ضحك جارود بقوة:
" ماذا تعنين بذلك؟ أنني غير قادر على أمتاع نفسي في حفلة عيد ميلاد صغيرة مثلا؟".
" لم تقل سارة ذلك؟".
" كلا , بل كانت على وشك النطق بذلك , يا ألهي! هل تتصور يا جي كي بأنني سأصطحب سارة الى الحفلة لأني منجذب نحوها؟".
تراجع جي كي عن موقفه وقال:
" كلا , لا أظن ذلك".
" هذه هي الحقيقة , لا تهمني تلك الناحية ,ولنتوقف عن النقاش فورا , أنني الوصي عليها ويحق لي قضاء الوقت معها , أليس كذلك؟".
" بالطبع , حسنا جارود سأصمت , ولكن تذكر كن حذرا في قيادتك السيارة".
فقال جارود بغضب:
" أنني قادر على التحكم بسلوكي بدون الحاجة الى نصائحك ".
ثم غادر الغرفة.
بعد ذلك نظر جي كي الى سارة بقلق:
"هل تريدين الذهاب معه حقا ؟".
أحنت سارة رأسها قائلة:
" نعم".
" ولكن تذكري جيدا من هو وما هو عمره , أنك طفلة حساسة ولا أريده أن يؤذيك".
تنهدت سارة قبل أن ترد :
" لكنك سمعت ما قاله , أنه يعاملني مثل أبنته".
" أعرف , أعرف , قد أكون عجوزا متشككا , لكنني أعرف مدى جاذبية جارود للنساء , كما أعرف أنه أنسان وسيلتهم الفريسة أذا كانت سهلة".
" ولكن جي كي , لست حمقاء , لست حملا ضعيفا ولا أنوي التصرف كذلك , ألا أنني أرغب بالخروج الليلة كنوع من التغيير فقط".
فتساءل جي كي قلقا:
" هل تشعرين بالملل هنا أذن؟".
أبتسمت سارة مطمئنة أياه:
" كلا بالطبع , ليس هذا ما عنيته , ما أريده هو الخروج الى مكان جديد ,أنك تعرف ما أعني أليس كذلك؟".
أجابها جي كي موافقا وتمنت سارة ألا تكون قد دفعته الى التفكير بأنها ناكرة لجميله.


