آخر 10 مشاركات
285 - أنين الذكريات - هيلين بروكس (الكاتـب : عنووود - )           »          تناقضاتُ عشقكَ * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ملاك علي - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          منطقة الحب محظورة! - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::سارة عاصم - كاملة+روابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طريقة صنع البخور الملكي (الكاتـب : حبيبة حسن - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree19Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-04-19, 11:59 PM   #11

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



9 - هوية الحب

كانت كارولين جالسة بهدوء عند نافذتها المواجهة لغرفة الضيوف , عندما سمعت قرعاً خفيفاً على بابها , ومضت لحظات فكرت فيها بألا تجيب.
كانت أياماً فظيعة تلك التي مرت بها , أياماً مليئة بالتوتر و القلق والعيون التي كانت تراقب كل ما تفعله وكأنهم يخافون ان تهرب بفضيات البيت!
وفوق كل هذا , استلم لويس المسؤولية هنا وكأنها مجرد مكسب جديد بين مجموعة مكاسبه الدولية. فهو هادئ , متزن , بارد , ورجل اعمال مثالي . كان الناس خصوصاً موظفوه في غاية الرهبة منه . كانوا يتراكضون في الأنحاء كأرانب صغيرة مذعورة متلهفة الى إرضائه . و إجمالاً كان التغيير الذي قام به, كافياً لجعل أي كان يشهق عجباً.
لكن هذا لم يكن مكان عمل, بل بيت , وإن كان بيتاً غير عادي. ولكن كيف لها إظهار ذلك لرجل لا يكاد يعترف بوجودها ؟
فلويس لم يكن يكلمها , إنه غاضب لسبب تجهله.
احست بأن مزاجه هذا عائد الى مقابلتها اخاه قبل ان يقابلها . لقد سألها عن ذلك اللقاء الذي حدث بالصدفة .. لا , لم يكن سؤالاً بل كان استجواباً, ماذا قال ؟ وكيف قاله ؟
وعندما غضبت وسألته لماذا هذا الأمر مهم بهذا الشكل , ابتعد عنها بكل بساطة .

وبعد ذلك بخمسين دقائق رأته واقفاً خارج القصر وعلى اذنه هاتف خليوي . أياً كان المتحدث اليه , فقد تلقى من لويس توبيخاً غاضباً, وقد استطاعت ان تلاحظ ذلك من هذه الغرفة وهي تنظر الى الظلام في الأسفل.
منذ ذلك الحين, لم تقع عيناها عليه إلا في اوقات تناول الطعام على المائدة مع آخرين , بحيث لا تستطيع محادثة عما يزعجه , حتى إنهما كانا ينامان في غرفتين منفصلتين , والحقيقة ان موقفه البارد منها قد جرحها, مع انها ترفض الاعتراف بذلك.
عاد القرع على بابها, فنهضت وهي تنتهد , وسارت لتفتح الباب, فإذا هي إحدى الخادمات الصغيرات التي تمتمت قائلة " المعذرة سنيوريتا , ارسلتني الدونا لأخبرك ان الكاهن هنا وهو يريد محادثتك "
-
لا بأس , شكراً ابريل , هل لك ان تخبريه بقدومي بعد دقائق؟
اين هو لويس؟ تساءلت بقلب مثقل ودخلت حمامها , لكنها تعرف اين هو لويس .. او على الأقل اين ليس موجوداً, فلويس ليس هنا في الوادي , إذ رحل بالطوافة التي وصلت لتأخذه هذا الصباح , ولم تره او تسمع عنه منذ ذلك الحين .
محط الطائرة الطوافة هو احد الإنشاءات التي احدثها لويس منذ قدومه الى هنا . فقد احضر عشرة رجال من القرية مهدوا بقعة من الأرض في أقصى الحديقة حتى قبل ان تنهض كارولين من فراشها ذلك الصباح الأول.
ومما احدثه ايضاً بسرعة لا تصدق هي سارية لاسلكي للإتصالات البعيدة على رأس الجبل لكي يحسن من إرسال القمر الصناعي , وقد شرح ذلك اثناء العشاء . ويبدو ان ليس بمقدوره إدارة مجموعته المتعددة الجنسيات من دون وسائل اتصال جيدة.

لكنه لم يستعمل هذا المبادئ في حياته الخاصة مع الأسف .
لم يفعل ذلك , وجدت ان عليها بمفردها لمواجهة الكاهن, فلويس لم يزعج نفسه ببحث ذلك معها !
وهذا سيجعلها تبدو جيدة جداً في نظر الكاهن ! خاصة بعدما يكشف انه يعلم عن ذلك أكثر مما تعلم العروس نفسها!
سأقتلك في أقرب وقت, يا لويس فازكيز ! توعدته بصمت وهي تتفحص تنورتها التبنية اللون وبلوزتها الوردية التي لا تبدو بحالة جيدة جداً.
عندما غادرت لندن, احضرت معها ملابس لحفلات ولرحلات طويلة, او لاستكشاف غرف قصر كثيرة العدد!
وجدت الكاهن ينتظرها في غرفة الجلوس الصغيرة التي تحب الأسرة استعمالها في النهار لأنها تؤدي مباشرة الى الحديقة . كانت الخالة كوتسويلا تنتظر معه , لكنها ما إن قدمت كارولين الى الكاهن دومينغو , حتى تركتهما بمفردهما.
في الحقيقة, إن كارولين تشعر بالأسف على كونسويلا , فقد فقدت زوجها في الأشهر الأخيرة , ورأت ابنها يحرم من وراثة كل ماتعتبره حقاً له, وهي خسرت حقها في العيش في بيتها الذي امضت فيه الأعوام الثلاثين الأخيرة. ثم اصبحت الآن في بقائها هنا , تأخذ ما يريد لويس ان يلقي به اليها , و الواقع ان هذا كله مؤثر حقاً.
هي شخصياً , ما كانت لترضى لنفسها بهذا , الكبرياء وحدها كانت ستجعلها تهرب قبل ان يحضر ابن اختها الحاقد. لكن تلك المرأة اجابت ببرودتها وجفائها المعتادين على كل أسئلة لويس الدقيقة العنيفة عن إدارة القصر , واحالته بسرعة الى اولئك الذين كانوا يعرفون المزيد عن إدارة بقية المزرعة .
اما ابنها فلم يفعل شيئاً ولم يقدم أي معلومات, بل عزل نفسه وذلك بركوبه احد جياده الأندلسية الرائعة كل صباح , وبقائه حتى يحل الظلام .

انتقل فيليب من حالة الظرف البالغ الى العزلة و الشرود الدائم. كان بإمكانه البقاء هنا, كأمه , ولكنه على عكسها لم يستطع إخفاء استيائه البالغ.
ولم تكن كارولين تلومه لهذا الشعور , فمهما كان حق لويس القانوني في وجوده هنا, فإن فيليب معذور لما يتملكه من غضب ومرارة لغدر أبيه به.
تمنت فقط لو ان بإمكانها ان تشعر نحوه بمودة أكثر على الصعيد الشخصي , عند ذلك فقد تستطيع التوسط بين الأخوين , فتقرب بينهما بشكل ما.
حياها الكاهن دومينغو باسماً:" يسعدني التعرف اليك اخيراً"
فابتسمت وصافحته قائلة :" لقد ذهبت لزيارتك أمس فلم اجدك"
-
كنت ازور كاهناً زميلاً في الوادي القريب , فنحن نحب الاجتماع معاً اسبوعياً لبحث امور الرعية, لكنني اسفت لعدم وجودي حين زرتني.
دعته الى الجلوس بعد انتهاء المجاملات , وهي تسأله " هل يمكنني تقديم شيء لك؟ شاي , قهوة , أم أي شيء بارد؟"
هز رأسه , مشيراً اليها بالجلوس قبله , وعندما جلسا على مقاعد لويس الخامس عشر , سألها :" هل اعجبتك كنيستنا الصغيرة؟"
اضافت مبتسمة ابتسامة حارة " إنها اجمل كنيسة دخلتها , وكذلك الوادي كله"
قال :" لكنها منعزلة جداً"
فقالت مازحة بالابتسامة نفسها " وهذا جزء من سحرها "
-
وكذلك .. كاثوليكية متدينة للغاية.
فغابت ابتسامتها " وهل ذلك سيكون مشكلة ؟ فأنا غير كاثوليكية "
وتابعت تفكر بصمت :" اين انت يا لويس ؟ كان عليك ان ترى هذه المشكلة !"
اخذ الكاهن ينظر اليها مفكراً:" هل هذه مشكلة بالنسبة اليك؟"
اجابت بصراحة :" فقط إذا طلبت مني التحول عن مذهبي"
هز رأسه :" لا, لا اطلب منك تلك التضحية , كما اتمنى ألا تطلب كنيستك الانجليزية الشيء من لويس لو انعكس الوضع. أترين؟ إننا متحررون هنا, حتى في وادينا الصغير النائم"
-
ولكن هنالك مشكلة , كما يبدو ؟
-
المشكلة تتعلق بالإخلاص أكثر منها بالدين, سأتكلم بصراحة , اعرف انكما , انت و السيد لويس تنويان تبادل العهود المقدسة التي قد لا تكون صادقة , وهذا ما قد تكون نهايته مشؤومة .
مشؤومة ؟ تمسكت كارولين بهذه الكلمة تتأملها مقطبة الجبين , وقد انتهبت فجأة الى اين سينتهي الكاهن بها " هل تريد القول ان كل زواج يعقد في كنسيتك هو زواج حب؟"
سألته هذا وهي تعلم انه - اذا كان هناك - زواج من دون حب, فهو موجود في اسبانبا!
-
في هذه الحالة بالذات , مايهمني هو فقط زواجك من السيد لويس. فقد تقابلتما للمرة الأولى منذ خمسة أيام فقط, كما قيل لي, وبعد ساعات من ذلك اللقاء أعلن السيد لويس رغبتكما في الزواج , ما جعل أباك ينهار مصدوماً, كما سمعت ان أباك مدين للسيد لويس بمبلغ كبير , ثم سارعتما للزواج مدنياً ربما لتسهلا عليكما أمر الطلاق إذا شئتما يوماً فهل وراء هذه اتفاقية ؟
بدا الذهول في عينيها :" ممن سمعت ما سمعت ؟"
-
مصدر معلوماتي غير مهم, مايهمني هنا هو أنت, , جئت الى هنا اليوم والقلق يساورني عليك لأنك أرغمت على هذا الاسباب فوق طاقتك .
قالت متحدية وهي تنهض واقفة غير متوقعة ان يبحث امورهما الخاصة بهذا الشكل:" أتقول إنك ترفض ان تزوجنا انا و لويس ؟ أم لعلك ترفض لأننا تجرأنا على الزواج مدنياً اولاً"

فنهض واقفاً بدوره تأدباً :" لا, فالسيد لويس هو الكونت الجديد هنا في هذا الوادي , فإذا طلب مني ان ازوجه الى سيدة مكممة ومقيدة الى جانبه لفعلت ذلك"
وهز كتفيه باسماً بسخرية :" وهكذا ترين ان العادات القديمة لم تمت كلياً!"
وابتسم لها , لكنها لم تكن في مزاج تبادله فيه ابتسامته , فقالت ببرودة :" إذن, دعني أرح ذهنك , معلوماتك مغلوطة لأننا أنا و لويس نعرف بعضنا بعض منذ سبعة اعوام , وأنا احبه منذ ذلك الوقت "
ولم يكن هذا كذباً تماماً ولا حقيقياً تماماً , لكنه , في هذا الوضع , يخدم مصلحتها كثيراً.
دهشت وهي ترى ان الكاهن وافقها على تصحيحها هذا, كما انه لم يقلقه, واجابها على الفور :" وهل احببت السيد لويس حقاً مدة سبعة اعوام؟"
ابتسمت نصف ابتسامة فيها من الأسى اكثر مما فيها من السخرية , اجابت بجفاء:" لطالما احببت لويس , ولكن اذا كنت ستسألني عما اذا كان شعوره نحوي متبادلاً , فلا تقل رجاء"
اجابها فوراً:" إذن, لن افعل طبعاً"
وبان الاعتذار في عينيه لأنه جعلها تضيف التعليق الأخير, لمس يدها برفق , قائلاً:" سامحيني لتطفلي على ماترينه اموراً خاصة, ولكن عليّ ان اتأكد من حبك للسيد قبل ان انفذ امنية ابيه الاخيرة "
امنية أبيه الأخيرة ؟ وبدا الفضول في عينيها , لكن الكاهن ابتعد متجهاً الى منضدة بجانب الباب , وضع عليها حقيبة اوراق لم تلحظها :" سأسلمك الآن شيئاً عليك الاعتناء به سيدتي .. شيئاً اريد ان تعديني بأن تحرسيه بحياتك ولا تسلميه لأحد.."
جعلتها هذه الكلمات تشعر بالخوف فجأة , وقالت له :" اذا كان شيئاً يسبب الضرر للويس , فابقه معك"
اجاب وهو يعود اليها وبيده عدة دفاتر صغيرة :" رغبتك في حمايته تستحق المديح . هذه ستؤلم السيد لويس فعلاً إذا رآها. لكنه مستثنى بالتأكيد من الوعد الذي اريد منك القسم عليه . هل تقرئين الاسبانية كما تتحدثينها؟"
اومأت كارولين , منذ طفولتها وهي تمضي اكثر عطلات الصيف في اسبانيا , مايعني ان الأسبانية اصبحت لغتها الثانية .

