آخر 10 مشاركات
رواية : أغلــى زمـآن ' (الكاتـب : غفوة - )           »          130 - لن اطلب الرحمه - ان هامبسون ع ق ( كتابة /كاملة)** (الكاتـب : فرح - )           »          فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          زواج على حافة الانهيار (146) للكاتبة: Emma Darcy (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          تَدْبِير موريتي(104) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء3من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          67- حارس القلعة - ريبيكا ستراتون - ع.ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Gege86 - )           »          هذه دُنيايْ ┃ * مميزة *مكتمله* (الكاتـب : Aurora - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية بذور الماضي (2) .. سلسلة بين رحى الحياة *مكتملة* (الكاتـب : heba nada - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-09-19, 10:04 PM   #161

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة affx مشاهدة المشاركة
بتعرفي والله مالك ما بستاهل قمر اذا بدو يخطب ويتزوج ليش ما يخطب قمر صديقته وصديقة عيلته؟؟شيماء هي البنت مجنونة روايتك فيها مرضى نفسين كتيير🤣
زيد غبي عنجد عبي في واحد بحكي لبنت محترمة كوني حبيبتي وقال هي مزحة واحد غبي🤦🏻‍♀️🤷🏻‍♀️🙍🏻‍♀️
تماضر بتمنى انها تحب ابراهيم وتتسى شادي تماما 🖤🖤
شادي بحب اخو ؟!مين شيرين🤔
عائشة كتير باردة ليش ما تبادل نسيم حبه ؟
بطلاتك عندهم خلل بالدماغ باردين جدا 🤨🤨

و الله ضحكت من قلبي على بطلاتي اللي عندهم خلل في الدماغ😂😂😂😂
تعرفي شو كتبت أنا فالبارت بتاع مالك و شيماء لما اتجادلوا حول عمل مالك مع قمر أنه ارتباطهم معا كان خطأ من البداية...شيماء كانت بترتدي قناع غير شخصيتها الحقيقية و أقنعته أنها اتغيرت و اللي قامت بيه في الماضي كان بسبب غيرتها و ظروفها العائلية المتذبذبة و لما انخطبوا صار يشوف تصرفاتها الحقيقية و امتعض منهاا...
برأيك هيكملو مع بعض و لا لا الجواب واضح أكيد😂😂😂
و مين قال أنه قوله بأنها مزحة صحيح...هنعرف الحقيقة في الفصل القادم
شادي اتغير كثير بعد ثلاث سنوات و صار يحب أخوووه...أما شيرين هنعرف مين هي في الفصل العاشر
عائشة بتحب نسيم بالفعل هي بس ما معترفة بحبها
تسلميلي يا نيلووو 😍




Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 12:10 AM   #162

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
فصل رووووووعه جداجدا
تماضر وقرارهابالموافقه على الارتباط بابراهيم قرارسليم وحلو
لكن احس شادي تغيرواصبح انسان جدي لكن بعدماذابعدخسارته وجرحه لتماضر ارجوان تحب ابراهيم لانه يستحق حبها وهي تستحقه
اعتقدان مالك ندم اشدالندم على ارتباطه بشيماءوانه بد موقف اواثنين سيتخلى ويفسخ الخطوبه تلك
شراكته مع قمر بتخطيط الاباءجميل واعجبني
الان عرفت لماذاقمر متمسكه بكبرياءها لانهاجرحت بقوه من مالك وزيد ايضاياترى كيف ستسيرامرهامع مالك في الشركه
يسلمويداتك غاليتي على هذاالفصل المبدع
والف الف مبروك على تميز الروايه لانهافعلاتستحق التميز
موفقه غاليتي باذن الله


عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 01:43 AM   #163

رنا رسلان

قاصة هالوين


? العضوٌ??? » 304310
?  التسِجيلٌ » Sep 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,154
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond reputeرنا رسلان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
افتراضي

#قمر التي أعطت زيد الأمل ومازال ينتظرها رغم مرور. ثلاثة سنوات
#تلوم نفسها علي ذلك ولكن عذرها انها اعتقدت انه سينساها
تماضر التي تغيرت ونضجت
#فيه مثل بيقول من شاف مصائب غيره تهون عليه مصيبته حاجه زي كده
#ابراهيم الذي اثبت لها انه رجل عند كلمته وانه يحبها ويريدها زوجة
وهي تري نفسها مدنسة
#عائشة التي تعيش حياة سعيدة ورغم توقفها عن تناول حبوب منع الحمل الا انها لم تحمل
واصيبت بالهلع
#ولا عدم اعترافها بحبها لنسيم رغم مرور ثلاث سنوات وهو دائما يعترف اكيد صبره هينفذ من جبنها وصمتها
#ايه ده مالك خطب شيماء😱 ليه الشر ده
صعبت عليا اوي قمر أخفت صدمتها بواجهه كبريائها
ولا المفاجأة هي شراكتها مع مالك
#قصة شيماء خلت مالك يتعاطف معها وانها كانت مخطئة فخطبها صعبت عليا بس يا تري كلامها حقيقي ولا كذب
#عجبتني أوي الخاطرة والكلمات 😍😍
("أميرة مضيئة كالقمر في السماء
تمشي الهوينا و الأهازيج تطرب مسامعها في غناء
رأسها مرفوع مزين بتاج حب و كبرياء
ثغرها مبتسم يروي قصة شوق و استحياء
عيناها في عينيه و العشق بينهما تعالى في نداء
فسار ناحيتها ملبيا النداء
و تعانقت أيديهما في حب و استقواء
و باحت الشفتان بما يملأ القلب في خفاء
لتحدق عيناه بها بجمود و خواء
قبل أن يمضي و يختفي كل شيء فتصبح القاعة جرداء
فتنهار باكية بين قطع أثاثها الخرساء
لم البكاء يا صغيرتي على رؤيا زارت منامك في ظلمة ليلة سوداء
ارفعي رأسك و سيري بكبرياء
و احرقي قلبك الذي يحبه فلم يبادله إلا بالجفاء)
#مالك اهانها بسبب كذب شيماء بس اعتذر اما زيد غروره خلاه مش يعتذر وللاسف قمر مش بتنسي الإساءة
حبيبتي هو ايه معني الهوينا
#سؤال حبيبتي هو الدراسه عندكم مختلفة عننا يعني قمر اخذت الدكتوراه وهي عندها 24 سنه ولا ده بسبب ذكائها


رنا رسلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-19, 03:09 PM   #164

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahmedman2010 مشاهدة المشاركة
#قمر التي أعطت زيد الأمل ومازال ينتظرها رغم مرور. ثلاثة سنوات
#تلوم نفسها علي ذلك ولكن عذرها انها اعتقدت انه سينساها
تماضر التي تغيرت ونضجت
#فيه مثل بيقول من شاف مصائب غيره تهون عليه مصيبته حاجه زي كده
#ابراهيم الذي اثبت لها انه رجل عند كلمته وانه يحبها ويريدها زوجة
وهي تري نفسها مدنسة
#عائشة التي تعيش حياة سعيدة ورغم توقفها عن تناول حبوب منع الحمل الا انها لم تحمل
واصيبت بالهلع
#ولا عدم اعترافها بحبها لنسيم رغم مرور ثلاث سنوات وهو دائما يعترف اكيد صبره هينفذ من جبنها وصمتها
#ايه ده مالك خطب شيماء😱 ليه الشر ده
صعبت عليا اوي قمر أخفت صدمتها بواجهه كبريائها
ولا المفاجأة هي شراكتها مع مالك
#قصة شيماء خلت مالك يتعاطف معها وانها كانت مخطئة فخطبها صعبت عليا بس يا تري كلامها حقيقي ولا كذب
#عجبتني أوي الخاطرة والكلمات 😍😍
("أميرة مضيئة كالقمر في السماء
تمشي الهوينا و الأهازيج تطرب مسامعها في غناء
رأسها مرفوع مزين بتاج حب و كبرياء
ثغرها مبتسم يروي قصة شوق و استحياء
عيناها في عينيه و العشق بينهما تعالى في نداء
فسار ناحيتها ملبيا النداء
و تعانقت أيديهما في حب و استقواء
و باحت الشفتان بما يملأ القلب في خفاء
لتحدق عيناه بها بجمود و خواء
قبل أن يمضي و يختفي كل شيء فتصبح القاعة جرداء
فتنهار باكية بين قطع أثاثها الخرساء
لم البكاء يا صغيرتي على رؤيا زارت منامك في ظلمة ليلة سوداء
ارفعي رأسك و سيري بكبرياء
و احرقي قلبك الذي يحبه فلم يبادله إلا بالجفاء)
#مالك اهانها بسبب كذب شيماء بس اعتذر اما زيد غروره خلاه مش يعتذر وللاسف قمر مش بتنسي الإساءة
حبيبتي هو ايه معني الهوينا
#سؤال حبيبتي هو الدراسه عندكم مختلفة عننا يعني قمر اخذت الدكتوراه وهي عندها 24 سنه ولا ده بسبب ذكائها
الدراسة في الصيدلة مدتها ست سنوات و لما تتخرج منها تتخرج بدبلوم دكتوراه في الصيدلة أما التخصصات الأخرى الدكتوراه بيحصلو عليها بعد ثمان سنوات في الجامعة إلا طب الأسنان زيه زي الصيدلة
تمشي الهوينا معناها تسير برفق
شيماء أظهرت لمالك أنها اتغيرت لهيك خطبها بس دي كانت واجهة للفتاة الغيورة
هههه الست عائشة خايفة، لكن حبها ظاهر لنسيم بدون اعتراف هنشوف إذا هتعترف قريبا
تسلميلي يا رنوووش سعيدة برأيك حبيبتي⁦❤️⁩⁦❤️⁩


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-19, 03:16 PM   #165

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
فصل رووووووعه جداجدا
تماضر وقرارهابالموافقه على الارتباط بابراهيم قرارسليم وحلو
لكن احس شادي تغيرواصبح انسان جدي لكن بعدماذابعدخسارته وجرحه لتماضر ارجوان تحب ابراهيم لانه يستحق حبها وهي تستحقه
اعتقدان مالك ندم اشدالندم على ارتباطه بشيماءوانه بد موقف اواثنين سيتخلى ويفسخ الخطوبه تلك
شراكته مع قمر بتخطيط الاباءجميل واعجبني
الان عرفت لماذاقمر متمسكه بكبرياءها لانهاجرحت بقوه من مالك وزيد ايضاياترى كيف ستسيرامرهامع مالك في الشركه
يسلمويداتك غاليتي على هذاالفصل المبدع
والف الف مبروك على تميز الروايه لانهافعلاتستحق التميز
موفقه غاليتي باذن الله
تسلمي غاليتي على مرورك و رأيك
صراحة تمسك قمر بكبرياءها مش بسبب مالك و بس السبب الثاني اتذكر فبداية الرواية بشكل غامض و قصته هتكون في الجزء الثاني من السلسلة
و مالك مقارنة مع زيد ما جرحها...ردة فعله كانت عادية تماما و كان أي حد فمكانه كان هيتصرف نفس التصرف...
هنشوف اللي هيصير بيناتهم في الفصول القادمة
تحياتي لك غاليتي


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 02:11 PM   #166

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أسعد الله يومكم
سيتم تنزيل الفصل التاسع بعد قليل...أعرف أن تنزيلي الآن مبكر على غير العادة لكن لدي محاضرات في المساء حتى السادسة و النصف (بتوقيت المغرب) و سيكون وقت التنزيل قد فات لذا اخترت تقديمه...
أتمنى لكم قراءة ممتعة و للإعلام هذا الفصل هو الفصل ما قبل الأخير من الرواية و لن يتبق بعده سوى فصل و خاتمة و ينتهي الجزء الأول من السلسلة


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 02:14 PM   #167

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع:
" أجمل ما قيل في الحب؛
إن أراد الله أن يجمع بين قلبين
سيجمع بينهما و لو كان بينهما مداد السماوات والارض"