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:26 PM   #6

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5 - كان فظيعا

كان الجو ينذر بحلول عاصفة ثلجية , وحين أستقرا في السيارة سألت سارة بحذر:
" هل المكان بعيد؟".
ضغط جارود على شفته السفلى للحظة ثم أجاب مترقبا:
" عدة أميال, هل غيّرت رأيك ثانية؟".
" كلا , أردت معرفة المكان فقط لا غير".
هز جارود كتفيه ثم بدأ قيادة السيارة بمهارة ونعومة , كان سائقا سريعا ألا أنه كان خبيرا في الوقت نفسه فأستطاعت الأسترخاء معه أكثر مما تفعل مع بوتر , حين أقتربا من الطريق العام قال بعد أن قلل من سرعته:
" الأرض مغطاة بالجليد ".
تساءلت سارة في نفسها عما سيفعلانه أذا ما أثلجت وأنسدت الطريق , كانت ترتدي جزمتها الجلدية وبأستثناء معطفها ما كانت ملابسها صالحة للبس في جو عاصف.
كان منزل لوسون خارج قرية أخرى , قرية ملستون , ولاحظا أصطفاف العديد من السيارات خارج المنزل ,ولاحظ جارود أصطفاف العديد من السيارات خارج المنزل , ولاحظ جارود عصبيتها مرتسمة بوضوح على وجهها فقال:
" لا تقلقي يا عزيزتي , أنك جميلة الى حد سيصطف الشباب بأنتظار أبتسامة منك".
ورحب الجميع بجارود بحرارة كما لو كان أبن عم مفقودا بينما أقتادت جينا لوسون سارة الى غرفة االسيدات , كانت جينا قصيرة وشقراء وأكبر من سارة بعام واحد.
قالت جينا بلهجة ودية:
" لقد أحسنت بأختيار جارود كوصي , آه كم أتمنى لو كان وصيا عليّ".
أبتسمت سارة ثم تبعت جينا الى القاعة من جديد , قدمت سارة الى السيد والسيدة لوسون , أبنهما المراهق هال , وبالطبع هوارد ,ثم تعرفت بعدد كبير من الناس نسيت أسماء معظمهم لقصر الفترة الزمنية , وبدا وكأن حضورها مع جارود له فعل التعويذة السحرية , وبدا الجميع مسرورين لرؤيتها , أو على الأقل هذا ما تظاهروا به , وتجاهلت نظرات بعض الفتيات الغيورات أذ كان جو الحفلة وديا بشكل عام.
كان العشاء مكونا من اللحوم الباردة وأنواع السلطة وأخليت الصالة بعد العشاء للرقص.
بعد أن تناولت سارة كأسي عصير مع السيد والسيدة لوسون نظرت حولها باحثة عن جارود فلم تجده , وأذ بدأ الرقص في تلك اللحظة , أقتادت جينا سارة قائلة:
" تعالي , لنذهب هناك , يبدو أن جارود أختفى".
كان بعض الشباب يرقصون على موسيقى مسجل موضوع في الزاوية , ألا أنها لم تر جارود فقالت جينا مبتسمة:
" أنه يعتبر نفسه أكبر سنا من أن يشارك في هذه الأجواء لذلك دعونا لورين لتهتم به".
" لورين ماكسويل؟".
وصدمت سارة للخبر.
" نعم هل ألتقيت بها من قبل؟".
" نعم .... ولكن.........".
وتقدم في تلك اللحظة منهما هوارد لوسون طالبا الرقص معها , فأومأت سارة برأسها موافقة , وبعد ذلك , ولدهشتها الشديدة بدا وكأن الأمسية أنقضت بسرعة عجيبة , كان لهوارد العديد من الأصدقاء أرادوا كلهم محادثتها والرقص معها محاولين ربطها بمواعيد لرؤيتها في الأيام المقبلة , ألا أنها رفضت عروضهم كلها.
كان هارولد أكثرهم ألحاحا فقضت معظم وقتها راقصة معه .
وظهر جارود عند منتصف الليل بصحبة لورين ماكسويل , وبدت لورين متألقة بجمالها الأخاذ وأناقتها التي أبرزت مفاتنها .
" أهلا".
قالت لمجموعة من الشباب متفحصة سارة بأعجاب:
" هل قضيت وقتا ممتعا؟".
نظرت سارة الى جارود وقالت:
" ظننت أنك عدت الى البيت , أذ لم أرك منذ فترة طويلة".
تعجبت لورين لجملة سارة وعلقت:
" هل عينته حارسا رسميا لك؟".
لم يتغير تعبير جارود المتحفظ بل أكتفى بالقول:
"كلا , يا لورين كلا , ما أرادت سارة قوله أنها لاحظت غيابي".
وضع جارود ذراعه حول سارة كأنه يحميها:
" أهتمتت بسارة طوال الوقت وأظن أنها تمتعت بالحفلة معنا".
ضحكت لورين وقالت:
" هذا حسن جدا أذن , أنها تثلج بكثافة في الخارج , وأعتقد أنكم ستجدون القيادة خطرة في هذا الجو , ألست محظوظة لأنني سأقضي الليلة هنا؟".
وأسرع بعضهم الى النافذة لألقاء نظرة على المشهد الأبيض في الخارج وقال جارود:
" أظن من الأفضل لو بدأنا رحلة العودة من الآن يا سارة".
أمسك هواد بيد سارة وقال:
" سآخذها الى البيت بنفسي".
" لا تكن غبيا , أنها ليلة مزعجة , كما ذكرت لورين منذ قليل , جئت مع سارة وسأعيدها الى البيت بنفسي".
فقال هوارد معاندا:
" دع سارة تختار".
بدأت سارة بالأحتجاج حين أمسك جارود بمعصمها:
" أجلبي معطفك ".
قال ببرودة متحديا أياها أن تعصي أمره".
خلصت سارة معصمها من قبضته ثم أعتذرت من هوارد وذهبت لجلب معطفها.
ودّعا المضيف والمضيفة ثم سارا نحو سيارة الفيراري الواقفة عند المنعطف , وبدون أن تنتظر مساعدته فتحت سارة باب السيارة وجلست في المقعد الأمامي , مسح جارود الواجهة الأمامية من الثلج وتأكد من عمل فرشتي المسح قبل أن يدخل السيارة , لم يقل شيئا بينما لوحت هي لهوارد الواقف عند باب المنزل ملوحا لها, كان الجو عاصفا والثلج يغطي كل شيء".
تنهدت سارة مفكرة بسوء الجو والمسافة الفاصلة بين ملستون ومالثورب , فسألها جارود:
" ما الذي عنيته بسؤالك عن مكاني؟".
أستدارت سارة مواجهة أياه لترى وجهه في أنعكاس الضوء الخارجي.
" ألا يحق لي ذلك؟ أظن بأنك أصطحبتني الى الحفلة.... لا بد أنك تمتعت بحفلتك!".
" أحذرك يا سارة بأنني........".
ودمدم لاعنا السيارة حين أحس بأنزلاقها:
" يا لها من ليلة مزعجة".
"لا بد أنك أدركت سوء الجو قبل مغادرتنا , لورين لاحظت ذلك أيضا ,أين كنتما؟ في غرفتها لأنها قررت قضاء الليلة هناك؟".
أوقف جارود السيارة فجأة وبدا الغضب مرتسما بوضوح على على وجهه , فأنكمشت سارة في زاويتها مذعورة.
" أن جي كي أجاد تدريبك".
فدمدمت بصوت خائف:
" ما الذي تعنيه؟".
" أنك تعرفين ما الذي أعنيه , ولزيادة معلوماتك أقترحت لورين الذهاب الى مقهى قريب هادىء فصاحبتها الى القرية لأن المكان كان مكتظا بالصبيان".
" لست بحاجة لتوضيح تصرفاتك لي".
" كلا , لست بحاجة لذلك , ألا أنني لا أريد لذهن مشوش مثل ذهنك أن يتخيل أشياء لا وجود لها , أذ أن لي كبريائي أنا الآخر ".
" آه دعنا نذهب الى البيت".
فعاد جارود الى القيادة.
لسوء الحظ , لم تتحرك السيارة من مكانها , بل بقيت ثابتة في مكانها رغم محاولاته اليائسة لتشغيلها , وأزداد غضبه أشتعالا مما دفع سارة الى الأبتسام بدون تعمد , وحين نظر اليها أخف أبتسامتها براحة يدها , ألا أنه أكتفى بهز رأسه:
" لا بد أننا مجنونان أذ نناقش في وسط عاصفة ثلجية , بعيدين جدا عن أي مكان مأهول , علي أن أبدأ بدفع السيارة بينما تقودينها أنت..... هل تستطيعين قيادتها؟".
ترددت سارة مجيبة:
" لست متأكدة تماما.......".
" سأوضح لك ما يجب أن تفعليه ".
خرج من السيارة فزحفت الى مكانه خلف المقود:
" لا تحاولي بدء المحرك فجأة وألا لتزحلقت خلف السيارة , أتفهمين؟".
أجابته سارة بخبث:
" سأحاول جهدي".
ثم سار بأتجاه مؤخرة السيارة , الا أن جهده كان عبثا , ولم تستطع سارة تشغيل السيارة بالطريقة الصحيحة , ما دفعه الى القول:
" هل تستطيعين دفع السيارة؟ أعرف أن الفكرة مزعجة ولكن كل ما في الأمر أن السيارة بحاجة الى القيادة الصحيحة".
ضحكت سارة بصوت عال:
" بصراحة , أن لك أفكارا رائعة..... ولكن حسنا دعني أخرج".
وتبدلا مكانيهما وبدأت سارة الدفع بكل قوتها فبدأ التشغيل وفجأة أندفعت السيارة الى الأمام بينما وقعت سارة في بركة الماء وغطاها الثلج.
ساعدها جارود على الوقوف ألا أنها كانت مبتلة تماما وبدأت ترتجف وسألته:
" هل فعلت ذلك عن عمد؟".
حاول جارود أن يضحك مجيبا أياها:
" آسف جدا , كلا بالطبع لم أفعل ذلك متعمدا , تعالي لنركض الى السيارة".
" ولكنني لا أستطيع العودة الى البيت هكذا أني غارقة بالوحل والماء".
" ستذهبين هكذا لأنني لا أحمل معي ملابس أحتياطية ولكنني سأعطيك معطفي".
وساعدها على خلع معطفها المبتل بسرعة وأرتداء معطفها.
" والآن هل تشعرين بالتحسن؟".
" نعم".
وبدون أن يطلب موافقتها حملها وركض الى السيارة , فجلست مرتجفة بلا توقف , وقاد جارود السيارة بأقصى سرعة بدون أن يحاول حتى رؤية الطريق أمامه , لأستحالة ذلك , وأخيرا وصلا الى مالثورب ووجدا جي كي جالسا في أنتظارهما , فحدق بسارة مرعوبا أذ كانت ترتعش من قمة رأسها حتى قدميها , ملتفة بمعطف جارود .
وقف جارود خلفها ثم خطا نحو جي كي قائلا:
" قبل أن تبدأ طرح الأسئلة , سارة بحاجة الى حمام دافىء والذهاب الى الفراش فورا بعد ذلك , ثم من الأفضل أستدعاء الطبيب لاندري في حال حدوث شيء ما".
"لست بحاجة لحضور الطبيب, أنني بخير".
ومنعها أصطكاك أسنانها من الأعتراض أكثر.
" هل سمعت ما قالته يا جي كي؟".
وحملها جارود بين ذراعيه الى غرفتها , ثم تم أستدعاء الخادمة ماري لتساعدها على خلع ملابسها وأعداد الحمام لها , وتركها جارود هناك ولم تره مرة أخرى طوال الليل , رغم أنها رأت جي كي والطبيب لاندري.
كان الصباح التالي رماديا باردا وأحست بحالتها تسوء ,وحين جلبت لها ماري أفطارها في الساعة الثامنة والنصف وجدنها تتنفس بصعوبة وتسعل بلا أنقطاع , وأذ جاء جي كي بعد أن أستدعته ماري أتصل بالطبيب لاندري طالبا منه الحضور فورا.
عانت سارة من الأصابة بالبرد الشديد وأرتفعت حرارتها ولم تخفف أكياس الماء الحارة الموضوعة على جانبيها من تقليل أحساسها بالبرودة , كانت تعطس وتسعل في الوقت نفسه متناولة أنواع الأدوية بلا فائدة متمنية أن تنام وتنهض بعد ذلك بصحة أفضل.
لاحظت ذات مرة وجود جارود الى جانبها ألا أنه لم يتحدث اليها , ثم وصل بعد ذلك رجل آخر فحصها بدقة كبيرة قبل أن يضعها تحت أشراف ممرضة , ولم تعلم سارة بأنها كانت على وشك الأصابة بألتهاب الرئتين , أذ بقيت تنام وتستيقظ بلا أنقطاع , ولم ينقذها من المضاعفات الخطيرة غير العناية الفائقة بها , لم تتكلم ولم تأكل شيئا , رغم أن هستر واصلت جلب الطعام آملة أن تتوصل الممرضة الى أقناعها.
وأخيرا أنخفضت درجة حرارتها وتخلصت من الحمى , ثم بدأت تستعيد وعيها بما يدور حولها ,وفي صبيحة اليوم الرابع أحست بالتحسن المطرد وأشعرتها الشمس المشرقة بالسعادة لأنها لا تزال حية .
وأبتسمت الممرضة ماكدونالد بمرح حين قدمت لرؤية مريضتها:
" أنك تشعرين بالتحسن يا آنسة روبنز , أليس كذلك؟ يجب أن أعلم السيد كايل بذلك , أذ أنه قلق جدا بصددك".
أستطاعت سارة الأبتسام:
" أي سيد كايل تعنين؟".
" الأكبر سنا بالطبع , أنه وصيك أليس كذلك؟".
كانت سارة على وشك الأحتجاج ألا أنها قررت عدم أهمية ما تفكر به الممرضة كما لم تجد القوة اللازمة لأجابتها حتى.
أكلت سارة البيضة ثم غسلت الممرضة وجهها ومشطت شعرها , ليظهر بعد ذلك الطبيب لاندري بصحبة جي كي , جلس جي كي على حافة السرير وأمسك بيدها.
" آه سارة ,كم من الرائع رؤيتك في حالة طبيعية , تقول الممرضة أنك نمت جيدا وتخلصت من الحمى , هل تعلمين أنك كنت على حافة الأصابة بالألتهاب الرئوي طوال الأربعة أيام السابقة؟".
" هل بقيت في هذا الشكل أربعة أيام؟ لا أستطيع تذكر الكثير , كل ما أعرفه هو أحساسي بالحرارة والأنزعاج وصعوبة التنفس ".
ثم قطبت جبينها متسائلة:
" أين.... أين جارود؟".
" عاد الى لندن الليلة الماضية , كان عليه الذهاب لحضور أجتماع هيئة أدارة طارىء".
" آه , لا أتذكر أنني رأيته مؤخرا".
" لعل ذلك أحسن , ذلك الأبله ,كان على وشك قتلك".
" قتلي؟ أوه , كلا , لم يكن ما حدث خطأه , كنت في الحقيقة جالسة على مؤخرة السيارة حين تحركت ووقعت في البركة وتبللت , ذلك كل ما حدث".
" يا لها من سخافة , وليس ذلك توضيحا لسبب وقوفه بالدرجة الأولى , ليدفعك للوقوع في بركة مثلجة".
أعترض الطبيب على أثارة أعصاب مريضته ألا أن سارة قالت:
" أنني على ما يرام يا دكتور , وأستطيع توضيح الأمر لجي كي".
" ما الذي تريدين توضيحه؟ لا بد أن أبني الأحمق كان على وشك التلاعب كعادته".
" التلاعب بي؟".
" لو صح الأمر لقتلته ".
قال جي كي مهددا بقبضته.
" لا تكن سخيفا أذ أنه لم يلمسني أطلاقا , كل ما في الأمر أنه توقف ليقول لي شيئا ما , بل أتذكر أننا كنا نتجادل كالعادة ".
قطب جي كي جبينه :
" هل هذه هي الحقيقة؟".
" بالطبع ألم يخبرك جارود؟".
" نعم أخبرني غير أنني لم أصدقه, كما بقي هنا طوال الوقت ليطمئن على صحتك ألا أنني منعته من الأقتراب منك".
