آخر 10 مشاركات
مابين الحب والعقاب (6)للرائعة: مورا أسامة *إعادة تنزيل من المقدمة إلى ف5* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          499 - أكثر من حلم أقل من حب -لين غراهام - أحلام جديدة جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          قيود الندم -مارغريت بارغيتر -ع.ج-عدد ممتاز(كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حياتي احترقت - فيفيان لي - ع.ج ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : عروس القمر - )           »          32 - ليلة ثم النسيان - باني جوردان عبير الجديدة (كتابة /كاملة **) (الكاتـب : dalia cool - )           »          202- لن تعيده الاشواق - لي ويلكنسون (الكاتـب : Gege86 - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          سارق قلبي (51) -رواية غربية- للكاتبتين: وجع الكلمات & ولقد أنقذني روميو *مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree62Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-04-19, 04:33 AM   #41

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي


الحلقة السابعة والعشرين

تطلعا كل منهما لمصدر الصوت .. هو بنظرات مضطربة حانيه يأكلها الأشتياق لطفله العزيز على قلبه ..
وهي بنظرات مرتعبه يأكلها الفزع الشديد .. محدثه ذاتها برهبة منذ متي وهو يسمعهما !

انتفضت من جلستها أمام فراش العجوز بخطوات متعثرة تعود أدراجها للخلف حين شاهدت تقدمه الشرس بإتجاهه وكأنه بات لا يشاهدها قائلاً بتهجم واضح :
- أخبرني لماذا ؟ هل هذا وعدك لي بالا تتركني ؟!

أدمعت عيناي العجوز التي تشبع بنظراتها من تقاسيم وجه القريبة منه وهو يردد بخفوت مؤلم :
- " الَي "

بدموعه تلك فقد سيطرته وبدأ باستياعب الكارثة ، سقط بانهيار تام يجثي علي ركبتيه أمام الفراش ، ليتبعها تساقط دموعه الفريدة في حدث نادر لم يحدث منذ موت والده .. هاتفاً بعتاب محب :
- وعدتني بالإ تبتعد .. وعدتني بمرافقتي مدي الحياة .. وعدتني بأن تكون لي الأب الذي غادرني مبكرا .. وعدتني بأن تكون لي عائلتي وكل شئ بحياتي ..
لماذا لم تخبرني من قبل حتي أستطيع علاجك بما يتوجب عليا فعله !!
ولكن أنا لن استسلم مثلك ليأسك أيها العجوز الماكر و سأنقلك لأكبر مشفيات العالم وستتعالج وستنجوا .. هيا .. هيا ..

قالها وهو ينتفض من جلسته قابضا علي يد العجوز يحثه بتفائله علي النهوض برفقته وباليد الأخرى يمحوا بها دموعه المنسابة علي وجهه بعنف ..

إلا أنه ذهل من تسرب يد العجوز من بين راحة يده .. مرددًا بابتسامة باهته يصاحبها وهن شديد بنبرة صوت ينازع بها من بين الحياة والموت :
- لا فائدة " الَي " .. !!

هز رأسه بحركات عنيفة ترفض بل ينفي جملته بتمني .. ليجثي ثانية أمامه بحالة هستيرية أقرب الي الجنون ظل يردد بترجي من بينها بدموعه الغزيرة :
- كلا .. كلا أرجوك .. لا أريد أن أشعر بذلك الفراق مرة أخرى .. يكفي ما مر بي حتي الأن .. أرجوك !!

عادت أدراجها إلي أن أنصدما ظهرها بحدود الحائط من خلفها وهي لا تصدق ما تشاهده بعينين مشتتة ..
هل القاسي المتحجر يبكي !!

هل هو بالفعل أم ذلك شخص أخر .. يتأثر ، يحن ، يتألم ، يعشق ، يتوسل ، يبكي !

هل هو بالفعل أم أنها تتوهم ، نعم فهي حتما تتوهم بحلم يصعب تحقيقه ، وإذا تحقق فهي في إذا في مشهد نادر من نوعه !

ولكن لما التعجب والدهشة الأن ، فدموعها هي أيضا تسقط بغزارة بل وقلبها ينتفض بقوة من هول المشهد أمامها ..

فالعجوز صاحب القلب الطيب ، وأنيسها في هذه البلاد يحتضر !!

والأجنبي في حالة أقرب للأنهيار الهستري بهيئة طفولية نادرة كالطفل أبن العاشرة حين يودع أبيه لمثواة الأخير !!

تطلعت للعجوز المستسلم للموت وهو يلمس براحة يده المرتعشة وجهه الباكي ليخليها من تلك الدموع ... وهو يهتف علي فترات متباعدة :
- كن ..ت أخشي علييييك عند م..معرفتك !!

أجابه بنبره باكية تهكمية :
- ولكنني علمت ، وياليتني ما علمت !

انخفضت ضربات قلبه بشدة .. ورغم هذا جاهد لأخراج كلماته الأخيرة وهو يتطلع لها بعينين تتوسل في صمت لتنفيذ رغبته :
- ك..ن قوي " الَي "… وأرئف بحالهااا !!!!!

أنتهي بمشاقة بالغة من تلك الجملة لينتفض بعدها جسده بشده من ثباته الواهن علي الفراش .. أنتفاضة جعلت " علي " يهلع خوفا لتبرز مقلتيه الجاحظة وهو يحدقه بتطورات مرضه اللعين .. وما هي الا لحظات .. لحظات !
كان في مخيلته ينوي فيها عمل الكثير لإنقاذه ، ولكنها لم تعطيه الفرصة لتنفيذها ، حين استكان جسده بلا حركه للابد مع تسرب خيط دمائي من فمه في الحال !!

------------------

ظلت تتطلع لضوء القمر المتخفي بين الغيوم الحاملة للمطر والتي تهطل بما تحمله ، ليستكين بزخاته الغزيرة علي زجاج النافذة بجوارها في جلستها الهادئة امامها .. تحتضن ساقيها بذراعيها المنعقدة ، متكئا بذقنها بين ركبتيها .. تشاهد بتمعن قدرة الخالق في خلقه .. شارده بما مر عليهما منذ موت العجوز !

هل العجوز توفي حقاً !

سؤالا مازال يتردد علي ذهنها المغيب كثيرًا رغم رؤيتها للحظات فراقه الأخير .. وأنهيار " علي " على أثرها .. فلولا تعايشها لتلك اللحظات لكانت كذبت جميع من أخبرها بذلك الشئ .. انسابت دمعاتها بتتابع علي أثر ذلك المشهد وهي تتذكر موت الجد !

ذلك الجد الذي رغب في أسعاد الجميع رغم ما يجتاح صدره من ألم ..

رفعت أناملها تمحي بها دموعها المتساقطة مردد ذاتيا برضا .." الحمد لله علي كل حال " ..

فقط تتمني عودة " علي " سليما معافي متجاوزا محنته علي خير .. لا تريد شئٌ أخر ..

علي أثر تلك الأمنية تذكرت كيف كانت حالته عقب موت العجوز .. أنهيار تام أمام جسده الراقد وهو يكذب الواقع بشدة .. فحينها علمت بأنه يعني له الكثير والكثير ، بل يمتلك قلبه لا جزء منه .. كانت تود لو تقترب لتزيح عنه حزنه وألمه .. ولكنها خشيت قسوته ..

وبالفعل تحقق ما كانت تخشاه حين تفاجأت بأنقلاب حالته مائة وثمانون درجة بعد مرور وقت ليس بالهين في حين ظلت هي في ثباتها من خلفه .. حيث أنتفض من جلسته بشخصية " علي " القديمة .. يمحي دموعه بتهجم ليستبدلها بعينين قويتان .. وجسد منتصب .. ومعالم وجه قاسية رغم طبيعتها الوسيمة ..

غادر الغرفة بتجاهل تام كأنها باتت هواء يتطاير دون هيئة أو ملامح محددة .. تجرعت حنجرتها بريبة من حالة النقيض به .. فاستغلت مغادرته وأقتربت ببطء لتودع ذلك العجوز الذي عاهدت منه الحنان والطيبة .. أقتربت ودموعها تحفذت للهطول مرة اخري .. أقتربت لتأكد علي رجائه الأخير لها قبل رحيله ..

هبطت تجثوا أمام جثمانه مردد بإصرار وهي تتمعن في تفاصيل وجهه الشاحبة بقهر :
-x حسناً ايها العجوز .. لن اتخلي عنه كما رغبت ورغب من قبلك جدي !!

أقترب أصوات خطوات قاسية بأتجاة الغرفة ، علمت صاحبها جيدا فاسرعت تبتعد لسابق عهدها قبل مغادرته…

لتتفاجئ بدخوله بصحبة جاك ورجال الأسعافات الذين اسرعوا في تنفيذ كل ما يتطلبه واجبهم المهني .. في حين تصاعدت نظرات ذلك الأشقر للقصوى .. نظرات تملكية بانها بات حقه هو !!

اندهشت من تفسيرها لنظراته بذهول ، فأرتعب قلبها رغم حالة الحزن الذي يعيشها الأن ، فقررت الأبتعاد من أمامهم والصعود لغرفتها تتوارى خلف جدرانها المحكمة من تلك النظرات الرصاصية التي باتت تخافها بشدة ..

وما هي إلا دقائق وشاهدت مغادرتهم جميعاً بجثمان العجوز متوجهين به لإقامة الطقوس الخاصة بديانته ومن ثم الصلاة عليه في أحدي الكنائس لتشيع في النهاية جثمانه لمثواة الأخير …

أغمضت عيناها بألم لتطلق لتنهيدة عميقة الحرية في الخروج حين تذكرت عدم قدومه لذلك القصر من حينها .. فعلي ما يبدوا أنه أنعزل في مكان مجهول هويته لأنه يمر بأسوء أيام حياته ..

تذكرت ليالي رعبها وهي وحيدة في ذلك المبني الضخم .. في منطقته الساكنة .. لتفر فراً من تلك الحاله بالتوجه لرب البشر بصلاة طويلة المدى .. لتخرج منها بسكينة قلب تحتاجها في هذا الوقت العصيب !!

تذكرت أيضًا جاك حين أتي بمرتان في ذلك الأسبوع ، وقف فيهما في حديقة القصر بنظرات متفحصة مطولة لمبني القصر في باطنها الحيرة والتشتت والأشتياق في ظل صمتها الدائم وخوفها المتصاعد من حالته الغامضة .. ولكنه لأجل الحق كان يغادر صامتاً بعد عدة دقائق كما اتي ..

رجعت من شرودها لأرض الواقع علي صوت أنذار يصدح لإحدى السيارات وهي تقتحم محيط القصر ، فأسرعت بفك عقدة يديها والهبوط بساقيها متجه بكل جسدها لزجاج النافذة تبعد بخار أنفاسها عنه حتي تتمعن من وسط تدفق الأمطار في تلك السيارة بنظرات تأمل .. وبقلب يخفق .. تتمني بجميع حواسها بأن يكون غائبها قد عاد ..

وبالفعل بعد ترجل صاحبها أكتشفت بأنه هو .. ولكن ملامحه ليست واضحة ولكن يبدوا من هيئة جسده بأنه كان يعاني بالفعل !!

صعد للطابق الثاني بخطوات ثابتة إلي أن سمعت صوت أنغلاق باب غرفته بعنف ..

حمدت الله كثيراً علي عودته ، والسعادة تتسرب لداخلها بعد أن باتت تفارقها للإبد ..

فاسرعت تتناول أحدى اللقيمات لبدأ سحور أول يوم من شهر رمضان المبارك بعد أن فارقها الرغبة في الطعام طوال هذا الاسبوع ..

-------------------

في الصباح الباكر شعرت به وبمغادرته الاولي والثانية .. فأسرعت بالأعتدال تستدعي نشاطها بعزيمة قوية ورغبة في إسعاده لتعويضه عن هذا الأسبوع المنصرم .. وذلك بتجهيز طعام اليوم بأشهى الأطباق التي يحبها كما علمها العجوز ..

فحتما كان حزين وأهمل طعامه طوال هذه المدة كما حدث معها بالفعل ..

فاسرعت تجهز حالها بعد أن اغتسلت وقرأت وردها بأرتداء ملحفتها السوداء فوق منامتها الحريرية وغطاء وجهها .. نعم لا أحد بالمنزل الأن .. ولكنها تخشي قدومه في أي لحظة كيوم وفاة العجوز .. فهو حتي الأن ليس بزوجها !!

هبطت تشرع في بدأ كل ما يفعله العجوز من عمل بعد أن تركت القصر علي حالته منذ مغادرة جثمانه ..
حيث كان لا رغبة لها بعمل شئ .. في حين كان الحزن يسيطر عليها بشدة ..

قُرب أذان العصر أنتهت من جميع الاعمال .. لم يتبقي لها الا طهي الطعام الذي أعدته منذ الصباح .. ولكن لن تتم طهوه إلا قبل قدومه بفترة قصيرة حتي يتمتع بسخونته المطلوبة ..

تعلم أن معاد عودته بعد أذان المغرب بساعة كاملة حسب توقيت سان فرانسيسكو .. ولكن لا يهم ستفطر علي أحدي التمرات التي بحوزتها وستنتظر قدومه وتتصنع بانها تأكل بصحبته من أسفل نقابها حتي يشعر بنفس أهتمام العجوز من قبل وبالتالي تتحسن حالته النفسية ..

إلا أنها في عز إجهادها تذكرت شئ مهم ظل العجوز يعيده عليها الاف المرات .. " تجهيز ملابسه قبل عودته "
لتبتسم شاردة علي جملته التهجمية عقب نسيانها :
- أخبرك بهذا لكي تتذكري .. لا أن تنسي !

وكأنه كان يعدها لتتولي مسئولياته من بعده !!

فاقت من شرودها علي حالتها المرتبكة ، فكيف تدخل غرفته وتعد له ملابسه وخاصة الداخلية !!

يا خالقي ألطف بي !!

قالتها وهي تفزع من جلستها بتوتر جلي ، ليستقر بها الحال علي عدم الذهاب لفعل ذلك الشئ بتاتاً..

مضت نصف ساعة ما بين الرفض والقبول إلي أن خضعت أخير بطيب قلبها وقبلت أن تهيئه سريعا دون التعمق بأي شئ يخصه ..

وضعت قدمها داخل الغرفة بقشعريرة قوية تسري في جسدها .. ليتبعها صوت صك أسنانها .. فتلك المرة الأول التي توضع بهذا الشكل في كارثة حقيقية كما تراها ..

رأت غرفها يسودها السواد الكاحل بداية من المفروشات الي لون السجاد والحائط .. كل شئ بها دون اسثناء .. ارتجف أوصالها مرة ثانية .. فاسرعت بخطوات اشبه للركض بإتجاة غرفة ملابسه لتحضيرها بعجالة ومن ثم مغادرة تلك الغرفة المخيفة ..

أُذن أذان المغرب فتناولت تمرة من أحدي التمرات التي لا يخلو منها حقيبتها نهائيا ثم تجرعت خلفه الماء .. توجهت لإعداد طاولة الطعام علي موعد حضوره المحدد كما كان العجوز يعمل من قبل ..

وقفت تتطلع لهيئة الطاولة المبهرة باصنافها المفضلة لديه .. تأمل أن يلين قلبه المتحجر وتفتح معه أهمية الصومx للمسلمين .. نعم لابد من إسلامه اولا .. ولكن سترمي علي مسامعه بعض المحفزات قبل أن تتطرق لتلك النقطة بغايتها الأهم والأعظم ..

فقط تأمل أن يتخلى عن تحجره وتتوكل علي الله في أن يلين قلبه !

شعرت بأنفاس أسد جائع متحفذًا لتلقي فريسته تقتحم أذنها .. دب الرعب أوصالها وهي تلتفت ببطء لصاحبها والتي لم تعلم حتي تلك اللحظة كيف لم تلاحظ قدومه ..
فابتلعت ما في حنجرتها بإرتباك أشد حين شاهدت عن قرب وجهه بذقن ناميه و عيناه الخضراء تحولت لجمرتي لهب يتأجج نارها بعنفوانية .. انتفضت للخلف بفزع جلي .. مردده بتلعثم دون أدراك للجرم الذي أقترفته :
- ه ..هذا .. ال ال عجوز .. أااوصاااني .. أاانا صائمة .. رررمضان …

بترت جملتها حين هجم عليها كما توقعت من هيئته الشرسه قائلا من بين أسنانه حين أشار بكف يداه للطاولة بنفور :
- ما هذا !!

صمتت مرتجفة لم تستطع الأجابة إلا بكلمة واحده فقط :
- ص .. صائمه .. وأنت ..

وكيف تخرج الكلمات بحضوره الطاغي هذا .. فحتما ستسقط ذات مرة مغشي عليها أمام قسوته تلك ..
بركان ناري بداخله ظنن منه بأنها تفعل ذلك لأخذ مكان العجوز وبالتالي يتطلب عليه نسيانه فأغتاظ بشدة من مكرها ..
فأتجها دون تفكير لطاولة الطعام يسحب مفرشها بعنف ليسقط جميع ما عليها في تهشم عنيف صدح صوته في المكان أجمع .. مع نبرة صوته بقسوتها المعهودة :
- لن تأخذي مكانه أيتها الماكره مهما فعلتي ، واستعدي لمغادرة هذا القصر منذ الغد بلا رجعه !!

--------------------
------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:34 AM   #42

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الثامنة والعشرون

- لن تأخذي مكانه أيتها الماكره مهما فعلتي ،
وأستعدي لمغادرة هذا القصر منذ الغد بلا رجعه !!

علي أثر جملته المهينة تلألأت عيناها بدمعات لعينة تعبر عن ما تشعر به من حزن شديد ..
أكتفت بالصمت فما عاد الأحاديث تفيد معهُ و دائماً ما سيراها خليفة لإمرأة يهودية ترعرع علي خيانتها .. إذا الي هذا الحد أكتفت حقاً بل وأكتفت منه أيضا وحمدلله أن جاءها الخلاص أخير عن طريقة هو ..

لملمت مشاعرها الجريحة بوجهٍ شامخ ، ثم تحركت من أمامه في صمت رهيب علي أمل اللقاء في الغد ليتم الوداع الأخير بينهما .. متيقنه بأنها لن تتقابل معه بعد ذلك طيلة سنوات عمرها القادمة ..

مغادرتها دون أحتجاج .. دون معارضة .. مصاحبه بميلاد الدموع ذبحته ذبحاً .. لم يعلم لما يتأثر بها قلبه بهذا الشكل .. في المرة السابقة حين ترجته باكية وتلك المرة الأن .. ولكنه لن يقع في خطأ والده مرة أخرى .. وهي حتما مثل غيرها من بنات جنسها .. لهذا يريدها أن تغادر قبل أن يتأثر بها أكثر من ذلك .. وتصبح كاقنبلة موقوتة قد تنفجر به في أي وقت ..

لا هو ليس مستعد لتلك التطورات فطالما عاهد حياته بدون مشاعر .. فأعدائه أكثر من عدد شعر رأسه وهو لن يضع عنقه أسفل أقدامهم حين تسيطر عليه فتاة مغطاة من بداية رأسها إلي اخمص قدمها بالسواد ..

لهذا قراره جاء في وقته .. فالعجوز الذي كان يجبره علي وجودها غادر الي الأبد ولن يستطيع أحد أجباره الأن علي بقائها ، متغاضياً عن ميلاد نور لمشاعر نادره في جوف صدره المظلم !!

ولا يعلم بأن للقلوب حديثا اخر رغم كانت قوانينهما !!

وأن لرب السماء أرادة فوق أرادة البشر !!

وعلي ذكر العجوز عاد ألمه كما كان ، وحزنه تملك منه ثانيا .. مغادرا للأعلى يستعيد ذكراه وذكرى والده الحبيب !!

إلا أنه جاء أمام غرفتها وتباطأت أقدامه .. لا يعلم لما .. ولكن يعلم ان مقاومته بمعتقداته القديمة أقوي بكثير .. غادر بالفعل لغرفته يقتحمها بعنفوانية .. فجحظت عيناه المثبتة بقوة علي الفراش من أمامه .. شعر لوهلة بأن موت العجوز ما هو إلا أكذوبه وها قد أتي وقام بتحضير ملابسه كما كان يفعل من قبل .. ولكنه عاد لواقعه بصدمة تخبره بعدم وجوده حقا وأنه برفقة تلك الفتاة فقط في هذا القصر .. إذا هي !!

يا ألهي !!

قالها وهو يرجع بعددة خطوات للخلف ليرمق باب غرفتها بصمت متألم ..

تتخبطه الحيرة بشدة فكلما صدها ، تأتي بقوة أمامه !

طأطأ برأسه بخزي .. فأي مادة تتكون هي .. يقسوا لتحن .. يهين لتسامح .. يجرح فتصمت .. حقا بات لا يعلم ..