-"صباح الخير".
جلست قمر على الكرسي و هي تهمس بتحية الصباح، لترفع عينيها ناحية الخادمة التي كانت ستصب لها العصير و تقول برجاء: "لا أريد عصيرا سعيدة، أريد قهوة بدون سكر أرجوك".
ترك والدها مطالعة الأخبار على لوحه الالكتروني لينظر إليها بغير رضا، بينما زفرت والدتها بحنق قبل أن تقول: "ألم تطالعي نفسك في المرآة يا قمر؟ لقد أصبحت بوهيمية...أنظري إلى ملامح وجهك الذابلة و إلى شعرك المرفوع بإهمال فوق رأسك، لم أعهدك هكذا أبدا".
ارتشفت قمر من فنجان القهوة قبل أن تقول ببساطة: "أغلبية الكتاب المشهورين كانوا بوهيميين و يقومون تصرفات غريبة...لقد كان الفيلسوف و الأديب الفرنسي فولتير يبدأ الكتابة عندما يوجد أمامه أثنى عشر قلما يكسرها جميعا بعد أن ينتهي من كتابته ثم يضعها تحت الوسادة بعد أن يلفها بالورقة التي كان يكتب عليها و ينام، و قد كان ريتشارد فاجنر الفنان و المؤلف الموسيقي يرتدي روبا من الحرير أثناء اتجاهه للتأليف...بينما كان تشارلز ديكنز يقطع مسافات هائلة سائرا على قدميه ليلا بدون وجهة أو هدف أو غاية، و كان يرتدي لباس البحارة و يدخل من نوافذ بيوت أصدقائه...يبدو أن الانصهار في الكتابة يجعلك مختلفا".
قالت والدتها بامتعاض: "و أنت صرت بمظهر "الزومبي" بسبب قلة نومك و انغماسك المجنون في الكتابة...أنت لا تذهبين إلى الشركة و تشرفين على تجهيزاتها الأخيرة...سينتهي إعدادها قريبا و عليك حضور مقابلات الموظفين".
-"فليتكفل أبي و مالك بالموضوع....أنا مشغولة، ذائبة، منعزلة و منغمسة بين أحداث روايتي...أريد أن أنهيها في أقرب وقت كما أنني في الفصول الأخيرة...لن يتغير شيء في العالم إن انعزلت في البيت قبل أن أضع النقطة الأخيرة في ملفها".
لتتابع بعد لحظات: "كما أن اليوم خطبة تماضر، لذا قررت الخروج من قوقعتي بشكل استعجالي هذا اليوم...سأذهب بعد قليل لأشتري الفستان الذي سأرتديه، هل سترافقينني أمي؟"
أومأت والدتها برأسها ثن قالت: "و ستذهبين لمركز التجميل".
قالت قمر بهدوء: "و سأذهب إلى مركز التجميل".
بدا على والدتها الرضا التام أثناء مغادرتها للطاولة لتستعد فقال كمال بمرح بعد انصراف زوجته: "أشعلت النيران بقلبها بتصرفاتك هذا الأسبوع ثم أخمدتها بسؤالك إن كانت سترافقك في رحلة التسوق".
ابتسمت قمر بتسلي، فقال والدها قبل أن يقوم من مكانه: "غدا سيأتي مهندس الديكور من أجل اقتراح الأثاث لمكتبك أنت و مالك، لا أريد عذرا هذه المرة يا قمر سترافقينني بالتأكيد".
هزت قمر رأسها بلا مبالاة و هي تفكر في طريقة تهرب من الحضور دون أن تثير حنق والدها من جديد...
*********************************************
اليوم خطبتها...
أوقف سيارته أمام متجر للأزهار مر بجواره ثم ترجل منها ليعيد همس نفس الجملة التي يهمسها منذ استيقاظه من النوم صباحا: "اليوم خطبتها".
اليوم سترتدي خاتم رجل آخر و لولا رعونته في الماضي لكانت الآن ترتدي خاتمه هو...تساءل في سره و هو يدفع باب المحل الزجاجي ليتعالى صوت رنين ناقوسي لأجراس من فوقه: "كيف كنت بهذه السطحية؟ كيف كنت بهذه التفاهة؟"
أسئلة بلا رد، فقد برمج عقله على عدم الرد على التساؤلات التي تطوف في باله... تجلده ببطء حتى لا يتألم أكثر...
وقف أمام منضدة البيع لترفع الشابة التي كانت تدون شيئا على الدفتر و تقول بهدوء: "ثواني و أكون في خدمتك يا سيدي".
لا يدري إن مرت الثواني بسرعة أم أنه تخيل ذلك، لتقف أمامه تسأله بحلاوة: "ما طلبك؟"
تعلقت عيناه بالوردة الحمراء الكبيرة المثبتة في شعرها ثم قال بهدوء: "ورد أحمر".
سألته الفتاة باستغراب: "أي نوع تريده بالضبط؟"
نظر إلى الورود الحمراء بحيرة قبل أن يقول: "اختاريها على ذوقك".
فسألته مجددا بدون تذمر من لا مبالاته: "لأي مناسبة؟"
قال بهدوء: "خطبة صديقة لي".
أومأت برأسها ثم قالت: "ما رأيك إذن أن أمزج بين التوليب الوردي و الأبيض؟"
نظر إلى الورود التي تشير لها قبل أن يهمس بشرود: "أجل أراها مناسبة أكثر من الورد الأحمر...تقومون بتوصيل الطلبيات أليس كذلك؟"
حركت الفتاة رأسها إيجابا، فالتقط إحدى البطاقات الملونة ليكتب فيها شيئا ثم أخذ ورقة من مجموعة أوراق ملونة كانت على الطاولة ليقول أثناء كتابته: "سأكتب لك العنوان هنا، أتمنى أن تستلمها صاحبتها بنفسها...اسمها تماضر".
دفع ثمن الباقة و التوصيل ليقول: "أتمنى أن تصلها في تمام الخامسة مساءً".
راقبت الفتاة انصرافه بشيء من الاندهاش قبل أن تقع عينيها على البطاقة التي تحمل ما كتبه...التقطتها لتقرأ ما كتب بفضول: "بين عقلي الذي يدعوني لأتمنى لك السعادة و قلبي الذي يدعوني ألا تري سوى الشقاء معه تهت و احترت...لكنني اهتديت إلى ما تستحقينه بعد كل ما حدث بيننا في الماضي، أتمنى لك السعادة من أعماق قلبي"...
أغلقت الفتاة البطاقة قبل أن تخبئها و هي تتساءل: "كيف يستطيع أن يهنئ حبيبته السابقة بخطبتها و هو يتألم؟"...
*********************************************
وقفت أمام المرآة تنظر إلى نفسها بشيء من الانبهار...كانت تبدو كأميرة حقا بفستان نحاسي منقوش بينما رفعت شعرها الطويل في تسريحة عرائسية أنيقة...زينتها رغم نعومتها زادتها جمالا...التفت حول نفسها كطفلة سعيدة بفستانها الجديد فابتسمت قمر و سارت نحوها لتمسك بيدها و تقول: "آه لو كان لدي أخ أكبر، لما حلم ابراهيم بنيلك".
ضحكت تماضر برقة قبل أن تقول: "كيف أبدو؟"
قالت صديقتها برقة: "أميرة فاتنة ستخلب لب الجميع قبل خطيبها...احتمال أن يتصل بالمأذون و يعجل في الزواج عندما يراك".
-"أتعلمين لقد كان يريد عقد القران اليوم لكن والدي رفض مصرا على فترة خطبة".
قالت قمر بهدوء: "و ماذا عن عروستنا؟ هل هي متحمسة كخطيبها؟"
همست تماضر بتوتر: "أشعر بأشياء غريبة يا قمر، لا أدري ماهيتها؟ لكنها ليست مشاعر حب بالتأكيد...لا أعرف كيف أفسر لك مشاعري المتخبطة يا قمر".
أومأت قمر برأسها قبل أن تقول: "سيتضح كل شيء مع مرور الوقت تماضر، لا تقلقي".
همست تماضر بنبرة غريبة: "أخاف أن أراه".
نظرت قمر إلى صديقتها بحدة، فتابعت تماضر بشرود: "لم أستطع تقبل وجوده إلى الآن في العائلة يا قمر...لقد كان رؤيتي لوالده يوم قراءة الفاتحة صدمة بالنسبة لي، لأرتاح عندما تأكدت من عدم وجوده".
قالت قمر بهدوء: "لا أظنه يتجرأ على الحضور...و إن خاب توقعي و أتى سيكون ابراهيم معك إذن لن يستطيع قول شيء".
زفرت تماضر ببطء قبل أن تقول: "أتمنى ذلك حقا".
-"هيا إذن لنذهب إلى البيت...سيأتي الناس قريبا علينا الوصول إلى المنزل قبلهم".
أومأت تماضر برأسها و هي تلحق بصديقتها إلى الخارج ثم ينطلقا إلى البيت...
عند وصولهما لم تجد سوى خالاتها في الشقة، فتوجهت لتجلس في غرفتها مع قمر...
دلفت أختها نسرين بعد لحظات لتقول بهدوء: "تماضر هناك عامل توصيل ينتظر في الباب و معه باقة...لم يشأ أن أستلمها منه يريدك أنت".
كانت قمر ستتولى المهمة لكن صديقتها قامت من مكانها و هي تقول: "سأراه"...
أغلقت الباب وراء الشاب و قلبها يخفق بعنف...
امتدت يدها لتبحث عن البطاقة المرفقة حتى تعرف المرسل...وجدتها أخيرا فتحركت ناحية غرفتها و هي تقرأ الكلمات المكتوبة لتتسمر أمام الباب...
طالعتها قمر بشيء من الاستغراب قبل أن تتساءل: "ما الأمر تماضر؟"
ألقت بالباقة أرضا و كأن حية لدغتها ثم قالت بجمود: "ألقي بهذه الأزهار في أقرب سلة مهملات".
فهمت قمر قبل أن تقرأ البطاقة أنها منه...و عندما قرأتها ازداد غضبها أكثر...
التقت نظراتها بنظرات تماضر فقالت هذه الأخيرة بهدوء: "أنا بخير، بخير، لا تقلقي".
أومأت قمر برأسها ثم حملت الباقة لتقذفها في سلة المهملات كما أرادت صديقتها...
*********************************************
-"كل شيء جاهز يا أمي أليس كذلك؟"
قالت والدته بهدوء: "كل شيء يا بني لا تقلق".
ظهرت أخته -المتأخرة كالعادة- أخيرا معتذرة على تأخرها، فدفعها ناحية السيارة قبل أن يستقل المقعد المجاور للسائق بعد أن قرر أخوه أن يتولى القيادة عنه...
إنه متوتر جدا و لا يتذكر منذ متى لم يشعر بهذا التوتر؟ ربما منذ أن كان سيجتاز امتحان الباكالوريا...
نظراته ممركزة بين الطريق و ساعته ليهتف فجأة في وجه أخيه: "أسرع يا ولد، سيصلون قبلنا".
ضحك شقيقه بحماس قبل أن يقول لأمه: "ابنك متحمس كثيرا يا أمي".
ابتسمت والدته في حبور ثم ربتت على كتفه من مكانها و هي تطلب منه الهدوء...زفر في سره و هو يقول: "اللعنة! لا أدري من أين سأحصل على هذا الهدوء الذي يطالبني الجميع به؟"
توقف شقيقه أخيرا أمام منزلها، فكان أول من يترجل من السيارة حاملا باقة الورد الضخمة من المقعد الخلفي...
يمسك نفسه بشق الأنفس حتى لا يصرخ في وجه أختيه الضاحكتين بسبب شيء رأيناه على الطريق فتلكأتا في مشيتهما قليلا...دلف الجميع إلى داخل البناية ثم استقلوا المصعد إلى الطابق الذي تقع فيه شقة والديها اللذان كانا في استقبالهم أمام الباب...تعالت الزغاريد فور دخوله، فمال ليهمس لأمه بعد أن مرر نظرة خاطفة على المدعوين: "لم يأت خالي بعد".
قالت والدته باطمئنان: "إنه في الطريق مع العادلان".
أومأ برأسه و هو يجلس على الأريكة التي وضعت من أجلهما في صدر البهو...لمح قمر تتحدث مع أخت تماضر فأشار لها لتبتسم له قبل أن تحمل هاتفها ليسمع رنين هاتفه بالنغمة المميزة للرسائل، قرأ ما كتبته: "إنها بغرفتها و لا تعلم شيئا حول عقد القران".
ابتسم و هو يومئ لها برأسه لتلتفت قمر و تكمل طريقها ناحية غرفة صديقتها التي تقع في آخر الرواق بعيدا عن البهو نسبيا...دلفت فوجدتها تقطع الغرفة جيئة و ذهابا بتوتر...أمسكت بها و هي تقول بحزم: "اهدئي تماضر".
قالت تماضر بخوف: "هل أتوا؟"
أومأت قمر برأسها لتقول: "لكنهم ينتظرون عائلة خاله".
زفرت تماضر و هي تقول بامتعاض: "تبا لعائلة خاله، أريد أن أخرج حالا".
تعالت الزغاريد من جديد في الخارج فهتفت تماضر: "ما الذي سيحصل؟"
-"سأرى بنفسي و أعود".
أمسكت بمقبض الباب حتى تفتحه لكن والدة تماضر كانت السابقة ففتحته من الخارج و هي تقول: "هيا يا ابنتي إنهم ينتظرونك".
أومأت برأسها قبل أن تأخذ نفسا عميقا و تسير إلى الخارج تتقدمها قمر...دلفت إلى البهو فتفاجأت بوجود رجلين بالجلباب التقليدي يجلسان بجوار ابراهيم بينما جلس والدها على الطرف الآخر...تحركت ناحيتهم باستغراب لتجلس بجوار ابراهيم فتلمح الدفتر الكبير المفتوح أمام ناظريها...نظرت إلى والدها ثم إلى ابراهيم بصدمة قبل أن تهمس لوالدها: "هل سنعقد قراننا؟"
أومأ والدها برأسه فاغرورقت عيناها بالدموع و هي تتعلق بعيني خطيبها الزرقاوين تسأله إن كان ما قاله والدها صحيح فأومأ برأسه قبل أن يميل و يهمس في أذنها: "عندما أضع شيئا في عقلي، لا أيأس حتى يتحقق...لقد حولت لك مهرك على حسابك هذا الصباح، يمكنك سحبه متى تشائين".
كانت لا تزال تحت تأثير الاندهاش طوال عقد القران حتى أن العادل سألها مرتين إن كانت تريد الزواج بابراهيم معقول فأومأت بالإيجاب بعد أن لكزها والدها لتنتبه لما يقول الرجل...خطت توقيعها بارتعاش قبل أن تتعالى الزغاريد من جديد...
رافق خاله العادلان إلى الخارج بينما أسر هو يدها ليلبسها الخاتم ثم يرفعها إلى شفتيه ليقبلها و هو يقول بصوت أجش: "مبارك حبيبتي".
رمشت بعينيها قبل أن تبتسم بارتجاف و هي تلبسه خاتمه على صوت الزغاريد...
اندفع الحضور ليباركوا لهما، فكانت تتقبل التهاني و ابتسامة ناعمة على شفتيها...ضمها والدها إلى صدره بعد أن قبل جبينها ثم قال بهدوء: "مبارك صغيرتي".
ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة و هي تمنع نفسها من البكاء حتى لا تفسد هيئتها و تظهر باكية في الصور...عانقتها قمر و هي تقول بسعادة: "مبارك حبيبتي".
قالت تماضر: "شكرا لك عزيزتي...أتمنى أن نفرح بك قريبا".
ابتسمت قمر بحزن دون أن تعلق ثم صافحت ابراهيم و تمنت لهما السعادة قبل أن تعود إلى مكانها و وقتها صدحت أنغام الموسيقى ليبدأ الاحتفال...
مع اقتراب العشاء كانت والدتها تسحبها من مكانها لتتجه بها ناحية غرفة الجلوس الجانبية...أغلقت الباب فقالت تماضر: "ما الأمر أمي؟"
-"لم تجلسي أنت و خطيبك بمفردكما طوال الحفل...لذا فكرت أن تتناولا العشاء معا".
التفتت تماضر لترى أحد أفراد طاقم الخدمة الذي استأجرهم والدها يرتب الصحون فوق الطاولة المعدة لشخصين قبل أن يشعل الشموع الحمراء الطويلة و ينصرف من الغرفة فتقول والدتها أثناء توجهها ناحية الباب : "سأذهب لأنادي خطيبك حبيبتي"...
*********************************************
دلف ابراهيم أخيرا إلى الغرفة المنشودة فوجدها أمامه مولية ظهرها له تحدق عبر النافذة بشرود...لكن يبدو أنها لم تكن شاردة تماما فقد التفتت إليه لتهمس: "ابراهيم".
ليرد عليها بصوت مبحوح: "يا روحه...و سبب عذابه".
خطت ناحيته لتتوقف فجأة تاركة بينهما خطوة، فتهمس بحيرة: "لم سبب عذابك؟"
زفر ببطء قبل أن يقول: " أتعرفين كم سنة مرت و أنا أعيش هذا الحلم الذي تحقق هذا اليوم؟"
أومأت برأسها نفيا، فقال بنبرة تفيض عشقا، تفيض عذابا: "أزيد من خمس سنوات بأيامها و لياليها...بساعاتها و دقائقها و ثوانيها...كل ليلة فيها كانت بطول الدهر، كل نهار فيها كان بطول الدهر، فهل تستطيعين حساب كم من دهر و أنا..."
أمسك بكفها الرقيق ليديرها بخفة أمام الحائط و يقف أمامها كالسد المنيع فلا تستطيع التحرك لا ناحية اليمين و لا الشمال ليتابع قائلا: "كم من دهر و أنا أحلم بك، أشتاق لك و أحبك بصمت من بعيد حتى أهلكني البعد و أردني قتيلا".
فتحت فمها لتتكلم ثم أغلقته من جديد، فلم تجد شيئا لتقوله حول المشاعر الملتمعة في العينين اللتين تقابلان عينيها...ليتابع قائلا: "وضعت بيني و بينك ألف باب و باب يا تماضر و حان الوقت لنزيل كل هذه الأبواب يا زوجتي العزيزة".
لحظة تاهت و لا تدري ما الذي جرى حتى شعرت بيده فوق خصرها...بينما يده الأخرى تمر بنعومة على جبينها، عينيها، وجنتيها و أنفها...كان يتحسسها و كأنه لا يصدق أنها أمامه...أنها حقيقية...يداها وجدت الطريق إلى صدره فكانت اليسرى فوق قلبه تماما تستشعر نبضاته المجنونة، فارتعشت و كأن ماسا كهربائيا صعقها ليوقظ بقلبها الفتاة المشتاقة للشعور بالحب...الفتاة التي دفنتها بقلبها قبل سنوات، فتغمض عينيها و كل ما يتمناه عقلها في هذه اللحظة قبلة...
و كأنه قرأ طلبها غير المنطوق بين سطور ارتعاشها، فمال ليلمس الشفتين الكرزيتين بكل رقة...ضجيج عالي شعرت به بقلبها...شعرت به يخفق بقوة و كأنه سيتوقف...و لم تدرك أن يديها قد تعلقتا بعنقه لتبادله قبلته بشوق أكبر فأصبح هو المصعوق بينما كانت هي المصعوقة...
أبعدها عنه فجأة لينظر إليها بصدمة ثم بغضب فاجأها و جعلها ترتبك...فتح فمه ليهمس بشيء ثم أغلقه ليخمد الغضب في العينين فيهمس بجمود: "هيا لنتعشى".
بارتباك سارت أمامه ليسحب لها الكرسي قبل أن يجلس أمامها ليبدأ تناول طعامه في صمت...ظلت تنظر إليه باستغراب فرفع عينيه ليضبط نظراتها ناحيته فيقول: "ما الأمر؟"
قالت تماضر بتوتر: "ما بالك أنت؟"
قال بهدوء: "لا شيء عزيزتي لا تقلقي".
أومأت برأسها و هي تبدأ في تناول الطعام بينما يتابع طعامه في هدوء ظاهري بينما النيران تندلع في قلبه...
و سؤال واحد يلح بعقله إن كان شادي قد قبلها هو أو أحد آخر من الذين ارتبطت بهم في الماضي؟...
*********************************************
غادرت قمر الشرفة لتغلق بابها و تتكئ عليه و قلبها يخفق بعنف...وضعت يدها فوقه تهدئ نبضاته المجنونة و هي تهمس: "اهدئي قمر، اهدئي...ما رأيته كان عاديا يا فتاة".
جلست على سرير صديقتها و هي تفكر إن كانت ما رأته عاديا بالنسبة لقلبها...
لقد كانت تتناول العشاء مع بقية المدعوين عندما رن هاتفها لتنظر باندهاش إلى اسم المتصل: لقد كان مالك...
ابتعدت عن البهو حيث الموسيقى الصاخبة ثم دخلت إلى غرفة تماضر لتجيب على اتصاله الثاني معتذرة لعدم إجابته في البداية بسبب الضجيج...
كان يحدثها حول أمور تخص العمل و هي لم تكن في مزاج لتسمع لحديث حوله، لكن كان يكفيها أنه يتحدث معها...فتحت باب الشرفة ثم خطت إلى الخارج لتسمعه بشكل أوضح فلم تكن تشعر بنفسها أثناء تحركها بقلب الشرفة الواسعة حتى تسمرت فجأة عندما وقعت عيناها على المشهد الرومانسي في غرفة الجلوس حيث من المفترض أن تكون صديقتها و خطيبها يتناولان العشاء...
ظلت جامدة تنظر إليهم من النافذة التي لا تظهر أن هناك متلصصا على خصوصيتهما...رفعت يديها إلى شفتيها فجأة و خيال مجنون يطوف ببالها أن مالك يقبلها بمثل هذا الشغف...لتستيقظ من الحلم على صوته القادم عبر الهاتف فغمغمت باعتذار مبهم لها قبل أن تغلق الخط و تهرب...
كيف وصلت إلى هناك؟ كانت تتساءل في نفسها لتتذكر أن نافذة غرفة الجلوس تلك تطل على شرفة غرفة صديقتها...
اتكأت على السرير و لم تشعر بمرور الوقت حتى دلفت والدة تماضر إلى غرفتها لتقول بعتاب: "أنت هنا يا قمر و أنا أبحث عنك منذ وقت طويل".
-"لقد وردني اتصال يا خالة، و بعدها شردت".
قالت والدة تماضر بهدوء: "هيا إذن، لم تتناولي الطعام".
قامت قمر من مكانها و هي تقول: "أظنني سأعود إلى البيت، رأسي يؤلمني قليلا...بلغي تماضر تحياتي...سأتصل بها في ما بعد"...
*********************************************


