آخر 10 مشاركات
قلبه من رخام (37) للكاتبة الآخاذة: أميرة الحب raja tortorici(مميزة) *كاملة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          209 - أعدني إلى الصحراء - باربرا هاناي ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          The Greek`s Blackmailed Mistress by Lynne Graham (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          ترنيمة عذاب -ج4 من سلسلة أسياد الغرام- للكاتبة الأخّاذة: عبير قائد *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          تسكنين دمي (3) -قلوب قصيرة- للكاتبة الرائعة: ككاابو (زهرة قحل)*كاملة&روابط*مميزة (الكاتـب : Just Faith - )           »          26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > المنتدى العام للروايات الرومانسية > منتدى روايات رومانسية متنوعة مكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-19, 09:08 PM   #1

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile26 42 - أبى الحبيب - شريف شوقى * زهور * كتابة / كاملة ( تم إضافة رابط التحميل )





مع العدد الرائع ( أبى الحبيب ) من روايات زهور كتابة

تأليف : أ.شريف شوقى

وهو ملئ بمشاعر شتى ونهاية تختلف عن جميع التوقعات





الملخص
_-_-_-_

فرَّق القدر بين ( وجدى ) وأبيه فراقًا طويلاً مفعمًا بالحـزن والمـرارة .

وعندما التقيا تفجَّرت كل ينابيع الحب فى قلبيهما ، ولكن القدر لم يمهلهما طويلاً ، إذ جـاء اللقاء قصيرًا ، قاصرًا عن تعويض كل سنوات الفراق ..

_-_-_-_

رابط التحميل

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


أتمنى تنال اعجابكم






التعديل الأخير تم بواسطة MooNy87 ; 14-04-20 الساعة 04:35 PM
MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:22 PM   #2

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1_عودة الغائب




امسك ( وجدى) سماعة الهاتف و قال فى صوت يحمل أشد نبرات الضيق :
ـ حفلة أى حفلة ؟ أنت تعرفين أن وقتى ضيق للغاية يا ( نجلاء) و لا أملك ما يسمح لى بالذهاب إلى أعياد الميلاد .. نعم أعرف أننى وعدت بالذهاب و لكننى مشغول للغاية لدى بعض الاعمال الهامة ستحتاج منى إلى البقاء فى مكتبى حتى ساعة متأخرة من الليل
.. لا .. لا يمكن تأجيلها
ـ من فضلك يا نجلاء خذى أنت الولد إلى هذا الحفل و اعتذرى لـ ( سميحة) هانم و زوجها بالنيابة عنى و إذا وجدت أمامى فسحة من الوقت فسوف ألحق بكما هناك
و أعاد سماعة الهاتف و هو يزفر قائلاً :
ـ تباً لهذه المناسبات و المجاملات الفارغة ألا تنتهى أبداً ؟
إنه لا يبغض شيئاً فى هذه الدنيا قدر بغضه لتلك الحفلات و الدعوات التى تأتى إليه من آن لآخر بمناسبة و بدون مناسبة ..
عيد ميلاد ابنة ( سميحة) هانم .. عيد زواج فلان و فلانة .. دعوة للغداء هنا و دعوة للعشاء هناك ..و حضور حفل افتتاح لأحد المصانع الجديدة أو حتى متجر صغير للملابس ..
و هو مضطر دائماً للمجاملة و الابتسام و التظاهر بالمرح و اللطف مع من يدعونه أو يدعوهم مستسلماً لحالة متكررة من النفاق الاجتماعى السقيم
و لكن ماذا يفعل ؟ إنه شخصية مرموقة فى بورسعيد و علاقاته الاجتماعية تدخل كجزء من طبيعة عمله و علاقاته برجال الاعمال و التجار فى المدينة فمصنع الزجاج والبلور الذى يمتلكه يدخل فى منافسة شديدة مع عدد من المصانع الأخرى المنتشرة فى مناطق مختلفة من الجمهورية و على الرغم من جودة انتاجه العالية التى دفعت به إلى التوسع فى التصدير إلى الأسواق الخارجية بعد أن اكتسب شهرة لا بأس بها فى الأسواق الداخلية و أصبح مصنعه واحدا من أكبر مصانع الزجاج و الكريستال فى مصر إلا أنه لا يستطيع أن يتجاهل قيمة العلاقات الشخصية و المجاملات الاجتماعية و الدور الذى تلعبه فى تعزيز نجاحه كرجل أعمال فضلاً عن تأهبه لترشيح نفسه فى المجلس المحلى للمدينة و ما يطمح إليه مستقبلاً من أن يكون عضواً فى مجلس الشعب و هو طموح سياسى طالما حلم به منذ كان طالباً فى الجامعة وربما يتجاوز كثيراً طموحه المادى الذى حققه عن طريق مؤسسة الصناعات الزجاجية التى أصبح يمتلكها ..
لقد حققت الحياة لـ ( وجدى) الكثير من الآمال و الأحلام التى تمناها فقد تمكن بكده و عرقه و كفاحه لسنوات طويلة فى أثناء الدراسة و بعدها من تحويل مصنع الزجاج الصغير الذى يملكه خاله فى بورسعيد إلى مؤسسة صناعية كبيرة و عندما توفى خاله تاركاً هذا المصنع باعتباره وريثه الوحيد هو و أخته ( هالة) كان ( وجدى) قد نجح فى القفز بهذا المصنع قفزات هائلة بفضل ذكائه و روحه المتقدة فى العمل و السعى وراء مواطن النجاح و عزز هذا النجاح المادى بمكانة اجتماعية مرموقة عندما اقترن بـ ( نجلاء نور الدين) ابنة ( نور الدين عزمى) محافظ بورسعيد السابق و هو بدوره من أسرة ذائعة الصيت ذات جذور عريقة و على الرغم من أنه لم يعش قصة حب حقيقة مع زوجته قبل الزواج إلا أن هذا الحب سرعان ما وجد طريقه بينهما بعد زواجهما الذى دام حتى الآن عشر سنوات كاملة قربت كثيراً بين أفكارهما و طباعهما و ازداد التفاهم بينهما على الرغم من بعض الصعوبات التى حالت دون ذلك فى البداية فقد ظلت هناك عقدة تحكم ( وجدى ) فى علاقته بزوجته على الرغم من ثرائه المادى الكبير و هى احساسه دوماً بأنها تتميز عليه اجتماعياً بحكم النشأة و ربما يرجع ذلك إلى نشأته الأولى التى كانت تتميز باليتم و الفقر و ألوان عديدة من المهانة و الحرمان طالما حاول نسيانها و اقتلاعها من جذور ذكرياته دون جدوى فقد ظلت ذكرى هذه الأيام المريرة و الكريهة فى نفسه باقية وتشكل جزءاً من اصراره على النجاح و الثراء ومعادة الفقر و التمرد على كل ما عاشه فى طفولته وصباه و على الرغم من أن ( نجلاء) لم تحاول أبداً أن تظهر له هذا التميز إلا إذا حدث ذلك عرضاً أو دون قصد إلا أن هذا كان يثيره دائماً و يحاول تعويضه عن طريق التباهى بعصاميته و نجاحه المادى أحياناً و أحياناً أخرى بالقسوة و الغلظة فى معاملتها تعويضاً عن ذلك الإحساس و قد أدى ذلك إلى مشاكل عديدة فى حياتهما فى البداية كادت تقودهما ذات يوم إلى الطلاق و لكن سرعان ما تراجعا عن هذه الفكرة عندما تبينا هولها بالنسبة لهما فعلى الرغم من كل شىء إلا أن أحدهما لم يكن يستطيع أن يستغنى عن الآخر و هكذا وطدا نفسيهما على احتواء هذه الأزمات التى تنشأ بينهما من آن لآخر بالعمل على تحقيق المزيد من التقارب النفسى و التفاهم بينهما و أصبحت ( نجلاء) من ناحيتها حريصة على عدم تحريك هذه العقدة النفسية التى تحكم ( وجدى) و تخرجه عن طبيعته المألوفة احياناًُ و أصبح ( وجدى) أيضاً أكثر حرصاً على عدم الانسياق وراء هذه العقدة الدفينة و أنعم الله عليهما بطفل جميل عزز هذا الحب و التقارب الذى جمع بينهما و لم يعد باقياً من طموحاته وأحلامه القديمة سوى ذلك المستقبل السياسى الذى أعد نفسه له و على الرغم من أن رجل الاعمال والصناعة لا يحبذ كثيرا الانخراط فى العمل السياسى ـ فلكل منهما مجاله ـ إلا أن ( وجدى) كان يحلم دائماً بأن يستأثر بالاثنين لقد آلى على نفسه منذ الصغر أن يحوز كل أسباب القوة و الثراء و كان يرى فى العمل السياسى ما يمنحه القوة و النفوذ اللذين يسعى إليهما و مع كل ما حققه من ثراء مادى و مركز اجتماعى ممتاز و نفوذ فعلى فى مدينة بورسعيد إلا أنه لم يتراجع عن طموحه السياسى أبداً
كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة مساء ببضع دقائق و كان ( وجدى) قد بذل جهداً كبيراً فى انهاء عدد من الأعمال الهامة الخاصة بالمؤسسة و بعد انصراف عدد من الأشخاص من مكتبه قام باجراء اتصال هاتفى أخير بإحدى الشركات التى يتعامل معها ثم استرخى فى مقعده و قد أخذ منه التعب مبلغه و نظر فى ساعته و هو فى حالة من الخمول كان الوقت مازال كافياً و يسمح له بحضور حفل عيد الميلاد لكنه بالإضافة إلى عدم رغبته فى حضور هذا الحفل منذ البداية كان مرهقاً و غير قادر على ممارسة تلك المجاملات التى طالما اضطرته الظروف إلى القيام بها . إن أقصى ما يستطيع عمله الآن هو أن يتسلل بسيارته إلى المنزل لينعم بحمام دافئ ثم يدس نفسه فى الفراش منتهزاً خلو المنزل من ( نجلاء) و ( وائل) ابنه فلو أتيح لهما أن يلتقيا به قبل أن يستغرق فى النوم فإنه لن ينجو من تأنيب ( نجلاء) له لعدم حضوره معها إلى الحفل كما وعد كما سيكون مضطراً إلى تلك المداعبات و الروايات التى يحكيها لـ ( وائل) قبل نومه كما عوده و هو غير مهيأ لذلك الآن . و بالفعل نهض ( وجدى) من مقعده مقاوماً حالة الاسترخاء التى تملكته ليصلح من رباط عنقه ثم تناول سترته من فوق المشجب استعداداً لمغادرة المكتب لكنه سمع عدة طرقات على الباب قبل أن يتهيأ للانصراف ووجد سكرتيرته تدلف إلى الداخل و على وجهها بعض علامات الانزعاج و همست له قائلة :
ـ هناك شخص يطلب مقابلتك بالخارج يا ( وجدى) بك
سألها قائلاً :
ـ من هو ؟
أجابته قائلة :
ـ لقد رفض ذكر اسمه
نظر إليها بدهشة قائلاً :
ـ حسناً و ما الذى يدعوك إلى الانزعاج هكذا ؟
ترددت قليلاً قبل أن تقول :
ـ إنه يرتدى ملابس رثة و تبدو عليه معالم الشر و القسوة برغم تقدمه فى العمر و لقد صاح فى طريقة خشنة و تهيأ لى فى لحظة أنه سيقوم بصفعى عندما أصررت على عدم السماح له بمقابلتك دون موعد سابق و دون أن يوضح لى اسمه و هدفه من المقابلة و لم أجد بداً من التظاهر باستئذانك قبل السماح له بالدخول لكى أبلغك الأمر هل تحب أن أطلب الأمن ؟
سألها ( وجدى) :
ـ ربما كان أحد أهالى المدينة ؟
قالت السكرتيرة فى ثقة :
ـ كلا إنه يبدو غريباً و لهجته أيضاً لا تدل على أنه من أبناء بورسعيد
( وجدى) :
ـ حسناً دعيه يدخل
و ترددت قائلة :
ـ و لكن يا أستاذ ( وجدى) ...
أومأ برأسه قائلاً :
ـ قلت لك دعيه يدخل
نظرت إليه و معالم التردد واضحة على وجهها و هى تقول مستسلمة :
ـ حسناً هل أرسل لك أحد رجال الأمن ؟
قال لها ( وجدى) و هو يعود إلى مقعده وراء مكتبه :
ـ لا .. لا داعى لذلك إذا احتجت أحداً من الأمن فسأطلبه بنفسى
و غادرت السكرتيرة المكتب و هى مازالت قلقة و بعد قليل فتح الرجل باب الغرفة ليقول بصوت واهن و لكنه لا يخلو من الخشونه و الحماس :
ـ أوحشتنى يا ( وجدى)
كان الرجل يرتدى ملابس رثة للغاية و تكشف ملامح وجهه المترهلة و شعره الأبيض عن تجاوزه الستين من العمر ببضع سنوات و إن بدا بقامته المديدة و صلابة عوده محتفظاً بشئ من بقايا الشباب الراحل و أحس ( وجدى) برجفة تسرى فى جميع أجزاء جسده لدى رؤيته لذلك الشخص برغم عدم تعرفه لكن شيئاً ما جعله يرتجف و هو يرى هذا الرجل الطاعن فى السن يقترب منه ويتحدث إليه على هذا النحو و أخذ يحدق فيه بتمعن دون أن يتحرك من فوق مقعده .
كان شعورا غريبا ذلك الذى تملكه عندما وجد هذا الرجل يقف امامه مباشرة شعور بالخوف و الرهبة و الاضطراب فى آن واحد و نظر إليه الرجل قائلاً :
ـ ( وجدى) .. الا تعرفنى ؟
و بدت له هذه الجملة الاخيرة كما لو كانت تبعث إليه بنداء خفى و تدفعه دفعا نحو ذلك الرجل بالرغم من مخاوفه منه نعم إنه يذكر بعضاً من هذه الملامح و يعرف ذلك الصوت برغم ما أضفته عليه السنون من تغيرات
لقد بدا له ذلك الصوت و كأنه يأتى إليه من ماض سحيق طالما حاول أن ينساه
و عاد الرجل يقول :
ـ ( وجدى) إننى والدك .. هل نسيتنى ؟
ظل ( وجدى) جامدا فى مكانه و هو يحدق فيه متأملا نعم ..إنه والده لقد احس بذلك منذ ان رآه و كيف يتسنى لك أنك قضيت قبلها ثلاث سنوات كاملة بعيدا عنا لا نعرف اى شئ عن أخبارك و لم تحاول أن تتعرف أى شئ عن أخبارنا قبل أن يقبض عليك و تقدم للمحاكمة لقد ذقنا على يديك مرارة الحرمان و قسوة الطباع ثم انتهى الامر بأن ألحقت بنا العار
قال الاب بحرارة :
ـ لم أكن أعرف أنك تكرهنى إلى هذا الحد
هدأت حدة انفعال الابن قليلا و هو يقول :
ـ و ما الذى كنت تنتظره منى بعد كل تلك السنوات ؟ إننى لم أعرف معك حنان الاب و رعايته و هذا أمر لا يغتفر فى البداية أقمت حاجزا بينى و بينك بسبب تلك القسوة التى كنت تعاملنا بها و بعد ذلك ابتعدت عنا نهائيا و دفعت بنا حتى إلى الإقلاع عن زيارتك فى السجن بسبب تلك الطريقة الفظة التى كنت تقابلنا بها و التى كانت تعود بسببها أمى إلى المنزل و الدموع تتساقط من عينيها إلى أن أقسمت عليها يمينا بألا تأتى لزيارتك مرة أخرى و أخبرتها أنك تريد أن تقطع صلتك بنا بصورة مطلقة لأنك تكرهنا كم كنت أحسد الأطفال فى سنى و أنا أراهم فى صحبة آبائهم .. كم كنت أتألم و أنا أرى زملائى محاطين برعاية والديهم فى الوقت الذى لم أكن أعرف فيه كيف أجيب على سؤالهم : أين والدك ؟
و فى النهاية اضطررنا أنا و أمى و أختى إلى أن نرحل إلى هذه المدينة بورسعيد لنقيم عند خالى بعيدا عن أى ذكرى تربطنا بك و أصبحت بالنسبة لنا غير موجود
قال الأب :
ـ و لكن هأنتذا ترى أننى مازلت موجود و سأبقى موجودا بالنسبة لك لم أمت برغم أننى أعرف جيدا أنك كنت تتمنى موتى
قال ( وجدى) بامتعاض :
ـ و ما الذى تريده منى الآن ؟
قال الأب :
ـ انظر إلى جيدا و ستعرف ماذا أريد انظر إلى تلك الثياب الرثة و الجسد الواهن
قال الابن بنبرة قاسية :
ـ فهمت لقد جئت لأنك بحاجة إلى نقود
و توجه نحو الخزانة الصغيرة الموجودة فى أحد اركان الغرفة ليفتحها و لكن الأب قال :
ـ ما الذى يمكنك أن تدفعه لى . ألفا .. ألفين .. ثلاثة ؟
قال الابن و هو مستمر فى فتح الخزانة دون أن يلتفت إليه :
ـ ليس فى هذه الخزانة سوى ثمانمائة جنيه أعتقد أنها تكفيك فى الوقت الحاضر
لكن الأب اعترض قائلا :
ـ وفر نقودك إننى بحاجة إلى عمل
و استدار إليه الابن فى حدة قائلاً :
ـ عمل ؟! أى عمل يمكننى أن أوفره لك الآن ؟
أجابه الأب فى هدوء :
ـ أى عمل يتناسب مع عمرى و يتيح لى أن أحصل على النقود التى أريدها من كدى لا من جيبك الخاص
قال ( وجدى) فى سخرية :
ـ ألم تفكر فى العمل الشريف إلا الآن ؟
و فى تلك اللحظة طرقت السكرتيرة باب الحجرة عدة طرقات قبل أن تدلف إلى الداخل و ما إن خطت داخل الغرفة حتى استقرت عيناها على الأب ثم ما لبثت تنقل نظراتها بينه و بين الابن و كأنها تتساءل بينها وبين نفسها عما يمكن أن يربط بين رجل أعمال ثرى مثل ( وجدى) و ذلك الرجل المتقدم فى السن الشرس الطباع الرث الثياب إلى الحد الذى يطيل بينهما الحديث كل هذا الوقت ؟
و كانت معالم القلق واضحة على وجهها و هى تنظر إلى ( وجدى) قائلة :
ـ عفوا يا ( وجدى) بك و لكن
قال ( وجدى) مقاطعاً :
ـ يمكنك الانصراف يا ابتسام
و عادت تنظر إلى الأب دون أن تفارقها نظراتها القلقة و هى تقول :
ـ هل أنت واثق أنك لن تحتاج إلى فى شئ يا ( وجدى) بك ؟
و كأنما نبهت نظراتها القلقة هذه ( وجدى) إلى خطورة الوضع بالنسبة إليه فماذا لو تكشفت حقيقة الرابطة التى تربط بينه و بين رجل سبق له أن أودع السجن متهماً بالاتجار فى المخدرات ؟
أى ضرر يمكن أن يلحق به اذاما كشف العاملون فى الشركة و اهل المدينه أنه ابن أحد أرباب السوابق و هو الذى جاهد لإخفاء هذه الحقيقة تماما عن زوجته و ابنه و الجميع طوال الاعوام الطويلة الماضية؟
الكل يعرف أن والده قد توفى منذ سنوات بعيدة و أنه كان رجلا فاضلا ذا سمعة طيبة و قد ساعده خاله فى إخفاء كل ما يتعلق بماضى أبيه كما أنه من ناحيته كان يعمد دائما إلى إنهاء اى حديث يمكن أن يتعلق بماضيه أو يدور حول أبيه على نحو قاطع سريع
و الآن و بعد ان رأته سكرتيرته الفضولية فما الذى يمكن أن يقوله لها عن هذا الرجل ؟
لو عرف الناس هنا حقيقة ابيه لو علموا أنه مازال باقيا على قيد الحياة و أنه سبق أن أودع السجن متهما فى قضية مخدرات فإن هذا يعنى تدمير حياته الاجتماعية و علاقته الأسرية و مستقبله السياسى الذى خطط له
سيصبح هذا كارثة حقيقة بالنسبة له و يجب ان يعمل على منعها بأى حال من الأحوال
و بدا صوته غاضبا و هو يصيح فى سكرتيرته قائلاً :
ـ قلت لك لا أحتاج إليك فى أى شئ و يمكنك الانصراف
أخرجها صوته الغاضب من حالة القلق و الفضول التى سيطرت عليها فالتفتت إليه قائلة و كأنها تعتذر :
ـ حسنا حسنا كما تريد يا ( وجدى) بك
ثم استدارت مغادرة المكتب فى حين التفت الابن على ابيه قائلا فى انفعال :
ـ هل أخبرت أحدا فى هذه المدينة بحقيقة الصلة التى تربط بيننا ؟
قال الأب و هو يبتسم فى مرارة :
ـ تقصد حقيقة أنك ابنى و أننى أبوك ؟ اطمئن لم أخبر أحدا بذلك إننى مقدر بالطبع حقيقة مركزك الاجتماعى الآن ولا أرضى أن أسبب لك أى ضرر
هدأ انفعال ( وجدى) قليلا و هو يقول :
ـ حسنا سأجهز لك مسكنا فى القاهرة أو فى أى مكان تريده بعيدا عن بورسعيد و سوف يصلك منى راتب شهرى كاف بطريقة أو بأخرى