" جي كي أرجو أن تصغي الي , أن جارود لا يراني كما تتوهم وأود لو تتوقف عن توهم أشياء لا وجود لها".
بدا عل جي كي الخجل لسوء النية مما دفع الطبيب الى القول:
" عليك الذهاب للأتصال به , وأخبره أن سارة أفضل الآن وأعتذر منه لسلوكك وشكوكك".
نهض جي كي وربت على يد سارة:
" هل تعتقدين أن هذا ما يجب أن أفعله؟".
" نعم , أذ غالبا ما تسيء الظن".
" أعرف , ولكنني أفعل ذلك لأسباب صحيحة أحيانا , فيليب سأتركك مع المريضة".
بعد أن ذهب نظر الطبيب الى سارة مبتسما:
" يا له من مسكين , أنهما متشابهان الى حد لا يستطيع فيه تحمل أحدهما الآخر , وجي كي يبني آراءه بناء على ما كان سيفعله لو كان في مكان جارود , وسنه".
جس الطبيب نبضها ثم قالت:
" لا أعتقد أن ملاحظتك صحيحة تماما".
ضحك الدكتور لاندري قائلا:
" هل تعلمين ؟ كان جارود هو من أستدعى الأخصائي من لندن رغم عدم موافقة والده , أذ ظن جي كي أن حالتك لا تستدعي ذلك , ألا أن جارود كان محقا , لأنني لست أكثر من طبيب عام..... ولولا حضور الأخصائي ووصفه الأدوية الملائمة لما تشافيت بهذه السرعة".
فكرت سارة بما قاله الطبيب رغم أنها لم تستعد لونها الطبيعي .
وبقي الجو باردا ورطبا وفي حالة توقف سقوط الثلج غطى الضباب المنطقة كلها , وكان جي كي قلقا بصددها خاصة وأنها لم تستعد حيويتها المعتادة بل بقيت تدور في المنزل , تقرأ أحيانا وتقضي معظم وقتها تستتمع الى الموسيقى , ألا أنها لم تظهر أستعدادها السابق للتجول والأستكشاف.
لم يأت جارود الى مالثورب وأكتفى بالأتصال هاتفيا بجي كي مستفسرا عن صحة سارة دائما , ألا أنه لم يحاول التحدث اليها بنفسه.
أتصل بسارة العديد من الشبان الذين ألتقت بهم في حفلة هوارد , محاولين الخروج معها ألا أنها رفضتهم جميعا , كان هوارد أكثرهم أصرارا وجاء ذات مرة زيارتها فوجد أمامه أنعكاسا شاحبا للفتاة الجميلة التي تمتع بالرقص معها , بدا على سارة عدم الأهتمام بكل شيء , كما رفضت دعوته لأخذها الى المسرح في ليدز , فترك المكان منزعجا ولم تبد سارة أي رد فعل لذلك مما أثار أستغراب جي كي , أذ كان يود هوارد وتمنى لو أن سارة أصبحت صديقة له.
بعد مضي شهر على ليلة الحادث , قرر جي كي شيئا حاسما , فقد أخبر سارة حين كانا يتناولان العشاء سوية:
"ما رأيك بقضاء أسبوعين في جزر الهند الغربية؟".
دهشت سارا لأقتراحه وحدقت في وجهه:
" هل تريد الذهاب الى هناك؟ فكرت دائما بأنك تفضل قضاء وقتك في أوروبا".
" ماذا؟ مع الفيضانات في فرنسا وأيطاليا والبرودة اللامعقولة؟ كلا , لن تكون أوروبا ملائمة ".
ثم صمت متأملا حساءه قبل أن يضيف:
" ثم أنني لم أفكر بأخذك هناك بنفسي , خاصة وأن فيليب رفض السماح لي بالسفر قائلا بأن وضعي الصحي لا يسمح بذلك".
" كيف أذن؟ ..... جي كي , لن أحب الذهاب لوحدي".
تنهد جي كي مرة أخرى:
" أعطني الفرصة لأوضح لك , ما عنيته هو ألا تسافري لوحدك ثم لو كنت ستسافرين لوحدك بأمكانك البقاء فترة أطول , لكن فترة أسبوعين هما كل ما يستطيع جارود عرضه الآن".
" جارود!".
وفتحت سارة عينيها على سعتهما:
" جارود؟ وما علاقة جارود بالمسألة؟".
" كل شيء , كانت الفكرة فكرتي ألا أنه سيتحمل مسؤولية السفر".
" كلا , كلا , لا أريد الذهاب مع جارود الى أي مكان , ثم أنني لا أعتقد أنه سيكون متحمسا للفكرة".
" لا علاقة لحماسة جارود بالموضوع بما سيفعله تكفيرا عن غلطته بصددك".
" وهل تحدثت مع جارود بصدد ذلك؟".
" بالطبع".
هزت سارة كتفيها يأسا:
"ولم فعلت ذلك بدون أن تخبرني؟".
" حسنا , لأنك تثرين قلقي , أذ تقضين معظم وقتك في المنزل وتوقفت عن أخذ دروس قيادة اسيارة , ورفضت الذهاب الى المسرح مع هوارد وتبدين في حالة مؤسفة, أعتقد أنه أضافة الى مرضك فأنك بدأت تفتقدين جدك أكثر من أي وقت مضى , لذلك سيفيدك تغيير الجو".
هزت سارة رأسها أذ قدمت لها هستر السمك المدخن:
" كل ما حدث كان نتيجة لمرضي الأخير , وأنا الآن بخير".
" قد يكون ما تقولينه صحيحا, ألا أنني أعرف بأن الجو مزعج والعيش مع رجل عجوز مثلي ليس أمرا مثيرا , كلا أنك بحاجة الى تغيير الجو , وجامايكا بلد جميل".
" جامايكا؟".
" بالطبع , وستبقين مع والدة جارود , أذ ستستاء هيلين أذا علمت بذهاب جارود الى هناك وبقائه في مكان آخر , ثم أن في بيتها حمام سباحة خاصا والجو رائع في هذا الوقت من العام".
أحست سارة بتزايد أهتمامها رغما عنها , وفكرت بأن قضاء أسبوعين مع جارود فكرة جميلة ومثيرة للأضطراب في آن واحد , أذ أن بقاءها لوحدها معه ولفترة طويلة قد يثير من جديد , في داخلها مشاعر تحاول قمعها , لم تعرف لم أحسن بذلك , رغم أن جارود لم يبد بها أي أهتمام مطلقا أذا لم يكن العكس هو الصحيح حيث جعلها تحس بأنها عبء ثقيل عليه.
ألا أن البقاء مع أمه أمر مختلف وأرادت أن تلتقي بالمرأة التي كانت زوجة جي كي.
" حسنا , ما رأيك الآن؟".
" لا أدري".
" هل تريدين الذهاب؟".
تحركت سارة في مكانها:
" هل يريد جارود الذهاب؟ لعل هذا هو السؤال الأهم ".
"أي أعتراض يبديه جارود هو أعتراض أناني ولا تقلقي بصدده , والآن حاولي أنهاء عشاءك".
بعد العشاء وصل الدكتور لاندري ليلعب الشطرنج مع جي كي وبعد أن قضت سارة معهما فترة قصيرة تركتهما لوحدهما وتوجهت الى غرفة المكتبة حيث حاولت التركيز على كتابها بدون جدوى.
كان ذهنها منشغلا بمشكلة السفر الموعودة الى جامايكا , وكان من حقها ذلك أذ أن فكرة الأبتعاد عن الرطوبة والبرد وقضاء أسبوعين تحت أشعة الشمس قادر على أثارة أي أنسان , ألا أنها تمنت لو أن جي كي سألها قبل سؤال جارود , وتمنت لو كانت موجودة معهما لرؤية رد فعله الحقيقي , لكن من الظاهر أن كل شيء تم تلفونيا , أذ لم يزرهما جارود منذ عدة أسابيع.
دخلت غرفة المكتبة وأغلقت الباب خلفها , كانت النار متوقدة والغرفة دافئة , وأذ نظرت الى التلفون الموضوع على الطاولة الصغيرة خطرت لها فكرة الأتصال بجارود والتحدث اليه شخصيا وسؤاله عن رأيه بالرحلة لتكتشف بنفسها ما يفكر به فعلا.
نظريا , كانت الفكرة بسيطة ومعقولة , عمليا , أرتعش صوتها وهي تطلب الرقم وأهتزت يداها عند أصغائها لرنين جرس التلفون.
وأنقضى زمن طويل قبل أن يرفع السماعة أحد وبدأت تشعر بالأرتياح أذ لا بد أنه غير موجود في الشقة , ثم رفعت السماعة وأجابها صوت أمرأة , ظنت سارة أولا بأن الرقم خطأ , ألا أنها أدركت من الضجة وصوت الموسيقى أن المكان يعج بالمدعوين ولا بد أن تكون المرأة أحدى السكرتيرات ألا أنها سمعتها تخاطب شخصا آخر قائلة:
" لا أدري يا عزيزي أذ لم أتحدث الى أحد بعد.... ربما كانوا يتصلون من أحد التلفونات العمومية ولم يجدوا النقد الملائم".
أبتعلعت سارة ريقها وأرتعشت أكثر حين سمعت صوت جارود متسائلا:
"من هذا؟".
" سارة.........".
" من؟ سارة؟ هل حدث شيء؟ ماذا جرى هل والدي مريض؟".
" كلا يا سيد كايل , أن جي كي بخير".
وتلعثمت سارة وأحست بموقفها الصبياني , ثم تساءلت في قرارة نفسها عما أذا كانت المرأة الأخرى تنصت الى حديثهما.
" ماذا تريدين أذن يا سارة؟".
" أردت أن أتحدث اليك, ولكن على أنفراد".
" سارة , لدي حفلة الآن , ولا أستطيع أطلاقا الحديث اليك لفترة طويلة".
وكان صوته يدل بوضوح على تبرمه , وبدا وكأن كلماته أثارت البرود في سارة والرغبة في الدفاع عن نفسها:
" حسنا يا سيد كايل , آسفة لأزعاجك , تصبح على خير".
ثم أعادت سماعة الهاتف الى مكانها.
أحست بعد ذلك بالأسف , أذ كان جارود يهتم بضيوفه ولم يكن من المعقول أن يترك ضيوفه ليتحدث اليها , ألا أنها تذكرت بروده ونفاذ صبره فهزت كتفيها بلا مبالاة وتقدمت لتجلس قرب النار , مقررة أن عليها الأنتظار الى أن يقرر زيارتهما في مالثورب.
ذعرت حين رن جرس الهاتف , نهضت فورا للأجابة ألا أنهاترددت , قد يكون جارود , وأذا كان هو فأنها لم ترغب بالحديث اليه ولم تجد القوة اللازمة للدخول في جدال طويل معه.
توقف الرنين فأدركت أن موريس أو أحد الخدم رفع السماعة , أسترخت في مقعدها مفكرة بأن عليها الأحساس بالسعادة والقناعة لأنها تعيش في مكان كهذا بدون هم , ألا أنها لم تستطع التخلص من أنزعاجها لفكرة السفر مع رجل يعتبرها عبئا عليه.
فتح موريس باب الغرفة ووقف عند الباب قائلا:
" أعذريني يا آنسة لكن السيد جارود يريد محادثتك تلفونيا.... هل تريدين الرد عليه هنا؟".
" حسنا يا موريس , هل ذكر سبب أتصاله؟ هل أنت متأكد بأنه يريد التحدث الي وليس مع جي كي؟".
" أنه يريدك أنت يا آنسة".
" حسنا , حسنا , شكرا جزيلا".
ورفعت سارة سماعة الهاتف بعد أن أنسحب موريس:
" هالو , سارة روبنز تتحدث ".
" سارة لا تقطعي امحادثة التلفونية مرة أخرى معي".
أرتجفت سارة رغم دفء الغرفة وقالت معترضة:
" لكنني لم أفعل ذلك , كان من الواضح أنشغالك بالضيوف فلم أرغب بأزعاجك أكثر".
" هراء , في أي حال أنا الآن لوحدي , فأخبريني ماذا تريدين؟".
تنفست سارة بصمت قبل أن تجيب:
" لا أريد شيئا أطلاقا, أردت سؤالك عن شيء ما ألا أنني أدركت غبائي , فلم يكن الوقت ملائما , ليس الأمر مهما".
وبدا أن جارود يبذل جهدا كبيرا ليسيطر على غضبه:
" سارة , لن أسألك مرة أخرى: أريد أن أعرف سبب أتصالك بي الآن؟".
" حسنا , أنه بصدد السفر الى جامايكا".
" ماذا عنها؟".
" أنك لا تريد مصاحبتي الى هناك".
" هل قال جي كي ذلك؟".
" كلا , بل أخمنه أنا".
" هل خطر ببالك ذات مرة أن محاولاتك الغبية لتخمين رأيي قد تكون خاطئة؟".
" ما كان على جي كي بحث المسألة معك بدون أخذ رأيي أذ لدي الأحساس بأنني مدينة لك بشيء".
ضحك جارود وقال بخشونة:
" ألست مدينة لي الآن؟ ألا تجعلك خزانة ملابسك , سيارتك , ووضعك الحالي ,تشعرين بأنك مدينة لي؟".
أحست سارة بغصة في بلعومها وتمتمت:
" يا له من أتهام فظيع : كيف تقول هذا؟ كيف؟ وبأصابع مرتجفة وضعت سماعة الهاتف في مكانها , وجلست محدقة في الهاتف , أنها لم تشعر من قبل بهذا الأزدراء موجها اليها ,وبالعزلة , حتى خلال الأيام الأولى التي تلت وفاة جدها , كانت تعلم بأن جارود قاس وساخر ألا أنه لم يتصرف معها بمثل هذه القسوة من قبل.
ورن جرس الهاتف مرة أخرى وعاد موريس ليخبرها أن جارود يريد محادثتها , هزت رأسها رافضة , كلا لن تتحدث اليه مرة أخرى.
غادر موريس المكان بعد لحظات ثم عاد ثانية وبدا عليه القلق:
" ألن تتحدثي الى السيد جارود رجاء؟ أنه يصر في طلبه".
" كلا , كلا , أخبره أنني ذهبت الى النوم".
تنهد موريس وأغلق الباب خلفه , ولكن بعد وقت قصير أنفتح الباب مرة أخرى وكان القادم هذه المرة جي كي , كان مقطب الجبين وتنهدت سارة بعمق.
" كنت تتحدثين مع جارود , أفترض أنك تعرف كل شيء الآن..... كلا أنا أتصلت به أولا".
" لماذا؟".
" أردت سؤاله عن الرحلة الى جامايكا , أذ عرفت بأنه لم يرغب في مصاحبتي , أنه مشغول بحياته الى حد لا يستطيع معه مرافقة مراهقة حمقاء الى جزر الهند الغربية , ثم أتصلت به وكان مشغولا بحفلة خاصة في شقته ولم يرغب الحديث الي, فشكرته وأعدت السماعة الى مكانها فجن ..... هذا كل ما حدث".
" هذا كل ما حدث ؟ أليس هذا كافيا؟ يا لهي..... وماذا جرى لعقلك لتحاولي الأتصال به الليلة ؟ كنت أظن أنك تعرفين طبيعته وتقدرين بأنه ليس أنسانا يتقن فن المجاملة".
" مجاملا؟ كان فظيعا , فظيعا جدا".
وغطت وجهها بيديها وبدأت البكاء بعصبية , وتساقطت دموعها بغزارة.
" آه يا عزيزتي , لا تبكي رجاء , مهما كان ما قاله , أعلمي بأنه لم يعن ذلك".
" أظن أنني أكرهه".
" لا تكوني حمقاء , ما الذي قاله في أي حال؟".
" قلت بأنني لا أريد أن أكون ممتنة له لأخذي الى جامايكا وقالبأنني .... بأنني يجب أن أكون ممتنة له بكل شيء".
أبدى جي كي أنزعاجه ثم قال:
"سارة , أظن أن ما قاله صحيح الى حد ما , ولكن هل قال بأنه يريد التخلص من مسؤوليته؟".
أجابت سارة ببطء:
" كلا".
" حسنا , أذن هذا هو المهم".
" كلا ليست المسألة بهذه البساطة".
وسحبت منديلها من جيبها لتجفف دموعها .
" أنه ليس بحاجة للنطق بذلك أذ أنني أعرفه..........".
فأجابها جي كي بصراحة:
" أعتقد أنك متوهمة تماما , تعالي معي الآن وراقبي الدكتور لاندري محاصرا , أذ أنني على وشك الفوز عليه".
وأبتسم جي كي مشجعا أياها فتبعته الى الغرفة الثانية , ألا أنها كانت لا تزال مضطربة في أعماقها.