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 02:18 PM   #168

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بعد عشرة أيام:
أخيرا أنهتها...
قامت تدور حول نفسها و هي تبتسم لتتحول ابتسامتها إلى ضحكة متخمة بالسعادة و الانشراح...أخيرا أنهت الرواية بعد أن كتفت جهودها طوال المدة الأخيرة لذلك...لكنها كانت مستمتعة بكتابتها بكل ذرة من قلبها و روحها و رغم أن النهاية كانت بعيدة عن الحقيقة إلا أنها كانت راضية بكتابة حملها الذي لم يتحقق إلى الآن...
هذه هي الحياة...أحلام تتحقق و أحلام لا يقدر لها التحقق لأن الله يحجز لنا خيرا منها بالتأكيد...لقد وصلت إلى هذه القناعة متأخرة جدا لكنها سعيدة بالوصول إليها قبل فوات الأوان...
أذان الفجر شق سكون الليل من حولها، فقامت من مكانها و هي تتثاءب...ستتوضأ و تصلي قبل أن تنام لساعات حتى تلحق بموعد والدها مع المهندس الساعة العاشرة لأنها تعبت من اختلاق الأعذار كل مرة حتى لا تذهب...كما أنها أنهت الرواية الآن و لم يعد هناك سبب للاعتزال...
أنهت صلاتها ثم أمسكت الحاسوب لترسل ملف الرواية إلى دار النشر التي قررت التعامل معها قبل أن تخلد إلى النوم...
في الصباح كانت مفاجأة والديها كبيرة عندما لمحاها تنزل إلى الطابق السفلي بكامل أناقتها...فقال لها والدها: "إلى أين؟"
قالت بهدوء: "ألم تقل أن مهندس الديكور سيحضر في العاشرة من أجل معاينة المكان بعد تجهيزه".
أومأ والدها برأسها، بينما قالت والدتها: "هل يعني أنك أنهيت الرواية؟"
حركت رأسها إيجابا و هي تبتسم بسعادة قبل أن تقول: "سيأتي خبر قبولها أو رفضها من قبل لجنة دار النشر بعد أسبوعين تقريبا...علي أن أشغل نفسي بالعمل طوال المدة القادمة".
قال والدها بجدية: "لقد طلبت من سليم أن ينزل إعلانا للافتتاح الشركة من أجل أن يتقدم الحاصلين على الشهادات المطلوبة لطلب الوظيفة...ستكون الأيام القادمة مليئة بالمقابلات حتى اختيار الطاقم المناسب من كبار الموظفين إلى عامل القهوة".
أومأت قمر برأسها موافقة لكلامه ثم قالت: "إذن هل سنذهب الآن لمقابلة المهندس؟"
-"لدي اجتماعات كثيرة اليوم صغيرتي، اذهبي إلى هناك بمفردك و تكلفي أنت و مالك بالأمور"...
*********************************************
كان يجلس على طاولة منزوية في مقهى قريب من الشركة يشرب قهوته بينما نظراته مسلطة على الشارع الحيوي الظاهر من الواجهة الزجاجية للمقهى...نحنحة أنثوية خافتة جعلته يبعد بصره ليجدها أمامه...
منذ متى لم يراها؟ منذ الصباح الذي تلى عيد ميلاد قمر، عندما فاجأها على طاولة الإفطار بارتدائه لخاتمه و ما إن انفرد بها بعده خلعه بهدوء ليضعه أمامها منهيا الخطبة ببساطة، فتقبلت الأمر ببساطة استغربها و رحلت...
ما الذي حدث الآن حتى يراها أمامه بعد أكثر من أسبوعين؟ تساءل في سره و هو يلمحها تسحب الكرسي الذي يقابله و تجلس أمامه دون أن تطلب الإذن كالعادة، فابتسم في سره بسخرية و هو يهمس: "العادات القديمة لا تموت أبدا".
أراد أن يستهل الحديث متسائلا عن سبب وجودها هنا؟ فكانت هي من ابتدأت الكلام قائلة بهدوء: "لقد استعدت عملي الذي منعتني عنه و سأعود لفرنسا بعد ساعات".
ليجيبها بنفس النبرة الهادئة: "أنا سعيد من أجلك".
لم تعلق على جملته رغم رغبتها في قذف تعليق لاذع في وجهه ثم فتحت حقيبتها لتخرج علبتين قطيفتين حمراوين...وضعتهما أمام الطاولة و هي تقول بهدوء: "أحضرت لك الذهب الذي اشتريته من أجلي في خطبتنا...لا أريد أن يظل عندي".
قال مالك: "و أنا قلت لك ألا تعيده لي".
زفرت بعمق قبل أن تقول: "اسمعني مالك، حقا أنا لا أريد أن أتجادل معك...لا يمكنني الاحتفاظ بهذه المصوغات هذا لا يجوز...يكفي أنني تغاضيت عن هداياك و لم أعدها لك هي أيضا".
قامت من مكانها و هي تقول: "طائرتي بعد ثلاث ساعات علي الذهاب إلى المطار، الوداع".
التفتت مغادرة لكنها ما إن خطت خطوتين حتى استدارت ناحيته من جديد لتقول بصوت أجش: "كانت هذه الثلاث سنوات التي توطدت فيها صداقتنا من أسعد سنوات حياتي، ربما سينتهي الأمر الآن بعد أن صرت أحمل لقب خطيبتك السابقة، لكن جميع ذكرياتنا معا ستظل محفورة هنا".
أشارت ناحية عقلها ثم ناحية قلبها و هي تتابع: "و هنا".
تحركت إلى مخرج المقهى ليرفع عينيه فجأة و يجد نفسه قبالة قمر...
*********************************************
كانت قد دلفت إلى مقهى لمحته بجوار الشركة حتى تشتري كوبا من القهوة ترتشفها حتى لا تشعر بالنعاس بما أنها لم تنم سوى ثلاث ساعات و نصف قبل أن تستيقظ من جديد...
ابتاعت القهوة كما تحبها و قبل التفاتها لمغادرة المقهى لمحته جالسا معها...
شعرت بقبضة تعتصر قلبها و هي تراهما معا و كانت ستهرول مغادرة المكان، لكنها زمت شفتيها بعناد و تحركت ناحية طاولتهما لتلقي التحية...
و على بضع خطوات من الوقوف أمامهما كانت تتفاجأ بشيماء التي تركت مقعدها لتستدير حتى تغادر، لكنها التفتت مجددا ناحيته لتهمس بشيء قبل أن تهرول ناحية الباب...
راقبت قمر انصرافها الدرامي باستغراب قبل أن تلتفت ناحيته فتجده يحدق بها بنظرات مبهمة...ليبتسم فجأة و يقول ببشاشة: "حللت أهلا و سهلا آنسة قمر، تفضلي".
جلست قمر أمامه لتتعلق نظراتها بالعلبتين قبل أن تلتقي نظراتهما من جديد فتبتسم بحلاوة عندما قال لها: "كنت أود أن أغني لك طلع البدر علينا، لكن صوتي لا يساعد".
انتبهت لنبرة صوته المتغيرة فقالت بقلق: "هل أنت بخير؟"
أومأ برأسه و هو يقول: "مجرد زكام بسيط بسبب جلوسي الطويل أمام المكيف البارحة...سأشفى بعد أيام بإذن الله".
عبست بغير رضا لتشير إلى النادل الشاب فتقول عند اقترابه من طاولتهما: "أيمكنني أن أحصل على طلب خاص غير موجود في القائمة؟"
أومأ الشاب برأسه أثناء قوله: "تفضلي آنستي".
-"أريد حليبا دافئا ممزوجا بملعقة من العسل الحر إن كان موجودا".
قال الشاب بهدوء: "موجود يا آنسة".
شكرته بخفوت ثم التفتت ناحية مالك الشارد و هي تتساءل في سرها بغيظ: "كيف لم تهتم خطيبته بمرضه؟"
لوحت أمام وجهه لينتبه إليها، لكنه بدا و كأنه في عالم آخر فتساءلت بقلق: "هل تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة يا مالك؟"
لكن لا حياة لمن تنادي...تنهدت بعمق قبل أن تقوم من مكانها و تتحرك ناحيته لتضع يدها على جبينه بعفوية أجفلته فقالت بهدوء: "لم تترك لي خيرا آخر، أناديك فلا تسمع".
ابتسم لها و هو يقول: "آسف لم أسمعك...لا أعاني من ارتفاع في درجة الحرارة
-"لقد تأكدت من ذلك...هل تشاجرت مع شيماء، لمحتها تغادر مسرعة قبل قليل".
سألته باهتمام، فأجابها بغموض: "لا، لم نتشاجر...كل ما في الأمر أن لديها طائرة عليها اللحاق بها".
ليقول مغيرا الموضوع: "تبدين جميلة اليوم أيضا".
توردت وجنتا قمر ثم أغمضت عينيها للحظة قبل أن تفتحهما من جديد لتقول بثقة: "شكرا على إطرائك يا شريك".
كانت قد توجهت لتجلس على كرسيها من جديد في الوقت الذي أتى النادل حاملا كوب الحليب الدافئ الخاص بمالك...شكره بخفوت و هو يتناول منه الكوب فانصرف النادل بعد أخذه لفنجان قهوته الفارغ ليقول مالك و هو يأسر عينيها بنظراته: "على يديك تتساوى الألوان في الغموض مع الأسود الذي لطالما كان سيده...أي لون ارتديته تبدين به غامضة و تدفعين الناس للنظر إليك بحيرة محاولين فك شيفرتك، فيبدون كشخص وقف أمام لوحة تكعيبية دون أن يفهم المغزى من كل تلك المربعات و المثلثات المرسومة...
لكل لون وجه غامض يجعل الناس يشعرون بحيرة عند رؤيته من بعيد فيتيهون في وضع فرضيات لفك شيفرة الغموض من المعاني الظاهرة لهم ، لكن ظنونهم تظل معلقة كشخص يسير فوق حبل رفيع دون أن يوازن نفسه بشيء فتكون النتيجة إما بنجاته أو وقوعه".
ظلت تتأمل في ما قاله للحظات قبل أن تقول: "لأبسط كل ما قلته في تعبير واحد واضح: أنت تراني كرمادي يقف بين غموض الأسود و وضوح الأبيض صحيح؟"
رد عليها مالك بوضوح: "لا يليق بالرمادي أن يتشبه بإنسانة صادقة مثلك سيدتي...الرمادي يقف منافقا بين ظلام الأسود و طهر الأبيض...ينفر منه البعض لغلبة الأسود عليه بينما يرى البعض أن نقاء أبيضه أنار ظلمة أسوده، فيظهر على هوى الأول و الثاني لكنه بدون معنى و بدون حياة كرسمة ملونة بقلم الرصاص".
وجدت نفسها تبتسم، فتابع قائلا: "ترتدي نساؤنا الأبيض في الفرح كما ترتديه في الحزن، لكنك عندما لبست يوم عيد ميلادك الأبيض تركت الناس حائرين إن كنت ارتديته فرحا أو حزنا؟ جعلتهم يقفون في منطقة غموض تائهين بين الحزن و الفرح و كلاهما ليسا الفرضية الصحيحة...بل ارتديته فقط لأنك أحببته...كما سترتدين الأحمر في عيد الحب ربما ليس لتظهري للناس أنك تحبين و كأنك مراهقة ساذجة تريد أن يعلم العالم بحبها...بل لأنك أردت ذلك...أردت كسر هذه العادة الغريبة حتى لا يظل الأحمر حكرا على العشاق هذا اليوم".
تحولت ابتسامتها إلى ضحكة أخذت تعلو و تعلو قبل أن تعود إلى خفوتها لتقول صاحبتها بهدوء: "مرات كثيرة عندما كنا في الثانوية كنا نجلس لساعات لحل مسألة رياضية بطرق غريبة و عجيبة لا تجدي نفعا، لنجد وقت التصحيح أن الحل كان قريبا منا جدا لكننا كنا أكثر عميا من أن نراه".
اتسعت عينا مالك باندهاش و شعر و كأنها سحبت البساط من تحت قدميه، فابتسمت لتتابع بنبرة ذات مغزى : "ربما كان السبب تأثرنا بالفلسفة وقتها كمادة جديدة علينا كالبحر، فيها أفكار كثيرة و فرضيات كثيرة و بين كل الفرضيات هناك واحدة يؤمن بها كل شخص يتشبث بها تشبث فيلسوف بفكرته، تشبث عالم بنتيجة دراسته دون أن يحيد برأيه عنها حتى لو كان تشبثه بها يساوي الموت".
ثم نظرت إلى ساعتها لتقول: "سيكون المهندس قد وصل، هيا بنا إلى الشركة حتى نستقبله"...
*********************************************
بعد أيام:
كانت متجهة إلى مكتبها بعد أن كانت تتواجد في المبنى المتصل بالمقر الإداري لشركتهم الدوائية و الذي يضم مجموعة من أحدث المختبرات لصناعة الأدوية عندما أوقفتها المساعدة الشابة -التي تتنقل بينها و بين مالك حاليا حتى يبحثون على واحدة أخرى- بقولها الجاد: "دكتورة قمر هناك عامل توصيل ينتظرك في مكتبك و معه طرد كبير رفض مني استلامه".
التمعت عينا قمر بفرح ثم قالت بهدوء: "حسن، سأستلمه منه بنفسي".
دلفت قمر إلى مكتبها ليقف الرجل الذي كان يجلس على إحدى الأرائك الواقعة في الطرف الآخر من المكتب الفسيح لتقول له: "مرحبا، أنا هي قمر بن سودة".
نظر الرجل إليها بتمعن قبل أن يخرج دفترا كان يحمله و يطلب منها بطاقتها الوطنية فأعطتها له ليعيدها إليها بعد لحظات و هو يقول: "أيمكنك أن توقعي على الإرسال سيدتي".
لبت طلبه برحابة صدر قبل أن تنقده فينصرف ليتركها وحدها من الطرد الذي تعرف سابقا محتواه...