هدأ انفعال ( وجدى) قليلا و هو يقول :
ـ حسنا سأجهز لك مسكنا فى القاهرة أو فى أى مكان تريده بعيدا عن بورسعيد و سوف يصلك منى راتب شهرى كاف بطريقة أو بأخرى
لكن الأب قال فى اصرار و قد تبدلت ملامحه :
ـ قلت لك لا أريد منك نقودا أريد أن احصل على عمل و يتعين عليك ان تدبره لى
نظر إليه الابن فى ضيق قائلاً :
ـ لا أدرى سر اصرارك على هذا مادمت مستعدا للتكفل بأمر معيشتك منذ متى ترفض الحصول على النقود بوسيلة سهلة ؟
أجابه الأب بلهجة ساخرة قائلاً :
ـ منذ أن تنبهت إلى قيمة العمل الشريف
رد عليه الابن بنفس نبرة السخرية اللاذعة :
ـ لقد تنبهت إلى ذلك متأخرا جداً و على كل اذا كنت مصراً على مسألة العمل هذه يمكننى أن أدبر لك أية وظيفة و لكن فى أى مكان آخر بعيداً عن بورسعيد و بشرط ألا تخبر أحداً بأنك أبى
قال الأب بلهجة حاسمة :
ـ بل أريد هذه الوظيفة هنا فى هذه المدينة فى بورسعيد
تطلع إليه ( وجدى) بدهشة مقترنة بضيق واضح و هو يقول :
ـ و لماذا هنا بالذات ؟
أجابه الأب فى هدوء :
ـ لأننى أريد أن أكون قريبا منك و ( هالة) أختك ما تبقى لى من العمر
قال الابن متهكما :
ـ ترى ما سر هذا الحنان المفاجئ الذى هبط عليك نحونا هكذا دفعة واحدة ؟ اخيرا استيقظت عاطفتك الأبوية بعد طول سبات و تذكرت ان لك أبناء يتعين عليك أن تبقى إلى جوارهم ما بقى لك من العمر ؟
ثم تبدلت لهجته فى قسوة :
ـ على كل حال نحن نشكر لك عطفك السامى و لكن تأكد أننى و أختى ( هالة) سنكون أسعد حالاً لو بقيت بعيداً عنا و نسيت أن لك أبناء كما نسينا نحن أن لنا أباً
وهنا زمجر الأب قائلا فى شراسة و قد تبدلت ملامحه :
ـ كفى .. لن أسمح لك بكلمة أخرى اسمعنى جيدا لقد جئت لأبقى و أعمل فى هذه المدينة إنك لا تعرف و لم تجرب أية ظروف مررت بها و أى تعب لقيته من هذه الحياة لقد آن لى أن أستريح و أبدأ حياة جديدة ربما جاء هذا فى سن متأخرة كما تقول و لكننى مصمم على أن أبدأ هذه الحياة الجديدة و أن أكون بجوارك أنت و أختك خلال السنوات الباقية من عمرى أعترف أننى لن أستطيع أن أعوضكما عن عاطفة الاب التى افتقدماها معى خاصة بعد أن كبرتما و أصبح لكل منكما حياته الخاصة المستقلة كما أعترف بأننى أنا نفسى غير واثق بقدرتى على منحكما هذه العاطفة المفقودة لكنكما فى النهاية أبنائى و أنا بحاجة إليكما بحاجة إلى تعويض كل تلك السنين التى فارقتكما فيها أرجوك ألا تحرمنى من هذا يا ( وجدى)
قال الابن فى جمود :
ـ و اذا رفضت ؟
واجهه الاب بجمود مماثل قائلاً :
ـ إذن سأخبر كل مخلوق فى بورسعيد بأننى أبوك و أننى لم أمت و أننى كنت مسجونا فى قضية مخدرات سأجعلهم يعرفون حقيقة الوجيه الامثل للرجل الذى يشار إليه بالبنان فى مدينتهم و يسعى الجميع على خطب وده إننى أعرف جيداً مدى حرصك على مظهرك الاجتماعى و سعيك وراء الترشيح كعضو مجلس محلى منتخب فى مدينة بورسعيد و أنا قادر على ان ادمر هذا كله
ارتجف ( وجدى) لدى سماعه هذا برغم محاولته التماسك و قال :
ـ هل تهددنى ؟
أجابه الاب فى خشونة :
ـ نعم يمكنك أن تعتبر هذا تهديدا
رضخ ( وجدى) قائلاً :
ـ حسنا سأبحث لك عن عمل فى مصنعى
ثم قال مستدركا :
ـ و لكن يجب ألا يعرف أحد أنك أبى بأى حال من الاحوال
قال الاب و قد استرد هدوئه :
ـ اطمئن لن يعرف أحد دعنى أكون قريب منكما و أعدك أن أحداً لن يعرف أننى مازلت على قيد الحياة حتى افارقها بالفعل
قال ( وجدى) بشئ من الضيق :
ـ و أين ستقيم ؟
أجابه الاب :
ـ فى فيلتك بالطبع .
انتفض ( وجدى) قائلاً بغضب :
ـ فى فيلتى ؟! ماذا تقول ؟ هل تريد منى أيضا أن اجعلك تقيم فى منزلى ؟
أجابه الاب :
ـ لو فكرت قليلاً لوجدت أن هذا سيكون الافضل بالنسبة لك فوجودى قريبا منك إلى هذا الحد سيضمن لك أننى لن أثرثر بأية كلمة يمكن أن تشير إلى الصلة التى تربط بينى و بينك سأكون امام عينيك و ستضمن سكوتى
قال ( وجدى) :
ـ إنه تهديد بشكل آخر و لكنه ليس سافرا كسابقه و إنما يتخذ شكل النصيحة و لكنه غير مقبول غننى موافق بالنسبة للوظيفة أما بالنسبة للاقامة فيجب أن تبحث لك عن مأوى آخر
استعد الاب للانصراف قائلاً :
ـ حسنا سأتصرف
و لكن قبل أن يدرك باب الغرفة استوقفه (وجدى) قائلاً :
ـ انتظر
ثم نظر إليه متردداً و هو يقول :
ـ أين ستذهب ؟
أجابه الاب :
ـ قلت لك سأتصرف
تحرك ( وجدى) فى الغرفة بعصبية قائلاً :
ـ إننى لا أعرف كيف تنتظر منى أن أسمح لك بالاقامة فى منزلى دون الكشف عن حقيقة شخصيتك ؟ بأية صفة تريد منى أن أقدمك بها إلى زوجتى و ابنى ؟
أجابه الاب سريعا :
ـ ما رأيك لو عينتنى حارسا أو بوابا أو خفيرا أو بأى صفة تختارها لفيلتك ؟ إننى فى هذه الحالة لن أطلب منك راتبا و سأعمل نظير إقامتى و طعامى فقط إننى أعلم أنك تبحث عن شخص يصلح لان يكون حارسا للفيلا بعد أن غادرها الحارس السابق و عاد إلى بلدته و يمكننى القيام بهذا العمل خاصة وأنه سيجعلنى أكثر قربا منك و من ابنك و سيتيح لى رؤية أختك أيضاً
قال ( وجدى) و فى صوته نبرة احتجاج :
ـ ما هذا ؟ هل كنت تجمع المعلومات عنى قبل حضورك إلى هنا ؟
أجابه الاب بنبرة هادئة :
ـ يمكنك أن تقول أننى كنت أتتبع أخبارك بوسيلة أو بأخرى
قال ( وجدى) :
ـ و مع هذا فإننى أرفض كيف تنتظر منى أن أعين أبى حارسا أو خفيراً لمنزلى ؟
ابتسم الاب لاول مرة قائلاً :
ـ أبى ؟ ! إنها المرة الاولى التى تنطق فيها بهذه الكلمة منذ أن التقيت بك دون أن تحمل فى طياتها ذلك الازدراء الذى رأيته فى عينيك
ابتسم الاب لاول مرة قائلاً :
ـ أبى ؟ ! إنها المرة الاولى التى تنطق فيها بهذه الكلمة منذ أن التقيت بك دون أن تحمل فى طياتها ذلك الازدراء الذى رأيته فى عينيك
أشاح ( وجدى ) بوجهه قائلاً :
ـ لا تحاول أن تؤثر على عاطفيا إن الموقف الذى اتخذته حيالك لن يغير من الحقيقة شيئا حتى لو لم أكن راضيا عن هذه الحقيقة
و استدار إليه و بدت ملامح التردد واضحة على وجهه و بعد برهة من الصمت قال مستسلما :
ـ حسنا .. سأعينك حارسا للفيلا إذا كان هذا ثمنا لسكوتك و ضمانا لإخفاء حقيقة الصلة التى تربط بيننا على أن تلتزم بحفظ هذا السر إلى الأبد
قال الأب و فى صوته نبرة حزينة :
ـ لقد أخبرتك بأننى سألتزم بهذا ـ بالنسبة للآخرين ـ عدا أختك بالطبع فيجب ..
لكن ( وجدى) قاطعه قائلاً :
ـ حتى أختى يجب ألا تعرف ذلك
احتج الاب قائلاً :
ـ و لكن ..
لكن ( وجدى) عاد لمقاطعته قائلا:
ـ هذا هو شرطى
قال الأب :
ـ ألا تظن أنها ستتعرفنى عندما ترانى ؟
قال ( وجدى) :
ـ لا أعتقد ذلك فقد كانت صغيرة عندما غادرت المنزل و لا أظن أنها ستتعرفك بعد كل هذه السنين الطويلة
قال الاب بانكسار:
ـ حسنا .. أوافق .. أوافق يا ولدى