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:29 PM   #7

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6 - ليست طفلة

سمعت سارة في وقت متأخر من تلك الليلة, وأذ كانت متمددة في سريرها الفخم توقف سيارة أمام باب المنزل , وأحست فجأة بالحياة تدب في جسدها أذ لا بد أنه جارود , فمن سواه يأتي في مثل هذا الوقت المتأخر؟ وأنتابتها رعشة غريبة , لم عاد بهذا الشكل المفاجىء؟ هل تحدث مع جي كي؟ وأذا كان الأمر كذلك , ما الذي قيل بينهما؟
أرتدت الروب الموضوع عند سريرها وأحست بالحاجة لمعرفة أن القادم هو جارود نفسه وأن تراه لتتأكد من وصوله.
فتحت باب غرفة نومها وخرجت الى الممر ثم سارت ببطء الى مكان تستطيع فيه رؤية الصالة بوضوح ,كان هناك ضوء خافت ينير الصالة وسمعت سارة صوت الريح في الخارج بينما ساد الصمت أرجاء المنزل , ثم سمعت صوت باب السيارة ينفتح وبعد لحظات دخل جارود المنزل , مرتديا بدلة غامقة اللون ومعطفا مناسبا معها , وأضطربت سارة لمرآه فأدركت أن مشاعرها تختلف عن الكراهية.
طوال حياتها لم ترغب من قبل لمس رجل , ولم تجرب معنى الأحاسيس المادية كما لم تتصور حتى في أحلامها, أنها ستنجذب الى رجل يبلغ عمره ضعف عمرها , ألا أنها لا تستطيع أنكار ذلك الآن , خاصة بعد رؤيتها له, لم تكن تحبه , كلا , أذ أن الحب مختلف , لأنه عاطفة رقيقة ودافئة تختلف عما تحس به نحوه من رغبى مجنونة , أنها تدرك الآن , على الأقل, ما تعانيه لورين في علاقتها به خصوصا مع علمها بعلاقته الأخرى مع تريسي ميرك , أذ أنه رجل تعلم أرضاء شهواته بدون الأرتباط جديا بأمرأة ما.
أستدارت سارة لتعود الى غرفتها بعد أن لاحظت توقف جارود لألقاء نظرة على كومة الرسائل الموجودة على المنضدة بأنتظاره , كلا ستحاول جهدها التخلص من فكرة وجوده ومن أحاسيسها , أن ما حدث لها أمر سخيف ولن تسمح له بأن يعكر صفو حياتها.
لفت روبها حول جسمها بأحكام وتحركت بضع خطوات , ألا أنها كانت متأخرة أذ أكتشف جارود وجودها هناك , وصعد السلم بسرعة ليقف أمامها قائلا:
" مساء الخير يا سارة , من الرائع أن أجدك واقفة في أنتظارى!".
" لم أكن في أنتظارك , أعني... أعذرني ".
وسارت سارة محاولة العودة الى غرفتها ألا أنه منعها قائلا:
" لا تذهبي , لم ننه محادثتنا بعد".
" لا نستطيع مناقشة أي شيء الآن , دعني أذهب رجاء , أذ لا داعي لأيقاظ والدك بسبب صراخي طلبا للنجدة".
" وما الذي يدفعك للأعتقاد بأنني سأفعل شيئا يدفعك للصراخ طلبا للنجدة؟".
وأحس جارود بجمالها وجاذبيتها أذ وقفت هناك متناثرة الشعر , مرتدية روبها المنزلي وزاد هذا من غضبه وتعبه لرحلته السريعة من لندن الى مالثورب.
" لا شيء , لا شيء..........".
أحست سارة بأنفاسه تحيط بها , بحرارة جسمه وعطره وهو على وشك ملامستها , أضافة الى ذلك لم تكن قد أستطاعت التخلص من مشاعرها الخاصة نحوه منذ لحظة دخوله المنزل.
وفقدت رغبتها في الهرب منه وتساءلت في قرارة نفسها عما سيحدث أذا ما أقتربت منه أكثر لتجعله يحس بوجودها.
كان جارود واعيا لما أثارته اللحظة بينهما , وأصبحت نظراته دافئة ومثيرة وكان أرتجاف شفتيه دليل عواطفه , رفع جارود يده ولمس خصلات شعرها ولم يتوقف للحظة عن التحديق في وجهها فدمدمت هامسة أسمه ,وبدا كأن ذلك دفعه لأستعادة وعيه فأبتعد عنها مسرعا وقال:
" عودي الى فراشك يا سارة".
نظرت اليه بصمت بدون أن تتحرك فقال غاضبا:
" بحق السماء يا سارة , عودي الى غرفتك قبل أن أغير رأيي".
نظرت بأتجاهه عدة لحظات ثم عادت الى غرفتها , أغلقت الباب خلفها وتوجهت مب
شرة الى المرآة لترى أنعكاسها مواجها أياها , فكرت بأنها لن تنسى ما فعلته أبدا , وأنها لن تغفر لنفسها موقفها المخزي.
حين نزلت صبيحة اليوم التالي لتناول الأفطار , بدا عليها التعب بوضوح الى حد أن جي كي لاحظ ذلك فقطب جبينه متسائلا:
" ألم تستطيعي النوم؟".
" كلا , أذ كانت الريح قوية".
بدا على جي كي الشك ثم قال صابا لنفسه قدح قهوة آخر:
" جاء جارود الليلة الماضية".
سيطرت سارة على نفسها بصعوبة قائلة:
" آه, صحيح؟ هل كنت تعلم بقدومه؟".
" كلا , رغم أنني ظننت أنه قد يأتي بعد جدالك معه تلفونيا , ربما أراد الأعتذار لك وهذا سيمنحنا الفرصة الأفضل لمناقشة تفاصيل الرحلة , أظن أنه من الأفضل لكما بدء الرحلة عند نهاية الأسبوع".
" نهاية هذا الأسبوع؟ لكن هذا غير ممكن".
" لم لا ؟ جوازك جاهز منذ عدة أسابيع , ولا شيء يمنعك من السفر , كما أن جارود يعرف بقرب موعد المغادرة".
فارقت سارة شهيتها وقررت أن ليس في مستطاعها السفر مع جارود , ليس الآن على الأقل , أحتاجت بعض الوقت للتفكير ولأستجماع عواطفها المشتتة ولتمنع نفسها من أرتكاب المزيد من الحماقات.
"أين جارود؟".
" غادر الساعة السادسة والنصف صباحا , وأظن أنه سيتناول أفطاره مع عائلة ماكسويل".
" آه ".
وأتمت تناول عصير البرتقال:
" ما الذي قاله؟".
" لا شيء , لماذا؟".
وتفحصها جي كي بعينيه الحادتين :
" لا بد أنه لم ينم جيدا الليلة الماضية , حيث وصل بعد منتصف الليل , ثم غادر مبكرا , ربما كان ضميره يؤنبه.......".
شكّت سارة بذلك خاصة بعدما حدث الليلة الماضية, وأذ لاحظ جي كي أحمرار وجهها قال:
" لا تدعي جارود يؤذيك , لسانه السليط هو سلاحه كله".
" هل تعتقد ذلك؟ كم أتمنى لو أنك لم تقترح الرحلة الى جامايكا , أنها ستكون مستحيلة".
تنهد جي كي وقال:
" أفهميني يا سارة , أنك سترحلين مع جارود فقط, وحين تصلان ستقضين معظم وقتك مع هيلين وستهتم بك , ثم أن جارود يحب جامايكا وأراهنك بأنك ستجدينه أفضل بكثير حين يكون بعيدا عن تأثيري".
سمعت صوتا باردا وساخرا يقول:
" أنك مصيب في قولك يا جي كي , يا له من حديث شيق".
" لا تهزأ الى هذا الحد يا جارود , أين لورين؟ ظننت بأنك ستتناول الأفطار معها؟".
جلس جارود وصبّ لنفسه قدح قهوة:
" لم أر لورين ولم أذهب لرؤيتها , أذ فضلت وحدتي هذا الصباح".
ثم نظر الى سارة فأحنت رأسها متجنبة النظر اليه:
" هل أصبحت تقودين سيارتك هذه الأيام؟".
" كلا".
" لم تفعل سارة أي شيء منذ مرضها وأعتقد أنني ذكرت لك ذلك عدة مرات , أنها ليست بصحة جيدة , أو على الأقل أنها لم تستعد نشاطها بعد أن قضت فترة طويلة طريحة المرض , لذلك طلبت منك أخذها الى جامايكا".
تفحص جارود رأس سارة المنحني وسألها:
" ما رأيك بالموضوع يا سارة؟".
" كما أخبرتك الليلة الماضية , لا أرغب في أزعاجك أطلاقا , قد أبدو شاحبة ومتعبة , ألا أنه ما أن يتحسن الجو سأشعر بالحياة تدب في أطرافي من جديد".
" كلا , لن تتحسني بالسرعة الكافية , جارود أخبرها بأنك ستأخذها الى جامايكا بدون أي أزعاج ولا تجعل الطفلة تعاني بهذا الشكل".
" ولكن , هل قلت أنا ذلك؟ هل قلت بأنها مصدر أزعاج ؟".
" يبدو لي أنك قلت ما فيه الكفاية أنك مشغول بقضاياك الخاصة الى حد لا تهتم فيه بأي شخص آخر".
" أوه , رجاء , لا تتجادلا من أجلي , أذ أخبرتكما أنني لا أريد الذهاب".
وعندما قامت من مقعدها , نهض جارود أيضا وخاطبها بنعومة:
" بالطبع ستذهبين , حيث تم أجراء الترتيبات الزمة , أتصلت هذا الصباح بوكالة السفر في لندن وشرحت لهم ما أريد".
حدقت سارة في وجهه:
" أنها التاسعة والربع الآن وما كان في أمكانك الأتصال بالوكالة قبل التاسعة".
ضحك جارود لسذاجيها:
" عزيزتي سارة , حين يكون العميل مديرا لمؤسسات كايل , فأن مدير الوكالة , روبرت ليتون مستعد لفتح مكتبه في الساعة الثانية صباحا أذا ما طلبت منه ذلك".
" أنك واثق من نفسك الى حد الغرور أليس كذلك؟ ولا تصدق بأنني قد لا أحب السفر معك".
" بصراحة , كلا, ليس لأنك تحبين صحبتي, ولكن لأنك تحبين السفر كما أخبرتني من قبل ولن تدعي هذه الفرصة تفلت منك".
" جارود , توقف رجاء , أنها ليست ندا لك ولا تملك لسانك السليط , أتركها رجاء , قلت بأنك أجريت اللازم؟".
" نعم وسيأتي ماث معنا ".
" ماث؟ لماذا؟".
" لأنني قررت ذلك".
" ومتى أتخذت قرارك هذا؟".
" هذا الصباح .... ألديك أعتراض؟".
تنهدت سارة , من هو ماث الذي يتحدثان عنه؟ ولم ستسافر معهما الى جامايكا؟ هل لذلك علاقة بسلوكها الليلة الماضية؟
بدا وكأن جي كي أحس بأتجاه أفكارها فقال:
" أنه جون ماثيوز وندعوه ماث , أنه مساعد جارود الشخصي وصديقه , أنه لطيف وستحبين صحبته, جارود هل ستأخذان الطيران المباشر؟".
" كلا , سنغادر يوم السبت ونقضي الليلة في نيويورك , ثم نستقل الطائرة الى كنغستون عصر يوم الأحد".
" وما الذي تود عمله في نيويورك؟ لا أظن توقفك سيحدث بمحض الصدفة؟".
" سألتقي بجفرسون مساء يوم السبت في نيويورك".
" جارود , تذكر بأن الرحلة ليست للعمل".
" جي كي , أنني أتصرف بالطريقة التي أختارها لنفسي , لا تحاول فرض شروطك علي لأنني لن أصغي لها أطلاقا".
" أتمنى لو تطلعني أحيانا على طرقك الخاصة".
أبتسم جارود :
" هذا ما ظننته , ولا بد أن سارة تشعر بالطريقة ذاتها.... ولكن لا أظن الوقت والمكان ملائمان لمناقشة تفاصيا شخصيتي ".
وأذ لاحظ توجه سارة نحو باب الغرفة قال:
" سارة , هل ستكونين مستعدة خلال ثلاثة أيام؟ ستأتين الى لندن مع بوتر يوم الجمعة وتستطيعين قضاء الليلة في شقتي , سأطلب من تريسي البقاء هناك معك , ليكون كل شيء على ما يرام".
" حسنا جارود , سأشرف على هذه التفاصيل بنفسي".
تنهدت سارة أذ بدت عاجزة عن الأختيار , ثم أن ماث سيأتي معهما مما سيجنبها البقاء وحدها مع جارود.
" أريد الذهاب لغسل شعري".
" هل أنت منزعجة؟".
" كلا , بالطبع كلا".
" جيد لأنني سأسافر اليوم وأكره أن أراك منزعجة مني".
" لا أظن أن رأيي بك سيغير شيئا".
ولم تستطع تصديق أن جارود الساخر الهازىء دائما هو ذاته , نظر اليها برقة ولمسها الليلة الماضية , كلا ما كان ذلك ممكنا.
وأذ غادرت الغرفة قال جارود:
" سأراك عند الغداء أو عصر يوم الجمعة".
" حسنا".
أجابته سارة وأحست بالتعب فلم تستدر للنظر اليه, كل ما رغبت فيه هو الأبتعاد عنه لتفكر بهدوء.
كانت بناية فينتورا مؤلفة من مجموعة شقق يسكنها رجال أعمال , وبعض نجوم التلفزيون حيث يعيشون في مكان منعزل , بعيدين فيه عن ضغوط العالم الخارجي , وكان حارس البناية يقظا لمراقبة كل قادم.
بدا المكان لسارة باردا ورغم دفء الأمسية , أرتجفت لسبب لا تعرفه.
وحمل بوتر الحقائب الى الشقة وقرع الجرس , وألقت سارة نظرة أخيرة على بدلتها البرتقالية الآن وتمنت لو أنها بقيت في مالثورب.
كان أسم كايل محفورا على باب الشقة وبحروف ذهبية اللون .
" ها نحن أخيرا يا آنسة , أتمنى لك قضاء رحلة سعيدة في جامايكا , أنني أحسدك على ذلك".
وأبتسمت سارة قائلة:
" صدقني يا بوتر أتمنى لو أستطيع أستبدال مكاني معك".
بدا على بوتر الذهول فظنت بأنه ما كان من الملائم قول ذلك له , ألا أن بوتر كان أكثر من مجرد سائق ولا بد أنه علم أنها غادرت المكان آسفة لترك جي كي لوحده , ومن العجيب أنها لم تشعر بالطريقة ذاتها مع جدها , بينما أحست بأنها ستفتقد جي كي والأحساس بالأمان الى جانبه , بعد لحظات من تركها أياه وتمنت لو أستطاعت العودة راكضة اليه لتستعيد ثقتها بنفسها.
وفتح رجل باب الشقة فقال بوتر موضحا لسارة:
"أنه هاستيفز ".
وأومأ برأسه قائلا:
" آه نعم ".
كان يشبه موريس ثم أكتشفت سارة بعد ذلك بأنه أحد أقرباء موريس.
" أدخلي يا آنسة , أن السيد جارود غير موجود الآن ألا أن الآنسة ميرك في أنتظارك".
وبدأ قلب سارة يدق بعنف , ها هو عائق آخر أمامها , وتمنت لو أن جارود ترك لها فرصة البقاء وحدها في الشقة , ألا أن عليها لقاء صديقة أخرى له , نسخة أخرى من لورين ماكسويل مستعدة للسخرية منها.
تركها بوتر عند مدخل الصالة المؤثثة كغرفة الطعام ثم ساعدها هاستيفز على خلع معطفها وأقتيادها الى غرفة الجلوس.
تبعت سارة هاستيفز حيث نزلت درجتين الى غرفة الجلوس وأخبرها بأن الآنسة ميرك ستريها غرفتها فيما بعد , ثم فتح بابا جانبيا الى غرفة أخرى طويلة مؤثثة , كانت الأضاءة خافتة واللوحات المعلقة على الجدران جميلة جدا , وكان أحد الجدران زجاجيا ومغطى بستارة سحبتها سارة فيما بعد فأنسحرت لمشهد رائع لمدينة لندن.
كانت هناك فتاة تحاول تثبيت الصورة في جهاز التلفزيون , نهضت واقفة عند دخولهما , كانت طوسلة ونحيفة وذات أناقة ملحوظة:
" آهلا سارة".
قالت مبتسمة بحرارة:
" أنا تريسي ميرك, هاستيفز هل تستطيع جلب بعض الثلج لنا؟".
أومأ هاستيفز برأسه وغادر الغرفة , ذهلت سارة لمرآى تريسي ثم أبتسمت لترحيبها الحار.
" أجلسي الى جانبي يا سارة , وأخبريني عن نفسك , قال جارود أنك في السابعة عشرة , هل هذا صحيح ؟ أنه أمر رائع حين ستكونين في عمري ستلاحظين أن الخامسة والعشرين سن متقدمة".
أسترخت سارة وفقدت حذرها السابق ,لم تكن تريسي تشبه لورين , بل كانت طيبة ودودة وواضحة السلوك.
أحتجت على قول تريسي:
" أن سن الخامسة والعشرين لا يعني العجز؟".
" أشعر أحيانا بأنني عجوز , أن الرجال محظوظون أكثر من النساء أذ لا يبدو عليهم تقدم العمر بوضوح مثل النساء , والرجل في الثلاثينات أكثر أثارة من المرأة في العمر نفسه, متى ستبلغين الثامنة عشر؟".
" خلال العشرة أيام المقبلة , لقد مرّ الوقت بسرعة لا أستطيع التصديق الآن".
" سيكون في بداية نيسان أذن , سأكون في السادسة والعشرين حينئذ , لنتوقف عن الحديث عن العمر الآن , هل تتطلعين بشوق للذهاب الى جامايكا؟".
ترددت سارة ثم قالت:
" نعم ولكنني أتمنى لو كان في مقدرة جي كي الذهاب معي".
" من , آه , أنه والد جارود , لماذا؟ ألا تودين جارود؟".
" نعم, ولكنني واثقة من أنه لا يريد الذهاب معي بل يفضل البقاء مع أصدقائه هنا , وخاصة معك".
" أؤكد لك بأن جارود يلتقي بنا بما فيه الكفاية أنه صديق والدي لذلك يقضي معظم الوقت في منزلنا , تعرفت به منذ كنت في عمرك وأنا مولعة به , أنه أفضل صديق لي , وأنا متأكدة بأنك ستتمتعيته بصحبته في جامايكا , أقنعيه بأخذك للغوص , أنه رائع في هذا المجال".
كان حديث تريسي معها معبأ بكلمات رنانة مثل رائع ولا مثيل له , حتى بدأت سارة تفكر بأن سلوكها لا يتناسب مع عمرها , ألا أنها كانت ودودة مما ساعد سارة على التخلص من ضيقها وحرجها , وبقيتا تتحدثان مثل صديقتين حيث أخبرتها سارة عن حياتها مع جدها وعن حياتها مع جي كي , ثم سمعتا صوت الباب معلنا عن قدوم جارود , أحست سارة بخيبة الأمل بينما نهضت تريسي وأسرعت نحوه لترحب به , كاشفة بسلوكها عن أحاسيسها نحوه.
كان جارود لا يزال في الصالة وعلى وشك خلع معطفه , وسمعته سارة يقول :
" كلا , ليس الآن , هل وصلت سارة؟".
" آه جارود , أنك شخص كريه , نعم سارة موجودة هنا , وقضينا وقتا ممتعا سوية".
وأجبرت سارة نفسها على البقاء في مكانها رغم رغبتها في الهرب بأقصى سرعة.
نظر جارود متفحصا سارة , مأخوذا بمظهرها الجذاب:
" حسنا يا سارة , هل أنت مرتاحة ؟ ما رأيك بشقتي؟".
" أنها جميلة.........".
" يا له من ثناء , هل سمعت ذلك يا تريسي ؟ الطفلة تحب المكان".
" أنها ليست طفلة يا جارود , أذ ستكون في الثامنة عشر بعد عشرة أيام حين ستكونان في جامايكا تتمتعان بالشمس".
قطب جارود جبينه :
" صحيح , سأحاول تذكر ذلك الموعد".
" يجب ألا تزعج نفسك ".
دمدمت سارة آملة ألا يسمعها , ألا أنه رفع رأسه غاضبا فعلمت بأنه سمع كل حرف نطقت به.
بعد أن تناولوا العشاء سوية قال جارود لسارة:
" من الأفضل لو نمت مبكرة الليلة , أذ يجب علينا التوجه الى المكار في السابعة صباحا".
تساءلت تريسي عند سماعها جملته:
" وهل ستنام مبكرا؟".
فكرت سارة بعدم أحتمال ذلك , بل كان عليها مغادرة الغرفة لترك جارود وتريسي لوحدهما , ألا أنها لم تكن مصيبة في رأيها :
ط كلا , يجب أن أتوجه للقاء ماث , أذ علينا أعداد بعض الأشياء , في كل حال لا أظن الذهاب الى الفراش مبكرا سيؤذيك يا تريسي".
بدا على تريسي الهم لأول مرة فقالت:
" لست طفلة يا جارود , هل أستطيع مرافقتك ؟ أنا متأكدة بأن عملك لن يستغرق وقتا طويلا , ثم أن سبب بقائي هنا بالدرجة الأولى سخيف جدا , أن جي كي فقط , قادر على التفكير بهذه الطريقة , أذ أنك تبلغ من العمر ما يؤهلك لأن تكون والدا لسارة ولا أدري لم لا يثق بك".
" أنه لم يقل شيئا كهذا , أن حضورك هنا فكرتي الخاصة , أذ لا أريد مس سمعة سارة بسوء لمجرد بقائها معي في الشقة".
" لم تخدش سمعتها لبقائها معك؟ "
وضحكت بعصبية , بينما أحست سارة بالألم يعصر قلبها .


