آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          روايتي "حمل الزهور ألي كيف أردهُ؟ وصبايا مرسوم على شفتيه" * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : الريم ناصر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree62Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-04-19, 10:49 PM   #11

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي


الحلقة الثامنة

هبطت بخطوات راكضة نوعاً ما ذلك الدرج الذي يتوسط بهو الفيلا حين شاهدت والدتها تتوسطه بمعالم وجهها القلقة لتهتف باضطراب حين وصلت اليها :
- ماما في اية .. جدو بخير !!

انتبهت رقية بحيرة من شرودها علي تواجدها أمامها فرددت بحنو رافعه راحة يديها تحتضن بها جانب وجهها بهدوء :
- حبيبة قلبي أنت لسه صاحية ليه لحد دلوقتي ؟!!..

قوست شفتاها بعض الشيء مرددة بلامبالاة :
- أبدًا يا ماما أنا منمتش اصلا ، صليت القيام وقلت أنزل أطمن علي جدو ..

هتفت رقية بخفوت محير :
- تقبل الله يا هنايا .. جدك ربنا يعدي الليلة دي علي خير ، فاق رغم أنه واخد منوم ومسكتش إلا لما طلبتله الأستاذ شاكر المحامي ..

انتبهت باندهاش علي ما رددته والدتها ، فهتفت باستغراب :
- جدو شاكر و دلوقتي !

أومأت رقية برأسها بالإيجاب بتنهيدة عميقة هاتفه ببطء علي جملتين منفصلتين :
- أيوه يا هنا .. أيوه يا بنتي دلوقتي !

رغم اندهاشها لحضوره رددت علي عجاله :
- طب أنا هطلع أجيب نقابي يكون جدو شاكر خرج ونطمن عليه ..

أومأت رقية برأسها بشرود بينما حركت هنا أقدامها للأعلى لتعود بعد قليل ترتدي غطاء الوجه ..

ليتفاجأ كلتهما بخروج شاكر مضطرباً بوجهاً شاحب لا دماء به يستغيث بهم لمساعدته وألحاق العجوز ..
فزعت كل منهما باضطراب مماثل لتهرول رقية لداخل غرفته على الفور لإعطائه دواء خاص اوصتهم رضوى بإعطائه له في الحالات النادرة التي لا تبشر بالخير ، بينما هاتفت هنا شقيقتها رضوي في الحال حتي تأتي مرة أخري أو زوجها لإسعاف الجد الذي يبدو من هيئة شاكر بأن حالته لا تدل علي الخير مطلقاً …

-------------

من داخل أجواء مشفي استثماري ، وخاصة في أحد الممرات أمام أحدي غرف العناية الفائقة كان الحال بوقفاتهم المختلفة ، وباضطرابهم المماثل ، وقلقهم الموحد ، إلا تلك الفتاة البريئة بعيونها الذابلة من كثرة تدفق دموعها كانت أكثرهم حالاً تدني !

ليخرج عليهم بعد مرور ساعة ونصف من حضورهُ بصحبتهم ، شقيقتها وزوجها مطلقين سراح تنهيدة عميقة أراحت صدورهم أجمع من نوبة الخوف التي سيطرت عليهم حد الموت في تلك المدة الماضية لإسعافه .. فها قد لطفَ الرب وتم نجاة الجد بأعجوبة من ذبحه صدرية مؤكدة !

-------------------

في اجتماع مغلق وسري مع مساعده الأيمن والقائم بوكالة أعماله في دول أوربا والشرق الأوسط " جاك " كان اللقاء…

- متي ميعاد التسليم ؟!

رددها " علي " باهتمام بالغ وبهيئة ثابتة علي طاولة الاجتماعات بتصميمها الامريكي الخالص وبحجمها المتوسط ..

ليجيبه " جاك " باهتمام مماثل وبنبرة صوت جدية :
- بعد عشرة أيام علي الحدود الكندية ..

هز " علي " رأسه برضي ليتابع الحديث:
- جيد جداً !

فتنحنح جاك مردداً بهدوء :
- سيد " الَي " حتي الأن في كل تلك الصفقات الماضية وأنا مساعدك الأيمن لم أعلم كيف يتم السماح لتلك الشحنات بالمرور لداخل البلاد مرور الكرام هكذا ، والمذهل أكثر أننا نروجها داخل أجهزتنا الإلكترونية ولم نحصل لها علي ثمن إلا المستحقة لتلك الأجهزة فقط ..

ابتسم " علي "بتهكم محدثاً ذاته بصمت بأنه كيف يخبره بأنه يعصر عنق كبار الذئاب في قبضة يداه ، باختراق حسابتهم الإلكترونية وهم من يسهلون لتلك البودرة البيضاء بعبور الحدود الأمريكية بكل طاعة وولاء ، بل ويتمنوا منهُ الرضا التام فما في جعبتهم من مصائب وأسرار تكفي لإخفائهم وراء الشمس .. وقبضة يداه أهون بالتأكيد من عذاب المباحث الفيدرالية والسجون الأمريكية التي يعُرف ساكنيها بقلوباً بلا رحمه !x

أردف بالا مبالاة مضيقاً حدقة عيناه قليلاً :
- لا تشغل عقلك بهذا الموضوع جاك وأهتم بماهمك فقط ، ألا وهو كيفية ترويجها داخل الولايات الامريكية دون المساس بماركة أجهزتنا ..

أجابهُ جاك سريعاً باهتمام :
- هذا ما عملت عليه سيد " الَي " بالفعل في الفترة الماضية ، وتم استيراد أجهزة أخري بماركات مختلفة لتوزيع تلك الشحنة عن طريقهم .. خاصة أنها عملية من أكبر العمليات التي أتممناها فلابد لنا من الحيطة والحذر ..

هزات طفيفة بالرضي صدرت من رأسي علي ليهتف بغموض :
- هذا جيد .. أريدك كما علمتك دائمًا في كل عملياتنا السابقة بالا نترك ثغره خلفنا ..
ليسترسل حديثة موضحاً وهو ينهض من مقعده متوجهاً لنافذة مكتبه الضخمة واضعاً كف يداه داخل سرواله :
- أما بالنسبة لاستفسارك عن الربح .. فأنا لم أخنس حق أحد ولا مرتباتكم ..

هنا أصدرت همهمات من جاك تدل علي رغبته في التحدث لتوضيح مقصده ليقاطعه " علي " بابتسامة تهكمية هادئة وجملة ذات مغزي بنظرات قوية لما خارج النافذة :
- كل ما أريده هو أن ينعم شعب أميركا في السعادة التامة بلا مقابل !!!!

----------------

توالت عشرة أيام علي نومة الجد وها قد بدأ بوادر التعافي علي خير مُبينه أمام أعينهم .. بدأ بعد أن اتخذت رقية وبناتها الابتسامة والوجه البشوش عنواناً لهم في تجمعاتهم به .. بعد أن اقتنعت بأن ذلك العجوز عزيزٌ علي قلوبهم ، كما أنه عزوتها وعزوة بناتها أمام أزواجهن ولا يمكن الاستغناء عنه بتلك السهولة .. بعد أن اقتنعت بأنه درع الحماية لهما من أعداء التجارة المنافسين أذا سقط ثعلبهم بلا عودة .. و بعد أن فوضت أمر طفلتها لله فهو نعم الوكيل وكفي به وكيلاً عن العالمين ..

وها قد حان موعد عودته للبيت اليوم ليتراقص مقلتيهم ولتعزف قلوبهم بأعذب مقامات المحبة .. فذلك العجوز رغم قوته ونفوذه في الخارج استطاع أن يمتلك قلوبهن ليصبحا حبيباً ملخصاً ، عطوفاً حانياً ، جداً صالحاًx ، أباً لأطفال تفتقد الأبوة !

- تصدق البيت كان مضلم من غيرك يا أحلي جدو

هتفت هنا بتلك الجملة بنبرة سعادة جياشة تملكتها وهي تجلس بجانبه علي الفراش لتميل عليه قليلاً مرددة بنبرة عاشقة تنخر عظامها :
- ألف سلامة عليك يا جدو مش تتصور وحشتني قد أيه ..

قاطعتها أميرة بنبرة مدلله وهي تستكين بجانبه في الطرف الأخر من الفراش :
- يا بنتي وسعي كده شويه هو حبيبك ولا وحشك أنتِ لوحدك ، وبعدين ابعدي خليني أشبع منه شوية قبل ما أسافر ..

ابتسامة علت شفتيها وهي تشاهد مقدار عشق هذا الرجل لدي بناتها لتشاركهم اللحظة قائلة بسعادة :
- علي فكرة أنتِ وهي ده عمي حبيبي من قبل ما تتولدوا أساسا فكل واحده توسعلي كده عشان أخد منابي منه أنا كمان ..

حينها قلبت معالم الجد من السكون إلي الابتسامة الضئيلة حتي أتاهُ صوت ابنة أخيه فانقلبت الابتسامة إلى الضحك المفرط ليصاحبه بعض السعال…

ففزعت رضوي باتجاههُ هاتفة باستياء :
- علي فكرة والله الراجل يا جماعة لسه تعبان وخارج من المستشفي من ساعة واحده فارحموا بقا وخلوه يستريح شوية …

فأتها صوت الجد وهو يستعيد سيطرته علي أنفاسه مردداً بخفوت سعيد :
- سبيهم يا بنتي أنا كنت مفتقدهم ومفتقد تجمعهم ده حوليا أكتر ..

فأجابته محذره :
- بشرط توعدني أنك متجهدش نفسك في الضحك ولا الكلام .. أنت قلبك لسه ما تعافاش تماما للاجهاد ده…

أومأ برأسه بالإيجاب هاتفاً بطاعة :
- ماشي أوعدك بس سبيهم حولياx ..

حينها هتفا جميعهم في صوت واحد :
- أحنا معاك ومش هنسيبك أبداً يا " جدو / بابا "

فأردف بوهن داعياً بقين :
- ربنا يحفظكم ليا كلكم ، أمال أولادكم فين وحشوني كمان ..

رددت أميرة بهدوء :
- الدادة خدتهم المول تشترلهم إيس كريم بعيد عن الفيلا عشان ميعملوش دوشه وأنت واصل ..

- يعني كانوا هيعملوا أيه يا بنتي وبعدين ما أنا الحمدلله كويس أهو ..

تحدثت رضوي الجالسة عند نهاية الفراش وهي تربت بحنية علي كف يداه :
- متقلقش نفسك أنت بس ياجدو بأي حاجة وأنت أن شاء الله هتكون كويس جداًx ..

علي أثر جملتها تطلع لوجه هنا متفحصه لثواني تعد ثم هتف بحنو :
- اختارتي يا هنا هتقدمي في أيه ولا لسه ما قررتيش ..

أجابته هنا سريعاً بارتباك :
- لا يا جدو قررت بعد أذنك طبعاً كلية لغات وترجمة فورية نفسي فيها و .. و..

رمقها بنظره مستفسرة تجبرها علي الاسترسال لتكمل جملتها بتلعثم :
- وعاوزه التحق بجانب الكلية بسنتين معهد خاص دعوة وارشاد !!

اندهشوا جميعهم مما رددته لتهتف رضوي باستعجاب :
- ليه دعوة !!

لتؤيدها أميرة بالمثل في استفسارها في ظل ترقب والدتها لهما في صمت مندهش :
- أيوه يا هنا فعلا .. ليه المعهد ده بجانب الكلية ما هي كفاية قوي !

أجابتها بلمعة عينيها الراغبة بهدوء :
- عشان نفسي أكون لو ربع شيخنا الجليل أبي إسحاق الحويني .. هو شيخ متمكن في علم الحديث والدعوة وكمان خريج كلية الألسن وملم بلغات كتير تيسيرا ليه في هدفه الأعظم الدعوة ..

انبهار رسم علي ملامحهما جميعاً جعلهم بُكماء بصمت جليل يلي بما تفوهت به ..

فتلك الطفلة تفاجئهم بما يفوق عمرها بكثير .. فصلاح فؤادها جعلها تتخذ طريق الهداية خُطي لها ..
ذلك الطريق الذي يترجاه الخلق أجمع من خالقهم في دعوات متتالية لأبنائهم .. ولكن هي رزقت به منذ مولدها ليجعلها والقليل مثلها صفوه نادرة في جيلها ، ليصبحوا نموذج يقتدي به لمن في أعمارهم .. ونسل بار يرفع رأس ذاويهم بشموخ .. وفرع مثمر لمن حولهم …

اخترق الصمت صوت الجد مردداً بتعجب :
- أنتِ مش شيفه أن الدعوة مسئولية كبيرة !

أجابته هنا بتلقائية هادئة :
- ما هو أنا مش هدفي دعوة بحد ذاتها أكتر من الإلمام بحلال ديني ومحرماته وكمان مع تعلم اللغات أقدر أفيد نفسي وأي حد سواء أخوات ، أصدقاء ، معارف في أي مشكلة من مشاكل الحياة لو جت قدامهم كعقبه…

حينها رُفع حاجبين الجد باندهاش ، ليرمقها أثناء ذلك بمقلتيه السعيدة بتفاخر بأنها من نسله ، لتجذبه رؤية لمعة عينيها بوضوح في شيء ما ترغبه وتحلم به ...