همست و هي تفتحه: "أخيرا سأراها أمامي بعد أسبوع انتظار تلا الأسبوعين الذي انتظرت فيهما خبرا من دار النشر".
حملت أحد الكتب الموضوعة بقلب العلبة الكرتونية لتمرر يدها على الغلاف الخلاب و عيناها تلتمعان بالدموع...مولودة قلمها الأولى سترى الضوء قريبا و كما أخبرها صاحب دار النشر أنها ستكون في المكتبات ابتداءً من صباح الغد...و قد كان الرجل كريما و لبى طلبها بالحصول على عدد من النسخ من أجلها...
لا ليس من أجلها، هذه النسخ كلها ستتوزع كهدايا على المقربين منها...
تحركت لتلتقط الهاتف المتصل بمكتبها فتقول بهدوء: "سلمى، اتصلي بالمكتبة التي نتعامل معها و اطلبي منهم تجهيز ورق هدايا أنيق من أجلي و أرسلي جواد حتى يحضره".
لم تهتم بسماع ما قالته الفتاة و هي تغلق الخط و تعود إلى علبتها...
إنها لم تخبر والديها بالأمر حتى، لقد أخبرتهم أن خبر دار النشر تأخر لسبب لا تعرفه...ستكون مفاجأة للجميع غدا عندما تصل إليهم الهدايا...
طرق على الباب أخرجها من أفكارها فحملت العلبة بسرعة لتضعها أسفل مكتبها قبل أن تجلس على الكرسي مدعية العمل آمرة الطارق بالدخول...دلف مالك إلى الداخل تاركا الباب مفتوحا كعادته ثم سار ليجلس بعفوية فوق سطح مكتبها ليمد ناحيتها أوراقا و هو يقول: "هؤلاء المتقدمين الجدد للوظائف الشاغرة، سنرتب أمورنا لمقابلتهم في الأيام القادمة، لكن لا يمكننا التأخر، الضغط حول الجميع كبير بما أننا لا زلنا في البداية و كلما زاد عددنا قل عبؤنا".
قالت بهدوء و هي تتطلع إلى الأوراق: "تذكر أننا لا زلنا في البداية و إن وافقنا على موظفين أكثر مما يجب سنجد مشكلة في سداد راتبهم نهاية الشهر، صحيح أن والدينا لن يقصرا في دعمنا من الجانب المادي لكنني أريد أن تتصاعد الأمور تدريجيا دون أن نأخذ دينا من أحدهم...لكن المطلوب أن نجد مساعدة أو مساعدا لأننا أرهقنا المسكينة سلمى بتلبية طلباتنا معا".
أومأ برأسه و هو يقول: "أنا معك في الأمرين...سنجتمع غدا مع والدك و نحدد الحد الأقصى للموظفين حاليا حسب ميزانيتنا...آه بالمناسبة لدينا اجتماع غدا مع مصحتين تريدان تجديد شركة الأدوية التي يتعاملان معها و قد وقع علينا الاختيار مع شركات أخرى، أتمنى أن ننال العمل معهما معا أو على الأقل مع إحداهما حتى يذيع صيتنا لأنهما من أشهر المصحات في المدينة".
نظرت قمر إليه قبل أن تقول باستغراب: "و كيف وافقوا علينا و شركتنا لازالت في بداية مشوارها؟"
-"لا أدري حقا، لكن يبدو أنهم درسوا معلوماتنا جيدا...لا تنسي أنني درست في فرنسا ثم اشتغلت عاما كاملا هناك، بينما درست في أحسن الجامعات في ألمانيا و خضغت التدريب في أشهر مختبراتها...بالمناسبة، ما تلك العلبة التي وصلتك قبل قليل؟"
اندهشت قمر من سؤاله الذي يحمل الفضول بين طياته ثم قالت بغموض: "أشياء خاصة".
فأومأ برأسه ببساطة و هو يعتذر على تطفله قبل أن يتحرك إلى خارج المكتب...
رفعت سماعة الهاتف مجددا لتقول بجدية: "آنسة سلمى التحقي بمكتبي حالا".
دلفت الشابة التي تصغرها بسنتين أو أكثر كما تتذكر لتقول بهدوء: "أردتني يا دكتورة".
أشارت لها قمر حتى تجلس ثم قالت: "أريد أن أعرف، لم توصلين جميع المعلومات إلى مالك و تنسين إخباري بها أنا أيضا؟"
توردت وجنتا الفتاة قبل أن تقول بحرج: "سامحيني دكتورة قمر، لكنني لا أوازن بين تحقيق رغباتكما معا...منذ البداية كان قراركما بأن أكون مساعدة السيد مالك الشخصية فأنسى مرات كثيرة أن علي أن أنقل لكما جميع المعلومات معا بما أنك لم تجدي مساعدة أخرى...أنا آسفة".
قالت قمر بتفهم: "لا بأس...أيمكنك الآن أن تخبريني عن المصحتين اللتين قررتا التعامل معنا في حال اتفقنا في الاجتماع؟"
أومأت المساعدة برأسها قبل أن تقول: "مصحة الشفاء و مصحة ابن رشد".
التمعت عينا قمر و عقلها يتسمر أمام اسم واحد...شادي، ترى ما الذي يريد هذه المرة؟...
*********************************************
دلفت إلى غرفتها بعد تناولها العشاء مع عائلتها لتخرج العلبة التي كانت وضعتها في خزانتها عند وصولها...أخرجت ورق الهدايا و مقص لتبدأ عملها بعد أن وضعت سماعات الهاتف في أذنها حتى تتصل به...
ظل الهاتف يرن طويلا حتى توقعت أنه لن يجيبها...لقد حصلت على رقمه بعد اتصالات طويلة بأصدقاء قدامى لهما معا و كان الكثيرون قد انقطعت علاقتهم به قبل أن تجد رقمه أخيرا بحوزة فردوس...فتح الخط أخيرا لتقول بهدوء: "مساء الخير يا شادي".
قال بهدوء: "مساء النور، عفوا لم أعرفك من معي على الخط؟"
ابتسمت قمر بسخرية قبل أن تقول: "لا داعي للكذب يا شادي لأنك تعرفت علي جيدا...عموما أنا قمر".
جاءها صوته قائلا بترحاب: "مرحبا قمر...صدقيني لم أتعرف على نبرة صوتك...كيف الحال؟ هل أنت بخير؟"
غمغمت بالحمد و هي تسأله عن حاله فأجابها بنفس جوابها قبل أن يقول: "سمعت أنك افتتحت شركة للأدوية مع زميل لك مبارك لكما".
-"الأخبار تصلك كما توقعت يا شادي، لذا سيتحول شكي في ما حصل و كان سبب اتصالي هذا إلى يقين".
تساءل باهتمام: "ما الذي حصل؟"
زفرت بعمق متمنية لو كان أمامها فتنقض عليه بسبب لامبالاته هذه و ادعائه و كأنه لا يعرف سبب اتصالها...لتهمس بعد لحظات بنبرة غامضة: "لقد تم اختيارنا من طرف مصحة والدك لنشارك في تفاوض بين شركات أخرى للأدوية حتى يتم اختيار من سيتعامل مع المصحة...أجده أمرا غريبا صراحة و نحن ابتدأنا للعمل قبل مدة قصيرة جدا".
جاءها صوته الهادئ مخاطبا: "صدقيني، إن كنت تظنين أن لي يد في الأمر فأنت مخطئة...أنا لا أتدخل في عمل أبي إطلاقا، كما أن والدي يكره أمر الوساطة حتى و لو كان ابنه طرفا منها".
ثم تابع قائلا: "أتمنى لشركتكما التوفيق يا قمر، أنا واثق بأنك تستحقين العمل حقا حتى لو كانت شركتكما في بداية مشوارها...علي أن أغلق الآن تصبحين على خير".
أغلق الخط، فظلت تنظر إلى الهاتف باندهاش قبل أن تتساءل: "هل هذا شادي مفيد حقا؟ لم أتخيله يتحدث بهذا الأدب قط".
ثم تابعت همسها و هي تهز كتفيها و كأنها تحاور شخصا آخر لا نفسها: "يبدو أننا في النهاية نتغير بالفعل". ثم تابعت عملها و على شفتيها ابتسامة مرتاحة...
*********************************************
بعد ساعات:
بحذر و بطء كانت قمر تتسلل إلى غرفة والديها الغارقة في الظلام، توجهت ناحية المنضدة الجانبية التي تجاور والدتها فوضعت الكتاب المغلف بورق الهدايا و وضعت نسخة أخرى بجوار والدها...
أضيء ضوء الغرفة فجأة، فأغمضت عينيها ثم فتحتهما لتجد والدها أمام الباب، باندهاش كانت تلتفت قمر إلى مكانه على السرير فتجده خاليا في نفس الوقت الذي قال فيه والدها: "قمر، ما الذي تفعلينه هنا؟"
أشارت له حتى يصمت ثم نظرت إلى والدتها التي تغط في نوم عميق، لتعود أنظارها إلى والدها فتهمس بخفوت: "أحضرت لكما هدية، لكن لا داعي لفتحها الآن، انتظر حتى الصباح بابا".
ثم تمنت له ليلة سعيدة قبل أن تختفي من أمامه مغلقة الباب من خلفها...
ابتسم كمال و هو يتجه ناحية سريره ليلمح الشيء المغلف فوق المنضدة الجانبية التي تجاوره...نظر إلى زوجته النائمة بجواره بسلام لم يشأ أن يفسده رغم أنه يتطلع لإزالة ورق الهدايا و معرفة ما يختفي من خلفه...أسبل أهدابه ليهمس بصبر: "كلها ساعات قليلة يا كمال و ستعرف ما الذي يوجد بالداخل، فصبرا"...
*********************************************
دلفت عائشة إلى مكتبها في الشركة فوجدت قمر تجلس على كرسيها تلتف حول نفسها قبل أن تعود إلى نقطة البداية أمام المكتب و هي شاردة الذهن...لم تستطع عائشة منع نفسها من الضحك و هي تتساءل: "هل تجربين جودة كراسي الموظفين أيتها المديرة؟"
رفعت قمر عينيها و هي تبتسم ثم قامت من مكانها لتسير ناحية صديقتها و تقول بامتنان: "أتعرفين أن أكثر شيء يسعدني هو تخليك عن التدريس و الانضمام للعمل معي يا عائشة، صدقا وجودك هنا يعني لي الكثير".
ابتسمت صديقتها و قد أشعرتها كلمات قمر بالفخر، ثم قالت بهدوء: "تعرفين أن التدريس بالنسبة لي كان خطة مؤقتة، لم أكن أحلم أن أكون يوما أستاذة...إنه عمل متعب حقا و تجربة عام واحد تكفيني".
ضحكت قمر برقة قبل أن تقول: "عموما، لقد أتيت لأحضر لك هدية ستجدينها فوق سطح مكتبك...نلتقي بعد قليل في الاجتماع".
تحركت لتتجه ناحية الباب في الوقت الذي كانت عائشة تزيل ورق الهدايا ثم تقرأ عنوان الكتاب لتتسع عينيها اندهاشا للمفاجأة و تصيح بنبرة فرح: "هل طبعت أخيرا؟"
استدارت قمر و هي تومئ برأسها، فوجدت نفسها فجأة بين أحضان صديقتها تبارك لها...هتفت عائشة بعد أن ابتعدت عنها: "الليلة سأقرأها، لن أنام حتى أنهيها".
ضحكت قمر قبل أن تقول: "إذن أتمنى لك قراءة ممتعة يا جميلتي"...
غادرت قمر مكتب صديقتها و هي تبتسم بسعادة ثم ارتقت الدرج إلى الطابق الذي يعلوه حيث مكاتب مجلس الإدارة دون أن تهتم بانتظار المصعد الشاغر...
تقابلت مع مالك و هو يخرج من المصعد فابتسمت له و هي تلقي تحية الصباح ببشاشة قبل أن تتجه ناحية مكتبها و هي تهمس في سرها: " و كأن الأسود خلق من أجلك يا مالك".
جلست على كرسيها و يدها تعبث بالسلسال الذي تجرأت أخيرا على وضعه...السلسال الذي يضم حجر القمر...
كانت تدندن بلحن ما و هي تقرأ أوراقا أمامها ليتم اقتحام مكتبها فجأة...بدون أن ترفع عينيها كانت تعرف أنه هو من رائحة عطره...
جلس براحة على الكرسي الذي يقابلها ليقول بهدوء: "أ ستخبرينني بسر سعادتك أم أنها أمور شخصية؟"
توقفت عن الغناء لترفع عينيها إليه و تقول مراوغة: "هل كمية الأدوية التي صنعناها ستكون كافية للمصحتين إن كسبنا العمل معهما؟"
أومأ برأسه و هو يقول: "بالتأكيد".
قالت بهدوء: "ستأتي اليوم لجنة من وزارة الصحة لمراقبة العمل في المختبرات و جودته، كان من المفترض أن يتم الأمر قبل أيام لكن تعذر عليهم الحضور...بعد مجيئهم و إصدارهم للتقرير سيمكننا التعامل مع مختلف الصيدليات و المشافي الحكومية و الخاصة".
حرك مالك رأسه إيجابا قبل أن يقول: "لدي علم بالأمر و سنكون في استقبالهم معا...لدينا الكثير من العمل هذا اليوم و متأكد أنها ستنتهي بأشياء جميلة".
-"أكثر شيء أحبه هو تفاؤلك يا شريكي...لم أكن أتوقع أن الحكماء يتحلون بالتفاؤل".
غمغم مالك بهدوء: "الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء سيدتي...عن إذنك سأتوجه إلى مكتبي بما أنك لا تريدين الإفصاح عن سبب سعادتك".
ابتسمت قبل أن تجيبه: "على الأشخاص العظماء أن يتحلوا بالصبر قليلا، ستعرف كل شيء في وقته... بالمناسبة كيف حال شيماء؟"
أراد أن يجيب عن سؤالها، لكن هاتفها رن فجأة، نظرت إلى رقم والدها ثم غمغمت باعتذار: "أبي يتصل، نتحدث بعد قليل يا مالك".
غادر مكتبها و هو يتساءل في سره: "لِمَ لَمْ يخبرها والدها أنني و شيماء انفصلنا منذ مدة طويلة؟"...
*********************************************