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:25 PM   #3

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2_شئ فى نفسى




توجه ( وجدى) فى صحبة أبيه إلى غرفة صغيرة فى أحد أركان الحديقة و دس المفتاح فى قفلها ليفتحها ثم أضاء النور قائلاً :
ـ هذه الغرفة كانت مخصصة لحارس الفيلا السابق و ستكون محلا لاقامتك
كانت الغرفة متواضعة للغاية يتوسطها بساط قديم و سرير معدنى صغير فى أحد أركانها و بالقرب من النافذة الخشبية الصغيرة كانت توجد منضدة معدنية أمامها مقعد واحد لتناول الطعام و لم يكن هناك من وسائل التسلية سوى تليفزيون عتيق الطراز و بعض الادوات الاضافية الصغيرة الاخرى و تطلع الأب إلى محتويات الغرفة الصغيرة دون أن تبدو على وجهه علامات بل بدا سعيدا بها و هو يقول :
ـ حسنا .. هذه الغرفة تناسبنى تماما
لكن ملامح الضيق كانت واضحة على وجه ( وجدى) فقد انتابه شعور مبهم بعدم الرضا عن هذا الوضع و بأنه لا يليق به أن يسكن تلك الفيلا الفاخرة تاركا أباه ينام فى هذه الغرفة المتواضعة فى أحد أركان الحديقة مهما كان موقفه من أبيه بل لم يكن راضيا عن تعيينه فى هذه الوظيفة كحارس لفيلته و أحس بأن ذلك الأمر ينطوى على شئ من النذالة و الخسة و لكنه حاول تجاهل هذا الشعور الذى أخذ يراوده قائلاً :
ـ بالنسبة للطعام يمكنك أن تحضر إلى المطبخ فى أى وقت لتأخذ ما تحتاج إليه
قال الأب وقد بدا و كأنه قد تذكر شيئا غاب عنه :
ـ هل تعرف أننى لم أتناول أى طعام منذ الصباح ؟
قال ( وجدى) :
ـ سأحضر لك بعض الطعام من الثلاجة
قال الأب متسائلاً :
ـ ألن تدعونى لرؤية فيلتك ؟
قال ( وجدى) مترددا :
ـ نعم .. و لكن ..
الأب :
ـ لقد قلت لى أن زوجتك و ابنك فى الخارج إذن يمكنك أن تجعلنى أرى منزلك من الداخل دون حرج
( وجدى) :
ـ و لكن قد تصل ( نجلاء) و الولد فى أية لحظة فماذا أقول لهم ؟
أجابه الأب :
ـ لا شئ ستقول إنك عينت حارسا جديدا للفيلا و أنك تطلعه على كل ركن فيها حتى يقوم بعمله كما يجب أعتقد أنها حجة مقبولة

قال ( وجدى) متبرما :
ـ حسنا تعال معى
تطلع الاب إلى الفيلا الأنيقة من الداخل والتى بدت أشبه بأحد القصور الصغيرة و فى عينيه نظرة اعجاب و انبهار قائلاً :
ـ لديك مسكن يدعو للاعجاب حقا فكل ما هنا ينطق بالثراء و الاناقة
قال الابن متجاهلا تعليقه :
ـ سأرى ماذا يوجد فى الثلاجة من الطعام ؟
توجه إلى المطبخ فى حين قال الاب بصوت عال :
ـ كل هذا الثراء و ليس لديك خادمة و طباخ فى المنزل ؟
( وجدى) :
ـ الخادمة تغادر المنزل فى السابعة مساء و زوجتى تتولى اعداد الطعام بنفسها لأنها طباخة ماهرة
الأب:
ـ ما رأيك لو ساعدتها فى اعداد بعض الحلوى من آن لآخر ؟
عاد الابن من المطبخ حاملا صينية بها نصف دجاجة محمرة و بعض شرائح من البطاطس و أنواعا مختلفة من الجبن و كوبا من العصير ليضعهما على المائدة أمام والده و هو يجيب على سؤاله بحسم :
ـ لا لن يكون لك علاقة بالمطبخ أو بأى شئ آخر داخل هذا المنزل يكفيك حراسة الفيلا فقط
ابتسم الأب قائلاً :
ـ ألم تعد تشتاق إلى الحلوى الشرقية التى كنت أعدها لك و أنت صغير ؟
ابتسم ( وجدى) بالرغم منه و قد أعادت إليه كلمات أبيه ذكرى قديمة و محببة إلى نفسه لقد تذكر الآن فقط صوانى الكنافة و البقلاوة و بلح الشام و كل تلك الحلوى الشرقية الرائعة التى تذوقها و هو صبى صغير و التى كان أبوه يتولى اعدادها بنفسه فى المنزل لقد تذوق أنواع مختلفة من الحلوى الشرقية و الغربية و ارتاد أفخر المجال التى تقدم تلك الاصناف من الحلوى فى الداخل وفى الخارج و لكنه لن ينسى أبدا ذلك المذاق الرائع لتلك الحلوى الشرقية التى كان يعدها أبوه و التى ورثها عن جده الذى كان يحترف اعداد ذلك النوع من الحلوى كمهنة
كان لتل الحلوى مذاق آخر فى فمه ربما لأن أباه كان يعدها بنوع من المتعة و الفن الراقى فكانت تأتى على أشهى صورة و كان هذا هو الشئ الوحيد الذى يجلب السرور إلى نفسه من ذكرى أبيه فى ذلك الماضى الكريه و مع ذلك فقد تجاهل الرد على سؤال أبيه قائلاً :
ـ هيا لتأكل ألم تقل إنك جوعان ؟
انتبه الأب إلى الطعام الموجود على المائدة فانجذبت كل حواسه نحوه و اندفع يجلس امام المائدة و ينكب على الأكل فى شراهة و نهم فى حين وقف ( وجدى) يراقبه و قد انتابه فجأة فيض من حنان البنوة تجاهه لقد وقف فى المطبخ يعد له ذلك الطعام و هو يسعى ـ دون أن يدرى ـ إلى انتقاء أفضل ما هو موجود لديه كما لو كان يعد هذه الأطعمة لنفسه بل إنه ـ دون وعى أو إرادة ـ تمنى فى قرارة نفسه لو وجد فى المنزل ما هو أفضل من ذلك ليقدمه لأبيه بالرغم من غضبه و نقمته الظاهرة عليه و الأغرب من هذا ذلك الإحساس المبهم الذى تملكه و الذى بدا له مضحكا و شاذا فى آن واحد لقد تمنى لو جلس على المائدة إلى جوار أبيه و ارتد طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره ثلاثة أعوام ليتولى والده اطعامه بنفسه بل و يؤنبه لو سمح لبعض بقايا الطعام بالتساقط على صدره ربما لأن حرمانه الطويل من حنان الأبوة و تلك العلاقة الخاصة التى تربط بين الابن وأبيه و التى تختلف فى شكلها و مضمونها عن علاقته بأمه هو الذى دفعه إلى ذلك التفكير الغريب و سرعان ما هز رأسه بقوة و كأنه ينفض ذلك الإحساس العابر عن نفسه فأبوه مسئول عن أخطاء كثيرة فى حقه و حق أمه و أخته أخطاء مازالت جروحها باقية فى نفسه و يجب ألا ينساق وراء تلك العاطفة التى تحاول أن تشده إليه يجب ألا يغفر له ما ارتكبه فى حقه و حق أمه المسكينة أبدا و يبدو أن الأب قد لاحظ أن ( وجدى) يحدق فيه أثناء تناوله لطعامه و لاحظ تلك المشاعر المتناقضة التى ترسم خطوطها على وجهه فقال و هو يمضغ الطعام :
ـ أمازلت قلقا من وجودى ؟
قال ( وجدى) بصراحة قاسية :
ـ فى الحقيقة لا أستطيع أن أنكر أننى كنت أفضل ألا تكون موجودا فقد اصبحت بالنسبة لى لغما قابلا للانفجار فى أية لحظة ليطيح بأشياء كثيرة فى حياتى
قابل أبوه صراحته ببرود قائلا ً :
ـ هل ستظل واقفا هكذا ؟ اجلس
و جلس ( وجدى) على المقعد المواجه له حول المائدة فى حين أردف أبوه :
ـ على كل حال لا داعى لأن تسرف فى القلق فقد يكون وجودى معك مؤقتا و ربما تجدنى ذات يوم بعد أسبوع أو شهر أو عام أودعك راحلا عن هذه المدينة
قال ( وجدى) :
ـ هل هذا صحيح ؟
حدجه الأب بنظرة فاحصة و هو يتوقف عن مضغ الطعام ثم قال متجاهلا سؤاله :
ـ قل لى هل زوجتك جميلة ؟
تراجع ( وجدى) فى مقعده قائلاً بلا مبالاة اذ بدا مشغولا بما قاله أبوه بشأن رحيله :
ـ نعم و لكن قل لى : هل ما قلته عن استعدادك لترك المدينة جدى ؟
رد الأب أيضا بلامبالاة قائلاً :
ـ نعم فقد أسافر إلى إحدى الدول العربية
ثم أردف و هو يتابع حديثه عن زوجة ابنه :
ـ لقد سمعت أنها من أسرة كبيرة
( وجدى) :
ـ نعم أبوها نور الدين عزمى من عائلة كبيرة فى السويس و كان محافظا سابقا لبورسعيد و لكنك لم تحدثنى عن أمر سفرك هذا
عاد الاب يتجاهل سؤال ابنه قائلا و هو يحدجه بنظرة ثابتة :
ـ هل تحبها ؟
ابتسم ( وجدى) قائلا بتهكم :
ـ هل تريد أن تلعب معى دور الأب المهتم بحياة ابنه الاجتماعية ؟
الأب :
ـ و لكنى مهتم بالفعل
( وجدى) :
ـ حسنا فلتعلم أننى أحب زوجتى و ابنى و نحن سعداء فى حياتنا إذا كانت هذه هى رغبتك الحقيقية
الأب :
ـ ما اسم ابنك ؟ و عمره ؟
( وجدى) :
ـ اسمه وائل و عمره تسع سنوات
ابتسم الأب مرددا :
ـ وائل وجدى منصور الدهشورى اسم جميل
توقف الأب عن ازدراد الطعام قائلا باهتمام :
ـ و أختك ما أخبارها ؟
( وجدى) :
ـ ( هالة ) بخير تزوجت مهندسا يعمل فى مؤسستى و لديها منه طفلان و منزلها غير بعيد عن هنا
غادر الأب مقعده قائلا :
ـ عظيم لقد اطمأننت عليكما
قال ( وجدى) و هو يضغط على كلماته و كأنه يتعمد أن يصل معناها إلى أبيه :
ـ لقد صارت الحياة بنا على أفضل ما يكون و الفضل فى هذا يرجع إلى خالى أمين الذى أنقذنا من الضياع و تولى أمرنا منذ اللحظة الاولى التى ابتعدت فيها عنا حتى ورثنا ثروته فى النهاية ليضمن لنا حياة كريمة و رغدة حتى بعد موته .
تجاهل الاب المعنى المقصود من كلمات ابنه قائلاً :
ـ أرشدنى إلى الحمام أريد أن اغسل يدى
و فى تلك اللحظة تعالى صوت سيارة تتوقف بالخارج فبدا الارتباك واضحا على وجه ( وجدى) الذى تسمر فى مكانه قائلاً :
ـ لقد عادت نجلاء و الولد
و ارتبك ..
ارتبك فى شدة

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:27 PM   #4

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3_صراع المشاعر




قال الاب لابنه فى هدوء و ثبات :
ـ لماذا تبدو مرتبكا على هذا النحو ؟ الم نتفق على كل شئ؟ من المفروض أننى اعمل حارسا للفيلا بدلا من الحارس السابق
قال ( وجدى) بوجه ممتقع :
ـ و بم سأخبرها عن وجودك داخل الفيلا و تناولك الطعام على المائدة الرئيسية ؟
الاب :
ـ هل زوجتك ارستقراطية و متعالية إلى هذه الدرجة ؟
فى تلك اللحظة فتح باب الفيلا و اندفع وائل إلى الفيلا ـ كعادته ـ ليسبق أمه فى حين وقفت نجلاء تنزع المفتاح من فتحة الباب و فتح وائل ذراعيه متجها لمعانقة أبيه و هو يهتف قائلاً :
ـ ماما .. بابا هنا وهو لم ينم بعد
فتح ( وجدى) ذراعيه بدوره لاستقباله قائلاً :
ـ أهلا وائل حبيبى
و لكن وائل تسمر أمام الرجل الواقف بجوار ابيه و هو يحدق فيه باستغراب و قابل منصور الاب دهشته بابتسامة و هو يطيل النظر اليه بدوره و قد اكتسى وجهه بملامح تشف عن حنان دافق و همس لـ ( وجدى) :
ـ الا ترى يا ( وجدى) أنه يشبهنى أكثر منك ؟
همس ( وجدى) و هو يراقب اقتراب زوجته دون أن يخفى حدة انفعاله :
ـ اصمت
عاد (وائل ) يهتف بأمه قائلاً :
ـ ماما .. يوجد رجل عجوز فى منزلنا
و حدقت ( نجلاء) فى والد زوجها و فى عينيها نظرة تساؤل أكثر منها دهشة فقال لها ( وجدى) محاولا إخفاء توتره :
ـ إن هذا الرجل ..
قاطعه ( منصور) و هو يمد يده لمصافحة ( نجلاء) بعد ان لاحظ ارتباك ابنه :
ـ ( عبد التواب) يا هانم لقد عيننى ( وجدى) بك اليوم لحراسة الفيلا
و صافحته ( نجلاء) و هى تجذب يدها من يده فى سرعة قائلة لـ ( وجدى) :
ـ أهذا هو الحارس الجديد ؟
أجابها ( وجدى) :
ـ نعم .. إنه من بلدة مجاورة و سبق له القيام بهذا العمل فى احدى الفيلات بـ القاهرة و قد رشحه لى أحد أصدقائى
و لكن ( نجلاء) بدت غير مهتمة بما قاله زوجها اذ أخذت تتأمل الرجل بثيابه الرثة ثم تقدمت من زوجها لتمسك بمرفقه و هى تجذبه إلى أحد أركان الردهة قائلة فى همس :
ـ ما هذا ؟ ما الذى دعاك إلى الاقدام على هذا التصرف الغريب ؟
قال ( وجدى) دون أن يتخلص من توتره :
ـ كان الرجل جائعا فلم أجد بدا من إلى تناول الطعام هنا و لكى يأخذ فكرة عن الفيلا من الداخل أيضا قبل أن يتولى حراستها

قالت ( نجلاء) فى حدة :