-
إذن , بعدما تقرأي هذه, اترك لك خيار ان تطلعيه على ماهو مكتوب فيها.
واخذ يدنو منها , فأوشكت لخوفها ان تخبئ يديها خلف ظهرها, وكأنها لا تريد تسلمها . ورأى هو ذلك في عينيها فتوقف وهو يقول :" هذه يوميات والد السيد لويس , تركها في عهدتي قبل ان يمرض بوقت طويل, إنها تفسر السبب الذي جعله يورث السيد لويس كل شيء ويورث السيد فيليب القليل, خذيها واقرأيها وافهميها .. لمصلحة لويس , ارجوك"
ثم ناولها إياها برزانة , فتقبلتها وهي كارهة , بأصابع باردة , ويقلب كأنه استحال الى حجر. لم تعلم لماذا لم تفهم ما يتضمنه كل هذا . لكنها تعلم ان هذه الدفاتر هي اشياء مظلمة , وقالت تعده :" سأقرأها "
اومأ الكاهن متفهماً التعبير البادي على وجهها, ثم ارتد على عقبيه. وعندما وصل الى الباب توقف ونظر الى الخلف فرآها تقف حيث تركها وبين يديها الدفاتر , فتمتم مفكراً:" أتعلمين يا آنسة ؟ اظنها مصادفة غريبة انك تعرفت الى السيد لويس منذ سبعة اعوام , لأنه , في ذلك الوقت تحديداً, وافق على القدوم الى هنا ومقابلة ابيه لأول مرة, ولكنه لم يلبث ان غير رأيه فجأة , اما سبب هذا التغيير , كما قال , فهو انه تعرف الى امرأة وسيتزوجها , كان حبه لها على مايبدو , اهم لديه, حينذاك , من مقابلة ابيه . لكنه وعد بأن يتزوجها في كنيسة فال دي لوس انجلس حسب التقاليد , ويبدو انه سيفي بوعده"

ابتسم, وقبل ان تعقب على هذه المعلومات الجديدة ابتعد قائلاً:" اقرئي هذه اليوميات وتعرفي الى هذا الرجل الذي احبك, بقدر ما احببته انت على ما اظن"
بعد ذلك بساعات, تمنت لو انها لم تقرأ اليوميات , تمنت لو ان اسرة فازكيز بقيت كما هي , بعيدة عن حياة لويس.
اخفت الدفاتر على سطح خزانة ثياب كبيرة في غرفتها , ثم خرجت الى الحديقة في حر الظهيرة حيث غرقت في افكار سوداء حافلة بالآلام والغدر, والتضحية القاسية بطفل بريء من اجل طفل آخر.
( التاريخ يعيد نفسه ) هذا ما قاله فيليب, وكان لويس قد دعاه ( ثار و ثراء ) اما كارولين فتسميه ( ما لا يقبل الصفح) . لو علم لويس نصف ما اكتشفته في هذه اليوميات , لما كان غريباً ان يعزل نفسه داخل حجاب غير مرئي منذ قدومه الى هنا . فهذه الأسرة كانت سمّاً لكل من يلمسها , وهذا ما ذكرها بنصيحة زوج عمته الطبيب ( خذ معك من يتذوق الطعام ) فقط كان هو ايضاً يعلم ان هناك سمّاً في هذا المكان الرئع الجمال.
الشيء الوحيد الجيد في هذه اليوميات , هو إثبات قول الكاهن عن نية لويس نحوها منذ سبعة اعوام, ولكن لهذه الحقيقة ايضاً جانبها السام . ذلك انه اذا كان لويس قد احبها حينذاك , لماذا كان يذهب يجرّ والدها الى الإفلاس , ليلة بعد ليلة ؟
وعندما سمعت صوت الطوافة بهدر فوق الجبل , تمنت لو بقي لويس بعيداً. فهي ماتزال متكدرة ومشوشة جداً, وفي حاجة الى مزيد من الوقت للتفكير , للاستيعاب, والتصميم على مقدار ما ستخبره به ... هذا إذا قررت ان تخبره بشيء على الاطلاق .
عندما حطت الطائرة على مطارها الممهدّ حديثاً, وجدت نفسها واقفة هناك تنتظره, وعندما وضع قدمه على الأرض اليابسة , عصف قلبها بمشاعر مختلفة لم تستطع التفريق بينها.
بدا وهو مرتد بذلة عمل رصاصية اللون وقميصاً ناصع البياض وربطة عنق فضية , واحداً من ملوك المال الحقيقي , من النبلاء الحقيقين .
والحقيقة ان من ينظر الى وجهه الأسمر اللطيف المكتبر المزهو , لا يصدق ابداً انه امضى السنوات العشرين الأولى من حياته يعيش عيشة الكفاف.
بدا كئيباً وكأنه اصبح يحمل فجأة كل هموم العالم. كانت تعرف جيداً هذا الشعور , اذ سبق ان عاشت مثله . هل هي مسؤولية هذا المكان ؟ هل النحس المهلك بجماله يصيب كل قادم الى هنا؟
فجأة شعرت انها بحاجة ماسة الى ان تكون قريبة منه , كما شعرت بالحاجة الى الابتعاد عن هذا المكان , ولو لمدة قصيرة , لكي تفكر , لكي ترى الأمور بأبعادها الصحيحة .
ماذا فعلت ؟ في اللحظة التي غادر فيها الطائرة , سارت نحوه فما إن رآها حتى توقف واخذ ينظر اليها وكأنه يرى حلم حياته, ولكن سرعان ما اختفت هذه المشاعر من عينيه كالعادة.
ولأنها بحاجة الى ذلك, طوقته بذراعيها وقبلته بلهفة , لمست دهشته وتوتره, ومرة لحظة هائلة ظنت فيها انه سيدفعها عنه , ثم طوقها بذراعيه بشدة واخذ يعانقها بمثل لهفتها.
شعرت وكأنها وجدت نفسها بعد ضياعها في مكان مظلم اياماً لا نهاية لها , مهما كان بينهما, لم يكن يعني شيئاً , فهذا هو الصحيح دوماً.
قطع العناق الذي ودت لو بقي الى الأبد, ولكن عينيه السوداوين نظرتا اليها بعبوس , متأملاً شحوبها الشديد الذي لم يبدده حتى عناقهما هذا.
-
ماذا حدث؟ ومن كدّرك؟
هزت رأسها :" لقد اشتقت اليك, وهذا كل شيء .. افتقدتك اياماً, لكنك لم تلحظ ذلك كما يبدو "

قال بخشونة :" بل لاحظت , فكرت فقط في ان من الأفضل ان اتركك لنفسك فترة لكي .. تعتادي على كل هذا .."
-
لا احتاج الى وقت لأعتاد عليه, لديّ مثله في وطني إنكلترا, إذا كنت تذكر , لكنني اعترف انه ليس بحجم هذا , ولكن .. يا لويس ..
ولم تستطع إخفاء التوتر في صوتها :" هل يمكننا الابتعاد من هنا لمدة قصيرة؟ نحن الاثنين فقط, وفي مكان عادي ؟ هل يمكن ان تأخذنا هذه الطائرة ولو لساعتين فقط ؟ ارجوك "
تنهد " انت لا تحبين هذا المكان "
-
بل اعشقه .
أصّرت على ذلك, عالمة انها كذبة وانها هي في هذه اللحظة بالذات تكره هذا الوادي وكل شيء فيه.
-
انا بحاجة فقط الى الابتعاد عنه لفترة قصيرة , هل اطلب الكثير؟
-
لا.
كان مايزال عابساً لأنه ادرك انها ستخبره بالحقيقة الكاملة , أشار بيده الى الطيار بطلب منه إبقاء المحرك دائراً.
-
اين تريدين الذهاب ؟ الى ماربيا؟ يمكننا ان نكون هناك في ...
لكنها هزت رأسها :" هناك مكان صغير اعرفه , مكان سري"
همست بذلك وعيناها تلمعان بالمشاعر :" هناك أنعم فراش في العالم, لا تكييف هواء, والحمام في آخر الردهة, وفيه أروع الملاءات الباردة المنشاة على السرير ولن يكون هناك اي وجه بارد..."

كان يحدق اليها وكأنه يقنع نفسه بأنها تلمح الى ماتشعر به حقاً. وحبست كارولين انفاسها منتظرة جوابه.
أهو القبول ام الرفض؟ لم تستطع التأكد , فهو يسخن ثم يبرد , يقدم ثم يتراجع , واشعرها صمته بالتوتر.
ثم رفع حاجبه والسخرية في عينيه :" هل هذه هي طريقتك في التصرف كسيدة محترمة, في دعوتك إياي لقضاء عطلة اسبوعية ؟"
بدا لها وقحاً بتفسيره وهذا ما ألهب وجنتيها بحمرة الخجل , لكنها بادلته ابتسامته, قائلة :" اظن ذلك, ولكن اذا كنت تفضل صحبة اسرتك, فأنا مستعدة للوصول الى تسوية "
القى برأسه الى الخلف واخذ يضحك , وكان هذا اجمل صوت سمعته منذ ايام وعم السرور وهو يمسك بيدها عائداً بها الى الطائرة ضاحكاً.
لم ير اي منهما اخاه وهو يراقبهما من بين الأجمة , ولا رأى أي منهما ذلك الوميض الخبيث في عينيه وهو يراهما يستقلان الطائرة ليحلقا بعيداً.
نزلا في ساحة مكشوفة خارج لوس امينوس بالضبط ثم سارا الى داخل القرية يداً بيد. لاحظت كارولين انهما ابدوا غريبي الشكل فلويس في بذلة بالغة الأناقة بيما هي في تنورة تبنية وبلوزة وردية.
كان صاحب الفندق نفسه موجوداً, فاستدرات عيناه وهما يدخلان من الباب, وعند رؤيته المبلغ الكبير من المال , نظر الى لويس نظرة مليئة بالاحترام واحضر للزوجين الشابين مفتاح الغرفة حيث السرير نفسه بالضبط.
-
وأنا ارتدي حتى الملابس نفسها.
همست كارولين بذلك الى لويس وهما يصعدان السلم يداً بيد . فأضاف مازحاً :" والوردة الحمراء نفسها على كلتي وجنتيك"
وعمق لون الورد أكثر عندما ادركت جرأة ما طلبته.
لم يعودا تلك الليلة الى القصر , فقد ضاعا في مشاعر لا قرار لها وكأن الواحد منهما لا يرتوي من نبع الآخر .. او كأن حاجة احدهما للآخر نهر لا يتوقف عن الجريان ابداً. كانت تشعر بأنها استعادت حبيباً فقدته ليس مرة فحسب بل مرتين . راودتها تلك الأفكار وهي تتذكر تلك الأيام القليلة التي احست فيها بالوحدة.
همست له إحدى اللحظات قائلة " انت حبي الحقيقي الأول"