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 02:22 PM   #169

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ألم يقولوا أن النجاح خليط من التوكل على الله و العمل، مع الثقة بالوصول إلى ما نريده مع رشة من رذاذ التفاؤل...
و قد تحليا بكل هذا في فترة قصيرة و حصلا على أول عملين لهما في نفس اليوم...
بثقة و أعين راضية بنجاحهما الأول معا كانا يسيرا إلى خارج المصحة الثانية بعد أن حصلا على العمل معها و سيتم توقيع عقد لمدة عام كامل قابل للتجديد، بينما تم توقيع عقد عملهم مع مصحة الشفاء مباشرة و هي مدينة للزمالة التي جمعتها بشادي منذ السلك الابتدائي، فما إن بحث والده عن معلومات حول شركتهم و عرف أنها من مجلس الإدارة حتى أعطى لشركة فرصة لحضور الاجتماع و عرض صفقتهم للتعامل مع المصحة و التي كانت مناسبة لهذه الأخيرة...
ابتسمت بشرود و هي تفكر أنها عاملت شادي معاملة سكان القرية للراعي الكذاب، فظنت أنه من طلب من والده أن يتعامل معها و أنه يضمر خلف هذه اللفتة سوءا سيمس تماضر بالتأكيد قبل أن يمسها...كما أنها كانت متفاجئة عندما سألت زهير مفيد عن ابنه مدعية أنها لم تعد تتواصل معه منذ سنوات فأجابها الرجل أن ابنه بخير بعد ما حدث و غير حياته قبل ثلاث سنوات، فاكتفت بإخباره بأنها سعيدة بذلك رغم أنها لا تعرف ما حصل...و يبدو أن مساعدتها سلمى قد شعرت بأنها لا تعرف ما حدث له فأخبرتها أن إحدى قريبتها التي تعمل في المصحة منذ سنوات قد حكت لها عن الحادثة الخطيرة الذي كانت ستنهي حياة شادي مفيد و التي تعرض لها بعد خسارته للفتاة التي كان مرتبطا بها...
قبل ثلاث سنوات عندما عرف والد تماضر بأمر شادي و عاقبها كانت ترى شادي مذنبا تماما بينما كانت تحمل صديقتها جانبا مذنبا و الآخر ضحية...
لكن عندما كانت تكتب قصتهما في روايتها لا تدري لم تذكرت طلاق والدي شادي و زواج والده من امرأة أخرى و قد كانت تعرف الأمرين منذ زمن، فدفعها فضولها لتسأل تماضر إن كان قد حكى لها شيئا عن اضطراب علاقة والديه فأخبرتها بالكثير حتى باتت تراه هو الآخر ضحية...شادي و تماضر كانا وجهان لعملة من ألم...تشاركا نفس المعاناة رغم اختلاف الطريقة، لكن النجاة من معاناتهما لم تكن في اجتماعهما معا...
حتى لو لم يحدث ما حدث قبل ثلاث سنوات، كانت علاقتهما هذه ستنتهي عاجلا أم آجلا لأنها كانت علاقة طفيلية...مبنية على أسس غير صحيحة...علاقة مثقلة بالألم هادمة للحب و للكبرياء...بل هو مجرد وهم حب تشبثا به معا...لقد ظنا حقا أنهما يحبان بعضهما لكنهما مع الأسف لم يكونا كذلك و هذا السبب في إثقال علاقتهما بالفراق و الكذب المتكررين...
و لقد كانت نهايتها خلاصا لهما معا...و بداية جديدة نحو حياة بلا ألم...
زمت شفتيها و هي تتذكر السبب الثاني الذي دفع شادي بالقيام بخيانته الأخيرة...لقد كان أكرم...
لم تعرف ذلك سوى قبل أسابيع عندما اتصل والدها بشركة لشبكة الاتصالات يتعامل معها و طلب منهم إرسال مهندس معلوميات من أجل تجهيز ما تحتاجه الشركة ضمن النظام الالكتروني فتفاجأت قمر عند رؤيتها للمهندس الذي أرسلوه....لقد كان أكرم...
تجاهلته فور أن رأته و تركت لمالك حرية التعامل معه بينما انشغلت هي في أشياء أخرى، لكنهما تقابلا في النهاية و حدثها...و كان سعيدا بتذكيرها بما حصل و إخبارها أنها السبب الذي دفعه ليملأ عقل شادي و يجعله يقوم بما قام به...
الغبي لقد كان يظن أن بسقوط تماضر و كسر قلبها سيستطيع بسهولة الوصول إليها ظانا بأن صديقتها تسمع منها الكلام...لو استمعت إليها تماضر بالفعل لما ارتبطت بشادي منذ البداية لأن قمر تمقت العلاقات المحرمة...
و كانت سعيدة بإخباره بكل هذا، فتراجع منكسرا و كأنه شخص عرف لتوه أن سقوط الملكة في لعبة الشطرنج صعب جدا، و عليه أن يسقط الكثير قبلها قبل أن يصل إليها...
ابتسمت و مالك يفتح لها باب السيارة في عادة لم تعتدها منه، لكنه برر ما قام به بصوته الهادئ: "أظنك غرقت من جديد في عالمك الخاص حتى ظللت أمام السيارة دون أن تشعري بأنك أمامها".
ضحكت برقة ثم قالت: "على ما يبدو".
ثم غيرت الموضوع قائلة: "لقد كانت الأمور جيدة اليوم".
أومأ برأسه مغمغما بالحمد ثم أردف قائلا: "هذا بفضل إصرارنا و عملنا الدؤوب".
أومأت برأسها ثم امتدت يدها عفويا لتشغل المذياع...لم تنتبه أن يده امتدت أيضا لفعل ذلك و لم ينتبه لها هو الآخر فتلامست الأنامل بخفة و التقت عيناهما في صمت قبل أن يبتسم لها و هو يقول: "شغلي المذياع إن أردت".
حركت رأسها و شغلت المذياع لتبحث بين الإذاعات و عقلها ساهم في ابتسامته التي تزداد جمالا و سحرا عاما بعد عام...نهرت نفسها و هي تتذكر أنه ملك لأخرى و أن عليها التوقف عن التفكير بهذه الطريقة...
توقفت على إذاعة كانت تعرض أغنية لفيروز...ابتسمت و هي تغني معها بينما همس هو بشرود: "فيروز".
أومأت برأسها، فتابع قائلا بشجن: "كانت أمي تعشق الاستماع لأغانيها في الصباح أثناء إعدادها للإفطار، كنت أنا و نهى نستيقظ على صوتها و رائحة الرغيف الشهية أو رائحة الفطائر...كنت أحب فطائر التفاح بينما كانت نهى تحب فطائر الفراولة فكنا نتشاجر أنا و هي حول حشوة الفطائر قبل الإفطار...أنا أقول أن أمي تحضر فطائر التفاح أكثر لأنها تحبني أكثر منها و هي تقول أن أمي تحضر فطائر الفراولة أكثر لأنها تحبها أكثر...وقتها كنا صغارا و لم نكن نعرف أن لكل فاكهة موسمها الخاص فأتذمر عندما أجد على الإفطار فطائر الفراولة و لا آكلها".
ضحك ثم قال بحزن: "يا ليتها تعود و تطهي لي فطيرة حتى و لو كانت فطيرة فراولة أقسم أنني سأتناولها بدون تذمر".
توقف فجأة عن السياقة فتفاجأت بوجودهما في الكورنيش، ترجل من السيارة أمام ناظريها بدون أن يضيف كلمة واحدة...جلس على مقدمة سيارته ينظر بشرود إلى البحر الظاهر...مرت دقيقة، دقيقتان و ثلاثة و هي تراقبه من داخل السيارة قبل أن تترجل من السيارة بحزم و تجلس بجواره عليها...
لقد هرب منها فقط كي لا يبوح أكثر، لكنها تبعته بعناد تستفزه بوجودها حتى يفرغ ذكرياته مع أمه على مسامعها....و كان باب الألم قد فتح و لم يعد هناك مجال لإغلاقه فقال بصوت حزين كأمواج البحر الهادئة و القادمة من بعيد: "عندما ماتت...كل ليلة كانت تمر من دونها كانت كالدهر...كنت أتخيل أنني سأعود إلى المنزل و سأجدها تفتح لي الباب...لكن لا أجد شيئا و لم يتبقى لي شيء منها غير الذكريات و الألم".
أشاح بوجهه بعيدا عنها، لكنها لمحت الدمعة التي سالت من عينيه ببطء و شجن...لا تدري من أين حصلت على الشجاعة لتقف أمامه و ترفع يدها تمسح الدمعة و المسار الذي سلكته ليبدو و كأنها لم تكن...نظر إلى عينيها الحنونتين بعمق و شيء غريب يتحرك في صدره...لقد كانت نبضة...نبضة خائنة تأثرت بتصرفها الرقيق...
و كأنها كانت منومة و استفاقت، فسحبت يدها بشيء من الخجل قبل أن تهمس: "لن أقول أنني شعرت بنفس شعورك لكنني شعرت بجزء منه عندما كانت أمي مريضة و كنت بعيدة عنها...كان الألم يفتك بي رويدا رويدا...كنت أخاف أن يخبرني أبي في كل اتصال أنها رحلت...كنت أشعر بالوحدة رغم وجود جدتي، رغم اتصالات أبي و زياراته...كانت تلك الوحدة تختفي فقط عندما أسمع صوتها...ليال كثيرة لم أستطع فيها النوم فكانت و كأنها تشعر بي فتطلب من أبي الاتصال فتقرأ على مسامعي القرآن بصوتها المتعب حتى أنام".
أولته ظهرها لتسيل دمعتين من عينها فمسحتهما بسرعة قبل أن تلتفت إليه و تهمس بارتجاف: "لنعد إلى الشركة".
استقلت السيارة أولا قبل أن يستقلها هو ثم انطلق ليظلا كلاهما صامتين و كأن شيئا لم يكن...و كأنه لم يخبرها بألمه الأعظم...و كأن عيناها لم تشهد دمعته و لم تمسحها أناملها...و كأنه لم يمنع نفسه عندما أولته ظهرها لتسيل دمعتاها بأن يتحرك ناحيتها و تتلقفها أنامله فقط كي لا يكسر قوتها و عزتها بنفسها...
ألقى عليها نظرة جانبية فوجدها تنظر بشرود عبر النافذة و على شفتيها ابتسامة...بفضول كان سيتساءل عن الشيء الذي حول حزنها إلى ابتسامة لكنه امتنع في آخر لحظة حتى أن ابتسامته اتسعت و كأنها أصابته بعدوى الابتسام...
تفرقا كل واحد منهما ناحية مكتبه فور وصولهما إلى الطابق الذي يضم مكتبيهما...أغلقت الباب خلفها و هي تضم سبابتها اليسرى و كأنها تخفي دمعته عن الشهود ثم سارت لتفتح درج المكتب و تأخذ الكتاب المغلف الذي يخصه...ظلت تنظر إليها و صوت بداخلها يهمس: "هل تملكين الشجاعة لتعطيه الكتاب؟ ماذا لو عرف أنه بطل الرواية و أنك بطلتها؟"
همست مجيبة نفسها: "لا لن يعرف، قصة شمس و هيثم لا تشبه قصة قمر و مالك...لقد كتبت كل شيء كي يبدو مثلها و مختلفا عنها و لن يدرك ذلك بالتأكيد".
أخذت نفسا عميقا ثم تحركت مغادرة المكتب إلى مكتبه...
طرقت الباب بخفة قبل أن تدخل، فرفع عينيه من فوق حاسوبه ليقول بهدوء: "تفضلي يا قمر".
أدركت فجأة أنها متسمرة في مكانها كالطفلة المعاقبة، فتحركت بثقة لتجلس قبالته ثم تمد له الكتاب المغلف بورق الهدايا و هي تهمس: "سألتني صباحا عن سر سعادتي، ها هي الإجابة أمامك!"
لوح بالكتاب و هو يقول بدهشة: "أهي روايتك؟"
أومأت برأسها، فقال بفخر: "مبارك لك، أنا سعيد لأنك نشرت رواية أخيرا كما سأكون أسعد بقراءتها".
قالت بثقة: "أنتظر رأيك إذن".
-"و أنتظر توقيعك في القريب العاجل".
ارتسمت على شفتيها ابتسامة هادئة أثناء قولها: "سيكون حفل توقيعي الأول بعد أيام قليلة، سأخبرك بالموعد فور أن يتم تقريره".
قامت من مكانها لتغادر مكتبه و قلبها يخفق بعنف بينما عقلها يتساءل بحيرة: "ترى هل كان ما قمت به صحيحا؟"...
*********************************************
محمد:
كان يستعد لمغادرة مكتبه عندما دلفت مساعدته الشخصية و هي تقول: "لقد وصلك طرد أستاذ محمد".
التفت إليها و هو يعدل ياقة سترته لينظر إلى الشيء المستطيل المغلف الذي بين يديها فتلتمع عيناه مخمنا ما الذي بقلب الظرف الأصفر...