فهتف بابتسامة صافية :
- خلاص علي خيرة الله أنا موافق وكل إللي نفسك فيه هعملهولك ..

رفعت نظراتها لوجه محدقة به بغير استيعاب لما ردده لترتمي بعد ثواني في أحضانه سريعاً هاتفه بفرحه جياشة:
- مش ممكن .. أنت احلى جدو في الدنيا وربنا .. ياحبيبي يا جدو

ليضمها بكف يداه المرتجفة لأحضانه محدثاً ذاته بأنه قاوم مرضه لأجل خاطرها هي فقط .. حتي يسعد ويلبي لطفلته البارة كل ما تريده وتحتاج اليه في تلك الحياة ..وحتي يعوضها لو بقليل عن جرمه الكارثي في حقها ..

لتخرج منه تنهيدة عميقة قليلة عما بداخله متمنياً الهداية لذلك الحفيد الأجنبي والرجوع عما أتخذه من قرار قاسي والعودة لحياة أبيه وأجداده .. فلقد بلغ الاشتياق لهُ للذروة ، وحنت الأذن لسماع نبرة صوته ، وتحفز القلب للقاء لم يعلم سيحدث أثناء نبضه علي تلك الحياة أم لاx !!!

---------
--


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 10:51 PM   #12

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة التاسعة

في أحد النوادي الليلية الفاخرة بإضاءتهُ البهلوانية وبموسيقاه الصاخبة المحفزة لزائريها علي تحريك اجسادهم بلا أرادة علي الرقص المتواصل ، وبشرابها المعتق الذي يذهب العقل بلا رجعه لحاضره والمنتشر في كافة أرجاء المكان .. كان الحال !

- هل نال الاستحسان مستر " اَلي " ؟!

قالها جاك مساعده الأيمن وهو يجلس علي أحد المقاعد بساقها المرتفع أمام ذلك البار الذي يمد الزائرين بالمشروبات الكحولية …

ليجيبه " علي " الجالس بجواره بلامبالاة بعد أن تجرع من كأسه الذي بين يديه في محاولة سريعة :

- مثله مثل غيره .. لن تقدم جديد !

قال جاك سريعاً باندهاش ملتفتاً بنظرات مفترسة لأجساد الفتيات من حوله :

- كيف لا يوجد جديد والمكان يعج بفتيات من كل شكلٍ ولون !

لم يرفع عيناه من كأسه بحالة لا مبالاة باردة اصبحت رفيقه له كظله .. حتي شعر براحة يد تستبيح ظهره بأغراء مُبين وصوت أنثوي مصاحباً لتلك الحركة يردد هامسًا نوعا ما :

- مرحبا أيها الوسيم .. ألن تدعوني لشراب شيء ؟!

لم تتحرك شعره من رأسه بل ظل على وضعه الغير مبالي فطالما تعرض للكثير والكثير من هذا الموقف ، حتي صدرت منه ابتسامه ضعيفة ساخرة احتلت زوايا ثغرة مردداً بسخرية أشد لجاك :
- رأيت كل الأماكن سواء !

ابتسم جاك هامساً بجوار أذنه قليلاً :
- لديهن حق فمن ستشاهد تلك الملامح العامة لك ولا ترغب في الاقتراب !

تطلع " علي " بنظرات فاترة علي من بجانبه والتي تمتلك كافة مقومات الإغواء هاتفاً بفظاظة واضحة :
- أذا كنت تريدين الشراب فالمكان يعج به .. أما أذا كنتِ تريدينني فليست هذه طريقة طرح السؤال !

بخ جاك في الهواء بما رشفهُ من مشروب في فمه أثناء تفوه " علي " بتلك الجملة الوقحة المهينة للفتاة ، ليفرغ فاههُ باندهاش علي صوتها يهتف بدلال …

- وكيف يكون السؤال أذا أيها الوسيم !

ضيق حدقة عيناه بعض الشيء مرددا بفتور ساخر :

- أريدك !!! .. فقط أريدك !!!

تمايلت علي كتفه بنظرات جريئة صوبتها في قلب مقلتاه الساخرة هاتفه بثقة :

- أذاً أريدك !!!

تطلع لها صامتًا بابتسامه تهكمية اعتلت تسريباتها علي ملامحه الجليدية الباردة حتي أخرج جملته الشهيرة في سنواته الماضية :

- وأنا لن أمنع نفسي أمام امرأة راغبة بي !!!!

------------------------

مرت الأيام وتعافا الجد تماماً ولكن فؤاد قلبهُ المتعلق بالحفيد البعيد ما زال عليلٍ يوجعهُ بأريحية .. ذلك الحفيد الذي يرفض حتي الأن اتصالاته الملحة حتي ظهر لهُ مؤخرا بأن رقم ذلك الهاتف الذي طلبته خارج نطاق الخدمة !

فعلي ما يبدوا أنه هدد ونفذ بالفعل تهديداته وانقطع عنه كأنه ليس من جيناته .. قهر أصبح رفيقاً لقلبه لأجل تلك الفتاة التي اقحمها بيداه مع قلب ذلك المتحجر والخالي من أي عاطفة انسانية…

خاصة حين علم من رفيقه شاكر بإلغاء التوكيل قبل انتهائه .. رفيقه الذي توالت زياراته للأراضي الأمريكية حتي يتم خلاصها منه علي خير .. لتنتهي دون فائدة ويرجع مطأطئ الرأس تعلن عن قسوة ذلك القاسي ....
مما يوضح له إصراره علي تعذيبهم جميعًا …

قهر مماثل أصاب روح رقية بعد أن علمت بما ألت اليه الأمور .. قهر داخلي صامت متخفي بين طيات صدرها لا تستطيع اخراجه من أجل ذلك العجوز المسن بروحه العليلة ..
بدأت بمساعدة شاكر بأقناعه ببدأ اشغال ذهنه في سوق العمل ، واستعادة ذكائه في أدارة أعماله لكي تظل هيبة الثعلب بين التجار عالية ..
وبالفعل بعد فترة زمنية كبيرة من الأقناع بدأ في مزاولة أعماله تاركاً قهره ووجعه لله الذي بيديه مقادير الأمور القادرة علي شفائه ، فمن يعلم فقد يهديه الله ويرجع ذلك الحفيد عما صمم عليه ذات يوم …

غادرت أميرة مع زوجها لمقر عمله في أحدي الدول العربية بينما لُحقت " هنا " بالفعل في كلية الألسن وبجانبه ذلك المعهد الخاص الذي لمت من خلاله بجميع ما تحتاجه من معلومات حيوية وهامة في دينها الإسلامي الحنيف ..

مرت السنين علي هذا الحال !
الثعلب يتربص عودة الحفيد الغائب في ظل محاولات الاتصال التي باتت بالفشل .. ذلك الحفيد الغير مبالي به والمنغرس في أفعاله الغامضة ..

بينما أنهت هنا ذلك المعهد الخاص لأعداد الدعاة في ظل استمرار سنوات التعلم في كليتها وتخصصها في اللغة الإنجليزية كاللغة أولي والتي تشبثت بها لأكثر من سبب .. أولهما تفوقها في تلك اللغة منذ الصغر .. ثانيهما لأن تلك اللغة واللغة العربية تحتل أوائل اللغات في العالم بجانب اللغة الفرنسية والتي اتخذتها لغة ثانية في دراستها وقررت أيضا الإلمام بها …

فدائمًا تسير بمبدأ طالما بك نفس صلي ، أستغفر ، تعلم !!

وها قد تحاول بشتى الطرق الالمام بجميع اساليب التعلم وقد كان !

في أحدي الليالي بعد أن لمت بما عليها من واجبات دراسية قررت فتح حسابها علي مواقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك " للتجول في صفحات شيوخها ومتابعة أخر أخبار أصدقائها القدامى والجدد ...

بعد عدة دقائق معدودة ملت وأرادت قفله حتي يحين موعد فتحه في مرة أخري والتي قد تمتد لساعات وربما لأيام فهي غير مهتمة به ولا من متابعيه المدمنين …

ألا أنها لمحت حساب لأحدي الرفيقات القدامى في مرحلة الثانوية الأزهرية لم تصدف فتحه أثناء فتحها منذ فترة طويلة نوعاً ما ..
دخلت علي صندوق الرسائل الخاصة تلقي السلام ثم الاطمئنان عليها كعادتها مع أغلب الرفيقات في المراحل التعليمية ..

حركت أناملها علي لوحة هاتفها النقال :
- السلام عليكم .. أزيك يا سمية وحشتيني جداً فينك ..

سمية :
- عليكم السلام .. هنون وحشاني أكتر .. أنا كل يوم بفتح في الوقت ده ..

هنا باستغراب :
- الوقت ده ! ليه كده دا متأخر أنا أول مرة أفتح فيه ؟!

توقفت سمية لبعض الثواني عن الكتابة حتي تحركت اناملها مرة أخري :
- يعني تقدري تقولي إللي بكرش عليه مبيفتحش إلا في الوقت ده ..

دهشت هنا من تلك الكلمة التي قرأتها الأن " كراش " بل من تكرارها في الأواني الأخيرة كالعلكة في الأفواه .. وبين جدران الجامعة !!

نعم تعلم ترجمتها جيدًا فهي كلمة إنجليزية تعني " مراقبة من تكن له مشاعر حب قوية ".. ولكن ما يجعل اندهاشها يتملكها لما يتم استخدامها بكثرة بين الشباب وعلي مواقع التواصل الاجتماعي وبالأحرى لمحت بعض الصفحات تسمي بهذا المصطلح .. اندهاشها تحول لصدمة اخرستها النطق كلياً حين أيقنت بأن انتشارها بذلك لا يدل الا على أنه " ذهب حياء الفتيات في خبر كان " !!!

شعرت سمية بسكونها وما نتج عن ما كتبته لتتحرك أناملها بخزي متردد :
- هنا أنا عرفه أنك أتصدمتي فيا بس صدقيني أنا قصدت احكيلك أنتِ بالذات لإنك علي ثقة ولأني تعبت بجد ونفسي أرتاح ..تعبت من لفي وراه ومن تتبع أخباره ومن مراقبة شقة الجيران .. حتي علي الفيس براقبه .. والأكتر أني بموت كل يوم لما بلاقي تعليق من أي بنت علي منشور ليه ولا علي صورته الشخصية حتي لو كانت أخته… تعبت وبموت أكتر لو لقيته رد عليهم وهزر معاهم .. ولا لما تلاقي واحده من دول تكتب بطريقة تغريه ببقا عوزه أقتلها وأقتله وأقتل نفسي وراهم .. خلاص يا هنا روحي أتجرحت بما في الكفاية وياريت كله ده وأضمن بس يكون من نصيبي .. دا ولا معبرني ولا أكني موجوده قدامه ..
هنا أنا كل يوم بنام دمعتي علي خدي .. كل يوم قهري بيزيد وبحقد علي البنات إللي بيكلمهم وفي نفس الوقت بيزيد أقناعي أني مش علي القدر الكافي من الجمال .. علشان كده مستهلش نظره منه…
قوليلي يا هنا أعمل أيه .. أنا كنت بعيط دلوقتي ومصدقت لقيتك قدامي وفي نفس الوقت مش عرفه أبطل أرقبه .. ولا عرفه أذاكر .. ولا عرفه حياتي ماشيه أزاي وخاصة أن أهلي كل يوم والتاني بيضغطوا عليا عشان أقابل عريس شكل وأنا برفض بكافة الطرق .. معرفش ومش متخيله حياتي من غيره .. فديني ربنا يسعد قلبك أنا بفكر أموت نفسي وأرتاح…

حينها لم تقدر هنا بمقلتيها المنصدمة الاستمرار في القراءة بصمت حتي شاهدت تلك الكلمة التي قشعرت بدنها بنفور تام فتحركت يداها بالكتابة سريعاً :
- أستغفري الله يا سمية في الحال .. إللي أنتِ قولتيه دلوقتي يعتبر شرك ..

- تعبت يا هنا تعبت !

- وأيه عرفك أن كده التعب هيروح .. لا بالعكس أنتِ أه هترتاحي من مشكلة مش هقول عليها هيفه لان كل شخص وحسب طاقة تحمله بس هتروحي لعذاب أكبر وأكيد .. وهو دخول النار دا غير عدم رضا ربنا عنك ..

- أستغفر الله العظيم ..

- أحسنتِ .. ده أول الصح اللي مفروض تعمليه دلوقتي .. ثانيا بقا أهدي وتعالي نفكر واحده واحده وبطريقة صحيحة..

- حاضر ..

- لو جت ليكي هدية غالية قوي هتعملي أيه فيها ؟

- وأيه علاقة ده بمشكلتيx ؟!

- جاوبيني بس هتعملي أيه ؟!

- هحافظ عليها جدا حتي لو كانت قيمتها المادية رخيصة… كفاية أنها هدية وفي حد اصلا قدرني وجبهالي…

- طيب لما ربنا عز وجل بجلالة عظمته هو إللي يعطيكِ هدية قيمتها عالية أوي هتعملي أيه ..

- ربنا ! .. دا أنا هحطها جو عينيه وهحافظ عليها جداً …

- كويس جدا .. طب ربنا أعطاكِ قلبك بمشاعره وعواطفه واحاسيسه ليه محفظتيش عليه .. ليه دخلتيه في مشاعر حرام !