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:33 PM   #8

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7 - عمق الهاوية


لم تكن الرحلة الى جامايكا سيئة كما تصورت سارة , خاصة وأن جون ماثيوز كان أحد ألطف الرجال الذين ألتقت بهم في حياتها, وكان حضوره المسالم أفضل حل للحد من مشاحناتها مع جارود , ثم أن جارود نفسه كان مختلفا , فمنذ لحظة مغادرة الطائرة لمطار هيثرو تغيّر سلوك جارود كلية , أذ بدا مهتما ومنصرفا تمام الأنصراف الى أوراقه وملفاته ولم ينطق بشيء بأستثناء بعض الملاحظات السريعة أبداها لماث , وقضوا ليلة السبت في نيويورك , حيث تناولت سارة وجبة العشاء مع ماث بينما ذهب جارود للقائه الموعود مع تشارلز جفرسون , بعد العشاء , أخذ ماث سارة في جولة سياحية , بواسطة التاكسي , حول مدينة نيويورك , ألا أنها لم تحب ناطحات السحاب وذهلت لأزدحام المدينة وصخبها.
صبيحة يوم الأحد , توجهت مع ماث الى التنزه ثم تناولوا وجبة الغداء وتوجهوا بعدها الى المطار حيث أستقلوا الطائرة الى مونتيغو ووصلوا هناك الساعة السبعة والنصف مساء .
تمتعت سارة برحلتها الأولى خارج بريطانيا , كما أنها لم تخدم بمثل هذا الشكل من قبل , خدمة تقبلها جارود بلا مبالاة , ولم تثر أهتمام ماث أطلاقا مع ذلك قدرت سارة ما أحاط بها من أبهة وجو فخم ورعاية فائقة في كل مكان حلّوا به.
كان المطار الدولي شبيها لبقية المطارات الدولية , مكيفا بالهواء ولا شيء غيره , ولكن ما أن خطوا خارج المطار حتى أدركت سارة طول المسافة التي تبعدها عن لندن , كان هواء الليل نقيا ويعج بأصوات غريبة لم تسمعها سارة من قبل ,ولدهشتها اشديدة ,لم يتوجهوا لأستلام حقائبهم فأمسكت بذراع ماث وسألته:
" سنذهب الآن؟".
" لم ننه مرحلة الطيران بعد, أذ علينا الطيران الى كنغستون بطريقة خاصة هذه المرة".
" ما الذي تعنيه؟".
وسمعت سارة دقات قلبها المتسارع , فعلق جارود متكاسلا:
" أنه يعني , أنها طائرتي , وسأكون أنا الطيار".
" ماذا؟".
وبدا عليها الرعب فتنهد جارود ضجرا:
" لم أخبرتها ذلك؟ كان في أمكاننا دخول الطائرة أولا ثم أخبارها بعد ذلك , لندع لها فرصة أظهار رعبها فيما بعد".
تصلبت سارة غضبا وقالت:
" كيف تجرؤ على مخاطبتي بمثل هذه الطريقة؟ أنني بخير وفي نيتي البقاء هكذا ولا يهمني من هو قائد الطائرة".
ضحك ماث قائلا:
" أنك رائعة , لا تهتمي بجارود أذ أنه يمزح معك فقط".
وشكّت سارة بما قاله ثم زادت شكوكها عند رؤيتها لطائرة جارود الصغيرة , وعند مقارنتها لها بما تعرفه عن طائرات النقل.
ساعدها ماث على دخول الطائرة , فأكتشفت أن داخلها يماثل صالة صغيرة مزودة بالمقاعد الوثيرة ومنضدة صغيرة أضافة الى عدة رفوف صفت عليها الكتب , أما كابينة القيادة فكانت ذات مقعدين وتساءلت سارة في قرارة نفسها عما سيكون عليه الحال أذا ما جلست الى جانبه , طلب منها ماث الجلوس في أحد المقاعد وربطت حزامها كما فعل هو ذلك, أما جارود فقد بدأ قيادة الطائرة بسهولة , ولم تشعر سارة بسرعة الطائرة , فز ماث مقعده ففعلت سارة الشيء نفسه , ولاحظت وجود حقائبهم مرتبة عند مؤخرة الطائرة فخاطبت سارة نفسها قائلة بأن هذا شيء آخر يعتبره جارود وأمثاله واحدا من حقوقهم الطبيعية في الحياة.
كانت سارة مسرورة جدا الآن , وأختفى تعبها كله , ها هي موجودة في طائرة سريعة وفي طريقها لقضاء أسبوعين ممتعين في جامايكا ولا هم يشغل عقلها وما عليها غير الأسترخاء والتمتع بوقتها , وبدأت تحس بأرتفاع معنوياتها , وصح ما توقعه جي كي عما تحدثه الرحلة فيها من تغيير.
ناولها ماث قدح عصير فواكه ثم ذهبت معه لألقاء نظرة على حجرة القيادة.
وحين ألتفت جارود رآها واقفة قال:
" كيف تشعرين الآن ؟ دائخة؟".
" كلا , بل بدأت أشعر بالتحسن , عقليا على الأقل".
نظر جارود الى ماث قائلا:
" أنها صحبتك بالتأكيد , أذ أن رفقتي تحدث العكس دائما".
أحمر وجه سارة فقال بسرعة:
" تعالي وأجلس هنا , ألقي نظرة على لوح السيطرة".
وبدأ يشرح لها تفاصيل ما موجود أمامها من أزرار وعملها وكيفية التحكم بها.
ذهلت سارة لشرحه المبسط لها , ورغم أنها لم تكن ذات ذهن يتقبل التفسيرات الآلية , ألا أنها فهمت كل ما قاله لها ووجدت نفسها مصغية بأهتمام , وبدا لها من الرائع الطيران على أرتفاع آلاف الأقدام وتبادل الحديث بهذا الشكل كأنهما يتحدثان عن تطور الأحوال الجوية , وواصل جارود حديثه عن الأعاصير الجوية والدوامات فراقبته متمتعة بكل ما قاله لها , أذ أنها لم تعلم أن في أمكانه الحديث عن شيء بأستثناء عمله وما يدور في أرجاء مكتبه , وشعرت بالخجل لأنها لم تحاول من قبل معرفته بشكل أفضل , كانت تعرف مدى ذكائه ونجاحه في عالم الأعمال , ألا أنها أكتشفت جانبا جديدا في شخصيته , ربما كان جي كي محقا , ربما كان جارود شخصا أفضل كلما أبتعد عن تأثيره.
وسرعان ما أنتهت رحلتهم لتحط الطائرة في بالبسادوس , مطار المنطقة الجنوبية من جامايكا , وفكرت سارة بأنها لم تر من قبل السماء بهذه الزرقة المختلطة بأحمرار الغروب.
وحطت الطائرة بهدوء فأدركت سارة بأن شخصية جارود شخصية معقدة , أذ ها هو يتصرف ببرود وبلامبالاة رغم مهارته كطيار محترف ومع ذلك لم يشر من قبل الى هذا الموضوع , ثم بدأت الأحساس بالقرب منه أكثر وأكثر مما زاد من أضطراب مشاعرها وولعها به , الأمر الذي أثار خوفها منه.
كان مطار باليسادوس بعيدا عن مدينة كنغستون , وبعد أنتهاء أجراءات التفتيش والجمارك , أكتشفت سارة وجود سيارة في أنتظارهم خارج المطار , الى جانبها وقف رجل أسود , أهتم بنقل الحقائب الى السيارة ثم رحب بجارود معبرا عن فرحته برؤيته مرة أخرى.
" ها هو أرستوتل , أنه سائق ومساعد والحارس الخصوصي لأمي".
علّق جارود معرفا الرجل بسارة.
" لا أظن أن والدتك بحاجة الى حارس شخصي".
ضحك ماث قائلا:
" لا تهتمي بما يقوله , يؤدي أرستوتل الكثير من المهام , ألا أنه ليس حارسا شخصيا بالتأكيد".
" لكن في أمكانه ذلك أذا أراد".
أجاب جارود متكاسلا.فأبتسمت سارة أذ أعتادت الآن سلوك جارود الجديد معها.
تولى جارود قيادة السيارة بينما جلس أرستوتل الى جانبه وأحتلت سارة مع ماث المقعد الخلفي , وتحدثوا طوال الطريق عن السباحة , المناخ , وصيد السمك فأدركت سارة بأن أرستوتل رافق جارود في كل تحركاته في جامايكا.
وبدأت الأرض بالأرتفاع بعيدا عن خط الساحل وأنتابت سارة النشوة لوجودها في عالم جديد , عالم لم تعرف بوجوده وصممت على التمتع بكل لحظة وبأفضل طريقة ممكنة , وأن تعيش للحظتها بدون تفكير بما سيجلبه الغد.
كان الهواء نقيا والروائح عطرة , روائح النباتات البرية , نظر ماث اليها وتساءل:
" هل أثارك الجو؟".
" نعم , لم أكن كذلك حين غادرنا لندن".
" ألتفت جارود ونظر ايها ثم قال:
" كما قلت من قبل يا ماث , أنها معجزة حضورك".
وسرت سارة لأنه لم يستطع رؤية أحمرار وجهها فقالت:
" كلا , أنه ليس ماث".
وتظاهر ماث بالأنزعاج قائلا:
" شكرا جزيلا".
" ما عنيته هو أختلاف المكان والأحساس به , أنه عالم مختلف تماما".
" أنها جاذبية الجزر".
" ربما........".
" أضيفي الى ذلك السحرة والسحر الأسود في الغابات المظلمة".
" لا تسخر مني , أنت تعرف ما أعني".
" حسنا , أعتقد أني أفهم ذلك , أرستوتل هل لدينا بعض المعدات الجاهزة لتعليم سارة الغوص؟".
أرتجفت سارة:
" الغوص تحت الماء؟".
" بالطبع , ستحبين ذلك ".
" نعم , ولكنني لا أعرف الغوص".
قال أرستوتل:
" لا تقلقي سيعلمك السيد جارود , هناك مكان معين نعرفه , مكان صالح للغوص".
أبتسم جارود فبانت أسنانه في الظلمة وقال:
" نعم ستتمتع سارة بذلك".
ووافقته سارة الرأي في داخلها.
كان منزل والدة جارود يحمل أسم( فلامنكو لودج) ويقع على قمة مرتفع.
وأحاطت به الأشجار والنباتات الجميلة وبدا وكأنه مبني وسط الغابة ,ثم بدت لهم الشرفة الفسيحة منارة بأضواء تكشف عن جمال النباتات المحيطة بها.
وأختلطت رائحة النباتات برائحة البحر القريب مما أضاف على الجو الليلي سحره الخاص , لم تكن بدلة سارة ملائمة للمكان , ألا أن الجو في نيويورك كان باردا ورطبا , كما لم تفكر في تغيير ملابسها في الطائرة.
توقفت السيارة قرب باب المنزل ثم غادرها جارود ليساعد سارة على النزول , وأذ لمس يدها أحست بالحرارة تسري في أوصالها بشكل لم تتحمله , فجذبت يدها بسرعة محاولة التخلص من ذلك الأحساس.
نزلت أمرأة سلم الشرفة لترحب بهم, أمرأة طويلة القامة ذات شعر جميل يحيط بوجهها الفتي , كانت تلك المرأة والدة جارود بالتأكيد , لا لأن عمرها دل على ذلك , بل لطريقة مشيها وحركاتها المتعجرفة , نظرت الى أبنها بحب ومودة رغم أنها لم تحطه بذراعيها أو تقبله وبدا من الواضح أنهما يفهمان مشاعر بعضهما بعمق.
قبل جارود خدها قائلا:
" أهلا هيلين كيف حالك؟".
" بخير , وكيف صحة جي كي؟".
وظنت سارة أن سؤالها الأول عن زوجها أثبت لها خطأ رأي جي كي وتوهمه بأنها لاتهتم به.
طمأنها جارود عن صحة جي كي مضيفا بأن حالة قلبه أفضل من السابق , ثم عرفها بسارة قائلا:
" هذه هي سارة , أظن أنك تعرفين كل شيء عنها".
تفحصت هيلين كايل سارة عن قرب ثم قالت:
" نعم , أنك آخر مقتنيات جي كي , أو ربما يجب أن أقول مقتنيات جارود".
ثم نظرت الى ابنها بأعياء , ولم تعرف سارة كيف تجيبها.
غير أن هيلين واصلت الحديث:
" أنني مسرورة بلقائك وببقائك معنا يا سارة , خاصة وأن مجيئك يعني بقاء أبني معي مدة أسبوعين".
ثم أمسكت بيد سارة وسألت :
" هل تمتعت برحلتك؟".
أسترخت سارة قليلا وأجابت:
" جدا , وخاصة المرحلة الأخيرة , أذ لم أكن اعلم أن السيد كايل ملالح طائر ماهر".
" أنك لا تدعين جارود السيد كايل طوال الوقت ..... أذ أنني متأكدة أنك تسمين جي كي الأسم ذاته.... أليس كذلك؟".
" نعم.....".
وأحست سارة بالتوتر ينتابها من جديد.
تسلق جارود درجات السلم حيث ناول معطفه لخادمة واقفة في أنتظارهم.
" تعالوا الآن , هيلين أنني واثق بأن تسمية سارة لي ليست مهمة , بالنسبة الي على الأقل".
ثم دخل الصالة وتبعه ماث , فقالت هيلين:
" أعذريني لألحاحي عليك بهذا الشكل , والسبب هو أحساسي ببعدي عما يحدث في أنكلترا وعدم تفاصيل قدومك الى مالثورب".
" ما الذي تعنيه يا سيدة كايل".
هزت هيلين رأسها قائلة:
" ما علمته هو أن جارود وصيك , هل هذا صحيح؟".
هزت سارة رأسها موافقة:
" لكن جي كي أخذ على عاتقه المسؤولية , لماذا؟".
" لا بد أنك تعرفين بأن جي كي هو صديق جدي".
" نعم بالطبع , نسيت ذلك للحظات , خاصة وأنني كلما تحدث الي جارود عنك أعتبرك مسؤولية".
" هل تحدثت الى جارود عني؟".
" بالطبع , أذ أن هناك شيء يدعى الهاتف كما تعلمين... ولكن دعينا ندخل , أذ لا بد أنني أسيء التصرف بأبقائي اياك هنا , ولكن جارود عزيز جدا عليّ أنه لن يستمع الى أي من نصائحي".
عضت سارة على شفتيها وقالت:
" وهل تريدين نصحي الآن بدلا منه؟".
" كلا, كلا.... ليس الآن.... ليس بعد أن ألتقيت بك , أذ أرى بأنك لست طفلة وأن مخاوفي كانت وهمية".
" أي مخاوف يا سيدة كايل؟".
" يبلغ جارود الخامسة والثلاثين من عمره , وأريد أنا وجي كي أن نراه متزوجا ومتمتعا بحياته العائلية , وخسشيت حين سمعت عنك بأنك فتاة أكبر سنا وأكثر تجربة , أنك تفهمين ما أريد قوله , فتاة تحاول أعاقة زواج جارود مثلا".
أنتابت سارة الرغبة بالتقيؤ , رغبة تنتابها كلما أحست بالأضطراب .
" ليس هناك ما يدعوك للخوف يا سيدة كايل".
" كلا , كلا , أعرف ذلك ".
أجابت هيلين كايل مم*** بذراع سارة لتساعدها على أرتقاء السلم:
" بل أظن أننا سنكون صديقتين , الأمر الذي سيفرح جي كي كثيرا".
وأبتسمت للمرة الأولى منذ دخول جارود المنزل.
" يجب أن تفهمي يا سارة , أنني لست قاسية بل كل ما أردته هو توضيح موقفي منذ البداية وبذلك تستطيع أحدانا فهم الأخرى جيدا , ألا توافقينني الرأي".
" نعم يا سيدة كايل , ستفهم أحدانا الأخرى".
وتبخر فرحها بالمكان الجديد , بجمال المنزل والغابة , وأذ دخلت الصالة حيث كان جارود وماث في أنتظارهما , لم تجد القدرة الكافية حتى للنظر حولها وللتمتع بأبهة المكان , بدا عليها الشحوب وأنتابتها رغبة ملحة بالبكاء .
ألا أنها أكتفت بتناول قدح عصير الفواكه من ماث , بينما واصل الثلاثة الحديث عن لندن والعائلة وحالة الجو المزعجة هناك.
لاحظت سارة عدة مرات , مراقبة جارود لها فتجنبت النظر اليه مباشرة مخافة أن تفضحها عيناها.
"تناولت عشائي منذ قليل , وفكرت بأنكم ستفضلون , بعد رحلتكم الطويلة , تناول العشاء في غرفكم , أعدت صوفي كل شيء وستجلبه لكم , ما الذي تفضلينه يا سارة؟".
" هل تعتبرينني غير مهذبة أذا قلت بأنني لا أرغب بتناول شيء؟ أذ لا أشعر بالجوع".
قطب جارود جبينه قائلا:
" لا بد أنك جائعة ".
" هل أستطيع الذهاب الى غرفتي, أذ أحس بالتعب".
نادت هيلين صوفي وقالت:
" أرجو أن تأخذي الآنسة روبنز الى غرفتها".
ثم نظرت الى سارة:
" أتمنى لك ليلة سعيدة يا سارة , سأراك في الصباح".
" شكرا".
وتمنت لهم سارة ليلة سعيدة ثم تبعت صوفي الى الصالة , ثم صعدتا عدة درجات قادتهما الى الطبقة الأولى , ثم سارتا الى الغرفة الأخيرة الواقعة عند نهاية الممر , فتحت الخادمة باب الغرفة فدخلت سارة غرفة نوم فخمة أخرى , ذات طراز شعبي شعبي أصيل وألوان زاهية , الغرفة مزودة بحمام خاص , وحقائبها فتوجهت الى الحمام مباشرة حيث أغتسلت وأرتدت قميص نومها الموضوع في الحقيبة الصغيرة , لم تفارق سارة طوال الوقت , رغبتها في البكاء ألا أنها قررت عدم الأستسلام والبكاء كالأطفال , أذ ستبلغ الثامنة عشر بعد عشرة أيام وقررت أن تتصرف كشابة متزنة , ثم لم أنزعجت من كلمات السيدة كايل؟ ثم ما الذي قالته هيلين؟ كان ما قالته هو أن جارود سيتزوج قريبا وطلبت منها عدم التدخل في شؤونه الخاصة وخاصة في ما يتعلق بمخطط زواجه.
دخلت سارة الفراش بعد أن أطفأت انور وتركت ضوء المنضدة الخافت كما هو لينير الغرفة , ألقت نظرة على الكتاب الذي جلبته معها من مالثورب , كان قصة مغامرات وحاولت القراءة ألا أنها لم تعد تستطيع التركيز, تخلت أخيرا عن فكرة القراءة ونهضت لتفتح النافذة , وأستطاعت حتى في الظلام الحالك , رؤية أنوار بعض المنازل القريبة وشمت رائحة البحر , وأيقنت أن ما يفرح الأنسان أولا وآخرا هو علاقته بالناس المحيطين به أكثر من المكان والظروف المحيطة به.
وعادت الى سريرها وتمنت لو أمتلكت بعض اسكائر أذ أرادت التدخين , أذ ربما سيساعدها على النوم , كانت متعبة وقلقة وأصابها الأرق فظلت مستيقظة فترة طويلة , فكرت بجي كي باقيا لوحده في مالثورب , وأرتجفت وتمنت لو أنها كانت هناك , وتذكرت كيف خدعت نفسها في الطائرة وظنت أنها ستتمتع بالرحلة , كانت سخيفة وحمقاء وعليها الآن قضاء أسبوعين كاملين في هذا المكان.... ألم تجرب من قبل حرارة الأنتظار بعد وفاة جدها؟
سمعت صوتا ما قرب بابها وطرقا خفيفا فظنت بأنها صوفي فقالت:
" أدخلي".
ولدهشتها , دخل جارود الغرفة وأغلق الباب خلفه, ثم وقف متفحصا أياها بعينيه الجريئتين , وأحست سارة بالحرج لمظهرها حيث أنها لم تكن ترتدي شيئا عدا قميص نومها.
" ماذا تريد؟".
" لا تصرخي ما لم ترغبي أيقاظ كل من في المنزل , أدخلي فراشك".
غطت سارة نفسها بغطاء خفيف وأنكمشت في مكانها ساكنة , ثم همست:
" حسنا , ماذا حدث؟".
أستقام جارود ثم سار نحو السرير ناظرا اليها:
" ما الذي قالته لك هيلين في الخارج؟".
" لا شيء لماذا؟".
تنهد جارود قائلا:
" ذلك ليس جوابا , أذ تعلمين جيدا أنها أخبرتك بشيء أزعجك , وأريد معرفة ما قالته , ما الذي غيّرك من فتاة فرحة الى مكتئبة صامتة لا ترغب الا بالهرب بعيدا عنا جميعا".
" لم لا تسألها؟".
" أنني أسألك أنت".
" حسنا , لا أستطيع أجابتك , والآن أرجو أن تغادر الغرفة وتتركني".
" لن أغادر الغرفة بدون معرفة الجواب".
" حسنا لن تحصل على الجواب مني , لم لا تذهب للنوم أذ لا بد أنك متعب أيضا".
أنني متعب فعلا , ولكن كيف أستطيع النوم وأنا أعلم بأنك قلقة الى حد المرض بسبب شيء قالته أمي؟".
أغمضت سارة عينيها وقالت:
"لست قلقة".
" صحيح؟".
ونظر اليها بحدة جعلتها ترتجف في مكانها فتحركت مبتعدة قليلا عنه , ثم قالت:
" آه , لم يحاول الجميع معرفة كل شيء عني؟ لم لا تتركني لوحدي.... أنني لا أسألكم شيئا.... ولا أنتقدكم بأستمرار.... فلم تصرون على معاملتي كطفلة؟".
هز جارود كتفيه بأستهزاء وقال:
" ذلك لأنك طفلة".
" هل أنا كذلك؟ حقا؟ هل هذا كل ما تراه فيّ؟ طفلة غبية؟".
" لم أقل غبية".

قال بأختصار.
" كلا , بل شيئا من هذا القبيل , جارود , سأبلغ الثامنة عشر من عمري خلال عشرة أيام , أتعرف هذا؟".
ألتقت عيناه بعينيها , لم تكن ندا له ألا أنها أدركت مدى أهتمامه بها.
" ما الذي تريدين سماعه مني يا سارة؟ هل هذه لعبة جديد ؟ هل منحك نجاح مغامرتك مع شبان مالثورب الثقة لبدء مغامرة جديدة؟ يتوجب علي , أذن , تحذيرك , أنها لعبة خطرة جدا".
" ألا أنك تمارسها ".
" معك؟ كلا , يا عزيزتي , لن أفعل ذلك أبدا".
" لماذا؟ هل أثير أشمئزازك الى هذا الحد؟ ".
وكانت سارة مدركة عمق الهاوية التي كانت على وشك السقوط فيها.
" كلا , لا أشعر بالأشمئزاز منك ".
وكانت نظراته هادئة ولطيفة ولم تكن ساخرة كما توقعت سارة , ألا أنها لم ترغب فيه مهذبا وهادئا في تلك اللحظة , كما لم ترغب في عطفه أو شفقته.
" أرجو أن تترك الغرفة الآن".
قالت ضاغطة بيدها على شفتيها .
" سارة , أني أبذل غاية جهدي للتصرف بهدوء معك , وأفهم رغبتك في أغوائي, فلا تحاولي رجاء الضغط أكثر مما يجب".
" لماذا؟ لماذا؟ ما الذي ستفعله ؟ ما الذي سيفعله جارود كايل , الرجل الوسيم الرائع؟".
لم تعد نظرات جارود مهذبة بل ألتمع فيهما الغضب فأحست بالأثارة تسري في جسدها بدلا من الخوف وبطريقة لم تحس بها من قبل , وأدركت أنها ترغب في شيء واحد هو أن يلمسها وأن تحس بيديه تداعبان وجهها.
ولكنه ولخيبة أملها الشديد, نهض واقفا , وبدون أن يفتح فمه بكلمة توجه نحو الباب, فأستدارت سارة لئلا تسمح له برؤية خيبة أملها , فسمعت صوت فتح الباب ثم أغلق بهدوء.