خيمت نظرته مسحة داكنة وهو يفتح جفنيه الناعستين , ويقول :" ربما لن تصدقي كلامي هذا, لكنك حبي الحقيقي الأول ايضاً"
لكن لا! لا يمكن ان تتقبل هذا الكلام , لأنه لو احبها لما حاول ان يربح كل فلس من عائلتها . جالت تلك الفكرة في رأسها فأحست بحزن عميق ارادت ان تدفنه في الحال , فأمسكت بلويس وأدنته منها في عناق عنيف.
ربما شعر بحزنها , او لمح مسحة الحزن على وجهها قبل ان تمحوها , لأن عناقهما تحول الى إعصار من الأحاسيس الغنية , وجرفهما معاً, ليلقي بها في بحر متلاطمة امواجه لم تغف على شاطئه إلا بعد وقت طويل طويل.
وعندما قررت ان تفتح عينيها, وجدت نفسها متتوقعة قرب لويس, ورأسها يستريح على كتفه , وبالليل يرخي سدوله.
قالت بدون ان يظهر عليها القلق :" لم تعلم احداً برحيلنا"
اجاب :" ارسلت الطيار ليبرر غيابنا, سنعود متى شئنا ,عندها يمكنهم ان يتوقعوا حضورنا "
بدا, بقوله هذا, متعجرفاً ومتسلطاً وسيداً على الوادي, الى حد جعلها تضحك, فقال لها :" هذه اول نبرة سرور حقيقي اسمعها منك تقابلنا مجدداً"
زمت شفتيها باستياء :" وماذا كنت تتوقع ؟ وانت لم تفعل سوى تخويفي وابتزازي ؟"
المفروض انها مزحة , لكن لويس لم يبتسم , وبدلاً من ذلك بقيت عيناه تتفحصانها , ثم قال بهدوء :" لم احضرك الى هنا , الليلة بالتخويف "
-
لا.
بل هي التي اخافته هذه المرة .
-
هل انت مستعدة لتخبريني الآن عما دعاك للرغبة في الهرب بهذا الشكل؟
إذن , فهو يعلم انها لم تكن تخبره بالحقيقة في القصر . فخفضت نظراتها واخذت ترسم بإصبعها دوائر على صدره , ثم قالت بصراحة " استقبلت زائراً كاهن القرية "
جمد لويس في مكانه , ثم سألها بهدوء بالغ " وبعد ذلك ؟"
ابتسمت " اراد ان يعلم ما إذا كان زواجنا مجرد تظاهر "
-
هل هدد بعدم تزويجنا كنسياً؟
-
لا, لقد أكد لي , في الواقع , انه اذا جاء اليه الكونت وعروسه بجانبه مكممة ومقيدة , فهو سيزوجهما .
-
لماذا جاء إذن؟
هنا السؤال الآن. وضحكت بأسى وهي تمرر اصابعها في شعرها " لكي ينبهني الى شائعات .. تدور في الوادي عن مقدار الإخلاص في مشاعر احدنا اتجاه الآخر"
-
شائعات ؟
اومأت " نعم , يقولون إننا لم نتعارف إلا منذ ايام قليلة"
-
وماذا قلت له؟
لم تتحرك عضلة في وجهه, وأسوأ مافي لويس هو قدرته على الكلام من دون ان يبدو على وجهه اي تعبير بكشف مايفكر فيه .
-
اخبرته ان هذه المعلومات غير دقيقة , وأننا تعارفنا منذ سبع سنوات , ثم كذبت قليلاً واخبرته انني احبك منذ ذلك الحين ...
لكنها تذكرت انها , عندما قالت ذلك, لم تشعر انها تكذب , بل هذه هي الحقيقة.
-
وماذا قال بعد ذلك؟
نظرت اليه بجفاء " انت ماهر جداً في الاستنطاق"
رفع حاجبه وبدا لها مغرياً جداً, وقالت " الاستنطاق الأسباني . انت في الواقع تذكرني بصنبور يقطر منه الماء, إنك تقطر الأسئلة بثبات ومن دون هوادة حتى تعلم ماتريد "

كرر من دون ان تتغير نظرته " ماذا قال ؟"
نظرت بعيداً وتنهدت , لأن الحقيقة افلتت من زمامها . ثم هناك مشكلة اخرى اخذت تقلقها منذ زيارة الكاهن .
-
حاول على ما اظن ان ينبهنا الى ان ثمة شخصاً بكيد لك . شخصاً يشيع في الوادي أننا , انا و انت , شخصان مخادعان .. كي لا يحترمنا احد الشائعة الأخرى هي انك اشتريتني من أبي . و الآن , من يعلم بهذا عدانا؟ أنا وأنت ؟
-
أتظنين انني كنت أنسج حكايات عنا؟
كان هذا قولاً سخيفاً ضحكت منه , وقالت وهي تنتهد " ما يقلقني يا لويس ان هناك من يتجسس علينا , ومجرد التفكير بهذا الموضوع يجعلني أقشعر"
-
الجاسوس في هذه القضية معروف , يا عزيزتي , ونحن نعرف ايضاً ان لديه بعض الحق في الشعور بالمرارة وهذه المرارة هي ما جعلته ينشر شائعات قد تضعف مركزنا , والواقع انني سأسمح له ببعض السلوك الأحمق.
كان يتحدث عن فيليب , فقالت موافقة " لا بأس"
وتكومت بجانبه , شاعرة بحاجة الى قول المزيد , لكنها خافت من ان يجرها الى قول الكثير .
-
لا بأس ؟ هذا كل شيء؟

قالت وهي تدسّ نفسها به :" هذا اجمل من ان تفسده بالحديث عن الأشياء البشعة, وعلى كل حال , في ذهني اهتمامات اخرى كثيرة حالياً"
برقت عيناه , والتهكم الذي رأته في عينيه جعل دمها يجري ساخناً. فقالت ساخرة " التسوق .افكر في شراء ملابس جديدة , إذ انك اختطفتني بملابس لا تكفيني اكثر من ثلاثة ايام . اريد ثوباً ابيض غالي الثمن بكل ملحقاته , فأنا اريد ان اظهر في الكنيسة بأبهى حلة "
ضاقت عيناه قليلاً وكأنه يحاول ان يقرأ في ماقالته عودة الى المرارة الماضية .
ولكنه لم يقرأ شيئاً , وسرعان ما اخذها بين ذراعيه .. وهذا ماكانت تفضله كثيراً على الحديث.
مكثا في غرفة ذلك الفندق المظلم الحار القديم الطراز طول الليل, وناما بين ذراعي بعضهما بعضاً واستيقظا في الوضع نفسه. وللمرة الأولى تستيقظ كارولين فتجده بجانبها وقد ترك ذلك فيها تأثيراً مؤلماً.
في اليوم التالي سافرا الى قرطبة حيث اخذت تتسوق حتى كادت تسقط منهارة .
كانت متألقة , لعوباً.. وفتنت مرافقها , وعندما كان ينظر لويس اليها باستغراب , وكأنه يحاول ان يفهم ما الذي جعلها تتصرف بهذا الشكل , كانت هي تبتسم له فقط او تقبله , او تطلب منه المزيد من المال, متجنبة أي سؤال.
فكيف يمكنها ان توضح لشخص مثله انها عرفت لويس فازكيز الحقيقي اخيراً بعد قراءتها ليوميات ابيه ؟ إنها تفهمه الآن, وتتألم لأجله , وتحبه حباً ماكانت لتتجرأ على الشعور به .
وإن لم يحبها لويس بالمقدار الذي تحبه هي , فسيكفيها هذا القدر , فقط لأن الأمر الآخر الذي عرفته من خلال قراءتها لليوميات هي ان الحب لا يمكن ان يكون متساوياً في قلبي حبيبين .




Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-04-19, 12:00 AM   #12

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


10 - حق السيد

عندما عادا الى الوادي وجدا ان هناك بعض التغيرات حدثت اثناء غيابهما, اذ زينت الحديقة باضواء خفية كما نظف القصر ومائدة الولائم شيدت في الردهة الرئيسية. وما إن دخلا حتى جاءهما صوت فيليب المتكاسل" اراكما تهربان من كل المتاعب "
هذه عادته , بهذا فكرت كارولين وهي تفترب خطوة من لويس الذي امسك بيدها, بينما تابع فيليب ساخراً " على العروسين ألا يهملا تفاصيل العرس.. عليهما ألا يهملا زينةالاحتفال "
كان تهكمه لاذعاً, وتمنت كارولين لو تضربه لكلامه اللئيم , لكن لويس قال باسماً من دون اهتمام" إن الفندقية في دمي , فإن كان هناك ما أحسنه , فهو إقامة الحفلات"
-
ويساعدك في الاحتفال الأهل والأقارب المجتمعون حولك. ما أغرب ماتدفع العلاوة السنوية الناس الى القيام بأشياء ما كانوا يقومون بها في العادة.
سأله لويس بفضول " هل هذا هو السبب في تسكعك هنا وهناك فيليب ؟ لكي تؤمن علاوتك السنوية ؟"
قال " لديّ اموالي الخاصة "
ولكن لويس اصاب منه عصباً حساساً بقوله ذاك.
-
لم يحرمني أبي من كل شيء.
-
لا, بل ترك لك ارضاً في نيفادا و الوسائل التي تمكنك من النجاح في استغلالها , هذا اذا ازعجت نفسك بالمحاولة.

-
بينما انت حصلت على كل ... هذا...
وارتسمت على فم فيليب ابتسامة كريهة , ثم التفت الى كارولين فجأة " اخبريني.."
شعرت بأنه حان دورها لتتلقى لسع لسانه القذر , وقال :" كيف انتهت اللعبة بين أبيك ولويس ؟ كان هناك أناس كثيرون لابد انهم كانوا متلهفين لمعرفة النتيجة"
كان هناك في الكازينو عندما تحدى لويس أباها, بهذا فكرت كارولين ووجهها يشحب , ثم التوت يدها في يد لويس بتوسل صامت لكي يجيب عنها .
شدد قبضته قليلاً, لكنه ادهشها عندما لم يقل شيئاً بل رفع يده الأخرى واذا بفيتو يمثل امامهم فجأة , ضخماً عريض المكنكبين , ذا بنية تسحق الصخر , وانتظر ان يكلمه لويس .
وقال له هذا الاخير من دون ان يحول نظره عن فيليب" اصحب كارولين الى غرفتها , يا فيتو, وابق هناك حتى احضر .."
اقشعر جسم كارولين لأنها شعرت بأنه يريد ان يوجه الى فيليب نوعاً من الإنذار الرهيب , وكان وجود حارسه الخاص كافياً لجعلها تلوذ بالصمت , ترك لويس يدها وهو يقول بهدوء" اذهبي مع فيتو لدينا أنا وفيليب اشياء علينا ان نتحدث عنها على انفراد..."
ذهبت , لكنها شعرت بالغثيان , لم تنظر الى الخلف , لكنها استطاعت ان تشعر تقريباً بالرجلين وكل واحد منهما يقوم حجم الآخر وكأنما يستعدان المعركة.
همست لفيتو " ماذا سيحدث؟"
اجاب ببساطة " سيتحدثان , كما قال لويس"

قالت وهي تقترب قليلاً من هذا الرجل الأشبه ببرج ضخم " إنه لا يعجبني "
-
قليل من الناس من يعجبهم .
وكان هذا كل ما اجاب به , ولكن ما قاله بدا وافياً , ادرك كل من لويس وفيتو شخصية فيليب, فإذا كان فيليب قد حقق في امرهما , فهما ايضاً قاما بالشيء نفسه.
لم يتركها فيتو بمفردها حتى عندما ذهبت الى الحمام , وعندما عادت وجدته واقفاً بجانب الباب , سألته" هل تعرف لويس منذ وقت طويل ؟"
اجاب " منذ كنا في التاسعة , نحن الاثنين"
وفكرت ان هذا يعني انهما كانا في ملجأ الأيتام معاً.
-
إذن فأنتما صديقان .
وابتسمت وهي تتذكر افكارها عندما كانت مع لويس في السيارة وفيتو يقودها.
قال :" لقد انقذ حياتي مرة"
ولم يزد, على الرغم من ان كارولين حدقت اليه بعدم تصديق لأنها لم تستطيع ان تتصور ان على أي شخص ان ينقذ حياة هذا الإنسان . فقد كان من الضخامة بحيث لا يمكن ان يتعرض لمثل ذلك الخطر.
عند ذلك بدأت المشتريات التي ابتاعتها تصل , فتحول انتباهها عن فيتو , وبعد ذلك بدقائق جاء لويس , وهمس كلمة هادئة لفيتو ثم صرفه فذهب وهو يومئ متجهماً , ماجعل كارولين ترتجف , وعندما انفردت به سألته :" لماذا الحاجة الى حارس خاص؟ هل انا عرضة لخطر ما ؟"
-
لا, هذا غير وارد مادمت حياً ازرق.
-
إذن , فأنت هو المعرض للخطر.
-
لا احد هنا معرض للخطر .
فقالت بعناد :" لماذا الحارس إذن ؟"
-
إنه مرافق , وقد ارسلته ليرافقك الى هناك إثباتا لذلك , هل اقتنعت ؟
لا , لم تقتنع , وبدا ذلك على وجهها , فقال متنهدا " لا بأس , اشعر ان فيليب يريد القيام بشيء ما , وهذا واضح , ولكن ما مدى النجاح الذي سيحرزه , فهذا ما لست واثقاً منه , ولهذا انا احرس نقاط ضعفي ."
-
وانا نقطة ضعف؟
ابتسم فجأة بكسل متمتماً بإغراء " آه, نقطة ضعيفة للغاية"
واخذ يقترب منها , فرفعت يدها توقفه عند حده وقالت " اريد منك ان تحترمني يا كونت "
توقف , فغالبت هي خيبة املها لئلا تظهر , لكن لويس رآها على كل حال فقال بابتسامة عريضة " إذا لمستك الآن فستصبحين دخاناً"
-
نعم , إذا لمستني.
-
لهذا لن ألمسك.
"
آه " قالت ذلك من دون ان تحاول إخفاء خيبة أملها هذه المرة .
-
شكراً لأنك ذكرتني بأن عليّ ان احترم الكونتيسة.
في الساعات الأربع والعشرين الماضية تغيرت وعلى مايبدو انه هو ايضاً تغير . إذ تبدد الكثير من التوتر الذي تملكه عند حضوره الى الوادي . يبدو الآن رجلاً رائعاً ساحراً, كسولاً مسترخياً عاطفياً خصوصاً عندما ينفردان .
هذا الاستنتاج جعلها ترتمي بين ذراعيه قائلة " خذ قبلة واحدة عفيفة إذن "
فطوقها بذراعيه قائلاً بسخرية " عفيفة ؟"
اجابت " نعم "
ولكن لم يكن ثمة عفة في طريقة وقوفهما وتأوه قائلاً " عليّ ان أذهب"
-
تذهب؟ الى اين ؟
-
الى العمل.