علي اثر عتابه الذاتي تذكر كلمات العجوز له مراراً وتكراراً بإعطائها فرصة فهي ليست كغيرها مما عاشرهن ، حتي أخر كلماته علي قيد الحياة يوصيه بها ..
ولكن حتي وأن كانت علي غير ما عهده من النساء قبلها ، فحياته مهددة بالمخاطر إذا حانت اللحظة وتم أكتشافه من قبل إعدائه .. أو حتي أذا تم الانتقام كما ينبغي قبل كشف هويته .. فحتما من يمشي في طريق الانتقام ينتظر مصيرٍ مجهول يحوطه المخاطر بل ولمن يحوط به ! وهو لن يقحم معه فتاة في هذا الشأن مهما شعر من أحاسيس ملعونه ..

رفع راحتي يديه يمسح بهما وجهه بعنف إلي نهاية خصلات شعره الغير متمادية .. أملا أن يغادره التفكير قليلا لو لبعض الوقت ..

تناول ملابسه المعدة بهدوء ودلفا ينعم بأستحمام دافئ يأمل به خيرا في أن يجعل تفكيره يهدأ ولو قليلا ..

-------------------------

- في الغد التنفيذ !!!

قالها براد فيليب بتركيز شديد وهو يتمعن بعيناه القويتان في وجوه رجاله بتركيز أشد ..

فأومأ أحدي رجاله برأسه بالأيجاب ، ليردد براد ثانيا علي مسامعه بجدية صارمه معهودة منه دائما :
- أخبرني بالخطة ثانياً وكيف ستنفذها ؟!

فأجابه الرجل بذكاء يعيد ما خططا لهما مسبقاً :
- لن يتم الهجوم علي بيته لأنه حسب تحرياتنا مفعل بنظام أمني ألكتروني محكم .. لذلك سيكون الهجوم عليه الليلة في أحد الملاهي التي يتردد عليها دائمًا ، بالاستعانه بأحدى النساء لجلبه للمكان المراد لتحقيق هدفنا به ومن ثم نفر هاربين قبل أن يكتشف أحد أمرنا ..

هتف براد بعينان ضيق حيزهما بمكر لئيم :
- وأن أكتشف أحد أمركما .. فالمباحث الفيدرالية شديدة الذكاء ومنصبي حساس ..

فهتف الرجل علي الفور دون تردد :
- حتي وان تتدخلت المباحث الفيدرالية في الأمر .. لا شأن لك نهائيًا بذلك الامر .. بل نحن من نحمل معه عداوة شخصية من زمن مضي ..

تسربت علي ملامح براد الأرتياح ليطلق لهم أشارة من يده بالمغادرة للاستعداد جيداً للغد ..

متمنياً لهما التوفيق في تلك المهمة التي يراها من أخطر مهماته .. فهجوم " علي " علي صفوة رجاله في أقليم الجبال بأسد أفريقي جائع .. يجعله يقتنع بأن تلك الحقيرة قبل موتها سردت له جميع أسرارهم الخاصة بالمنظمة .. وبالتالي أصبح خطراً علي مركزه الأعلي شأناً في البلاد .. ولهذا الخلاص منه بات محتوماً .. ولكن قبلها يجب ان يخبرهم بمكان المعادلة الفيزيائية التي أرُهق في البحث عنها طوال تلك السنوات الماضية .. والأن يشعر بأنه علي علم بها ويعرف مكانها !!

------------------

ارتمى علي الفراش بأنتفاضة جبارة .. فالأستحمام لم لم يبعد أنشغال ذهنه المتأجج .. بل وأصبح يصاحبه ضيق صدره كل ما تذكر بأنها ستغادر لوطنها بالغد بلا رجعه !!

ما هذا الشعور اللعين !!

ومنذ متي يشغله أمور أحد غيره وخاصة لو كانت إمرأة !!

هل ندم علي جملته التي خرجت في لحظات غضب أم هو قرار حكيم .. وأذا كان بالفعل قرار يراه جيداً فلماذا هذا الشعور الان !!

زفر أنفاسه بضيق جلي أثناء تذكره لموقفهما منذ قليل .. تذكر نظراتها المضطربة في بداية الأمر ثم تلعثم كلماتها ثم نظرتها المتلألئة بالدمعات .. عند هذا الحد طرأ علي ذهنه فجأة كلمتها المتلجلجة بشئ ما يسمي الصيام ..

فأنتفض قائماً بجزئه العلوي من نومته والفضول يأكله .. ليستقر جالساً وهو يلتقط هاتفه المحمول من على جانب الفراش يبحث في إحدى برامج البحث عن مصطلح " الصيام في الأسلام " !!

تقلبت عيناه ببطئ بين كلمات البحث .. لتجحظ فجأة بقوة بين سطورها غير مستوعباً طريقة صومهم ..
حقاً يمنع الانسان منذ بزوغ الشمس عن جميع ما يدخل جوفه حتي غروب شمس هذا اليوم .. لا ويستمر أيضا لمدة ثلاثون يوماً ..

حينها أنتفض كامل جسده بقوة مترجلاً من علي الفراش ، كأنه لمسته صاعقة كهربائية أنذرته لجرمه الشنيع !!

تطلع لتوقيت البلاد فعلم موعد الأفطار وتلك الوجبة الثانية المسماه بالسحور الذي قرأ عنها منذ قليل ..
أذا هي كانت صائمة وأنتظرته حتي موعد قدومه ، بل وقلب لها علي الأرض ما عانت به طوال اليوم بمجهودها المبذل في ظل أمتناعها عن الطعام ..

تجمعت ملامح وجهه بعبوث شديد ثم أطاح بالهاتف علي الفراش بعنف أشد ، وتزايد ضيق صدره لأقصي درجاته ..

فرك وجهه براحة كفيه باستياء ظاهري ، يقنع ذاته بأنها ستهبط حتماً للإسفل لتناول بعض الطعام قبل بدأ موعد صيامها التالي ..

ولكن الأن الثانية والنصف ويتبقي عليه من الزمن ساعة واحدة فقط ولم يسمع حتي الأن صوت أنفتاح باب غرفتها !!

لم يعي في حالة قلقه إلا وأرجله تتقدم أمامه حتي أستقرت أمام بابها .. ليتفاجأ بصوت أنين بكاء خافت ، يصل لخلف الباب بدرجة تكفي لتميزها جيداًx ..

أذا هي ما زالت حزينة بسب ذلك الموقف .. ومازالت تبكي .. ويبدوا أنها لم تعي بأقتراب الوقت ونفاذه !!

شئ خفي من جيناته العربية يكبته دائما لعدم الخروج حرك ضميره وجعله يتجه للإسفل لغاية أقنع بها نفسه القاسية بأنها ليست من أجلها ، ولكن من أجل ليلتها الأخيرة هنا ومن أجل ذكرى أبيه !!

وطأت قدماه داخل غرفة تحضير الطعام في أول زيارة له من نوعها .. استدار حول نفسه بغير هدي .. واضعاً راحة يده خلف مؤخرة رأسه بذهن مشتت .. فماذا يفعل .. وما هو الذي سيفعله ؟!

تيقن أنه لن يجيد فعل طبق رئيسي .. وأيضا الوقت لن يسعفه .. لهذا سيفعل أي شئ بسيط يكفي بالغرض ..
فأتجه للبراد وهما بفتحه ليرمق ما بداخله بتمعن حتي استقر الحال به علي عمل طبق بيض مقلي وبجانبه طبق چبن وبعض الخبز المحمص .. ويكفي هذا بل وسيكون مجهود شاق عليه ..

جمع نشاطه وبدأ الاستعداد للمهمة التي يراها جبارة ولا يستطيع اي أحد فعلها !!

أولي خطواته هو وضع الخبز في ألة التحميص .. وثاني خطواته التي عصر لها ذهنه جيداً هي كيفية عمل البيض !! والذي أنتهي به الحال كما يشاهد دائما في الفنادق الكبرى والمميزة بالأوبن بوفية حين يرغب منهم بأعداده له طازج .. حيث يقومون بتحضير مقلاة عريضة وكسر البيض بها واحدة تلو الأخرى حتي يتغير لونه ومن ثم شقلبته في الهواء ودقيقة ويصبح طازجاً غير متذكر الرزاز الدهني الذين يقومون برشه قبل أضافة البيض ..

إذا فليفعل كما شاهد .. بدأ بتفريغ بعض البويضات بعجالة في أحدى المقلات ووقف بجانبها حتي يتغير لونها كما يشاهد دائمًاx .. ولكن العجيب في الامر بأنه لم يتغير شئ .. فحركا أحدى أصابعه في رأسه في حيرة .. إلي أن وعي أخيرا لعدم أشتعال الموقد .. فاسرع بأشتعاله وأنتظر بترقب النتيجة المرجوة ..

وها ظهرت عليه علامات النضج واصبح بالون الذي يراه دائما .. فرسم علي شفتيه ابتسامة تعالي وفخر بأن أولي محاولته داخل هذا الكيان العريق نجحت وبقوة .. تعاليه أهدي به الحال بأن يشقلبه أيضا .. وها قد قبض علي يد المقلاة جيدا ثم استعدا ذهنيا حتي يتهيئ لتنفيذه كما يراى دائما ..

استعدا ، وتهيئ ، وبدأ ، ولكن لم يقلب شئ !!

ظل يجبر المقلاة بقوة حتي تترك البيضxلشقلبته ولكن لم تستجيب بتاتًا !!
تعجب من أمرها حتي أضطر إلي شقلبت المقلاة نفسها رأس علي عقب فلم يسقط منها شئ !!

أنخفض برأسه لينظر أسفلها فشاهد البيض يستكين في قعرها كما هو ..

تخبطته الحيرة فهو قلد ما شاهده جيدا فلماذا لم تقلب !!

لم يشغل باله كثيرا وقاما بأخراجه عنفوانية من قلب المقلاة عن طريق أحدى المغارف الصغيرة ..

أقتحم أنفة رائحة حرق شديدة فأسرع يلتفت لمصدره فشاهد ألة التحميص يصدر عنها بخار حريق قوي .. فأتجها اليها في الحال يخرج الخبز منها بعجالة بأطراف يده التي لسعتها سخونتها الشديدة ..

قام بتجهيز حامل طعام متوسط ووضع عليه طبق البيض وطبق الچبن والخبز ..

وقف يتطلع لإنجازاته الجبارة بعين منبهرة حقاًx !!

نعم البيض به بعض الحروق ولكن لا يهم .. الأهم بأنه في الأساس بيض !!

والخبز أيضا أطرافه محترقة ولكن لايهم .. فأكثر الأشخاص تحب المقرمشات المصطنعة بموادها الحافظة ، وهذا طبيعي من صنع يده !!

توجه لغرفتها والحامل بين يداه يحمله بحذر شديد إلي أن استقر بوضعه أمام بابها .. وقام يطرقه بطرقة واحده هادئة ثم أبتعد في الحال لغرفته .. ينعم بنومه هنيئة بعد أن أرتاح ضيق صدره بعض الشئ .. أملا بأن تستجيب وتتناول طعامها قبل موعد بدأ صيامها !!

----------------------
--------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:35 AM   #43

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة التاسعة والعشرين

لم تعد تتمالك أكثر من ذلك ..سقطت تنعي حالها بدموعها الغزيرة .. لتصبح رفيقتها في ذلك الفراش .. بشهقات متقطعة .. وبأنين خافت .. هي حقاً أكتفت وما عادت تحتمل أفعاله بقسوتها المتصاعدة .. فلا يوجد موقف بينهما إلا وتفنن في جرحها .. لتكون كل مصابها في الحياة بأنها امرأة .. كتب عليها ان تتحمل أخطاء امرأة أخرى !!

ولكن من حسن حظها بأنها ستنتهي من كل هذا وستعود لبلادها بلغتها العربية وأهلها الطيبون .. ستعود لأحضان والدتها ولا تفارقها أبدا تنعم بأمانها ونسيم قربها .. فعذرا ايها الجد صاحب القلب الطيب ما عاد ينفع الأصلاح في جسد تصلب بالرزيلة .. فيبدوا بان حفيدك ألُقيت عليه تعويذة متينة من امرأة يهودية جعلته بلا قلب بعنفهُ الهمجي تحت عباءة القسوة !!!

قطعت وصلة عتابها بعض الطرقات القليلة علي باب غرفتها ليلازم المكان بعدها بالصمت التام .. رفعت جسدها من نومته قليلا متتطلعه له بنظرات محيرة بعد أن محت دموعها المنسابة بظهر يدها .. فمن فعلها .. فلا أحد بهذا القصر إلا هي والقاسي وهو حتما لن يفعلها مهما بلغ يقينها بأن لاحد في البيت غيرهما !!

تملكها الخوف بعض الشئ ولكن تمسكت بإيمان قلبها وتجاهلتها وكأن لم يكن .. عندها وعت لقرب موعد صلاة الفجر ..
قامت بهدوء من جلستها متوجها لحقيبتها تتناول بعض حبات التمر التي تكفي لبناء وتغذية جسدها ومن ثم يأتيها القدرة علي الصوم في اليوم التالي .. رافضة بعزة نفس عالية الهبوط للإسفل وتناول أي شئ يفيد الغرض ..

أنتهت وشربت المياة التي تحتاجها ، ورفع الأذان حسب أحدي التطبيقات المخصصة لهذا فأقامت فرضها .. ومن ثم توجهت للفراش تنعم ببعض ساعات النوم التي تكفي للاستعداد ليوم الغد الشاق ..

---------------------

تسرب ضوء النهار من نوافذ غرفته شاسعة الأتساع لتقلق نومته .. جعلته يتقلب بضيق وتملل في الفراش إلي أن استوعب حاضره .. ففتح عيناه بقوة حين تذكر ما مر عليهما بالأمس وصومها .. أنتفض في الحال من نومته لينعم بحمامه المائي الصباحي علي أمل أن يشاهد حامل الطعام تم أفراغه بالكامل ومن ثم قدرتها الجيدة علي الصوم .. وبالتالي قدرتها علي السفر ..

وها قد انتهي وبدأ بأرتداء ملابسه الرياضية لممارسة رياضته الصباحية ..

خرج من غرفته لممر الطابق ، يرمق بنظرات قوية أسفل بابها إلي أن توقفت خطواته في الحال حين شاهد ما صدمه بالفعل ..

الطعام كما هو بوضع يده !!

هل هذا يعني بأنها اكملت صومها لليوم التالي بدون طعام !!

إلي هذا الحد هي غاضبه !! لدرجة أن تنسي مقومات الحياة !!

ضيق صدره رجع بقوة .. بل ويكاد يشعر ببطء أنفاسه .. لهذا لم تقاومه أرجله للتقدم بل رجع بأدراجه من حيث أتي !!

رجع يزيح ملابسه بعنف متغاضيا لأول مره بحياته عن ممارسة رياضته المفضلة .. شرع بارتداء حلة العمل بعجالة ومن ثم مغادرة ذلك القصر نهائيًا ..

مع جهله حتي الأن بهوية هذا الصراع الداخلي المتناقض والجديد عليه !!

---------------------

- ما بك ؟!!

رفع مؤخرة رأسه من راحتها علي المقعد خلفهُ ينظر بتفحص للسائل بحدقة عيناه الضيقة .. هل يحكي له هو دوناً عن غيره مشاعره اللعينة .. كيف وهو أصبح متيقن من مشاعره الواضحة في عينيه .. عند تلك النقطة تلهب نار صدره لأقصي معدلاته .. حتي وأن كان شئ في داخله أقنعه بضرورة أقصاء جاك من أمامه ومن عمله ومن كل شئ يخصه .. فهناك شئ أخر في نفسه اجبرته علي التروي أيضاً فجاك ليس بالشخص الهين في صرح أعماله الضخم .. وحين يخرج سيؤذي به حتما ً..
كان يتمني تجهيز تذكرتها سريعاً ومغادرتها من تلك البلاد علي الفور .. ولكن بعد مشهد الصباح وضيق صدره .. لم يستطع .. محي تلك الفكرة تماماً من مخيلته .. فهي لن تغادر ! ولن تغادر !!

أفاق من شروده ببطء إلي واقعه .. يردد بضيق خفي :
- لا شئ ..

تعجب " جاك " صامتاً من هيئته المريبة فتغاضي سريعًا لأجل أكمال بعض الأعمال الهامة ..
ولكنه تفاجأ ب "علي " ينتفض من جلسته سريعا متناولة سترة حلته السوداء مستعدا للمغادرة ..

فأسرع " جاك " يهتف باندهاش :
- أين أنت ذاهب ؟!

فأجابه " علي " بأستياء ظاهري :
- أشعر بضيق في صدري .. سأخرج قليلا ..

قال جاك ببلاهه :
- والعمل " الَي "... أمامنا صفقات كثيرة ..

أجابة وهو يربت علي كتفه :
- تابعها انت فأنا لست علي ما يرام للعمل الان !

قالها ليغادر في الحال كي لا يعطي فرصة لجاك للاعتراض ..

بعد أن ابعد سائقه وسيارة الحرس الخاص به ، تحرك بسيارته بغير هدي في شوارع المدينة يأكله الحيرة والضيق وهيئتها لا تفارق مخيلته .. يأتيه هاجس الخوف وبشدة عندما يتخيلها بدون طعام لليوم التالي .. ومع هذا يأمل خيراً بأن تتناول طعامها اليوم فهو لن يدخل ذلك القصر نهائيًا طالما في كل مقابلة معها تأتي بكارثة كبرى .. تؤدي نتائجها الي مثلما حصل بالأمس ..

بعد ساعتين من السير أهتدي به الحال للذهاب لأحدي الملاهي الليلية التي يتردد عليها كثيرا ومن ثم بعدها الذهاب لشقته السرية المخصصة للحالات الطارئة والمبيت بها والذي يخفيها عن الجميع .. فهو لا يأمن أحد من حوله مهما كان بالقدر الكافي إلا العجوز ورحل !!

-------------------------

ارتدت ملابسها وأحكمت وضع غطاء الوجة بعناية علي وجهها أمام المرأة .. ظلت لوهله تنظر لذاتها الداخلية جيداً بها وما هو الذي حققته من تلك الزيارة !! استدارت ببطء خلفها تتطلع لحقيبة السفر التي أعددتها مسبقاً بأعين تنذر بانسياب مائها المالح في القريب العاجل .. فهذا هو نتائج رحلتها سترجع كما أتت بعد أن فشلت مهمتها بجدارة ..
استنشقت بعض الهواء ثم أطلقته في تنهيدة عميقة تعبر بها عما بداخلها من حزن .. ثم استجمعت شجاعتها وتحركت نحوها بخطوات هادئ .. فهي لن تنتظر حتي يأتي ويطردها بنفسه مع كلماته الجارحة الشبية بالسم فالجسد .. قبضت علي مقبض الحقيبة وأسقطتها من علي الفراش استعداد للمغادرة .. حركت أقدامها بتثاقل واستدارت حول نفسها لتودع تلك الغرفة .. نعم شهدت لها الكثير من الدمعات .. والكثير من الألم والقهر .. ولكن كانت صومعتها للدعاء والصلاة والتقرب أكثر الي الله للثبات في ظل المواقف القاسية التي مرت بها .. حينها فقد سيطرتها وتسابقت الدمعات للهبوط واحده تلو الأخري .. فأسرعت تلملم حالها سريعا ..وبدات تتحرك بخطوات مسرعة خوفا بأن تتمادى مشاعرها لأكثر من ذلك فحينها لن تستطيع جبر خاطرها .. إلي أن همت بفتح الباب فأجبرت خطواتها فجأة علي التوقف .. ليتسع حدقة عينيها لأوسع حدودهما .. لتتوقف الدموع تلقائيًا .. وهي تشاهد حامل به طعام أمام باب غرفتها !!

للحظات مرت عليها كأنها تجرعت مخدر ما أصاب جميع أوصالها بالسكينة .. حتي ذهنها لم يستوعب ما يحوط بها .. و سؤال يتبعه سؤالٍ يتردد بداخله بقوة .. من احضر ذلك الحامل ؟! بل من قام بتحضير ذلك الطعام ؟!
تسربت حالتها المخدرة في الهواء حين طرأ علي عقلها بأنه هو لا محال وبالتالي هو صاحب ضربات الأمس علي بابها .. هل " علي " حضر لها أحدي الوجبات بنفسه !!

يالله !!

قالتها وهي تسقط أرض أمام ذلك الحامل .. لم تتمالك نفسها وانطلقت بلا توقف في البكاء المتواصل ولكنه الان بشهقات مرتفعة يصدح صوتها مابين غرفتها وذلك الممر .. وهي تحدث ذاتها هل يعقل بأنه شعر بخطئه وبدأ يستجيب لما حوله بالفعل ... ابتسمت رغم بكائها القهري .. ابتسمت لأن حقاً سعد قلبها لأجله .. ولكنها تلاشت كليا حين تذكرت مغادرتها اليوم .. فحين يبدأ بزوغ الأمل به تغادر هي في نفس اليوم !!