ـ إننى لا أتحدث عن هذا و لكن من الذى دعاك إلى تعيينه فى هذا العمل اصلا ؟ ألا ترى أن الرجل متقدم فى السن و لا يصلح للقيام بهذا العمل الذى أسندته إليه؟ ثم ألم أخبرك بأن فوزية صديقتى طلبت منى تعيين أحد أقاربها لحراسة الفيلا ؟ هل تقصد أن تحرجنى ؟
( وجدى) :
ـ أبدا يا حبيبتى لقد غاب هذا عن ذهنى كما أن الصديق الذى أحضره لى أيضا قد أحرجنى و لم أجد ما أقوله له أما عن كونه متقدما فى العمر فأنت تعلمين أنه سيكون بوابا أكثر منه حارسا إذ ليس لدينا ما نخشاه فى هذه البلدة التى يحبنا فيها الجميع
التفت ( نجلاء) إلى الرجل قائلة :
ـ انظر إلى ثيابه الرثة
( وجدى) :
ـ و هذا ما دفعنى إلى الموافقة على تعيينه إن الرجل يبدو مسكينا و فى حاجة ملحة إلى هذا العمل لذا فقد اشفقت عليه
قالت ( نجلاء) و هى تقترب من مكان الرجل هامسة :
ـ أليس له أولاد أو عائلة ؟
ازدرد ( وجدى) لعابه و هو يقول بصعوبة :
ـ فى الواقع لم أسأله عن هذا
كان منصور مستمرا فى تبادل النظرات الحنونة مع الصبى عندما التقطت اذناه ما قالته زوجة ابنه همسا فاقترب منها قائلاً :
ـ لقد توفيت زوجتى منذ بضع سنوات و كانت هى كل عائلتى إذ لم أنجب منها أولاد
اكتسى وجه( نجلاء) بنظرة اشفاق و هى تردد :
ـ مسكين
أطرق منصور بوجهه على الارض و هو يقول :
ـ لا يحرمنا الله من عطفك يا هانم
نظرت إلى ( وجدى) قائلة :
ـ هل قدمت له شيئا من الطعام ؟
قال ( منصور) سريعا :
ـ لقد تفضل ( وجدى) بك باطعامى قبل حضور حضرتك بلحظات بعد إذنك يا هانم سأعيد الاوانى الفارغة إلى المطبخ
وراقبته الزوجة و هو يحمل الاوانى متجها بها إلى المطبخ قائلة :
ـ يبدو أنه يستحق المساعدة حقا ما هو الراتب الذى اتفقت معه عليه ؟
( وجدى) :
ـ لم أتفق معه بعد
( نجلاء) :
ـ لا تضن عليه براتب جيد و سأعطيه بعضا من ثيابك القديمة بدلا من ثيابه المهلهلة هذه
و تقدم وائل من والده قائلا:
ـ بابا هل سيقيم هذا الرجل معنا فى المنزل ؟
( وجدى)
ـ نعم يا حبيبى إنه الحارس الجديد و سيقيم فى الغرفة التى كان يقيم فيها عم ( محمود) فى الحديقة
( وائل) :
ـ و لكننى أخاف منه فهو يبدو مخيفا
ربت ( وجدى) على ظهر ابنه و هو يجثو على احدى ركبتيه إلى جواره قائلا :
ـ إنه رجل طيب و مسكين و ليس فيه ما يخيف أحدا بل هو يستحق منا العطف و الرعاية
و كانت ( نجلاء) قد غادرت الردهة لاحضار بعض ثياب زوجها القديمة لتقديمها للرجل فى حين شرد ( وجدى) و هو يفكر فى ذلك الوضع الغريب الذى وجد نفسه فيه هكذا فجأة خلال عدة ساعات و منذ أن بوالده الذى كاد ينساه و يمحى وجوده من ذاكرته إن هذا الوضع الذى يفرض عليه إخفاء حقيقة أبيه ليظهره أمام الاخرين فى مظهر الاجير الذى يعمل لديه يثقل على ضميره و يشعره بشئ من عدم الاحترام نحو نفسه و هو لا يعرف ما الذى دعاه إلى الانسياق وراء أفكار أبيه لتنفيذ هذه التمثيلية القبيحة و كيف سيتعامل مع والده كأجير لديه ؟ بل كيف سيتقبل معاملات الآخرين معه بهذه الصفة و هو سيراه أمامه فى المنزل دائما ؟ إنه فى النهاية شاء أو لم يشأ أبوه و لابد لتلك العواطف الخفية التى طالما حاول أن يئدها أن تتحرك مهما كانت مرارة المشاعر التى يحملها فى نفسه تجاه هذا الاب القاسى الذى تخلى عنه فى طفولته و صباه و رجولته و هو لا يريد لهذه العواطف أن تتحرك أبدا لا يريد حتى أن يشعر بشئ من تأنيب الضمير تجاه أبيه ففى أعماق نفسه سد خرسانى يرتفع يوما بعد يوم ليحجب عاطفة البنوة فى نفسه و يخفيها و أحس بأنه كان مخطئا فى موافقته على ما طلبه منه أبوه و كان عليه أن يكون أكثر تشددا فى هذا الشأن بل كان عليه أن يبذل جهدا أكثر فى إبعاده عن حياته مرة أخرى و لكن ماذا يفعل ؟ إنه يهدده بكشف حقيقة الصلة التى تربط بينهما و هو قادر على تنفيذ تهديده و إذا ما نفذه فسيكون هذا كارثة حقيقية بالنسبة إليه و كان سيسعى إلى تحطيم مستقبله و حياته العائلية بكشف سر الصلة التى تربط بينهما حقا فى حالة رفضه لما طالبه به قال لنفسه و قد ارتسمت على وجهه ابتسامة مريرة :
ـ و لم لا ؟ لقد تخلى عن أبنائه و زوجته فى الماضى و لم يعبأ بالعار الذى يمكن أن يجلبه عليهم عندما اختر لنفسه طريق السجن و الجريمة فما الذى سيردعه الآن ؟ إن مشاعر الأبوة لديه ميتة و بالطبع هو لم يعد من أجل اشتياقه إليه و إلى أخته أو رغبته فى البقاء بجوارهما فى سنواته الاخيرة كما يقول و يتظاهر لقد عاد يبحث عنهما بعد ان أصبح فقيرا معدما لا يجد له مأوى و ينهش الجوع أمعائه عاد من أجل الاستفادة من أمواله برغم تظاهره بعكس ذلك و تعففه الزائف و برغم أنه عرض عليه معاونته و استعداده لتولى أمور معيشته و الانفاق عليه إلا أنه يبدو أنه لا يقنع بذلك و يسعى لاستثمار أبوته له لاقصى مدى
و خرج ( وجدى) من شروده على لمسة من زوجته لكتفه و هى تهمس قائلة :
ـ ( وجدى) .. لقد احضرت له بعضا من ثيابك القديمة
قال و هو ينهض واقفا حيث كان مازال جاثيا بجوار ابنه الذى انشغل عنه بمطالعة بعض المجلات :
ـ أعتقد انك تولينه اهتماما أكثر من اللازم
نظرت إليه باستغراب قائلة :
ـ لقد كنت تقول عنه أنه رجل مسكين منذ لحظات فضلا عن أنه من طرف صديقك كما أنه يبدو بائسا بالفعل ألا يدعونا هذا لابداء بعض الاهتمام ؟
قال بضيق :
ـ حسنا افعلى ما يحلو لك أما أنا فسوف أذهب إلى الفراش لأننى متعب و أريد أن أنام
ظلت تلك النظرة المتفحصة فى عينى ( نجلاء) و هى تقول :
ـ ( وجدى) ماذا بك ؟ هل هناك ما يضايقك ؟
قال و كأنه يدفع عن نفسه تهمة :
ـ أنا .. كلا كل ما هنالك أننى أشعر ببعض التعب كما قلت لك
و فى تلك اللحظة حضر ( منصور) من المطبخ ووقف بجوار الباب و هو يجفف يديه موجها حديثه إلى ( نجلاء) قائلاً :
ـ كل شئ تمام يا هانم لقد غسلت الاوانى ووضعتها فى أماكنها هل تحتاجين إلى فى شئ آخر ؟
تقدمت ( نجلاء) نحوه قائلة :
ـ لم يكن هناك ما يدعوك إلى ذلك يا عم ( عبد التواب) فهناك خادمة تتولى شئون المطبخ و المنزل
ابتسم قائلا :
ـ إننى لم أفعل شيئا يا هانم و أنا مستعد دائما للقيام بأى عمل تكلفوننى إياه إلى جانب رعايتى للفيلا مهما كان فأنا لن أنسى فضل ( وجدى) بك على تعيينه لى هنا فى ظل الظروف السيئة التى أمر بها هذه الايام
و قدمت له ( نجلاء) الثياب القديمة التى احضرتها قائلة :
ـ أشكرك يا عم ( عبد التواب) خذ هذه الملابس من أجلك
أخذ منها ( منصور) الثياب و على وجهه نظرة امتنان قائلاً :
ـ أشكرك يا هانم
تقدم منه (وائل) مترددا وهو يقول :
ـ هل يمكنك رعاية عصافير الكناريا فى أثناء غيابى فى المدرسة ؟
ابتسم ( منصور) قائلا فى حنان :
ـ بالطبع يا ( وائل) بك سأحفظهم فى عينى ماداموا يخصونك إن لى بعض الخبرة فى معاملة ذلك النوع من الطيور
ثم التفت نحو ( وجدى) و زوجته قائلاً :
ـ و الآن اسمحا لى بالانصراف
( نجلاء) :
ـ تفضل يا عم عبده
و انصرف ( منصور) تتبعه نظرات ( وجدى) الذى تنازعته مشاعر شتى و متناقضة

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:34 PM   #5

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4_قلبى مع ولدى




وضع ( وجدى) يده على كتف ابيه قائلا فى انفعال :
ـ ما الذى تفعله هنا ؟
قال ( منصور) دون اهتمام و هو يركز نظراته على شرفة واسعة تطل على حديقة صغيرة فى أحد المنازل قائلا : أحاول رؤية ( هالة) و أولادها
( وجدى) :
ـ ألم ترها أول أمس عندما جاءت لزيارتنا
التفت إليه الأب قائلا فى حزن :
ـ إنك لم تتح لى الفرصة لكى أملأ عينى منها
( وجدى) :
ـ و لكنك بهذه الطريقة ستكشف عن نفسك
عاد الأب ينظر إلى الشرفة قائلاً :
ـ اطمئن .. إننى أحاول فقط رؤيته و الاطمئنان عليها ثم سأنصرف عائدا إلى الفيلا
قال ( وجدى) بضيق :
ـ أبهذه الطريقة ؟ تترك الفيلا مبكرا دون أن تقول لأحد ثم تأتى لتقف على ناصية الشارع متطلعا بفضول إلى شرفة المنزل كما يفعل المتلصصون لترى ( هالة) ؟ و هل هناك طريقة للفت الانظار و اثارة الاقاويل أكثر من هذا ؟
نظر إليه الاب قائلا فى حدة هذه المرة :
ـ من حقى أن أرى ابنتى ؟
قال ( وجدى) بحدة مماثلة :
ـ ما الذى جعلك تهتم بهذا الحق هكذا فجأة ؟ لقد كانت ( هالة) موجودة دائما فأين كنت أنت طوال السنين الماضية ؟
أمسك الأب بسترة ابنه قائلا فى غلظة :
ـ اسمع أيها الولد إنك ابنى فى النهاية و لن أسمح لك بترديد هذه الكلمات على مسامعى من آن لآخر ليس من حقك أن تؤنبى فأنا وحدى الذى أمتلك هذا الحق هل تسمعنى ؟
أمسك ( وجدى) يدى أبيه ليبعدها عن سترته قائلا و هو ينظر حوله :
ـ إياك أن تكرر ذلك مرة أخرى ما الذى يحدث لو رآك أحد تمسك بسترتى على هذا النحو ؟
خفض الأب بصره قائلا و قد خفت صوته :
ـ معك حق فالمفروض أننى البواب الذى يرعى منزلك فكيف يمسك البواب سترة البك على هذا النحو ؟
( وجدى) :
ـ أنت الذى طلبت القيام بهذا العمل و كان بيننا اتفاق واضح فى هذا الشأن
الأب :
ـ و أنا لا أحتج على العمل الذى أقوم به بل إننى سعيد به و مستعد للقيام بما هو أدنى من ذلك من أعمال وأظن أنه قد مر على أسبوعان فى هذا العمل التزمت خلالهما بما هو مطلوب منى على الوجه الأكمل و لم أسمح لنفسى بالوقوع فى اى خطأ و لو كان صغيرا يمكن أن يكشف عن الصلة التى بيننا و لكن كل ما أريده هو أن أشعر بقربكما منى أنت و أختك على نحو أكثر من هذا أريد منك أن تعوضنى حرمان السنين التى باعدت بينى و بينكما بغض النظر عمن كان المسئول عن ذلك البعاد أريد ان اقترب منك دون أن أرى هذه الظرة القاسية فى عينيك إننى أشعر بأنك تتعمد ان تباعد بينى و بين رؤية ( هالة) و هذا ظلم
صمت ( وجدى) قليلا ثم قال :
ـ إننى لا أعرف متى هبطت عليك تلك العاطفة الجياشة نحونا ؟!
ثم نظر إليه و فى عينيه نظرة انكار قائلا :
ـ هل تحاول أن تفهمنى أن تلك العاطفة حقيقية ؟
الأب :
ـ لماذا لا تصدق أننى أحبكما ؟
( وجدى) :
ـ لأننى كنت أبحث عن هذا الحب طويلا فلا أجده و لأن الحنان لا ينفذ إلى القلوب الجامدة هكذا مرة واحدة و دون مقدمات على كل حال إننا لن نقف لنتحاور فى هذا المكان على ناصية الطريق هيا عد للفيلا و قل لـ ( نجلاء) أى سبب تبرر به مغادرتك للمنزل هكذا مبكرا
قال الأب و هو يتطلع إلى الشرفة بلهفة :
ـ و لكن ...
( وجدى) :
ـ سأجد وسيلة لأجعلك تلتقى بـ ( هالة) و لكن عد الآن
امتثل الأب قائلا :
ـ أمرك يا بنى
قال ( وجدى) قبل أن يعود لسيارته :
ـ على فكرة لا داعى لابداء كل هذا الاهتمام المبالغ فيه بـ ( وائل) فهذا أيضا يمكن أن يلفت الأنظار
فى هذه اللحظة نادته ( نجلاء) :
ـ عم عبده أين كنت ؟
أجابها ( منصور) قائلا :
ـ ذهبت لتوديع أحد معارفى قبل سفره
( نجلاء) :
ـ بدون أن تخبرنا
( منصور) :
ـ آسف يا هانم خطأ لن يتكرر
تطلعت إليه قائلة :
ـ قل لى لماذا يبدو وجهك حزينا هكذا ؟
اصطنع ( منصور ) ابتسامة باهتة على وجهه و هو يقول :
ـ أبدا يا هانم إننى سعيد للغاية منذ التحقت بالعمل هنا
و ظلت تحدق فى وجهه غير مقتنعة بما يقول ثم قالت :
ـ حسنا هل تريد المساعدة حقا فى بعض أعمال المطبخ ؟
( منصور) :
ـ سيكون هذا من دواعى سرورى
( نجلاء) :
ـ إذن تعال معى فسوف نقيم حفلا الليلة بمناسبة نجاح ( وجدى) فى ابرام أحد الصفقات و سنكون بحاجة لكل جهد هنا
سألها ( منصور) و هو يصحبها إلى الداخل :
ـ هل ستحضر الهانم أخت ( وجدى) بك إلى الحفل ؟
نظرت إليه بدهشة قائلة :
ـ ربما و لكن ما شأنك أنت بهذا ؟
أجابها بإرتباك :
ـ لا .. لا شئ مجرد سؤال
و تركته ( نجلاء) يتقدمها إلى المطبخ و فى عينيها نظرة تساؤل حائرة لقد لاحظت فى المرة السابقة عندما زارتهم ( هالة) و زوجها و أولادها أن الرجل يبدى اهتماما غير طبيعى بهم و أنه يتطلع إلى أخت زوجها بالذات بنظرات غريبة بل لمحته و هو يراقبها خلسة بجوار شرفة الفيلا و قد أثار ذلك دهشتها لكنها عزته إلى نوع من الفضول فلم يكن من المقبول أن تكون لتلك النظرات أى معنى آخر غير الفضول و إلا فما معناها ؟
و فى المساء وصل عدد من الأشخاص فى صحبة زوجاتهم إلى فيلا ( وجدى) حيث شارك ( منصور) فى القيام بأعمال الضيافة و خدمتهم بتقديم المشروبات و الأطعمة و لم يكن ( وجدى) قد وصل بعد و سأل أحدهم قائلاً :
ـ هل هذا معقول نحضر إلى الحفل دون وجود صاحبه ؟
رد عليه آخر :
ـ أنت تعرف ( وجدى) جيدا لابد أن امامه بعض الأعمال و ( وجدى) عندما ينخرط فى العمل ينسى أى شئ آخر عداه
و اقتربت منهما ( نجلاء) قائلة بلطف :
ـ ليس إلى هذه الدرجة يا ( عصام) بك لقد اتصل بى ( وجدى) منذ لحظات و هو فى طريقه إلى هنا ثم إنكم لستم غرباء فالمنزل منزلكم
ضحك الرجل قائلا :
ـ طبعا .. طبعا يا ( نجلاء) هانم
لكن ( نجلاء) تركتهما و دخلت إلى الشرفة و هى تنظر إلى الطريق و قد بدت عليها ملامح التوتر و العصبية و تبعها ( منصور) إلى الشرفة و قد لاحظ توترها ثم ما لبث أن قال بصوت خافت :
ـ هل هناك ما يكدرك يا هانم ؟