قال بهدوء: " ضعيه على مكتبي سيدة ريم".
نفذت طلبه بهدوء قبل أن تغادر فيتجه ناحية مكتبه ليفتح الظرف ثم يزيل ورق الهدايا لينظر إلى الكتاب...ابتسم و هو يقول بخفوت: "أخيرا فعلتها يا قمر".
ألقى بالظرف في سلة المهملات ثم حمل حاجياته ليغادر مكتبه فيمر بمكتب شريكه المقفل، فيعود إلى ريم التي تعمل على حاسوبها و يسألها: "متى غادر علي؟"
-"قبل أكثر من ساعة أستاذ محمد، لقد قال أن لديه موعد مع موكل في مكان عام".
أومأ برأسه و هو يذكرها بألا تطيل البقاء كعادتها فأومأت برأسها لكنه لم ينتبه لإيماءتها أثناء انصرافه...
نزل الدرج ببطء ليرن هاتفه فيجيب على اتصال أمه و هو يعرف قبل أن تخبره أن هناك ضيوف في المساء فلا يجب عليه أن يتأخر في العودة...
هو يعرف ما الذي تسعى إليه أمه وراء هذه الدعوات منذ أن أستقر في عمله، لكنه مع الأسف لن ينجح في تحقيق ما تريده...
فالقلب يحب مرة واحدة و قلبه مملوك من طرفها...
أنهى الاتصال باقتضاب و يده تضغط على الهاتف ثم تابع نزول الدرج...
استقل سيارته ليلقي بحاجياته في المقعد الخلفي فتسقط رواية قمر لكنه لم ينتبه لها و هو يجلس في مقعده و ينطلق...
بعد رحلة دامت نصف ساعة كان أمام البيت...فكر في سره أنه سيدخل من المرآب و سيصعد مباشرة إلى غرفته ليغير ملابسه و يذهب إلى النادي الرياضي دون أن تنتبه أمه...
فتح باب المقعد الخلفي ليحمل حقيبته فيلمح كتاب قمر الذي سقط مفتوحا على وجهه...كاد أن يغلقه لكن عيناه تعلقتا فجأة بالصفحة المفتوحة فبدأ يقرأ بخفوت المكتوب:
"كان حبه لها أكبر انتصاراته و كان تخليها عنه في رمشة عين هزيمة نكراء في حرب كان فيها مسلوب الإرادة مكبل اليدين...حرب قادها جيش خلق من العدم بقيادة من أصبح زوجها في ما بعد، دون أن يهرق قطرة دم فقد أوقفت الحرب قبل بدايتها و قبل حضور جيش الخصم إلى ساحتها بكلمة من والدها الذي منحه كل الصلاحيات ليكون سيد قلبها و ملكه و كانت هي موافقة على انقلابهم غير المعلن على حبيبها...حتى أنها كانت سعيدة به"...
تسمر في مكانه و هو يشعر و كأن قمر كانت تصف نهاية قصته مع ندى في هذا المقطع...تساءل في سره إن كانت قمر قد قصدت كتابة قصته مع ندى في روايتها أم أن الأمر مجرد صدفة؟ نظر إلى الكتاب بين يديه ثم وضعه بقلب السيارة من جديد ليستقل مقعد السائق و ينطلق عائدا إلى مكتبه ليعتكف هناك و يعرف ما تخفيه روايتها من قصص و خبايا عند قراءته لها...
*********************************************
ندى:
سمعت صوت الباب يفتح فلم تتحرك من مكانها بينما عيناها تراقبانه بجمود و هو يزيل سترته ليعلقها و ينزع حذاءه ليرتدي خفه البيتي...فور أن استدار أبعدت نظراته عنه و ادعت مشاهدتها للتلفاز فلم تلمح ابتسامته الساخرة التي تدل على أنه كان مطلعا على تحديقها به...
سار بهدوء إلى حيث تجلس بدلال على الأريكة فلم يهمس بتحية المساء بل ارتمى ليجلس على الأريكة المجاورة دون أن ينبس بكلمة...
حتى التحية صارت بينهما كشيء ثقيل و مكلف...
قاطعت الصمت أخيرا هامسة بتساؤل خافت: "هل أحضرت لي الكتاب الذي طلبته منك؟
فأجابها ببرود و نظراته الجليدية تخترقها: "نسيته في السيارة، اذهبي و أحضريه أنت".
زفرت بإحباط قبل أن تتحرك أمامه لتلتقط مفاتيح سيارته و تتجه إلى الخارج حيث يصفها في المرآب فتحضر الرواية التي جعلتها تتصل به زوالا تترجاه أن يحضرها لها عند عودته من العمل، فلبى طلبها بسرور كالعادة...المهم عنده هو أن تبتعد عن ساحته...
عادت لتجلس في مكانها فوجدته لم يتحرك من مكانه، أخفضت صوت التلفاز لتبدأ بالقراءة فقاطعها بعد صفحتين قائلا بسخرية: "ألا تغارين من صديقتك؟"
نظرت إليه باندهاش متسائلة عن أي صديقة يتحدث؟ فأجابها ببرود: "قمر، التي كتبت الرواية التي بين يديك".
همست بين أسنانها: "قمر ليست صديقتي، كانت مجرد زميلة".
فحدجها بنظرات باردة قبل أن يقول بتهكم: "آه، أجل فأنت لا تصاحبين فتيات مثل قمر...رفقتك دائما عديمة الفائدة مثلك".
أخذت نفسا عميقا تهدئ من حالها، ثم توسلت من الدموع التي امتلأت بها عينيها حتى تتراجع و لا تسيل أمام عينيه الصقيعيتين...ابتلعت ريقها و كأن حلقها يعاني من جفاف مفاجئ ثم قالت بهدوء: "سأصعد لغرفتي و أقرأ فيها، العشاء فوق الموقد إن أردت أن تأكل اخدم نفسك بنفسك".
قالت بتلك النبرة التي تسمرها: "تعشيت بالخارج".
همست في سرها بلوعة: "جعل ربي طعامك كالسم يمزق أحشاءك ألما"، ثم استدارت إليه لتهمس و ابتسامة واسعة على شفتيها تؤكد له أن طريقته هذه لن تهزمها أبدا: "صحة و عافية...يا حبيبي".
ارتفع حاجبه باندهاش قبل أن تلتوي شفتاه في ابتسامة ساخرة لم تبالي لها و هي تستدير و ترتقي الدرج و تدلف إلى غرفتهما...
سقط قناع الجمود من وجهها فكانت ستنغمس في حزنها و خزيها لكنها عادت لتلمح الرواية التي بيدها...ابتسمت بغرور و هي تهمس: "لن أسمح له بهزيمتي أبدا".
جلست و انغمست في القراءة التي أصبحت جزءا من نشاطات حياتها تمضي بها الوقت بدلا من التجول بحسرة في منزلها الموحش و البارد...
انغمست في الأحداث و الصفحات، شعرت و كأنها تعود لسنوات للوراء و هي تقرأ قصص الأبطال الذي أحبوا بعضهم في الجامعة...تذكرت أيامها الحلوة هناك، الأيام التي كانت قبل تعرفها على ياسر...كانت من أسعد أيام حياتها، لينقلب كل شيء بسببه...
تسمرت فجأة أمام فقرة...فالتمعت عيناها كشرارة نار و هي تعيد قراءتها بتأني و كأنها تطمئن نفسها أنها لم تكن المقصودة بالفعل:
"وقفتُ أمام المرآة متسائلة إن كان تصرفي ناحية ورد صوابا؟ اليوم كان زفافها، لكنني مع الأسف لم أستطع الحضور، فأرسلت هدية مع والديَّ اللذان حضرا الحفل بما أنهما أصدقاء للعائلة...لم أكن أستطيع النظر إلى وجهها، لم أكن أستطيع أن أرى سعادتها بينما إلياس يتألم بسببها...كلاهما كانا صديقي طفولتي...كلاهما كانا بمثابة أخوي...لكن تلك الصداقة التي كانت بيني و بينها تحطمت فجأة و كأنها لم تكن...كل ذكرياتي معها أصبحت بالية...كل ضحكاتها أصبحت أمام عيني زائفة...لقد اختفى ذلك القناع الكاذب الذي أخفت خلفه نفسها الحقيقية طوال سنوات...نفسها التي تعرفت عليها طوال الأشهر الأخيرة، فكذبت عيني أولا و احترت في أمرها ثانيا...ليتحول الشك إلى يقين في النهاية...ورد لم ترني يوما صديقة، لم ترني سوى تحدي عليها الوصول إلى مستواه أو ربما تخطيه...
سألتني نفسي إن كنت حزينة بعد كل ما جرى بيننا؟ فتهت في الجواب و احترت لأنني كنت أعيش شعورين متناقضين في آن واحد: كنت سعيدة لأنني عرفتها على حقيقتها كما كنت حزينة لمعرفتي بهذه الحقيقة...
صمتت نفسي باستغراب لما أقوله لأفسر لها الوضع قائلة: "لقد كنت كشخص أعمى يصف له الناس الدنيا بأجمل الصفات...لقد جعلوها جنة في عقله، فتاق ليستعيد بصره و عندما استعاده"...
ضحكتُ بسخرية و أنا أتابع: "عندما استعاده وجد الدنيا لا تحمل ربع مواصفاتها التي في خياله...فكان سعيدا لأن السواد لم يحتلها بالكامل، كما كان تعيسا لوجود ذلك السواد...سواد منتشر لا يمكن إصلاحه أبدا...هكذا كنت: سعيدة لظهور وجهها على حقيقته و تعيسة لأن صداقتي معها انتهت بعد هذه الحقيقة"...

سقط الكتاب من يدها، لتسيل دموعها ببطء...رفعته مجددا تعود صفحات إلى الخلف و هي تتساءل: كيف غفلت عن الأمر؟ كيف لم أعرف أنني ورد الجاحدة التي تركت خطيبها الأول لتتزوج بواحد أغنى منه؟ أنا أيضا فعلت ذلك! أنا أيضا تركت حبيبي من أجل ياسر الذي لم يستحق...
فتح الباب فجأة فارتعبت و هي تراه أمامها، لكنها استعادت هدوءها و حملت الكتاب لتتابع قراءتها رغم أن الكلمات تجلدها...لكن لا بأس أن تجلدها أسواط الحقيقة خير من أن تجلدها عينا زوجها اللتان تشبهان الزمهرير...
*********************************************
تسنيم:
متشاغلة عن المجتمعين في البهو و ضحكاتهم تملأ الأجواء، كانت تسنيم جالسة في غرفة الجلوس تطالع الرواية التي وصلتها من قمر و هي في أكثر درجات الاستمتاع بالأحداث...
اقتحمت والدتها الغرفة فجأة، فتنظر إلى وجهها بامتعاض اعتادت تسنيم أن تراه في عينيها منذ طفولتها...
وقعت عيناها على جملة محددة من الصفحة التي تقرأها، فابتسمت و هي ترددها في خفوت في سرها و كأنها تعويذة سحرية...تعويذة لكي تصبح أكثر ثقة في نفسها...
جاءها صوت والدتها الساخط أخيرا: "بدلا من الجلوس هنا مع ذلك الكتاب الذي لن يفيدك بشيء تعالي و اجلسي بجوارنا...أم أمين تلمح لي منذ ساعات بعريس مستقبلي لكِ، لديه وظيفة مرموقة و بيت و سيارة لكنه من الأسف سبق له و الانفصال...لكن لا بأس فمن أنت حتى تجدين رجلا كاملا لم تجده حتى النساء الجميلات الكاملات؟"
سكين انغرس في قلبها بقوة، لكنها تجاهلت ألمه و هي تردد جملة قمر في سرها: "كوني كالشمس المشرقة، ساطعة، متلألئة، خلابة، تمد نفسها بالدفء قبل أن تقدمه لغيرها".
رسمت على شفتيها ابتسامة واسعة، ثم قالت بهدوء: " و لم لست كاملة أماه؟ أتلوميني على شيء خلقه الله بي؟ لا أحد كامل يا أمي صدقيني: فحتى تلك التي ترينها جميلة و كاملة لديها ابتلاءات أخرى: ربما فقدت عائلة، سندا، مالا، عملا، ربما حرمت من الإنجاب أو أي شيء من هذا القبيل...أنا راضية على نفسي يا أمي، راضية على ما حققته و لا أحتاج لرجل يعايرني في كل مرة بخلقتي التي لم تتقبلها أمي التي أنجبتني فكيف يتقبلها هو الغريب عني؟"
لم تجد الأم ما ترد به على ابنتها، فابتلعت ريقها لتقول بارتجاف: "سأخبر أم أمين أنك نائمة، إياك و الخروج من هنا".
هزت تسنيم كتفيها بلا مبالاة ثم راقبت بصمت والدتها التي غادرت الغرفة لتهمس بوجع: "اللهم ارزقني الثقة بنفسي و القوة على مواجهة هذا المجتمع...اللهم ارزقني الثقة و القوة على مواجهة هذا المجتمع"...
*********************************************


