02-02-20, 01:31 AM | #121 | |||||||||
| صمت قليلاً فوقفت سيلدا وهي تتجه إلى الطاولة في غرفتها وهي تُمسك العصا البلاستيكية حين قال لها رحيم " هل تتزوجيني سيلدا ؟ " كانت نظراتها فارغة وهي تنظر إلى الخط الواحد على العصا البلاستيكية والذي يُعلن أن لا شيء عاد يربطها بموسى ، لا طفل ، لا أشهر عدة ، لا شيء ، كان قلبها يُلح عليها بالرفض ، أن تنتظر موسى كي يعود لها مرة أخرى ، ولكن كبريائها منعها ، عقلها قد تحكم بها وهي تقول له " ربما " و من ثم أغلقت الهاتف وهي تبكِ بقوة كما لم تفعل من قبل ، تبكِ خسارتها في حرب لم تكن جُزءً منها منذ البداية .. ****** كانت قطرات العرق تتساقط من جبهة عامرة وه و يلهث مُحاولا ً أن بأخذ الكرة من محمد ولكنه فشل ، راوغه محمد حتى توصل إلي الشبكة ثم قفز برشاقة وهو يُسجل هدف انتصاره على عامر . وضع عامر يديه على ركبتيه وهو يلتقط أنفاسه وهو يُتمتم بغضب " اللعنة ، هل هو بارع في كُل شيء هكذا ؟ " اقترب منه محمد وهو يلهث قائلا ً " حظاً موفقا ً في المرة القادمة " رفع عامر وجهه إليه وهو يُتمتم بشيء لم يصل إلى مسامع محمد ، اتجه محمد إلى زجاجة المياه و أفرغها فوق رأسه محاولاً خفض درجة حرارته ، كان الأمر مُلحاً على عامر فلم يتمالك نفسه وهو يقترب منه قائلاً " كيف تعرفت على هيرا ؟ " مرر محمد يده في شعره وهو ينظر له بتدقيق ، لقد علم أن تلك المواجهة أتيه لا محالة ، تنفس بعمق وهو ينظر له قائلاً " على قارعة الطريق ، حين تركتها مثل العاهرات " اتسعت عيناه بصدمة ، فلم يكن يتوقع في أكثر أحلامه خطورة أن يكون اللقاء بين هيرا و هو بعد ذلك الحادث بعد أن ذاب فيها و ظل غارقاً في دوامة الصدمة لعدة أيام بعدها ، يا الله لا يعلم الآن كيف عليه الحديث ؟ عض شفتيه وهو يقول " هل حكت لك ؟ " رفع محمد إحدى حاجبيه وهو يرى ذلك التعبير الذي لم يفهمه على محيا عامر فرد عليه محمد بسخرية " هل هذا ما يُهمك ؟ ألم تخشى أن أكون قد عبثت معها قليلاً ف في النهاية لقد كانت فاتنة قد تركها عشيقها على الطريق " رفع عامر عينه إلى محمد وهو عاجز عن الرد ، كيف سيشرح له ما لا يفهمه في علاقته مع هيرا ، لا يستطيع أن يضع مُسمى لما بينهم ، إنه يُريدها بشكل هوسي و في نفس الوقت ينفرها . و في يوم الحادث حين أفسد كل شيء ، لقد تركها خوفاً من مشاعره التي تفجرت جوارها ، كيف يُخبره أنه خاف من نفسه ، خاف من أن يفعل ما ظل سنوات عديدة يرفضه ، لقد كان مجيء فاتن بمثابة الأمل الزائف أنه لن ينساق وراء هواجسه نحوها ، ولكن سُلطانها كان أكبر مما ظن ، لقد ظل أسبوع بعد ذلك الحادث يستجدي رائحتها من ملابسه حيث علقت بها . كل تلك الأفكار لم يُفصح بها سوى أنه قال " لقد كُنت خائفا ً " يُتبع ..... | |||||||||
02-02-20, 01:32 AM | #122 | |||||||||
| رمش محمد بعينيه وهو يقول له " عفواً " جلس عامر على الأرض وهو يضم رأسه قائلاً " وجودها بجانبي يُؤرقني ، أشعر أنني أُساق إلى ما لا أُريد " جلس محمد جانبه وهو يقول له " وهل الأمر كذلك ؟ " رفع عامر وجهه إليه وهو يقول بضياع " كلما كانت بعيدة عني ، لا أشعر بالحاجة إليها ، وكأنها لم تكن ، ولكن حين تقع عيني عليها ، أشعر برغبة وحشية في إيلامها من ثم ..." تنفس بحرارة " ومن ثم اعشقها كما لم ترى من قبل " صُدم محمد من فكر عامر ، فقد طالما وضعه في خانة الرجل الوضيع ، هو لا يُنكر أن ما فعله مع هدير لا يُغفر ولكنه أيضاً ضحية التمرد ، التمرد على عادات و تقاليد لم يُعطي لنفسه فرصة كي يرى هل سيتكيف معها أم لا ؟ تنهد هو يُجيبه " ولكن في خضم كل ذلك ، هل فكرت ب هدير ؟ " ثم أكمل بصوت جامد " كيف تشعر ؟ ماذا حدث لها بعد تركك لها كالعاهرات ؟ " صاح به عامر " لم أتركها وحدها ، بعد ذلك الحادث الذي تعرضت له في الجامعة وقد كلفت حراسة بمتابعتها أينما ذهبت دون أن تعلم ، هل تعتقد أنني بتلك الدناءة كي أتركها هكذا " اتسعت عينا محمد بدهشة وهو يتذكر تلك السيارة السوداء التي كانت تتبعه حينما نقل هدير إلى منزلها ، لقد ظن الأمر مُصادفة ولكن تلك السيارة كانت تتبعهم حرفياً. مط محمد شفتيه وهو يقول له " وماذا ستفعل الآن ؟" نكس عامر رأسه مرة أخرى وهو يقول " لا أعرف ، حقاً لا أعرف " نظر له محمد بإشفاق وهو يقول " اتركها تختار عامر ، فبمعرفتي بهدير الجديدة ، لن تستطيع أن تمتلكها دون إرادتها " نظر له عامر بتيه وهو لا يعلم هل يُصدقه ويتركها تختار أم لا ؟ وماذا إن قالت : لا هل سيستطيع أن يتعامل مع الرفض و منها بالذات ؟ ******* كانت تجلس على أحد الأرائك وهي تترك لعبراتها العنان قائله " لقد كان كل شيء لي ، رفيقي ، عاشقي ، زوجي " يُتبع ...... | |||||||||