التفتت إليه لتنفجر فى وجهه بعصبية :
ـ ما هذا ؟ ما شأنك أنت إذا كان هناك ما يكدرنى أم لا ؟
قال ( منصور) متحرجا و قد فاجأته بهذا الأسلوب الذى لم تحدثه به منذ أن حضر إلى الفيلا :
ـ لقد لاحظت ...
و لكنها قاطعته بنفس الحدة :
ـ ليس من حقك أن تلاحظ أى شئ أو تبدى تعليقا بشأن أى شئ فأنا أرى منذ حضورك إلى هنا أنك تتصرف بطريقة غريبة و أحيانا تتجاوز الكثير من الحدود
أطرق ( منصور ) برأسه إلى الأرض قائلا :
ـ آسف يا هانم
و استدار ليغادر الشرفة لكنها استوقفته قائلة :
ـ انتظر
و اقتربت منه و فى ملامحها شئ من الندم لتعتذر له قائلة بصوت خافت
ـ لا تغضب منى يا عم عبده فأنا التى يجب أن اعتذر لك
قال سريعا :
ـ العفو يا هانم
( نجلاء) :
ـ إننى أشعر بأنك رجل طيب و أنك تحب الخير للآخرين لكننى أشعر ببعض الضيق الآن
شجعته لهجتها الحانية على أن يقول لها :
ـ لعدم حضور ( وجدى) حتى الآن
نظرت إليه بدهشة و لكنه سرعان ما استدرك :
ـ آسف ( وجدى) بك إنه زلة لسان
استطردت ( نجلاء) قائلة :
ـ إننى أشعر أحيانا بأنه يتعمد أن يحرجنى فهو لا يحضر فى موعده دائما بل أحيانا كثيرة يدعنى أواجه الموقف بمفردى
قال لها ( منصور) و هو يبدى اهتماما حقيقيا :
ـ هل اتصلت به فى مكتبه ؟
( نجلاء) :
ـ اتصلت و أخبرتنى سكرتيرته أنه غادر مكتبه منذ ساعة
( منصور) :
ـ إذن فلابد أنه فى طريقه إلى هنا
( نجلاء) :
ـ الطريق من الشركة حتى هنا لا يستغرق عشرين دقيقة
بدأ القلق ينتاب ( منصور) من أجل ابنه فإذا كان قد غادر مكتبه منذ ساعة و إذا كانت المسافة بين الشركة و المنزل لا تزيد على عشرين دقيقة فأين ذهب إذن ؟ خاصة و هو يعرف أن هناك عددا من المدعوين و المدعوات فى منزله الليلة لحفل أقيم خصيصا من أجله
و قال لها فجأة :
ـ سأذهب لأبحث عنه
و لكنها أوقفته قائلة :
ـ ما هذا ؟ هل ستذهب لتبحث عنه فى الطرقات ؟ إنه على كل حال ليس بالطفل الصغير و لابد ان عملا ما قد عطله و فجأة نظر إلى البوابة الخارجية و علت وجهه ابتسامة ارتياح و هو يقول :
ـ لقد حضر ها هى ذى سيارته
و نظرت ( نجلاء) للسيارة و هى تعبر البوابة إلى داخل الفيلا و قد هدأ توترها قليلا
قال ( منصور) متهللا :
ـ سأذهب لآستقباله بنفسى
تطلعت إليه ( نجلاء) و قد حلت الدهشة محل التوتر على ملامحها قائلة :
ـ لم أكن أعرف أنك تحبه هكذا
و تضاعفت حيرتها
تضاعفت كثيراً

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:37 PM   #6

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5_متاعب رجل



اندفع ( منصور) نحو سيارة ( وجدى) و هو يهم بفتح بابها قائلا :
ـ لماذا تأخرت هكذا ؟ الضيوف يسألون عنك و زوجتك قلقة جدا
و لكن ( وجدى) حدجه بنظرة صارمة محذرا إياه من التبسط فى الحديث و أدرك ( منصور) أن هناك آخرين معه فى السيارة فتدارك الموقف و توقف عن الحديث و هو يفتح الباب الخلفى و أحس بقلبه يخفق فى شدة عندما رأى ابنته ( هالة) و هى تهبط من السيارة و معها أبناؤها الثلاثة و لم يستطع أن يتحكم فى نظرة الاشتياق التى قفزت إلى عينيه و هو يتأمل ملامح وجهها و سرعان ما قال و هو يغالب أحاسيسه :
ـ أهلا و سهلا يا ( هالة) هانم
ردت عليه وفى عينيها نظرة حزينة :
ـ أهلا يا عم عبده من فضلك أحضر الحقائب من السيارة
قال( وجدى) :
ـ اسبقينى أنت و الأولاد إلى الداخل و سألحق بكم
وقف ( منصور) يتابعها فى أثناء دخولها إلى الفيلا و هو يشيعها بنظرات حنونة فى حين اتجه ( وجدى) إلى حقيبة السيارة الخلفية ليفتحها و يخرج منها الحقائب الخاصة بـ( هالة) و أولادها فاقترب منه ( منصور) بعد انصراف ابنته قائلا و على وجهه ابتسامة امتنان :
ـ لم أكن أعرف أن تأخرك هذا سببه ذهابك إلى ( هالة) و لو أنه كان يتعين عليك الاتصال بنا و اخبارنا بذلك
حتى لا تثير قلق زوجتك و تتسبب فى احراجه أمام الضيوف
و لم يرد عليه ( وجدى) بل تناول الحقائب ليضعها على الأرض ووجهه ينم عن الضيق و الغضب فى حين أردف ( منصور) قائلاً :
ـ على كل حال اشكرك لأنك استجبت سريعا لمطلبى و أحضرت ( هالة) معك هى و الأولاد إنه ليسعدنى أن أشعر بأنك ترعى خاطرى و تدرك حقيقة احساسى كأب
التفت إليه ( وجدى) قائلا بانفعال :
ـ حسنا يتعين عليك أن تعرف أننى لم آت بـ ( هالة) و أولادها مراعاة لخاطرك أو ادراكا لأحاسيسك الأبوية كما تقول و إنما أحضرتها إلى هنا لأنها على خلاف مع زوجها و هما على وشك الانفصال ألم تلحظ كل هذه الحقائب التى أحضرتها معها ؟
نظر ( منصور) إلى الحقائب و قد اكتست ملامح وجهه بالقلق قائلا :
ـ نعم كيف لم ألحظ ذلك ؟ و لكن ما الذى حدث ؟ أعنى ما سبب الخلاف بين (هالة) و زوجها ؟
قال ( وجدى) متبرما :
ـ و هل تنتظر منى أن أترك زوجتى و الضيوف لأقف هنا و أحكى لك تفاصيل الخلاف بينهما ؟
لقد كنت تريد ان تكون قريبا من ابنتك لتنعم بصحبتها و ها هى ذى قد جاءت لتبقى بجوارك لفترة طويلة فلتهنأ إذن بصحبتها و كفانى ما أنا فيه من مشاكل و الآن أعتقد أنه من المتعين عليك أن تحمل هذه الحقائب إلى الداخل كما قالت لك ( هالة) أعنى أن هذا هو الوضع المفروض أمام الآخرين
و انحنى ( منصور) على الحقائب ليحملها و قد ظللت وجهه ملامح الوجوم و هو يقول :
ـ نعم .. نعم أفهم ذلك اسبقنى أنت و سألحق بك
تحرك ( وجدى) عدة خطوات إلى الأمام و لكنه ما لبث أن توقف و قد بدا له أنه قد تذكر شيئا فعاد إلى أبيه قائلاً :
ـ بالطبع لست بحاجة لكى أذكرك بعدم الإفراط فى اظهار المشاعر تجاه ( هالة) و أبنائها كما هو الحال بالنسبة لـ ( وائل) حتى لا يلحظ أحد شيئا
قال ( منصور) دون أن ينظر إليه :
ـ أعرف ما يتعين على أن أفعله و لست بحاجة لكى تذكرنى بذلك
و حدق فيه ( وجدى) برهة ثم أطلق زفرة قصيرة و استدار عائدا
إن تصرفاته تجاه أبيه تحمله عبئا نفسيا كبيرا فكلما التقيا و تحدثا معا انتابته مشاعر متناقضة و متصارعة شعور بالبغض و ذكريات الماضى التى تتراقص أمام عينيه بكل ما فيها من ألم و شقاء عاشها على يد هذا الرجل الواقف أمامه و التى لم تنقض بابتعاده عنه و هجره لهم بل ظلت باقية فى نظرة الحزن و الألم التى كان يراها دائما فى عينى أمه التى أحبها من كل قلبه و كان يعرف و يدرك جيدا أنها كانت تحب أباه بالرغم من كل شئ و بالرغم من كل قسوته معها و أنها حزينة بسببه و لأجله حتى قضى عليها هذا الحزن بالرغم من كل شئ و بالرغم من انقضاء سنوات طويلة على الفراق و كان آخر ما رآه فى عينيها قبل موتها تلك النظرة التى تحمل كل شقاء العالم بالرغم من كل ما حاول أن يوفره لها من أسباب السعادة و شعور آخر بتأنيب الضمير فهذا الرجل أبوه و هو يبدو مخلصا فى مشاعره الحالية تجاهه و تجاه أخته إنه يبدو بالفعل نادما على السنين التى فرقت بينهم و يحاول أن يعوضها برغبة جامحة و لكنه عاجز عن أن يتجاوب معه فى عاطفته المشبوبة هذه بل إنه يجد نفسه أحيانا كثيرة و دون وعى منه مندفعا إلى إيذاء مشاعره و التعامل معه بقسوة ثم لا يلبث ان يشعر بالندم من أجل ذلك ربما لأن مشاعره قد تجمدت تجاه أبيه بفعل السنوات الطويلة التى باعدت بينهما و تلك الذكريات المريرة التى ترتد لعقله كلما رأى هذا الأب و لكن ليت الأمر يقتصر على مجرد المشاعر الجامدة فقط و ليته يتوقف عن استخدام ذلك الأسلوب فى التعامل معه و تلك القسوة التى تكوى ضميره كلما وجد نفسه مندفعا للتصرف بها و دون وعى منه و حتى لو نجح فى السيطرة على مشاعره و اندفاعاته فالظروف تحتم عليه أن يتعامل معه على هذا النحو الذى يضايقه . . تعامل ارئيس مع المرءوس إنه أمام الجميع حارس و بواب لمنزله و أحيانا يقوم بدور الخادم بما يستتبعه ذلك من قيامه ببعض الأعمال التى يضطرها إليه وضعه هذا كما أن الآخرين يتعاملون معه بهذه الصفة و هذا يثير فى نفسه الكثير من الضيق و لكنه لا يجد حيلة إزاء ذلك إنه مستعد لأن يدفع له ما يريد فى مقابل أن يغادر هذا المنزل فهو رجل يكره المشاكل و متاعب الإحساس بالذنب و كفاه مشاكل عمله و متاعب طموحاته بل إنه مستعد لأن يتغاضى عن كل ما بينه و بين أبيه من ذكريات مريرة فى مقابل أن يعفيه من كل تلك المتاعب التى يسببها له وجوده معه و يجنبه ذلك الإحساس بالضيق و الخطر الذى يحاصره دائما منذ أن التقيا ليته يبتعد و لا يبقى بينهما ما يذكره به من خير أو شر و ها هى ذى أخته فى خلاف جديد مع زوجها و الأمور بينهما تنذر بالانفصال ما لم يحاول أن يتدخل فى الأمر و يحسم هذا الخلاف إنها مشكلة أخرى تضاف إلى مشكلته مع أبيه و هو يكاد يشعر بالاختناق من تلك المشاكل التى أخذت تحاصره
أما ( منصور) فلم يكن هناك ما يشغله فى هذه اللحظة سوى قلقه على ابنته إن معنى أن تأتى إلى منزل أخيها مع أبنائها أن هناك مشكلة كبيرة بالفعل بينها و بين زوجها مشكلة تهدد حياتها الأسرية وواجبه كأب يحتم عليه أن يتدخل لحل هذه المشكلة و رأب الصدع الذى يهدد بيت ابنته و حياتها بالانهيار و لكن كيف السبيل إلى هذا و هو لا يستطيع القيام بدورالاب؟
كيف السبيل إلى مساعدة ابنته اذا كانت حتى هذه اللحظة تجهل أنه أبوها و لا يستطيع أن يخبرها بالحقيقة ؟
و كيف السبيل و بأى حق يتدخل و هو فى نظر الجميع عبد التواب البواب ؟ ... رجل على الهامش فى حياة ابنه و ابنته ؟
كيف يمكنه مساعدتها و حل مشاكلها كأى أب آخر دون أن يكشف الحقيقة و السر المجهول فى حياته و حياة ابنه و ابنته
لا ناص إذن من الاعتماد على ابنه فى حل هذه المشكلة و الوقوف إلى جوار أخته مادام هو عاجزا عن التدخل يجب الا يدع الأمور تتطور إلى ما هو أخطر ببقائها فى منزل ( وجدى) بعيدا عن منزلها و يتعين عليه أن يسانده فى ذلك و يساعده على اصلاح الأمر

***



MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:37 PM   #7

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بادر ( وجدى) زوجته قائلا :
ـ آسف يا ( نجلاء) للتأخير و لكن
و لكنها قاطعته قائلة :
ـ لقد فهمت كل شئ عندما رأيت ( هالة) قادمة معك و معها حقائبها و لكن ماذا حدث ؟ إن ( هالة) تبدو منهارة تماما
نظر إليها ( وجدى) واجما و هو يقول :
ـ ستقيم ( هالة) و أولادها معنا لبعض الوقت
قالت :
ـ على الرحب و السعة و لكنك لم تخبرنى عما حدث
نظر إليها و قد ازداد وجوما و قال :
ـ منير على علاقة بإمراة أخرى
تطلعت إليه بدهشة مرددة :
ـ منير ؟! مستحيل !!!
( وجدى) :
ـ و لماذا مستحيل ؟و هل هذه هى المشكلة الأولى بينهما ؟
( نجلاء) :
ـ نعم أعرف أن هناك العديد من المشاكل و الخلافات التى لا تنتهى بينهما و لكن لم يتطرق إلى ذهنى أبدا أن يكون ( منير) على علاقة بأخرى
( وجدى) :
ـ من هم على شاكلة ( منير) لا تستبعدى عنهم أى شئ ( منير) إنسان وصولى و هذا ما وجدته فيه منذ البداية و منذ أن وطئت أقدامه مصنعى و الإنسان الوصولى الذى يسعى وراء الغاية بأية وسيلة كانت يمكنه أن يفعل أى شئ و لقد أعلنت رأيى هذا و قلته للجميع منذ الوهلة الأولى و لكن ( هالة) كانت تحبه و استكانت أمها لرغبتها فى الزواج منه فلم يكن أمامى إلا الرضوخ و لم أرد أن أبدو أمامهما متعنتاً و هذه هى النتيجة :
ـ أسرة كاملة مهددة بالانهيار بسبب نزوة شخص وصولى و أنانى مخادع
( نجلاء) :
ـ ليس هذا هو المهم الآن .. المهم كيف ستعالج الموقف ؟
زفر ( وجدى) بضيق قائلاً :
ـ لا أعرف و لكن الأمور ستتضح حينما أقابله غدا
( نجلاء) :
ـ حاول أن تسيطر على أعصابك و تذكر أن الحكمة مطلوبة فى معالجة مثل هذه الأمور فهناك زوجة و أولاد و بيت
قال بمرارة و هو يضرب بقبضته على الجدار :
ـ و كأننى فرغت من كل ما ورائى من مشاكل حتى تبرز لى مشكلة ( هالة ) و زوجها أيضا
و اقتربت منه ( نجلاء) لتحيط ذراعه بيدها فى حنان و هى تحاول امتصاص انفعاله قائلة :
ـ تذكر أنك أخوها الوحيد و ليس لها سواك لتلجأ إليه فى معالجة مشاكلها
و الآن تخلص من هذه التقطيبة المرتسمة على وجهك و حاول أن تبدل بها ابتسامة لطيفة قبل أن تدخل إلى الردهة فلا يعقل أن تقابل ضيوفك و أنت واجم هكذا
استمع إلى نصيحتها و ابتسم و لكنها كانت ابتسامة عجيبة
ابتسامة ألم