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 02:30 PM   #170

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شادي:
-"حسنٌ يا صغيري، رغم أنني لا أدري إن كنت سأجد مكتبة مفتوحة في هذا الوقت، لكنني سأبحث".
سمع تذمر وسيم بعد الذي قاله، فقال مراضيا: "لا تقلق، لن أدخل إلى المنزل إلا و علبة الأقلام الملونة بحوزتي...أنظر، ها أنا قد وجدت مكتبة مفتوحة، سأغلق الخط".
أغلق الخط و هو يزفر بعمق ثم ترجل من السيارة ليوقف الرجل الذي كان يستعد لغلق مكتبته برجائه: "أرجوك يا عم، أخي يريد أقلاما ملونة و لم يتوقف عن إزعاجي منذ ساعات و أنا أجوب الشوارع بحثا عن مكتبة تعمل".
أومأ له الرجل ببساطة ليفتح الباب له من جديد و هو يقول: "تفضل يا بني".
شغل الإنارة فدلف شادي إلى الداخل ليشير لعلبة معينة و هو يقول: "أريد هذه أرجوك".
انتظر بصبر الرجل البطيء فمرر نظراته حول المكان ليلمح مجموعة من الكتب المكدسة فوق منضدة البيع...لم يكن يهتم يوما بالكتب، لكن اسم الكاتبة الذي قرأه على الغلاف من نظرته الخاطفة له كان من أدهشه: قمر بن سودة...تساءل في سره و هو يتجه للالتقاط كتاب من المجموعة: منذ متى و قمر تكتب؟
التمعت عيناه فجأة و هو يتذكر المسرحية التي قدمها قسمهم في السنة الأولى من السلك الإعدادي...لقد كانت قمر من كتبتها...تذكر بعدها القصيدة التي غناها في عيد الأم من نفس العام و كانت قمر ما كتبت كلماتها...استعاد ذكريات كثيرة كمشاركتها في مسابقة للقصص أقيمت على صعيد المؤسسة في السلك الابتدائي فحصلت على المرتبة الأولى...كما أنها كانت من تلقي تقديم حفل نهاية كل سنة و قد كانت تكتبه بنفسها...لطالما كانت تملك موهبة في التعبير بالكلمات لكنه ظن أنها نست الأمر عندما نضجت...لكن كما يبدو أن موهبتها صقلت كثيرا حتى تمكنت أن ترى النور...
رفع صاحب المكتبة رأسه أخيرا ليلمحه يحدق بالكتاب فقال له: "لا يغرنك العنوان الرومانسي، القصص التي بقلب الرواية رائعة جدا و بها كثير من العبرة يحتاجها الآباء و الأبناء في حياتهم".
سأله شادي باهتمام: "هل قرأتها؟"
أومأ الرجل الخمسيني برأسه ثم قال: "لقد وصلت قبل ساعات فقط و لم أمنع نفسي من قراءتها، فانغمست معها إلا أن وصلت إلى النهاية...كم أتمنى أن أقابل من كتبتها و أحييها على ما كتبته".
ابتسم شادي بشرود ليقول: "لقد كانت زميلة دراسة قديمة".
ثم تابع في سره بشوق لا ينضب: "و صديقة مقربة لمالكة قلبي".
سمع غمغمة الرجل: "إن التقيتها لا تنس أن تخبرها بما قلته، ستكون سعيدة بسماع رأي كهذا".
حرك شادي رأسه إيجابا ثم نقد الرجل و انصرف...
وضع ما اشتراه بجواره ثم انطلق إلى البيت، وجد وسيم في استقباله فناوله ألوانه قبل أن يصعد إلى غرفته و يجلس على الأريكة ناظرا للرواية التي اشتراها للحظات ثم فتحها ليبدأ بالقراءة...
تعرف على شخصيته من أول مشهد، أو ربما منذ أن لمح الاسم البطل القريب من اسمه يتحداه باستفزاز ألا يتعرف عليه...لقد كان اسمه فادي...
كان يتجاوز المشاهد الأخرى، لا يقرأ سوى مشاهده معها و التي احتفظت بكل شيء رغم اختلاف القصة...ضحك و هو يتذكر ذكريات سعيدة معها ثم سالت دموعه في ذكريات أخرى...لعن نفسه مرات و توسل لو أن الزمان يرجع للوراء فيصحح كل شيء لكانت ربما ترتدي خاتمه...توقف فجأة أمام فقرة هزت مشاعره و جعلته يلعن نفسه و أفعاله المجنونة ألف مرة:
"الحب...
كيف لكلمة بسيطة مكونة من حرفين أن تجمع بين طياتها أعمق المعاني و أقوى المشاعر؟ مشاعر متطابقة و متناقضة كقطب سالب و موجب، يلتقيان فيولدان شرارة كهربائية تضيء العتمة التي تحيط بنا...هل الحب أيضا يضيء عتمة حياتنا؟ أو ربما يكون سببا في انطفائها؟
في وقت ما من حياتي، كنت صبية عاشقة لقصص الأميرات الخيالية...تلك القصص التي كان الخير فيها ينتصر على الشر...حيث كان الحب أقوى من تعويذة مشعوذة شريرة تريد الانتقام من أميرة فقط لأنها أجمل فتاة في البلاد...تتنكر بهيئة عجوز و تقدم لها تفاحة تؤدي بها إلى الهلاك... قرأت قصة سنو وايت و شاهدتها مئات المرات بلا كلل أو ملل، و في كل مرة كنت أنتظر بحماس قدوم الأمير الوسيم ليوقظ أميرته بقلبة ثم يأخذها على ظهر جواده الأصيل إلى عالم الخير بعد أن يتم القضاء على المشعوذة الشريرة، فيعيشان في أمان و سلام مع قومهم....كنت سعيدة عندما لم تتحقق أمنية زوجة أب سندريلا بأن تكون إحدى بنتيها زوجة ابن الحاكم ، و عندما انتهت محاولتها لكسر الحذاء الزجاجي حتى لا ترتديه سندريلا بالفشل...هللت بسعادة عندما عرفت أن الأميرة النائمة ستستيقظ بعد سباتها الذي طال مائة عام عندما يهديها الأمير الذي اقتحم قلعتها المهجورة قبلة...أن علاء الدين الفقير سيصبح غنيا و سيتزوج بالأميرة ياسمين بمجرد امتلاكه لمصباح سحري...كم كان يبدو الحب شيئا سهلا وورديا في هذه القصص الخيالية...كم يبدو و كأنه أقوى شيء في الوجود، كضوء ساطع يبدد الظلام...كقمر يضيء عتمة الليل...متناسين فجأة أن القمر كوكب أناني يمتص نوره من رحيق أشعة الشمس دون أن يبدل مجهودا...كما يمتص الحب الروح و البهجة من كل قلب يسكنه...
كثيرون سيعتبرون رأيي هذا سوداوية...سوداوية مناقضة للقصص الخيالية...لكن هذا هو الحب...ليس ورديا كما يتخيله الجميع...فكما تحمل أحرفه بين طياتها الحنان و البقاء، تحمل أيضا الحيرة و البعد...كما تنبعث السكينة في قلبك عندما يهمس لك أحدهم بكلمة حب...فإنه يحمل الوجع عند احتفاظك بها لنفسك، مانعا كل حواسك بالصراخ بها بأعلى جوارحك...أتعرف معنى عدم امتلاكك لرفاهية البوح؟ أن تعجز عن الصراخ بعشقك الذي يكاد يفتك بقلبك المسكين، فقط كي لا يتحطم كبرياؤك. الكبرياء أولى من كل شيء...أولى من عشق ابتدأ بعماد ثم انتصف بشغف مقرون بشجاعة اعتراف ثم مختوما بقوة على تحمل ردة فعل حبيبك بعد اعترافك...للأسف كثيرون هم من يفتقدوا هذه القوة و الشجاعة و من بينهم أنا، فعندما يدخل كبريائي إلى أي معادلة يكون الاحتفاظ به كنتيجة هو أسمى شيء لأن الوجه الآخر للعشق يحمل شرارة عنيفة ارتبطت بعذاب عظيم يسبقها ليختم بعدم قدرتك على تحمل كل منهما...ستقهقهون بسخرية مني و تقولون لي أن الكتمان أيضا يسبب الألم. لذا سأختصر مجيبة أنني أفضل الكتمان ألف مرة على أن أخبر هيثم بحبي...
أتعرف ألم العيش في وهم حب؟ أن يكون قلبك متعطشا إلى هذا الشعور فتبحث عنه في الوقت الخطأ و عند الشخص الخطأ...أن تمضي في علاقة لاغيا قوانين المجتمع، قاتلا الكبرياء، أن تضطر للكذب و ارتداء الأقنعة حتى تظهر بأنك الشخص الأفضل...لقد كانت هيام هكذا، تبحث عن هيام تغدي به قلبها و روحها الضائعة...كانت تشتاق لمن ينسج لها أبياتا من غزل...لمن يكون قلبه نعم الوطن...لكنها لم تلاقي سوى الجفاء و الألم و الوعود الكاذبة من شخص أناني يرى استعماله لكلمة الحب في تنفيذ شعائره الخاصة مباحا...لم يكن يعرف أن للحب قدسية، لم يكن يعرف أن بعض الشعائر محرمة في دستور الحب...و أن أول مادة محرمة تضم قانونا يحرم الاعتراف بمشاعر لا يقرها بها القلب...
أتعرف صعوبة العيش مع الخوف، أن تكون كفريسة بين يديه...ينهشها كما شاء...و إن نجوت من بين أنيابه تصبح مضطربا، تلتفت دائما إلى اليمين و اليسار خوفا من أن يظهر من جديد و ينقض عليك...
أجل في هذه الأوقات يكون الحب عذابا، تكون و كأنك لعنت به و شفاؤك من هذه اللعنة يعني أن تتخلص من اللعنة الأولى التي خلقت معك: لعنة الكبرياء، الحاجة، أو الخوف...."