جففت براحة يداها دموعها برضا داخلي بأن هذا نصيبها وهي راضية بما قسمة الله ..
استندت بيدها علي باب الغرفة للنهوض فسيطرتها علي جسدها ذهبت هباءً .. قامت حتي تستعد بتهيئة نفسها والمدي قدماً بما أراده الله لها ..

هبطت للأسفل لتضع حقيبتها قرب الباب ثم اتجهت إلي أحد المقاعد المجاورة واستقرت جالسه تنتظر جلادها لكي يطلق صراحها من قبضته الحديدية...

---------------------

جلس يتجرع كأس وراء كأس في حالة يرثي لها .. ورغم هذا لم يغادره ألم صدره وتلك المشاعر اللعينة تتملك منه حقا ً.. بل وتزداد ليقابلها طفولته الألعن .. حرب هي ما بداخله حقاً!

ما بين مشاعر تسربت لقلبه لتأنب ضميره في كل فعل يفعله بحقها .. وبين امرأة عاهره باعت أسرتها من أجل هواها !!

حينها أطاح بذراعه بعنفوانية جبارة كل ما علي البار من أمامه من زجاجات كحولية وكؤس مرافقة ، صدح صوت تهشم عنيف في أرجاء ذلك النادي رغم صدح أصوات موسيقاه .. ليتوقف الجميع عن فعل كل ما يفعلونه في ذهول جلي .. ليسرع مديره بتحفيز الزبائن ببعض الكلمات علي استكمال رقصاتهم والتغاضي عما حصل .. ف " علي " أحدي زبائنه المميزين ولا يريد خسارته .. وبالفعل تسرب كلا منهما إلي حيث كان يفعل ..

بنظرات دهاء إقتربت الي مكانه قائلة بأبتسامة هادئة وهي تمرر يديها علي ظهره ببطء :
- مرحبا أيها الوسيم .. أراك بمزاج سئ ؟!

رمقها بنصف نظرة قائلا دون تفكير :
- لا تكثري من الكلام .. هيا معي من هنا ؟!

ابتسمت بخبث لتنفيذ مخططها دون عناء ، فأسرعت تهتف له قبل مغادرته بدلال أنثوي :
- سيارتي ليست أمام النادي ..

علي أثر جملتها .. استدار يرمقها باندهاش بعض الثواني المعدودة ثم هتف باستفسار :
- أين هي أذاً ؟!

- عند الباب الخلفي ؟!

تحولت نظراته الي الغموض وهو يهتف بهدوء خافت:
- هنا او هناك لا نحتاجها في شئ فأنا لدي سيارة !

هتفت بعجاله يصاحبها الارتباك دون تمعن :
- ولكني احتاجها ضروريًا !!

أيماءة هادئة هي كل ما خرجت من حفيد الثعلب بنظرته الغامضة .. ليفسح لها المجال بعد ذلك للمرور أمامه والوصول لوجهتهم المحددة...

--------------------

أذُن أذان العصر ليتبعه أذان المغرب ورغم هذا لم يأتي .. فوقفت من جلستها بضيق جلي .. كيف يوعد ولا ينفذ وعده .. ويجعلها تنتظر كل تلك الساعات ..

أقنعت نفسها بضرورة تناول أي شئ لقطع صيامها .. وحتي لا تسقط مغشياً عليها بسب قلة طعامها .. ومن ثم تجلس تنتظره ثانياً حتي يأتي ..

حركت أقدامها امامها بأتجاة غرفة إعداد الطعام .. للتذكر حينها طريقة تحضيره للطعام الموضوع أمام غرفتها فاطلقت لنفسها العنان في الضحك .. فيبدوا من هيئة الطعام بأنه كان يصنع كوارث وليس بطعام يغذي الأبدان !!

--------------------

تتبعها بخطوات ثابتة علي عكس عقله الذي أنشغل كثيراً منذ حديثها .. فالباب الخلفي لا يصطف في محيطه اي سيارة مهما كان .. ولهذا لن يمتنع عن الذهاب معها حتي لا يفوته معرفة من ورائها .. أتبعها بترقب رافعاً راحة يده ببطء خلف ظهره يتحسس سلاحه المتخفي أسفل قميصه وسترته !!

ماهي إلا لحظات حتي خرجت وهو خلفها للفناء الخلفي .. وكما توقع أخترق أُذنه الدقيقة صوت سحب الزينات لأحدى الأسلحة .. فأغمض عيناه باستسلام .. وتهيئ ذهنيا لتلقي تلك الرصاصات حين قبض بسرعة البرق علي ذراعها قبل أن تبتعد من أمامه .. مستدير بجسدها في حركة دائرية سريعة .. جعلتها أمامه كدرع بشري يتلقي وابل الرصاصات الكاتمة للصوت التي أسقطت عليهما في أنٍ واحدٍ دون حسبان !!

أنتفض جسدها من أمامه بعنف وهي تتلقي رصاصة تلو رصاصة أثناء تشبثه بها جيدا وفي ظل أسراعه للأختباء خلف أحد الجدران القريبة ..

عندما أمن نفسه خلف ذلك الجدار ترك جسدها يسقط مرة واحدة بعيدا عنه وهو يهتف لجثتها الهامدة بتقزز نافر :
- هذا جزاء الخيانة أيتها الساقطة !!

لم يعي أثناء فراره للاختباء بجرح ذراعه بخدش متوسط لرصاصة عابرة من جانبه ..

سحب سلاحه سريعاً من خلف ظهره وبدأ يبادلهم ضرب أطلاق النار .. إلي أن أسقط قتيلاٍ ليتبعه قتيلاً أخر .. وفر الباقون عقب سقوطهم !!

حينها ترجلت قدمه من مخبأة إلي اماكن رقد الجثث .. يتفحصهم بحيطه وحذر وهو مشهر سلاحه في وجههم .. فذهل عندما شاهد واحدًا منهما مازال يخرج أنينه فأقترب سريعاً اليه واضعا فواه سلاحه أسفل ذقنه وهو يردد جملته من بين أنيابه المضغوطة :
- من الذي دفعك لهذا ؟! ولماذا ؟!

خرج صوته بالرفض التام .. مما دفع " علي " بالضغط اكثر بسلاحه كتهديد بالقتل الفوري .. فخرج صوت الرجل دون تردد وبتقطع من شدة ألم جراحه :
- براد ! .. براد فيليب .. أما لماذا .. للقضاء عليك .. ولكن قبلها نجبرك علي أن تعرفنا بمكان المعادلة الفيزيائية !!

------------------------
-------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:37 AM   #44

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

لا تبخلوا علينا بارائكم وصوتكم😉

الحلقة الثلاثون

أطلق رصاصة أخرى لتخترق رأسه بعد أن حصل منه علي ما يحتاجه .. و بسرعة البرق خرج من حيز الفناء الخلفي قبل ان يشاهده أحد وبالتالي سيدخل في حوار الشرطة الذي هو في غني عنه .. تسلل حول محيط النادي بحذر شديد حتي وصل موقف اصطفاف السيارات .. واستقل سيارته الخاصة بعد عناء من جرح ذراعه الذي ينزف دون توقف .. ومع هذا لم يبالي به فالأهم كلام ذلك الرجل الذي يدور في عقله الألف مؤلفة من المرات ، فيبدو أن عدوه اكتشف هويته ، وأنه ما زال علي قيد الحياة بل وسبقه ذلك العدو بخطوة في طريق الأنتقام !..

لن يخبر " جاك " فمهما كان ذراعه الأيمين في العمل فأنه لا يعرف عن ماضيه ولا اسراره الخاصة شيء ، ولم يأتمن أحد علي تلك الاسرار نهائياً حتي العجوز .. وايضاً لن يتوجه لأي طبيب أو مشفي فهذه ثاني خطوات الحذر التي سوف يتبعها .. فعدوه علي منصب عالي في البلاد وقد يستطيع تغير وشراء عقول الأطباء والمعالجين له في المشفي أذا عرف مكانه بينهم وبالتالي القضاء عليه سيتم في لمح البصر .. لهذا أقنع نفسه بضرورة الذهاب إلي القصر لتمتعهُ بنظام أمني محكم أكثر قوة من شقته الخاصة .. وهناك سيستطيع معالجة نفسه بنفسه دون أعلام أي أحد مهما كان .. متمنياً بأن يكون الجرح سطحي وليس غائر ..

ولكن نتيجة لتدفق الدماء منه وقلة طعامه في الأسبوع الماضي بسب حزنه علي العجوز .. بدأ يفقد نشاطه .. شئ فشئ .. حتي بدأت الرؤية توضح وتختفي كل دقائق معينة ..

-------------------------

- ماذا ؟!

قالها براد فيليب بفزع وهو ينتفض من مقعده أمام مكتبه لاحد الرجال الهاربين من مهاجمة " علي " ..

ليهتف له الرجل بكلمات متقطعة لاهثه :
- لقد تفاجئنا به حقاً سيدي ..

ضحك براد بضحكات هستيرية :
- لقد ارسلتكم ليتفاجأ هو وليس أنتم !!

أجابة الرجل باندهاش جلي :
- سيدي كل شئ كان يسير حسب الخطة واستدرجته لنا تلك المرأة بالفعل وبدأنا نسحب زيناد اسلاحتنا ومن ثم افراغها عليه بالكامل .. ولكن تفاجئنا به قبلها يتخذ تلك المرأة درعاً بشرياً له وبدا بالاختفاء ومن ثم محاربتنا وأسقاط رجلان أثناء خروجهما من مخابئهما لصطياده في غفلةٍ منهما .. فكل شئ كان مفاجيء و مر في غضون لحظات ..

قطع براد جملته وبرزت مقلتيه بنظراته القوية للخارج وهو يهتف له بتركيز يلاحظ :
- أنت متأكد .. هل تم قتلهم تماماً .. لا أريد أن يترك خلفنا أي شئ يثير شكوكه إلينا !!

أجابه الرجل بتأكيد مشدد :
- نعم سيدي كليهما سقطا أمام أعيننا جثث هامدة في الحال ولهذا فررنا هاربين حتي لا يتغلب علينا وبالتالي يعرف من خلفنا ..

ضرب براد براحتي ذراعاه سطح مكتبه بعنفوانية تظهر حنقه من ذكاء وقدرة ذلك العربي ..

فأندفع الرجل في قول جملته بعجالة :
- سنخطط ثانياً سيدي لأبادته ، وفي تلك المحاولة سنكثر من رجالنا وأسلحتنا ونستعد له جيدا طالما هو بهذا الذكاء !!

- كلا !!

صدح صوت براد بها وهو يرفع راحة يده في وجه ذلك الرجل كعلامة علي الرفض التام لمقترحه ، ثم أسترسل بأخراج صوته ثانياً لتوضيح غايته :
- ليس الأن فالشرطة ستكون مشتعلة من مقتل الرجلين .. وبالتأكيد هو بعد ما حدث سيؤمن نفسه جيداً .. ولهذا فأنا احتاج لبعض الوقت حتي أخطط له بمستوي ذكائه ...

------------------------

دقت الساعة الكبري في بهو القصر بدقات صادحه منتظمة لتعلن عن منتصف الليل في مقاطعة سان فرانسيسكو .. ولم يأتي حتي الأن ذلك القاسي ليطلق سراحها ..

انتفضت بضيق من مقعدها .. فجسدها كاد يتصلب من تلك الجلسة التي استمرت أكثر من سبع ساعات ... ظلت تذهب وتعود بتوتر ظاهري .. محدثه ذاتها باستياء شديد :
- هو فاكرني لعبة بين ايديه .. امبارح لازم تمشي والنهاردة بعد ما جهزت حالي والشنطة من صباحية ربنا ما يعبرنيش .. أستغفر الله العظيم .. بس كده كتير بجد و…..

بترت جملتها حين صدح صوت أنذار سيارته بقوة في حديقة القصر .. ليتبين لها قدومه اخير .. فتجرعت حنجرتها باضطراب .. ثم استجمعت حالتها النافرة .. ووقفت تنتظر طالته حتي تخرج من ضيق صدرها بالقديم والجديد في وجهه مرة واحدة ..

فحقاً كل فعل يفعله في حقها أقصي من سابقه .. وحقاً هي أكتفت .. وهكذا أستعدت !!

لم يمر علي حالتها تلك غير بعض الثواني وتلاشت تماماً .. جُحظت مقلتيها بصدمة ، ولسانها بلجلجه مسموعة يكسوه الاضطراب ، وجسدها كالوح الجليدي في أوانه حين شاهدته يدخل عليها بغير أتزان تام وقميصه الأبيض ملطخاً بالدماء !!!

استطاعت السيطرة علي أرجلها الرخوة من فعل المشهد المريب ، وانطلقت نحوه ببطيء تتمعن في حالته أكثر إلي أن فاقت من صدمتها بحاله هسترية فزعه .. فاسرعت تركض بإتجاهه بجسدها المرتجف وبعينان أذرفت دموعها من هول الموقف ، وصوت يصدح بأعلي امكانياته بالعربية بالاستغاثة ونجدته سريعاً ..

افاق من حالته التي تكاد تكون مغيبه علي صوتها الصادح بلغة غير مفهومة ، فأتجه بأتجاهها علي قدر طاقته يمنع صوتها من الأرتفاع بوضع راحة يده بعجاله علي ثغرها من فوق النقاب ... فتفاجأ بزيادة دوران رأسه بأعلي معدلاته ومن ثم بظلام دامس يغزو مقلتاه الخضراء ، فأنخفض بجبينه يضعها بأستسلام تام علي جبينها ، وبغير أتزان داخلي أحاط بيده الاخري خصرها ليتشبث بملابسها جيداً من الخلف خشية السقوط !!

أنقلب حالها وهي بأحضانه لتمثال حجري من العصر القديم لتجحظ عينيها البنية بقوة من تصرفه هذا رغم هول الموقف كلياً .. تبتلعت بصعوبة ما في حنجرتها عندما شعرت بثقل جسده القوي دون سيطرة منه عليه .. حينها تملك من جسدها الأرتباك والخوف والهلع لأقصي درجاته .. عندما طرأ علي ذهنها ذلك التفكير الصادم .. وهو أن اصابته خطيرة وأدت إلي موته ..
فخرج صوتها الصادم بتلعثم شديد :
- ع..علي .. ر ..رد عليا أ..أرجوك !

ولكنه لم يجيبها وأتاها الصمت التام عوضٍ عن صوته !!

حينها انتفض جسدها بشدة و نست قسوته بل وانسابت دموعها اكثر واكثر .. فتشبثت بجسده بيديها الاثنان لأستناده بحذر قبل أن يسقط أرضاً .. حالة أرتباكها لم تتركها لتفكر في كيفية التصرف بل زادت إلي توترها الشديد ، نظرت بعينيها بعجالة في الجهتين علي اقرب وسيلة مساعدة .. فخرج صوتها يصدح بعد برهة بأيمان داخلي قوي :
- يارب .. ساعدني يارب .. انا محتجالك وأنت القادر ولا أحدٍ غيركُ يقدر ..

أهتدي بها الحال إلي أن تسانده حتي تصل لإقرب أريكة جانبية .. وبالفعل بدأت تتحرك خطوة خطوة للخلف وهي تتمسك بجسده جيداً في ظل رخي أرجله .. بعد عناء جسدي مميت استطاعت أسناده علي تلك الأريكة .. وضعت رأسه من بين راحة يداها عليها بحذر شديد .. ثم أتجهت لأقدامه ورفعتها بالمثل .. وأعتدلت من أنحنائها تدور حول نفسها بتشتت ذهني رهيب ..

فهي حقاً لم تعرف كيف تتصرف !! ..x

فلم تتعلم قيادة السيارات من قبل لكي تستقله الان لأقرب مشفي .. وحتي لو كانت تعلم فهي لم تدرك طرق المدينة بعد و الأماكن الحيوية بها .. حتي ذلك الرجل الذي كانت تظنه سائق لم تعلم كيف تصل إليه الان ! ..

- يارب .. يارب !!

خرجت منها وهي تستوعب من وسط حيرتها بأن الوقت يمر وستتسرب دمائه أكثر من ذلك وبالتالي سيؤدي هذا إلي خطر مؤكد علي حياته .. مئات الحلول الغير مجديه احتلت ذهنها حتي أهتدى بها الحال بنطق أستغاثه مريحة :
- أيوة .. أيوة .. هي رضوي أختي او جوزها !!

اسرعت تجلب هاتفها من حقيبتها والأتصال سريعًا علي رقم شقيقتها .. ماهي الإ ثواني معدودة وفُتح الاتصال وجاء صوت شقيقتها بالتحية فهتفت " هنا " علي الفور بنبرة مستغيثة :
- رضوي الحقيني " علي " رجعلي من بره مصاب وغرقان في دمه وبعدها أغمي عليه ومش عرفه اتصرف ولا عرفه حد هنا ولا حتي الطرق شكلها أيه.. أرجوكِ قوليلي أعمل أيه ..

هتفت رضوي بعدم استيعاب :
- علي جوزك !

هزت رأسها وهي تكتم بكائها باليد الأخري لتردد سريعا :
- أيوه يارضوي .. أيوة ارجوكِ !!

فهتفت رضوي دون انتظار :
- أفتحي الكاميرا بسرعه يا هنا ومتقطعنيش يلا ..

أيماءة خرجت من رأسها بالأيجاب ثم اسرعت بتنفيذ طلبها .. طلبت منها ثانيا تسليط ضوء ساطع علي مكان الإصابة ومن ثم الكاميرا الخاصة بالهاتف ..

رغم ذهولها اسرعت في تنفيذ طلبها دون أعتراض فشاهدت احدي ذراعه به قطع بحجم السبعة سنتميتر أو اكثر في كم قميصه واسفله جُرحٍ ينزف .. فطلبتها رضوي بسرعة قص الكم الخاص بالجرح حتي تشاهده عن قرب من خلال الكاميرا جيدا ً..

تخبتطها الحيرة فمن اين تحصل علي مقص الان .. إلا انها تذكرت مقصها الصغير بداخل حقيبتها .. فأسرعت بجلبه وقص ذلك الكم بالكامل ..

دقيقة كاملة تحرك لشقيقتها الهاتف لتتمعن في الجرح بتدقيق شديد من جميع جوانبه ..
في نهايتها هتفت رضوي بأطمئنان :
- الحمد لله الجرح سطحي كنت خايفة يطلع غائر .. وواضح انه نجي باعجوبة لان الجرح ناتج عن مرور رصاصة من جانب ذراعه ..

خرجت شهقه قوية من " هنا " علي أثر تحليل شقيقتها فأي رصاصة تلك ! .. واي حرب يخوضها ذلك الغامض !..
قطع شرودها المنذهل أمر شقيقتها الفوري :
- هنا صحصحي معايا .. الجرح مهما كان مش خطير بس استمرار نزيفه أخطر ، فعشان كده روحي شوفي في شنطة اسعافات في الحمام ولا لا ، عشان نشوف هنعرف نوقفه ولا تضطري تخرج تستغيثي بأي حد من بره ..

ارتجف اوصالها حين أخترق أذنها ذلك الكلام .. حركت ارجلها سريعاً دون تردد بإتجاه دورة المياة الخاصة بالطابق السفلي مع ظل تردد لسانها بالدعاء للخالق بأعانتها علي وقف جرحه داخل القصر دون الجوء للخارج ، فالبوابة محكمة الغلق ولن تستطيع فتحها ، حتي ذلك المفتاح الذي اعطاها لها العجوز فقدته عند صدمتها بمرضه ووفاته !!

ولجت داخله تبحث بغير هدي عن ضالتها حتي عثرت عليها بين أرفف الحمام العلوية .. سعد قلبها حين راتها عبارة عن حقيبها كبيرة الحجم نوعا ما وبداخلها عبارة عن صيدلية مصغرة بها جميع ما يحتاجه المصاب من مواد طبية مبتدأه .. فحقا الوعي الطبي الخاص بالأجانب في كل بيت كنز ثمين وقت الطواريء !!

اسرعت تحملها بإتجاهه وابلاغ رضوي بانها عثرت عليها بالفعل .. فأجابتها شقيقتها سريعاً بأرتياح :
- الحمد لله .. بسرعه يا هنا طلعي كمية قطن كبيرة وعقميها بمادة مطهره وحطيها فوق الجرح ..

اسرعت هنا بيد مرتجفه باخراج ما تحتاجه وجهزتها بالفعل فهتفت رضوي سريعا :
- حطيها فوق الجرح وأضغطي نوعا ما فوقها عشان نوقف الدم ومتحركهاش نهائيا عشان منساعدش الجرح ينزف اكتر ..

فهتفت " هنا " بإرتباك :
- مدة قد ايه ؟!

إجابتها رضوي سريعا :
- دقيقة كاملة يا هنا عشان أشوف الجرح ده في شريان ولا في وريد .. لان لو شريان يبقي حالته خطيرة ولازم يتنقل اقرب مشفي فوراً ..