- حراااام !!!!

- أيوه حرام .. لما تستخدميه في حب مش حلالك يبقا حرام .. و عشان كده مفيش بركه ولا رضا من ربنا في الحب إللي حبتيه لأبن جيرانك .. غير أن قلبك بقا زي قطعة الغيار المستعملة ! .. لما استعملتيه في تجربة مشاعرك دي .. وبالتالي لما تيجي تجربي الحلال مش هتشعري بيه لان الشيطان هيجملك دايما الحرام .. غير أنك هتظلمي شخص دخلك من بابك الحلال في مقارنه ظالمه مع إللي قبله.. شخص شافك انسانه ليها قيمتها وعاوز يصونك ويمتد بيكي العمر لتكوني معاه في حياة طبيعية .. مش ناس أكيد فهموا من نظراتك وأفعالك أنك بيتحبيهم وبيستلذوا بجريك وراهم وأهدار كرامتك …
سمية أن مش هقول أنك غلطتي وكنتِ مفروض تغضي بصرك من الأول .. لا هقولك أن الله غفوراً رحيم ..وخير الخطائين التوابين ..
ويمكن ربنا بيحبك وعارف أن جواكِ مش كده واصطفاكِ عشان تتوبي وتقفي مع نفسك وتقاومي حبه وتوقفيه للأبد .. وتبدأي بعدها صح ..

- أزاي ابدأ صح ؟!

- بعد ما طهري قلبك وروحك من حب الشخص ده .. حاولي تقابلي كذا واحد من إللي متقدمينلك واستخيري ربنا فيه لو خير يقربلك ولو شر يبعد عنك .. حاولي تبدأي يا سمية حياة هادية تجربي فيها الحب الحلال مع شخص شايفك جميلة بأخلاقك ، جوهرة غالية في بيتها الكل يحاوطها بعلبة قطيفة ،مش تعملي في نفسك باليتشو بالميك أب في وشك عشان تنولي رضاه .. صدقيني لحظتها لا هتكرهي نفسك ولا هتتمني الموت كفرا وليعوذ بالله من الكراش عليه .. لحظتها هتشعري بأنك ملكة متوجه وحلالك هو اللي بيجري وراكِ ويتمني رضاكِ أو بمفهوم اليومين دول بيكرش عليكِ !

هههههه الكلمة اللي بتستخدموها ومتعرفوش أن معناها الحقيقي في مجتمعنا الأسلامي الشرقي هي أن الكرامة ذُهبت هباءٍ .. ليتبعها حياء الفتيات !!!

اغمضت سمية عينيها بشدة تشعر بهدوء يقتحم روحها ، فأسرعت بتحرك اطرافها بسعادة :
- كلامك لمس قلبي قوي يا هنا .. حسيت أني ارتحت كتير لما فضفضت معاكِ .. حسيت أن ماما وبابا ميستهلوش مني أن أهدر كرامتي وكرامتهم في تربيتي وأن أضيع مستقبلي وتعليمي إللي ضحوا بكل رفاهية متاحه ليهم عشان أوصل للي وصلتله .. ارتحت كتير صدقيني ..

- ولسه يا حبيبتي .. لسه هترتاحي أكتر لما تقومي تصلي ركعتين بنيه ربنا ينزع حبه من قلبك .. صدقيني هتلاقي الراحة إللي ما بعدها راحه…

- حاضر ياهنا هقفل وهقوم دلوقتي بس بالله عليكِ متنسنيش من دعائك ربنا يجزيكِ خير ..

- أن شاء الله وهقوم معاكِ اصلي ركعتين كمان بنية ربنا يصفح عنك ويطهرك من الحب ده .. السلام عليكم

- ربنا يسعد قلبك ومتحرمش منك .. وعليكم السلام ..

-------------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 10:53 PM   #13

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة العاشرة

انتبهت " هنا " إلي شيء خطير بعد انتهاء مكالمتها مع تلك الرفيقة أن هناك بعض من الفتيات قد يضللن طريقهن في مرحله عمرية أقل ما يقال عليها مرحلة " كن أو لا تكون " ... مرحلة عمرية خطيرة تسمي بالمرهقة !
تلك المدمرة للمبادئ الأسرية المتينة التي نشئ عليها الشاب أو الفتاة .. وقد يكون أغلب ذلك الانقلاب نابع من رفقاء السوء ....
من ذلك المنطلق جاءها شيء في خاطرها وتمنت أن يكون باب لفعل الخير .. ألا وهو استغلال حسابها علي الفيس بوك ..في ظل أنتشار الأقبال الشبابي المهول علي مواقع السوشيل ميديا في نشر التعاليم الدينية الصحيحة والدعوة والإرشاد وفقا لما تعلمته في ذلك المعهد .. لعلها تصل لأشخاص يحتاجونها وينتفعون بها وتهديهم لطريق الصواب ..

وذلك بعد دراسة هذه المعلومات جيدا والتأكد من صحتها قبل نشرها خاصة الأحاديث النبوية الشريفة للتجنب الوقوع في قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"
رواه البخاري ..حديث صحيح ...

فلقد لاحظت كارثة وقع فيها الكثيرون دون علمهم من نقل أحاديث فيما بينهم نسبت كذبا لرسولنا الكريم غير أنتشار مقولات " أكتب استغفرا الله وسيأتيك الفرج .. أو أثبت قوة أيمانك بكتابة لا اله ألا الله !! "

كأن الأيمان بات مرتبط بكتابة هذه الكلمات علنا لتجمع عدد من الاعجابات والتعليقات متغاضين عن ثواب ذكرها في الواقع علي السنتهم !!!

ولذلك توالت منشوراتها للتذكر بالاستغفار ، وبالذكر ، وبالدعاء ، وبقراءة القران حتي لو أية كورد يومي ، وبالتوجه للعبادة بأسلوب هادئ بسيط يحوطه الرحمة متيقنة بالاية الكريمة " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " (159) ال عمران

تفاجأت بدخول عدد كبير لها من الفتيات يحتاجون للنصائح فأعطتهن وفقا لدراستها وبما تعلمته وحين يستعصي عليها شيء لا تفتي فيه فخيركم من قال لا أعلم حين لا يعلم ..

--------------------------

في ولاية تكساس الأمريكية جنوب غرب الولايات المتحدة الامريكية ...

وتحديدًا في اقليم الأحواض والجبال في أقصى غرب الولاية ..

- مرحبا .. كيف حالكم ؟!!

قالها " علي " بابتسامة متكلفة بعد أن اقتحم باب منزل متخفي في أحد جبال الاقليم ..
انتفض علي اثرها باضطراب أربعة رجال بجسدهم الضخم وبعضلاتهم المكتظة من راحتهم بعد أن رفعا كلا منهما سريعا سلاحه الرشاش في وجه ذلك المقتحم لمخبأهم السري ..

ليرفع " علي " كفي يداه في الهواء بشيء من البرود هاتفا بسخرية شديدة :
- مهلا يا رجال أليس لديكم واجب ضيافة ..

حينها لم يسمع ألا أصوات سحب خزائن الذخائر في أسلحتهم ..

فهبط بذراعيه ليعقدهما علي صدره مرددا بثبات أثناء أستناد كتفه علي أطار الباب الرئيسي للمنزل مقوسا فمه بلا مبالاة :
- يبدو أن لديكم واجب ضيافة من نوع أخر .. لا يهم .. ولكن دعوني أخبركم أولا بشيء وهو أن خزائن أسلحتكم جميعا فارغة !!

جحظت عيونهم باندهاش فثقته الزائدة في حديثه وفي حركة جسده جعل الخوف ينتشر بأريحية في دمائهم .. ليتحدث أحدهم بقلق دفين :
- من أنت ؟ وكيف وصلت لذلك المكان ؟!

ابتسامة سخرية رسمت علي شفتاه متحدثا بتهكم ظاهري :
- من أنا فهذا لن يعنيكم في شيء .. أما كيف عرفت مخبأ عضو مجلس الشيوخ الأمريكي لكم .. لحين يخرجكم في مهماته السرية فأحب أبشركم بأنني قضيت ما يقارب الخمسة أعوام حتي عثرت عليكم لكي أشاهد تلك اللحظة بكلتا عيناي ..

في ذلك الأثناء ظهر رجال " علي " من خلفه يجرون بصندوق حديدي محكم الغلق إلي أن قاما بتثبيته أمامه بعد حدود باب المنزل الأرضي ليغادروا علي الفور ..

ليبدأ " علي " في الحديث مرة أخري بعد أن أتسعت ابتسامته كثيرا :
- ذلك الصندوق به ملك الغابة من أحدي غابات أفريقيا المتوحشة .. والذي شحنته خصيصا لكي يقضي معكم أمسية رائعة .. كنت أتمني أن أشاهدها بأدق تفاصيلها ولكن بعض الخصوصية واجبه أحيانا ... لذلك أراكم أشلاء .. عفوًا أقصد علي خير !!

أنهي " علي " حديثه ملتفتا بجسده للمغادرة ألا أنه ألتفت لهم ثانيا أثناء حديثهم المرتبك بهذيان واضح :
- من سيسمح لك بذلك .. سوف نقضي عليك في الحال أنت لم تعلم من نحن !!

بابتسامه ضعيفة تهكميه تحدث " علي " :
- كلا فأنا أعرفكم جيدا .. تلك العيون حُفرت في ذاكرتي منذ سبعة عشر عاما حتي وأن كانت في الظلام !!!

سحب شهيقا عميق ليزفره في تنهيدة عميقة هاتفا بقسوة مميته :
- هذا البيت جميع نوافذه وأبوابه فور مغادرتي ستتصل بتيار كهربائي بفولت مرتفع لمن يفكر بالفرار من براثن الأسد .. والذي سأفتح له بابه من جهاز تحكم عن بعد حتي لا أقطع خلوتكم ..

قطع حديثه علي صوت أطلاق متتالي من رشاشتهم ..

ليسترسله مرة أخري بسخريه :
- أخبرتكم أنه لا يوجد ذخائر بهم .. ولكن يبدوا أنكم لم تصدقوا ما تفوهت به إلا حين سماع صوت الأطلاق المزيف ... ولهذا سأخبركم بتلك المعلومة كمكافأة لكم وهي أن ذلك الأسد جائع منذ خمسة أيام متكاملة ..

رفع كف يداه في حركة وداع متعارف عليها متحدث بسعادة واضحه :
- وداعا أيها الرفاق ...

قالها ليغادر مغلقا الباب خلفه في وقت زمني قليل معطيا ﻷصبعه الضغط بأريحية علي ذر التحكم .. ليسمع بعدها أصواتهم الصادحة بالصراخ المتوالي يصاحبه زئير الأسد الجائع ثم صوت صاعقة كهربائية عنيفة برائحه كريهة فاحت بقوة في الهواء .. فعلي ما يبدوا أن أحدهم حاول الهرب من أحدي النوافذ ليصطاده أحضان الكهرباء ...

غادر " علي " من ذلك المكان مستقلا سيارته بتشفي ليتبعه سيارة رجاله بصندوقها الخلفي الضخم تاركين خلفهم أصوات نهم الأسد الجائع بتلذذ في أجسادهم ...

---------------------------

مر عامين علي هذا الحال حتي أنهت " هنا " دراستها في كلية لغات وترجمة فورية وأصبحت تلم بشهادة علمية مع شهادتها الدينية ..

متناسيه تماماً حالها كأنثى مع ذلك العقد الذي ربط أسمها مع مجهول أجنبي للأبد ...

في أحدي الليالي تفاجأت بصوت رسالة أتيه علي حسابها فقادها فضولها للتوجه للهاتف وفتحها لمعرفة مضمونها ..
وكانت كالاتي :

" السلام عليكم ورحمة الله ...
أزيك يا هناي أنا سمية ...

متستغربيش أن قولتلك أسمك بالطريقة دي .. لأن فعلا أنت باب هنايا وبداية سعادتي وراحتي بعد الله .. أنا بعتلك الرسالة دي دلوقتي في عز سعادتي أللي منستش ربنا فيها بشكره اولا ثم أنتِ عشان جعلك سبب في طريقي للخير ..
لو تفتكري من سنتين أنهينا حديثنا علي أيه !
أيوه صح .. علي أني أقوي وأنساه وبالفعل بعد عذاب دام لسنه كامله من انهيار وضعف وبكى والاستعانة بالله شفيت من حبه أخيرا .. شفيت من مرضه إللي كان مكلبش في جتتي بتملك .. وبقيت أشوفه زيه زي غيره بل أسوء من غيره بكل عيوبه إللي كانت وضحه قدام عنيا زي قرص الشمس وحبي ليه كان عميني عنها ...
أتشفيت بعد ما وضعت قلبي بين رحمة ربنا والحمدلله ربنا رحمته واسعه ومخذلنيش ...
من عشر شهور جه أنسان خلوق يتقدم ليا أستخرت ربنا وشعرت بالراحة .. وبالفعل أتخطبنا ولقيته أنسان بكل معني الكلمة .. أنسان بيحافظ عليا من مكالمة تليفون وبيقولي بكره تبقي في بيتي وأخليكِ تعيشي الحب اللي هو بجد .. مش حب الإشعارات والأقاويل في الهواتف إللي هي أصلا ليها حرمتها ...