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:36 PM   #9

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8 - وبدأت الغيرة

أستيقظت سارة صبيحة اليوم التالي شاعرة بالتعب والترقب
لم تستطع في البداية تذكر سبب ذلك ثم أستعادت ما حدث الليلة الماضية , وأذ لم ترغب بأستعادة التفاصيل نهضت من فراشها بسرعة وتوجهت الى النافذة.
كان المشهد رائعا وكما توقعته , والمنزل محاطا بما يشبه الغابة , ورأت بعض سقوف البيوت القريبة , كانت الأشجار والنباتات غريبة فتساءلت في قرارة نفسها عن أسمائها وطبيعتها , لمحت وجود حوض سباحة في الحديقة تحيط به أكاليل الزهور , أضافة الى الكراسي المتناثرة قربه والمظلات لتحمي من يرغب بالأستلقاء هناك من أشعة الشمس الحارة , كان المشهد جميلا الى حد رفع معنوياتها , فنظرت الى الساعة لتعرف الوقت , كان الوقت مبكرا لم يتجاوز السابعة والنصف , ألا أنها لم تستطع اعودة الى سريرها.
ألقت نظرة سريعة على حقائبها فأختارت تنورة قصيرة مغ فانيلا بيضاء بلا أكمام تتناسب معها , تحممت بالماء البارد بسرعة ثم مشطت شعرها وأرتدت ملابسها , ثم فتحت باب الغرفة بهدوء لتتجنب أيقاظ بقية النائمين.
تسللت عبر الممر ثم نزلت الدرجات الى الصالة , وتوقعت عدم وجود أحد هناك , ألا أنها سمعت ضجة منبعثة من الزاوية البعيدة فخطت بهدوء محاولة أستقصاء مصدر الصوت , عبرت الصالة الى غرفة الطعام ومنها الى الصالة حيث وجدت الطاولة معدة للأفطار وماث جالس يستمتع بقراءة جريدته الصباحية بعد أن أنهى أفطاره.
أقتربت منه سارة فرفع رأسه منتبها الى وجودها:
" أهلا سارة , هل تودين تناول الأفطار؟".
" نعم , شكرا".
أومأت برأسها ثم عادت لتلقي نظرة من النافذة فأطلقت صيحة أعجاب مفاجئة , حين رأت مياه البحر الكاريبي قريبة الى حد بدا وكأن المنزل مبني على البحر , كانت غرفتها واقعة على جانب البيت لذلك لم تر البحر من تلك الجهة , وأبتسم ماث لحماسها.
" أنه مكان رائع لتناول الأفطار , أليس كذلك؟ ".
ثم طوى صحيفته متأملا أياها.
" أنه يبدو كمشهد مأخوذ من أحد الأفلام , كيف يتحمل جارود ترك هذا المكان والعودة الى بريطانيا؟".
أدركت سارة حالما تلفظت جملتها الأخيرة بأنهما لم يكونا الوحيدين الموجودين في الغرفة , فأستدارت لتواجه هيلين كايل , وتذكرت ما أجبرت هيلين مساء اليوم الماضي عن مخاطبتها جارود بأسم السيد كايل وها هي الآن تقول جارود كما لو أنها فعلت ذلك طوال حياتها.
" صباح الخير يا سيدة كايل".
" صباح الخير , أنك مبكرة في نهوضك".
" نعم , أذ أن الجو جميل الى حد يأسف فيه الأنسان على البقاء في الفراش".
ثم حاولت النظر مرة أخرى الى البحر لتستعيد أهتمامها.
جلست هيلين على الطاولة وحين جاء الخادم سألت سارة:
" ما الذي تودين تناوله يا سارة؟ لدينا الأفطار الأنكليزي التقليدي والخبز والزبدة , عصير الفواكه.... فما الذي تختارينه؟".
" سأتناول الخبز مع عصير الفواكه".
" هل سمعت ذلك يا ريموس؟".
" نعم ......".
أنحنى ريموس ثم خرج من الغرفة لأعداد اللازم , عاد حاملا معه أناء القهوة والقشطة وتمنت سارة لو أن هيلين لم تكن موجودة , أذ تستطيع الأسترخاء والتلذذ بأفطارها مع ماث , حيث لا تحس معه بالأضطراب والخجل.
" ما هي خطتك اليوم يا ماث؟".
سألت هيلين بصوت خافت.
" لا أعرف بالضبط , ذكر جارود شيئا عن الذهاب باليخت , ما لم يغير رأيه".
تعجبت سارة لما سمعته فقالت:
" يخت؟ وأين هو الآن؟".
" هناك في الخليج".
رفع ماث ذراعه مشيرا الى نقطة محددة وأستطاعت سارة رؤية يخت بعيد:
" أنه يحمل أسم ساحرة البحر , هل تعرفين كيفية الأبحار؟".
" حسنا , الأبحار ليس شائعا بين الناس أمثالي".
وضحكت فأحست بتخلصها من التوتر قليلا.
قالت هيلين في محاولة للتودد الى سارة:
" يملك والد ماث حوضا لصناعة السفن في نورفوك , أليس كذلك يا ماث؟".
أومأ ماث برأسه أيجابا بينما قطبت سارة جبينها , أذ أنها ظنت , طوال الوقت , أن ماث يشبهها من ناحية الحالة الأجتماعية , أما أن يكون والده مالكا لحوض صناعة السفن فهذا أمر آخر.
" وقد بنى أرنولد , والد ماث اليخت ( ساحرة البحر) أنه يخت جميل أليس كذلك؟".
أكتفت سارة بالقول نعم ثم لاحظت نظرات ماث اليها.
" ماذا حدث؟ هل دهشت لأنني لست مثل جارود أمارس مهنة والدي ذاتها؟".
هزت رأسها نفيا وقالت:
" أظن أنني فكرت بك طوال الوقت بأعتبارك .........".
ثم توقفت لتنظر الى هيلين وأخيرا واصلت القول:
" مجرد مساعد لجارود".
بدا أن هيلين فهمت ما عنته سارة أسرع من ماث فأجابت:
" أن ماث يفضل عالم رجال الأعمال علىحياة المصنع الهادئة .... رغم أن أرنولد يتلقى الطلبات من مختلف أرجاء العالم , ثم أن لمساعدة جارود أهمية خاصة".
تنهدت سارة وقالت:
" نعم , أوافقك الرأي".
ثم سألت هيلين فجأة :
" أين جارود الآن؟".
أنهى ماث قهوته فأجابها:
" غادر المكان مع أرستوتل منذ ساعة , أعتقد بأنهما توجها الى الساحل أذ حملا قناني الأوكسيجين معهما".
فتحت سارة عينيها دهشة أذ ظنت أن جارود لا يزال نائما , وأذ علمت بأنه مستيقظ وقد يعود في أي لحظة , أنتابها الخوف من جديد , هل تستطيع مواجهته بعدما حدث الليلة الماضية؟
تألف أفطار هيلين من القهوة والسكائر , كانت تدخن بأستمرار ولعل هذا سبب نحافتها وأرتدت ذلك الصباح سروالا وقميصا حريريا مما يجعلها تبدو في عمر تريسي ميرك وقوامها.
نظرت هيلين الى سارة وقالت:
" ماث , ربما كان من الأفضل أخذ سارة الى الساحل.........".
محاولة بذلك فرض ما تريده , على كليهما.
" كلا.......حقا؟".
بدأت سارة بالأعتراض ألا أن ماث قال:
"نعم وسأكون مسرورا لذلك , أفترض أنك تريدين الأختلاء بجارود؟".
أبتسمت السيدة كايل.
" أنك تفهمني تماما يا ماث , بالطبع أريد قضاء بعض الوقت مع جارود لوحدنا , وأين ستذهبان؟".
" بما أن جارود أخذ معه معدات الغطس , أعتقد من الأفضل لو أخذت سارة الى نقطة العاج حيث الساحل هادىء ويظلله النخيل والماء ملائم للسباحة".
" هل تسبحين؟".
سأل سارة.
" نعم , ولكن ليس من الضروري أزعاج نفسك بمصاحبتي , أذ أستطيع الأهتمام بنفسي , ثم أن حمام السباحة هنا يناسبني ".
ولم تدع هيلين كايل ماث فرصة الأجابة بل قاطعت سارة قائلة:
" لا تكوني حمقاء يا سارة , أنا أصر على أن تتجولي في المكان الذي أقترحته لقضاء عطلتك , ثم سيأخذك الى كنغستون للغداء , لذلك رتبي نفسك لذلك أيضا".
علمت سارة بأن هيلين كانت تملي على ماث ما سيفعله وأنفعلت لأنها فهمت أن والدة جارود أرادت أبعادها عن المنزل , خاصة وأنها فضلت البقاء في البيت بعد رحلة الأمس الطويلة ,كما أن حوض السباحة موجود , فلم أبعادها الى مكان آخر؟
ألا أن ماث لم يتأثر بلهجة هيلين بل أكتفى بمخاطبة سارة بعد أنهائها أفطارها:
" أجلبي معك بدلة السباحة ونظاراتك فقد تحتاجينها".
نهضت سارة واقفة وأطاعت ما طلبه ماث , قد تكون بوابة فلامنكو لودج مفتوحة ألا أنها أفتقدت حريتها التي تمتعت بها في مالثورب , فأنتابها الأحساس بالغربة والشوق لجي كي وقررت أن تتصل به تلفونيا , ثم أنه أخبرها من قبل أن في أمكانها أستخدام مصروفها لأي شيء ترغب فيه , ألا أنها لم تلمس مصروفها بعد , ثم في أمكانها الأتصال به هاتفيا وأن تطلب منه دفع الكلفة أذ أنها متأكدة بأنه لن يعترض , وأرتاحت للفكرة أذ قربها ذلك من البيت والوطن حيث بدأت تعتبر ماثورب بيتها.
وضعت بدلة سباحتها ذات اللونين الأزرق والأحمر في حقيبة صغيرة جلبتها معها , كما وضعت فيها مشطا , قلم أحمر شفاه ونظاراتها الشمسية , ثم ألقت نظرة سريعة على حقائبها , ألا أنها أجلي ترتيبها لحين عودتها.
كان ماث في أنتظارها في الصالة , مرتديا قميصا أزرق وسروالا أبيض , وبدا طويل القامة جذابا , ذا شعر أسود , فتساءلت سارة في قرارة نفسها عما يمنعها من التحمس لفكرة الذهاب معه.
قدمت هيلين لتتمنى لهما وقتا طيبا وخمنت سارة بأنها جاءت لتطمئن على مغادرتهم المكان , غير أنها أسفت فيما بعد لأطلاقها أحكاما غير عادلة حول هيلين.
كانت سيارة الليموزين في أنتظارهما وساعدها ماث على الجلوس في مقعدها , ثم عاد ليجلس في مقعده , وأبتسم أذ أرتدت نظاراتها الشمسية:
" يا لي من محظوظ ".
" لماذا؟".
وأحتارت سارة لتعليقه.
" حسنا , ها أنا هنا , مدفوع الأجرة لأصطحب واحدة من أجمل الفتيات للتنزه".
" مدفوع الأجرة؟".
" بالطبع , يصر جارود على دفع أجري كاملا أثناء العطل".
أسترخت سارة لهذا التوضيح.
" أنك مهذب جدا , شكرا يا ماث لكن قد تكون مقيدا بي".
" لا تنطقي بالسخافات , صدقيني لو لم أرغب في صحبتك لما جئت سواء أحبت هيلين ذلك أم لا".
" هل لاحظت دفعها أياك لمغادرة امكان؟".
" لا تستطيع التلاعب بي , أذ أنني لست دمية , وقد تظن هي ذلك , هذا كل ما في الأمر , يجب أن تتعلمي الأصغاء لهيلين والتظاهر بالأصغاء لنصائحها ثم فعل كل ما يحلو لك".
" هل هذا ما يفعله جارود؟".
" جارود, كلا .... أذ أن جارود يتصرف وفق ما يريده هو , ولا تجرؤ هيلين على طلب شيء منه , وهذا ما حدث لها من قبل مع والده جي كي , ألم يخبرك أنهما لم يتفقا أبدا؟".
" نعم".
"ولا بد أنك لاحظت أن جارود يشبه والده".
" نعم".
" ذلك أذن أفضل جواب لسؤالك , ألا أن هيلين ترغب ببقاء جارود قريبا منها قدر الأمكان , فلا تستغربي أذا ما حاولت هيلين تخطيط حياتك وفق ما تهوى , ولكن , كما قلت لك , أفعلي ما تريدين فعله , جارود سينصحك بالشيء ذاته".
شكّت سارة بصحة ذلك وتنهدت:
" أنها مسألة معقدة , أتمنى لو أنني لم أحضر الى هنا".
نظر اليها ماث بدهشة:
"لماذا؟ لا تدعي هيلين تسيطر عليك".
وجاء تحذير ماث لها متأخرا , أذ أحست بأن هيلين قد قضت على فرصتها بالتمتع بعطلتها , أضافة الى سلوكها الغريب نحو جارود .
رغم تفكيرها السلبي وكآبتها , قضت سارة يوما متعا مع ماث , حيث توجها في الصباح الى الساحل وتمتعت سارة بالسباحة لأول مرة في ماء البحر الدافىء , ثم أستلقيا على الرمل وتشمسا وبدا أن ماث تمتع بالنظر الى وجه وجسد سارة المستلقية الى جانبه ولم تجد سارة في ذلك حرجا خلافا لما يثيره فيها جارود عادة , ولعل سبب ذلك يعود الى أعتبارها ماث صديقا بدلا من تخيلها أشياء أخرى.... هل تخيلت جارود حبيبا لها؟
قال ماث أثناء تناولهما الغداء في أحد فنادق كنغستون الفخمة:
" أخبريني! لم دهشت حين أخبرتك هيلين عن والدي وحوض صناعة السفن؟".
" ربما لأنني فكرت بك كمستخدم لدى جارود , أعني شخصا يعمل ليحصل على ما يكفي لمعيشته , بينما أنت في الحقيقة ندا له".
" حين كنا طلابا كنا في جامعة كامبريدج سوية وكان متحمسا للعمل في مجال الأنسجة وتطوير المؤسسة فنقل حماسه الي فأصبحت مهتما بذلك أكثر من صناعة السفن , كنت مهتما بالتصميم , أذ أعتبرت نفسي فنانا الى حد ما وشجعني جارود , وأذ أنضم جارود الى مؤسسة والده عينني كمساعد شخصي له".
" ألم يمانع والدك؟".
" كلا , أذ لدي ثلاثة أشقاء وشقيقتان , وكلهم مهووسون بصناعة السفن , لذلك لم يفتقدني أحد".
" آه , وهل ترسم الآن؟ هل تصمم الأشياء كالسابق؟".
" أحيانا , رغم أنني أفضل الرسم كهواية الآن , وغالبا ما أقضي وقتي أرسم المشهد الجميل الذي رأيته صباح اليوم في الشرفة".
بدا على سارة الأهتمام:
" هل لديك بعض اللوحات الآن؟ هل أستطيع ألقاء نظرة عليها؟ أذ أنني أهوى الرسم وأود ألقاء نظرة على أعمالك".
" بالطبع سأريك محاولاتي".
وأخذها ماث عصرا في جولة حول المدينة حيث رأت قبر الأدميرال بينبو ثم مقر حكومة الجزيرة وأخيرا الميناء المزدحم والسوق الملحق به ,وسحرت سارة بكثرة عربات البيع وألوان الملابس والمعروضات الزاهية , ثم أنتقلا الى سوق الفاكهة , المكان الذي لم تر سارة له مثيلا من قبل.
كان الوقت مساء حين باشرا رحلة العودة الى فلامنغو لودج وأنطوت سارة على نفسها , رغم أنها كانت مرحة وطبيعية طوال اليوم.
" ما الذي يزعجك؟ أنا موجود الى جانبك أذا ما أردت أي مساعدة".
نظرت سارة اليه بمودة :
" صحيح؟ أنك تجعلني أشعر بالتحسن".
" بينما جعلتني أشعر بالتقدم في العمر".
" ولكنك لست متقدما في العمر".
" أنني في الرابعة والثلاثين , أي ضعف عمرك".
" نعم الآن ولكني سأبلغ الثامنة عشر بعد تسعة أيام".
" يجب أن نقيم حفلة بهذه المناسبة".
" كلا , رجاء لا تخبر السيدة كايل , أذ لا أريد أثارة أية ضجة".
" حسنا سارة ,والآن أسترخي , أذ لا شيء يستدعي عصبيتك".
كانت أضواء المنزل متألقة عن بعد ولم تفرح سارة لمرآها ,بل أحست بالخوف والترقب وزاد ذلك رؤيتهما لجارود واقفا عند السلم:
"أين كنتما؟".
فرد عليه ماث بهدوء:
" أنت تعلم أين كنا , أذ لا بد أن هيلين أخبرتك أننا ذهبنا الى نقطة المرجان".
كان جارود مرتديا سرواله الأسود وقميصا غامق اللون وبدا جذابا كعادته فتمنت سارة لو أستطاعت تجنب تلك اللحظة.
" ذهبتما الى نقطة المرجان منذ عشر ساعات , وذهبت الى هناك بنفسي بعد فترة الغداء , ولم تكونا هناك".
" ولم فعلت ذلك؟".
سأل ماث بلا مبالاة ثم ساعد سارة على صعود السلم.
" ذهبنا الى كنغستون لتناول الغداء ثم قمنا بجولة حول المدينة".
قضم جارود نهاية سيكاره:
" لا يهمني ما تعرفه هيلين أو لا تعرفه".
لم يتأثر ماث , بل قال ببرود:
" أهدأ الآن , نحن هنا... أليس كذلك؟ بخير وسلام ,كما قضينا يوما ممتعا... أليس كذلك يا سارة؟".
أومأت سارة موافقة ولم تتجرأ على الحديث أذ رأت عيني جارود تتفحصانها وخاصة تنورتها القصيرة.
" حسنا , أنها السابعة والنصف الآن ,وسيقدم العشاء في الثامنة وقد دعت هيلين عائلة ماكي , أقترح عليكما الذهاب والأستعداد لذلك".
" حسنا جدا ".
قال ماث متعجبا لموقف جارود :
" تعالي يا سارة".
وأسرعت سارة بالدخول مما دفع ماث للقول:
" لا تستعجلي أن جارود طيب ومجنون فأمنحيه بعض الوقت ليتخلص من غضبه".
" ولكن لماذا؟ أعني لماذا غضب؟".
" أعتقد أنه يتصرف بأعتباره وصيا عليك , وأظن أن من حقه معرفة الأماكن التي تذهبين اليها , لأنك فتاة جذابة ويخشى أن يخدعك الشباب , ربما يعتبر نفسه أبا لك".
"فهمت الآن , حسنا سأراك فيما بعد وشكرا لليوم الرائع".
أجابها ماث :
" شكرا لك".
ثم دخل غرفته.
وجدت سارة ملابسها مكوية ولم يعد أمامها غير الأغتسال وتغيير ملابسها فذهبت الى الحمام , لأعداد الماء ثم ألقت نظرة متأملة على باب الغرفة ,حيث لاحظت وجود مفتاح في قفل الباب , بالتأكيد لم يكن المفتاح هناك من قبل , من وضعه هناك ؟ ليس جارود أذ ليس هناك ما يدعوه لمعرفة رغبتها في أغلاق الباب في وجهه.
ولأن المفتاح كان موجودا الآن , أقفلت سارة الباب قبل دخولها الحمام , عند خروجها تفحصت ملابسها حيث أرادت أختيار شيء جذاب ترتديه , شيء يكشف عن أنوثتها ويخفي صغر سنها , فأختارت فستانا من الحرير الأزرق , تبدأ تنورته من أسفل صدرها وتحت حافة غطتها لآلىء , كان الفستان بلا أكمام وكشف عن لونها الخمري بتأثير تعرضها للشمس.
وصلت العائلة المدعوة عند نزول سارة السلم فوجدت الجميع يتحدثون في الصالة ,كان هناك ماث وجارود وهيلين وزوجين آخرين , فرانك ولورنا ماكي , ثم أبنتهما وأبنهما مارك وفرجينيا , عرّفت هيلين سارة بالجميع , بينما ناولها جارود عصير تفاح وليمون مخلوط بكمية من الثلج.
" شكرا".
قالت سارة ثم أنطوت على نفسها متنهدة , كم هو بارد ومهذب هذه الليلة , هل كان يفكر بشيء معين؟ هل لاحظ وجودها؟ هل أعجب بفستانها؟ أو ربما كان وجودها جزء من ديكور المكان؟
كانت فرجينيا ماكي فتاة أخرى تنجذب الى جارود, ووجدت سارة الأمر محتما ما دامت هيلين صديقة مقربة من لورنا ماكي , أما مارك فكان شابا شاحبا ,أكبر سنا من سارة .... ألا أن سارة لم تشجعه حين حاول التحدث اليها , فبعد مصاحباتها لماث وجارود بالطبع ,وجدت مارك مملا , ربما لأنها قضت طوال حياتها في صحبة رجال أكبر منها سنا.
تناولوا العشاء في غرفة الطعام الصغيرة وكانت الطاولة مغطاة بقماش أبيض من الدانتيلا , أكلت سارة قليلا رغم مظهر الطعام الشهي ,ورغم أن جارود لم يتحدث معها , ألا أنها أحست بمراقبته أياها , وعند أنتهاء العشاء أرتاحت لفكرة الهرب من المكان كله واللجوء الى الشرفة , أستخدمت هيلين ماث لفرش السجادة في الصالة أستعدادا للرقص, أما فرجينيا فقد أنشغلت مع جارود في النظر الى بعض الأسطوانات والأشرطة , وسمعت سارة صوت الموسيقى.... أيقاع رتيب لفرقة عزفت موسيقى الجزيرة المحلية , وسمعت كذلك صوت الضحك في الداخل ألا أنها لم ترغب العودة والمشاركة.
وتمتعت بوقوفها في الشرفة حيث تأملت المشهد الساحر وشمت عطر الليل الغريب.
ذهلت لسماع صوت خلفها أذ ظنت أن لا أحد يعرف بمكانها , ألا أن ظلها فضحها , وعرفت فورا أن القادم هو جارود وراقبته أثناء تقدمه منها.
" حسنا؟ أظن أنك وجدت صحبة ماث ممتعة؟".
" ألا يحق لي ذلك؟".
" لا أدري , ما الذي فعله لك".
" ما الذي تعنيه بسؤالك؟ لم يفعل شيئا أطلاقا , سبحنا أولا ثم أستلقينا على الرمل وتوجهنا بعد ذلك الى كنغستون لتناول الغداء , ولم أكن أعلم بوجوب تقرير مفصل عن تحركاتي لك وألا لأخذت معي دفتر ملاحظات أسجل فيه كل شيء".
" لا تستفزيني يا سارة ".