02-02-20, 01:36 AM | #123 | |||||||||
| مد الطبيب يده بمنديل وهو يُدون بعض الملحوظات في دفتره ومن ثم قال لها " ولكنكِ تعرفين أنه لم يترككِ عبثاً ، لقد أخبرتني انه سيعود بالطريقة الصحيحة " صاحت به بقهر " ولكني أحتاجه الآن ، لمدة سنتات لم أستطع النوم سوى بين أحضانه ، لقد كان ملاذي الوحيد عُمر " عدل عُمر وضع نظارته الطبية وهو يقول له بهدوء " لقد أخبرتكِ أن الصياح و البكاء لن يجعله يعود " أشاحت لورا بوجهها وهي تُدرك أنه محق ، مسحت دموعها حين أردف عُمر " سأسألكِ شيئاً " نظرت له ولم تُعقب فأكمل " لنفرض أنه عاد في يوم ٍ ما ، كيف ستقابلينه ؟ " عقدت لورا حاجبيها وهي و قالت " ماذا تقصد ؟ " ابتسم عُمر وقد نجح في جذب اهتمامها فأكمل " حين يعود أنس و هو قادر على الحصول عليكِ بالطريقة الصحيحة ماذا ستفعلين ؟ " توحشت نظرات لورا وهي تقول له " لن أعود له لقد تركني " رفع عُمر إحدى حاجبيه وهو يقول " و ماذا لو جعلته يندم على تركك ؟ " توهجت نظرات لورا هي تعتدل في جلستها قائلة " كيف ؟ " اقترب منها عُمر قليلاً وهو يقول لها "بأن تنهضي ، بأن تصنعي ذلك المستقبل الذي أهملته، بأن تجعليه عندما يعود يرى أي ناجحة أنتِ " يُتبع ..... | |||||||||
02-02-20, 01:36 AM | #124 | |||||||||
| راقها الكلام للغاية فوقفت على قدميها وهي تقول " معك حق عُمر سأجعله يقضم أظافره ندماً على تركي " ومن ثم خرجت من الغرفة وهي تجري قائله " أبي أين أنت ؟ أريد أن أُحدثك في أمر هام كان عُمر ينظر إلى طيفها حين ظهر هادي وهو يقول له " لا أعلم كيف أشكرك ؟ " ابتسم عُمر وهو يقول له بهدوء " لا داعي للشكر ، لقد أخبرتك منذ رأيت فحوصاتها الأولية ، إنها لا تحتاج إلى طبيب نفسي ، أكثر من حاجتها لصديق ، وما فعلته اليوم لا يمت للطب النفسي بصلة ، بل هو نصيحة صديق " رتب هادي على كتفه بامتنان ..... ******** كانت جالسة في غُرفتها و تحديداً على مكتبها حين كانت تدرس ، تطلعت إلى شهادة الثانوية الخاصة بها بحسرة ، لقد أضاعت عليها الكثير ، أضاعت عليها الفرحة بمجموعها العالي ، أضاعت عليها سنة دراسية كاملة لأنها تأخرت عن موعد التقديم . اتجهت إلى شُرفتها وهي تتطلع إلى السماء القاتمة بهدوء ، لا تعلم لِمَ خطر على بالها محمد الآن ، على الرغم من أن تلك الفترة لم يكن ذهنها بحالة جيدة إلا أنها لا تدري سبب ذلك الشعور أو ماهيته . وضعت يدها على قلبها وهي تنظر إلى السماء " ناجيتك ربي عن قلبٍ قد ضاق به السبيلِ خفتت نيران الشوق به ولكن نار الحزن تزداد لهيب فيا مُفرج الهم أزل عن قلبك أمتكَ كل ما قد ضاق " مسحت الدموع التي تساقطت من عيناها وهي تُغلق شُرفتها متجه إلى الخارج حين وجدت موسى يجلس في الظلام وهو ينظر إلى شيء ما في هاتفه ، اقتربت منه وهي تجلس بجانبه وقد لمحت صورة فتاة فاتنة للغاية فقالت له " هل تلك سيلدا ؟ " ابتسم موسى بحزن وهو يُغلق الهاتف ضاماً أخته الصغيرة إليه ، حتى الآن يحاول أن يستوعب أنها بخير و أن الخطر قد زال عنها فقال " لا تشغلي بالك صغيرتي " ثم أكمل " ما أفسدته نوايا البشر ، الأيام قادرة على إصلاحه " ابتسمت لبنى بحزن وهي تضع رأسها على صدره ، إنها تشعر به ، تعلم أنه يُعاني ، ولكنها لا تملك سوى كلمات فلم تدري بنفسها وهي تقول " عذاب العشق و آهٍ منه عذاب يبدأ بالشظايا و ينتهي بالنيران قلوبٌ تُكسر تحت وهمه ولكنها تظل هائمةً ترجو نصراً لن يحدث ".... انتهى الفصل | |||||||||
09-04-20, 08:23 PM | #125 | |||||||||
| الفصل التاسع عشر كان يجلس أمام لوحته الفارغة بهدوء ، لا يدري ما هو الصواب و ما هو الخطأ فيها يحدث من حوله ، لقد ظل طوال حياته يُغذي الكره ناحية أشخاص ظناً منه أنهم سبب تعاسته ، هل كانوا كذلك حقاً أم أنه من غذى ذلك الوهم في قلبه و عقله ؟ دلفت ندى إلى الغرفة حيث كان قابعاً طوال الأشهر السابقة لا يخرج ، لا يتحدث مع أحد ، فقط يجلس يحدق باللوحة الفارغة أمامه ، وكأن العالم قد تلاشى من حوله ، اقتربت بكوبي القهوة و هي تجلس بجانبه بعد أن وضعت كوبي القهوة على الطاولة . اقتربت منه وهي تضم ساعده بقوة قائلة " ما بكِ جمال ؟" التفت لها وهو يشعر بالدفء الذي تنشره في المكان حوله ، في وسط ذلك العبث الذي يمر به كانت هنا ، بطريقة ما هي تفهمه ، تفهم ما يُريد و ما لا يُريد ، نظر إلى وجهها المريح هو يقول " لقد تعبت ندى ، لقد كان كُل ما يحدث حولي عبث ، ما كرست حياتي له صار محض سراب " هزت رأسها باهتمام هي تقول له " حتى السراب يُمكن أن يُستفاد منه " زم شفتيه وهو ينظر إلى اللوحة الفارغة أمامه مرة أخرى قائلاً " إنني أشبه تلك اللوحة ، فارغً من الداخل انتظر بعض الأفكار أن تنبثق و تخرج من يد شخصٍ أخر حتى أصير