ونظر الى ساعته , وعاد فجأة الى شخصية رجل الأعمال.
-
عليّ إنجاز اشياء قبل الاحتفال وعليّ الخروج من الوادي قبل ان يشتد الظلام.
-
لكننا وصلنا لتونا!
-
لا تلوميني . انت من أعاق منهاجي العملي لمدة اربع وعشرين ساعة . واعترف بأنها اربع وعشرون ساعة لذيذة جدا, ولهذا عليّ ان اعوض ما فاتني , لن تريني مرة اخرى إلا في الكنيسة .
وعندما اتجه نحو الباب, صرخت به بلهفة " لويس! ماذا عن نقطة ضعفك؟"
-
فيتو سيبقى هنا, اذهبي اليه عند الحاجة.
-
ألأنه مدين لك بحياته ويفعل اي شيء لأجلك؟
منعه هذا عن السير, والتفت اليها بدهشة وذهول " هل تمكنت من جعله يخبرك بهذا ؟ حسناً , إنها البداية "
-
وماذا فعلت ؟ هل سحبته من بين اشتباك الأمواس التي تركت كل تلك الآثار على وجهه؟
-
لا.
فجأة تلاشت ابتسامته " سحبته من السجن ومنحته عملاً يعيش منه , ولم يكن ذلك سهلاً , فتمتمت نادمة " آسفة "
فأومأ يقول " الى اللقاء يوم الاربعاء"
سيذهب .. لكنها لم تشأ ذلك بعد هذا التلاسن.
-
انا احبه , في الواقع , لوفائه لك. لم تعلم حتى ان فيليب يقيم في فندقك , أليس كذلك ؟
سألته هذا مغيرة الموضوع تماماً , فقال لويس " لقد دخل الفندق باسم مختلف"
قالت مقطبة " واخذ يتعقبنا, أنا و أبي , عرف من أكون ومن هو أبي , وهذا يريك ان هناك جاسوساً في وسطكم , يا لويس"

فأومأ يقول " انا منتبه لهذا, وأقوم بما ينبغي"
-
وهل أبي نقطة ضعف اخرى ؟
التفت اليها متفحصا, ثم اجاب بهدوء " نعم "
تنهدت وعاد القلق يبدو عليها .
-
وهل تحرسه هو ايضاً؟
-
من دون شك هو ايضاً؟
-
من دون شك .
طمأنها بلهجة غريبة تماثل التعبير الغريب الذي بدا على وجهه.
-
سيكون هنا , آمناً معافى , لكي يسلمني إياك وقت الاحتفال , لا تخافي من هذه الناحية , يا حبيبتي.
ثم رحل , تاركاً كارولين واقفة تحدق في اثره , متسائلة عما يجعلها تشعر بهذه البرودة في كيانها على الرغم من كلماته المطمئنة؟
نبهها من افكارها طرق على الباب , فتحته لتجد الخادمة أبريل على العتبة .
-
أرسلني الدون لويس لأساعدك في تنظيم أمتعتك.
سرها هذا الإلهاء , يبدو ان لا أحد في هذا الوادي قد يبقى سعيداً مدة طويلة. واخذت مع الخادمة تفتح علبة بعد علبة عليها اسماء محلات لم تكن كارولين تحلم بالشراء من مثلها , وعندما وصلتا الى الثوب الابيض , فتحت الفتاتان العلبة معاً ليخطف منهما الأنفاس وهما تريانه معلقاً في الخزانة.
تتنهدت الخادمة بشوق " ما أروعه !"
وافقتها كارولين باسمة وهي تتذكر كيف ارسلت لويس الى الخارج المحل ليتناول فنجان قهوة حتى يتسنى لها اختيار الثوب بنفسها . وخرج ساخراً متكاسلاً لكنها اشتبهت في انه احب فكرة ان تختار ثوباً الهدف منه ان يشعر هو بالسرور.

وكانت تتلمس التخريم الناعم بخفة عندما خطرت فكرة ببال كارولين للمرة الاولى . لكنها خطرت ببالها الآن فجأة بعدما فات الوقت , تقريبا, للقيام بشيء بهذا الشأن , وهو انه لن يكون لديها صديقات يساعدنها في ارتداء هذا الثوب , او حتى واحدة تقف بجانبها شاهدة بصفتها وصيفة العروس.
لكن يبدو ان لويس فازكيز الذي لا يفوته شيء من التفاصيل قد فاته هذا الأمر البسيط.
-
أبريل , هل لك ان تقومي بخدمة لي , خدمة خاصة جداً؟
-
طبعاً سيدتي .
اجابت الخادمة بذلك على الفور .
-
اذا استطعت انا شراء ثوب جميل لك في الوقت المناسب , فهل تكونين وصيفتي؟
مضت لحظت ظنت فيها انها افزعت الفتاة المسكينة , لأنها بقيت جامدة صامتة ثم قالت بصوت خافت " آه سيدتي , هل تعنين هذا حقاً؟"
-
نعم , أعني هذا , لابد انك لاحظت انني هنا وحدي, فأهلي وصديقاتي كلهم في انكلترا , ومع ان ابي سيحضر إلا انه سيكون بمفرده , ألا تظنين ان الأفضل ان تقف معي فتاة من الوادي؟
اجابت الفتاة برزانة " هذا يشرفني , ولكن عليّ ان استأذن الدونا كونسويلا قبل ان اوافق تماماً"
-
طبعاً.
اجابتها كارولين على الفور, من دون ان تزعج نفسها بالقول إن عليها , في الواقع , ان تأخذ الإذن منها.
بدت الراحة على أبريل وكارولين وهي تقول " سأذهب لأسألها الآن بينما تنهين انت هذا هنا "
يجب ضرب الحديد وهو ساخن , حدثت نفسها بذلك مشجعة وهي تبحث عن خالة لويس. لكنها بدأت تتمنى لو انها لم تفعل.
وجدت الدونا كونسويلا في غرفة الاستقبال الرئيسية واقفة تحدق من النافذة , كان في وضعها هذا من الحزن و الوحدة والوحشة ما مس قلب كارولين على رغم معرفتها بدور هذه المرأة في تدمير حياة لويس "كونسويلا "
لم تشعر المرأة بكارولين عندما دخلت , فقد كانت تائهة في تأملاتها الكئيبة , لكنها التفتت الى كارولين وملامحها هادئة ناعمة كالعادة, وهذا ماجعل كارولين تفكر بأسى , إنها تشبه لويس , ثم قالت بحذر" هل تمانعين اذا سألتك النصيحة بالنسبة لأمر ما"
لم تعلم ما الذي جعلها تغير سؤالها من طلب مهذب , الى طلب رقيق, إلا اذا كان السبب هوشبه كونسويلا بلويس عندما يخفي آلامه.
واجابت المرأة " طبعاً , اذا كنت تظنين نصيحتي مفيدة"
اخذت كارولين نفساً عميقاً, ثم شرحت لها ما تريد ولماذا تريده , واستمعت كونسويلا اليها بوجه جامد, وكانت مفاجأة عندما ابتسمت المرأة بكآبة وقالت " انت طيبة , وما يخفف عني ان أعلم انني سأترك الوادي في رعاية فتاة حساسة مثلك"
فقالت كارولين على الفور مدافعة , لأنها لم تكن تنتظر الرضا من هذه المرأة بذات , ولهذا كانت تبحث عن انتقاد خفي منها " ولويس يهتم ايضا"
فاستحالت ابتسامة المرأة الى الجفاء " أعلم هذا, نعم ستكون بادرة جيدة جدا منك اذا اتخذت أبريل وصيفة لك. سيحبك الناس في الوادي كثيراً لهذا العمل, باركي الصغيرة باسمي واخبريها انها في عطلة الآن من كل عملها المنزلي لتتفرغ لك ولدورها البهيج "

تمنت كارولين لو تسألها عما ستفعله هي ؟ هل ستستمر في الذبول في ظلال هذا المنزل الذي كان بيتها سنوات طويلة؟ واندفعت تسألها بتهور" ماذا ستفعلين عندما ترحلين من هنا؟"
عادت الابتسامة الى الجفاء " إذن , لويس يريد ان ينفيني من هنا ؟ كنت اتساءل "
تملك كارولين ذعر بالغ لتطرقها دون قصد موضوعاً ماكان ينبغي لها ان تأتي على ذكره , فأجابت باستغراب " لا ادري , لويس لا يتحدث معي عن أسرته "
-
لا , لا اظنه يفعل ذلك.
تمتمت الكونتيسة بذلك, ثم استدارت الى النافذة, وكان هذا يعني النبذ لأي إنسان , فكان ان خرجت كارولين , شاعرة بالمذلة , من دون ان تجرؤ على التلفظ بكلمة اخرى .
ذهبت بعد ذلك تبحث عن فيتو فوجودته في الحديقة ينظر الى تشييد مشروع باحة خشبية للرقص تحت مظلة كبيرة مخططة.
-
فيتو.
ولمست ذراعه تسترعي انتباهه وعلى الفور عادت فسحبت اصابعها وكأنها لمست صخراً صلداً.
-
أتظن ان لويس سيمانع ان استعملت طوافته ؟
ارتد اليها بخفة كبيرة بالنسبة الى رجل بحجمه ما اجفلها , وسألها بحدة" لماذا ؟ لماذا تريدين الطائرة ؟ ماذا حدث؟"
-
لا شيء .
كانت تطمئنه, ولكن عينيه اخذتا تدوران في كل الاتجاهات , وبدا وكأن قامته طالت عدة إنشات , فقالت " انا بحاجة الى الطائرة لمهمة قصيرة , مهمة خاصة "

ثم تابعت الشرح.
كانت على وشك الانتهاء من طعام الفطور صبيحة الاحتفال , عندما وصل ابوها في طوافة لويس, وفي اللحظة التي رأته فيها ينزل , نهضت واخذت تركض الى الخارج في الشمس به في منتصف الفناء.
-
آه , يا أبي.
شهقت وهي تلقي بنفسها في احضانه , كيف تتركني بذلك الشكل؟
-
لا تبكي يا كاورلين , أنا بخير .
قال ذلك بضيق عندما اخذت تنظر اليه لتطمئن الى صحته , فقالت وهي ترى ما طرأ عليه من التغيير وإن لم يلاحظه هو " لا يبدو عليك ذلك"
تأوهت بحزن وهي تراه يبدو أكبر سناً وأكثر هزالاً , فقال وكأنه يريد تغيير الموضوع.
-
ياله من مكان , لم أر مثله قط! الطيران فوق قمة ذلك الجبل خطف انفاسي , هل كنت تعلمين منذ سبعة اعوام ان لويس الوريث لكل هذا ؟
-
لا.
حاولت ان تنظر في عينيه , لكنه لم يسمح لها بذلك . كما كانت يداه تبعدانها عنه , وكانت تتابع قائلا" ولو عرفت ذلك لما غير هذا شعوري نحوه , هل لك ان تنظر اليّ, ارجوك؟"
نظر اليها فرأت في عينيه شعور الذنب و الخزي والتعاسة , فاغرورقت عيناها بالدموع , وقالت بصوت مختنق " احبك كثيراً يا أبي, وكنت قلقة عليك كثيراً"
لم يعد يحتمل , إذ تأوه ثم طوقها بين ذراعيه وهو يسألها بخشونة " وهو ؟ هل تحبينه؟"
اجابت " احبه كما أحب نفسي , والحقيقة انني احببته دوماً , وكنت تعلم هذا"
-
نعم , دوماً, لكنني ما زلت آسفاً لأنني اوقعتك في هذه الورطة المخيفة .