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-08-19, 04:39 PM   #10

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9 - ساحرة القمر

رغم سوء ظن سارة المسبق بتحركات جارود, فأنها أكتشفت في الأيام التالية , أن في أمكانه أن يكون صديقا رائعا تمتعت بصحبته , رغم أعتراض والدته بوجوب بقائه معها فترة أطول , ثم زيارة عائلة ماكي الى ملعب الغولف , ألا أنه أصر على أخذ سارة معه أينما ذهب , رافقهم ماث أحيانا ألا أن جارود أشغله معظم الوقت بمهمات مختلفة, فأنتهز الفرصة لقضاء معظم وقته مع سارة لوحدهما.
ومر الوقت سريعا , علّمها جارود بمساعدة أرستوتل كيف تغوص تحت الماء , ورغم عدم غوصها في مناطق عميقة ألا أنها أستطاعت مساهدة القليل من عجائب البحر , رأت صخورا غريبة الأشكال وتعثرت بالسمك النجمي ثم لمست بيدها نعومة المرجان , لم يفارقها أرستوتل متصرفا كحارس شخصي لها , ثم أستقلوا في يوم آخر القارب الى خليج عميق ليعلمها التزحلق على الماء , وأكتشفت سارة أن التزحلق على الماء أصعب بكثير من الغوص والسباحة تحته , وسقطت عدة مرات الى أن تخلت عن الفكرة عندما آلمتها ساقها .
طوال الوقت كانت سارة واعية لحضور جارود الى جانبها,حضوره بجسده القوي وجاذبيته التي غلفتها , وكانت واعية لنظراته المتفحصة عندما كان يشرح لها تفاصيل شيء ما , ولاحظت في نظراته بريقا غريبا يشبه الكراهية , ولم تعرف سبب ذلك , لعله أحتقر سلوكها السابق معه , وأذا صح ذلك لماذا يكلف نفسه مشقة تعليمها مسليا أياها , مانعا أياها من التورط مع ماث أو مع أي شخص آخر , أكتفت سارة بالتمتع بحاضرها وتناست أسئلتها المتلاحقة.
رغم كل التناقض , مربعض الوقت حين بدا لها أنه نسي من هو وجعلها تضحك بمرح وداعبها ثم أستلقى الى جانبها على الرمل , متكلما عن بلدان زارها وأشياء تمتع بها , تمتعت سارة بتلك الأوقات وحفظتها في داخلها لتستعيدها في الأيام المقبلة , ورضخت أخيرا لمشاعرها نحوه ولم تعد تنكر حبها له وتعلقها به.
أخذها ذات مساء اى سطح يخته( ساحرة البحر) مع أرستوتل , كان البحر مضطربا فتعلقت سارة بالحاجز محاولة منع نفسها من التقيؤ , ألا أنها تعودت ذلك بعد فترة قصيرة وأذ أسترخت أعصابها تخلصت في الوقت نفسه من رغبتها في التقيؤ , بدا على جارود السرور وتنبأ لها بأنها ستكون بحارة ممتازة.
أما في الأمسيات , فكانت هيلين على أستعداد دائم لمصاحبة جارود الى مكان ما أو دعوة عائلة ماكي الى العشاء , رفض جاود أحيانا الذهاب معها ورقي لقضاء أمسيته مع ماث وسارة.
تمتع ماث بمراقبة جارود وأنزعاجه لبقائه أحيانا مع سارة لوحدهما.
" يبدو أن وصيك مهتم جدا بواجباته هذه الأيام , ألا تعتقدين ذلك؟".
" لا أدري لم تقول هذا".
دمدمت سارة شاعرة بالأحمرار يغطي وجهها.
" أنك تعرفين جيدا ما أعنيه يا سارة , أذ لم يتركك جارود لوحدك منذ اليوم الأول , وقضى معظم وقته معك صباحا ومساء , ل هذا أعتيادي؟".
" أوه لا أدري , هل يجب علينا مناقشة ذلك؟".
" نعم أظن ذلك , كنت أظن أنني أعرف جارود جيدا أما الآن فأدركت بأنني لا أعرفه أطلاقا".
" لماذا؟".
" لا تقولي بأنك لم تلحظي تغيّره , حتى أنه أهمل أغنياء المنطقة والصفقات التجارية التي يتصيدها عادة ليهتم بك ,أما هيلين فأنها على وشك قضم أصابعها بعد أن أنهت قضم أظافرها غضبا!".
لم تستطع سارة منع نفسها من الضحك:
" أنك تبالغ".
" ربما , ألا أن هذا لا يحجب حقيقة تمتعك بصحبته كاملة".
" ما الذي تعنيه؟".
" أنس الموضوع الآن........".
هزت رأسها .
" كلا , أنت بدأت الحديث وعليك أن توضح ما تعنيه".
" حسنا , أظن أن جارود مغرم بك".
وضعت سارة يديها على ركبتيها لمنع أرتجافهما:
" ماث , لا تنطق بالسخافات".
" تنهد ماث قائلا:
" أعرف , أعرف , قد أكون سخيفا......... ألا أن هذا ما تدل عليه المظاهر".
نهضت سارة عن كرسيها.
" أنت مخطىء تماما".
" لماذا, أخبريني لماذا!".
" أولا لأن جارود لا ينظر اليّ كأمرأة بل كطفلة أو صبية أو بأعتباري أزعاجا دائما له".
" هل أنت متأكدة؟".
عضت سارة شفتيها ودمدمت بمرارة:
" آه , نعم أنا متأكدة".
هز ماث رأسه :
" آه , حسنا , ولكن أحذري جارود يا سارة , أذ أنني أعرف جارود منذ وقت طويل".
جلست سارة محاولة أستعادة توازنها وطلبت من ماث أنهاء الموضوع, فنظر اليها ماث قلقا وأومأ موافقا.
كان نهار عيد ميلاد سارة ومشرقا , وأعتادت سارة الصباحات الرائعة.
حيث الهواء النقي والروائح الطيبة , كانت الساعة الثامنة والربع وأدركت بأنها متأخرة في النهوض , كان منهجها اليوم الذهاب للسباحة مع جارود وأرستوتل ثم درس آخر في الغوص , لم يكن أحد يعرف بأنه كان عيد ميلادها ما عدا ماث وألحت عليه ألا يخبر أحدا, لذلك بقيت خطة اليوم كأي يوم آخر.
دخلت صوفي الغرفة بينما كانت سارة ترتدي بنطالها الأبيض وبلوزتها الصيفية الزرقاء , حملت صوفي صينية فيها القهوة وقدحا من عصير الفواكه , أضافة الى الخبز الحار والزبدة وكومة صغيرة من الرسائل.
دهشت سارة أذ قالت صوفي:
" عيد ميلاد سعيد يا آنسة سارة".
" شكرا , هل السيد جارود وأرستوتل في أنتظاري؟".
" كلا , يا آنسة لا يزال السيد جارود في فراشه , أما أرستوتل فبعثته السيدة كايل للتسوق في كنغستون , أن السيد جارود مريض".
" مريض؟ ما الذي أصابه؟".
" لا أدري ربما مجرد صداع".
أومأت سارة وشكرتها , ثم ألقت نظرة على المظاريف , كان أحدها بطاقة تهنئة بعيد ميلادها من جي كي , فأستعادت كل شوقها اليه ولبريطانيا وتذكرت بأنها لم تتصل به تلفونيا وقررت محاولة ذلك اليوم.
أما بقية البطاقات فكانت من السيدة كايل , ماث , عائلة ماكي وجارود.
كانت بطاقة جارود بسيطة وكتب عليها بأختصار( مع أطيب التمنيات , جارود).
تنهدت سارة ورتبتها كلها على طاولة الزينة ووقفت متأملة أياها بفرح.
تناولت أفطارها ثم حملت الصينية الى الطابق الأرضي , كانت صوفي في الصالة , فناولتها الصينية , ثم دخلت الغرفة الصباحية حيث كان ماك يتناول أفطاره في الشرفة كالعادة.
" عيد ميلاد سعيد , أنك رائعة هذا الصباح".
" شكرا وشكرا لبطاقة التهنئة , ألا أنني طلبت منك عدم أخبار أحد".
" أنا؟ أنني لم أخبر أحدا , أظن أن وصيك قام بذلك".
" آه , ماذا حدث لجارود على أي حال؟".
" ربما يعاني من الصداع لبقائه متأخرا في الليلة الماضية والآن لأقل الحقيقة أصيب جارود بالبرد والسعال ,ألا أنه في حالة سيئة حين رأيته منذ ساعة".
أسترخت سارة ثم مضت لتلقي نظرة على المشهد الرائع.
" أنه يوم جميل".
" أنه لمن المؤسف قضاؤك يوم ميلادك في المنزل , ما رأيك بمصاحبتي الى كنغستون وتناول الغداء هناك؟ ثم نعود الى الساحل لقضاء ساعة تحت الشمس".
" أليس لديك عمل تود أنجازه اليوم؟".
" بما أن سيدي مريض ولم يوجه اليّ أوامره حتى الآن , لذلك تجديني حرا كالهواء , ثم أنك أصبحت أمرأة اليوم ومن المؤسف تضييع فرصة الأحتفال بذلك".
دخلت هيلين كايل الغرفة بعد أنتهاء ماث من تناول أفطاره:
" صباح الخير يا سارة وكل عام وأنت بخير".
" شكرا جزيلا".
" أفترض أنك تعلمين أن جارود مريض؟".
نظرت سارة الى ماث ثم قالت:
" نعم , نعرف ذلك .... أنه مصاب بالبرد أليس كذلك؟".
" برد حاد , أظن أنه أبتل حين قاد ( ساحرة البحر) وهو يتجاهل دائما نصائحي بصدد المحافظة على صحته".
" ليس جارود أنسانا يقلق لأصابته بالبرد , ولأنه يقضي وقته في قاعات الأجتماعات الخانقة فأنه يحاول , بقدر الأمكان , تعويض ذلك في أجازاته بقضاء معظم وقته في الهواء الطلق ,أنك لا تستطيعين لومه على ذلك , أليس كذلك؟".
هزت هيلين كتفيها ببرود:
" حسنا , في أي حال لا أظن أنه سيكون قادرا على مصاحبتك اليوم يا سارة , رغم أنه يوم عيد ميلادك , يا له من أمر مؤسف".
ونظرت الى ماث قائلة:
" ما رأيك بمصاحبة سارة يا ماث؟".
" أقترحت ذلك لتوي وسنذهب الى كنغستون أذا لم لديك مانع".
بدا على هيلين الفرح:
" كلا, لا مانع لدي أطلاقا , ويسرني أن سارة لن تجبر على قضاء يومها في المنزل لوحدها".
لم تنطق سارة بحرف بل أكتفت بمراقبة الحديث مدركة تماما غرض هيلين ورغبتها في أبعادهما عن المنزل لقضاء الوقت مع أبنها العزيز.
" حسنا , تعالي يا سارة أجلبي ما تحتاجين , سنراك فيما بعد يا هيلين".
غير أن سارة لم تتمتع بيومها , ربما لأنها تعودت صحبة جارود وتدليله لها فوجدت صحبة ماث مملة وغير مثيرة للأهتمام .
توجها عصرا الى عدة أماكن في المدينة ثم الى مكان هادىء قرب البحر .
فأستلقت على ظهرها مغمضة عينيها بينما جلس ماث الى جانبها مراقبا أياها.
" ما الذي ستفعلينه في المستقبل؟".
فتحت سارة عينيها , وأضطربت لأقترابه منها:
" لا أدري , لماذا؟".
" لم تتح لي الفرصة أبدا لأريك لوحاتي , أذ شغل جارود وقتك كله".
" بأستثناء اليوم وها أنا أتمتع بوقتي تماما.........".
تدحرجت سارة بعيدا عنه ونظرت الى البحر.
" سارة لا تبتعدي , أريد التحدث اليك".
أعتدلت سارة في مكانها وقالت متعجبة:
" ماذا تقول؟".
" ما الخطأ في ذلك؟ أنه عيد ميلادك أليس كذلك؟ وأريد أن أجعل له نكهة خاصة".
" كيف بتقبيلك أياي؟ كيف تسمح لنفسك بأقتراح ذلك؟".
" بحق السماء , توقفي يا سارة عن التكبر , ظننت بأننا أصدقاء".
" طبعا نحن أصدقاء , ألا أننا لسنا بحاجة للقبل ".
ثم نظرت الى ساعتها.
" أنها الرابعة والنصف الآن , لنبدأ رحلة العودة".
مدّ ماث يده وناولها علبة صغيرة:
" هذه هدية لك".
تنهدت سارة:
" أوه ماث ما كان عليك شراء ذلك".
فتحت سارة العلبة الصغيرة لتجد فيها زوج أقراط ثمينة , تعجبت سارة لجمالها:
" آه , ماث!".
" هل تحبينها؟".
" بالطبع , لكنني أتمنى لو أنك لم تبذر نقودك بهذه الطريقة".
بدا فلامنكو لودج مهجورا حين عادا , أوقف ماث السيارة قائلا:
" لا وجود لهيئة ترحيب بنا, هذا رائع".
أظن أن السيدة كايل في الداخل ولا بد أن جارود لا يزال مريضا في غرفته".
" أمر غير محتمل ,خاصة أذا ما أكتشف بأننا خرجنا سوية".
" أنه عيد ميلادي وسأحاول الأتصال هاتفيا بجي كي لأشكره على بطاقته ولأطمئن على صحته ".
صعدت الدرجات ثم توقفت:
" شكرا لمصاحبتك لي يا ماث".
صعد ماث السلم ووقف الى جانبها ثم لمس خدها بحب:
" أنا الذي يجب أن يشكرك على هذا اليوم الرائع".
أبتسمت من تخوفها ومن تماديه في قول شيء آخر , حين فتحت باب المنزل وقف جارود هناك منحنيا على السياج:
" يا له من مشهد مؤثر".
" والآن جارود".
أعترض ماث ألا أن جارود تجاهله.
" أين كنتما؟ أظن أنني أعطيتك حساب لايتمر يوم أمس , فهل أنهيت العمل؟".
" جارود , هل يجب أن نمر بهذا التحقيق كلما خرجنا سوية؟ اليوم هو عيد ميلاد سارة , هل توقعت منها قضاء عيدها لوحدها؟".
" أعرف أنه عيد ميلادها".
ثم أستدار ليجد هيلين واقفة خلفه.
" آه , لقد عدتما , هل قضيتما وقتا ممتعا؟".
أجابها ماث بسخرية:
" عظيم , وكيف كان يومك؟".
قطبت هيلين جبينها:
" حسنا , كنت مشغولة كالعادة , خاصة وأنني دعيت بعض الأصدقاء للعشاء أحتفالا بعيد ميلاد سارة".
سألها جارود بحدة:
" أنس الفكرة , أذ لدي مخطط فيما يتعلق بهذا المساء".