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:44 PM   #8

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6_طريق النجاح



استدعى ( وجدى) المهندس ( منير) إلى مكتبه و مضت لحظات قبل أن يصل (منير) إلى المكتب و هو يخطو بخطوات تدل على لامبالاة و تحد حقيقى قائلا ً :
ـ هل طلبتنى ؟
و دعاه ( وجدى) إلى الجلوس قائلا ً :
ـ اجلس
و جلس ( منير) على المقعد المواجه لمكتب ( وجدى) واضعا ساقا فوق أخرى و هو مستمر فى مظهره اللامبالى فسأله ( وجدى) و هو يحاول أن يسيطر على أعصابه :
ـ ما الذى حدث بينك و بين ( هالة) هذه المرة ؟
قال ( منير) بتعال :
ـ ألم تخبرك أختك ؟
( وجدى) :
ـ بلى أخبرتنى و لكنى كنت أفضل أن أسمع منك أنت و لكنك لم تكن موجودا بالمنزل أمس
( منير) :
ـ و لن أكون موجودا فيما بعد
( وجدى) :
ـ هل صحيح أنك على علاقة بإمرأة أخرى ؟
( منير) :
ـ نعم .. هذا صحيح تماما و أنا فى طريقى للاقتران بهذه المرأة
و احتد ( وجدى) قائلا :
ـ هل بلغت بك الجرأة و التبجح أن تقول لى هذا بتلك الطريقة المباشرة
قال ( منير) بسخرية :
ـ حسنا قل لى الطريقة التى تفضلها لكى أطلعك على الأمر
( وجدى) :
ـ هل نسيت أنك زوج أختى ؟
استدار ( منير) يواجه ( وجدى) و فى عينيه غضب جامح قائلا :
ـ كلا لم أنس هذه الحقيقة أبدا يا ( وجدى) بك فالسيدة أختك تذكرنى بها دائما تذكرنى أنك الحاكم الآمر فى هذه المدينة و تذكرنى بأنه من حسن حظى و من طالع سعدى أننى قد تزوجتها لأصبح صهراً للمليونير المحترم ( وجدى منصور) صاحب الأفضال العديدة على بدءا من تعيينى فى مؤسسته و انتهاء بذلك الراتب الشهرى الإضافى الذى يدفعه لى فوق راتبى من الؤسسة للانفاق منه على أسرتى و الظهور بالمظهر اللائق و الذى يتناسب مع مصاهرة رجل مرموق مثلك و ليست هى وحدها بل أنت أيضا .. أنت أيضا لم تتوان عن تذكيرى بذلك و تعداد الامتيازات التى حصلت عليها بفضل زواجى من أختك
قال ( وجدى) و هو يتراجع بمقعده إلى الوراء :
ـ أليست هذه هى الحقيقة ؟ كان يتعين عليك و هى واضحة أمامك وضوح الشمس أن تكون أكثر حفظاً للجميل و أكثر مراعاة لمشاعر الرجل الذى حقق لك ما لم تكن تحلم به فقد جئت إلى هذه المدينة مهندسا صغيرا لا يجد عملا و العمل الوحيد الذى استطعت الحصول عليه هو وظيفة مندوب مبيعات لبعض المحال التجارية إلى أن بدأت تنسج شباكك حول ( هالة) مستغلاً عواطفها الساذجة و قلة خبرتها فى الحياة و استطعت التأثير عليها لتدفعنا إلى الموافقة على زواجك منها و لم يكن من المقبول بالطبع أن أدع زوج أختى يعمل مندوبا للمبيعات فكان أن عينتك مهندسا فى مؤسستى و منحتك سيارة و منزلا ً و امتيازات لا يحلم بها أى مهندس كبير سبقك فى التخرج بعشرات السنين
( منير) :
ـ لا تقل لى أنك فعلت هذا من أجلى بل و لا حتى من أجل أختك بل فعلته من أجل نفسك من أجل وضعك الاجتماعى و المادى و طموحاتك التى لا تنتهى فعندما لم تستطع أن تمنع زواجى من أختك بالرغم من معارضتك الشديدة أصبح من المتعين عليك أن تعمل على وضع ذلك الزوج ـ المفروض عليك ـ فى المكانة التى تتلائم مع اسم و مكانة وجدى بك منصور
( وجدى) :
ـ ليكن أننى فعلت هذا من أجل نفسى و لكنك لا تستطيع أن تنكر أنك قد استفدت من ذلك و أنك كنت تسعى من أجل ذلك
( منير) :
ـ إننى لم أنكر قيمة مساعداتك لكنك لا تستطيع أن تقول إننى لم أعمل بجد و اخلاص فى مصنعك و أننى عملت بجهد و كفاءة لأثبت لك أنك لم تخطئ فى تعيينى بمؤسستك و أننى كنت أستحق الراتب الذى أحصل عليه إذا ما تغاضينا عن الامتيازات الاخرى التى عادت بعض فوائدها بلا شك على أختك و أولادها الأخرون لم ينظروا إلى كفاءتى و أخلاصى قدر نظرتهم و تغامزهم على كونى صهر رئيس المؤسسة و أن كل ما أناله من امتيازات راجع إلى هذه الصلة لقد أنكروا على كفاءتى بسببك حتى أنك لم تحاول أن تقدرها حق قدرها و أنت تتشاغل دائما بتعديد أفضالك و حسناتك على و كل هذا كان من الممكن تحمله و التغاضى عنه لكن ما لم أستطع تحمله هو أن يمتد ذلك إلى بيتى و إلى زوجتى و أمام أولادى
قال ( وجدى) بجمود و كأنه معتاد سماع ذلك :
ـ هذا ليس جديدا بالنسبة لك و أنت تعرف طباع ( هالة) و تعرف جيدا أنها لا تعنى دائما ما تقوله و إنما هى انفعالات الغضب و أعتقد انه كان لها كل الحق هذه المرة فى انفعالاتها و فى ما قالته ما دام الأمر يتعلق بوجود امرأة أخرى فى حياتك
( منير) :
ـ لا ليست المشكلة مشكلة انفعالات و مشاعر غاضبة المشكلة الحقيقية هى أنك أنت و أختك لم تستطيعا أن تقتنعا أو تفهما أبدا أننى أحببت ( هالة) أحببتها حقيقة و تزوجتها من اجل ذلك كنت بحاجة إلى عمل جيد و إلى راتب جيد و كان لى الكثير من الطموحات مثل أى شاب آخر هذه حقيقة فلكل منا طموحاته المشروعة لكن الحقيقة أيضا هى أننى أحببت (هالة) أحببتها بإخلاص و تمنيت أن تكون زوجتى بغض النظر عن كونها أختك و دون أن يكون لذلك أى صلة بك لم تكن ( هالة) بالنسبة لى أبدا سلما للصعود إلى أعلى لقد فرحت بما قدمته لى من مساعدة و عاهدت نفسى على أن اعمل لك بإخلاص و جد يتناسبان مع ما قدمته لى من خدمات كما عاهدت نفسى على أن أكون زوجا وفيا و مخلصا لزوجتى التى هى أختك و أن أكون جديرا بالمنصب الذى حصلت عليه و بالزوجة التى أحببتها و لكنك لم تتوقف أبدا عن النظر إلى كرجل وصولى و أن السبب الحقيقى وراء اقترانى بأختك هو الحصول على مزايا مصاهرة ( وجدى بك منصور) أشهر أثرياء بورسعيد و ظللت تغذى أختك بهذا الاعتقاد الخاطئ الذى استقر فى وجدانك حتى تمكنت فى النهاية من ترسيب هذه الفكرة بداخلها أو على الأقل استغلالها فى النكاية بى كلما احتدم خلاف بيننا
( وجدى) :
ـ ليس هذا هو موضوعنا الآن المهم أن تسرع بقطع علاقتك بهذه المرأة التى عرفتها فورا و بعد ذلك نبحث فى كيفية تصفية آثار فعلتك هذه و حل مشكلتك مع ( هالة)
أجابه ( منير) على الفور :
ـ آسف إننى لن أقطع علاقتى مع هذه المرأة بأى حال من الأحوال فقد قررت الاقتران بها
قال ( وجدى) و هو يجتهد للسيطرة على أعصابه :
ـ و (هالة) و الأولاد ؟
رد ( منير) بهدوء :
ـ إننى تحت أمركما إذا أرادت أن تبقى على ذمتى فأنا مستعد و لن أقصر فى واجبى نحوها و نحو الأولاد و إذا أرادت الطلاق فلن أمانع و أنا مستعد أيضا للقيام بما على من التزامات فى هذه الحالة
قال ( وجدى) و قد أطلت من وجهه ملامح الغضب :
ـ هل أنت مستعد لتحمل عواقب الأمر ؟
( منير) :
ـ لقد فكرت كثيرا و مستعد لتحمل جميع النتائج
( وجدى) :
ـ سأفصلك من العمل
( منير) :
ـ أعرف هذا
( وجدى) :
ـ وسأسحب منك السيارة و أطردك من المنزل و أحرمك من أية امتيازات أخرى حصلت عليها بواسطتى
( منير) :
ـ أعرف هذا أيضا و قد كتبت بنفسى الاستقالة و تركتها لدى مدير شئون العاملين ليعرضها عليك بعد خروجى من هنا و تناول من جيبه سلسلة مفاتيح قدمها قائلا ً :
ـ و هذه هى مفاتيح السيارة و المنزل
ونهض واقفا و هو يقول :
ـ و على كل حال أشكرك على كل ما منحته لى من خدمات و ما قدمته لى من مساعدات و الآن اسمح لى أن اجمع أوراقى من المكتب و هم بالانصراف لكن ( وجدى) نهض من مقعده و هو يناديه بحدة :
ـ انتظر
وقف ( منير) بجوار الباب و على وجهه امارات التصميم فى حين قال ( وجدى) :
ـ إنك لا تدرى أية حماقة تلك التى ترتكبها لو كان الأمر بيدى لسعيت مخلصا لإتمام هذا الإنفصال فأنا مازلت أراك غير جدير بأختى و لكن الأولاد لابد من ايقاف هذه الحماقة من أجل أبنائكما
( منير) :
ـ إننى أفعل هذا حتى لا أفقد احترامى أمام أبنائى لا أريد أن أرى فى نظراتهم فى المستقبل ما اراه فى عينيك و عينى ( هالة) الآن لا أريد منهم أن ينظروا إلى أبيهم على أنه ذلك الرجل الوصولى الذى تزوج من أمهم ليصبح عالة عليها و على خالهم و سيأتى وقت يدركون فيه هذا و على كل حال فأنا لا أنوى التخلى عنهم كما لا أنوى أن أحرمهم من امهم اطمئن يا ( وجدى) بك لقد فكرت فى كل شئ و ما أفعله لصالح الجميع
أشار إليه ( وجدى) بسبابته قائلا :
ـ إننى أحذرك فأنا ....
لكن ( منير) قاطعه بهدوء قائلا :
ـ آسف لقد انقضى أوان التحذير
ثم فتح الباب ليغادر الغرفة
و أسقط فى يد ( وجدى) فتهالك فوق مقعده و هو ينظر إلى الباب المغلق فى وجوم ثم لم يلبث أن انتفض قائلا فى انفعال :
ـ سأجعلك تندم .. سأعرف كيف أجعلك تندم على هذا
و لكنه سرعان ما تمالك نفسه ليتحول انفعاله إلى قلق و خوف و هو يردد قائلا لنفسه :
ـ هذا الطلاق سيكون له أثر سئ على ترشيحى للانتخابات فلا شك أن البعض سيحاول استغلاله ضدى
و عاد يقف من جديد و هو يدور حول مكتبه قائلا :
ـ لا .. لابد من منع هذا الطلاق بأى ثمن إننى لن اسمح لشخص وضيع كهذا أن يؤثر على سمعتى و مستقبلى السياسى لابد من حسم هذا الخلاف بأى ثمن لابد أن أجد وسيلة لذلك و توقف عن التفكير برهة ثم عاد يتوقف أمام صورته الموضوعة على المكتب و قد ارتسمت على وجهه ملامح الازدراء فجأة لقد بدا كما لو كان قد انتبه إلى حقيقة نفسه بغتة فالمسألة إذن ليست مسألة خوفه على أخته و قلقه على أبنائها إنه فى الحقيقة يفكر فى نفسه و فى تأثير طلاقها من زوجها على سمعته و على الانتخابات التى ينوى خوضها حتى فى مثل هذا الموقف العصيب و هو يرى حياة شقيقته الزوجية فى طريقها إلأى الانهيار لم يحاول أن يعالج هذا الصدع من أجلها و من أجل أبنائها برغم أنه كان صاحب تأثير ـ بلا شك ـ على هذا الانهيار بل كان يعالج الأمر من مصلحته الشخصية و كان يفعل ذلك حتى دون وعى منه فأنانيته سيطرت عليه و خوفه على نفسه و أطماعه جعلا كل خطواته و افعاله دائما تتحرك بآلية فى الوجهة التى تخدم مصالحه الشخصية و لكن هذه هى شخصيته و هكذا أصبح إنه رجل أعمال و يسعى لهدف سياسى و فى السياسة و دنيا الأعمال لا مجال للعواطف فالأنانية جزء من النجاح و حب الذات هو الذى يساعد على التقدم إلى الأمام فلا مجال لمحاسبة النفس و لا لتأنيب الضمير و أيا كان الأمر و سواء كان يعمل من اجل نفسه أو من أجل أخته فهذا الطلاق يجب ألا يتم لصالح الجميع
أبدا