وحين نظر اليها غير مصدق , قالت " هذه ليست بورطة يا أبي , فلويس هو من أريد , وطالما أردته"
قال عابساً " ولكن ليس ان نقدمك اليه على طبق كأضحية لعينة "
-
لست أضحية , أم لعلك تعني ضمناً ان لويس لا يبادلني أي شعور ؟ اذا كنت تظن ذلك فعد من حيث اتيت.
قالت ذلك بغضب شديد , فعاد يتأوه " قولي لا يتضمن شيئاً يا إلهي ! لقد جاهد الرجل مرتين جهاداً كبير في سبيل الوصول اليك..."
شعرت كارولين بالبرودة تسري في جسمها :
-
مرتين ؟ ماذا تعني بقولك , مرتين ؟
وحول عينيه عنها " لا شيء .. حسناً , هل لك ان تنظري هناك ؟"
ثم هتف بدهشة محولاً انتباهها الى بقعة كان ينظر اليها قرب مدخل القصر .
-
ما الذي يفعله هنا ؟ لم يخبرني قط انه يعرف لويس.
لم يخبرني قط..
كررت كارولين لنفسها هذه الكلمات وهي تلتفت الى فيليب , الآن بدأت اشياء كثيرة تتضح لها , كان أبوها هو الجاسوس على لويس, وإنما دون علم منه.
اواه , يا أبي ! اخذت تفكر متأوهة , وعندما تحول ليذهب الى فيليب منعته " حذار منه يا بابا"
ومجرد استعمالها الهادئ لاسمه كما اعتادت في طفولتها , كان كافياً لينبه السير إدوارد" راقب كل كلمة تقولها له , واحترس جيداً"
قطب جبينه " لماذا ؟ ومن يكون ؟"
-
انه أخ لويس غير الشقيق , الرجل الذي يعتقد انه كان يجب ان يرث هو كل هذا ...
تبلجت له الحقيقة بالسرعة التي تبلجت بها لابنته , واطلق شتيمة خافتة .
عند ذلك ارتفعت الطوافة فجعل صوت المحرك الذي ملأ الجو كلماته غير مسموعة . ويبدو ان أباها اختار الوقت الذي اتخذته الطوافة لكي تكتسح الوادي , لكي يصل الى قرار , فقال بهدو ء" فلنذهب الى مكان يمكننا التحدث فيه على انفراد , لدي ما أريد ان اقوله لك"
***
ارادت كارولين ان ترى لويس . كانت بحاجة ماسة الى ذلك, لكن إجراءات الاحتفال كانت تسير بسرعة فائقة , وكانت تفترض ان لويس بانتظارها الآن في الكنيسة الصغيرة في وسط القرية حيث اجتمعت اسرة فازكيز بأكملها لمشاهدة هذا الحدث.
-
تبدين رائعة الجمال سنيورا .
حول صوت ابريل الرقيق عيني كارولين القلقتين الى المرآة التي كانت واقفة امامها .
كان الثوب العاجي اللون الذي يصل الى كاحليها , مصنوعاً من الكريب . كان يضيق على اضلاعها وينفتح على صدرها وقليل من كتفيها تحت كميها القصيرين وكان نقابها الطويل مجموعاً على رأسها بتاج صغير من الماس. كل شيء فيها كان يوحي بالبساطة .. ملابسها واسلوبها في التصرف.
و لويس .. حدثت عينيها البفسجيتين من خلال المرآة . انت على وشك ان تتزوجي دينياً بلويس , وهو زواج لا تنفصم عراه.
ولكن لماذا وافق هو على الزواج الكنسي وهو يعلم مدى سوء ظنها به منذ سبع سنوات , فهذا الزواج لا يحل بالطلاق.
لم يقل لويس قط إنه يريد الزواج بها , بل قال إنه بحاجة الى الزواج بامرأة .. هذا ما راحت تذكر عينيها البنفسجيتين القلقتين هاتين به , وكل ما كنت تفعلينه في الايام الاخيرة هو الادعاء بأنه تزوجك عن حب , ولكنك تعلمين انه قد يبتعد عنك ما إن يحقق الشروط القانونية لوصية أبيه .

فهل يكتمل انتقامه ! بأن يهجرك كما هجرته انت منذ سبعة اعوام . اوشكت على التقيؤ .. ارادت ان تهرع الى الحمام لكي تفرغ مافي جوفها . كانت تعرف لويس , وتعرف مايمكن ان يقوم به , وتذكرت فجأة صورة العقرب في مكتبه , تصورته امامها الآن , يزحف على المرآة وكأنه مستعد للسعها.
-
سنيورا .
ودا الاهتمام في صوت رقيقة ساعدها , الأصابع صغيرة سمراء على بشرتها هي الناصعة البياض , وتمتمت الخادمة الصغيرة بقلق " انت ترتجفين , هل انت خائفة يا سنيوريتا؟ ارجوك , لا تخافي الدون انجلس الذي كان رجلاً طيباً هو ايضاً .. رجلاً قوياً"
فجاهدت كارولين لكي تهمس " انا بخير .. فقط .."
وعادت ترتجف وكأن حشرة سامة تزحف على جلدها . حاولت ان تستجمع شتات نفسها , نظرت الى وصيفتها الصغيرة , التي كانت تقف الى جانبها في ثوب عذاري ابيض بسيط . كانت تبدو فاتنة بشعرها الأسود وبشرتها السمراء الرائعة وعينيها السوداوين الشبيهتين بعيني غزال . وعادت تطمئنها " انا بخير"
واستطاعت ان تبتسم .
ناولت أبريل العروس باقة الزهور البيضاء التي اقتطفتها منذ ساعة فقط من الحديقة ونسقتها بنفسها .
كان ابوها يذرع الردهة الفسيحة بقلق , وعندما رآها , وقف جامداً واخذ ينظر اليها تنزل السلم نحوه , ثم تمتم يقول " يا لله , يا كارولين"

وكان هذا كل شيء لأن البقية كانت مكتوبة في عينيه.
دهشت عندما وجدت انه ليس فيتو من سيقود السيارة الى الكنيسة . اجفلت , فنادراً ما كان فيتو يفارقها , ولكن هذه المرة كان سائق سيارة لويس السوداء رجلاً غريباً, ولم تكتشف السبب الذي جعل فيتو يتخلى عنها إلا بعد ان ان دخلت الكنيسة مع والدها.
ذلك ان فيتو كان يقف الى جانب لويس فاغرورقت عيناها بالدموع عندما رأته واقفاً ببذلته الرسمية السوداء منخفض الرأس ينتظر وقد بدا عليه التوتر, فكادت تشهق من فرط السعادة , فهذا التوتر يعني ان هذه اللحظة مهمة له كما هي مهمة لها .
سرت حركة بين الجالسين وهم يتحولون للنظر اليها , وهذه الحركة جعلته يرفع رأسه , التفت ينظر اليها .. وكان هذا آخر شيء تذكرته من معظم الطقس الكنسي الطويل , لأنه مامن رجل ينظر الى امرأة بهذا الشكل إلا اذا كان يريدها حقاً طوال العمر .. حتى إن يده وهو يتسلمها من أبيها كانت ترتجف قليلاً.
تبادلا عهود الزواج في جو ساكن حبس الحاضرون انفاسهم , ولكن عندما ألبسها لويس خاتماً في إصبعها , طرفت بعينيها وهي ترى خاتماً بسيطاً , ولكن رائعاً , من الماس بجانب المحبس الذهبي الدقيق الصنع , الذي وضعه في يدها يوم تزوجا مدنياً.
رفعت بصرها الى عينيه السوداوين اللتين تدفقت منهما المشاعر , فلما رأى الدموع في عينيها انحنى هامساً بخشونة " إياك ..."
وأي اعتراض منها سيكون فيه دمار كل شيء ! ثم تكلم الكاهن " اذا وضعت الخاتم في إصبع الدون لويس يمكننا ان نتابع .."
في الخارج , في اشعة الشمس احتشد القرويون ليصفقوا ويهللوا لهما وهما يخرجان من الكنيسة وتعلقت هي بذراعه وكأن ما يجمعهما هو اكثر من الزواج .

كانت باسمة متوردة الوجه خجلاً, ورأت فيتو واقفاً كالجبل بجانب أبريل الضئيلة الجسم, وكان اباها رزيناً متوتراً , ولم تنس حتى الخالة كونسويلا التي وقفت هادئة منتصبة الجسم , تتابع كل هذا أشبه بشهيدة تنظر الى مصيرها المحتوم.
لكن لم يظهر لفيليب أثر , ولا هو جاء ليجلس معهم الى المائدة التي مدت بغطائها الأبيض وبأنواع من الأطباق الصينية الطراز و الفضيات التي بدت وكأنها من المتحف.
لم تستطع ان تسحب يدها من يد لويس منذ قبض عليها بقوة كما هو مفروض في البداية , حتى الآن , وبعد ان جلسا الى المائدة , اخذ كل منهما يأكل بيد واحدة , بينما اصابعهما المشتبكة مسندة الى المائدة بينهما .
قالت له بعد ان ان وقع نظرها على الخاتم الماسي" شكراً لهذا, إنه جميل "
-
سرني انه اعجبك.
-
حسناً , شكراً , لقد اكمل هذا الخاتم كل شيء.
-
لا.
رفعت بصرها فرأت في عينيه نظرة ادرات رأسها " انت التي تكملين كل شيء " ثم عانقها برقة .
اخذ المجتمعون يصفقون , قاطعين بذلك عناقاً في منتهى الكمال.
في الوقت الذي تركا فيه المائدة , كانت الشمس قد غربت والحديقة تألقت بالأضواء , اخذها لويس بين ذراعيه ودار بها في باحة الرقص, يرقصان على موسيقى الفالس , إنها المرة الأولى التي يرقصان فيها منذ سبع سنوات , وهذا جعل شرارة كهربائية تسري بينهما .
إحتك فمه بخدها , متمتماً بصوت اجش" لهف قلبي شوقاً اليك وانت تتقدمين نحوي في الكنيسة "
وعندما مالت برأسها الى الخلف لتنظر اليه , كانت النجوم في عينيها , لكن لونها شحب قليلاً عندما تذكرت ماكانت تشعر بها سابقاً, والأهم من ذلك , لماذا كانت تشعر به.
وقالت بصوت أبح " كنت اتحدث الى ابي , وقد اخبرني بماحدث حقاً منذ سبعة اعوام , أنا ..."
واذا بلويس يتحول فجأة الى رجل مختلف تماماً , وعندما رأت ذلك, سكتت , واخذت ترقب نظراته التي تصلبت وتحولت عنها الى الحديقة.
-
لويس.
فقاطعها " لا, لقد غضبت منه لأنه اخلف وعده لي واخبرك بكل ذلك. وغضبت منك لأنك من بين كل الليالي اخترت هذه الليلة لتتحدثي عن ذلك "
ولكن كان لابد لها من ان تكمل " لكنك لم تأخذ منه قرشاً واحداً, فأنت كنت تلاعبه لتمنعه من المقامرة مع الآخرين , ومافعلت ذلك إلا لأنك تعلم مقدار قلقي عليه , فكان ان اخذت على عاتقك ان تحميه من الخطر ! انا مدينة لك بالكثير لهذا , يا لويس!"
كان وجهه شاحباً, وشفتاه متوترتين واسنانه تصّر خلفهما وقال بخشونة " لست مدينة لي بشيء "
-
بل مدينة لك بالاعتذار .
قالت ذلك واخذت ترتجف بين ذراعيه وقد تفجر كل شعور بالذنب في داخلها .
-
كنت احبك , ولهذا كان ينبغي لي ان أعلم انك لا يمكن ان تقوم بعمل غبي كأن تفلس أبيّ لكنني صدقته بدلاً من ان اصدقك , وعندما علمت المدى الذي وصل اليه كذبة ! لم اعد ألومك .
-
دعي عنك ذلك يا كارولين قبل ان اغضب .
لكنه كان غاضباً فعلاً.

- لقد تركته يربح الألوف منك, ألوف الجنيهات التي اخبرني حينذاك بأنك كسبتها منه ! ولا عجب في انه كان متلهفاً الى اللعب معك في الأسبوع الماضي, كان يعتقد حقاً انه سيعود الى الربح منك بسهولة .
قالت ذلك بمرارة بالغة , فاجفل وكأنها صفعته بقوة , فتأوهت " لم أكن اريدك ان تغضب"
ورفعت يدها تمر بها على وجنته معتذارة " لويس..."
قال " لا , لن نتحدث عن هذا, لا الآن ولا في اي وقت آخر , هل تفهمين ؟"
وامسك يدها وابعدها عن وجهه, وتراجع الى الخلف , و ارتد مبتعداً.
من حسن الحظ ان الموسيقى توقفت في تلك اللحظة , إنها موهبة لويس في التوقيت .
حل زوج عمته مكانه . وبعد ذلك لم تره كارولين وهي تنتقل في باحة الرقص, بين أذرع اقربائه , من واحد لآخر , وعندما استطاعت اخيراً ان تهرب من الرقص لكي تبحث عنه , كان المكان خلف الأضواء الخفية مظلماً, والقصر يسبح في بحيرة من الأضواء.