" ماذا تعني يا جارود؟ أي خطط؟
وضع جارود يده في جيبه:
" سآخذ سارة لتناول العشاء في الخارج , حاولت جهدك ومنذ مجيئنا أشغالي كل مساء بدعواتك .... ألا أنني قررت , وبما أنه عيد ميلاد سارة , الأبتعاد عن البيت".
وبدا على هيلين الغضب الشديد:
" لست في حالة تسمح لك بالخروج, أذ أن حرارتك مرتفعة والمفروض أن تكون في فراشك الآن".
هز جارود كتفيه غضبا وقال:
" عزيزتي هيلين , لا أسمح لأحد مهما كانت أهميته بتوجيهي , لست صغيرا وكل ما في الأمر أنني أصبت بالبرد , لو كنت في أنكلترا لما كنت لاحظت ذلك حتى , وكوني موجودا هنا لا يعني خضوعي لأوامرك , ويجب أن تدركي أن هذا النوع من المعاملة لا يعجبني".
" وماذا عن سارة؟ هل فكرت بمشاعرها؟ ربما لا ترغب بمصاحبتك خاصة وأنني دعوت العديد من الشبان للعشاء".
نظر جارود الى سارة متسائلا:
" ما هو قرارك؟ هل تريدين المجيء معي , أو البقاء لحضور الحفلة؟".
تدخل ماث الآن وقال:
" ليس من الصحيح سؤالها بهذه الطريقة يا جارود؟ وبما أن والدتك قضت وقتا طويلا.....".
" أصمت يا ماث".
كانت لهجة جارود باردة فهز ماث كتفيه ودخل المنزل.
ووقع عبء الأختيار وحسم الجدال عليها , أرادت سارة رفض دعوته والبقا لحضور الحفلة ألا أنها لم تستطع غير الخضوع لأغراء قضاء الأمسية معه لوحدهما.
" أريد الذهاب معك يا جارود".
بدت على وجه جارود هيئة المنتصر , بينما نظرت اليها هيلين بأحتقار , وخاطبت جارود:
" حسنا , ولكن لا تلمني أذا أصبت بألتهاب الرئتين".
ثم أستدارت داخلة المنزل , تجاهلها جارود ونظر الى ساعته:
" أنها السادسة الآن , أدخلي وأستعدي أذ سنغادر خلال نصف ساعة ".
لم تجب سارة بل أكتفت بأطاعته , فدخلت المنزل متوجهة الى غرفتها ,ولم تستطع أنكار تلهفها للخروج معه رغم أحساسها بأنها لم تفعل شيئا غير الخضوع لرغباته مرة أخرى , أختارت فستانا من الشيفون الأزرق بلا أكمام , ووضعت على كتفيها شالا حريريا.
حين وصلت الصالة وجد جارود واقفا في أنتظارها , مرتديا بدلة سهرة غامقة اللون , كان يدخن سيكارة وتفحصها أثناء نزولها السلم , وظهرت هيلين من ناحية المطبخ مرتدية معطفها المنزلي فخاطبت أبنها:
" ستذهب أذن".
" لا أقول عادة شيئا لا أعنيه , وأنت تعرفينني جيدا , تعالي يا سارة..... سنراك فيما بعد يا هيلين".
سارت سارة أمامه بينما أحست بعيني هيلين تكادان تخرقان جسدها غضبا.
ساعدها على دخول سيارة السباق الخضراء المكشوفة ثم عاد الى مكانه خلف المقود , بعثرت الريح شعرهما ألا أن سارة لم تهتم أذ أحست بالسعادة تطغى عليها وكانت مصممة على أقناع نفسها بأي طريقة ممكنة.
لم يقل جارود الكثير طوال الطريق وأكتفى بسؤالها عما أذا كانت بحاجة الى وشاح لشعرها , سلك أولا الطريق المؤدي الى كنغستون ألا أنه أنحرف بالسيارة في طريق جانبي أشجار الحور , وتساءلت سارة عن المكان الذي يتوجهان اليه , أذ أنها لم تر هذه الطرق من قبل.
ثم أنعطف مرة أخرى حتى وصلا بناية منخفضة تحيط بها الأضواء المشعة , وتدعى( بيدرو مارين) , كان هناك العديد من السيارات المصطفة في الخارج وساعدها جارود على النزول ثم قادها الى داخل البناية مزدا بمدخل مزين بلزهور , في الداخل , كانت هناك فرقة موسيقية تعزف الموسيقى المحلية , ووضعت المناضد حول بركة عميقة تعج بأنوا أسماك البحر ومخلوقاته المختلفة , وأنحنت سارة مذهولة لتنظر الى ألوان الأسماك الغريبة.
ناولها جارود قدح عصير فواكه مثلجة فأبتسمت له ووقفا يتفرجان سوية.
" والآن ماذا تختارين من طعام؟".
" ما الذي تعنيه؟".
" أعني أي نوع من السمك ترغبين في تناوله؟".
" لا أدري ما الذي تقترحه؟".
" ما رأيك بهذا النوع من السمك ؟".
وأشار بيده اليه.
" حسنا".
" أظن بأنك ستحبين هذا مع الأأرز".
" هل توصي بتناوله؟".
" أنني أوصي بكل شيء يعده بيدرو".
وتقدم منهما رجل بدين قصير القامة :
" أهلا بيدرو , كيف حالك؟".
" أهلا سينيور كايل , أنني سعيد برؤيتك مرة أخرى , لم أعلم بعودتك بمثل هذه السرعة ".
ثم نظر الى سارة فقال جارود معرفا أياهما ببعض:
" سارة أقدم لك بيدرو أرميندز مالك هذا المكان , بيدرو هذه سارة الموضوعة تحت وصايتي".
أنحنى بيدرو ولم تبد عليه دهشة لتصريح جارود , ثم قادهما الى طاولتهما , ولاحظت سارة وجود بعض الراقصين قريبا من الفرقة الموسيقية.
كانت وجبة الطعام لذيذة ومكونة من حساء خاص أوصاهما به بيدرو بنفسه ثم شريحة سمك مع الأرز وأخيرا حلوى التفاح , ثم شربا القهوة بعد ذلك , وتمتعت سارة بكل لحظة متناسية هيلين وا سينتج عن رفضها لأقتراحها بالبقاء معها.
حدثها جارود عن زلزال حديث في مدينة أسبانيا والأضرار الناتجة عنه.
" كان الأسم الأصلي لجامايكا ريماكا".
" لم أعرف من قبل , وما معناه؟".
" المعنى الهندي هو أرض الخشب والماء وأعتقد أنه الأسم الأفضل للمكان".
" أوافقك الرأي , أذ أنني لم أشهد مكانا مكتظ بالأشجار ومتميزا بوفرة المياه كهذا , حتى البحر أكثر زرقة والأشجار أكثر خضرة".
" أقترح عليك العمل في مكتب العلاقات العامة التابع لمكتبنا , أذ لو أستطعت وصف أنسجتنا بمثل هذه الحماسة لتمنّا من بيع أي شيء نرغب فيه".
" أنني مسرورة لأنك طلبت مني مصاحبتك؟".
" لماذا؟".
" لا داعي لحذرك معي , أذ أعدك بأنني لن أتصرف بغباء.........كل ما أردت قوله هو أنني متمتعة تماما بصحبتك".
" حسنا".
ثم وقع قائمة الحساب وقال:
" لنذهب الآن".
" أليس الوقت مبكرا؟".
" أعرف لنذهب".
أحست سارة بخيبة الأمل وتمنت لو أنها لم تنطق بشيء , أذ ربما دفعته كلماتها للأسراع الى فلامنكو لودج.
تبعته الى السيارة بلا حماس وجلست بدون أن تنظر اليه , لم الأصرار على العودة؟ أنه يبدو بصحة جيدة ولم يزعجه السعال فما الداعي للعودة مبكرين؟
وأذ بدأ قيادة السيارة بهدوء وسار بها مسافة قبل أن تلاحظ سارة أخيرا بأنهما لم يسلكا طريق العودة الى البيت , بل توجها الى مكان في مستوى سطح البحر ثم أوقف السيارة في مكان جميل ينيره ضوء القمر.
ورأت سارة في الخليج يختا ثم علمت بأنه كان ساحرة البحر .
" لا تخافي ليس في نيتي أخذك للأبحار , لنتمشى على الرمل , أذ الليلة رائعة , وسنتحدث قليلا".
" نتحدث عن ماذا؟".
تجاهلها جارود ونزل من السيارة فتبعته , خلعت حذاءها ومشت على الرمل الناعم ,كان لأوراق النخيل حفيفها المسموع وصم صوت البحر أذنيها , كانت ليلة نموذجية وفكرت سارة بأنه أجمل عيد ميلاد تمر به.
ركضت لتلمس الأمواج وتبعها جارود واضعا يديه في حيبيه:
" والآن , لنتحدث".
" عن ماذا, هل يجب أن نخوض نقاشا جديا الآن؟".
" أظن أن الوقت الملائم للتفكير بمستقبلك جديا , منذ ثلاثة أشهر ونصف جئت للعيش مع جي كي ورغم علمي بأنه لا يرغب بفقدانك ألا أنك يجب أن تفكري بمستقبلك".
" بأي طريقة تعني؟".
" يجب أن تدركي أنك بحاجة للعمل , جي كي لا يفهم لم تحتاج فتيات هذه الأيام للعمل , لكنني أعلم بأنك تفهمين ما أعنيه , لذلك أرغب بمناقشة الموضوع معك وليس معه".
ولم تقل سارة شيئا فواصل حديثه:
" لا بد أنك تعلمت الكثير في رحلتك هذه , رأيت أولا جزءا من العالم طالما حلمت به , ولا بد أنه أثار فيك مشاعر مختلفة , وتعلمت ثانيا أن للحياة وجوها مختلفة".
أومأت سارة موافقة:
" صحيح ما تقوله أذ أن السفر يعلم الأنسان الكثير".
" أخبرني ماث بأنك تحبين الرسم وأنك تودين العمل في ذلك المجال".
" هذا ما أفكر فيه أحيانا".
" أستطيع منحك فرصة العمل في أحدى مؤسسات النسيج".
" لكنها ليست مؤسستك أليست كذلك؟".
" كلا , ليست مؤسستي".
تنهدت سارة مرة أخرى أذ كلما ظنت أنها قريبة منه تلفظ بشيء يفصل بينهما.
" حسنا , لا أريد مناقشة الموضوع الآن , كان علي حدس ذلك أذ ليس في ذهنك شيء غير العمل دائما".
قسا وجه جارود:
" ما الذي تعنيه؟ ألم أقضي معك هذه الأمسية؟".
" نعم , لكنني أدرك الآن هدفك الحقيقي , كان جي كي محقا , أذ كل ما تفكر به هو العمل , أنني أشفق على المرأة التي ستتزوجك أذ لا بد أنها ستقع في حب آلة".
أمسك جارود برسغها بعنف:
" حذرتك يا سارة , لا تحاولي قول أشياء لا تعرفين معناها".
حاولت سارة تحرير نفسها:
" أنك تواصل قول هذا دائما , لكنني أفهم جيدا , أعرف أن لورين ماكسويل , تريسي ميرك وفرجينيا ماكي غير مهمات بالنسبة اليك, أذ تحتاج المرأة من وقت لآخر فقط لأرضاء رغباتك وليس لمشاركتك حياتك وحبك , وها أنا أدرك كم كان والدك محقا في رأيه بأستثناء شيء واحد: ظن بأنني سأتمتع بهذه الرحلة لكنني , أكرهها".
تركته منذهلا وركضت , ركضت لتخفي دموعها حتى وصلت منطقة مشجرة وتعثرت بغصن مكسور فسقطت على الأرض وتمزق جزء من فستانها , سمعته يركض وراءها ثم يقف الى جانبها , حدق في وجهها للحظات ثم أنطرح الى جانبها غير مبال بالرطوبة والرمل وحاولت سارة الأبتعاد عنه ألا أنه أحكم ضمها اليه , ولم تحس سارة بشيء غير الرمل والبحر وجارود , غير أنه أبتعد عنها فجأة , فنهض واقفا مشمئزا من سلوكه وأندفاعه , أغلقت سارة عينيها لتتجنب رؤية العالم الخارجي ثم نهضت واقفة بدورها .
" لنعد الى البيت قبل أن أفقد وعيي تماما".
تعثرت وأرادت التحدث اليه:
" جارود.......".
" لا تتحدثي معي , آسف لم حدث , أعرف أن أعتذاري لا يكفي لكنني لا أعرف طريقة أخرى للأعتذار وأبداء أسفي".
تبعته ببطء , ثم أندست في مقعد السيارة وقاد جارود السيارة متوجها الى فلامنغو لودج.
جلست سارة في زاويتها غير قادرة على أستجماع أفكارها المشتتة .
" أسف جدا , أذ قمت بذلك بدون تفكير".
" كان الخطأ , خطأي وأنت تعلم ذلك".
" رغم ذلك كان علي التحكم بمشاعري أذ أنني أكبر منك سنا وخاصة بعد تحقيقي مع ماث".
" أي تحقيق؟".
" قبل مغادرتنا المنزل الليلة , أذ أنني لم أثق به".
وضحك مواصلا:
" أخبرني بأنك لم تشجعيه على مغازلتك , تمنيت لو أنك أوقفتني عند حدي أنا الآخر".
" لكنك لم تحاول مغازلتي.......".
" كلا , أنك محقة.... كان شيئا مختلفا تماما".
"جارود , رجاء.... رجاء".
ووضعت يديها على أذنيها لئلا تسمع شيئا حتى وصلا المنزل.
كانت هيلين في أنتظارهما في الشرفة , كان وجهها شاحبا وأسرعت للقائهما فأنكمشت سارة قلقا.
" جارود مكالمة هاتفية من لندن..... عانى جي كي من نوبة قلبية أخرى".
لم يقل جارود شيئا للحظة ثم سأل:
" ماذا قالوا, هل ما زال حيا؟".
وبدا شاحبا.
تنهدت هيلين :
" أعتقد هذا , أو كان حيا عند أجراء الأتصال ... أوه, جارود , هل تعتقد بأنه سيجتاز الأزمة؟".
هز جارود رأسه:
" لا تسأليني أسئلة لا أعرف أجوبتها ,هل أتصلت بالمطار؟".
" بالطبع , هناك طائرة تغادر مونتيغور عند منتصف الليل , وحجزت لأربعة أشخاص".
" أربعة؟ هل ستأتين معنا؟".
" بالطبع يجب أن أراه".
نظر جارود الى سارة المستندة الى السيارة بضعف والمرعوبة لما سمعت.
" هل سمعت؟".
" نعم.........".
" أذهبي أذن وأعدي ما تحتاجينه بسرعة أذ سنغادر خلال ربع ساعة".
أومأت برأسها مرة أخرى وأسرعت الى غرفتها , وتذكرت كيف فكرت بجي كي طوال اليوم , أولا حين أستلمت بطاقته وثانيا حين أرادت الأتصال هاتفيا به .


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.