شيء " آلامها قلبها لأجله فضمته إليها مرة أخرى وهي تقول " أنت لست كذلك " تجمعت العبرات في عينه لأول مرة منذ وفاة والدته ، كان يقاومها بشدة ، لا يُريد أن يبكي ، ولكن ملمس يداها الناعم ، و هي ترتب على رأسه جعل مقاومته تنهار ، يا الله إنه بشر في النهاية ، بكى كثيراً وكأنه لم يبكي من قبل ، وهي كعادتها لم تبخل عليه بشيء من مشاعرها ، ضمته لها وهي ترتب على كتفه كطفل صغير ، أحيانا ً في تلك الحياة يجب علينا أن نترك بعض المشاعر كي تظهر إلي العيان ، أن نتصرف من منطلق أننا بشر يحق لنا البكاء . على صوت الطرق على باب المنزل ، فاضطر أن يترك دفء روحها على مضض ، وضع يده على عينه وهو يُحاول أن يُخفي أثر بكاءه متمسكا ً بما تبقى من كبريائه ، فعلى الرغم من أنه المخلوق الوحيد الذي سمح له بأن يرى ضعف إلا أنه أيضاً يشعر بالخجل ، رتبت على كتفه وهي تقول له " سأرى من الطارق ريثما تتمالك نفسك " هز رأسه وهو يمتن لها ، فجل ما يريده الآن هو الاختلاء بنفسه حتى لو كان الأمر لبضع دقائق ، خرجت ندى وهي تتجه إلى باب المنزل ، فتحت الباب لترى من الطارق . اتسعت عيناها وهي تلتقي بأعين مألوفة للغاية ، بللت مجد شفتيها وهي تنظر إلى تلك الصهباء الفاتنة أمامها ، لا تدري هل أخطأت العنوان أم ماذا ؟ ولكن رحيم أكد عليها أن ذلك هو المكان ، تنهدت وهي تقول لها بتوتر " هل هذا منزل جمال...." قاطعتها ندى وهي تقول لها " سيلدا ، يا الله لقد كبرتي وصرتي فاتنة " عقدت حاجبيها وهي تفرك يداها قائلة " عفوا ً ولكن هل التقينا من قبل ؟ " قهقهت ندى وهي تقترب منها كي تضمها ، ولكن سيلدا ابتعدت بعفوية بينما سحبتها ندى إليها وهي تقول لها " أعلم انك كنتِ أصغر في السن وقتها ولكن ليس لدرجة أن تنسي زوجة أخيكِ " اتسعت عينا سيلدا و ابتسمت بتلقائية وهي تقول " ندى ، يا الله كيف لم أتعرف على ذلك الشعر الأحمر ؟!" ضمتها ندى إليها وهي تقول لها " مرحباً بكِ غاليتي ، جمال سيفرح كثيراً لدى رؤيتكِ " أوشكت سيلدا على الرد ، ولكن صوت جمال قد قاطعها وهو يقول " ندى من ....." توقف جمال مكانه وهو ينظر إلى محيا أخته الصغير ، يشعر انه يحلم ولكنه حلم واقعي للغاية ، أحقاً هي أمامه ؟ بينما كانت سيلدا في قمة تخبطها ، لا تدري ما هو التصرف الصحيح ، لقد أحتاج منها الأمر الكثير من الوقت كي تقتنع بان عليها التحدث معه ، وكثير من الضغط من جانب رحيم ، ولكن لِمَ الآن لا تستطيع أن تُحرك ساكناً . حاولت ندى كسر حاجز التوتر وهي تدفع سيلدا بلطف وهي تقول لها " ألن ترحبي بأخاكِ ؟ " اتجهت سيلدا إلى جمال ببطء و خوف وذكريات ذلك اليوم تعاودها بضراوة ، وقفت أمامه وهي تقول بصوت متوتر " أظن أن علينا التحدث " ازدرد ريقه بصعوبة وهو يهز رأسه بإيجاب مُشيراُ إلى غرفة المعيشة وهو يقول " أنا أدين لكِ بهذا ، سيلا " ألمها قلبها وهي تسمعه يُناديها بلقبها القديمة ولكنها ليست هنا كي تُعيد ما سبق ، هي هنا كي تُغلق تلك الصفحة نهائياً كما نصحها رحيم . اتجه كلاهما إلى غرفة المعيشة وجلسا بينما بقت ندى واقفة وهي تقول "سأعد شيء كي تشربانه " هز جمال رأسه وانتظرها حتى غادرت ومن ثم قال ل سيلدا " حسنا ً ماذا تُريدين أن تعلمي ؟" أخذت نفساً عميقا ً وهي تقول "هناك بعض الأسئلة التي ظلت عالقة برأسي و لم أجد لها إجابة " عقد ساعديه وهو يقول لها بهدوء " وأنا مستعد للإجابة كما قلت لكِ أنا مدين لكِ بذلك " قبضت يدها وهي تقول له " هل كرهتني لأنني ابنته ؟ " تشنج وجهه و قبض يده بقوة وهو يقول لها " لم أكرهكِ ولكنني كُنت أشعر بالغضب تجاهك لأنكِ كنتِ ابنته ولست ابنة أبي أنا " أكملت وهي تقول " هل افتقدتني ؟ " زفر نفساً مختنق وهو يقول " كل يوم ، كنت أفكر بكِ ، أشتاق إلى مداعبتك اللطيفة " قاومت العبرات في عيناها وهي تقول له " هل تحسن الأمر بعد انتقامك ؟ " أظلمت عيناها وهو يقول لها " لن أخدعكِ ، إن عاد بي الزمن سأفعل ما فعلته من جديد أن لست نادما ً على شيء ، فعلى الرغم من كل شيء ، لن أعيش أسيراً لهواجسي بعد الآن " سمحت مجد لأحد الدموع بالسقوط وهي تقول له " شكراً لكونك صريحاً معي " لم يُعقب بينما هي مسحت دمعتها وهي تقف على قدميها قائلة " يجب علي أن أذهب " هم واقفاً وهو يقول " دعيني أوصلكِ " ابتسمت له هي تقول " لا داعي ، رحيم ينتظرني بالأسفل " عقد حاجبيه وهو يقول لها " رحيم من ؟ " ابتسمت براحة وهي ترفع يدها اليُسرى فظهر الخاتم الماسي الذي يُزينها وهي تقول " زوجي " اتسعت عيناه بدهشة فأخر ما يعلمه أنها كانت على علاقة ما بذلك الضابط ، ولكنه أثر ألا يتحدث عن ذلك الأمر ، فتلك الراحة التي تكسوا ملامحها بعد وقت طويل ، لا يحق له أن يُعكرها ، رافقها إلى الباب وقبل أن تغادر قالت " ربما الأمر بيننا لم يكن جيداً في السنوات الأخيرة ولكنني لستُ نادمة أنك أخي " ************ كانت تمشط شعرها الطويل أمام المرآة وهي تُفكر بعمق بما يحدث حولها ، فاليوم ستعود فريدة إلى المنزل مع والدها ، لقد حاولت أن تُأخر ذلك الأمر بقدر المستطاع ولكن الوقت قد مر والآن ستعود صغيرتها التي كيفت حياتها خلال الثلاث سنوات الماضية أنها ستكون والدتها ، سمعت طرق على الباب فقالت بشرود " تفضل " دلفت فريدة بهدوء وهي تقول لها بحزن " ماما هدير ، ألن تعودي معي إلى المنزل ؟ " ألمها قلبها على تلك الصغيرة فتركة فرشاة شعرها ولم تهتم بجمعه كما اعتادت مؤخراً ، و اتجهت إلى فريدة وهي تضمها إليها قائلة " ماما لا يُمكنها الذهاب معكِ ، ولكنكِ فتاة مهذبة ، أليس كذلك ؟ " مطت فريدة شفتيها بضيق وهي تُوشك على البكاء قائلة " ولكني أريدكِ معي " ضمتها هدير إليها بقوة وهي تقول " حلوتي أنتِ تعلمين أنكِ يمكنكِ المجيء هنا وقتما أردتي " تعلقت الصغيرة بها بقوة حينما دلف عامر إلى الغرفة وهو يقول " دي دي ، إن أباكِ ...." بُهت وهو يتطلع إلى شعر هيرا الذي كان منسدلا ً على ظهرها كليل ناعم رقيق ، شعر بضربات قلبه تتسارع وهو يرى شعرها لأول مرة بتدقيق ، زفر الهواء الساخن بصدره وهو يُكمل محاولاً أن يكتم انفعالاته قائلاً " إن محمد بالخارج ينتظركِ " تركت فريدة أحضان هدير وهي تهرع إلى الخارج وهي تصيح " هل جلبت اللعبة التي طلبتها منك ؟ " ابتسم عامر وهو يرى فريدة وردود أفعالها المضحكة ، فقال بعفوية " سأشتاق تلك الصغيرة للغاية " رفع وجهه لها وهو يُشير إلى شعرها قائلاً " لم أكن أعلم أن شعرك ِ بهذا الطول " ابتسمت له بسخرية وهي تقول " كما لم تعلم عني أي شيء " بهت و لم يُعقب على حديثها و اتجه للخارج ، بينما هي جمعت شعرها على هيئة عقدة مجهولة المعالم و خرجت تلحق به . كان محمد يتشاكس مع فريدة و عامر يجلس واجم ، تصنعت هدير الجدية وهي تقول " دي دي .. ماذا قلنا ؟ " مطت فريدة شفتيها وهي تعقد ساعديها ، ابتسمت هدير وهي تقول لمحمد " سأشتاق لها للغاية " رفع محمد حقيبتها على ظهره وهو يقول لها " يمكنكِ أن تأتي وقتما شئتِ " كانت الصغيرة فريدة قد ذهبت إلى عامر وهي تُمسكه من بنطاله قائلة " دي دي ستشتاق إلى عامر بشدة " شعر بأن قلبه سيذوب وهو يرفعها مقبلاً إياها وهو يقول " آه يا قلب عامر ، سأشتاق إليكِ أيضاً " غادرت فريدة مع والدها بينما بقى كل من عامر و هدير وحدهم ، التفت عامر لها وهو يقول " علينا أن نتحدث " نظرت له بهدوء وهي تقول " أنا متعبة للغاية ، ربما يوم أخر " كانت مغادرة إياه فأمسك بيدها بقوة وهو يقول بصوت جامد " هل تُريدين أن تنفصلي عني ؟ " تجمدت في مكانها وهي تستوعب ما تفوه به الآن ، التفتت له وهي تقول " ماذا ؟ " على الرغم من أن الأمر كان شاق على قلبه ولكنه يجب عليه فعل ذلك ، قربها منه وهو يقول لها هامساً " فكري بالأمر ، لأول مرة القرار يرجع لكِ " ترك يدها وهو يلتقط سترته متجهاً إلى الباب حين صاحت "لِمَ الآن ؟ " لم يلتفت ولكنه قال " لأنني لا أقدر على البقاء بجانبكِ دقيقة أخرى دون أن .... " ولكنه لم يُكمل الجملة و تركها معلقة وخرج من المنزل تاركاً إياها تتخبط بين قلب يترجاها أن تبقى و بين عقل يُهاجمها بكل الذكريات المؤلمة . ******* كانت تضع اللمسات الأخيرة على ملابسها حين سمعت صوته من الخارج صائحاً " لقد تأخرت بما فيه الكفاية " خرجت من الغرفة وهي تقول له بضيق " موسى لا ينقصني توتيرك لي " نظر موسى إلي ملابسها الرسمية وهو يعقد حاجبيه قائلاً " صغيرتي أنتِ ستعملين مدربة للفتيات ليس موظفة بشركة " نظرت إلى ملابسها وهي تقول بسخط " ولكنه أول يوم لي و أريد أن أترك انطباع جيد أنني شخص يُعتمد عليه " ناكفها موسى وهو يقول " بعد مقابلتك و اختبار مهارتك و ذراع المدرب الذي كدتِ أن تكسريه ، لا أظن انك تحتاجين لإثبات شيء " صاحت به وهي تضربه " موسى ، لا تذكرني " قهقه موسى وهو يضمها إليه قائلاً " فتاتي القوية ، أنا فخور بكِ " خبأت لبنى وجهها في صدره وهي تشعر بالسعادة الحقيقية منذ وقت طويل ... | |||||||||
09-04-20, 08:24 PM | #126 | |||||||||