أغلق الكتاب بحدة، ثم مرر أصابعه على خصلات شعره يفسد تسريحته و هو يفكر في كلامها المنطبق تماما عليه...لقد كان ملعونا بالخوف، بينما كانت حبيبته ملعونة بحاجتها إلى من يحبها...
زفر بيأس و هو يؤنب نفسه قائلا: "أرأيت ما الذي جنيته بعد أنانيتك و خوفك من أن تعيش قصة والديك يا شادي؟ لقد فقدتها إلى الأبد و منذ سنوات...لقد صار ارتباطكما من سابع المستحيلات بعد الذي قمت به...و قد انتصرت هي، لأن حاجتها للحب ستغذى قريبا على يد رجل يعرف معنى الوفاء و الصدق و الشفافية في كل خطوة يخطوها...رجل يعرف الحب بجميع شرائعه و يسعى لتحقيقها...عليك أن تعترف أنك خسرت كل شيء يا شادي منذ سنوات و أن الزمن لا يمكنه العودة لإصلاح ما فسد يا شادي".
أغلق عينيه لتسيل دمعة واحدة ترثي حاله مقرا أخيرا أن القصة قد انتهت و أن لا وجود لبداية بعد النهاية...
*********************************************
تماضر:
معتكفة في غرفتها منذ ساعات و بيدها رواية أقرب الناس إليها...رواية تحمل قصة من حياتها...قصة تشعر بالخزي و العار من تذكرها لها من جديد مع كل كلمة قرأتها...لكن يبدو لها أن هذا الرجوع إلى الماضي سيكون آخر رجوع لها...أن ترى بعينيها غباءها و ضياعها في الماضي قبل أن تمضي نحو الحاضر و المستقبل معه...
ابتسمت بشرود و هي تعبث بخاتم الخطبة في يدها ليرن فجأة هاتفها فتشعر أنها كانت تنتظر هذا الاتصال منذ ساعات...
كان هذا هو وقت اتصاله الدائم بها، لا تدري لم اختار هذا الوقت و لم تتجرأ على سؤاله، لكن جواب السؤال أتاها ذات مرة في أحد الاتصالات: "أحب أن يكون صوتك آخر ما أسمعه قبل أن أخلد إلى النوم و أول ما أسمعه عند استيقاظي منه".
و قد كان كذلك حقا فدائما يتصل بها صباحا حتى أنه من يتكلف بإيقاظها باتصالاته...فتشتمه بصوت ناعس قبل أن تغلق الخط و بدلا من أن تعود إلى نومها تبتسم بانشراح و تقوم من سريرها بنشاط و سعادة لم تعتدهما أبدا...
فتحت الخط ليقول لها بتأنيب: "كل هذا الوقت لتجبينني".
قالت بهدوء و يدها تعبث بالكتاب الذي تضمه: "رنين الهاتف فتح أبوابا من التفكير في عقلي و لم أجبك حتى أغلقتها تماما".
ضحك ثم قال: "سأكون مسرورا إن كنت تفكرين بي".
قالت بانشراح و مرح لم تشعر به منذ فترة طويلة: "من أنت لتحتل أفكاري؟"
همس بصوت أجش: "توأم روحك الضائع الذي كنت تبحثين عنه طوال سنوات...فارس أحلامك الذي سيخطفك إلى العالم الذي ستؤسسانه معا...أميرك الوسيم الذي سيحارب كل شيء من أجل أن يرى ابتسامتك...أي من تفضلين من هؤلاء اختاريه أو لا تختاري لأنني مستعد أن أكون لك كل هذا و أكثر...مستعد بأن أكون الزوج و الحبيب، فارس الأحلام و الأمير، السند، الأخ، و الصديق...يكفي أن تكوني راضية و سعيدة".
همست بصوت مختنق و دموع التأثر تسيل على وجنتيها: "أنا راضية و سعيدة كما لم أكن في حياتي".
وصلها صوته الواجم: "لم تبكين إذن؟"
مسحت دموعها ثم همست بصوت خافت: "لا أبكِ، كل ما في الأمر أنني تأثرت بكلامك...إنها المرة الأولى التي تهزني كلمات أحدهم، أستشعر الصدق و الطمأنينة على إيقاعاتها...أستشعر أنها لن تكون حديثا عابرا لن يكون له وجود".
على الطرف الآخر كان جالسا على سريره و كلماتها تهزه بحزنها و رقتها...قال بثقة: "و لن أخلف وعدا قطعته لك و الله شاهد على كلامي و سيحاسبني إن فعلت".
ابتسمت برقة و هي تغمغم: "و أنا واثقة من ذلك".
قال مغيرا الموضوع، بإلحاح مشتاق يود أن يعرف ما الذي تفعله حبيبته بعيدا عنه: "ما الذي كنت تفعلينه قبل اتصالي؟"
بان التردد على صوتها و هي تهمس: "كنت أقرأ رواية قمر".
ابتسم و هو يقسم في سره أنها تأسر شفتها السفلى بين أسنانها و قد اعتاد رؤية قيامها بهذه الحركة عندما تكون متوترة...ثم قال باهتمام: "لم أكن أعرف أن قمر كاتبة، كما لا أظنك من محبي المطالعة".
غمغمت بتفسير: "قمر تكتب منذ زمن و قد شاركت في مسابقة أدبية مرتين و بعد أن حصلت على الرتبة الثانية، كانت تكتب في المجلة الأدبية التي شاركت في مسابقتها مقالات بشكل دوري، لتكون روايتها التي تواجدت اليوم على رفوف المكتبات عملها الأول الذي كانت تفكر بكتابته و نشره منذ سنوات لتتحلى أخيرا بالشجاعة و تقوم بهذه الخطوة...و صحيح أنني لا أحب القراءة، لكن قمر صديقتي و أنا أنتظر قراءة الرواية منذ أن بدأت بكتابتها، فأرسلت لي اليوم نسختين: واحدة من أجلي و الثانية من أجل أبي".
قال باندهاش: "من أجل والدك؟"
حركت رأسها إيجابا و كأنه يراها ثم قالت بهدوء: "لقد أبدى والدي حماسا كبيرا لقراءة الرواية عندما كانت قمر تحدثني عن الأمر قبل مدة فطلب منها أن ترسل له نسخة فور الموافقة عليها و طبعها...حتى أنني أتوقع أنه قد أنهاها من شدة حماسته".
-"إياك أن تغضبي إذن أو تشعري بالغيرة لأنك أنت الأخرى مميزة جدا و هو فخور بك و بما حققته من نجاح صغيرتي".
كيف يفهمها بدون كلمات؟ تساءلت في سرها و الدموع تلتمع في عينيها...طال صمتها فقال بقلق: "تماضر، حبيبتي هل أنت بخير؟"
همست بصوت مرتجف و كأنه ورقة شجر خريفية تداعبها الرياح: "فقط اكتشفت أنني لم أملك شغفا أو هواية كجميع البشر...لو كنت أملك شيئا كهذا لما أضعت جزءا مهما في سنين حياتي هائمة في الأشياء الفارغة".
حبيبته الصغيرة، كم تتألم بسبب ما فعلته في الماضي...أغمض عينيه و الألم الذي تخلل صوتها يقتحم قلبه و يفتك به...قام من مكانه ليرتدي حذاءه الرياضي و يحمل مفاتيح سيارته ليتسلل إلى خارج البيت...اكتشف أن صمته قد طال فقال بهدوء و هو يشغل السيارة: "لا يوجد إنسان لا يملك شغفا أو هواية في هذه الحياة...فكري فقط، ربما تعلقت بشيء لفترة و تركتيه، لكن رغم تركك له ظلت مكانته في قلبك كبيرة...ابحثي بين طيات عقلك...افتحي أبواب سراديب ذكرياتك ستجدين شيئا بقلبها بالتأكيد".
ظلت صامتة للحظات قبل أن تقول: "سأخبرك و لكن لا تضحك".
ضحك قبل أن يعرف، فأنبته ليقول لها: "حسنا لن أضحك".
-"عندما كنت في الثانوية كنت مهووسة بمتابعة المسلسلات الرومانسية و كنت أحب رقصهم جدا...أقصد رقص الثنائيات بالتأكيد فتعلمت رقصات غربية كالسلو و التانغو و السالسا...لكن بعد المدة مللت و توقفت عن التعلم".
قال باهتمام: "و كيف تعلمتهما؟"
كانت تهز كتفيها قبل أن تهمس ببساطة: "عبر الأنترنيت بالتأكيد، أنت تعرف والدي لم يكن سيسمح لي بالتسجل في دورة رقص مثلا...طبعا نسرين ابنته المدللة و لم يمانع أبدا بتعلمها للباليه عندما كانت في الابتدائية".
قال فجأة: "تماضر أحضري كتاب قمر و اصعدي إلى الأعلى!"
همست باندهاش: "إلى الأعلى، أين؟"
-"أنا في سطح عمارتكم أنتظرك...هيا اصعدي و إلا نزلت و طرقت الباب".
كانت تترك جلستها و هي تقول: "هل جننت؟ ما الذي سأقوله لأبي، إنه لا يزال ساهرا في مكتبه".
قال بهدوء: "لا أظنه يمانع من صعودك إلى السطح هيا".
أغلقت الخط ثم نظرت إلى هيئتها بالمنامة القصيرة بغير رضا، عليها أن تغيرها، لكن لا يوجد وقت لذلك...فتحت الخزانة لتلتقط يدها سترة طويلة ملونة ترتديها عندما تكون في البحر أو المسبح...ارتدتها فوقها ثم أخذت رواية قمر و هاتفها و فتحت باب غرفتها بهدوء لتغادره قبل أن تغادر الشقة".
صعدت إلى الأعلى بسرعة و دلفت إلى السطح باحثة عنه...لمحته يجلس على أرجوحة كبيرة قام جارهم بتثبيتها، فسارت ناحيته ببطء و رقة...كانت عيناه عليها تطالعانها من رأسها حتى أخمص قدميها...ارتمت على الطرف البعيد فاهتزت الأرجوحة بهما قليلا في الوقت الذي كانت تهمس باستنكار: "هل جننت؟ كيف تأتي إلى هنا؟ بل كيف صعدت إلى الأعلى بدون أن يفتح أحد لك الباب؟"
-"وجدت جاركم بالأسفل يدخن، ففتح لي الباب بعد أن علم أنني جئت في زيارة متأخرة".
قالها بهدوء قبل أن يتابع بسخط: "و أنت كيف تصعدين إلى هنا بهذه الملابس؟"
أجابته بفظاظة: "لقد أترت الذعر في قلبي فلم أجد وقتا لتغيير ملابسي".
أشار لها بأن تقترب فلبت طلبه بقلب خافق و أغمضت عينيها عندما أسند جبينه إلى جبينها و هو يهمس: "اشتقت إليك".
ثم طبع قبلة طويلة على جبينها جعلت وجنتاها تتوهج...لم يكن توهجهما بسبب قبلته العادية بل لأنها فكرت أنه لم يقترب من شفتيها منذ عقد القران...
عضت شفتها بتوتر فلمح حركتها المشهورة ليتساءل باهتمام: "ما الذي يقلقك؟"
حررت شفتها من أسر أسنانها قبل أن تقول: "أخاف أن يصعد أحد إلى هنا...كان علي على الأقل أن أخبر أمي بحضورك و لا أتسلل كاللصوص".
ضحك ثم قال: "لا أظن أن والدتك ستصعد لتنشر الغسيل في العاشرة مساءً...لا تقلقي لن يصعد أحد إلى هنا".
حركت رأسها إيجابا و هي تقترب منه أكثر قبل أن تستند بتردد على كتفه و هي تغمض عينيها...تسللت يده لتحيط بخصرها ثم تقربها أكثر من صدره، فرفعت عينيها تنظر إليه بتردد و دهشة قبل أن تبعد عيناها خجلا و تندس في حضنه و هي تهمس: "و أنا أيضا اشتقت لكَ".
رفعت رأسها لتنظر إليه من جديد ثم همست بتوسل: "لا تتركني، أريد أن أبقى في حضنك قليلا...أنا أحتاج إلى هذا".
هزت جملتها الصريحة مشاعره، فشدد ضمه لها و هو يتساءل في سره: ممن صنعت هذه الفتاة؟
لقد كانت مزيجا من رقة و أنوثة، من جرأة و خجل فطري تحمله أي أنثى في قلبها عندما يقترب منها رجل بشكل حميمي و هذا يدل على أنها لم تكن كاذبة عندما أخبرته أن لا أحد من أصدقائها القدامى قد تجاوز الحدود معها...جائعة للحب إلى درجة لا تتصور...و هو يشعر باستغاثة قلبها الباحث عن الحب...همس فجأة باسمها فهمهمت بنعم دون أن تبتعد عن حضنه فقال: "لنقدم الزفاف تماضر".
رفعت رأسها تنظر إليه ثم قالت: "لم يتبق الكثير أصلا، سيكون بعد أسبوعين".
قال بحرارة: "أراهما كأربعة عشر دهرا...لنجعله نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع القادم، أريد أن تكوني في بيتي اليوم قبل الغد".
ابتسمت لتمسك وجهه بين يديها ثم تقول بحرارة مماثلة: "و أنا أريد ذلك أيضا حقا، لكن لقد جهز كل شيء من أجل أن يكون الزفاف بعد أسبوعين ستمر بسرعة صدقني".
ثم ابتعدت عنه أخيرا لتقول: "علي أن أعود إلى البيت، تصبح على خير".
لوحت له و هي تأخذ كتابها فصاح من خلفها بعد أن رآه في يدها: "كنت سأطلب منك أن تقرأي لي منه، لكن وجودك بقربي أنساني ما أريد".
اتسعت ابتسامتها ثم قالت: "عندما تصل إلى بيتك اتصل بي و سأقرأ لك"...
بعد عشرون دقيقة كان يتصل بها، رفعت الهاتف لتجيبه فقال بحرارة: "ها أنا قد عدت إلى المنزل لكن بدون قلب فقد تركت قلبي عند بابك يحرسك يا سيدتي".
ابتسمت و كلماته تؤثر بها بشكل عجيب...حتى شادي لم يستطع أن يؤثر بها بهذه السرعة الغريبة...أسبلت أهدابها ثم سألته قائلة: "هل أقرأ لك منذ بداية الرواية أم من المكان الذي توقفت فيه؟"
-"لا داعي لأجعلك تعيدين منذ البداية، اقرئي من المكان الذي توقفت فيه أحب الاستماع إلى صوتك".
أخذت نفسا عميقا، ثم فتحت الصفحة التي توقفت فيها لتقرأ بهمس رقيق:
"عندما تبادلا تلك القبلة بعد اعترافه الناري بالحب عرفت أنه فارسها الذي كانت تبحث عنه في الوقت الخطأ و بقلب الشخوص الخطأ..."
ارتجفت شفتاها و هي تعرف أن المقطع عنها، فابتلعت ريقها قبل أن تتابع: "أمضت ليلة حائرة بعد أن عادا من المطعم، ظلت تطالع نفسها في المرآة تسألها بتأنيب كيف لم تعرف بمشاعره منذ البداية؟ كيف انجرفت أمام الوهم و كانت الحقيقة أمام عينها؟ تساؤلات كثيرة عصفت في ذهنها...تؤنبها، تجلدها، تسخر من عميها و اتباعها للسراب...لكن جزءا من عقلها كان يخبرها أن هذا كان مقدرا، فربما لو لم يحدث ما حدث، لو لم يظهر فادي في حياتها من جديد لكان فارس الهدف الذي ستضعه نصب عينيها حتى تناله و تكسر قلبه كما فعلت بآخرين من قبله، أو ربما كان ليتركها عندما يعرف أي فتاة سطحية هي...تلك التي تخفي خلفها حاجة ماسة للحب و الحنان..."
سمع شهقة بكائها فهمس باسمها بلهفة لتهمس بعذاب: "أنا آسفة ابراهيم لا أستطيع المتابعة"...ثم أغلقت الخط في وجهه...
ظل ينظر إلى الهاتف باندهاش ليستعيد جملة بعينها: "أو ربما كان ليتركها عندما يعرف أي فتاة سطحية هي... تلك التي تخفي حاجة ماسة للحب و الحنان..."
حمل هاتفه ليرسل لها رسالة: "كيف من الممكن أن تكوني بهذا الذكاء؟ أم أنك محللة نفسية سرية و أنا لا أعلم".
أرسلت له وجوها ضاحكة، قبل أن ترسل في الرسالة الثانية: "ما سبب هذا الإطراء؟"
رد عليها قائلا: "قولك في روايتك أن لولا ظهور شادي لما كنت سأحب تماضر لأنني سأراها فتاة سطحية فقط".
وصله ردها بعد لحظات: "لأنك رأيتها بهذا المنظور في أول لقاء...فقط فتاة جميلة أعجبتك حيويتها و تصنعها بينما كرهت جزءا من تلك الحرية التي تتشبث بها فتجعلها تتعامل براحة مع الجنس الآخر...ربما لم تظهر كرهك لها أو لي في الدقائق الذي جمعتنا ذلك اليوم لكن لا تنكر أنك عشت ذلك الكره بقلبك لذا لم تهتم في الوقت الذي انعدم فيه تواصلكما، ثم رفضت بكبرياء أن تلتقي بها ذلك اليوم الذي رأيتها فيه مع شادي، لكنك لم تبتعد عن عالمها و ظللت متأهبا لأي تصرف منه حتى تحاسبه بعد الذي أخبرتك به عندما شككت بك...لقد أخبرتني يومها أنك لن ترضى لها بما لا ترضاه لأخواتك، لكنها مع الأسف لم تكن أختك بل كانت من استعمرت قلبك".
-"يبدو أنك تقرئين أفكار الناس".
أرسلت له وجوها ضاحكة قبل أن تقول: "كل ما في الأمر أنني أستطيع أن أحلل الأشخاص الذين يجلسون أمامي، فأستنتج ما الذي يمكن أن يحصل بعد ما حدث؟ أو أملأ الحلقات الفارغة بين كل حدث...ليس المهم أن تكون شخصياتي مطابقة للشخصيات الحقيقية بل الأهم الفكرة التي أريد أن تصل من وراء القصة".
كتب لها: "أنتظر منك نسخة إذن!"
لتجيبه بعد دقائق قائلة: "سأرسلها لك قريبا"...
*********************************************


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.