حينها أرتجف اوصال " هنا " أكثر من زي قبل وانسابت دموعها بغزارة وتحرك لسانه ببعض ايات القران الكريم والادعية الواجبة في السنة لكي يحوطهما رحمة الرب ..

- أرفعي القطن وخليني اشوفه يا هنا وكمان الجرح ..

هتفت بها رضوي بعد مرور دقيقة واكثر .. فاسرعت هنا بتنفيذ ما املته عليها .. وبالفعل تمعنت رضوي جيدا به وبالجرح ثم هتفت بإرتياح نفسي :
- الحمدلله رب العالمين .. واضح انه نزيف وريدي ومش بالكمية الخطيرة .. أعملي ضمادة معقمة تانية وحطيها فوق الجرح تاني ومتحركهاش نهائيًا ..

أبتسامة أقتحمت شفتيها المرتجفة لتبدا في تحركهما عقب جملة شقيقتها بالحمد والشكر لربها .. وهي تفعل تلك الضمادة الطبية مرة أخري ..

فاسرعت رضوي تهتف بأستفسار :
- وريني شنطة الأسعافات فيها أيه يا هنا لو سمحتي ..

خرجت أيماءة منها وهي تحرك كاميرا الهاتف بأتجاة الحقيبة لتشاهد شقيقتها ما بداخلها والتي هتفت برضا تام :
- الحمدلله ده كده كويس جدا ومش هنحتاج حاجة من برة إن شاء الله .. بصي يا هنا في محلول أهو ركبيه بسرعه ليه واظن انا كنت علمتك من ايام جدو الله يرحمه ..

هتفت هنا دون تردد :
- ايوه بعرف اركبه وفكره لسه !!

- طب الحمدلله وفي كمان امبول قدامك لوقف النزيف أتاكدي انه اسمه Minirin Melt أفتحيه واحقنيه في المحلول يلا بسرعه عشان اقولك هتعملي ايه تاني !!

أجابتها هنا وهي تنفذ ما قالته :
- حاضر ..

بعد ان اطمأنت علي سريان المحلول داخل وريد يده الأخرى هتفت بخفوت :
- خلصت يارضوى إللي قولتي عليه ..

هتفت شقيقتها بهدوء شديد :
- تمام .. ركزي معايا بقا يا هنا .. بصي يا حبيبتي الجرح مع انه مش خطير بس المدي بتاعه واسع ومينفعش يتساب كده ..

قالت " هنا " بعدم استيعاب :
- يعني أيه مش فاهمة .. !!

زفرت رضوى أنفاسها المكبوته ثم هتفت بترقب :
- يعني لازم تخيطي الجرح يا هنا !!

-----------------------
-----------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:38 AM   #45

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الحادية والثلاثون

أبتعدت للخلف بأيدي مرتعشه ، وبجسم كاد يتملكه الانهيار ، غير مصدقه بأنها قامت بالفعل بتخيط جرحهُ بأكثر من ثمانية غرز !!

أبتعدت بوجه يدفق فيهُ جبينها بعرق غزير بعد أن أزاحت نقابها للخلف لكي تتم عملها بإتقان وتركيز شديد ..

أبتعدت وهي لا تصدق بأنها فعلت ذلك حقاً لاجله !!!

فاقت من حالتها الشاردة المريبة علي صوت شقيقتها التي تراقب عملها بدقة وهي تهتف بإرتخاء جسدي وصوتي :
- الحمدلله .. احسنتي يا حبيبتي .. هدي حالك بقا وغطي الجرح بشاش معقم ومادة لاصقه .. وان شاء الله هيكون بخير ويقوملك بالسلامة .. بس ..!!

استدارت هنا بكاميرا الهاتف لوجهها قائلة بحيرة واضحة :
- بس أيه يا رضوي !!

فاجابتها شقيقتها بحيرة مماثلة :
- ده كله شبه جدك يا هنا .. اانا لولا ان جدك مات وهو عجوز كنت قلت انه هو فعلا ..!!

لم تعي هنا وهي تستريح بالمقعد المجاور له بأنفراج شفتيها بسعادة ، قائلة بشرود تام أثناء تمعنها بوجهه الشاحب والمتعرق :
- فعلا كله هو .. ويمكن ده إللي كان بيصبرني على اللي بيعمله !!

انصتت رضوى لجملتها جيداً فقالت بقلق علي الفور :
- مالك يا هنا فيكِ ايه ، انت مش مبسوطة معاه !!

انتبهت " هنا " من شرودها علي جملة شقيقتها لتجيبها بعجالة دون تردد بابتسامة مصطنعة :
- ابداً مين قال كده .. الحمدلله !!

ابتسمت رضوى بريبة دون أظهار شكها في جملتها وهي تحثها علي النهوض :
- طب يلا يا جميل .. قومي نضفي ده كله وكمان لازم يتغذي كويس لأنه اكيد هيقوم من الموضوع ده عنده فقر دم .. وعصاير متواصله مش هقولك ..

أومات " هنا " لها براسها ثم هتفت بتوجس جلي في صوتها :
- حاضر انا فاهمة الجزء ده من غير ما تقولي .. بس هو ما بيفوقش ليه !!

أجابتها رضوي بنبرة مطمأنة هادئة :
- متخفيش يا هنون هو بس الموضوع مش سهل والظاهر كمان انه تغذيته قبلها مكنتش تمام فبالتالي في أجهاد وهبوط في جسمه من نزول الدم .. هيفوق متقلقيش بس اهتمي بتغذيته ونضافة الجرح كل شوية زي ما قولتلك ..

ارتسم علي شفتي " هنا " دون وعي بإبتسامة هادئة تعبر عن سعادتها الداخلية .. فهتفت بود وتقدير :
- مش عرفه أشكرك أزاي يا رضوي ربنا يحفظك ليا انتِ واخواتي وماما .. قومي استريحي بقا تعبتك معايا وانا لو وقف قدامي حاجه هتصل بيكي متخفيش ..

ابتسمت رضوى بهدوء ثم هتفت بإجهاد حقيقي :
- ماشي يا حبيبتي وأنا برده هكون معاكي علي طول لغاية ما نطمن عليه ويقوم بالسلامة !!

أنهت " هنا " الاتصال مع شقيقتها بأرق جسدي شديد غير مصدقه بأن كل هذا مر امام أعينها بل ومن فعل يديها .. حمدت الله كثيرا فهو له الفضل الأول والأخير في ذلك الأمر .. ثم استعادت نشاطها مرة أخرى لتنظيف المكان من حوله واعادة كل شئ بمكانه .. حتي ينتهي ذلك المحلول المغذي و من ثم نزعه والتخلص من مخلفاته ..

بعد مرور بعض الوقت تم كل شئ علي ما يرام ونزعت إبرة الحقن وتم تعقيم مكانها جيدا .. واطمئنت علي انتظام انفاسه بإرتباك جلي يصيبها كلما اقتربت منه ..

تطلعت بشرود لمكان حقيبتها غير مصدقه تبدل الحال والأحوال بين طرفة عين .. فحقا تشعر بأن كل الأمور تقف أمامها لكي لا تغادر .. لعله هناك سبب الله وحده اعلم به .. تحركت بخطوات مثقلة باتجاهها لكي تجلبها وتعيدها الي غرفتها كما كانت بالسابق ، ومن ثم تغير ملابسها تلك الملطخة بالدماء بأكثرها راحة .. فهي لن تتركه بحالته تلك وتغادر مهما بلغت الصعوبات ، هكذا اهتدى تفكيرها فالقلق تسرب لداخلها عليه بوحشية تامة الأن بعد كلمة شقيقتها عن مرور رصاصة ما من جانبه !

فمن أين كان مصدرها !

ولمن كان إتجاهها !

-------------

هبطت بعد أن جلبت بين ذراعيها غطاء ووسادة وأيضا ثيابًا أخرى له حتى يتم تغيرها بالقديمة الملطخة بالدماء ..

اقتربت لنومته بخطوات هادئة حتى وصلت بقربه ، فهبطت جاثية على ركبتيها لكي تضعها بعناية وحذر .. بغير ادراك مدت يديها ترفع مؤخرة راسه بإتجاهها لدس الوسادة اسفلها ، وما ان وضعتها بموضع مريح له حتى انتبهت لقرب وجهه بالكامل من وجهها .. نظفت حنجرتها ببطىء غير مدركة تمعنها الشارد في ملامح وجهه القريبة والجذابة رغم اجهادها .. والأهم من هذا وذاك أنه جدها بالقرب منها ..
تلك الملامح التي تتمني أن تشبع روحها المتلهفة قبل عينيها منها ومن ثم اغلاق جفنيها عليهما للأبد .. نعم للأبد !!
اتسعت ابتسامتها العذبة بنظرات حانية عندما لمست له العذر لإفعاله كونه تربي علي طباع يهودية خائنة .. بينما عذرت نفسها ايضاً بأنها جسد وروح له قدرة تحمل قد تختلف من شخص لآخر ..

بحالة مغيبة رفعت أناملها المتحررة تريد مرورها على تلك الملامح ، تريد نقشها بحاستي البصر والمس معًا داخل قلبها .. كأنه بات اشتياقها وحشًا داخليًا ينبش نبشًا في عقر فؤادها !!

قبل أن تشرع في لمساتها الحانية لوجهه وعت لفعلها الكارثي بالنسبة لها ولتربيتها ، اسرعت بوضع راسه براحة تامة منتفضه من ثباتها المزعوم بإرتباك اصاب اطرافها ، تلعن اشتياقها هذا بتمتمة غير واضحة ..
احكمت الغطاء عليه جيداً ..x ومن ثم أبتعدت لتترك ثيابه علي المقعد المجاور لنومته .. كما هي بطيتها حتي يستعيد حالته الجسدية ويستبدله بنفسه ، فهذا الشئ ليس من ضمن حدودها وهي لن تستطيع تخطيها كفتاة مسلمة مهما يكن فيكفيها ما حدث من جُرم الأن !!

ابتعدت لتبدأ مهمتها بغرفة تحضير الطعام وأعداد ما يتطلب منها فعله لحالته تلك ..

-------------------------

بدأ الواقع المحيط به يتسلل ببطء إلي إدراكه ، وبدأ يستوعب واقعه شئٍ فشيئًا .. وما هي إلا ثواني حتي أدرك ما مر عليه بالأمس .. حينها فزع من نومته بتوجس يتطلع للمكان المحيط به بعينين مكتشفة ، إلي أن وعي لتعقيم جرحه و بأنه داخل حدود قصره .. حينها اطمئن قلبه وأراح رأسه ثانياً علي الوسادة اسفله مغمض العين بهبوط شديد ..

أنهت صلاتها في غرفة مجاورة وخرجت لتطمئن عليه كما هو حالها طوال الليل .. أسقطت نقابها خشية إفاقته عما قريب ..

اتجهت إليه تتمعن ملامحه المرهقة من بعد حذر ، مع رفع راحة يدها فوق جبينه بحذر شديد للإطمئنان بأنه لا يوجد به اي مضاعفات خطيرة قد ظهرت عليه كأرتفاع درجة الحرارة ..

فجاة تلبش جسدها وبرزت عينيها بصدمة تحوط حدودهما حين فتح عينيه الخضراء أثناء تفحصها !!

سحبت يدها سريعاً بتوتر بالغ للخلف ، وبدا تلعثم كلماتها يخرج من بين شفتيها دون تركيز به :
- اااانا .. ااانا .. كنت .. !!

بترت جملتها حين استوعبت بأنه لن يصدقها مهما بررت فعلها كعادته القاسية الدائمة ، فاستدارت تهرب بعجالة من أمامه كحل طرأ علي مخيلتها في الحال للخروج من ذلك الموقف المحرج ..

إلا أنها تفاجأت براحة يده السليمة تقبض علي راحة يدها قبل أن تبتعد .. تجرعت ما في حنجرتها بتوتر بلغ أقصاه .. فما الذي يفعله ؟! .. حمدت الله بانها ترتدي في يديها القفزات وإلا لكانت سقطت في الحال مغشي عليها هي الأخرة من هول فعله المفاجئ .. ألتفت بجسدها لوجهته ببطء وهي تسحب يدها بهدوء من راحة يده ..

فأتها صوته خافت بوهن شديد :
- ماذا حدث .. ومن أتي هنا لتطيب جراحي ؟!!

فركت راحتي يديها في بعضهما بأرتباك ظاهري لتخرج كلماتها بحذر شديد وخوف أشد :
- أنت جئت بالأمس جريح بجرح في ذراعك بالجزء العلوي منه .. و .. و..

ضيق حيز عينيه .. يرمق ترددها بترقب ومن ثم هتف بهدوء :
- و ماذا ؟!

تجرعت ريقها وهي تهتف بريبة :
- لم أعلم احداً هنا .. وبالتالي استعانتُ بشقيقتي الطبيبة !

هتف بذهول :
- هل شقيقتك طبيبة ؟!

أومأت براسها المنخفضة وهي تهتف بالإيجاب :
- نعم ..

تطلع لها جيداً ثم هتف باستفسار محير :
- ولكن كيف أتت هنا ؟! هل هي تسكن في تلك المقاطعة ..

فركت يديها بتوتر اكثر من زي قبل وهي تردد بنفي :
- كلا .. فهي تعيش في القاهرة !

بنظرات متعجبه هتف :
- كيف إذا ؟!

اغمضت عينيها من شدة الأرتباك ثم استجمعت شجاعتها قائلة بعجالة دون تروي :
- عن طريقي !

أشتد حيرته فقال :
- كيف هذا ؟!

هتفت بتوتر وهي تتحاشي النظر أليه :
- أولا اطمئنت عن طريق كاميرا الهاتف بأنه ليس جرح غائر ومن ثم قمت بتعقيمة وتخديره وتخيط الجرح بأحكام وتغذيتك بمحلول طبي !!

بابتسامه هادئة بجانب ثغره قال بمكر :
- هل فعلتي كل هذا دون خبره !

أيماءة باستحياء خرجت منها دون صوت .. ثم هتفت هاربه بإرتباك :
- ساجلب لك طبق حساء دافئ يعوض ما فقدته بالأمس ..

رددتها لتسرع بخطوات متعثرة من امامه قبل أن يفضحها توترها ..

بينما هو أتسعت إبتسامته بعض الشئ وهو يراقب بوهن فرارها .. والذهول يصاحبه من حيائها الظاهر رغم ذلك الحاجز الآسواد بينهما .. وسؤال يتردد بحيره في مخيلته…
" هل ما زال يوجد حياء بين النساء ونحن في القرن الواحد والعشرين !! "

بل لماذا هو جعلها في ذلك الموقف من الاساس هل هي رغبة داخلية يريد اظهارها أم هذا امتحانًا كغالب عاداته من رياح الماضي الراسخة في روحه قبل ذاكرته ..!!

أجاب علي سؤاله الذاتي الأول في الحال بعدما لمس مواقفها جميعاً ..
" يبدوا بأنه علي الأعتاب ليشاهد إمرأة واحدة ستعكس صورة جميع النساء في مخيلته !! "

اما سؤاله الثاني فأجابه " بأنه تائه متخبط الحال ولا يعلم إجابته ، لا يعلم حقًا "

-------------------

- ما هذا !

قالها " علي " بهدوء وهو يتمعن جيداً في طبق غائر موضوع فوق حامل طعام علي طاولة مجاورة له…

فأجابته " هنا " بحذر :
- حساء خضروات به الكثير من العناصر الهامة لتعويض جسدك ما فقدته بالأمس !!

تفحصه ببطء ، ثم رفع بصره لها قائلا بهدوء يصاحبه الدهاء :
- لن أفعل قبل أن استبدل تلك الثياب !!

لم يعي لما قاله إلا بعدما تفوه به ، ليتذكر سؤاله الذاتي مرة آخرى ، عاتبًا على افعاله وتخبط عقله وتشتته ، فهو لم يكن هكذا ، ماذا حدث !!!

عند سؤاله الوقح لم تستطع "هنا" السيطرة علي الإرتباك الذي أصابها من كلماته الخبيثة أكثر من هذا ، فقالت بتلعثم شديد :
- ه.. ه.. هنا الثياب .. استبدلها بنفسك .. وانا سأنتهي من بعض الأشغال الهامة في غرفة تحضير الطعام ..

حمدت الله انها اخرجت جملتها لتفر فراً من امامه وهي تحدث ذاتها بتهكم لمغزي جملته ..
" قال اغير ملابسه .. قال .. اهو ده إللي لا يمكن يحصل أبدًا "

علي أثر هروبها المرتبك .. خرجت منه قهقهات عالية .. وهو لا يصدق بأنه يوجد الأن بنات حقاً مثلها .. صمت ثواني وهو يستوعب حالهُ المفاجئ ليكمل جملته باندهاش بصوت خافت .. بل هو الذي لا يصدق بأنه اخرج الان ضحكات من قلبه منذ ما يقارب العشرون عامًا !!

ماذا يحدث حقًا ؟!!!

---------------------

- بتقولي أيه يا رضوي لا حول ولا قوة إلا بالله !!

هتفت بها رقية فزعه من حديث أبنتها الكبرى .. فردت عليها رضوى بعجالة :
- يا ماما استني .. انا مسبتهاش إلا لما اطمنت ان النزيف وقف وكل شئ تمام بفضل ربنا ..

رمقتها رقية بنظرات حائرة تتذكر حالة ابنتها في ذلك الموقف من بدايته فهتف بشغف كبير :
- يا حبيبتي يا بنتي أكيد يا قلب امك اتخضيتي !!

ثم استرسلت حديثها لأبنتها بترجي :
- عشان خاطري يا رضوى كلميها دلوقت أطمن عليها وعلي جوزها .. قلبي مش قادر يقتنع ولا يطمن إلا لما اشوفهم بنفسي !!

أجابتها رضوى باستسلام أمام حالتها :
- حاضر .. يا ماما من عنيا بس اهدي أنتِ !!

-------------------

استبدل ثيابه وأسترد عافيته بعض الشئ عقب أحتساء ذلك الحساء الشهي والمعد من جانبها ..

ظل ينظر لمغادرتها وهي تحمل حامل الطعام الفارغ بنظرات مطولة إلي ان تذكر شئ مهم لا يمكن نسيانه ..
فألتقط هاتفه من امامه بحذر شديد لجرحه ، وتحركت أطرافه عليه ليهتف بهدوء عقب فتح الاتصال :
- مرحبا جاك !!

اجابه جاك بتلهف :
- " الَي " أين أنت بحق السماء هاتفك مغلق منذ الأمس وهناك الكثير من الأعمال التي لا أستطيع أنجازها بدونك ..

- عذرا جاك كان مغلق وانا كنت في غفوة عنه ..

- هل ستأتي اليوم للعمل !!

- كلا .. فلدي بعض الأعمال الاخرى .. لهذا سأتابع معك عبر الحاسوب الشخصي ونتمم كل الاعمال التي تحتاجني فيها ..

سأله جاك بحذر حتي يتصنع عذر لرؤيتها :
- "الَي " هل أنت في قصرك !

أجابه " علي " بنفي تام يصاحبه إقتضاب مختصر :
- كلا .. أتفقنا !

هتف جاك بأستياء :
- اتفقنا !

تنهيدة عميقة خرجت من " علي " عقب انتهاء محادثته .. فلن يتحمل بأن يأتي جاك كل حين هنا كما في السابق .. حقا شعور داخلي جعله لن يحتمل بل وسيختنق من مجرد تذكر الأمر .. فلو لم يكن جاك ذراعه الأيمن لجميع اعماله الظاهرة والباطنة لكان استغني عنه الأن دون تردد !!

متعجبًا مرة أخرى من افعاله ولتلك النار التي بداخله .. فماذا يحدث له حقًا !!!

-------------------

صدح صوت هاتفها أثناء انتهائها من صنع بعض العصائر الطازجة لتغذيته بشكل جيداً ..

توجهت اليه بحيرة شديدة لهاوية المتصل .. فتفاجأت بأنه إتصال من شقيقتها رضوى .. فحدثت نفسها بأنه بالتأكيد لﻻطمئنان عليه ..

فاجابت مبتسمه بعد أن فتحت المكالمة :
- حبيبتي إللي تعبتها معايا بجد !!

ضحكت رضوى لجملة شقيقتها الصغري هاتفه بتعجب :
- يا سلام ده علي اساس أن انا اللي كنت بشتغل بأيدي ..

انطلقت" هنا " ضاحكة بتجلي إلي أن توقفت وبدأت تتلاشي ببطئ علي جملة رضوي التالية :
- أنا وماما وندي كمان هنا في زيارة عوزين نكلم " علي " ونطمن عليه ..!!

هتفت ببلاها :
- ها…!!

زاد شك شقيقتها للقصوي علي اثر ترددها فهتفت بإصرار :
- بقولك ماما قلقانة وعوزة تتطمن عليكم وعلى " علي " كمان فيها ايه دي يا " هنا " !