| الفصل العشرون كانت تعمل أمام شاشة الحاسوب بلا توقف ، تستمتع بانهماكها في العمل ، لأول مرة تشعر أنها يمكنها المقاومة ، يُمكنها أن تكون شخص ذا شأن ، قطع تركيزها في العمل صوت طرق على الباب فأجابت وهي لا زالت تنظر إلى الحاسوب " تفضل " دلف والدها إلى الداخل وهو يُتابعها بفخر ، لقد كسرت كل توقعاته خلال الفترة السابقة ، منذ أن أخبرته برغبتها في العمل وقد ظن أنه هاجس قد خطر على بالها و سرعان ما ستمله ولكنها كانت صلب تحملت و بدأت من نقطة الصفر ، يشعر لأول مرة أنه فخور بها حد السماء ، اقترب منها وهو يرتب على كتفها وهو يقول " هل يمكننا التحدث قليلاً لورا ؟ " أنهت ما بيدها ومن ثم رفعت وجهها له هي تقول " بالطبع أبي ، هل تسأل حقاً ؟ " جلس على المقعد أمام مكتبها وهو يقول بخفوت "كيف حالكِ ؟" عقدت حاجبيها وهي تشعر بأن هناك خطب ما ، أرجعت رأسها إلى الخلف وهي تنظر له بتدقيق قائلة " بخير ، ولكن ما سبب السؤال ؟ " فرك والدها يده ببعض التوتر ، يعلم أن ما سيُخبرها إياه سيقلب ميزانها ولكنها أثبتت أنه على قدر المسئولية ، لذلك عليها أن تتخذ قراراتها بنفسها ، تنهد وهو يُجيبها " لقد عاد أنس " لم تهتز شعر منها تأثراً وهي تُجيب بعملية و كأنه أخبرها بالطقس اليوم " جيد ، يجب أن نُرسل باقة ورد لوالده " ثم أردفت " أنت تعلم أننا لا ينقصنا عداء مع عائلته " رفع حاجبيه بدهشة وهو يرى لهجتها الواثقة البعيد تماماً عن المشاعر الهوجاء التي كانت تنتابها ، يا الله إنه يُريد لها الصالح ولكن ليس أن تتحول لنسخه عنه ، لا يُريدها أن تفقد نفسها ، تنهد وهو يقول لها " إذاً فأنتِ لن تذهبي له " نظرت من فوق نظارتها الطبية و هي تقول " ولِمَ عليّ أن أفعل ؟ " أوشك على الرد حين على رنين هاتفها ، أمسكت لورا بالهاتف ومن ثم وقفت وهي تقول " آسفة أبي ولكن لدي اجتماع بعد ساعة مع شركة xxx ، يجب أن أذهب " أمسكت حقيبتها و خرجت من المكتب وهي تُحلل مشاعرها ، إنها حقاً لا تشعر بشيء لذلك الخبر وكأن مشاعرها نحوه قد أُخمدت ، تنهدت وهي تنتظر المصعد حتى أتى ، كان هاتفها قد وصله إحدى الرسائل فأمست به وهي تتفقد الرسائل حين وصل المصعد فدلفت إليه دون أن ترفع عيناها من الهاتف ، ضغطت على الزر الأرضي بعشوائية وهي تحافظ على وتيرة كتابتها على الهاتف حين أخترق أنفها رائحة مألوفة للغاية ، رفعت وجهها وهي تنظر إلى نفسها بمرآة المصعد وهي تُدرك ذلك الشخص الذي كان به والذي ينظر لها بغموض ولمعة خطر تطل من عينه . تنهدت وهي تستجمع نفسها قائلة " أنس ، مرحبا ً بك " كانت مشاعره متضاربة ، يا الله لقد اشتاقها بشدة طوال تلك الفترة ، لم يستطع أن ينتظر أكثر من ذلك منذ عاد إلى الطن مرة أخرى وهو كان يظن أنها تنتظره ، لقد توقع أنها ستكون في استقباله بالمطار حيث سيجمعهم لقاء ملحمي في المطار ، ولكن الخيبة التي حصل عليها كانت البداية ، فهي لم تسأل ، لم تهتم وقد انتشر خبر عودة ابن الملياردير لتسلم عرش والده و شركاته والآن هي أمامه تكتب في الهاتف بل و تضحك أيضاً ، لم يشعر بنفسه وهو يقترب منها محاصراً إياها بينه وبين أحد جوانب المصعد وهو يقول " مع من تتحدثين ؟ " دوى قلبها بجنون وهي تُدرك أن اقترابه منها سيظل نقطة ضعفها الوحيدة ، رائحته التي كانت سبباً في نومها في أحلك أيامها تُداهمها بقوة ، وجدت نفسها تقول بصوتها المائع دون أن تقصد " لقد كنت أراسل مندوب شركة XXX ، حين أرسلت لي صديقتي صورة مضحكة " كان هو يضغط على زر إيقاف المصعد ، و هو يُتابع صوتها المحبب لقلبه ، مد يده ببطء وهو يُحاوط خصرها قائلاً " وهل كانت الصورة مضحكة فعلا ً ؟ " قبضت يدها وهي تقول " أنس ابتعد عني " لم يبتعد فدفعته بقوة وهي تصرخ " قلت ابتعد " أجفل من ردة فعلها و ابتعد حين ضغطت على زر المصعد بعنف وهي تقول له " تلك الفتاة التي تركتها لم تعد موجودة أنس " كان المصعد قد وصل فقالت له بقوة " طلقني انس ، فلم يعد لدي طاقة لتحمل ذلك بعد الآن " ************ كانت تحتسي كوب القهوة الخاص بها في الشرفة وهي تُفكر منذ أن ترك لها المنزل وهو لم يحاول أن يضغط عليها بأي شكلٍ كان ، لقد ساعدها ذلك كثيراً لا تُنكر ذلك ، لقد بكت كثيراً ، صرخت كثيراً ، أخرجت كل ذلك الكبت الذي حُبس بصدرها طوال تلك السنين ، الآن عي تقف على مفترق الطريق ، لا تعلم هل تستمر أم يجب عليها أن تتركه ؟ أمسكت بهاتفها وهي تتصل بمحمد ، لقد حان الوقت كي تتحدث معه أن تضع حداً لصراعها الداخلي ، انتظرت قليلاً حتى أتاها صوته الدافئ " الأستاذة هدير بنفسها تتصل علىّ ، ما هذا الكرم ؟" مطت هدير شفتيها وهي تقول له بقرف " حسبك خفة ظل محمد ، أريد أن أتحدث " كان محمد يُعد كوب من الكاكاو الساخن في عيادته فقال لها " وأنا كنت أعلم أنك ِ ستتصلين ، هل قررتِ أم لا ؟" اتسعت عيناها وهي تقول بدهشة " من أين علمت ؟ " نظر محمد إلى وجهه المكلوم من ضرب عامر له منذ يومين حين ضيق عليه الحصار في الحديث وجعله يخرج عن شعوره و يضربه ، تحسر على وجهه الجميل و هو يقول " الدب الذي تزوجتي به أخبرني " زاد تعجبها وهي تقول له " عامر أخبرك ، لقد كنت أظن أنه لا يُطيقك " تأوه محمد من وجهه بخفوت وهو يقول لها " لنقل أنه لم يستطع أن يُقاوم سحري وجاذبيتي " ثم أكمل بسخرية " وعلاقتي المريبة مع زوجته " شهقت هدير وهي تضع يدها على فمها وهي تقول " هل أخبرك بذلك ؟" تنهد محمد وهو يجلس على إحدى المقاعد قائلاً " ماذا قررتِ هدير ؟ " زمت شفتيها وهي تشعر بالعبرات تحرق عيناها وهي تقول " اشتقت له كثيرا ً ، أتدري طوال تلك الفترة لقد تخلص من كل سلبيتي ولكنني " أكملت بقلة حيلة " لم أستطع أن أتخلص منه " ارتشف محمد بعض الكاكاو وهو يقول " مرحباً مجدداً ، في العشق صغيرتي " ثم أكمل " أتركِ لنفسكِ العنان هدير ، لقد عانيتِ طوال تلك الفترة فحان وقت الراحة " أغلقت هدير الهاتف مع محمد وهي تشعر بالراحة جراء الحديث ، لقد كان الأمر مرهقاً طوال تلك الفترة ، ولكن الآن صار أقل حدة ، أكثر وضوحاً ، هي الآن تُدرك ماذا تُريد و أين هي ؟ الآن وقتها كي تُحب . *********** انتهت من العمل أخيراً فتنفست الصعداء فقد كان اليوم مُرهقاً بالمعنى الحرفي ، أبدلت ملابسها و اتجهت إلى الخارج ، كان الطريق طويلاً وهي عائدة فشردت قليلاً ، لا تعلم سبب تلك الأحلام التي تراودها عنه في الفترة الأخيرة ، كثيراً ما يغزو أحلامها تاركاً قلبها يخفق بشدة بعد الاستيقاظ . صفت سيارتها بجانب أحد مراكز التسوق وقد قررت أن تشتري لنفسها شيء ، دلفت إلى المركز وشرعت في التسوق . توقفت أمام أحد المتاجر وهي تُفكر بالألوان حين سمعت صوت صغير يأتي من الأسفل ، نظرت لمكان الصوت فوجدت فتاة صغيرة تضع يدها في خصرها و اليد الأخرى تضعها على ذقنها وهي تقول " لا أظن أن الأزرق سيليق بي ، الوردي أفضل " تعجبت لبنى من تلك الفتاة فانحنت لها وهي تقول " أين والدتكِ صغيرتي ؟ " نظرت الصغيرة لها بغضب وهي تقول " ألا ترين أنني مشغولة الآن ؟ " صُدمت لبنى من ردة فعل الفتاة ولكنها أثرت أن تعلم أين والديها ؟ كيف يتركون طفلة صغيرة وحدها ؟ فقالت لها " آسفة على إزعاجك ولكن أين والديكِ ؟ " نظرت لها الفتاة وهي تقول بضيق " محمد لا يُريد أن يشتري لي الرداء الذي أريد و يقول أنني مازلت صغيرة " نظرت لبنى إلى الرداء الذي كانت تنظر إليه الصغيرة والذي كان فعلا ً لا يُناسبها ، تنهدت بخفوت وهي تقول لها " هل تعلمين ؟ عندما كنت صغيرة ، كنت أريد بشدة أن أرتدي ملابس الكبار ولكن أمي أخبرتني بشيء " اقتربت لبنى من أذنها وقالت كأنها تهمس بسر " أنني إن ارتديت ملابس الكبار ، يجب أن أتوقف عن تناول الحلوى " شهقت الصغيرة بطفولة وهي تقول " حقاً " هزت لبنى رأسها فأطرقت الصغيرة برأسها مُفكرة وهي تقول " و لكني أحب الحلوى " ابتسمت لها لبنى وقالت "إذا ً يجب عليك ِ أن تنتظري عندما تكبرين لترتدي تلك الملابس " في تلك الأثناء سمعت لبنى صوت مألوف للغاية وهو يقول " فريدة ، حمداً لله لقد كدت أن أجن " وقفت لبنى وهي تُعطي لصاحب الصوت ظهرها وهي ترى الصغيرة تهرع عليه قائلة " أنا آسفة أبي ، لن أطلب ملابس الكبار مرة أخرى " رفع محمد إحدى حاجبيه وهو يرفع فريدة على ذراعه قائلاً " ما الذي غير رأيك ؟ " أشارت على لبنى وهي تقول " هي " استدارت لبنى له وهي تشعر بأن قلبها على وشك التوقف ، التقت عيناها معه في لحظة شعرت أن الوقت قد تجمد فيها . اتسعت عينا محمد وهو يتذكرها ، يتذكر الذكريات التي تشاركاها ، تخبط روحيهما في ذلك الأفق ، ازدرد ريقه وهو ينظر لها قائلاً " مرحباً " لم تستطع أن تواجه ، هي أضعف من ذلك ، تنفست بقوة وهي تُغادر دون أن تُعقب ، بينما رفع محمد حاجبيه بتعجب وهو يبتسم قائلا ً " فتاتي الصغيرة تخشى المواجهة " | |||||||||
18-04-20, 10:27 PM | #127 | |||||||||
| الخاتمة يتحدث مع لبنى المضطربة على الهاتف وهو يصف سيارته أمام المركز التجاري قائلاً " حسناً ، لقد وصلتُ إلى المركز دقائق و سأكون عندكِ " أغلق الهاتف وهو يزفر بحنق ، حينما حدثته على الهاتف كاد قلبه أن يتوقف لقد خطر على عقله كل الأفكار السيئة ولكنها أخبرته أنها مجرد نوبة اضطراب كتلك النوبات التي تنتابها على فترات ، دلف إلى داخل المركز التجاري ببطء وثقة ، تعلقت به الأنظار كالعادة فابتسم بسخرية من نفسه ، لقد كان غافلاً طوال تلك الفترة عن تلك النظرات ، لم يكن يعنيه أحد سواها ، لقد كانت ينتظر أن يرى عيناها فقط ، أن تنظر إليه بتلك الطريقة التي تُذيب أطرافه . هز رأسه بعشوائية محاولاً أن يصرف عن رأسه تلك الأفكار ، اتجه إلى المكان حيث أخبرته لبنى فوجدتها تجلس على أحد المقاعد تضم حقيبتها إلى صدرها بقوة و نظراتها الزائغة تُتابع بها المارة ، تمزق قلبه لأجلها لا يعلم متى ستكون بخير حقاً ، تنهد بحزن وهو يجلس جانبها قائلاً " لِمَ الخوف صغيرتي ؟ " تشبثت بقميصه بقوة وهي تشهق باكية " لا أعلم موسى ، إن الذكريات تخترق حصوني ، مهما حاولت الفرار ، تظل تجلدني " ضمها موسى إليه وهو يقول " هل تتذكرين والدتنا لبنى ؟" رفعت وجهها الباكي إليه وهي تهز رأسها ، رتب على كتفها وهو يُتابع " لقد أخبرتني ذات يوم ، أنها تخشى عليك ِ " عقد حاجبيها فابتسم لها وهو يقول " لكني وقتها أخبرتها أنكِ قوية ، لا أدري سبباً لتلك الثقة التي تحدثت بها ذلك اليوم ، لقد كُنتُ واثقاً للغاية أنك قادرة على تحمل الكثير " استرخت قسمات وجه لبنى وهي تنظر له بامتنان قائلة " أحبك أخي " ضمها إليه وهو يُساعدها على الوقوف قائلا ً " هيا بنا يا قلب أخيكِ " سار الاثنين إلى الخارج وهما يتشاكسان حينما توقفت لبنى وهي تقول بحيرة " أليست تلك مجد ؟ " خفق قلب موسى بقوة حتى كاد يشعر أنه سيخرج من مكانه ، هل ذكرت اسم مجد ؟ آه يا الله يشعر أنه على وشك الانهيار ، ولكنه كالعادة جيد للغاية في إخفاء ما يشعر به ، التفت ببطء وهو ينظر إلى صغيرته الجميلة ، صغيرته التي تُعانق يدها يد رجل أخر . كاد أن يجن وهو يتعرف على هوية الرجل برفقتها والذي لم يكن سوى المصور الذي كانت تُرشده لالتقاط الصور الصحيحة للمجلة ، كاد أن يذهب و يأخذها عنوة من يده ولكنه توقف وهو يلمح ذلك الشيء الماسي في يدها . نظر إلى لبنى وهو يقول بجمود " دعينا نذهب " تمكن العناد من لبنى وهي تقول " لا ، عليكما أن تتحدثا الآن " زجرها موسى وهو يقول بقوة " لا تتجاوزي الحد لبنى ، فهناك ما لا يُمكن لعقلك استيعابه الآن " تأففت لبنى وهي تُغادر مع موسى ، بينما هو ظل يُتابع مجد أو سيلدا أو أياً كان اسمها لم يعد الأمر مهما ً ، يُتابعها وهو يُمسك بهاتفه يكتب عليه رسالة ما ************ بثقة واهية بالنفس ضغطت على زر الاتصال وهي تنتظر أن يُجيبها ، و على غير العادة لم يخذلها و رد على هاتفه ، كان صوته ناعساً وهو يقول " هيرا ، هل أنتِ بخير ؟ " حبست أنفاسها وهي تنظر من الشرفة قائلة " هل يمكنك أن تمر علّي الآن ؟" اعتدل عامر في جلسته على الفراش وهو يقول بلهفة " هل أنتِ متأكدة ؟ " ابتسمت هدير بخفوت وهي تقول له " سأنتظرك عامر ، علينا أن نتحدث " أغلقت الهاتف وهي تتنهد بخفوت ، عليها أن تواجه كفاها هرباً منه ومن نفسها ، لقد كان الوقوع بحبه خيارها من البداية فيجب أن تكون على قدر من المسئولية . بعد نصف ساعة .... كان جرس الباب يدق ، ازدردت ريقها بصعوبة وهي تتأكد من وضع ملابسها وهي تتجه كي تفتح له الباب . ظلت تتطلع إلى محياه الفاتن الذي أسرها منذ كانت مراهقة في الثامنة عشر ، تسألت بحنق في نفسها عن سبب كونه فاتناً لتلك الدرجة ، ولكنها كالعادة لم تجد الجواب . بينما كان هو ينظر لها بقُدُسية ، يشعر بها مختلفة ، وكأنه الآن فقط أدرك ذاتها الحقيقية ، طوال تلك الفترة السابقة التي قضاها بعيداً عنها ظل يُفكر فيما فعله معها وسبب تعلقه ألهوسي بها ، لقد أقسم أن والده وعمه إن لم يضغطا عليه لكنا وقع في حبها دون تلك التعقيدات ، ولكن ما كل ما يتمناه المرء يُدركه . جمعت هيرا شتات نفسها وهي تُشير له قائلة " تفضل عامر " دلف عامر إلى الدخل ببطء وهو يشعر بقلبه يتهاوى ، رهبة غريبة تجتاحه من ذلك اللقاء ولأول مرة يشعر أنه خائف ، خائف أن تتركه ، خائف أن ترده خالي الوفاض بعد أن أقسم على إسعادها ، كل ما يُريده هو فرصة ثانية معها . جلس على الأريكة وهو يفرك يده بتوتر ، يا الله ليحصل فقط على فرصة ثانية ، كانت هدير قد أتت و جلست جواره، عم الصمت بينهم ثقيلاً لم يقطعه سوى صوت هدير وهي تقول " كيف حالك عامر ؟ " كان يُريد أن يخبرها انه سيء دونها ، أنه يشتاق لها كثير ، يريد أن يحتضنها ، أن يهيم بها ولكنه شعر بلسانه ثقيلاً ولم يقل سوى " بخير هيرا " مدت يدها بتوتر وهي تمسك بيده فنظر إليها بدهشة من ذلك الفعل ، ابتسمت له وهي تقول " هل تكرهني عامر ؟ " لا يدري سبباً لشعوره بتلك العبرات التي تحرق عينه و تريد أن تتحرر ، وضع يده الحرة على عينه وهو يقول بصوت مختنق " لا هيرا ، أنا لا أكرهك ، حتى في أحلك لحظات حياتنا لم أكرهك " كسى الحزن وجهها وهي تقول له " إذا ً لِمَ فعلت بي ذلك ؟ لقد أحببتك عامر ، هل هذا خطأ ؟ " قلبه يُؤلمه للغاية ، يشعر أنه على وشك الصراخ و البكاء ، حاول جمع شتات نفسه وهو يُجيبها " لأنني كنت أخشاكِ " أوشكت على الرد حين رفع يده وهو يضعها على شفتيها قائلاً " صهٍ هيرا ، عليكِ أن تسمعيني ، على الرغم من كون ما سأقوله الآن يمكن أن يُكلفني خسارتك ولكني أدين لكِ بذلك " صمتت هيرا بينما تابع عامر " منذ كنتِ صغيرة و أنا أشعر بانجذاب غير طبيعي نحوك ، ولكني كنت متمرداً ، لقد كنت أضيق ذرعاً بتحكمات أبي وعمي و تحديدهم أنكِ سوف تكونين زوجتي ، لقد حولت غضبي و قلة حيلتي نحوك" التقت أنفاسه وهو يتابع " و في اليوم الذي كنت أن أجعلكِ به زوجتي فعلياً و حدث به ما حدث كُنتُ كمن ضُرب على رأسه ، لقد كُنتُ غريباً عن نفسي وأنا أُدرك ما كدت أن أفعله ، وفي نفس الوقت ظهور فاتن جعلني أتشوش و كالعادة غبائي ينتصر ، لقد تركتكِ وحيدة و تركتكِ تظنين أني لم أهتم " نظر إلى وجهها الباكي من كلماته بألم ، ولكنه استمر على كلٍ فإن قررت مسامحته يجب أن يكون كل شيء واضح " لقد كُنت أراقبكِ هيرا ، في كل تحرك كنتِ تفعليه حتى عدتي للجنوب " تكلمت هيرا وسط شهقاتها " حسبك عامر ، لا أقدر على الاستماع للمزيد ، صدقاً قلبي لن يتحمل " أمسك عامر عن الكلام وهو ينظر لها بعجز يتمنى ضمها ولكنه يخشى أن تنفر منه ، و لكن هدير كان لها رأي أخر حين قالت " هل يمكنك ضمي عامر ؟ " وكأنها قد حكمت له بالبراءة ، سحبها عامر إليه بقوة وهو يضمها ، يريدها أن تذوب بين ضلوعه ، بكت هدير حتى شعرت أنها على وشك الإغماء ، بكت حزنها و اضطرابها ، بكت ألماً كان قابعاً في قلبها لمدة طويلة ، بكت كل شيء عداه . بينما عامر قد سمح لعبراته أن تتحرر بهدوء أن يُطلق لنفسه العنان ، وفي وسط ذلك البكاء مال عليها وهو يقول " هل عدنا هيرا ؟ " تعلقت به هدير أكثر وهي تقول بصوت باكِ " نحن لم نفترق منذ البداية عامر ، وكأن للقدر حكمه المسبق في علاقتنا التي لا أجد لها مسمى " ********** للحياة أمورٌ لن نفهما مطلقاً ، هذا ما كانت تُفكر به لورا وهي تجلس على سريرها ، أحيانا ً لا تفهم تلك الحياة ، حينما كانت متمسكة بها لم تنل سوى الشقاء و الآن حين قررت أن تتجاهلها ، كان للحياة رأي أخر . أمسكت بهاتفها تعبث به قليلاً علَّ ذلك يُشتتها قليلاً حين سمعت طرقاً على شرفة غرفتها ، دوى قلبها بعنف هي تنظر إلى ذلك الظل خارج الشرفة و هي تُدرك هوية ذلك الشخص ، و للمرة التي لا تعرفها خفق قلبها بقوة . اتجهت إلى الشرفة بثبات ظاهري لا يعكس الثورة بداخلها و فتحتها بهدوء وهي تتطلع إلى وجه أنس . رفعت إحدى حاجبيها وهي تقول له بجمود " ماذا أتى بك ؟ " كان يعلم أنها غاضبة منه ، أنها حقاً تغيرت ولم تعد تلك القديمة ولكنه اشتاقها للغاية ، أشتاق تفاصيلها الصغير ، أشتاق ضعفها و نومها بين ذراعيه . نظر إلى عيناها وهو يقول " اشتقت لورا " قبضت يدها وهي تحاول التحكم بمشاعرها قائلة " و أنا لم اشتق إليك " ثم أردفت بصرامة " اذهب من هنا " ابتسم لها بتلك الطريقة التي كانت تشعرها أنها الوحيدة في العالم ، يا الله . قاومت نفسها بقوة وهي تُغلق الشرفة حين وضع يده وهو يمنعها ، حاولت التملص منه فسحبها إليه وهو يحتضنها عنوة واضعاً وجهه في تجويف عنقها . اتسعت عينا لورا وشعرت بأطرافها تتجمد من جراء فعلته ، يا الله لقد اشتاقت ذلك الشعور ، أن تكون بين يديه أن تكون له . أغمض أنس عينه وهو يهمس لها قائلاً " حتى و إن ابتعدتِ عني ألاف المرات ، سأظل أحاول أن أصل لكِ ، أنتِ لي لورا ولا توجد قوى قادرة على ردعي " ********* كان جالساً على مقعده في مركز الشرطة محاولاً أن يُفكر بمنطقية ، هناك شيء ما خاطئ لا يستطيع تحديده ، على الرغم من أن الأمور قد هدأت ولكن أمر وفات فاتن يُحيره ، ذلك الxxxx و xxxx الإجهاض ، من المسئول عن ذلك ؟ قطع شروده صوت طرق على باب الغرفة فقال بهدوء " تفضل " دلف أحد الحراس وهو يسلمه بعض الأوراق وغادر ، امسك موسى بالأوراق التي كالعادة وصلت متأخراً و ظل يتفحصها بهدوء سرعان ما اتسعت عيناه . أعاد قراءة الأوراق مرة أخرى وهو يتأكد من اسم مجد المطبوع على الورق ، هل كانت تعيش كطفلة بالتبني مع عائلة فاتن ؟ ولكن لِمَ لم تخبره بذلك ؟ حتى إنها لم تتأثر بخبر وفاتها . أكمل قراءة الأوراق حين دلف الحارس مرة أخرى وهو يقول له بلهاث " سيد موسى هناك شيء غريب ، لا أعلم إن كان سيفيد أم لا " نظر له موسى ليحثه على الإكمال ، فقال الحارس " منذ فترة كان هناك بلاغ مقدم من قبل سيدة تسكن في حي xxx، أنها اشتبهت في فتاتان ينقلان مجموعة من البضائع مجهولة المصدر ولكن تلك السيدة لم تظهر مرة أخرى و بفحص كاميرات المراقبة و جدنا تلك الصورة " التقت موسى الصورة من الحارس وهو ينظر إليها سرعان ما اتسعت عيناه وهو يقول بدهشة " مجد " أشار للحارس بالمغادرة وهو يحاول استيعاب ما يحدث ، هل كان أحمق لتلك الدرجة ؟ هل كان يبحث في اتجاه معاكس للحقيقة ؟ يا الله لقد كان الأمر واضحاً منذ البداية ولكنه لم ينتبه ، هروبها يوم المواجهة ، تلك الهفوات ، لقد كان أكبر مغفل في التاريخ . أظلمت عيناه وهو يُمسك بهاتفه قائلاً " لقد بدأت اللعبة مجدداً سيلدا ، ولكن تلك المرة أنا من سيضع كلمة النهاية " تمت بحمد الله..... 3-3-2020 | |||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|