وبالفعل حدث فصدق وأنا الأن صرت زوجته ما يقارب الخمس أشهر وكل يوم في نعيم .. كل لحظة في حب لم أعهده من قبل .. حب مختلفا عن إللي عشته .. فهو حب يفتح أوردتك للعيش .. وقلبك للحياة "

لذلك أشكرك من كل قلبي وجعل نصحك في ميزان حسناتك ..

علي انتهاء الرسالة احتضنت " هنا " الهاتف في عمق صدرها مرددة بسعادة جياشة وبراحة نفس تامه ...

" الحمدلله رب العالمين الذي وفقني لهذا ولولا فضل الله ما اهتديت اليه "

------------------------------

في أحد الايام المتتالية هبطت الدرج بهرولة ظاهرة ترجع خصلات شعرها الحريري بسواده الفاحم إلي خلف أذنها باستعجال مبين ..
ليفزع كلا من والدتها والجد من جلسة الشاي خاصتهم خوفا من تعثرها .. ليأتيهم صوتها لاهث بعجاله :
- جدو ... ماما ..

خرجت كلمات الجد القلق علي حفيدته الغالية قبل والدتها ...
- براحه يا هنايا علي مهلك ..

ليأتيها صوت والدتها يليه مباشرة بفزع :
- أقعدي وخدي نفسك الأول يا هنا .. !

جلست هنا في مقعد مقابل لهم تهز رأسها بهزات متتالية بالإيجاب مردده من بينهم بصعوبة بالغه :
- حاضر .. أديني قعدت أهو ...

قالت والدتها برضي :
- براڤو عليكِ احكلنا في أيه بقا لكل ده يا روشه ؟!

ضحك الجد وهنا في أن واحد لتردد هنا يليها بتذمر وهي تشير علي صدرها :
- أنا روشه أنا .. ليه يا أمي مش شيفه قدامك واحده هادية ورزينة والسلم مخدش منها عشر ثواني ...

انطلقت ضحكات الأم والجد دون توقف فها هي تقلب الجلسة إلي مرح طفولي يغمرهم سعادة ، ليسعد قلوبهم ، وتتسع شفاتهم ، وتتراقص أعينهم طربا ...

لترفع كف يدها في الهواء هاتفه بجديه :
- خلاص ضحكنا وفرفشنا ، ندخل بقا في المفيد ..

- أيوه إللي هو أيه ؟!

هتفت بها والدتها بفضول بينما راقب الجد الموقف في صمت حتي يسترسلها علي التحدث .. وبالفعل أتاهم صوتها سريعا :
- أنا دلوقتي كنت بكلم ندا أخ.....

- ندا بنتي مالها هي ولدت ؟!

قالتها والدتها في قلق ليفزع الجد بانتفاضه وبقلق مماثل ليأتيهم صوت هنا باطمئنان :
- يا ماما ندا بخير الحمدلله بس سبيني أكمل وهتعرفي ..

أومأ كلا منها والجد بالإيجاب لتسترسل هنا حديثها سريعا :
- ندا راحت للدكتور وحدد لها ميعاد الولادة أخير بعد أربع أيام فعشان كده أتصلت عليا عشان أروح أقعد معها من دلوقتي لغيت لما تسبع أن شاء الله بما أني فاضية ومخلصه دراسة وموريش حاجه .. فنزلت أخد موافقتكم لو حبين !

حينها أتاها صوت والدتها يهتف بشغف سريعا :
- يا حبيبتي يا بنتي ربنا يكملك علي خير وتقومي بالسلامة ..

لتلتفت بوجهها للجد الصامت مسترسله حديثها برجاء :
- عشان خاطري يا بابا وافق دا أنا قلقانه عليها جدا وخصوصا أنها حملت بعد أربع سنين ميأسناش فيها من رحمة ربنا .. وكان نفسي أكون معها بس مكنتش هعرف أسيبك لوحدك وأهي الفرصة جت أن هنا هي إللي تكون معها .. وهنا أكنها أنا هطمئن بوجودها بعد ربنا .. قلت أيه !!

تحدث الجد بتردد :
- بس كده هنا هتبعد يجي أسبوعين !

أتاه صوت هنا مازحا :
- أيه دا يا جدوا أنت بتحبني وغيران عليا ! .. كنت عرفه أن هيجي يوم وتعترف يا مشاغب !

وكالعادة تعالت ضحكاتهم لتنهي حالة قلقهم ليأتيها صوت الجد بعد انتهاء ضحكاته بنبره راضيه :
- مش قادر أتصور الفيلا من غيرك ..

انتفضت هنا من جلستها بسعادة جياشة هاتفه وهي تحتضن الجد :
- يا حبيبي يا جدو يعني انت وافقت خلاص ..

ليطلق الجد صوته في تحذير مؤكد :
- بس متغبيش أكتر من كده .. دا أنا لولا غلاوة ندا وظروفها مكنتش وافقت أبدا مهما عملتوا ...

لتتعالي ضحكات رقية عالية هاتفه من بينها بتلقائية عفويه :
- أمال هتعمل أيه يا بابا لما هنا تتجوز وتب....

بترت جملتها حين اقتحما الماضي بقوته في ذهنها والذي تناسته تماما ، أو ربما تداعت النسيان ...

جملتها التي أشعلت فتيل قنبلة كانت ساكنه لسنوات في صدورهم أجمعين ..

ليتحرك الجد بسكون تام ، مطأطئ الرأس إلي داخل غرفته ينعي ما لم ينساه يوما .. متذكرا جرمه الأشد قسوة بل الوحيد في سنوات عمره الكثيرة ..

ليشتد عزيمته إصرارًا بأنه حان وقت الخلاص !!!

------------------------
---------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-04-19, 10:56 PM   #14

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الحادية عشر

وحانت تلك اللحظات علي غفلة بعد سفرها لعروس البحر المتوسط بيومٍ واحد ..

لحظات تخليص روحًا من روح بقدرته تعالى ..

لحظات أنتفض لها جسدها رعبا حين أخترق صياح شقيقتها جدران غرفتها صباحا بصراخ يزلزل الأرض من شدته !

فعلي ما يبدوا فقد فجاها المخاض الطبيعي بزيارته قبل موعد الطبيب المحدد بيومٍ فقط !! ...

تلك اللحظات حفرت للأبد في ذاكرتها .. إلي تلك اللحظة التي تقف فيها الأن أمام غرفة الولادة في هذه المشفى ..

لا تصدق بأنها حسمت أمرها في ظل استمرار ارتباكها وأحضرتها إلي هنا لحالها .. بعد ابلاغ زوج شقيقتها في عمله والذي غادر إليه في الصباح الباكر كحال كل يوم ...

زوج شقيقتها الذي أندفع من العدم باتجاهها الأن بنظراتهُ المشتتة .. بحال لا يختلف عن حالها نهائيًا !

وصل إليها يلهث أنفاسه بصعوبة بالغة .. لم تمنعه عن اظهار قلقه واخراج حديثه ، والذي أندفع دون توقف بهلع جلي علي معالم وجهه :
- أيه إللي حصل يا هنا دا كان معادها لسه بكره ؟!

أجابته "هنا " باضطراب وقلق مبين وهي تفرك راحة كفها في الاخرى :
- معرفش يا أبيه حسين أنا كنت نايمة ومرة واحده سمعت صراخها .. جريت عليها لقيت حالتها بتسوء أكتر .. يدوب أتصلت بيك .. ولبست ملابس خروجي ولبستها وجينا علي هنا .. والدكتور أول لما فحصها قال ميلاد ودخلها أودة العمليات لسه من خمس دقايق ...

أومأ برأسه بعصبيه مفرطه .. متحركاً باضطراب مسيطر عليه ذهاباً واياباً .. في ظل استمرار تحرك لسانه تضرعاً لربه بالدعاء بحفظ زوجته وما في رحمها ...

بينما استكانت " هنا " علي أحد المقاعد أمام الغرفة تقرأ ما تيسر من " سورة يس " وبعض من الأدعية الواجبة في تلك الحالة ....

لم يمر إلا عشر دقائق أخري حتي أقتحم شاب طويل البنيه ، قمحي البشرة في الثلاثين من عمره جلستهما المتأججة بالقلق بقلق مماثل ...

أقترب من حسين يؤازره بثبات :
- ها يا حسين أيه الأخبار ؟!

تطلع حسين سريعا لمصدر الصوت فخرج صوته مندهشا بنبرة استياء :
- أيه بس إللي جابك يا أمير !

أتاه صوته معاتبا :
- عيب يا حسين أنا قبل ما أكون أبن صاحب الشركة إللي بتشغل فيها فأنا صديق عمرك .. فعوزني لما يوصلي في مكتبي الخبر بالصدفة أنك خدت أستأذن اضطراري وطلعت من الشركة بسرعة ، متصلش بيك وأعرف أيه السبب .. المهم ربنا يسر الحال وأطمنت ؟!

أطلق تنهيدة عميقة تعبر عما يسيطر عليه من حالة خوف جليلة .. هاتفا بخفوت :
- لسه يا أمير .. لسه !

ربت أمير علي ذراعه بحركة ثابته هاتفا بيقين :
- أن شاء الله كل خير ..

أومأ حسين رأسه بإيجاب بحركات متتالية هاتفا بخفوت :
- أن شاء الله ..

حرك أمير عيناه لا ارادياً بعض السنتيمترات خلفه علي تلك المنتقبة التي تفتح بين راحتي كفيها مصحف شريف تقرأ منه ما تيسر من القران الكريم في سكون تام .. تلك الصورة الملائكية جذبته جذباً .. ليلمح حسين تطلعاته قائلا بخفوت :
- الأنسة هنا أخت مراتي جت من القاهرة أمبارح عشان تحضر الميلاد ...

أومأ أمير برأسه في شرود بينما ظلت عيناه تعلن حالة العصيان لكي لا تبتعد عن تلك الفاتنة بثوب عفتها !!!

ما هي إلا دقائق قليلة أخري وخرجت لهم أحدى الممرضات حامله المولودة بين يديها بابتسامة صافية مردده لحسين الذي لمح خروجها فأتي عليها متلهفا ليتبعه هنا وأمير :
- ألف مبروك يا فندم بنوته زي القمر تتربي في عزكم ...

فهتف بلهفه دون صبر :
- المهم ندا مراتي عامله أيه ؟!

أجابته باطمئنان ومازالت تحتفظ بابتسامتها الودودة :
- كل خير .. الدكتور بس بيخلص معها وهتخرج كمان دقايق .. ألف مبروك مرة تانية ..

أجابها وهو يلتقط أبنته بين راحتيه بابتسامة حانية وبقلب شغوف :
- الله يبارك فيكِ ..

بينما اقتربت هنا بعض الشيء بسعادة بالغة .. تتطلع بنظرات مختلسة لتلك الملاك بين يداه .. قائلة بنبرة سعيدة :
- ما شاء الله .. بارك الله فيها يا أبية حسين وجعلها سبب لك في دخول الجنة ..

أشاح بعيونه عن طفلته الجذابة متطلعا لها بنظرات سعيدة مرددا بتأمم :
- اللهم أمين يا رب العالمين .. تسلميلي يا هنا ..

تفاجأ بكف أمير تربت بهدوء علي كتفه في الجهة الأخرى مردداً بسعادة مماثلة :
- ألف .. ألف مبروك يا صاحبي ...

ألتفت سريعا له هاتفا بابتسامة تتسع :
- الله يبارك فيك يا أمير عقبال لما نفرح فيك الأول وتدخل القفص برجليك ...

لم يدرك أمير أن بصره تحول دون أدراك منه لهنا هاتفا بشرود تام :
- شكلها قربت يا حسين !!

-------------------

تجمع الأهل والأقارب في سبوع الصغيرة وأتت والدتها من القاهرة دون الجد فحالته الصحية لن تسمح له بالتنقل .. لذلك أكتفت بيومين فقط لاطمئنان علي أبنتها ندا ثم اصطحاب أبنتها هنا والمغادرة له سريعا .. بعد أن أطمئنت من والدة حسين بمراعاة ندا والصغيرة " جويرية " نظرا لظروف الجد المسن ...

والدة حسين التي فاجأت " هنا " بعد أن حضر جميع المدعوين للاحتفال بجلب غربال وهون وسبع حبات من سبع أصناف من البقوليات !!!

لتنصدم " هنا " هاتفه بدهشة مفرطة :
- ده أيه يا طنط ؟!

أجابتها بتلقائية شديدة :
- ده لزوم السبوع يا حبيبتي ..

حينها سحبت هنا شهيقاً عميق ثم زفرته ببطيء هاتفه بهدوء تحاول الإحاطة به :
- بس ده كله مش في اسلامنا يا طنط ..

هتفت والدة حسين سريعا باندهاش :
- أنتِ بتقولي أيه يا بنتي .. أنتِ متأكدة من الكلام ده ، دا أحنا كلنا وعينا وكبرنا عليه واهلينا كمان !!..

هتفت هنا بإصرار مؤكد :
- ايوه يا طنط مش في اسلامنا .. لا الرسول الكريم عمل كده .. ولا وصي بكده .. ولا السبع حبات هتحمي البيبي والوالدة من الأذية قبل ربنا لسمح الله ...