تلعثمت كلماتها بتردد :
- م..مفيهاش ح..حاجة .. ثواني بس أشوفه هيقدر ولا لا !!

------------------

وقفت أمامه يتفحصها في صمت وهي مطأطأت الرأس ، تفرك راحة يدها في بعضمها بتوتر يشاهده بوضوح تام ..

فخرج صوته بترقب :
- ما الامر ؟!!

صمتت لوهلة تجهل كيف تحادثه .. ساخطة على الموقف بأكمله .. إلي أن أنتبهت لطول صمتها .. فقالت علي الفور :
- والدتي وأخواتي يريدون الأطمئنان عليك !!

خرجت جملتها دفعة واحدة أراحت بها ضيق صدرها .. إلا انها شاهدت عبُث وجهه ينمو ليظهر عقب جملتها بوضوح ... فهتفت سريعاً بإرتباك وهي تشيح براحة يدها في الهواء بريبه :
- أتعلم ..سأقول لهم بأنك مشغول في عملك .. لا عليك !!

ثم استدارت تهرب من أمامه في الحال …

---------------------
------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:39 AM   #46

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الثانية والثلاثون

خرجت جملتها دفعة واحدة أراحت بها ضيق صدرها .. إلا انها شاهدت عُبث وجهه الذي ظهر عقب جملتها.. فهتفت سريعاً بإرتباك وهي تشيح براحة يدها في الهواء بلامبالاة :
- أتعلم ..سأقول لهم بأنك مشغول في عملك .. لا عليك !!

استدارت تهرب من أمامه في الحال قبل أن ينفجر بها بالتأكيد .. مؤنبه ذاتها علي جرائتها تلك ... إلي أن تسمرت قدميها عقب جملته الهادئة :
- أنتظري .. فأنا لم أعترض بعد !!

فغرة فاهها باندهاش فاستدارت لوجهته تهتف ببلاها واضحة :
- ها ..!!!

رفع حاجبيه بتعجب أثناء قوله البارد :
- أتصلي بهم !!

تجرعت ما في حنجرتها ببطئ .. غير مصدقه ما تسمعه أذنها هل .. هل القاسي وافق بالفعل…x " يا الهي "

هو نفسه لم يعلم لما وافق علي محادثة ناس غرباء عنه .. قد يكون لم يريد ان يرفض لها رغبة كرد لجميلها بالعناية به .. او قد يكون لشئ بداخله يدفعه لتنفيذ كلام العجوز بأعطائها فرصة وبأنها ليست كغيرها ممن قابلهم من النساء !!

هو لا يعلم !! ..

لا هو يعلم !!

نعم يعلم فهي تلك المشاعر التي تقضي على قوة الروح ليصبح أسيرها بين غمضة عين !!

ياالهي !! لابد أن ينزع تلك المشاعر الغريبة المضطربة بداخله بسكين حاد .. فهو ليس بعاشق متيم مثل الكثير من الشباب بل هو غيرهم تماما حيث يحمل علي عاتقه منذ طفولته بمسئولية كبرى و لديه في الأيام القادمة إنتقام هام .. وهو لا يريد أن يقحمها معه في أمر لا ذنب لها به ..

ولكن لا أراده له في ذلك الشعور اللعين !! حقاً لا اراده له !!

خرج من شروده علي محاولاتها المتكررة لجلب صورتهما هما الاثنان معاً أمام كاميرا هاتفها ، ولكن لبعد المسافة بينهما لن تأتي الصورة كما يجب .. وذلك لجلوسها في نهاية الطرف الاخر من الاريكة التي يجلس عليها ..

ابتسم بأبتسامه تهكمية أثناء فهمه لغرضها الظاهر له .. فهي تريد أخراج صورة بها بعض الحميمة بينهما أمام عائلتها دون أن تطلب منه ذلك بصفة مباشرة .. وفي ذات الوقت تحافظ علي بعد المسافة بينهم ..

حقاً هي مختلفة أيها العجوز !

عقب جملته الذاتية خرجت منه كلماته بابتسامة هادئة :
- ذلك الحاسوب يستطيع جلب الصورة كاملة من نفس مكاننا !!

خجلت بشدة وتجمع الدماء في وجهها من شدة الأحراج ، فيبدوا لها بأنه أكتشف ما تفكر به .. تطلعت باستحياء لحاسوبه الموضوع علي الطاولة أمامهم .. لتتفاجأ به يتحرك ببطء لتشغيله بذراعه المعافي مع اخذ الحيطة والحذر لجرح ذراعه الأخر .. قائلا بهدوء وهو ينظر لها :
- أعطيني حسابهم للمواصلة عليه .. !

مدت يدها المرتجفة من وسط ذهولها من تصرفاته العجيبة .. فهي لا تصدق و تخاف أن تصدق لتفوق من غفوتها علي حالته القديمة بقسوتها المتحجرة مرة أخري .. لهذا لا أمان له حتي الأن من جانبها ..

فُتح الأتصال وشاهدت والدتها وشقيقتها ندي بغطاء وجهها وبجوارهما شقيقتها رضوى ..

فهتفت علي الفور بروح طفلة تشتاق لأسرتها :
- ماما .. ندي وحشتوني جدا جدا .. رمضان مبارك ومتعرفوش أنا قد ايه سعيدة بالمكالمة دي ..

فهتفت والدتها بشغف حاني :
- كل عام وانتِ بخير ياحبيبة قلبي وإنتِ وحشتينا أكتر .. ونفسنا نشوفك قدامنا الثانية دي قبل الثانية اللي بعدها ..

تسربت إبتسامة علي شفتاه أثناء تفحص حالتها الطفولية .. متخيلا هيئتها الباسمة أسفل ذلك الشئ نتيجة لضحكات عيونها الظاهرة اسفله ..

- "علي" .. " علي " !!

اتسعت أبتسامته عندما أقتحم صوتها شروده وهي تهتف بأسمهُ بتلك الصورة التي يشتاق إليها كثيراً منذ موت أبيه ..

إلا أن النداء أتاه ثانيا .. فأنتفض من شروده على واقعه المحيط بأرتباك لم يعهده مطلقاً من قبل ..

رفع راحة يده يمسح بها مؤخرة راسه بأحراج شديد .. محدثاً ذاته بابتسامة ساخرة " ويلٍ لكي أيتها الساحرة الصغيرة "x.. فأجاب ندائها بعفوية :
- نعم " اَنا " ..

لولا مكالمة الفيديو لكانت انطلقت في ضحكات متواصلة علي طريقة لفظ اسمها الجديدة من فمه .. والتي تسمعها منه لاول مرة .. حتي انها كادت تجزم بأنه لا يعرف اسمها من الاساس !!

أعادت ضبط هيئتها الساخرة الذاتية وهي تهتف بشاشة وجه له لكي تلفت ذهنه للمكالمة :
- والدتي ترسل لك التحية ..

" يا ألهي لقد نسيت أمر الاتصال " حدث بها نفسه بتوتر بالغ فالتفت براسه بأتجاه الحاسوب بعد أن تحركت بأتجاة " هنا " دون وعي منه .. قائلاً بإرتباك :
- مرحبا سيدتي .. ممتن لسؤالك الكريم ..

قبل أن تترجم " هنا " لوالدتها ما تحدث به بالأنجليزية هتفت هي بذهول شديد ظهر علي ملامحها حين ألتفت " علي " بكامل وجهه لها في شاشة الحاسوب :
- مش معقول .. مش معقول ده كله جده وجلال الله يرحمهم !!

تطلع لها بإستغراب من لغتهم تلك وعدم فهمه لجملتها .. فنظر لهنا يستغيث بها قائلاً بعدم إستيعاب :
- ماذا ؟!!

فأجابته بتردد يصاحبه الأرتباك :
- تقول بأنك تشبه جدي كثيرًا ووالدك !

أستمتع بكلام والدتها كثيراً… فهتف علي الفور بفضول :
- حقاً .. وماذا أيضاً ؟!!

أندهشت " هنا " من حالته .. فهل هذا حقا الصامت القاسي .. أم ذلك الجرح أثر به .. أدركت حالها سريعًا قائلة بتوتر :
- لا شئ !!

فقالت ندي علي الفور باللغة الأجنبية بفكاهتها المعهوده لكي تثأر من شقيقتها وفعلها في زفافها :
- وبتقول كمان يابركة دعائك يا هنا .. دعائك أتحقق وأتجوزتي واحد شبه جدك زي ما كنتي عوزة بالظبط !!

تريد الان ان تنشق الارض وتبلعها من شدة الأحراج ، أنكمشت علي نفسها داخل عبائتها .. ووضعت راحة يدها علي ثغرها من فوق النقاب تكتم حنقها الشديد من طول لسان شقيقتها متمتمه بخفوت شديد من بين ضغط أسنانها :
- الله يخربيت يا ندي .. اتفضحت وإللي كان كان !!

عقب جملة ندا تطلع لها باندهاش .. نظرات في باطنها لمعه خفيه .. فأن كان ولد شئ بداخله منذ فترة فعند تلك الجملة بالذات ذلك الشئ كبر وبدأ ينتشر بتوغل داخل قلبه .. لتعلوا دقاته دون سابق إنذار من نوعه طوال حياتهُ ..

أخرجته رضوى من شروده وهي تهتف ببشاشة بلغته :
- مرحبا " علي " معك الطبيبة رضوى أبنة عمك .. كيف حال جُرحك اليوم !!

أبعد نظراته بصعوبه بعد أن أصبح لا يريد ان يبعدها عنها نهائيًا بعد اليوم .. متجرعٍ حنجرته الرجولية ببطئ شديد وهو يهتف لرضوى بتركيز :
- مرحبا رضوي .. أنتِ إذا .. ممتنن لكي كثيرًا لإنقاذي ..

فأقتحم صوت ندا الفكاهي حوارهما علي غفلة باللغة العربية :
- لا حضرتك متشكرهاش .. هو حد يطول مزة كده ومتعلجوش .. ده حتي غلط علي القولون المصري .. يووووه قصدي علي العصبي يا جدعان متفهمونيش صح !!

انطلقوا جميعا دون استثناء في ضحكات مسترسلة دون إنقطاع إلا هو الوحيد الذي يجهل ما تفوهت به .. فالتفت ل " هنا " يستفسر منها .. فاندهش بتعجب من حالتها السعيدة وصوت ضحكتها الاعذب .. إجتاحته رغبة قويه تجبره بمد يده لإزاحت ذلك العازل الغليظ عن وجهها حتي يشاهد ابتسامتها بتمعن شديد قد يكون أقرب إلي التصوير البطئ !!

مندهشا من نفسه بأن طول المدة الماضية لم يأتيه تلك الرغبة لرؤية وجهها الا الان .. !!

من وسط ضحكاتها تطلعت مصادفا له لتشاهد ترقبه الهادي لها ! .. فتلاشت ضحكاتها تماماً .. وألتفت لشاشة الحاسوب تتوارى بخجلها خلف محادثة عائلتها .. إلا أن رضوى فاجأتها بالعربية بسؤال مميت :
- هو أنتِ لبسه النقاب ليه يا " هنا " ومفيش حد غريب إلا جوزك !!

سؤال رضوى .. كان سؤال قلب والدتهما التي شعرت مثل رضوى بجفاء علاقتهما !!

أصاب " هنا " الأرتباك وتبدل حالها وهي تجيب شقيقتها بتلعثم :
- عشان ممكن أبيه حسين أو أبيه أحمد يجيوا فجأة ..

بدأ يلاحظ توترها وراحتي يديها التي تفركهما بإرتباك فهتف بأستفسار لهما :
- ما الامر ؟!!

فأتي صوت ندا تترجم له سؤال شقيقتها وأجابة " هنا " عليه فاستوعبَ حالتها جيداً .. بل وأخترق قلبه قبل أن يستوعبه عقله .. فصغيرته دائمًا تحفظ نفسها من الرجال حتي أمام أزواج أشقائها .. سعد قلبه وظهرت أبتسامته .. إذا هي مختلفة !

نعم مختلفة وصدقت أيها العحوز حقًا !!

لم يشعر إلا بذراعه الغير مصاب يحيط ظهر " هنا " ليستند علي الأريكة من خلفها .. مرددا بابتسامة واثقة يساند بها حالتها المرتبكة :
- أنا من قال لها ذلك .. خشية مرور رجلاً من خلفكما !!

رده القوي جاء كالسهم في قلب شكهم المتصاعد متوغلا به بقوة معلنا عن نهايته وفوزهما معًا .. ابتسمت كلاً من رقية ورضوى برضا في أنٍ واحدٍ وهما يتبادلان بعضهما البعض بنظرات كل منهما تفهمها جيداً وبينهما جملة واحدة ..

" فحتي لو كان بينهما جفاء .. فذلك الاشتياق من عينيه وتلك الكلمات الأن بمكنونها العاشق وفعلها الغارق في مقامات الحب سيمحوه حتماًx "

------------------------

عبر الهاتف في مكالمة سرية أجرها " علي " مع " جاك " كان مضمون ذلك الحوار ..

- ماذا تقول " الَي " !!

قالها " جاك " بذهول تام .. ليسترسل حديثه ثانياً بنفسه درجة إندهاشه :
- " الَي " أتعلم من تلك الشخصية التي تريد مراقبتها !!

أجابه " علي " بهدوء مخيف :
- بلي .. فأني أعلم من تكون ولهذا أريد تحركاته في الأواني الأخيرة لحظة بلحظة ، حتي تلك اللحظة التي سترسل لي بها التقرير عبر الحاسوب ..

هتف " جاك " بتأكيد مرة ثانية :
- "الَي " حقاً تقصد براد فيليب رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي .. ثم ما شأنك به .. يبدوا أنك نسيت بأنه وولده من أصحاب الضربة القاضية في أمريكا !!

أتاه صوت " علي " ببرود تام :
- ليس لي شأن بأبنه .. بينما أنا قلت لك هو وفقط !!

حينها تأكد " جاك " مما يريد بالفعل .. وانشغل ذهنه بالكثير من الأسئلة منها ما علاقته به ، وماذا يريد منه ، ولماذا يريد تحركاته ؟!! .. ولكن في نهاية الامر قرر تنفيذ أوامره كما تجب !!

بينما " علي " أقتنع بمبدأ الهجوم قبل ان يبدأ الطرف الاخر بالهجوم مرة ثانية و حتماً ستكون الهجمة التالية أقوي واشرس من المرة السابقة ولهذا لن ينتظر أكثر من ذلك !!

-------------------

من وقت إنهاء المكالمة و تصرفه ذاك وقد بلغ منها الحرج و الخجل حد النخاع !

تفننت في الأنشغال ببعض الأعمال أو بالأحرى بالهروب !!

فكيف ستواجه وتضع عينيها بعينه بعد ذلك الفعل وهو لا يحل لها !!

لهذا أكتفت بالأعتكاف في غرفتها .. أدت فرضها .. قرأت قرأنها .. وها هي تجلس في جلستها المعتادة أمام النافذة .. يمر أمام عينيها كل تصرفاته القاسية في الشهور السابقة ، ودقائق أصابته ، ويوما واحد كان به إنسان أخر غير الذي عاهدته من قبل !!

تأكلها الحيرة عن تصرفه ذاك .. و لماذا فعل هذا ؟!

إلا أنها فاقت من شرودها تأنب الذات الأمارة بالسوء لتفكيرها به .. فهو حتي الان علي غير ديانتها ولا يحل لها .. بل وقد يكون ليس مقدر لها من الاساس !!!

عند تلك الحقيقة المسلم بها يجب عليها الأبتعاد حتي لا تتأثر به !!

ستؤدي ما عليها بأتجاهه كما وعدت الجد والعجوز طالما مازال يحتفظ بدينه وأفعاله تلك رغم النصيحة .. ومع الأيام ستلتمس طيب قلبه الذي أظهره اليوم وستطلب منه الأنفصال ..

مرت ثلاثة ايام علي هذا الحال تعد الطعام له .. تنفذ ما يريحه .. ثم تهرب بنفسها بين جدران غرفتها .. حتي طعام الأفطار تتناوله بها .. ولكن يظل العقل منشغل والقلب يأمل !!

شعر بتجنبها ورغم أنه يشاهدها بعض الدقائق أثناء اعداد الطعام كل يوم .. إلا انه بداخله بدأ يشتاق لوجودها .. بل بات متمنياً وجودها في كل حين .. ولكن ما كان بينهما في بداية تعارفهم ليس هين .. ويعلم بأن بينهما بحارٍ لا تعد .. ولكن ليس هذا الوقت الجيد للشرح والتقرب .. بل هذا وقت الأنتقام لشفاء جسده وعقله من عقد الماضي .. ومن ثم تطهيرها للأبد حتي يتهيئ باسترسال ما يشعر به تجاه من حركت فؤاده منذ مولده في العالم أجمع !!

---------------------

بنظرات متفحصة مطولة راقب ارتباكها وهي تقف أمامه مطأطأة الرأس قائلة وهي تفرك راحة يديها بتوتر ظاهري :
- الطبيبة رضوى .. أقصد رضوى شقيقتي .. اخبرتني بأنه حان وقت أزالة الخيط الخاص بالجرح ..

أبتسم بتهكم فلولا ازالة الخيط ما سمع صوتها لمدة ثلاثة ايام .. كانها باتت أنسان الي يضع الطعام ليفر هاربا من أمامه ..

- حسناً ..

أردف بها " علي " ثم نهض من جلسته يزيح عنه التيشرت الخاص به باليد الأخرى ولكنه توقف عن فعل هذا علي اثر صوتها الصادح بفزعته المفاجئة أثناء استدارتها بسرعة الرياح لتعطيه ظهرها !..

فهم من جملتها أخيرا بعدم أكمال أزاحت ثيابه .. وبأنها لاتحتاج لهذا لكي تتم عملها ..
فترك ما بدأه قائلا باندهاش :
- كيف أذا ؟!

عندما تأكدت من عدم أكمال فعلته استدارت ببطئ تشرح ما ستفعله حيث اردفت ببلاهه وهي تشهر المقص في وجهه :
- بهذا !!! سأقص كم التيشرت بهذا و أبدا عملي !!

" يا ألهي كل هذا من أجل عدم رؤية جسده .. كم أنتِ حقاً مختلفة يا إمرأة .. !! "

كانت تلك حديثه الذاتي .. غير مدرك حين هتف ممازحا كممثل كوميدي في الحال :
- كاد قلبي يقف الأن يا فتاة .. لماذا لم تخبريني بنيتك تلك من قبل ، حتي كنت أستطيع استبدال ثيابي بثياب اقل ثمناً !!

انطلقت ضحكاتها عقب جملته بطريقته المازحة .. لم تشاهده من قبل بتلك الروح .. إلا ان ضحكاتها توقفت عقب جملته الصادمة الهادئة بعينيه المتأملة بهيام لكيانها :
- أفعلي ذلك دوماً وأخرج لي صوتك ضحكاتك كثيراً…فدندنتها المتناغمة استعمرت قلبي رغم فقر اللقاء !!

----------------------
--------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:40 AM   #47

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الثالثة والثلاثون

في أولى ساعات الصباح خرج يتهيئ لمهمته المصيرية المحتومة .. مهمته التي ورثها فوق كاهلهُ منذ الصغر .. مهمته لأخذ بثأر ابيه .. مهمته الكبرى وهدفه الوحيد أمام عينيه الأن ..

عند اصراره هذا تحولت مقلتيه القاسية لمقلتي طفل محب بعيونه اللامعة اللينة حين تطلع لنافذة غرفتها .. !!

مر أمامه تلك اللحظة قبل فقدانه للوعي ، حين جذبها في أحضانه عنوة ، تسرب لداخله نسيم خاص رغم مرور جميع النساء بين ذراعيه من قبل إلا أن وجودها هي بين يديه له نسيم مختلف بتاتًا ، نعم فرقًا بينهما كفرق السحب وسطح الأرض ، شعورًا تملكه ورغبه استولت على حواسه بالا يتحرر منهُ ..

فكم شعر باطمئنان و راحة نفس لم يشعر بها من قبل بين يديها في تلك الثواني المعدودة .. !

وكم يتمنى استمراره للأبد ..

أما تلك المكالمة فهي حكاية أخرى .. تلك المكالمة التي احييت روحه الميتة ، وجو العائلة الدفئ بين طيات قلبه المتحجر .. فكم تمني ذلك التقارب منذ أن عاهد تلك الحياة .. وكم تمني ان يحياه ..

بل كان يتمنى بأن يقابلها في زمن غير الزمن .. و بقلب غير ذلك القلب المحمل بالثأر والانتقام .. !

كان يتمنى أن يخلق لأجلها هي فقط دونًا عن نساء العالم .. بل كان يتمنى أن يتخلى عن العالم بآسره لتكون هي فقط عالمه ..

كان .. وكان !