لم تجده بين الناس في الحديقة , ولهذا ذهبت لتبحث عنه في الداخل , وكانت تجتاز الردهة عندما تقدم نادل منها .
-
المعذرة يا كونتسية , لكن الكونت ارسلني بخبر لك .
آه , وشعرت بالراحة وسألته بلهفة " اين هو ؟"
-
طلب ان تلاقيه في السيارة , بعد الجدار الفاصل مباشرة , من فضلك .
في السيارة ؟ ماذا سنفعل الآن ؟ اخذت تتساءل وهي تخرج من المنزل وتتوجه الى طريق السيارات حيث كل السيارات متوقفة خارج الجدار المحيط بالقصر , هل سيخطفها مرة اخرى الى مكان آخر؟
حسناً , ربما لدى لويس مفاجأة . اخذت تفكر في ذلك بابتسامة بددت القلق من نفسها .
كانت السيارة مجرد سيارة سوداء ضخمة بين كثيرات , لكنها سرعان ما وجدتها لأن محركها كان دائراً, ولمحت خيال لويس خلف عجلة القيادة قبل ان تفتح باب المقعد بجانبه وتصعد الى الداخل .
-
هذا سريّ لدرجة مثيرة , لويس.
قالت هذا مازحة وهي تلملم اطراف ثوبها ونقابها الى الداخل قبل ان تغلق الباب.
-
لكن هذا لم يعد ضرورياً حقاً.
وانغلق الباب, وانطلقت بهما السيارة , وقالت وهي تلتفت نحوه تلوح له بيدها " اتعرف ..."
همدت الكلمات اولاً ثم قلبها الذي ما لبث ان عاد يخفق بعنف شعرت معه بالغثيان , وعندما اندفعت نحو مقبض الباب , انقفل هذا آلياً وفي هذا الوقت التفت فيليب اليها قائلاً بابتسامة عريضة كسول ولهجة مطاطة " هذا حق السيد .. إنها تقاليد .."



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-04-19, 12:00 AM   #13

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


11- رحيل الماضي

اول مافكرت فيه كارولين هو ان تنظر حولها لترى إن كان رآهما احد وهما ينطلقان بسرعة , ولكن لم يكن هناك غيرهما في هذه الناحية من الجدار.
-
هذا غباء يا فيليب, لا ادري ما الذي سنستفيده من هذا.
قالت هذا محاولة السيطرة على خوفها , فأجاب " الرضاء"
ثم انعطف الى اليمين, وبدلاً من سلوك الطريق الذي يتخلل القرية , اخذ يسير بسرعة بين صفوف الاشجار المثمرة الضيقة , كان عملاً يقف له شعر الرأس.. تمسكت كارولين بمقبض الباب, وكان جسدها يجفل كلما احتكت غصون شجرة بالسيارة .
منعطف آخر, ثم اخذا يسيران بمحاذاة جانب الوادي على طريق لم تعرفه من قبل, وخلال واي دارا حول القرية واتجها الى الجبل, وبقلب يخفق بعنف , ويدين ترتجفان, تناولت حزام المقعد ووضعته حولها.
هز فيليب كتفيه فقط وهو يستدير بالسيارة حول احدى المحنيات الحادة في الطريق الضيق , وبعد لحظات كان الوادي بأجمعه مكشوفاً امامهما.
رأت القصر يسبح في الضوء ورأت الناس حتى وهم يرقصون او يقفون جماعات في انحاء المكان , يتحدثون. اخذ قلبها وهي تحاول ان ترى شكل لويس المميز ولكن فيليب استدار بالسيارة بحدة في اتجاه آخر.
بعد منعطف آخر اصبح القصر على بعد ساحق, واذهلها ان ترى العلو الشاهق الذي بلغاه . منحنيان آخران حادان ويصلان الى المكان الذي يصبح فيه الطريق ممراً خطراً بين الجبال.

إنها لا تريد الذهاب الى هناك مع فيليب , لا تريد ان يقود هذا الرجل المجنون السيارة بمثل هذه السرعة الجنونية على ذلك الجزء الفظيع من الطريق الذي كانت حافته عبارة عن انحدار رأسي , نحو واد ضيق, يبلغ عمقه مئات الأمتار.
صرخت به وهي ترتجف" اوقف السيارة يا فيليب, المزحة هي مزحة , واذا كان هذا يعجبك , فأنا .. خائفة , لكنني اريد منك ان تقف لأنزل"
قال ساخراً :" وتعودين سيراً على الأقدام؟ في هذا الثوب وهذا الحذاء العالي الكعب؟"
-
نعم, اذا اضطررت لذلك.
لم تكن تهتم مادام سيسمح لها بالذهاب من هنا.
دار فجأة حول منحنى حاد آخر , فتصاعد صرير العجلات ثم دارت بسرعة تشبثت كارولين بمقعدها رعباً , وكادت تصرخ عندما لم تعد ترى امامها سوى شيء أشبه بجدار حالك السواد.
قفز قلبها رعباً , وظلت على هذا الحال حتى ادركت انهما لن يسقطا عن الجبل , وإنما كانا , في الواقع متوجهين نحوه مباشرة .
-
لابد انهم افتقدوني الآن.
وجربت بقنوط طريقة اخرى " سيفتقد لويس سيارته, ولابد انه قادم خلفنا, اتظنه لم يلاحظ انوار السيارة ونحن نصعد ؟ انزلني هنا, فيليب وستكون لديك فرصة للهرب! امض في طريقك حتى يدركنا ويقتلك اقسم بذلك!"
قال ضاحكاً" بدأت تخافين, أليس كذلك ؟"
ثم استدار بالسيارة حول منعطف آخر في الطريق.
كان يقود السيارة بعدم اكتراث جعلها تقع على كتفه, وفي الوقت الذي اخذت فيه تستقيم في مقعدها, كانت تنظر الى النجوم وهي تتألق بين جدارين اسودين مشرقين, وادركت بذعر انهما وصلا الآن الى ممر جبلي ضيق, وصرخت بصوت حاد " فيليب! توقف عن هذا , توقف!"

لكنه لم يكن ليتوقف عن شيء, لا عن السيارة , ولا عن غبائه الذي جعله يتصرف بهذا الشكل, وتمتم معنفاً" قد يكون انتقاماً ممتعاً ان ارى وجه لويس عندما يراك هناك في قعر الوادي بين حطام سيارته"
وضحك , فشحب وجه كارولين.
-
لكنني لست جائعاً الى هذا الحد, خطتي الأساسية تناسب فكرتي عن الانتقام بشكل افضل.
-
لا ادري.. ما الذي تتحدث عنه .
قالت ذلك متلعثمة , من بين اسنان متوترة بدأت الآن تصطك, وقال يناقشها " بل تقدرين, انت من سلالة تعرف كل شيء عن تقاليد العائلات القديمة , فإذا فكرت بي فقط بصفتي المالك الشرعي لكل ماخلفناه وراءنا من املاك, فأن تجد المرأة نفسها مع سيد القصر لأمر يمنحهما بهجة اكبر مما لو كانت مع الفلاح الذي تزوجته"
-
لويس ليس الفلاح هنا, واذا ظننت انني سأسمح لرجل آخر غير لويس بأن يلمسني , فأنت مخطئ أيّ خطأ.
قال ببطء وهو ينظر اليها متفحصاً" إذن فأنت تتظاهرين بحب ابن الحرام ذاك , لماذا؟ هل تفضلين ان تدعيه يلمسك بينما بإمكانك ان تغمضي عينيك وتري الكونت بدلاً من مجرم نيويورك ؟"
-
لا حاجة بي الى التظاهر , فأنا احب لويس , ثم , هل لك ان تركز عينيك على الطريق؟
واختنق صوتها عندما دار حول منعطف حاد من دون اهتمام يذكر.
-
كفى قلقاً , فأنا اقود سيارتي في هذا الطريق منذ كنت مراهقاً, و أنا اعرف كل التواء واخدود فيه من هنا الى قرطبة .
لم يكن امامها إلا ان تدعو الله ان يكون هذا صحيحاً! كانت احدى يديها متشبثة بمقبض الباب, والأخرى بحزام مقعدها.
نظر فيليب الى جلستها المتوترة , ثم دار بالسيارة بعنف وتهور شديدين حول منعطف آخر.
اغمضت كارولين عينيها غير قادرة على النظر اكثر من ذلك .
وعاد بهدوء الى الموضوع الآخر " انت تزوجته لأنه عرض عليك ان يدفع ديون أبيك, اذا تزوجته , ولا علاقة لهذا بالحب"
قالت وهي تصرّ على اسنانها " لقد تزوجت لويس لأنني لا احتمل العيش من دونه"
قال بمرارة لاذعة " كاذبة , لقد اشتراك, اشتراك بنقود , اشتراك باسمه , اشتراك لأنه الابن غير الشرعي لدون كارلوس فازكيز , وانت مستعدة للنوم في سريره , وامه الفاسقة وطريقته المشبوهة في كسب الملايين , لأن من الأفضل ان تغمضي عينيك وتتظاهري بأنه الدون فازكيز الكونت بدلاً من المحتال الذي سرق من أسرته !"
-
لويس لم يسرق منك.
-
لقد سرق مني لقبي, سرق اموالي وبيتي! سرق ما منحى الله إياه من حقوق مولدي .
وضرب عجلة القيادة بيده غاضباً فذعرت واخذت تدعو الله ان يسلمها عند المنعطف التالي.
-
سأسرق منه شيئاً قبل ان ارحل عن هذا المكان الى الأبد, سأسرق منه ليلة عرسه , وانتقامي منه هو معرفتي بأنه سيعلم كلما لمسك انني انا اخذت عروسه الجميلة اولاً.

قالت ضاحكة " انسيت انني ولويس تزوجنا مدنياً منذ ايام, لا يمكنك ان تسرق ما سبق ان اخذه"
اصر قائلاً بعبوس" ليلة عرسه"
يا للجنون ! وياله من مجنون! قالت تجادله بصوت مرتفع " انت الذي سرقت منه يا فيليب, وليس العكس! لست أخاه غير الشقيق ! ان امك مخادعة كاذبة . لقد احتالت حتى اخرجت اختها من حياة الدون كارلوس لكي تأخذ مكانها ! اختلقت وضعاً واستعملته بقسوة لأجل اهدافها . حرفت كل الحقائق حتى تصور للدون ان والدة لويس كانت تنام مع عشيق امك المتزوج! وبعد ذلك احتلت امك ببراعة المكان الذي شغر برحيل اختها, وذلك بعد ان سعت الى إرسال اختها سيرين الى اميركا وهي حامل بلويس"
صرخ بها " هذا كذب!"
وانحرفت السيارة بعدم ثبات فهبط قلب كارولين, وتشبثت بما حولها خوفاً. حدثت نفسها بفزع بألا تجادله , بأن تتجاهله حتى ينزل بها من هذا الجبل سالمة. لكنها لم تستطع ان تكبح الكلمات التي تفجرت الآن بعد اخفتها منذ قرأت الحقيقة الهائلة عن أسرة فازكيز.

-
بعد اشهر تزوجت امك من الدون كارلوس وهي حامل من عشيقها بطفلها الذي هو انت , فيليب.
قالت ذلك بإصرار مستشهدة حرفياً تقريباً بكلمات والد لويس التعيس.
-
اما والدك الحقيقي فهو أعز صديق للدون كارلوس , صديقه المتزوج! وفي اللحظة التي فتحت عينيك فيها في الصباح الذي ولدت فيه رأى ابوك اعز اصدقائه يبادله النظرات من خلال عينيك, عند ذلك علم ان امك خدعته واستغلته لكي تضمن مستقبلها على حساب شقيقتها! ومنذ ذلك اليوم نفسه اصبح لويس وريث والده ولم يقل لك احد قط شيئاً غير هذا.
-
من اين عرفت كل هذا بحق الجحيم؟
صرخ بذلك بصوت مزعج وقد بدا عليك للمرة الأولى , وكأنه يختنق بكذبه.
اجابت" من الدون كارلوس نفسه , فقد ترك يوميات مفصلة عن حياته , بما في ذلك السنوات التي امضاها في البحث عن سيرين وابنه الحقيقي , كما ذكر انه لم يخف هذا السرّ عنك"
قال فيليب صارفاً بأسنانه " لقد كرهت ذلك السافل , فقد بقي اربعة وثلاثين عاماً يبحث عن ابن لم يره قط, بينما كنت أنا معه , انتظر الحب منه , ليته استطاع ان يرى ذلك !"
قالت مقرة معه "كان مخطئاً بمعاملته إياك بذلك الشكل , لكن خطأين لا يؤلفان الصواب , يا فيليب ! وما تفعله انت هنا هو خطأ ألا ترى ذلك؟"
رجت الله ان تؤثر فيه , وان تجعله يتعقل , فقد يقتنع ويعيدها الى القصر. لكنه اطلق فجأة شتيمة بدا معها وكأن غولاً استولى على روحه هذه اللحظة, واندفع فجأة مترنحاً, يدور حول منعطف آخر, مرسلاً النور الأمامي للسيارة كاشفاً عن ذراع رهيب كبح صرخة صامتة في حلق كارولين.
هبطت عجلة السيارة في اخدود في الطريق فانطلقت صرخة كارولين , اما فيليب فأخذ يجاهد لإخراج العجلة , راح يسب ويشتم, وهي تصرخ, بينما السيارة تندفع بعنف هنا وهناك.
سيموتان , كانت واثقة من ذلك! سيسقطان من حافة المنحدر الصخري ولن يعثر عليهما احد! دفعها الرعب البالغ الى التمسك بيد الكابح تجذبها بعنف .