***





MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:48 PM   #9

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7_لمسة أبوية




أخذ ( منصور) يلهث من شدة التعب و هو يركض وراء ( وائل) و أولاد ابنته يتحاور و يلعب معهم فى الحديقة و قد تعالت ضحكاته و ضحكاتهم ثم لم يلبث أن توقف عن اللعب قائلا :
ـ كفى يا أولاد هذا يكفى اليوم فقد تعبت
تشبث أحد ابناء ابنته بجلبابه قائلا :
ـ كلا يا عم عبده نريد أن نلعب معك الكرة
ضحك قائلا :
ـ هل تظنوننى صغيرا مثلكم ؟ لقد تجاوزت الستين
قال ( وائل) :
ـ و لكنك تجارينا فى اللعب ببراعة
احتضنه ( منصور) قائلا :
ـ هذا لأننى أحبكم و أسعد بمشاركتكم اللهو
تناول احد الأولاد يديه و هو يجذبه إلى الفناء الصغير بالقرب من الحديقة قائلا فى الحاح :
ـ إذن هيا بنا نلعب الكرة
و فى أثناء ذلك لمح ( منصور) ابنته و هى تتخذ لنفسها ركنا قصيا من الحديقة لتجلس فوق أحد المقاعد و قد بدت امارات الحزن واضحة فى عينيها فقال للأولاد و هو يراقب ابنته :
ـ أعدكم باللعب معكم بعد قليل و لكن الآن عليكم باستذكار دروسكم أولا و سوف أنادى عليكم بعد ساعتين لاستئناف اللعب معا
قال له أحد الأولاد محتجا :
ـ كلا نريد ان نلعب معك الآن
اصطنع ( منصور) الصرامة على وجهه قائلا :
ـ هأنتم أولاء قد بدأتم تغضبوننى لأنكم لا تسمعون الكلام فاذا لم تعودوا إلى الفيلا الآن لاستذكار دروسكم فسوف أخاصمكم و أتوقف عن مشاركتكم اللعب
قال ( وائل) سريعا :
ـ كلا يا عم ( عبد التواب) إننا سنسمع كلامك
قالت الطفلة الصغيرة :
ـ و لكنى أريد أن العب الآن
قال ( وائل) وهو يتناول يد الصغيرة :
ـ هيا نعود إلى الفيلا و إلا خاصمنا عم عبده و امتنع عن اللعب معنا
تقدمت الصغيرة من ( منصور) لتمسك جلبابه قائلة :
ـ هل ستخاصمنا حقا يا عم عبده ؟
جثا الرجل على احدى ركبتيه ليحضن الصغيرة و هو يضم معها بقية الأبناء إلى صدره فى حنان قائلا :
ـ لا أظن أننى أستطيع أن أفعل ذلك أبدا
قال أحد الأبناء و هو يلقى برأسه على كتف ( منصور) :
ـ إننا نحبك كثيرا يا عم عبده
مسح الرجل على رأس الطفل فى حنان قائلا :
ـ و أنا أيضا أحبكم كثيرا .. كثيرا جدا أكثر مما تتصورون
سمع الجميع صوتا يقول :
ـ و مع ذلك فيجب أن تنفذوا ما قاله لكم عم عبد التواب و تعودوا إلى المنزل للاستذكار و إلا غضبت أنا ايضا منكم
فوجئ ( منصور) باقتراب زوجة ابنه فهب واقفا و هو يقول فى حرج :
ـ أهلا بك يا هانم
راقبت ( نجلاء) انصراف الأبناء عائدين إلى الفيلا ثم التفتت إلى ( منصور) تحدجه بنظرات نفاذة و كأنها تريد أن تنفذ إلى أعماقه قائلة :
ـ أرى أن الأولاد قد أصبحوا يقضون معك وقتا طويلا على حساب استذكارهم و لا أحب أن تشجعهم على ذلك
قال ( منصور) :
ـ انا آسف يا هانم و لكن صدقينى إننى أحثهم دائما الاستذكار و كل ما هنالك أننى أشعر بأنهم كما لو كانوا أبنائى أو أحفادى فأقضى معهم بعض الوقت فى اللهو و الترويح قليلا
ظلت ( نجلاء) تحاصره بنظراتها و هى تقول :
ـ لقد لاحظت أنك أصبحت متعلقا بهم كثيرا
قال سريعا :
ـ جدا ...جدا يا هانم
( نجلاء) :
ـ و هم أيضا أصبحوا شديدى التعلق بك
( منصور) :
ـ بارك الله فيهم إنهم كالملائكة
( نجلاء) :
ـ و لكن ماذا ستفعل إذا ما غادرت ( هالة) و أبناؤها الفيلا ذات يوم ؟
( منصور) :
ـ سأفتقدهم كثيرا و لكننى سأحاول زيارتهم من آن لآخر إذا ما أذنتم لى و أذنت لى (هالة) هانم
( نجلاء) :
ـ ألا ترى ذلك غريبا بعض الشئ ؟
( منصور) :
ـ لست أدرى ياهانم ماذا تعنين ؟
(نجلاء) :
ـ أعنى ذلك التعلق الشديد الذى يجمع بينك و بين الأولاد
( منصور) :
ـ ليس فى ذلك ما يثير الاستغراب .. رجل عجوز وحيد حرم من الأبناء أسعده وجود هؤلاء الملائكة الصغار حوله فبادلهم حبا بحب و أصبح شديد التعلق بهم
هزت ( نجلاء) رأسها و كأنما تحاول أن تقنع نفسها بما قاله مرددة :
ـ نعم .. الأمر على هذا النحو يبدو منطقيا
صممت برهة ثم عادت تقول :
ـ و لكن ...
سألها ( منصور) :
ـ و لكن ماذا ؟
(نجلاء) :
ـ لا أعرف لماذا ينتابنى احساس بأن الأمر ينطوى على شئ أكثر من هذا ؟
( منصور) :
ـ و ما الذى يمكن أن تنطوى عليه علاقتى بهؤلاء الصغار أكثر مما قلته ؟
قالت ( نجلاء ) بعد برهة من التردد :
ـ الأمر لا يتعلق بالصغار فقط و لكن بالكبار أيضا
( منصور) :
ـ لا أدرى ما الذى تقصدينه يا هانم ؟
قالت ( نجلاء) و فى صوتها شئ من العصبية :
ـ أقصد تلك المحادثات الجانبية و الهمس الذى يدور بينك و بين ( وجدى) فى كثير من الأحيان و الذى يتوقف على الفور حينما تريانى مقبلة .. هناك أمور خفية لا افهمها تربط بينك و بين زوجى
(منصور) :
ـ عفوا يا هانم أؤكد لك أن الأمر لا يعدو كونه مصادفة
قالت متهكمة :
ـ مصادفة ؟! على كل حال سيأتى اليوم الذى أعرف فيه تلك الحقيقة التى تسعى إلى اخفائها و السبب الحقيقى الذى جاء بك ( وجدى) من أجله إلى هنا
ثم تركته و انصرفت ووقف ينظر إليها بقلق ثم قال لنفسه :
ـ يبدو أننى لم أكن حريصا بالقدر الكافى فقد بدأت الفت الأنظار و هذا سيضر حتما بووجودى
و لكنه سرعان ما توقف عن هذا التفكير ووقف يراقب ابنته الحزينة و قد آلمه لأن يرى فى عينيها تلك النظرة الشاردة و يبدو أن الإبنة قد لاحظت وجوده فنظرت إليه بدهشة ممزوجة بالغضب قائلة :
ـ أكلما ذهبت إلى مكان أراك ورائى و أنت تحملق فى هكذا ؟
اقترب منها قائلا و فى صوته نبرة اشفاق :
ـ عفوا يا بنيتى و لكننى أكره أن أراك حزينة هكذا
أثارت كلمته انفعالها فقالت :
ـ و من قال لك أننى حزينة ؟بل من أعطاك الحق فى أن تتدخل فى أحاسيسى على هذا النحو ؟
( منصور) :
ـ إننى أعدك مثل ابنتى تماما و كنت أفكر إذا ما كان بإمكانى مساعدتك بشئ ما
قالت و قد زاد انفعالها :
ـ لكننى لا أرضى أن تكون بمثابة أب لى فأنت هنا حارس لهذه الفيلا فقط هل تفهم ؟
أطرق برأسه قائلا فى أسى :
ـ نعم ..أفهم آسف يا (هالة) هانم
قالت و هى مستمرة فى انفعالها :
ـ حسنا و الآن و قد فهمت هل تتكرم بمغادرة هذا المكان و تتركنى بمفردى ؟
رد عليها قائلا :
ـ حسنا كما تحبين سأتركك بمفردك و لكن تأكدى أننى سأكون مستعدا دائما لعمل أى شئ تريدينه منى و التدخل لمساعدتك على أى نحو أيا كان الأمر
ازدادت حدتها و هى تقول :
ـ و من قال لك أننى أريد مساعدتك ؟ و من تكون أنت حتى تمد لى يد المساعدة ؟
أجابها بإنكسار :
ـ رجل بسيط و عجوز لكنه مستعد أن يجود بحياته فى سبيل اسعادك
و استدار عائدا ليتركها بمفردها و هى تنظر إليه باستغراب و دهشة لماذا يبدى هذا الرجل كل هذا الإهتمام المبالغ فيه نحوها ؟ إنه يبدو صادقا و مخلصا فيما يقول بالفعل و هناك نبرة حنان و تعاطف أبوى فى صوته و هو يخاطبها و كذلك معاملته لأبنائها إنها تلمس فيها ذلك الحنان و الحب الأبوى ايضا هل يكون سببه حرمانه من الأبناء ؟ أم ان الرجل من النوع العاطفى الذى يتجاوب سريعا مع آلام البشر و أحزانهم و يسعد بإسعاد الأخرين ؟لكن ملامحه لا تدل على ذلك و قد كانت الملامح هى التعبير الحقيقى عما تختزنه قلوب الأخرين ؟ إنها تشعر كلما التقت به أنه يكن لها فيضا من المشاعر و من الغريب أنها هى نفسها تشعر بهذا الإحساس الخفى نحوه و هو احساس يدهشها و يثير توترها أتكون هى الأخرى قد وجدت فيه ذلك الأب الذى فقدته و هى طفلة صغيرة لا تتجاوز الثلاث سنوات ؟
و تمتمت لنفسها قائلة :
ـ نعم أبى ليته كان موجودا الآن من المؤكد أنه كان سيفهمها و يحس معها محنتها و يقف إلى جوارها فهى فى طريقها إلى أن تفقد ( منير) تفقد زوجها و تفقد معه الحب و الرعاية و المنزل الذى ضمهما و أولادهما بسبب تلك المرأة الأخرى التى تسللت إلى حياتهم لتدمرها و لكن ما ذنبها ؟ الذنب ذنبه هو الذى خانها و باع حبها له هو الذى قرر أن يضحى بها و ببيته و أولاده من أجل تلك المرأة بل و الأكثر من ذلك فهو يتبجح بأنها كانت مسئولة عن ذلك و أنها أذلت كبريائه و كرامته فدفعته نحو تلك المرأة دفعا و يالها من مبررات تلك التى يتخذها أولئك الأزواج الخائنين ليبرروا بها خيانتهم و جرمهم فى حق أسرتهم و ارتسمت على ملامحها بعض معالم الإحساس بالذنب و هى تردد قائلة :
ـ و لكن أليس فيما قاله لى و لـ(وجدى) جزء من الحقيقة ؟
إنها بالفعل لم تتوقف عن معاملته بصلف و كبرياء على الرغم من الحب الكبير الذى جمع بينهما لقد سيطرت عليها فكرة أنه يستغلهاو يستغل نفوذ أخيها و لم تستطع أن تقاومها بالرغم من أنها كانت مقتنعة تماما بأنه يحبها و كان يحبها لذاتها يوم وافقت على الإقتران به و تحدت رأى أخيها فيه و فى أنه انسان وصولى لا يهدف من وراء اقترانه بها سوى تحقيق مصلحته لكن من الغريب أنها سرعان ما استسلمت لهذا الرأى تماما بعد زواجها منه و ربما كان السبب فى ذلك هو اهتمامه البالغ بعمله على حسابها و طموحه المغالى فيه و تلك المزايا التى أخذ يحصل عليها من أخيها كما كان لاستمرار ( وجدى) فى العزف على تلك النغمة و تأكيده المستمر بأن ( منير) ليس سوى شخص وصولى اتخذ من زواجه منها وسيلة لتحقيق مصالحه الشخصية كان لذلك أثره فى تثبيت هذه الفكرة فى راسها و اتخاذها وسيلة لمهاجمته كلما حدثت مشاجرة بينهما أو كلما لاحظت انصرافه عنها و اهماله لها عما كان عليه قبل الزواج ربما كانت قد أخطأت و ربما كان يتعين عليها أن تنظر غلى زوجها نظرة أخرى مختلفة عن تلك التى ترسبت فى نفسها و لكن أيا كان الأمر فهى لن تغفر له أبدا خيانته له و تضحيته بها و بأبنائه من أجل تلك المرأة الأخرى التى سمح لها أن تدخل حياته
و سرعان ما انحدرت عبرة فوق وجنتيها و هى تعض على شفتيها قائلة لنفسها بأسى :
ـ المشكلة هى أننى مازلت أحبه بالرغم من كل شئ و لا أطيق فكرة ابتعاده عنى نعم هذه هى الحقيقة التى لا استطيع أن اعترف بها لأحد سوى نفسى
و صدرت عنها تنهيدة قوية كما لو كانت تشق صدرها شقا و هى تقول :
ـ آه يا أمى ليتك كنت إلى جوارى الآن و لم يفرق بيننا الموت فأنا بحاجة إلى صدرك الحنون يضمنى إليه ..بحاجة إلى ان اشكو لك همى و افرغ فى أحضانك حزنك أنت وحدك كنت ستفهميننى و تعملين على سعادتى فـ ( وجدى) لا يفكر إلا فى نفسه و يعالج الأمر بأنانيته المعهودة كما أنه لن يستطيع ان يحس بى أو يفهمنى أبدا و أنت يا أبى أين أنت ؟ أين ذهبت و تركتنى ؟ لماذا تخليت عنا هكذا كل هذه السنين دون أن تبحث عنا و تحيطنا برعايتك ؟ أنا بحاجة ماسة إليك أحى أنت أم ميت ؟ و غذا كنت حيا فكيف هان عليك ابنائك لتتخلى عنهما هكذا ؟ إننى لا أتذكرك بل لا أتذكر ملامحك و لم أعش فى كنفك من السنين ذلك القدر الذى يمكن أن يجعلنى افتقدك و لكننى لا أدرى لماذا اشعر بأننى افتقدك حقيقة و أبحث عن وجودك كلما نظرت فى وجه ذلك الرجل العطوف ( عبد التواب) و أحس بصدق لمسته الأبوية نحوى
و سمع ( منصور ) عددا من الطرقات على باب غرفته فنهض متثاقلا من فوق سريره ليفتح الباب حيث وقف ينظر فى دهشة إلى (هالة) و هى تقف أمامه و فوجئ بها تنتحب قائلة :
ـ عم عبده إننى بحاجة لأن أطرح عليك همومى ؟
و تفجر فى أعماقه ذلك الينبوع
تفجر غزيرا عميقا

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 09:54 PM   #10

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8_الخطيئة والثمن




بقدر سعادته لأن ابنته لجأت إليه و أحس بدافع غريزى أنها فى حاجة إلى معاونته بقدر ما أحزنه ذلك الشعور بالعجز و عدم مقدرته على تقديم مساعدة حقيقية لها و أحس بقلبه يكاد ينفطر و قد رآها تتألم امامه على هذا النحو دون أن يقوى على فعل شئ فقد باءت كل محاولات ( وجدى) مع زوج شقيقته بالفشل و الأبناء لا يتوقفون عن السؤال عن ابيهم و الإبنة تحاول ارضاء كبريائها بطلب الطلاق فى حين يقول حزنها و دمعها شئ آخر و يشيان بمدى حبها لزوجها و لوعتها لفراقه لذا كان عليه أن يتدخل بأى شكل و أيا كانت المخاطرة لقد قرر أن يقوم بدوره كأب و مثل أى أب حريص على مستقبل ابنته و أولادها لابد أن يكون له دور و دور حقيقى لمساندة ابنته كان كل هذا يدور فى رأس ( منصور) و هو فى طريقه الى ذلك المنزل الصغير الذلاى يقع فى احد ضواحى المدينة و الذى وقف يطرق بابه فى صمت حتى فتح الباب و ظهر ( منير) الذى نظر إلى ( منصور) بفضول قائلا :
ـ ماذا تريد ؟
( منصور) :
ـ هل تسمح لى بالدخول ؟
تمعن فيه و قد بدا وجهه مألوفا و سمعه يقول :
ـ ألا تعرفنى يا ( منير) بك ؟
( منير) :
ـ يخيل إلى أننى رأيتك من قبل .. آه تذكرت أنت ذلك الرجل الذى يعمل فى فيلا (وجدى منصور ) أليس كذلك ؟
( منصور) :
ـ بالضبط