حدق بنظرات أمل لنافذتها .. يتمنى رؤية طيفها لثواني معدودة قبل أن يرحل حتى لو بذلك الحاجز اللعين .. الأهم يشبع أنياب شوقه المتوحشة من عينيها البنية ..

فقد لا يعود ! وتكون تلك الرؤي الأخيرة بينهم !!

صدمة تملكت عقله حين رأي سراب يقتحم مخيلته التي رسمت هيئة صغيرته ..

إذًا هي لم تكن موجوده بالفعل بين أطار نافذتها كعادتها ...

أذا هي حلم جميل بين ظلام ايامه .. اذا هي وردة تفتحت في غابات حياته المتوحشة ... أذا هي روحاً طيبة تطوق جسده المذنب ليتوغل عبقها بين كرات دمه ..

شكرها وهو يستقل سيارته لوجهتهُ المحددة .. شكرها علي تلك المشاعر النادرة التي يعيشها كشيء حاني في حياته الجافية .. شكرها لانه شاهد تلك اللحظة وعاشها في جو عائلي بعد أن كانت حُلم بعيد المنال ..

شكرها في طريقهُ للأنتقام .. !!

صفير محرك السيارة واحتكاك إطارها الخلفي عند المغادرة السريعة ، هو ما تركه خلفه وهو يغادر ذلك القصرx..

وكأن قلبها كان يشعر به .. فزعت على أثر ذلك الصوت من نومتها تهرول باضطراب لنافذة غرفتها دون غطاء الوجه علي غير العادة فلمحت مؤخرة سيارته وهي تغادر ..

انشغل عقلها وتملك القلق منها باريحية .. والكثير من الأسئلة تدفعها عرض الحائط .. فلماذا خرج وهو لم يتعافي كلياً .. هل خرج للعمل كمعتاد .. ولكن لم لا يمارس رياضته أولا ككل يوم ..؟!

أسئلة كثيرة ظلت تجول في باطن ذهنها .. لتعلن مع استشعارات قلبها القلقة حسابات أخرى في صدرها ..

---------------------

داخل أحد المطارات في مقاطعة سان فرانسيسكو .. وعلي أحد المدرجات المحددة لإقلاع الطائرات الخاصة ..

ترجل " علي " من سيارته بملامح وجههُ القاسية والمغطاة بنظاراته الشمسية .. ليقبل عليه " جاك " يستقبله بترحيب حار لطول مدة غيابه الغير واضحة بل والغير مبررة كسابقة فريدة من نوعها .. هاتفاً بحفاوة :
- مرحباً " الَي " .. طال غيابك يا رجل !

رد عليه " علي " بأقتضاب أثناء سيره بأتجاة الطائرة
- مرحباً " جاك " هل كل شيء علي ما يرام ؟!

أجابه " جاك " بأهتمام عاجل :
- بلي كل شيء كما تريد وكما خُطط له من قبل .. فالطائرة ستقلع الان بأتجاة مقاطعة ميامي بولاية فلوريدا !

أومأ " علي " قائلا برضا :
- جيد .. هيا لنسرع فلكل دقيقة ثمن !!

استقلا الطائرة واستعدا كل منهما وبعض رجال الأمن الخاص بمرافقة " علي " للإقلاع الفوري والذي أعلن عنه قائد طائرته الخاصة …

---------------------

علي أحد شواطيء ميامي .. بولاية فلوريدا ..

وبالقرب من أفخم منتجعات العالم بها وعلي جانب أحدي الطرق السريعة والمزدوجة بمسارين مضادين ، كانت أحدى السيارات الجيب الحديثة بزجاجها الأسود الفاحم والخافي لما بداخلها .. تهيئ " علي " بأرتداء بدلة الغوص التي تكسي جميع أنحاء جسده بأستثناء العينين والأنف والكفين والقدمين بالمقعد الخلفي بها ..

وعي " جاك " القاطن بمقعد السائق لملامح وجهه الغير طبيعية أثناء استعداده بوضع سلاحه الكاتم للصوت داخل تلك البدلة فهتف بتردد :
- لماذا لا تخبرني وجهتك .. أشعر بأننا يحيطنا الخطر !!

أجابه " علي " بفتور تام أثناء أسقاط قناع الوجة المؤقت للهروب من كاميرات مراقبة الطريق :
- أنت لا يحيطك شيء.. أنت بأمان في تلك السيارة وأن لم أعود خلال ساعة من الأن فمهتك أنتهت .. ولا تنتظرني بل أهُرب بها وأنجوا بحياتك !!

هتف " جاك " بصدمة من واقع تلك الكلمات المفاجأة علي أذنه :
- " الَي " ..!!

إلا ان " علي " لم يجبه وترجل من السيارة سريعاً ليعبر السياج الحدودي لمياة البحر بسرعة الرياح .. وما هي الا ثواني حتي أقتحم جوف المياة الفيروزي قبل غروب الشمس بساعة كاملة .. ذلك الوقت الذي خطط له بأحكام بعد علمه من التحريات التي أجريت عن " براد فيليب " بتواجده في ذلك المنتجع الصحي في هذه الأيام ، وعشقه للغطس يوميًا في لحظات الغروب ..

لهذا أعد العدة لمحاربته والثأر منه في عرض البحر بعد أن أُرّهق طوال السنوات الماضية من النيل منه من كثرة الحراسة التي تحوطهُ بعناية فائقة لعلو شأنه ..

فها هي الطريقة الوحيدة التي استطاع التخطيط لها جيداً ..
وصل لمبتغاه حين تمعن بعينيه فقط من اسفل سطح الماء .. متطلعًا بترقب علي بعد ميل بحري لمباني المنتجع وبقرب الشاطيء أحد الرجال المهمين يتمدد علي أحد المقاعد الرملية المريحة للجسد .. ويحوطه ما يقارب العشر أشخاص باسلحتهم المعمرة والفتاكة .. وكما توقع خلو مكانهم من البشر لحساسية منصبة وتأمين المنطقة جيدا من حوله .. لهذا أختار الأختراق الأمني بحرا لعدم قدرتهم علي تغطيته جيداً ..

عند تلك الرؤية أذا وصل لغايته وحُلم حياتهُ الوحيد الذي أنتظر تحقيقه منذ أعوام عدة ، وها هو على مشارف التحقق .. فقط عليه الان الأنتظار حتي يقتحم ذلك العجوز الماكر الذي لم ينسي هيئته منذ أن علم بالحقيقة الصادمة ما يقارب الخمسة عشر عاماً .. بل أصبحت صورته اليومية عبر الصحف والتلفاز أنيسة عينيه القاسية فلم تفارق مخيلته للأبد حتي باتت كابوس أحلامه ..

بعد ما يقارب النصف ساعة تحرك " براد " اخير من جلسته المريحة لينعم بغوص مريح للأعصاب في عرض الماء في ظل وقوف رجاله المسلحين علي حدود الشاطيء يراقبون حدود المكان جيداً ..

تعمق " براد " كمعتاد في جوف المياة الفيروزية الواقعة في المحيط الهادي لينعم بغوص فريد من نوعه تحت غطاء الغروب الساحر ..

تعمق إلي أن أبتعد بمسافة الميل وبعض الأمتار في عرض الماء مغمض العينين باسترخاء تام .. إلي أن شعر بأنفاس ملتهبه تلهف وجهه رغم برودة المياة .. ففزع من استرخائه يتطلع بنظرات ذاعره لمن أمامه !!

علم هوايته دون أن يوضح له ذلك !!

فهيئته تطابق هيئة ابيه وعيناه الموحشتان عينان والدته !!

حينها تأكد بأنه يعلم الماضي المظلم جيدا !!

تطلع بنظرات مختلسة في باطنها الخوف لرجاله بالخلف فوعى لأبتعاده دون أدراك عنهم ، وأنه مع ذلك الأسد الجائع في عرض البحر وحدهما !!

عند تلك النقطة أدرك هلاكه دون محال سواء شاء أو أبى !!

أتاه صوت " علي " من بين أنيابه المضغوطة ليخرجه من دوامة تفكيره العميقة وهو يوجه فوهة مسدسه من أسفل المياة بأتجاة جسده :
- نعم أنا !! .. نعم أنا ذلك الطفل الذي قتلت طفولته بقتلك لابيه .. ابيه الذي لم يفعل شئ في تلك الحياة غير أنه عالم عربي صاحب ذكاء شديد اراد استخدامه لنفع البشرية ، وحين تمنى العودة لمسقط رأسه أردتم القضاء عليه قبل أن يرجع لموطنه ويطبق تلك المعادلة التي كنتم تبحثون عنها من بعد موته مباشرة ، لكي لا ينقل علمه لوطنه العربي ويتفوق حتماً علي الكيان الصهيوني الذي يدير منظمتكم في الخفاء ..

بمقلتين بارزة وجسد يرتجف رددا " براد " بأرتباك :
- " كريس " !!

هتف " علي " علي الفور بحنق شديد :
- لست ب " كريس " أنت وتلك المرأة من أخترع تلك الشخصية .. أنما أنا فكما أطلق ابي " الَي " وفقط .. " الَي " ذلك الطفل الذي حرمته من والده وقضيتم علي أحلامه .. ولهذا هو هنا .. للقضاء عليك كما قضيت عليه دون رحمه برجالك الملعونين الذين قضيت عليهم بأسد جائع لتكون نهايتهم عبرة لمن يعتبر !!

ابتلع حنجرته بريبة شديدة هاتفاً بتوسل مرتبك :
- كريس أقصد " الَي " دعنا نتفاهم وسأعوض..

لم يستطع استكمال جملته لإصابته بطلقة نارية أصابت احشائه في الحال .. فجحظت عيناه التي تحدق ب " علي " بعدم تصديق ..

فأقترب " علي " من وجهة بوجه كظيم يخرج من بين أنيابه الوعيد في ذلك المشهد الذي تمناه وحُلم به منذ سنوات :
- بلي فعلت أيها اللعين .. بلي فعلت وأطلقت النار بالفعل وسأطلق حتي يفرغ خزان سلاحي .. ألست كنت تريد موتي منذ بضع أيام ..

- كلا أرجوك .. !!
رددها براد بتوسل أثناء وضع يده علي جرح بطنه باعثٍ بنظرات مختلسة لرجاله الاغبياء ..

لم يرأف " علي " بتوسلاته ولا بصورة المياة الملطخة بالدماء من حولهم وانطلق في استرسال رصاصته المخترقة لجسده دون توقف في صورة أسعدته وحفظها جيداً في ذاكرته بجانب ذاكرته الأخرى المريرة .. !!

أفاق من غيبوبة انتقامه التي سيطرة عليه منذ الطفولة علي جثة براد مسطحة أمامه علي سطح الماء والدماء تنفر من جسده بغزارة شديدة…

نشوة خاصة خرجت من قلبه وعقله حين تحقق حلمه رغم بعد السنين ، رغبة خرجت معها روح الانتقام لتترك روحه المسالمة للأبد .. ابتعد عنه ليعود أدراجه كما كان .. أبتعد قبل أن ينكشف أمره ..

قبل أن يبلغ الشاطيء قُرب " جاك " كانت الدماء قد تسربت لرجال الحراسة علي الشاطيء بفعل موج المحيط الهائج .. فتعمقت نظراتهم بذعر علي سطح الماء لمكان تواجد رئيسهم فشاهدوا ظلال أسود لم يتبين ملامحه عن بعد لغياب الغروب و أقتراب حلول الظلام ..

استغاثات بدأت من اجهزتهم اللاسلكية لجهات الأمن بالمكان والغواصين .. وبالفعل ما هي إلا ثواني وانقلب المكان رأسا علي عقب كلا في جهة ..

الغواصين للماء للبحث عن براد ورجال الأمن بأحاطت المكان و أقفال جميع منافذ الدخول و الخروج للمنتجع في الحال ..

بعد عدة دقائق جاء بلاغ لاحد أفراد الأمن بوجود سيارة في الطريق السريع بجوار المنتجع محل الواقعة رصدتها كاميرات مراقبة الطرق يشتبه بتورطها في الحادث ..

علي أثر ذلك النداء أنطلق عددة سيارات علي الطريق الرملي للشاطيء الي المكان المنشود .. في ذلك الوقت قد خرج " علي " من الماء يلتقط غطاء الوجة الملقي بقرب الماء لأرتدائه قبل أن يصل مكان اصطفاف سيارته…

بجسد منهك عبر الحاجز الحدودي ليسمع في ظهره علي بعد مائة متر دوي سيارات شرطة تاتي بأتجاهه .. فأقتحم السيارة سريعاً بكلمات تحفيذيه " لجاك " للتحرك في الحال ليلبي دون وعي لما يحدث بأقصي سرعة ممكنة .. لتتوقف السيارات الشرطة عند الحيز الحدودي الذي اعاق متابعتهم خلف تلك السيارة المجهولة ..
لتنطلق الاستغاثات من تلك السيارات لشرطة الطرق لمتابعة سيارة بمواصفات أبلغوها لهم جيداً..

في ذلك الوقت أنحرف " جاك " بالسيارة عن الطريق الرئيسي لقطعة صحراوية مجاورة كان قد خطط " علي " من قبل لرجاله بانتظارهم بها بسيارات أخرى .. وبالفعل ماهي إلا ثواني معدودة حتي أنتقل " علي " و " جاك " بهما بجميع متعلقاتهم دون ترك أي اثر خلفهم وفروا هاربين بعد ان تركوا تلك السيارة خلفهم بأبوابها المنفرجة !!

بعد ما يقارب الخمسة عشر دقيقة من البحث عثر رجال الامن أخير علي تلك السيارة الجيب المبلغ بمواصفاتها وبأرقامها المطابقة والتي أخُرجت من كاميرات المراقبة للطرق .. غير موضحة بتاتًا مرتكب الجريمة والمتخفي وراء قناع وبدلة غوص أسود اللون .. ولكن عثر عليها فارغة تمامًا لينقطع الأمل الوحيد والأخير في القبض علي الجناة !!

---------------------

قرب غروب الشمس ببضع دقايق جلست في جلستها المعتادة أمام نافذتها والقلق تملك من قلبها حقا .. لا تعلم أين هو وما هي حالته ؟!
حتي أنها من شدة قلقها لم تعي لعلو أذان المغرب من أحد تطبيقات هاتفها وتوقيت الافطار .. ارجعت ببطيء مؤخرة رأسها علي اطار النافذة من خلفها شارده في رد فعله المفاجئ عند أنقاذها معنويا أمام والدتها و أخواتها واعطائها الموافقة المبدائية علي الاتصال بهما بل وأيضا أجابته الصادمة علي سؤال شقيقتها رضوى المحرج ..
تعمق ذهنها بوضوح لأول مرة منذ حدوث فعله .. فهذه التصرفات لا تخرج الا من قلب به بصيص نور .. وقد يصلح به التغيير ..

أذا القاسي به امل حتي لو كان ضئيل ..

تبتسمت تلقائيا وأرتاح قلبها بعض الشيء براحة تقتحم صدرها لا تعلم لما .. ولكن كل ما تعي له هو تحول مقلتيها لقلب السماء متضرعة لرب السماء له بالهداية فهو حقا وصدقا بين يداه كافة القلوب " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚوَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص "

أنهت دعائها باطمئنان .. ولا تعلم لما خطر جملته الأخيرة بينهما بالأمس علي مخيلتها الأن .. مما أدى تلقائياً إلى افتراش شفتيها علي ذكرها .. وذكر رد فعلها المصدم علي جملته المفاجئة حين سكن لسانها بدون حراك .. وبدأت بيديها المرتعشة بعجالة عملها حتي انتهت منه .. وفرت بقوة مزيفة ثبتت جسدها بعض الشيء أمامه قبل أن يسقط و يتساوي مع أرض الغرفة الأملس الناعم من شدة حيائها …x

---------------------
--------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:41 AM   #48

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الرابعة والثلاثين

تناولت بعض اللقيمات بغير شهية قد ترجع لقلقها المتزايد عليه .. أدت ما عليها من صلاة وجلست بجانب النافذة تنتظر طيف حضوره ..

في منتصف الليل قامت من تلك الجلسة بيأسٍ تام يحوط جسدها بعد أن فرغ صبرها من غموض هذا الكائن العجيب ، بل أصبح يلازمها الفضول عما تربى عليه في طفولته ليصبح بهذا الشكل القاسي والغامض الأن ..
نعم تعلم من العجوز ببعض الأسرار ،وانه لا شئ هين أطلاقاً ، ولكن يبدوا أن ما وعى عليه ذلك الطفل أكبر بكثير مما عرفته !!
لهذا حركت أقدامها للوضوء وأقامة صلاة الليل ثم رافقتها بعد الأنتهاء بركعتين حاجة ظلت تدعوا له فيهما من خير دعاء الأرض .. ثم طلبت لنفسها الصبر بجانب دعائها ..

أنهت صلاتها و تضرعها بالرحمة والمغفرة للجد ، لتتذكر حينها ذاك العجوز الذي تعايشت معه هنا وتلك الاية الكريمة تمر أمام عينيها "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ " (82) سورة المائدة

فحديث القلوب مع خالقها شيء خفي لا يعلمه إلا رب السماء والأرض .. لهذا تمنت بكل جوارحها بأن يكون قلبهُ يحمل تجاه ربها ما يغفر له ..

نهضت بحذر تجمع سجادة الصلاة مع وقوفها .. ثم أنحنت قليلا لوضعها علي أحد المقاعد المجاورة ملتقطه بكف يداها غطاء الوجة في نفس الانحناء ، أرتدته فوق اسدال صلاتها ، وهي تقنع نفسها بنظرة أخيرة من النافذة لعلها تطمئن عليه قبل نومها ..

سكون محيط القصر .. وتساقط قطرات المطر في تسابق عنيف .. مع سماع صوت حفيف الأشجار بفعل الرياح المضطربة .. كان الحال من خلف الزجاج ..
إذا لا جديد من الصباح إلا حركة الرياح المفاجاة ليتبعها سقوط الأمطار ..

تحركت تجاة الفراش باستسلام تام فيبدوا أنه لن يأتي اليوم والانتظار لن يجدي .. أذا عليها بأراحة الجسد بعض الشئ ..
أتضجعت بوهن علي الفراش بنفس لباسها ، فذهنها المنشغل أرخى رغبتها بأزاحة أسدال الصلاة .. لهذا أكتفت بإبعاد نقابها ووضعهُ بجوارها دون اهتمام .. بدأت تغمض عينيها لترحب بالنوم الذي يبدوا بأنه سيهاجرها في تلك الليلة العجيبة .. فكيف ستنام والقلب ينبض ببطء .. و العقل لا يتوقف عن العمل .. بل ومنذ متي أنقلب بها الحال بهذا الشكل اللعين عليه .. نعم تعلم مأساته الغير واضحة كليا أمام عينيها .. وتعلم ان قسوته تلك ناتجة عن ما ممر عليه ، ولكن لما القلق عليه يشغل بالها بهذا الشكل !

يا الهي أيكون !!

كلا ..

بل والف كلا فقلبها ليس ملكاً لها ، فهي وهبته للرب وكل ما يرضيه ويرضي رسوله ، ولن تتنازل عن ذلك الشئ مهما حدث ..

نعم مهما حدث !!

فاقت من حربها الذاتية علي صوت مقبض باب غرفتها يتحرك ببطء ..

أنتفض قلبها وتزايد خفقاته وارتجف جسدها فمن معها بذلك القص...

لم تكمل هواجسها حتي فُتح الباب بعض الشئ وتسرب ظلال رجل مع ضوء الممر لغرفتها المظلمة !!

بنفس ثبات جسدها المزعوم مدت يدها تلتقط نقابها لتعقده علي وجهها أسفل الغطاء في الحال حتى تستعد للنهوض و محاربة ذلك المتهجم ..

إلا ان كل شئ تبدل وانقلب عند سماع نبرة بكائه وأنهياره التام .. تطلعت خلسة لتشاهد استسلامه التام و هبوطه الجسدي علي ارض الغرفة نهاية فراشها بغير مبالاة ..

خنثت أسفل الغطاء تحتمي به وهي لا تصدق ما تشاهده عينيها المنبثقة من أسفله .. فيبدوا أنه أتى أثناء شرودها ولم تلاحظ صوت سيارته تخترق الأجواء .. والأهم لمَ دخل غرفتها ؟! ولمَ حالته بهذه الهيئة المزرية ؟!

تفاجأت بأجابة حيرتها حين خرج صوته من بين دموعه وهو يرجع بمؤخرة رأسه يستند بها علي حافة الفراش :
" وعيت منذ طفولتي علي خلافهم الدائم والذي قد يمتد لشجار عنيف بعض الأوقات .. كنت بعقل طفولي مشتت ما بين " علي " و " كريس " مسلم أم يهودي كان هذا الجدال الدائم بينهما دون أن يغرز اي منهما أحدى قواعد هذان الديانتان بداخلي .. الأهم لديهما من سوف يفوز ويتغلب علي الأخر .. معادلة قاسية لم يراعو بها بأن أحد أطرافها طفل صغير لم يفقه شئ مما يفعلان .. كان هذا يؤثر علي نفسيتي سالباً خاصة بأنني كنت أفتقد حنان والدتي ودعمها الدائم لي ككل الأمهات .. ورغم ابتعادها عني وحالات سكرها الدائمة وغضبها وصراخها أغلب الأحيان .. جاهدت لأنول قربها ورضاها ولكني لم افلح يوماً لهذا كنت ألازم العجوز في ظل بعد والدي أيضًا بسب انخراطه في العلم ..