فمالت السيارة ثم اخذت تنزلق جانبياً, بينما جلست هي تنظر وقد اتسعت عيناها رعباً وهما ينزلقان مقتربين شيئاً فشيئاً من حافة الوادي.
ثم اصطدما بشيء صلب, هل هي صخرة على الحافة؟ لم تعرف, لكنهما عادا الى الخلف, وفي الوقت الذي ظنت فيه ان السيارة ستتوقف بأمان, اصطدمت السيارة بشيء آخر , فتصاعد منها صرير هائل, ثم انقلبت على جانبها بهدوء.
جلست كارولين دقائق وقد ادارت الصدمة رأسها , وتبلدت احاسيسها فلم تعد تتذكر اين هي, واحست بألم في رأسها واذا بكل ما حدث يتدفق عائداً الى ذهنها وهي ترفع اصابعها تلمس برفق مكان الألم في صدغها , مدركة ان رأسها اصطدم بشيء ما.
التفتت لتنظر الى فيليب مذعورة , فرأته منحنياً على المقود غائباً عن الوعي.
مدت يدها تلمس عنقه بحذر وخوف بالغين وشعرت بدفء الحياة و بنبضه , همست مرتجفة" آه , الحمد لله"
اغمضت عينيها وهي تكرر " الحمد لله "
اين نحن الآن؟ ماذا افعل؟ واين نحن في الوادي؟
عند ذلك تذكرت ان مصباحي السيارة الأماميين ما زالا مشتعلين . تقدمت الى الامام بحذر شديد واخذت تنظر الى الخارج السيارة الأمامي , كانت معجزة انه لم يتحطم , فتمكنت من رؤية طريق سوي, وكانت حافة الوادي بعيدة الى يمينها.
لابد ان السيارة انقلبت في الأخدود قرب الجبل , عمت الراحة قلبها حين علمت بذلك وهذا ما جعلها تسترخي في مقعدها متنهدة تنتظر حتى تهدئ خفقات قلبها قبل ان تحاول الخروج.
تذكرت ان فيليب اقفل الابواب اوتوماتيكيا, ولكن لابد ان هناك شيئاً ما , في مكان ما, يمكنها ان تجذبه او تضغطه لتجعلها تنفتح, وباصابع مرتجفة زاحفة على المعدن والجلد الحالك السواد, استطاعت ان تجد شيئاً على الباب شعرت ان بإمكانها جذبه , فجذبته بقوة وسمعت الباب يفتح.
بعد ذلك فكت حزام الأمان, ومن ثم جاءت المرحلة الصعبة , وهي فتح الباب وتركه مفتوحاً, اثناء خروجها, تعلق ثوبها بشيء ما وسمعت صوت تمزقه, واثناء كفاحها فقدت حذاءها لكنها اخيراً حطت كومة واحدة على الطريق الصلبة وهي تستجمع انفاسها.
كان كل شيء هادئاً موحشاً جداً. فارتجفت , ثم فجأة لم تستطع التوقف الارتجاف, ولم يكن سبب ارتجافها هذا عائد الى البرد في هذه الأعالي.
"
إنها الصدمة , لابد انني مصابة بصدمة , ومن لا يصاب بذلك بعد محنة كهذه؟"
ابتسمت للفكرة الأخيرة , واشعرتها الابتسامة بالتحسن, وزحفت واقفة على قدميها الحافيتين, ثم اخذت تدرس الوضع بعناية.
من الواضح ان فيليب في حاجة الى عناية , وكان هذا اول اهتماماتها , لكن المساعدة بعيدة جداً جداً.
ليس هناك خيار, ومن الأفضل ان تنتظر , فلاشك ان احداً افتقد غيابها ! لويس على الأخص.
وفي هذه اللحظة سمعته, لم يكن الآن اكثر من هدير بعيد جداً, لكنه كان هدير سيارة يخف ويعلو وكأنه يدور حول جبل.
جلست على الأرض مسندة الى السيارة المنقلبة و الراحة تزحف الى قلبها وفي هذه اللحظة وضعت رأسها الذي عاد يؤلمها , بين ركبتيها اللتين احاطتهما بذراعيها المرتجفتين .
انه لويس جاء يبحث عنها, ولم تسمح لنفسها بالتفكير في انه قد يكون شخصاً آخر, وفي الواقع كانت خطة فيليب في اختطافها غبية , فهل ظن ان باستطاعته الهرب بالسيارة من دون ان يتعقبه لويس, هل اعتقد حقا انه سيصل الى حد إغوائها ؟ يا للمعتوه الأحمق! ولأنها تعرف لويس, تعرف ان الطريق المؤدي الى لويس اميتوس قد بات مقطوعاً.

كانت السيارة تقترب , وكانت تسمع الطريقة الانسيايبية البارعة في قيادة السيارة التي كانت تلتف حول المنعطفات والزوايا و استطاعت حتى سماع تغيير محرك السرعة والكابح و الزيادة الثابتة في السرعة.
ثم برز فجأة من خلف المعطف الأخير من دون إنذار, واستغربت ذلك وهي ترفع رأسها تنظر اليه وهو يوقف سيارة غريبة على بعد عشر اقدام تقريباً.
لم يخرج من السيارة على الفور , بل جلس مسلطاً الضوء الأمامي عليها , ثم كما فترضت, اخذ ينظر اليها وهي تنظر اليه.
ثم انفتح بابه, احتكت قدماه بالحصى, واخيرا بدا جسمه بكامله , لم تستطع ان ترى وجهه , حسناً كان يمكنها ذلك لو نظرت اليه , لكنها لسبب ما لا يمكن تعليله, لم تشأ ذلك.
سار نحوها, ثم توقف على بعد قدمين ثم القى نظرة حولهما, كان المكان ساكناً هنا بحيث يمكن سماع حفيف ورقة شجر تحملها نملة , السماء كحلية اللون ترصعها النجوم , والجبال الشاهقة أشبه بعمالقة تقف بالمرصاد.
-
اين هو؟
وكان هذا اول سؤال يوجهه اليها , وجهه برقة وصوت متزن, فاجابت " في السيارة غائباً عن الوعي"
اومأ لويس برأسه , وكان هذا كل شيء, اذ لم يوجه اليها مزيداً من الاسئلة , بل لم يلق نظرة على فيليب, اشار بإصبعه فانفتحت ابواب السيارة الاخرى التي كان يقودها , وخرج منها ثلاثة رجال , احدهم فيتو , وتقدموا نحوهم , فقال " تصرفوا معه"

شعرت كارولين بدمها يتجمد " لا, يا لويس, إنه مصاب وهو بحاجة الى مساعدة أنا..."
انحنى يحملها بين ذراعيه , ثم سار نحوالسيارة التي وصل فيها , وكانت هي تتخيل مظهرها المضحك في ثوبها الابيض هذا الذي اصبح ممزقاً ملوثاً, ونقابها الطويل تجره على الأرض الترابية خلفهما.
وعندما وصلا الى باب السيارة , عند ذلك فقط جرؤت على النظر الى وجه لويس , وما رأته فيه جعل الدموع تنهمر من عينيها لأول مرة منذ بدأت محنتها هذه, وهمست وهي ترتجف" إياك .. إياك ان تصدني عنك"
لم يجب , وضعها فقط في السيارة ثم استدار ليجلس بجانبها. تحركت السيارة ثم انطلقت بهما, متابعين النزول عن الجبل, ذلك انها رأت بنفسها ان الطريق, من الضيق هنا, بحيث لن يمكنه الاستدارة بالسيارة .
عندما مرا بالسيارة المنقلبة رأت فيتو يخرج فيليب من السيارة , لكنه كان رفيقاً به وهو يمدده على الطريق لكي يفحصه, وقد طمأنها قليلاً ان ترى هذا الرفق.
بعد مسير نصف ميل, اوقف لويس السيارة حيث اصبح الطريق اوسع قليلاً, ثم استدار بالسيارة ليعودا من حيث جاءا, وعندما مرا بجانب السيارة المقلبة مرة اخرى, لاحظت ان سيارة اخرى كانت متوقفة بجانبها وان فيليب كانت واقفاً على قدميه, مستنداً عليها بضعف ووجهه بين يديه, بينما سائر الرجال يكافحون لجرّ السيارة الى مكان آمن, وسألت لويس بلهفة " لن يؤذوه, أليس كذلك؟"
قال " لا"
طمأنها هذا الجواب, فتنهدت , ثم اخذت ترتجف, فسارع لويس الى فتح جهاز التدفئة , لكن الارتجاف استمر.
ادركت انها صدمة وليست برداً, وربما ادرك لويس هذا هو ايضا.

- اخبريني ماذا حدث بعدما ترك ذلك النادل الأحمق فيليب يقنعه بأنه أنا لكي يغريك بالخروج الى سيارتي.
-
سأخبرك عندما تبدأ بالصراخ والشتم , وليس قبل ذلك.
قالت له ذلك بفتور, فقال واصابعه تتوتر حول المقود " لا بأس, دعينا نعالج اولاً مشكلتك مع سيطرتي على نفسي, هل تريدين ان تري الرجل ميتاً؟ أتريدين ان تري رأسه متدلياً من جدار القصر؟ أتريدين ان تريني أقود بك السيارة الى فوق الجبل كما انزلك هو منه؟"
قالت " لا"
وكان في هذا جواباً لكل اسئلته , فكرر قائلاً بهدوء" اخبريني إذن عما حدث بعدما اخذك بسيارتي؟"
اخبرته بكل ماحدث بمافي ذلك السبب الذي جعل السيارة تنقلب.. الشيء الوحيد الذي اغفلته هو الشجار العنيف الذي دار بينها وبين فيليب عن والد لويس.
اثناء ذلك مرا بالقرية, حيث كان الجميع في الخارج, وكان ذلك أشبه بالمرة الأولى التي مرا بها من هنا. إنما حينذاك كان الوقت نهاراً وكان الفضول بادياً على الوجوه, اما الآن فقد بدا القلق و اللهفة و الشحوب على الوجوه, وهكذا لوحت لهم بيدها باسمة, وهي تتمنى ألا يدركوا انها على وشك ان تنفجر بالبكاء.
وكان الأمر نفسه حين وصلا الى القصر , اذ اجتمع الجميع حول النافورة , ينتظرن بلهفة , ولكن لويس اوقف السيارة ثم طلب منها , ان تبقى حيث هي.
خرج متجاهلاً الجميع , ثم دار حول السيارة ليحملها من مقعدها , شهق بعضهم عندما رأوا حالة ثوبها الجميل ووجهها الشاحب.
تقدم ابوها يمسك بيدها , وكان يبدو مخيفاً. قالت تطمئنه باسمة " انا بخير "
قال بصوت أبح " لا يبدو عليك هذا"
كررت قائلة بحزم " بل انا كذلك .. كذلك "
-
ومع ذلك , سآتي معك.
وكان هذ صوت زوج عمة لويس الذي سار الى جانب لويس وهم يدخلون الى الردهة الكبرى و ابوها ما يزال متشبثا بيدها , كونسويلا كانت اول شخص رأته في الداخل. كانت واقفة بجانب مائدة الوليمة ووجهها بالغ الشحوب " انزلني يا لويس"
وقف , لم يستجب على الفور , فقالت بإصرار " انزلني , ارجوك"
وضع قدميها على الأرض الحجرية الباردة دون ان يتفوه بكلمة ولما تركها سارت كارولين الى كونسويلا ثم , ببساطة , وحزن , طوقت المرأة المسنة بذراعيها.
تصلب جسم كونسويلا فظنت كارولين انها ترفض ذلك, ثم ادركت ان الأمر فقط هو ان كونسويلا لم تكن معتادة على ان يطوقها احد بأي شكل. ومع انها تستحق العقاب لمافعلته بأختها , فقد دفعت الثمن , فقد عاشت خمسة وثلاثين عاماً في زواج عقيم قاحل, والعيش في حرمان زوجي لا وجود فيه للحب او العطف , وهمست في أذنها فقط " لا بأس , إنه بخير, ورجال لويس يعتنون به"
-
ما كان له ان يفعل ذلك.
قالت كونسويلا هذا, ولكن بعض التوتر تبدد منها , وقالت كارولين تشرح الأمر برقة " إنه شعر بالمرارة, ولديه الحق في ذلك , يا خالة كونسويلا"
نظرت المرأة الى وجه كارولين متفحصة , ثم تنهدت بلهجة ذات معنى .
-
اعطاك الكاهن اليوميات, إذن !