أجابتها بحيرة :
- لسمح الله .. بس أحنا كبرنا عليها وكل إللي قبلنا عملوا كده !

ردت عليها هنا بسلاسة :
- عادات وتقاليد غلط يا طنط مفروض نصححها مش نتوارثها .. غير الذنوب إللي هناخدها من الأجيال إللي جاية ورانا ...

أجابتها والدة حسين سريعاً بنفور ظاهري :
- أستغفر الله العظيم .. ذنوب أيه هو أحنا نقصين ذنوب .. بلاها يا بنتي .. بس أحنا كده مفروض نعمل أيه منحتفلش يعني ؟!

هتفت هنا بلهفة نافية ما رددته :
- لا يا طنط هنفرح طبعاً .. أولا هنتصدق لله ونعمل عقيقة ولو في مقدرتنا نحتفل كمان .. نحتفل عادي وننشد ونفرح ونوزع ملبس وفيشار بس بدون الحاجات دي أو أغاني الإيقاع ..

- خلاص يا هنا أنا فهمتك .. العقيقة وأتعملت والحمد لله .. ودلوقتي أسيبك ثواني أعين الحاجات دي ونرجع كلنا ننشد الأناشيد إللي أنتِ حفظاها ونوزع السبوع كمان ونفرح الأطفال ..

وما هي إلا دقائق وأحتفل الجميع في سعادة عارمه دون ذنوب حملوها .. وفي وسط عيون راقبتها بأعجاب جليل وبفرحه أشد لعثورها علي عروس تقية لفذة كبدها الوحيد " أمير "

------------------

بعد مرور أسبوع دلف حسين لشقته يهتف دون توقف علي غير العادة ...
- نودي .. أنتِ فين يا نودي ..

أتاه صوتها مذبذب سريعا من غرفة طفلتها :
- أنا هنا يا حسين بنوم جوري ..

أسرع اليها ليرها ترضع طفلتها التي تدخل في سبات عميق .. فأشار أليها بإكمال نومها ثم تتبعه للخارج .. فوافقت بإشارة هادئة من رأسها ..

وبالفعل ماهي إلا دقائق معدودة وتبعته للخارج سأله أياه في حيرة ظاهرة :
- في أيه يا حسين قلقتني ..

ليجذبها من راحة يداها محفزا اياها للجلوس أمامه هاتفا بسعادة جليه :
- أمير قرر يفك العقدة ويتجوز أخيرا ...

ابتسمت ندا علي أثر جملته هاتفه من بينها :
- بجد ألف مبروك .. أنت كان نفسك تفرح بيه قوي بس مين صاحبة الحظ ده أخيرا ..

أجابها بلغز محير :
- حد تعرفيه !

اندهشت بشدة هاتفه بحيرة :
- أنا !! .. مين دي ؟!

هتف بثقة :
- هنا أختك !

قالت بتردد خافت :
- هنا أختِ !
ثم انتبهت من شرودها علي ما لفظت به بابتسامة تتسع :
- بجد يا حسين .. دا يبقي أحلي خبر سمعته لأنك دايما بتشكر فيه وفي أخلاقه وكمان يبقي أخيرا حد من أهلي جمبي ..

تشجع حسين كثيرا لما رددته زوجته فأكمل حديثه بشغف :
- يعني هتقدري تاخدي موفقتها وتقنيعها بشخصيته !!

استراحت معالم وجهها مردده بعد تنهيدة عميقة أخرجتها هادئة :
- بص يا حسين عشان أكون صريحه معاك دي مش شخصية هنا أختي خالص .. وهترفض ويمكن تعند كمان عشان الموضوع جه بالطريقة دي .. لأنها بتحب الطريق الصح عن طريق جدو علي طول ... ولو جدو أقتنع بيه ووافق هي هتقتنع كمان ولحظتها أنا كمان هقنعها بيه لأن أمير فعلا أنسان قدير بالاحترام وأي أسرة تتمني تناسبه...

- يعني قصدك يتوكل علي الله ويتقدم لجدك علي طول وهو والنصيب بقا !

أومأت ندا برأسها بالإيجاب في صمت مصاحباً بابتسامة هادئة سعيدة ....

ليهتف حسين بابتسامة مماثلة :
- تمام هبلغه ويعملهم زيارة لوحده الأول في القاهرة بعد ما يستأذن جدك علي معاد مناسب ..

-------------------

بنظرات متفحصه هادئة لباقة الورد التي تحتل الطاولة بينهما ولذلك الشاب الوسيم بزيه المهندم الذي يحتل المقعد أمامه زادته الحيرة أكثر من وقت تحديد موعد تلك الزيارة منذ ثلاثة أيام...

فهتف الجد بنبرة ترحيب هادئة يصاحبها استفسار لحيرته :
- أهلا وسهلا يا أبني أقدر أعرف حضرتك مين و ايه سبب الزيارة دي ..

تنحنح أمير متحشرجاً من صمته مردداً بهدوء :
- أحم .. أنا يا فندم المهندس أمير الشرقاوي مهندس بترول أبن جمال الشرقاوي صاحب أكبر شركة لاستخراج البترول في الإسكندرية ..

هتف الجد بتقدير مشيد :
- ومين ميعرفش والدك يا أبني دي سمعته سبقاه .. بس متأخذنيش يا بشمهندس أنا مليش في شغل البترول وكدة ف…

تحدث أمير بابتسامة هادئة تصحيحا للأمر بعجاله :
- لا يا فندم سبب الزيارة مش بخصوص الشغل أنما…
أنما هو طلب القرب من حضرتك في كريمتكم الأنسة هنا !!!

شحب وجه العجوز ... وأنتفض قلبه بعنفوانيه من بين أضلعهُ ... لتتسرب الصدمة علي معالم وجهه بصورة واضحة لمن يراه ...

فما كان يخشاه طيلة السنوات الماضية وقع وقد كان …

وها قد أصبحت حفيدتهُ التي قضي علي مستقبلها وقيدها في صق عبودية الأجنبي في سن الزواج وأتي أول عريس يطرق بابها ...

صمت لسانه بل وأصبح عاجزا عن النطق نهائيًا … وضاق صدره لشعوره بتقلص الهواء من حوله ...

فما سمعه الأن يكفي لقلع روحه من جسده قلعاً ومغادرتها للأبد !!!

---------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 12:12 AM   #15

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مبرووك روايتك باينة مشوقة 💐💐

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 04:11 AM   #16

saraahma

? العضوٌ??? » 307287
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,044
?  نُقآطِيْ » saraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond reputesaraahma has a reputation beyond repute
افتراضي

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

saraahma غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 09:33 PM   #17

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرورة مشاهدة المشاركة
مبرووك روايتك باينة مشوقة 💐💐
الله يبارك فيك وأسعد الله قلبك وسيسعدني رأيك للنهاية ❤


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 09:42 PM   #18

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

إهداء
إلي تلك الروح التي أحتضنتها السماء بترحاب ، مغادر عبقها الأرض معلنه عن روحنا المتألمة .. " جدي "
ذلك الرجل الذي كانت تذكره جدتي بعيونًا لمعه براقه !
تلك اللمعة لم أفسرها في طفولتي ، ولكني حين كبرت أيقنت أنها لمعه عشق تملكت من روحها لرجلاً حكيم العقل .. رزين الكلمة .. رشيد التصرف .. حنون القلب .. طويل القامة .. وسيم الهيئة .. رجلاً أقل ما يقال في حقهُ رجلاً ..
حينها حسدتها حقًا بأنها نالت قطعة قلبي زوجًا لها !
" رحمة الله عليك جدي ❤ "
شخصية الجد مستوحاة منه 🙈
******************************

الحلقة الثانية عشر ..

غادر أمير مشتت الذهن .. كثير التفكير .. فما الذي نطق به ليجعل ذلك العجوز في تلك الحالة ..
والتي أضطرتهُ مندفعاً أن يستغيث بأهل بيته عند رؤيتهُ أمامه هكذا .. ليلبي ندائه في الحال زوجة ولده التي أتت مسرعه معطيه أياه دوائه الخاص بالقلب علي عجالة لتنصحه بهيئتها المضطربة بضرورة تأجيل لقائه به لحين الأطمئنان عليه ..

غادر بالفعل عائداً للأسكندرية دون حصد أي فائدة من تلك الزيارة .. ليتفاجئ في طريقة بأتصال من صديق عمره حسين المتلهف للجديد من جانبه .. ولكن علي ما يبدو قد صدم مما سرده عليه أمير .. لينقل حيرته المتصاعدة لزوجته لكي تشاركه في الأمر علي أمل أيجاد أستفسار لدي والدتها يناسب حيرتهم …

والتي دفعها القلق بالأتصال علي الفور بوالدتها…

- ماما جدو عامل أيه دلوقتي طمنيني ..

أجابتها رقية بقلق شديد يسيطر علي نبرة صوتها :
- ربنا يعديها علي خير يا ندا حالته مطمنش ورضوي وجوزها معاه في أودته بيكشفوا عليه من نص ساعة ، وهنا دخلتلهم من شوية لما عرفت ولسه مخرجوش لما قلقانه خالص ..

لتصمت لبرهه ثم هتفت بقلق محير :
- بس .. بس أنتي عرفتي أزاي !!

- ماهو أمير إللي كان معاه في معاد من ساعتين صاحب حسين زوجي وهو إللي قال لحسين ..

- غريبه وكان في معاد معاه ليه ؟!!

- عشان يتقدم لهنا بس حالة جدو فجأته ومخدش موفقته المبدئية أن كان يجيب اهله أو لا ..

أرتجفت يد رقية الحاملة بالهاتف في حين خرج منها الكلام بتعلثم :
- أاا... أنتِ .. ب .. بتقولي أيه ؟!!

- أيه يا ماما هو أنا بتكلم بلهجة مش مفهومة .. بقولك أمير شاب محترم ومن عيلة كبيرة في الأسكندرية .. وشاف هنا وأعجب بيها وعاوز يتجوزها ..

حينها أغمضت رقيه عينيها بشدة فباتت الأن تعلم مصاب الجد ، انسابت دموعها في صمت .. ليقيد صدرها بلهيب متأجج من الوجع !

لا تعلم أهو من أجل صغيرتها ومستقبلها الذي أنتهي قبل أن يبدأ .. أم من أجل ذلك العجوز المريض الذي أخطاء دون قصد .. لا تعلم !!

كل ما تعلمه أنهما عزيزان علي قلبها ولا تحتمل تعاستهم أو فقدانهم ..

داعية الله ان تمر تلك المحنة المميتة علي خير فحتي الان يكفي أوجاع لقلوب تشتاق السكينة ...

كلمات كالخنجر باطنها دموع مقيدة .. ذاك ما أستطاعت رقية أخراجه من روحها المحطمة :
- أختك متجوزة يا ندا من أربع سنين وعشان كده واضح أن جدك مستحملش الموقف الصعب ده وتعب فجأة !

ذهول أنتابا ندا بعقلها المنذهل الذي يحاول أستيعاب ما سمعته .. مندفعه دون سيطرة بأندهاش :
- أنت بتقولي أيه يا ماما أنا مش مصدقه!

- أيوة يا بنتي صدقي .. جدك زوج أختك عرفي لأبن عمك جلال ..

زفرت بتنهيدة عميقة تكفي لتجعلها تكمل لأبنتها سرد ما مر بهما منذ أربع سنوات من موت بطئ يقضي عليهم تدريجياً …

في ذلك الاثناء قطع حوارهما صوت رضوي الصادح .. "جدوووووو "

أنتفض جسد " رقية " بشدة من ثابته علي أثارها .. تاركه سماعه الهاتف تسقط من يديها دون أرادة ملتفته ببطء لباب غرفته .. تحدق به بمقلتيها الجاحظة .. مع ضربات قلبها المتزايدة والتي تنفي ما خطر في ذهنها .. مُراقبه بريبة ظاهرية علي صفحة وجهها خروج رضوي بعيون باكية محتضنه بذراعيها شقيقتها هنا التي تكاد تكون منهارة ولا تستطيع السير .. ليتبعهما زوج رضوي مطأطأ الوجة به بوادر الحزن ..
لتلتقط عينيها عيونهم التي قالت لها ما يكفي !

نعم ما يكفي لتقطيع جسدها إلي أشلاء وقلبها إلي أرباً ...

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تحاول أن تستوعب شئ واحدًا .. وهو أن روح الثعلب لم تستطع أن تقوى أمام تلك الكارثة .. وأختارت الفراق !!!

لم تشعر بحالها عند تلك النقطة إلا وهي تصرخ بعلو صوتها بهستريا واضحة :
- بابا مماتش .. حرام عليكم أنتم قاسين ليه وعاوزين توجعوني .. قولوا أنكم معرفتوش تكشفوا عليه كويس .. قولوا أنها غلطة دكتور زي أي حد ما بيغلط .. أرجوكم أتكلموا ما تسبونيش كده .. أرجوكم ..

تمعنت النظر بوجوههم جيداً بعيونها الباكية لعلها ترىx بصيص أمل يعيد روحها الهاربة إلي الحياة مرة أخري ولكن ...

قابلها انهيارهم التام وصمتهم الأشد قسوة .. ليتأكد لها موت ثعلبهم وأباهم وروحهم وفؤادهم للأبد ..