ولكنه حين وعى لهذا بعد عددة سنوات أغمرني بجود رعايتهُ .. بل أن صح التعبير كان حنانه فوق الفائض ، ولهذا احببته كثيرا وتمنيت بكل أمنياتي الخفية المرسلة للسماء كل ليلة من فراش نومي أن يحفظه لي دائما ..
فكل يوم يمر علي بصحبته أصبح يسير في شرايين جسدي وتربع داخل قلبي .. بل واصبحت جميع مواقفنا معاً تتملك عقلي وذاكرتي حتي الممات .. كان دائما يحكي لي عن موطنه وأقربائه وعن أبيه وعن شقيقة وعن أمنيته لاصطحابي لهم و كسرة الحزن في عينيه بعدها .. كنت طفل ألاحظها ولكن لا أعلم سببها .. مرت الأيام و ما زالت تلك النظرة أبصرها في عينيه وخاصة بعد رحيل العجوز من بيتنا دون سبب أعلمه ..
تأثرت بغيابه وتأثر هو أيضا بغيابه وثقلت همومه واصبحت اشعر بحزن قلبه و كنت اتمنى كثيرًا أن أمتلك طاقة خفيه ﻻبعادها عنه .. ومع هذا لم يجب علي اسالتي المتكررة لماذا رحل العجوز ؟!!

في ليلية مثل تلك الليلة بغزارة أمطارها واضطراب رياحها كنت انتظره ككل ليلة ليسرد لي حكاية جديدة .. نعم كنت حينها كبرت وكان لدي ما يقارب العشر سنوات ولكني كنت الجأ لكل ما يدللني لديه .. وقفت اتطلع في الخفاء من وراء ستائر غرفتي المظلمة قدومه رغم تنبيه والدتي الصارم يومها بضرورة النوم مبكراً .. ومع هذا تسللت خلسة لنافذة غرفتي أنتظر أتيانه بفراغ الصبر ..

كنت أشعر بانه وصل به الحال في كثير من الأوقات بانه يريد مغادرة هذا البيت بلا رجعة .. ولكن شيءٍ بداخله كان يجبره علي العودة ثانياً ..

فقد يكون ذلك الشيء هو وجودي به !!

توقف المطر وهدأت الأجواء من حولي وحل منتصف الليل فتزايدت ضربات قلبي خشية عدم رجوعه .. ولكنه بعد مرور بعض الوقت جاء ككل ليلة ولم يخذلني .. شعورًا خفي بداخلي خرج دون إرادة حين شاهدت سيارته تقترب من البيت .. تهللت اساريري وتراقصت بحذر شديد خشية سماع والدتي لي ومن ثم معاقبتي ككل يوم ..
ولكن ما شاهدته بعدها جعل جسدي وملامح وجهي وكل شيء يحوط بي يقف من حولي حتي xxxxب الزمن من هول ما رأيته …

تجرعت ريقها ببطء من أسفل الغطاء وهي لا تصدق بأنه يفترش الأرض في نهاية فراشها بل و يسرد لها بنفسه ما ممر به .. لهذا استعدت بنفس يكسوها القوة المزيفة لتلقي ما يشبع فضولها لمعرفة ما وراء سبب قسوته طوال المدة الماضية لمعاشرته ..

وبالفعل استرسل حديثه ولكن بصوت باكي مقهور يأكل الحزن صاحبه ..
" قبل أن يصل أبي لباب البيت كانت سيارة سوداء ضخمة الحجم أعترضت طريقه ليخرج منها ثلاثة رجال أقوياء عرضاء الجسد برشاشتهم المعمرة بالزخائر الحية يطلقون عليه وابل من الرصاص الذي لم يتوقف لثانية زمنية واحدة .. من شدته المهولة اخترق رقاقة أذني المتجمدة وعيناي الرافضة وقلبي الذي سقط بين أرجلي في فعل أرفضة بشدة بل ولا كنت أتمناه له طيلة حياتي ..

استعنت بقوتي المحدودة لكي أركض لأنقاذه من بين استفرادهم به الغير مشروع .. ولكني تفاجأت بتصلبها وعدم استجابتها !!

ومع هذا حبي له جعلني لم استسلم ، اطلقت صوتي بكل قوتي لكي يستغيث بوالدتي و تهرول لإنقاذه بدلاً عني ولكني صُدمت بأنه لم يخرج من الاساس !!

فقط عيناي جاحظة بشدة تسقط عبراتها دون توقف وهي تشاهد جسد أبي مثل الثقوب والدماء تنفر منه نفرًا وهؤلاء الأوغاد الثلاثة يبتسمون بتشفي !!

أتعلمين ! ذلك الطفل حينها ألتقط صورة قاسية لموت والده ولتلك الأعين بجسدهم الضخم في ذاكرته للأبد من هول ما شاهده .. وكبر ثلاث أضعاف عمره بل اصابه الشيب دون مبالغة ..

لم تشعر إلا بدموعها تتساقط علي حديثه وقلبا بين ضلوع صدرها يريد مواساته بشدة …

" دخلتُ في صدمة عصبية ونفسية لمدة ثلاث سنوات فقدت بها النطق تماماً .. لم تبخل والدتي في تغير غير مسبوق منها طوال تلك المدة بمساندتي وجلب اطباء نفسيون لتأهيلي وأصطحابي للكثير من المعابد الهيودية لنيل مباركة الحاخام الأكبر بها .. وهذا تفسير تلك الصورة بالأسفل .. بأهتمامها الزائد تداركت الامر بعض الشئ وأكتشفت بأننا أنتقلنا لبيت أخر غير بيتنا حزنت بداخلي ولكني رأيت بين نفسي بأنه أفضل لي حتي تغيب تلك الكوابيس اللعينة عن عقلي ليلا .. بدأت أتحدث معها شيء فشيء واتودد معها فما بقي لي بعدهُ إلا هي بعد أن أصبحت أنطوائيًا لا رفقة لي !!
ولكن بداخلي ظل مشهد قتل أبي كالخنجر المحكم غرسة في قلبي !!

أقتربت منها لأشبع طفولتي بحنانها في حين كان أقترابها مني لهدف يبتعد كل البعد عن الأمومة ، أقتربت لبدأ رحلتها في بخ أفكارها العنصرية في أذني تجاة الأسلام والمسلمين وأنني يهودي ولست منهم .. حينها نفرت كطفل افكارها لكون ابي العزيز منهم ، فاسرعت بأحترافية متقنة لكونها تعلم عاطفتي تجاهه بأقناعي ، بأنه حالة نادرة بينهم وما زاد صحة كلامها أمامي عندما استعانت بالعمليات الانتحارية المنسبة اليهم .. وقتل الكثير من مواطنين بلادنا بها ..

اعلنت ديانتي واقتناعي التام باليهودي فكنت طفل وعذري الوحيد حتي وأن كان ابي مسلم فلم اشاهده يومًا يصلي امامي أو يبث عقائد هذا الدين بداخلي حتي أثبت عليه .. ومن أين لطفل بهذا السن أن يثبتxعلي شئ من الأساس !

مرت الأيام والسنين ومع كل ما يحدث حولي من هجوم ارهابي كرهت كل ما ينسب للأسلام إلا أبي فقط كحالة استثنائية .. مرت السنين وأمي تخفي عليا سبب موت أبي بل ولجرائتها كانت تنهي الحوار في كل محاولة ابدئها ، بأقناعي بأن كل ما رأيته في تلك الليلة ما هي إلا هواجس عقلي الطفولي .. وان والدي توفي بميته طبيعية ..

تشتت عقلي وزاد انطوائي والحيرة تملكتني حتي لجأت لمعسكرات كشافة في الصيف لتشغل ذهني قبل أن يُعلن علي الملأ جنونهُ .. وبالفعل أتي ثماره بعض الشيء ..

بعد انتهاء دراستي بالثانوية العامة وبلوغي الثامنة عشر عاماً لجأت لرحلاتي الصيفية كالعادة ..

وفي أحدي الليالي عدت من رحلتي الاستكشافية مع مجموعتي مبكرا قبل يومان من انتهائها لأصابة أحد افرادها اثناء الاستكشاف وضرورة توجهُ للمشفي بعد أن قمنا بعمل الأسعافات الأولية له ..

حينها تجرعت حنجرتها بأرتعاب مقتنعه تمامًا بثقل ما سيردده عليها الأن .. وحقاً صدق احساسها حين استرسل حديثه بهيئة شاردة وحزن دفين :
- عُدت و يا ليتني لم أعد حين أقتحم أذني همهمات صادره من الطابق الثاني لبيتنا ..
صعدت بريبة خشية إصابت والدتي بمكروه ولكني تفاجأت بأن بصحبتها رجلاً ، تُوضح لي نبرة صوته فيx حديثهم كلما صعدت خطوة للأعلي باتجاههم ..

أغمضت عينيها شفقةٍ عليه فالعجوز وضح لها خيانتها من قبل ولكن فجأة جحظت عينيها علي اخر حدودهما حينما سمعت حديثه التالي…

" أمي كانت تهدد رجلاً بغرفة نومها بضرورة الزواج منها فهي صبرت معه الكثير والكثير وتحملت لأجله ما لا يطاق حتي انها لعبت علي ابي العشق كما أراد بل وتزوجته لسرقة مشوار اكتشافه العلمي وبثه لمنظمتهم اليهودية التابعين لها .. ولكن ابي كان حريصًا علي ابحاثه ، وأخفاء بدهاء ما يتوصل إليه من تقدم علمي .. حتي أنها حملت منه بدون أرادتها .. وتورطت في لؤلؤة شبابها مع مولوده من أصل عربيِ ..

بدموع منهمرة أزاحها بظهر راحة يده قائلاً بتذكر مؤلم لكلماتها :
- أمي لم تحب ابي ولا كانت تريدني .. بل واستنكرت وجودي .. حتي اقتنعت بعض الشيء بأنني قد أكون نفعاً للإسرائيليين عرقها الأصلي .. وهذا استوضح امامي حين استكملت حديثها مع ذلك الرجل بأن عزاءها الوحيد في تلك التضحية بأنه ساعدها باستخراج شهادة ميلاد لي بأسم كريس شالعوم .. يهودي الديانة .. وتغلبت بسلطة ذلك المجهول ونفوذ عضويته بمجلس الشيوخ علي شهادة أبي المستخرجة من السفارة المصرية بأسم " علي جلال علي البنا " بل وجعل سريان صحتها يسود في البلاد كافة ..

زويا شفتاه بتعجب حين استكمل حديثه :
- كنت أظن تضحيتها من اجل عشيقها وصلت لهذا الحد !!

--------------------
-------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:42 AM   #49

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الخامسة والثلاثين

زويا شفتاه بتعجب حين استكمل حديثه :
- كنت أظن تضحيتها من اجل عشيقها وصلت لهذا الحد حتي سمعت ذلك المجهول يبادلها الهجوم بأنه لم يهملها يوما وكان يبادلها الحب حتي بعد زواجها بأبي وساعدها بالصور المفبركة بإدانة العجوز وابتعاده حين شاهدهما معا .. غير مساعدته الكبري في القضاء علي أبي حين قرر العودة لبلاده والأكتفاء بهذا القدر في مشواره العلمي ..

فأجابته تلك المرأة صارخه بأنه لم يفعل ذلك لأجلها فقط ، بل لأن هذه كانت رغبة المنظمة العليا لأجل الاستقرار اليهودي بعدم السماح لأي عالم عربي بالرجوع لموطنه حتي لا يمَن عليها بعلمه فيما بعد وبالتالي تقوى بلاده و تهدد الكيان الصهيوني في بلاد الشرق .. و بل هي من ساعدتهم في القضاء عليه حين أمددته بموعد عودته في تلك الليلة وكل ما يلزم من معلومات يحتاجونها ..

وتوالت الصدمات حين هتف ذلك المجهول من بين أسنانه لها والذي أتضح هويته من حوارهم بأنه براد فيليب عضو مجلس الشيوخ بأنه أيضًا ساعدها بنفوذه بعد ان كانت اصابع الأتهام تشير اليها بأبعاد تلك التهمة عنها ووقف التحقيق وغلق ذلك الملف نهائيًا ضدد مجهول ..

خرجت تنهيدة عميقة أثناء قوله : أتعلمين ما هو شعور شاب بعدد أعوام عمره القليلة عند سماع تلك الصدمات ..
أطلق ضحكة تهكمية مع أنسياب دموعه في صورة تعجبية تعبر عن معاناة صاحبها قائلاً :
- حتي الان احسد ذاتي علي حسن تصرفي حينها .. فلم أصرخ !.. و لم أثور !.. و لم أهجم عليهم لتسببهم في حرماني من أبي .. !

فأن كان موته قد قطع أنفاسي ، فأكتشافي بأن والدتي هي من قتلته هو الموت المؤكد في الحياة .. لهذا أصبحت بمشاعر وروح جليدية .. كل ما استطاعت فعله هو أن ألملم جوارحي المبعثرة و الخروج من ذلك البيت هارباً بلا عودة !!

ابتعدت بهيئة متحجرة قاسية بدأت تسيطر علي عقلي من حينها .. أبتعدت وأنا أقنع ذاتي بأن لن أكون ضعيف بعد الأن .. أبتعدت أعد ذاتي للأنتقام ..

بت ليلتي في أحد البيوت المنعزلة و المهجورة علي بعد ليس بالبعيد حين تذكرتُ تلك القلادة التي أهداها لي أبي في ذكرى مولدي العاشر مع تنبية الصارم با ألا أفقدها مدي الحياة مهما دفعتني الأحوال ..

لهذا نويت في اليوم التالي أن ارجع لأحضرها ، فقوتي المختلسة في ذلك الوقت لم تعين جسدي للرجوع مرة أخرى لكي أشاهدها بأحضانهُ بعد أن نال رضاها بتنفيذ طلبها والأرتباط بها بالقريب العاجل ..

في منتصف الليلة التالية تسللت للبيت من الباب الخلفي المتجة للطابق الثاني مباشرة لاستعادة القلادة وبعض الأغراض التي أحتاجها ومن ثم المغادرة فورًا ..

لكِ أن تتخيلي بأن دناسة تلك المرأة لم تنتهي علي صدمات الأمس فقط ، بل شاهدتها أيضًا من الأعلي في تلك الليلة بصحبة أحد الشباب المقارب لي سنًا في بهو البيت .. فيبدوا بأنها لا تضيع وقتها أثناء أنشغال ذلك النائب عنها ..

أصبحتُ بجسد متجمد وعقل لا يعمل حتي تخطيت شعوري المشفق علي أبي بأنه عاشر تلك الشيطانة و وقع معها في حياتهُ .. توجهت لغرفتي بحذر و أجمعت ما أحتاجه في حقيبتي ثم نويت الفرار سريعًا بعد أن أصبحت لا أطيق رؤيتها ولا سماع صوتها .. بل وأصبحت علي غرة خيانتها اكره النساء أجمع ..

خرجت من غرفتي بنفس الحذر ، ولكني تفاجأت بصوتها يصرخ وصوت بعض الرجال يقتحم خلوتهما ..
تتطلعت خلسة من خلف أحدى الستائر علي ما يحدث بالأسفل ، فأنصدمت حين شاهدت نفس الثلاثة الذين قتلوا أبي فأنا لم ولن أنساهم يوماً حتي وأن كانوا ملثمين ، يقفون بجسدهم الضخم وبوجوههم الملثمة يشهرون اسلاحتهم في وجهها هي وذلك الشاب و يسألونها عن مكان المعادلة العلمية .. فعلي ما يبدوا أن براد مل منها وبعد تهديدها بالأمس اصبحت خطر عليه وعلي المنظمة ، انطلقت في صراخها المتواصل مصاحب ببكاء مرير و هي تأكد عليهم لمرات متتالية عدم معرفتها بتلك المعادلة .. وما هي إلا ثواني حتي سقطت غارقة في دمائها ليتبعها الشاب ..

رؤيتي لذلك المشهد للمرة الثانية لم يؤثر بي بل أجتاح داخلي سعادة تامة وتشفيت بها أكثر حين سمعت هؤلاء الرجال يرددون مع أنفسهم بأن رئيس براد أمرهم بقتلها والبحث عن المعادلة العلمية الذي يشعر بكذبها وأنها تعلم مكانها منذ موت زوجها وتخفيها عليهم .. وأن لم تخبرهم أو لم يجدوها من خلال بحثهم يحرقون البيت بجثتها هي وولدها ..

حينها تداركت موقفي جيدًا بل وأستجمعت كل قوتي وبدأت أبتعد من حيث تسللت منذ البداية بكل حيطة وحذر قبل أن ينكشف أمري و يقضي علي في الحال ..

خرجت من حيز الفناء و أبتعدت بمسافة تكفي لأختفائي ، و ما أن جلستُ لأستجمع أنفاسي الهاربة حتي اخترق الأجواء صوت أنفجار مهول .. اتضح لي حين تطلعت للخلف بأنه صدر من أحتراق البيت كما توقعت ، ليكون عبارة عن شعلة لهيب متأججة للسماء ، لم تخمد إلا بعد أن تركت البناء كومة رماد يتساوى مع سطح الارض !!

كنت كالمشتت ما بين طفولة قاسية و حاضر مؤلم و مستقبل مجهول يحوطه المخاطر ..

كنت لا أملك مالاً إلا ما يبني جسدي لأسبوعٍ قادم فقط .. فما تلقيته أشد من الصاعقة ، أثر علي ذهني حينها ولم استطيع تأمين نفسي بالقدر الكافي ..

مر يومان في ذلك المكان وأنا به كما أنا ، توهان عقلي وصدمتي كلهما يسيطران بشدة علي رأسي حتي تداركت أمري بعض الشيء في اليوم الثالث فأي معادلة هم عنها كانوا يتحدثون !!

أبي ترك معادلة وتلك المنظمة الهودية كانت تريدها وتبحث عنها منذ وفاته حتي اليوم .. لم أعلم لما خطر علي ذهني حينها وصية أبي لي عن تلك القلادة !!

القلادة ! .. أسرعت أجلبها من حقيبتي وافحصها جيداً ، حدثت نفسي أثناء تمعني بها بانها لا شئ بها مميز و لا جديد بها فهي ككل القلادات التي رأيتها من قبل .. نعم تتميز عنهم بعض الشيء بأنها مستطيلة بجهتين يلتقي كلا منها لينتج عنهما تجويف داخلي .. و حجمها كبير نوعاً ما .. ولكن ليس بها شيء يلفت النظر فلماذا كان يوصيني بها بهذا التأكيد الصارم !!

أغروقت عيناي بدموعها ، و تراخى جسدي باستسلام .. و تسرب أملي بلا رجعه ، و تركتها تسقط من بين راحة يدي بيأس احاطني عن كيفية العمل فيما بعد وأنا ضائع مشتت ، وصوت ارتطامها بالأرض يصدح ليملأ أذني ..

رمقتها بصدمة جليه حين تطلعت أمامي ورأيتها علي هيئة كتاب منفرج .. ويتحرر من بين ضلعيها ورقة مطوية بكذا محاولة ..

انحنيت بيد مرتعشة ألتقطها بتعجب شديد يصاحبه فضول أشد عن هواية محتواها ..

تصاعد فضولي للقصوي حين مرت بصيرتي علي كلماتها ..

أنها رقم وديعة بنكية أسفلها الرقم السري لتلك الوديعة في بنكٍ ما !!

بدأت أحدث نفسي بذهول جلي لماذا فعلها ولما أخفاها بهذا الشكل ؟!

إلي أن قررت أشبع فضولي بالذهاب بالغد إلي ذلك البنك و معرفة ما مضمونها !!

هُنا نهضت " هنا " من نومتها جالسة تنتظر ما هو قادم بأهتمام شديد ..

وبالفعل أكمل حديثه بنظرات شاردة امامه :
- توجهت بالفعل .. وتم تسهيل أمر فتحها مع أندهاش المسؤلون في ذلك البنك لطول مدة تركها !!

تطلعت لمغادرتهم حتي تم أنغلاق باب الغرفة ، جلست علي المقعد الحديدي من خلفي أتطلع برهبه لذلك الصندوق الحديدي الموضوع علي الطاولة من امامي ..