قال ( منير) بجفاء :
ـ و ماذا تريد ؟
( منصور) :
ـ أريد أن أتحدث معك قليلا
( منير) :
ـ عن أى شئ ؟
( منصور) :
ـ اسمح لى بالدخول أولا
و بعد لحظة من التردد تنحى ( منير) جانبا ليفسح له المجال للدخول و دخل ( منصور) و هو بغلق الباب خلفه حيث بادره ( منير) قائلا :
ـ لقد قدمت لـ ( وجدى) كل متعلقاته لدى .. مفاتيح المنزل و السيارة و لم آخذ معى إلى هذا المنزل سوى حقيبة ملابسى فما الذى يريده منى بعد ذلك ؟
قال له ( منصور) بهدوء :
ـ و من قال أنه يريد منك شيئا ؟
( منير) :
ـ إذا كانت ( هالة) مصرة على الطلاق فسوف أرسل لها ورقة طلاقها هذا الأسبوع قل لهم هذا
رد عليه ( منصور) دون أن يتخلى عن هدوءه :
ـ لم آت من أجل هذا أيضا
قال ( منير) و قد بدا نافد الصبر :
ـ إذن فلماذا أرسلوك إلى ؟
( منصور) :
ـ إن أحدا لم يرسلنى إليك لقد جئت لمقابلتك من تلقاء نفسى
نظر إليه ( منير) بدهشة قائلا :
ـ لماذا ؟!
( منصور) :
ـ لأمنعك من ذلك الخطأ الكبير الذى تنوى أن ترتكبه فى حق نفسك و حق زوجتك و أسرتك
قال له ( منير) بسخرية و استهزاء :
ـ تمنعنى أنت
( منصور) :
ـ نعم أنا
نهض ( منير) واقفا و هو يقول بانفعال :
ـ اسمع أيها الرجل قل لمن أرسلوك أنه لا داعى لهذه المناورات و محاولة استخدام أمثالك مرة أخرى للتحايل فقد انتهى الأمر بالنسبة لى و سوف أغادر بورسعيد و معى زوجتى الجديدة خلال الأيام القليلة الماضية
قال له ( منصور) بانزعاج :
ـ هل تزوجت ؟
( منير) :
ـ و ما شأنك أنت ؟
( منصور) :
ـ أجبنى بالله عليك هل تزوجت من تلك السيدة الأخرى ؟
( منير) :
ـ سيتم كل شئ خلال اليومين القادمين
تمتم ( منصور) قائلا :
ـ الحمد لله لم يفت الأوان بعد
قال له ( منير) :
ـ على كل حال يمكنك أن تخبرهم بأن الأمر قد انتهى
نظر إليه ( منصور) قائلا :
ـ اسمع يا بنى تأكد أننى لم آت إلى هنا بناء على تكليف من أحد لقد جئت إليك من تلقاء نفسى لأناشدك الحفاظ على أسرتك و أبنائك و زوجتك جئت لأخاطب فيك احساسك بالابوة و المسئولية لكى لا تضيع كل شئ فى مقابل نزوة طارئة أو كبرياء مبالغ فيه فزوجتك و ابناءك هم الأبقى لك من كل شئ و هم الذين يستحقون منك أن تتحمل و تكابد من أجلهم
قال ( منير) بانفعال :
ـ و بأى حق تسمح لنفسك بالتدخل فى أمر كهذا ؟ إنك لست سوى أجير يعمل فى منزل ( وجدى)
( منصور) :
ـ يمكنك أن تقول إن الواجب الإنسانى و فضل هذه الأسرة على هو الذى دفعنى إلى ذلك
قال ( منير) متهكما :
ـ حسنا إذا كان الأمر كذلك فقد أديت ما عليك من واجب نحو تلك الأسرة و نحو انسانيتك لكن ذلك لن يغير من الأمر شيئا لقد اتفقت مع تلك السيدة التى سأتزوجها و لن أخذلها
( منصور) :
ـ و تخذل زوجتك و ابنائك ؟
( منير) :
ـ لقد خذلتنى زوجتى من قبل عندما لم تقدر حبى و استهانت بكرامتى كرجل
( منصور) :
ـ لكنها تحبك و قد أحست بخطئها و هى تريد استعادتك
( منير) :
ـ و ما الذى يجعلك متأكدا من ذلك ؟
( منصور) :
ـ ما أراه أمام عينى .. شرودها .. حزنها الدائم .. بكاؤها .ز صورك و خطاباتك القديمة التى تطالعها خلسة
( منير) :
ـ هل طلبت منك ان تقول لى هذا لكى تؤثر على ؟
قال ( منصور) بغضب :
ـ إنها لم تطلب منى أى شئ و هى لا تسعى للتأثير عليك على أى نحو بل إن كبريائها يجعلها تصر على الطلاق و إن كانت مشاعرها كما أراها تقول غير ذلك
عاد ( منير) إلأى السخرية قائلا :
ـ هل عينك ( وجدى) لحراسة منزله خفيرا أم شاعرا ؟
( منصور) :
ـ اسخر منى كما شئت لكن فكر فى الأمر راجع نفسك و لاتشتت شمل أسرتك و أبنائك فقد يأتى اليوم الذى تندم فيه أكبر الندم لأنك تسببت فى فك أواصر تلك الأرة الرائعة التى من الله بها عليك و تدرك أى جرم ذلك الذى ارتكبته فى حقهم و حق نفسك و قد يأتى هذا فى وقت لا ينفع فيه الندم
قال ( منير) بغضب :
ـ هل جئت إلى هنا لتلقى على محاضرة أخلاقية ؟
( منصور) :
ـ بل لأروى لك تجربة انسانية مؤلمة
( منير) :
ـ لست مستعدا لسماع روايات فأنا مشغول ووقتى ضيق و الآن تفضل بالانصراف
( منصور) :
ـ اسمع منى أولا و بعدها سأنصرف و لن تجد بعد ذلك من يقول لك كلمة واحدة فى ذلك الأمر الذى تنويه و لتستمر فيما اخترته لنفسك كما تشاء
قال ( منير) متأففا :
ـ تفضل قل ما عندك و لكن اختصر فوقتى ضيق
( منصور) :
ـ منذ سنوات بعيدة كان هناك رجل متزوج من امرأة رائعة أحبته و أحبها و انجب منها طفلا و طفلة كانا كفيلين بأن يملأ عليه حياته و يسعداه و يكونا سندا له فى شيخوخته و النبع الذى ينهل منه الحب و الدفء و الحنان فى وحدته بعد ان انفض عنه الجميع لكن الرجل لم يقدر قيمة النعمه التى منحها الله له و جحد بها .. لم يقدر وقتها قيمة الزوجة و الأبناء و الأسرة و مسئوليته كأب نحوهم فترك نفسه لأصحاب السوء يصطحبونه إلى سهراتهم و يقودونه إلى رذيلة تعاطى المخدرات حتى تحول على ايديهم إلى مدمن فأهمل عمله و توقف عن الانفاق على أسرته بل ترك زوجته تعمل بدلا منه لتنفق عليه و على أولاده و ياليته قابل ذلك بشئ من التقدير و حرك فيه شيئا من نخوة الرجولة أو الاحساس بمسئولية الأب لكنه أحس بالعجز و الضعف امام زوجته و أولاده فدفعه ذلك إلى مقابلة حرصهم عليه و تحملهم له مع كل ما سببه لهم من هموم و متاعب بالمزيد من الأذى و القوة على زوجته الصابرة الوفية و على أبنائه و رفض كل محاولتها لمساعدته على العلاج و التخلص من ذلك الداء اللعين و أصبح يسلبها حتى تلك النقود القليلة التى كانت تجمعها من عملها لدى الأخرين و الإعانة التى كان يرسلها إليها أخوها و التى أراقت ماء وجهها من أجلها كى تنفق منها على اطعام اسرتها و تعليم أبنائها أخذ يسلبها تلك النقود و يستخدم فى سبيل ذلك كل ما يعن له من قسوة لكى ينفق منها على سهراته و رذيلة الإدمان التى تمكنت منه كان يشعر فى كل ليلة يعود فيها إلى منزله بالندم و يغلق على نفسه الباب ليبكى على نفسه آسفا على ما صار عليه الحال بالنسبة إليه و لأسرته ثم يقسم على أن يتوقف عن الرجوع إلى تلك العادة الرذيلة و أن يعود إلى عمله الذى أهمله و إلى ممارسة دوره كأب و أن يعوض زوجته و أولاده عن كل ما سببه لهم من متاعب و آلام لكن سرعان ما يجد نفسه فى الليلة التالية و قد نسى ما عاهد نفسه عليه و عاد إلى رذيلته المذمومة فقد كان أعجز من مقاومة ذلك الداء و بالرغم من محاولات شقيق زوجته لابعادها هى و اولادها عن ذلك الأب المدمن و شروره و اقناعها بأن تأتى لتعيش معه هى و اولادها لتبقى فى رعايته إلا ان الزوجة المخلصة التى لم تتوقف عن حب زوجها بالرغم من كل شئ كانت ترفض أن تتخلى عنه و تردد دائما بأن لديها أملا فى اصلاحه و عندما سمع الزوج ذات يوم شقيق زوجته و هو يهددها بقطع أية معونه عنها و عن أولادها ما لم تترك ذلك المنزل و تأتى لتعيش فى منزله تاركة ذلك الزوج المدمن جلس يفكر و هو ينصت إلى بكائها فى الغرفة المجاورة لقد كانت تحصل من أخيها على الجانب الأكبر من تلك النقود التى تنفق منها على نفسها و على أبنائها و امتناع اخيها عن معاونتها بتلك النقود سيعنى مزيدا من الشقاء و الحرمان لها و لأبنائها كان أمام أمرين إما أن يتوقف عن ذلك الداء الرذيل و يعود إلى عمله و ينفق على أسرته و هو ما حاول أن يجربه فعجز عن تنفيذه و إما أن يستمر فى تركه لأسرته تواجه ذلك الشقاء و يستمر فى قيامه بدور البلطجى الذى يستولى على النقود القليلة التى تتوافر فى المنزل من أجل الانفاق منها على المخدر و هو الشئ الذى كان يجد نفسه مضطرا إليه اضطرارا كانت مقاومته لنفسه و عودته إلى عمله باصرار و عزيمة من الأمور الشاقة و الصعبة خاصة بالنسبة لرجل مدمن و لكنه لم يكن أمرا مستحيلا إذا كان صادق العزيمة بالفعل و اذا كان لديه من الاخلاص ما يماثل زوجته و اصرارها على التحمل لكنه اختار الأمر السهل الذى لا يبعده عن المخدر الذى استولى عليه و فى نفس الوقت يمكن أن يكون عاملا مساعدا فى انقاذ هذه الأسرة فجمع حاجاته ذات ليلة و هجر المنزل .. هجره و لم يعد إليه أبدا كان يظن أنه بذلك يساعد أسرته و ينقذها من الضياع فلا يضطر إلى ممارسة دور البلطجى و استعمال القسوة و العنف كل ليلة للحصول على ثمن المخدر من النقود القليلة التى تتوافر لدى زوجته و فى نفس الوقت يتيح لها أن تعيش بجوار أخيها بعيدا عنه فى مناخ نظيف يمكن أن يوفر لها و لأبنائها حياة آمنة و سعيدة و مستقرة فلن يعود هناك مبرر لبقائها بعد رحيله و أحس أيضا أنه بذلك ينقذ نفسه من احساسه بمرارة العجز و الضعف و المهانة أمام زوجته و أولاده و التى كان يراها ماثلة فى عيونهم جنبا إلى جنب مع نظرة الكراهية التى كان يراها فى عينى ابنه الصغير كلما عامله أو عامل أمه بقسوة و كلما تصادف و رآه و هو يعود كل ليلة من سهراته فاقد الوعى و الاحساس و كما قلت لك : لقد اختار الطريق السهل لينقذ به أسرته و كبريائه المهانة و نظرات الكراهية فى عيون ابنه و هو طريق الهروب دون أن يلجأ إلى الطريق الصحيح الذى كان يمكن له به أن يحفظ كرامته و رجولته و يصون به أسرته و هو مقاومة النفس و الاصرار على التوقف عن ذلك الداء اللعين و اسلم ذلك الرجل نفسه إلى تجار السموم فتحول على ايديهم من مدمن إلى مروج ايضا إذ كان بحاجة إلى نقود يصرف منها على ادمانه و لم يكن أمامه سوى أن يعمل لحساب أولئك الذين يجرعونه السم إلى ان القى القبض عليه و أودع السجن و كان عليه بعد ذلك ألا يخرج من المنزل الذى ضمه و ضم أبنائه فقط و لكن من حياتهم أيضا و إلى الأبد إنه لم يجلب لهم سوى المعاناة و الشقاء و الالم فلا أقل من أن يبعدهم عن أية صلة تربطهم بأب وزوج مجرم يمكن أن يشينهم و هكذا قرر ان يبعدهم عن حياته و أن يصبح بالنسبة لهم ميتا و هو على قيد الحياة و لم يكن هذا بأى حال من الأحوال تضحية أو ايثارا منه بل كان عليه أن يدفع ثمن ما اقترفته يداه فى حقهم و بعد أن اصبح غير جدير بان يكون أبا و زوجا و رب أسرة و بعد أن اصبح لا يشرفهم لا فى ماضيهم و لا فى حاضرهم و لافى مستقبلهم و مرت سنوات .. سنوات طوال ذاق فيها ذلك الرجل مرارة الوحدة و الحرمان من أسرته و من دفء الحب و الحنان الذى يجمع بين كل رجل و زوجته و بين كل أب و ابنائه كان قد غادر السجن ثم غادر بعدها البلاد أيضا و بقى مستمر فى عهده مع نفسه ان يكون ميتا بالنسبة لهذه الاسرة و الا يظهر فى حياتها مرة اخرى على الرغم من شفائه من رذيلة الادمان و عودته إلى الحياة الشريفة كان بمقدوره ان يتزوج مرة ثانية و ان يكون له ابناء و لكنه قرر ان يدفع الثمن كاملا بالاضافة إلى أنه لم يحب طوال حياته ولم يكن قادرا على ان يحب غير زوجته التى تحملت من أجله الكثير و لكن ذات يوم شعر أن هذا أكثر من احنماله خاصة و قد تقدم به العمر و أحس بدنو اجله و بدا له انه قد كفر عن خطيئته فى حق أسرته بما يكفى و أنه قد آن الأوان ليلتقى بزوجته و أبنائه مرة أخرى بعد ان اضناه الفراق و بعد ان عاش كل تلك السنوات الطوال محروما من نعمة الأبوة لكن عندما عاد وجد انه لا يستطيع أن يعيد عــقــارب الساعة إلى الوراء و انه سيبقى حتى اخر يوم من عمره يدفع ثمن خطاياه فالزوجة ماتت ناقمة عليه و الابن تنكر له و حكم عليه ان يبقى ميتا بالنسبة له و ابنته التى لاتعرف بوجوده حتى الان و كان عليه ان يتحمل ذلك الوضع فى مقابل ان يبقى على مقربة منهما فالابن لم يغفر له ذنبه و افهمه ان الأوان قد فات بالنسبة له لكى يستعيد دور الأب و انه ظهوره فى حياته و فى حياة الابنه مرة اخرى فيه ما يشينهما و هكذا كتب على الأب مرة اخرى ان يجرب مرارة الحرمان و لكنه حرمان اشد قسوة فليس هناك اقسى من ان ترى ابنائك امامك و انت محروم منهم محروم من ان تسمع منهم كلمة بابا تلك الكلمة السحرية التى يتمنى كل اب ان يسمعها من ابنائه و محروم من ان تضمهم إلى صدرك و من ان تشعر بحنانهم و حبهم و تشاركهم سعادتهم و احزانهم و احدهم يعرفك و ينكرك فى قسوة و الاخر يجهل انك ابوه
و عند هذه النقطة صمت ( منصور)
و انتهى حديثه

***


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.