ليصدح صوتها عاليا في انهيار مماثل لهم جميعاً ولتلك المنصتة الباكية لحديثهم في الهاتف بشهقاتها المرتفعة !!!

-------------------

جاء القاصي والداني .. جاء البعيد والقريب حتي المغترب جاء في ثلاثية أيام العزاء إلا ذلك الأجنبي !

فلم يتكلف أحد بأخباره …
ولماذا يفعلوا ذلك وقد ضمنوا إجابته وأفعاله المتحجرة دائمًا !!

مرت الأيام عليهم ليتبعها أياماً أخري وهم ينعون مرارة فراقه .. وعلقم غيابه .. وذهاب اليد الحانيه من فوق رؤوسهم بلا عودة !!

ليقويهم علي ذلك مصحف شريف ، وصلاة يتضرعوا فيها بالدعاء ، وصدقة جارية ..

التي بدأتها " هنا " بالفعل بمساعدة شاكر المحامي في بدأ تأسيس دار لتحفيظ القرأن الكريم للكبير والصغير بدون مقابل تحت عنوان " دار علي البنا لتحفيظ القرأن الكريم "…x

منفذه لحديث الرسول " صلي الله عليه وسلم " بأن الصدقة والدعاء هما ما يصلان للميت من الأحياء ...

-----------------

فراقهُ الموت بعينه .. قتل روحها ببطء .. وفرغ خزان سعادتها إلي وقت غير معلوم وقد يكون إلي الممات .. ليزداد وجهها شحوباً ..ومقلتيها حزن دفين .. ليزيدها الحنين أشتياقاً ..

وما أزدياد الأشتياق إلا عذاباً !!!!

أحكمت ملحفتها جيداً ليليها غطاء الوجه بدقة أشد .. مغادره غرفتها بعد أن أبلغها احدي العاملات بالمنزل بأنتظار السيد شاكر لها في الأسفل ..

فتيقنت داخلياً بأن وقت المواجهة قد أتي .. لتسحب شهيقاً يكفي لثباتها نوعاً ما .. متحركه بخطوات ثقيلة بأتجاههم .. بعد أن شاهدت والدتها تجلس برفقته .. فعلي ما يبدوا بأنها سترافقهم في تلك الجلسة المصيرية …

ولجا ثلاثتهم بهدوء لداخل غرفة المكتب التي تحمل عبق شذاه .. مما جعلهم يتجرعون ما في حنجرتهم بألم مميت ، شاردين بذهنهم بما تحمله ذاكرتهم لذلك العجوز …

بدأ شاكر يستعيد ثباته سريعا ليمسك زمام الامور لتنفيذ ما رغب به صديق عمره حتي ترتاح روحه للأبد !

أخرجهم من شرودهم بأشار من كف يداه .. بالجلوس علي أريكة الأستقبال داخل الغرفة .. ليطيعاه في صمت جالسين بهدوء .. ليتبع جلستهم جلسته علي المقعد المقابل لهم في سكون يتحالف مع هدوئهم …

قائلا بلين بعد أن نظف حنجرته متجاهلا ألمهُ النفسي :
- هنا يا بنتي أنا وجدك عرفين أنك مؤمنة وقوية عشان كده هو تاركلك أمانة ووصاني بأني أفتحها بعد أسبوعين من وفاته في حضورك أنتِ والست الوالدة ..

رفعت وجهها من أنخفاضه سريعا علي جملته الذي سري مفعولها في جسدها بقشعريرة أحيتها من جديد ...

هو يشعر بها وبما لحق بها من ألم موجع مصاحب لفراقهُ .. لذلك ترك لها شئ يعوضها لو قليل عنهُ ..

شبه أبتسامة ضعيفة رسمت علي شفتاها مصاحبه برجفة طفيفة كان رد فعلها .. أثناء مشاهدته يخرج بحذر مظروف ورقي من حقيبته الجلدية معطيها أياه بحيطه شديدة …

حدقت به بعينان متسعه .. لا تستوعب واقعها .. ولا ذلك الشئ المدود من جانبه بأتجاهها ..

مدت يداها برجفة طفيفة أستطاعت السيطرة عليها حتي تلتقط كنزها الثمين من حبيبها …

راقبتها والدتها بعينان تتلألأ بدمعاها المتحجرة وهي تهم بلهفة مُحب بفتح ذلك المظروف والذي يحمل عنوانهُ " إلي الغالية هنا " لمعرفة مضمونه …

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة…

غاليتي ، وجوهرتي الثمينة ، وأبنتي التي لم أنجبها .. لتكون لي الحفيدة التي أفخر بها دائماًx " هنا " ..

الرسالة دي وأنتِ بتقرأيها هتكون روحي صعدت للخالقها .. لحظتها سامحيني علي جريمتي في حقك !! ..
وأن أستخدمتك كوسيلة لرجوع الغايب إللي هيفضل قلبي متعلق بيه حتي لو روحي فارقت جسمي للأبد ..
فكرت في كل حاجة ونسيت أهم حاجة ..نسيت أنك بنت من حقها أن يكون ليها حياتها الخاصة بيها .. اطلبي لي الرحمة والغفران يا هنا لأن عارف أنك بتحبيني .. وهتسامحيني ومش هترضي لروحي العذاب .. وأوعي تتأثري بفراقي لأن هكون دايما جمبك وحاسسك بيكِ ومعاكي في أي مكان تروحيه وكوني زي ما انا طول عمري شايفك قوية ..

حينها لم تستطع التكمله ، لأهتزاز يداها بشدة يتبعها أنهيار دموعها دون توقف .. تاركه الخطاب من بين يداه يسقط بجانبها .. لتنهار دون سيطرة علي جسدها في أحضان والدتها تشهق بشدة دون توقف مردده من بينها بحزن :
- ليه كلكم شايفني قوية ومفروض متأثرش .. ليه مش شايفين أن صمتي وراه حزن ووجع بيقضي عليه من جوه طول الوقت .. ليه مش شايفين أن كبرت من غير أب ولما لقيت جد حنين عوضني عن غايبه مات هو كمان وسابني ..

أتبعت كلامها بهز رأسها بنفي في أحضان والدتها مسترسلة حديثها مرة ثانية :
- أنا مش معترضه والله يا أمي بس في نفس الوقت متقولليش أقوي وقاومي وجعك… لأن صدقوني لحظتها هكون بكذب عليكم كلكم ..

أشتدت رقية من أحتضانها بين ذراعيها بقوة في ظل أنسياب دموعه في صمت .. فما الذي لديها لتقدمه لها لكي يزيل همها إذا كانت هي تحمل نفس الهم وأثقل ..

ربت علي ظهرها بهدوء مصاحباً بقبله عميقة علي مقدمة رأسها مردده جملتها بحنان يستدعيها لأستكمال ما قرأته لعل أبيها ترك لهم حل يريحهما جميعاً للأبد !!

- قومي يا حبيبتي كملي رسالة جدك وشوفي هيقولك أيه للأخر ..

أقحمت هنا وجهها برجفة شعرت بها رقية في أحضانها ، قائلة بوهن شديد وظاهري لهم دون توقف دموعها :
- مش هقدر يا أمي .. صدقوني مش هقدر .. أنتم ليه قصدين تعذبوني وخلاص ..

ربت علي ظهرها مرة أخري بلطف قائلة بنبرة يتملكها الحزن وهي تنظر بتهذيب لشاكر المحامي تسترعيه لتكمله الرسالة بدلا عنها :
- خلاص يا روحي متجهديش نفسك أكتر من كده وجدو شاكر هيكملها بصوت تقدري تسمعيه…

ألتقط شاكر الرسالة وأكملها بهدوء :

" أبنتي هنا حين أفلتت والدتكِ أحدي كلماتها بدون قصد قبل سفرك للأسكندرية .. توجعت كثيرا لها بين نفسي ورغبت في أنهاء دور الظالم الذي قضي علي مستقبلك دون رحمة .. لهذا أستدعيت يومها شاكر لإيجاد طريقة للخلاص !
أقترح أمامي شئ صعب بل قاتل وهو أن يرفع دعوة للخلع بضرر أبتعاد زوجك عن أرض موطنك منذ بداية عقدكما لمدة تمتد لخمس سنوات دون أتصال…

شئ أن أتخذته ونفذته سيجعلني أظلمك مرة أخري حين يطلق عليكي في هذا العمر بمطلقة خلعت زوجها ..

مقدرتش !!

مقدرتش أمضي الورق بعد ما جهزه شاكر وجبهولي عشان أمضية لأقامة الدعوي ..

هنا يا بنتي أنتِ دلوقتي حرة لأن أنا أكيد مش هكون موجود لحظتها عشان تيجي علي نفسك عشاني .. ولا حد هيقدر يغصبك علي حاجه بعد كده .. وأصريت أن والدتك تكون موجودة والرسالة بتتفتح عشان تكون علي علم بكل شئ ..

ريحيني وأمضي الورق يا هنا وكوني حرة طليقة وأختاري الشخص إللي هيسعدك وأبدئي حياتك من جديد وسامحيني أنتِ وولدتك !!

جدك علي البنا "

هبط بيده التي تحمل الرسالة ببطء ثم أشاح عويناته وهو يطالعهم بترقب .. ليتفاجئ بهنا تبتعد عن أحضان والدتها بنظرة قوية في الفراغ ، ماحيه دموعها براحة كفيها وهي تهتف بأصرار مؤكد :
- حاضر هريحك ياجدو !!

ثم ردد جملتها التي شلت أطراف والدتها وأنتفض لها شاكر من ثباته ..

"x أنا عاوزة أروح لزوجي !!!x "

----------------
------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 09:45 PM   #19

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الثالثة عشر

- أنتِ بتقولي أيه يا هنا .. أنت عوزه تجننيني !!

هتفت بها رقية في فزع حين استوعبت جملة ابنتها الصادمة .. ليأتيها صوتها بتوسل باكي :
- أرجوكِ يا أمي سبيني أريحه وأعمله إللي نفسه فيه ومقدرش يطلبه مني !

تراقصت مقلتيي رقية في حيرة شديدة مما جعلها تهتف سريعاً باندهاش :
- لا أنتِ مُصرة تجنيني بقى .. تريحي أيه و طلب أيه إللي مقدرش يطلبه منك .. ماهو بقولك أهو ريحيني وأرفعي الدعوة وأطلقي وأتجوزي وعيشي حياتك ..

ثم استرسلت حديثها بعد انقلاب وجهها من التهجم للعبث المحير :
- هو أه نعم طلاقك لوحده يقطم الدهر .. والخلع هيقضي عليا بس هعمل أيه أنتِ دخلتي في 23 سنة ومقدرش أسيبك كده طول العمر ...

احتضنت هنا راحة يداها لتكمل توسلها بلين دون انقطاع دموعها :
- يا أمي أفهميني أرجوكِ .. هو قال كده فعلاً بس مقدرش يمضي الورق ، لأنه لو شايف في الخطوة دي خير ليا عمره ما كان هيتردد لحظه واحدة في تنفيذها من غير حتي ما يرجعلنا ، يعني بمعني أصح الشئ ده لو اتنفذ هيوجعه أكتر مننا .. فيبقي أنا مجيش أوجعه وهو ميت ، غير أن للاسف عرفت دلوقتي بس أن من جواه كان نفسه أني أجتمع مع زوجي بس مقدرش يقولها ويجي عليا أكتر من كده .. وياريت عرفت بكده قبل ما يتوفي كنت نفذت ليه كل اللي نفسه فيه .. بس كلمة يا ريت من الشيطان ومبترجعش اللي فات .. وبما أن هو اللي رافضني فطلب مني أن أنا إللي أدافع عن زواجي وأروحله والدليل علي كده أن لسه فاكر حفيده ، لسه فاكره يا أمي وقلبه موجوع عشانه حتي بعد ما قطع صلته بيه ..xوالأكتر من ده وده بقولي هكون معاكي في كل وقت وكل مكان تروحيه .. يعني لو روحت وسافرتله روحه هتطمئن في قبره ، وهتكون جمبي طول الوقت بعد التوكل علي إللي خلقنا أولا ..

محت دموعها المنسابة بظهر يداها سريعاً من فوق غطاء وجهها وهي تسرسل حديثها بترجي :
- أرجوكِ يا أمي متقفيش في طريقي .. وفي نفس الوقت مقدرش أعمل حاجة من غير رضاكِ ..

هتفت رقية بكلمات باكية موجعة :
- بس يا روح ماما .. كده أنتِ هتزلي نفسك لشخص مش معترف اصلا بزواجك ولا بصلة القرابة بينكم .. وأكيد مش هيتقبلك ، يعني هتوجعي روحك من غير فايدة !

تركت كفي يداها سريعاً مردده جملتها بثبات مصطنع وهي تمحي دموعها بأرتباك :
- أهو هجرب يا ماما .. ولو فشلت هرجعلك تاني ، يعني هروح فين .. المهم أن جدي يرتاح حتي لو راحته دي في سبيل حياتي كلها ...

لم تمتلك والدتها إلا الصمت الباكي بوجعه المحرق لكيانها كأم ، مفوضة أمرها لله وحده لا شريك له...

أحتضنتها بشدة كأنها تشبع روحها من عبقها منذ الأن قبل موعد رحيلها المزعوم والمعذب والقاتل لقلبها .. والتي قابلته هنا بمثله ، مغلقة جفنيها بأرتياح بعد ان تخطت خطوة أقناعها ...