توجس وارتباك اصابني في البداية ، ولكني حُسمت امري وبدات أفرغ ما به ..
شاهدت خطاب محكم غلقه و ورقتان خارجيتان أحدهما باللغة العربية هما كل ما به ..
ادركت أهمية الخطاب من طريقة غلقه ، لهذا قررت أن ابدأ به ..
قمت بفتحه فشاهدت بداخله ايضاً رسالتان أحدهما بها مسائل حسابية معقدة تملأ حيزها .. لم أفهم شيء منها فأسرعت بفتح الرسالة المرافقة لها ، فحدقت في مضمونها بعدم تصديق .. أنها رسالة من أبي ..
ارتعاش أصاب اطرافي .. ودقات عنيفة هي من خرجت من جسدي وأنا اقرأ كلماته بصمت وأهتمام ..
أنهيتها وأنا لم أصدق بأن أكثر الأمور أتضحت أمامي ..
أبي سرد لي بها علمه بأنه سُيغدر به في يوماً من الايام في تلك البلاد ، واكتشف مصادفة هدف تلك المرأة من الزواج به ومن ورائها ، لهذا أمن أخر أكتشاف له في تلك الوديعة الوهمية بأسم غير أسمه لضمان عدم معرفة أحداً به ، لأنه يعلم بأنهم قد يصل بهم الحال لتفتيش حسابته الخاصة بعد موته للوصول إليها .. أتضح لي بأن الرسالة الاولي التي لم أفهم محتواها هي تلك المعادلة وأنها اكتشاف تلسكوب مجهري أكثر أهمية مما أكتشفه من قبل ، يظهر ثروات باطن الأرض بتعمق يصل لأكثر من مائة متر دون معانات الحفر والبحث وبالتالي سيحدث طفرة إقتصادية للبلد الرعاية لهذا الاكتشاف !!
والعجيب أنه قال بأنها اصبحت ملكي ويعرف جيدًا بأني ساستخدمها كما يجب .. قال بأن هناك سبب أخر أكثر أهمية لديه لتلك الوديعة آلا وهي تلك الشهادة التي كانت خارج الخطاب باللغة العربية أوصاني بأنها خاصتي لأثبات هوايتي العربية المسلمة ، وأوضح بأنه كان يموت في اليوم الف مرة بسب هذا الشيء ، وما كان يمنعه من فعل شيء تجاهه ، علمه بأن تلك المنظمة لديها القوة لمساعدة أمي علي أخفائي من امام عينيه مدى الحياة ..
وبالاخير الورقة الاخرى مع شهادة الميلاد ماهي إلا رصيد بنكي مهول من الأموال…

في نهاية الخطاب بث لي كلمات وداع من مشاعره الحانية الفياضة ..

خرجت من المصرف متخبط الذهن كثير الحيرة فعن اي هاوية عربية أثبتها وانا لم أقتنع بها من الأساس ، فأنا لم ولن اسلم !!
إلا ان كل شيء أنقلب رأساً علي عقب حين علمت بعد مرور يومان بمراسم دفن ماريا شالعوم و ولدها كريس شالعوم !!

تصاعدت حيرتي وتملكني الاندهاش ، فعن اي موت يتحدثون !!

إلا أني تذكرت ذلك الشاب الذي كان برفقتها فعلى ما يبدوا أن براد ظن موتنا وأطلق علينا هذا ، ظنن منه اني عدت في اليوم التالي من المعسكر وكنت برفقتها كما أخبره رجاله .. وهذا دفعني للتأكد بأنه من جعل التحقيق يقفل سريعا دون استكمال جوانب التحقيق التي تكشف هوايتهما مثل تحليل الحمض النووي والعرض علي الطبيب الشرعي ، وذلك حتي لا تصل الشرطة لمن وراء الجريمة ..

أصبح الأنتقام يملأ عيني خاصة بعد وجود تلك الوديعة ، كأنها أتت كدعم لي بالوقت المناسب ، ولكن ما كان يعسفني هي تلك الشهادة ، فطلب ابي عزيزٍ ، ولكن لا أريده ، كان بداخلي صراع لا يتوقف ، و ما زاده هو عدم بحث أبيه المسمى بجدي عني وانقاذي من تلك المرأة طوال تلك السنوات ..

فتحت فمها لتخبره بأنه كان عاجز ومع هذا لم يقصر ولكن انقطعت نيتها حين أكمل قائلاً :
- في نهاية هذا الصراع أهداني تفكيري بالموافقة عليه خاصة بعدم معرفة براد لتلك الشهادة كما فهمت من حديثهم حينها ، اذا هي طريقي للأنتقام ، ولهذا اضطررتُ للأنتساب لها بعد أن تأكد خبر موت كريس في الولايات المتحدة ..
x
بدأ هدفي نصب عيني ، فلكي أنتقم لأبد أن أكون اقوى ، ولهذا تركت واشنطن ولاية محل ميلادي وتوجهت بعيد عنها في تلك الولاية حتي لا أثير شكوك براد ، وبدأت من هنا أنتسب لاحدى جامعات التعليم المفتوح بها ، وزاد أصراري للنجاح ومن ثم المواصلة للدراسات العليا ، حتي بدأت أسس شركتي المتوسطة في بداية الطريق إلي أن وصل بها الحال لهذا الصرح الأن ، كل ما كان يشغلني الانتقام من براد بنجاحه المتوالي و المعرض علي شاشات التلفاز كأنه الرجل الشريف بعينه ، و الانتقام من نساء أمريكا كافة فكلهن شبيهات بتلك المرأة دون استثناء ، والأنتقام من أمريكا نفسها ، فلكِ انت تتخيلي بأنه وصل بي الحال لغسيل الأموال وجميع التجارات الغير مشروعة حتي تجارة المخدرات ودسها لشبابها دون مقابل ، فالأهم الأنتقام لطفولتي المنعدمة ..

فعلت كل شئ ، وأي شئ يخطر علي مخيلتك !!

أمنت هذا القصر بما لا يخطر علي ذهن بشر باساليب تأمنية الكترونية خاصة ، فأنا مُهدد بكشف هويتي في اي دقيقة ، ارجعت العجوز وكان كل عائلتي ، حتي وصلت من بحثي المستمر لمكان الثلاث رجال الذين خصصهم براد ليقوموا بافعاله الخفية القذرة ..

وانتقمت وشفيت نار صدري منهم ! ولم يتبقي أمامي إلا كبيرهم ! كنت انتظر اللحظة المناسبة ، ولكنه كُشف أمري مبكراً لهذا جئت لكِ مصاب في هذهِ الليلة !!
ولهذا أجبرت علي سرعة تنفيذ مخططي سريعًا ..
واليوم فقط ومنذ عدة ساعات قليلة تحقق أمالي كلها ..
و قضيت علي براد نهائيا وأخذت بثأري من قاتل أبي والمتسبب الوحيد لتعاستي منذ ولدت !!!

بنظرات جاحظة من اسفل غطاء وجهها ، وبذهن مندهش خرجت منها شهقة يدوي صداها في المحيط ، نهضت فزعه تجثي أمامه تحدق به لعله يُكذب ما قاله ، ولكنها تفاجأت به يبكي اكثر وأكثر في حالة يرثي لها ، مردداً بكلمات ثابتة :
- ما بداخلي ليس سيئًا ، أنا فقط انتقمت لأبي ولطفولتي ، أريد ان أرتاح ..

لتتفاجأ به من وسط حالته النفسية الباكية يتطلع لها قائلا بتوسل :
- أرجوكِ أريد تلك الكلمات التي رددتها من خلف بابك ذات ليلة ، تلك ما احتاجها حقا ًالأن !

تعجبت حائرة فعن اي كلمات يتحدث ..!

إلا انها تذكرت جيداً ما يقصده ، جحظت عينيها باندهاش تام ..

هل هو يعني القرأن !!

أهو يريد القرأن دواء !!

يا لها من بشري سارة .. أدمعت عيناها .. وتراقص قلبها .. وتحرك لسانها يتلو أعذب الآيات .. واحساس داخلي ينمو عن حدوده بضرورة الصبر ، وبأن رحمة ربك أكبر !!

-------------------------
------------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 04:43 AM   #50

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة السادسة والثلاثين

رغم شدة الحرارة من الصباح الباكر علي عكس ليلة أمس الممطره إلا أنها تشعر بشيء جديد حولها .. وقفت بشرفة الطابق السفلي تتأمل بهدوء يومًا من أيام كاليفورنيا و ما يحيطها بها بصورة مختلفة .. سماء زرقاء ناقية إلا من السحب ناصعة البياض .. حديقة مزدهرة بخضرها الزاهي المتلألأ أكثر من زي قبل .. وصوت الطيور كالمقامات الموسقية العذبة في أذنها .. ادركت أن ملاحظتها تلك قد ترجع لسعادة روحها ..

شردت في حرم هذا المشهد لمعجزة ليلة أمس ، فهي حقاً بمعجزة .. لا تصدق حتي الأن ما حدث بها .. واداة التصدق أنها شاهدته لعددة مرات معدودة يضجع في فراشها بثبات عميق وكأنه لم ينعم بالنوم لثلاث أيام متواصلة !! ..

إذًا هو حُلم جميل تعايشته وتحقق صدقًا ..
إذًا جاء القاسي بالأمس و كشف بما في صدره لها هي فقط .. لا .. لايهم كل هذا ، بل هل حقاً طالب بسماع القرأن ؟!!

يالله كم أنت رحيم بعبادك ولم تخيب رجائي وتضرعي إليك ، تملكني اليأس وأنت برحمتك خيبت ظني !!

تتذكر حالتها عند سماع طلبه و رد فعلها السريع بعزيمتها القوية لتبدأ بتحريك لسانها وترتيل ما تيسر من كتاب الله باعذب ما لديها من صوت .. ظلت ترتل وترتل وهي مغمضة العين إلي أن ختمت سورة يس كاملة دون إدراك ، إلى أن شعرت بسكونه ، بدأت عينيها تفتح بحذر ثم رمقته ببطء فعلمت بنومه ، تمعنت بنظرات حانيه مشفقه في وجهه ، قلبها يؤلمها علي ما ترعرع عليه طفل بنفس عمره ، أطلقت تنهيده عميقة تستغفر ربها بها فهذا قدره ويجب علينا الأيمان به ، تمعنت اكثر بوجهه المرهق شديد الاصفرار ..
فيبدوا أنه حقاً يشعر بالأجهاد ولهذا راح في سبات عميق دون ان يشعر .. لم تكمل سعادتها حين وعت مصادفاً لجرح ذراعه ينزف مرة أخرى وأثار بعد الدماء علي قميصه من الخارج .. اسرعت دون تباطئ بجلب حقيبة الأسعافات لتعقيم الجرح و تضميده ، فيبدوا أنه بذل مجهوداً شاق أدي إلي أجهاد الجرح وهو لم يلتئم بعد ..

أنهت عملها بعد أن تنبه لصوتها الحاني بالأعتدال و النوم علي الفراش وبالفعل أطاع دون وعي أمرها ، تركته نائم بعد أن اطمئنت عليه ، ثم توجهت لغرفة مجاورة للنوم بها بعض الساعات المتبقية في تلك الليلة...

بعد قليل من الزمن نهضت باطمئنان وسعادة تملأ الأفق وليس بقلبها فقط ، أكفتها عن مد ساعات النوم ..
وها هي تقف كالفراشة بلباسها الفضفاض تستقبل أول شعاع شمسي حاني يداعب المكان بشروقه المبهج للنفس !!

بعد تفكير عميق أرادت بجعل هذا اليوم غير أي يوم ، بدايةٍ طالما بداخله خير فما عاد هناك حاجة لتلك المشروبات الكحولية وأي شيء اخر يغضب خالقها بهذا القصر ، لهذا يجب تنظيف ذلك المكان نهائيًا والبدء من جديد ..
ومن ثم تحضير الأفطار له فهي صائمه ومع هذا ستحضره وستجلس برفقته وستعرفه علي الأسلام من خلالها وستدرج أهمية الصيام ، ولكن شيئاً فشييء ليس دفعة واحدة .. ستحاول وترجو من الله الثبات !

بدأ نشاطها بالفعل وجلبت حقائب بلاستيكه من غرفة تحضير الطعام ، وبدأت تفرغ البار من محتواه العتيق ..
أخرجت دفعة إلي صندوق القمامة ، يتبعها دفعة أخري حتي جاءت الثالثة وأقتحم المكان صوت يشبه زئير الأسد حين يبدأ أولى دفعات غضبه !!

- ماذا أنتِ بفاعله ؟!

توقفت حركة يدها عند مباغته المفاجأة ليتبعها أرتجاف جسدها ولسانها وهي تستدار لوجهته .. خرجت الحروف بلجلجه بعد وضوح معالم وجهه المتهجمه لها..
- أاا... اا.. أنا...

باغتها مرة اخري حين قطع جملتها بالقبض علي ذراعها بعنفوانية .. فتملكها الأرتباك وتوقف تفكيرها عند فعله ، جاهلة فعلها الذي جعله بهذا الشكل المخيف إلي أن خرج صوته بالقرب منها لتشعر بلهيب أنفاسه يلهف وجهها المغطى :
- من أعطاكِ الأذن لفعل هذا ، بل من أنتِ من الاساس حتي تتدخلي في شأني الخاص ؟!

حركت لسانها وحاولت أن يخرج صوتها ولكنه خانها أمام حضوره الطاغي وجملته التالية :
- سأقول لكِ من أنتِ ، أنتِ امرأة حقيرة ككل الذين مروا من أمامي ، ما ان لاحظتي نقطة ضعفي وبوحي بالأمس حتي تم استغلاله مع اول فرصة في طلوع الصباح لتبدأ سيطرتك اللعينة كحال جميعهن تماماً ..

ثم استرسل حديثه من بين اسنانه المضغوطة :
- كلا لست انا يا فتاة .. ولست ضعيفٍ ولا بساذج امامكِ لتتولي زمام أموري .. وما حدث بالأمس غلطة سأظل أحاسب عليها نفسي مدي الحياة .. ولا أريدك امامي بعد الأن فلقد اكتفيت منكِ حقاً !!

قال جملته ثم تركها بأنتفاضة مفاجئة رجعت علي أثارها للخلف تندمج مع الأرفف الزجاجية للمشروبات دون تحكم منها مما ادى الي تهشم الزجاج من حولها من شدة الدفعة ..

استدار يبتعد دون أن يري نتيجة جرمه متخبطاً ذهنياً مغادراً القصر كله بعد أن أحتار من فهم نفسه ومن ذلك التشتت الذهني والاضطرابات النفسية التي تحدث له داخلياً الان كأنها الحرب العالمية الثالثة بين عقلهُ الرافض وقلبهُ الراغب !!..

يشعر بأتجاهها بأحاسيس مختلفة لم يشعر بها من قبل ، وفي نفس الحال لا يشعر بها نهائيًا نتيجة مأساة الماضي ..!!

يحتاجها هي فقط دوناً عن النساء كافة ، ولا يحتاجها فهي ككل النساء .. !!

يريد ان يبكي لها ما يؤلمه ولا يريدها ان تراه ضعيفًا .. !!

رفع كفي يداه يرجع خصلات شعره بعنف للخلف لعله يشفى مما يعتلي صدره ، فحقاً بات مضطرب المشاعر بسب تلك الطفلة التي تصغره بتسع سنوات !!

وقفت جاحظة العين لطيف مغادرته بحاله مخدره لا تستوعب كل ما مر عليها ، غير مصدقه أنه دفعها بهذا الشكل .. رقرقت عيناه بدمعات أبت أن تسقطها علي وجهها ، تحاول جاهده فهم ما فعلته لكل هذا ولما دائما سيقارنها بتلك النساء الملعونات .. لما سيبقي ذكري والدته هي حظها العاثر في الحياة !!

-----------------

أنفردت بنفسها الجريحة بين اركان غرفتها الأربع ، تعاتب نفسها - مبرره في ذات الوقت حسن نياتها - ، تحزن لفعله الجارح - وتتألم حد العنان لطفولته القاسية - !!

ابتسمت بمرارة فلم تعد تعلم أتواسي نفسها الجريحة ام تواسيه هو علي ما مر به ..

إلا أنها أذرفت دموعها عوضاً عن هذا وهي تناجي ربها علي سجادة الصلاة الرفيق الوحيد و الدائم لها في حياتها كصفة عامة وفي غربتها بصفة خاصة ..

حزنها الداخلي أثر علي شهيتها كما اكثر الحال منذ أن جاءت إلي هنا .. اصبحت هزيلة الجسد رغم انها ما زالت تتمتع بجاذبيتها الخاصة .. هزيلة القوى من كثرة الصدمات التي تتلقاها كل حين .. داعية الله أن يكون هو قواها وناصرها حتي لو بعد حين .

أكتفت بكسر صيامها بالماء والتمر كأكثر عادتها .. أحتلت فراشها تتلو ما تيسر من كتاب الخالق .. أستمرت دون توقف !!
وكيف تتوقف وكل ما تنهل منه تشعر براحة نفسية تحتاج إليها بشدة في حزنها هذا ، لهذا أستمرت دون ان تشعر في القراءة إلي أن توقفت في منتصف الليل .. ألم ظهرها هو ما لفت أنتباهها .. فيبدوا أنه تأثر ببعض الجروح الصغيرة من تهشم الزجاج من خلفه .. مسحت دمعه فرت دون تحكم علي وجنتها .. ثم نهضت تغلق باب غرفتها لتريح ظهرها بعض الشيء فهي لن تتركه بعد ما حدث بالأمس هكذا .. وخاصة أنه لم يأتي بعد ويبدوا أنه سيقضي ليلته بالخارج .. وكما الحال ستنام بمفردها في بيت مهول تجهل ثلاث أرباع مساحته ..

ولكن لها الله ومن يتوكل عليه لا يخيب ..

وضعت ظهرها ببطء علي الفراش تستعد لبدء رحلة ثباتها العميق .. ظلت تتقلب علي الجهتين حتي تقتحم بدايته وتتشبث بها جيداً .. ولكن يبدوا أنه سيخاصمها الليلة من كثرة ما يعتلي ذهنها ..

ظلت تستغفر لعله يأتيها الفرج ، أنتبهت لبوق سيارته تدخل محيط الحديقة الداخلية .. أرتعبت وأنكمشت علي نفسها متشبسه بغطائها .. متضرعه الي الله بخفوت أن تمر تلك الليلة علي خير فلا تريد أن تدخل معه الأن في حواراته القاسية فما مر عليها يكفي بما يفوق الحد ..

لولا قيمة الصبر ما أطالت صبرها حتي الان تطمع برضا الله في نهايته ومكافئته ..

أنقطع شرودها علي تحقيق ما كانت تخشاه ، فالقاسي علي باب غرفتها يحاول فتحه بالفعل ، أنتفضت من نومتها بخوف وريبه ، ضربات قلبها المتزايدة وقوة الموقف جعلها تتغاضي عن ألالم ظهرها .. أنكمشت فوق الفراش تغمض عينيها بقوة وهي تحتضن ركبتيها بذراعيها مع تحرك لسانها دون توقف بمنجاة الاله ، ظلت محاولاته حتي خرج صوته من خلف الباب بخفوت يعبر عن تشتت صاحبه :
- أفتحي ذلك الباب ، أعلم بأنك تشعرين بي وتسمعينني ..!

أرتجف جسدها وهي تستمع لجملته ، ملازمة الصمت امام محاولاته المتكررة لفتح الباب ..

عند شعوره أنها بعيده المنال وبينهما حاجز يمنعهُ من الأقتراب بل ولن يستطيع رؤيتها كلما أراد كما كان يظن .. تملكه الجنون و شعر بضيق صدره لمجرد هذا الأحساس ولمجرد التذكر أنها غاضبه ويمكن ان تتركه من أفعاله الغليظة ، ولكن ليس بيده كل هذا فهو حقا يحتاجها بجانبه فهي علاجه ليفهم نفسه وتلك المشاعر والأحاسيس التي تقتحم قلبه وصدره اللعين لأول مرة في حياته ، عند هذا أنفلت صبره وبدأ يطرق بعنف علي بابها وصوته يصدح بقوة :
- أفتحي ذلك الباب ، لا تدفعيني لكسره ..

أنتفضت من جلستها باضطراب وريبه من فعله إلا أنه جائها صوته في الحال عكس ما كان به من ثواني معدودة ، جاء هادئًا ليناً باكياً.. هنا نهضت بقلب حاني متوجس غير قلبها الجريح قبل أن يأتي ..

توقفت خلف الباب وهي تصطنت لبكائه وجملته الواضحة :
- أعلم بأنني جرحتكِ كثيرًا ، وأعلم أنني تطاولت أكثر ، ولكن كل ما أنا يقينن به الأن بعد أن انفردت بنفسي بأنك غيرهما تماماً !!

هنا وضعت راحة يديها الاثنان علي ظهر الباب لتنفجر باكية ولم تدرك بأنها وضعتهما في نفس راحتي يداه ليقف الباب حائِلاً بينهما ..

-----------------
------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رومانسي ديني أكشن اجتماعي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.