وعندما أومأت كارولين , أومأت هي ايضا , وكان هذا كل شيء , لقد فهمتا , فإن قرأت كارولين اليوميات , فهذا يعني انها تعلم بأن حياة لويس في احياء نيويورك القذرة الفقيرة لم تكن اسهل من حياة فيليب الذي عاش هنا مع أب يزدريه ومع أم سجنت نفسها في سجن من المشاعر والندم عما فعلت , ثم قالت كونسويلا " سنرحل من هنا الليلة "
جعل قرارها هذا كارولين تنظر اليها بقلق.
-
انت لست مضطرة لذلك , يا كونسويلا, فهذا بيتك , وهو بيت فيليب , ألا يمكننا , على الأقل , ان نعيش هنا معاً؟
-
لا.
وهزت كونسويلا رأسها" في الواقع , سأكون مسرورة برحيلي , لقد حان الوقت لكي نبدأ حياة خاصة بنا"
وافقتها كارولين على ذلك لأسباب كثيرة , ففيليب بحاجة للابتعاد عن هذا المكان, وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يتعلم بها التخلص من شعوره بالمرارة , نبه صوت سيارة اخرى قادمة كارولين الى عودة الآخرين , وكان اهتمامها الفوري هو إبعاد لويس عن الردهة قبل ان يدخل رجاله فيليب اليها.
تركت كونسويلا وعادت الى لويس, كان عابساً كبير الحجم وهذا ما جعل عينيها تغرورقان بالدموع وهي تسير عائدة اليه ثم التفتت الى زوج عمة لويس , قائلة " فيليب بحاجة اليه أكثر مني دكتور"
مضت لحظة بدا فيها وكأنه سيناقشها , لكن نظرة منه الى لويس جعلته يغير رأيه ويومئ بالايجاب , ثم عانقت أباها وقبلته قائلة بهدوء" أراك غداً"
لقد فهم هو ايضاً انها صرفته , ووقف ينظر اليها وهي تضع يدها النحيلة في يد لويس الخشنة , قبل ان يصعدا السلم.
وخلفهما , لم ينطق احد بكلمة .

اخذها لويس مباشرة الى الجناح الخاص بسيد القصر, كانت غرفة ضخمة فسيحة مليئة بالأثاث المزخرف والتحف الأثرية , وما إن نغلق الباب خلفهما حتى شعرت كارولين بردة فعل عكسية, إذ ضعفت ساقاها فجأة فسارت الى اقرب كرسي تهبط عليه وهي ترتجف .
دخل لويس الى الحمام , وبعد عشر دقائق سمعت صوت جريان الماء , وعندما عاد الى الغرفة , رآها جالسة وقد اخفت وجهها بين يديها. توتر فكه, ولكن كان هذا كل مابدا عليه من ردة الفعل وهو يأتي ليقف بجانبها , ثم انحنى برفق ليرفع الإكليل والنقاب عن شعرها قبل ان يعود فيأخذها بين ذراعيه , ثم قال ملطفاً الجو " آه , ما أجملك !"
لكنها لم تتجاوب مع هذا . فحملها الى الحمام متوتر الشفتين عابس الوجه, اوقفها على قدميها ثم ادار ظهرها اليه لكي يستطيع فك الأربطة الحريرية التي تمسك بالقسم الأعلى من ثوب الزفاف.
-
إن لم تبدئي بالحديث معي , فسأغضب.
إنفكت الأربطة وانزلق الثوب فارتفعت يداها تمسكه وتستدير لتواجهه بحدة " لويس!"
التهبت عيناه , فالغضب البالغ الذي طال كبته تفجر الآن من هاتين العينين المتألقتين السوداوين المحرقتين, ثم حملها ليعانقها.
وعانقها عناقاً مدمراً, ورفعت ذراعيها تحيطان بكتفيه العريضتين, لم تعد تهتم الآن بانزلاق ثوبها او بساعديه اللذين يهددان بتحطيم ضلوعها. فالمهم الآن هو شعورها به يرتجف ويحاول استعادة سيطرته على نفسه امام المشاعر التي اخذت تتدفق منه.
قالت " احبك , لشد ما احبك , لكنني أكره تحفظك هذا!"
-
إما ان اسيطر على نفسي و إما ان ادمرك .
وكان معنى هذا , يعني كل كلمة قالها مهما بدت خيالية , اخذ يقبلها, موقفاً كل حديث آخر, فالعمل, في هذه اللحظة , أهم كثيراً بالنسبة اليه من الكلام .

تخللن شعره بأصابعها ونظر اليها متفحصاً من تحت اهدابه السوداء , وكانت تبدو لعوباً مغرية, زوجة على أتم استعداد لكي تقدم الى زوجها الأسباني المحموم العواطف مايريده.
عادا الى غرفة النوم , سائرين على السجادة الهندية التي لا تقدر بثمن والتي تغطي الأرض المكسوة بخشب السنديان , سارا الى السرير الذي بدأ اشبه بجزيرة يمكن العيش عليه بسهولة وقتاً طويلاً طويلاً.
وحتماً, لم تكن كارولين تريد ان تغادره , كانت تريد ان تتكوم تحت ملاءاته الناصعة البياض والمغطاة بغطاء احمر دموي من نسيج البروكار لكي تنعشها العواطف المحمومة من رجل ليس له مثيل.
وفي الخاررج خلف جدارن تبلغ سماكتها اربع اقدام , استمرت الحفلة بدونهما , وفي مكان آخر , في جناح آخر من القصر , كان شخصان يحزمان امتعتهما.
***
تمتمت كارولين بضراعة بعد وقت طويل, وهما مستلقيان بجانب بعضهما بعضاً" لويس .. هل يمكننا ان نتحدث عن فيليب؟"
دمر كلامها جمال هذه اللحظة , فتوتر جسمه وانقبض فكه, وقال بصوت مضغوط غير مشجع " إذا كان ثمة ضرورة لذلك"
لكنها قالت على كل حال " اعرف ان لديك كل الحق في ان تكرهه هو و أمه, واعرف انه تصرف الليلة بشكل مروع , ولكن ..."
ومالت اليه قليلاً تنظر بلهفة الى عينيه الباردتين كالثلج " ليس ذنبه ان امه اختلقت اكاذيب عن أمك او أنها خدعت واحتالت على أبيك ! وليس ذنب فيليب انك عشت طفولة تعيسة , إنه ابن خالتك الذي كانت حياته هو ايضاً تعيسة , كما تعلم! فهو نشأ وظلك يهدده مع أم لا تكاد تستطيع مواجهة نفسها لمافعلته بأختها , ومع أب مزعوم نبذه منذ ولادته وكره أمه لأنها وضعته في مكانك . كل هذا محزن و مأساوي , وانا اعرف ان لدى أبيك الحق في الشعور بالمرارة , وهو يكتب كل هذا , لقد حطم قلبه بتصديقه خالتك بدلاً من أمك , وامضى بقية حياته معاقباً نفسه لذلك , ولكن يجب ألا نجعل فيليب يدفع الثمن ذلك..."
-
ماذا تعنين بقولك ان أبي كتب كل هذا؟
شهقت مذعورة وهي تدرك مافعلت , ثم تنهدت طويلاً, وابتسمت ابتسامة ملتوية قبل ان ترفع عينين كئيبتين الى عينيه المحملقتين فيها " كتبه في يومياته "
ثم اخذت تحدثه, بهدوء ونعومة بكل ماتعرف. وعندما سألها لويس اخيراً عن مكان اليوميات اخبرته , فنهض من سريره وارتدى معطفه المنزلي ثم خرج ليحضرها .
بعد ذلك بوقت طويل , وهو عائد من غرفة كارولين , رأى فيليب و أمه على وشك مغادرة القصر , وقف ينظر اليهما من الممر الأعلى, ورأى ملامحمها الواجمة الكئيبة وشعر بشيء يتمزق في الحجر الذي كان معروفاً بأنه قلبه .
-
فيليب.
ناداه فرفع هذا رأسه ينظر الى أعلى وتابع لويس قائلاً بهدوء " نحن بحاجة للتحدث معاً"
سرعان ما رأى لويس روح المعركة تأخذ مكانها خلف العداء الذي يسود ملامحه الوسيمة , ومالبث فيليب ان تنهد وهو يومئ برأسه , واجاب " في يوم ما "
ربما هو , مثل لويس , شبع من الأكاذيب والغدر و المرارة وكرر مرة اخرى وهو يبتعد " في يوم ما ..."
اخذ لويس ينظر بجد بالغ الى خالته وهي ترفع اليه وجهها الشاحب " انا آسفة "

كان هذا كل ما قالته . ولكن لويس فهم. وعلى كل حال , ماذا يمكنها ان تقول غير ذلك لكي تمحو كل ماحدث؟
وعندما عاد الى غرفته , لم يجد زوجته , القى باليوميات على السرير ثم ذهب يبحث عنها فوجدها غارقة في الرغوة الساخنة المعطرة في الحمام.
فقال بهدوء" رأيت فيليب وخالتي الآن وهما راحلان "
اومأت كارولين " لقد اخبرتني بأنهما سيغادران القصر الليلة"
تنهد " لم أكن اريدهما ان يرحلا , لم أكن افكر قط في طردهما من هنا. الأسرة هي الأسرة "
أومأت قائلة " مهما كانت العيوب , اعرف هذا "
مشيرة بذلك الى عيوب ابيها , ومدت يدها تمسك بيده تقبل اصابعه , ثم سألته " هل قرأت اليوميات ؟"
-
هممم ... نعم . كنت اعرف بعضها , اولاً أمي , وبعد ذلك من أبي , عندما حاولنا اخيرا التواصل .
-
منذ سبعة اعوام.
تنهدت كارولين بكآبة , وهي تفكر في كل تلك السنوات التي ضيعاها .
-
نعم, منذ سبعة اعوام عندما قمت برحلة الى اسبانيا مطالباً, بكل كبرياء بجذوري , ولكني وقتذاك تعرفت الى المرأة التي طالبت بي بدلاً من ذلك .
-
آسفة.
قالت ذلك وهي تفكر بالقسوة التي استغل بها أبوها احدهما ضد الآخر.
-
اخبرت أباك يومذاك بأنني احبك واريد ان اتزوجك , فقال لي بأدب انني لست كفؤاً لابنته, وقد وافقته على ذلك. ومازلت في الحقيقة.
اضاف ذلك عابساً , فأضافت هي باسمة " لكنك كنت ستحصل عليّ بأي شكل , لا فرق يذكر بينكما , انتم الثلاثة , انت و أبي و المسكين فيليب , لدى كل واحد منكم دوافع أنانية يشكل غير معقول"
-
كان فيليب على حق حين قارن حياة أبي بحياة جدي الذي بنى هذا القصر, فهو التاريخ يعيد نفسه.
تمتمت تقول بنعومة " ولكن ليس هذه المرة , لقد حصل الكونت , هذه المرة على امرأته , وهكذا كانت النهاية السعيدة "
امتلأت عينا لويس رضاء " ونهاية سعيدة جداً"
وانحنى يقبلها ...

النهاية


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-04-19, 01:31 AM   #14

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



تسلم الأيادى يا قمر


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-04-19, 04:29 AM   #15

mdona

? العضوٌ??? » 140859
?  التسِجيلٌ » Sep 2010
? مشَارَ?اتْي » 493
?  نُقآطِيْ » mdona is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

mdona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-04-19, 11:34 PM   #16

simo123

? العضوٌ??? » 438959
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 167
?  نُقآطِيْ » simo123 is on a distinguished road
افتراضي

jknn,b;bn,nb

simo123 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-19, 07:18 PM   #17

joysom6

? العضوٌ??? » 325491
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 97
?  نُقآطِيْ » joysom6 is on a distinguished road
افتراضي

Keep up the good work

joysom6 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-04-19, 03:26 AM   #18

ransan808

? العضوٌ??? » 442472
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 148
?  نُقآطِيْ » ransan808 is on a distinguished road
افتراضي

جاري القراءة تسلم ايدك

ransan808 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-04-19, 03:12 PM   #19

عبادة

? العضوٌ??? » 159335
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 407
?  نُقآطِيْ » عبادة is on a distinguished road
افتراضي

كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟

عبادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-04-19, 10:08 PM   #20

سرمديه

? العضوٌ??? » 322569
?  التسِجيلٌ » Jul 2014
? مشَارَ?اتْي » 625
?  نُقآطِيْ » سرمديه is on a distinguished road
افتراضي

Thank you o much

سرمديه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.