ملتفته بعد حين لشاكر المحامي والذي يبدوا من صفحة وجهه الصدمة الشديدة .. مردده بأصرار مؤكد :
- أكيد هحتاج دائماً مساعدتك يا جدو شاكر ..

أبتسم بهذيان أثناء اهتزاز رأسه بعدم تصديق ...

لتتفاجئ هنا تليها بسلسلة كلماته الصادمة :
- تعرفي أن قلت لجدك الله يرحمه أزاي هتفهمك كده .. وكنت شبه يقين وقتها أن أي حد عمره ما هيفهم مضمون رسالته الخفي .. بس هو صدمني لحظتها بجملته إللي مصدقتهاش إلا دلوقتي ..

لما قالي " أنا خيرتها يا شاكر عشان أرضي ضميري ، بس أنا وهنا روح واحدة وأكيد هتفهمني من غير ما أتكلم "

أتسعت عيناها بشدة وهي لا تستوعب ما ردده أنعتها حبيبها بأنها وهو روح واحدة ! الأن .. والأن فقط سعد قلبها بشدة بعد أن كاد يهوي بلا رجعه .. لتتفاجئ بيد شاكر ممدوده لها ثانياً برسالة أخري وهو يردد بأبتسامة هادئة :
- جدك الله يرحمه وصاني في حالة لو رفضتي أقامة دعوة الخلع أسلمك الرسالة دي كمان...

مدت يدها ببطء لتلقطها في ريبة جليه علي ملامحها .. لتهم بفتحها بهدوء .. لتندهش صادمة من قلة مضمونها والتي تحتوي علي سبع كلمات فقط تتوسطها :

" أحتسبيها لله ! وجهاد في سبيل الحق .. سامحيني !! "

رغم حيرتها من عدم فهمها لمغزي تلك الرسالة القصيرة ، إلا أنها حينها امتلأت شفتاها بأبتسامة عريضة مرددة برضا وهي تحتضن تلك الرسالة بين يداها وصدرها ...

" الحمدلله أنه هداني للي يريحك يا جدو "

----------------

بعد يومان استعانت هنا بشاكر كحلقة وصل بينها وبين ذلك المجهول الذي تجهل حتي شكلهُ وهيئته .. حيث حثته علي السفر له وأعلامه بما ألت إليه الأمور ومعرفة رد فعله .. لتتفاجئ به يخبرها بأنه حجز بالفعل تذكرة السفر منذ ثلاثة أيام ، وسيسافر له في الغد دون طلبها .. وذلك بناء علي رغبة الجد قبل الممات ليتم تسليم رسالته التي تركها له أيضًا !!

وبالفعل غادر شاكر في اليوم التالي الأراضي المصرية متجها لوجهته الأخرى وهي الأراضي الأمريكية حيث يستوطن حفيد صديقه المتوفاة !!

بعد عناء الرحلة المطولة وصل لمجموعاته الهندسية التي تناطح السحاب في سماء مقاطعة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية...

أستقبلته سولا مديرة مكتبهُ بجدية شديدة حين وجهت له بتهذيب عدم السماح له بالدخول للقاء رب عملها ، وذلك لعدم وجود لدية معاد تم حجزه مسبقاً .. ليخبرها شاكر بضرورة أعلام رئيسها بهواية من في الخارج قبل رحيله فقد يرغب في رؤية مماثلة له .. ترددت سولا كثيرا نظر لعصبية مديرها ولكن حسمت أمرها في النهاية وأقتنعت بضرورة أخباره من باب العلم بالشئ حتي لايعرف بعد ذلك ويعنفها بقسوة ...

رحلت لدقائق وعادت مبتسمه بأبتسامة عملية هادئة وهي تخبره بالأنتظار حتي يفرغ من جميع مواعيدهُ المحدده في أجندة المواعيد .. عائده للغوص في عملها مرة أخري ..
وبكل نفساً راضية خضع شاكر لقراره فأن غضب ورحل فقد لا يستطيع مقابلته مرة ثانية بعد الأن .. ومن أجل وصية صديقه المتوفاة سينتظر حتي لو ترك رجلاً مسن كحاله ينتظر لثلاث ساعات كاملة ، كحال تلك الزيارات السابقة !!

بعد سبع ساعات متواصلة والتي أرهقت شاكر كثيراً بل وجعلته ينفر في بعض الثواني ، ليرجع ثانيا محافظا علي هدوئه من اجل تنفيذ تلك الوصية ..
أقدمت عليه مديرة مكتبه الشقراء تخبره بهدوء نسبي بأن ميعاد لقائه برئيسها قد حان أخيراً !!!

أستقبله بفتور شديد كما متوقع من ذلك المتحجر دائمًا ، لتخرجهم سولا بلباقة من أستقبالهم الهادئ بسؤالهم عن نوع مشروبهما والذي أخبرها شاكر مسرعاً بالرفض متعللا بشربه للكثير والكثير أثناء الأنتظار في الخارج .. لتنصرف بأشارة من كف يد " علي " ملتفتاً لذلك العجوز بشعره الأشيب ليحثه بنظرة عينيه القوية والغامضة علي معرفة مضمون زيارته ، والتي توقعها قبل أن يبدأ كعادة كل زياراته السابقة بالتوسل للرجوع للجد .. الجد الذي لم يكلف نفسه في أي مرة من تلك المرات بالقدوم هو بدلا من محاميه ...

جائه صوت شاكر بلغة الأنجليزية مذبذباً بخفوت :
- بني جدك توفي !!

تحولات ملامح وجهه من قوتها إلي الصدمة الشديدة حين استوعب كلمته لتغزو بوادر الخزن علي صفحة وجهه .. حاول أخفائها بكلمته التي اخرجها بهدوء بعد أن نظف حنجرته بألم أرجعه للكثير من سنوات ماضية :
- متي !!

- منذ أسبوعان …

- ولما لا تخبرني ؟!

- توقعت رفضك فطالما في الخمس سنوات الماضية بعد ما حدث بينكم ترفض اتصالاته باستمرار حتي تم تغير رقم هاتفك .. وأتيت أنا لك مرتان لكي تصفح عنه وتأتي لرؤيته وأيضاً تقابلني بالرفض …

أغمض عيناه بقسوة سائلا نفسه باندهاش لما كل هذا الحزن بداخله ، ولما يشعر بأنه تلقي خبر وفاة والده الأن !

تملك شاكر الحيرة المندهشة من ذلك الغامض الذي عاهد منه القسوة طوال زيارته له ومن معالم الحزن علي وجهه والتي يحاول أخفائها باحترافية ..

فتح " علي " عيناه سريعاً بجمود رسم علي صفحة وجهه محاولا عدم اظهار مشاعره أمام أحد مخرجاً كلمته المقتضبة :
- أتركني الأن !!

تفاجأ شاكر بحالته المريبة رغم ثباتهُ الوهمي الذي يحاول أظهاره أمامه ..فهتف بعجاله قبل الخروج وعدم تحقيق الهدف الرئيسي لزيارته :
- لقد ترك لك جدك شئ بحوزتي !

أتسعت عيناه مندهشاً لتتسع أكثر علي ظهور مظروف ورقي من حقيبته .. معطيه أياه بحيطة .. ليقابله صمته وجمود أطرافه وثباته المزعوم .. والذي دفع شاكر بيده الممدودة في الفراغ بتركه أمامه علي سطح المكتب .. ليتبعها جملة شاكر الهادئة…

" سأنتظر اتصالك .. هذه بطاقة برقمي الأمريكي "

ترك البطاقة بجانب المظروف وانصرف في الحال بينما اندهش " علي " من جملته فلما يحتاج لرقمه ليتركه له !!!

ترك اندهاشة لوهلة متطلعاً بريبه لذلك المظروف الذي يحتل منتصف سطح مكتبهُ وبجانبه تلك البطاقة .. لم يشعر بيداه إلا وهو يلتقط سماعه الهاتف الداخلي أمراً مديرة مكتبه بقطع جميع الاتصالات عنه وأيضا عدم دخول أحد اليه مهما كان الأمر …

أنهي اتصاله بينما عيناه لم تتحرك لثانية واحدة عن ذاك المظروف والذي ألتقطه بهدوء فاتحاً أياه .. متفحصاً بمقلتيه الخضراء كلماته الأنجليزية ...

" بني .. قطعة روحي الغائبة .. أحسد تلك الكلمات التي رأت وجهك عن قرب في حين أنا لم أتمكن من رؤيته للأبد .. نعم للأبد فحين يطالع وجهه تلك الرسالة قد أكون فارقت الحياة ..
كنت أتمني في كل لحظة .. وفي كل وقت تحقيق تلك الأمنية صعبة المنال ولكن عجزي وقف أمامي كحاجز قوي .. نعم بني كنت عاجز بمقعدي المتحرك ومريض لدرجة خطيرة بالقلب منذ وفاة والدك الذي قضي علي أخر أمل لي بعد وفاة شقيق والدك الاكبر .. لم أرغب في أخبارك بذلك لأنني تمنيت أن تأتي لي مشتاقا ترغب في قربي مدي الحياة .. لا شفقة لرجل قعيد لترحل في اليوم التالي !

بني وروحي الثانية حين اقدمت علي تزويجك من أبنة عمك عاصم التي هي روحي الأولي .. لم أكن في دور الظالم الذي أقحمك في كارثة بل أقحمتك في فتاة شبية بالملاك الذي سينير وجهك وعقلك من ظلمة الحياة .. فتاة ستساعدك للخير دائما وستكون لك نعم الرفيق حتي ولو طال الطريق .. وأيضا من أجل هدفي الأقوي وهو أن لا ترتبط بامرأة من هناك كما فعل والدك ..لتضيع أنت ونسلك الذي هو نسلي في تلك الأراضي التي أحمل لها في قلبي جميع الكره الذي يحتل الكرة الأرضية ...

حين تقرأ كلماتي سأكون روحًا في السماء .. فأرجوك وأتوسل مذلولا أي ذرة رحمة قد ورثتها عن أبيك أن تنفذ وصية رجل رحل عن الحياة وتسمح لتلك الطفلة بمجاورتك في أي أرض تكون ...

أو أن تطلق سراحها للأبد لتعيش حياتها وتتزوج رجلاً أخر ينعم بنعيمها !!

جدك الذي لم يعترف قلبك بوجودهُ في الحياة / علي البناx "

ذلك العجوز الماكر بجملته الخبيثة " أطلق سراحها للأبد لتتزوج رجلاً أخر ينعم بنعيمها " أخرج عرقه الشرقي المدفون بداخله ، والذي توارثه دون أن يعلم في دمائه من أبيه وأجداده العرب .. مما دفعه ليجعد تلك الرسالة بقسوة والنهوض بعنف من مقعدهُ وهو يلتقط تلك البطاقة متجها للوح الزجاجي في غرفة مكتبه .. مطرقا بها بحركة ثابتة فوق ذلك اللوح بتفكير عميق وبمعالم وجه غاضبة ...

أجرى اتصال غامض لمدة تترواح لخمس دقائق ، دفعه بعد فترة ليست بقليلة بالاتصال علي ذلك الرقم الذي يحتل البطاقة ..

أتاه صوت شاكر بعد جرس التنبية بالتحية ليجيبه بأقتضاب مخيف بكلمة واحدة ثم أقفل المكالمة بعدها نهائيًا :

- أحضرهاx !!!

-------------------
------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-04-19, 09:47 PM   #20

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الرابعة عشر

- أحضرها !!!

كلمة اخترقت أذن شاكر بقسوة ، ليسمع بعدها صوت انغلاق المكالمةx !
جمود كلي أصاب جميع أطراف جسده حين تأكد أنه صوت ذلك القاسي .. مما جعله يصاب بغصه مريرة في صدره .. فلم يتوقع أن تصل قسوته لتلك الدرجة .. بل كان يتوقع أن يحفظ ماء وجهها ويصون كبريئها ويأتي علي الاقل لاصطحابها من بيتها كعروس حتي لو دون مراسم ..

ولكن لما يسمي قاسي أذا لم تحتل القسوة أفعاله !

الأن صار يخشي علي تلك الفتاة حقاً !
ويعتب علي وصية صديقه المتوفاة !

ولكن ما باليد حيله ويجب تنفيذها كما تنبغي حتي ترقد روح صاحبها بسلام !

----------------

- ده لا يمكن يحصل ابدا !!

هتفت بها رقية في هجوم واضح وهي تنتفض من جلستها بصحبة ابنتها " هنا " وشاكر بعد ماتفوه به الأخير من شئ مهين لأي فتاة عربية بأصولها الشرقية ، ولا تتمني أن تسمعه أي أم تريد الأفضل دائمًا لأبنائها ..

لتنهض " هنا " مسرعة من جلستها مرددة بأرتباك بعد أن تداركت صدمتها ، وأخفت حزنها من رد فعل الاجنبي :
- ليه بس ياماما وفيها أية ما في بنات كتير بتسافر لأزوجها !!

نظرت لها رقية بنظرة معاتبة وهي تردد باستنكار شديد :
- دا لما يبقي شافها واختارها ومقتنع بيها يا ست هنا .. مش زي ظروفك وبعدين ازاي هيرتحلي بال عليكِ وأنتِ عنده وهو مكلفش نفسه يجي ياخد مراته في اول مرة من بيت أهلها ، ونتعرف عليه وأعرف بنتي هتتغرب مع مين ..

تطأطىء شاكر برأسه في خزي بينما تحدثت هنا بعد أن نظفت حنجرتها بألم تخطته بابتسامة هادئة مصطنعة :
- يا ماما مايمكن مشغول زي اي رجل اعمال مابيتشغل ومعندوش وقت يحضر ..

جلست والدتها مرة أخري علي مقعدها وهي تصيح بنفور ظاهري :
- انا مليش دعوة بكل ده .. انا قلت لايمكن ده يحصل يعني لا يمكن يحصل .. أنا أم وعاوزه أطمن علي بنتي وأظن ده حقي !

جلست هنا باستياء شديد علي المقعد المقابل لها بعد أن تطلعت لشاكر في صمت بنظرة يأسه لظهور عضلة في تنفيذ ما رغب به الجد .. ليفهمها شاكر بنظرة صامته مماثلة ، مما جعله يتنحنح من انصاته متحشرجاً :
- احمم .. ست رقية أنتِ عرفة مصلحة هنا تهمني قد أية في المقام الأول والأخير ..

أجابته رقية بأحترام جليل فطالما كانت تعامله كمثل والدها ووالد زوجها :
- أكيد يا أستاذ شاكر ، انت زي جدها الله يرحمه بالظبط …

شكرها شاكر بإمتنان ثم هتف قائلا بحكمة رجل مسن لحل ذلك الخلاف :
- حكاية أنها تروحله او هو يجلها ده كله تحصيل حاصل .. لأنها في الأول والأخر مراته ، ولما يطلب انها تروحله فمن واجب الزوجة أنها تطيع زوجها إلا في معصية ربها وإلا هتتحمل ذنب كبير ، وبعدين ماشاء الله انتِ مش محتاجة حد يكلمك في الموضوع ده لأنك ملمه بأمور دينك وعرفه الحلال والحرام …

أنحنت عيناي رقية بأستسلام أمام أوامر دينها ونواهيه .. ولكن مازال قلبها يحمل مايعوق نبضه كأي أم !!

مما جعل شاكر يصمت لثواني تُعد هاتفاً بأصرار حازم :
- وكمان من حقك أنك كأم تطمني علي بنتك وعشان كده أنا إللي بقولها دلوقتي قدامك .. يوم ما تحب الخلاص وتلاقي نفسها عجزت عن الحياة هناك ، اتصال واحد منها ليا وانا إللي هاجي أخرجها لو من مملكة الأسد ذات نفسها وأجبهالك لغاية هنا .. ودي كانت الرسالة الشفوية والوصية الخاصة ليا من أخويا وجدك الله يرحمه سمعاني ياهنا أنتِ ولدتك …

تطلعا له بنظرات مشتته منها الشوق والحنين لذلك الجد الذي لم ينساها في وصياه حتي بعد ذهابها لذلك المجهول ..

نظرات امتنان صامتة تعبر عن اطمئنانها نوعاً ما .. ويبقي الاطمئنان الكامل لدي الرحمن الرحيم وما عليها إلا التضرع بالدعاء لهُ في كل حين …

-----------------

بعد يومان تأكد شاكر من حجز تذكرتها وقام بالاتصال علي " علي " حتي يتم اعلامه بموعد وصولها واستقبالها هناك في مطار لوس أنجلوس علي الأقل من جانبه .. وخاصة بعد رفضها القاطع لمرافقتهُ لها في تلك الرحلة موضحة رفضها بأنه أرهق أثناء سفرهُ ذهاباً وأياباً هذا الأسبوع أكثر مما ينبغي ، مما يعرضه للأجهاد الشديد هو في غني عنه في أعوام عمره الكثيرة …

مرت الأيام وجاء موعد الأقلاع الفعلي للطائرتها المغادرة للولايات المتحدة الأمريكية .. ليتحالف الجميع لوادعها قبل موعد الأقلاع بمدة كافية ، والدتها ، أشقائها بأطفالهن ، شاكر المحامي ..

في الموعد المحدد لها حلقت الطائرة في سماء القاهرة بعد أن انهمرت دموع من علي متنها ودموع مودعيها في الأسفل دون حسبان يصاحبهما الحزن والألم .. وبأنفس تتمني اللقاء علي خير حال مهما طال الزمن ..

-------------------

بعد عناء رحلة مطولة استغرقت سبع ساعات وثلث الساعة هبطت بالفعل علي أراضي ثاني أكبر مدينة بعد نيويورك في الأراضي الأمريكية من حيث المساحة وعدد السكان …

خطت بأرجلها المغطاة بملحفتها لصالة الأستقبال تجر حقيبة أمتعتها متوسطة الحجم خلفها ، فلم تكترث بجلب الكثير منها لجهلها بطول المدة التي ستقضيها علي تلك الارض ..
وذلك بعد أن مرت بأعجوبة من تحديق عيون شرطة المطار وموظفيه وجميع المسافرين المارة من جانبها ، وأقل ما يوصف وجوههم هو الريبة الشديدة والشك في هواية شخصها ..

كأنه بات للأرهاب زي موحد في مخيلتهم !
وأصبحت هي ترتديه أمامهم الأن بكل بساطة !!

هل وصل الحد أن ينظر للأسلام المتسامح بشريعته السمحة كالقرين للأرهاب الغاشم بجرائمه التي لا دين لها !!!

حيرة شديدة تملكتها بألم قاتل لما أصبح عليه نظرة الغرب تجاة دينها الحبيب والمسلمين ومن ثم اللحية والنقاب خاصةٍ ...

حيرة أشعرتها بالبغض علي هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون كذباً للأسلام ويشوهون صورتهُ بأفعالهم الاجرامية .. ليشعرها هذا بأنها مقصرة وكل مسلم في حق دينها لأنهما لم يكونوا خير سفراء له أمام غرباء هذا الدين العظيم !!

حيرة جعلت قلبها ينزف وجعاً .. يقضي عليها كمسلمة تعتز بدينها ورسوله الكريم …

فاقت من شرودها العابث علي لافته احتلت رؤية عينيها يكتب عليها اسمها الثلاثي بالأنجليزية " هنا عاصم البنا "
جمود سيطر علي جسدها لثواني وهي تطلع لحاملها بملامحه الشقراء ذات الطابع الاوربي بمقلتيه الزرقاء الحائرة علي الوافدين من رحلة القاهرة…

انخفضت عيناها بحياء حين أتي علي مخيلتها بأنه حتماً ابن عمها وزوجها ، فهي لم تراه من قبل ولا حتي كان لديها الفضول لرؤية تلك الصور القليلة له بحيازة جدها ...

اقتربت منه بأستحياء وبخطوات ثقيلة إلي أن ثبتت علي مسافة قريبة منه ، فلاحظت جمود معالم وجهه ليتبعها اتساع مقلتيه بصدمة جليه علي ملامحه فعلي ما يبدوا أنه لديه نفس الرهبة والريبة تجاة المسلمين والأسلام أيضًا ..

يا الهي علي مايبدوا أنني سأعاني هنا كثيراًx !!

ابتسامة ساخرة ضعيفة رسمت علي شفتيها وهي تحدث ذاتها بجملتها الخفية تلك ..

في حين تغيرت ملامحه هو لعدم الاستيعاب .. وقد بدأت تخرج منه أشارات حركية من كف يداه تنحصر بين اللافتة وبينها هي .. ظنن منه أنها ستجهل لغة حديثه أذا تحدث بها …

سرعة بديهتها أوحت لها بما يدور في ذهنه مما جعلها تتحدث مسرعه بالأنجليزية :
- نعم .. أنا هنا عاصم البنا !

زادت دهشته للقصوي الشديدة فعلي ما يبدوا أن تلك الأرهابية العربية المسلمة بجلبابها الرجعية تتحدث وعلي علم بلغة موطنه !!!

مما جعله ينظف حنجرته سريعا وهو يتحدث بأرتباك أثناء مد كف يداه باتجاهها لتحيتها :
- معاك جاك لويس أرسلني السيد " الَي البنا " لاستقبالك ...

تلك الجملة كفيلة بشل تفكيرها لثواني !
وتجمد ملامح وجهها يتبعه شحوباً ..ومقلتيها حزن دفين ..وازدادت ضربات قلبها وجعاً لفعله…

حتي أستقبالها هُُنا لم يأتي إليه وأرسل رجلا غريبٌ عنها !

أجفلت عيناها بألم عنهُ فلا يحق لها مطالعته بعد الأن لكونه اجنبياً عنها ، متجاهلة كف يداه والذي سحبها ببطء حين أدرك أنها لن تصافحهُ …

أشار لحقيبتها مردداً بحذر شديد :
- هل تسمحي لي ؟!

فهمت مغزي جملته فتركتها دون تردد ، ليبدأ بسحبها خلفه وهو يشاور لها علي باب الخروج ومن ثم علي مكان اصطفاف سيارته…

لتتبعه صامته تتحاشي النظر أليه حتي قاما بفتح الباب الخلفي للسيارة ، فأطاعته راكبه بهدوء والحزن يملأ قلبها غير مصدقه بأنه أرسل سائقه ليستقبل زوجته في أولي زيارتها !!

بعد السير بالسيارة ما يقارب النصف ساعة في وسط مدينة لوس أنجلوس قد رحلت الشمس بغروبها لتعلن عن حلول الليل .. شاهدت عن قرب من نافذتها جسر جولدن غيت أطول جسر معلق في العالم بأضوائه الخلابة التي أبهرتها ولكن عقول أصاحبها أذهلتها أكثر لمجرد رؤيتهم لامرأة مسلمه منقبة !

ما هي إلا ثواني وأنحرفت السيارة قليلا بأتجاة قصور فاخرة بمبانيها العتيقة إلي أن وقفت أمام أحداها بجدرانها العالية وبوابتها الألكترونية .. والتي مجرد أن نطق جاك أسمه بنبرة صوته وهو ما زال في مقعده بالسيارة فُتحت بابيها علي أوسع نطاق لتسمح بعبور السيارة ومن ثم انغلاقها خلفها مباشرة !

تعجبت كثيراً من تكنولوجيا الغرب الحديثة والتي أدت إلي الاستغناء عن رجال الأمن والحراسة ..

وما هو إلا لمح البصر حتي مرت السيارة بحديقة خضراء تقر العين وتبهج الصدر بتصميمها المبهر والحديث ، متوسطه أياها حوض استحمام دائري التصميم بشكل لا يقل روعة عن الحديقة المحاطة به ..

فاقت من خيالها المسحور بذلك الجمال علي توقف السيارة ليتبعها المحرك وهبوط ذلك السائق وفتح الباب المجاور لجلستها بهدوء شديد .. مما احثها علي الهبوط فعلي مايبدوا أنه قد وصلت لوجهتها بالفعل …

انقلب أحوال الجو فجاة وهبطت الأمطار ووصلت البرودة لتحت الصفر بعد أن كان يغلب المدينة جو ربيعي مزدهر !

وهذا أول شئ ألمت به عن أحوال المدينة التي سوف تعيش بها .. ففي ثواني ينقلب الحال رأساً علي عقب وتسوء الأحوال الجوية .. مما جعل جاك يحفزها للدخول علي الفور داخل القصر حتي لاتتأثر بمياة الأمطار .. فأطاعته مسرعة دون ان تدقق جيداً في تفاصيله الخارجية العتيقة والنادرة …

دلفت من باب رئيسي كبير لداخله ، والذي لا يقل في تصميمه الهادئ بتكنولوجيا المعاصرة عن جمال الحديقة في الخارج ...

في وسط تطلعاتها الدقيقة ظهر من العدم رجل مسن قد يكون في السبعون من العمر بزي أسود مهندم ، فعلي ما يبدوا من صورته الخارجية أنه مدير أعمال هذا القصر …

استقبالهم بابتسامة بشوشة تسربت ببطئ عند اقترابه منهم .. ليظهر تليها الاندهاش من هيئتها علي معالم وجهه ولكن تداركه سريعاً بذكاء يحسد عليه أثناء محادثته لجاك من خلفها بلباقه :
- مرحبا مستر جاك .. هل هذه ضيفة سيد " الَي "

أومأ جاك برأسه سريعا بالإيجاب وهو يعطيه حقيبتها .. ليلتقطها وهو يرحب بها بسلاسة عملية :
- مرحبا سيدتي هيا معي أدلك علي مكان اقامتك …

في أثناء ذلك شعرت بانصراف جاك من خلفها مغادراً للخارج .. رهبة شديدة تملكتها وهي لم تشاهد إلا رجال غرباء يستقبلونها ..

ومن اتت بشأنه ولأجله وصلة القرابة بينهم وطيدة لم يشغل ذهنه لاستقبالها !!

فاقت من شرودها المحزن علي كف يد ذلك العجوز تشاور علي باب غرفة في منتصف الممر في الدور الثاني لذلك القصر قائلا بلين :
- سيدتي هذه غرفتكِ وبأوامر من سيد " الَي " لا يسمح لكِ بالتجول خارجها !!!

-------------------
------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رومانسي ديني أكشن اجتماعي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:46 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.